الأحاديث النبوية التي استشهد بها ابن هشام في شرحه لكتاب شذور الذهب في معرفة كلام العرب (دراسة نحوية تحليلية)

د. إبراهيم شريف مصطفى1 ، د.محمد الخير نصر1

1 قسم اللغة العربية بالمعهد العالي لإعداد المعلمين بأنجمينا تشاد

HNSJ, 2024, 5(11); https://doi.org/10.53796/hnsj511/17

تحميل الملف

تاريخ النشر: 01/11/2024م تاريخ القبول: 12/10/2024م

طريقة التوثيق


المستخلص

كان الهدف من البحث هو دراسة الأحاديث النبوية التي وردت في شرح كتاب شذور الذهب في معرفة كلام العرب لابن هشام في النحو ودراستها وتحليلها نحويا ووجه الاستشهاد بها.

وإذا كان الاستشهاد بالقرآن الكريم والأشعار العربية الصالحة للاستشهاد في مجال اللغة العربية هو الأساس، كذلك الاستشهاد بالأحاديث النبوية لها دور كبير في تأصيل المادة النحوية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم، وهو صلى الله عليه وسلم أفصح من نطق بالضاد.

ونود أن نشير في هذا المستخلص إلى أن بعض الأحاديث النبوية التي لم نبد فيها رأيا لقوة أدلتها.

أهم النتائج:

1 إن الاستشهاد بالحديث النبوي ذو أهمية، لأن إمام النحويين وشيخه الخليل رحمهما الله وقبلهما أبو عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر رحمهما الله ومن بعدهم قد استشهدوا بالحديث النبوي الشريف فلا حجة لمن أنكر الاستشهاد به.

الكلمات المفتاحية: أحاديث ـ نبوية ـ استشهاد ـ هشام ـ شذور.

Research title

The hadiths of the Prophet cited by Ibn Hisham in his explanation of the book The roots of gold in knowing the words of the Arabs

(Analytical grammatical study)

Dr. IBRAHIM CHERIF MOUSTAPHA1, Dr. MAHAMAT AL-KHER NASSOUR1

1 Lecturers in the Department of Arabic Language at the Higher Institute for Teacher Training in N’Djamena – Chad

HNSJ, 2024, 5(11); https://doi.org/10.53796/hnsj511/17

Published at 01/11/2024 Accepted at 12/10/2024

Abstract

The aim of the research was to study the hadiths of the Prophet mentioned in the explanation of the book Shadur al-Dhahab fi knowing the Words of the Arabs by Ibn Hisham in grammar, studying and analyzing them grammatically and the face of citing them.

If the citation of the Holy Qur’an and Arabic poems valid for martyrdom in the field of the Arabic language is the basis, so the citation of the hadiths of the Prophet has a major role in rooting the grammatical material, because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) came to the mosques of the word, and he (peace and blessings of Allaah be upon him) is the most eloquent of those who pronounce the opposite language.

We would like to point out in this summary that some of the hadiths in which we have not expressed an opinion because of the strength of their evidence.

Key findings:

-1Citing the hadith of the Prophet is important, because the Imam of the grammarians and his sheikh Al-Khalil (may Allah have mercy on them) and before them Abu Amr bin Al-Ala and Isa bin Omar (may Allah have mercy on them) and after them have cited the hadith of the Prophet, so there is no argument for those who deny citing it.

Key Words: Prophetic- hadiths – martyrdom – Hisham – Shazoor.

مقدمة:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، والصلاة والسلام على أشـرف الأنبياء وإمام المرسلين نبينا محمد وعلى آلـه وصحبه والتابعين له بإحسان إلى الدين وسلم تسليماً كثيرا.

أما بعد:

فإن الهدف من هذا المقال: هو إلقاء الضوء على الأحاديث النبوية التي وردت في كتاب شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب لابن هشام في النحو، وسيصبح ـ بإذن الله تعالى ـ مرجعاً لمن يريد التعرف على هذه الأحاديث، وكذلك يهدف هذا البحث إلى إلقاء الضوء على صحة هذه الأحاديث ووجه الاستشهاد بها ودراستها وتحليلها نحويا، وإذا كان الاستشهاد بالقرآن الكريم وأشعار العصر الجاهلي هو الأساس في الاحتجاج في النحو العربي وتصريفه، وكذلك الاستشهاد بالأحاديث النبوية ذو أهمية في هذا المجال، وكيف لا وقد أوتي الرسول صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم، أما ما ذهب إليه أبو حيان وابن الضائع من أن النحويين لم يستدلوا بالحديث لتطرق احتمال الرواية بالمعنى عليه فغير دقيق، فسيبويه إمام النحويين وشيخه الخليل وقبلهما أبو عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر ومن بعدهم استدلوا بالحديث النبوي الشريف في مجال النحو، وفي شرح الكافية الشافية الإفاضة في الاستدلال به، والحديث مدون مضبوط منذ البداية وأن رواته أوثق من رواة الشعر، (وقد ثبت أن كثيرًا من الرواة في الصدر الأول كانت لهم كتب يرجعون إليها عند الرواية، ولا شك أن كتابة الحديث تساعد على روايته بلفظه وحفظه عن ظهر قلب مما يبعده عن أن يدخله غلط أو تصحيف، وأن كثيرًا من الأحاديث دون في الصدر الأول قبل فساد اللغة على أيدي رجال يحتج بأقوالهم في العربية)[1].

ـ الحديث الأول جاء في باب تعريف الكلمة:

الحديث رقم 1 قال صلى الله عليه وسلم: (من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت)[2] وتمام الحديث (ومن اغتسل فالغسل أفضل) الحديث رواه أبو هريرة وأنس ابن ملك وسمرة بن جندب وعائشة رضي الله عنهم.

الإعراب: “من” اسم شرط جازم يجزم فعلين مضارعين مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، “توضأ” فعل ماض مبني على الفتح لفظا في محل جزم فعل الشرط، “يوم” منصوب على الظرفية وهو مضاف “الجمعة” مضاف إليه مجرور بالإضافة “فبها” الفاء واقعة في جواب الشرط، بها جار ومجرور شبيه بجملة “ونعمت” الواو حرف عطف، ونعم فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، والتاء علامة التأنيث، وجملة “توضأ يوم الجمعة” في محل رفع خبر المبتدأ.

موطن الشاهد: (نعمت).

ووجه الاستشهاد: حيث إن إمكانية دخول تاء التأنيث الساكنة على كلمة (نعم) لهو دليل على أنها فعل ماض، أورد ابن هشام هذا الحديث في استدلاله على أن التاء لا تتصل إلا بالفعل الماضي، فكلمة نعم ليست اسما ولا حرفا يرى الباحثان أن هذا الاستدلال قوي وصحيح.

ـ ما جاء في باب النكرة والمعرفة:

الحديث رقم 2 قال صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن)[3] رواه أبو هريرة رضي الله عنه.

الإعراب: “لا” نافية مبنية على السكون لا محل لها من الإعراب “يزني” فعل مضارع مرفوع وعلامته الضمة المقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل “الزاني” فاعل مرفوع وعلامته الضمة المقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل “حين” ظرف زمان منصوب على الظرفية الزمانية وعلامته الفتح الظاهر “يزني” فعل مضارع مرفوع وعلامته الضمة المقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل “وهو” الواو واو الحال، هو ضمير منفصل مبني على الضم في محل رفع مبتدأ “مؤمن” خبره مرفوع وعلامته الضم الظاهر “ولا” الواو حرف عطف، لا نافية “يشرب” مضارع مرفوع وفاعله ضمير مستتر تقديره هو عائد إلى الشارب “الخمر” مفعول به منصوب وعلامته الفتح الظاهر.

موطن الشاهد: (ولا يشرب الخمر).

ووجه الاستشهاد: عدم جواز حذف الفاعل؛ لأنه عمدة ولأنه بمنزلة الجزء منه، وهو وفعله ركنا الجملة الفعلية، فإن ورد ما ظاهره الحذف فليس محمولا على هذا الظاهر وإنما هو محمول على أنه ضمير مستتر، لذا أورد هذا الحديث، وفاعل (يشرب ليس ضميرا عائدا إلى ما تقدم ذكره وهو الزاني، لأن ذلك خلاف المقصود ولا الأصل ولا يشرب فحذف الشارب لأن الفاعل عمدة فلا يحذف وإنما هو ضمير مستتر في الفعل عائد على الشارب الذي استلزمه يشرب)[4].

يرى الباحثان صحة عدم جواز حذف الفاعل؛ لأنه والفعل ركنا الجملة الفعلية والركن شيء أساس لا بد منه فما ذهب إليه ابن هشام صحيح.

الحديث رقم 3 قال صلى الله عليه وسلم: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار)[5] رواه أبو هريرة رضي الله عنه.

الإعراب: “يتعاقبون” فعل مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم وعلامته ثبوت النون وواو الجماعة فاعل “فيكم” جار ومجرور متعلق بملائكة و”ملائكة” بدل من الضمير (الواو) في “يتعاقبون” أو تأكيد للضمير أو مرفوع على أنه فاعل كما يرى ابن هشام، والواو علامة الجمع كما تلحق الماضي تاء التأنيث إذا كان الفاعل مؤنثا “بالليل” جار ومجرور متعلق بملائكة، “وملائكة بالنهار” مثل الأول.

موطن الشاهد: (يتعاقبون فيكم ملائكة).

ووجه الاستشهاد: أن عامل الفاعل ونائب الفاعل (لا تلحقه علامة تثنية ولا جمع في الأمر الغالب بل تقول قام أخوك وقام إخوتك وقام نسوتك كما تقول قام أخوك ومن العرب من يلحق علامات دالة على ذلك كما يلحق الجميع علامة دالة على التأنيث كقوله:

تولى قتال المارقين بنفسه ….. وقد أسلماه مبعد وحميم)[6] فأورد ابن هشام هذا الحديث ليدلل على أن عاملهما تلحقه علامة في غير الغالب، أي: من العرب من يلحقه علامات ويسمى ذلك لغة أكلوني البراغيث.

يرى البحثان حقا أن هذه لغة قليلة لكنها وردت عن العرب وحتى القرآن جاء بها قال تعالى: (ثم عموا وصموا كثير منهم) [7] وقوله تعالى: (وأسروا النجوى الذين ظلموا)[8] فلا إشكال في استعمالها.

الحديث رقم 4 قال صلى الله عليه وسلم: (خمس صلوات كتبهن الله على العباد)[9] رواه عبادة ابن الصامت رضي الله عنه.

الإعراب: “خمس” مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامته الضمة الظاهرة وهو مضاف “صلوات” مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامته الكسرة الظاهرة “كتبهن” كتب فعل ماض مبني على الفتح لفظا لا محل له من الإعراب، هن ضمير مبني على الفتح في محل نصب مفعول به “الله” لفظ الجلالة فاعل مرفوع وعلامته الضمة الظاهرة “على” حرف جر “العباد” مجرور ب(على) وعلامته الكسرة الظاهرة، والجار والمجرور متعلق بكتب والجملة في محل رفع فاعل.

موطن الشاهد: (خمس صلوات كتبهن الله).

ووجه الاستشهاد: أورد ابن هشام هذا الحديث ليستدل به على أن (الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة ولا يكون نكرة إلا في مواضع خاصة)[10] ومن هذه المواضع الخاصة أن يكون نكرة مضافة.

ويرى الباحثان صحة ذلك.

الحديث رقم 5 قال صلى الله عليه وسلم: (أمر بمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة)[11] الحديث رواه أبو ذر الغفاري رضي الله عنه.

الإعراب: “أمر” مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامته الضم الظاهر “بمعروف” الباء حرف جر، معروف مجرور بالباء وعلامته الكسر الظاهر، والجار والمجرور متعلق بالخبر “صدقة” خبر المبتدأ مرفوع به وعلامته الضمة الظاهرة “ونهي” الواو حرف عطف، نهي مبتدأ “عن منكر” جرار ومجرور متعلق بالخبر “صدقة” خبره مرفوع.

موطن الشاهد: (أمر بمعروف صدقة ونهي).

ووجه الاستشهاد: أورد ابن هشام هذا الحديث ليستدل به على أن (أمر ونهي مبتدآن نكرتان وسوغ الابتداء بهما من الجار والمجرور)[12]؛ لأنه كذلك من هذه المواضع الخاصة التي من أمثلة الخصوص أن يتعلق بالمبتدأ الجار والمجرور.

الحديث رقم 6 قال صلى الله عليه وسلم: (الناس مجزيون بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر) الحديث وجدناه بلفظ (إن الله يقول أنا عند ظن عبدي بي إن خيرا فخير وإن شرا فشر)[13] رواه يزيد بن الأسود رضي الله عنه.

الإعراب: “الناس” مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامته الضمة الظاهرة “مجزيون” خبره مرفوع به وعلامته الواو؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد “بأعمالهم” الباء حرف جر، أعمال مجرور بالباء وعلامته الكسرة الظاهرة، والجار والمجرور متعلق بالخبر، أعمال مضاف، هم مضاف إليه “إن” حرف شرط جازم يجزم فعلين مضارعين الأول فعل الشرط والثاني جوابه وجزاؤه “خيرا” منصوب خبرا لمبتدأ محذوف مع اسمه، والجملة في محل جزم فعل الشرط “فخير” الفاء واقعة في جواب الشرط، خير مرفوع خبر مبتدأ محذوف تقديره هو “وإن شرا فشر” مثل الأول.

موطن الشاهد: (إن خيرا… وإن شرا).

ووجه الاستشهاد: حيث أورد ابن هشام هذا الحديث على جواز (حذف كان مع اسمها وإبقاء خبرها وذلك جائز لا واجب، وشرطه أن يتقدمها إن أو لو الشرطيتان … فتقديره إن كان عملهم خيرا فجزاؤهم خير وإن كان عملهم شرا فجزاؤهم شر، وهذا أرجح الأوجه في مثل هذا التركيب وفيه وجوه أخرى)[14].

ويرى الباحثان صحة هذا الكلام.

الحديث رقم 7 قال صلى الله عليه وسلم: (التمس ولو خاتما من حديد)[15] الحديث رواه سهل بن سعد رضي الله عنه.

الإعراب: “التمس” فعل أمر مبني على السكون وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت “ولو” الواو حالية، لو شرطية غير جازمة “خاتما” منصوب على أنه خبر كان المحذوفة مع اسمها “من حديد” جار ومجرور متعلق بخاتم.

موطن الشاهد: (ولو خاتما).

ووجه الاستشهاد: حيث أورد ابن هشام هذا الحديث واستدل به على جواز حذف كان مع اسمها وإبقاء خبرها بشرط تقدم لو عليهما والتقدير (أي ولو كان الذي تلتمسه خاتما من حديد)[16].

ويرى الباحثان صحة الاستدلال وأنه قوي.

الحديث رقم 8 قال صلى الله عليه وسلم: (أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله) وجاء الحديث بلفظ (أفضل ما قلت أنا والنبيون عشية عرفة لا إله إلا الله)[17] وبلفظ (وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له)[18].

الإعراب: “أفضل” مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وهو مضاف “ما” موصولة مبني في محل جر بالإضافة “قلته” قال فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك، والتاء ضمير مبني في محل رفع فاعل، الهاء ضمير مبني في محل نصب مفعول به “أنا” توكيد للضمير الفاعل “والنبيون” الواو حرف عطف، النبيون معطوف على الضمير الفاعل “من قبلي” جار ومجرور متعلق بالخبر، وجملة قلته صلة الموصول ما، وجملة “لا إله إلا الله” خبر أفضل.

موطن الشاهد: (أفضل ما قلته).

ووجه الاستشهاد: حيث استدل ابن هشام بهذا الحديث على موضع جواز فتح همزة إن وكسرها فجاء بمثال فقال: (في نحو أول قولي إني أحمد الله وضابط ذلك أن تقع خبرا عن قول وخبرها قول كأحمد ونحوه وفاعل القولين واحد … وإني أحمد الله جملة أخبر بها عن هذا المبتدأ وهي مستغنية عن عائد يعود على المبتدأ لأنها نفس المبتدأ في المعنى فكأنه قيل أول قولي هذا الكلام المفتتح بأني)[19] فأورد هذا الحديث في المثال.

الحديث رقم 9 قال صلى الله عليه وسلم: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة) الحديث رواه أبو بكر الصديق رضي الله عنه بلفظ (إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا فهو صدقة)[20].

الإعراب: “نحن” ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ “معاشر” منصوب بأخص وهو مضاف “الأنبياء” مضاف إليه مجرور بالإضافة “لا” نافية “نورث” مضارع مرفوع وعلامته الضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن “ما” موصولة مبنية في محل رفع مبتدأ “تركنا” فعل وفاعل وهو صلة الموصول “صدقة” خبر المبتدأ مرفوع به.

موطن الشاهد: (نحن معاشر الأنبياء).

ووجه الاستشهاد: أورد ابن هشام هذا الحديث في (المنصوب بأخص بعد ضمير المتكلم ويكون بأل نحو: نحن العرب أقرى الناس للضيف ومضافا نحو: نحن معاشر الأنبياء)[21] فجاء بالحديث مستشهدا به في جواز المختص إلى ما فيه ال بعد ضمير المتكلم.

الحديث رقم 10 قال صلى الله عليه وسلم: (إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة)[22] الحديث رواه الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.

الإعراب: “إنا” إن واسمها “آل” منصوب بأخص وهو مضاف “محمد” مضاف إليه مجرور بالإضافة “لا” نافية “تحل” مضارع مرفوع وعلامته الضم الظاهر “لنا” جار ومجرور متعلق بتحل “الصدقة” فاعل مرفوع وعلامته الضم الظاهر.

موطن الشاهد: (إنا آل محمد).

ووجه الاستشهاد: حيث استشهد ابن هشام بالحديث في المنصوب بالاختصاص كذلك، بعد ضمير المتكلم معرفا بالإضافة.

الحديث رقم 11 قال صلى الله عليه وسلم: (ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكلوا ليس السن والظفر)[23] الحديث رواه رافع بن خديج رضي الله عنه.

الإعراب: “ما” اسم شرط مبني على السكون في محل رفع مبتدأ “أنهر” ماض مبني على الفتح لفظا لا محل له من الإعراب، وفاعله ضمير مستتر جوازا تقدره هو “الدم” مفعول به منصوب وعلامته الفتح الظاهر، والجملة في محل جزم فعل الشرط “وذكر” الواو حرف عطف، ذكر ماض مبني للمجهول مبني على الفتح لا محل لها من الإعراب “اسم” نائب الفاعل مرفوع وعلامته الضم الظاهر، وهو مضاف “الله” لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور بالإضافة، والجملة معطوفة على جملة الشرط “فكلوا” الفاء واقعة في جواب الشرط، وكلوا فعل أمر مبني على حذف النون وواو الجماعة فاعل “ليس” أداة استثناء “السن” مستثنى منصوب؛ لأن الكلام تام موجب “والظفر” الواو حرف عطف، الظفر معطوف على المنصوب والمعطوف على المنصوب منصوب وعلامته الفتح الظاهر.

موطن الشاهد: (ليس السن والظفر).

ووجه الاستشهاد: حيث أورد ابن هشام هذا الحديث واستدل به على الاستثناء بليس (فليس هنا بمنزلة إلا في الاستثناء والمستثنى بها واجب النصب مطلقا بإجماع)[24].

ـ ما جاء في باب المصدر:

الحديث رقم 12 قال صلى الله عليه وسلم: (وحج البيت من استطاع إليه سبيلا)[25] الحديث رواه عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.

الإعراب: “وحج” الواو على حسب ما قبلها، حج مبتدأ مرفوع وهو مضاف “البيت” مضاف إليه مجرور بالإضافة “من” اسم موصول بدل من كلمة في الكلام السابق “استطاع” ماض مبني وفاعله ضمير مستتر تقديره هو والجملة صلة الموصول “إليه” جار ومجرور متعلق باستطاع “سبيلا” مفعول به منصوب وعلامته الفتح الظاهر.

موطن الشاهد: (وحج البيت من).

ووجه الاستشهاد: حيث استشهد ابن هشام بالحديث في إعمال المضاف في العمدة وقال: (وإنما كان إعمال المضاف للمعمول الذي ذكر فاعله ضعيفا؛ لأن الذي يظهر حينئذ إنما هو عمله في العمدة)[26].

الحديث رقم 13 قال صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم منه عشر ذي الحجة) لم يأت الحديث بهذا اللفظ بل جاء بلفظ (ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة…)[27] الحديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه.

الإعراب: “ما” نافية تعمل عمل ليس (حجازية)، أو غير عاملة (تميمية) “من” حرف جر زائد “أيام” مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ، باعتبار ما غير عاملة، واسم ما باعتبارها عاملة “أحب” خبر ما منصوب باعتبارها عاملة، وبالرفع خبر أيام وعلامته الضمة الظاهرة ولم ينون لمنعه من الصرف، أو هو نعت لأيام وعلامة جره الفتح، ويكون خبر المبتدأ أيام، أو خبر ما “إلى الله” جار ومجرور متعلق بأحب “فيها” جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الصوم “الصوم” فاعل لاسم التفضيل “منه” جار ومجرور متعلق بأحب “عشر” تابع وهو مضاف “ذي” مضاف إليه، وذي مضاف “الحجة” مضاف إليه.

موطن الشاهد: (أحب إلى الله فيها الصوم).

ووجه الاستشهاد: حيث استشهد بالحديث على عدم جواز إعمال أفعل في مصدر ولا في مفعول به (واتفق العرب على جواز ذلك في مسألة الكحل وضابطها أن يكون أفعل صفة لاسم جنس مسبوق بنفي والفاعل مفضلا على نفسه باعتبارين وذلك كقول النبي صلى الله عليه وسلم … وقول العرب ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد وبهذا المثال لقبة المسألة بمسألة الكحل)[28].

وعليه لا يجوز الاستشهاد بهذا الحديث في جواز إعمال أفعل التفضيل في المصدر أو في المفعول به إلا بما قرره ابن هشام بالشروط المتقدمة.

الحديث رقم 14 قال صلى الله عليه وسلم: (تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين) لم يأت الحديث بهذا اللفظ بل جاء بلفظ (تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين)[29] الحديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه فدبر ظرف وثلاثا مفعول مطلق وهما مطلوبان لكل من العوامل الثلاثة.

الإعراب: “تسبحون” مضارع مرفوع لتجرده من النصب والجازم وعلامته ثبوت النون والواو فاعل “وتحمدون” الواو حرف عطف تحمدون مثل تسبحون “وتكبرون” مثل تسبحون “دبر” مفعول فيه منصوب وعلامته الفتح الظاهر وهو مضاف “كل” مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة الظاهرة وهو مضاف “صلاة” مضاف إليه “ثلاثا” مفعول مطلق منصوب على المفعولية “وثلاثين” الواو حرف عطف ثلاثين معطوف على ثلاث منصوب مثله.

موطن الشاهد: (تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر).

ووجه الاستشهاد: حيث استشهد ابن هشام في تنازع أكثر من عاملين معمولا واحدا كقول الشاعر:

( أرجو وأخشى وأدعو الله مبتغيا … عفوا وعافية في الروح والجسد

…. فدبر ظرف وثلاثا مفعول مطلق وهما مطلوبان لكل من العوامل الثلاثة)[30].

الحديث رقم 15 قال صلى الله عليه وسلم: (كنت وأبو بكر وعمر وفعلت وأبو بكر وعمر)[31] رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

الإعراب: “كنت” فعل وفاعل؛ لأنه فعل تام، مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك، التاء ضمير مبني في محل رفع فاعل “وأبو بكر” الواو حرف عطف، أبو معطوع على المرفوع وعلامة رفعه الواو؛ لأنه من الأسماء الستة وهو مضاف، بكر وضاف إليه مجرور بالإضافة، “وعمر” معطوف على الضمير أيضا “وفعلت وأبو بكر وعمر” مثل كنت وأبو بكر وعمر.

موطن الشاهد: (كنت وأبو بكر وعمر وفعلت وأبو بكر وعمر).

وجه الاستشهاد: استشهد ابن هشام بهذا الحديث على جواز عطف اسم ظاهر على الضمير المرفوع المتصل بحرف عطف،

ويرى الباحثان: صحة ذلك وأن الاستشهاد به جيد.

الخلاصة:

وبعد أن تناول الباحثان هذا الموضوع بالدراسة النحوية توصلا إلى أهم النتائج، وهي:

ـ أن الأحاديث النبوية الشريفة يصلح الاستشهاد بها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم عاش في زمن من يحتج بعروبته وهو العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم أفصح أهل زمانه، بل هو أفصح العرب على الإطلاق، وقد أوتي جوامع الكلم، ولأن الأحاديث النبوية كتبت منذ زمن مبكر، وكتبت بعضها في عصره صلى الله عليه وسلم وبحضرته.

التوصية:

ـ يوصي الباحثان من أراد البحث في النحو والصرف ألا يهمل الأحاديث النبوية الشريفة بل هي أيضا تصلح للبحث والاستدلال بها نحويا وصرفيا.

ـ أن من أراد التمكن من اللغة العربية بفروعها عليه تناول الأحاديث النبوية بالدراسة بجانب القرآن الكريم والأدب العربي.

المصادر والمراجع:

القرآن الكريم

1ـ الكتاب: شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب

المؤلف: عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله ابن يوسف، أبو محمد، جمال الدين، ابن هشام (المتوفى: 761هـ)

المحقق: عبد الغني الدقر

الناشر: الشركة المتحدة للتوزيع – سوريا

2ـ موطأ مالك برواية محمد بن الحسن الشيباني

المؤلف: مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني (المتوفى: 179هـ)

تعليق وتحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف

الناشر: المكتبة العلمية

الطبعة: الثانية.

3ـ مسند أبي داود الطيالسي

المؤلف: أبو داود سليمان بن داود بن الجارود الطيالسي البصرى (المتوفى: 204هـ)

المحقق: الدكتور محمد بن عبد المحسن التركي

الناشر: دار هجر – مصر

الطبعة: الأولى، 1419 هـ – 1999 م

عدد الأجزاء: 4

4ـ مسند الإمام أحمد بن حنبل

المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ)

المحقق: شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد، وآخرون

إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي

الناشر: مؤسسة الرسالة

الطبعة: الأولى، 1421 هـ – 2001 م

5ـ سنن ابن ماجه

المؤلف: ابن ماجة أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، وماجة اسم أبيه يزيد (المتوفى: 273هـ)

تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي

الناشر: دار إحياء الكتب العربية – فيصل عيسى البابي الحلبي

عدد الأجزاء: 2

6ـ سنن الترمذي

المؤلف: محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك، الترمذي، أبو عيسى (المتوفى: 279هـ)

المحقق: بشار عواد معروف

الناشر: دار الغرب الإسلامي – بيروت

سنة النشر: 1998 م

عدد الأجزاء: 6

7ـ الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري

المؤلف: محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي

المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر

الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)

الطبعة: الأولى، 1422هـ

عدد الأجزاء: 9

8ـ المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

المؤلف: مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ)

المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي

الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت

عدد الأجزاء: 5

9ـ المعجم الأوسط

المؤلف: سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم الطبراني (المتوفى: 360هـ)

المحقق: طارق بن عوض الله بن محمد , عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني

الناشر: دار الحرمين – القاهرة

عدد الأجزاء: 10

10ـ سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ ناصر الدين الألباني

11ـ المُعْجَمُ الكَبِير للطبراني المُجَلَّدان الثَّالِثَ عَشَرَ والرابع عشر

المؤلف: سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم الطبراني (المتوفى: 360هـ)

تحقيق: فريق من الباحثين بإشراف وعناية د/ سعد بن عبد الله الحميد و د/ خالد بن عبد الرحمن الجريسي

عدد الأجزاء: 2 (تقابل جـ 13، 14 من المعجم الكبير)

12ـ الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان

المؤلف: محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ)

ترتيب: الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي (المتوفى: 739 هـ)

حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: شعيب الأرنؤوط

الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت

الطبعة: الأولى، 1408 هـ – 1988 م

عدد الأجزاء: 18 (17 جزء ومجلد فهارس)

13ـ ـ البحث اللغوي عند العرب، د أحمد مختار عبد الحميد عمر، ط8 2003

الهوامش:

  1. – البحث اللغوي عند العرب، د أحمد مختار عبد الحميد عمر، ط8 2003ه ص36

  2. – الحديث صحيح ورد في موطأ ابن مالك باب الاغتسال يوم الجمعة ص47، أبي داوود ج2 ص688، مسند الإمام أحمد ص344، ابن ماجه ج1 ص347، الترمذي ج1 ص636، وغيرهم

  3. – صحيح البخاري ج3 ص136، وغيره

  4. – شذور الذهب ص215

  5. – صحيح البخاري ج1 ص115، موطأ ابن ملك باب جامع الصلاة ج2 ص238، ومسند الإمام أحمد ص، وغيرهم

  6. – شذور الذهب ص227

  7. – سورة المائدة الآية 71

  8. – سورة الأنبياء الآية 3

  9. – صحيح أخرجه الإمام أحمد ص366.

  10. – شذور الذهب ص235

  11. – صحيح مسلم ج2 ص697، وغيره

  12. – شذور الذهب ص226

  13. – الحديث صحيح أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ج8 ص56

  14. – شذور الذهب ص243

  15. – صحيح البخاري ج7 ص17، وغيره

  16. – شذور الذهب ص244

  17. – الحديث صحيح السلسة الصحية للألباني رقم الحديث 1503

  18. – الحديث صحيح السلسة الصحية للألباني رقم الحديث 1982 المجلد الجامع الصغير

  19. – شذور الذهب ص270، 271

  20. – الحديث صحيح أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ج5 ص26، وغيرهما

  21. – شذور الذهب ص282

  22. – الحديث صحيح أخرجه أبو داوود ج2 ص498، والإمام أحمد بن حنبل ص250، وغيرهما

  23. – صحيح البخاري ج7 ص92، وصحيح مسلم ج3 ص1558، وغيرهما

  24. – شذور الذهب ص337

  25. – الحديث صحيح أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ج13 ص297، وغيره

  26. – شذور الذهب ص493

  27. – الحديث ضعيف ضعفه الألباني أخرجه أبو الترمذي ج2 ص123.

  28. – شذور الذهب ص533

  29. – الحديث صحيح أخرجه ابن حبان في صحيحه ج5 ص357، وغيره

  30. – شذور الذهب ص226

  31. – صحيح البخاري ج5 ص9