أثر الأنشطة البشرية في تلوث هواء البيئة الليبية

أ. مصطفى عبد السلام خليفة العيساوي1

1 محاضر، ورئيس قسم علوم البيئة والموارد الطبيعية، كلية العلوم، جامعة غريان، ليبيا

بريد الكتروني: fadyhadda777@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(7); https://doi.org/10.53796/hnsj477

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/07/2023م تاريخ القبول: 17/06/2023م

المستخلص

هدفت هذه الدراسة إلى تحديد أثر الأنشطة البشرية في تلوث هواء البيئة الليبية، وتحديد مصادر هذا التلوث، وكذلك معرفة الملوثات الرئيسية التي يتم انبعاثها من الأنشطة البشرية والتدابير والسياسات البيئية الواجب إتباعها للحد منه، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي الاستقرائي، وخلصت الدراسة إلى بعض النتائج كان أهمها أن تأثير الأنشطة البشرية على تلوث الهواء في ليبيا يتسبب في آثار واسعة النطاق على البيئة والصحة، وإن فهم مفهوم تلوث الهواء وزيادة الوعي بأخطاره وتنفيذ سياسات ولوائح ضابطة يقلل من الأضرار الناجمة عنه ويساهم في الحفاظ على بيئة نظيفة وصحية، وتوصي الدراسة بزيادة التوعية بأخطار تلوث الهواء من خلال حملات إعلامية وبرامج تثقيفية، ووضع استراتيجيات شاملة للحد من تلوث الهواء في ليبيا، وتشجيع الشركات الصناعية والقطاع الزراعي وقطاع النقل على تبني ممارسات مستدامة وصديقة للبيئة، ووضع التشريعات واللوائح البيئية وتطبيق عقوبات رادعة للمخالفين.

الكلمات المفتاحية: الأنشطة البشرية، تلوث الهواء، البيئة، ليبيا.

Research title

The impact of human activities on air pollution of the Libyan environment

Mustafa Abdul Salam Khalifa Al-Issawi1

1 Lecturer and Head of the Department of Environmental Sciences and Natural Resources, Faculty of Science, Gharyan University, Libya

Email: fadyhadda777@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(7); https://doi.org/10.53796/hnsj477

Published at 01/07/2023 Accepted at 17/06/2023

Abstract

This study aimed to assess the impact of human activities on air pollution in the Libyan environment, identify the sources of this pollution, and determine the key pollutants emitted from human activities. The study employed a descriptive analytical approach, and its findings revealed that the effects of human activities on air pollution in Libya have wide-ranging consequences for the environment and health. Understanding the concept of air pollution, increasing awareness of its hazards, and implementing effective policies and regulations can mitigate the associated damages and contribute to maintaining a clean and healthy environment. The study recommends raising awareness about the dangers of air pollution through informative campaigns and educational programs, developing comprehensive strategies to reduce air pollution in Libya, encouraging industrial, agricultural, and transportation sectors to adopt sustainable and environmentally-friendly practices, and establishing environmental legislation with strict enforcement and punitive measures against violators.

Key Words: Human activities, Air pollution, The environment, Libya.

مقدمة:

تشكل البيئة النظيفة والهواء الصحي أساسًا لجودة الحياة ورفاهية الإنسان، ومع زيادة النمو السكاني وتطور الأنشطة الاقتصادية في ليبيا، أصبح التلوث البيئي وتلوث الهواء قضية ملحة ومحور اهتمام متزايد، وتعاني البيئة الليبية من تأثيرات سلبية بسبب الأنشطة البشرية المتنوعة التي تسهم في تلوث الهواء، وتعد البيئة النظيفة والهواء الصحي أمرًا حيويًا لصحة ورفاهية الإنسان، ففي الوقت الحاضر، تتزايد المخاوف حول التلوث البيئي وتلوث الهواء كمشكلة عالمية تواجهها العديد من الدول، بما في ذلك ليبيا، حيث تعتبر ليبيا بلدًا متنوعًا وغنيًا بالثروات الطبيعية، ولكن تتعرض بيئتها للتلوث الناجم عن الأنشطة البشرية المتنوعة، ومع تزايد النمو السكاني والتطور الاقتصادي في البلاد، تنتج هذه الأنشطة البشرية العديد من الملوثات التي تؤثر سلبًا على جودة الهواء وصحة السكان (ياسين، 2017).

وتتوزع مسببات التلوث الناجمة عن الأنشطة البشرية في ليبيا بشكل واسع ومتنوع، فمن بين المصادر الرئيسية لتلوث الهواء في البلاد، يمكننا أن نذكر انبعاثات المركبات والصناعات ومحطات توليد الكهرباء والحرق المفتوح للنفايات والتدخين، وتعتبر هذه الأنشطة المسببات الرئيسية لتلوث الهواء، حيث تنتج غازات سامة وجسيمات ملوثة تؤثر على جودة الهواء وتتسبب في مشاكل صحية خطيرة للسكان، وبالإضافة إلى التلوث الهوائي، فإن البيئة الليبية تعاني أيضًا من تأثيرات سلبية أخرى للأنشطة البشرية على البيئة بشكل عام، فالتلوث النفطي، على سبيل المثال، يعد تحديًا كبيرًا في المناطق الساحلية بسبب النشاط النفطي الواسع النطاق في البلاد، كما تتعرض النظم البيئية المائية والأراضي للتأثيرات السلبية نتيجة التصريف العشوائي للمياه العادمة والمخلفات الصناعية والزراعية (السراط، 2018).

ويعد تلوث هواء البيئة نتيجة مباشرة للأنشطة البشرية المتنوعة والمتزايدة، ومن أجل الحفاظ على صحة السكان والبيئة، يتطلب التصدي لهذه المشكلة تبني سياسات بيئية قوية وتعزيز الوعي البيئي والمشاركة المجتمعية في حماية البيئة وتقليل التلوث (بارود، 2006).

بناءً على ما سبق، وبناء على الدراسات السابقة التي تناولت موضوع الأنشطة البشرية المساهمة في تلوث هواء البيئة، مثل دراسة: (جهاد، 2021)، و(السراط، 2018)، و(ياسين، 2017)، وغيرهم، يلاحظ الباحث زيادة الاهتمام والتركيز على أهمية دراسة أثر الأنشطة البشرية في تلوث هواء البيئة، وتأثيرها على المجتمع البيئي الدولي والمحلي ككل، حيث أصبحت مجال اهتمام كبير للعديد من الباحثين والدارسين.

مشكلة وأسئلة الدراسة:

تتناول هذه الدراسة مشكلة زيادة تأثير الأنشطة البشرية على تلوث هواء البيئة الليبية، حيث تواجه ليبيا تحديات بيئية خطيرة نتيجة لتلوث الهواء الناجم عن الأنشطة البشرية المتنوعة، ويعد تلوث الهواء مشكلة بيئية متزايدة في البلاد، والتي تهدد صحة السكان وتضر بالنظم البيئية الطبيعية، وتتمثل المشكلة الرئيسية في أن الأنشطة البشرية المختلفة تسبب انبعاثات ملوثات تلوث الهواء، وتشمل ذلك انبعاثات الصناعات، وحرق الوقود، واستخدام المركبات، وتوليد الكهرباء، والتخلص الغير الآمن من النفايات (النقيب، 2018).

وترتبط تلك الانبعاثات بتراكم العديد من الملوثات في الهواء، بما في ذلك الجسيمات العالقة وثاني أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت والمركبات العضوية المتطايرة والزئبق والرصاص والبنزين، وتؤدي هذه الملوثات إلى تدهور جودة الهواء وتأثير سلبي على صحة السكان، بما في ذلك الأمراض التنفسية وأمراض القلب والأوعية الدموية وزيادة خطر السرطان (Bhangar, 2010).

ومع تزايد النمو السكاني والنشاط الاقتصادي في ليبيا، يشهد البلد زيادة في الطلب على الطاقة والمواد الخام والنقل والصناعة، مما يزيد من الضغط على البيئة ويزيد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وبالتالي، تتطلب هذه المشكلة الخطيرة اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة للحد من انبعاثات الغازات الضارة والعمل على تطوير مصادر الطاقة المستدامة والتحول إلى اقتصاد أكثر صديق للبيئة، ولذلك، يهدف هذا البحث إلى تحليل وفهم أثر الأنشطة البشرية في تلوث هواء البيئة الليبية، وتسليط الضوء على المشكلات والتحديات المحددة المرتبطة بهذا التلوث، كما يهدف البحث إلى تقديم توصيات وحلول عملية للتصدي لهذه المشكلة وتحقيق تنمية مستدامة وحفاظ على البيئة الليبية وصحة سكانها.

ويمكن تحديد مشكلة الدراسة في السؤال الرئيس التالي:

ما هو أثر الأنشطة البشرية في تلوث هواء البيئة الليبية؟

وتتفرع منه الأسئلة الفرعية التالية:

  1. ما هي المصادر الرئيسية لتلوث الهواء في ليبيا الناتج عن الأنشطة البشرية؟
  2. ما هي الملوثات الرئيسية التي يتم انبعاثها من هذه الأنشطة وما هي تأثيراتها البيئية والصحية؟
  3. كيف تؤثر الأنشطة البشرية في تلوث الهواء على النظم البيئية المحيطة، مثل النظم البيولوجية والموارد المائية في ليبيا؟
  4. ما هي التدابير والسياسات البيئية الواجب إتباعها في ليبيا للحد من تلوث الهواء الناجم عن الأنشطة البشرية، وهل هذه التدابير كافية للتصدي للمشكلة؟

أهمية الدراسة:

للدراسة الحالية أهميتان:

الأهمية النظرية:

  1. إثراء المكتبة العلمية والدراسة العلمي في مفهوم أثر الأنشطة البشرية في تلوث هواء البيئة الليبية.
  2. يأمل الباحث أن تسهم هذه الدراسة في زيادة معرفته وإثراء معلوماته في هذا المجال، وأن تصنف هذه الدراسة كإضافة علمية جديدة للمكتبة الليبية والعربية.

الأهمية التطبيقية:

  1. تقدم الدراسة معلومات مهمة وشاملة حول أثر الأنشطة البشرية على تلوث هواء البيئة الليبية، وهذه المعلومات تعتبر أساسية لاتخاذ القرارات البيئية ووضع السياسات العامة للتصدي لهذه المشكلة.
  2. يمكن أن تساهم الدراسة في توجيه وتعزيز السياسات والتشريعات البيئية في ليبيا للحد من تلوث هواء البيئة الناجم عن الأنشطة البشرية، فعن طريق فهم تأثيرات هذا التلوث وتحليل المصادر والملوثات، يمكن تحديد التدابير والتوجهات الفعالة للحد منه.
  3. من خلال التركيز على تحليل الآثار الصحية لتلوث الهواء، يمكن أن تساهم الدراسة في توعية الجمهور والمسؤولين بأهمية تحسين جودة الهواء وتبني سلوكيات صحية للوقاية من مشاكل الصحة المرتبطة بالتلوث.
  4. يمكن للدراسة دعم جهود التنمية المستدامة في ليبيا من خلال تسليط الضوء على الأنشطة البشرية التي تسبب تلوث الهواء وتقديم توصيات لتعزيز استخدام مصادر الطاقة المستدامة.
  5. يساهم البحث في زيادة الوعي الدولي بتلوث الهواء في ليبيا وضرورة التعاون والتنسيق المشترك مع الجهات الدولية، ويمكن أن يساهم في تبادل المعرفة والخبرات وتطوير الحلول المشتركة لمشكلة تلوث الهواء في المنطقة.

أهداف الدراسة:

  1. دراسة أثر الأنشطة البشرية في تلوث هواء البيئة الليبية.
  2. تحديد المصادر الرئيسية لتلوث الهواء في ليبيا الناتج عن الأنشطة البشرية.
  3. معرفة الملوثات الرئيسية التي يتم انبعاثها من الأنشطة البشرية المساهمة في التلوث ومعرفة تأثيراتها البيئية والصحية.
  4. دراسة تأثير الأنشطة البشرية في تلوث الهواء على النظم البيئية المحيطة، مثل النظم البيولوجية والموارد المائية في ليبيا.
  5. معرفة التدابير والسياسات البيئية الواجب إتباعها في ليبيا للحد من تلوث الهواء الناجم عن الأنشطة البشرية، ومعرفة تأثير هذه التدابير في الحد من التلوث.

منهجية الدراسة:

من أجل تحقيق أهداف الدراسة سيقوم الباحث باستخدام استخدام المنهج الوصفي الاستقرائي الذي سيحاول من خلاله تحديد أثر الأنشطة البشرية في تلوث هواء البيئة الليبية، وتحديد مصادر هذا التلوث، وكذلك معرفة الملوثات الرئيسية التي يتم انبعاثها من الأنشطة البشرية والتدابير والسياسات البيئية الواجب إتباعها للحد منه، مع دراسته دراسة تحليلية بالقدر الممكن، وتفسيرها تفسيراً منطقياً، مع اتباع المنهج العلمي الخاص بتوثيق المادة العلمية.

حدود الدراسة:

أجريت الدراسة ضمن الحدود الآتية:

1. الحد الموضوعي: اقتصرت هذه الدراسة على موضوع أثر الأنشطة البشرية في تلوث هواء البيئة الليبية.

2. الحد الزماني: 1444ه /2023م.

3. الحد المكاني: دولة ليبيا.

مصطلحات الدراسة:

اشتملت الدراسة على المصطلحات الآتية:

الأنشطة البشرية: “تشير الأنشطة البشرية إلى الأنشطة والأعمال التي يقوم بها البشر في تفاعلهم مع البيئة المحيطة بهم، وتشمل هذه الأنشطة مجموعة واسعة من الأنشطة مثل الصناعة، والزراعة، والنقل، والبناء، واستخدام الطاقة، والتخلص من النفايات، واستخدام الموارد الطبيعية، وغيرها من الأنشطة التي تؤثر على البيئة بشكل مباشر أو غير مباشر” (Rittner, 2020).

وتعرف إجرائيا ًعلى أنها: ” مجموعة من الإجراءات والسلوكيات المقصودة التي يقوم بها البشر لتلبية احتياجاتهم ورغباتهم وأهدافهم، وتعكس الأنشطة البشرية التفاعل المعقد بين الخيارات الفردية والهياكل الاجتماعية والعوامل البيئية، وهي تساهم في تطور المجتمعات”.

البيئة: ” هي الظروف الخارجية التي تحيط بالكائنات الحية وتؤثر في عملياتها الحيوية، وتتأثر الكائنات الحية بالعوامل البيئية مثل المناخ، والتضاريس، والتربة، والموارد المائية، ويشكل النظام البيئي مجموعة المخلوقات الحية والمواد غير الحية المتراكبة في مساحة محددة من الطبيعة، ويتفاعل هذا النظام البيئي مع الظروف البيئية المحيطة به، ويحدث تبادل مستدام بين العناصر الحية وغير الحية فيه” (الشمري، 2022).

وتعرف إجرائيا ًعلى أنها: ” نظام شامل يتكون من العوامل الحيوية وغير الحيوية التي تحيط بالكائنات الحية وتؤثر فيها، وتتفاعل فيها كل المكونات مع بعضها البعض ومع العوامل البيئية المحيطة بها، مما يؤثر على توازن النظام البيئي”.

تلوث الهواء: “يشير تلوث الهواء إلى وجود ملوثات ومواد ضارة في الغلاف الجوي تتجاوز التراكيز الطبيعية المعتادة، مما يؤدي إلى تأثير سلبي على جودة الهواء وصحة الإنسان والنظم البيئية” (Laffan, 2017).

ويعرف إجرائيا ًعلى أنه: “إدخال ملوثات ضارة في تركيبة الهواء، مما يضر بتكوينه الطبيعي وجودته، ويمكن أن تشمل هذه الملوثات الغازات والجسيمات والمواد الكيميائية المنبعثة من الأنشطة البشرية والعمليات الصناعية والنقل وإنتاج الطاقة والمصادر الطبيعية مثل العواصف الترابية أو الانفجارات البركانية”.

الدراسات السابقة

تناولت العديد من الدراسات العربية والأجنبية موضوع أثر الأنشطة البشرية في تلوث هواء البيئة الليبية، وأكدت على أهمية دراسة هذا الأثر، لذا يتناول هذا الجزء عرضًا للدراسات العربية والأجنبية ذات الصلة بموضوع الدراسة الحالية، وفيما يلي عرض لهذه الدراسات بدءاً بالدراسات العربية ثم الأجنبية وفقًا لتسلسلها الزمني من الأحدث إلى الأقدم:

  1. دراسة (جهاد، 2021)، بعنوان: “ أثر الأنشطة البشرية ودورها في تلوث هواء البيئة الحضرية في محافظة ذي قار”.

هدفت هذه الدراسة إلى فهم وتحليل تأثير الأنشطة البشرية على تلوث الهواء في المدينة المعاصرة وتأثيرها على البيئة، وتم تحديد عدة عوامل تساهم في زيادة مستويات التلوث الهوائي، بما في ذلك حركة النقل والتصنيع، وضعف القوانين والتشريعات المتعلقة بتنقية الهواء وتحديد طرق التخلص من الشوائب الضارة، وتصميم المداخن الصناعية بشكل غير صحيح، وتوصلت الدراسة إلى أن هذه العوامل تسهم بشكل كبير في زيادة مستويات التلوث الهوائي وتأثيره على البيئة، وأشارت النتائج إلى أن حركة النقل والتصنيع تساهم في إطلاق العديد من الملوثات الضارة في الهواء، وأظهرت الدراسة أيضًا أهمية تصميم المداخن الصناعية بشكل صحيح لضمان تفريغ الملوثات بشكل فعال وبعيدًا عن المناطق السكنية، وتوصي الدراسة بتشديد القوانين والتشريعات المتعلقة بتلوث الهواء وتطبيقها بشكل فعال، وتحسين تصميم المداخن الصناعية ورفع ارتفاعاتها وتنظيم سرعة قذف الملوثات، وتشجيع استخدام وسائل النقل النظيفة وتطبيق مبادئ التنمية المستدامة في قطاع النقل، وتنفيذ حواجز خضراء للحماية من العواصف الترابية، بالإضافة إلى تعزيز الوعي البيئي وتشجيع التوجه نحو مصادر الطاقة البديلة والمستدامة لتقليل انبعاثات الكربون وتلوث الهواء بشكل عام.

  1. دراسة (السراط، 2018)، بعنوان: ” تلوث الهواء والعوامل والمخاطر البيئية المؤثرة الناتجة عنه “.

هدفت هذه الدراسة إلى تحليل وتوضيح مصادر وأضرار تلوث الهواء، بما في ذلك المصادر الطبيعية والبشرية، حيث تمت مراجعة ملوثات الهواء في أشكالها المختلفة: الغازية والصلبة والكائنات الحيوية الدقيقة، وتم توضيح العوامل المؤثرة بشكل رئيسي في كثافة الملوثات البيئية التي تؤدي إلى ظواهر تلوث الهواء، مع التركيز على الآثار الصحية البشرية والأجهزة المستهدفة في الجسم البشري الناجمة عن هذه الملوثات، وخلصت الدراسة إلى أن المصادر البشرية لتلوث الهواء، نتيجة سوء استخدام الموارد الطبيعية، هي أكثر خطورة من المصادر الطبيعية، وبشكل خاص، انبعاثات الغازات الضارة من المنشآت الصناعية، ومخلفات ونفايات المنشآت النووية والأسمدة الأوزونية، وتوصي الدراسة بضرورة تبني إجراءات صارمة للحد من انبعاثات الملوثات الصناعية والتحول إلى تقنيات ومصادر طاقة نظيفة ومستدامة.

  1. دراسة (ياسين، 2017)، بعنوان: ” التلوث ﺍﻟبيئي وأثره على التنمية الاقتصادية في ليبيا “.

هدفت هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على تأثير الأنشطة البشرية على تلوث البيئة الجوية ودراسة تأثيرها على النظام البيئي في ليبيا، وتوصلت الدراسة إلى نتائج مهمة تؤكد حجم التحديات البيئية التي تواجهها ليبيا وتأثيرها السلبي على البرامج التنموية والاقتصادية في البلاد، وتبين أن الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي الهش في ليبيا قد أدى إلى تدهور الحالة البيئية، وأظهرت الدراسة أن الأنشطة البشرية الرئيسية التي تساهم في تلوث الهواء في ليبيا تشمل الصناعة، والنقل، والزراعة، وتوصي الدراسة بضرورة تبني سياسات وبرامج فعالة للتصدي لمشكلة تلوث الهواء وحماية البيئة في ليبيا، ويجب تعزيز التوعية بين الجمهور والمشاركة المجتمعية لتشجيع التغييرات الإيجابية في السلوك البيئي، كما ينبغي تعزيز الرقابة البيئية وتطوير التشريعات والتنظيمات البيئية للحد من التلوث وتحسين جودة الهواء.

  1. دراسة (Liu, 2022)، بعنوان: “مقالات عن فعالية سياسات التحكم في تلوث الهواء في الصين”.

هدفت هذه الدراسة إلى دراسة تأثير سياسات الحكومة الصينية المختارة على جودة الهواء، نظرًا لأهمية قضية تلوث الهواء وتأثيرها الصحي المحتمل، حيث تطورت الصين اقتصاديًا بشكل سريع في العقود الأخيرة، ورافق ذلك تدهور خطير في جودة الهواء، وأظهرت الدراسة أن سياسات الحكومة الصينية لمكافحة تلوث الهواء تحققت بنجاح في تحسين جودة الهواء، وأشارت النتائج إلى فعالية برامج مثل برنامج حماية البيئة وبرنامج الإغلاق المفروض بسبب جائحة كوفيد-19، وتوصي الدراسة بمواصلة تنفيذ وتعزيز هذه السياسات للحفاظ على جودة الهواء وتعزيز صحة المجتمع، كما توصي بضرورة مواصلة البحث وتطوير استراتيجيات جديدة لتحسين جودة الهواء وتخفيض مستويات التلوث في المستقبل.

  1. دراسة (Rittner, 2020)، بعنوان: ” تقييم التعرضات البيئية: تلوث الهواء في سكانيا جنوب السويد”.

هدفت هذه الدراسة إلى استكشاف وتقييم طرق تقدير تعرض الأشخاص لتلوث الهواء في سكانيا، واستخدمت الدراسة قاعدة بيانات تفصيلية لانبعاثات الجسيمات وأكاسيد النيتروجين في سكانيا ونمذجة الانتشار لتقدير تراكيزها، وأظهرت النتائج ترابطًا معتدلًا بين تراكيز أكسيد النيتروجين والقياسات الفعلية، وتوصلت الدراسة إلى أن نحو 6% من الوفيات المبكرة و 11% من حالات وزن الولادة المنخفض يعزى إلى جسيمات الحجم البؤري 2.5 ميكرون، وتشير الدراسة إلى أهمية تقليل مستويات تلوث الهواء في سكانيا لتحقيق فوائد صحية كبيرة، وتوصى بمواصلة البحث لاستكشاف أساليب بديلة لتقدير التعرض الشخصي لتلوث الهواء، مع التركيز على استخدام تقنيات الاستشعار عن بُعد.

التعقيب على الدراسات السابقة:

من خلال استعراض الدراسات السابقة العربية والأجنبية، قام الباحث ببيان أوجه الشبه والاختلاف بين الدراسة الحالية والدراسات السابقة من حيث موضوع الدراسة وأهدافها، ومنهج الدراسة، بالإضافة الى أوجه الاستفادة من الدراسات السابقة، وأبرز ما تتميز به الدراسة الحالية عن الدراسات السابقة.

حيث هدفت دراسة (جهاد، وعثمان، 2021) إلى تسليط الضوء على الأنشطة البشرية ودورها في تلوث هواء البيئة الحضرية في محافظة ذي قار، وهدفت دراسة (السراط، 2018) إلى التعرف على تلوث الهواء والعوامل والمخاطر البيئية المؤثرة الناتجة عنه، وهدفت دراسة (ياسين، 2017) إلى تسليط الضوء على التلوث ﺍﻟبيئي وأثره على التنمية الاقتصادية في ليبيا ، وهدفت دراسة (Liu, 2022) إلى تحديد فعالية سياسات التحكم في تلوث الهواء في الصين ، وهدفت دراسة (Rittner, 2020) إلى تقييم التعرضات البيئية المسببة لتلوث الهواء في سكانيا جنوب السويد.

أما الدراسة الحالية فقد هدفت إلى دراسة أثر الأنشطة البشرية في تلوث هواء البيئة الليبية، ودراسة تأثير الأنشطة البشرية في تلوث الهواء على النظام البيئي، ولقد استفاد الباحث من الدراسات السابقة في صياغة مشكلة الدراسة وإعداد أسئلتها، وتحديد أهم النقاط التي تناولها الإطار النظري.

الإطار النظري

تمهيد:

يعد تلوث الهواء الناتج عن الأنشطة البشرية قضية بيئية ملحة تشكل تهديدات كبيرة للنظم البيئية وصحة الإنسان، ويعتبر مصدر قلق عالمي كبير في العقود الأخيرة، حيث أدت الأنشطة البشرية، مدفوعة بالتصنيع والطلب المتزايد على الطاقة والموارد، إلى تغيير كبير في تكوين الغلاف الجوي للأرض، وأدى إطلاق الملوثات وغازات الاحتباس الحراري في الهواء إلى مجموعة من القضايا البيئية، بما في ذلك تلوث الهواء، ويشمل هذا التلوث وجود مواد ضارة في الهواء تتجاوز المستويات المقبولة وتشكل مخاطر على صحة الإنسان والنظم البيئية والتوازن العام لكوكبنا (جابر، 2011).

إن تأثير الأنشطة البشرية على تلوث الهواء البيئي متعدد الأوجه، وأحد الأسباب الرئيسية لتلوث الهواء هو حرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي لإنتاج الطاقة والنقل، وتطلق عملية الاحتراق ملوثات مثل ثاني أكسيد الكربون (CO2) وثاني أكسيد الكبريت (SO2) وأكاسيد النيتروجين (NOx) والجسيمات في الغلاف الجوي، ولا تساهم هذه الملوثات في الاحتباس الحراري وتغير المناخ فحسب، بل لها أيضًا آثار صحية مباشرة وغير مباشرة على البشر (تيقرين، 2023).

وتلعب الأنشطة الصناعية، بما في ذلك التصنيع والتعدين والبناء، دورًا مهمًا أيضًا في تلوث الهواء، وتطلق الانبعاثات من المصانع ومحطات الطاقة والعمليات الصناعية عددًا كبيرًا من الملوثات، بما في ذلك المركبات العضوية المتطايرة (VOCs)، والمعادن الثقيلة، والمواد الكيميائية الخطرة، ويمكن أن يكون لهذه المواد آثار ضارة على كل من صحة الإنسان والبيئة، مما يؤدي إلى مشاكل في الجهاز التنفسي، وتعطل النظام البيئي، وتدهور جودة الهواء في المناطق المحيطة (مهدي، 2022).

ويساهم النقل، وهو جانب مهم آخر من جوانب النشاط البشري، بشكل كبير في تلوث الهواء، وتطلق انبعاثات العادم من المركبات، وخاصة تلك التي تعمل بالوقود الأحفوري، ملوثات مثل أول أكسيد الكربون (CO) وثاني أكسيد النيتروجين (NO2) والجسيمات (PM) في الغلاف الجوي، وتركيز هذه الملوثات مرتفع بشكل خاص في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، مما يؤدي إلى رداءة نوعية الهواء وما يرتبط به من مخاطر صحية للسكان (ابتون، 2016).

وتساهم الممارسات الزراعية، ولا سيما الزراعة المكثفة والإنتاج الحيواني في تلوث الهواء أيضاً، ويمكن أن يؤدي استخدام الأسمدة والمبيدات والمواد الكيميائية الزراعية الأخرى إلى إطلاق غازات ضارة وجسيمات في الهواء، مما يساهم في تكوين ملوثات ثانوية ويؤثر سلبًا على جودة الهواء، وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحرق الزراعي، بما في ذلك تطهير الأرض من خلال ممارسات القطع والحرق، يطلق كميات كبيرة من الدخان والملوثات في الغلاف الجوي (Liu, 2022).

ويمتد تأثير تلوث الهواء الناتج عن الأنشطة البشرية إلى ما وراء الحدود المحلية والإقليمية، ويمكن أن تنتقل الملوثات مسافات طويلة من خلال دوران الغلاف الجوي، مما يساهم في التلوث العابر للحدود ويؤثر على جودة الهواء في المناطق البعيدة، وهذا يسلط الضوء على الحاجة إلى التعاون الدولي والجهود المتضافرة لمعالجة القضية بشكل جماعي (العسيري، 2013).

ويرى الباحث أن تأثير الأنشطة البشرية على تلوث الهواء البيئي يعتبر مصدر قلق بالغ يتطلب اهتمامًا فوريًا، ولا تقتصر عواقب أفعالنا على الهواء الذي نتنفسه بل تمتد لتشمل صحة النظم البيئية والتنوع البيولوجي والرفاهية العامة لكوكبنا، وإن إدراك الترابط بين الأنشطة البشرية وتلوث الهواء أمر بالغ الأهمية في صياغة استراتيجيات وسياسات فعالة للتخفيف من الآثار السلبية.

مفهوم تلوث الهواء:

يعد تلوث الهواء مشكلة بيئية كبيرة تؤثر على جودة الهواء وتشكل مخاطر جسيمة على صحة الإنسان والنظام البيئي الطبيعي، ويعد فهم مفهوم تلوث الهواء أمرًا بالغ الأهمية في معالجة أسبابه وتأثيراته والحلول المحتملة له، ويشير تلوث الهواء إلى وجود مواد ضارة أو ملوثات في الهواء يمكن أن يكون لها آثار ضارة على صحة الإنسان والبيئة والرفاهية العامة للكائنات الحية، ويمكن أن تكون هذه الملوثات طبيعية أو من صنع الإنسان وغالبًا ما يتم إطلاقها في الغلاف الجوي نتيجة للأنشطة والعمليات المختلفة (ياسين، 2017).

ويمكن تعريف تلوث الهواء على أنه تغيير في التركيب الكيميائي والفيزيائي والبيولوجي للهواء من خلال إدخال الملوثات، ويمكن أن تشمل هذه الملوثات الغازات والجسيمات والمواد السامة المنبعثة من المصادر الطبيعية، مثل الثورات البركانية وحرائق الغابات، بالإضافة إلى الأنشطة البشرية، بما في ذلك العمليات الصناعية والنقل وإنتاج الطاقة (Klompmaker, 2020).

وبحسب تعريف (الحسن، 2014) فهو تغير في نسبة مكونات الهواء الطبيعية، من عناصر غازية وصلبه وسائلة، ناتجة عن مصادر طبيعية وأنشطة بشرية، سواء بالزيادة والنقصان، وتؤدي إلى تأثيرات ضارة، مباشرة غير مباشرة بشكل عام في مكونات النظام البيئي.

وتلوث الهواء بالملوثات يؤدي إلى تدهور جودة الهواء وتشكيل مخاطر على صحة الإنسان والنظم البيئية، حيث ينطوي على وجود مواد في الهواء لا تتواجد بشكل طبيعي أو تتواجد بتركيزات أعلى من المعتاد، ويمكن أن تكون هذه المواد في شكل غازات أو جزيئات أو عوامل بيولوجية، ويمكن أن يكون لها تأثيرات قصيرة وطويلة المدى على مختلف جوانب الحياة (بريك، 2016).

ويرى الباحث أن تلوث الهواء يعتبر مشكلة بيئية معقدة وملحة لها عواقب واسعة النطاق على صحة الإنسان والبيئة، وتوضح التعريفات السابقة وجود مواد وملوثات ضارة في الهواء، والتي يمكن أن تنشأ من مصادر طبيعية أو أنشطة بشرية، ويعد فهم مفهوم تلوث الهواء أمرًا بالغ الأهمية لتنفيذ استراتيجيات التخفيف الفعالة واعتماد ممارسات مستدامة لتقليل آثاره الضارة.

مكونات الهواء الجوي:

يتكون الهواء الطبيعي والنظيف من مزيج من الغازات والجزيئات والمكونات الأخرى التي تخلق جوًا صحيًا وقابلًا للتنفس، ويعد فهم مكونات الهواء الطبيعي أمرًا بالغ الأهمية لتمييزه عن الهواء الملوث وتحديد العوامل التي تساهم في تلوث الهواء، ونذكر أهم المكونات للهواء الطبيعي والنقي (جهاد، 2021):

  1. الأكسجين (O2): الأكسجين مكون حيوي من مكونات الهواء الطبيعي، حيث يشكل حوالي 21٪ من الغلاف الجوي للأرض، حيث إنه ضروري لبقاء معظم الكائنات الحية، ويلعب دورًا مهمًا في التنفس، ويدعم الأكسجين عملية الاحتراق، مما يسمح للوقود بالاحتراق ويوفر الطاقة لمختلف الأنشطة.
  2. النيتروجين (N2): النيتروجين هو أكثر الغازات وفرة في الغلاف الجوي للأرض، حيث يمثل حوالي 78٪ من مكوناته، ويعتبر من الغازات الخاملة، مما يعني أنه مستقر كيميائيًا ولا يتفاعل بسهولة مع العناصر الأخرى، ويلعب النيتروجين دورًا مهمًا في دورة النيتروجين في الطبيعة، حيث يدعم نمو النباتات ويعمل كمكوِّن أساسي للبروتينات والحمض النووي.
  3. ثاني أكسيد الكربون (CO2): ثاني أكسيد الكربون هو غاز طبيعي موجود في الغلاف الجوي للأرض، حيث يعتبر نتيجة ثانوية للعديد من العمليات الطبيعية، بما في ذلك التنفس والنشاط البركاني وانحلال المواد العضوية، ويعد ثاني أكسيد الكربون أيضًا مكونًا رئيسيًا في دورة الكربون، حيث تمتصه النباتات أثناء عملية التمثيل الضوئي، وفي حين أن ثاني أكسيد الكربون ضروري لنمو النبات، فإن الانبعاثات المفرطة من الأنشطة البشرية، مثل حرق الوقود الأحفوري، تؤدي إلى زيادة تركيزاته الغلاف الجوي، مما يساهم في تغير المناخ.
  4. الغازات الأخرى: يحتوي الهواء الطبيعي أيضًا على غازات أخرى بتركيزات أصغر نسبيًا، وتشمل هذه الأرجون والنيون والهيليوم والميثان والأوزون، وأثناء وجودها بكميات صغيرة، تلعب هذه الغازات أدوارًا مهمة في الحفاظ على التكوين العام وخصائص الغلاف الجوي.
  5. الجسيمات والهباء الجوي: قد يحتوي الهواء الطبيعي على جزيئات وهباء، وهي مواد صلبة أو سائلة معلقة في الهواء، ويمكن أن تنشأ هذه الجسيمات من مصادر طبيعية مثل الغبار وحبوب اللقاح وملح البحر والرماد البركاني، ويمكن أن تنتج أيضًا عن الأنشطة البشرية، مثل الانبعاثات الصناعية وعوادم المركبات، وفي الهواء الطبيعي والنظيف، يكون تركيز الجزيئات والهباء الجوي منخفضًا بشكل عام ولا يشكل مخاطر صحية كبيرة.

جدول 1: التركيب الطبيعي للهواء

اسم المركب الرمز التركيز الطبيعي %
النتروجين N2 78.10
الأوكسجين O2 20.93
ثاني أكسيد الكربون CO2 0.03
الأرغون Ar 0.93
النيون Ne 0.00
الهيليوم He 0.00
الكريبتون Kr 0.00
الهيدروجين H2 0.00
الأوزون O3 0.00
الزينون Xe 0.00

المصدر/ أحمد مدحت سلام، التلوث مشكلة معاصرة، علم المعرفة للنشر والطباعة، الكويت، 1990، ص 19

ويرى الباحث مما سبق أن الحفاظ على توازن وجودة هذه المكونات أمرًا بالغ الأهمية لضمان الهواء الطبيعي والنظيف، ويمكن للأنشطة البشرية، مثل العمليات الصناعية وانبعاثات المركبات وإزالة الغابات، إدخال الملوثات في الغلاف الجوي وتعطيل التكوين الطبيعي للهواء، ويساعد فهم مكونات الهواء الطبيعي في تطوير استراتيجيات وسياسات للحد من التلوث والحفاظ على سلامة الغلاف الجوي للأجيال القادمة، ومن خلال تعزيز الممارسات المستدامة وتقليل الانبعاثات وتعزيز الإشراف البيئي، يمكننا أن نسعى جاهدين نحو هواء أنظف وكوكب أكثر صحة.

أنواع التلوث الهوائي

يشير تلوث الهواء إلى وجود مواد ضارة وملوثات في الهواء يمكن أن يكون لها آثار ضارة على صحة الإنسان والبيئة ونوعية الحياة بشكل عام، وقضية تلوث الهواء قضية عالمية ملحة تؤثر على البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء، ويعد فهم أنواع تلوث الهواء أمرًا ضروريًا في معالجة آثاره الضارة والتخفيف من حدتها، ومن هذه الملوثات:

  1. ثاني أكسيد النيتروجين (NO2): هو غاز سام ينتج بشكل أساسي من احتراق الوقود الأحفوري، خاصة في السيارات ومحطات الطاقة والعمليات الصناعية، حين إن هذا الغاز هو مكون بشكل رئيسي من الضباب الدخاني ويساهم في تكوين طبقة الأوزون، ويمكن أن يؤدي التعرض المطول لثاني أكسيد النيتروجين إلى مشاكل في الجهاز التنفسي والتهاب الرئة، وكما أنه يساهم في تكوين الأمطار الحمضية التي يمكن أن تضر بالنظم البيئية وتتسبب في تآكل المباني والبنية التحتية (Bonsu, 2021).
  2. ثاني أكسيد الكبريت (SO2): هو غاز عديم اللون ذو رائحة نفاذة، ينبعث بشكل أساسي من حرق الوقود الأحفوري، وخاصة الفحم والنفط، وهو مساهم كبير في تلوث الهواء، خاصة في المناطق ذات الأنشطة الصناعية العالية وتوليد الطاقة من محطات تعمل بالفحم، ويمكن أن يسبب استنشاق ثاني أكسيد الكبريت مشاكل في الجهاز التنفسي، بما في ذلك الربو والتهاب الشعب الهوائية وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى، وكما أنه يساهم في تكوين الأمطار الحمضية ويمكن أن يضر بالنباتات والنظم الإيكولوجية المائية (منصور، 2014).
  3. أول أكسيد الكربون (CO): هو غاز عديم اللون والرائحة ينتج عن الاحتراق غير الكامل للوقود الأحفوري، وخاصة في المركبات والعمليات الصناعية، وهو شديد السمية ويمكن أن يهدد الحياة بتركيزاته العالية، وعند استنشاقه، يقلل ثاني أكسيد الكربون من قدرة الدم على حمل الأكسجين، مما يؤدي إلى ظهور أعراض مثل الصداع، والدوخة، وفي الحالات الشديدة، الموت، ومن الأهمية بمكان التحكم في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتقليلها لحماية صحة الإنسان (عبد العظيم، 2019).
  4. المركبات العضوية المتطايرة (VOCs): هي مجموعة متنوعة من المواد الكيميائية التي تتبخر بسهولة في درجة حرارة الغرفة، وتنبعث من مصادر مختلفة، بما في ذلك انبعاثات المركبات والعمليات الصناعية واستخدام المذيبات والمنتجات المنزلية، وتساهم المركبات العضوية المتطايرة في تكوين الأوزون على مستوى الأرض، ويمكن أن يكون لها آثار ضارة على صحة الإنسان، مثل مشاكل الجهاز التنفسي وتهيج العين والأنف والحنجرة (Steenhof, 2015).
  5. الأوزون (O3): في حين أن الأوزون الموجود في الستراتوسفير ضروري لحماية الحياة على الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة، فإن الأوزون على مستوى الأرض هو ملوث ضار، ويتكون من خلال تفاعلات كيميائية معقدة تشمل ضوء الشمس والملوثات مثل أكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة، ويمكن أن يسبب الأوزون على مستوى الأرض مشاكل في الجهاز التنفسي، ويؤدي إلى تفاقم الربو، ويقلل من وظائف الرئة (العبيدي، 2021).

وتتطلب معالجة هذه الأنواع المختلفة من تلوث الهواء نهجًا متعدد الأوجه يتضمن لوائح أكثر صرامة، وتقنيات محسنة للتحكم في الانبعاثات، وتعزيز مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، ومن خلال فهم أنواع ومصادر تلوث الهواء، يمكن للأفراد وصناع السياسات، والصناعات اتخاذ تدابير استباقية للحد من مستويات التلوث وحماية صحة الإنسان والبيئة، وإن تنفيذ الاستراتيجيات الفعالة والجهود التعاونية على المستويات المحلية والوطنية والدولية أمر بالغ الأهمية لتحقيق هواء أنظف ومستقبل مستدام.

العوامل البشرية المساعدة في تلوث الهواء في ليبيا

تلعب الأنشطة البشرية دورًا مهمًا في المساهمة في تلوث الهواء في ليبيا، وتشمل هذه الأنشطة مختلف القطاعات والممارسات التي تطلق الملوثات في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى آثار ضارة على جودة الهواء، ومن هذه العوامل البشرية الأساسية التي تساهم في تلوث الهواء ما يلي:

أولاً: انبعاثات النقل

يعد قطاع النقل مساهماً هاماً آخر في تلوث الهواء في ليبيا، وتطلق انبعاثات المركبات، خاصة من السيارات والشاحنات والدراجات النارية، ملوثات مثل أول أكسيد الكربون (CO) وثاني أكسيد النيتروجين (NO2) والجسيمات، وأدى العدد المتزايد من المركبات على الطريق، إلى جانب تكنولوجيا المركبات التي عفا عليها الزمن وعدم كفاية تدابير التحكم في الانبعاثات، إلى ارتفاع مستويات التلوث، وتشير الإحصاءات إلى أن انبعاثات النقل تساهم في حوالي 57٪ من تلوث الهواء في ليبيا (ياسين، 2017).

ثانياً: الانبعاثات الصناعية

تعتبر الأنشطة الصناعية مصدر رئيسي لتلوث الهواء في ليبيا، وتنتج العمليات الصناعية، مثل التصنيع وتوليد الطاقة ومصافي النفط، كميات كبيرة من الملوثات في الهواء، وتشمل هذه الملوثات ثاني أكسيد الكبريت (SO2) وأكاسيد النيتروجين (NOx) والجسيمات (PM) والمركبات العضوية المتطايرة (VOCs)، ووفقًا للبيانات الحديثة، تمثل الانبعاثات الصناعية ما يقرب من 23٪ من تلوث الهواء في ليبيا (السراط، 2018).

ثالثاً: الممارسات الزراعية

يمكن للأنشطة الزراعية، بما في ذلك تربية الماشية وزراعة المحاصيل، أن تسهم في تلوث الهواء من خلال وسائل مختلفة، وتنتج تربية الماشية كميات كبيرة من الميثان (CH4)، وهو أحد غازات الدفيئة القوية، والأمونيا (NH3)، والتي يمكن أن تسهم في تكوين الجسيمات، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي استخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية في زراعة المحاصيل إلى إطلاق مركبات النيتروجين في الغلاف الجوي، وفي حين أن البيانات المتعلقة بالمساهمة المحددة للزراعة في تلوث الهواء في ليبيا محدودة، فمن المقدر أنها مسؤولة عن حوالي 10٪ من إجمالي التلوث (ياسين، 2017).

رابعاً: الأنشطة السكنية والتجارية

تساهم الأنشطة السكنية والتجارية، بما في ذلك التدفئة والطهي واستهلاك الطاقة، في تلوث الهواء في ليبيا، ويؤدي حرق الوقود الصلب مثل الخشب والفحم والكتلة الحيوية في المنازل والشركات الصغيرة إلى إطلاق ملوثات مثل الجسيمات الصغيرة وثاني أكسيد الكربون (CO2) ومركبات الكبريت، ويؤدي عدم كفاية التهوية واستخدام التقنيات القديمة إلى تفاقم مستويات التلوث، وهذه الأنشطة مسؤولة عما يقرب من 7٪ من تلوث الهواء في البلاد (النقيب، 2018).

خامساً: إدارة النفايات

تساهم ممارسات إدارة النفايات غير السليمة، بما في ذلك حرق النفايات في الهواء الطلق وعدم كفاية إدارة مدافن النفايات، في تلوث الهواء في ليبيا، ويؤدي حرق النفايات الصلبة إلى إطلاق ملوثات ضارة مثل الديوكسينات والفيوران والغازات السامة في الهواء، ويمكن أن تؤدي الإدارة غير الملائمة لمدافن النفايات إلى إطلاق غاز الميثان وغازات الاحتباس الحراري الأخرى، وفي حين أن البيانات الدقيقة حول مساهمة إدارة النفايات في تلوث الهواء في ليبيا محدودة، إلا أنها تعتبر عاملاً مهمًا يساهم فيما نسبته 3% من إجمالي التلوث (النقيب، 2018).

شكل 1: النسبة المئوية للأنشطة البشرية المسببة للتلوث في ليبيا: من إعداد الباحث.

ويرى الباحث أنه من الضروري معالجة هذه العوامل البشرية التي تسهم في تلوث الهواء في ليبيا من خلال استراتيجيات وتدابير شاملة، وقد يشمل ذلك تنفيذ معايير انبعاثات أكثر صرامة للصناعات والمركبات، وتعزيز مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، وتحسين ممارسات إدارة النفايات، وزيادة الوعي بين الجمهور حول أهمية الممارسات المستدامة، ومن خلال معالجة هذه العوامل، يمكن لليبيا أن تخطو خطوات كبيرة نحو تحسين جودة الهواء وحماية الصحة العامة.

آثار تلوث الهواء على البيئة في ليبيا:

تلوث الهواء له آثار ضارة على البيئة في ليبيا، حيث يؤثر على النظم البيئية المختلفة والموارد الطبيعية، وسوف نسلط الضوء على بعض التأثيرات الرئيسية لتلوث الهواء:

التأثير على النباتات والحيوانات: يمكن لتلوث الهواء، وخاصة من الانبعاثات الصناعية وعوادم المركبات، أن يضر بالحياة النباتية والحياة البرية في ليبيا، ويمكن أن تؤدي المستويات العالية من الملوثات مثل ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين إلى إتلاف الغطاء النباتي وتقليل غلة المحاصيل وتعطيل النظم البيئية، ويمكن أن يؤثر التركيز المتزايد للجسيمات الضارة في الهواء أيضًا على مجموعات الحيوانات وموائلها (السراط، 2018).

تلوث المياه والتربة: يمكن أن يساهم تلوث الهواء في تلوث المياه والتربة في ليبيا، وعندما تستقر الملوثات على الأرض أو تغسلها الأمطار، فإنها يمكن أن تتسلل إلى التربة وتتسرب إلى احتياطيات المياه الجوفية، ويؤثر هذا التلوث على جودة مياه الشرب والإنتاجية الزراعية وصحة النظام الإيكولوجي بشكل عام، ويمكن أن تتراكم الملوثات أيضًا في المسطحات المائية، مما يسبب ضررًا للكائنات المائية ويعطل النظم الإيكولوجية المائية (النقيب، 2018).

تغير المناخ: يلعب تلوث الهواء دورًا مهمًا في تغير المناخ، والذي له آثار بعيدة المدى على البيئة، وتساهم غازات الدفيئة، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، في ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، وفي ليبيا، يؤدي حرق الوقود الأحفوري والأنشطة البشرية الأخرى إلى إطلاق هذه الغازات في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة وتغيير أنماط هطول الأمطار وارتفاع مستويات سطح البحر، ويمكن لهذه التغييرات أن تعطل النظم البيئية، وتؤثر على الزراعة، وتؤدي إلى تفاقم عمليات التصحر (السراط، 2018).

الآثار على صحة الإنسان: لتلوث الهواء في ليبيا آثار كبيرة على صحة الإنسان، ويمكن أن تدخل الجسيمات الدقيقة والغازات السامة الموجودة في الهواء الملوث إلى الجهاز التنفسي، مما يؤدي إلى أمراض الجهاز التنفسي ومشاكل القلب والأوعية الدموية وغيرها من المشكلات الصحية، وتكون الفئات السكانية الضعيفة بما في ذلك الأطفال وكبار السن والأفراد الذين يعانون من ظروف صحية موجودة مسبقًا، معرضون بشكل خاص للآثار الصحية الضارة لتلوث الهواء (النقيب، 2018).

المطر الحمضي: يمكن أن يساهم تلوث الهواء على شكل ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين في تكوين الأمطار الحمضية، وعندما تتحد هذه الملوثات مع الرطوبة الجوية، فإنها تشكل حامض الكبريتيك وحمض النيتريك، والذي يمكن أن يتراجع إلى الأرض على شكل مطر حمضي، وللأمطار الحمضية آثار ضارة على الغطاء النباتي والتربة والمسطحات المائية، مما يؤدي إلى تدهور الغابات وتدهور التربة وتلوث المياه (Mtati, 2019).

اختلال التوازن في النظام البيئي: تلوث الهواء يمكن أن يخل بالتوازن الدقيق داخل النظم البيئية، وعلى سبيل المثال، يمكن أن تؤدي المستويات العالية من ترسب النيتروجين من تلوث الهواء إلى اختلال توازن العناصر الغذائية في التربة، مما يؤدي إلى تفضيل بعض أنواع النباتات على الأنواع الأخرى وتغيير تكوين المجتمعات النباتية، ويمكن أن يكون لهذه التغييرات تأثيرات متتالية على الكائنات الحية الأخرى، بما في ذلك الحشرات والطيور والثدييات الصغيرة التي تعتمد على أنواع نباتية معينة للغذاء والموئل (عبد السلام، 2015).

ويرى الباحث أنه من الأهمية بمكان معالجة تلوث الهواء في ليبيا من خلال استراتيجيات شاملة تعزز مصادر الطاقة النظيفة، وتحسن الممارسات الصناعية، وتعزز معايير انبعاثات المركبات، وتزيد الوعي بأهمية حماية البيئة، ومن خلال التخفيف من تلوث الهواء، يمكننا حماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية وتعزيز رفاهية كل من النظم البيئية والسكان في ليبيا.

الإجراءات والسياسات البيئية اللازمة للحد من تلوث الهواء:

يعد تلوث الهواء الناجم عن الأنشطة البشرية قضية بيئية ملحة في ليبيا، حيث تشهد البلاد زيادة في الأنشطة الصناعية والنقل والتحضر، مما أدى إلى تدهور كبير في جودة الهواء، وللتخفيف من الآثار السلبية لتلوث الهواء، وينبغي على الدولة تنفيذ عدة إجراءات وسياسات تهدف إلى تقليل الانبعاثات وتحسين جودة الهواء، وسنذكر بعض التدابير والسياسات البيئية الواجب العمل بها في ليبيا لمعالجة تلوث الهواء الناجم عن الأنشطة البشرية:

1 – التشريعات والأنظمة البيئية: وضع تشريعات ولوائح بيئية للتحكم في تلوث الهواء ومراقبته، بحيث يحدد قانون البيئة العام الإطار القانوني لحماية البيئة، بما في ذلك إدارة جودة الهواء، ويحدد القانون معايير الانبعاث، ومتطلبات المراقبة، وعقوبات عدم الامتثال (محمود، 2016).

2. ضوابط الانبعاثات الصناعية: تنفيذ تدابير لتنظيم الانبعاثات الصناعية من قبل وزارة البيئة والمجتمعات المحلية، بحيث يتعين على الصناعات الحصول على تصاريح والامتثال لمعايير الانبعاثات التي تحددها وزارة البيئة، وتضمن عمليات التفتيش والمراقبة المنتظمة الامتثال لهذه المعايير، ويجب أن تواجه الصناعات غير المتوافقة الغرامات أو الإغلاق (Kunkel, 2012).

3. معايير الانبعاثات من المركبات: لمعالجة تلوث الهواء الناجم عن النقل، يتم اعتماد معايير انبعاثات الغازات من المركبات، بحث تحد هذه المعايير من كمية الملوثات التي يمكن أن تنبعث من المركبات في الغلاف الجوي، وتتم عملية المتابعة بحيث تنفذ الحكومة عمليات تفتيش دورية على المركبات ومصانع السيارات لضمان الامتثال لهذه المعايير (الأعراجي، 2016).

4. مبادرات النقل المستدام: تشجيع الحكومة لاستخدام وسائل النقل العام واستخدام السيارات وركوب الدراجات لتقليل انبعاثات المركبات، بحيث يهدف الاستثمار في البنية التحتية للنقل العام، مثل توسيع شبكات الحافلات وتحسين ممرات ركوب الدراجات، إلى توفير بدائل قابلة للتطبيق للمركبات الخاصة (العلوان، 2014).

5. تعزيز الطاقة المتجددة: التحول إلى مصادر طاقة أنظف للحد من تلوث الهواء، والعمل على تعزيز تطوير واستخدام الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتقديم الحوافز والإعانات لتشجيع الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، بهدف تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والانبعاثات المرتبطة به (Mahdiansadr, 2021).

6. التوعية والتثقيف: يعد رفع مستوى الوعي العام حول تأثيرات تلوث الهواء أمرًا بالغ الأهمية، ويتم إطلاق حملات وبرامج تثقيفية لاطلاع الجمهور على عواقب تلوث الهواء وأهمية الإجراءات الفردية في الحد من الانبعاثات، وتهدف هذه المبادرات إلى تعزيز الشعور بالمسؤولية وتشجيع التغييرات السلوكية التي تساهم في تحسين جودة الهواء (عوض، 2018).

ويرى الباحث أن تنفيذ التشريعات واللوائح البيئية، وضوابط الانبعاثات الصناعية، ومعايير انبعاثات المركبات، ومبادرات النقل المستدام، والترويج للطاقة المتجددة، وحملات التوعية هي خطوات إيجابية نحو التخفيف من تلوث الهواء، ولا تزال هناك بعض التحديات، مثل الحاجة إلى إنفاذ أقوى للأنظمة، وزيادة الاستثمار في البنية التحتية للنقل المستدام، وتعزيز المشاركة العامة، وبالإضافة إلى ذلك، يعد الرصد والتقييم المستمران لمؤشرات جودة الهواء أمرًا حيويًا لتتبع التقدم وتحديد المجالات التي تتطلب مزيدًا من الاهتمام، وبينما يمكن لليبيا أن تبذل جهودًا لمكافحة تلوث الهواء، فمن الضروري مراجعة وتحديث التدابير والسياسات الحالية باستمرار لضمان فعاليتها، ويجب تعزيز الجهود التعاونية بين الحكومة والصناعات والجمهور ضرورية لتحقيق تحسينات مستدامة في جودة الهواء وحماية صحة ورفاهية السكان والبيئة.

النتائج والتوصيات

أولاً: النتائج:

توصل الباحث من خلال الدراسة إلى النتائج التالية:

  • تبين أن تأثير الأنشطة البشرية على تلوث الهواء البيئي في ليبيا يعتبر قضية ملحة ويستدعي اهتمامًا فوريًا، حيث لا تقتصر آثار هذا التلوث على الصحة البشرية فحسب، بل تمتد أيضًا لتشمل النظم البيئية والتنوع البيولوجي والرفاهية العامة للكوكب.
  • إن تلوث الهواء يعتبر مشكلة بيئية معقدة وملحة تؤثر على صحة الإنسان والبيئة، وإن فهم مفهوم تلوث الهواء بشكل جيد يمكن أن يسهم في تنفيذ استراتيجيات فعالة للتخفيف من آثاره الضارة.
  • ظهر أن اعتماد ممارسات مستدامة والانتقال إلى مصادر طاقة أنظف وتعزيز الممارسات الصناعية والزراعية المسؤولة، يقود بشكل مباشر إلى مستقبل أكثر نظافة وصحة واستدامة للبيئة والأجيال القادمة.
  • إن زيادة الوعي نحو أخطار تلوث الهواء وتعزيز الممارسات الصديقة للبيئة وتنفيذ السياسات واللوائح التي تهدف إلى الحد من مستويات التلوث، يؤدي بشكل كبير إلى التخفيف من أضرار هذا التلوث.
  • تنفيذ التشريعات واللوائح البيئية وضوابط الانبعاثات الصناعية ومعايير انبعاثات غازات المركبات يساهم بشكل كبير في التخفيف من تلوث الهواء والحفاظ على بيئة صحية نظيفة.

ثانياً: التوصيات:

توصي الدراسة بالآتي:

  • تعزيز التوعية بأخطار تلوث الهواء وتأثيراته الضارة على الصحة البشرية والبيئة، حيث يمكن تنفيذ حملات إعلامية وبرامج تثقيفية لزيادة الوعي وتعزيز الممارسات البيئية المسؤولة.
  • وضع استراتيجيات شاملة للحد من تلوث الهواء الناجم عن الأنشطة البشرية في ليبيا، وينبغي أن تتضمن هذه الاستراتيجيات تحسين كفاءة استخدام الطاقة وتشجيع استخدام مصادر طاقة نظيفة والاستثمار في تكنولوجيا نظيفة.
  • تشجيع الشركات الصناعية والقطاع الزراعي على تبني ممارسات مستدامة وصديقة للبيئة، ويمكن تعزيز ذلك من خلال توفير الدعم والتشجيع المالي والمعايير البيئية الصارمة.
  • تشجيع استخدام وسائل النقل العام وتعزيز استخدام المركبات الكهربائية والمركبات ذات الانبعاثات المنخفضة، ويمكن توفير التسهيلات والتشجيع المالي للمواطنين والشركات لاعتماد وسائل نقل أكثر نظافة.
  • تعزيز التشريعات واللوائح البيئية للحد من انبعاثات الملوثات وضبط الأنشطة الصناعية والتجارية والزراعية، وينبغي تطبيق عقوبات رادعة للمخالفين وتعزيز رقابة الحكومة على الامتثال للقوانين البيئية.
  • تعزيز التعاون والتنسيق مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية لمواجهة تلوث الهواء بشكل جماعي، بحيث يمكن تبادل المعرفة والخبرات وتقديم الدعم التقني والمالي لتحقيق التنمية المستدامة والتخفيف من آثار التلوث على المستوى الإقليمي والعالمي.

ثالثاً: الدراسات المقترحة:

يوصي الباحث بإجراء الدراسات التالية:

  • تقييم تأثيرات تلوث الهواء على صحة السكان في ليبيا.
  • تحليل تأثير تلوث الهواء على النظم البيئية وتقييم الخسائر البيئية.
  • تقييم انبعاثات الصناعات والمصانع وتأثيرها على جودة الهواء.
  • دراسة تقنيات التكنولوجيا النظيفة وتطبيقاتها في الصناعات الليبية للحد من تلوث الهواء.
  • تحليل تأثيرات حركة المرور وانبعاثات المركبات على جودة الهواء في المدن الكبرى في ليبيا.
  • تقييم تأثير استخدام مصادر الطاقة المتجددة على تلوث الهواء واستدامة البيئة.
  • تحليل أثر التخلص من النفايات بشكل صحيح على جودة الهواء والصحة العامة في ليبيا.

المراجع والمصادر

أولاً: المراجع العربية

  1. ابتون، سايمون. (2016). تكاليف تلوث الهواء الحقيقية. المدينة العربية، ع173، 60 – 61.
  2. الأعراجي، ميلاد جاسم محي. (2016). تأثير عناصر المناخ في عملية التلوث البيئي: تلوث الهواء. مجلة كلية التربية الأساسية، ع96، 361 – 382.
  3. بارود، نعيم سلمان. (2006). تلوث الهواء: مصادر وضرارة، مجلة جامعة الأزهر، ص5.
  4. بريك، شهيرة، ابن عطاء الله، فيروز، وموساوي، ياسين. (2016). تقدير تلوث الهواء بواسطة الأوزون التروبوسفيري بورقلة (رسالة ماجستير غير منشورة). جامعة قاصدي مرباح – ورقلة، ورقلة.
  5. تيقرين، زهيرة، والليثى، فاتن صبرى سيد. (2023). أثر تلوث الهواء على تغير المناخ وكيفية مواجهته. مجلة الباحث للدراسات الأكاديمية، مج10, ع1، 543 – 564.
  6. جابر، أزهار. (2011). تلوث الهواء والماء: أنواعه مصادره أثاره. مجلة جامعة بابل – العلوم الإنسانية، مج 19, ع 1,2، 226 – 242.
  7. جهاد، كرار محمد، وعثمان، أريج خيري. (2021). أثر الأنشطة البشرية ودورها في تلوث هواء البيئة الحضرية في محافظة ذي قار. مجلة جامعة بابل – العلوم الإنسانية، مج29, ع10، 136 – 152.
  8. الحسن، طايل محمود. (2014). تلوث الهواء في المدن الكبرى. الأمن والحياة، مج34, ع390، 58 – 63.
  9. السراط، ميلاد فرج. (2018). تلوث الهواء والعوامل والمخاطر البيئية المؤثرة الناتجة عنه. المجلة الليبية العالمية، ع35، 1 – 24.
  10. الشمري، سهاد حسين غشيم. (2022). تلوث هواء مدينة بغداد الرصافة بعد عام 2003 م.: الأسباب والحلول. مجلة جامعة تكريت للعلوم الإنسانية، مج29, ع4، 281 – 300.
  11. عبد السلام، كايد خالد. (2015). التغير المناخي بالعالم. دار الجنادرية للنشر والتوزيع.
  12. عبد العظيم، أحمد عادل. (2019). البيئة والتنمية المستدامة. مؤسسة طيبة للنشر والتوزيع.
  13. العبيدي، صدام حسين ياسين. (2021). جرائم تلويث البيئة: من منظور شرعي وقانوني وعلمي. المركز العربي للدراسات والبحوث العلمية للنشر والتوزيع.
  14. العسيري، العنود موسى. (2013). تلوث الهواء والتغير المناخي. الأمن والحياة، مج 33, ع 378، 68 – 69.
  15. العلوان، أمير بن محمد. (2014). أثر وسائل النقل والمرور على زيادة تلوث الهواء والضوضاء في مدينة الرياض. مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية، س 40, ع 155، 145 – 203.
  16. عوض، محمد حسان، وشحاتة، حسن أحمد. (2018). قضية المناخ… وتحديات العولمة البيئية. الأكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي.
  17. محمود، ميسون طه. (2016). ظاهرة تلوث الهواء الجوي وأثرها الصحي على الإنسان. مجلة الآداب، ع116، 549 – 584.
  18. منصور، يمن أحمد، وحسينو، طارق. (2014). تقدير تكاليف المخاطر الناجمة عن تلوث الهواء في بانياس. مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية – سلسلة العلوم الاقتصادية والقانونية، مج36, ع2، 287 – 305.
  19. مهدي، عهود صالح، والصبيحي، على مخلف سبع نهار. (2022). أثر الأنشطة البشرية على تلوث الهواء في محافظة صلاح الدين. مجلة آداب الفراهيدي، مج14, ع51، 220 – 240.
  20. النقيب، سالم محمد، والهنشيري، عبد الله خليفة. (2018). دراسة تلوث الهواء الجوي بالغازات المنبعثة من محطة توليد الطاقة بمدينة زليتن. مجلة العلوم الإنسانية والتطبيقية، ع31، 391 – 411.
  21. ياسين، جمال. (2017). التلوث ﺍﻟبيئي وأثره على التنمية الاقتصادية في ليبيا. المجلة الدولية المحكمة للعلوم الهندسية وتقنية المعلومات. ع4. ص12.

ثانياً: المراجع الأجنبية

  1. Bhangar, Seema Vijay. (2010). Human exposure to dynamic air pollutants: Ozone in airplanes and ultrafine particles in homes. Degree: PhD, Civil and Environmental Engineering, University of California – Berkeley.
  2. Bonsu, Anabel Adutwumwaa. (2021). Particulate matter exposure among artisans at Suame-magazine in Kumasi metropolis, Ghana. Degree: PhD, Kwame Nkrumah University of Science and Technology.
  3. Klompmaker, Jochem Oscar. (2020). Health effects of combined exposure to surrounding green, air pollution and traffic noise. Degree: PhD, Universiteit Utrecht.
  4. Kunkel, Daniel. (2012). Global modeling of pollutant transport and deposition from anthropogenic emission hot spots on global scale. Degree: PhD, Johannes Gutenberg Universität Mainz.
  5. Laffan, Kate. (2017). Issues relating to behaviour, wellbeing and the environment. Degree: PhD, London School of Economics and Political Science.
  6. Liu, Bowen. (2022). Essays on the effectiveness of air pollution control policies in China. Degree: PhD, College of Social Sciences, University of Birmingham.
  7. Mahdiansadr, Motaharehsadat. (2021). Legal Protection of the Atmosphere in International Law: Achievements and Lacunas. Degree: PhD, Universitat Rovira i Virgili.
  8. Mtati, Vuyani. (2019). Community perception of air pollution: health and environmental impact of manganese operations at PE port. Degree: PhD, Nelson Mandela Metropolitan University.
  9. Rittner, Ralf. (2020). Assessing environmental exposures: Air pollution in Scania, southern Sweden. Degree: PhD, University of Lund.
  10. Steenhof, M. (2015). Air pollution: what matters most? Physical, chemical and oxidative properties of air pollution components related to toxic effects. Degree: PhD, Universiteit Utrecht.