شيراز زيان1
1 كلية علوم التربية، جامعة محمد الخامس بالرباط، المغرب.
بريد الكتروني: ziane.chiraz1@gmail.com
HNSJ, 2023, 4(6); https://doi.org/10.53796/hnsj4619
تاريخ النشر: 01/06/2023م تاريخ القبول: 20/05/2023م
المستخلص
تهدف هذه الدراسة إلى توضيح أهمية دور الأخصائي النفسي في الإعلان عن تشخيص مولود يحمل الإعاقة للأسرة ، وكذا أهمية طريقة الإعلان عنها ، ومعرفة ردود فعل الأسرة و توقعها، وكيفية تدبير وضعية الإعلان الضاغطة سواء على الأسرة أو على مهنيي الصحة، كما تفسر هذه الورقة العلمية الإنعكاسات السيكولوجية لطريقة الإعلان على مستقبل المولود وأسرته وتنتهي في الاخير بتقديم مجموعة من الأسس والمداخل السيكوسسيولوجية التي من شأنها تخفيف من اثر الصدمة والسير وفق منحى التقبل والتدخل المبكر، والتخفيف من وطأة الانعكاسات السيكولوجية للإعلان على سيرورة النمو والتطور.
الكلمات المفتاحية: الإعلان عن الإعاقة، الأخصائي النفسي ، الأسرة، الانعكاسات السيكولوجية.
The role of the psychologist in announcing the diagnosis of disability to the family
Chiraz Ziane1
1 Faculty of Education Sciences, Mohammed V University in Rabat
E-mail :ziane.chiraz1@gmail.com
HNSJ, 2023, 4(6); https://doi.org/10.53796/hnsj4619Published at 01/06/2023 Accepted at 20/05/2023
Abstract
This study aims to clarify the importance of the role of the psychologiste in announcing the diagnosis of a newborn with a disability to the family, as well as the importance of the method of announcing it, knowing the family’s reactions and expectation, and how to manag the stress ful situation of the announcement, whether on the family or on health professional, as this scientific peper explains the implications the psychology of the method of advertising on the future of the newbom and his family, and ends at the end by providing a set of psychosocial foundations and approaches that will mitigate the impact of trauma, follow the path of acceptance and eatly intervention, and mitigate the psychologicale repercussions of advertising on the process of growth and development.
Key Words: Declaration of disability – psychologist – family – psychological reflections
مقدمة
تشير وحدة الأسرة إلى وحدة الأشخاص الذين يعيشون معا ويشاركون ويتشاركون جميع مناحي الحياة يوما بيوم، وهدف الأسرة كوحدة هو خلق محيط أو مناخ لنمو ونضج الأفراد الذين يعملون بأقصى طاقاتهم، فالأسرة تقوم بالوظيفة الأساسية للتنشئة الاجتماعية للطفل مند ولادته.
إلا أن ولادة طفل في وضعية إعاقة عادة ما يغير الأسرة كوحدة اجتماعية، فتؤثر الإعاقة بشكل كبير على الوالدين والعلاقة بينهما أكثر من غيرهما من أفراد الأسرة، باعتباره حلمهما المفقود في إنجاب طفل غير حامل للإعاقة كغيره من الأطفال.
ويسبب وصول مولود يحمل الإعاقة إلى الأسرة انهيارا في أحلام الـكمال المحاكة حول الطفل خلال أشهر، ويعطل كثيرا من مشاريع الأسرة المستقبلية، لأن هذا الطفل لن يكون أبدا الطفل الحلم، فتستبدل أحاسيس الفرح التي من المفترض أن ترافق ولادة الطفل بأحاسيس القلق والألم.
كما أن الإعلان عن تشخيص الإعاقة يهز عالم الأسرة ويغير مسار الحياة الأسرية لما ينجر عنه من ردود فعل مترابطة واضطراب في الشبكات العلائقية داخل الأسرة، مما يؤثر على التوازن النفسي في الأسرة، وإحداث خلل في التنظيم النفسي الاجتماعي والاقتصادي لأفرادها، بغض النظر عن درجة تقبل هذه الأسرة للطفل في وضعية إعاقة، ولا يقتصر تأثير وجود الطفل به إعاقة على الأب والأم فحسب، بل يتعداها إلى الإخوة والأخوات الذين يتم تزويدهم بفرص غير اعتيادية للنضج.
وتعتبر الصحة بشقيها النفسي والجسدي من المواضيع الجوهرية التي يتناولها الطب وعلم التمريض وعلم النفس فهما مجالات يلتقيان في الإشغال على الجانب النفسي والصحي للمريض كل من زاويته وصلاحياته، ويعتبر المهني الجيد هو الشخص الذي يمتاز بالمرونة النفسية ويمتلك الحد الأدنى من آليات الدعم النفسي مثل المواكبة النفسية، التواصل الفعال والإنصات التي تساعد المريض على تقبل المرض أو العلاج أو تقبل أسرة لولادة طفل مريض أو في وضعية إعاقة، وهذه الوضعيات هي كثيرة تؤرق الأخصائي)ة( النفسي بكونه جزء من الفريق الشبه الطبي، ومن بين هذه الوضعيات نجد الإعلان بحيث يعتبر الإعلان ملتقى أو حديث فريد Unique talk أو خاص التي تعطى فيه معلومات شفوية عن المرض وطبيعته أو الإعاقة وطبيعتها وحتى في بعض الحالات درجتها، وذلك من خلال ما يسمى بمقابلة أو محض الإعلانAd consultation من طرف أحد مهني الصحة أو الطبيب المعالج.
وأثناء هذه المقابلة يجب أن يكون الأخصائي النفسي متفرغا تماما لهذه المهمة، وفي لحظة إعطاء التشخيص يصاب المستمع بالذهول الانفعالي، وكأنه لم يسمع جيدا، ولم يستوعب الموقف، ولهذا يجب على الأخصائي النفسي أن يتصف ببعض السمات التي تتمثل في التعاطف والإنصات والاهتمام بالمريض وإعطاء الأجوبة عن أسئلة المريض.
و اخترنا في هذا البحث أن نشتغل على دور الأخصائي )ة( النفسي في إعلان خبر مولود يحمل الإعاقة للأسرة من خلال مقاربته من زاوية سيكوسسيولوجية من خلال طرح مجموعة من التساؤلات التي سنحاول الإجابة عنها وأبرزها : ماهي أهمية طريقة إعلان إعاقة المولود؟ ماهي ردود فعل الأسرة بعد إعلان الإعاقة؟ ماهي المداخل والأسس السيكولوجية الممكن اعتمادها من طرف الممرض في إخبار الأسرة بهذا المولود في وضعية اعاقة ؟
المحور الأول: أهمية طريقة إعلان إعاقة المولود
غالبا ما يعتقد العامة أن لا أهمية تذكر لطريقة إعلان إعاقة الطفل للأسرة وأنه أمر ثانوي، لكنه اعتقاد خاطئ تماما نظرا لتابعات السيكولوجية الخطيرة التي يمكن أن يؤدي إليها اذا لم يتم ذلك الإعلان بالشكل الصحيح، وأيضا التي ستنعكس على العلاقة ما بين الأسرة و الطفل المعاق لأن الإعاقة ليست بمرض سيزول بل إن الإعاقة شيء صعب ودائم خصوصا داخل مجتمع كمجتمعات العالم العربي عامة والمجتمع المغربي خاصة، ثانيا إعلان مولود الطفل به إعاقة هو تدمير لأحلام تلك الاسرة التي تخيلت طفلا استهامي كانت تحلم به طول فترة الحمل طفل جميل و خالي من أي تشوه، وما يزيد من معاناة هذه الأسرة هي ارتباط الإعاقة في ثقافتنا بشكل عام بمجموعة من التمثلات والقيم والاتجاهات التي توجه سلوكاتنا و تربك حسابتنا و تخلخل بنيات مؤسساتنا الثابتة .) كنوني،2007 ، ص 101(
و يعد إعلان خبر إعاقة الطفل هو صدمة و يحدث هذا الخبر قلقا كبيرا داخل الأسرة مهما كانت درجة الإعاقة ونوعيتها، وغالبا ما يكون الممرض أو أحد من الطاقم الطبي هو من يعلن الخبر للأسرة و كما هو معلوم قلة الأخصائيين للصحة أو متخصص في هذا الموضوع في المستشفيات بالمغرب سواء العمومية أو الغير عمومية، وحتى أن وجد فهناك ندرة من الأخصائيين النفسيين في المستشفيات، وأيضا الطبيب ليس له الوقت لكي يبلغ المرضى بالتشخيص بالطريقة المناسبة نظرا لطابع الاستعجالي لعمله مما يحتم على الممرضين إخبار الأسرة .
وتعد صدمة ولادة طفل في وضعية الإعاقة لا تعني صدمة الأم و الأب فقط بل هي صدمة يتلقها كل أفراد الأسرة .
أيضا غالبا ما يختار الممرض الأب لإخباره وحيدا خبر ولادة الطفل في وضعية الإعاقة تاركا له عملية إعلان خبر للأم والأسرة و هنا يجد الأب نفسه في وضعية صعبة زيادة على صدمة التي تلقها، كما يفكر هذا الأب في المجتمع الذي لا يعترف بالإعاقة، في ظل هذه الهموم و الهواجس يكون الأب مطالبا بإخبار الأم التي لازالت تعاني من الام الولادة، وهنا تختلف طريقة كل أب في إبلاغ الخبر الغير سار والمخيف، وهنا تدخل متغيرات كثيرة من وعي وثقافة الأب، و طبيعة العلاقة بين الأب والأم، فهناك من يحمل زوجته مسؤولية ولادة المولود المعاق وهناك من يطغى عليه الجانب الديني ويحاول تقبل الموضوع هو وزوجته فهذه أمثلة عن طرق إعلان اللإعاقة للأسرة. )رمضان، 2017، ص 30(
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل يخبر الأخصائي الآباء بكل ما يعرفه عن إعاقة طفلهم احتراما لحقهم في معرفة الحقيقة، فغالبا لا يعطي الطبيب الوقت للأسر لتسأل وتستفسر جيدا عن وضعية ابنهم المستقبلية، وهذه وضعية صعبة يعيشها الاطباء نظرا للطابع الاستعجالي لعمل الاطباء ويحيلها الى الممرضين الذين من بين ادوارهم تقديم الاسعافات النفسية الأولية.
كما أن الإعلان عن التشخيص يعتبر من الإشكاليات الهامة والصعبة التي تواجه الأخصائي النفسي وباقي مهنيين الصحة وذلك لتأثيراتها النفسية العميقة على المولود وعلى مستقبله وعلى أسرته، ويتمثل ذلك فيما يأتي:
أولا: الإعلان هو الاعتراف بوجود إعاقة دائمة ؛
ثانيا :الإعلان يؤدي إلى تغيير هوية المولود حيث تصبح الاعاقة سمة تضاف إلى شخصية المولود؛
ثالثا :الإعلان هو بداية فترة الحداد. ) Giraudet .J .S,2006,p 56 (
وتختلف صدمة الإعلان عن الإعاقة حسب نوع الإعاقة ودرجتها بحيث أنشأ هيل أول نموذج للضغط النفسي الذي يعيشه أولياء الأمور لذوي الإعاقة الذهنية بعد الإعلان عن الإعاقة ونموذج A.B.C.X والذي تبناه فيما بعد Minnes.P .M ، والذي يرى أن الإعلان عن الإعاقة هو وضعية ضاغطة تعيشها الأسرة بأكملها، والاستجابة لها تكون حسب تقييم الوضعية أي القدرة على التحكم أو عدم التحكم في الوضعية ، وهل ستتجه العلاقة في منحى تهديد أم التحدي، وتشير أحرف تسمية النموذج إلى الدلالات التالية :
A هو الحدث الضاغط | Evénement stressant |
B مصادر الأسرة ) الدعم ( | Ressource de la famille |
C تعريف الحدث الضاغط | Définition de l’évènement stressant |
X الضغط ، الأزمة | Stress- crise |
ويتغير هذا النموذج ذو الاتجاه الواحد فيما يخص تأثير العوامل الأربعة) Boland.R,2009 (
وفي سنة 1991م ظهر تعديل لهذا النموذج من قبلOrr وCameron وDay فيما يخص تأثير العوامل الأربعة حيث وضحوا أن العامل C هو الذي يؤثر على العامل B وليس العكس، أي أن الطريقة التي تفسر وتعرف بها الإعاقة الأسرة الحدث الضاغط هي التي تجعلها تبحث عن مصدر من مصادر الدعم الاجتماعي.
كما أن الأولياء الذين يدركون الحدث الضاغط على أنه مهدد يستعملون مصادر مختلفة عن الذين يدركون على أن هذا الحدث تحدي، وبالتالي فالضغط يكون نتيجة نوعية المصادر الذاتية المتوفرة لديهم، أكثر من طريقة تفسيرهم للحدث الضاغط نفسه، وهذا عكس ما توصل إليه كل من Lazarus وFolkman .E ,2007 ,89) Zinschi (
المحور الثاني : ردود فعل الأسرة بعد إعلان الإعاقة
إن تأثير صدمة الأسرة من ولادة مولود في وضعية إعاقة و تأثيرها على تنشئته الاجتماعية يستدعي كشف ردود فعل الأسرة ومقاربة ردود فعلها ليس بالموضوع السهل، بل يستدعي البحث والتقصي من خلال البحث الميداني، لكن سأحاول عرض شهادات لبعض الباحثين الذي يصفون بعمق ردود فعل الاسرة في هذه الوضعية.
أولها الصدمة التي تجعل الآباء في حالة ذهول يشل عمليات التفكير وفي هذا السياق يقول دشون واخرون) 1981 (“عندما يظهر الطفل في وضعية إعاقة منذ الولادة و في اللحظة التي تكون النرجسية الابوية مثارة في هذا المناخ الحساس يثير نقص المولود الآباء بعنف، كما أن الاحباط الذي ينتج يتميز بثباته ويؤدي إلى الاحساس بالذنب الذي يكون مرهقا أحيانا”.
وفي هذه المرحلة يطرح الآباء عدة تساؤلات المتعلقة بإعاقة مولودهما وفي مجملها مايلي :
- ما هو سبب هذه الإعاقة؟
- ماهي نتائج هذه الإعاقة؟
- ماذا سيفعلان بهذا الطفل المختلف؟
- كيف يستجيبان لاحتياجاته؟
- كيف سننظم حياتنا اليومية؟
- كيف سيتم تيسير علاقتهما الاجتماعية والصدقات ؟ ) عبد الخالق،1991،ص19 (
بعدها تأتي هذه المرحلة بعد مرحلة الصدمة لأنها ضرورية للتخفيف من وطأة الصدمة والسماح للأسرة بالوقت الكافي لتقبل الواقع بدرجات تستطيع التعامل معها. ويظهر النكران بأشكال متعددة، فقد يبدأ الأهل بالتنقل بين الأطباء أو أفراد فريق التأهيل بحثاً عن تشخيص أخر وأفضل لطفلهم. أو قد يحاولون إيجاد مؤسسات لإيواء الطفل أو إقناع أنفسهم بأن المشكلة ليست بدرجة الشدة التي قدمت لهم. وقد يصل الإنكار إلى التأمل بأن طفلهم سيشفى بمعجزة ما. ولابد أن تصل الأسرة في نهاية هذه المرحلة لتوازن معقول بين الأمل والواقع الحقيقي لطفلهم.
مروا إلى مرحلة الاحساس بالاحباط، الحزن، الاحساس بالذنب وغيرها كلها مشاعر تنتاب أسرة الطفل في وضعية إعاقة عند اكتشافها لإعاقة فلذه كبدها الذي طالما انتظرته.
كما أن الإنكار من بين ردود فعل الأسرة الذي غالبا ما يتمثل في الشعور بالعجز ونقصان الخبرة مما يؤدي بالآباء إلى انكار الإعاقة وعدم التصديق في بداية الامر وهذه نبذة عن ردود الفعل الأسر التي يمكن أن تظهر عن ولادة مولود معاق.
بعدها تنتقل إلى مرحلة الرفض وعدم التقبل بحيث تلجأ الأسر إلى إخفاء هذا الطفل في وضعية إعاقة عن الأعين و هناك أسر تعتمد على إضفاء الحنان على الطفل لدرجة تلبية كافة رغباته و تدليله اكثر من اخوته، وهنا يظهر كيف تأثر ردود فعل الأسرة على التنشئة الاجتماعية للطفل في وضعية إعاقة ، من جهة أخرى تلجأ الأسرة في هذه الرحلة إلى البحث عن أمل لعلاج الطفل مع أن الإعاقة ليست مرض، فيذهبون لأطباء و لهم الأمل لعلاج الطفل لكن سرعان ما يتيقنون أن ليس هناك علاج ويلجؤن للجمعيات و المراكز الاعاقة.
تليها مرحلة احتواء الازمة وتتمثل هذه المرحلة بتقبل إعاقة الطفل وشعور الأسرة بأنه على الرغم من الصعوبات والمشاكل التي تواجه الطفل والأسرة إلا أنها قادرة على البقاء والتحدي وتتسم هذه المرحلة بدرجة من النضج والتفهم لمدى تأثير الإعاقة على حياة الأسرة ككل والتطور المتوقع والمنطقي لحالة الطفل، ويأتي هذا التفهم والنضج بشكل تدرجي مقرونا بوصول أفراد الأسرة إلى تقبل .
وطبعا التنشئة الاجتماعية للطفل في وضعية إعاقة من طرف أسرته تطرح اكثر من موضوع بدءا بمسالة تقبله داخل خلية الأسرة واكسابه المهارات اليومية وطرق ادماجه في الأسرة والمجتمع عامة .
وهناك دراسات عديدة بينت أثر الإعلان عن الإعاقة على الأبوين منها دراسةDroter وSshuckit وFarber حول ردود فعل أفعال الأسرة عند الإعلان عن مولود بإعاقة ذهنية وقد ثبت الباحثون أن هذه الردود تمر ب 5 مراحل وهي الصدمة الأولية الأذكار والحزن و القلق والخوف على مستقبل الطفل وينتهي الأمر إما بالقبول أو الخضوع و تستمر هذه الردود لمدة 6 إلى 18 شهر.
وقد أقيمت دراسات أخرى بينت أن طريقة الاعلان عن الشخص قد تنعكس إما إيجابيا أو سلبيا على الصحة النفسية والجسدية للأمهات والآباء بشكل عام. ( الشناوي و عبد المحسن، 1995،95(
إنما أن يأخذ طريق السياقات التفاعلية وبالتالي يتقبل الإعاقة وبالتالي تستعمل استراتيجيات التفاعل الفعالة ويبحث عن حلول لمشكلتهم من خلال مثلا الانخراط في برامج تدريسية وعلاجية لبرامج التربية أو يبحث عن الدعم والمساندة الاجتماعية وهي استراتيجية وقد يؤدي طريق الإعلان إلى استعمال الوالدين لاستراتيجيات غير التفاعلية مركزة على الانفعال والتجنب . ( الشناوي و عبد المحسن، 1995،99 (
وقد أظهرت دراسات مثل دراسة Catch & Gunley أن طرق الاعلان أن لم تكن مدروسة بشكل جيد قد تؤدي إلى اضطراب نفسية مثل الاكتاب واضطرابات المزاج وقد يتطور هذا الاكتئاب إلى أفكار انتحارية خصوصا عند أمهات ذوي الاعاقة الذهنية .
كما بين كل من Assoully et al في دراسة عن أثر الاعلان عن الشخص على الوالدين وتوصلوا إلى؟ الحادث بسبب صدمة أولية عند الوالدين التي قد تنتهي بظهور الاكتئاب مع تمنى الموت لهذا الطفل واحتمال الانفصال الوالدين. ( الشناوي و عبد المحسن، 1995،99 (
المحور الثالث : المداخل والأسس السيكولوجية الممكن اعتمادها من طرف الممرض في إخبار الأسرة بهذا المولود المعاق
إن للأخصائي النفسي أو الأخصائية النفسية مجموعة من المسؤوليات المختلفة و التي تتباين حسب موقعه وحسب تخصصه ، مهنة الدعم النفسي هي مهنة عالمية ، و أساسية ، ولكن ما يتميزون به جميعا هو تقديم الرعاية النفسية للمريض أو الحالة بشكل عام، ولكن ولادة مولود معاق تربك طاقم الطبي وشبه الطبي بأكمله، هذا ما يجعل الأخصائي النفسي في واجهة إعلان الخبر للأسرة التي تتطلب من كل أخصائي الإلمام بمجموعة من المداخل و الأسس السيكولوجية التي تسهل عملية الإعلان عن الخبر الغير سار، بأكثر درجة ممكنة من الاحترافية والمرونة والسلاسة وهناك ثلاثة مداخل أساسية تتحكمان في إعلان الأخصائي عن الخبر و هي :
- المدخل الأول : الإعلان عن الإعاقة يجب أن يكون بعد إقامة العلاقة الأولية بين المولود وأسرته فإذا كان الإعلان يسبق الاتصال فإنه يحول المولود إلى إعاقة قبل أن يكون مولودا فالأخصائي يجب أن يسمح ويساعد في إقامة علاقة الأم والأب مع الرضيع بحضنه ورؤيته قبل الإعلان، خاصة إذا كانت الإعاقة غير ظاهرة ذهنية، بصرية، سمعية …… وذلك يساعد الأسرة على الحصول على الطفل بدل تحويله الى مجرد إعاقة .
أن ما هو أساسي هو أن يكون الأخصائي النفسي واعي بأن طريقة إعلان الإعاقة ستؤثر بشكل قوي على كيفية ردود فعل الآباء، وهو مفتاح يترك بصماته خلال سنوات و يؤثر على التنشئة الاجتماعية لهذا الطفل وشخصيته و إدماجه و تقديره لذاته و هويته و أيضا على الأسرة .
كما يجب أن يأخذ الأخصائي النفسي عند الإعلان عن الإعاقة حضور كل من الأم والأب و ليس أحدهما، من أجل منحهما فرصة أفضل لمواجهة و تحمل و اقتسام هذه المحنة التي اصابتهم و مخاطبة الآباء باعتبارهما شركين مع اختيار اللحظة المناسبة و الكلمات المناسبة للموقف.
ويمكن لبعض الإجراءات أن تسهل هذه العملية وهي :
- وضعية الجلوس :يجلس الأخصائي النفسي مقابلا للأسرة في وضعية وجه لوجه؛
- في مكتب أو غرفة منعزلة وليس أمام مرضى أو أسر أخرى؛
- حضور الأم والأب معا؛
- اختيار الوقت المناسب :غير مبكر جدا أو متأخر جدا؛ ) Massol. 2004 (
- المدخل الثاني هو مرتبط بإغناء الجانب المعرفي للأخصائي النفسي حول الإعاقات فيجب أن يكون ملما بمفهوم الإعاقة وأنواعها ودرجاتها وسيرورة نمو الطفل المعاق في وضعية إعاقة، والخدمات الشبه الطبية الذي سيوجه الأسرة إليها، فالأسرة مباشرة بعد الإعلان ستشرع إلى طرح مجموعة من الأسئلة حول نوع الإعاقة وتأثيراتها وكلما قدم الأخصائي النفسي المعلومات بسلاسة وبوضوح كلما توضحت الصورة للأسر و زاد تقبلها للوضعية.
وتفسير أن الطفل في وضعية إعاقة يمر بنفس المراحل النمائية التي يمر بها كل الأطفال، وإن كان النمو في بعض الأحيان لا يسير بمعدل واحد خلال كل مراحل النمو خاصة إذا تأثر بعامل أساسي مثل الإعاقة، هذه الإعاقة التي نفترض أنها تميز التنشئة الاجتماعية للطفل المعاق بخصوصيات معينة وتعمل على تحديد بعض أساليبها و هذا تحديدا ما يجب إيصال الأخصائي للأسرة.
- المدخل الثالث :هو متعلق بتقديم الدعم النفسي فيمتلك الأخصائي النفسي الآليات التواصلية الفعالة من أجل تقديم الدعم النفسي للأسرة ويحرص على تعرف الآباء على أسر مثلهم للاستفادة من تجربتهم في إطار التثقيف بالنظير. )دليل الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في الرعاية الصحية الأولية(
ويجب الإشارة الى أنه يجب تجنب بعض الأخطاء الشائعة في الإعلان عن الإعاقة وأهمها ما يلي :
- تجاهل الموضوع وعدم إعلان الأسرة نهائيا حتى تكتشفها بشكل آخر، إما مع مرور الوقت أو بسبب ملاحظة من طرف أفراد المجتمع. بحيث يعتبر الإعلان عن الإعاقة حق من حقوق الأسرة في معرفة المستقبل الصحي لطفلها.
- الإعلان في ممر المستشفى.
- استخدام مصطلحات علمية أو باللغة الفرنسية لا تفهمها الأسرة.
- الإعلان دون اعطاء المعلومات اللازمة والتوجيه.
ويجب على الأخصائي النفسي تقديم الدعم النفسي ليس فقط في الإعلان عن التشخيص بل مرافقة الأسرة طيلة وقت استشفاء الأم والتي غالبا تتراوح بين 3 أيام، ويمكن أن تصل حتى أسبوع حسب وضعية الأم والرضيع بحيث يجب زيارة الأخصائي نفسي للأسرة عدة مرات بعض الإعلان من أجل تقديم الدعم النفسي.
خاتمة
وفي الأخير يمكن القول أن موضوع الإعلان عن مولود به إعاقة للأسرة هو موضوع مهم جدا ولا يجب الاستخفاف بيه من طرف الطاقم الطبي والشبه الطبي، وله تابعات سيكولوجية على التنشئة الاجتماعية لذلك الطفل على المستوى البعيد ويجب على الجهات المسؤولية تكوين الطاقم الطبي وشبه طبي في المجال النفسي حتى يكونوا في المستوى المطلوب خاصة الممرضين والممرضات في ظل قلة الأخصائيين النفسيين في المستشفيات وتعزيزها.
لائحة المراجع
- خالد رمضان(2017) ، فعالية برنامج ارشادي للوالدين للتغلب على ردود الفعل السلبية تجاه ولادة طفل معاق، كلية التربية ، جامعة الأزهر، المجلد 4 ، العدد ،16 الجزء الأول ، يناير 2017 .
- الكنوني رشيد (2007)،التنشئة الاجتماعية للطفل المعاق : دراسة نفسية اجتماعية لقضايا الاندماج، منشورات فكر، المغرب .
- دليل الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في الرعاية الصحية الأولية، جمعية الهلال الأحمر، بدعم من التعاون الدولي، اليمن .
- ليلية بورافعي (2020)، المرونة النفسية لدى الممرضة العاملة في مصلحة مكافحة السرطان، دراسة عيادية بسعدان – بسكرة -، أطروحة ماجستير منشورة.
- عبد الخالق أحمد، (1991)، أصول الصحة النفسية، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية.
- Deschamps(j.p) et all( 1981) , L’enfant handicapé et l’école op, (Flammarion) Réédition Numérique Fenixx .
- Giraudet.J.S (2006) «Annonce du diagnostic de maladie chronique à un patient» Synoviale, mai 2006.
- Boland. R (2009) «l’anonce de déficiences et de handicap », fondation, Bruxelles (HELB).
- -Zinschitz .E(2003) «l’anonce d’un handicap :le début d’une histoire » pratique et recherche N2.