الأزمة الشرقية الكبرى عام 1875-1878 في نظر الدبلوماسية الاوروبية

أ.د. حميد أحمد حمدان التميمي1 م.د. ساهرة حسين محمود1

1 جامعة البصرة، كلية الآداب، قسم التأريخ، العراق.

HNSJ, 2023, 4(7); https://doi.org/10.53796/hnsj4717

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/07/2023م تاريخ القبول: 17/06/2023م

المستخلص

تحتل قضية مصير الدولة العثمانية وممتلكاتها ، التي يطلق عليها في التأريخ السياسي مصطلح (المسألة الشرقية) ، مكاناً بارزاً في الدبلوماسية الأوربية خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر للميلاد . وبإختصار ، تشمل المسألة الشرقية جميع المشكلات التي أرتبطت بأنهيار الدولة العثمانية داخلياً وثورات الشعوب المحكومة منها ، وأخيراً المصالح المتشابكة والمتضاربة للدول الأوربية في الإمبراطورية العثمانية وتدخل هذه الدول في عملية الأنهيار العثماني. يشير تعبير ( القضية أو المسألة الشرقية) ، إلى السياسات الأوربية تجاه الإمبراطورية العثمانية ، ومدى أستجابة الأخيرة لها، خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر للميلاد ؛ وصولاً إلى أنهيار الدولة العثمانية في أعقاب الحرب العالمية الأولى في الأعوام ( 1914-1918 م ) . فأطلق الأوربيون هذا التعبير على السياسات المتمحورة حول الدولة العثمانية أو ( الرجل المريض) ، كما أطلق عليها قيصر روسيا القيصرية نيقولا الأول (1825-1856 م) ، على هذه الدولة المتدهورة ، مع أنحسار المجال أو السيطرة العثمانية في أوربا والمشرق العربي ، إذ حدث نوع من التغيير في إمكانات القوة للدولة العثمانية في النظام العالمي .

Research title

The Great Eastern Crisis of 1875-1878 in the eyes of European diplomacy

HNSJ, 2023, 4(7); https://doi.org/10.53796/hnsj4717

Published at 01/07/2023 Accepted at 17/06/2023

Abstract

The issue of the Ottoman State destiny and its belongings, which has been known in the political history as ( The Eastern Issue), occupies a distinct place in the European diplomacy during the eighteenth and nineteenth centuries A.C. In brief, the Eastern Issue encompasses all the problems relevant to the internal collapse of the Ottoman State, the people’s revolutions who were under its control, the interrelated and clashing interests of the European states in the Ottoman Empire, and the role of these states in the Ottoman collapse.

The term (the Eastern Issue) refers to the European politics towards the Ottoman Empire and the extent of response of the latter to these politics during the eighteenth and nineteenth centuries A.C. till the collapse of the Ottoman Empire after the First World War (1914-1918). The Europeans have deployed this term to refer to the politics concerned with the Ottoman State or ( “The Sick Man”) , as called by the Caesar of Czar Russia (Nicolas 1). Precisely, it has referred to this deteriorating state and the reduced role of the Ottoman control in Europe and the Arab East, where a noticeable change in the Ottoman State power in the global system took place.

المقدمة

إن مصطلح المسألة الشرقية الذي أطلقه الأوربيون على الإمبراطورية العثمانية ، قد أتخذ مفهومين الأول ، عندما كانت الدولة العثمانية قوية ، أثارت تسأل الدول الكبرى حول إمكانية الوقوف ضدها ، والذي يهدد مصالحها . أما المفهوم الثاني للمصطلح فكان : ضعف الدولة العثمانية وكيفية أقتسام أملاكها، لأن أختلاف المواقف وتضارب المصالح بين الدول الأوربية ، أدى إلى حدوث مشاكل وصدامات بينها ، فالمسألة الشرقية هي ” بالأساس مسألة أوربية غربية ، إذ هي تلك المناورات والمشاكل والموجهات التي حدثت بين دول أوربا فيما بينها من جهة وضد الدولة العثمانية من جهة أخرى ،خلال القرن التاسع عشر للميلاد حول مصير الدولة العثمانية “.

وحاولت بريطانيا العظمى الوقوف في وجه الأطماع الروسية – النمساوية ، التي كانت هي أيضاً تطمع في التوسع على حساب الدولة العثمانية ، فالمسألة الشرقية مجمل الصراع الذي دار بين الدول الأوربية حول مسألة تقسيم أملاك الدولة العثمانية خلال القرن التاسع عشر للميلاد ، وحتى تقسيمها نهائياً بين بريطانيا العظمى وفرنسا بعد الحرب العالمية الأولى . لقد أنعكست المسالة الشرقية في العديد من الأحداث والأزمات التي شكلت خطراً على وحدة وتماسك أملاك الإمبراطورية العثمانية ، كما عرضت مبدأ توازن القوى في القارة الأوربية للخطر فتخللتها عدة حروب عرفت بإسم أزمات المسألة الشرقية هي :

– حملة نابيلون بونابرت على مصر والشرق بين الأعوام (1798- 1802 م ).

– الثورة اليونانية خلال الأعوام (1831- 1929 م ) ، وحروب التحرير اليونانية .

– حملة إبراهيم بن محمد على باشا على الشام عام ( 1831 – 1842 م )

– حرب القرم عامي ( 1853 – 1856 م ) ، بين الدولة العثمانية وروسيا القيصرية.

– الحرب الروسية – العثمانية عامي ( 1877 –1878 م ).

وبالأضافة إلى هذه الأزمات ، كان للحرب الأهلية اللبنانية عامي ( 1863- 1864 م )، وحروب البلقان الأولى والثانية خلال الأعوام (1908- 1912 م ) ، قبيل الحرب العالمية الأولى . فهي مسألة تأريخية أنتهت بأنهيار الدولة العثمانية مع نهاية الحرب العالمية الأولى .

قبل أن نحدد المعنى الإصطلاحي للمسألة الشرقية، لابد من أن نذكر أنها نتاج ضعف الدولة العثمانية، الذي بدأ منذُ منتصف القرن السادس عشر للميلاد، وإستمر وضع الدولة بالتدهور، في كل جوانب بنائها، وحتى وصلت إلى نهايتها، في عام 1922م. وفي الوقت نفسه بدأ وضع الدول الأوربية المنافسة لها يزداد تطوراً نحو الأفضل، في مجالات الأقتصاد والقوة العسكرية، بل وفي الميدان الأجتماعي أيضاً، وأخذ الأمر يتبلور بشكل أكبر في القرن السابع عشر للميلاد، وصاحب ذلك تطور في أحوال شعوب أوربا الشرقية، التي كانت خاضعة للسلطة العثمانية، ونمى الشعور القومي في أنحاء بلدانها، بخاصة وأن السياسة العثمانية مُنذ البدء لم تحاول تقييد هذه الشعوب بضوابط تمنع تطورها، بل أنها تركت لهم تدبير أوضاعهم الداخلية وحرصت فقط على تأمين الخضوع للسلطة الإدارية العثمانية، ودفع الضرائب المستحقة عليهم)1). وهذه السياسة التي أراد بها العثمانيون الحفاظ على وحدة الكيان القومي والأجتماعي والديني لغير المسلمين، عملاً بما أقره الدين الإسلامي، فقد ” أقرت الشريعة الحقوق والواجبات، فكانت كل جماعة حرة، ضمن ذلك الأطار أن تعيش وفقاً لمعتقداتها وعاداتها الخاصة ” (2).

سهل النهوض القومي لشعوب البلقان، إذ نشطت فيها ثورات عديدة ضد الدولة، كانت ذات بعد ديني وقومي. وهذه الثورات نالت عطفاً وعوناً من الدول الأوربية، وتبين في إضعاف الدولة العثمانية، وفي الوقت نفسه خلقت تنافساً بين الدول الأوربية الكبرى، حول النفوذ السياسي والأقتصادي ؛ بل وإقتسام ممتلكات الدولة نفسها. وبهذا ظهر ما عُرف إصطلاحاً بـ ” المسألة الشرقية ” ، والذي إستخدم كمصطلح سياسي للمرة الأولى في عام 1822 م ، في مؤتمر ڤيرونا (Congress of Verona) (3)، حيث نوقش الوضع في شبه جزيرة البلقان بعد أنتفاضة اليونانيين ضد الدولة العثمانية في عام 1821 م ، ومنذُ ذلك التأريخ شاع إستعمال هذا المصطلح في العلاقات الدبلوماسية والبحوث الدراسية (4).

إتضح مما تقدم إن المسألة الشرقية هي مسألة الصراع بين الدول الأوربية الكبرى حينذاك، حول تعزيز النفوذ في الدولة العثمانية وإقتسام ممتلكاتها، وقد حدد زمن هذه المسألة تبعاً لتوجهات الكتاب، فالبعض أرجع أصلها إلى مرحلة مبكرة من تأريخ الدولة، حين إمتدت ممتلكاتها في أوربا الشرقية، وهناك من عممها وشمل بها كل الصراع الذي نشب بين الشرق الإسلامي والغرب على مر العصور التأريخية، ولكن هذه الأفكار لايمكن الأخذ بها، ذلك لأنه من البّين أن هذه المسألة تتحدد بالزمن الذي نشأ فيه التنافس والخلاف بين الدول الأوربية بصدد الممتلكات العثمانية، وقد إشتد هذا الأمر في النصف الثاني من القرن الثامن عشر للميلاد، وإمتد لحين سقوط هذه الدولة وتوزيع بلدانها. ولزيادة التعرف على هذه المسألة تأريخياً هناك من ذهب إلى إنها مرت بمراحل ثلاث، الأولى بدأت منذ أواخر القرن الثامن عشر للميلاد، وإلى إنتهاء حرب القرم، بين سنوات (1853-1856 م)، وفيها كان دور روسيا القيصرية أكثر من غيرها من الدول، في محاولة التوسع في أملاك الدولة، وضمت إليها أراضي منها وحظيت بأمتيازات. والمرحلة الثانية بعد الحرب المذكورة وإلى أواخر القرن التاسع عشر للميلاد، وفي هذه المدة زاد التنافس بين بريطانيا العظمى وفرنسا ومملكة النمسا – المجر، في التوسع الأقتصادي في أجزاء الدولة وإقتناص الفرص لضم أجزاء من أراضي الدولة العثمانية إليها، تحت أغطية سياسية مختلفة. والمرحلة الثالثة تعد من أواخر القرن التاسع عشر للميلاد، وإلى زمن إنهيار الدولة بعد الحرب العالمية الأولى، وتمّيز فيها الدور الألماني الذي تفوق على الدول الأوربية الأخرى، من حيث الأمتيازات التي حصلت عليها ألمانيا، وهذا الأمر زاد من حدة النزاع مع بقية الدول الكبرى، وقاد إلى قيام الحرب الأولى ، في عام 1914 م (5).

كان من جراء أستيلاء الدولة العثمانية على البلقان وتوجهها نحو منطقة نهر الدانوب، أن تكالبت عليها الدول الأوربية بتكتلات بقيادة البابوية، وبعد أن أدركت هذه الجهات، في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر للميلاد، أن عهد المواجهة للتوسع العثماني بحروب صليبية قد مضى، وأن عليها أن تلجأ إلى وسائل متعددة وأكثر فاعلية، وبهذا أتخذت المسألة الشرقية طابعاً سياسياً، لأن النزاع مس مصالح الدول الكبرى حينذاك ، وهي بريطانيا العظمى وفرنسا وروسيا القيصرية ومملكة النمسا – المجر (6).

وكانت الدولة العثمانية قبل عام 1812 م، تحارب خارج الحدود التي وصلت إليها في سنوات عنفوانها، ولكن بعد أن دب الوهن فيها بدأت تواجه تمرد عدد من القوميات التي شملتها ضمن ممتلكاتها، والتي كانت تسعى إلى الحصول على الحكم الذاتي أولاً والإستقلال أخيراً عن ربقة الدولة. ولم تنجح إجراءاتها للحد من هذه الحركات لأسباب تتعلق بأهداف مثيريها وروابطهم الخارجية، فضلاً عن سوء الإدارة العثمانية (7).

نمت الحركات القومية في بلاد البلقان في الوقت الذي إزداد فيه ضعف الدولة العثمانية، عسكرياً وإقتصادياً وسياسياً وسعي الدول الكبرى للتوسع على حسابها، وهذا غذى روح التنافس ونمى المسألة الشرقية؛ وأشتدت يومئذ الحركات السلافية في كل من مملكة النمسا – المجر وروسيا القيصرية وأيضاً في شبه جزيرة البلقان، وتطورت إلى الدعوة إلى إنشاء ما عرف بـ ” الجامعة السلافية ” (Slavic University ) (8)، وبالرغم من إن هذه الدعوة لم تنشأ في روسيا القيصرية بل في مملكة النمسا – المجر، فإن روسيا القيصرية إستغلتها ، فنشطت الحركة القومية في شبه جزيرة البلقان وهذا الأمر أسبغ طابعه على الأزمة في عام 1875 م، وحتى عام 1878 م، إذ أثيرت المسألة الشرقية مرة أخرى في العام الأول . لابد من الأشارة هنا إلى إن تغييرات سياسية حصلت في أوربا بين الأعوام( 1861-1871 م)، كان لها أثرها في الأحداث اللاحقة؛ وهي وحدة دويلات المدن الإيطالية وإعلان المملكة الإيطالية، في عام 1861 م (9)، والمملكة الثنائية للنمسا – المجر، في عام 1867 م(10)، وإعلان قيام الدولة الألمانية الموحدة، في مطلع عام 1871 م(11)، وإعلان الجمهورية الفرنسية الثالثة في شهر آب / أغسطس عام 1871 م(12). أن على هذه المستجدات المهمة في بناء الدول الأوربية، كان لها دور كبير في العلاقات الدولية، إبان الأزمة الشرقية، بين عامي (1875-1878م) (13).

سبقت الأشارة إلى أن روسيا القيصرية إستغلت حركة الجامعة السلافية لمصلحتها. فنشطت في دعم الحركة القومية في شبه جزيرة البلقان، وقد بدأت الإضطرابات في شبه الجزيرة بعصيان مسلح في البوسنة والهرسك ( Herzegevinia Bosnia and) (14) . ولابد من أن يذكر هنا أن هذه البلاد وكذلك الجبل الأسود كانتا تمثلان مشكلة دائمة للدولة العثمانية، ففي الوقت الذي كانت فيه البلاد الأخيرة تتمرد لأسباب دينية، فهي مركز مسيحي، يلاحظ أن البوسنة والهرسك رفضت خطوات الإصلاح العثمانية التي تمثلت بالتنظيمات (Tanzimat) (15)، (في خطي شريف كولخانهَ عام 1839م، وخطي همايون عام 1856 م(16)، وذلك للحفاظ على التقاليد القديمة، بخاصة وأنها حصلت فيها حركة واسعة لأعتناق الديانة الإسلامية، ولهذا كان نبلاء القوم هم من المسلمين والسلاف الذين عارضوا الإصلاح للحفاظ على مصالحهم على حساب الفلاحين المسيحيين، وقد تمرد هؤلاء النبلاء ضد الدولة في أعوام 1821 م و1828م و1831م و1837م ، ونالوا حكماً ذاتياً إستمر حتى عام 1850م ، حين قضت القوات العثمانية على تمردهم وعادوا إلى الحكم العثماني المباشر. وكان وضع الفلاحين في البوسنة والهرسك سيئاً إلى درجة كبيرة وتفوق حال أقرانهم في شبه جزيرة البلقان، وذلك لأن الضرائب العالية وأعمال السخرة في مزارع النبلاء – سموا بـ(البكوات) (Bakoat) جمعاً للقب بك – تأخذ 40% من دخل كل فلاح، وبخاصة وأن التنظيمات لم تطبق في البلاد؛ وقد تسبب وضعهم هذا في ثورات إبان الأعوام (1857- 1858 م) و(1861-1862م)، وكانت مطالبهم ،حينذاك، هي تحسين أوضاعهم المعيشية ولم يكن لهم هدف سياسي. وحين قل الأنتاج الزراعي، في عام 1874م، زاد وضعهم بؤساً وفاقة، وهذا الأمر تسبب في العصيان المسلح، في شهر تموز عام 1875 م، وبدأت الأحداث في شكل صدامات دينية بين الأكثرية المسيحة والأقلية المسلمة (17)(18).

ولم تستطع القوات العثمانية القضاء على التمرد، لأن الفلاحين لجأوا إلى حرب العصابات (19). وسرعان ما أنضم متطوعون من الصرب والجبل الأسود إذ قام رؤوساء العشائر في الجبل بإعداد حملات لمساعدة الثوار في الهرسك ضد الدولة العثمانية – عدوهم المشترك – لتحقيق وحدتهم القومية (20)، وكانت الأوضاع في الدولة العثمانية صعبة، لأنها كانت تعاني من صعوبات مالية جمة، وتقترب من الإفلاس؛ ومما زاد الأمر سوءاً، فأتسعت الثورة بتشجيع من الصرب وروسيا القيصرية، فكان ذلك بداية للأزمة الشرقية، التي دامت نحو ثلاثة أعوام، والتي أصبحت حافلة بالأحداث الخطير(21).

وكانت مصالح الدول الكبرى، خلال هذه الأزمة البلقانية تتعارض فيما بينها، فقد تنبهت روسيا القيصرية ومملكة النمسا – المجر إلى مصالحهما وأطماعهما في البلقان، فعمدت روسيا القيصرية على تأييد الثوار؛ في حين فضلت ألمانيا أتباع سياسة التعاون مع غيرها من الدول، لحل الصراع سلمياً، لأن إندلاع الحرب – بمشاركة الدول الأوربية – مما يعني أشتراك ألمانيا فيها، وبالتالي يمنح روسيا القيصرية حرية التدخل وتحقيق أطماعها، في وراثة أملاك الدولة العثمانية، وهو ما يتعارض مع سياسة الدولتين بريطانيا العظمى وفرنسا (22).

ولجأت الدولة العثمانية، للحيلولة دون تدخل الدول الأوربية، إلى أصدار قراراً بفصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية، وتعيين بعض القضاة من الأهالي عن طريق الإنتخاب (23)، والمساواة بالضرائب بين المسلمين والمسيحيين (24). وقد سبق ذلك القرار إصدار الدولة العثمانية، فرماناً في اليوم الثاني عشر من شهر كانون الأول عام 1875 م ، تضمن بعض الإصلاحات لتحسين أوضاع سكان بلاد البوسنة والهرسك (25).وكانت سياسة روسيا القيصرية تدور في حلقتين:

الأولى : رغبة روسيا القيصرية القوية في تفكيك الإمبراطورية العثمانية.

الثانية: الخوف من ثورة السلاف المسيحيين.

مما دفعها إلى الأتفاق مع مملكة النمسا – المجر، ليفرضان على الدولة العثمانية حسن معاملة المسيحيين في البلقان (26).

وسرعان ما أمتدت الثورة إلى بلغاريا، في شهر نيسان من عام 1876م، مما زاد الوضع سوءاً في منطقة البلقان؛ إذ عمد هؤلاء لتدبير مذبحة للموظفين المحليين من العثمانيين. وأعقب إعلان الثورة في بلغاريا، قيام الصرب والجبل الأسود بالثورة أيضاً (27). الأولى في اليوم الثلاثين من شهر حزيران، والأخيرة في اليوم الأول من شهر تموز عام 1876 م(28). وبموجب هذا التفاهم أمنت روسيا القيصريةجانب مملكة النمسا – المجر وأمنت مملكة النمسا- المجر جانب روسيا القيصرية(29).

وترافق ذلك مع عزل السلطان عبد العزيز(30) Abdul Aziz) ) ( 1861 – 1876م((31)، في أواخر شهر آيار/ مايو عام 1876م ؛ على يد مدحت باشا ( MidhatPasha ) ( 1860-1869م) (32) ، وتولى الحكم السلطان عبد الحميد الثاني (33)(Abdul Hamid II ( ( 1876- 1909 م)(34).

لقد كانت إثارة المسألة الشرقية متوقعة منذُ عام 1875م، والتي بدأت بضعف سيطرة الدولة العثمانية على شبه الجزيرة البلقانية، ونمو الحركة القومية لدى شعوبها؛ والذي بدأ بإنشاء إمارات الصرب والجبل الأسود، ومملكة اليونان، وإمارة رومانيا، والتي يسكن فيها شعوب صربية وبلغارية ويونانية ورومانية. وكان البلغاريون قد حصلوا على دعم روسيا القيصرية ، فتمكنوا بمساعدتها من الحصول على كنيسة خاصة بهم مستقلة عن البطريارك اليوناني في إسطنبول – صدر بها فرمان في اليوم العاشر من شهر آذار عام 1870 م– خاضعة لرئيس ديني بلغاري، لقب بـ ” أكسارك “، ولكن لم يمارس مهامه الدينية إلا في عام 1872م ؛ وهذا ساعد على نمو الشعور القومي لدى البلغار (35).

إلا أن روسيا القيصرية– على الرغم من مساعدتها لثوار شبه جزيرة البلقان – كانت تطمع في السيطرة على بلغاريا، لكنها كانت تخشى معارضة الدول العظمى. ووجدت في الأعمال القمعية التي مارستها القوات العثمانية، لأخضاع التمرد البلغاري في عام 1876؛ فرصة مناسبة للتدخل. فالدعاية – كما سبقت الأشارة- وصفت الأعمال الأمنية بـ ” الرعب البلغاري ومسألة الشرق” ، وعملت على إثارة التعاطف الشعبي في أوربا تجاه البلغار والسلافيين، الذين يحاولون كسب أستقلالهم من الإمبراطورية العثمانية. فالثورة البلغارية أذن كانت جزءاً من الأزمة الشرقية عام (1875- 1878 م)، وهذه الأزمة بدورها واحدة من الأزمات الكثيرة التي ميزت ماسٌمي بالمسألة الشرقية (36).

ومما زاد في ضعف الدولة هو تنافس الدول الأجنبية لوراثة الإمبراطورية العثمانية، فروسيا القيصرية أدعت حق حماية الأرثوذكس، في حين أن فرنسا أدعت حماية رعاياها من الكاثوليك، وتطلعت مملكة النمسا- المجر إلى التوسع في البلقان؛ في حين وقفت بريطانيا العظمى بوجه الأطماع الروسية، لمنعها من القضاء على الرجل المريض. وبما أن الدولة العثمانية لم تعتزم القيام بالإصلاحات المقترحة لتحسين أوضاع رعاياها المسيحيين ؛ مما أعطى لروسيا القيصرية فرصة سانحة لإعلانها الحرب عليها فيما بعد، ثم نشوب الحرب الروسية – العثمانية في عامي ( 1877-1878 م) (37).

مفهوم المسألة الشرقية وأصولها الرئيسة وأهتمام الدول الأوربية بمصيرها

لقد أختلف المؤرخون في تعريف المسألة الشرقية اختلافاً كبيراً، فريق يرى ” أن المسألة الشرقية هي مجموعة معقدة من المصالح الأقتصادية والسياسية المتضاربة والقوميات المتنافسة والعقائد المتعددة والمتناقضة. ويرى فريق آخر أن المسألة الشرقية هي قضية أضمحلال القوة السياسية للإسلام. ويرى آخرون أنها أساس لمشكلة ملء الفراغ، الذي كان يوجد تدريجياً بسبب أختفاء الدولة العثمانية في أوربا. ويمكن القول أن المسألة الشرقية هي تلك المسألة التي تتكون من جميع العناصر الآتية، الدور الذي لعبه العثمانيون في تأريخ أوربا الحديث، ومنذ سنة 1453م، ومركز ولايات شبه جزيرة البلقان بين الدولة العثمانية والدول الأوربية، ومشكلة البحر الأسود وأحتلال المضائق (البسفور والدردنيل)، ثم مسألة أمتلاك إستانبول، ومركز روسيا في أوربا وأندفاعها للوصول إلى المياه الدافئة وأخيراً موقف الدول الأوربية الكبرى من كل هذه القضايا” ([1]).

” أو أنها عبارة عن مجموعة المشكلات الناتجة عن ضعف الإمبراطورية العثمانية، وتحدد ما هية هذه المسألة من خلال مضمونين. أولهما عام ؛ وهو متعلق بالعلاقات بين الشرق والغرب في المستويات كافة الحياتية والحضارية والروحية؛ وثانيهما خاص يتعلق بالعلاقات الأوربية – العثمانية على مختلف الأصعدة. وخصوصاً في سعي تلك البلدان للسيطرة على ممتلكات الدولة العثمانية، وإن كانت هذه المسألة قد ظهرت بمعناها الخاص منذ وجود الدولة العثمانية ، فأنها في معناها العام ترجع إلى تشابك العلاقات بين الشرق والغرب في العصور القديمة. فالحضارة أنطلقت من الشرق وشهدت علاقاته مع الغرب صراعاً كبيراً ما بين الغرب اليوناني والروماني وما بين المركز العربي الشرقي وحده من طرف، ومن ثم بروز الطرف الفارسي كطرف قوي وكبير في الحضارة العالمية ” ([2]).

في حين أتفق الكتاب والسياسيون على ” أن المسألة الشرقية هي مسألة النزاع القائم بين بعض دول أوربا وبين الدولة العثمانية، بشأن البلاد الواقعة تحت سلطانها، وبعبارة أخرى هي مسألة وجود الدولة العلية نفسها في أوربا. وقد قال كتاب آخرون من الشرق ومن الغرب بأن المسألة الشرقية هي مسألة النزاع المستمر بين النصرانية والإسلام، أي مسألة حروب صليبية منقطعة بين الدول القائمة بأمر الإسلام وبين دول المسيحية. إلا أن هذا التعريف وإن كان فيه شيء من الحقيقة فليس بصحيح تماماً؛ لأن الدول التي تنازع الدولة العثمانية وجودها لاتعاديها بإسم الدين فقط، بل في الغالب تعاديها طمعاً في زوال شيء من أملاكها. أن المسألة الشرقية نشأت مع الدولة نفسها، أي أنه منذ وطأت أقدام العثمانيين أرض أوربا وأسسوأ دولتهم الفخمة، قام بينهم وبين بعض الدول الأوربية النزاع الشديد ودارت الحروب العديدة” ([3]). ” أو أنها نزاع شديد بين الأمة العثمانية والأمم التي تحت حكمها، أو التي كانت تحت حكمها من جهة، ودخول الدول العظمى في هذا النزاع لسد أطماعها وتحقيق آمالها المتناقضة من جهة أخرى” ([4]). بينما رأى آخرون أن المسألة الشرقية ” هي مسألة العلاقات بين الإمبراطورية العثمانية وروسيا وولايات البلقان، الناشئة عن ضعف الدولة العثمانية وعدم قدرتها على الأحتفاظ بأملاكها؛ ثم موقف الدول الأوربية – وبصفة خاصة بريطانيا – من هذه العلاقات، أو بعضها” ([5]). مما يعني ” أنها عبارة عن مداخلة دول أوربا الكبيرة في شؤون الدولة الشرقية أي (العثمانية) على أثر ثورة 1821م، ومن بعدها ثورات الدول البلقانية المسيحية التي أنبعث من وراء دسائس بعض هذه الدول ضد الدولة العثمانية، بدعوى حماية المسيحيين في الشرق بحسب تعهد سلاطين بني عثمان لهذه الدول عندما منحوها هذا الحق ! هذا هو وجه المسألة في الظاهر !! وأما في الحقيقة والواقع فمع رغبة تلك الدول بحماية المسيحيين في الشرق كانت ترمي إلى أقتسام البلاد العثمانية فيما بينها، وقد ظهرت هذه الغاية عندما أتحدت روسيا والنمسا – المجر من جهة ثم روسيا وفرنسا من جهة أخرى، وصمموا على أقتسام المقاطعات العثمانية بينهم” ([6]).

تدخل الدول الكبرى في تحديد مصير الدولة العثمانية فبعد ظهور الدولة العثمانية، ” وفتحت أبواب أوربا بعد أن تسلقت أسوار القسطنطينية صار مفهوم السلام والأمن العالمي يعرف بالمسألة الشرقية، وكان هدفه آنذاك لايتعدى أن يوقف زحف الدعوة الإسلامية التي طرقت أبواب فيّنا ووقفت على هضبات روما متطلعة بشوق إلى الفاتيكان، ثم تحول الهدف إلى استرداد الأراضي الأوربية، وما لبث أن تمادى إلى حد الطمع بالرجل المريض ” وتركته الآسيوية” ؛ بعد أن نازع العثمانيون بريطانيا وفرنسا طويلاً في سيادتهما على البحار وطرق المواصلات الدولية ” ([7]). فمن ما سبق يتبين ” أن المسألة الشرقية تتناول المصالح المتضاربة، والتنافس العنيف الذي وقع بين الدول الأوربية والشرق الأدنى، في مجالات السياسة والأقتصاد والدين ولكنها، على وجه التحديد، كما كانت تعنيه في القرن التاسع عشر للميلاد، مسألة تتناول في الدرجة الأولى، الدولة العثمانية منذ أن ظهر العثمانيون في آسيا الصغرى، وفي جنوبي أوربا، وفي منطقة الشرق الأدنى ” ([8]).

وأن مصطلح المسألة الشرقية، ورد لأول مرة خلال مباحثات مؤتمر فيرونا (Congress of Verona) ، الذي عقده المحفل الأوربي في عام 1822م، وذلك لمناقشة الوضع الذي نشأ في البلقان نتيجة لنمو الحركات القومية ومطالبتها بالإستقلال الدولة العثمانية، ومنها الأنتفاضة التي قام بها اليونان في عام 1821م، ومنذ ذلك الوقت تم أستخدام المصطلح في الدراسات والعلاقات الدبلوماسية ([9]).

لكن المسألة الشرقية كما يرى بعض الباحثون أنها أنطلقت فعلاً قبل عقد مؤتمر فيرونا، ” وربما تكون حملة نابليون بونابرت على مصر، قد أعلنت السباق إلى وراثة السلطنة العثمانية، من قبل الدول الأوربية” ([10]).

إلا أنه بفتح القسطنطينية ظهرت فكرة صليبية جديدة ، ” إذ تحولت الفكرة الصليبية من محاولة أنتزاع الأراضي المقدسة من المسلمين ، إلى صراع دفاعي الغرض منه أنقاذ أوربا من الأتراك. وحاول البابا بيوس الثاني ( Pius II)، نشر الفكرة الصليبية الجديدة في أوربا، وتوحيد الملوك المسيحيين ضد الأتراك ” . ولكنه فشل في محاولته ([11]).

وما بين القرنين الثالث عشر للميلاد والقرن السادس عشر للميلاد، نمت الدولة العثمانية، نمواً سريعاً، فقد عبر العثمانيون خلال الرابع عشر للميلاد، إلى شبه جزيرة البلقان وسيطروا على مراكز أستراتيجية مهمة في الجزيرة البلقانية؛ ومنها الصرب في عام 1389م، وإمارة بلغاريا في عام 1393م، وبلاد اليونان في عام 1399م؛ كما سقطت عاصمة الدولة الببيزنطية القسطنطينية في عام 1453م، بعد سقوط أغلب أجزائها ([12]). كما أنها أحتلت الوطن العربي وأستولت على جزيرة كريت (Crete) وبودوسيا من شبه جزيرة البلقان ووصلت إلى آخر حدود المجر، وخلال القرنين السادس عشر والسابع عشر للميلاد، حيث بلغت قمة أتساعها، وحاصرت العاصمة فيّنا مرتين، بعد أن أحتلت بلاد النمسا – المجر، فأخذت الدول الأوربية تحاول التقرب من سلاطينها، إلا أن تلك الدول أمست تأخذ بالأنحدار والتقهقر وبخاصة بعد حصار فيّنا في عام 1683م ([13]).

في حين بلغت الإمبراطورية العثمانية أوسع أتساعها في القرن السابع عشر للميلاد، والتي حكمت ما يقرب من ستمائة عام تقريباً ([14]). إلا أنه خلال مطلع القرن الثامن عشر للميلاد، أخذت الدول الأوربية بالتوسع على حساب الدولة العثمانية، على أثر الضعف والتدهور، الذي أصابها وتبدأ حينئذ المسألة الشرقية، ” بمشاكلها وتأثيراتها على السياسة الدولية” ([15]). فمع بدء أنحسار التوسع العثماني عن أوربا، وضعف نفوذهم العسكري بالنسبة لدول أوربا، ” وبخاصة بالنسبة لجيرانهم الروس والنمساويين” ، ظهرت المسألة الشرقية مرة أخرى ([16]). مما دفع بالدول الأوربية لتقسيم تركة الرجل المريض، فيما بينهم بعدما وصلت اليه الدولة العثمانية إلى أقصى درجات الأنحلال والتدهور، فأخذت الولايات البلقانية التي كانت تحت حكمها تطالب بالإستقلال عن الحكم العثماني ([17]).

اتخذت مسألة الشرق الأدنى شكلها الحديث، خلال الربع الأخير من القرن الثامن عشر للميلاد ، فقد تحكمت بها ثلاثة عوامل هي ” ضعف الباب العالي المتزايد في القسطنطينية، وظهور عدد من القوميات المسيحية الفتية في شبه جزيرة البلقان”، وتأثير هذين العاملين على سياسة الدول الأوربية تجاه الدولة العثمانية ([18]). فأخذت الدول العظمى تتدخل في شؤون الدولة العثمانية الداخلية، بطرق وأساليب مختلفة، أعتماداً إلى الأمتيازات الممنوحة من لها من العثمانيين ، في فترات مختلفة؛ والتي أعتبرتها الدول الأوربية بمثابة حقوق مكتسبة لها ولرعاياها المسيحيون. مما أدى إلى عرقلة الجهود المبذولة في سبيل تحقيق التنظيم والتقدم خلال عهد التنظيمات (Tanzimat) العثمانية، فأصبحت مجالاً للعديد من المساومات في عهد المشروطية، وأدت إلى نتائج مهمة وخطيرة قبل نشوب الحرب العالمية الأولى (1914-1918)([19]).

لذا يعتبر القرن التاسع عشر للميلاد، عصر التدخلات الأوربية المباشرة في تحديد مصير الدولة العثمانية، ” وهو أيضاً عصر التنظيمات، وعصر النهضة العربية” ([20]). فعندما أخذت الدولة العثمانية تضعف تدريجياً وتقع ضحية الفوضى والفساد في الداخل، أخذت الدول والشعوب التي كانت ترزخ تحت نير السيطرة العثمانية ، تتحرك لدفع خطر الأحتلال العثماني، عن أراضيها ([21]).

وفي الربع الأول من القرن التاسع عشر للميلاد ، أخذت الدول الأوربية – ما عدا فرنسا وروسيا – النظر في مصير الدولة العثمانية، أخذة بنظر الأعتبار ضرورة بقاء الدولة العثمانية وكيانها ووجودها، للمحافظة على توازن القوى، أي عدم الأخلال بالتوازن السلمي الدولي في أوربا. وكانت بريطانيا في مقدمة الدول المتمسكة بمبدأ المحافظة على كيان الإمبراطورية العثمانية (The Integrity of the Ottoman Empire) آنذاك . حيث ” وضع أساسه الأوربيون هذا المبدأ في صورته النهائية، خلال الثلاثينات من القرن التاسع عشر للميلاد ” ، حيث كانت روسيا تهدد بوضع الدولة العثمانية ومضائقها البوسفور (Bosphorus) والدردنيل (Dardanelles) تحت حمايتها ([22]).

وكان من أبرز المسؤولون البريطانيون عن تقرير مبدأ المحافظة على كيان الإمبراطروية العثمانية ، وزير خارجيتها جورج كاننج (George Canning) (1822-1827م)، وأيضاً تسارتفورد كاننك (Stratford Canning) (1842-1858م)، الذي أصبح يعرف باللورد ستراتفورد دي ردكليف (Lord Strat ford De Redcliffe) (1842-1858م)، سفيرها في أسطنبول، حيث شغل هذا المنصب في الدولة العثمانية لسنوات طويلة؛ وخلال سفارته الأولى خلال عام 1826م إلى عام 1832م، كان من المؤيدين لإستقلال اليونان وأنفصالها عن الدولة العثمانية ([23]).

وكان أيضاً من أقطاب الساسة المحافظين وزير الخارجية البريطاني على كيان الدولة العثمانية، اللورد هنري جون بالمرستون (Lord H.J.Palmerstone) (1859-1865م)، وأيضاً السفير البريطاني لدى أسطنبول، اللورد بونسونبي (Lord Ponsonby) (1832-1842م)، والذين كان عليهما أن يتخذا قراراً حاسماً، فيما يجب عمله أزاء روسيا وفرنسا ومشاريعهما التي تهدد الدولة العثمانية، في الثلاثينات من القرن التاسع عشر للميلاد ، فنشأ على أثر ذلك المبدأ الذي نادى بإستقلال الدولة المحافظة على كيانها” ([24]).

وكان ” بالمرستون يرى في هذا المبدأ، تأمين مصالح بريطانيا، وتأكيد مركزها في البحر المتوسط” ، وسلامة طرق مواصلاتها إلى الهند، وكذلك العمل لايجاد الوسيلة الملائمة لوقف أطماع روسيا وفرنسا ([25]). وكان اللورد بونسونبي السفير البريطاني في أسطنبول، من الذين ناقشوا سياسة أرغام الدولة العثمانية للأخذ بأسباب الإصلاح والتقدم الأوربي، وأكد على ” توزيع السلطة السياسية” حيث يسمح لرعايا الدولة من النصارى بنصيب فيها، وبالتالي سيؤدي إلى الأطاحة بنفوذ المسلمين وسلطتهم ([26]). فتعرضت الدولة العثمانية خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 1788م و1791م ” لهجوم روسي – نمساوي مشترك، وأندفعت روسيا في الأراضي العثمانية … بحجة حماية الرعايا المسيحيين من الأرثوذوكس ” ، وفي هذه الظروف التي تعرضت فيها الدولة العثمانية، لضغوط قوية من بعض الدول الأوربية، أنشأ الوزير البريطاني وليام بت (Pitt)، الذي يندد بإسم بريطانيا بخطر الزحف الروسي والتهديد القائم لسلامة الدولة العثمانية([27]).

ومع أن البرلمان البريطاني آنذاك لم يوافق بت على موقفه هذا ، ” إلا أنه أثنى بموقفه قاعدة سوف يحتذ بها خلفاؤه من بعده” ، فانتهج السياسيون البريطانيون، طوال ما يقارب من قرن من الزمن، سياسة موالية للدولة العثمانية ومناهضة لروسيا. فقد تولت بريطانيا مسألة حماية الدولة العثمانية، وذلك لأنها أصبحت تشكل خطراً على مصالح بريطانيا، ليس بسبب قوتها، وأنما بسبب ضعفها ([28]).

وإزاء هذه السياسة التي نهجها بت، نجد أن معظم الحروب التي قامت خلال القرن التاسع عشر للميلاد ” ، أنما قامت بسبب المسألة الشرقية، وكان السبب المباشر لقيامها ثورة القوميات المسيحية في البلقان على الدولة العثمانية ” ، للحصول على إستقلالها في إدارة شؤونها، أو بدافع من قبل الدولة الصقلبية روسيا، والتي أدعت حماية مصالح دول البلقان([29]).

لقد أتخذت المسألة الشرقية الشديدة التعقيد أحجاماً واسعة النطاق، ومرت في أطوار متعددة الجوانب، حتى أنه أصبح من الصعب حصرها في أطار واحد من التعريف ([30]).

وقد أرتكزت الأصول الرئيسية للمسألة الشرقية على عدة عوامل منها:

أولاً: ” الصراع التقليدي بين الشرق الإسلامي وأوربا الصليبية: حقيقة أن الفكرة الصليبية التقليدية كانت قد أختفت منذ القرن السادس عشر الميلاد، إلا أن المشاعر الصليبية كانت تواجه النشاط الفردي الأوربي، وتواجه الساسة الأوربيين . وقد كان التوسع الأوربي على حساب الدولة العثمانية المتدهورة أمراً مقبولاً من قبل المجتمع الأوربي وساسة أوربا.

ثانياً: ضعف الدولة العثمانية: من الناحية السياسية والأقتصادية والعسكرية إلى أزدياد الاطماع الأوربية فيها وظهور ” المشكلة الشرقية ” . وقد كان هناك تنافس روسي – نمساوي على وراثة الدولة العثمانية في شبه جزيرة البلقان، خاصة بعد حرب القرم عام (1853-1856م)، وبعد معركة سادوا عام 1866م، حيث أصبح المجال الحيوي للنمسا- المجر، وأصبحت أية تطورات في البلقان ذات تأثير كبير في إمبراطورية النمسا – المجر ” ([31]).

فمنذ أواخر القرن الثامن عشر للميلاد وأوائل العقد الأول من القرن التاسع عشر للميلاد ، بدأت الدولة العثمانية بالتدهور والأنحلال، عملت الدول الأوربية بالتفكير على وراثة أملاكها، وكانت أكثر هذه الدول أهتماماً بمصيرها هي :

  • بريطانيا: حيث كانت تسعى لتأمين طرق مواصلاتها إلى الشرق الأقصى والهند بخاصة وتأمين تجارتها معها، سواء كان ذلك عن طريق البحر الأحمر وقناة السويس، أو عن طريق الخليج ونهري دجلة والفرات.
  • روسيا القيصرية: أما روسيا فأرادت أن تجد لها منفذاً من البحر الأسود إلى البحر المتوسط، للوصول للمياه الدافئة؛ من خلال سيطرتها على العاصمة إسطنبول ومضائق البسفور والدردنيل، وبالتالي يكون لها أن تؤسس دولة سلافية كبيرة، بعد سيطرتها على شبه الجزيرة البلقانية.
  • فرنسا : التي تبنت حماية مصالح رعاياها الكاثوليك في الليفانت (Levant)(31)، وبخاصة المارونيين في لبنان، لحماية مصالحها في هذه المنطقة ، ثم ” أستعلاء نفوذها في أملاك الدول الأخرى في الساحل الشمالي الإفريقي” ، في بلاد المغرب (تونس والجزائر ومراكش).
  • وفيما عدا هذه الدول الثلاث الرئيسة التي ذكرناها، فإن هناك دولاً أخرى كالنمسا – المجر وبروسيا، أهتمت بمصير هذه الإمبراطورية، التي أصبح من المتوقع هلاكها وتفككها، والتي سميت برجل أوربا المريض ([32]).

لقد سعت الدولتان البريطانية والفرنسية إلى تعزيز نفوذهما السياسي والأقتصادي على الدولتان العثمانية، ومنطقة الشرق الأدنى عموماً، في روسيا، وتحقيق نجاحات خارج حدودها ولترسيخ نفوذها في الدولة العثمانية، ولهذا تعمقت المنافسة بين هذه الدول، بعد أصطدام مصالحهم الأستعمارية ([33]).

الخاتمة

إن المسألة الشرقية هي مسألة الصراع بين الدول الأوربية الكبرى آنذاك، حول تعزيز النفوذ في الدولة العثمانية وإقتسام ممتلكاتها، وقد حدد زمن هذه المسألة تبعاً لتوجهات الكتاب، فالبعض أرجع أصولها إلى مرحلة مبكرة من تأريخ الدولة العثمانية، حين إمتدت ممتلكاتها في أوربا الشرقية، وهناك من عممها وشمل بها كل الصراع الذي نشب بين الشرق الإسلامي والغرب على مر العصور التأريخية ، ولكن هذه الأفكار لايمكن الأخذ بها، لأنه من البّين أن هذه المسألة تتحدد بالزمن الذي نشأ فيه التنافس والخلاف بين الدول الأوربية بصدد الممتلكات العثمانية، وقد إشتد هذا الأمر في النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي، وإمتد لحين سقوط هذه الدولة وتوزيع بلدانها. ولزيادة التعرف على هذه المسألة تأريخياً، هناك من ذهب إلى إنها مرت بمراحل ثلاث، الأولى بدأت منذُ أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، وإلى إنتهاء حرب القرم، بين الأعوام (1853-1856م)، وفيها كان دور روسيا أكثر من غيرها من الدول، في محاولة التوسع في أملاك الدولة العثمانية، وضمت إليها أراضي منها وحظيت بأمتيازات. والمرحلة الثانية بعد الحرب المذكورة وإلى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي ، وفي هذه المدة زاد التنافس بين بريطانيا العظمى وفرنسا ومملكة النمسا – المجر، في التوسع الأقتصادي في أجزاء الدولة وإقتناص الفرص لضم أجزاء من أراضي الدولة العثمانية إليها، تحت أغطية سياسية مختلفة . والمرحلة الثالثة تعد من أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وإلى زمن إنهيار الدولة بعد الحرب العالمية الأولى ، وتمّيز فيها الدور الألماني ، الذي تفوق على الدول الأوربية الأخرى، من حيث الإمتيازات التي حصلت عليها ألمانيا، وهذا الأمر زاد من حدة النزاع مع بقية الدول الأوربية، وقاد إلى قيام الحرب في عام 1914م.

قائمة المصادر

أولا : المصادر العربية والمعربة

  1. – أ. ج. جرانت وهارولد تمبرلي، أوربا في القرنين التاسع عشر والعشرين 1789-1950 ، ترجمة محمد علي أبو درة ولويس أسكندر، مراجعة أحمد عزت عبد الكريم ج4، ط6، مطابع سجل العرب ، (القاهرة، 1967 ).
  2. – أحمد الشنتناوي ، إبراهيم زكي خورشيد، دائرة المعارف الإسلامية، أصدرها بالألمانية والإنجليزية والفرنسية وأعتمد في الترجمة العربية على الأصلين الإنجليزي والفرنسي، مراجعة محمد مهدي علام، مج5.
  3. أحمد عبد العزيز عيسى، فايزة محمد ملوك، أوربا في القرنين التاسع عشر والعشرون، مكتبة بستان المعرفة لطباعة ونشر وتوزع الكتب، (الإسكندرية، 2011 ).
  4. إسماعيل أحمد ياغي، الدولة العثمانية في التأريخ الإسلامي الحديث، ط3، مكتبة العبيكان، ( الرياض، 2002).
  5. البرت حوراني، الفكر العربي في عصر النهضة 1798-1939 م، ترجمة كريم عزقول، (بيروت، 1968 ).
  6. بيتر شوكر، أوربا العثمانية 1354-1804، ترجمة عاصم الدسوقي، دار الثقافة الجديدة، (القاهرة، 1998 ).
  7. بيير رنوڤان، تأريخ العلاقات الدولية (القرن التاسع عشر) 1815-1914، تعريب جلال يحيى، ط3، دار المعارف، (الإسكندرية، 1980).
  8. تشارلز ييلافيتش ، بربارا ييلافيتش، ، تفكيك أوربا العثمانية (إنشاء دول البلقان القومية) 1804-1920 م ، ترجمة عاصم الدسوقي، ط1، دار العالم الثالث للنشر، (القاهرة،2007 ).
  9. ج . ب . تايلور، الصراع على سيادة أوربا 1848-1918 م، ترجمة فاضل جتكر، ط1، كلمة للنشر والمركز الثقافية العربي، ( بيروت – أبو ظبي، 2009 ).

(10) حسن علوان ياسين، الثورة الروسية وأثرها على المشرق العربي الاسلامي 1917-1924، ط1، دار الجواهري، (بغداد، 2012 ).

  1. حسين لبيب، تأريخ المسألة الشرقية، تأريخ المسألة الشرقية،مطبعة الهلال،(مصر،1921).

(12) حميد أحمد حمدان التميمي، التطور التأريخي لهيكل القضاء العثماني وأثره في العراق 1839-1914 م، أطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية الآداب، (جامعة البصرة، 1995).

(13) ساهرة حسين محمود الصامري، أوضاع الدولة العثمانية في عهد السلطان عبد العزيز 1861-1876 ” إصلاحاته والتطورات في البلقان”، دار الحداثة للطباعة والنشر ، (بغداد، 2019).

(14) سفيان الصفدي، الموسوعة التأريخية لدول العالم وقادتها، ج5، ط1، دار أسامة للنشر والتوزيع، (عمان، 2000 ).

(15) سليمان جوقه باش، السلطان عبد الحميد الثاني شخصيته وسياسته، ترجمة عبد الله أحمد إبراهيم، المركز القومي للترجمة،(القاهرة، 2008).

(16) السيد حسين جلال، تأريخ الشعوب الإسلامية في العصر الحديث، ط1، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، (الإسكندرية، 2002 ).

(17) عبد العزيز سليمان نوار وعبد المجيد نعنعي، التأريخ المعاصر، أوربا من الثورة الفرنسية إلى الحرب العالمية الثانية، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، (بيروت، 1973).

(18) عبد الوهاب الكيالي , موسوعة السياسة ،ج1، ط4 ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ( بيروت ، 1999 ).

(19) عبد الوهاب عباس القيسي، حركة الإصلاح في الدولة العثمانية وتأثيرها في العراق 1839-1877 م. مجلة كلية الآداب، ع3، كانون الثاني، مطبعة العاني، (جامعة بغداد،1961).

(20) عزيز مرقس منصور، الوحدة الإيطالية من عام 1848 م إلى عام 1861 م، الدار القومية للطباعة والنشر، (القاهرة، د.ت).

(21) عصام محمد شبارو، دار مصباح الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، (بيروت، 1987).

علي حسون، العثمانيون والبلقان، ط2، المكتب الإسلامي ، (بيروت – دمشق، 1986).

(22) عمر عبد العزيز عمر، ، تأريخ أوربا الحديث والمعاصر ( 1815- 1919)، دار المعرفة ذ الجامعية، (الإسكندرية، 2000 ) .

(23) عيسى الحسن، الدولة العثمانية عوامل البناء وأسباب الأنهيار، ط1، الأهلية للنشر والتوزيع، (عمان – بيروت، 2009).

(24) كارلتون هيز ، التأريخ الأوربي الحديث 1789-1914 ، ترجمة فاضل حسين، مطبعة دار الكتب للطباعة والنشر، (الموصل، 1987) .

(25) محمد بركات، الحرب العالمية الأولى، قصة الأطماع … ومأساة الصراع، ط1، دار الكتاب العربي، (دمشق، 2007).

(26) محمد عصفور سلمان، العراق في عهد مدحت باشا 1286-1289هـ/ 1869-1872م، مؤسسة مصر مرتضى للكتاب العراقي، (القاهرة- بغداد، 2010 ).

(27) محمد فؤاد شكري، الصراع بين البرجوازية والأقطاع 1789-1848 ، مج2، دار الفكر العربي، (القاهرة، 1958 ).

(28)محمد محمد صالح، تأريخ أوربه الحديث 1870-1914 ، مطبعة شفيق، (بغداد، 1968 )

(29) محمود شاكر، الخلفاء العثمانيون (923-1342هـ)، ط1، المكتب الإسلامي، (بيروت، 2003 ).

(30) مسعود الخوند، الموسوعة التأريخية الجغرافية – القارات – المناطق – الدول – البلدان – المدن – معالم – وثائق – موضوعات – زعماء ، ج5، دار روّاد النهضة للطباعة والنشر والتوزيع، (بغداد، 2005).

(31) مصطفى كامل باشا، المسألة الشرقية، ج1، ط2،مطبعة اللواء،(القاهرة، 1909 ).

(32) منير البعلبكي، موسوعة المورد العربية، دائرة معارف ميسرة مقتبسة عن ” موسوعة المورد”، إعداد رمزي البعلبكي،مج 1، ط1، دار العلم للملايين، ( بيروت، 1990).

(33) موفق بن المرجة، صحوة الرجل المريض أو السلطان عبد الحميد الثاني والخلافة الإسلامية، مؤسسة صقر الخليج للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، مطابع دار الكويت للصحافة ” الأنباء ” ، (الكويت، 1984).

(34) ميلاد . أ . المقرحي ، تأريخ أوربا الحديث والمعاصر من عصر النهضة إلى الحرب العالمية الثانية، ط2، منشورات الجامعة المفتوحة، (ليبيا ، 1995).

(35) ميلاد . أ . المقرحي، موجزتأريخ أوربا الحديث والمعاصر، منشورات جامعة قان يونس، (بنغازي، 1998) .

(36) نوفل أفندي نعمة الله نوفل، الدستور ترجمه من اللغة التركية إلى العربية ، بمراجعة وتدقيق خليل أفندي الخوري، مج1، المطبعة الأدبية، (بيروت، 1301هـ-1883م).

(37) هاشم صالح التكريتي، المسألة الشرقية المرحلة الأولى 1774- 1856 ، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، بيت الحكمة، ( بغداد، 1990) .

(38) يوسف كمال بك حتاته ، صديق الدملوجي، مدحت باشا حياته – مذكراته – محاكمته، ط1، الدار العربية للموسوعات، (بيروت، 2002 ).

ثانياً :المصادر الأجنبية

(1) أرشيف رئاسة أستانبول، تصنيف AMT204، رقم الملفة 1، كتاب دائرة الأمور الداخلية.

(2) Martin Gabrie, Bosnien und die Herzegowina in den militärstrategischen Planungen der Habsburgermonarchie (1700-1870), Historija Bosne I Bošnjaka od, V.20, (Babic, 2001).

(3) Сучалкин, Евгений Анатольевич , Русско-турецкая война 1877-1878 гг. в оценках российских современников, кандидат исторических наук , диссертации по истории, (2013 Белгород).

(4) Geoffrey Lewis, Turkey, Third Edition Ernest Benn Limited, (London, 1965).

(5) Познахирев Виталий Витальевич , Турецкие пленники в войнах России за 1677–1917 гг.

(6) диссертации на соискание ученой степени кандидата исторических наук , Курского государственного университета , (Курск 2012).

(7) The New Encyclopaedia Britannica, Vol.2, Edition 15, (U.S.A.), 2010.

(8)Will S.Monroe Bulgaria and Her People, First Edition, the Page Company, (Boston, UnStates of America, 1914).

الهوامش:

  1. () ميلاد . أ . المقرحي، موجز تأريخ أوربا الحديث والمعاصر، منشورات جامعة قار يونس، ( بنغازي، 1998)، ص 143. للمزيد من التفاصيل ينظر: صبحي عبد المنعم، الشرق الإسلامي زمن المماليك والعثمانيين، العربي للنشر والتوزيع، (القاهرة، 1994)، ص ص 153-154.
  2. () محمود علي عامر، تأريخ الإمبراطورية العثمانية ” دراسة تأريخية وأجتماعية” ، ط1، منشورات دار الصفدي للطباعة والنشر والتوزيع، (دمشق، 2004)، ص205.
  3. () مصطفى كامل باشا، المسئلة الشرقية ، ج1، ط2، مطبعة اللواء، (القاهرة، 1909)، ص ص 3-4.
  4. () عضو جمعية عربية سرية، ثورة العرب الكبرى 1916، سلسلة أحياء التراث الأردني (8)، ط2، منشورات وزارة الثقافة، (عمان، 1991)، ص 4.
  5. () محمد ضياء الدين الريس، تأريخ الشرق العربي والخلافة العثمانية أثناء الدور الأخير للخلافة 1774-1924، وهو يشمل تأريخ مصر، تركيا، والشام، والعراق، وجزيرة العرب منذ أواخر القرن الثامن عشر إلى العصر الحاضر، ج1، مطبعة لجنة البيان العربي، ( القاهرة، 1950)، ص ص 162-163.
  6. () محمد مصطفى الهلالي، السلطان عبد الحميد بين الأنصاف والجحود، ط1، دار الفكر، أصولها ، (دمشق، 2004)، ص 30.
  7. () موفق بن المرجة، صحوة الرجل المريض أو السلطان عبد الحميد الثاني والخلافة الإسلامية ، مؤسسة صقر الخليج للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، مطابع دار الكويت للصحافة، ” الأنباء ” ، ( الكويت ، 1984)، ص 47.
  8. () زين نور الدين زين، الصراع الدولي في الشرق الأوسط وولادة دولتي سوريا ولبنان، ط2، دار النهار للنشر، (بيروت، 1977)، ص 22.
  9. () حسن علوان ياسين، الثورة الروسية وأثرها على المشرق العربي والإسلامي 1917-1924، ط1، دار الجواهري، (بغداد، 2012)، ص 39.
  10. () عارف العبد، لبنان والطائف تقاطع تأريخي ومسار غير مكتمل، سلسلة أطروحات الدكتوراه (40)، مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، (بيروت، 2001)، ص 48.
  11. () حسن صبحي، معالم التأريخ الأمريكي والأوربي الحديث، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، (بيروت، 1968)، ص 165.
  12. () محمد أنيس، الدولة العثمانية والشرق العربي (1514-1914)، مكتبة الأنجلو المصرية، (القاهرة، 1984)، ص 165.
  13. () محمد إبراهيم محمد، مقاومة العرب للأضطهاد العثماني، دار الجواهري، (بغداد، 2011)، ص 105.
  14. () أحمد عبد العزيز محمود، تركيا في القرن العشرين، المكتب الجامعي الحديث، (د.م، 2012)، ص 36.
  15. () جورج حداد، تأريخ أوربا والمسألة الشرقية في الأزمنة الحديثة، ط2، مطبعة سبع أخوان، ( حلب ، 1941)، ص 152.
  16. () حسن علوان ياسين، المصدر السابق، ص 37.
  17. () أحمد عبد العزيز عيسى، فايزة محمد ملوك، أوربا في القرنين التاسع عشر والعشرون ، مكتبة بستان المعرفة لطباعة ونشر وتوزيع الكتب، ( الإسكندرية، 2011)، ص 71.
  18. () أ . ج . جرانت وهارولد تمبرلي، أوربا في القرنين التاسع عشر والعشرين 1789-1950، ترجمة محمد علي أبو درة ولويس أسكندر، مراجعة أحمد عزت عبد الكريم، ج3، ط6، مطابع سجل العرب، ( القاهرة، 1967)، ص 366.
  19. () محمد إبراهيم محمد، المصدر السابق، ص 105.
  20. () خالد زيادة ، الثوابت والمتغيرات الأساسية في حركة الوعي الجماعي القومي العربي والتركي منذ إعلان الجمهورية التركية، بحث منشور ضمن كتاب العلاقات العربية – التركية، حوار مستقبلي بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، ( بيروت، 1995)، ص 99.
  21. () جمال محمود حجر، القوى الكبرى والشرق الأوسط (في القرنين التاسع عشر والعشرين)، تقديم عمر عبد العزيز عمر، ط1، دار المعرفة الجامعية، (الإسكندرية، 1989)، ص 12.
  22. () إسماعيل أحمد ياغي، الدولة العثمانية في التأريخ الإسلامي الحديث، ط3، مكتبة العبيكان، ( الرياض، 2002)، ص ص 141-143.
  23. () السيد رجب حراز، الدولة العثمانية وشبه جزيرة العرب 1840-1909، الطبعة العالمية، معهد البحوث والدراسات العربية، (القاهرة، 1970)، ص ص 11-12.
  24. () إسماعيل أحمد ياغي، المصدر السابق، ص 143؛ السيد رجب حراز، المصدر السابق، ص 12.
  25. () إسماعيل أحمد ياغي، المصدر السابق، ص 143.
  26. () المصدر نفسه ، ص 163.
  27. () جمال محمود حجر، المصدر السابق، ص 13-14؛ أ. ج. جرانت وهارولد تمبرلي، المصدر السابق، ج3، ص 366.
  28. () جمال محمود حجر، المصدر السابق، ص 14.
  29. () أحمد عبد العزيز عيسى وآخرون، المصدر السابق، ص 72.
  30. () زين نور الدين زين، الصراع الدولي في الشرق … المصدر السابق، ص 22.
  31. () ميلاد المقرحي، تأريخ أوربا الحديث والمعاصر من عصر النهضة إلى الحرب العالمية الثانية، ط2، منشورات الجامعة المفتوحة، (ليبيا، 1995)، ص ص 209-210؛ أحمد عبد العزيز عيسى وآخرون، المصدر السابق، ص ص 145-146.
  32. () إسماعيل أحمد ياغي، المصدر السابق، ص 141؛ السيد رجب حراز، المصدر السابق، ص ص 9-10. للمزيد من التفاصيل حول مواقف هذه الدول الأوربية، ينظر: أحمد عبد العزيز عيسى وآخرون، المصدر السابق، ص ص 82-84.
  33. () هاشم صالح التكريتي، دبلوماسية حرب القرم 1853-1856، مجلة المؤرخ العربي، ع 36، السنة الرابعة عشر، الأمانة العامة لأتحاد المؤرخين العرب، (بغداد، 1988)، ص 103