أثر العوامل الشخصية والموضوعية في تشكيل انماط التدين

عماد حمود ثلج، ثلج1 عبد الناصر سلطان محسن سلام2

1 معهد الدراسات العليا، قسم الفلسفة والدين، ماجستير، جامعة يالوفا،77200 يالوفا، تركيا
بريد الكتروني: imad.alhmdany1@gmail.com
2 معهد الدراسات العليا، قسم الفلسفة والدين، جامعة يالوفا،77200 يالوفا، تركيا
بريد الكتروني: abdulnaser@yalova.edu.tr
HNSJ, 2024, 5(2); https://doi.org/10.53796/hnsj52/2
تنزيل الملف
تاريخ النشر: 01/02/2024م تاريخ القبول: 11/12/2023م

المستخلص

ظل الدين مصاحبا للإنسان منذ بداية نشأته والى يومه هذا في جميع مراحل حياته وتطوره والظاهرة الدينية ظاهرة إنسانية قديمة قدم الانسان نفسه لذلك هي محط اهتمام الدراسات من مختلف العلوم والحقول المعرفية وبخاصة العلوم الاجتماعية.

وبما أن التديّن فعل اجتماعي لا يمكن له ان يتم بمعزل عن الحياة الاجتماعية، فهو بالتالي محكوم ومتفاعل مع البعد الزماني والمكاني والبنية الثقافية لذلك المجتمع، لذلك يتشكل بعدة اشكال وانماط وفقا لذلك، فلابد من التعرف على اشكال هذه الظاهرة وانماطها المختلفة وكيف تتشكل هذه الأنماط وماهي الجوانب المؤثرة والفاعلة في تشكلها سواء تلك العوامل الشخصية المتعلقة بالفرد نفسه او تلك الراجعة للظروف والبيئة الخارجية والتنشئة الاجتماعية.

الكلمات المفتاحية: دين – أنماط تدين – الوعي الديني.

Research title

The Impact of Personal and Objective Factors in Shaping Patterns of Religiosity

IMAD HAMMOOD THALIJ .THALIJ1 Abdulnaser Sultan Mohsen Sallam2

1 Felsefe ve Din Bilimleri Lisansüstü Eğitim Enstitüsü, Yalova Üniversitesi, 77200 Yalova, Türkiye

imad.alhmdany1@gmail.com

2 Felsefe ve Din Bilimleri Lisansüstü Eğitim Enstitüsü, Yalova Üniversitesi, 77200 Yalova, Türkiye

abdulnaser@yalova.edu.tr

HNSJ, 2024, 5(2); https://doi.org/10.53796/hnsj52/2

Published at 01/02/2024 Accepted at 11/12/2023

Abstract

Religion has accompanied man from the beginning of his inception to this day in all stages of his life and development. The religious phenomenon is a human phenomenon as old as man himself. Therefore, it is the focus of interest for studies from various sciences and cognitive fields, especially the social sciences.

Since religiosity is a social act that cannot take place in isolation from social life, it is therefore governed and interacts with the temporal and spatial dimensions and the cultural structure of that society. Therefore, it is formed in several forms and patterns accordingly. It is necessary to recognize the various forms and patterns of this phenomenon and how these patterns are formed and what they are. The influential and effective aspects in its formation, whether those personal factors related to the individual himself or those due to circumstances, the external environment, and socialization.

Key Words: religion – patterns of religiosity – religious awareness.

المقدمة

ظل الدين مصاحبا للإنسان منذ بداية نشأته والى يومه هذا في جميع مراحل حياته وتطوره وظل نبضه حياً وتأثيره قويا حتى اللحظة وربما كانت علاقة الانسان بالدين تضعف وتقوى لكنها لم تنقطع يوما، وكما قال بلو تارك من الممكن أن نجد مُدناً بلا أسوار ولا ملوك وبلا ثروة ولا آداب وبلا مسارح، ولكن لم نجد قط مدينة بلا معبد، فالظاهرة الدينية قديمة قدم الانسان نفسه، والمتأمل لحركة التاريخ سوف يجد ان الدين قد لعب دوراً اساسياً في الكثير من التحولات التاريخية الكبرى وكذلك المتأمل في التراث الاخلاقي القديم والمعاصر ومن يدرس القيم والعادات والتقاليد والقوانين والنظم الاقتصادية والسياسية كلها سوف يرى اثر ودور الدين فيها واضحا بشكل او باخر، مباشر كان او غير مباشر، واستمر هذا التأثير الى يومنا هذا، ومن هنا تصبح دراسة الظاهرة الدينية ضرورة ملحة لا يمكن تجاهلها او تجاوزها لفهم المجتمعات الإنسانية وتحليل حركاتها ودوافعها ومعرفة اتجاهاتها وتوجهاتها، فالدين لم يعد مجرد ظاهرة شعائرية مقترنة بالعلوم الدينية فقط، بل أصبح ظاهرة إنسانية واجتماعية محط اهتمام للدراسات العلمية من مختلف العلوم والحقول المعرفية وبخاصة العلوم الاجتماعية.

ومن الضروري فهم تأثيرها على السلوكيات الاجتماعية والحياة اليومية والدور الذي تلعبه والاثر الذي تتركه في المجتمعات وخاصة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، فالدراسات المتخصصة حول أنماط التدين واثارها في المجتمعات العربية والإسلامية قليلة وصعبة رغم أهميتها الكبرى.

ولابد من التعرف على اشكال هذه الظاهرة وانماطها المختلفة وكيف تتشكل هذه الأنماط وماهي الجوانب المؤثرة والفاعلة في تشكلها فهناك جوانب كثيرة تؤثر بالإنسان منها ما قد تكون راجعة إلى الفرد نفسه ومنها ما قد تكون راجعة لظروف خارجية من البيئة حوله ([1])، وبما أن التديّن هو فعل اجتماعي ولا يمكن للفعل الاجتماعي ان يتم بمعزل عن الحياة الاجتماعية، فهو بالتالي محكوم بفهم محدد للنصّ الديني، وبالبعد الزماني والمكاني ومتفاعل مع البنية الثقافية لذلك المجتمع ، ولهذا من البديهي أن توجد كل تلك التنويعات لنفس الدين بين المجتمعات عبر التاريخ.

ان دراسة الدين بوصفه نصًّا مقدّسًا أوَّلًا والتعرف على شخصيَّة الإنسانِ المُعْتَقِد بهذا النصِّ فَرْدًا ومُجْتَمَعًا ثانيا واكتشاف طبيعةَ الواقع الذي يعيش فيه هذا الإنسانُ وكلَّ ما يحفل به عصرُه ثالثًا. تمثل ثلاثية معادلة مهمة واساسية لفهم أثر الدين وأنماط التدين التي يفرزها وتتشكّلُ في فضاءاته وهذه العناصرُ الثلاثةُ تشكِّل توليفةً متفاعلةً يؤثّر كلٌّ منها بالآخر ويتفاعل معه لذلك تختلف أنماطُ التديّن تبعًا لاختلافِ النَّاس أفرادًا ومجتمعاتٍ، واختلافِ واقعهم وعصرِهم وثقافتهم، وطريقة عيش الإنسان ونمط العمران، وتنشأُ الثَّغراتُ في دراسة الأديانِ من إهمال إحدى أضلاع المعادلة المُثلثة للفهم ([2])

منهجية البحث: دراسة وصفية، تحليلية، استقرائية مقارنة.

المبحث الأول: الدين وانماط التدين

المطلب الأول مفهوم الدين والظاهرة الدينية.

أولا: التعريفات والماهية

الظاهرة الدينية ظاهرة إنسانية تُثبت أن الإنسان مفطور على التدين، وهو ما يعني أن الدين مكوِّن نفسي وعنصر أساسي في وعيه، وهو ما تأكده دراسات علم النفس الديني والمنهج الظاهراتي على السواء ([3])، لذلك هي لم تندثر، بل تعيد إنتاج نفسها، فالدين يقوم بصياغة الأجوبة على الأسئلة الوجودية الكبرى في حياة الانسان حول الحياة والموت والحساب وغاية وجوده على ظهر هذه البسيطة، وهذه الأسئلة الكونية الكبرى لا يستطيع العلم رغم كل تطوره الإجابة عليها ([4])، وأن البحث عن المعنى أو الحاجة النفسية أو الروحية ليست هي وحدها ما تفرض استحضاره، بل هناك دور وظيفي اساسي كان ولا يزال يلعبه الدين في توازن الحياة داخل النسق الكلي للمجتمع ولذلك بدأت هذه الظاهرة تعود إلى السطح بعد ان ظهرت مشكلات اجتماعية في فترة (عصر الثورة الصناعية) بعد محاولة عزل الدين وفصله بالكامل عن الحياة الذي حصل كردة فعل متطرفة بعد الصراع مع الكنيسة في الغرب مما اضطروا إلى الاستعانة بالنسق الديني لدوره الهام في تحقيق الضبط الاجتماعي والمساهمة في استقرار النفس البشرية ([5])، وبذلك تراجع الاعتقاد الذي ساد خلال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين والذي كان يرى بأن النهج العلمي سيتمدد بسرعة إلى مجموعة النشاط الدماغي للإنسان، وإن التقنيات العلمية قادرة على أن تلبي احتياجات الإنسان المادية والعقلية، وأن ما كان مجهولا سيصبح معروفا بمرور الوقت ([6]).

يرى البعض أن كلمة دين هي الأكثر وضوحا والأكثر لبسا في الوقت نفسه كما يقول الفيلسوف والناقد الفرنسي (جاك دريدا) Jacques Derrida ([7])

ويعود سبب الاختلاف والتباين في تعريف الدين إلى اختلاف زوايا التخصص التي يُنظر منها إلى الدين أولا فالسوسيولوجيون والسيكولوجيون والأنثروبولوجييون ناهيك عن المتخصصين بالعلوم الدينية قدموا تعريفات متعددة تبعاً لتعدد زاوية التخصص التي ينظر إلى الدين وكذلك الى تنوع الأديان وتعدد مظاهر التدين يؤدي إلى مشكلة أن التعريف الذي يستنبط من دين معين لا ينطبق بالضرورة على بقية الأديان الأخرى، وأسباب أخرى تتعلق بالتحيزات الفكرية والأيدلوجية لواضع التعريف ([8]).

لذلك تتنوع دلالة المصطلح وبالأخص عندما يكون مثار جدل واختلاف وكما يقول (إيكه هولتكرانس) Eike Hultgrens صاحب قاموس مصطلحات الإنثنولوجيا و الفلكلور إن كلمة مجتمع، ثقافة، عرف، سياسة، دين، بناء، وظيفة أو ديمقراطية لا تعني الشيء نفسه دائماً سواء لمختلف الأفراد أو في مختلف المواقف، وتزداد حدة هذا التباين أكثر خاصة حين يكون الأمر متعلقا بترجمة تلك المصطلحات ونقلها من لغة لأخرى ([9]) ويصبح صياغة تعريف واحد من شأنه إرضاء كل الآراء المتصارعة حول الدين هو أمر غير ممكن التحقيق ومن هنا فإن كل ما يستطيعه الباحث هو أن يحدد بدقة ما يعنيه بكلمة الدين ثم يعمل على استخدام هذه الكلمة عبر مؤلفه بالمعنى الذي حدده لها منذ البداية ([10])، وسنتناول في بحثنا هذا عدة تعريفات للدين بحسب المناهج المعرفية والفلسفية التي تناولته

فالمنهج الوضعي يدرس الظاهرة الدينية كشيء، معتمداً على الحواس والخبرة والملاحظة كمصدر وحيد للمعرفة، حيث يعتبر الظواهر الاجتماعية (أشياء) ويجب دراستها على هذا الأساس، فهو يعترف فقط بما هو اجتماعي ولا يعترف بما هو نفسي وباطني بمعنى أن كل سلوكيات الناس لا تتعلق بدوافع داخلية وتأثيرات باطنية بل فقط بتأثيرات المجتمع وتوجيهاته فالفرد مجرد مرآة للمجتمع والمجتمع هو من يصنع الأفراد في قوالب مسبقة ([11])، لذلك يرى رائد الوضعية (دايفيد إميل دوركايم) David Émile Durkheim أن الدين حاجة مجتمعية وأن الديانة البدائية ما هي إلا عبادة المجتمع لذاته وإنها وليدة العقل الجمعي الذي يشد أفراد العشيرة بعضهم ببعض ([12])، ويُعرف الدين بأنه نظام متسق من المعتقدات والممارسات التي تدور حول موضوعات مقدسة يجري عزلها عن الوسط الدنيوي وتحاط بشتى أنواع التحريم وهذه المعتقدات والممارسات تجمع كل المؤمنين والعاملين بها في جماعة معنوية واحدة ([13]).

بينما يرى المنهج التأويلي إمكانية البحث عن المعنى في الفعل الذي يعطيه الفاعل الاجتماعي لهذا الفعل، ومدرسة التأويل (الهرمينوطيقا) تنظر للفعل الاجتماعي على انه يحمل صفات العقلانية ومنبثق من تصور قبلي مسبق وواضح، وهي لا تريد تقييم الديانات، بل فقط تبحث عن ما يتعلق بدور الدين الذي يمكن أن يلعبه فيما يراه عقلاني ويخدم تقدم البشرية وتطورها، ولهذا البحث في القيم البروتستانتية عند (ماكس فيبر) Max Weber كان من منطلق البحث عن دين يوافق الحداثة في سيرورتها التقدمية ولا يتعارض معها، فالخيرية والأفضلية في هذا المعطى هو الوظيفة التي يقوم بها الدين في خدمة المشروع الليبرالي ولا يتعلق بمدى جوهرانية هذه القيم ومدى صدقيتها أو نبوءتها ([14])، ويتسم هذا التوجه المنهجي بالطابع الدلالي والتفهمي والتأويلي، ويركز على الذات بدل الموضوع، أي دراسة الفرد في علاقته بأعضاء الجماعة التي ينتسب إليها أو علاقاته مع المجتمع في كليته بالتوقف عند مختلف الدلالات والمعاني والمقاصد والغايات والنيات التي يعبر عنها هذا الفعل الإنساني والسلوكي، في علاقته بأفعال الآخرين ضمن الكينونة المجتمعية نفسها ([15]).

وعموما فكلا المنهجين يبحثان في وظيفة الدين وسياقاته التاريخية وليس في امتداداته الغيبية وأصوله الأنطولوجية.

اما المنهج اللاهوتي فيركز على ماهية الإيمان فهو علم متجذر في التراث الإنساني المنقول لهذا يقال اللاهوت في الديانة المسيحية أو اللاهوت في الديانة اليهودية أو يعادلها في الإسلام من مصطلحات تعكس مهمة هذا العلم مثل علم الكلام والأصول والإلهيات ([16])، وتتبنى المنهجية اللاهوتية المثالية، وهذا التفكير المثالي يطرح تصورات ورؤى ونظريات أخلاقية تسعى للخروج من الوضع القائم إلى وضع أفضل ([17]) فالعقيدة الدينية ليست سوى قوة يستعين بها العقل من أجل فهم حقائق الكون فهما عقليا

اما الدين في المفهوم التوحيدي فقد اشتهر تعريف الدين عند الاسلاميين بأنه وضع إلهي يرشد إلى الحق في الاعتقادات وإلى الخير في السلوك والمعاملات ([18])، والطرح التوحيدي ينفر من فكرة التفسير التاريخي للدين فالدين مطلق لا تاريخ له، والديانة الحالية ليست تطويرا لتجارب بدائية سابقة، بل نشأت مكتملة منذ البداية وهكذا فاللاهوت لم يتولد عن الطقوس كما تذهب تحليلات دوركايم والوضعية الاجتماعية، بل تصدر الطقوس عن اللاهوت وتترجمه له ([19])، وان تطور الاديان ليس مرده الى كون الدين منتج معرفي بشري بل ان العناية الإلهية هي من تكلم الناس بلسانهم وعلى قدر سعة عقولهم (وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم…) سورة إبراهيم الآية: 4.

والطرح التوحيدي لديه عدة مآخذ معتبرة على التعريفات الأخرى التي تقدمها المدرسة الوضعية والتأويلية للدين ويرى أنها مجزئة وقاصرة أو مختزلة عممت نتيجة دراسة لنماذج خاطئة وتعتبر أن تعميمها والقياس عليها خطأ منهجي سيؤدي إلى فهم خاطئ، وان تجريد ماهية الدين من فكرتي (الروحية) و(الإلهية) يعني تجريدها من أخص صفاتها، ونزع المحور الذي تدور عليه كل عناصرها والمعيار الوحيد الذي تقاس به مظاهرها وتتميز به عما سواها ([20]).

ويعتمد تأسيس الدين على عنصرين، أحدهما نظري يتجسد في الفكر والمعتقد الدينيين، والآخر عملي يتجسد في الطقوس والشعائر التي تمارس وتطبق في المناسبات الدينية ([21]).

فالإيمان بوجود إله، والتمييز بين عالم المادة وعالم الأرواح، وممارسة الطقوس والشعائر التعبدية، والتمسك بأخلاق وقيم تضبط السلوك، ووجود شريعة وقوانين تنظم حياة المؤمنين بها هي ما تشكل العناصر الأساسية للدين ([22])، فالقداسة والغيب يمثلان الجانب النظري للدين بينما تمثل التعاليم (الشرائع) والطقوس الجانب المادي الملموس منه ([23]).

هذا ويتمثل الدين بعدة مستويات او تمثلات في حياة الأفراد والمجتمعات فهو يتمثل بمستوى اول بمستوى الشعور (سواء كان هذا الشعور فردي او جمعي) قائم في نطاق الأحاسيس والعواطف، ومستوى ثاني وهو (الاعتقاد) المتعلق بالقناعات الفكرية الواضحة والمباشرة، وهي ما قد يعبر عنه الإنسان ويصرح به في أقواله ومستوى ثالث يتمثل هو بالممارسة وهو الجزء المادي من الدين والمظهر الخارجي له فالدين لا يمكن أن يبرز كظاهرة اجتماعية إلا عندما ينتقل إلى مستوى الممارسة سواء الفردية منها أو الجماعية فهو يكون مجرد ظاهرة نفسية في الأول ويكون مجرد ظاهرة فكرية فلسفية حينما يكون تصورا واعتقاداً فقط ([24]).

ثانيا: وظائف الدين الاجتماعية

  1. يعتبر من اهم مصادر الضبط الاجتماعي “social control” والذي هو القوة التي يمارسها المجتمع على أفراده والطرق التي يسلكها للهيمنة والإشراف على سلوكهم وأساليب تفكيرهم وطرق أعمالهم بقصد الحفاظ على هيكل البنيان الاجتماعي وعلى الأوضاع والنظم الاجتماعية ([25]).
  2. تحقيق التلاحم والتماسك الاجتماعي وخلق المشتركات: حيث يلعب الدين دورًا مهمًا في التماسك والوئام الاجتماعي بين الأفراد والوحدات المكونة للمجتمع، يجمعهم ويوحد خطابهم وينسق أدوارهم وتفاعلاتهم في مجالات القيم الكونية والدينية ([26]).
  3. خلق الوعي الجمعي ” يسبغ ماركس على الدين دوره الوظيفي الذي أقر به كونت ودوركايم وهو مساهمته في بناء الوعي الجمعي والمحافظة عليه أي في إنشاء البناء الاجتماعي ذاته عن طريق خلق الوفاق” لكن ماركس يركز على الجانب السلبي فهو يرى أن كل ما يقوم به الدين، هو إما أن يتولى إعطاء المشروعية أو القيام بمهام التبرير لنظام اجتماعي وإما يعوض في غياب شيء آخر اللغة السياسية للطبقات الاجتماعية الخاضعة التي ترنو للانعتاق من أوضاع القهر التي تجد نفسها فيها أو ترى أنها ستنتهي إليه ([27]) وهذا الدور ممكن ووارد عندما تشيع أنماط التدين النفعي أو التسلطي والقرآن الكريم نفسه يستعرض محذرا من هذه الأنماط (..إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّه..) التوبة الآية 34. (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ..) التوبة الاية:31
  4. يعتبر الدين من عوامل التنظيم المجتمعي الفعّال حيث يوفر الحس بالأمان الذي يشعر الناس في رحابه بالأمن والاطمئنان واستقرار العلاقات الذي لا توفره لهم علاقاتهم الإنسانية الأخرى ([28]).
  5. يعتبر الدين من أهم الدعامات للنفس الإنسانية ويظهر أثره أكثر وضوحا في أوقات الشدائد والأزمات ويدعم الإنسان في مواجهة ضغوط الحياة وأزمتها وكوارثها ([29]).
  6. التأثير المباشر على باقي نظم الحياة الأخرى “ولذلك فإن النظام الرأسمالي كان بالأحرى أحد نتائج المذهب البروتستانتي” كما يرى ماكس فيبر ([30]).
  7. تحقيق المعنى انبرى روبرت بيلا بتقديم إطار تصوري للدراسة النظرية للدين فبدأ بطرح فكرة مؤداها أن الفعل الفردي أو المجتمعي إذا خلى من المعنى عند الفاعلين فلا بد أن يهدد استقرار الشخصية وبالتالي استقرار المجتمع والفعل الملموس يستمد معناه من المعايير الاجتماعية علاوة على وجود نسق رمزي وراء هذه المعايير أي نسق معنوي سام يعطي للمعايير نفسها هذا المعنى والتماسك ([31]).
  8. يقدّم الدين “الحماس اللازم للفعل فيصدر عن العقيدة ويأتي الدين بنوع متميز من الفكر النظري، ومن التأمل الذي يحفز الناس إلى الحياة وإلى الفعل”([32])
  9. يقوم الدين بتفسير بعض الأمور وتوضيح بعض المشكلات والمسائل التي تفوق علم الإنسان كمسألة الخلق والموت والإجابة على أسئلة تدخل إلى القلب وتستقر في الذهن ولولا هذا التفسير وتلك الإجابة على الخواطر لما طلبه الناس وتفاعلوا مع المجتمع الإنساني على هذا المستوى الذي نراهم عليه من الصحة النفسية والتوازن الفعلي والثبات الوجداني ([33]).
  10. الدين والأخلاق ” للدين وظيفة عظمى في إثراء القيم الأخلاقية هذه القيم يستقل الفعل العملي في إدراكها لكن الدين يعمل على تكريسها وتنقيتها في سياق إنساني”([34])

المطلب الثاني: أنماط التدين

يمكن تعريف النمط لغويًا: على إنه طريقة، أو أسلوب، او شكل، أو مذهب، او الصنف، أَو النوع، أَو الطراز من الشيء، ونمط الحياة يعني طريقة العيش وخصائصها الَّتي يعتمدها الإنسانُ في بيته ومجتمعه وعمله، وفي الأخير هو مجموعة من الخصائص في نسق معين ([35])

اما أنماط التدين: فهي مجموعة من الاشكال ذات خصائص ونسق وأسلوب معين تمثل الطريقة والكيفية التي يعيش بها الناس معتقداتهم الدينية في حياتهم اليومية بأبعادها المعرفية النظرية والعملية والدين هنا يتخذ ويستوعب طبيعة وشكل المجتمع الذي يحل فيه مثل السائل الذي يتخذ شكل الاناء الذي يحتويه فيصطبغ بنوع الشخصية البشرية وطبيعةِ العمران ومختلف الظروف التي يعيشها الناس.

اما التدين في معناه اللغوي العام فهو أن تتخذ هذا الشيء دينا لك ([36])، ومن الناحية الإجرائية هو ممارسة الدين وتحويله إلى تطبيق عملي فهو التعبير عن الممارسة الإنسانية والتطبيق البشري للدين، او هو الاهتمام بالأنشطة الدينية والمشاركة فيها أو هو الإشارة إلى مجموع السلوك والاتجاهات التي يحكم عليها باعتبارها دينية في جماعة أو مجتمع ما ([37]).

والتدين كفعل اجتماعي يفترض أنه يمثل الكيفية التي يعيش بها الناس معتقداتهم الدينية في حياتهم اليومية والأبعاد التطبيقية لها ([38])، ويأتي أيضا بمعنى الاهتمام بالأنشطة الدينية والمشاركة فيها، ويعرف كذلك بأنه نمط سلوك وأسلوب حياة يفرض التمسك والالتزام بأفكار المعتقد الديني وتعاليمه تجاه الخالق والمجتمع ويهدف إلى تعديل السلوك استجابة لمضمون العقيدة الدينية ([39]).

وبما أن الدين كما تم توضيحه سابقا تركيبة من متغيرات متفاعلة ومتعددة الأبعاد من ناحية الممارسة والاعتقادات والاتجاهات، ومجموعة أبعاد تتمثل بالبعد الفكري والذهني والشعوري والتقديس والبعد العقابي، فيرى عالم الأنثروبولوجيا الفرنسي (كلود ريفييرا) Claude Rivière في هذا الاتجاه ان التدين بصفته عبارة عن تعبيرات للخبرة الدينية له في نفس الوقت عدة أشكال فقد يكون عبارة عن تعبيرات نظرية (اعتقادات مذاهب أساطير) أو تطبيقات عملية بشكل (طقوس احتفالات) أو تعبيرات سوسيولوجيا (أنواع من الروابط الاجتماعية في وسط تنظيمات دينية) أو تعبيرات ثقافية (متغيرة حسب الأشكال الاقتصادية المهيمنة (دين المحارب والمزارع والبائع) أو تعبيرات تاريخية ما دامت تؤدي إلى تحولات للحياة الدينية من خلال الحقب والفترات الزمنية ([40]) وهذه الأشكال أو التعبيرات تحتاج إلى تفكيك وإعادة تركيب لفهمها وللتعرف على ظاهرة التدين وماهيتها بجميع أبعادها وأشكالها ومستوياتها للتمكن من فرز أنماطها وتمثيلاتها بعد ذلك.

وأول مكونات التدين كفعل اجتماعي هو المعتقد والمعتقد الديني من العناصر الأساسية في الثقافات الإنسانية ويؤثر بشكل كبير في شخصية الإنسان وسلوكه ومواقفه الحياتية وفي تحديد أهدافه وأولوياته وتوفير الإرشاد الروحي والنفسي للفرد والمجموع ([41])، وهذا الاعتقاد ارتباط إما أن يكون اعتقادا علميا مبني على دليل علمي وإما أن يكون جهلا بلا حجة، أو يكون تقليدا بلا حجة ناشئا عن اتباع قول الغير أو يكون مبني على تنبؤ أو تنجيم فيسمى خاطرا ([42]).

بينما تمثل الطقوس “مجموعة السلوكيات والأفعال والأقوال التي يقوم بها الإنسان بصفة متكررة ويتفق عليها المجتمع ذات علاقة بالدين “([43])، وفي أحايين كثيرة تتولد من ممارسة الطقس (كتجربة دينية) مباشرة حالة انفعال شديدة قد تصل حدا تستدعي الأفراد إلى القيام بسلوك ما، من أجل إعادة التوازن إلى النفس والجسد اللذين غيرت التجربة من حالتهما الاعتيادية ([44])

وبناء على ما سبق يمكن تعريف التدين إجرائيا بأنه ممارسة الدين وتحويله إلى تطبيق عملي يتمثل تعبير عن الممارسة الإنسانية والتطبيق البشري للدين، ويشمل بالضرورة كل المعتقدات والطقوس والأفكار والمنطلقات والمرجعيات الفكرية التي يعتقد الناس أنها دينية ويتعاملون معها على هذا الأساس بغض النظر عن صحتها ومشروعية هذا الاعتقاد.

ثانيا: علاقة التدين بالدين من خلال المفهوم.

إذا كان الدين هو النموذج المعياري الذي يستمد منه المؤمنون تصوراتهم الدينية عن المقدس فالتدين هو النموذج للممارسة التاريخية والاجتماعية له في الواقع ([45]) ولعل أهم فرق بين الدين والتدين إن الأول حاجة عقلية فكرية وفلسفية بينما التدين حاجة نفسية واجتماعية، وبحسب عالم الاجتماع الألماني جورج سميل Georg Simmel‏ “إن الدين هو الدافع الحيوي للروح (الفردي) والتدين هو الشكل الاجتماعي الذي يحاول على الدوام فرض هيمنته على الروح وإن لكل ذات فردية رؤاها الدينية الخاصة وتصوراتها المتفردة لمعنى الدين وتجلياته في الواقع” ([46]) وترجع العلاقة بين الدين والتدين في أصولها النظرية إلى الثنائية الكلاسيكية بين الثابت والمتغير، المثال والواقع، النهائي ولا نهائي، الفكر والممارسة ([47])

ويرى بشارة في كتابه الدين والعلمانية في سياق تاريخيّ أن “العقيدة تتغير باستمرار بحيث يبرز فيها بالتدرج تقديس ما لم يكن مقدسا في بداياتها تبعا لازدياد أهميته في المنظومة الإيمانية أو إذا ما فرض ذلك التدين الشعبي فيقدس مع الوقت النبي ورجل الدين وتقدس مثلا مواسم ومناسبات معينة لم تكن تقدس في مراحل هذا الدين الأولى” ([48])، وهنا يتضح كيف يتفاعل الدين مع التدين وكيف يصنع التدين الدين من جديد عبر التاريخ في نمط التدين الممارس بتأثيرات اجتماعية واقتصادية متعددة ينقل أنماط التدين هذه لتصبح بعد ذلك من صميم الدين نفسه ([49]).

فالدين يمثل جوهر الاعتقاد والتدين هو نتاج الاجتهاد ولذلك نرى تنوعا إنسانيا فيما يخص أنماط وأشكال التدين وهذه الأنماط منها ما يوافق الجوهر الإلهي للدين ويتسامى بالإنسان ومنها ما يسلب هذا الجوهر العلوي معانيه ويسطح غاياته حتى تصير مظهرا شكلياً ومنها ما يجعل من الدين ما هو نقيض له ([50]).

ومن هذا المنطلق يمكن أن نقول إن العلاقة والصلة بين الدين والتدين هي علاقة وصلة نسبية متباينة تتأثر بعدة عوامل شخصية وموضوعية فتقترب تارة وتبتعد أخرى وربما تتشدد وتتطرف او تتراخى وتنساح، فمنها ما قد يعبر عن الدين فعلا في المتدين ويكون هناك انسجام بين الدين والتدين، وقد يكون التدين لا علاقة له بالدين أي أن المتدين أما ان يبالغ في ممارسته الطقوسية والسلوكية أو أنه يبتدع سلوكيات خارج الدين مع اعتقاده بأنها من الدين.

والقرآن الكريم نفسه يستعرض بعض هذه النماذج (… وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ۖ..) سورة الحديد اية: 27 (اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَن سَبِيلِهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سورة التوبة اية: 9 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۗ…) سورة التوبة اية: 34 (وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) سورة النجم اية: 28.

وهكذا فإننا نرى الدين رغم وحدته إلا أنه يتفرع إلى عناصر متعددة ففيه كما تم ذكره الجانب الشعوري الحسي والاعتقادي وفيه العبادات والمعاملات والأخلاق وكل شخص يأخذ من هذه الجوانب بقدر يختلف عن الشخص الآخر بحسب طبيعته الشخصية ونمطها فالإنسان هو الآخر رغم فرديته الظاهرة إلا أنه يتكون من عناصر ونشاطات متعددة يختلف وصفها حسب الاتجاهات والمدارس النفسية طبقا لمذهب التحليل النفسي ففيه الذات المثالية والذات الواقعية والذات الحقيقية، أي أنه يمكن القول أن الإنسان متعدد العناصر رغم وحدته الظاهرة يتفاعل مع دين متعدد الفروع والمستويات أيضا رغم وحدته الحقيقية أساسا ومصدرا، ومن هنا ينشأ الاختلاف في الخبرات الدينية (التدين) من شخص إلى آخر وهو ما نراه في اختلاف درجة ونوعية تدين الأشخاص والجماعات ([51]).

وكما تم الإشارة في مقدمة هذا البحث أن النمط هو مجموعة من الخصائص في نسق معين وتم تعريف أنماط التدين بأنها مجموعة من الأشكال ذات خصائص ونسق وأسلوب معين تمثل الطريقة والكيفية التي يعيش بها الناس معتقداتهم الدينية في حياتهم اليومية بأبعادها المعرفية النظرية والتطبيقية العملية، وأن التدين يتخذ شكلَ المحيط المجتمعي الذي يحل فيه، ويصطبغ بنوع الشخصية البشرية وطبيعةِ العمران ومختلف الظروف التي يعيشها الناس، والدين مثلما يؤثّر في حياة الناس يتأثرُ بثقافاتِهم وتقاليدِهم وطرائقِ عيشهم. ويمكن بالنظر إلى عدد من المعايير والمحاكاة الموضوعية تمييز بين أنماط مختلفة للتدين باعتباره واقعة تاريخية اجتماعية. ويمكن إبراز ثلاثة معايير يأتي في مقدمتها ([52]):

  • المعيار الأول: درجة ومستوى حضور النص الديني الرسمي وتأويله وتفعيله على الصعيد السياسي أو غياب هذا الصنف ومن ثم غياب التأويل والتفعيل السياسي له.
  • والمعيار الثاني: هو حضور نصوص أخرى بديلة كالأساطير والمعتقدات والأمثال الشعبية.
  • والمعيار الثالث: هو كيفية تعاطي هذا النمط أو ذاك من التدين مع الحقيقة الاجتماعية بمستويات وأشكال وجودها كافة، ويشكل هذا المعيار الأخير صنف خاص من (النشاط الاجتماعي) بالنسبة للباحث السوسيولوجي بنية موضوعية يحاول الإمساك بها من الخارج عبر مظهراتها كما يسميه ماكس فيبر.

تنتج عدة أنماط للتدين (التدين المعرفي (الفكري) والتدين الطقوسي (تدين العادة) والتدين التفاعلي (تدين رد الفعل) والتدين النفعي (المصلحي) والتدين الدفاعي(العصابي) ونمط التدين المتطرف ونمط التدين التصوفي والتدين الشعبي والتدين الرسمي والتدين السلفي والتدين الحركي ([53])

ويختلف مفهوم التدين في المنطلقات الإسلامية عنه في المنطلقات الغربية ويرجع اختلاف هذه المفاهيم إلى بسبب اختلاف الحقول المعرفية التي يدرس بها الدين في كلا الثقافتين واختلاف نظرتها لمعيار قياس التدين بناء على مرجعيتها المختلفة ومن جانب آخر تتمثل فيه إشكالية التداخل الحاصل في معايير قياس التدين حضورا وغيابا حيث يلعب العامل الاجتماعي الدور الأبرز في هذه المعايير ([54]).

وهذا يجعل من الصعب قياس مستوى التدين في المجتمعات الإسلامية بذات المعايير الغربية لقياس التدين فاختلاف أنماط التدين بين المجتمعات فمثلا اداء الصلوات الخمس فقط في بعض المجتمعات يعد دلالة على التدين وفي مجتمعات أخرى أدائها لوحدها غير كافٍ لوصف الشخص بالمتدين مثلاً، وغيرها من الضوابط أو المعايير وهذه الإشكالية نابعة من عدم وجود معيار في الدراسات التي تناولت موضوع قياس التدين وغالب المقاييس المصممة لقياس التدين على تعددها إنما تنطلق من الدين المسيحي وجزء من إشكالية دراسة الدين والتدين في فضاءات العربية انطلاقها من قواعد مستعارة لها رؤيتها الخاصة في الدين منها على سبيل المثال مقياس (جوردن البورت) ومقياس (البورت و روسي) ومقياس (فيجن)([55]).

ولذلك فان ردود الأفعال تجاه الدين في أوطاننا العربية هي ليست إزاء جوهر الدين، إنما أمام أنماط التديّن وهذا عائد للخلط بين الأمرين بين الدين والتدين ويوجد من يسوق ردود الأفعال هذه عمدًا أنها تجاه الدين، محاولًا بذلك إقصاءه بشكل تام من الحياة، وإن الالتزام بالفهم الخاطئ للتدين يمكن أن يؤدي إلى تضخيم قيمة اللفظ وتجاهل الأهمية الحقيقية للمعاني الروحية العميقة للدين. ويمكن أن يؤدي أيضًا إلى إعاقة النمو النفسي والاجتماعي والروحي، ويخلق حالة انفصام لدى الفرد عن ذاته والتركيز على المظاهر الخارجية للدين بدلاً من المعاني الحقيقية. ويمكن أن يؤدي أيضًا إلى الانحراف عن الوسطية والتسامح والتقبل المتبادل، ويمكن أن يؤدي إلى العنصرية والتشدد والتعصب وهوس السعي إلى السيطرة القهرية على الآخرين ([56]).

المبحث الثاني: العوامل المؤثرة في تشكل أنماط التدين

المطلب الأول: العوامل الشخصية.

يشير الجانب الشخصي إلى الصفات والخصائص الفردية للأفراد مثل الشخصية والعمر، والجنس، والتعليم، والعواطف والقيم والمعتقدات والخبرات السابقة والميل إلى السلوك الذي يعتمده الفرد وبالتالي تعتبر الجوانب الشخصية متغيرات داخلية تؤثر على سلوك الفرد ترتبط بالشخص نفسه وتؤثر على سلوكه واستجابته للمواقف والظروف المختلفة، فالشخصية الإنسانية جملة من الصفات الجسدية والنفسية (موروثة أو مكتسبة) ومجموعة من العادات والتقاليد والقيم والعواطف متفاعلة مع بعضها كما يراها الآخرون من خلال التعامل في الحياة الاجتماعية ([57]).

أو هي كما يراها الفيلسوف الالماني كارل ألبرت (Karl Albert)تشكل نمطاً سلوكياً ثابتاً يتألف من مجموعة من الوظائف والسمات العقلية والوجدانية والفيزيولوجية التي تحدد سلوك الفرد وفكره ويؤثر في السلوك الإنساني التفاعل بين خصائص الشخصية والأحوال الاجتماعية والبيئة المادية، وتتحكم في السلوك عوامل داخلية، مثل خواص الشخصية، وعوامل خارجية مثل البيئة المحيطة ([58]).

فتجد الشخصية المفكرة مثلا تهتم بالمطالعة والتأمل، وتركز على النظريات والشخصية الوجدانية التي تستجيب في انفعال وتأثر للأحداث والمواقف والتي غالبًا ما تكون أقل قدرة على تقدير القيم الموضوعية للأشياء وتجد الشخصية العملية التي تهتم بالجوانب العملية وتتفادى التفكير في صحة النظريات، وتركز على الأشياء التي يمكن تطبيقها في الواقع دون التعرض للتعقيدات النظرية ([59])، ومن هنا تتشكل القابلية لتفضيل نمط من أنماط التدين.

ويتشكل التدين عند الإنسان على المستوى الشخصي في ثلاث مراحل رئيسية، يفهم الفرد الموضوع الديني في المرحلة الأولى بطريقة معينة ويتعلم عنه، ثم في المرحلة الثانية، يصيغ الفرد هذا الموضوع في صورة مشروع سلوكي، أي يتحدد عنده ما يجب فعله وما يجب تجنبه، وفي المرحلة الثالثة يقوم بتنزيل هذا المشروع السلوكي على الواقع، أي يتم تطبيقه في الحياة اليومية ومن خلال هذه المراحل، تحدث تباينات كبيرة في الخبرة الدينية بين الأفراد، فبعضهم يفهمون الموضوع الديني بشكل أفضل من آخرين، وبعضهم يكونوا أكثر قدرة على صياغة مشروع سلوكي وتنفيذه في الحياة اليومية وهذه التباينات ليست محصورة على الأفراد فحسب، بل تنطبق أيضًا على الجماعات ([60]).

ومن هذا التعدد تنتج لدينا عدة أنماط من التدين، منها التدين المعرفي (الفكري) والتدين الوجداني (العاطفي أو الحماسي)، والتدين الطقوسي، وتدين العادة، والتدين النفعي (المصلحي) والتدين التفاعلي (تدين ردة الفعل) والتدين الدفاعي العصابي والتدين المرضي (الذهاني) والتدين المتطرف (التطرف الفكري أو الوجداني أو الطقوسي) ([61]).

ويختلف الباحثون في تحديد أصل التدين في الإنسان، فهناك من يرى أنه غريزي فطري؛ أي أن هناك غريزة تدفع بالإنسان إلى التدين اسموها الغريزة الدينية (Religious Instinct) مثلها مثل أية غريزة أخرى، كغريزة الجنس والبقاء، وأن الطفل يكون المفاهيم الدينية ذات المعنى والدلالة إذا وجد البيئة المناسبة، وبحسب نتائج العديد من البحوث يبدأ الشعور الديني عند الطفل في سن الرابعة حيث يبدأ الطفل في طرح أسئلة دينية، من قبيل من هو الله؟ ويرجع الطفل كل شيء غيبي إلى موضوع من المواضيع التي يصادفها في البيئة، ويحاول أن يجد الرابط بينها في خياله الواسع، ويمر النمو الديني لدى الفرد بعدة مراحل ([62]):

  1. مرحلة الخيال والوهم: تسود لدى الطفل خلال هذه المرحلة الأفكار والمعتقدات الوهمية والخيالية، ويكتسب الطفل تصوراته حول الوجود من الوالدين بدافع الفضول، لذلك غالباً ما يطرح الكثير من الأسئلة حول مواضيع غيبية. يقدم الآباء إجابات تتوافق مع معتقداتهم وأحيانا يرفضون الإجابة، ولكون عقل الطفل لا يستطيع استيعابها وفهمها مما يجعل حالة من الغموض والقداسة تكتنف هذه الموضوعات ويخلق لدى الطفل حالة من الخوف والرهبة ممزوجة ببعض القلق تجاهها.
  2. مرحلة تجسيد الشخصية: مع ظهور بعض القدرات العقلية لدى الطفل يبدأ بالاهتمام بمعرفة سيرة الشخصيات الدينية المهمة، كالأنبياء والرسل كما يبدأ الشعور الديني لديه في النمو على أساس الثواب المرتبط بالجنة والعقاب المرتبط بالنار، ويدفعه هذا إلى ممارسة الشعائر الدينية.
  3. مرحلة إرضاء الحاجات: يتخلى الطفل في هذه المرحلة عن الموضوعات الدينية التي يعتقد عدم فائدتها ولا تشبع حاجاته الملحة ويلجأ إلى اختيار المفاهيم والعناصر والرموز التي ترضي حاجاته فيتقبل ويقنع نفسه بصدق ما يقوله له والديه ويتبنى أفكارهم او آراءهما ويسعى لقمع شكوكه.
  4. مرحلة العقيدة الاندماجية: مع البلوغ يبدأ الفرد بالتمتع بقدرات عقلية تمكّنه من الفهم والنقد، مما يساعده على تحويل المعتقدات والأفكار الدينية من كونها ذات منشأ خارجي يستقبلها من الآخرين إلى معتقدات وأفكار ذات منشأ داخلي، وعندما يدخل المراهق هذه المرحلة يبدأ في تطوير التفكير التجريدي لديه ووضع ما تعلمه عن الدين في نظام عقائدي متكامل ومع ذلك، فإنه لا يزال ملتزمًا بمعتقدات الآخرين وغير قادر على التحليل الكفء والمستقل لبدائل المعتقدات الدينية ولذلك فإن المراهق في هذه المرحلة لا يزال قاصرًا من الناحية الدينية وغير قادر على الاستقلال عن الآخرين والاستغناء عنهم في تشكيل قناعاته وإعادة تركيبها ([63])
  5. والمرحلة الأخيرة عقيدة الفردانية التأملية: وعندها يستطيع الفرد تشكيل قناعاته وتحمل مسؤولية معتقداته الدينية ويبدأ بالموازنة بين قناعاته من جهة والمعايير الاجتماعية السائدة في بيئته من جهة أخرى ويسعى للتوفيق بينها وبين احتياجاته ومصالحه وما هو سائد في المجتمع. أثناء ذلك يطرح أسئلة من قبيل هل ما نشأت عليه من عقائد نسبية أم مطلقة وأيهما لها الأولوية مصلحتي الشخصية أم العامة ليلعب تطور التفكير المجرد والنمو العقلي دورًا مهمًا في تحديد معتقداته التي سيتبناها لاحقا، وخلال هذه المراحل تتطور مظاهر اليقظة الدينية فمن الناحية السلوكية، يتميز الشعور الديني للفرد في مرحلة الطفولة ببساطته وعفويته، ولكن مع دخول المراهقة يظهر ما يسمى لدى المختصين تأثير اليقظة الدينية الذي يؤدي إلى تغيرات في التفكير والسلوك والشعور الديني، وعلى الرغم من انخفاض نسبة ممارسة الشعائر الدينية مع بداية فترة البلوغ، فإن الدراسات أظهرت عودتها إلى مستواها السابق بعد مرور فترة أزمة المراهقة. يشعر المراهق خلال هذه الفترة برغبة شديدة في ممارسة الصلاة والعبادات الأخرى ([64])

ومن الناحية المعرفية، ينتشر بين أوساط المراهقين مجموعة متنوعة من الأفكار والمشاعر بشأن الدين بما في ذلك الشك، والحماس، والإلحاد، والرضا، والحب، والاحترام، بالإضافة إلى الخوف، والبغض، والسخط. ووفقًا لدراسة أجراها كلارك حول سيكولوجية اليقظة الدينية، فإن متوسط سن حدوث اليقظة الدينية هو 12 سنة ([65])

وبالإضافة إلى أنماط التدين استخدم الباحثون مصطلح (التوجه الديني) لوصف الطريقة التي يعيش بها الفرد حياته وفقًا لمعتقداته وقيمه ويعد هذا المفهوم المتغير الأكثر فائدة لفهم وظائف الدين في حياة البشر، بغض النظر عن نوع الدين، يقترح عالم النفس الأمريكي جوردن البورت توجهين للتوجه الديني: التوجه الديني الجوهري والتوجه الديني الظاهري. في التوجه الديني الجوهري، يعيش الأفراد في الإيمان الديني لأجل الإيمان وتكون الجوانب الاجتماعية للدين غير مهمة بالنسبة لهم، أما في التوجه الديني الظاهر فيستخدم الدين كأداة لتحقيق غايات غير دينية مثل الحصول على عمل أو مركز اجتماعي مقبول ([66]).

وفي كل المجتمعات والمجتمع العربي والإسلامي بالخصوص توجد عدة أنماط من التدين فخاصية الإسلام هي مرونته وبالتالي فدرجة التدين فيه مفتوحة بين أدناها وأقصاها حسب قوة الممارسة للدين كما أن هناك تصنيفات أخرى حسب درجات التدين فهناك المتدينون العرضيون في (الأعياد الدينية ويوم الجمعة) والمتدينون الرسميون أو الدائمون المواظبون وهناك التدين السلوكي والتدين الظاهري والتدين التفاعلي (حين يصبح الفرد متدينا بحسب حدث ما) وهناك أيضا معايير قياس وتصنيف أشكال التدين كمعيار الديمومة (الزمن) مقياس يقيس درجة استمرار ممارسة تدين ما ومعيار (مقياس الكثافة) من خلال بعض مؤشراته معيار التردد أو التكرار([67]).

وكذلك مما يسهم في اختلاف وتباين أنماط واشكال التدين من شخص لآخر عامل الاختلاف في الخبرات الدينية وهو ما نراه في اختلاف درجة ونوعية تدين الأشخاص والجماعات وكذلك اختلاف نشاطات الإنسان في عدة دوائر كدائرة المعرفة (الفكر) ودائرة الوجدان (العاطفة، الانفعال، والشعور) ودائرة السلوك (الإرادة والفعل) ([68]).

وهكذا تنوع التجارب الدينية كتجربة الانجذاب والهيبة وتجربة الاعتماد والأمل والحب والإيمان الديني، وهذه التجارب الدينية بمختلف مستوياتها وأنماطها هي من يروي الظمأ الأنطولوجي -افتقار الشخص البشري إلى ما يثري وجوده ويكرس كينونته المفتقرة- ومع إنها تختلف باختلاف البشر فكل شخص يرتوي منها بحسب استيعابه الظرفي ووعائه وقدرته على المثول في حضرة المعبود ([69]).

المطلب الثاني: العوامل الموضوعية.

يشير الجانب الموضوعي إلى الظروف الخارجية التي تؤثر على السلوك وتشمل كذلك القيود والفرص التي يواجهها الفرد في بيئته المحيطة فالعوامل الموضوعية تتعلق بالظروف الخارجية والبيئية التي يتعرض لها الشخص وتؤثر على سلوكه ويتفاوت تأثيرها من شخص لآخر ومن مجتمع لآخر، حيث يمكن أن تؤثر بشكل كبير في سلوك الأفراد في بعض الثقافات والمجتمعات، وتكون أقل أهمية في البعض الآخر، ومن المهم معرفة وفهم العوامل الموضوعية المؤثرة على سلوك الأفراد والمجتمعات، حيث يمكن أن تساعد في تفسير وفهم السلوك الإنساني والتعامل معه والتدين بالأساس هو وعي وممارسة فردية واجتماعية ومؤسسية وصيغة اجتماعية لأنه انبثاق عن واقع اجتماعي موضوعي، محدد بأبعاد هذا المحيط الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي والتكنولوجي والموقع الجغرافي ([70]).

ويمكن القول أيضاً أن التدين “عملية اجتماعية يؤدي انتشارها وعمومياتها إلى اتخاذ شكل الظاهرة شروط نشأتها وتطورها فضلًا عن العمومية مثل القهر والإلزام والتأثير المتبادل مع الظواهر الاجتماعية الأخرى السياسية والاقتصادية والتربوية والأسرية والمناخ الثقافي السائد وهي مثل غيرها من العمليات والظواهر الأخرى تمضي عليها سنن التغيير الاجتماعي وقوانينه وتتأثر بالأبعاد المكانية والزمانية والثقافية وحركة المجتمع في تقدمه أو تخلفه” ([71])

لذلك من اهم العوامل الموضوعية تأثيرا في تشكل الوعي الديني هي:

  1. المحيط الاجتماعي: يقوم التديــن بتعزيــز الرفــاه النفســي عن طريق توفيــر شــبكة الدعــم الاجتماعــي وإنشــاء نظــام فلســفي عقائــدي يمكــن للأفــراد مــن خلالــه تفســير أحــداث الحيــاة بطريقــة تؤثر علـى التوقعـات الإيجابيـة فـيها عـن طريـق إيجــاد عالــم داخلــي هــادئ ومتســامح لهم ([72])،وبما أن الإنسان في الأساس كائن اجتماعي مستعد للتفاعل مع المجتمع، فعندما ينمو الفرد في المجتمع، ينمو وعيه الذاتي ووعيه الاجتماعي معًا، فالمجتمع باعتباره عاملًا أساسيًا في الحياة الشخصية يؤثر على حياة ، وأول رابط يؤثر فيه هو الأسرة. وهي الخطوة الأولى في تحول الفرد من ذات فردية إلى جزء من الأسرة ككل، حيث تؤثر العوامل الأسرية وطريقة التربية في شخصية الفرد ومعتقداته الدينية فعلى سبيل المثال قد يتعلم الطفل تقاليد دينية من الأسرة ويتم تربيته على القيم الدينية، مما يؤدي إلى تدينه فيما بعد وهكذا تتسع دوائر التأثير الاجتماعي الأخرى على الفرد وسلوكياته وتتفاعل مع قناعاته الفكرية ومعتقداته وقيمه التي يتبناها فهناك تفاعل متلازم بين التطور الديني والتطور الاجتماعي حيث أن كل تطور اجتماعي يخلق تطوراً دينياً، كما أن كل تعددية في البنية الاجتماعية تفرز تعددية في الرؤى الدينية، فأنماط التدين تختلف باختلاف الطبقات الاجتماعية والانتماءات المهنية التي تبصم رؤية أفرادها ببصمتها الخاصة فيكون لدينا دين الفرسان، ودين المزارعين والقساوسة والعسكريين والحرفيين ورجال الفكر وهكذا ([73])

والظاهرة الاجتماعية بحسب دوركايم تفوق أي ظاهرة أخرى في أنها تأخذ أشكالًا مختلفة ومتعددة وغير محدودة، ويعتبر تايلور الثقافة الاجتماعية مزيجاً من المعارف والعقائد والفن والأخلاق والقانون والأعراف وغيرها من المكونات التي تشكل ثقافة المجتمع، ولكن هذه المكونات ليست على نفس المستوى من التأثير، فمثلا عندما تشتبك الثقافة المجتمعية بالدين، فإن القيم الأخلاقية التي تنبع من الدين تتحول إلى سلوكيات اجتماعية عامة عند الفرد في تعامله على الرغم من أن الفرد لا يستحضر المفاهيم الدينية عند التفاعل مع الآخرين، إلا أنه قد يجد نفسه مضطرًا لتبني هذا الشكل الظاهري للتدين كواجب اجتماعي على الأقل ومع ذلك يمكن أن يواجه هذا الشكل الظاهري للتدين السيسيولوجي انهيارًا في أي لحظة تصادف موجة تغيير قوية أو ضغطًا قيميًا ([74]).

والاتجاه الاجتماعي في دراسة الدين يرى في الطقوس أن منها ما هو ديني ومنها ما هو ممارسة اجتماعية وهذه الأخيرة إما أن تكون نابعة من تاريخ المجتمع أو مستوردة من الخارج وأن كثيراً من هذه الطقوس تمارس كعادة اجتماعية متوارثة ولا يعرف الممارسون لها معنَىً ([75]).

  1. العوامل الاقتصادية: يمكن للنظام الاقتصادي في المجتمع أن يؤثر على التدين، سواء في انعكاس حالة الرفاه والترف أو الجوع والفقر، والعامل الاقتصادي من أهم العوامل المؤثرة في السلوك الإنساني ولكن الاختلاف بين مختلف مدارس علم الاجتماع حول توصيف شكل هذا التأثير فالوضعية المادية كما بينا في مبحث الدين في المطلب الثاني ترجع الظاهرة الاجتماعية بما فيها الدين إلى البنية التحتية المحركة لها والتي ترسم هوية وواقع المجتمع بأسره، وتعتبر أن الاقتصاد هو في الحقيقة ما يمثل هذه البنية التحتية لذلك اعتبر ماركس أن الدين إحدى أهم الأدوات بيد المستكبرين والطبقة الحاكمة في ترويض الشعوب وإخضاعها([76]).

بينما مدرسة التأويل ترى العكس حيث عاكس فيبر النظرة الماركسية من خلال إثباته بأن الدين في واقعه ليس بنية فوقية للمجتمع يتحكم بها الاقتصاد، بل هو بنية تحتية محركة للاقتصاد وبالتالي لم يكن النظام الرأسمالي إلا أحد ثمرات الأخلاق الدينية البروتستانتية في أوروبا ([77]

العوامل السياسية: لا أحد ينكر أن للسياسة أثر كبير ومباشر على أغلب مناحي الحياة وهناك من عرف الوعي الديني (التدين) بأنه مجموعة من الآراء والمفاهيم والأفكار والنظريات السياسية ([78]) حيث يمكن للحكومات تبني سياسات وإصدار قوانين تؤثر على الحياة الدينية في المجتمع فعلى سبيل المثال، يمكن للحكومة أن تحظر بعض العقائد الدينية أو تقيد ممارسة الدين في المناطق العامة وكذلك من خلال إظهار مواقف محددة تجاه الدين من قبل الزعماء السياسيين في المجتمع.

وبحكم سيطرة السلطة السياسية وملكيتها لأجهزة الدولة الأيديولوجية فإنها تعد عنصرا محوريا أساسيا، بل وحاسما في بعض الأحيان في إنتاج وإعادة إنتاج الوعي الاجتماعي بأشكاله ومستوياته كافة وعلى نحو يستجيب لمصالح هذه السلطة السياسية ويكون تعبيرا عن هذه المصالح وفي هذا الإطار تنهض المؤسسات الدينية الرسمية عبر وسائطها ورسائلها بدور بالغ الأهمية في صياغة الوعي الديني وانتاجه للجماهير ([79]).

  1. العوامل الجغرافية : من وجهة نظر الجغرافيين الدين عنصر مهم ومتجذر بعمق في معظم المجتمعات وله حضور متفاوت في كل منطقة مأهولة على الأرض وأن العديد من خصائص الأديان وتطورها وتأثيرها متجذرة في العوامل الجغرافية ومن أجل فهم أفضل للمكان يجب أن نأخذ في الاعتبار طابعه الديني، تحاول جغرافية الدين أن تفسر وتقارن وتحلل أصول الأديان المختلفة وانتشارها وتوزيعاتها وتأثيراتها اللاحقة والمشاهد الدينية التي تخلقها وتبحث في كيفية تأثير الدين على أنماط الحياة والتجارة والديموغرافيا والسياسة والبيئة والمكونات الأخرى للمجتمع ويصنف الجغرافيون الدين في المقام الأول إلى نوعين: ([80])
  • عالمي ينتشر على نطاق واسع وسريع في جميع أنحاء العالم يتمثل في الديانات العالمية التبشيرية كالإسلام والمسيحية وبعض أشكال البوذية.
  • وعرقي مختص بمجموعة عرقية معينة غالبًا ما يقتصرون على بلد معين، وينتشرون مكانيًا بمعدل بطيء كاليهودية والهندوسية ويرى مؤسس علم الاجتماع ابن خلدون أن أهل البدو أقرب إلى الخير من أهل الحضر مثلا كونهم أقرب إلى الفطرة وأن المدن الكبرى تفرض على أهلها التزاحم والتنافس في المعيشة بما يؤثر سلبا على قابليتهم واستعدادهم الفطري للتدين ([81])
  1. الحروب والكوارث والأوبئة: الحروب والتحولات الكبرى والأوبئة تحولت في تاريخ الإنسانية إلى عوامل مؤثرة في تغيير الدين وتحولاته.

الخاتمة والنتائج

  1. لا زال للدين تأثيره وحضوره الفاعل كونه مصدر للقيم الشخصية والاجتماعية يسهم بصياغة التصورات العامة للنظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمعرفية أكثر من الأطر الفنية الأخرى فالواقع والتاريخ يثبت أن هنالك حاجة وجودية للدين والتدين لم ولن تنتفي، بسبب الاثر والوظائف النفسية والاجتماعية التي يؤديانها.
  2. لا يمكن فصل الاعتقاد الديني عن حياة الناس الاجتماعية كون الدين لا يرتبط بالشكل الاجتماعي العام فحسب كمظهر قائم بذاته، ولكنه مرتبط ارتباط عضوي بالاقتصاد والسياسة والقانون وبقية النظم الاجتماعية الأخرى.
  3. ان التدين هو محاولة التطبيق العملي للدين وهذا التطبيق لا يتشكل بنمط واحد وانما بعدة أنماط واشكال، وان هنالك عوامل شخصية وموضوعية تشكلها وتؤثر فيها وتتحكم في انتاجها بشكل أساسي وكبير.
  4. إن ردود الأفعال تجاه الدين في اغلب الأحيان وبخاصة في العالم الإسلامي هي ليست إزاء جوهر الدين ذاته إنما هي ناتجة من عدم التفريق بين الدين وانماط التدين حيث ان تشوه بعض هذه الأنماط (بسبب التداخل السلبي العميق للعوامل الموضوعية والشخصية في تشكلها) يمكن ان يؤدي الى الالتزام بالفهم الخاطئ للتدين، وإلى إعاقة النمو النفسي والاجتماعي والروحي، والوقوف بوجه التنمية، وتجاهل الأهمية الحقيقية للمعاني الروحية العميقة للدين، والانحراف عن الوسطية، والتسامح والتقبل المتبادل، او إلى العنصرية والتشدد والتعصب وهوس السعي إلى السيطرة القهرية على الآخرين.

المراجع والمصادر

  1. إبراهيم حسين سرور، المعجم الشامل للمصطلحات العلمية والدينية، المجلد الأول، لبنان دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، 2008.
  2. أحمد زكي بدوي، معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، مكتبة لبنان، ط1، 1978، بيروت.
  3. أحمد عمرو عبد الله وإسلام عيد رفاعي، القدرة التنبؤية للتدين واليقظة الذهنية بالتوجه نحو الحياة لدى عينة من المجتمع المصري، مركز الإرشاد الجامعي – جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل -الدمام – المملكة العربية السعودية مجلة جامعة الشارقة للعلوم الإنسانية والاجتماعية المجلد 17العدد A 28 ديسمبر 2020م
  4. أحمد محمد عبد الخال، علم نفس الشخصي، مكتبة الأنجلو المصري، القاهرة -مصر، ط2، 2016.
  5. أسامة عثمان محمد، دور الدين في تحقيق السلطة والضبط الاجتماعي، مجلة آداب الرافدين، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي جامعة الموصل العراق، ملحق العدد 86 السنة الواحد والخمسون، 2021.
  6. أسماء بن سبتي، واقع التدين في المجتمعات الإسلامية المعاصرة – مجلة الاحياء العدد: 314، كلية العلوم الإسلامية – جامعة باتنة- مجلة علمية دورية محكمة تصدرهـا كلية العلوم الإسلاميـة جامعة باتنة (1) – الجزائر العدد: 20 جوان(حزيران) 2017م / شوال 1438هـ.
  7. إيان مرخام، علم اللاهوت جذوره ومضامينه وتطوراته المعرفية، مجلة الاستغراب، المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية بيروت- لبنان العدد:7، السنة الثالثة، 2017.
  8. جاك ديريدا، الدين في عالمنا، ترجمة محمد الهلالي وحسن العمراني، الدار البيضاء، دار تويفال للنشر ط1، 2003.
  9. جميل حمداوي، علم الاجتماع بين الفهم والتفسير – جامع الكتب الإسلامية، المجلد 1، https://ketabonline.com/ar/books/96555/read?page=2&part=1#p-96555-2-1 .
  10. حسن يوسفيان، دراسات في علم الكلام الجديد، ت محمد حسين زراقط، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، ط1، (بيروت-لبنان)، 2016.
  11. حمد زغب: الفلكلور: النظرية والمنهج والتطبيق، دار هومة، الجزائر، 2015.
  12. خالد بن عبد العزيز السيف، إشكالية التدين في الفكر الغربي وانعكاس ذلك على الدراسات العربية، مجلة الدراسات الإسلامية، المجلد 9، العدد الأول، 2020.
  13. الريماوي محمد عودة، علم النفس النمو- الطفولة والمراهقة، دار المسيرة للنشر، عمان – الأردن 2001.
  14. سهير العطار، علم الاجتماع العائلي، دار النسر الذهبي، مصر- القاهرة، ط1، 2001.
  15. سهير صفوت عبد الجيد، ألدين والتدين في مصر (مقاربة فينومينولوجية)، جمهورية مصر العربية جامعة عين شمس، قسم الاجتماع- كلية التربية، نسخة الكترونية.
  16. السيد فؤاد البهي، الاسس النفسية للنمو – من الطفولة إلى الشيخوخة، دار الفكر العربي، القاهرة، ط1، 1998.
  17. عبد الباسط عبد المعطي الوعي الديني والحياة اليومية: دراسة ميدانية على عينة من شرائح طبقية في قرى مصرية الجمعية العربية لعلم الاجتماع ومركز دراسات الوحدة العربية، مصر – القاهرة، ط1، 1989.
  18. عبد الجبار الرفاعي، التديّن الشعبي والتديّن الشعبوي، مقال في العالم الجديد، الثلاثاء 21 تموز 2020، العالم الجديد https://al-aalem.com/article/48668- تاريخ الزيارة: 14- فبراير- 2023.
  19. عبد الجبار الرفاعي، الدين والنزعة الإنسانية، مركز دراسات فلسفة الدين -بغداد- العراق، ط3، 2018.
  20. عبد الجبار الرفاعي، يتنوّع التديّن بتنوّع الإنسان والواقع، الحوار المتمدن-العدد: 7248 – 2022 / 5 / 14 – 12:22https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=756024 تاريخ الزيارة: 14- فبراير- 2023.
  21. عبد الجواد ياسين، الدين والتدين: التشريع والنص والاجتماع، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء- المغرب، ط2، 2014.
  22. عبد الجواد ياسين، اللاهوت، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للنشر والتوزيع، الرباط-المغرب، ط 1، 2019.
  23. عبد الرحمن بن خلدون (٧٣٢ – ٨٠٨ هـ) كتاب العِبَر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر دار الفكر، بيروت، ط1، ١٩٨١ المجلد 1.
  24. عبد الرحيم بودلال، الظاهرة الدينية بين المنهج الوضعي والمنهج اللاهوتي: دراسة مقارنة، من إصدارات مركز دراسات المعرفة والحضارة، المغرب, 2021.
  25. عبد العزيز بن زيد ال داود، تحولات التدين في المجتمع السعودي، غيناء للنشر، الرياض – السعودية، ط1, 2009.
  26. عبد الله الخريجي، علم الاجتماع الديني، رامتان- جده، السعودية- جده، ط1، 2009.
  27. عبد الله شلبي، التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر: اليات المصالحة والقبول والرضا والتحايل، مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات، القاهرة – مصر، ط1, 2008.
  28. عبد الناصر سلطان سلام، بنية الدين: دراسة تحليلية للمكونات الأساسية في الأديان، الملتقى للطباعة، تركيا-غازي عينتاب، ط1 , 2022.
  29. عزمي بشارة، الدين والعلمانية في سياق تاريخي، الجزء الاول، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، لبنان –بيروت، ط1, 2013.
  30. عكاش ابن مصطفى، الإسلام ممارسا: تجديد النظرة في معايير التدين، مؤسسة مؤمنون بلا حدود، الرباط – المغرب، 2011.
  31. علي بن مصمودي علي، النمو الديني ومنشأ التدين لدى الإنسان، مجلة أنثروبولوجية الأديان، 2011-06-15النمو الديني ومنشأ التدين لدى الانسان | ASJP (cerist.dz
  32. غيث، محمد عاطف: قاموس علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، ط1، 2006.
  33. فراس السواح دين الانسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني، دار علاء الدين، سوريا- دمشق، ط 4، 2002.
  34. فضيل حضري، مستويات لدين واشكال التدين: محاولة تصنيفية، مجلة الواحات للبحوث والدراسات، العدد 11 لسنه 2011، الجزائر: جامعة غرداية.
  35. فوراستيه جان، معايير الفكر العلمي، ترجمة فايز كم نقش، سلسلة زدني علما، لبنان- بيروت، ط2، 1984.
  36. قاموس المعاني. https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar
  37. قاموس مصطلحات الانتولوجيا والفولكلور، ايكه هولتكرانس ترجمة د. محمد الجوهري وحسن الشامي، الهيئة العامة لقصور الثقافة، دار الامل للطباعة والنشر، القاهرة- مصر، ط2, 1972.
  38. كارل ألبرت، أنماط الشخصية أسرار وخفايا، ترجمة حسين حمزة، كنوز المعرفة، عمان -الأردن، الطبعة الأولى 2014.
  39. لتدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر: آليات المصالحة، والقبول، والرضا، والتحايل. لعبد الله شلبي، مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات، القاهرة، ط2008 ،1م.
  40. مازن كامل الغرب “التوجه الديني للمرأة العراقية وانعكاسه على مظهرها الخارجي” مجلة البحوث التربوية والنفسية العدد 23 المجلد 23، الناشر العراق جامعة بغداد مركز البحوث التربوية والنفسية 2009.
  41. محمد عبد الفتاح المهدي، سيكولوجية الدين والتدين، البيطاش سنتر للنشر والتوزيع، مصر- الإسكندرية، ط1 ,2002.
  42. محمد عبد الله دراز، الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان، المطبعة العالمية، مصر، ط1، 1952.
  43. مراد وجدي،2010، “تحولات التدين الشعبي بالريفين الاوسط والشرقي الاولياء والصلحاء انموذجا)”، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة محمد الاول كليه الآداب والعلوم الإنسانية، وجدة -المغرب.
  44. مظاهر التدين في المجتمع العراقي دراسة سوسيولوجية، خوام مانع محمد الجميلي واحمد صالح احمد داود مجلة مداد الآداب 2020, المجلد 1, العدد 21, الصفحات 651-674 الناشر: الجامعة العراقية.
  45. مهتدي الأبيض، اجتماعية التدين الشعبي: دراسة تأويلية للطقوس العاشورائية، دار الرافدين، بيروت- لبنان، ط1, 2017.
  46. مهدي محمد القصاص، علم الاجتماع الديني، عامر للطباعة والنشر، كلية الآداب- جامعة المنصورة- مصر، ط1، 2009.
  47. موسوعة فلسفة الدين-2، الإيمان والتجربة الدينية، إعداد وتحرير عبد الجبار الرفاعي، مركز دراسات فلسفة الدين-بغداد، بغداد العراق، الطبعة الأولى 2015.
  48. نجوان نجاح الجدة، فلسفه الدين، مركز عين للدراسات والبحوث المعاصرة، العراق-النجف، ط1, 2016.
  49. وليامز نورمان ووليامز شيلا، النمو الروحي والخلقي، ترجمة: العيسوي عبد الرحمن، دار النهضة العربية، ط1، بيروت،1992.
  50. يونس الوكيل، تقديم في بسط إشكالية الدين والتدين في كتاب إشكالية الدين والتدين أسئلة مقاربات نماذج، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للنشر والتوزيع، المغرب، ط1، 2020.
  1. انظر خالد بن عبد العزيز السيف، إشكالية التدين في الفكر الغربي وانعكاس ذلك على الدراسات العربية، مجلة الدراسات الإسلامية، المجلد 9، العدد الأول، 2020، ص 200.
  2. عبد الجبار الرفاعي، يتنوّع التديّن بتنوّع الإنسان والواقع، الحوار المتمدن-العدد: 7248 – 2022 / 5 / 14 – 12:22https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=756024 تاريخ الدخول: 12/02/ 2023
  3. انظر عبد الناصر سلطان سلام، بنية الدين: دراسة تحليلية للمكونات الأساسية في الأديان، الملتقى للطباعة، تركيا-غازي عينتاب، ط1 , 2022، ص21.
  4. سهير صفوت عبد الجيد، ألدين والتدين في مصر (مقاربة فينومينولوجية)، جمهورية مصر العربية جامعة عين شمس، قسم الاجتماع- كلية التربية، نسخة الكترونية.، ص49، نقلا عن (Christopher Callaway: Religion and Politics. 2009. Internet Encyclopedia of Philosophy (http://www.iep.utm.edu/rel-poli
  5. انظر: أسامة عثمان محمد، دور الدين في تحقيق السلطة والضبط الاجتماعي، مجلة آداب الرافدين، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي جامعة الموصل العراق، ملحق العدد 86 السنة الواحد والخمسون، 2021.، ص387.
  6. انظر: فوراستيه جان، معايير الفكر العلمي، ترجمة فايز كم نقش، سلسلة زدني علما، لبنان- بيروت، ط2، 1984، ص21.
  7. جاك ديريدا، الدين في عالمنا، ترجمة محمد الهلالي وحسن العمراني، الدار البيضاء، دار تويفال للنشر ط1، 2003، ص110.
  8. نجوان نجاح الجدة، فلسفه الدين، ص19.
  9. انظر: قاموس مصطلحات الانتولوجيا والفولكلور، ايكه هولتكرانس ترجمة د. محمد الجوهري وحسن الشامي، الهيئة العامة لقصور الثقافة، دار الامل للطباعة والنشر، القاهرة- مصر، ط2, 1972، رقم الصفحة (ه) من المقدمة.
  10. انظر: فراس السواح دين الانسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني، دار علاء الدين، سوريا- دمشق، ط 4، 2002ص25.
  11. انظر عبد الرحيم بودلال، الظاهرة الدينية بين المنهج الوضعي والمنهج اللاهوتي، ص 2،4،5،7،9.
  12. ينظر نجوان نجاح الجدة، فلسفه الدين، ص44.
  13. انظر: فراس السواح دين الانسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني، ص 27.
  14. انظر عبد الرحيم بودلال، الظاهرة الدينية بين المنهج الوضعي والمنهج اللاهوتي، ص 2،4،5،7،9.
  15. انظر: جميل حمداوي، لاجتماع بين الفهم والتفسير، المجلد 1، ص 22.
  16. انظر: إيان مرخام، علم اللاهوت جذوره ومضامينه وتطوراته المعرفية، مجلة الاستغراب، المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية بيروت- لبنان العدد:7، السنة الثالثة، 2017، ص367.
  17. انظر عبد الرحيم بودلال، الظاهرة الدينية بين المنهج الوضعي والمنهج اللاهوتي، ص 2،4،5،7،9.
  18. انظر: محمد عبد الله دراز، الدين، ص 26
  19. انظر: عبد الجواد ياسين، اللاهوت، ص 36.
  20. انظر: محمد عبد الله دراز، الدين، ص 45.
  21. انظر: عبد الله الخريجي، علم الاجتماع الديني، رامتان- جده، السعودية- جده، ط1، 2009، ص83.
  22. انظر: عكاش ابن مصطفى، الإسلام ممارسا: تجديد النظرة في معايير التدين، ص9.
  23. انظر: مهدي محمد القصاص، علم الاجتماع الديني، ص 58.
  24. انظر: انظر فضيل حضري، مستويات لدين واشكال التدين، ص180 وما بعدها.
  25. انظر: مهدي القصاص، علم اجتماع الدين، مصدر سابق، ص 28 و29
  26. سهير العطار، علم الاجتماع العائلي، دار النسر الذهبي، مصر- القاهرة، ط1، 2001، ص 321.
  27. عبد الجواد ياسين، الدين والتدين: التشريع والنص والاجتماع، ص 338.
  28. انظر: مهدي القصاص، علم اجتماع الدين، مصدر سابق 67.
  29. انظر: محمد عبد الفتاح المهدي، سيكولوجية الدين والتدين، ص 28.
  30. انظر: عبد الله الخريجي، علم الاجتماع الديني، ص 62 نقلا عن: مبادئ علم الاجتماع الديني لروجيه باستيت، ص206.
  31. عبد الله الخريجي، علم الاجتماع الديني، ص 131.
  32. المصدر السابق، ص99
  33. مهدي محمد القصاص، علم الاجتماع الديني، ص 67
  34. عبد الجبار الرفاعي، الدين والنزعة الإنسانية، ص 49.
  35. انظر قاموس المعاني. https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar
  36. انظر: مهدي محمد القصاص، علم الاجتماع الديني، ط ،1العراق، دار نيوز للطباعة والنشر والتوزيع، 1115م، ص.58
  37. انظر: غيث، محمد عاطف: قاموس علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، ط1، 2006، ص352.
  38. محمد عبد الفتاح المهدي، سيكولوجية الدين والتدين، ص7.
  39. عبد العزيز بن زيد ال داود، تحولات التدين في المجتمع السعودي، غيناء للنشر، الرياض – السعودية، ط1, 2009. ص 17.
  40. انظر: فضيل حضري، مستويات الدين واشكال التدين، ص185.
  41. انظر: أحمد زكي بدوي، معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، مكتبة لبنان، ط1، 1978، بيروت، ص38.
  42. إبراهيم حسين سرور، المعجم الشامل للمصطلحات العلمية والدينية، المجلد الأول، لبنان دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، 2008، ص51
  43. أحمد زغب: الفلكلور: النظرية والمنهج والتطبيق، دار هومة، الجزائر، 2015، ص 23.
  44. انظر: فراس السواح دين الانسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني، ص 53
  45. مراد وجدي، “تحولات التدين الشعبي بالريفين الاوسط والشرقي الاولياء والصلحاء انموذجا،17
  46. انظر: عبد الجواد ياسين، الدين والتدين: التشريع والنص والاجتماع، ص347
  47. انظر: ونس الوكيل تقديم في بسط إشكالية الدين والتدين في كتاب إشكالية الدين والتدين أسئلة مقاربات نماذج، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للنشر والتوزيع، المغرب، ط1، 2020، ص 8.
  48. عزمي بشارة، الدين والعلمانية في سياق تاريخي، الجزء الاول، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، لبنان –بيروت، ط1, 2013.ص 221
  49. انظر: عزمي بشارة، الدين والعلمانية في سياق تاريخي، ص 202.
  50. انظر: اسماء بن سبتي، واقع التدين في المجتمعات الإسلامية المعاصرة، ص 414.
  51. انظر: محمد عبد الفتاح المهدي، سيكولوجية الدين والتدين، ص 35.
  52. عبد الله شلبي، التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر: اليات المصالحة والقبول والرضا والتحايل، ص32.
  53. ينظر محمد عبد الفتاح المهدي، سيكولوجية الدين والتدين، ص 36 وما بعدها
  54. انظر: خالد بن عبد العزيز السيف، إشكالية التدين في الفكر الغربي وانعكاس ذلك على الدراسات العربية، ص189.
  55. ينظر خالد بن عبد العزيز السيف، إشكالية التدين في الفكر الغربي وانعكاس ذلك على الدراسات العربية، ص201.
  56. ينظر: محمد عبد الفتاح المهدي، سيكولوجية الدين والتدين، ص 40.
  57. كارل ألبرت، أنماط الشخصية أسرار وخفايا، ترجمة حسين حمزة، كنوز المعرفة، عمان -الأردن، ط،1، 2014، ص11.
  58. انظر: أحمد محمد عبد الخال، علم نفس الشخصي، مكتبة الأنجلو المصري، القاهرة -مصر، ط2، 2016، ص53.
  59. ينظر كارل ألبرت، أنماط الشخصية أسرار وخفايا، 2014، ص13
  60. محمد عبد الفتاح المهدي، سيكولوجية الدين والتدين، ص36.
  61. ينظر محمد عبد الفتاح المهدي، سيكولوجية الدين والتدين، ص35 وما بعدها.
  62. علي بن مصمودي علي، النمو الديني ومنشأ التدين لدى الإنسان، مجلة أنثروبولوجية الأديان، 2011-06-15النمو الديني ومنشأ التدين لدى الانسان | ASJP (cerist.dz)، ص225
  63. الريماوي محمد عودة، علم النفس النمو- الطفولة والمراهقة، دار المسيرة للنشر، عمان – الأردن 2001، ص268.
  64. انظر: السيد فؤاد البهي. الاسس النفسية للنمو – من الطفولة إلى الشيخوخة، دار الفكر العربي، القاهرة، 1998، ط1، ص292.
  65. وليامز نورمان ووليامز شيلا، النمو الروحي والخلقي، ترجمة: العيسوي عبد الرحمن، دار النهضة العربية، ط1، بيروت،1992ص 151.
  66. مازن كامل الغرب “التوجه الديني للمرأة العراقية وانعكاسه على مظهرها الخارجي” مجلة البحوث التربوية والنفسية العدد 23 المجلد 23، الناشر العراق جامعة بغداد مركز البحوث التربوية والنفسية 2009، ص217.
  67. ينظر: عكاش ابن مصطفى، الإسلام ممارسا: تجديد النظرة في معايير التدين، ص2 و5
  68. محمد عبد الفتاح المهدي، سيكولوجية الدين والتدين، ص 36
  69. ينظر موسوعة فلسفة الدين-2، الإيمان والتجربة الدينية، إعداد وتحرير عبد الجبار الرفاعي، ص9.
  70. عبد الباسط عبد المعطي الوعي الديني والحياة اليومية: دراسة ميدانية على عينة من شرائح طبقية في قرى مصرية الجمعية العربية لعلم الاجتماع ومركز دراسات الوحدة العربية، مصر – القاهرة، ط1، 1989، ص 3.
  71. عبد العزيز بن زيد ال داود، تحولات التدين في المجتمع السعودي، ص 21.
  72. أحمد عمرو عبد الله وإسلام عيد رفاعي، القدرة التنبؤية للتدين واليقظة الذهنية بالتوجه نحو الحياة لدى عينة من المجتمع المصري، مركز الإرشاد الجامعي – جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل -الدمام – المملكة العربية السعودية مجلة جامعة الشارقة للعلوم الإنسانية والاجتماعية المجلد 17العدد A 28 ديسمبر 2020م
  73. عبد الجواد ياسين، الدين والتدين: التشريع والنص والاجتماع، ص 341.
  74. خالد بن عبد العزيز السيف، إشكالية التدين في الفكر الغربي وانعكاس ذلك على الدراسات العربية، ص 198.
  75. مهتدي الأبيض، اجتماعية التدين الشعبي: دراسة تأويلية للطقوس العاشورائية، دار الرافدين، بيروت- لبنان، ط1, 2017، ص 30.
  76. نجوان نجاح الجدة، فلسفه الدين، ص50.
  77. حسن يوسفيان، دراسات في علم الكلام الجديد، ت محمد حسين زراقط، ص70.
  78. فراس السواح دين الانسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني، ص 30
  79. عبد الله شلبي، التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر: اليات المصالحة والقبول والرضا والتحايل، ص33.
  80. https://geography.name/religion/ تاريخ الدخول:02- سبتمبر-2023
  81. ينظر عبد الرحمن بن خلدون (٧٣٢ – ٨٠٨ هـ) كتاب العِبَر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر دار الفكر، بيروت، ط1، ١٩٨١ المجلد 1 ص153.