التبليغ القضائي عبر الوسائل الالكترونية (دراسة مقارنة)

عمر محمود حميد الحامدي1، محمد علي الطعاني1

1 الجامعة الإسلامية في لبنان. كلية الحقوق.

HNSJ, 2024, 5(12); https://doi.org/10.53796/hnsj512/40

تحميل الملف

تاريخ النشر: 01/12/2024م تاريخ القبول: 15/11/2024م

المستخلص

تناول البحث موضوع في غاية الأهمية وهو البحث في التبليغات القضائية عبر الوسائل الالكترونية، إذ تعد التبليغات القضائية بشكل وإنجازها وفق أحكام القانون وفي الوقت المناسب من أهم أسباب إنجاز الدعاوى وحسن سير العدالة وضمان سهولة إجراءات التقاضي داخل المحاكم. وقد هدفت هذه الدراسة إلى تحقيق العديد من الأهداف أهمها الهدف الرئيسي في الدراسة في بيان اجراءات التبليغ القضائي عبر الوسائل الإلكترونية في القانون العراقي دراسة مقارنة بالقانون الأردني، ولقد توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج والتوصيات تمثل أهمها: إن إجراء التبليغات القضائية الكترونياً لا يتعارض مع نص قانون المرافعات العراقي، وإن التحول إلى نظام الفضاء الإلكتروني لا يتعارض مع جوهر القانون بل سيتوافق معه ويحقق غاية القضاء وهو القضاء العادل العاجل، كما اوصت الدراسة بضرورة زيادة الوعي العلمي والوظيفي لدى القائمين بالتبليغ، وذلك عن طريق إجراء الندوات والمؤتمرات والتي يتم فيها استقبال الأساتذة المتخصصين في هذا المجال وبيان السبل الناجحة في عملية التبليغات القضائية، والوسائل المتقدمة وما وصل إليه العلم الحديث في مضمار الاتصالات الحديثة ودورها في عملية التبليغ.

الكلمات المفتاحية: التبليغ القضائي، الوسائل الالكترونية.

أولاً: المقدمة

التبليغ القضائي هو الوسيلة الرسمية لإعلام الأطراف بإجراء معين من الإجراءات المضمنة في الأوراق القضائية بصفة عامة، وقد نظم المشرع العراقي والأردني إجراءات هذا التبليغ؛ فوضع قواعد تفصيلية لها، ضماناً لتحقيق الهدف منه المتمثل أساساً في إحاطة الطرف علماً بالإجراء الموجه إليه.

إذ تعد التبليغات القضائية وإنجازها وفق أحكام القانون وفي الوقت المناسب من أهم أسباب إنجاز الدعاوى وحسن سير العدالة وضمان سهولة إجراءات التقاضي داخل المحاكم، وقد أبدت قوانين تطوير القضاء التي تمَّ إنجازها أخيراً والتي ستنفذ قريباً اهتماما خاصاً بإيجاد حلول لتلك المشكلة من خلال قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني رقم (2) لسنة 2001 وغيره من القوانين ذات العلاقة وذلك باعتماد منهجيات وأسس وأساليب مختلفة عما هو مطبق حالياً والمطلع على معوقات التبليغ في الوقت الحاضر يدرك تماماً أنهُ من بين بعض المشكلات مسألة عدم وضوح العناوين أو تعمُّد إدراج عناوين غير صحيحة أو خاطئة في بعض الأحيان بهدف الحصول على قرار من المحكمة بالتبليغ بالنشر الأمر الذي كان يفاجئ الطرف المُراد تبليغه وخصوصاً أنهُ كان يتم في بعض الصحف غير المنتشرة بشكل واسع مما كان يفوِّت فرصة الاطلاع على التبليغ والسير بإجراءات الاعتراض أو الاستئناف على تلك الأحكام أو طلب إبطال الإجراءات القضائية التي تمّت بموجب إجراءات التبليغ الباطلة، وقد تم تفعيل استخدام الوسائل الالكترونية في اجراء التبليغات القضائية في الاردن، وذلك سنداً لأحكام قانون اصول المحاكمات المدنية رقم (2) لسنة 2001 ونظام استعمال الوسائل الالكترونية في الاجراءات القضائية المدنية رقم (95) لسنة(2018).

وتشمل هذه الوسائل استناداً للمادة (7) من النظام (البريد الالكتروني، والرسائل النصية عن طريق الهاتف الخلوي، والحساب الالكتروني المنشأ للمحامي، وأي وسيلة اخرى يعتمدها وزير العدل). وأصدر رئيس المجلس القضائي تعميما لرؤساء المحاكم في المملكة ودوائر النيابة العامة طلب فيه من القضاة البدء باستخدام الوسائل الالكترونية (كالبريد الالكتروني والرسائل النصية) في اجراء التبليغات القضائية جنباً إلى جنب الطرق المبينة في المواد من (5- 12) من قانون اصول المحاكمات المدنية، وذلك اعتبارا من تاريخ 16/9/2019 وتضمن التعميم حفظ صورة من التعميم التبليغ في ملف الدعوى وعدم قبول تسجيل اي شكوى أو دعوى من المشتكي أو المدعي أو المحكوم له الا بعد قيام وكلاؤهم المحامين بتثبيت ارقام هواتفهم وعناوينهم وبريدهم الالكتروني، وسنعمل على متابعة الأحكام الخاصة بهذا الموضوع أولاً بأول.

ثانياً: مشكلة البحث: تتمثل مشكلة هذا البحث ببيان موقف المشرع العراقي والاردني من التبليغ القضائي عبر الوسائل الالكترونية حيث تسعى الدراسة إلى تأصيل ووضع الإطار العام، إذ أنه من المبادئ الأساسية في تحقيق العدالة تمكين المواطن من الحصول على حقه بأسرع وقت ممكن وبأيسر السبل وحيث إن للزمن دورا مهما في حسم الدعوى بأقصر وقت واقل جهد وادنى نفقات ودون هدر أو تجاوز لضمانات التقاضي واحترام حقوق الدفاع واختصار الزمن في إجراء تبليغ الأوراق القضائية العامل الهام في سرعه حسم الدعوى المدنية، ومن أهم الأسباب التي تؤدي إلى تأخير الفصل في الدعوى هي إجراءات التبليغ القضائي وقد حددتها المواد (13- 28) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 العراقي، ولمواجهة تأخر إجراءات التبليغات القضائية وما يؤدي ذلك إلى تأخر حسم الدعاوى المدنية فقد اتخذ المشرع عدة إجراءات لتبسيط إجراءات التبليغات القضائية وحيث أن التبليغ هو الأساس الأول في إقامة الدعوى فيجب الاهتمام بتنظيم التبليغ القضائي، ومحاولة نقل التجربة إلى القانون العراقي في استخدام هذه الوسائل الالكترونية واعتمادها المشكلات القانونية والعملية التي يمكن أن تعترض تفعيل هذه الوسائل في الناحية العملية، من بين بعض المشكلات مسألة عدم وضوح العناوين أو تعمد أدراج عناوين غير صحيحه في بعض الأحيان بهدف الحصول على قرار من المحكمة أنه كان يتم في بعض الصحف غير المنتشرة بشكل واسع مما كان يفوت فرصة الإصلاح على التبليغ والسير بالإجراءات والاعتراض أو الاستئناف على تلك الأحكام أو طلب أبطال الإجراءات القضائية التي تمت بموجب إجراءات التبليغ الباطلة.

أسئلة البحث:

  1. ما المقصود بالتبليغات القضائية الإلكترونية؟ وما هي وسائلها؟
  2. ما هي إجراءات وشورط التبليغ القضائي عبر الوسائل الإلكترونية؟
  3. ما هي حجية التبليغات القضائية عبر الوسائل الإلكتروني؟

ثالثاً: أهمية البحث، تبرز أهمية في أنها تساهم في تعميق الفهم لدى الباحثين حول التبليغ القضائي عبر الوسائل الالكترونية، إذ تعد التبليغات القضائية وإنجازها وفق أحكام القانون وفي الوقت المناسب من أهم أسباب إنجاز الدعاوى وحسن سير العدالة وضمان سهولة إجراءات التقاضي داخل المحاكم.

رابعاً: أهداف البحث: يتمثل الهدف الرئيسي في الدراسة في بيان اجراءات التبليغ القضائي عبر الوسائل الإلكترونية دراسة مقارنة: كما تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على ما يلي:

  1. تحديد مفهوم التبليغ عن طريق الوسائل الالكترونية ووسائله.
  2. توضيح إجراءات التبليغ القضائي عن طريق الوسائل الالكترونية.
  3. توضيح حجية التبليغات القضائية عبر الوسائل الإلكترونية.

خامساً: منهجية البحث

تستخدم هذه الدراسة مناهج البحث المتبعة في الدراسات القانونية وهي: المنهج الوصفي الذي يقوم على وصف مواد القانون الخاصة بمفهوم التبليغ القضائي، والحالات التي يتم بها التبليغ من خلال الوسائل الالكترونية. كما تستخدم الدراسة المنهج التحليلي، من خلال تحليل النصوص القانونية والوثائق القانونية المختلفة تحقيقاً لغاية وأهداف الدراسة، مع عدم إهمال أيه مناهج أخرى قد تكون ضرورية.

سادساً: الدراسات السابقة تبين من خلال البحث وجود كثير من الدراسات في مجال التبليغ القضائي التقليدي وعدم وجود دراسات وافية لغاية تقديم هذا الملخص عن التبليغ في الوسائل الالكترونية وهذا سبب حداثة الموضوع الذي جاء في النظام رقم (95) لعام 2018. ومن الدراسات في هذا المجال:

  1. دراسة: عوض أحمد الزعبي، التبليغ القضائي بطريق النشر وفقاً لقانون أصول المحاكمات المدنية الأردني، مجلة علوم الشريعة والقانون، والمجلد 40، العدد 1، 2013. تناولت هذه الدراسة موضوع التبليغ القضائي بطريق النشر وهو إجراء يتم اللجوء إليه بقرار من المحكمة أو رئيسها حين تنسد السبل وتستنفد الطرق الأخرى المقررة في قانون أصول المحاكمات المدنية لإجراء التبليغ دون جدوى ويؤول مصير التبليغ القضائي إلى حالات يجمعها الجهل بعنوان المطلوب تبليغه.
  2. دراسة: صخر محمد ضبعان المور، التبليغ القضائي للأشخاص الاعتبارية في قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني، رسالة ماجستير، جامعة الإسراء الخاصة، 2010.

هدفت هذه الدراسة إلى بيان أهمية دراسة التبليغ القضائي للأشخاص الاعتبارية، والذي يعد من الموضوعات التي تحتاج إلى تأصيل قانوني في ضوء أصول المحاكمات المدنية الأردني.

  1. دراسة: حسن موسى الطراونة، التبليغات القضائية في أصول المحاكمات المدنية دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، جامعة الحكمة لتدريس الحقوق، 2000.

هدفت هذه الدراسة إلى بيان التبليغات القضائية والتي تعتبر من أهم مواضيع قانون المرافعات المدنية والتجارية، حيث تناولت الدراسة الاجراءات التي تتبع في الالتجاء إلى المحاكم من حيث رفع الدعوى وتبادل اللوائح بين الخصوم ونظر الطلبات والدفوع والحكم في الدعوى، وطرق الطعن فيها، وكذلك الاجراءات التي تتبع في تنفيذ الاحكام القضائية وغيرها على صعيد الأحكام المدنية.

وتختلف هذه الدراسة عن دراستنا من حيث أن دراستنا تتعلق بالتبليغ القضائي عبر الوسائل الالكترونية، من جهة أخرى تقوم الدراسة ببيان الأحكام القانونية وصحة مستلزمات إجراء التبليغات القضائية عبر الوسائل الإلكترونية إضافة إلى بيان حجية تلك التبليغات ومدة التأكد من صحتها، وذلك ليكون من الممكن للمشرع العراقي الأخذ بها.

المبحث الأول

مفهوم التبليغات القضائية الإلكترونية

فرضت وسائل التقدم التكنولوجية والعلمية الحديثة نفسها في كافة المجالات، لذلك فإن الأمر يوجب على التشريعات اتخاذ كل ما من شأنه وضع الحلول المناسبة لها، بحيث لا تبقى النصوص التشريعية رهينة الأشكال القديمة، وأن تضع في نفس الوقت النصوص التي تكون بوسعها مواكبة التطورات الحديثة بعيداً عن الجمود والشكلية المبالغ فيها([1]).

وينطبق الأمر كذلك على التبليغات القضائية، فما شهده العالم في مجال الاتصالات الحديثة، يحتم على التشريعات والأنظمة ومنها التشريع العراقي أخذ تلك التطورات بعين الاعتبار، أسوة بالتشريع الأردني الذي أخذ بالتطورات التكنولوجية ووسائل الاتصال الحديثة في ميدان التبليغات القضائية، من أجل الاستفادة مما توفره هذه الوسائل من سرعة وتوفير في الجهد والوقت والمال، وعليه ومن خلال هذا المبحث سيتم تخصيصه للبحث في تحديد ماهية التبليغات القضائية الإلكترونية، وذلك على النحو الآتي:

المطلب الأول: مفهوم التبليغات القضائية الإلكترونية واهميتها

التبليغ القضائي هو أمر جوهري في التشريعات الحديثة، لأنه يعتبر تطبيقاً مباشراً لمبدأ المواجهة الذي يقضي بضرورة علم أطراف الدعوى بالإجراءات والأعمال التي يقوم بها الخصم، ولتعلق انعقاد الخصومة عليه باعتباره أحد المقتضيات الأساسية التي يشترطها القانون لكي ينتج العمل الإجرائي أثره([2]).

وإذا تم التبليغ وفقاً للشكل الذي افترضه القانون رتب آثاراً قانونية هامة تؤثر على المراكز القانونية للأطراف، إذ يتم بموجبه العلم القانوني بالإجراء ولو لم يتم العلم الفعلي به حقيقةً، وفي الواقع أن استلام الشخص المطلوب تبليغه صورة ورقة التبليغ يعتبر قرينة قانونية قاطعة على علمه بما تضمنته هذه الورقة. ولأهمية التبليغ وخطورة آثاره التي ترتب عليه حرص المشرع في تحديده للأشخاص الذي يقومون به أن تكون لهم الصفة الرسمية أو أن يكونوا حائزين عل اعتماد مجلس الوزراء وثقته، فالتبليغ في المملكة الأردنية الهاشمية يتم على يد محضر رسمي أو عن طريق شركة خاصة معتمدة من قبل مجلس الوزراء ([3]). وكذلك المشرع العراقي فقد حدد الجهات التي يجب عليها اجراء التبليغات القضائية، وبين الطريقة التي يتم بموجبها اجراء تلك التبليغات فلم يترك للقائمين بها حرية اتخاذ أية إجراء ما لم ينص عليه القانون، حيث رتب المشرع العراقي على مخالفة الإجراءات المنصوص عليها بطلان ذلك الإجراء([4]).

وعلى ذلك تعد التبليغات القضائية وإنجازها وفق أحكام القانون وفي الوقت المناسب من أهم أسباب إنجاز الدعاوى وحسن سير العدالة وضمان سهولة إجراءات التقاضي داخل المحاكم، فعلى المشرع إيجاد نصوص قانونية لتطوير القضاء وإيجاد حلول لتلك المشاكل التي تثيرها الدعوى والتقاضي وإجراءاتها من خلال الاعتماد على الأساليب التقليدية، لذلك كان لابد من اعتماد منهجيات وأسس وأساليب مختلفة عما هو مطبق حالياً تساعد في سرعة إجراءات التقاضي من اجل حسم الدعوى([5]).

والمطلع على معوقات التبليغ في الوقت الحاضر يدرك تماماً أنهُ من بين بعض المشكلات مسألة عدم وضوح العناوين أو تعمُّد إدراج عناوين غير صحيحة أو خاطئة في بعض الأحيان بهدف الحصول على قرار من المحكمة بالتبليغ بالنشر، الأمر الذي كان يفاجئ الطرف المُراد تبليغه وخصوصاً أنهُ كان يتم النشر في بعض الصحف التقليدية (الورقية) والتي أصبحت قليلة التداول والانتشار بسبب ظهور الصحافة الإلكترونية، مما يؤدي ذلك إلى تفويِت فرصة الاطلاع على التبليغ والسير بإجراءات الاعتراض أو الاستئناف على تلك الأحكام أو طلب إبطال الإجراءات القضائية التي تمّت بموجب إجراءات التبليغ الباطلة.

لذلك كانت الحاجة ماسة لتفعيل استخدام الوسائل الالكترونية في اجراء التبليغات القضائية، والتي أخذ بها المشرع الأردني بالفعل سنداً لأحكام قانون اصول المحاكمات المدنية لسنة 2006 ونظام استعمال الوسائل الالكترونية في الاجراءات القضائية المدنية رقم (95) لسنة(2018)، وهو ما لم ينتهجه المشرع العراقي، بل أبقى التعامل على الطرق التقليدية في التبليغات القضائية.

فقد واكبت بعض التشريعات ومنها التشريع الأردني وسائل التقدم العلمي الحديثة لأعمالها في مجال التبليغات القضائية، لأنها أصبحت أمراً واقعاً لا مناص من معالجتها، بل لابد من إعداد النصوص التي تعالج بدقة الوسائل الإلكترونية الحديثة، لأنه من الضروري أن تأخذ تلك المسائل بمفهومها الحديث أو الواسع بحيث يتم الأخذ بالتبليغات القضائية وفقاً لتلك المفاهيم الحديثة لا المفاهيم التقليدية، والتي أصبحت عاجزة تماماً أمام تلك الوسائل الإلكترونية الحديثة([6]).

ولقد تخطت الدول المتقدمة مرحلة المفاهيم التقليدية بالنسبة للسندات بشكل، لتشكل في الاعتبار السندات الإلكترونية أيضاً، فقد نظمت هذه الدول السندات الإلكترونية وجعلتها ضمن السندات الكتابية، لكونها تؤدي إلى نفس الغاية التي تهدف إليها السندات التقليدية، ومن هنا جاءت العديد من التشريعات والقواعد والأحكام القضائية التي سمحت باستخدام السندات الإلكترونية([7])، وقد تم الاعتراف بهذه المستندات من قبل المشرع العراقي والأردني، وأغلبية الدول ووجدوا لها قوانين خاصة كقانون التوقيع الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية رقم (78) لسنة 2012 العراقي، وقانون المعاملات الإلكترونية رقم 15 لسنة 2015 الأردني.

حيث عرف المشرع العراقي السند الإلكتروني في قانون التوقيع الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية رقم 78 لسنة 2012 في المادة (1) الفقرة التاسعة على أنه: “المحررات والوثائق التي تنشئ أو تدمج أو تخزن أو ترسل أو تستقبل كلياً أو جزئياً بوسائل إلكترونية أو البرق أو التلكس أو النسخ البرقي ويحمل توقيعاً الكترونياً”. أما المشرع الأردني فقد عرف السند الإلكتروني في قانون المعاملات الإلكترونية رقم 15 لسنة 2015م، في المادة الثانية في الفقرة التاسعة على أنه: “السند الذي يتم إنشاؤه والتوقيع عليه وتداوله الكترونياً”.

هكذا يتضح أن اتجاه التشريعات هو نحو الأخذ بالمفاهيم الحديثة للسندات، وإذا كانت التبليغات القضائية من الإجراءات التي تأخذ صيغة السندات الرسمية، على اعتبارها صادرة من جهة رسمية، فيجب أن لا يتم حصر تلك السندات في زاوية ضيقة، متمثلة بالمفاهيم التقليدية، بل يجب أن تتخطاها لتشمل حينئذٍ السندات بالمفهوم الحديث مستفيدة بذلك من التقنيات الحديثة والتي تشمل السندات الإلكترونية المستخرجة من وسائل الاتصال الفوري([8]).

ففيما يتعلق بمفهوم التبليغ القضائي كوسيلة إعلام الأشخاص بالأوراق القضائية وبما يتخذ ضدهم من إجراءات من خلال تطبيق المفهوم الحديث أي عن طريق الوسائل الإلكترونية فغن ذلك سيحقق المرونة والفعالية في حسم الدعوى، ومعنى المفهوم الحديث للتبليغ القضائي، أي التبليغ بالمعنى الواسع بحيث لا يشمل تلك الوسائل التقليدية المتبعة في إجرائه فقط، بل تشمل أيضاً إجراءه بواسطة الوسائل الإلكترونية الحديثة، وهذا الأمر يتطلب ترك مصطلح التبليغ دون تحديد، ليكون بالمقدور تفسيرها وفق ما قد يطرأ من تطورات حديثة في مجال الاتصالات، وليكون القاضي أكثر حرية في تحديد التكييف القانوني للتبليغات عند إجرائها وفق طرق جديدة مبتكرة.

ونظراً لتصور المشرع بضرورة سرعة إجراءات التقاضي فقد اعتمد على الوسائل الإلكترونية من اجل التبليغات القضائية، وإن ما يشجع القضاء على الأخذ بوسائل التقدم التكنولوجي والعلمي في مجال التبليغات عند نظره للدعاوى، تلك النصوص التي تجيز للقاضي التحرر نوعاً من الشكلية والأخذ بالوسائل الحديثة من اجل حسم الدعاوى بأقصر وقت ممكن، إذ لهذه الوسائل الدور الفعال في تسهيل عملية التبليغات، وتذليل كافة العقبات التي قد تعترضها، فإجراء التبليغات عن طريق الهاتف أو التلكس أو الفاكس أو الانترنت، كلها تسهم في سرعة حسم التبليغات، وما لذلك من الأثر الواضح في سرعة حسم الدعاوى([9]).

وكثيرة هي الوسائل الحديثة التي فرضت نفسها في التعاملات اليومية، وما يهمنا هنا، وفي مجال التبليغات القضائية على وجه التحديد، تلك الوسائل المتعلقة بالاتصالات، إذ ظهرت وسائل اتصال فورية تكون بمقدورها إجراء اتصالات في غضون لحظات معدودة من شتى أنحاء المعمورة، فهذه الوسائل يمكن توظيفها في مجال إجراء التبليغات القضائية، لتحل فيما بعد محل الوسائل التقليدية، فعلى الرغم من ان الوسائل التقليدية توفر من الضمانات ما يكفي لحماية حقوق الأطراف، إلا أن ذلك لا يعني تجاهل تلك الوسائل الحديثة وفوائدها الكبيرة([10]). وهذا ما أكده المشرع الأردني في الفقرة (2) من المادة (5) من قانون أصول المحاكمات المدنية، كما صدر نظام استعمال الوسائل الإلكترونية في الإجراءات القضائية المدنية رقم 95 لسنة 2018، الذي عرف الإجراءات القضائية بأنها: ” إجراءات تسجيل الدعاوى والطلبات وإيداع اللوائح والبينات والمذكرات وسائر الأوراق وإجراءات التبليغ ودفع الرسوم والمخاطبات وسماع الشهود وغير ذلك من الإجراءات أمام المحاكم ودوائر التنفيذ”. وعرف الوسائل الإلكترونية بأنها: “الوسائل المعتمدة وفق أحكام هذا النظام في الإجراءات القضائية المدنية”([11]).

وقد جاءت المادة (4) من ذات النظام لتضفي المشروعية القانونية على استعمال الوسائل الإلكترونية في الإجراءات القضائية المدنية، وبهذا يجوز إجراء التبليغ القضائي بالوسائل الإلكترونية، وعليه يمكن تعريف التبليغ القضائي الإلكتروني بأنه: “استخدام الوسائل الاتصال الحديثة في إيصال أمر أو واقعة ثابتة إلى علم شخص معين عن طريق البريد الإلكتروني أو رسائل الهاتف أو غير ذلك من الوسائل الإلكترونية التي اعتمدها القانون يكون الهدف من ذلك هو ضمان علم المبلغ إليه بالأمر المراد تبليغه”.

وبهذا يكون نظام استعمال الوسائل الإلكترونية في الإجراءات القضائية المدنية رقم 95 لسنة 2018 السند القانوني لاستخدام الوسائل الإلكترونية في التبليغات القضائية. وعلى اعتبار التوقيع أحد المرتكزات الرئيسية في عملية التبليغات القضائية، والتي تدل أو تثبت تسلم الشخص المخاطب لورقة التبليغ، فيجب عدم الوقوف عند التوقيع بمفهومه التقليدي، بل يجب أن يشمل كذلك التوقيع بالمفهوم الواسع أو الحديث وهو ما يسمى التوقيع الإلكتروني، والذي هو عبارة عن توقيع مكون من حروف أو أرقام أو رموز أو صوت أو نظام معالجة ذي شكل إلكتروني، وملحق أو مرتبط منطقياً برسالة إلكترونية وممهور بنية توثيق أو اعتماد تلك الرسالة”([12]).

المطلب الثاني: الوسائل الإلكترونية المستعملة في التبليغات القضائية وميزاتها

أشرنا سابقاً أن المشرع الأردني قد عرف الوسائل الإلكترونية في نظام استعمال الوسائل الإلكترونية في التبليغات القضائية بأنها: “الوسائل المعتمدة وفق أحكام هذا النظام في الإجراءات القضائية المدنية”، وكذلك حصر هذه الوسائل الإلكترونية المعتمدة في المادة السابعة من اجل إجراء التبليغات الإلكترونية بالبريد الإلكتروني والرسائل النصية عبر الهاتف والحساب الإلكتروني للمحامي وأية وسائل الكترونية أخرى تعتمد من قبل الجهة المختصة، وهذا يقودنا إلى البحث في حقيقة هذه الوسائل الإلكترونية المعتمدة في إجراء التبليغات القضائية.

الوسيلة الأولى: البريد الإلكتروني: اختلف الفقه بشأن الطبيعة القانونية لعنوان البريد الإلكتروني فالبعض يراه موقع افتراضي للأشخاص الطبيعيين والبعض الاخر يراه أنه عبارة عن اسم سواء كان ذلك الاسم مدنياً أو تجارياً للشخص الطبيعي لكنه عبر شبكة الانترنت ([13])، وترجع ميزة البريد الإلكتروني في التبليغات القضائية إلى أن المرسل إليه لا يستطيع أن ينفي العلم بالاستلام كما يحدث في البريد التقليدي أنه استلم المظروف، ولكنه كان خاوياً حيث أنه في البريد الإلكتروني الموصي عليه يتم عن طريق طرف ثالث محل الثقة والذي يحتفظ بالمعلومات عن الأطراف من حيث ساعة وتاريخ الإرسال والاستلام([14]).

وترجع كذلك أهمية التبليغ القضائي عن طريق البريد الإلكتروني للشخص المراد تبليغه بأنه تعتبر وسيلة موجهة للشخص ذاته، ألنه هو الشخص المخول بالدخول إلى الصندوق البريدي وكذلك فأن البريد الإلكتروني يكون بمثابة الموطن الافتراضي للشخص المطلوب تبليغه، وبمقدور هذا الأخير العلم بجميع الرسائل التي وصلت إلى بريده الإلكتروني في أي وقت مع ضرورة توافر الضمانات التقنية التي تضمن عدم العبث بالرسالة الإلكترونية ([15]).

الوسيلة الثانية: الهاتف الخلوي: وتتمثل هذه الوسيلة عن طريق إرسال رسائل نصية، حيث يعد الهاتف من أكثر وسائل الاتصال الفوري فاعلية وانتشاراً في العصر الحديث، كما يعد عنصراً جوهرياً بالنسبة لبعض وسائل الاتصال الأخرى الأكثر تقدماً، وبذلك يعرف الهاتف الخلوي بأنه: “وسيلة لنقل المكالمات الشخصية من خلال الأسلاك التي تربط بين نقطتين (المرسل والمستقبل) يمر فيها تيار كهربائي وفق ذبذبات صوت المتكلم”([16]). وكان لسهولة استخدام الهاتف الخلوي الأمر الذي أدى إلى انتشاره بين عدد كبير من الناس في زمن قصير، حيث أنه لا يحتاج إلى خبرة معينة أو تيار كهربائي كما هو الحال في أجهزة الحواسيب أو إلى مكان مخصص له فهو جهاز بسيط يعتمد في تشغيله على بطاريته الداخلية ذات الحجم الصغير([17]).

الوسيلة الثالثة: الحساب الإلكتروني المنشأ للمحامي: فعلى كل محام بعد نفاذ أحكام نظام استعمال الوسائل الإلكترونية في الإجراءات القضائية أن يُقدم تصريحاً موقع منه لنقابة المحامين وفق النموذج المعد من وزارة العدل يتضمن معلومات، وهي “اسمه وعنوانه وعنوان مكتبه، أرقام هواتفه الخلوية، وأرقام هواتف مكتبه، بريده الإلكتروني”.، وفي حال حصل أي تغيير على المعلومات المصرح بها أعلاه يلتزم المحامي بإعلام نقابة المحامين بها فوراً بنفس الطريقة، كما أن لوزارة العدل والمحاكم الاعتماد على المعلومات المصرح عنها؛ للغايات المقصودة من هذا النظام، فيما يُعتبر عنوان وكلاء الشركات الملزمة بتوكيل محامين وفقاً لأحكام قانون الشركات وقانون نقابة المحامين عنواناً معتبراً لغايات هذا النظام. ووفق النظام المذكور، تبني وزارة العدل قاعدة بيانات تحفظ بها المعلومات المصرح عنها من المحامي أو أي معلومات أخرى لأغراض هذا النظام، وتبقي المحاكم على اطلاع عليها من خلال الربط الإلكتروني مع نقابة المحامين([18]).

كما أشار القانون إلى أنه يمكن اعتماد أي وسيلة إلكترونية أخرى للتبليغات القضائية يعتمدها الوزير، أي وزير العدل، أي يقصد بذلك اعتماد أي وسيلة اتصال حديثة أخرى والتي يقصد بها كل إرسال أو استقبال للعلامات والإشارات والخطوط المكتوبة، وكذلك الصور والتعاملات أياً كان نوعها، يستوي في هذا الاتصال أن يتم سلكياً أو لاسلكياً، كما يستوي ان يتم سمعياً أو بصرياً او بأي نظام آخر، وتتعدد وسائل الاتصال في الوقت الحالي، حيث من الممكن أن يعمد الوزير المختص الفاكس في التبليغات القضائية”([19]). ويتميز التبليغ القضائي عن طريق الفاكس بالوجود المادي للوثيقة الورقية، لذا فإن التبليغ عن طريق هذا الجهاز يعد أسرع الخدمات البريدية في عالم الاتصالات وأكثرها تطوراً([20])، وبهذا تكون وسيلة ملائمة يمكن استخدامها لإجراء التبليغات القضائية خصوصاً في تبليغ الأشخاص المعنويين والشركات.

وبناءً على ما سبق نجد أن التقيد بالتبليغات القضائية وفقاً لمفاهيمها التقليدية يعني عدم تمتع التبليغات والتي تتم بوساطة التقدم العلمي والتكنولوجي بأية حجة أو قيمة ثبوتية، وهذا ما يجب أن تتلافاه التشريعات بل عليها أن تأخذ بها، وهذا ما تداركه المشرع الأردني بالوسائل التكنولوجية في الإثبات وفي الإجراءات القضائية ومنها إجراء التبليغ القضائي عبر الوسائل الإلكترونية، لأن توظيف الوسائل الإلكترونية الحديثة في مجال إجراء التبليغات القضائية يساعد وإلى حد بعيد إلى تذليل العقبات والصعوبات التي تعتري سير التبليغات وفق المنهج التقليدي.

المبحث الثاني

آلية إجراء التبليغات القضائية عبر الوسائل الإلكترونية

تألف الدعوى في مجموعها من جملة من الإجراءات القانونية المتتابعة تتابعاً زمنياً، تبدأ من إقامة الدعوى وتنتهي بصدور الحكم الذي يكتسب درجة البتات، ويعد كل إجراء من هذه الإجراءات المحصورة بين هاتين الفقرتين إجراءات قائمة بذاتها ومستقلة عن الإجراء الذي يليه والذي يسبقه، ويرتب القانون على كل هذه الإجراءات آثاراً قانونية خاصة، ويرتب الجزاء على مخالفتها، وكل إجراء يتوقف على صحة الإجراء الذي يسبقه، وينطبق الأمر تماماً على التبليغات القضائية سواء بالطرق التقليدية أو عبر الوسائل الإلكترونية، فهي تعد من الإجراءات الأساسية التي يتوقف عليها صحة الإجراءات التي تليها([21]).

واللجوء إلى الوسائل الإلكترونية في مجال التبليغات الإلكترونية مهم جداً لأنه سوف يحرر القاضي من كافة الشكليات المفرطة والتي قد تعيق سرعة حسم الدعاوى وتأخير اجراءاتها، لأنه يجب أن لا يبقى القاضي مكتوف اليد أمام وسائل التقدم التكنولوجي والتي فرضت نفسها وبقوة في شتى المجالات، بل عليه الاستفادة من دوره الايجابي والذي منحته له معظم التشريعات لمواكبة كل ما يستجد في الحياة العملية، وكل هذه العناصر تمنح القاضي الارضية الصلبة والمشروعية التامة للأخذ بوسائل التقدم التكنولوجي وتوظيفها في مجال التبليغات القضائية. ومن خلال هذا المبحث سيتم البحث في مشروعية اللجوء إلى الوسائل الإلكترونية في مجال التبليغات القضائية، ومن ثم بيان مستلزمات صحة هذه الإجراءات، وذلك على النحو الآتي:

المطلب الأول

المبررات القانونية لإجراء التبليغات القضائية عبر الوسائل الإلكترونية

تصدى المُشرع الأردني لظاهرة العناوين الوهمية للخصوم وللشهود، وذلك في أكثر من موقف من القانون المعدل لأصول المحاكمات المدنية، بحيث أجاز استخدام الوسائل الإلكترونية للتأكد من عناوين أطراف الدعوى، وحفاظاً على الوقت فقد أجاز القانون تبليغ المتداعين على أكثر من عنوان واحد إذا تعددت عناوينهم، وكذلك ومن باب العدالة إجراء اتصال بالهاتف الخلوي المطلوب تبليغه أو بأي وسيلة إلكترونية قبل اعتماد التبليغ وإناطة التعديلات بقلم المحكمة، ومن باب العدل فقد نص القانون على استخدام وسائل الاتصال الإلكترونية لمحاولة الوصول إلى اطراف الدعوى المراد تبليغهم قبل تسطير مذكرات إحضار بحقهم درءاً لأي أضرار بهؤلاء الشهود والخصوم الذين كثيراً ما كانوا يتفاجؤون بأنهم مطلوبون للمحكمة بواسطة الأجهزة التنفيذية مما يجعلهم عرضة للتوقيف والمنع من السفر([22]).

وقد أصدر المشرع الأردني نظام خاص لاستعمال الوسائل الإلكترونية في إجراءات الدعوى المدنية، فقد أجاز من خلال هذا النظام استخدام الوسائل الإلكترونية في إجراء التبليغات القضائية، ومن خلال هذا المبحث سيتم تسليط الضوء على تحديد المبررات القانونية التي دفعت المشرع الأردني لإجراء التبليغات القضائية عبر الوسائل الإلكترونية والتي يمكن الأخذ بها كمبررات لدفع المشرع العراقي لتعديل قانون المرافعات المدنية العراقي والنص صراحة على إجراء التبليغات القضائية عبر الوسائل الإلكترونية، وذلك نظراً لما يحققه هذا الإجراء من ميزات، وسيتم شرحها على الآتي:

الفرع الأول: إلزام القاضي باتباع التفسير المتطور للقانون

يقصد بتفسير القاعدة القانونية بمعناه الواسع هو “الوقوف على ما تتضمنه تلك القاعدة من حكم، فضلاً على البحث عن الحكم الواجب اعطاؤه لما قد يعرض في العمل من فروض ووقائع لم تواجهها القاعدة القانونية”([23]). ومن البديهي القول أن النصوص القانونية إما أن تكون واضحة لا لبس فيها وهي لا تثير أية اشكالات ولا تواجه القاضي أية صعوبة في التعرف على حقيقة معناها، وبالمقابل قد تكون هناك نصوص قد يشوبها بعض الغموض مما يوجب على القاضي الاستعانة بخبراته وثقافته القانونية للوصول إلى حكمة تلك النصوص وهذا بلا شك يتطلب من القاضي الكثير من الجهد والحكمة القانونية العالية([24]).

فالقاضي وإن كان من واجبه اللجوء إلى التفسير عند عدم وضوح النصوص أو غموضها، اذ لا يجوز له الامتناع عن تطبيق القانون بحجة غموض النص وإلا اعتبر ممتنعا عن إحقاق الحق. فإنه في نفس الوقت ملتزم باتباع التفسير المتطور للقانون ومراعاة الحكمة من التشريع([25]).

وعلى ذلك يقصد بالتفسير المتطور للقانون([26]) “أن تفسر النصوص القانونية بالشكل الذي يتلاءم مضمونها مع تلك التغييرات وكل ما يطرأ على الحياة من ظروف والتي من أجلها وضعت تلك النصوص، وأن لا يقتصر على ذلك بل على القاضي أن يراعي الحكمة من التشريع التي تظهر في تطبيق القانون وليس تلك الحكمة التي تصورها المشرع عند وضعه للنص القانوني إذ من المحتمل تغير الحكمة التشريعية من النص مع الزمن، فالحكمة التشريعية هي القوة المتحركة والتي تبعث في نص الحياة ما دام ذلك النص نافذا”.

فالمشرع مهما كان دقيقاً عند وضعه للنصوص القانونية، لابد وأن تكون تلك النصوص عاجزة عن مواكبة التطورات التي تحصل في الحياة، مما يحتم على المشرع من وضع نصوص تتمتع بمرونة تامة، تكون بمقدورها مواكبة تلك التطورات، هنا يبرز الدور الايجابي للقاضي والذي يتطلب الأمر منه بذل كل طاقاته الذهنية في سبيل التغلب على كل حالة لم يرد بشأنها نص صريح من بين النصوص القانونية([27]).

وعلى ذلك ينبغي على القاضي أن يضع أمامه، عند تفسير القاعدة القانونية، معرفة القصد الحقيقي للمشرع عند وضعه لتلك القاعدة، وقصده فيما لو كانت الحالة المطروحة موجودة وقت صدورها، أي أن يستنبط القصد بالنسبة للفروض التي لم يكن باستطاعة المشرع استيعابها، ثم يتنبأ بها وقت إصداره القاعدة القانونية([28]).

وبهذا نجد أن التفسير المتطور للقانون مثلما يجد صداه في مختلف موضوعات القانون، فإن ذلك يمكن إيجاده فيما يتعلق بموضوع التبليغات القضائية، إذ يجب عدم التقيد بحرفية التبليغات من حيث مفهومه، بل يجب أن تمتد الى أبعد من ذلك لتشمل التفسير المتطور للتبليغات القضائية، لأنه إذا كان الغرض من التبليغات هو الإعلام، فيجب أن يؤخذ ذلك بشكل أوسع، وبالشكل الذي يحقق الغاية منها، مادام ان الهدف قد تحقق، ألا وهو إلحاق العلم للشخص المطلوب إبلاغه بالأوراق القضائية وبما يتخذ ضده من إجراءات بغض النظر عن الآلية التي تمت فيها واقعة الإعلام، فظهور وسائل التقدم التكنولوجي وبخاصة ما يتعلق بوسائل الاتصالات الحديثة والتي فرضت نفسها وبقوة في كافة مجالات الحياة يفرض على القاضي الأخذ بها وعدم تجاهلها في مجال التبليغات القضائية.

أما في العراق فإنه من اجل منح القاضي الخطوة الأولى في طريق اللجوء إلى التفسير المتطور للقانون بشكل عام، وفيما يتعلق بالتبليغات القضائية بشكل خاص يجب تعديل قانون المرافعات العراقي والنص صراحة على جواز اجراء التبليغات القضائية بواسطة وسائل الاتصالات الحديثة كالهاتف أو التلكس أو الفاكسميل أو الانترنيت وكل وسيلة اتصال تكون لها القدرة على إلحاق العلم للشخص المطلوب تبليغه، كما يجوز الاستعانة برجال الشرطة لإجراء التبليغات”. فالحكمة من التشريع، وكما سبق بيانه تتغير مع الزمن فعلى القاضي أن يحلل الحكمة من التبليغات القضائية والغاية التي من اجلها وجدت بحيث يتلاءم والتغيرات التي تطرأ على ظروف الحياة([29]).

وتجدر الإشارة أن القضاء العراقي لم يكن بعيداً عن التفسير المتطور في مجال التبليغات القضائية بل تعرض له في العديد من قراراته، حيث نقضت محكمة التمييز “قرار لمحكمة بداية الموصل، لأن الأخيرة ردت دعوى المدعين بحجة انهم طلبوا فسخ العقد قبل توجيه الاعذار المنصوص عليها في المادة (۱۷۷) من القانون المدني، بالرغم من أن المدعين وجها اعذارا بواسطة التلكس، فاعتبرت محكمة التمييز الاعذار بواسطة التلكس صحيحا وموافقا للقانون”([30]).

فاذا كانت محكمة التمييز قد اعتبرت الأعذار الموجه عن طريق التلكس صحيحاً ومتوافقاً مع القانون، فليس هناك ما يمنع إجراء التبليغات القضائية من خلال الوسائل الإلكترونية كـ (التلكس والهاتف، والبريد الإلكتروني….وكافة وسائل الاتصال الحديثة الأخرى)، فهناك اتحاد في العلة وهي تحقق واقعة الإعلام لشخص المراد تبليغه، ونرى أن اتجاه محكمة التمييز بهذا الصدد امر مشجع يدعو الى التأييد، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح نحو التفسير المتطور للقانون، لأن القاضي يملك من المشروعية ما يدعوه الى الأخذ بوسائل التقدم التكنولوجي وتوظيفها في مجال إعمال التبليغات القضائية، وأساس هذه المشروعية ما ورد بنص المادة (۳) من قانون الإثبات العراقي والتي جاء فيها: “إلزام القاضي باتباع التفسير المتطور للقانون مراعاة الحكمة من التشريع عند تطبيقه”.

الفرع الثاني: تبسيط الشكليات في إجراء التبليغات القضائية

آن تبسيط الشكلية في الإجراءات القضائية يفرض على القاضي أن يتوخى جانب الحذر من التطبيق الآلي للقانون والجمود على حرفية النص وترك المضمون، لأن ظاهره في ذلك يؤدي الى عدالة شكلية وباطنه الى أحكام ظالمة، إذ يجب أن تستند أحكام القضاء الى العدالة الحقيقية لا إلى المفاهيم الشكلية([31]).

ومن مظاهر تبسيط الشكلية في العمل القضائي وبخاصة في مجال التبليغات القضائية وجود ما يسمى بمبدأ (تكافؤ البيانات) وهو المبدأ الذي يقضي بأن تخلف إحدى البيانات في ورقة التبليغ لا يعني بالضرورة عدم صحة تلك الورقة ومن ثم الحكم ببطلانها، وذلك إذا ما وجد بیان آخر في نفس الورقة يغني عن البيان المعيب على اعتبار أن البيانات تكمل إحداها الأخرى في هذه الورقة([32]).

ومن المظاهر الأخرى لتبسيط الشكلية ما نص عليه المشرع وبصريح العبارة وفي اكثر من موضع على عدم التقيد بآلية تبليغ معينة بل فتح الباب أمام احتمالات أخرى والتي تؤدي بدورها نفس الغرض المنشود في التبليغ([33]). حيث نص قانون المرافعات العراقي من أجل تبسيط الشكلية في إجراء التبليغات القضائية بأنه: “يقوم موزع البريد بتسليم الرسالة إلى الشخص المراد تبليغه أو في محل اقامته إلى زوجه أو من يكون مقيما معه من أقاربه واصهاره أو من يعمل في خدمته من البالغين أو إلى من يمثله قانونا”([34]). وكذلك نص ذات القانون على أنه:” تسلم الورقة المطلوب تبليغها إلى الشخص نفسه ولو كان خارج محل اقامته أو تسلم في محل اقامته إلى زوجة أو من يكون مقيما معه من أقاربه أو اصهاره أو ممن يعملون في خدمته من البالغين وكذلك يجوز تسليم الورقة إلى مستخدميه في محل عمله”([35]). وكذلك نص ذات القانون على صحة إجراء التبليغ القضائي بالنشر في الصحف اليومية وإذاعة التبليغ باسطة الإذاعة ووسائل الإعلام الأخرى، ويجوز تبليغ الأشخاص الطبيعيين عن طريق الدوائر الرسمية والخاصة التي يعملون فيها([36]).

وإذا كان موقف المشرع الأردني والمشرع العراقي في الاتجاه نحو التبسيط من الشكلية في التبليغات القضائية العادية، فإن وسائل الاتصال الحديثة كالهاتف والتلكس والفاكس والانترنيت وغيرها تسهم هي الاخرى والى حد كبير في التبسيط من تلك الشكليات إذا ما تم توظيفها بشكل يتلاءم وطبيعة تلك التبليغات فليس هناك ثمة ما يمنع الأخذ بهذه الوسائل التي تتصف بدقتها وكفاءتها وقدرتها على تذليل العقبات والشكليات والتي باتت ترهق الأفراد والقضاء على حد سواء.

لكن على الرغم من ذلك، وعلى الرغم من المطالبة بتبسيط الإجراءات الشكلية في التبليغات القضائية، إلا أنه في مواضع تكون المستلزمات الشكلية والتي تتضمنها التبليغات القضائية الوسيلة الكفيلة لإشاعة الطمأنينة والثقة في القضاء، فلم يترك للقائم بإجراء التبليغات القضائية حرية اختيار الوسيلة التي يراها، بل عليه أتباع الوسيلة والأسلوب الذي رسمه المشرع لإجراء التبليغ القضائي للوصول إلى العدالة ([37]).

المطلب الثاني: شروط إجراء التبليغات القضائية عبر الوسائل الإلكترونية

قد تقتضي في بعض الإجراءات وجوب توافر شروط ومستلزمات معينة، يكون هدفها الأول إضفاء طابع الصحة عليها، بحيث تكون تلك الإجراءات عديمة الجدوى عند تخلف تلك الشروط والمستلزمات، وهذا هو الحال في التبليغات القضائية سواء التي تتم بطرق تقليدية أو تتم عبر الوسائل الإلكترونية، فلكي تنشأ صحيحة، لابد من توافر نوعين من الشروط والمستلزمات وهي شروط ومستلزمات عامة ينبغي توافرها في التبليغات القضائية التقليدية والإلكترونية، وشروط ومستلزمات خاصة يتطلب توافرها في التبليغات التي تتم عبر الوسائل الإلكترونية([38]).

فقد نصت المادة (7/ب) من نظام استعمال الوسائل الإلكترونية في إجراءات الدعوى المدنية على أنه: “عند إجراء التبليغات بالوسائل الإلكترونية تراعى الشروط والبيانات التي يجب توافرها في التبليغات القضائية المنصوص عليها في القانون”([39])، وبهذا تكون الشروط والمستلزمات المطلوبة في إجراء التبليغات الإلكترونية ذاتها التي فرضها القانون في التبليغات بالوسائل التقليدية، وعلى ذلك تتمثل المستلزمات الموضوعية في وجوب توافر ركائز أساسية وهي الإرادة والمحل فضلاً عن السبب والصلاحية.

كما أشرنا سابقاً أن المشرع أجاز استخدام الوسائل الإلكترونية في إجراء التبليغات القضائية، وعلى ذلك تعتبر تلك التبليغات القضائية التي تتم عبر الوسائل الإلكترونية عبارة عن مستندات ومحررات إلكترونية، وعلى ذلك فهي شأنها شأن أي مستند الكتروني آخر أوجب القانون جملة من الشروط القانونية الخاصة توافرها فيه لكي يتمتع المستند او المحرر الإلكتروني الحجية القانونية في الإثبات فأدراك مضمون المستند او المحرر العادي وذلك عائدية التوقيع على المستند لمنشئه وثبات مضمون المستند أو المحرر وحفضه هو ما يضيف على المستند او المحرر العادي الحجية في الإثبات وان القانون تطلب انطباق هذه الشروط على المستند الإلكتروني حتى يعطيه الحجية في الإثبات([40]). ومن اهم الشروط الخاصة الواجب توافرها في حال استعمال الوسائل الإلكترونية في التبليغات القضائية هي على النحو الآتي:

الفرع الأول: الكتابة الإلكترونية

أثر تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل عام على شكل الكتابة وصورتها، فبعد أن كانت بخط اليد أو مطبوعة على الورق، أصبحت هناك أجهزة الكترونية حديثة مثل الحاسوب والهاتف قادرة على تخزين الوثائق واسترجاعها وترجمتها إلى عبارات مقروءة ولمختلف اللغات، وعلى دعامات إلكترونية، كالشريط الممغنط أو الأقراص الصلبة، أو الكتابة باستخدام الحاسوب أو الهاتف الخلوي المشبوك عبر الانترنت وفق أسس حسابية معينة، يتم من خلالها تحويل الحروف إلى إشارات إلكترونية يمكن حفظها، أو إرسالها كرسالة معلومات بين الأشخاص([41]). وقد أطلق على هذا الشكل الجديد اسم الكتابة الإلكترونية والكتابة الرقمية.

لكن التشريع الأردني لم يتطرق في قانون المعاملات الإلكترونية رقم 15 لسنة 2015 بشكل مباشر لتعريف الكتابة الإلكترونية وإنما عرف “رسالة المعلومات” في المادة 2 من القانون بأنها: “المعلومات التي يتم إنشاؤها أو إرسالها أو تسليمها أو تخزينها باي وسيلة الكترونية ومنها البريد الإلكتروني أو الرسائل القصيرة أو أي تبادل للمعلومات إلكترونياً”. وعرف في ذات المادة (السند الإلكتروني) بأنه: “السند الذي يتم إنشاؤه والتوقيع عليه إلكترونياً”، وكذلك عرف الوسائل الإلكترونية بأنها: “تقنية استخدام وسائل كهربائية أو مغناطيسية أو ضوئية أو الكتر ومغناطيسية أو أي وسائل مشابهة”. أما المشرع العراقي فقد وضع تعريف مباشر للكتابة الإلكترونية في قانون التوقيع الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية في المادة الأولى منه بأن الكتابة الإلكترونية: “كل حرف أو رقم أو رمز أو أية علامة أخرى تثبت على وسيلة الكترونية أو رقمية أو ضوئية أو أية وسيلة أخرى مشابهة وتعطي دلالة قابلة للإدراك والفهم”، كما عرف الوسائل الإلكترونية من ذات المادة بأنها: “أجهزة أو معدات أو أدوات كهربائية أو مغناطيسية أو ضوئية أو كهرومغناطيسية أو أية وسائل أخرى مشابهة تستخدم في إنشاء المعلومات ومعالجتها وتبادلها وتخزينها”. وعرف كذلك الوسيط الالكتروني بأنه: “برنامج الحاسوب او أية وسيلة الكترونية اخرى تستخدم من اجل تنفيذ اجراء او الاستجابة لإجراء بقصد انشاء او ارسال او تسلم معلومات”.

ومن خلال ما سبق نجد أن المشرع الأردني والمشرع العراقي قد أجازا استخدام الكتابة الإلكترونية في المعاملات القانونية، وحددا الوسائل الإلكترونية الي يتم من خلالها استخدام الكتابة الإلكترونية، لكن المشرع الأردني بخلاف المشرع العراقي قد استغل موضوع التطور التكنولوجي وأجاز استخدام الوسائل الإلكترونية في إجراء التبليغات القضائية (الهاتف، البريد الإلكتروني)، وعلى ذلك يشترط في إجراء التبليغات بهذه الوسائل استخدام الكتابة الإلكترونية، المقروءة والمفهومة والواضحة للشخص المراد تبليغه وباللغة المعتمدة في التبليغات القضائية التقليدية([42]).

وعلى ذلك نجد أن طبيعة الكتابة الإلكترونية في التبليغات القضائية عبر الوسائل الإلكترونية تتميز عن الكتابة العادية في أوراق التبليغ العادية، فالتبليغات القضائية العادية التي تستخدم الكتابة العادية لها كيان مادي ملموس يسهل قراءتها، أما التبليغات القضائية التي تستخدم الكتابة الإلكترونية لا يمكن قراءتها بالعين المجردة بل لا بد من وضعها في وسائل إلكترونية، لذلك يشترط في هذه الكتابة الإلكترونية عند استخدامها في التبليغات القضائية أن تحاط بضمانات منها بحيث تكون غير قابلة للمحو أو التعديل أو الإضافة كما هو الحال في الكتابة العادية في التبليغات القضائية، لأن الكتابة الإلكترونية إذا لك تكن مقروءة أو قابلة للقراءة ومفهومة وواضحة وغير قابلة للتعديل فلا تتمتع بأي حجية.

الفرع الثاني: تحديد هوية المصدر

لا يعتد بالمحرر الإلكتروني إذا لم يكن مشهوراً بتوقيع الكتروني يدل على الشخص الذي قام بإنشاء هذا المحرر، أي أن أي محرر إلكتروني كان رسالة إلكترونية أو ملف إلكتروني يجب أن يكون معنوناً ومعروفاً مصدره حتى يعتد به قانونياً، وعلى ذلك فإن التبليغات القضائية الإلكترونية يجب أن تكون معلومة المصدر، حيث نص نظام استعمال الوسائل الإلكترونية الأردني على أنه: “عند إجراء التبليغات بالوسائل الإلكترونية تراعى الشروط والبيانات التي يجب توافرها في التبليغات القضائية المنصوص عليها في القانون”([43]).

وعند الرجوع إلى قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني نجد أنه اشترط على أن تشتمل ورقة التبيغ على اسم المحكمة أو الجهة التي يجري التبليغ بأمرها، واسم المحضر كاملاً وتوقيعه على كل من الأصل والصور([44])، وكذلك نجد قانون المرافعات المدنية العراقي نص على أن يكون مصدر التبليغات معلوم ومختوم بتوقيع المصدر، حيث أوجب القانون أن تشتمل ورقة التبليغ اسن القائم بالتبليغ وتوقيعه، والمحكمة التي يجب الحضور إليها([45]). وبما أن نظام استعمال الوسائل الإلكترونية في إجراءات الدعوى المدنية أنه يجري على التبليغات القضائية بالوسائل الإلكترونية من شروط وبيانات ما ينطبق على التبليغات القضائية التقليدية والوارد شروطها في قانون أصول المحاكمات المدنية، وعلى ذلك يجب أن يكون التبليغ القضائي بالوسائل الإلكترونية معلوم المصدر أي موسوم بتوقيع المكلف بالتبليغ أو أي إشارة تدل على مصدر التبليغ الإلكتروني والمحكمة التي يجب على الشخص المراد تبليغه مراجعتها.

وإذا كانت التبليغ القضائي عبر الوسائل الإلكترونية غير معلوم هوية المصدر فلا حجية قانونية له، وعلى ذلك يشترط في التبليغات القضائية الإلكترونية أن تكون داله على شخص قام بإصدارها حتى تتمتع بالحجية، ويجب أن يكون التبليغ القضائي الإلكتروني دالاً على شخص معين بالذات أي من يقوم بالتبليغ، وتكون هذه الدلالة بإمضاء أو خط بل أي وسيلة تدل على هوية من صدر منه التبليغ.

الفرع الثالث: حفظ المحرر

حتى يتمتع التبليغ الإلكتروني كأي محرر الكتروني بالحجية في الإثبات ويكون صحيحاً من الناحية القانونية ومستوفياً لكافة الشروط القانونية المطلوبة يجب أن يتم حفظه والمحافظة عليه ووقايته من أي محاولة للتعديل أو الإتلاف فترة من الزمن والهدف من هذا هو إمكانية تقنينه إلى القضاء في حالة الحاجة إليه من قبل القضاء([46]). وهذا ما أشار له نظام استعمال الوسائل الإلكترونية في إجراءات الدعوى المدنية، بأنه على الوزارة اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات تمكن المحاكم من أرشفة التبليغات القضائية التي تتم بالوسائل الإلكترونية للرجوع إليها عند الحاجة.

وحتى ان هذا الشرط مهم جداً في الإثبات فاسترجاع المحرر توازي وتعادل قيمة السند الورقي فالسند الإلكتروني بمثابة السند الورقي إذا تم حفظه وإمكانية استرجاعه وهي تمثل الدعامة الأساسية لحجية الإثبات([47]). فحفظ المحرر الإلكتروني (التبليغ الإلكتروني) على الحاسب الآلي أو على شبكة الانترنت يحقق ما عليه أكثر تمكننا من استرجاع البيانات من خلال أي جهاز إلكتروني يتم ربطه من شبكة الانترنت أما إذا تم الحفظ في أقراص صلبة أو مرنة يتوجب ربط هذه الأقراص ليتمكن من استرجاعها.

وعلى ذلك يجب أن يتم تقديم المحرر الإلكتروني الذي يتضمن البليغ القضائي إلى القاضي بنفس الصورة التي تم إنشاء المستند فيها وأن اشتراط القانون لحفظ التبليغ القضائي عبر الوسائل الإلكترونية جعل هذا الحفظ شرطاً للحجية في الإثبات مرده إلى سهولة إجراء التعديل أو التحريف ألا أن هناك جهات مستقلة يمكن من خلالها معرفة فيما إذا كان طريقة الحفظ المستخدمة تحقق الهدف المرجو فيها أم لا ويحق للقاضي ندب أي خبير لمراجعة هذا الأمر. وهذا ما أكده المشرع الأردني في المادة (8/1) من قانون المعاملات الإلكترونية الأردني، وكذلك المشرع العراقي أخذ بهذا الشرط من خلال المادة (13/أ) من قانون التوقيع الإلكتروني العراقي بأن: “تكون المعلومات الواردة فيها للحفظ والتخزين بحيث يمكن استرجاعها في أي وقت”.

وهذا الشرط ينطبق على التبليغات القضائية الإلكترونية، حيث أن المشرع الأردني في نظام استعمال الوسائل الإلكترونية وجوب التحقق من إجراء التبليغات القضائية بالوسائل الإلكترونية والتي يجب حفظها، وذلك للتأكد من مطابقتها للشروط والأسس التي يجب توافرها في التبليغات الإلكترونية، وهذا ما نجده في المادة (8) من نظام استعمال الوسائل الإلكترونية في الإجراءات القضائية المدنية بأنه: “أ. للمحكمة التحقق من صحة عناوين أطراف الدعاوى والطلبات وعناوين الشهود ومن صحة إجراء التبليغات القضائية، باستعمال الوسيلتين الإلكترونيتين التاليتين وبأي وسيلة أخرى إلكترونية أو غير إلكترونية تراها مناسبة:

1. أنظمة الوزارة الإلكترونية.

2. الانظمة الالكترونية التابعة للجهات الأخرى والتي ترتبط الوزارة بقواعد بياناتها إلكترونيا.

ب. تقوم الوزارة بإعداد التجهيزات اللازمة لتمكين المحاكم من التحقق المنصوص عليه في الفقرة (أ) من هذه المادة.”

ومن هنا يمكن القول إن حجية التبليغات القضائية عبر الوسائل الإلكترونية وصحتها من الناحية القانونية تستند إلى توافر شرط الكتابة الإلكترونية وتحديد مصدر مرسلها، وإمكانية حفظها وأن تكون بشكل لا يمكن إجراء أي تعديل أو تحريف على التبليغ الإلكتروني كما هو الحال في ورقة التبيغ العادية.

المبحث الثالث

الحجية القانونية للتبليغات القضائية الإلكترونية ومدى إثبات صحتها

اشترط نظام استعمال الوسائل الإلكترونية في الإجراءات القضائية المدنية رقم 95 لسنة 2018 مراعاة الشروط والبيانات اللازمة التي يجب أن تتوافر في التبليغات القضائية بالوسائل التقليدية، والتي نص عليها القانون عند إجراء التبليغات بالوسائل الالكترونية. وذلك وفق ما قررته المادة (7/ فقرة ب+ج) من النظام المذكور والتي جاء فيها: “ب. عند إجراء التبليغات بالوسائل الإلكترونية تراعى الشروط والبيانات التي يجب توافرها في التبليغات القضائية المنصوص عليها في القانون. ج. لكل صاحب مصلحة حق الطعن بعدم صحة التبليغ الجاري بالوسائل الإلكترونية خلافاً لأحكام هذا النظام.” ويًعتبر التبليغ الذي يتم وفقاً لأحكام هذا النظام منتجاً لآثاره القانونية المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات المدنية، وذلك طبقاً لنظام استعمال الوسائل الالكترونية في الإجراءات القضائية وفق ما ورد في المادة (7/ فقرة د) منه التي جاء فيها: ” د. يكون للتبليغ الذي يتم وفقاً لأحكام هذا النظام الآثار القانونية ذاتها التي تكون للتبليغات التي تتم وفقاً لأحكام القانون.”.

وبالتالي عند الحديث عن الآثار القانونية للتبليغات القضائية التي تتم بالوسائل الإلكترونية لابد من الرجوع إلى ما رتبه قانون أصول المحاكمات المدنية من آثار على التبليغات القضائية بالطرق العادية، حيث تنص المادة (14) من قانون أصول المحاكمات المدنية على انه: ” متى أعيدت الأوراق القضائية إلى المحكمة مبلغة على أحد الوجوه المبينة في المواد السابقة تسير في الدعوى إذا رأت أن التبليغ موافق للأصول وإلا فتقرر إعادة التبليغ على أنه إذا تبين للمحكمة أن التبليغ لم يكن موافقاً للأصول أو أنه لم يقع أصلاً بسبب إهمال المحضر أو تقصيره ويجوز لها أن تقرر أيضاً الحكم على المحضر بغرامة لا تقل عن عشرين دينار ولا تتجاوز خمسين ديناراً ويعتبر قرارها بهذا الشأن قطعياً.”. وتنص المادة (15) من ذات القانون المذكور على أنه: “يعتبر التبليغ منتجاً لآثاره من وقت توقيع المطلوب تبليغه على ورقة التبليغ أو من وقت امتناعه عن التوقيع عليها أو من وقت إجرائه وفق أحكام هذا القانون”. وبالتالي فإن التبليغ القضائي إذا تم اتباع الإجراءات الصحيحة التي أشار لها القانون كان التبليغ صحيحاً ومنتجاً لآثاره القانونية، وخلاف ذلك يكون التبليغ باطلاً([48]).

فإذا تم التبليغ بطريقة مخالفة للأصول واجبة الاتباع قانوناً، كأن يتم خارج الأوقات المسموح بها، أو ان تسلم الورقة لشخص لا صفة له في تسلمها، فإنه يقع باطلاً إذا تمسك بذلك من له مصلحة بالبطلان ودفعه به وذلك وفق ما نصت عليه المادة (25) من ذات القانون بأنه: “لا يجوز أن يتمسك بالبطلان إلا من شرع البطلان لمصلحته. ولا يجوز التمسك بالبطلان من الخصم الذي تسبب فيه وذلك كله فيما عدا الحالات التي يتعلق فيها البطلان بالنظام العام. ويزول البطلان إذا نزل عنه صراحةً أو ضمناً من شرع لمصلحته وذلك فيما عدا الحالات التي يتعلق فيها بالنظام العام”، وإذا حضر المدعى عليه جلسة المحاكمة ولم يدفع بالبطلان فلا يعاد إلى التبليغ مرة ثانية ويعتبر الإجراء صحيحاً، وهنا لا يحكم بالبطلان طالما أنه لم يترتب على الإجراء أي ضرر له وهذا متوافق مع ما نصت عليه المادة (24) من ذات القانون بأنه: “ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا لم يترتب على الإجراء ضرر للخصم”.

وعلى ذلك فإن التبليغ بواسطة الوسائل الإلكترونية له نفس الآثار القانونية التي ينتجها التبليغ بالوسائل التقليدية متى روعيت في إجراءه الشروط الموضوعة والملزمة لإجراء التبليغ بالوسائل التقليدية، لكن ما هي الحجية القانونية لهذه التبليغات القضائية بالوسائل الإلكترونية التي روعي فيها الشروط اللازمة وأنتجت أثارها القانونية بالشكل الصحيح، وما مدى إثبات صحة هذه التبليغات، وهذا ما سيتم بحثه في هذا الفصل على النحو الآتي:

المطلب الأول: الحجية القانونية للتبليغات القضائية الإلكترونية

تتمتع ورقة التبليغ بقيمة ثبوتية كبيرة، بوصفها صادرة من جهة رسمية، اذ يقوم موظف عام بتحريرها وفي حدود اختصاصه طبقاً للأوضاع القانونية تمهيداً لإرسالها الى المخاطبين بموجبها، ولا يغير من حجية تلك التبليغات لمجرد أنها قد وجهت بوساطة الوسائل الإلكترونية الحديثة مادامت الجهة التي أصدرتها هي جهة رسمية، وان الطعن بتلك التبليغات، يستلزم اللجوء الى الطريق الذي حدده المشرع حصراً، بعدها تكون للمحكمة سلطة تقدير مدى صحة التبليغات في ضوء تلك المفاهيم الحديثة([49]).

وتختلف حجية التبليغات باختلاف الجهة التي ينظر بها، ونظرا لما يشكله المظهر الخارجي لورقة التبليغ من أثر على حجيتها حيث لا يعمل بالسند، الا اذا كان سالما من شبهة التزوير والتصنيع الامر الذي ينعكس أثره على المفاهيم التكنولوجية الحديثة ناهيك عن أهمية فحوى التبليغات([50]).

الفرع الأول: حجية التبليغات القضائية من حيث مصدرها

من المعروف بأن الدعامة الورقية هي التي تجـسد الوجـود المـادي للمعـاملات التقليديـة ولا تعد الكتابة دليلاً كاملاً للإثبات إلا إذا كانت موقعـة بـالتوقيع اليـدوي، إمـا التبليغ الالكترونـي فيتم إثباته عبر المـستند الالكترونـي والتوقيـع الالكترونـي، فإذا ما توافرت في ورقة التبليغ الشروط الأساسية للسندات الرسمية([51]) وهي وجوب صدورها من موظف عام، وان يكون الصدور قد تم وفق حدود وسلطة ذلك الموظف وضمن اختصاصه، فضلا عن مراعاته للأوضاع القانونية عند إصداره لورقة التبليغ، وإذا كان المظهر الخارجي لورقة التبليغ لا يبعث على الشك فيها، من وجود كشط أو محو أو إضافة وغيرها من العيوب المادية، عندها تتوافر في الورقة قرينة السلامة المادية وقرينة على صحة صدورها([52]).

وهذا الأمر ينطبق كذلك على التبليغات الموجهة بواسطة الوسائل الإلكترونية الحديثة، حيث تستمد تلك التبليغات حجيتها وقوتها الثبوتية من سلامتها المادية، فأي شائبة تعتري تلك التبليغات قد يكون سبباً لإنقاص قيمتها في الإثبات أو حتى إسقاطها. وعلى ذلك عند الرجوع إلى نصوص قانون البينات الأردني وقانون الإثبات العراقي يتضح لنا أن شروط المستندات الرسمية التي يجب أن تتوفر في ورقة التبليغ القضائي سواء أكانت بالطرق التقليدية أو الطرق الإلكترونية كصدورها عن موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عام وأن يكون الموظف العام مختصاً ([53]).

لكن عند الرجوع إلى نظام استعمال الوسائل الإلكترونية في الإجراءات القضائية المدنية الأردني نجد أنه لم يورد أي شرط على أو شكل على التبليغ بالوسائل الإلكترونية وإنما نصت (7/ب) بأنه: “عند إجراء التبليغات بالوسائل الإلكترونية تراعى الشروط والبيانات التي يجب توافرها في التبليغات القضائية المنصوص عليها في القانون”.

وفيما يتعلق بالتبليغات الموجهة بوساطة جهاز الهاتف على سبيل المثال، فالملاحظ أن الإثبات يرد على الرسالة النصية التي ترسل عبر الهاتف الخلوي، وقد ترددت بعض التشريعات في إعطاء مثل هذه الوسائل قوة الأدلة الثبوتية نظرا لما قد يثيره من اشكالات عدة فينبغي أن لا يكون ذلك حائلا دون قبولها ولان في تجاهلها اغفالا للدور الفعال التي تضطلع بها، وتتمثل هذه الإشكالات في صعوبة التأكد من كون الدليل المستمد من الرسالة النصية المرسلة على رقم الهاتف الخلوي العائد للشخص المراد تبليغه يعود الى من نسب اليه وهو من يستعمل هذا الهاتف، وكذلك فان العلم الحديث قد ابتكر وسائل تكون بمقدورها التلاعب أو التحكم أو التهكير بإرسال مثل تلك الرسال النصية عبر الهواتف الخلوية من خلال حذف أو قطع أو نقل مقطع أو كلمة من الرسالة المرسلة الى موضع آخر واعادة تركيب الجمل([54]).

وعلى ذلك فإنه عند تخلف احدى هذه الضوابط في تسجيل التبليغات الموجهة بوساطة الهاتف أو أي وسيلة إلكترونية أخرى، عندها يكون للمحكمة السلطة التقديرية الواسعة في الاخذ أو عدم الأخذ بحجية تلك التبليغات بحسب قناعتها، وفي حال عدم قناعتها عندها يتوجب عليها اعادة التبليغات مجددا، ولا يقتصر الأمر عند العيوب التي تعتري التبليغات الموجهة بواسطة الهاتف، بل تتعدى ذلك لتشمل الوسائل الأخرى كالتلكس والفاكس، فاذا ما وجدت المحكمة بعض العيوب المادية في ورقة التبليغ المرسلة بواسطتها والتي قد توحي بوجود شائبة التزوير أو كان مظهرها الخارجي يبعث على الشك فيها، فلها أن تستبعد حجيتها في الاثبات سواء بإنقاص تلك الحجية أو اسقاطها.

الفرع الثاني: حجية التبليغات القضائية من حيث مضمونها

يقصد بحجية التبليغات القضائية من حيث مضمونها، مدى قوة البيانات التي تضمنتها ورقة التبليغ، إذ أنه من الثابت أن البيانات في ورقة التبليغ لا تتمتع بنفس القدر من القوة الثبوتية وذلك باختلاف الجهة التي تتولى الإدلاء بتلك البيانات، وبالرجوع الى القواعد العامة في هذه المسألة يمكننا التعرف أكثر على حجية التبليغات القضائية من حيث مضمونها، ومن ثم تطبيقها على المفاهيم الإلكترونية الحديثة لها([55]).

وينطبق الأمر على التبليغات الموجهة بواسطة وسائل الوسائل الإلكترونية الحديثة ما دامت البيانات التي تتضمنها ورقة التبليغ المرسلة بطريق هذه الوسائل هي نفسها في ورقة التبليغ التقليدية، وهذا ما أكده المشرع الأردني في نظام استعمال الوسائل الإلكترونية في الإجراءات القضائية المدنية في المادة (8/ الفقرة ب+ ج). وعلى ذلك فإن كل ما يتعلق بالوسائل الالكترونية الحديثة الصادرة عن جهاز الكمبيوتر، فهي تعد بدايةً ثبوت بالكتابة، وقد تنبه المشرع الأردني لأهمية التبليغات الإلكترونية وأهمية قوتها الثبوتية ومدى الاحتجاج بها كدليل وقرينة قانونية، حيث أعطى المشرع الأردني هذه المستندات الإلكترونية قيمة قانونية بالثبوت بالكتابة وذلك لتوافر شروط مبدأ الثبوت بالكتابة على هذه المستندات”.

وبهذا يكون المشرع الأردني قد حسم هذا الأمر وبما يتناسب وأهمية هذه السندات في وقت تزايد فيه مجالات استخدامها وبشكل لا يمكن تجاهله. ونأمل بهذا الصدد من المشرع العراقي أن يتعامل مع السندات الالكترونية المنظمة للتبليغات القضائية بشكل أكثر وضوحا من خلال منح الحجية القانونية الكاملة لها، لكونها البديل الذي سيحل محل السندات التقليدية في المستقبل.

المطلب الثاني: مدى اثبات صحة التبليغات القضائية بالوسائل الإلكترونية

يقصد بإثبات صحة التبليغات القضائية بشكل عام، التحقق من صحة أو عدم صحة التبليغات التي اجريت بوصفها احدى الإجراءات القضائية المهمة، فقد لا تكون التبليغات القضائية متمتعة بقدر من الصحة عند إجرائها لسبب من الأسباب، الأمر الذي قد يدفع الخصوم الى التشكيك بها، ومن ثم الطعن بصحتها، وقد رسم المشرع العراقي الطريق الذي يحق للخصوم بموجبه الطعن بصحة التبليغات والاجراءات الواجبة الاتباع بهذا الشأن، وتبقى للمحكمة الكلمة الفصل في تقدير صحة التبليغات القضائية بما تملكه من سلطة واسعة انطلاقاً من الدور الايجابي الذي تتمتع به، ومستفيدة في نفس الوقت من المفاهيم الإلكترونية الحديثة والتي باتت تشكل أمراً واقعاً لا مفر منه([56]). وعلى ذلك سيتناول الباحث مدى إثبات صحة التبليغات وفقا للمفاهيم الإلكترونية الحديثة في هذا المطلب من خلال ما يلي:

الفرع الأول: أسلوب الطعن في صحة التبليغات القضائية بالوسائل الإلكترونية

بعد رفع الدعوى فإنه لا تعد ملكاً للخصوم وإنما أصبح للقاضي دور إيجابي في مراقبة الخصوم وتصحيح الأخطاء والأوضاع المخالفة للنظام العام وأن منح القاضي هذا الدور الإيجابي يساعده كثيراً في انتظام سير الدعوى وحسمها بسرعة وعدالة ولضمان حياد القاضي في إدارة الدعوى المدنية، فقد منع القانون قاضي إدارة الدعوى من النظر في موضوع الدعوى التي سبق له واتخذ قراراً بإحالتها إلى المحكمة المختصة وإلا تعرض حكمه للبطلان([57]).

وعلى ذلك يقصد بأسلوب الطعن بصحة التبليغات القضائية أو ما يسمى بالدفع بالبطلان هو التمسك ببطلان أوراق المرافعات أو إجراءاتها لعدم مطابقتها للأوضاع التي استلزمها القانون، إذ قد يقترن التبليغ القضائي بعيب نقص جوهري يخل بصحته أو يفوت الغاية منه مما يترتب عليه اعتبار التبليغ باطلاً.

ويعد بطلان التبليغات القضائية من أهم المواضيع في نطاق قانون المرافعات المدنية العراقي وقانون اصل المحاكمات المدنية الأردني، إذ أنه يتعلق بالتبليغات القضائية التي على أساسها تباشر المحكمة إجراءاتها والنظر في الدعوى، فإذا كانت التبليغات جرت بصورة صحيحة ومطابقة للقانون سارت المحكمة في المرافعة وفصلت في الموضوع، أما إذا اكنت التبليغات غير صحيحة، فيترتب عليها بطلان إجراءات الدعوى كلها وكذلك الحكم الذي صدر في موضوعها، كما ان أهمية التبليغات القضائية سواء بالطرق الإلكترونية الحديثة أو بالطرق التقليدية تنتج من كونها محلاً لاجتهاد القضاة، إذ أن المشرعين العراقي والأردني تركا لهم سلطة واسعة في تقدير سلامة وصحة هذه التبليغات([58]).

ولأن موضوع التبليغات بشقيه الإلكتروني والتقليدي يعد الأساس الذي تبنى عليه إجراءات الدعوى كافة، لذلك لم يقف المشرع عند حد وضع قواعد وإجراءات الدعوى دون أن يضع جزاء الإخلال بصحة هذه الإجراءات، ولما كانت هذه الإجراءات ذات طابع شكلي كان على المشرع خلق موازنة بين الاحترام الواجب للشكل، وعلى أساسه يقرر بطلان التبليغ([59]).

ففي مجال التبليغات الإلكترونية لم يضع المشرع الأردني قواعد وأحكام كافية وتفصيلية لإجراء هذا النوع من التبليغات القضائية بل أخضع أحكامها وشروطها للتبليغات العادية التقليدية الواردة في قانون أصول المحاكمات المدنية التي وضع فيها القواعد العامة لإجراء التبليغات، ولم يحدد إجراءات معينة لكل ورقة يجري تبليغها، فقد ساوى بين عريضة الدعوى ومرفقاتها من صور للمستندات التي يقدمها والأوراق والمستندات التي تبادلها الطرفان في تبليغاتهما، وكذلك الأحكام التي تصدرها المحكمة، فكل هذه الأوراق تخضع لإجراءات واحدة([60]).

وعلى ذلك يكون من الواجب على المحكمة أولاً النظر بصحة إجراءات التبليغ سواء بالطرق التقليدية أو الإلكترونية الحديثة، والتأكد من أنها جرت وفق احكام القانون، لأن صحة التبليغ يعني صحة بقية إجراءات التقاضي والسير في الدعوى.

لقد بين المشرع العراقي من قانون الإثبات أن أسلوب الطعن في صحة السندات بشكل عام لتشمل السندات العادية والرسمية، حيث جاء في هذه المادة “إنكار الخط أو الإمضاء أو بصمة الابهام لا يرد الا على السندات والأوراق غير الرسمية اما ادعاء التزوير فيرد على السندات الرسمية والعادية من هذه المادة يتضح أن الادعاء بالتزوير هو الأسلوب الذي يتوجب على الخصوم سلوكه عند الطعن في صحة التبليغات القضائية، لكون ورقة التبليغ من السندات الرسمية والتي تنظم من قبل المحكمة، كما على الخصوم اتباع الإجراءات التي حددها المشرع العراقي والتي ترتبط بادعاء التزوير، وإلا كان ادعائهم عديم الجدوى([61]).

كما أنه عند الرجوع إلى قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني وقانون المرافعات المدنية العراقي نجد أنه أبطل التبليغ إذا شابه عيب أو نقص جوهري يخل بصحته أو يفوت الغاية منه وهو تطبيق من تطبيقات نظرية البطلان([62])، حتى أن القضاء الأردني أبطل التبليغ إذا لم يراعى فيه الترتيب الذي أدرجه المشرع الأردني في القانون، فقد ذهبت محكمة التمييز بهيئتها العامة إلى ” :أنه نظم المشرع إجراءات التبليغ والأصول الواجب اتباعها بهذا الشأن في المواد 4 – 16من القانون المذكور ونصت المادة 16 منه بترتب البطلان على عدم مراعاة مواعيد واجراءات التبليغ وشروطه المنصوص عليها في المواد السابقة . إن الأحكام التي تضمنتها المواد المشار إليها تستوجب مراعاة الترتيب الوارد فيها لتبليغ الشخص المطلوب تبليغه، ولا يجوز إجراء التبليغ بطريقة نص عليها في مادة لاحقة قبل تعذر التبليغ بالطريقة التي بينتها مادة سابقة في الترتيب أو استنفاد هذه الطريقة”([63]). وفي نفس السياق فقد جاء في قرار اخر: ” أن المشرع الأردني أخذ بقاعدة الترتيب في طريق إجراء التبليغات القضائية ولم يأخذ بقاعدة التخيير بحيث لا يتم اللجوء لطريقة التبليغ التالية قبل استنفاد الطريقة السابقة([64])“.

كما أنه عند الرجوع إلى قانون البينات الأردني نجد أن المشرع الأردني جعل الطعن في صحة السندات العادية والرسمية سواء التقليدية أو الإلكترونية، حيث نص في المادة (7/1) بأنه “تكون الأسناد الرسمية المنظمة حجة على الناس كافة بما دون فيها من أفعال مادية قام بها الموظف العام في حدود اختصاصاته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره وذلك ما لم يتبين تزويرها” وكذلك أشار في المادة (11/1) بأنه: من احتج عليه بسند عادي وكان لا يريد أن يعترف به وجب عليه أن ينطر ما هو منسوب إليه من خط أو توقيع أو خاتم أو بصمة إصبع وإلا فهو حجة عليه بما فيه”.

وقد يدعي الخصم بوجود تزوير في السند الالكتروني المستخرج من وسائل الاتصال الفوري كالتلكس والفاكس والمنظم للتبليغات سواء كان ادعاؤه ينصب على فحوى تلك التبليغات أو قد يتعلق بالتوقيع أو على الكيفية التي تم بموجبها توجيه التبليغ ومن خلال تلك الوسائل([65]). الا ان ادعاء الخصم بوجود التزوير لا يكون ذا قيمة الا اذا توافرت في الادعاء الشروط العامة التي حددها المشرع([66]) لصحة الادعاء بالتزوير، والتي يمكن ان تطبق على التبليغات وفقا لمفاهيمها الحديثة، وتتلخص شروط الادعاء بتزوير ورقة التبليغ وفقا للمفاهيم الحديثة بما يلي:

أولا: أن يكون هناك ادعاء بالتزوير من قبل الخصم الذي يدعي بتزوير ورقة التبليغ المرسلة بوساطة الوسائل الحديثة كالتلكس أو الفاكس وغيرها من التقنيات الحديثة.

ثانيا: ان يكون الادعاء بتزوير ورقة التبليغ منتجا، بمعنى أن يكون مؤثرا على القرار الذي سيصدر فيه، كما لو تم التلاعب ببيانات ورقة التبليغ بشكل يتنافى وحقيقة الأمر، وكما لو تخلى عن التوقيع الإلكتروني المثبت على ورقة التبليغ أحد شروطه أو مقوماته الأساسية مما ينفي عنه صفة التوقيع الأمن أو المعزز، وبخلافه يكون للمحكمة حق استبعاد الادعاء غير المنتج والذي لا تأثير له على النزاع ([67]).

ثالثا: أن تجد المحكمة قرائن قوية ودلائل ثابتة على صحة الادعاء بتزوير ورقة التبليغ مما يؤثر على قناعتها، أما إذا لم تجد المحكمة شيئا من هذا القبيل، فلها أن لا تستجيب لطلب المدعي، ولها بهذا الصدد أن تستعين بالخبراء الذين لهم القدرة على تمييز السندات الإلكترونية المزورة عن طريق التقنيات الحديثة التي ظهرت في هذا المجال.

رابعا: ان يقدم مدعي التزوير كفالة شخصية أو نقدية تقدرها المحكمة لضمان حق الطرف الآخر إذا ما تبين عدم جدية الادعاء.

فاذا ما وجدت المحكمة توافر الشروط السابقة، عندها تقوم بإحالة الخصوم على قاضي التحقيق للتثبت من صحة الادعاء، ومن ثم تقرر جعل الدعوى مستأخرة لحين صدور حكم أو قرار بخصوص واقعة التزوير تطبيقا لقاعدة “الجنائي يوقف المدني”. ومن اجل التخلص من التبعات التي قد تنجم عن الادعاء بالتزوير، فقد منح المشرع لمدعي التزوير فرصة التنازل عن ادعائه، حيث يترتب على هذا الاجراء إعفاؤه من الغرامة المنصوص عليها، وذلك اذا تبين أنه لم يقصد بادعائه الا مجرد الكيد لخصمه([68]).

يتضح مما تقدم، أن التزوير وان كان يرد على السندات الرسمية والعادية فهو في نفس الوقت ممكن بالنسبة للسندات الإلكترونية المستخرجة من الوسائل الحديثة على اختلاف أنواعها، فالتزوير قرين التقدم العلمي، فينبغي امام تزايد فرص التزوير في الوسائل الحديثة، أن تقابله معالجة جذرية مستندة إلى المفاهيم الحديثة وبما يساعد على احتواء هذه الظاهرة.

الفرع الثاني: سلطة المحكمة في تقدير مدى صحة التبليغات القضائية بالوسائل الإلكترونية

القاضي هو محرك عملية التقاضي لذا ينبغي عليه أن يواكب التطور والتقدم العلمي والتكنولوجي في المجال القانونين، ويوظف جميع المهارات والتقدم العلمي لتسيير علمية التقاضي بكل يسر وسهولة وفي ظل المعطيات التكنولوجية المتاحة له ووفق القانون الموضوعة أمامه وسلطته التقديرية، ونقصد بذلك في تيسير التبليغ الإلكتروني إذا اعطى المشرع الأردني في تعديل الأخير أن القاضي يملك الأخذ بمشروعية الوسائل الحديثة والتقدم العليم في التبليغات القضائية التي تساهم في تبسيط الشكلية وقصر أجل التقاضي والذي لا يؤدي إلى التفريط بالتبليغات الإلكترونية الصحيح([69]).

حيث نجد أن التزوير قرين التقدم العلمي، وبالرغم من أن تطور أساليب التزوير بشأن مد صحة السندات الالكترونية لم يصل بعد إلى ما توصلت الكتابة التقليدية في التزوير، وأن أمر التزوير يكون في النهاية مفضوحا بحيث هناك الخبرة وعليه فإن قابلية السندات الالكترونية للتزوير يجب أن لا تأثر على مشروعية المطالبة بالتطوير في إثبات صحة هذه السندات، وهذا الأمر لا يمنع إعطاء القاضي السلطة التقديرية الواسعة التي منحها له المشرع في تقدير مدى صحة السندات إذ وضع المشرع في هذا الأمر قاعدة عامة، أعطى بموجبها لمحكمة الموضوع التي تقدم أمامها السندات من قبل الخصوم لإثبات دعواهم سلطة واسعة في تقدير صحة السندات سواء كانت سندات رسمية أو عادية([70]).

فالمحكمة يمكنها أن تبحث في صحة أي سند يعطي لها في الدعوى، وترجيح ما يطمئن نفسها ما دام ذلك واجب الفصل في الدعوى، فيمكنها أن تستبعد أي سند ومن بينها السند المشطوب أو المكشوط وغيرها من العيوب ودون إحالة الخصوم إلى قاضي التحقيق، سواء كان السند مرسال عن طريق الفاكس أو التلكس وذلك متى ظهر لها بوضوح حالته وظروف الدعوى شائبة التزوير، وتقدير القاضي لهذه العيوب يكون إما بإسقاط قيمة السند في الإثبات أو بإنقاص هذه القيمة ولكن سلطة المحكمة في هذا الأمر تكون مفيدة([71]).

والمقصود بصحة التبليغات القضائية هو أن يكون الإعلان مستوفياً البيانات والإجراءات الجوهرية المقررة في القانون، ويعتبر التبليغ الصحيح الركيزة الأساسية لتيسير إجراءات التقاضي نحو تحقيق الغاية الطبيعية بصدور الحكم في الدعوى المتنازع عليها في أقصر وقت وأقل نفقات ممكنة، حيث يفرض القانون الإجرائي شكليات معينة تحقق الحماية القانونية لأصحاب الشأن في صورة ضمانات، فاذ تمت مخالفة تلك الشكليات أهدرت الضمان، ويصبح العمل الإجرائي المخالف للقانون غير فعال، ويفقد اثاره القانونية.

وقد خول القانون كذلك للمحكمة سلطة كبيرة عند إنكار صحة السندات المنسوبة للخصوم، فإذا أنكر من نسب إليه السند الالكتروني نسبة صدور السند إليه، فإن للمحكمة أن تقدر جدية هذا الإنكار، كما لها أن تستجيب لطلب المنكر متى وجدت في ظروف الدعوى ما يكفي لتكوين قناعتها بصحة السند، أما إذا لم يجد القاضي في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدته بشأن صحة السند أو عدم صحته وكان السند منتجا في الدعوى قررت المحكمة إجراء مضاهاة بإحالة السند إلى الخبراء المختصين بوصف هذا الإجراء وسيلة للتحقيق من مدى صحة السندات الالكترونية.

لقد منح المشرع العراقي المحكمة سلطة واسعة في تقدير مدى صحة السندات بشكل عام([72]) ويبدو ذلك جلياً من خلال الفقرة الثانية من المادة (35) من قانون الاثبات، فتتمكن المحكمة ومن خلال المادة المذكورة من تطبيق المعالجات التي جاءت بها في تقدير مدى صحة التبليغات المرسلة بواسطة الوسائل الحديثة، فلها أن تقدر ما يترتب على العيوب المادية في السندات الإلكترونية والمنظمة للتبليغات من إسقاط قيمتها في الإثبات أو إنقاصها، إلا أنه يتوجب على المحكمة في هذه الحالة التدليل على صحة وجود العيب في تلك السندات الإلكترونية في قرارها بشكل واضح([73]).

ولا تقف سلطة المحكمة عند هذا الحد، بل تمتد لتشمل إمكانية استدعاء الموظف الذي صدر عنه ذلك السند لتوضيح ما ابهم فيه وهذا ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة (35) السالفة الذكر، وإذا ما رأت المحكمة أن ورقة التبليغ المرسلة بواسطة الوسائل الحديثة كالتلكس والفاكس وغيرها قد تعتريها بعض الغموض والشكوك، جاز لها في هذه الحالة أن تستدعي موظف قلم التبليغات الذي قام بإرسال تلك الورقة للتأكد من حقيقة الأمر من خلال الايضاح الذي يقوم به، ولإزالة كافة نقاط الغموض التي قد تشوب تلك الورقة من اجل ان تبني المحكمة حكمها على أساس ثابت ورصين بعيدة عن الشكوك([74]).

وفي موضع أخر يشاد به للمشرع الأردني في إعطاء السلطة التقديرية للمحكمة في التأكد من صحة التبليغات القضائية هو أنه أعطى المحكمة صلاحية تقدير إذا ما كان التبليغ جرى وفق الأصول المقررة أم لا بسبب إهمال أو تقصير من المحضر، وفي حال لم يجري يحق للمحكمة أن تأمر بإعادة التبليغ، وذلك وفق ما ورد في المادة (14) من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني والتي جاء فيها: “إذا تبين للمحكمة أن التبليغ لم يقع أصلاً أو أنه لم يكن موافقاً للأصول بسبب إهمال المحضر أو تقصيره فتقرر إعادة التبليغ ويجوز لها أن تقرر الحكم على المحضر بغرامة لا تقل عن عشرين ديناراً لا تتجاوز مائة دينار ويعتبر قراراها بهذا الشأن قطعياً”.

أما المشرع العراقي فلك يأخذ بهذا الحكم إي إعادة التبليغ، بل جعل للمحكمة صلاحية التقدير والحكم على القائم بالتبليغ بغرامة إذا قصر بعمله، وهذا ما نصت عليه المادة (28) من قانون المرافعات المدنية والتي نصت على أنه: “للمحكمة أن تفرض على القائم بالتبليغ غرامة لا تقل عن ثلاثة دنانير ولا تتجاوز عشرة دنانير إذا كان البطلان ناشئاً عن تقصيره وذلك بقرار غير قابل للطعن”.

ويبدو من النصوص المذكورة، والتي تتمتع بقدر كاف من المرونة انها تساعد المحكمة كثيرا على توفير الحلول المناسبة وبما يساعد على التعامل مع المفاهيم الحديثة وبخاصة ما يتعلق منها بالتبليغات القضائية، إذن، ليس هناك ما يمنع من تطبيق النصوص النافذة على المفاهيم الحديثة للتبليغات القضائية، خدمة للقضاء والأفراد على حد سواء وبما ينسجم مع التطورات التي تشهدها شتى مجالات الحياة.

الخاتمة والنتائج والتوصيات

وفي خاتمة هذه الدراسة الموسومة بـ”التبليغ القضائي عبر الوسائل الإلكترونية : دراسة مقارنة”، والي تم من خلال هذه الدراسة بيان موقف المشرع العراقي والاردني من التبليغ القضائي عبر الوسائل الالكترونية، توصل الباحث إلى مجموعة من النتائج والتوصيات والتي يمكن إيجازها على النحو الآتي:

أولاً: النتائج

  1. أن توظيف الوسائل التكنولوجية الحديثة في مجال إجراء التبليغات القضائية يساعد وإلى حد بعيد تذليل كافة العقبات والصعوبات التي تعتري سير التبليغات وفقا للوضع التقليدي.
  2. إن إجراء التبليغات القضائية الكترونياً لا يتعارض مع نص قانون المرافعات العراقي، وإن التحول إلى نظام الفضاء الإلكتروني لا يتعارض مع جوهر القانون بل سيتوافق معه ويحقق غاية القضاء وهو القضاء العادل العاجل.
  3. شكلت المفاهيم الحديثة للتبليغات القضائية نقطة الارتكاز لدى أكثر التشريعات، بحيث أن المفاهيم التقليدية لهذا الإجراء لم تعد مستساغة بشكل أو بآخر، فان كانت المفاهيم التقليدية توفر من الضمانات ما يكفي لصون حقوق المتقاضين، إلا أن ذلك لا يعني تجاهل الوسائل الحديثة والتي بمقدورها خدمة عملية التبليغات بشكل دقيقا جدا نظرا لما تمتاز به من سمات، سواء في سرعة الاتصال، أو في قلة تكاليفها، أو من حيث سهولة استخدامها.

ثانياً: التوصيات

  1. من أجل تطبيق التبليغ القضائي الكترونياً في العراق والنهوض بمجال القضاء لابد من قيام اصلاح تشريعي يمثل الخطوة الأولى لمواكبة التطور العلمي والتكنولوجي والنص صراحة على استخدام الوسائل الإلكترونية في إجراء التبليغات الإلكترونية.
  2. يوصي الباحث بتوحيد كافة المصطلحات وفي مختلف القوانين، والتي تحمل في طياتها فكرة الإعلام أو ما برادفها، من أجل القضاء على الاختلاف في الآراء، فبدلا من أن تكون هناك مصطلحات (أعذار، إنذار، إخطار، تنبيه….) والتي قد تحمل المعنى نفسه، نرى أن يبرز مصطلح يشمل كافة تلك المسميات، بحيث تكون تسمية التبليغات القضائية محصورة بتلك التي تتخذ بعد رفع الدعوى، أما التبليغات غير القضائية، فتشمل تلك التي تتخذ قبل رفع الدعوى.
  3. ضرورة زيادة الوعي العلمي والوظيفي لدى القائمين بالتبليغ، وذلك عن طريق إجراء الندوات والمؤتمرات والتي يتم فيها استقبال الأساتذة المتخصصين في هذا المجال وبيان السبل الناجحة في عملية التبليغات القضائية، والوسائل المتقدمة وما وصل إليه العلم الحديث في مضمار الاتصالات الحديثة ودورها في عملية التبليغ.
  4. يوصي الباحث بضرورة ربط كل شخص مقيم أو مواطن بالبريد الإلكتروني الخاص به من خلال الهوية وتحديثه سنوياً حتى يتسنى للجهات المعنية بشكل خاص سرعة التواصل معه وللقضاء بشكل خاص إبلاغه الكترونياً متى اقتضت الحاجة إلى ذلك.
  5. يوصي الباحث بربط التشريع القانوني الجديد بالدراسة الأكاديمية حتى يكون خريج كلية القانون على دراية بذلك ومواكبة أي من التشريعات الجديدة، وبالتالي خلق كوادر قانونية ومواكبة للتغيرات الحياة بشكل عام والحياة القانونية بشكل خاص.

قائمة المراجع

    • إبراهيم، خالد محمود، التقاضي الإلكتروني، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2007.
    • إبراهيم، خالد ممدوح، ابرام العقد عبر الوسائل الإلكترونية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2006.
    • أبو العلا، محمد حلمي، البطء في التقاضي الأساليب والحلول، دار الجامعة العربية، جمهورية مصر العربية، 2015.
    • البكري، عبد الباقي. وبدير، علي محمد، والبشير، زهير، المدخل لدراسة القانون، مطبعة الكارم، بغداد، ۱۹۸۲.
    • البياع، حسين عبد الهادي، شرح قانون الإثبات رقم (۱۰۷) لسنة ۱۹۷۹، ط 1، بغداد، 1999.
    • الترساوي، محمد عصام، تداول الدعوى القضائية أمام المحاكم الإلكترونية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2013.
    • جمال، صباح أحمد، التبليغ وأثره في سرعة حسم الدعوى، بحث قانوني مقدم إلى مجلس الهدل لغرض نيل الترقية، وزارة العدل العراقية، بغداد، 2010.
    • حافظ، مدوح عبد الكريم، شرح قانون المرافعات المدنية العراقي، الجزء الأول، ط1، مطبعة الأزهر، بغداد، 1997.
    • الحسن، عبد الرحيم حاتم، شرح قانون الإثبات العراقي رقم 107 لسنة 1979، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2018.
    • حمودة، عبد العزيز المرسي، مدى حجية المحرر الإلكتروني في الإثبات في المسائل المدنية والتجارية في ضوء قواعد الإثبات النافذة، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، العدد 21، 2012.
    • الخرس، محمود، شرح قانون أصول المحاكمات المدنية، دار الثقافة للتوزيع والنشر، عمان، 2010.
    • خطاب، ضياء شيت، مناقشات حول قانون الإثبات، مجلة العدالة، العدد الثاني، السنة السادسة، بغداد، 2002.
    • ذيبان، جمال مولود، ضوابط صحة وعدالة الحكم القضائي في الدعوى المدنية، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، ۱۹۹۲.
    • الزعبي، عوض أحمد، أصول المحاكمات المدنية ، دار وائل للنشر، عمان، 2006.
    • شنودة، ريمون ملك، حجية الدليل الإلكتروني أمام القضاء، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2017.
    • الصوري، محمد علي، التعليق المقارن على مواد قانون الإثبات، ج ۱، مطبعة شفيق، بغداد، ۱۹۸۳.
    • العبودي، عباس، التبليغ القضائي بوساطة الرسائل الإلكترونية، مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية والسياسية، جامعة تكريت، العدد4، المجلد2، العراق، 2011.
    • العبودي، عباس، التعاقد عن طريق وسائل الاتصال الفوري وحجيتها في الإثبات المدني، مكتبة دار الثقافة للتوزيع والنشر، عمان، 2011.
    • العبودي، عباس، التنظيم القانوني للسندات الإلكترونية المستخرجة عن طريق الإنترنت في الإثبات المدني، بحث منشور في الحولية العراقية لقانون، تصدر عن الجهة القطاعية في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، العدد الأول، حزيران، جامعة بغداد، 2012.
    • العبودي، عباس، حجية التقنيات العلمية في الإثبات المدني، بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق، العدد الثالث عشر، تموز، 2002.
    • عبيدات، لورنس محمد، إثبات المحرر الإلكتروني، دار الثقافة للتوزيع والنشر، عمان، 2005.
    • العجارمة، مصطفى موسى، التنظيم القانوني للتعاقد عبر شبكة الانترنت، دار الكتب القانونية، القاهرة، 2012.
    • عمر، فارس علي، مبدأ حياد القاضي المدني، دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة الموصل، الموصل، العراق، 2005.
    • عيسى، طوني ميشال، التنظيم القانوني لشبكة الانترنت، دار السنهوري للمنشورات القانونية، بيروت، 2006.
    • القضاة، مفلح عواد، أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي، دار وائل للنشر، عمان. 2013.
    • الكيلاني، محمود، شرح قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني، دار الثقافة للتوزيع والنشر، عمان، 2006
    • الكيلاني، محمود، قواعد الإثبات وأحكام التنفيذ، دار الثقافة للتوزيع والنشر، عمان، 2010.
    • محمود، همام محمد، ومنصور، محمد حسين، مبادئ القانون، منشأة المعارف، الإسكندرية،2005.
    • المصري، محمد وليد هاشم(2008)، شرح قانون اصول المحاكمات المدنية الأردني، دار الثقافة للتوزيع والنشر، عمان.
    • معروف، حسين عبد القادر، بطلان التبليغات القضائية في قانون المرافعات المدنية العراقي: دراسة مقارنة، بحث منشور، مجلة الخليج العربي، المجلد 37، العدد 3-4، 2009.
    • منصور، محمد حسين، مبادئ الإثبات وطرقه، دار الفكر الجامعي للنشر، الإسكندرية، 2006.
    • النداوي، آدم وهيب، مستلزمات تبسيط إجراءات التقاضي في قانون المرافعات، بحث منشور في مجلة القانون المقارن، العدد الثامن عشر، السنة الثانية عشرة، جامعة بغداد، 1998.

الهوامش:

  1. ) أبو العلا، محمد حلمي، البطء في التقاضي: الأسباب والحلول، دار الجامعة العربية للنشر والتوزيع، الإسكندرية، 2015، ص45.
  2. ) المصري، محمد وليد هاشم(2008)، شرح قانون اصول المحاكمات المدنية الأردني، دار الثقافة للتوزيع والنشر، عمان، ص190.
  3. ) العبودي، عباس، مرجع سابق، ص128.
  4. ) نصت الفقرة (1) في المادة (13) من قانون المرافعات المدنية ما يلي (يقوم بمهمة التبليغ من يعينهم وزير العدل ويجوز اجراء التبليغ برسالة رسمية من المحكمة بواسطة البريد المسجل المرجع او ببرقية مرجعه من الامور المستعجلة بقرار من المحكمة وفي حالة وجود مكاتب للبريد في المكان المطلوب للتبليغ به يقوم بالتبليغ رجال الشرطة).
  5. ) النداوي، آدم وهيب، مستلزمات تبسيط إجراءات التقاضي في قانون المرافعات، بحث منشور في مجلة القانون المقارن، العدد الثامن عشر، السنة الثانية عشرة، جامعة بغداد، 1998، ص112.
  6. ) العبودي، عباس، التبليغ القضائي بوساطة الرسائل الإلكترونية، مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية والسياسية، جامعة تكريت، العدد4، المجلد2، العراق، 2011، ص45-46.
  7. ) عيسى، طوني ميشال، التنظيم القانوني لشبكة الانترنت، دار السنهوري للمنشورات القانونية، بيروت، 2006، ص346.
  8. ) الشرعة، حازم محمد، مرجع سابق، ص105.
  9. ) العبودي، عباس، التبليغ القضائي بوساطة الرسائل الإلكترونية، مرجع سابق، ص55.
  10. ) جمال، صباح أحمد، التبليغ وأثره في سرعة حسم الدعوى، بحث قانوني مقدم إلى مجلس الهدل لغرض نيل الترقية، وزارة العدل العراقية، بغداد، 2010، ص22.
  11. ) نص المادة الثانية (التعريفات) من نظام استعمال الوسائل الإلكترونية في الإجراءات القضائية المدنية رقم 95 لسنة 2018، الصادر سنداً لأحكام قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني، والمنشور على الصفحة 5600 من عدد الجريدة الرسمية رقم 5529 بتاريخ 2/9/2018.
  12. ) نص المادة (2) من قانون المعاملات الإلكترونية الأردني.
  13. ) القضاة، مفلح عواد، أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي، دار وائل للنشر، عمان. 2013، ص248.
  14. ) العبودي، عباس، التنظيم القانوني للسندات الإلكترونية المستخرجة عن طريق الإنترنت في الإثبات المدني، بحث منشور في الحولية العراقية لقانون، تصدر عن الجهة القطاعية في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، العدد الأول، حزيران، جامعة بغداد، 2012، ص185.
  15. ) الكيلاني، محمود، شرح قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني، دار الثقافة للتوزيع والنشر، عمان، 2006، ص158 وما بعدها.
  16. ) العبودي، عباس، التعاقد عن طريق وسائل الاتصال الفوري وحجيتها في الإثبات المدني، مكتبة دار الثقافة للتوزيع والنشر، عمان، 2011، ص11.
  17. ) العجارمة، مصطفى موسى، التنظيم القانوني للتعاقد عبر شبكة الانترنت، دار الكتب القانونية، القاهرة، 2012، ص46.
  18. ) العبودي، عباس، حجية التقنيات العلمية في الإثبات المدني، بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق، العدد الثالث عشر، تموز، 2002، ص78.
  19. ) إبراهيم، خالد ممدوح، ابرام العقد عبر الوسائل الإلكترونية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2006، ص28.
  20. ) القضاة، مفلح عواد، مرجع سابق، ص145.
  21. ) إبراهيم، خالد محمود، التقاضي الإلكتروني، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2007، ص145.
  22. ) الدليل التوضيحي لقوانين تطوير القضاء بالتعاون بين غرفة تجارة عمان والتلهوني ومشاركوه للمحاماة، منشور غرفة تجارة عمان، 2018، ص12.
  23. ) البكري، عبد الباقي. وبدير، علي محمد، والبشير، زهير، المدخل لدراسة القانون، مطبعة الكارم، بغداد، ۱۹۸۲، ص ۱۰۱.
  24. ) محمود، همام محمد، ومنصور، محمد حسين، مبادئ القانون، منشأة المعارف، الإسكندرية،2005، ص۱۱۳.
  25. ) وهذا ما يستنتج من نص المادة (30) من قانون المرافعات العراقي، ونص المادة (3) من قانون الاثبات العراقي.
  26. ) العبودي، عباس، مدى سلطة القاضي المدني في التفسير المتطور للقانون، بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق، العدد الثامن، آذار 2000، ص 44.
  27. ) البياع، حسين عبد الهادي، شرح قانون الإثبات رقم (۱۰۷) لسنة ۱۹۷۹، ط 1، بغداد، 1999، ص14.
  28. ) الصوري، محمد علي، التعليق المقارن على مواد قانون الإثبات، ج ۱، مطبعة شفيق، بغداد، ۱۹۸۳، ص۲۸- ۲۹.
  29. ) ويبدو أن الاتجاه هو نحو التقليل من الروتين والاخذ بالوسائل الحديثة في مجال التبليغات القضائية في العراق، حيث جاء في تعميم لوزارة العدل “بناء على كتاب وزارة الخارجية المرقم بـ (ذ/ ۲/ 1/ 5/ 34) والمؤرخ في 18/4/2002 ولتوخي الدقة وسرعة وصول المراسلات للجهات المعنية فقد تنسب قيامكم بأرسال المخاطبات التي تخص اعمال المحاكم وأجهزة الدولة الأخرى ومنها تبليغ العراقي أو الأجنبي المقيم خارج العراق أو تحليفه اليمين بواسطة البريد المسجل المرجع أو الفاكس المرجع ان أمكن ذلك أو اذا قضت إحدى الاتفاقيات بان يتم الاجراء المطلوب بالطرق الدبلوماسية فيمكن مخاطبة البعثة العراقية في الخارج مباشرة من قبلكم دون المرور بوزارة الخارجية تخفيفا على وزارة الخارجية من جانب واختصارا بالروتين من جانب آخر…”. کتاب وزارة العدل، دائرة العلاقات الدولية، المرقم 3. 8. 2. 9280 في 12/11/2002.
  30. ) رقم الدعوى 535/ م ۲/ منقول ۱۹۹۰ في 4/ 9/ ۱۹۹۰، أشار اليه: العبودي، عباس، مدى سلطة القاضي المدني في التفسير المتطور للقانون، مرجع سابق، ص 58.
  31. ) خطاب، ضياء شيت، مناقشات حول قانون الإثبات، مجلة العدالة، العدد الثاني، السنة السادسة، بغداد، 2002، ص 340.
  32. ) عمر، فارس علي، مبدأ حياد القاضي المدني، دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة الموصل، الموصل، العراق، 2005، ص98.
  33. ) بكر، عصمت عبد المجيد، مرجع سابق، ص77.
  34. ) نص الفقرة (۲) من المادة (14) من قانون المرافعات العراقي.
  35. ) نص المادة (18) من قانون المرافعات العراقي. ويقابلها نص المادة (8) من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني.
  36. ) نص المادة (21) من قانون المرافعات العراقي. ويقابلها نص المادة (10) من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني.
  37. ) ذيبان، جمال مولود، ضوابط صحة وعدالة الحكم القضائي في الدعوى المدنية، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، ۱۹۹۲، ص74.
  38. ) الشرعة، حازم محمد، مرجع سابق، ص112.
  39. ) نظام استعمال الوسائل الإلكترونية في إجراءات الدعوى المدنية رقم 95 لسمة 2018.
  40. ) النداوي، آدم، فلسفة إجراءات التقاضي، مرجع سابق، ص 66.
  41. ) القضاة، مفلح عواد، مرجع سابق، ص211.
  42. ) حافظ، مدوح عبد الكريم، شرح قانون المرافعات المدنية العراقي، الجزء الأول، ط1، مطبعة الأزهر، بغداد، 1997، ص114.
  43. ) نص المادة (7/ ب) من نظام استعمال الوسائل الإلكترونية في الإجراءات القضائية المدنية رقم 95 لسنة 2018.
  44. ) الفقرة (1/ ج+ د) من المادة (5) من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني.
  45. ) نص الفقرة (5+7) من المادة (16) من قانون المرافعات المدنية العراقي.
  46. ) حمودة، عبد العزيز المرسي، مدى حجية المحرر الإلكتروني في الإثبات في المسائل المدنية والتجارية في ضوء قواعد الإثبات النافذة، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، العدد 21، 2012، ص26.
  47. ) شنودة، ريمون ملك، حجية الدليل الإلكتروني أمام القضاء، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2017، ص177.
  48. ) القضاة، مفلح عواد، أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي، مرجع سابق، ص248.
  49. ) الترساوي، محمد عصام، تداول الدعوى القضائية أمام المحاكم الإلكترونية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2013، ص114.
  50. ) الكيلاني، محمود، قواعد الإثبات وأحكام التنفيذ، دار الثقافة للتوزيع والنشر، عمان، 2010، ص178.
  51. ) راجع الفقرة (أولا) من المادة (۲۱) اثبات عراقي والتي نصت على أنه: “اولا – السندات الرسمية، هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة طبقا للأوضاع القانونية وفي حدود اختصاصه ما تم على يديه أو ما أدلى به ذوو الشأن في حضوره”.

    ويقابلها نص المادة (7/1) من قانون البينات الأردني والتي جاء فيها: “تكون الأسناد الرسمية المنظمة حجة على الناس كافة بما دون فيها من أفعال مادية قام بها الموظف العام في حدود اختصاصه، أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره وذلك ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانوناً”.

  52. ) الحسن، عبد الرحيم حاتم، شرح قانون الإثبات العراقي رقم 107 لسنة 1979، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2018، ص45.
  53. ) عبيدات، لورنس محمد، إثبات المحرر الإلكتروني، دار الثقافة للتوزيع والنشر، عمان، 2005، ص60.
  54. ) العبودي، عباس، الحجية القانونية لوسائل التقدم العلمي في الاثبات المدني، مرجع سابق، ص۳۷ وما بعدها.
  55. ) منصور، محمد حسين، مبادئ الإثبات وطرقه، دار الفكر الجامعي للنشر، الإسكندرية، 2006، ص112.
  56. ) الترساوي، محمد عصام، مرجع سابق، ص115.
  57. ) الخرس، محمود، شرح قانون أصول المحاكمات المدنية، دار الثقافة للتوزيع والنشر، عمان، 2010، ص156.
  58. ) معروف، حسين عبد القادر، بطلان التبليغات القضائية في قانون المرافعات المدنية العراقي: دراسة مقارنة، بحث منشور، مجلة الخليج العربي، المجلد 37، العدد 3-4، 2009، ص63.
  59. ) وهذا ما أكدته المادة (16) من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني ويقابلها في قانون المرافعات العراقي ما ورد في المادة (27).
  60. ) وهذا أيضاً ما أقرته المادة (26) من قانون المرافعات العراقي.
  61. ) المادة (34) من قانون الإثبات العراقي.
  62. ) وهو ما ورد في نص المادة (16) من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني ونص المادة (27) من قانون المرافعات المدنية العراقي.
  63. ) تمييز حقوق رقم 326\2001، تاريخ 9\4\2001، هيئة عامة، منشورات عدالة
  64. ) تمييز حقوق رقم 854\2010، تاريخ 17\10\2010، منشورات عدالة
  65. ) خطاب، ضياء شيت، مرجع سابق، ص75.
  66. ) راجع الفقرة (1) من المادة (36) اثبات عراقي.
  67. ) الرميري، محمد صابر، مرجع سابق، ص125.
  68. ) راجع المادة (۳۸) اثبات عراقي.
  69. ) الرميري، محمد صابر، مرجع سابق، ص130
  70. ) العبودي، عباس، مرجع سابق، ص129.
  71. ) خطاب، ضياء شيت، مرجع سابق، ص87.
  72. ) أن هذه السلطة الممنوحة للقضاء ماهي الا جزء من السلطة الواسعة التي تتمتع بها والتي تشكل من أولويات المشرع العراقي، حيث جاء في المادة (1) من قانون الإثبات توسيع سلطة القاضي في توجيه الدعوى وما يتعلق بها من أدلة بما يكفل التطبيق السليم لأحكام القانون وصولا إلى الحكم العادل في القضية المنظورة.
  73. ) أبو العلا، محمد حلمي، البطء في التقاضي الأساليب والحلول، دار الجامعة العربية، جمهورية مصر العربية، 2015، ص88.
  74. ) الزعبي، عوض أحمد، أصول المحاكمات المدنية ، دار وائل للنشر، عمان، 2006، ص128.