د. زكريا عطيفي حماده عطيفي1
1 كلية العلوم والآداب، جامعة الجوف، المملكة العربية السعودية
بريد الكتروني: z.alotify@yahoo.com
HNSJ, 2023, 4(2); https://doi.org/10.53796/hnsj4241
تاريخ النشر: 01/02/2023م تاريخ القبول: 21/01/2023م
المستخلص
ميزت اللغة العربية بين الصوت حال الوصل وحال الوقف، فجعلت لكل منهما أحكاما تخصه، والوقف من الدروس المشتركة بين اللغويين والنحويين وعلماء القراءات، فهو ظاهرة لغوية جديرة بالاهتمام والدراسة والنظر في عللها وأسبابها؛ ذلك لأنها المظهر اللغوي المقابل للوصل.
وتهدف الدراسة إلى بيان جهود علماء العربية القدامى في هذه الظاهرة في ضوء علم اللغة الحديث، واللسانيات المعاصرة، ومن أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة: أن الوقف خلاف الأصل؛ لأنه طارئ على الكلمة أما الوصل فهو الأصل حيث تجري فيه الأشياء على أصولها، الوقف بالسكون هو الأصل في الوقف أكثر وجوه الوقف شيوعا. وحّدت قبيلة ربيعة في الوقف بين المرفوع والمجرور والمنصوب وأجرت الباب مجرى واحدا.
الكلمات المفتاحية: الوقف- دراسة صوتية- علم اللغة الحديث
“Pausing: A Phonetic Study in the Light of Modern Linguistics”
Zakaria Otifi Hamada Otifi1
1 College of Arts and Sciences, Al-Jouf University, Kingdom of Saudi Arabia
Email: z.alotify@yahoo.com
HNSJ, 2023, 4(2); https://doi.org/10.53796/hnsj4241
Published at 01/02/2023 Accepted at 21/01/2023
Abstract
The Arabic language distinguished between the sound in the conjunctive state and the waqf state, and made provisions for each of them specific to it.The endowment is one of the common lessons between linguists, grammarians, and scholars of readings. It is a linguistic phenomenon that deserves attention, study, and consideration of its causes and causes. This is because it is the linguistic aspect of the connection.
The study aims to demonstrate the efforts of ancient Arabic scholars in this phenomenon in the light of modern linguistics and contemporary linguistics. Because it is incidental to the word. As for the connection, it is the origin in which things take place on their origins. The endowment with stillness is the origin in the endowment, the most common facet of the endowment. The Rabia tribe unified in the endowment between the raised, the enclosed, and the inscribed, and made the door a single stream.
Key Words: phonetic study; Modern linguistics
المقدمة:
الحمد لله ذي الفضل والإحسان، شرّف العربية بالقرآن، وامتن على عباده فعلّمهم البيان، والصلاة والسلام على النبي العدنان، أفصح الخلق لسانا، وعلى آله وصحبه أكرم بهم أنصارا وأعوانا.
ثـــم أمــا بعــــد،
فالوقف ظاهرة أصواتية خاصة بموقع معين، وهو نهاية الكلمة الموقوف عليها؛ ولذا يعبر عنها بعض العلماء بأنها (موقعية النهاية)، وهو ظاهرة أصواتية تشكيلية؛ لأن في بحثها دراسة لسلوك الأصوات في الموقع طبقا لما يقتضيه هو.([1])
والوقف ” من الدروس المشتركة بين اللغويين والنحويين وعلماء القراءات، وهو ظاهرة لغوية جديرة بالاهتمام والدراسة والنظر في عللها وأسبابها؛ ذلك لأنها المظهر اللغوي المقابل للوصل؛ ولأنها ظاهرة أصيلة وقديمة قدم اللغة الإنسانية، ولا تقل عن الوصل شيوعا في الاستعمال اللغوي؛ فأول ما ينطق الإنسان به من اللغة إنما هو عبارة عن أصوات أو مقاطع أو كلمات موقوفة، وأول ما يتعلمه منها حروف الهجاء والأعداد وكلاهما مبني على الوقف”.([2]) ومع هذا فالوقف خلاف الأصل؛ لأنه طارئ على الكلمة أما الوصل فهو الأصل حيث تجري فيه الأشياء على أصولها.([3])
وتهدف الدراسة إلى بيان جهود علماء العربية القدامى في هذه الظاهرة في ضوء علم اللغة الحديث، واللسانيات المعاصرة.
أما المنهج الذي سرت عليه، فهو المنهج الوصفي التحليلي، فقد اخترت بعض النماذج الممثلة لهذه الظاهرة من كتب اللغة والنحو والقراءات القرآنية، ثم قمت بدراسة تلك النماذج، ذاكرا أقوال علماء اللغة القدامى وعلماء اللغة المحدثين، ثم ذكرت التفسير الصوتي للظاهرة في ضوء علم اللغة الحديث، مبينا مدى وجودها في القراءات القرآنية، واللهجات المعاصرة- ما أمكن- مع نسبة اللغة إلى أصحابها.
وقد قسمت هذا البحث إلى مبحثين، سبقا بمقدمة، وتبعا بخاتمة ثم فهرس المصادر.
أما المقدمة: فتحدثت فيها عن أهمية الموضوع ومنهج الدراسة
وأما المبحث الأول: الدراسة النظرية، فتناولت فيه:
– مصطلح الوقف عند القدامى
– الوقف دراسة تاريخية
ثم المبحث الثاني: الدراسة التطبيقية، وتناولت فيه: أنواع الوقف.
وأعقبت ذلك بالخاتمة، وفيها أهم النتائج التي انتهى إليها البحث، ثم فهرس المصادر والمراجع.
والله أسأل أن يكون هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وأن يكون خدمة للغة القرآن الكريم.
المبحث الأول: الدراسة النظرية
مصطلح الوقف عند القدامى
الوقف لغة واصطلاحا:
الوقف في اللغة: قال ابن فارس:” الواو والقاف والفاء أصل واحد يدل على تمكث في شيء ثم يقاس عليه” ([4])، وذكر الجرجاني أنه لغة الحبس.([5])
أما ابن منظور فذكر أن الوقف في اللغة: الحبس، ومنه: وقف الأرض على المساكين، وفي الصحاح: للمساكين وقفا: حبسها، ووقفت الدابة والأرض وكل شيء.([6])
وجاء أيضا بمعنى المنع، يقول الجوهري:” وقفت عن الأمر الذي كنت فيه أي: أقلعت”. ([7])
يتضح مما سبق أن معاني الوقف في اللغة تدور حول: المكث، والحبس، والمنع.
الوقف في الاصطلاح:
عُرّف الوقف بتعريفات متعددة، تختلف باختلاف العلوم، فعرّفه علماء القراءات وعلماء النحو وعلماء العروض، وأول من عرّف الوقف من القراء، هو ابن الجزري، فقال:” والوقف عبارة عن قطع الصوت على الكلمة زمنا يتنفس فيه عادةً بنية استئناف القراءة، إما بما يلي الحرف الموقوف عليه، أو بما قبله لا بنية الإعراض، ويأتي في رءوس الآيات وأوساطها، ولا يأتي في وسط الكلمة، ولا فيما اتصل رسما ولا بد من التنفس معه”.([8])
ونلحظ أن علماء القراءات ” يقيدون الوقف بزمن يتسع للتنفس الذي هو: عبارة عن إدخال الهواء إلى الرئتين؛ ليستريح القارئ ويريح أعضاء نطقه، ثم يستأنف القراءة، وإذا لم يتحقق الأمران معا: (التنفس واستئناف القراءة) فلا يسمى قطع الصوت وقفا، وإنما يسمى مع فقد التنفس والاستراحة ” (سكتة أو صمتة أو وقيفة)، كما يطلق عليه قطعا في حال نية الإعراض الكلي عن استئناف القراءة، والنحويون لم ينصوا صراحة على هذين القيدين؛ لكن شرط التنفس يفهم بطريق اللزوم من قولهم: الوقف قطع النطق عند آخر الكلمة، أي إنهاء الصوت، وكذا يفهم من تعريفهم إياه بأنه: قطع الكلمة عما بعدها أي فصل أصواتها عن أصوات الكلمة بعدها”.([9])
أما الوقف عند النحويين فهو: “قطع الكلمة عما بعدها أي أن تسكت على آخرها قاصدا لذلك مختارا لجعلها آخر الكلام سواء أكان بعدها كلمة، أم كانت آخر الكلام.
– الوقف دراسة تاريخية
ذكرنا أن الوقف “من الدروس المشتركة بين اللغويين والنحويين وعلماء القراءات، وهو ظاهرة لغوية جديرة بالاهتمام والدراسة والنظر في عللها وأسبابها؛ ذلك لأنها المظهر اللغوي المقابل للوصل؛ ولأنها ظاهرة أصيلة وقديمة قدم اللغة الإنسانية، ولا تقل عن الوصل شيوعا في الاستعمال اللغوي؛ فأول ما ينطق الإنسان به من اللغة إنما هو عبارة عن أصوات أو مقاطع أو كلمات موقوفة، وأول ما يتعلمه منها حروف الهجاء والأعداد وكلاهما مبني على الوقف”.([10])
ومع هذا فالوقف خلاف الأصل؛ لأنه طارئ على الكلمة، أما الوصل فهو الأصل حيث تجري فيه الأشياء على أصولها، يقول ابن جني: ” اعتراض الوقف لا يحفل به ولا يقع العمل عليه، وإنما المعتبر بحال الوصل، ألا تراك تقول في بعض الوقف: هذا بَكُرْ ومررت ببِكرْ فتنقل حركة الإعراب إلى حشو الكلمة، ولولا أن هذا عارض جاء به الوقف لكنت ممن يدعي أن حركة الإعراب تقع قبل الآخر وهذا خطأ بإجماع”.([11])، كما أن ” حال الوصل أعلى رتبة من حال الوقف؛ وذلك أن الكلام إنما وضع للفائدة، والفائدة لا تجنى من الكلمة الواحدة، وإنما تجنى من الجمل ومدارج القول؛ ولذلك كانت حال الوصل عندهم أشرف وأقوم وأعدل من حال الوقف”.([12])
أما بدايات ظاهرة الوقف فعرفت في العصر الإسلامي؛ بل في بداية نزول القرآن الكريم، فكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعلم الصحابة – رضوان الله عليهم أجمعين- كيفية قراءة القرآن الكريم، وطريقة ترتيله، وأين يقف القاريء ، ومن أين يبدأ؛ حتى لا يختل معنى الكلمات، فيصيب القرآنَ الكريم اللحنُ.
وقد جاء أن خطيبا خطب عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم – فقال” من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما، فقال: قم_ اذهب _ بئس الخطيب أنت”. ([13])
يقول الإمام أبو عمرو الداني:” ففي هذا الخبر أذانٌ بكراهية القطع على المستبشع من اللفظ، المتعلق بما يبين حقيقته، ويدل على المراد منه، لأنه، عليه السلام، إنما أقام الخطيب لما قطع على ما يقبح إذ جمع بقطعه بين حال من أطاع ومن عصى، ولم يفصل بين ذلك، وإنما كان ينبغي له أن يقطع على قوله: (فقد رشد) ثم يستأنف ما بعد ذلك، أو يصل كلامه إلى آخره، فيقول: (ومن يعصهما فقد غوى) . وإذا كان مثل هذا مكروها مستبشعا في الكلام الجاري بين المخلوقين فهو في كتاب الله-عز وجل- الذي هو كلام رب العالمين، أشد كراهة واستبشاعا، وأحق وأولى أن يتجنب”. ([14])
كما أن صحابة النبي رضوان الله عليهم أجمعين عرفوا الوقف، وأدركوا كنهه، فالإمام على بن أبي طالب رضي الله عنه سئل عن قوله تعالى:” أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا”(المزمل:4) فقال:” الترتيل: تجويد الحروف، ومعرفة الوقوف”. ([15])
ثم تناوله علماء القراءات، وأول من تطرق لموضوع الوقف من القراء القدامى ابن الأنباري وابن النحاس، وأبو عمرو الداني([16])، فذكروا أقسام الوقف وتتبعوا كلمات القرآن الكريم بالاستقراء الكامل، فوقفوا على كل كلمات وآيات القرآن الكريم؛ لكن هؤلاء العلماء- رغم حديثهم عن الوقف وتقسيمهم له، وتتبعهم لكلمات القرآن في هذا الشأن- لم يضعوا تعريفا محددا لمصطلح الوقف، لكن يفهم التعريف من خلال كلامهم، وأول من عرّف الوقف من القراء، هو ابن الجزري.([17])
ثم تناوله النحويون ، يقول سيبويه:”(هذا باب الوقف في آخر الكلم المتحركة في الوصل التي لا تلحقها زيادةٌ في الوقف) فأما المرفوع والمضموم فإنه يوقف عنده على أربعة أوجه بالإشمام وبغير الإشمام كما تقف عند المجزوم والساكن وبأن تروم التحريك وبالتضعيف … وأما الذين ضاعفوا فهم أشد توكيدا أرادوا أن يجيئوا بحرفٍ لا يكون الذي بعده إلا متحركا لأنه لا يلتقي ساكنان فهؤلاء أشد مبالغةً وأجمع لأنك لو لم تشم كنت قد أعلمت أنها متحركة في غير الوقف”. ([18])
كما تناول الوقف وأقسامه بقية علماء النحو من القدامى، كما تناوله كثير من علماء اللغة المحدثين كالدكتور تمام حسان، والدكتور الجندي، والدكتور أحمد طه سلطان ، …وغيرهم. ([19])
المبحث الثاني: الدراسة التطبيقية:
هناك أوجه عدة للوقف ، منهم من جعلها خمسة أوجه وهي: السكون والروم والإشمام والتشديد والإتباع ([20])، ومنهم من جعلها أحد عشر وجها، وهي السكون والروم والإشمام والحذف والنقل والإدغام والإثبات وإبدال الألف وإبدال تاء التأنيث هاءً، وإبدال الهمزة وزيادة الألف وإلحاق هاء السكت. ([21])
ومن علماء اللغة المحدثين من يرى أن هذه الأنواع جميعها ترجع إلى ثمانية أنواع فقط، يقول الدكتور/ تمام حسان: ” للوقف وسائل متعددة غير الإسكان: فله غير الإسكان الروم، والإشمام، والإبدال، والزيادة، والحذف، والنقل، والتضعيف“. ([22])
الوقف بالسكون ( الوقف على المنون المنصوب):
يقصد بالوقف بالسكون ” تفريغ الحرف من الحركات الثلاث، وذلك لغة أكثر العرب”. ([23])
والقدامى يرون أن الوصل هو الأصل، وأن الوقف خلاف الأصل؛ لأنه طارئ على الكلمة أما الوصل فهو الأصل حيث تجري فيه الأشياء على أصولها، يقول ابن جني: ” اعتراض الوقف لا يحفل به ولا يقع العمل عليه، وإنما المعتبر بحال الوصل، ألا تراك تقول في بعض الوقف: هذا بَكُرْ ومررت ببِكرْ فتنقل حركة الإعراب إلى حشو الكلمة، ولولا أن هذا عارض جاء به الوقف لكنت ممن يدعي أن حركة الإعراب تقع قبل الآخر وهذا خطأ بإجماع”.([24])
كما ذكر ابن جني في موضع آخر أن ” حال الوصل أعلى رتبة من حال الوقف؛ وذلك أن الكلام إنما وضع للفائدة، والفائدة لا تجنى من الكلمة الواحدة، وإنما تجنى من الجمل ومدارج القول؛ ولذلك كانت حال الوصل عندهم أشرف وأقوم وأعدل من حال الوقف”.([25])
كما اتفق علماء اللغة المحدثون مع القدامى في أن الوقف بالسكون ” هو الأصل في الوقف؛ لأن الواقف يترك حركة الموقوف عليه فيسكن، كما أن الواقف في الغالب يطلب الاستراحة وسلب الحركة أبلغ في تحصيل الراحة؛ ولأن الوقف ضد الابتداء، والحركة ضد السكون، فكما اختص الابتداء بالحركة اختص الوقف بالسكون ليتباين بذلك ما بين المتضادين”.([26])
كما أن الوقف بالسكون أكثر وجوه الوقف شيوعا؛ وذلك ” لأن انقطاع النفس وقوة التعبير، وسلاسته يقتضي الوقف بالسكون كما هو ملموس نطقا”.([27])
وقد ذكر ابن الجزري أن الوقف بالسكون لغة أكثر العرب ([28])، والمقصود بأكثر العرب أهل الحجاز، حيث كانت اللغة الفصحى تلتزم الوقف بالسكون إلا مع المنصوب المنون فيوقف عليه بالألف، فمثلا كانت الفصحى تقول ( جاء زيدْ ) في حالة الرفع بسكون الآخر، كما تقول أيضا
( مررت بزيدْ ) بالسكون أيضا في حالة الجر، ولكنهم يقولون (رأيت زيدا) بالألف.
تلك هي اللغة الفصحى في مثل هذا الوقف، ولا شك أن النحو العربي عندما يقتفي لهجة قريش، ويشير إليها بكلمة الفصحى (تارة) أو(الأفصح) تارة أخرى، ولهجة الحجاز هذه هي الشائعة في فواصل القرآن الكريم…. ولكن بعض اللهجات الأخرى لم تَسر في ركاب الحجازيين في مثل هذا الوقف، فربيعة كانت تقف على المنصوب المنون بالسكون فتقول: رأيت زيدْ، ولكن في اللغة الفصحى نبدل تنوينه ألفا، ويبدو أن ربيعة أجرت المنصوب المنون مجرى المرفوع والمجرور؛ إذ كانت تقول أيضا: جاء زيدْ، ومررت بزيدْ – بحذف التنوين كما يفهم من لهجة ربيعة أنها تميل إلى التخفيف؛ لأن التزام السكون في أواخر الكلمات أخف من الحركات في آخرها، وإذا كانت ربيعة قد وحّدت في الوقف بين المرفوع والمجرور والمنصوب – فكأنها أجرت الباب مجرى واحدا، فحذفت التنوين في حالات الرفع والجر والنصب، ومعنى هذا أن ربيعة كانت تسرع في النطق، ولا تحفل بسقوط أواخر الكلمة، حتى سقط في الوقف جميع حركات الإعراب عندها”.([29])
هذا ما عليه اللغة الفصحى، ولكن هناك بعض اللهجات العربية لم تفرق بين المنون المنصوب والمرفوع والمجرور، فوقفت على الجميع بالسكون، قال ابن سيده: ” إلا أن من العرب من يقول: ( رأيت زيدْ ) في حال الوقف”.([30])
وقد جاء على هذه اللغة قول الشاعر:
لَيْسَ كما ظَنَّ غَشْيَة عَرَضَتْ *** فَجِئْتَنِي في خِلاَ لِها قاصِدْ
فكلمة (قاصدْ) هنا في موضع نصب على الحال، فكان حكمه على هذا (قاصدا)
ومن ذلك أيضا:
إلى المرء قيس أطِيلُ السُّرَى *** وآخذُ من كل حيٍّ عُصُمْ ([31])
يبتني في الصَّحْن من مسجدهم *** للمصلِّين من الشمس سُتُر([32])
فالأصل أن يقول الشاعر فيما سبق: (قاصِدَا) ،(عصما)،(سترا)؛ لأن هذا هو نهج اللغة الفصحى، يقول سيبويه: ” أما كل اسم منون فإنه يلحقه في حال النصب في الوقف الألف؛ كراهية أن يكون التنوين بمنزلة النون اللازمة للحرف منه، أو زيادة فيه لم تجيء علامة للمنصرف، فأرادوا أن يفرقوا بين التنوين والنون” ([33])، وهذه اللغة قليلة في الكلام ([34])، قياسا باللغة الفصحى. -التفسير الصوتي: إن العلة الصوتية في ذلك هي الرغبة في التخفيف، فربيعة حينما صنعت ذلك ” كانت تبالغ في تحقيق الغرض العام من الوقف، وذلك يتمثل في تحقيق الراحة التامة للمتكلم، والراحة – لا شك – في السكون لا في الحركة “.([35])
وهذا يعني: ” أن ربيعة كانت تسرع في النطق، ولا تحفل بسقوط أواخر الكلمة حتى سقط في الوقف جميع حركات الإعراب عندها ” ([36])، ومن ثم تكون ربيعة بلغت الغاية في التخفيف؛ لأن اللغة النموذجية جنحت إلى التخفيف بقلب التنوين ألفا، ثم جاءت ربيعة فحذفت تلك الألف، وبقيت الفتحة وهي خفيفة، لكنها حركة والحركة ” زيادة مستثقلة بالنسبة إلى السكون، فلا يؤتى بها إلا لضرورة تدعو إلى ذلك ” ([37])، “وهذه اللهجة -المنقولة عن ربيعة- هي التي شاعت في العربية الدارجة التي يتكلم بها العرب في شتى الأقطار العربية، وكما أن لغة الكلام العادي هذه لا تعدو أن تكون لغة متطورة عن العربية الفصحى، فلا يبعد أن تكون لهجة ربيعة كانت قد تطورت عن اللغة النموذجية في العصر الجاهلي وصدر الإسلام، لاسيما أن ذلك يتفق مع قانون تطور اللغات بميلها إلى السهولة والتخفيف”. ([38])
نسبة الظاهرة: عزا جمع من العلماء هذه اللغة لربيعة. ([39])
الوقف بالتضعيف:
يطلق العلماء على هذا اللون من الوقف اسم الوقف بالتضعيف، والوقف بالتثقيل، يقول سيبويه: ” ومن العرب من يثقل الكلمة إذا وقف عليها ولا يثقلها في الوصل”. ([40])
تعريف الوقف بالتضعيف أو التشديد: هو “أن يجيء بحرف ساكن من جنس الحرف الآخر، ليجتمع ساكنان فيتحرك الثاني ويدغم فيه الأول”.([41])
أما الدكتور/ تمام حسان فله رأي خاص في الوقف بالتضعيف، يقول: ” وأما التشديد فليس المقصود به تضعيف الحرف، وإنما هو شبيه بقلقلة بطيئة للحرف الموقوف عليه، وهو يلاحظ في يومنا هذا في إلقاء (الإملاء) على التلاميذ وفي كلام المحاضرين المتأنين والمتأنقين”.([42])
ومن ثم ” فالتشديد أو التضعيف الذي هو أحد الأوجه الواردة عن العرب في الوقف على أواخر الكلم المتحركة في الوصل معناه المبالغة والتأني والتأنق في نطق الصامت الأخير المسكن من أجل الوقف، ومهما زادت تلك المبالغة فهي لا تصل إلى حد أن يكون الحرف الموقوف عليه بمثابة الصامتين الساكنين ، وصاحب ذلك الرأي يرى أن هذه الظاهرة تشترك فيها كل الصوامت بما فيها الهمزة إذا وقعت طرفا كما في كلمة (بناء)، وأن النبر قرينة على وجود التشديد بذلك المفهوم عند عدم القصر، وهو بذلك يخالف النحويين في أمرين:
أولا: في مفهوم التشديد أو التضعيف، ومعناها – كما قال ابن يعيش – ” أن تضاعف الحرف الموقوف عليه بأن تزيد عليه حرفا مثله فيلزم الإدغام نحو هذا خالدّ، وهذا فرجّ ” أما معناها عند الدكتور/ تمام حسان التأني والتأنق وزيادة الضغط على الحروف الموقوف عليه.
وثانيا: في محل التشديد أو التضعيف، وهو عند النحويين الصامت الأخير المسكن من أجل الوقف إذا تحققت فيه شروط معينة…ومنها: ألا يكون الصامت الأخير همزة “.([43])
ولكن ما ذكره علماؤنا القدامى من أنه عبارة عن تضعيف الحرف وتثقيله أولى بالقبول مما ذكره الدكتور/ تمام حسان، يتضح ذلك جليا عندما نزن الموقوف عليه بالتشديد، فالصامت ” الموقوف عليه يقابل في الميزان الصرفي بصامتين وليس بصامت واحد، كما يفهم من كلام الدكتور/ تمام حسان، فلو طلب منا وزن كلمة ( خالدّ وفاضلّ) على لهجة من يقفون عليهما بالتضعيف لقلنا : إنهما على وزن (فاعلّ) بتشديد اللام؛ لأن الزيادة إن كانت بتكرير حرف من أصول الكلمة قوبلت بتضعيف الحرف المقابل له في الميزان.
وكذلك يقابل الصامت المشدد الموقوف عليه في المقطع الصوتي بصامتين، فالمقطع الأخير من الكلمتين المذكورتين وهو (لدّ) عبارة عن ( ص ح ص ص)”. ([44])
شروط الوقف بالتضعيف: إن الوقف بالتضعيف لا يأتِي اعتباطا أو غُفْلا، ولكن لا بد من توافر شروط معينة حتى يجوز وقوع وحدوث هذا الوقف، وإليكم شروط الوقف بالتضعيف.([45])
1- ألا يكون الحرف الأخير همزة مثل خطأ، والسبب أن ” تضعيف الهمزة غير جائز، ولم يرد عن العرب إلا إذا كانت عينا نحو سأل، أو لعل تضعيف الهمزة يحتاج إلى جهد عضلي أكثر فهو ثقيل”. ([46])
فالهمزة حرف شديد وثقيل لذا وجدنا العرب مختلفين في نطقه، فتارة يُخفف بالتسهيل وأخرى بالحذف وثالثة بالإبدال … لذا لم يعثر عنهم أنهم ضعّفوه.
2- أن يكون صحيحا؛ إذ يستثقل تضعيف حرف العلة لثقله بنفسه، فإذا ضُعّف ازداد ثقلا والوقف موضع استراحة.([47])
3- أن يكون الحرف الذي قبل آخر الكلمة متحركا، مثل: الجمَل فتقول: الجملّ، يقول سيبويه: ” فإن كان الحرف الذي قبل آخر حرف ساكنا لم يضعفوا، نحو: عمرْو وزيْد وأشباه ذلك؛ لأن الذي قبله لا يكون ما بعده ساكنا؛ لأنه ساكن، وقد يسكن ما بعد ما هو بمنزلة لام (خالد)، وراء (فرج)، فلما كان مثل ذلك يسكن ما بعده ضاعفوه وبالغوا لئلا يكون بمنزلة ما يلزمه السكون”.([48])
4- ألا يكون منصوبا في أشهر اللغات، وقد جاء في المنصوب المنون في ضرورة الشعر نحو قوله: لقد خشيت أن أري جدبا.([49])
ولكن هذا الأمر لا يحفل به؛ لأن الألف غير لازمة، يقول ابن سيده في مثل ذلك: ” فكان سبيله إذا أطلق الباء ألا يثقلها، ولكنه لما كان الوقف في غالب الأمر إنما هو على الباء لم يحفل بالألف التي زيدت عليها إذ كانت غير لازمة”.([50])
ومن أمثلة الوقف بالتضعيف، قول رؤبة بن العجاج:
لقد خشيت أن أري جدبّـــــا
في عامنا ذا بعدما أخصبّـــا
وقول الشاعر: مَدَّا بأعناق المطي مَدَّا *** حتى تُوافِي اَلْموسِمَ الأبعَدَّا
فإنه أراد الأبْعَدَ، فوقف فَشَدَّد، ثم أجراه في الوصل مُجراه في الوقف، وهو مما يجوز في الشعر كقوله: ضَخْما يُحب الخُلُقَ الإضَخمَّا “.([51])
وقال أيضا: ” وقد خصبت الأرض، وخَصِبت، خِصْبا فهي خَصِبة، وأَخْصَبت؛ وقول الشاعر أنشده سيبويه: لقد خشيت أن أري جدَبّا *** في عامنا ذا بعدما أخْصَبَّا
فرواه هنا بفتح الهمزة، هو كأكرم وأحسن، إلا أنه قد يُلْحق في الوقف الحرفُ حرفا آخر مثله فيشدد حرصا على البيان، ليعلم أنه في الوصل متحرك، من حيث كان الساكنان لا يلتقيان في الوصل، فكان سبيله إذا أطلق الباء ألا يثقلها، ولكنه لما كان الوقف في غالب الأمر إنما هو على الباء لم يحفل بالألف التي زيدت عليها؛ إذ كانت غير لازمة فثقل الحرف على من قال: هذا خالدّ، وفرجّ ويجعلّ، فلما لم يكن الضم لازما؛ لأن النصب والجر يُزيلانه، لم يبالوا به”.([52])
التفسير الصوتي للوقف بالتضعيف: ذكر العلماء أن علة الوقف بالتضعيف هي ” الإعلام بأن هذا الحرف الأخير متحرك في الوصل وأن الحرف الساكن المدغم هو المجلوب للوقف”.([53])، فأصحاب الوقف بالتضعيف كانوا ينبرون نبرا شديدا على آخر الكلمة عند الوقف”.([54])
نسبة الظاهرة: عزيت هذه اللغة إلى قبيلة سعد([55])، وقد اختلف علماء اللغة المحدثون في تحديد سعد هذه، فيرى الدكتور/ إبراهيم أنيس أن المراد بسعد ( سعد بكر)([56])، وعزاها مرة ثانية لسعد التميمية ([57])؛ لكن الراجح أن المراد بها سعد التميمية، وذلك لعدة أسباب:
أولا: أن الدكتور/ ضاحي عبد الباقي عزاها لتميم وقطع بذلك، بل واستشهد بأدلة على ما ذهب إليه، فقال– رحمه الله – ” والنفس تميل إلى نسبة هذه الظاهرة إلى سعد التميمية، وذلك لعدة أمور:
( أ ) أنها تتفق وما سنذكره من ميل تميم إلى التشديد.
(ب) أنها وردت في رجز لرؤبة بن العجاج وهو من بني سعد. ([58])
ثانيا: أن الدكتور/ الجندي عزاها لسعد التميمية، واستدل على ذلك بالآتي:([59])
1- أن عاصما قرأ قوله تعالي: ” وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ” ([60])، بالتضعيف وعاصم كوفي، وقراء الكوفة متأثرون في قراءاتهم بقبائل وسط الجزيرة وشرقيها، وهذا يعني أن التضعيف كان في شرق الجزيرة لتميم وأسد وبكر، ومن ثم فقبيلة سعد بن بكر لا يمكن أن تنطق بالتضعيف لقرب ديارهم من البيئة الحجازية، تلك البيئة التي لم يؤثر عنها قط الوقف بالتضعيف.
أما سعد تميم فهي تقطن الإحساء؛ لذلك فهي متمكنة في شرق الجزيرة.
2- روي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قرأ “وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ” ([61])، بكسر الباء، ويظهر أن الراء كانت مضعفة – أي أن أبا عمرو وقف عليها بالتضعيف مع نقل حركة الراء إلى ما قبلها لالتقاء الساكنين، وأبو عمرو مازني تميمي ومن ثم فنسبتها إلى سعد تميم له وجه.
3- كذلك فقد ذكر الدكتور الجندي بعض الأبيات الشعرية التي نظمها شعراء تميميون، ثم قال: “وجميع هذا يؤيد أن قبيلة سعد بن تميم هي التي تقف بالتضعيف لا قبيلة سعد بن بكر”.([62])
الوقف بالنقل:
يراد بالوقف بالنقل: ” أن تنقل حركة الموقوف عليه إلى الحرف الساكن قبله نحو قام (عَمُرْو) بضم الميم ومررت (ببِكرْ) بكسر الكاف”.([63])
وقد بين ابن يعيش السبب في نقل هذه الحركة ،فقال” ومن الناس من يكره اجتماع الساكنين في الوقف كما يكره ذلك في الوصل فيأخذ في تحريك الأول؛ لأنه هو المانع من الوصول إلى الثاني فحركوه بالحركة التي كانت له في حال الوصل”.([64])
-شروط الوقف بالنقل:
1- أن يكون الصامت الذي قبل الآخر خاليا من الحركة – ساكنا – حتى يقبل الحركة المنقولة إليه ([65])؛ لأنه لو كان متحركا لم يمكن نقل الحركة إليه؛ لأن ” الحرف الواحد لا يتحمل حركتين “. ([66])
غير أن هناك من العرب من أجاز النقل إلى المتحرك كقبيلة لخم، وقد ورد عنها قول الشاعر:
مَنْ يَأْتمر للحزمِ فيما قَصَدهُ *** تَحمَد مَسَاعِيْه ويُعْلَم رشَدُه ([67])
2- أن يكون الحرف الموقوف عليه صحيحا
3- ألا تكون الحركة المنقولة فتحة على الراجح، يقول سيبويه: ” ولم يقولوا رأيت البكَرْ؛ لأنه في موضع التنوين، وقد يلحق ما يبين حركته، والمجرور والمرفوع لا يلحقهما ذلك”. ([68])
يقول الشيخ خالد الأزهري: ” إنما نقلوا الضمة والكسرة لقوتهما فكرهوا حذفهما والفتحة خفيفة فاغتفروا حذفها”. ([69])
هذا رأي البصريين، وقد أجاز الكوفيون النقل مع الفتحة، يقول ابن يعيش: ” ولا يفعلون ذلك فيما كانت حركته فتحة نحو: رأيت الرجل والبكر، وقد أجازه الكوفيون، وإنما لم يجز ذلك في النصب من قبل أن الأصل من قبل دخول الألف واللام: رأيت رجلًا وبكرًا في الوقف فاستغني بحركة اللام والراء عن إلقاء الحركة على الساكن، فلما دخلت الألف واللام قامتا مقام التنوين فلم تغير الكاف في البكر، كما لم تغير في رأيت بكرا، حين جعلت الألف بدلا من التنوين وأجرى الألف واللام مجرى الألف المبدلة من التنوين إذا كانت معاقبة للتنوين.
وقال قوم: ينبغي على قياس من يقف بالسكون على المنصوب كما يقف على المرفوع والمجرور ويقول: رأيت بكر، وأكرمت عمرو، أن يقول: رأيت بكر وعمرو كما يفعل في المرفوع وهو قول حسن، وقياس صحيح، والكوفيون يجيزون ذلك في المنصوب، كما يجوز في المرفوع والمجرور قالوا: وذلك لأن الغرض من هذا النقل الخروج من عهدة الجمع بين الساكنين وذلك موجود في النصب كما هو موجود في الرفع والجر، وهو قول سديد، والمذهب الأول لما ذكرناه “. ([70])
وهذا الشرط في غير المهموز أما مع المهموز فيجوز النقل، حتى ولو كانت الحركة فتحة؛ وذلك لأن الهمزة ثقيلة في ذاتها وسكون ما قبلها يزيدها ثقلا.
4- ألا يؤدي النقل إلى بناء لا نظير له، أو نادر في العربية.([71])
5- ألا يكون ذلك الساكن مما يتعذر تحركيه أو يستثقل، فلا نقل في نحو كتاب ويشدّ؛ لتعذر تحريك الألف، وفك المدغم من دون ضرورة تدعوا إلى الفك، ولا في مثل يقول ويبيع؛ لأن الحركة تستثقل على الواو والياء.([72])
ومن أمثلة ذلك ما جاء في المحكم: ” لدَى جُؤذَرَينِ أَو كَبعضِ دُمَى هَكِرْ ، وقد يجوز أن يكون أراد دُمى هَكْرٍ فنقل الحركة للوقف، كما حكاه سيبويه من قولهم هذا البكُرْ ومن البَكِرْ”.([73])
كما ذكر مثالا آخر وهو قوله: ” ورواه المازني: والنَّجُم، على النقل للوقف”. ([74])
والوقف بالنقل قليل في كلام العرب” والسر في قلته أنهم كرهوا نقل حركة الإعراب أو البناء التي حقها أن تكون في الآخر إلى الوسط الذي ليس محلا للإعراب ولا للبناء”. ([75])
جاء في المحكم: “سَعَم يَسْعَم سَعْما: أسْرع فِي سيره وَتَمَادَى. قَالَ:
غَيَّرَ خَلَّيْكِ الأداوَى والنَّجَمْ
وطُولُ تخويدِ المَطِيّ والسَّعَمْ
حرك الْعين من السَّعَم للضَّرُورَة، وَكَذَلِكَ فِي النَّجْم. وَرَوَاهُ الْمَازِني: والنَّجُم، على النَّقْل للْوَقْف. وَرَوَاهُ بَعضهم: النَّجْم، على أنه جمع نجم، كسحل وسحل. وَقَرَأَ بَعضهم: (وبالنُّجُم هُمْ يَهْتَدُونَ) . وَهِي قِرَاءَة شَاذَّة”. ([76])
التفسير الصوتي: إن الغرض من الوقف بالنقل هو الفرار من التقاء الساكنين([77])، فهو ” ظاهرة من ظواهر التخلص من التقاء الساكنين، دعا إليها رغبة هؤلاء الذين ينتظرون في التمهل والتأني عند النطق بأواخر الكلمات”. ([78])
ورأى آخرون أن اجتماع الساكنين مغتفر في الوقف؛ وإنما العلة في هذا النقل هي الدلالة على حركة الإعراب المحذوفة، يقول الإمام السيوطي: ” فإنما نقلوا لبيان حركة الحرف الموقوف عليه”.([79])
كما نص على هذا ابن يعيش فقال: ” اعلم أنه يجوز في الوقف الجمع بين ساكنين؛ لأن الوقف يمكن الحرف ويستوفي صوته، ويوفره على الحرف الموقوف عليه فيجري ذلك مجرى الحركة لقوة الصوت واستيعابه كما جرى المد في حروف المد مجرى الحركة وليس كذلك الوصل؛ لأن الآخذ في متحرك بعد الساكن يمنع من امتداد الصوت لصرفه إلى ذلك المتحرك؛ ألا تري أنك إذا قلت: بكْرْ في حالة الوقف تجد في الراء من التكرير وزيادة الصوت مالا تجده في حال الوصل، وكذلك الدال في زيْدْ وغيرهما من الحروف؛ لأن الصوت إذا لم يجد منفذا انضغط في الحرف الموقوف عليه، ويوفر فيه، فلذلك يجوز الجمع بين ساكنين في الوقف، ولا يجوز في الوصل”.([80])
نسبة الظاهرة: عزا العلماء الوقف بالنقل إلى تميم ([81])، وعزاه سيبويه إلى تميم وأسد ([82])؛ لكن الدكتور/ الجندي عزا الوقف بالنقل إلى تميم، وعزا الوقف بغير النقل ( أي باجتماع الساكنين ) إلى قريش، فقال: ” والوقف بالنقل عزي إلى تميم …، والأصل في هذا الوقف عدم النقل مثل: هذا بكْر ومررت ببكْر، مع اجتماع الساكنين، ويظهر أن قريشا كانت تبيح التقاء الساكنين والدليل على ذلك ما ورد عن ابن الجزري وغيره من القراء أنه قرئ ” إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ” ([83])، باجتماع الساكنين العين والميم، كما سمع التقاء الساكنين من الرسول … كما أن أبا عبيده قد عزاها لغة للنبي وأبو عبيدة أحد أئمة اللغة، وناهيك به ! فكأن لهجة قريش احتملت التقاء الساكنين، بل شاعت فيها تلك الظاهرة؛ لأنها تعطي الأصوات حقها فلا يطغى صوت على آخر، بينما قبيلة كتميم هربت من التقاء الساكنين لصعوبة النطق بهما.([84])
ولكن مما تجدر الإشارة إليه أن هذا ليس نهج التميميين مطلقا، بل منهم من لا يلتزم الوقف بالنقل فيما لو اجتمع ساكنان عند الوقف، وكان الحرفان صحيحين، يقول الدكتور/ الجندي: ” وإذا كان الوقف بالنقل قد جاء عن تميم – كما تقدم – إلا أنه يبدو أن بعض بطون تميم لم تسر على نظام الأم – في الوقف، لأن المعروف عنهم: أن هاء الضمير إذا سكن ما قبلها وهو صحيح – جاز نقل ضمتها إلى ذلك الساكن – فتميم تقول في ( مِنْهُ ) مِنُهْ بضم النون على النقل في الوقف، ويقولون في عَنْه بسكون النون عَنُهْ بضمها – إلا أن بعضا من تميم – لم يسيروا على هذا النظام في الوقف، فقد جاء عن سيبويه قوله ” وسمعنا بعض بني تميم من بنى عدي يقولون، قد ضربَتِهْ، وأخذتِهْ كسروا حيث أرادوا أن يحركوها لبيان الساكن “.
وقد كان المألوف في أكثر تميم أنهم يقولون في: ضَرَبَتْهُ – ضربتُهْ – نقلت ضمة الهاء إلى التاء قبلها، ولكن بني عدي أسكنوا الهاء في الوقف، وقبلها التاء وهي ساكنة فاجتمع ساكنان، ولهذا حركوا التاء بالكسر كقولك ” لم يقم الرجل ” ، وحركوها بالكسر لأن الهاء خفية، فأرادوا بيانها ففي لهجة بني تميم حركت التاء بالضم إلا بني عدي من تميم فإنها تحركها بالكسر.
الظاهرة في القراءات القرآنية: ذكرنا أن الوقف بالنقل قليل، وكان المراد بذلك في كلام العرب – شعره ونثره – أما الوقف بالنقل في القراءات القرآنية فهو أقل بكثير.
يقول الإمام أبو حيان: ” لم يؤثر الوقف بالنقل عن أحدٍ من القراء إلا ما نقل عن أبي عمرو أنه وقف ” وتواصوا بالصبِر ” بكسر الباء، والذي يظهر في حركة النقل أنها الحركة التي في الحرف الأخير نقلت إلى الساكن قبله “([85])، كما قرأ بعض القراء ” والعصِرْ ” بكسر الصاد. ([86])
أما بقية القراء فقرءوا ” الصَّبْر ” بسكون الباء والصاد، وهذا جائز في الوقف وقد سبق بيان ذلك.
الظاهرة في اللهجات المعاصرة: ذكرت أن تميما كانت تقول في مِنْهُ مِنُهْ، ولهذه الظاهرة بقايا في عاميتنا المعاصرة لاسيما عندنا في صعيد مصر إذ يقولون في : حَبَسَهُ وضَرَبَهُ وشَتَمَهُ: حَبَسُهْ وضَرَبُهْ وشَتَمُهْ ، كما توجد بقايا من هذه اللهجة في لهجات الجزيرة بالسودان.([87])
الوقف بالإبدال:
الوقف على الاسم المقصور:
الوقف بالإبدال نوع من أنواع الوقف، وسبب هذه التسمية أن الوقف حينئذٍ يكون بإبدال حرف مكان حرف آخر، وهذا اللون من الوقف يكون في مواضع كثيرة منها الاسم المقصور.
والاسم المقصور هو الاسم الذي حرف إعرابه ألف لازمة، نحو أفعى وحبلى([88]).
وقد اختلفت اللهجات العربية في الوقف على هذا الاسم، فذكر الإمام سيبويه أربع لغات في الوقف على هذا الاسم، فقال:” هذا باب الحرف الذي تبدل مكانه في الوقف حرفا أبين منه يشبهه لأنه خفي وكان الذي يشبهه أولى… وذلك قول بعض العرب في أفْعَى هذه أفْعَيْ، وفي حُبْلَى: هذه حُبْلَيْ، وفي مثنى: هذا مُثَنَّيْ، فإذا وصلت صيرتها ألفا، وكذلك كل ألف في آخر الاسم، حدثنا الخليل وأبو الخطاب أنها لغة لفزارة وناسٍ من قيس؛ وهي قليلة، فأما الأكثر الأعرف فأن تدع الألف في الوقف على حالها ولا تبدلها ياءً، وإذا وصلت استوت اللغات؛ لأنه إذا كان بعدها كلام كان أبين لها منها إذا سَكَتَّ عندها؛ فإذا استعملت الصوت كان أبين، وأما طيء فزعموا أنهم يَدعونها في الوصل على حالها في الوقف لأنها خفية لا تُحَرَّك قريبة من الهمزة، حدثنا بذلك أبو الخطاب وغيره من العرب، وزعموا أن بعض طيء يقول: أفْعَوْ، لأنها أبين من الياء، ولم يجيئوا بغيرها لأنها تشبه الألف في سَعَة المخرج والمد؛ ولأن الألف تبدل مكانها كما تبدل مكان الياء وتبدلان مكان الألف أيضا، وهن أخوات”.([89])
وقال أيضا: ” وزعم الخليل أن بعضهم يقول: رأيت رجلأ فيهمز؛ وهذه حُبْلَأْ … وسمعناهم يقولون: هو يضربهأ ، فيهمز كل ألف في الوقف كما يستخفون في الإدغام، فإذا وصلت لم يكن هذا؛ لأن أخذك في ابتداء صوت آخر يمنع الصوت أن يبلغ تلك الغاية في السمع “. ([90])
وهذا ما أكده الإمام أبو حيان بقوله: ” والمقصور المنون يوقف عليها بالألف، … ولغة لفزارة وناس من قيس، يقلبون الألف الموقوف عليها ياءً يقولون: هذه أفعيْ ومررت بأفعيْ وهي قليلة، وبعض طيّء يقلبها واوا يقول: هذه أفعو، ورأيت أفعو، ومررت بأفعو، وبعض طيء أيضا تقلبها همزة، تقول هذه أفعأ، ورأيت أفعأ ومررت بأفعأ، وليس من لغته التخفيف، قال سيبويه: ” وكذلك كل ألف في آخر الاسم ” وزعم الخليل: أن بعضهم قال: رأيت رجلأ فيهمز، وكذلك هو يضربهأ”. ([91])
يتبين بعد هذا العرض لنصوص العلماء أن في الاسم المقصور حالة الوقف أربع لغات وبيانها كالتالي:
1- الوقف على الألف، وهذا ما عليه اللغة المشتركة، يقول سيبويه: ” فأما الأكثر الأعرف فأن تدع الألف في الوقف على حالها ولا تبدلها ياءً”. ([92])
-إبدال الألف ياء، يقول ابن سيده: “فَأَما الْيَاء…وتبدل فِي الْوَقْف من الْألف فِي لُغَة من يَقُول أَفْعى
وحُبْلى”.([93])
نسبة الظاهرة: عزا سيبويه هذه اللهجة إلى فزارة وناس من قيس، وتبعه جمع مع العلماء. ([94])
وعزاها سيبويه في موضع آخر إلى ناس من قيس وأهل الحجاز. ([95])
هذا في حال الوقف، أما قبيلة طيء فقد كان لها نهج خاص حيث أبدلت الألف ياءً مطلقا في الوصل والوقف على السواء، وقد ذكر ذلك الإمام سيبويه، فقال: ” وأما طيء فزعموا أنهم يدعونها في الوصل على حالها في الوقف لأنها خفية لا تحرك قريبة من الهمزة “.([96])
التفسير الصوتي للظاهرة: والعلة الصوتية في هذا الإبدال هي خفاء الألف حالة الوقف فأبدلوا حرفا من جنسها غير أنه أبين من الألف وأظهر.([97])
وعدّ العلماء هذه اللغة قليلة ([98])، وهي قليلة بالفعل بمقارنتها باللغة الأولى، بمعنى أننا إذا قابلنا بين نطق عامة العرب لها بالألف ونطق تلك القبائل لها بالياء فهي كذلك؛ لكنها ليست قليلة في تلك القبائل ذاتها؛ بل هذا دأبها في هذا اللون من الأسماء.
وقد رأى جل العلماء قدامى ومحدثين أن الألف هي الأصل، وأن الياء بدل منها، كما هو واضح من النصوص آنفة الذكر؛ لكن الدكتور/ رمضان عبد التواب انفرد برأي خاص في ذلك حيث قال:” ويرى علماء العربية أن الألف المقصورة هي الأصل، وأن الياء في مثل: حُبْلَيْ وأفْعَيْ، في لهجة طيء وغيرها ليست إلا انقلابا لتلك الألف؛ انظر مثلا إلى قول ابن جني: ” ومنهم من يبدل هذه الألفات في الوقف ياءً ” غير أن الاطلاع على اللغات السامية من جانب وتحكيم القوانيين الصوتية من جانب آخر يدلان على أن مثل: حُبْلَيْ وأفْعَيْ بالياء، أسبق في سلسة التطور اللغوي من: أَفْعَى وحُبْلى بالألف”.([99])
ثم شرع الدكتور/ رمضان عبد التواب يدلل على ذلك بالأفعال الناقصة نحو رمى ودعا وصحا وتلا ويذكر أن أصلها في الساميات رَمَيَ وَدَعَوَ وصَحَوَ وتَلَوَ فهي كانت تتصرف في الساميات تصرف الصحيح تماما…… ثم يذكر أن الاسم المقصور كان كذلك فكان يقال: هُدَيٌ، وفَتَيٌ، وعَصَوٌ،…. ثم جاءت المرحلة الثانية وهي مرحلة التسكين أو سقوط الحركة بعد الواو والياء للتخفيف فصارت الأفعال هكذا: قَضَيْ ودَعَوْ وصارت الأسماء المقصورة هكذا: أَفْعَيْ وعَصَوْ، ولم تتطور هذه الأسماء المقصورة عند طيء بل بقيت على هذه الصورة فقالت طِيء: أَفْعَيْ وحُبْلًيْ …. ثم يقول الدكتور/ رمضان عبد التواب وقد كنا في انتظار أن يظهر الفرق بين الأصل الواوي والأصل اليائي في المقصور في هذه الحالة، ويبدو أن تلك الحال كانت في بداية الأمر فكان يقال: هذه حُبْلَيْ وهذه عَصَوْ، ولكن يبدو أن بعض طيء قاست الواوي على اليائي فقالوا في الجميع حُبْلَيْ وعَصَيْ، كما قاس ناس منهم اليائي على الواوي فقالوا في الجميع: حُبْلَوْ وعَصَوْ.([100])
3- إبدال الألف واوا، قال صاحب المخصص عن إبدال الواو من الألف ، وتبدل: ” مكان الألف في الوقف وذلك قول بعضهم أفْعَوْ وحُبْلَوْ كما جعل بعضهم مكانها الياء وبعض العرب يجعل الياء والواو ثابتتين في الوصل والوقف”.([101])
والعلة الصوتية في ذلك ” أنها – أي الواو – أبين من الياء”.([102])
نسبة الظاهرة: عزا الإمام سيبويه هذه اللغة إلى بعض طيء([103])، كما عزاها لبعض طيء جمع من العلماء([104])، وجعلها بعضهم لغة أهل الحجاز([105]) ، ومن ذلك أيضا قول ابن عباس ” لا بأس بقتل الأفعو ” أراد الأفعى فقلب ألفها في الوقف واوا، وهي لغة الحجاز” ([106])، وعزيت أيضا لأهل اليمن.([107])
4- إبدال الألف همزة، يقول سيبويه: ” وزعم الخليل أن بعضهم يقول: رأيت رَجُلَأ فيهمز، وهذه حُبْلَأ “.([108])
والعلة في هذا الإبدال أن ” الهمزة إذا كان ما قبلها متحركا كانت أبين من الألف، ولما في الهمزة أيضا من شدة وجهر مما يتفق مع البيئة البدوية” ([109])، وقد عزيت هذه اللغة لبعض طيء.([110])
يقول الدكتور/ الجندي في هذا الشأن ” ومعنى هذا أن طيئا كانت تقلب الألف في الوقف، تارة همزة مثل: عصأ، وأخرى واوا مثل: عصو، وحينا ياءً مثل: عصيْ، ولا أستطيع أن أفهم أن القبيلة الواحدة كانت تنطق بهذه الأنماط اللهجية المتباينة، ولهذا أرجح أن بطنا من طيء كان ينطق بالهمزة وآخر بالواو، وثالثا بالياء، أو ربما أن هذه اللهجات حدثت في طيء في أزمان متتالية لا في زمنٍ واحد، أو ربما أنهم كانوا يخصصون الواو بحالة الرفع والياء بحالتي النصب والجر – ثم جمع النحاة هذه الصيغ على أنها من استعمالات طيء بدون توضيح أو بيان”.([111])
الوقف على الاسم المفرد المختوم بالتاء:
من المعروف في اللغة العربية الفصحى أنها تقف بالهاء على الاسم المفرد المختوم بالتاء المربوطة، أما في حالة الوصل فتبقي التاء كما هي؛ لكن هناك من العرب من لم يفرق بين الوصل والوقف فأجرى الوقف مجرى الوصل ووقف على هذه التاء كما هي فقال: هذه أمت وجاريت وطلحت وحمزت.
ومن ثم يكون في الوقف على الاسم المفرد المختوم بالتاء حالتين:
1- إبدال التاء هاءً، وهذا ما عليه اللغة المشتركة، ” وقد صرح القدامى بأن التناوب بين التاء والهاء يعد من قبيل الإبدال؛ لكنهم اختلفوا في تحديد الأصل المبدل منه، فذهب الجمهور إلى أن التاء هي الأصل، والهاء بدل منها في الوقف، وعلة ذلك عندهم ” أن الوصل من المواضع التي تجري فيها الأشياء على أصولها… والوقف من مواضع التغيير والبدل ” وقد خالفهم ثعلب فذهب إلى أن الهاء أصل في تأنيث الاسم، وتقلب تاءً في الوصل خشية الالتباس بالضمير”.([112])
التفسير الصوتي لهذه الظاهرة: يرى القدامى أن العلاقة الصوتية المسوغة للتبادل بين التاء هي اشتراك التاء والهاء في الهمس، وأما العلة في اختصاص الوقف بالهاء فلأن ” في الهاء همسا ولينا أكثر مما في التاء، فهو بحال الوقف الذي هو موضع الاستراحة أولى”.([113])
لكن علماء اللغة المحدثين لا يتفقون مع القدامى في تلك العلاقة، بل يرون أن هذه العلاقة ليست كافية بل غير معتد بها، يقول الدكتور/ رمضان عبد التواب:” ونحن عندما نقول إن التاء تقلب هاءً، إنما ننظر إلى النتيجة النهائية لا إلى التطور الصوتي؛ فإنه ليس ثمة علاقة صوتية بين التاء والهاء، وإنما تطور المسألة أن التاء سقطت حين الوقف على المؤنث، فبقي المقطع السابق عليها مفتوحا ذا حركة قصيرة، وهذا النوع من المقاطع تكرهه العربية في أواخر الكلمات فتتجنبه بإغلاق المقطع عن طريق امتداد النفس بهاء السكت، وهكذا يبدو الأمر كما لو أن تاء التأنيث قد قلبت هاءً، على أن الحقيقة هي أن التاء قد سقطت لعلة، وأن الهاء قد جاءت لعلة أخرى، فليس بينهما تبادل صوتي، كما ترى”.([114])
كما ذكر الدكتور/ إبراهيم أنيس أن هذه الهاء ليست بدلا من التاء ولكنها هاء السكت جيء بها بعد أن حذفت التاء.([115])
وقد علق الدكتور/ أحمد طه سلطان على كلام علماء اللغة المحدثين بقوله: ” وهذا الرأي له وجاهته؛ لأن الغرض من إثبات التاء في الوصل هو التفريق بين المذكر والمؤنث، أما في الوقف فيحصل الفرق بينهما من ناحية أن المذكر يوقف عليه بالسكون، وأن المؤنث يوقف عليه بالحفاظ على الحركة القصيرة التي تسبق التاء، وبناءً على ذلك فالتاء التي كانت فارقة بين الجنسين في الوصل سقطت لكونها غير محتاج إليها في الوقف؛ لأن التمييز بينهما حاصل بالسكون والحركة؛ لكن العربي كان يكره الوقف على المقطع المفتوح بالحركة القصيرة، ولما أراد إغلاقه أتى بهاء السكت لغلق المقطع الموقوف عليه من جهة، وللمحافظة على تلك الحركة القصيرة من جهة أخرى حتى تتضح سمعيا فتتحدد دلاليا فتفرق بين المؤنث والمذكر الموقوف عليه بالسكون”.([116])
2- بقاء التاء كما هي في حال الوصل، ([117])،قال أبو حيان ” وتقف عليها بالتاء بعض العرب مطلقا”.([118])
وقد عزا ابن منظور هذه اللغة إلى طيء فقال: ” العرب تقف على كل هاء مؤنث بالهاء إلا طيئا فإنهم يقفون عليها بالتاء، فيقولون هذه أمت، وجاريت، وطلحت”.([119])
وهؤلاء الذين وقفوا بالتاء قد أجروا الوقف مجرى الوصل، يقول ابن جني: ” إن من العرب من يجري الوقف مجرى الوصل فيقول في الوقف: هذا طلحت، وعليه السلام والرحمت”.([120])
وهذه اللغة ليست قليلة بل هي شائعة عند من ينطق بها، يقول ابن يعيش: ” على أن من العرب من يجري الوقف مجرى الوصل فيقول في الوقف: هذا طلحت، وهي لغة فاشية حكاها أبو الخطاب ومنه قولهم: وعليه السلام والرحمت، ومنه قولهم: بل جوز تيهاء كظهر الحجفت
ويذكر الدكتور/ رمضان عبد التواب أن ما صنعته طيء موجود في الساميات من قبل كالحبشية والأكادية، كذلك فهو معزو أيضا إلى حمير.([121])
كما عزيت أيضا إلى بعض القرشيين حيث جروا في وقفهم على تلك اللهجة، وقد جاء على هذه اللغة قول هند بنت عتبة ، وهي ترثي أباها:
يدفـــع يوم المغلبتْ
يطعم يوم المسغبتْ
وهي تريد: المغلبة والمسغبة “.([122])
الظاهرة في القراءات القرآنية: وردت في القرآن الكريم بعض الكلمات التي رسمت بالتاء المفتوحة، وقد اختلف القراء في الوقف على هذه الكلمات، فوقف بعضهم بالهاء على لغة قريش، ووافق بعضهم الرسم فوقف بالتاء على لغة طيء وحمير، من ذلك قوله سبحانه: ” إِنَّ شَجَرَت الزَّقُّومِ” ([123])، وقوله سبحانه: ” فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا”.([124])
الظاهرة في العامية المعاصرة. لازالت هذه اللغة موجودة في عاميتنا المعاصرة ” ففي كثير من أنحاء الوطن العربي وبخاصة في مصر والشام نسمع الأعلام والألقاب التركية التي دخلت إلى الأقطار العربية وصارت تنطق وتكتب بالتاء المبسوطة وذلك نحو: حشمت ورأفت، وعصمت، ونشأت، وألفت…….. ومن ذلك أيضا قول أهل الشام في الوقف: تعلمت الفَلْسَفْت ، وقرأت الكتب الأدبيت.
هذا وما زالت آثار تلك اللهجة المنسوبة لطيء منتشرة في بعض المناطق من شبه الجزيرة العربية كالقصيم مثلا، حيث يقف الناس بالتاء في لهجات الخطاب على تاء التأنيث المسبوقة بالألف في نحو الصلاة والزكاة ….”.([125])
الاسم المختوم بالتاء الأصلية:
تقف اللغة الفصحى على المختوم بالتاء الأصلية بالتاء نحو،( هيهات والتابوت والفرات ) ؛ لكن وجدنا بعض العرب من يقف عليها بالهاء، فيقول: هيهاه، والتابوه، والفراه، وقد ذكر ذلك كثير من العلماء، يقول ابن يعيش: ” فأما ( هيهات ) ففيها لغتان: فتح التاء وكسرها فمن فتح جعلها واحدا ووقف عليها بالهاء ومن كسرها جعلها جمعا ووقف عليها بالتاء”.([126])
نسبة الظاهرة: الوقف على هيهات بالهاء لغة الحجازيين([127])، وعزاها الأشموني لطيء.([128])
أما الوقف عليها بالتاء فهي لغة تميم وأسد.([129])
ويذكر الدكتور/ ضاحي عبد الباقي أن هيهات ” بفتح التاء هي اللغة المشتركة وفي ذلك تغاير منفصل بين الياء والفتحة، وبكسرها عند تميم وفي ذلك تماثل إتباعي منفصل، وهناك احتمالان لجهل أصالة أي من الصيغتين إما تطور تميمي من التغاير إلى التماثل، وإما غير تميمي من التماثل إلى التغاير”.([130])
يقول ابن سيده: ” وهَيْهاتَ، وهيهاتِ: كلمة معناها البعد، وقد أنعمت تعليلها وأَرُيْتُ كيف تكون واحدا وجمعا في المخصص، وحكى اللحياني: هيهاتَ هيهاتَ، وهيهاتِ هيهاتِ، وأيهاتَ أيهاتَ، وأيهاتِ أيهاتِ، وقال الكسائي: من نصبها وقف عليها بالهاء، وإن شاء بالتاء، ومن خففها وقف بالتاء”.([131])
وقال أيضا: ” التابوه: لغة في التابوت، أنصارية، قال ابن جني وقد قرئ بها قال: وأراهم غلطوا بالتاء الأصلية، فإنه سمع بعضهم يقول: قعدنا على الفراه يرىدون على الفرات”.([132])
الظاهرة في القراءات القرآنية: اختلف القراء في الوقف على هيهات من قوله سبحانه “هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ” ([133]) فوقف بعضهم بالهاء، ووقف بعضهم بالتاء.([134])
ومثل كلمة هيهات كلمة ( التابوت ) حيث وقف عليها بعض العرب بالتاء وهم القرشيون، ووقف بعض العرب بالهاء وهم الأنصار، وقال ابن معن: ” لم تختلف الأنصار وقريش في شيء من القرآن إلا في التابوت”.([135])
وقد قرأ بهذه اللغة زيد بن ثابت وأبي بن كعب قوله تعالى” أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ “([136])، فوقفا عليها بالهاء.([137])
أما الكلمة الثالثة فهي الفرات، يقول ابن جني: ” إن عامة عقيل تقول في الفرات: الفراه”.([138])
وكما خالفت بعض القبائل العربية كطيء اللغة النموذجية في الوقف على المفرد المختوم بالتاء نحو أمه وجارية حيث قالت في الوقف: أمت وجاريت بالتاء، خالفت كذلك في الوقف على جمع المؤنث السالم وشبهه فقالت: كيف البنون والبناه، ودفن البناه من المكرماه ….
صنعوا كذلك فيما آخره تاء طويلة نحو التابوه في التابوت والفراه في الفرات، ومع أن بعض القدامى والمحدثين فسروا تلك المخالفة بظاهرة الشذوذ اللاشعوري في النطق، فقد حاول آخرون أن يجدوا لها التفسير الملائم باعتبارها لغة وليست ضرورة ولا ضربا من الشذوذ.
فكان بعضهم يرى أن قبيلة طيء كانت من القبائل التي لا تنتظر الوصول إلى نهايات الكلمات المنطوقة في حال الوقف، فتسقط التاء من آخر جمع المؤنث مثلها في هذا مثل معظم الحروف الشديدة المهموسة حين تتطرف في آخر الكلمة الموقوف عليها، وكما كرهوا الوقف على الحركة القصيرة بعد سقوط التاء في المفرد، كرهوا الوقوف على الحركة الطويلة بعد سقوطها في جمع المؤنث السالم فامتد تنفسهم حتى سمعت بعد الألف تلك الهاء التي يسميها النحاة بهاء السكت.
وهذا يتفق ومذهب طيء في الحيف على أواخر الصيغ، وهو المعروف بقطعة طيء، ثم إن قبائل البدو عامة كانت تشيع فيهم تلك الظواهر، يقول ابن جني: ” إن عامة عقيل تقول في الفرات: الفراه ” وما عقيل إلا قبيلة بدوية كطِيء”.([139])
ويبدو أن ذلك لم يكن لغة لهم جميعًا، بدليل قول بعض المصادر العربية في عرض هذه الظاهرة: وسمع إبدالها هاء في قول بعضهم، ونحن نفترض في بعض هؤلاء الطائيين أنهم كانوا يقفون على تاء التأنيث في المفرد بالهاء كما في العربية الفصحى تمامًا، غير أن هؤلاء القوم قاسوا تاء جمع المؤنث السالم على تاء تأنيث المفرد، ولاسيما تلك التاء التي تقع في المفرد بعد ألف، مثل تاء : صلاة، وزكاة، وحياة، وقناة، وأداة، وأناة، ونجاة، وحماة، وفلاة، ووفاة، وحصاة، ونواة، وفتاة، ودواة، ومهاة، وغيرها .
وقد فطن إلى هذا الشيخ خالد الأزهري فقال وهو يتحدث عن المثال ” دفن البناه من المكرماه”: “بإبدال تاء الجمع هاء في الوقف، تشبيهًا بتاء التأنيث الخالصة”، وفي بعض اللهجات العربية المعاصرة كلهجة” القصيم” في الجزيرة العربية، قياس عكسي في هذه الظاهرة، إذ يقف الناس في لهجات الخطاب هناك على تاء التأنيث المسبوقة بالألف في المفرد، بالتاء ، قياسًا على الوقف على تاء جمع المؤنث السالم بالتاء. ([140])
الخاتمة:
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبتوفيقه تتحقق المقاصد والغايات، والصلاة والسلام على من ختمت برسالته الرسالات، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعـــــــــــد،
فيطيب لي في نهاية تلك الرحلة العلمية مع هذا البحث أن أشير إلى أن الوقف خاصية من خصائص لغتنا العربية، ومظهر من مظاهرها الصوتية يحدث – غالبا- بغرض التخفيف وتقليل الجهد العضلي، وقد توصلت الدراسة إلى النتائج الآتية:
أولا- أكدت الدراسة أن علماءنا القدامى أسهموا بجهد رائع في الدراسات الصوتية وكانت لهم أفكار غاية في الدقة ، هي التي استقى منها علماء الأصوات المحدثون فكرهم.
ثانيا- الوقف خلاف الأصل؛ لأنه طارئ على الكلمة أما الوصل فهو الأصل حيث تجري فيه الأشياء على أصولها.
ثالثا- الوقف بالسكون هو الأصل في الوقف أكثر وجوه الوقف شيوعا؛ وذلك ” لأن انقطاع النفس وقوة التعبير، وسلاسته يقتضي الوقف بالسكون كما هو ملموس نطقا.
رابعا- وحّدت قبيلة ربيعة في الوقف بين المرفوع والمجرور والمنصوب وأجرت الباب مجرى واحدا، فحذفت التنوين في حالات الرفع والجر والنصب؛ لأنها كانت تسرع في النطق، ولا تحفل بسقوط أواخر الكلمة، حتى سقط في الوقف جميع حركات الإعراب عندها والعلة الصوتية في ذلك هي الرغبة في التخفيف.
خامسا- لم يرد عن العرب الوقف بالتضعيف على الهمزة لأن الهمزة حرف شديد مستثقل فإذا ضُعّف ازداد ثقلا والوقف موضع استراحة.
سادسا- الوقف بالنقل قليل في كلام العرب والسبب في قلته أنهم كرهوا نقل حركة الإعراب أو البناء التي حقها أن تكون في الآخر إلى الوسط الذي ليس محلا للإعراب ولا للبناء.
سابعا- ورد عن قبيلة لخم النقل إلى المتحرك ، في حين أن العلماء اشترطوا في الوقف بالنقل أن يكون الصامت الذي قبل الآخر ساكنا؛ ليقبل الحركة.
ثامنا- يرى العلماء أن الغرض من الوقف بالنقل هو الفرار من التقاء الساكنين،؛ لكن بعضهم يرى أن اجتماع الساكنين مغتفر في الوقف؛ وإنما العلة في هذا النقل هي الدلالة على حركة الإعراب المحذوفة.
تاسعا – يرى الجمهور أن التناوب بين التاء والهاء يعد من قبيل الإبدال وأن التاء هي الأصل، والهاء بدل منها في الوقف وقد خالفهم ثعلب فذهب إلى أن الهاء أصل في تأنيث الاسم، وتقلب تاءً في الوصل خشية الالتباس بالضمير
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
فهرس المصادر والمراجع
– الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي، تح: محمد أبو الفضل إبراهيم الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1974 م – إحياء النحو، إبراهيم مصطفي، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1959
– ارتشاف الضرب من لسان العرب ، أبو حيان الأندلسي، تح، رجب عثمان، الخانجي ، الأولى، 1998
– أصوات اللغة العربية، عبد الغفار هلال، وهبة، الثالثة، 1996
– الأصوات اللغوية، د/ أنيس، إبراهيم، ط، مكتبة الأنجلو المصرية 1995م.
– إعراب القرآن، النحاس، أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل، تح، زهير غازي، ط، عالم الكتب 1985م.
– إيضاح الوقف والابتداء ،أبو بكر الأنباري تح/ محيي الدين عبد الرحمن مجمع اللغة العربية بدمشق 1971م
– البحر المحيط، أبو حيان، ط، دار الفكر بيروت 1412هـ/1992م.
– بحوث ومقالات في اللغة، د: رمضان عبدالتواب، الخانجي، الثالثة، 1995
– تاج العروس من جواهر القاموس، الزبيدي ، منشورات دار مكتبة الحياة بيروت لبنان، بدون تاريخ.
– تثقيف اللسان وتلقيح الجنان، ابن مكى الصقلي، ، تحقيق د/ عبد العزيز مطر، ط، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، القاهرة 1415هـ/1995م.
– التصريح على التوضيح، خالد الأزهري ،دار إحياء الكتب العربية الأولى 1985
– التطور النحوي للغة العربية، برجستراسر، ترجمة وتعليق د/ رمضان عبدالتواب، مطبعة ومكتبة الخانجي، القاهرة، الثالثة 1417هـ/ 1997م.
– تهذيب اللغة، الأزهري، محمد بن أحمد، تحقيق، عبد السلام هارون، ومحمد على النجار، ط، دار القومية للطباعة والنشر، القاهرة 1384هـ/1994م
– الجانب الصوتي للوقف في العربية ولهجاتها، أحمد طه سلطان، الأمانة، الأولى، 1991
– الحجة في القراءات السبع، ابن خالويه، الحسين بن أحمد ، تحقيق د/ عبد العال سالم مكرم، ط، مؤسسة الرسالة، السادسة 1417هـ/1996م.
– الحركات العربية في ضوء علم اللغة الحديث د/الموافي الرفاعي، ط، التركي طنطا، 1412هـ/1992م.
– الخصائص، ابن جنى، أبو الفتح عثمان، تحقيق: محمد على النجار، ط، المكتبة العلمية بيروت،
– شرح المشكل من شعر المتنبي، ابن سيده، تح/ مصطفى السقا، الهيئة العامة المصرية للكتاب، 1976
– شرح شافية بن الحاجب، الرضي، تح/ محمد نور الحسن ، دار الكتب العلمية، بيروت 1982
– شرح المفصل، ابن يعيش، أبو البقاء يعيش ابن أبي السرايا محمد، ط، عالم الكتب، بدون
– ظاهرة التخفيف في النحو العربي د/أحمد عفيفي، الناشر، الدار المصرية اللبنانية، الأولى 1417هـ/1996م .
– العين، للخليل بن أحمد، تحقيق د/مهدى المخزومي، د/ إبراهيم السمرائي ط، دار الحرية للطباعة بغداد 1406هـ/1985م .
– في اللهجات العربية د/أنيس، إبراهيم ، ط، مكتبة الأنجلو المصرية، الطبعة التاسعة 1995م
– قراءة يحيى بن وثاب في ضوء علم التشكيل الصوتي د/سلطان، أحمد طه، مكتبة وهبة، 1425هـ/2004م .
– الكتاب، سيبويه، أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، تحقيق/عبد السلام محمد هارون، ط، الخانجي، القاهرة ، الثانية 1402هـ/1982م .
– الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها، مكي القيسي، أبو محمد مكي بن أبي طالب ، تح د/رمضان عبد التواب، ط: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1407هـ/1987م
– لسان العرب، ابن منظور، ، تح/عبد الله على الكبير وآخرين، ط، دار المعارف، القاهرة، بدون
– لغة تميم، ضاحي عبد الباقي، الهيئة العامة للمطابع الأميرية، 1985
– اللغة العربية معناها ومبناها، تمام حسان، عالم الكتب، الثالثة، 1998
– لهجات العرب وامتدادها إلى العصر الحاضر د/الطيب، عيد محمد ، ط، المطبعة الإسلامية، القاهرة 1994م .
– اللهجات العربية في التراث، د/الجندي، أحمد علم الدين، ط، الدار العربية للكتاب 1983م.
– اللهجات العربية في القراءات القرآنية د/الراجحي، عبده ، ط، دار المعرفة الجامعية 1999م.
– اللهجات العربية نشأة وتطورا د/هلال، عبد الغفار حامد ، ط، مكتبة وهبة، 1414هـ/1993م .
– اللهجات في الكتاب لسيبويه أصواتا وبنية، آل غنيم، د/ صالحة راشد ، ط، دار المدني للطباعة والنشر والتوزيع بالسعودية، الأولى 1405هـ/1985م
– اللهجات العربية والقراءات القرآنية دراسة في البحر المحيط د/خان، محمد ، ط، دار الفجر، القاهرة 2002م .
– لهجة ربيعة دراسة لغوية في ضوء علم اللغة الحديث د/السلمون، عبد الهادي محمد 1997م،
– ليس في كلام العرب، ابن خالويه، ، تح/ أحمد عبد الغفور ، الثانية، مكة المكرمة، 1399هـ
– المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها، ابن جنى، تح/على النجدي وآخرىن، ط: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة 1420هـ/1999م .
– المزهر في علوم اللغة وأنواعها، السيوطي، تح/ محمد أحمد جاد المولى وأخرىن، ط: عيسى الحلبى، الثالثة، بدون
– المحكم والمحيط الأعظم ، ابن سيده، أبو الحسن علي بن إسماعيل، ط، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، القاهرة، تحقيق/مصطفي السقا، وآخرون، الأولى 1377هـ/1958م
– المخصص، ابن سيده، أبو الحسن علي بن إسماعيل ، تقديم د/خليل إبراهيم جفال، ط، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الأولى 1417هـ/1996م .
– معانى القرآن، الأخفش، أبو الحسن المجاشعي، تحقيق د/عبد الأمير محمد أمين، ط: عالم الكتب الطبعة الأولى 1405هـ/1985م .
– معانى القرآن وإعرابه، الزجاج، إبراهيم بن السري بن سهل، تحقيق د/عبد الجليل عبده شلبي، ط، عالم الكتب، الأولى 1408هـ/1988م .
– مقاييس اللغة، ابن فارس، أحمد بن فارس ، تح/عبد السلام هارون، ط، دار الجيل بيروت، الأولى 1991م .
– المكتفى في الوقف والابتدا، عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبو عمرو الداني (المتوفى: 444هـ)تح/: محيي الدين ،الناشر: دار عمار، الطبعة: الأولى 1422 هـ – 2001 م
– المنصف، ابن جنى، أبو الفتح عثمان، تحق/ إبراهيم مصطفي ط:، وزارة المعارف، الطبعة الأولى 1954م.
– النهاية في غريب الحديث والأثر المكتبة العلمية ، تح/ طاهر الزاوى و محمود الطناحي، بيروت، 1979م
الهوامش:
- () أحمد طه، الجانب الصوتي للوقف في العربية ولهجاتها:22 ↑
- () أحمد طه، الجانب الصوتي للوقف في العربية ولهجاتها :3 ↑
- () ابن جني، الخصائص :2/331 ↑
- () ابن فارس، مقاييس اللغة (و ق ف) :6/ 135 ↑
- () الجرجاني، معجم التعريفات :212 ↑
- () ابن منظور، اللسان ، دار المعارف، القاهرة، (و ق ف):6/ 4898 ↑
- ()الجوهري، تاج اللغة وصحاح العربية ( و ق ف):4/1440 ↑
- () ابن الجزري، النشر،:1/ 189، 190، محمد مكي، نهاية القول المفيد في علم التجويد:179 ↑
- () أحمد طه، الجانب الصوتي للوقف في العربية ولهجاتها:9 ↑
- () أحمد طه، الجانب الصوتي للوقف في العربية ولهجاتها:3 ↑
- () ابن جني، الخصائص:2/331 ↑
- () ابن جني، الخصائص:2/331 ↑
- () أبو داود، السنن:1/355 ↑
- () أبو عمرو الداني، المكتفى في الوقف والابتدا:1/4 ↑
- () السيوطي، الإتقان في علوم القرآن : 1/282 ↑
- () أبو بكر الأنباري، إيضاح الوقف والابتداء، 1:/ 108 ↑
- () ابن الجزري، النشر:1/ 189، 190 ↑
- () سيبويه، الكتاب: 4/ 168 ↑
- ()اللغة العربية معناها ومبناها: 271 اللهجات العربية في التراث:1/480 ↑
- () أبو البركات الأنباري، أسرار العربية،: 412 ↑
- () خالد الأزهري، التصريح: 2/ 38 ↑
- () تمام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها:271 ↑
- () ابن الجزري، النشر: 2/ 90 ↑
- () ابن جني، الخصائص: 2/ 331 ↑
- () ابن جني، الخصائص: 2/ 331 ↑
- () أحمد الجندي، اللهجات العربية في التراث: 2/ 480،481 ↑
- () عبد الغفار هلال، أصوات اللغة العربية:176 ↑
- () ابن الجزري، النشر: 2/90 ↑
- () أحمد الجندي ،اللهجات العربية في التراث: 2/481، 482 ↑
- () ابن سيده، شرح المشكل:320 ↑
- () ابن سيده، شرح المشكل:320 ↑
- () الجاحظ، البيان والتبيين:2/228 ↑
- () سيبويه، الكتاب:4/166 ↑
- () ابن يعيش، شرح المفصل:9/69، 70 ↑
- () أبو البركات الأنباري، أسرار العربية: 412 ↑
- () أحمد الجندي، اللهجات العربية في التراث: 2/ 481، 482 ↑
- () إبراهيم مصطفي، إحياء النحو: 103 ↑
- () أحمد طه، الجانب الصوتي للوقف:46 ↑
- () ابن مالك، التسهيل: 328 ،الرضي، شرح الشافية: 2/ 275، خالد الأزهري ،التصريح:2/338 ↑
- () سيبويه، الكتاب:1/29 ↑
- () السيوطي، الهمع:6/ 209، أبو حيان، الارتشاف:2/ 809 ↑
- () تمام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها:272 ↑
- () أحمد طه، الجانب الصوتي للوقف:80 ↑
- () أحمد طه، الجانب الصوتي للوقف:85 ↑
- () ضاحي عبد الباقي، لغة تميم: 353، أحمد طه، الجانب الصوتي للوقف:77 ↑
- () أحمد الجندي، اللهجات العربية في التراث:2/ 487 ↑
- () أحمد الجندي، اللهجات العربية في التراث:2/ 487 ↑
- () سيبويه، الكتاب:4/ 171 ↑
- () أبو حيان الأندلسي، ارتشاف الضرب:2/ 809 ↑
- () ابن سيده، المحكم: ( خ ص ب ): 5/40 ↑
- () ابن سيده، المحكم ( ب ع د ):2/24 ↑
- () ابن سيده، المحكم (خ ص ب): 5/40 ↑
- () عبد الحميد عنتر، القول الفصل: 159 ↑
- () ضاحي عبدالباقي، لغة تميم: 355 ↑
- () خالد الأزهري، التصريح:2/341 ↑
- () إبراهيم أنيس، في اللهجات العربية:147، 148 ↑
- () إبراهيم أنيس، من أسرار اللغة:224 ↑
- () ضاحي عبدالباقي، لغة تميم: 354 ↑
- () أحمد الجندي، اللهجات العربية في التراث: 2/ 487 ↑
- () الآية (53) سورة القمر، والقراءة: في البحر المحيط:10/ 49 ↑
- () من الآية (3) سورة العصر ↑
- () أحمد الجندي ، اللهجات العربية في التراث: 2/ 489 ↑
- () السيوطي، الهمع: 6/ 209، 210 ↑
- () ابن يعيش، شرح المفصل: 9/ 71 ↑
- () سيبويه، الكتاب 4/ 173،ابن يعيش، شرح المفصل: 9/ 71 ، أبو حيان، الارتشاف:2/810 ↑
- () ابن جني، سر الصناعة 1/ 27. ↑
- () السيوطي، الهمع: 6/ 212. ↑
- () سيبويه، الكتاب:4/173 ↑
- () خالد الأزهري، التصريح:2/ 342 ↑
- () ابن يعيش، شرح المفصل:9/ 72، خالد الأزهري، التصريح : 2/343 ↑
- () سيبويه، الكتاب: /173، 174 ↑
- () ينظر: القول الفصل:161 ↑
- () ابن سيده، المحكم ( هـ ك ر) :4/ 97 ↑
- () ابن سيده، المحكم ( س ع م ) :1/318 ↑
- () القول الفصل: 161 ↑
- () ابن سيده، المحكم ( س ع م ) : 1/ 318 ↑
- () السيوطي، الهمع: 6/ 211 ↑
- () إبراهيم أنيس، من أسرار اللغة: 225 ↑
- () السيوطي، الهمع: 6/ 211 ↑
- () ابن يعيش، شرح المفصل: 9/ 71 ↑
- () الزمخشري،: المفصل: 339 ، ابن يعيش، شرح المفصل: 9/ 71 ،خالد الأزهري، التصريح: 2/ 342 ↑
- () سيبويه، الكتاب 4/ 177 ↑
- () من الآية (58) سورة النساء ↑
- () أحمد الجندي، اللهجات العربية في التراث:2/ 490 ↑
- () أبو حيان الاندلسي، الارتشاف : 2/ 811 ، السيوطي، الهمع 6/ 210، 211 ↑
- () ابن مجاهد، السبعة: 696 ، أبو حيان الأندلسي، البحر المحيط: 10/ 539 ↑
- ()أحمد الجندي، اللهجات العربية في التراث: 2/ 493 ↑
- () أبو حيان الأندلسي، الارتشاف: 2/ 512 ↑
- () سيبويه، الكتاب:4/181، 182 ↑
- () سيبويه، الكتاب:4/ 176، 177 ↑
- () أبو حيان، الارتشاف: 2/ 800، 802 ↑
- () سيبويه، الكتاب: 4/ 181 ↑
- () ابن سيده، المخصص: 13/ 269 ↑
- () ينظر: سيبويه، الكتاب 4/181، الرضي، شرح الشافية: 2/286، الارتشاف: 2/801 ↑
- () سيبويه، الكتاب: 4/ 256 ↑
- () سيبويه، الكتاب: 4/181، الفارسي، الحجة:1/88 ↑
- () ينظر: سيبويه، الكتاب:4/ 181 ، ابن يعيش: شرح المفصل: 9/ 77 ↑
- () ينظر: سيبويه، الكتاب:4/ 181 ، ابن يعيش: شرح المفصل: 9/ 77 ↑
- () رمضان عبدالتواب، بحوث ومقالات في اللغة: 244 ↑
- () ينظر: رمضان عبدالتواب، بحوث ومقالات في اللغة: 244، 246. ↑
- () ابن سيده، المخصص: 13/ 270. ↑
- () سيبويه، الكتاب: 4/ 181 ↑
- () ينظر: سيبويه، الكتاب: 4/ 181 ↑
- () ينظر: الزمخشري، المفصل:340،ابن يعيش، شرح المفصل: 9/77، أبو حيان، الارتشاف: 2/801، 802 ↑
- () ينظر : ابن منظور، اللسان (ف ع ا ) ،الزبيدي، وتاج العروس (ف ع ا ) ↑
- () ابن الاثير، النهاية في غريب الحديث: ( أ ف ع ): 1/ 55 ↑
- () ينظر: ابن دريد، الاشتقاق: 54 ↑
- () سيبويه، الكتاب: 4/ 176 ↑
- () محمد علام، اللهجات العربية في شرح المفصل: 1/230 ↑
- () ينظر: أبو حيان، الارتشاف: 2/802 ،خالد الأزهري، التصريح: 2/ 339، السيوطي، الهمع: 6/ 205 ↑
- () أحمد الجندي، اللهجات العربية في التراث: 2/ 497 ↑
- () أحمد طه، الجانب الصوتي للوقف:119 ↑
- () الرضي، شرح الشافية : 2/288 ، 289 ↑
- () رمضان عبدالتواب، المدخل إلى علم اللغة: 257 ↑
- () ينظر: إبراهيم أنيس، من أسرار اللغة: 232 ↑
- () أحمد طه، الجانب الصوتي للوقف:120 ↑
- () ابن سيده، المخصص:16/96 ↑
- () أبو حيان الأندلسي، الارتشاف: 2/ 800 ↑
- () ابن منظور، اللسان: ( هـ 1 ) 6/ 4597، 4598 ↑
- () ابن جني، سر الصناعة: 1/ 159 ↑
- () ينظر: رمضان عبدالتواب، بحوث ومقالات في اللغة 259. ابن منظور، اللسان ( و ث ب ) 6/ 4762. ↑
- () ينظر: أحمد طه سلطان، الجانب الصوتي للوقف:124 ↑
- () الآية (43) سورة الدخان، والقراءة في الإتحاف:499 ↑
- () من الآية (30) سورة الروم ينظر: غيث النفع:222 ↑
- () أحمد طه، الجانب الصوتي للوقف: 126، 127 ↑
- () ابن يعيش، شرح المفصل:9/ 81 ↑
- () ينظر: أبو حيان الأندلسي، الارتشاف:5/ 2302 ↑
- () ينظر: أبو الحسن نور الدين، شرح الأشموني:4/214 ↑
- () ينظر: أبو حيان الأندلسي، الارتشاف:5/2302 ↑
- () ضاحي عبدالباقي، لغة تميم : 291 ↑
- () ابن سيده، المحكم: ( هـ ي هـ ) 4/ 245، وينظر: المخصص: 16/ 117: 119 ↑
- () ابن سيده، المحكم: ( ت ب هـ ) 4/ 201 ↑
- () الآية (36) سورة المؤمنون ↑
- () البنا الدمياطي، الإتحاف: 404 وقد وقف بالهاء البزي وقنبل والكسائي، ووقف الباقون بالتاء ↑
- () ابن يعيش، شرح المفصل: 10/ 45 ↑
- () من الآية (248) سورة البقرة ↑
- () ينظر: أبو حيان الأندلسي، البحر المحيط: 2/ 581 ↑
- () ابن جني، المحتسب: 1/ 130 ↑
- () أحمد طه، الجانب الصوتي للوقف: 128 ↑
-
() مجمع اللغة العربية بالقاهرة، بحوث ودراسات في اللهجات العربية: 54/14،15 ↑