د. مها حسب الرسول عبد الله شكيري1
1 جامعة الملك خالد، المملكة العربية السعودية
بريد الكتروني: mahashekary@gmail.com
HNSJ, 2023, 4(5); https://doi.org/10.53796/hnsj457
تاريخ النشر: 01/05/2023م تاريخ القبول: 09/04/2023م
المستخلص
يهدف البحث إلى التعرف على أصل من أصول الدين الإسلامي وهو مفهوم الجن في الإسلام والنصرانية. وانتظم البحث في سبعة مباحث، بيَّن الأول مفهوم الجن في الإسلام، وأشار الثاني إلى أسماء الجن في كتب اللغة، وكشف الثالث عن الأدلة الدالة على وجود الجن، وأفصح الرابع عن مراتب وأوصاف الجن، واستعرض الخامس الجن عند النصارى، واشتمل السادس على أعمال الجن في الأسفار النصرانية، ووضح المبحث السابع جزاء الجن في النصرانية.
وأهم ما توصل اليه البحث اتفاق جميع الأديان السماوية حول وجود الجن مع اختلافهم في بعض الأمور التفصيلية، كما انه لا مجال لمعرفة الجن إلا بنصوص الكتاب والسنة، وأهم ما أوصى به البحث الاهتمام بدراسة الأديان والأبحاث التي تتناول الكشف عن الغموض الذي يحيط بالديانة النصرانية.
الكلمات المفتاحية: الإسلام، الجن، النصارى.
Jinn between Islam and Christianity
A comparative nodal study
Dr. Maha Hasab Al-Rasoul Abdullah Shekari1
1 King Khalid University, Kingdom of Saudi Arabia
Email: mahashekary@gmail.com
HNSJ, 2023, 4(5); https://doi.org/10.53796/hnsj457
Published at 01/05/2023 Accepted at 09/04/2023
Abstract
The research aims to identify one of the origins of the Islamic religion, which is the concept of jinn in Islam and Christianity. The research was organized in seven sections, the first explained the concept of jinn in Islam, the second referred to the names of jinn in language books, the third revealed evidence of the existence of jinn, the fourth disclosed the ranks and descriptions of jinn, the fifth reviewed the jinn among Christians, and the sixth included the works of jinn in The Christian travels, and the seventh topic clarified the punishment of the jinn in Christianity.
The most important findings of the research are the agreement of all the heavenly religions on the existence of the jinn with their differences in some detailed matters, and there is no way to know the jinn except in the texts of the Book and the Sunnah
Key Words: Islam, Jinn, Christians.
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده وتستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
فلقد خلق الله تعالى الخلق، وخلق الخير والشر، وأرسل الرسل للناس تعلمهم وترشدهم إلى الخير، وخلق الله إبليس، وقد كان من الجن ففسق عن أمر ربه، وأقسم لِربه ليغوين بني آدم، وطلب من ربه تعالى أن ينظره إلى يوم الدين، وقد كان له ذلك.
وإبليس اللعين حرص من أول الأمر على معرفة طبيعة آدم وبنيه حتى يسهل عليه إغواءهم فقد روى الإمام مسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لما صوَّرَ اللهُ آدمَ في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه، فجعل إبليسُ يُطيفُ به، ينظر ما هو، فلما رآه أجوفَ عَرف أنه خُلِقَ خَلْقًا لا يَتَمالَك) ([1]). قال النووي في شرح الحديث قوله صلى الله عليه وسلم (جعل يطيف به) قال اهل اللغة طاف بالشيء يطوفُ طوْفًا وطوَافًا وَأَطاف يُطِيفُ إِذَا اسْتدَارَ حواليهِ قولهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فلمَّا رَآهُ أَجوفَ) علم أَنَّه خُلِق خَلقًا لا يتمالَكُ. وقيل الْأَجوف هو صَاحب الجوفِ وقيل هوَ الذي داخله خال ومعنى لَا يتمالكُ لَا يملِك نفسهُ ويحبِسهَا عن الشَّهواتِ وَقِيلَ لَا يملك دفع الْوسواس عنهُ وقيل لَا يملِك نفسه عند الْغضب والْمراد جنسُ بنِي آدم ([2]).
وحتى ينجح المؤمنون من الإفلات من إبليس وجنوده ينبغي أن يتعرفوا عليه وعلى خلقه هو وذريتهُ، أسماءهم وصفاتهم وكيفية الوقاية منهم، ولا يتسنى ذلك إلا من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية وأيضاً نسعى في هذه المقالة لدراسة رؤية النصارى حول الجنّ، بنظرةٍ إجماليّة مختصرة، مع الاعتماد على المصادر الأصلية لكلّ دينٍ.
أسباب اختيار الموضوع:
التعرف إلى مفهوم عالم الجن في الإسلام والنصرانية من حيث أصلُ الخلقة، ورتبهم، وأسماؤهم، وأهم الأعمال التي يقومون بها، ومقارنة ذلك بالديانة النصرانية بالرجوع إلى العهد الجديد من الكتاب المقدس، وإلى تفاسيرهم للكتاب المقدس، ومقارنة كل ذلك بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
أهمية الدراسة:
تكمن أهمية دراسة الموضوع في أنه يتناول عدداً من المسائل التي لها أصل عقدي في الدين والتدين. وقد يكون مدخلاً أساساً للدعاة المسلمين في دعوة أصحاب الديانات الأخرى وأن التصديق بالغيبيات عند المسلمين من كمال الإيمان قال تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) ([3]). ثم أن هنالك سبباً آخر هو الوقوف على عقيدة النصارى في الجن ومدى إيمانهم بهم، وهل يؤمن النصارى بأن هناك جن مسلم موحد ام كلهم أشرار عندهم.
أهداف الدراسة:
ــ دراسة الأدلة القرآنية والسنة النبوية دراسة متأنية، من خلال تناول النصوص الدالة على إثبات الجن والاستفادة منها.
ــ كونه يناقش موضوعاً حيوياً من الموضوعات الإيمانية الغيبية المهمة في حياة الإنسان.
ــ إثراء موضوع مقارنة الأديان لاحتياج الإنسان المعاصر لهذا العلم بعد أن أصبحت ثورة المعلومات تتدفق من كل اتجاه.
ــ إظهار التحريف الذي طال النصرانية والعمل على دراسة الأديان دراسة علمية نقدية لصد تيارات التبشير النصراني الجارفة.
فروض الدراسة:
- نظرة الإسلام إلى الأديان السماوية السابقة وإقرار أنها وحي من السماء.
- الإسلام كاشف للتحريف الذي لحق بالنصرانية.
- الجن من مخلوقات الله تعالى ولها خصوصيات.
- تأثير الجن على عقائد الناس وإراداتهم وأعمالهم.
- موقف الإسلام من الاعتقادات الغيبة المحرفة.
منهج الدراسة:
اتبع الباحث المنهج الوصفي التحليلي إضافة للمنهج التاريخي والمنهج المقارن.
تتكون خطة البحث من مقدمة، أهمية البحث، أهداف البحث، مشكلة البحث، أسئلة البحث، منهج البحث.
وجاءت هذه الدراسة على النحو التالي:
المبحث الأول: مفهوم الجن في الإسلام.
المبحث الثاني: أسماء الجن في كتب اللغة.
المبحث الثالث: الأدلة الدالة على وجود الجن.
المبحث الرابع: مراتب وأوصاف الجن.
المبحث الخامس: الجن عند النصارى.
المبحث السادس: أعمال الجن في الأسفار النصرانية.
المبحث السابع: جزاء الجن في النصرانية.
الخاتمة: وتشتمل على أهم النتائج والتوصيات
فهرس المصادر والمراجع
المبحث الأول: مفهوم الجن في الإسلام
تعريف الجن:
هم نوع من الأرواح العاقلة، المريدة، المكلفة على نحو ما عليه الإنسان، مجردون عن المادة، مستترون عن الحواس، لا يرون على طبيعتهم، ولا بصورتهم الحقيقية، ولهم قدرة على التشكل، يأكلون، ويشربون، ويتناكحون، ولهم ذرية، محاسبون على أعمالهم في الآخرة، قال الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)([4]). وعالم الجن كعالم الملائكة من حيث إنه غيب يجب الإيمان به مع الاختلاف في أصل الخلق، فالملائكة خلقت من نور، والجان خلق من نار، والملائكة لا يأكلون، ولا يشربون، ولا يتناسلون، ولا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، بخلاف الجن فإنهم يأكلون ويشربون، ولهم ذرية، منهم العصاة، ومنهم الصالحون، فهما عالمان محجوبان عنا لا تدركهما أبصارنا، ولكنهما عالمان مختلفان في أصلهما وصفاتهما، ولفظ الجن ورد في القرآن الكريم في تسعة وخمسين موضعاً([5]) الجن: ضد الإنس، وسميت بذلك لأنها تتقى ولا ترى([6]).قال تعالى: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ)([7]).
المبحث الثاني: أسماء الجن في كتب اللغة
إبليس: ذكر بعض العلماء أن إبليس اسم عربي، على وزن إفعيل، مشتق من الإبلاس، وهو الإبعاد من الخير، أو اليأس من رحمة الله (([8]).
والإبلاس معناه في اللغة: القنوط وقطع الرجا من رحمة الله تعالى، وقيل الانكسار والحزن، يقال أبلس فلان إذا سكت غماً وحزناً([9]).
الشيطان: ذكر جماعة من أهل اللغة أن الشيطان نونه أصلية على وزن فيعال مشتق من شطن: أي بعد، فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر، وبعيد بفسقه عن كل خير، وشيطن وتشيطن، صار كالشيطان وفعل فعله، فالشيطان مخلوق من النار كما دل عليه القرآن الكريم، ولكونه من ذلك اختص بفرط القوة والحمية الذميمة وامتنع من السجود، والشيطان ضرب من الحيات قبيح الخلقة([10]).
المبحث الثالث: الأدلة الدالة على وجود الجن
القول الحق المبين في هذه المسألة أن الجن عالم ثالث غير الملائكة والإنس وأنهم مخلوقات عاقلة وواعية ومدرِكة وأنهم عباد لله مكلَّفون ومقهورون ومأمورون ومنهيون بأوامر الشرع ومن أنكر أصل وجودهم أنكر آيات صريحة وأحاديث صحيحة ويكفر بإنكاره ما ثبت قطعياً بالأدلة الصحيحة والصريحة إذا توفرت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع.
ومن الأدلة الدالة على وجود الجن التالي:
1.النصوص القرآنية: ذَكرَ اللهُ تعالى الجِنَّ في مَواضِعَ عَديدةٍ من كِتابِه الكَريمِ. تقرر وجود الجن كقوله تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا ([11]).
2.المشاهدة والرؤية: كثير من الناس في عصرنا وقبل عصرنا شاهد شيئاً من ذلك، وإن كان كثير من الذين يشاهدونهم ويسمعونهم لا يعرفون أنهم جنّ؛ إذ يزعمون أنّهم أرواح، أو رجال الغيب، أو رجال الفضاء. وأصدق ما يروى في هذا الموضع رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم للجن، وحديثه معهم، وحديثهم معه، وتعليمه إياهم، وتلاوته القرآن عليهم. إذا كان الإنسان لا يرى الجن فإنّ بعض الأحياء يرونهم كالحمار والكلب، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم صياح الديكة، فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمار، فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنه رأى شيطاناً)([12]). ورؤية الحيوان لما لا نرى ليس غريباً، فقد تحقق العلماء من قدرة بعض الأحياء على رؤية ما لا نراه، فالنحل يرى الأشعة فوق البنفسجية، ولذلك فإنّه يرى الشمس حال الغيم، والبومة ترى الفأر في ظلمة الليل البهيم([13]).
3.رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى الإنس والجن: أجمعَ جَميع المسلِمينَ أنَّ نَبِيَّنا صلَّى اللهُ عليه وسلم مرسَل إلى الجنِ والإنسِ معا، وأنَّه بلَّغَ الرسالةَ لِمَنِ استطاعَ أن يبَلِّغَه مِنَ الجنسينِ، يقول ابن تيمية: ” وهذا أصل متفق عليه بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين، وسائر طوائف المسلمين: أهل السنة والجماعة، وغيرهم. يدل على ذلك تحدي القرآن الجن والإنس، (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)([14]) ، وقد سارع فريق من الجن إلى الإيمان عندما استمعوا القرآن ([15]).
وقال ابن تيمية: “يجب على الإنسان أن يعلم أن الله عز وجل أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم إلى جميع الثقلين: الإنس والجن وأوجب عليهم الإيمان به وبما جاء به، وطاعته، وأن يحللوا ما أحله الله ورسوله، وأن يوجبوا ما أوجبه الله ورسوله، ويحبوا ما أحبه الله ورسوله، ويكرهوا ما كرهه الله ورسوله، وأن كل من قامت عليه الحجة برسالة محمد صلى الله عليه وسلم من الإنس والجن
فلم يؤمن به استحق عقاب الله كما يستحقه أمثاله من الكافرين الذين بعث إليهم الرسول”([16]).
الخـلاصة: أنه لم يبعث إلى الجن رسل منهم، بل الرسل من الإنس فقط، وهم رسل الله، والنذر من الجن وهم رسل الرسل، وأجمعوا على أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم بعث للجن والإنس، قال ابنُ القَيِّمِ: (لَما كان الإنس أكملَ منَ الجن وأتم عقولًا ازدادوا عليهم بثَلاثة أصنافٍ أُخر لَيسَ شَيءٌ مِنها للجِن، وهم: الرُسل، والأنبياءُ، والمقَربونُ، فلَيسَ في الجِنِّ صِنف من هَؤُلاءِ، بل حليتهم الصَّلاحُ)([17]).
المبحث الرابع: مراتب وأوصاف الجن
أولاً: مراتب الجن
وقال ابن عبد الله: الجن عند أهل الكلام والعلم باللسان على مراتب: (الجن عند أهل الكلام ً منزلون على مراتب، فإذا ذكروا الجن خالصا قالوا: جني، وإذا أرادوا أنه ممن يسكن مع الناس في البيوت قالوا: عامر، ويجمع على عمار، وإن كان ممن يعرض للصبيان قالوا: أرواح، وإذا خبث فهو شيطان، وإذا زاد على ذلك فهو مارد، وإذا زاد على ذلك قالوا: عفريت، وكبير الجن يقال له إبليس) ([18])
وقد ثبت وجود الجن بالقرآن والسنة والإجماع، فلا مجال لإنكاره، ومن أنكر الجن فقد كفر، بل ولا مجال لإنكار قدرتهم على التشكل في صور كذا وكذا، قال تعالى:﴿ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) ([19]).
وفي الحديث (إن بالمدينة نفر ًا من الجن قد أسلموا، فمن رأى شيئا من هذه العوامر فليؤذنه ثلاثاً، فإن بدا له بعد فليقتله فإنه شيطان) ([20]).
وقـد قـال عمـر-رضـي الله ً عنـه -: (إن أحـدا منهـم لا يسـتطيع أن يتغيـر عـن صورتـه التـي خلقـه الله عليهـا، ولكـن لهـم سـحرة كسـحرتكم، فـإذا رأيتـم ذلـك فأذنـوا). ولابن عابديـن قولـه بقدرتهـم علــى التشــكل، وهــذا التشــكل كمــا يقــول ثابــت بالأحاديث والآثار والحكايــات. واتفــق العلمــاء علــى أن الجـن أغلبيتهـم يوجـدون فـي مواضـع المعاصـي والنجاسـات، وفـي الحديـث أن الرسـول صلى الله عليه وسلم قـال: (إن هـذه الحشـوش محتضـرة، فـإذا أتـى أحدكـم الخـلاء فليقـل: اللهـم إنـي أعـوذ بـك مـن الخبـث والخبائـث) ([21]).
ويأكلــون الفضلات ولا ســيما العظــام، لذلــك فــإن الرســول صلى الله عليه وسلم نهــى أن يســتنجى بالعظــم والــروث، فالعظـم زاد الجـن والـروث علـف الـدواب، ودخـول الجـن بـدن الإنسان معقـول، لأن أجسـام الجـن رقيقـة، فيدخلـون فـي جـوف الإنسان مـن خروقـه.) ([22]) والجـن فـي النهايـة كالإنس مكلفـون بالعبـادة، فيثابـون علـى الطاعـة، ويعاقبـون علـى المعصيـة.
ثانياً: أوصاف الجن كما ذكرت في القرآن الكريم:
الجن عالم غيبي يتميز بقدرات متفاوتة وقد وصف في القرآن الكريم بما يلي:
1. قرين: والقرين في اللغة الملازم السوء([23]). والقرين ورد في القرآن الكريم كناية عن الشيطان في قولة تعالى: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)([24]) فالقرين شيطانُ ماردُ يقارنه ويصاحبه، ويعده ويمنيه، ويؤذه إلى المعاصي أزاً([25]).
2. مريـد: ورد وصف الشيطان بالمريد في قوله تعالى: (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا)([26])، والمارد في اللغة هو العاتي الشديد العتو([27]). الماردُ من الرجال العاتي الشديد وأَصله من مَرَدة الجن والشياطين، وشَيْطَانٌ مَرِيد ومارِدٌ واحِدٌ، وهو الخَبِيثُ المُتَمَرِّدُ الشِّرِّير.
3. رجيـم: في اللغة المبعد المطرود، والرجم (اللعن)، ومنه الشيطان الرجيم أي الملعون المرجوم باللعنة، وهو مجاز، ويكون بمعنى الهجران، وأيضا (الطرد)، والأصل في الرجم (رمى بالحجارة)([28]). والرَّجْم أيضاً: اسم لما يُرجم به الشيء المرجوم، وجمعه رُجُوم، قال الله في الشُّهُب: (وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ)([29]) أي جعلناها مرمياً بها لهم.
4.عفـريت: ورد وصف لبعض الجن بالعفريت قال تعالى: (قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ)([30]). والعفريت من الشياطين القوي المارد، وتعفرت الرجل إذا تخلق بخلق الأذية، وقيل: عفريت أي رئيس من الجن مارد قوي وهو الشديد الوثيق النافذ في الأمور، المبالغ فيه مع خبث ودهاء([31]).والعفريت هو القوي النشيط([32]) وهو موافق لما ذكر أهل اللغة([33]).
5. طاغوت: الطاغوت في اللغة: قال الرّاغب الأصفهاني في مفردات القرآن: الطاغوت عِبارة عن كل متعدّ وكل معبود من دون الله، ويستعمل في الواحد والجمع ، ولما تقدّم سُمِّيَ الساحر والكاهن والمارِد والجن والصارف عن طريق الخير طاغوتًا ولقد جاء لفظ “الطاغوت” في القرآن الكريم في أكثر من موضع بمعنى الشيطان ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )([34])، قال البغوي يعني الشيطان([35]).قال ابن عباس وعكرمة: الطاغوت في هذه الآية الشياطين([36]).
6. غـرور: الْغَرُورُ : كلّ ما يـَغُرُّ الإنسان من مال وجاه وشهوة وشيطان ([37])والغرور في اللغة الشيطان، ومنه قوله تعالى: (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)([38])، وقد ورد لفظ “الغرور” في القرآن الكريم بمعنى الشيطان في ثلاثة مواضع هي: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)([39]). قال البيضاوي في تفسير الغرور من هذه الآية “الشيطان بأن يرجيكم التوبة والمغفرة فيجسركم عن المعاصي”([40])، قال ابن جرير في تفسير هذه الآية: “ولا يخدعنكم بالله الشيطان فيمنيكم الأماني ويعدكم من الله الوعود الكاذبة، ويحملكم على الإصرار على كفركم بالله”([41]). وقوله تعالى: (يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)([42])، يقول السعدي: “وهو الشيطان الذي زين لكم الكفر والريب فاطمأننتم به ووثقتم بوعده وصدقتم خبره”([43]).
7. الوسواس: والوسواس في اللغة: هو اسم الشيطان قال تعالى: (مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ)([44])،
قال الزجاج: يعني: الشيطان ذا الوسواس ” الخناس ” الرجاع، وهو الشيطان جاثم على قلب الإنسان، فإذا ذكر الله خنس وإذا غفل وسوس
قال ابن كثير: هو الشيطان الموكل بالإنسان، فإنه ما من أحد من بني آدم إلا وله قرين يزين له الفواحش ولا يألوه جهداً في الخبال، والمعصوم من عصم الله، وقد ثبت في الصحيح أنه: (ما منكم من أحد إلا قد وُكِل به قرينه”. قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: “نعم، إلا أن الله أعانني عليه، فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير”([45]) وثبت في الصحيح، عن أنس في قصة زيارة صفية النبي صلى الله عليه وسلم وهو معتكف، وخروجه معها ليلاً ليردها إلى منزلها، فلقيه رجلان من الأنصار، فلما رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال رسول الله: “على رسلكما، إنها صفية بنت حُيي”. فقالا سبحان الله، يا رسول الله. فقال: “إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا، أو قال: شرًا)([46]). وفيه دلالة على أن القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغُلِب، وإن لم يذكر الله تعاظم وغلب([47]).
المبحث الخامس: الجن عند النصارى
تعتقـد النصـارى أن الجـن كلهـم شـياطين لا خيـر فيهـم، وهـم أقـوى مـن الإنسان، وهـم سـبب جميـع خطايـا البشـر، لذلـك يسـمونهم بالأرواح غيـر النظيفـة، والأرواح الشـيطانية، كمـا فـي الأدب السـرياني، ويعتقــد أنهــم يعيشــون فــي الأماكــن الوســخة ([48]).
والشــيطان يعــد المســئول الأول عــن خطايــا البشــر فــي الإنجيل، وعــن ســقوط الإنسان وعبادتــه للعجــل عندمــا أخبرهــم موســى أنــه لــن يعــود مــن طــور ســيناء ([49]).
وهـو موافـق للمفهـوم الإسلامي، قـال ابـن تيميـة (يوجـدون كثيـرا فـي الخـراب والفلـوات، ويوجـدون فـي مواضـع النجاسـات كالحمامـات والحشـوش والمزابـل والمقابـر ([50]).
أمــا عــن عبــادة العجــل فقــد بــرأ الســامري الشــيطان مــن هــذه الخطيئــة، ونســبها إلــى نفســها كمــا أخبرنا الله تعالى (قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا)([51]) . ويذكـر الشـيطان خمسـا وثلاثين مـرة فـي العهـد الجديـد ([52]) والنصـارى أظهـروا أكثـر مـن السـهود خصومـة الشـيطان، فقالـت موسـوعة الأديان فـي العهـد الجديـد: اسـتعمل كلمـة شـيطان ليعنــي خصم ً للإله بعــد أن كان يعنــي خصمــا فقــط فــي العهــد القديــم ([53]).
ويوضـح قامـوس الكتـاب المقـدس أن سـبب سـقوط الشـيطان كان مـن تكبـره وغيرتـه مـن الإنسان الأول (آدم عليـه السلام) مـع عظـم خلقـه وتميـزه عـن باقـي الملائكة، فجاء فيه:( والشـيطان بشـكل خـاص ً كان غيـورا مـن الإنسان الأول وغيرتـه هـذه قادتـه إلـى الهاويـة، لرفضـه السـجود إلى آدم بعـد أن نفـخ الله فيـه مـن روحـه، ودعـا جميـع الملائكة للسـجود، إلا أن الشـيطان وهـو أعظـم الملائكة فـي الجنـة المتميـز بأجنحتـه السـبعة بـدلا مـن السـتة رفـض الانقياد لأمر الله ([54]).
وهـذا المفهـوم موافـق للمفهـوم الإسلامي مـن حيـث إن طـرد إبليـس مـن الجنـة كان بسـبب حسـده َ وتكبـره ورفضـه السـجود لآدم عليـه السلام قال تعالى (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيديَّ أَستَكبرتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ) ([55]).
أمـا مـن حيـث تميـزه فقـد كان إبليـس مـن أشـرف الملائكة وأكرمهـم قبيلـة، يقـول الواعـظ الشـهير بللــي جراهــام فــي وصــف الشــيطان (كانــت أعظــم كارثــة فــي تاريــخ الخليقــة هــي عصيــان لوســيفير (الشـيطان) ضـد الله، والتـي تبعهـا سـقوط حوالـي عـدد من الملائكة التـي اشـتركت معـه فـي عصيانـه وشــره ([56]).
وبسـبب عظـم معصيـة الشـيطان بالنسـبة لمعصيـة آدم وحـواء بقولـه: (إن خطيئتـه أعظـم بكثيـر مـن خطيئـة الإنسان، لأنه سـقط مـن غيـر أن يجـر بـه أحـد، فـي حيـن أن خطـأ آدم وحـواء حـدث بعـد أن خدعهمـا الشـيطان. (
وهــذا مخالــف للمفهــوم الإسلامي لأن عظــم خطيئــة إبليــس كان بســبب إصــراره علــى الذنــب، ورفضـه أوامر اللهً حسداً وكبـرا، امـا آدم عليـه السلام فتلقـى كلمـات مـن ربـه فتـاب عليـه كمـا قـال تعالى (فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) ([57]).
يقول صاحـب موسـوعة علـم اللاهـوت (إن كل شـيء حـي إمـا يكـون صالح ً بكليتـه، أو طالحـا ًشريراً بكليتـه، وإمـا أن يكـون الصلاح فيـه غالب ً للشـر أو يكـون الشـر غالبـا للصـلاح أو أن يكـون خيـره وشـره متسـاوين. فالأول هـو الله جـل شـأنه، والثانـي غيـر موجـود لأن اللهً لـم يخلـق شـيئا هـو شـر محـض، والثالـث هـم الملائكة، والرابـع هـم الشـياطين، والخامـس هـو الإنسان) ([58]).
وهـذا التقسـيم فـيه جـرأة علـى مكانـة الخالـق -عـز وجـل-، حيـث أشـركه مـع المخلـوق فـي تقسـيم الصـلاح والفســاد وممــا تنزه الله عــز وجــل، بــل قــد يصــل بصالحــه إلــى مرتبــة الملائكة، والشــياطين َ نـوع مـن الجـن كلـه شـر، أمـا الجـن فيهـم مـن الخيـر والشـر كمـا أخبـر تعالـى عـن قولهـم، فقـال: (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا) ([59]).
المبحث السادس: أعمال الجن في الأسفار النصرانية
يعمل الشيطان دائماً على إفساد الإنسان وإبطال أعماله الصالحة بطرق عديدة، منها:
- تزيين الباطل: الشيطان يزين الخطايا للإنسان ويسميها بغير أسمائها، وبأسلوب يسهل قبوله، ويلبس الخطايا ثياب فضائل. جاء في إنجيل متى (احترزوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَابِ الْحُمْلاَنِ وَلَكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِلٍ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ!)([60]) فالشيطان لا يقدم الخطيئة مكشوفة لئلا يرفضها الإنسان، بل يقدمها باسم آخر، جاء في إنجيل يوحنا (سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ بَلْ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً لِلَّهِ)([61]). فقدم الشيطان خطيئة القتل باسم “الغيرة المقدسة” أو الدفاع عن الدين أو الجهاد المقدس، وربما كان هذا شعور الكتبة الفريسيين وشيوخ الشعب عندما صلبوا المسيح عليه السلام([62]). ومن أمثلة تزيين الباطل أن يسمي الغناء والموسيقى فناً، وأن يسمي البخل، حسن تدبير، أو عدم التبذير. وإذا أراد الشيطان أن يمنع غنياً من أن يدفع للفقراء يقول له: ليس من الخير أن تعودهم التسول والتواكل، إن عدم إعطائهم هو عين الحكمة ليبحثوا عن عمل فجاء عنهم ما يلي: (بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزاً حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ)([63]). وهذا موافق للعقيدة الإسلامية فالشيطان لا يزال بالإنسان يحسن له الباطل ويكرّه إليه الحق حتى يندفع إلى فعل المنكرات، ويعرض عن الحق، كما أخبرنا بذلك القرآن الكريم (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)([64]). وقوله تعالى: (تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)([65]). قال الطبري: “فحسَّن لهم الشيطان ما كانوا عليه من الكفر بالله وعبادة الأوثان مقيمين، حتى كذّبوا رسلهم، وردّوا عليهم ما جاءوهم به من عند ربهم يقول: فالشيطان ناصرهم اليوم في الدنيا، وبئس الناصر”([66]). يقول ابن القيم في هذا الصدد “ومن مكايده أنه يسحر العقل دائماً حتى يكيده، ولا يسلم من سحره إلا من شاء الله، فيزين له الفعل الذي يضره، حتى يخيل إليه أنه أنفع الأشياء، وينفره من الفعل الذي هو أنفع الأشياء له، حتى يخيل له أنه يضره، فلا إله إلا الله كم فتن بهذا السحر من إنسان”([67]).
- التشكيك: إن الشيطان يزرع الشكوك في كل مجال من مجالات الحياة، لأن الإنسان في حالة الشك يكون ضعيفاً يمكن للشيطان أن ينتصر عليه، فهو مثلاً يغرس الشك من جهة التوبة، سواء من جهة إمكانية التوبة أو من جهة قبول الله لها، فهو يصور للإنسان أنه ليس من السهل عليه أن يتخلص من هذه الخطايا التي صارت طبيعة فيه، أو عادة من عاداته، لا يمكنه الاستغناء عنها، ويغرس فيه الشك الكامل في قدرته ويخفي عنه تماماً معونة الله، أو يشكك فيها أيضاً وإذا صمم الإنسان على التوبة فإنه يشككه في قبول الله لتوبته: إما لأنها أتت بعد فوات الفرصة، أو لأنها توبة غير حقيقية، أو لأن خطاياه بشعة من الصعب مغفرتها، وتحتاج إلى عقوبات فوق احتماله. وأيضاً يشكك في الإيمان وفي العقائد، وكل البدع والهرطقات التي قاست منها البشرية هي من صنع الشيطان ومن أفكاره والإلحاد أيضاً من صنع الشيطان([68]). وهذا موافق للتصور الإسلامي فمن أساليب الشيطان زعزعة العقيدة بما يلقيه من شكوك وشبهات في العقيدة وحول الخالق سبحانه وتعالى، قال تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ)([69]) “أن ذلك خبر من الله عما يمس الذين اتقوا من الشيطان، وإنما يمسهم ما طاف بهم من أسبابه، وذلك كالغضب والوسوسة. وإنما يطوف الشيطان بابن آدم ليستزلَّه عن طاعة ربه، أو ليوسوس له. والوسوسة والإستزلال هو “الطائف من الشيطان”([70]).
- التسويف: المقصود بالتسويف تأجيل العمل، فإذا وجد الشيطان الإصرار على العمل الصالح، فإنه يدعوه إلى التأجيل، والمقصود بالتأجيل هو إضاعة الحماس للعمل، أو إضاعة الفرصة، أو ترك الموضوع فترة لعلك تنسى، ويسوف ويؤجل في التوبة والصلاة وعمل الخير، كما جاء في سفر الأمثال (لاَ تَمْنَعِ الْخَيْرَ عَنْ أَهْلِهِ حِينَ يَكُونُ فِي طَاقَةِ يَدِكَ أَنْ تَفْعَلَهُ، لاَ تَقُلْ لِصَاحِبِكَ: اذْهَبْ وَعُدْ فَأُعْطِيَكَ غَداً وَمَوْجُودٌ عِنْدَكَ) ([71]). فالتأجيل لون من ألوان قساوة القلب، والشيطان يدعوه إلى هذه القساوة بالتأجيل فتعتاد على قساوة القلب، وتستمر بعيداً عن الله([72]). وهذا موافق للتصور الإسلامي بالتسويف والتأجيل في الأعمال الصالحة من حيل الشيطان التي أخبرنا عنها، الرسول صلى الله عليه وسلم لنبتعد عنها ونتقيها عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب كل عقدة عليك ليل طويل، فارقد فإن استيقظ فذكر الله، انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)([73]) وهذا التسويف من الشيطان يكون بالوسوسة أو الكسل أو يسند له طول الأمل يقول ابن الجوزي للتسويف وتأجيل العمل “كم قد خطر على قلب يهودي ونصراني” وقال بعض السلف: أنذركم (سوف) فإنها أكبر جنود إبليس”([74]).
- اليـــأس: يذكر صاحب كتاب حروب الشيطان أن من أهم وسائل إبليس ما يوقع به الإنسان بعد مقدمات طويلة تمهيدية، وربما تكون هذه المقدمات سقطات متتالية يوقع فيها ضحيته بلا هوادة حتى يقول لا فائدة، ويضخم له الأخطاء ليقع في اليأس، ويقول: هل من المعقول أن يغفر الله لي كل هذه الاخطاء حتى يشعر بالكفر وهكذا ألا تكون له مغفرة إلى الأبد كما جاء في إنجيل مرقص (وَلَكِنْ مَنْ جَدَّفَ عَلَى روح القدس فَلَيْسَ لَهُ مَغْفِرَةٌ إِلَى الأَبَدِ بَلْ هُوَ مُسْتَوْجِبٌ دَيْنُونَةً أَبَدِيَّةً)([75]). ويقنعه بالسقوط الابدي، وهذا السقوط الكثير سماه الكتاب المقدس صديقاً، ومن طرقه ليوصلك إلى اليأس أنه يغريك بمستويات أعلى منك في العبادة فقد تستمر بالعبادة يوماً أو أكثر، ثم تفشل في الاستمرار. وفي التصور الإسلامي اليأس من صفات الكافرين والطالحين قال تعالى: (قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ)([76]).وقال تعالى على لسان يعقوب (يابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ([77]). وعرف اليأس بأنه: القنوط، وفي التهذيب: اليأس من الخير. وقيل: أشد اليأس من الشيئي([78]).
المبحث السابع: جزاء الجن في النصرانية
يعتقد النصارى أن مصير الشيطان هو الخلود في نار جهنم، نظراً لمعصيته وحسده واستكباره، ومعصيته الحقيقية، التي بسببها استحق الطرد واللعن، ألا وهي رفضه لأوامر الله بالسجود لآدم عليه السلام.
فقد جاء في كتاب موسوعة الحقائق الكتابية عن جزاء ابليس “لقد لعن الرب إبليس في شخصية الحية لعنة خاصة”([79]).
وتتلخص هذه اللعنة في قضاء المسيح في آخر الزمان على جنوده وآلاته، والشياطين أعد لهم ناراَ أبدية، وهناك ملائكة أشرار مقبوض عليهم، ومحروسون في سجن عذاب الأرواح الشريرة، وهم الذين قال عنهم: (وَالْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ لَمْ يَحْفَظُوا رِيَاسَتَهُمْ، بَلْ تَرَكُوا مَسْكَنَهُمْ حَفِظَهُمْ إِلَى دَيْنُونَةِ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ بِقُيُودٍ أَبَدِيَّةٍ تَحْتَ الظَّلاَمِ).
ويرى علماء أهل الكتاب أنه قد تم طرح الشياطين بعد سقوطهم منذ ملايين السنين في ظلمة الجحيم، ثم صرح الله لفئة منهم لتذهب إلى الأرض لامتحان الناس كما يقول بولس:(الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هَذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ)([80]). ويعتقدون أنهم معذبون الآن في جهنم بدون نجاة، وسيزيد عذابهم يوم الدينونة مثل أشرار البشر “وإبليس الذي كان يضلهم، وهذا الاعتقاد يناقض ما قاله من أنه صرح لفئة منهم لامتحان أهل الأرض، أما عن عذاب الشياطين النفسي فيقول صاحب موسوعة علم اللاهوت “سيكون امتحان المؤمنين على الشياطين المتكبرين عذاباً أليماً وعاراً مهيناً لهم، وهذا عقاب نفسي يضاف إلى عذابهم المحتوم في جهنم”([81]). وقال الرب لجبرائيل أذهب وجد الهجناء والساقطين وأبناء الفجور …. أرسلهم يتقاتلون حتى الموت. وقال لميخائيل أذهب وأعلن هذا الشهمازا… قيدهم لسبعين جيلاً في ثنايا الأرض حتى يوم دينونتهم، عندها سيقادون إلى هوة النار]([82]).
وفي العقيدة الإسلامية الاعتقاد في جزاء الجن والشياطين أوضح وأوفى، ولا يوجد اضطراب فيه كما هو في كتبهم المحرفة، فالجن في الإسلام خلق من مخلوقات الله، خلقت من نار قبل خلق آدم عليه السلام، وهم مكلفون بالعبادة.
والعبادة تستلزم العمل بالتكاليف الشرعية فهم مأمورون كالإنسان بفعل الطاعات، ولديهم المقدرة، ومنهيون عن فعل المعاصي والمحرمات، ولهم حرية الاختيار، بين الحق والباطل، وهذا هو مذهب جمهور الإسلام([83]).
أما إبليس فهو منبع الشرور والآثام، والقائد إلى الهلاك الدنيوي والأخروي، فقد طلب من الله إمهاله إلى يوم يبعثون، وفي إلقائه إلى آخر الدهر، والحكمة من ذلك وضحها ابن القيم في كتابه شفاء العليل: امتحان العباد، ومجازاة له على صالح عمله السابق، وإمهاله ليزداد إثماً، وإبقاؤه ليتولى المجرمين)([84]).
مما سبق يتضح أن الجن مكلفون بالإيمان بالله، وطاعته وعبادته، فمؤمنهم يستحق الثواب، وكافرهم يستحق العقاب، وقد ورد في القرآن الكريم آيات عن ثواب الجن وعقابهم، منها قوله تعالى: (َلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)([85])، وقوله تعالى: (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ)([86]) وقوله تعالى: (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)([87]). وجزاء إبليس النار لقوله تعالى: (وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ)([88]).
ورد في العذاب النفسي للشيطان ما يوافق ذلك في قوله تعالى: (قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ)([89])، قال الشنقيطي: “بين الله تعالى في هذه الآية الكريمة أنه عامل إبليس اللعين بنقيض قصده، حيث قصد التعاظم والتكبر فأخرجه الله صاغراً ذليلاً”([90]).
تنسب العقيدة النصرانية إلى الشيطان أعمالاً كثيرة، وقوة كبيرة يستطيع بها التسلط حتى على المؤمنين، وتعتقد بدخول الشيطان إلى الأجساد، سواء كانت على شكل حية أم بشر، وتصيب البشر بالجنون والأذى، وتعتقد بالسحر، وأنه تعامل مع الشيطان وتؤمن بتحريمه، وأن العرافة نوع محرم من أنواع التعامل مع الجن ولكن دائرتهم تنحصر في الأخبار عن الماضي والحاضر، أما المستقبل فلا يعلمه إلا الله عز وجل.
وتعتقد العقيدة النصرانية أن الله أعطى المسيح عليه السلام ورسله وتلاميذه من بعده سلطاناً على إخراج الأرواح النجسة [ثُمَّ دَعَا تَلاَمِيذَهُ الاِثْنَيْ عَشَرَ وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً عَلَى أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ.]([91]) وورد في انجيل لوقا (هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَاناً لِتَدُوسُوا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُوَّةِ الْعَدُّوِ وَلاَ يَضُرُّكُمْ شَيْءٌ]([92]).
ورد ذكر الشيطان في الأسفار النصرانية كثيراً، كلها اعتقاد النصارى في الشيطان بأن له سلطاناً على الأنبياء، ويرسل لامتحانهم وتجربتهم، فهم يعتقدون أنه جرب المسيح في البرية، وتعتقد أن الأرواح الشريرة هي مرسلة من قبل الشيطان، وتحت أمره وسلطانه، وأنها تدخل الناس والبهائم فتحدث فيهم أعراض الجنون والصرع، وتعتقد دخول الشياطين في الناس أمراً حقيقياً يظهر على هيئة أمراض جسدية وعقلية والخرس والعمى أيضاً، بسبب الشيطان.
ــــــــ مما سبق يتضح اعتقاد النصارى بتأثير الجن على الأبدان من مرض وشلل وعمى وأن المسيح عليه السلام استطاع إخراج هذه الأرواح الشريرة ولم يستطع تلاميذه فعل ذلك، وهذا الاعتقاد لا يزال مستمراً في أوساط النصارى اليوم.
ــــــــ عالم الجن عالم غيبي غير عالم الإنسان وعالم الملائكة، والجن نوع من الأرواح العاقلة المريدة المكلفة على نحو ما عليه الإنسان، ولكنهم مجردون عن المادة البشرية، مستترون عن الحواس، لا يرون على طبيعتهم، ولا بصورتهم الحقيقية، ولهم قدرة على التشكل.
والطريق إلى معرفة عالم الجن هو الوحي، وقد هدانا الكتاب والسنة الصحيحة عن أصل المادة التي خلقوا منها، وعن طوائفهم، وعن مصير كل طائفة، وعن تكليفهم واستماعهم القرآن من الرسول صلى الله عليه وسلم.
إنّ علاقة الجنّ بالإنسان علاقة قديمة بدأت منذ خلق آدم عليه السلام، وقد برزت هذه العلاقة حين أقسم إبليس وهو من الجنّ أن يكرّس جهده ليتربّص ببني آدم بعد أن اعتقد أنّ آدم قد فُضّل عليه باختياره خليفة لله في أرضه، فانبرى مستخدماً ما يستطيعه من وسائل وإمكانيات بغية إغواء بني آدم وتنحيتهم عن نيل الخيرات وتحقيق القرب والسعادة. فالجنّ في الأصل كائنات لا تعادي الإنس وليست معنية بهم، إلا إبليس وجنوده من شياطين الجن بل وجنوده من شياطين الإنس.
الخـــــاتـــمة:
النتائج:
توصلت الباحثة إلى النتائج التالية:
- الجن منهم المسلمون، وهم مكلفون، ومنهم الشياطين، وهم كفرة الجن وعصاتهم.
- لا مجال لمعرفة الجن إلا بنصوص الكتاب والسنة.
- الشياطين خلقت من نار، وله صفات جسمية ذاتية، ولها صفات نفسية، ولها أسماء ودرجات وألقاب، ولها صفات فعلية كقدرتها على التشكل بصورة مرئية، ولهم حركة وأفعال تأكل وتشرب.
- الجن مأمورون بالتوحيد والإيمـان والطاعة والـعبادة، وعـدم المعصيـة والبـعد عن الظلـم وعدم تعدي حدود الله.
- الجن ليست شياطين حسب مفهوم الدين الإسلامي لكن الشياطين هم فئة خاصة من الجن تعصي الله وتوسوس للناس.
- الجن عالم ثالث غير البشر والملائكة، وهم مخلوقات عاقلة وواعية مدركة ليسوا أعراض أو جراثيم، ولا وهم من الدجالين، بل هم خلق مكلف بالعبادة والأدلة على ذلك كثيرة، من الإنجيل والقرآن.
التوصيات:
بعد الاطلاع والمراجعة من خلال هذه الدراسة (الجن بين الإسلام والنصرانية دراسة مقارنة). توصلت الباحثة للتوصيات التالية:
- الاهتمام بدراسة الأديان والبحوث التي تعنى بكشف الغموض الذي يكتنف الديانة النصرانية.
- ما زال عالم الجن بحاجة إلى دراسة وخاصة أقوال الصحابة والتابعين وهي كثيرة تتحدث عن قصص الإنس مع الجن منثورة في كتب السنة وتراجم الصحابة وكتب التاريخ، كما أوصي بدراسة موضوعية لآيات الجن في القرآن وكتب النصارى وتبين القول الحق في هذه المسألة حتى يتبن للناس ضلال النصارى في هذه المسألة في بعض الجوانب.
- رد القضايا العقائدية والغيبية إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
- الاهتمام بنشر الوعي والثقافة الإسلامية بشقيها النظري والغيبي بين المسلمين.
- دراسة قصة آدم عليه السلام وإبليس في المناهج الدراسية سيراً على الطريقة القرآنية، لما لهذه القصة من أهمية في إبراز أصل العداوة بين آدم وإبليس.
قائمة المصادر والمراجع
أولا: المصادر.
- القرآن الكريم.
- السنة النبوية المطهرة.
- العهد الجديد.
ثانياً: الكتب.
أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكي ابن منظور الأفريقي المصري، لسان العرب دار صادر للطباعة، دار بيروت 1388هـ -1968م.
أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، تفسير القرآن العظيم، تحقيق: سامي بن محمد سلامه، دار طيبة للنشر، ط2، ١٤٢٠هـ،١٩٩٩م.
أبي الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، صحيح مسلم، دار الجيل بيروت.
الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، دار القلم بدمشق 1418هـ -1997م.
الشيخ أحمد رضا، معجم متن اللغة، دار مكتبة الحياة، بيروت.
عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (ت ١٣٧٦هـ)، تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى ١٤٢٠هـ -٢٠٠٠ م.
ابن قيم الجوزية: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، طبعة الحلبي بمصر سنة 1961م.
ابن الجوزي، تلبيس ابليس، تحقيق: خالد محمد عثمان ط1، 1400هـ /2001م، دار البيان القاهرة.
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت ٥٩٧هـ)، تفسير زاد المسير في علم التفسير، الطبعة: الأولى -١٤٢٢ هـ، بيروت.
ابن القيم الجوزية، طريق الهجرتين وباب السعادتين، تحقيق وتعليق محمد الدين الخطيب، ط3، 1407هـ، دار المطبعة السلفية، القاهرة.
ابن القيم، شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، مكتبة دار التراث، بيروت، لبنان.
الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، الطبعة الأولى١٤١٢، دار الكتب العلمية، بيروت ــــ لبنان. .
أحمد رضا، معجم سنن اللغة، دار مكتبة الحياة، بيروت 1379هـ -1960م.
أبي محمد الحسين بن مسعود الفَراء البغوي الشافعي المتوفى سنة ٥١٦ هـ، معالم التنزيل دار إحياء التراث العربي بيروت ــــ لبنان.
أبو الخير عبد الله بن عمر بن محمد بن علي الشيرازي الشافعي البيضاوي، تفسير أنوار التنزيل وأسرار التأويل، تحقيق عبد القادر عرفات العشا حسونة، دار الفكر، بيروت، لبنان ،1416هـ ـــــــــ 1996م.
الشنقيطي، تفسير أضواء البيان أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت –لبنان، ١٤١٥ هـ -١٩٩٥ مـ.
برسوم ميخائيل كتاب موسوعة الحقائق الكتابية،
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، ط1، 1422هـ.
محب الدين أبي الفيض السيد محمد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس دراسة تحقيق على شبري، دار الفكر.
محمد عوض العايدي، انظر الفهرس الموضوعي لآيات القرآن الكريم، مركز الكتاب للنشر.
د. عمر سليمان الأشقر، عالم الجن والشياطين، ط4, 1404 هـ 1984م، مكتبة الفلاح-الكويت.
عبد الرازق نوفل، عالم الجن، مطبوعات دار الشعب، رمضان 1388هـ -ديسمبر 1968م.
عبد الصبور مرزوق، معجم الإعلام والموضوعات في القرآن الكريم، ط1، 1415هـ 1995م، دار الشروق
البابا الأنبا شنودة الثالث، حروب الشيطان، مطبعة الأنبا رويس الأوفست، الكاتدرائية، العباسية.
بلي غراهام، الملائكة رسل الله المخفون،
ثانياً: الموسوعات.
الموسوعة اليهودية.
الموسوعة الكاثوليكية الجديدة New Catholic Encyclopedia، Volume XII 1905G: The Evangelical Seminary Library.
موسوعة الأديان
موسوعة علم اللاهوت
موسوعة علم اللاهوت، ميخائيل مينا
الهوامش:
- – صحيح مسلم، ج4/ص2016 حديث رقم 2611، كتاب البر والصلة والآداب، باب خلق الإنسان خلقاً لا يتمالك، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت. ↑
- -صحيح مسلم بشرح النووي 16/126. ↑
- – البقرة الآية: 3. ↑
- – الذاريات: الآية 56. ↑
- – انظر الفهرس الموضوعي لآيات القرآن الكريم، محمد عوض العايدي، مركز الكتاب للنشر، ج2/ص950-954، معجم الإعلام والموضوعات في القرآن الكريم، عبد الصبور مرزوق، ط1، 1415هـ 1995م، دار الشروق ج1/473ص476. ↑
- – انظر لسان العرب، لابن منظور، ج13/ص92 والصحاح، للجوهري ج 5/ص2093، والقاموس المحيط، للفيروز آبادي ط1، 1420هـ -1999م ج4/ص195-196، مفردات الفاظ القرآن، الحسين بن محمد بن المفضل، دار الفكر المعاصر، بيروت 1999م، المعروف بالراغب الأصفهاني المتوفي 503هـ ضبطه وصححه وخرج آياته وشواهده، إبراهيم شمس الدين، الطبعة الأولى 1418هـ -1997م دار الكتب العلمية بيروت لبنان ج1/ص111-112. ↑
- – الأعراف: الآية 27. ↑
- . لسان العرب لابن منظور، ج٦/ ص٢٩، وتفسير الطبري، ج١/ ص٥٠٩، وتفسير روح المعاني، ج١/ ص٢٢٩. ↑
- – تاج العروس من جواهر القاموس، محب الدين أبي الفيض السيد محمد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي، دراسة تحقيق على شبري، دار الفكر، ج8/ص28-29، وكتاب معجم متن اللغة، الشيخ أحمد رضا، دار مكتبة الحياة، بيروت 1380هـ 1960م ج5/ص27. ↑
- – لسان العرب، لابن منظور، ج13/ص238 ومعجم مفردات ألفاظ القرآن، للأصفهاني ج1/ص161 وشمس العلوم، نشوان سعيد اليماني، ج6/ص3465. ↑
- – الجن الآية 1. ↑
- – صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب خير مال المسلم، رقم (3303) ج6/ص350. ↑
- – عالم الجن والشياطين، عمر الأشقر، ط1، جامع الكتب الإسلامية، ص6. ↑
- () الإسراء الآية: 88. ↑
- () مجموع الفتاوى، ابن تيمية، ج19/ص9. ↑
- () مجموع الفتاوى، ابن تيمية، ج19/ص9-10. ↑
- () طريق الهجرتين وباب السعادتين، ابن القيم ص: 416. ↑
- ــــ. عمر سليمان الأشقر، عالم الجن والشياطين، ص12. ↑
- – الأنفال، الآية: 48. ↑
- -صحيح مسلم، باب قتل الحيات رقم (4158) ج6/ص112. ↑
- -صحيح الألباني، رواه زيد بن أرقم، السلسلة الصحيحة، إسناده صحيح على شرط الشيخين، ص1070. ↑
- – عمر سليمان الأشقر، عالم الجن والشياطين، ص25. ↑
- – تاج العروس، الزبيدي، ج1/ص7270 ولسان العرب لابن منظور ج11/ص667. ↑
- – الزخرف الآية: 36. ↑
- – تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي ج1/ص776، وزاد المسير، لابن الجوزي ج7/ص315، وتفسير الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، ج16/ص77. ↑
- – النساء الآية: 117. ↑
- – الصحاح في اللغة، الجوهري، ج2/ص165، لسان العرب لابن منظور، ج 3 /ص400، تاج العروس، الزبيدي ج 1/ص 2269. ↑
- – تاج العروس، الزبيدي، ج1/ص 7724. ↑
- – الملك الآية: 5. ↑
- – النمل الآية: 39. ↑
- – زاد المسير في علم التفسير، لابن الجوزي، ج6/ص174. ↑
- – تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ج6/ص192. ↑
- – معجم سنن اللغة، أحمد رضا، ج4 /ص145، دار مكتبة الحياة، بيروت 1379هـ – 1960م. ↑
- – البقرة الآية: 256. ↑
- – معالم التنزيل، للبغوي ج1/ص314. ↑
- – تفسير زاد المسير في علم التفسير، لابن الجوزي، ج1/ص306. ↑
- ــــــــ المفردات في غريب القرآن، للأصفهاني، ص: 604، (وذكر هذا أيضا: الفيروزآبادى، بصائر ذوي التمييز، ج4/ص129. ↑
- – فاطر الآية: 5. ↑
- – لقمان الآية: 33. ↑
- – أنوار التنزيل وأسرار التأويل، البيضاوي، تحقيق عبد القادر عرفات العشا حسونة، دار الفكر، بيروت، لبنان ،1416هـ ـــــــــ 1996م.، ج2/ص 232. ↑
- – تفسير جامع البيان، للطبري، ج22/ص116. ↑
- – الحديد الآية: 14. ↑
- – تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ج5/ص179. ↑
- – الناس الآية: 4. ↑
- – صحيح مسلم ،كتاب صفة القيامة والجنة والنار، رقم (7286) ج8/ص138. ↑
- – صحيح البخاري، كتاب الاعتكاف، باب زيارة المرأة زوجها في اعتكافه، رقم (1933) ج2/ص717 ورواه مسلم في كتاب السلام، رقم (5807) ج 7/ ص 8. ↑
- – تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ج 8 / ص 539. ↑
- – الموسوعة اليهودية، عبد الوهاب المسيري، ج5، ص: 1526. ↑
- – الموسوعة الكاثوليكية الحديثة، ج7، ص: 1039. ↑
- -. مجموعة الفتاوى، ابن تيمية، ج19، ص: 40. ↑
- -طه من الآية 95 ــــــ 97. ↑
- – قاموس الكتاب المقدس، ج5 /ص: 988. ↑
- – موسوعة الأديان، بحوث، 1424هـ ج4 /ص: 319. ↑
- – قاموس الكتاب المقدس، ج4 /ص: 319. ↑
- – ص آية 75 ــــ 77. ↑
- – الملائكة رسل الله المخفون، بلي غراهام، ص: 58. ↑
- – البقرة، آية: 37. ↑
- . موسوعة علم اللاهوت، ميخائيل مينا، ص:149. ↑
- الجن، آية: 11. ↑
- – (متى 7: 15). ↑
- – (يوحنا 2: 16). ↑
- – في المفهوم الإسلامي المسيح لم يقتل ولم يصلب بل رفعه الله إليه. ↑
- – حروب الشيطان، البابا شنودة الثالث، مطبعة الأنبا رويس الأوفست، الكاتدرائية، العباسية.
ص36. ↑
- – الحجر الآيات: 39-40. ↑
- – النحل الآية: 63. ↑
- – تفسير جامع البيان، للطبري، ج 17 / ص 235. ↑
- – إغاثة اللهفان، لابن القيم، ج1/ص130. ↑
- – حروب الشيطان، البابا شنودة الثالث، ص63. ↑
- – الأعراف الآية: 201. ↑
- – تفسير جامع البيان، للطبري ج 13 / ص 335. ↑
- – سفر الأمثال، ج3/ ص27-28. . ↑
- – حروب الشيطان، البابا شنودة الثالث ص65 – 66 بتصرف. ↑
- – صحيح البخاري، رقم 1142، ج2/ص52، وصحيح مسلم، رقم 776، ج1/ص538. ↑
- – تلبيس ابليس، لابن الجوزي، ص 467، تحقيق خالد محمد عثمان ط1، 1400هـ /2001م، دار البيان القاهرة. ↑
- – (مرقص3: 29). ↑
- – الحجر الآية: 56. ↑
- – يوسف الآية: 87. ↑
- – جامع البيان في تأويل القرآن، الطبري، ج 20 / ص 102. ↑
- – كتاب موسوعة الحقائق الكتابية، برسوم ميخائيل، ص187-189. ↑
- – (أفسس 2: 2). ↑
- – موسوعة علم اللاهوت، ميخائيل مينا، 158 اختصار. ↑
- – مخطوطات قمران، ج2/ص17. ↑
- – انظر طريق الهجرتين وباب السعادتين، لابن القيم الجوزية، تحقيق وتعليق محمد الدين الخطيب، ط3، 1407هـ، دار المطبعة السلفية، القاهرة ص428. ↑
- – شفاء العليل، ابن القيم، مكتبة دار التراث، بيروت، لبنان، ص227. ↑
- – الرحمن الآيات: 46-47. ↑
- – الرحمن الآيات: 56-57. ↑
- – السجدة الآية: 13. ↑
- – الشعراء الآية: 95. ↑
- – الأعراف الآية: 13. ↑
- – تفسير أضواء البيان للشنقيطي ج2/ 294. ↑
- – متى:1: 10. ↑
-
– لوقا: 10: 19. ↑