الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

اندا كوبينا منصور1 د. سعدية علي1

1 كلية التربية، جامعة كردفان، السودان.

HNSJ, 2023, 4(4); https://doi.org/10.53796/hnsj4411

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/04/2023م تاريخ القبول: 14/03/2023م

المستخلص

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله القائل:

(الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)البقرة: ١ – ٢ والقائل: ( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49)هود: ٤٩ وقال: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94) يونس: ٩٤ وقال: ( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) البقرة: ٢٣ – ٢٤ ثم قال: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) الإسراء: ٨٨ صدق الله العظيم

ثم الصلاة والسلام على سيدنا محمد صفوة الله من خلقه المرسل بقوله: ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7) الجن: ١ – ٧

وبعد:هذه محاضرة عن الاعجاز العلمي بطلب من اتحاد طلاب كوت ديفوار بالسودان ورجائي من اللهَ أن ينفع بها المستمعين والقارئين أجمعين.

تعريف الاعجاز العلمي في القران:

  1. تعريف الاعجاز العلمي في القران،

وهو لغة يعود أصله إلي : (الضعف عدم القدرة ، أو السبق) ،ومنه اشتُقّت كلمة المعجزة([1])

فمعنى عجز أي وهن وضعف، وعند قولك عجّزته أو أعجزته، أي أظهرتُ عدمَ قدرته على فعل شيء لضعف في نفسه أو لميزة أمتلكها دونه وهو مضاف إلي العلم والعلم هو الادراك والمعرفة ويقابله الجهل ([2])

والقرآن مشتق من القراءة : ويعرف بأنه كلام الله المعجز المنزل على محمد بواسطة جبريل المنقول بالتواتر المتعبد بتلاوته.

الاعجاز العلمي اصطلاحا:

  • هو ما ذُكر في القرآن الكريم، ثمّ أثبته العلم بعد عهد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، ذلك أنّ القدرات البشريّة حينها لم تُمكّن أصحابها من اكتشافها،([3])
  • وعرّفه الدّكتور زغلول النّجار فقال: هو ورود مجموعة من الحقائق العلميّة في القرآن الكريم قبل ورودها من قِبل العلم، ثمّ جاء العلم بعد ذلك فأقرّ بها([4]).
  • ولعل أدق تعريف بين كل التعريفات التعريف الذى ذكره د.عبد المجيد الوعلان:

 بأن الإعجاز العلمي: يعني تأكيد الكشوف العلمية الحديثة الثابتة والمستقرة للحقائق الواردة في القرآن الكريم والسنة المطهرة بأدلة تفيد القطع واليقين باتفاق المتخصصين، وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم([5]).

  1. امثلة توضيحية لبعض آيات الاعجاز العلمي في القرآن:

أولا: الإعجاز في وحدة الكون تُثبت النظريّات العلميّة أنّ المجموعة الشمسيّة كانت وحدةً واحدةً، وأنّ الأرض جزءٌ منها، إلى أن انفصلت عنها وتغيّرت شيئاً فشيئاً حتّى أصبحت قابلةً للحياة، وقد ورد في القرآن الكريم أنّ السماء والأرض كانتا ملتحمتين، ثمّ فُصل بينهما،([6]). ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) الأنبياء: ٣٠([7])

ثانيا: اكتشاف مراحل خلق الجنين في بطن أمّه، عند الأطباء بعد قوله -تعالى-: (ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) المؤمنون: ١٤. ومنها ظُلمة المحيطات والأمواج الداخليّة في المياه التى ذكرها الله في قوله: ( أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40) النور: ٤٠

وهو ما أثبته الغوّاصون الذين غاصوا إلى أعماق البحار باستخدام الآلات، فوجدوا هذه الظُّلمات التي تحدّثت عنها الآيات الكريمة. ([8])

ثالثا : الإعجاز في بصمة الإنسان، حيث تتشكّل بصمة إصبع الإنسان وهو جنينٌ في شهره السادس في الرحم، وتبقى هذه البصمة حتّى الموت، وإذا ما أُزيلت جراحيّاً فإنّها تعود للنمو بنفس الشكل، ويقول العلماء إنّ البصمة تتكوّن من مئة علامةٍ، فإذا ما تماثلت اثنتي عشرة علامةً منهم، فإنّ البصمة تعدّ لشخصٍ واحدٍ، إضافة إلى أنّ احتماليّة التماثل في المصادفة بين بصمات شخصين نسبتها واحدٌ من أربعةٍ وستّين ملياراً، فحتّى التوأمان المتماثلان لا تتشابه بصماتهما، وقد قال الله تعالى: (أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ*بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ). ([9])

الفوائد والأهداف وراء الاهتمام بدراسته عند القائلين به:

  • إثبات التّوافق بين الحقائق التي يعرضها القرآن الكريم والحقائق التي يُثبتها العلم الحديث، وإظهار نوع جديد من أنواع إعجاز القرآن الكريم.
  • من وسائل تأليف قلوب غير المسلمين للإسلام، بإظهار الوجوه العلميّة في القرآن الكريم، وإثبات الحجّة عليهم.
  • زيادة الإيمان بالله -تعالى- واليقين به بعد التّعرف على ما يظهره القرآن الكريم، ويكشفه من أسرار خلق الله -تعالى- في المواطن الخفية من الكون. ([10])

حثّ المسلمين على التّفكر، وفتح مدارك العلم والمعرفة لهم، ودعوتهم إلى البحث فيها، وقبول كل جديد من العلوم،([11]) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98) الأنعام: ٩٨

  • إثبات أنّ الدّين الإسلاميّ هو دين له اهتمام بالعلم، فقد حثّ الإسلام على العلم وأمر به، وبيّن فضله وفضل العلماء في كثيرة من نصوصه،
  • إظهار معجزة القرآن الكريم الباقية الخالدة وذلك في اكتشاف دقائق مطابقة أخباره الكونية،فلا يبقي لأحد مجال لتصديق ربانيته.
  1. ضوابط الإعجاز العلمى

ومع أن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة يمثل شاهداً إضافياً على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه ليس مجالا للادعاء متروكا لكل غيور أن يوجد ماشاء متي شاء

وعليه لا يعتبر أي ادعاء بوجود أي نوع من المجاز العلمي إلا بعد ثبوت تحقيق مناطه والذي يتمثل بحقيقتين هما: 

    • أولاً / ثبوت اكتشاف هذه الحقيقة من قبل العلماء بشكل مستقر وذلك بعد برهنة المتخصصين في مجالها على ثبوتها . 
    • ثانياً / صحة الدلالة على تلك الحقيقة في نص من نصوص القرآن الكريم أو السنة المطهرة وذلك دون تكلف أو اعتساف في الاستدلال([12]).

يعني أنه لا بدّ من اتباع الطرائق التالية:

1  ـ إثبات وجود دلالة في النص على الحقيقة الكونية المراد إثبات وجود إعجاز علمي بصددها . 
 2ـ  ثبوت تلك الحقيقة الكونية علمياً بعد توفر الأدلة التي تحقق سلامة البرهنة عليها . 
3 –  ثبوت استحالة معرفة البشر بتلك الحقيقة الكونية وقت تنزيل القرآن على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والتي اكتشفت لاحقاً في الأزمنة المتأخرة . 

4  ـ تحقق المطابقة بين دلالة النص من كتاب الله عز وجل أو من سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وبين تلك الحقيقة الكونية . 

5- ويشترط في الذي يستدل بالنص ويربطها بالعلم الحديث ان يكون عالما بعلم الدراية والرواية، أو أن يرد ما اكتشفه إلى أهل التخصص والخبرة، وإلا فهو تقوّل على الله، وهو مرفوض لأنه مخطأ من فسر كتاب الله برأيه كما في الحديث([13])

  1. الفرق بين الاعجاز العلمي، التفسير العلمي:

التفسير العلمي : هو الكشف عن معاني الآية أو الحديث في ضوء ما ترجحت صحته من نظريات العلوم الكونية، أو : التفسير الذى يُحَكِّم الاصطلاحات العلمية فى عبارات القرآن، ويجتهد فى استخراج مختلف العلوم والآراء الفلسفية منها.(([14])

– اما الاعجاز العلمي: فهو سبق القران الكريم أو السنة النبوية الصحيحة في الإخبار بحقيقة علمية أثبتها العلم التجريبي، وثبت عدم امكانية ادراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول مما يظهر صدقه صلي الله عليه وسلك فيما بلّغ عن ربّ العزة سبحانه وتعالي([15]).

ومن هنا يتضح لنا أن الفرق بينهما كالتالي:

  • أن التفسير العلمي محض اجتهاد من المفسر لعلاقة أو قرينة يراها بين النص والعلم المكتشف حديثا
  • أن الاعجاز العلمي خبر حقيقي غيبي أخبر به القران، ثم تم اكتشافه والوقوف عليه
  • أن التفسير العلمي هو من قبيل التفسير بالرأي فهو يحتمل الخطأ ، بينما الاعجاز العلمي الصريح نص لا يُحتمَل فيه إلا المطابقة والصدق، لأنه وصف الخالق.
  • أخيرا يجب الانتباه إلى أن هناك عموما وخصوصا بين الاعجاز العلمي والتفسير العلمي، كما ذكره صاحب كتاب الاعجاز العلمي إلى أين، ففي قوله تعالى ( غلبت الروم في أدنى الأرض) فكون المكان الذي غلبت فيه الروم هو أدني الأرض حقيقةً واقعيةً تعتبر اعجازا علميا متي اكشف.

ثم إن الشخص الذي قام أو سيقوم بإثبات تلك الحقيقة بالوسائل الحديثة تعتبر تفاصيل هذه الاجراءت تفسيرا علميا لأن التفسير يقصد به الكشف والبيان عن مضمون الآيات.

  1. رأي العلماء فى الإعجاز العلمي في القران:

انقسم العلماء إلى ثلاث فِرقٍ

أما الفرقة الأخيرة فهي لم تنكر ولم تؤيّد، لكنهم دعوا إلي الالتزام بضوابط تفسير كلام الله، مثل د.مساعد طيار أستاذ في جامعة ملك سعود بالرياض مؤلف الإعجاز العلمي إلى أين.

أ/ الفرقة الأولي: المؤيدون للتفسير العلمي تأييدا تاما وأشهرهم:

من أشهرهم الإمام الغزالي، الفخر الرازي، الزركشي، السيوطي، البيضاوي، نظام الدين النيسابوري، ومن المعاصرين الألوسي، وطنطاوي الجوهري، والإسكندراني، والكواكبي، ومحمد فريد وجدي، والرافعي، والقاسمي وغيرهم كالدكتور زغلول النجار([16]).

– حجتهم :

1/ الاستدلال بظاهر عموم بعض الآيات:

كقوله تعالى: ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) الأنعام: ٣٨

 وقوله سبحانه: (ﭐوَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) النحل: ٨٩

وقوله سبحانه: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) فصلت: ٥٣

 وغير ذلك من الآيات الداعية إلى التفكر والتدبر في خلق الله عز شأنه(2).

2/ وقالوا: إن الله سبحانه وتعالى ملأ كتابه بالاستدلال بالعلم والقدرة والحكمة بأحوال السموات والأرض، وتعاقب الليل والنهار، وكيفية أحوال الضياء والظلام، وأحوال الشمس والقمر والنجوم، وذكر هذه الأمور في أكثر السور وكررها وأعادها مرة بعد أخرى، فلو لم يكن البحث عنها والتأمل في أحوالها جائزا لكان عبثا.

3- أن العلم الحديث قد يكون ضروريا لفهم بعض المعاني القرآنية، وليس هناك ما يمنع من أن يكون فهم بعض الآيات فهما دقيقا متوقفا على تقدم بعض العلوم، فتكون الحقيقة العلمية من قواعد الترجيح في التفسير إذا كان للآية أكثر من معنى فيتعين أن يؤخذ بالمعنى الذي تؤيده الحقائق العلمية ([17])

4- تحقق فوائد كثيرة ومنافع كبيرة من التفسير العلمي، ومنها:

أ- إدراك وجوه جديدة للإعجاز في القرآن الكريم بإثبات التوافق بين حقائق القرآن الكريم وحقائق العلم.

ب- استمالة غير المسلمين إلى الإسلام وإقناعهم به ببيان إعجاز القرآن العلمي، وإقامة الحجة عليهم بذلك.

ج- امتلاء النفوس إيمانا بعظمة الله جل جلاله وعظيم سلطانه وقدرته بعد الوقوف على أسرار الكون التي كشفها القرآن([18])

ب/ ابرز المعارضين للإعجاز العلمى:

ومن المعارضين للاعجاز العلمي أبو حيان الأندلسي، والشاطبي، ومحمود شلتوت، وأمين الخولي، وسيد قطب وغيرهم.

حجتهم: واستدل المعارضون للتفسير العلمي بأدلة منها:

1- أن للتفسير شروطا وقيودا قررها العلماء ينبغي الالتزام بها فلا يكون تفسير القرآن مباحا لكل من حصل علما من العلوم وغابت عنه علوم أخرى لا بد منها للمفسر. ومن ذلك عدم تحميل ألفاظ القرآن معاني وإطلاقات لم توضع لها ولم تستعمل فيها.

2- أن القرآن الكريم كتاب هداية وإرشاد وليس بكتاب تفصيل لمسائل العلوم ونظرياته ودقائق الاكتشافات والمعارف، ومن طلب ذلك من القرآن فقد أساء فهم طبيعة هذا القرآن ووظيفته.

3- أن التفسير العلمي مدعاة إلى الزلل لدى أكثر الذين خاضوا فيه من المعاصرين؛ لأن عملية التوفيق تفترض غالبا محاولة للجمع بين موقفين يتوهم أنهما متعاديان ولا عداء، أو يظن أنهما متلاقيان ولا لقاء([19]).

4- أن تناول القرآن بهذا المنهج يضطر المفسر إلى مجاوزة الحدود التي تحتملها ألفاظ النص القرآني لأنه يحس بالضرورة متابعة العلم في مجالاته المختلفة فيتعجل تلمس المطابقة بين القرآن والعلم تعجلا غير مشروع.

5- أن ما يكشف من العلوم إنما هو نظريات وفروض قابلة دائما للتغيير والتبديل، والتعديل، والنقض، والإضافة بل قابلة لأن تنقلب رأسا على عقب، ومن ثم فلا يصح أن نعلق الحقائق القرآنية النهائية بمثل تلك النظريات حتى لا نقف محرجين عند ثبوت بطلان تلك النظرية([20]).

الخلاصة

وتأتي نتيجة هذه المحاضرة في النقاط الآتية:

أولا: أن اعتراض بعض العلماء على هذه المادة ليس اعتراضا على حقيقتها وأصلها ، وإنما هو اعتراض يمكن تلخيصه في نقاط

أ/ اعتراض على بعض تصرفات المهتمين بهذا العلم ، إما لعدم أهليتهم لشرح كلام الله ، أو لجعل بعضهم العلمَ الحديث هو المعيار لتفسير الآيات،لينتج ذلك تحريف كلام الله، أو انتقاصه

ب/ أنه اعتراض علي العنوان والمصطلحات، لأنها مصطلحات عدلت عن مصطلحات الشارع والمصطلح المعروف عند السلف إلى مصطلحات أجنبية استعمارية، تحمل في باطنها الاستخفاف بالأديان كما ذهب إلى ذلك،د. مساعد طيار، وهو رأي سديد، فلماذا ينسب بقية الاعجازات إلى موضوعها ولا ينسب اعجاز العلم الحديث إلى موضوعه، ثم نسب إلى العلم المطلق وكأن غير ذلك مما في القرآن غير علم، وهذا هو قصد صاحب الاستعمار من تقسيم العلوم إلى أدبيات أو إلاهيات ، وعلمية.

جـ/ خوفاً من إلحاق الشكّ والتناقض إلى آيات القران لأن الدراسات الحديثة للكون هي دراسة مبنية على الفرضيات وهى في الغالب متنافدة ومتناقضة

ثانيا: أن موضوع الاعجاز العلمي: يتمحور حول إثبات سبق القران إلى ذكر حقيقة كونية تم كشفها أخيرا،مع تعذر وصول البشر إليها وقت التنزيل.

ثالثا: أن الهدف منه: إثبات صدق النبي صلي الله عليه وسلم بأن القرآن وحي من عند الله رب العالمين، ليكون ذلك موجبا للإيمان به وعبادته وحده دون شريك.

أخيرا: أن اثبات الاعجاز العلمي داخل تحت باب التفسير بالرأي لذا لابدّ من أن تتوفر فيه شروطه،

[من المؤلفات في الإعجاز العلمي]

هناك مؤلفات كثيرة في الإعجاز العلمي للقرآن الكريم أذكر منها:

1- الجواهر في تفسير القرآن الكريم: طنطاوي جوهري.

2- كشف الأسرار النورانية القرآنية: محمد بن أحمد الإسكندراني.

3- القرآن ينبوع العلوم والعرفان: علي فكري

4- ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة البرهان: محمود شكري الألوسي.

5- التفسير العلمي للآيات الكونية في القرآن: حنفي أحمد.

قائمة المراجع:

  1. الاعجاز العلمي إلي أين مساعد طيار. لسان العرب المؤلف : محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري الناشر : دار صادر – بيروت الطبعة الأولى مادة عجز 5/369
  2. مساعد الطيار (1433هـ)، الإعجاز العلمي إلى أين؟ (الطبعة الثانية)، المملكة العربية السعودية : دار ابن الجوزي.
  3. مناهج جامعة المدينة العالمية، الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، ماليزيا : جامعة المدينة العالمية.
  4. الآيات الكونية دراسة عقدية ل د.عبد المجيد الوعلان.
  5. صلاح نجيب الدق (26-3-2017)، “الإعجاز العلمي في القرآن”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-2-2019.
  6. عبد الله المصلح ، قواعد تناول الإعجاز العلمي والطبي في السنة وضوابطه، المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
  7. القران والتوراة والانجيل بمقياس العلم الحديث تأليف د.موريس بوكاي ،ترجمة عادل يوسف،- االأهلية للنشر والتوزيع- الطبعة الأولي: 2009.
  8. فهد الرومي (2003)، دراسات في علوم القرآن الكريم (الطبعة الثانية عشر).
  9. قواعد تناول الإعجاز العلمي والطبي في السنة وضوابطه، المدينة المنورة عبد الله المصلح.
  10. مجموعة من المؤلفين (2002)، الموسوعة القرآنية المتخصصة، مصر: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، صفحة 695، بتصرف.
  11. محمد راتب النابلسي (2005)، موسوعة علوم القرآن (الطبعة الثانية)، دمشق: دار المكتبي، جزء 1.
  12. مصطفى مسلم (2005)، مباحث في إعجاز القرآن (الطبعة الثالثة)، دمشق: دار القلم، صفحة.
  13. مجموعة من المؤلفين (2002)، الموسوعة القرآنية المتخصصة، مصر: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
  14. محمد حسين الذهبي التفسير والمفسرون 4/380
  15. أمين الخولي : مناهج التجديد ص 287،عبد الرحمن العك : أصول التفسير وقواعده : ص 217. ، تفسير الميزان : ج 1.
  16. كتاب دراسات في علوم القرآن لفهد الرومي – المؤيدون للتفسير العلمي – المكتبة الشاملة الحديثة.

الهوامش:

  1. () راجع الاعجاز العلمي إلي أين مساعد طيار. لسان العرب المؤلف : محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري الناشر : دار صادر – بيروت الطبعة الأولى مادة عجز 5/369
  2. () راجع قواميس اللغة ولسان العرب مادة عجز
  3. () مساعد الطيار (1433هـ)، الإعجاز العلمي إلى أين؟ (الطبعة الثانية)، المملكة العربية السعودية : دار ابن الجوزي ، صفحة 168.
  4. () راجع الاعجاز العلمي إلي أين مساعد طيار. لسان العرب المؤلف : محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري الناشر : دار صادر – بيروت الطبعة الأولى مادة عجز 5/369
  5. () راجع قواميس اللغة ولسان العرب مادة عجز
  6. () صلاح نجيب الدق (26-3-2017)، “الإعجاز العلمي في القرآن”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-2-2019. بتصرّف.
  7. () عبد الله المصلح ، قواعد تناول الإعجاز العلمي والطبي في السنة وضوابطه، المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 27.
  8. () فهد الرومي (2003)، دراسات في علوم القرآن الكريم (الطبعة الثانية عشر)، صفحة 293 [
  9. () انظر كتاب ، قواعد تناول الإعجاز العلمي والطبي في السنة وضوابطه، المدينة المنورة عبد الله المصلح.
  10. () مجموعة من المؤلفين (2002)، الموسوعة القرآنية المتخصصة، مصر: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، صفحة 695، بتصرف.
  11. () انظر ايضا: موقع الإعجاز العلمي في القران والسنة مركز اسطنبول.
  12. () محمد راتب النابلسي (2005)، موسوعة علوم القرآن (الطبعة الثانية)، دمشق: دار المكتبي، صفحة 17، جزء 1. بتصرّف.مصطفى مسلم (2005)، مباحث في إعجاز القرآن (الطبعة الثالثة)، دمشق: دار القلم، صفحة 160-161. بتصرّف. مجموعة من المؤلفين (2002)، الموسوعة القرآنية المتخصصة، مصر: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، صفحة 698-699. بتصرّف
  13. () محمد حسين الذهبي التفسير والمفسرون 4/380
  14. () أمين الخولي : مناهج التجديد ص 287،عبد الرحمن العك : أصول التفسير وقواعده : ص 217. ، تفسير الميزان : ج 1 ، ص 7- 8. ، د.مساعد الطيار كتاب الاعجاز العلمي إلى أين..؟
  15. () كتاب دراسات في علوم القرآن لفهد الرومي – المؤيدون للتفسير العلمي – المكتبة الشاملة الحديثة ص291
  16. () انظر دراسات في علوم القران تاليف فهد الرومي ص 292-293.
  17. () انظر دراسات في علوم القران تاليف فهد الرومي ص 292-293.
  18. () انظر دراسات في علوم القران تاليف فهد الرومي ص 292-293.
  19. () كتاب دراسات في علوم القرآن فهد الرومي – المعارضون للتفسير العلمي – المكتبة الشاملة الحديثة ص293
  20. () راجع: الاعجاز العلمي إلي أين،د مساعد طيار