الاحتراق النفسي واستراتيجيات المواجهة لدى أطر الدعم الاجتماعي

سناء جريفي1

1 كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الحسن الثاني -المحمدية، المغرب

البريد الإلكتروني:jrifisanae@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(7); https://doi.org/10.53796/hnsj4719

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/07/2023م تاريخ القبول: 19/06/2023م

المستخلص

تناول المقال القضية الهامة للتحديات التي تواجه أطر الدعم الاجتماعي وتؤدي إلى الاحتراق النفسي. يشير المقال إلى أن هناك عوامل متعددة تؤثر في حدوث الاحتراق النفسي، مثل ضغوط النفسية والعاطفية ونقص الدعم والاعتراف، والتحديات المهنية والشخصية.

يسلط المقال الضوء على تأثير الاحتراق النفسي على أداء أطر الدعم الاجتماعي، حيث يمكن أن يؤدي الاحتراق النفسي إلى تدهور الأداء والفعالية في تقديم الدعم للمتعلمين والمتعلمات. كما يشير إلى أن الاحتراق النفسي قد يؤثر على القدرات التواصلية مع المتعلمين والمتعلمات بغية فهم احتياجاتهم، ويتسبب في الإرهاق والإحباط، وتأثيرات سلبية على العلاقات المهنية.

وبالنسبة للتغلب ومواجهة الاحتراق النفسي وتعزيز صحة أطر الدعم الاجتماعي، يقدم المقال بعض الاستراتيجيات والممارسات المنهجية المهمة. ويشدد على أهمية تعلم استراتيجيات إدارة الضغوطات مثل التخطيط الجيد للوقت والتنظيم وتحديد الأولويات، وتوفير الدعم الاجتماعي والتواصل مع الزملاء والأصدقاء، والعناية بالصحة النفسية والبدنية.

أخيرا، يستعرض المقال كيفية تحسين بيئة العمل المؤسسة التعليمة لدعم أطر الدعم الاجتماعي وتقليل حدوث الاحتراق النفسي. ويشير إلى ضرورة تعزيز الدعم المؤسسي والتقدير والاعتراف بالجهود المبذولة، وتوفير فرص التطوير المهني، وخلق التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية.

الكلمات المفتاحية: أطر الدعم الاجتماعي، الاحتراق النفسي، استراتيجيات مواجهة.

Research title

Burnout and Coping Strategies among Social Support Professionals

Sanae Jrifi1

1 Faculty of Arts and Human Sciences, Hassan II University – Mohammedia, Morocco

Email: jrifisanae@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(7); https://doi.org/10.53796/hnsj4719

Published at 01/07/2023 Accepted at 17/06/2023

Abstract

This paper examines the important issue of the challenges faced by social support professionals that leading to burnout. It highlights various factors contributing to burnout, including psychological and emotional pressures, lack of support and recognition, professional and personal challenges.

The article emphasizes the impact of burnout on the performance of social support professionals, indicating that it can lead to a decline in their effectiveness in providing psychological, social, and health support to learners. Burnout may hinder their ability to interact with learners, understand their needs, and negatively affect the relationships they build with students, teachers, and administrators.

To overcome burnout and promote the well-being of social support professionals, the article suggests several strategies and practices. It emphasizes the importance of learning stress management strategies such as effective time planning, organization, prioritization, and utilizing relaxation and breathing techniques. It also highlights the significance of seeking social support, connecting with colleagues, friends, and family, discussing professional and emotional challenges, and benefiting from their ideas and experiences.

Furthermore, the article stresses the importance of prioritizing mental and physical health for social support professionals. It encourages seeking professional assistance when needed and maintaining a healthy work-life balance.

In conclusion, the current paper tackles the challenges faced by social support professionals and the detrimental impact of burnout on their performance. It provides strategies for managing stress, seeking social support, and prioritizing mental and physical well-being. By implementing these strategies and creating a supportive work environment, it is possible to mitigate burnout and enhance the effectiveness of social support professionals in providing assistance to learners.

Key Words: Social support professionals, Burnout, Coping strategies.

مقدمة:

تلعب أطر الدعم الاجتماعي دورا حيويا في تأمين بيئة تعليمية وصحية مناسبة. حسب المقرر الوزاري لوزارة التربية والتعليم الأولي والرياضة سنة 2020، حيث تم تحديد فيه مجالات الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي لمواكبة توظيفهم ضمن أطر الأكاديمية الجهوية لتربية والتكوين، وترتيبا عليه تسند للملحق الاجتماعي، تحت إشراف هيئة الإدارة التربوية للمؤسسات التعليمية مهام الدعم النفسي والاجتماعي والصحي للمتعلمات والمتعلمين (المقرر الوزاري رقم :20/ 0714، 2022، ص3 ).

إلا أن مثل هذا الدور النبيل ترافقه مجموعة من التحديات والضغوطات التي قد تؤثر سلبا على صحة أطر الدعم الاجتماعي ورغبتهم في الاستمرار في تقديم الدعم النفسي. ومن بين هذه المشاكل التي تواجه هؤلاء الأطر المتخصصة “الاحتراق النفسي”، الذي يشير إلى حالة من الإرهاق العاطفي والعقلي والجسدي الذي ينشأ نتيجة تراكم التوتر والضغط النفسي الشديد. ويمكن أن يكون الاحتراق النفسي نتيجة التعامل المستمر مع المتعلمين الذين يعانون من مشاكل نفسية واجتماعية، والتحديات المهنية والإدارية.

أخذ بعين الاعتبار أن أطر الدعم الاجتماعي يعملون في بيئة تعليمية حيوية ومتغيرة، حيث يتعين عليهم التعامل مع فئات متنوعة من المتعلمين بغية تلبية احتياجاتهم النفسية والاجتماعية. إضافة إلى ذلك، فإن هؤلاء الأطر لديهم أيضا مسؤوليات أخرى مثل التخطيط والتنظيم والتقييم… ويتعرضون أيضا للضغط من طرف الإدارة لالتزام بالجدول الزمني للعمل بثمانية وثلاثين ساعة أسبوعيا بدون أي سند قانوني وبدون أي تعويضات مالية وضغوطات العمل الأكاديمي المستمر.

يهدف هذا المقال إلى تفسير تأثير الاحتراق النفسي للأطر المكلفة بتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والصحي وتسليط الضوء على أهمية الحفاظ على صحتهم في سبيل تقديم دعم فعال للمتعلمين. كما سنقدم في هذا المقال بعض الاستراتيجيات المهمة التي يمكن اعتمادها للتعامل مع الاحتراق النفسي للحفاظ على الصحة النفسية لهؤلاء الأطر. وسيتم تسليط الضوء على عدة معطيات مثل: التواصل الفعال، خلق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، العناية الذاتية والعناية بالصحة النفسية، التدريب والتطوير المهني.

دواعي الدراسة لموضوع يشمل العديد من الجوانب الهامة. منها على سبيل الذكر:

صحة أطر الدعم الاجتماعي: يعتبر الاحتراق النفسي مشكلة شائعة بين أطر الدعم الاجتماعي المعنية بتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والصحي في المؤسسات التعليمية. اذ يمكن أن يؤثر الاحتراق النفسي سلبا على صحتهم، مما قد يؤدي إلى تدهور الحالة النفسية والعاطفية الجسدية لديهم، لذا يجب دراسة استراتيجيات فعالة للتعامل مع الاحتراق النفسي للحفاظ على صحتهم النفسية.

تأثير أطر الدعم الاجتماعي على المتعلمين: تلعب أطر الدعم الاجتماعي دورا حاسما في دعم ورعاية المتعلمين وتعزيز صحتهم النفسية، فإذا كانت أطر الدعم الاجتماعي تعاني من الاحتراق النفسي، فإن ذلك قد يؤثر سلبا على قدرتهم على تقديم الدعم والمشورة اللازمين، لذا يتعين دراسة الاحتراق النفسي وإمدادهم باستراتيجيات للحفاظ على صحتهم النفسية.

جودة الخدمات المدرسية: يعد الدعم النفسي المدرسي جزءا أساسيا من الخدمات التربوية التي تقدمها المؤسسات التعليمية، فإذا كانت أطر الدعم الاجتماعي تعاني من الاحتراق النفسي، قد يؤثر على جودة الخدمات المقدمة وقدرتهم على التعامل مع احتياجات التلميذ بشكل فعال.

العناية بالمهنة التربوية: يعمل أطر الدعم الاجتماعي في بيئة مهنية تتطلب الكثير من الالتزام والمسؤولية، وقد يواجهون تحديات وضغوطات يومية، وهذا قد يؤدي إلى الاحتراق النفسي، باختصار، ستمكن دراسة هذا الموضوع من توفير استراتيجيات فعالة للتعامل مع الاحتراق النفسي والحفاظ على صحة أطر الدعم الاجتماعي. وهذا سينعكس على جودة الخدمات المدرسية وتحسين المناخ الدراسي والحفاظ على المهنة.

الدراسات السابقة

  • دراسة ماكنتاير McIntyre, (2017). الاحتراق النفسي لدى الأخصائيين النفسيين المدرسيين: تقييم دور ومتطلبات العمل والموارد.

موضوع الدراسة: تقييم دور متطلبات العمل والموارد في الاحتراق النفسي لدى الأخصائيين النفسيين المدرسيين.

أهداف الدراسة: تسعى الدراسة إلى تحليل العلاقة بين متطلبات العمل والموارد والاحتراق النفسي لدى الأخصائيين النفسيين المدرسيين. وتهدف أيضا إلى تقديم فهم أفضل للعوامل المؤثرة في صحة الأطر داخل المؤسسة التعليمية والتأكيد على أهمية توفير الموارد اللازمة لذلك.

منهج الدراسة: تم جمع البيانات من خلال استبيانات تم توزيعها على عينة من الأخصائيين النفسيين المدرسيين. تم تحليل البيانات باستخدام تقنيات إحصائية، لتحديد العلاقة بين متطلبات العمل والموارد ومستويات الاحتراق النفسي لدى الأخصائيين المدرسيين.

النتائج: أظهرت الدراسة وجود علاقة بين متطلبات العمل ومستويات الاحتراق النفسي لدى الأخصائيين النفسيين المدرسيين، كما أوضحت الدراسة أن توفير الموارد اللازمة والدعم النفسي والاجتماعي يمكن أن يلعب دورا هاما في الحد من الاحتراق النفسي وتعزيز صحة الأخصائيين النفسيين المدرسيين (McIntyre, 2017).

  • دراسة كلاسن، Klassen وآخرون (2010). الاحتراق النفسي لدى المعلمين:

موضوع الدراسة: الاحتراق النفسي لدى المعلمين: مراجعة منهجية للعوامل التنبؤية، النتائج، والتدخلات.

أهداف الدراسة: هدفت الدراسة إلى مراجعة منهجية للأدبيات حول الاحتراق النفسي لدى المعلمين، وتحليل العوامل المتنبئة، والنتائج، والتدخلات الممكنة. هدفت الدراسة إلى توفير نظرة شاملة لتأثير الاحتراق النفسي على المعلمين والعوامل المؤثرة فيه، وتقديم توصيات للتدخلات المحتملة.

منهج الدراسة: تم استخدام المنهج الاستقرائي من خلال المراجعة المنهجية لتحليل الأدبيات العلمية المتعلقة بالاحتراق النفسي لدى المعلمين. تم تحليل الدراسات السابقة لتحديد العوامل المتنبئة للاحتراق المهني، والنتائج المترتبة عنه، والتدخلات الممكنة للتعامل معه.

النتائج: أظهرت الدراسة أن هناك عوامل متعددة تتنبأ بحدوث الاحتراق النفسي لدى المعلمين، مثل الضغط النفسي، ونقص الدعم الاجتماعي، وعدم الرضا الوظيفي. كما أشارت الدراسة إلى تأثير الاحتراق النفسي على صحة المعلمين وأدائهم، وتأثيره السلبي على المتعلمين والمدرسة بشكل عام. وقد أوصت الدراسة بضرورة تطوير برامج لتحسين الدعم النفسي والاجتماعي للمعلمين، وتعزيز الرضا الوظيفي، وتحسين ظروف العمل للحد من الاحتراق النفسي (Klassen,2010).

إشكالية البحث:

تهدف الدراسة إلى استكشاف الاستراتيجيات والممارسات التي يمكن لأطر الدعم الاجتماعي استخدامها للتعامل مع الاحتراق النفسي للحفاظ على صحتهم النفسية في مجال الدعم النفسي المدرسي. يتمحور التركيز على تحليل تلك الاستراتيجيات وتحديد أفضل الطرق لتعزيز الصحة النفسية والرفاهية للأطر المعنية.

من هنا ينبثق التساؤل العام التالي:

كيف يمكن لأطر الدعم الاجتماعي التعامل مع مشكلة الاحتراق النفسي والحفاظ على صحتهم النفسية في بيئة العمل التربوية المجهدة؟

بناء على التساؤل العام الذي تم تقديمه، يمكن تحديد عدد من الإشكاليات الفرعية التي يمكن أن تتفرع عنه. وفيما يلي بعض الأمثلة:

  1. ما هي عوامل الاحتراق النفسي التي تواجهها أطر الدعم الاجتماعي؟
  2. ما هو تأثير الاحتراق النفسي على أداء أطر الدعم الاجتماعي في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والصحي للمتعلمين؟
  3. ما هي الاستراتيجيات والممارسات التي يمكن لأطر الدعم الاجتماعي اعتمادها للتغلب على الاحتراق النفسي لتعزيز صحتهم النفسية؟
  4. كيف يمكن تحسين بيئة العمل المدرسية لإسناد أطر الدعم الاجتماعي والحد من حدوث الاحتراق النفسي؟

هذه التساؤلات الفرعية تهدف إلى تحليل وتفحص جوانب محددة تتعلق بالاحتراق النفسي في مجال الدعم النفسي المدرسي وتوفير معلومات أكثر تفصيلا حول التحديات والاستراتيجيات المحتملة للتعامل معه.

فرضية البحث:

حيث تبرز الفرضية العامة التالية:

استخدام استراتيجيات فعالة للتعامل مع الاحتراق النفسي يمكن أن يساهم في الحفاظ على صحة أطر الدعم الاجتماعي وتعزيز صحة البيئة المدرسية.

الفرضيات الفرعية:

  1. عوامل الاحتراق النفسي التي تواجهها أطر الدعم الاجتماعي يمكن أن تتضمن:
  • ضغوط النفسية والعاطفية المرتبطة بتقديم الدعم للمتعلمين والمتعلمات.
  • تحمل المسؤولية الكبيرة والمتواصلة للعناية بالاحتياجات النفسية والاجتماعية للمتعلمين والمتعلمات.
  • نقص الموارد والدعم الإداري اللازمين لتنفيذ المهام بفعالية.
  1. تأثيرات الاحتراق النفسي على أداء أطر الدعم الاجتماعي في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والصحي تشمل:
  • انخفاض الرضا الوظيفي والالتزام بالعمل.
  • زيادة مستويات الإجهاد والإرهاق النفسي.
  • تراجع القدرة على التعامل بفاعلية مع التحديات والصعوبات.
  1. بعض الاستراتيجيات والممارسات التي يمكن لأطر الدعم الاجتماعي اعتمادها للتغلب على الاحتراق النفسي لتعزيز صحتهم النفسية تشمل:
  • إقرار التوازن بين العمل والحياة الشخصية.
  • تنمية مهارات وإدارة الضغوط.
  • الاستفادة من استراتيجيات التحفيز والاسترخاء.
  1. لتحسين بيئة العمل في المؤسسات التعليمية ومساندة أطر الدعم الاجتماعي والحد من حدوث الاحتراق النفسي، يمكن اتخاذ الإجراءات التالية:
  • تعزيز ثقافة الدعم النفسي والتعاون بين أطر الدعم الاجتماعي والإدارة المؤسسة التعليمية.
  • تحسين ظروف العمل وتخفيف المسؤوليات الزائدة.
  • الالتزام بالمهام المحددة المنصوص عليها في المقرر الوزاري رقم 714/20.

المفاهيم الإجرائية:

الاحتراق النفسي هو حالة من الإرهاق والإنهاك العاطفي والعقلي الشديد ينجم عن التعب الشديد والضغوط النفسية المستمرة في مجال العمل أو النشاط المهني. يعتبر الاحتراق النفسي رد فعل طبيعي على التوترات والضغوطات المستمرة والمتكررة في بيئة العمل، ويؤثر بشكل سلبي على الأحاسيس والمشاعر والطاقة العامة للفرد.

تتميز حالات الاحتراق النفسي بثلاثة مكونات رئيسية:

  1. الإرهاق العاطفي: يشير إلى الشعور بالإنهاك العاطفي والاستنزاف العاطفي المستمر، حيث يصعب على الشخص تجديد طاقته العاطفية والتعامل بشكل صحيح مع المشاعر والاحتياجات العاطفية للآخرين.
  2. الانعزال العاطفي: يعبر عن الشعور بالانعزال والبعد العاطفي عن الآخرين، حيث يصبح الفرد أقل قدرة على التواصل العاطفي والتعاطف مع الآخرين وفهم احتياجاتهم.
  3. تقلص الإنجاز المهني: يعكس الشعور بفقدان الرغبة والاهتمام في العمل وتقلص الإنتاجية، حيث يشعر الفرد بالإحباط وعدم الرضا عن أدائه المهني ويشعر بأنه غير قادر على تحقيق النجاح والتفوق ( Maslach ,2001) .

يقوم الملحق الاجتماعي تحت إشراف هيئة الإدارة التربوية للمؤسسة، بمهام الدعم النفسي والاجتماعي والصحي للمتعلمات والمتعلمين وفق المجالات التالية:

  • الاستماع وتقديم المشورة والدعم للمتعلمين وأوليائهم لتعزيز الاندماج الاجتماعي.
  • مصاحبة المتعلمين وملامسة كل أبعاد شخصيتهم.
  • محاربة الظواهر والسلوكات السلبية بالمؤسسسات التعليمية.
  • محاربة الهدر المدرسي وتقديم الدعم للمتعلمين المتعثرين وذوي الاحتياجات الخاصة.
  • دراسة أسباب الانقطاع الدراسي.
  • إدماج مقاربة النوع في الوسط المدرسي.

المحور الأول: عوامل الاحتراق النفسي التي تواجهها أطر الدعم الاجتماعي

عندما يتعلق الأمر بأطر الدعم الاجتماعي، فإنهم يواجهون تحديات كبيرة وضغوطات نفسية وعاطفية متعددة يمكن أن تؤدي إلى الاحتراق النفسي. تواجه أطر الدعم الاجتماعي ضغوطات ناتجة عن تقديم الدعم والمساعدة للآخرين في ظروف مختلفة. يمكن أن يكون على عاتقهم العناية بالاحتياجات النفسية والاجتماعية المتعلمين، ومساعدتهم في تجاوز التحديات التي يواجهونها. قد يجدون أنفسهم في مواقف صعبة حيث يجب عليهم تلبية احتياجات كبيرة ومتنوعة في وقت محدود، وهذا يضعهم تحت ضغط نفسي مستمر.

حيث يتضمن عمل أطر الدعم الاجتماعي التحمل العاطفي. فهم يجدون أنفسهم في مواقف حيث يتعين عليهم تلبية الاحتياجات العاطفية للمتعلمين والمدرسين بالإضافة إلى الإداريين. قد يشاهدون الألم والصعوبات التي يعاني منها الآخرون، وعليهم أن يكونوا قادرين على التعاطف والتفاعل معها بشكل صحي.

ومن الجدير بالذكر أن أطر الدعم الاجتماعي قد يواجهون تحديات إضافية على صعيد الموارد والدعم الإداري. قد يجدون أنفسهم يعملون في بيئة تفتقر إلى الموارد الكافية لتنفيذ البرامج والمشاريع المخطط لها. كما قد يواجهون صعوبة في الحصول على الدعم الإداري اللازم لتحقيق أهدافهم، هذا قد يؤثر على قدرتهم على القيام بعملهم بفاعلية ويزيد من الضغوط النفسية والعاطفية التي يواجهونها.

المحور الثاني: تأثير الاحتراق النفسي على أداء أطر الدعم الاجتماعي

يمكن أن يكون للإحباط والإرهاق الناجم عن الاحتراق النفسي تأثيرات سلبية على صحة أطر الدعم الاجتماعي، قد يعانون من الشعور بالتعب المستمر والتوتر العالي، مما يؤثر على نومهم وجودته، ويتسبب في اضطرابات النوم والصحة العامة. قد يصابون أيضا بأمراض جسدية ونفسية مثل الصداع المستمر، القلق، الاكتئاب، والتوتر العصبي.

إضافة إلى ذلك، فإن تأثير الاحتراق النفسي على أداء أطر الدعم الاجتماعي يمكن أن يكون كبيرا. فعندما يشعرون بالاحتراق النفسي، قد يلاحظون تراجعا في أدائهم وفعاليتهم في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والصحي للمتعلمين. قد يصبحون أقل قدرة على التفاعل مع المتعلمين وفهم احتياجاتهم ومشاكلهم. بسبب الشعور بالإرهاق والإحباط، مما يمكن أن يؤثر سلبا على العلاقات التي يبنونها مع المتعلمين والمدرسين والإداريين.

بالنظر إلى تأثير الاحتراق النفسي السلبي على أداء أطر الدعم الاجتماعي، يتبين أنه لا يؤثر فقط على الأفراد وصحتهم النفسية، بل يمتد تأثيره أيضا إلى المتعلمين والمدرسين والمؤسسة التعليمية بشكل عام. فعندما تكون أطر الدعم الاجتماعي غير قادرة على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي الكافي، فإن المتعلمين قد يشعرون بالإهمال وعدم الاهتمام، وينخفض رضاهم وتحفيزهم على الدراسة. قد ينخفض أداءهم الأكاديمي والتحصيلي، وتزداد فرص حدوث الانقطاع المدرسي.

المحور الثالث: الاستراتيجيات مواجهة الاحتراق النفسي

لحسن الحظ، هناك استراتيجيات وممارسات يمكن لأطر الدعم الاجتماعي اعتمادها لمواجهة الاحتراق النفسي لتعزيز صحتهم النفسية:

الاهتمام بالرعاية الذاتية: يجب على أطر الدعم الاجتماعي أن يمنحوا أهمية كبيرة لرعاية أنفسهم. يجب أن يخصصوا وقتا للراحة والاسترخاء، وممارسة النشاطات التي تساعدهم على التخفيف من التوتر وتجديد طاقتهم. من المهم أن يحرصوا على النوم الجيد والتغذية السليمة وممارسة الرياضة، بالإضافة إلى البحث عن الدعم الاجتماعي والعاطفي من أقرانهم والأشخاص المهمين في حياتهم.

إقرار الحدود الشخصية: يجب على أطر الدعم الاجتماعي وضع حدود واضحة بين عملهم وحياتهم الشخصية. قد يتضمن ذلك تحديد أوقات محددة للعمل وتخصيص وقت للراحة والترفيه والأنشطة الشخصية. عندما يكون لديهم حياة متوازنة، يمكنهم التعامل بشكل أفضل مع ضغوط العمل وتجنب الشعور بالإرهاق والاحتراق النفسي.

التواصل والتعاون: ينبغي على أطر الدعم الاجتماعي أن يشجعوا على التواصل والتعاون مع زملائهم والبحث عن الدعم المتبادل. يمكن للمشاركة في نقاشات المجموعة والاستفادة من تجارب الآخرين أن تساعد على تخفيف الضغط النفسي وتعزيز الدعم الاجتماعي.

تطوير مهارات التحكم في الضغوط: يمكن لأطر الدعم الاجتماعي تعزيز مهارات التحكم في الضغوط يمكن أن تكون استراتيجية فعالة لأطر الدعم الاجتماعي في التغلب على الاحتراق النفسي. يمكن تحقيق ذلك من خلال:

الجدول رقم (1): استراتيجيات إدارة الضغوط النفسية

الاستراتيجيات المحور
التخطيط الجيد للوقت والتنظيم تعلم استراتيجيات إدارة الضغوط
تحديد الأولويات
تنظيم المهام
تقنيات التنفس والاسترخاء
تعزيز المرونة والتكيف مع التغيرات تعزيز القدرة على التكيف
تطوير استراتيجيات التكيف الإيجابية
التواصل مع الزملاء والأصدقاء والعائلة البحث عن الدعم الاجتماعي
مناقشة التحديات والمشاكل مع الأشخاص الموثوق بهم
استفادة من أفكار وخبرات الأخرين والحصول على الدعم العاطفي
ممارسة الرياضة اليومية العناية بالصحة النفسية
الاهتمام بالتغذية السليمة
الحصول على قسط كاف من النوم والراحة
ممارسة التقنيات الاسترخائية
توفير فرص التدريب والتطوير المستمر توفير الدعم المؤسسي
تخصيص الموارد اللازمة لتنفيذ المهام بكفاءة
تشجيع العمل الجماعي والتعاون بين الزملاء

نظرا لأن أطر الدعم الاجتماعي يتعاملون مع الضغوط النفسية والعاطفية بشكل مكثف، قد يحتاجون أحيانا إلى الاستعانة بمساعدة متخصصة. لذا، ينبغي عليهم البحث عن الدعم النفسي المهني، مثل استشارة معالج نفسي أو مدرب متخصص في إدارة الضغوط.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن لأطر الدعم الاجتماعي اتباع بعض الممارسات الصحية للحفاظ على صحتهم النفسية وتقوية مرونتهم العاطفية، مثل:

  • ممارسة التأمل والاسترخاء: يمكن لأطر الدعم الاجتماعي استخدام تقنيات التأمل والاسترخاء لتهدئة العقل وتخفيف التوتر. يمكنهم ممارسة التأمل اليومي واستخدام تقنيات التنفس العميق والتأمل القائم على الحاضر للتخلص من الضغوط النفسية.
  • الاهتمام بالنشاط البدني: يعتبر ممارسة النشاط البدني من أفضل الوسائل لتحسين الحالة المزاجية والتخفيف من التوتر العاطفي. يمكن لأطر الدعم الاجتماعي ممارسة التمارين الرياضية المنتظمة مثل المشي أو الركض أو اليوغا، مما يساعد على تحسين الصحة العقلية والتحفيز الإيجابي.
  • الحفاظ على توازن الحياة الشخصية والمهنية: يجب على أطر الدعم الاجتماعي تحقيق توازن صحي بين حياتهم الشخصية والعملية. يجب عليهم تخصيص وقت للقيام بالأنشطة التي يستمتعون بها وتمنحهم الراحة والسعادة، مثل القراءة والسفر وقضاء وقت مع الأصدقاء والعائلة.

المحور الرابع: تحسين بيئة العمل المؤسسات التعليمية ومساندة أطر الدعم الاجتماعي.

لتحسين بيئة العمل المؤسسات التعليمية ودعم أطر الدعم الاجتماعي والحد من حدوث الاحتراق النفسي، يمكن اتباع مجموعة من الإجراءات التي تعزز الدعم والرعاية للعاملين في المدرسة. إليك بعض الاقتراحات:

  1. توفير برامج التدريب وأوراش العمل: يجب على المدارس توفير فرص التطوير المهني المستمر لأطر الدعم الاجتماعي. يمكن توفير برامج التدريب وأوراش العمل التي تعزز مهارات التواصل، وإدارة الضغوط، والتحكم في العواطف، والتعامل مع التحديات النفسية والعاطفية. يمكن أن يشمل التدريب أيضا استراتيجيات التواصل الفعال مع المتعلمين وأولياء أمورهم.
  2. تعزيز الثقافة التنظيمية الداعمة: ينبغي على المؤسسات التعليمية تعزيز ثقافة التنظيم الداعمة والإيجابية. يجب أن يتم تشجيع العدالة والمساواة في المعاملة، وتعزيز العمل الجماعي والتعاون بين الفرق المختلفة.
  3. تقدير وتكريم الإسهامات الفردية والجماعية. كما ينبغي العمل على توفير بيئة عمل آمنة ومريحة تساهم في تحسين الصحة النفسية لأطر الدعم الاجتماعي.
  4. توفير موارد كافية: يجب على المؤسسات التعليمية توفير الموارد الكافية لأطر الدعم الاجتماعي للقيام بمهامهم بكفاءة وفعالية. يشمل ذلك توفير الأدوات والتقنيات اللازمة، وتخصيص الوقت والموارد المالية للتدريب والتطوير المستمر، وتعزيز الفرص للمشاركة في المؤتمرات وأوراش العمل ذات الصلة بمجال العمل.
  5. تعزيز الاتصال والتواصل الفعال: يجب على المؤسسات التعليمية تشجيع الاتصال والتواصل الفعال بين أطر الدعم الاجتماعي وبين باقي أعضاء المؤسسة، بما في ذلك الإدارة، الأساتذة والمتعلمين وأولياء الأمور. يمكن تنظيم اجتماعات دورية أوراش عمل ومناسبات لتبادل الخبرات وتعزيز التعاون والتفاعل الإيجابي.

خاتمة:

باختصار، يعد الاحتراق النفسي تحديا كبيرا يواجهه أطر الدعم الاجتماعي في مجال العمل. يتأثر أداء هؤلاء الأطر وقدرتهم على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والصحي للمتعلمين بسبب الضغوط النفسية والعاطفية التي يتعرضون لها. ومع ذلك، هناك خطوات يمكن اتخاذها للحد من حدوث الاحتراق النفسي وتعزيز صحة أطر الدعم الاجتماعي.

أولا، ينبغي تعزيز بيئة العمل المؤسسات التعليمية من خلال تنفيذ برامج موجهة لتحسين الصحة النفسية والرفاهية لأطر الدعم الاجتماعي. يمكن توفير الدعم العاطفي والإداري وتخفيض ساعات العمل، وتوفير فرص للراحة والاستجمام، وتنظيم وأوراش عمل ودورات تدريبية تهدف إلى تعزيز المهارات الشخصية والمهنية.

ثانيا، ينبغي أن يكون هناك تركيز متزايد على بناء شبكة دعم قوية لأطر الدعم الاجتماعي. يمكن لهم البحث عن المجتمعات المهنية والمنظمات ذات الصلة للتواصل وتبادل الخبرات والمشورة.

ثالثا، ينبغي على أطر الدعم الاجتماعي أن يعتنوا بصحتهم النفسية والبدنية، اذ يجب عليهم تخصيص الوقت اللازم للراحة والاستجمام، وممارسة النشاط البدني بانتظام، والحفاظ على نظام غذائي متوازن وصحي.

لائحة المراجع:

  1. المرسوم رقم 20/0714، بتاريخ 04 نونبر (2022)، بشأن تحديد مجالات مهام أطر الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي.
  2. Mcintyre, R. (2017). Burnout among school psychologists: Evaluating the role of job demands and resources. Psychology in the Schools.
  3. Klassen, R. M., Usher, E. L., & Bong, M. (2010). Teacher burnout and engagement: A systematic review of the predictors, consequences, and interventions. Review of Educational Research.
  4. Maslach, C, Schaufeli, W. B., & Leiter, M. P. (2001). Job burnout. Annual review of psychology