سيكولوجية التعلم عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه شرح ” تعليم المتعلم طريق التعلم “

د. ذوقان أحمد سعود عبيدات1

1 أستاذ مساعد في التربية الإسلامية، الجامعة الإسلامية بمنيسوتا أمريكا.

البريد الالكتروني : thougan2022@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(11); https://doi.org/10.53796/hnsj511/7

تحميل الملف

تاريخ النشر: 01/11/2024م تاريخ القبول: 15/10/2024م

طريقة التوثيق


المستخلص

هدفت الدراسة التعرف إلى بيان سكولوجية التعلم عند الإمام إبراهيم بن إسماعيل في كتابه ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “، وقد اتبع الباحث في دراسته المنهج الإستقرائي، والمنهج الوصفي التحليلي، والمنهج المقارن، وقد توصل الباحث إلى أن الإمام ابراهيم بن إسماعيل تناول العديد من الموضوعات على مستوى موضوع التعلم من مثل؛ دوافع التعلم، وصفات طالب العلم، وظروف الموقف التعليمي، والنظام التعليمي، وعناصر المنهاج ( الأهداف، المحتوى، وأساليب التدريس، والتقويم )، ومبادئ التعلم، وطرائق التعلم، والعوامل الميسرة ( المساعدة ) للتعلم، وصعوبات ( معوقات ) التعلم.

الكلمات المفتاحية: سيكولوجية التعلم، تعليم المتعلم طريق التعلم.

Research title

Psychology of learning according to Ibrahim bin Ismail in his book Sharh Teaching the learner the way of learning

Published at 01/11/2024 Accepted at 15/10/2024

Abstract

The study aimed to identify the statement of the psychology of learning according to Imam Ibrahim bin Ismail in his book “Explanation of Teaching the learner the way of learning”, and the researcher followed in his study the inductive approach, the descriptive analytical approach, and the comparative approach, and the researcher concluded that Imam Ibrahim bin Ismail addressed many topics at the level of the subject of learning such as; learning motives, characteristics of the student of knowledge, circumstances of the educational situation, the educational system, elements of the curriculum (goals, content, teaching methods, and evaluation), principles of learning, learning methods, facilitating factors (help) for learning, and difficulties (obstacles) to learning.

Key Words: Psychology of learning, teaching the learner the way of learning.

المبحث الأول: الإطار العام للدراسة:

يتناول الباحث في هذا المبحث: المقدمة، ودلالة لبعض الاختصارات الهامة للباحث في الدراسة، ومشكلة الدراسة، وأسئلة الدراسة، وأهداف الدراسة، وأهمية الدراسة، والدراسات السابقة، ومنهجية الدراسة، وحدود الدراسة، ومفاهيم الدراسة، وخطة الدراسة.

المقدمة:

يتوقف ازدهار ونماء أية أمة على مدى تقديرها لعلمائها، ولما تركوه للأجيال التالية، من إرث في شتى مجالات الحياة المختلفة، وواحد من هذه المجالات هو المجال النفسي والتربوي، الذي لم يأخذ نصيبه من البحث والاكتشاف، فكانت النتيجة أمة تتغنى بتراث الغرب، وتسب ما لدى المسلمين من تراث تشك في وجوده أصلًا فئة من أبناء المسلمين، فكيف الحال وقد تربت الأمة وللأسف ولعقود على ذلك، والسبب أن مناهجنا المدرسية ما زالت تكرر زيف وبطلان أمور كثيرة مأخوذة من التراث الغربي عمل بها حينًا، ومن ثم ألقى بها وراء ظهره، عندما رأى عدم صلاحيتها لمواكبة الجديد والمتطور في العلوم الإنسانية، وتحديدًا في المجالين النفسي والتربوي، وبقينا نحن ندور في حلقة مفرغة لا تعود علينا بأي نفع.

إن المسلمون يمتلكون تراثًا هائلًا لم يأخذ نصيبه من البحث والاكتشاف والدراسة، وفي مجالات عدة، وقد أفرزت القرون الخمسة الهجرية وتحديدًا ما بين القرن الثالث الهجري وحتى القرن السابع الهجري، أكثر من عشرة كتب هامة في مجال التعلم والتعليم.

ويعد كتاب ” تعليم المتعلم طريق التعلم ” للإمام برهان الدين الزرنوجي، والذي شرحه الإمام إبراهيم بن إسماعيل في كتابه ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “، واحدًا من هذه الكتب الهامة؛ لما يشتمله على منظومة علمية متكاملة في مجال التعلم والتعليم، جعلته في مقدمة تلك الكتب ولتلك الفترة، ولعقود لاحقة، وبشهادة كل من عمل على قراءته أو دراسته أو شرحه أو تحقيقه، وما ينطبق على الكتاب الأصل ينطبق على الكتاب الفرع، فكتاب ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم ” للإمام إبراهيم بن إسماعيل واحد من أوفى الشروح للكتاب الأصل، وكلا الكتابين بحاجة إلى مزيد من الدراسة والبحث، تتعدى الاكتفاء بمجرد الطباعة لهما فقط في دور النشر والتأليف والتوزيع.

وقد حاول الباحث بذل جهده في السير ضمن خطوات علمية ممنهجة – من حيث العمل على إبراز رؤية الإمام إبراهيم في شرحه لكتاب الإمام الزرنوجي – تثبت السبق لدى المسلمين في مجال التعلم والتعليم، ولما يعتقد أن مصدره غربي، وذلك من خلال تناول كتاب ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “، للإمام إبراهيم بن إسماعيل، بالدراسة والتحليل كأنموذج إسلامي رائد في هذا المجال.

دلالة بعض اختصارات الباحث الهامة في الدراسة:

يكون للكلمات التالية دلالتها الآتية أينما وردت في الدراسة:

1 – الإمام: ويقصد به إبراهيم بن إسماعيل.

2 – الشرح: ويقصد به شرح تعليم المتعلم لإبراهيم بن إسماعيل.

3 – الكتاب الأصل: ويقصد به كتاب الإمام برهان الدين الزرنوجي ” تعليم المتعلم طريق التعلم “.

مشكلة الدراسة:

تعددت الكتب والدراسات التربوية التي تناولت عملية التعلم والتعليم من منظور غربي، والتي ركزت على التعريف بها من حيث نشأتها، وأهم نظرياتها، ومنظري مدارسها ومبادئها، وتطبيقاتها في عملية التعلم والتعليم، وتسابق للأسف أبناء المسلمين في دراستها، ومن ثم العمل بها، ونشرها في عالمنا الإسلامي، وكأنهم نسوا، أو تناسوا، أو حتى يجهلون ما لدينا من إرث عظيم، تركه لنا علمائنا المسلمين في مجال التعلم والتعليم، ومن أهم ما وصل إلينا من هذا التراث؛ كتاب ” تعليم المتعلم طريق التعلم “، للإمام برهان الدين الزرنوجي، والذي شرحه الإمام إبراهيم بن إسماعيل في كتابه ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “، وكلا الكتابين سواء الأصل، أو الفرع ( الشرح )، بحاجة إلى توضيح واستخراج ما بهما من كنز دفين، ولؤلؤ مجهول، في مجال علم نفس التعلم والتعليم الإنساني، وهذا ما تسعى إليه هذه الدراسة، من خلال الوقوف على سيكولوجية التعلم، أو ” علم نفس التعلم الإنساني “، عند الإمام إبراهيم بن إسماعيل.

أسئلة الدراسة:

تحاول الدراسة الإجابة عن سؤالها الرئيس الآتي؛ ما سيكولوجية التعلم عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم ” ؟ وما يتفرع عنه من الأسئلة آلاتية:

– ما دوافع التعلم، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “؟

– ما صفات طالب العلم، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “؟

– ما ظروف الموقف التعليمي، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “؟

– ما طبيعة النظام التعليمي، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “؟

– ما عناصر المنهاج، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم؟

– ما مبادئ التعلم، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “؟

– ما طرائق التعلم، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “؟

– ما العوامل الميسرة ( المساعدة ) للتعلم، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “؟

– ما صعوبات (معوقات ) التعلم، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “؟

أهداف الدراسة:

يتطلع البحث إلى بيان سيكولوجية التعلم عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “، وفي ضوء هذا التطلع يهدف البحث إلى :

أولًا: بيان دوافع التعلم، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه شرح تعليم المتعلم طريق التعلم.

ثانيًا: بيان صفات طالب العلم، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه شرح تعليم المتعلم طريق التعلم.

ثالثًا: بيان ظروف الموقف التعليمي، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه شرح تعليم المتعلم طريق التعلم.

رابعًا: بيان طبيعة النظام التعليمي، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه شرح تعليم المتعلم طريق التعلم.

خامسا: بيان عناصر المنهاج، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه شرح تعليم المتعلم طريق التعلم.

سادسًا: بيان مبادئ التعلم، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه شرح تعليم المتعلم طريق التعلم.

سابعًا: بيان طرائق التعلم، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه شرح تعليم المتعلم طريق التعلم.

ثامنًا: بيان العوامل الميسرة ( المساعدة ) للتعلم، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه شرح تعليم المتعلم طريق التعلم.

تاسعًا: بيان صعوبات ( معوقات ) التعلم، عند إبراهيم بن إسماعيل في كتابه شرح تعليم المتعلم طريق التعلم.

أهمية الدراسة:

بالإضافة إلى ما سبق، يمكن أن تقدم هذه الدراسة:

1 – إسهامًا في بناء شخصية المتعلم، من خلال التعرف على رؤية لأحد كبار علماء المسلمين في علم نفس التعلم.

2 – العمل على تسليط الضوء على ما لدى واحد من كبار علمائنا المسلمين في مجال التعلم، وبالتالي فإن إبداعات علمائنا تتجاوز العلوم الشرعية، إلى علوم أخرى هي العلوم التربوية.

3 – قد تفيد هذه الدراسة الباحثين عمومًا وبخاصة الجدد منهم في هذا الميدان، في التعرف على نموذج دراسة تأصيلي في مجال علم النفس التربوي.

الدراسات السابقة:

قام الباحث بتتبع الدراسات السابقة ذات الصلة بموضوع الدراسة، من خلال الرجوع إلى مجلات الجامعات الإلكترونية المتوافرة على شبكة الإنترنت، ووجد مجموعة من الدراسات ذات الصلة بموضوع الدراسة الحالية، والتي تتناول كتاب الإمام الزرنوجي ” تعليم المتعلم طريق التعلم ” الكتاب الأصل بالدراسة والتحقيق؛ وهذه الدراسات هي ما يلي:

1- دراسة القباني، مروان، ( 1981 )، حيث هدفت إلى تقديم كتاب ” تعليم المتعلم طريق التعلم ” للمهتمين بموضوع التربية والتعليم، للإفادة منه في تعديل المناهج والكتب الدراسية.

2- دراسة زيعور، علي، ( 1983 )، حيث هدفت إلى بيان البنى الأساسية في العملية التربوية، عند الإمام الزرنوجي في كتابه.

3- دراسة أحمد، محمد، ( 1986 )، حيث هدفت إلى بيان الآراء التربوية التي توصل إليها الإمام الزرنوجي في كتابه.

4- دراسة عاشور، مصطفى، ( 1986 )، حيث هدفت إلى بيان طريق التعليم لطلبة العلم، من خلال كتاب الإمام الزرنوجي؛ لما يراه المحقق من حرمان طلبة العلم من منافع العلم وثمراته.

5- دراسة الخيمي، وحمدان، ( 1987 )، حيث هدفت إلى بيان تخصصية كتاب ” تعليم المتعلم طريق التعلم “، من خلال سرد المؤلفات التربوية التي سبقت الإمام الزرنوجي، ومن ثم التعرف على الآراء التربوية المبتكرة التي جعلت للإمام صيتًا، وشهرةً قديمًا وحديثًا.

6- دراسة الشرجبي، والجوري، ( 1991 )، حيث هدفت إلى المقارنة بين الآراء التربوية لكل من الزرنوجي والشوكاني.

7- دراسة العلي، ( 2006 )، حيث هدفت إلى بيان أهمية الأفكار التربوية لدى الإمام الزرنوجي التي ضمنها كتابه ” تعليم المتعلم طريق التعلم ” ولا سيما حديثه عن الدافعية، ومن ثم محاولة الربط ما بين ما تعرض له الإمام الزرنوجي من أفكار حول الدافعية، وما توصلت إليه الدراسات التربوية الحديثة في مجال علم النفس وطرائق التدريس.

8- دراسة العلي، ( 2007 )، حيث هدفت إلى بيان الفكر التربوي لدى الإمام الزرنوجي بعامة، والتي ضمنها كتابه ” تعليم المتعلم طريق التعلم “، وإسهاماته في مجال طرائق التدريس بخاصة، واستخدم الباحث في دراسته المنهج الوصفي، والمنهج التقويمي أو النقدي، والمنهجان الإستقرائي، والاستنباطي، والمنهج التاريخي.

9- دراسة عبد العال، ( 2010)، حيث هدفت إلى تقديم التحليل التربوي الخاص بكتاب تعليم المتعلم طريق التعلم للإمام برهان الدين الزرنوجي، وبيان مفهوم التعلم وأهدافه، وبعض المبادئ الميسرة للتعلم.

التعليق على الدراسات السابقة:

من خلال استعراض الدراسات السابقة، يرى الباحث أن الدراسة الحالية التقت مع جميع الدراسات السابقة في الوقوف على فكر الإمام الزرنوجي من خلال كتابه ” تعليم المتعلم طريق التعلم “، أي أن الإلتقاء مع الكتاب الأصل، وما تضمنه من فكر تربوي، وآراء وأفكار تربوية، وفي المقابل فإن للباحث ملاحظات، وقف عليها عند استعراضه للدراسات السابقة، وتتمثل في النقاط الآتية:

أ – عدم وجود أية دراسة سابقة تناولت كتاب الإمام إبراهيم بن إسماعيل ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم ” الكتاب الفرع بالدراسة والتحقيق، وهذا ما تسعى إليه الدراسة الحالية، وهي في ذات الوقت، إحدى نقاط تميز وانفراد الدراسة الحالية عن الدراسات السابقة.

ب – يتحفظ الباحث على دراسة عبد العال، ( 2010)، من حيث تقديم الدراسة لكتاب ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “، للإمام إبراهيم بن إسماعيل عنوانًا فقط، حيث قام عبد العال ببيان مفهوم التعلم وأهدافه، وبعض المبادئ الميسرة للتعلم عند الإمام الزرنوجي لا الإمام إبراهيم بن إسماعيل، كما أن عبد العال عنون الدراسة ب ” مقدمة شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “، وكان الأجدر به أن يعنون دراسته ب ” مقدمة تعليم المتعلم طريق التعلم “، أي دون كلمة شرح.

ج – غنى الكتاب الأصل بالدراسة والتحقيق، وفقر الكتاب الفرع ( الشرح ) بالدراسة والتحقيق.

منهجية الدراسة:

اعتمد الباحث في دراسته المنهج العلمي المتمثل بالآتي:

أولًا: المنهج الإستقرائي: القائم على تتبع الجمل والعبارات في كتاب الإمام، وقراءتها جيدًا، للوقوف على ملامح الظاهرة المراد دراستها.

ثانيًا: المنهج الوصفي التحليلي: القائم على جمع معلومات الظاهرة المراد دراستها، ووصفها، بالإضافة إلى تحليل المحتوى وتفسيره.

ثالثًا: المنهج المقارن: القائم على مقابلة أفكار الإمام بالدراسات النفسية، والتربوية الحديثة.

حدود الدراسة:

اقتصرت الدراسة الحالية على شرح الإمام إبراهيم بن إسماعيل لكتاب ” تعليم المتعلم طريق التعلم “، للإمام برهان الدين الزرنوجي دون غيره من الشروح، ( إن وجدت ).

مفاهيم الدراسة :

تحوي الدراسة مجموعة من المفاهيم والمصطلحات التي لابد من بيانها وهي:

* سيكولوجية: إن التحليل اللغوي لكلمة ” psychology ” يفيد أنها مكونة من مقطعين psyc وology، وبالرجوع إلى التعريف القاموسي للكلمة الأولى، وجد أنها تحمل ثلاثة معاني هي: الروح، والعقل البشري، وتوظيف العقل، أما كلمة ology فتعني الدراسة العلمية، أما التعريفات القاموسية للكلمتين معًا فتتضمن: دراسة العقل وكيف يعمل، والخصائص العقلية، والدراسة العلمية للعقل البشري ووظائفه، والعلم الذي يتعامل مع العمليات العقلية والسلوك، والخصائص الانفعالية، والسلوك للفرد أو للجماعة ( الريماوي، 2011 ، ص 27 ).

ويرى الباحث أن ما يخدم دراسته، هو اعتبار أن مصطلح سيكولوجية يعني الدراسة العلمية أو النفسية.

* التعلم: تعددت تعريفات التعلم، إلا أن معظمها يدور حول تعريف واحد للتعلم هو ” تغير ثابت نسبيًا في السلوك والعمليات المعرفية والانفعالية ناتج عن التدريب، والخبرة، وجهد يبذله المتعلم “، ( الريماوي، وآخرون، 2011 ، ص 159 )، وانظر ( العتوم، وآخرون، 2011، ص 92 ).

ويرى الباحث أن ميزة هذا التعريف؛ جمعه وجهتي النظر في المدرستين المعرفية والسلوكية، مما يجعله يحظى بالقبول عندهما.

* سيكولوجية التعلم باعتبارها مركبًا تركيبًا وصفيًا :

يرى الباحث أن سيكولوجية التعلم يقصد بها علم نفس التعلم الإنساني، كما أن الباحث يرى أن سيكولوجية التعلم من المنظور الإسلامي هي علم نفس التعلم الإنساني، والمختص بكل ما يتعلق بعملية التعلم من مبادئ، وطرق، وآداب، وصفات طالب العلم، وأقسام العلم والمستمدة من القرآن والسنة، وآراء المفكرين المسلمين.

أما المقصود بسيكولوجية التعلم عند الإمام إبراهيم بن إسماعيل؛ فهي مجموع آرائه في عملية التعلم والتي ذكرها في كتابه ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “، والذي شرح به كتاب ” تعليم المتعلم طريق التعلم “، للإمام برهان الدين الزرنوجي.

خطة الدراسة:

تكونت الدراسة من أربعة مباحث، فجاء المبحث الأول بعنوان: الإطار العام للدراسة، وجاء المبحث الثاني بعنوان: ترجمة إبراهيم بن إسماعيل وكتابه شرح تعليم المتعلم، وجاء المبحث الثالث بعنوان: الإطار التحليلي للدراسة، وجاء المبحث الرابع بعنوان: الخاتمة، وتضمن النتائج والتوصيات.

المبحث الثاني: ترجمة إبراهيم بن إسماعيل وكتابه شرح تعليم المتعلم

المطلب الأول: ترجمة إبراهيم بن إسماعيل

بعد البحث الجاد والمستفيض على مستوى كتب التعريف بالرجال، أو على مستوى شبكة الإنترنت؛ لم يجد الباحث ترجمة أو تعريفًا للإمام إبراهيم بن إسماعيل.

المطلب الثاني : ترجمة كتاب إبراهيم بن إسماعيل

الكتاب: ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “.

المؤلف ( الشارح ): إبراهيم بن إسماعيل.

– قام المؤلف بشرح كتاب ” تعليم المتعلم طريق التعلم ” للإمام برهان الدين الزرنوجي؛ وسماه ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “، وكان هذا الشرح ممزوجًا في عصر السلطان مراد الثالث؛ شرحه لخدام الحرم السلطاني لكونه معلما فيه؛ وفرغ من شرحه سنة ( 996 ه )، وترجمه إلى التركية الشيخ عبد المجيد بن نصوح بن إسرائيل، وسماه ” إرشاد الطالبين في تعليم المتعلمين ” ( مقدمة دار النشر في كتاب الشرح لإبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 5 ).

المبحث الثالث: الإطار التحليلي للدراسة

ويتضمن بيان دوافع التعلم، وصفات طالب العلم، وظروف الموقف التعليمي، وطبيعة النظام التعليمي، وعناصر المنهاج (الأهداف، والمحتوى، وأساليب التدريس، والتقويم )، ومبادئ التعلم، وطرائق التعلم، والعوامل الميسرة ( المساعدة ) للتعلم، وصعوبات ( معوقات ) التعلم.

المطلب الأول: دوافع التعلم:

1 – النية: ” يرى الإمام أن النية التي حصلت في حال التعلم خاصة، ويجب أن ترتبط برضا الله تعالى “( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 29 -30)، ” إن تعلم العلم عبادة، ولا بد للعبادة من نية، وصحة تعلم العلم مرتبط بصحة النية، هذا الكلام في أهمية النية ذهبت إليه التربية الحديثة ” عندما أكدت أهمية وجود الدافعية عند المتعلم للتعلم، على اعتبار أن الدافع محرك للنية، والتي هي بدورها موجه للسلوك، أو العمل، أو تعلم العلم ” ( التل، 2006، ص 212 ).

2 – الجد والمواظبة والهمة: ” يرى الإمام أن التعب المتمثل بالمشقة في التحصيل، والجد، والمواظبة، تكون بالتأمل في فضائل العلم “، ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 80)، أي أن الإمام يركز على أهمية الاستعداد للتعلم، والمتمثلة في النية، والعزم، والتصميم، والرغبة، التي هي في أساسها الجد، والمواظبة، والهمة، فالجد بمعنى النية، والعزم، والمواظبة بمعنى التصميم، والهمة بمعنى الرغبة الجامحة في تحصيل العلم، ” وعندما تتلازم الجد ( الاجتهاد )، والهمة في التحصيل فانه يتحقق، ولكن وجود أحدهما دون الآخر- أي وجود الجد ( الاجتهاد ) دون الهمة، أو وجود الهمة دون الجد ( الاجتهاد ) – يعني علمًا قليلًا ” ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 74 – 75)، وهنا الكلام عن مسالة الاحتفاظ بالتعلم، وعليه لا بد من ربط المسالتين معًا: ( الاستعداد للتعلم، والاحتفاظ بالتعلم )، ويكون ذلك على النحو التالي: الاستعداد للتعلم؛ هو أمر سابق ( قبلي ) للتعلم، ويرتبط بالدافعية التي سبق الحديث عنها قبل قليل، بينما يكون الاحتفاظ بالتعلم، أمرًا لاحقًا أو تاليًا لعملية التعلم، ولكن يعتمد تحققه على الجد ( الاجتهاد )، والرغبة في التحصيل، ومما يلاحظ من ذلك أن أمر الدافعية ليس مرتبطًا بالنية فقط، بل إن الاستعداد والاحتفاظ كلها أمور داخلة في صلب الدافعية، كما أن الدافعية أمر يلف عملية التعلم من بدايتها، وحتى تحقق التعلم.

3 – الانشغال بأمر العلم: ” يرى الإمام أن على طالب العلم أن ينشغل بالعلم وذلك من خلال تعلمه في جميع أوقاته لما به من لذة عظيمة ” ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 113 )، فتحصيل العلم ليس مقتصرًا على فترة زمنية معينة، وطالب العلم مدعو إلى تحصيل العلم في كل وقت.

المطلب الثاني: صفات طالب العلم

1 – التواضع: ” يرى الإمام أن على طالب العلم أن يعظم أستاذه، وأن لا يستخف بالعلم وأهله، وان لا ينظر إلى اللباس لإصدار الحكم على المعلم ” ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 38- ص 39)، قال الرسول الكريم ( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأشكالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم )، فمدار الحكم العلم لا الهيئة.

2 – التشاور: ” ويرى الإمام أن على طالب العلم أن يشاور زملائه في أموره، وذلك في العلم وغيره إلا أن العلم أعلى من غيره وأصعب، فكانت المشورة فيه أهم وأوجب من غيره ” ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 44 )، ويمكن توظيف ذلك في عملية التعلم من أكثر من وجه، منها: التشارك – بمعنى التعاون والتشاور- في حل المسائل الصعبة، وذلك من خلال إستراتيجية التعلم التعاوني، أو العمل في مجموعات، أو التشارك في حل الفروض المدرسية، أو الواجبات البيتية، أو التعيينات البيتية، التشارك في تنفيذ الأنشطة الموجهة؛ والتي تأخذ طابع العمل الجماعي.

المطلب الثالث: ظروف الموقف التعليمي

ويرى الإمام أن على طالب العلم أن يستفيد من جميع الظروف التعليمية، ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 97 )؛ سبب الكلام، ووقت الكلام، وكيفية الكلام، وكم الكلام، ومكان الكلام، ويرى الباحث أن التعلم غير محدود بزمان، أو مكان، أو شخص معين، أو كم معين، في الموقف الصفي أو غيره، فقد يكون للسؤال سبب أو هدف، وقد يكون الموقف التعليمي قصيرًا أو طويلًا، حسب طبيعة الموقف ذاته، وحسب طبيعة المادة العلمية.

المطلب الرابع: طبيعة النظام التعليمي

  1. نوع التعليم: نظامي، وذلك مستفاد من توصية الإمام بالمذاكرة، والمناظرة، والمطارحة، ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 13 – ص 30 )، ومن المعلوم أن المذاكرة، والمناظرة، والمطارحة، هي استراتيجيات لا تكون إلا في التعليم النظامي.

2 – المناهج التعليمية: مناهج متنوعة ما بين الفقه والحديث والتفسير والطب والفلك ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010 )، والناظر إلى المناهج المدرسية الحديثة، يجدها متنوعة ما بين مناهج إسلامية، وعلمية، وإنسانية.

3 – سن التعلم ” الفئة المستهدفة “: التعليم للجميع، إلا أن سن الشباب أفضل من غيره ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 114 )، وتؤكد الدراسات التربوية الحديثة على فاعلية خلايا الدماغ ونشاطها في سن الشباب، مقارنة بالفئات العمرية الأخرى.

4 – العلاقات التعليمية التعلمية: هي سلسلة من العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010 )، أي أن احترام المتعلم للمعلم موجود، ورحمة المعلم بالمتعلم موجودة.

5 – العلاقات التعليمية المجتمعية: الاحترام المتبادل، وتعظيم العلم وأهله( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص57 – ص 58 ).

6 – التعلم الاختياري: الحرية في اختيار المعلم؛ التعلم ونوع التعلم ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 40 )، وفي التربية الحديثة؛ للمتعلم الحق في اختيار مسار التعلم الذي يرغبه، وعلى مستوى التعليم الأكاديمي والمهني، وعلى مستوى اختيار التخصصات الجامعية، وعلى مستوى اختيار المساقات الدراسية، وأوقاتها، ومدرسيها في التخصص الواحد في التعليم الجامعي.

7 – سلم الرواتب: لا يوجد أجور على التصدي لمهنة التعليم، وهذا مستفاد من توجه المعلم لتعليم المتعلم لقاء الشكر على نعم الله في البدن ( الصحة والعقل )، ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 33 )، وفي التربية الحديثة فإن بعض المدرسين يعقدون حلقات العلم لوجه الله تعالى في المساجد، والبيوت، والمراكز الثقافية، ويرون أن للعلم زكاة كزكاة المال.

المطلب الخامس: عناصر المنهاج (الأهداف، والمحتوى، وأساليب التدريس، والتقويم )

  1. الأهداف: تتنوع الأهداف التي تناولها الإمام بالشرح والتوضيح؛ ما بين أهداف تربوية، وأهداف تعليمية، وأهداف سلوكية ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 14 – ص 25 )، وفيما يلي توضيح مبسط لها:

أ – أما فيما يتعلق بالأهداف التربوية، فهي الأهداف الدينية التي تمثل العمومية، ويقع على عاتق المعلم إيصالها للمتعلم ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 14 ).

ب – تقسم الأهداف المعرفية إلى هدفين:

* تذكر المعرفة: من خلال حديث الأمام عن تسميع السبق ( ما تم تعلمه)، (إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 25).

* فهم المعرفة: من خلال تركيز الإمام على أن فهم حرفين أفضل من حفظ حملين من الكتب.

ويرى الباحث وبحسب التربية الحديثة أن الإمام لم يتجاوز المستويين الأولين من مستويات بلوم الستة للأهداف المعرفية، ( إلا إذا قصد أن فهم المعرفة حتى يتحصل لابد من الفهم الشامل لها تطبيقًا وتحليلًا وتركيبًا وتقويمًا).

ج – أما فيما يتعلق بالأهداف السلوكية؛ فتتمثل بالأهداف الخلقية والذي ظهر الحديث فيه في شرح الإمام للفصل الرابع من الكتاب الأصل ( تعظيم العلم وأهله )، ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 25 ).

  1. المحتوى: وهو نوعان:

أ – محتوى المنهج الديني: والذي يكون تعلمه إما:

– فرضًا عينيًا؛ كتعلم علم الفروض والواجبات.

– أو فرضًا كفائيًا؛ وذلك كتعلم العلوم التي تبلغ بصاحبها رتبة الاجتهاد، أو الفتيا.

ب – محتوى المنهج الدنيوي: والذي يكون تعلمه إما:

– فرضًا كفائيًا؛ كتعلم علم الطب.

– أو تعلمًا محرمًا: كتعلم علم النجوم والفلك إلا ما كان في تعلمه الضرورة الدينية كمعرفة أوقات الصلاة، وأحوال القبلة ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص14– ص15، ص 26- ص27 ).

3 – أساليب التدريس: ( إبراهيم بن إسماعيل ، 2010 )

أ – أسلوب الإلقاء: وفائدته تلقي المتعلم للعلم مشافهة من معلمه.

ب- أسلوب الإملاء: وفائدته بالإضافة إلى السماع، فإن المتعلم يكتب ما يسمع من فوائد علمية.

4 – التقويم: لم يذكر الإمام أسلوبًا واضحًا في مسالة التقويم، يختص بقيام المعلم بإجرائه، ولكن يمكن الاستفادة من ما ذكره في كتابه حول المناظرة، والتي تعد تقويمًا من خلال مقابلة، وعرض معلومات كل طرف على الآخر.

المطلب السادس: مبادئ التعلم:

1- الدافعية: يحث الإمام على التعب، والمشقة في تحصيل العلم، لما في تحصيل العلم بقاء للمعلومات بعد موت صاحبها وذلك بحسن الذكر ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 80 )، فهذا الحث على التحصيل، هو في فحوى موضوع الدافعية، كما إن الكلام سبق في الحديث عن الدافعية في موضوع دوافع التعلم من خلال: النية، والجد، والمواظبة، والهمة، وهذه كلها ألفاظ أو تعبيرات في صلب مبدأ الدافعية، وتؤكد التربية الحديثة أن للمعلم دورًا وسيطًا في عملية إشباع الدوافع، وتحريك البواعث نظرًا لموقعه الاستراتيجي، فهو يعلم الأطفال حاجات لا يمكن لهم تعلمها بدونه ( أبو علام، 2010، ص 237 ).

2 – التدرج في التعلم: ” يرى الإمام أن على طالب العلم أن يبدأ بتعلم ما يسهل تعلمه من غير تعب أو مشقة ” ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص90 )، وتؤكد التربية الحديثة أنه لابد من مراعاة مجموعة من القواعد العامة في التدريس منها: التدرج من المعلوم إلى المجهول، ومن البسيط إلى المركب، ومن المحسوس إلى المجرد، ومن السهل إلى الصعب، ومن الكل إلى الأجزاء، ( جامعة القدس المفتوحة، 1993، ص 22).

3 – مراعاة الفروق الفردية: ” كما أن الإمام يرى أن يبتدئ طالب العلم في تعلمه على قدر استطاعته، وأن على طالب العلم أن يبدأ بتعلم الكتب صغيرة الحجم، وأن يختار من الكتب ما يتناسب وفهمه ” أي وقدرته على الاستيعاب ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص90 )، وهذا ما تؤكده التربية الحديثة، عند حديثها عن جملة القواعد العامة المتبعة في التدريس، والتي سبقت الإشارة إليها قبل قليل، ( جامعة القدس المفتوحة، 1993، ص 22).

4 – الاستمرار في التعلم: ” يرى الإمام أن طلب العلم مستمر من وقت الصغر إلى الموت ” ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص114 )، أي أن على طالب العلم الاستمرار في طلب العلم وتحصيله، لأنه ليس محصورًا في وقت معين أو سن معينة، فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول ( اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد )، وتؤكد التربية الحديثة أن التعليم للجميع، وليس محددًا بفئة معينة، وهذا ملموس من خلال الحرص على إقامة المؤتمرات، والندوات العالمية المؤكدة على أن التربية للجميع، كمؤتمر التربية للجميع العالمي الذي عقد في جومتيان، تايلاند، 1990، والذي حظي بحضور رسمي عالمي، وغيرها من المؤتمرات الأخرى التي تؤكد على اعتبار التعلم حاجة إنسانية أساسية، ( رسالة المعلم، 1991، ص14 ).

5 – الاستعداد للتعلم: ويتضمن ستة أمور يراها الإمام من دواعي تحصيل العلم، وهي ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص47): سرعة الفطنة، والحرص على تحصيل العلم، والصبر على محن العلم وابتلاءاته، والكفاية من العيش، وإرشاد الأستاذ، والزمان الطويل في تحصيل العلم.

وترى التربية الحديثة أن الاستعداد للتعلم عند المتعلم يتحدد بعاملي النضج والخبرة السابقة ( أبو جادو، 2013، ص 288 )، وبالنظر في هذين العاملين، فإنهما لم يخرجا عن الأمور الستة التي ذكرها الإمام في كتابه، ولم تأتي التربية الحديثة بجديد في مجال الاستعداد للتعلم، حيث أنه يمكن ملاحظة الانسجام الواضح، والتوافق التام بين الأمور الستة، وعاملي الاستعداد التعلم، وذلك على النحو التالي: حيث أن كل من؛ سرعة الفطنة، والحرص على تحصيل العلم، والصبر على محن العلم وابتلاءاته، والكفاية من العيش، هي أمور داخلة في صلب النضج، بينما إرشاد الأستاذ، والزمان الطويل في تحصيل العلم، هما من الأمور الداخلة في عامل الخبرة السابقة.

المطلب السابع: طرائق التعلم

1 التكرار: يؤكد الإمام أن على طالب العلم أن يواظب على درسه، ويكرره في أول الليل وآخره، فإن ما بين العشاءين ووقت السحر وقت مبارك ” ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 71)، وفي التربية الحديثة فإن من العوامل التي تؤدي إلى حفظ جيد، واسترجاع فعال: التعلم الزائد، والقيام بالتعلم، وفي الذهن الحصول على احتفاظ دائم، واستخدام أسلوب التدريب الموزع، والقيام بمراجعات دورية منظمة ( توق، وعدس، 1984، ص 276 )، وهذه الأمور يرى الباحث أنها خطوات خاصة بالتكرار.

2 – التأني في طلب العلم: يرى الإمام أن على طالب العلم أن يترفق بنفسه، ولا يحملها فوق طاقتها حتى يحصل المقصود من طلبه للعلم وهو التعلم ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 74).

3 – التدرج في التعلم: يرى الإمام أن على طالب العلم أن يتدرج في طلب العلم وذلك على التفصيل الآتي:

– يبتدئ المتعلم بتعلم ما يمكنه من إعادة تسميعه في اليوم مرتين.

– يزيد المتعلم بعد ذلك ولو مقدارًا بسيطًا من العلم، ما يمكنه من تسميعه في اليوم مرتين.

– يخصص المتعلم يومًا في كل أسبوع؛ لمراجعة المادة العلمية السابق تعلمها.

– يتلخص منهج المتعلم في طلب العلم من حيث ضبط ما يلي على التوالي: السماع، الحفظ، الفهم، على الترتيب ( إبراهيم بن إسماعيل ، 2010 ، ص 92 )، والتربية الحديثة لم تأت بجديد في مناهجها ومقرراتها الدراسية، حيث أنها تتدرج في إيصال المعلومة للطلبة، من خلال الوحدات الدراسية، والتي تتضمن دروسًا موزعة زمنيًا على مدار العام الدراسي، وتراعي الفئات العمرية، وتراعي الفروق الفردية بين الطلبة داخل الصف الواحد، وتخصص في مناهجها حصصًا للمراجعة.

4 المناظرة والمطارحة: يرى الإمام أن على طالب العلم أن يتباحث مع زميله في طرح المعلومة وتسميعها لما في ذلك من فائدة عظيمة، متمثلة في زيادة التعلم بالمناظرة، والتي هي أقوى من التكرار، إذ بها تتحصل المعاني الغامضة الدقيقة ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 95 )، ولم تأت التربية الحديثة بجديد؛ عندما وضعت في استراتيجياتها التدريسية العمل في مجموعات.

5 – التأمل: يرى الإمام أن على طالب العلم أن يتأمل عند تحصيله العلم، حتى يحصل الإدراك ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 96 )، ويقابل هذا التأمل التفكير في علم النفس والتربية الحديثة، وهو من الموضوعات الخاصة والمرموقة في هذا العلم.

المطلب الثامن: العوامل الميسرة ( المساعدة ) للتعلم

ويظهر ذلك واضحًا في الفصل ما قبل الأخير من الكتاب الذي شرحه الإمام من الكتاب الأصل ( إبراهيم بن إسماعيل، 2010، ص 131 – ص 136 )،

1 – عوامل مادية: بعض أنواع من الغذاء.

2 – عوامل معنوية: التوكل، الاشتغال بالصلاة، الدعاء.

المطلب التاسع: صعوبات ( معوقات ) التعلم

1 – عوامل مادية: بعض أنواع من الغذاء.

2 – عوامل معنوية: التعب، والمعاصي، والذنوب، والهموم، والأحزان، وكثرة المشاغل، وعوامل أخرى تعد طريفة وغريبة في نفس الوقت، والتربية والعلوم الحديثة تزخر بالآلاف من الدراسات، التي تعنى بدراسة أثر نوعية الغذاء على التحصيل الدراسي، ونفس الأمر ينطبق على العوامل المعنوية، من حيث أثرها على التحصيل.

المبحث الرابع: الخاتمة وتتضمن النتائج والتوصيات:

المطلب الأول: النتائج

خلصت الدراسة إلى النتائج الآتية:

1 – أن كتاب ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم ” يعد ثروة علمية في مجال التعلم والتعليم .

2 – أن الإمام إبراهيم بن إسماعيل تناول الكتاب الأصل ” تعليم المتعلم طريق التعلم ” بالشرح الوافي.

3 – أن موضوع التعلم عند الإمام إبراهيم بن إسماعيل في كتابه ” تعليم المتعلم طريق التعلم ” يضم العديد من الموضوعات على مستوى موضوع التعلم، من مثل؛ دوافع التعلم، وصفات طالب العلم، وظروف الموقف التعليمي، والنظام التعليمي، وعناصر المنهاج ( الأهداف، والمحتوى، وأساليب التدريس، والتقويم )، ومبادئ التعلم، وطرائق التعلم، والعوامل الميسرة ( المساعدة ) للتعلم، وصعوبات (معوقات ) التعلم.

المطلب الثاني : التوصيات

توصي الدراسة بالآتي:

1 – القيام بالمزيد من الدراسات المختلفة في الموضوعات المتنوعة في كتب التراث الإسلامي.

2 – أن ينال كتاب الإمام إبراهيم بن إسماعيل ” شرح تعليم المتعلم طريق التعلم “نصيبًا من التحقيق والدراسة.

قائمة المصادر والمراجع

  1. إبراهيم بن إسماعيل، ( 2010 )، شرح تعليم المتعلم طريق التعلم، ط1، طنطا، دار الصحابة للتراث.
  2. أبو جادو، صالح، ( 2013 )، علم النفس التربوي، ط10 ، عمان، دار المسيرة.
  3. أبو علام، رجاء، (2010)، التعلم أسسه وتطبيقاته، ط2 ، عمان، دار المسيرة.
  4. التل، شادية، ( 2006 )، الشخصية من منظور نفسي إسلامي، إربد، دار الكتاب الثقافي.
  5. توق، محيي الدين، وعدس، عبد الرحمن، ( 1984 )، أساسيات علم النفس التربوي، د.ط، إنجلترا، منشورات دار جون وايلي.
  6. جامعة القدس المفتوحة، ( 1993 )، طرائق التدريس والتدريب العامة، ط1، عمان، منشورات جامعة القدس المفتوحة.
  7. رسالة المعلم، (1991 )، ع 4، م 32، د، ط، عمان، قسم المطبعات التربوية.
  8. الريماوي، محمد، ( 2011 )، علم النفس العام، ط 4، عمان، دار المسيرة.
  9. الزرنوجي، برهان الدين، ( 1987 )، تعليم المتعلم طريق التعلم، تحقيق صلاح الخيمي ونذير حمدان، ط2، دمشق، دار ابن كثير.
  10. – الزرنوجي، برهان الدين، ( 1986 )، تعليم المتعلم طريق التعلم، تحقيق مصطفى عاشور، القاهرة، مكتبة القران.
  11. – الزرنوجي، برهان الدين، ( 1986 )، تعليم المتعلم طريق التعلم، تحقيق محمد عبد القادر أحمد، القاهرة، مطبعة السعادة.
  12. – الزرنوجي، برهان الدين، ( 1987 )، تعليم المتعلم طريق التعلم، تحقيق مروان قباني، ط1، بيروت، المكتب الإسلامي.
  13. – زيعور، علي، ( 1983 )، الحكمة العملية والفكر التربوي عند الغزالي، مجلة الباحث، م 5، ع 5\6، ص 47 – ص 63.
  14. – عبد العال، حسن، ( 2010)، مقدمة شرح تعليم المتعلم طريق التعلم، ط1، طنطا، دار الصحابة للتراث.
  15. – العتوم، وآخرون، (2011 )، ط3، علم النفس التربوي النظرية والتطبيق، عمان، دار المسيرة.
  16. – العلي، صالح، ( 2006 )، أثر الدافعية في التعلم عند برهان الإسلام الزرنوجي في كتابه تعليم المتعلم طريق التعلم، مجلة اتحاد الجامعات العربية للتربية وعلم النفس، م 4، ع 2، ص 121 – ص 138.
  17. – العلي، صالح، ( 2005 )، مبادئ التعلم وطرائقه عند برهان الإسلام الزرنوجي، د. ط، دمشق، دار النوادر.

18- الشرجبي، عبد الغني، والجوري، أمة الرزاق، ( 1991 )، مقارنة بين نسق التعلم لدى الزرنوجي والشوكاني، بحوث المؤتمر التربوي الأول، ج1، ص 73 – ص 167.