تطبيق استراتيجية نظرية المحيط الأزرق في المجال التوعوي

د. محمد عبيسان العتيبي1

1 أستاذ الإدارة التربوية المساعد، كلية التربية، جامعة جدة، المملكة العربية السعودية.
HNSJ, 2024, 5(2); https://doi.org/10.53796/hnsj52/21
تنزيل الملف
تاريخ النشر: 01/02/2024م تاريخ القبول: 21/01/2024م

المستخلص

لا تقتصر الحكمة في التوعوية على الكلام اللين والترغيب والرفق والحلم والعفو والصفح، بل تشمل كل الأمور التي يتم تنفيذها بإتقان وإحكام، وكذلك الاستفادة من التطورات العلمية والفكرية لخدمة هذا المجال التوعوي، ومن هذا المنطلق يدرس البحث الاستفادة التي يمكن أن تحققها الأساليب التوعوية النظرية والميدالية من تطبيق مبادئ و استراتيجية المحيط الأزرق، وسبل المقاربة بين هذه الاستراتيجية ومجال العمل التوعوي في إطار من المرجعية العلمية والصحية التي يتحاكم إليها كل أسلوب أو معلومة توعوية، وقد سبقت هذا البحث دراسات عدة تناولت التطبيقات التوعوية لعدد من العلوم الإدارية والإنسانية والاجتماعية، والتي يمكن الإفادة منها في مجال النوعية المعاصرة بما يحقق مزيداً من الكفاءة والنجاح للجهود ، ويناقش المبحث القاعدة التأسيسية التي يبنى عليها موقف المثقفين التوعويين من العلوم الصحية، وحدود الاستفادة من هذه العلوم وضوابطها بما يضمن الالتزام بالمنهج العلمي في استنباط التطبيقات التوعوية الممكنة لاستراتيجية المحيط الأزرق، ومن ثم اقتراح التطبيقات العملية التي يمكن من خلالها تطبيق مبادئ استراتيجية المحيط الأزرق في الإطار التوعوي.

الكلمات المفتاحية: التوعية، التخطيط الاستراتيجي، المحيط الأزرق، القيادة، المؤسسات التوعوية.

Research title

The Application the Blue Ocean Theory Strategy in the awareness

Dr.Mohammed Abysan Al-Otaibi1

1 Assistant Professor of Educational Administration, College of Education, University of Jeddah, Kingdom of Saudi Arabia.

HNSJ, 2024, 5(2); https://doi.org/10.53796/hnsj52/21

Published at 01/02/2024 Accepted at 21/01/2024

Abstract

Abstract: Acting with wisdom when calling to the path of Allah is not confined to soft speech, encouragement, patience, and forgiveness, rather it includes all matters of da’wah that are carried out in a complete and perfect manner, and also benefitting from the scientific and intellectual advancements in order to serve the Islamic da’wah in light of the original sources. From this point of view, this research studies the benefit that can be achieved by Islamic da’wah methodologies from applying the principles and strategies of the blue ocean strategy, and ways to close the gap between this strategy and the field of da’wah within the framework of the Shariah to which each da’wah method or means must refer to. And this research was preceded by a few researches that dealt with the application of da’wah to a number of administrative, human, and social sciences, which can all be used in the field of contemporary Islamic da’wah in order to achieve greater efficiency and success to da’wah efforts. This course discusses the fundamental basis upon which the position of Islamic da’wah relates to worldly sciences, and the limits of benefit from these sciences that guarantee adhering to the Shariah in extracting da’wah applications which will enable the blue ocean strategy, and then suggesting practical applications through which the blue ocean strategy principles can be applied to the da’wah framework.

Key Words: the awareness – strategic planning – blue ocean leadership – the awareness

المقدمة

الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالتوعية بأضرار التبغ ومشتقاته يعتبر احد أساليب الدعوة الى الله وهي مهمة جليلة وغاية عظيمة الإنقاض الناس من الوقوع فيه ، يبذل المثقفين الميدانيين من أجلها الغالي والنفيس في سبيل تحقيق رضا الله سبحانه وتعالى في تقدم هذه الخدمة لأحياء النقوس ، في كل مجالات الممكنة ، فردية كانت أو مؤسسية، موجهة لجميع البشر، وهذه هي مسؤولية المجتمع بأسرها من معلمين وأطباء ومهندسين وباحثين، رجالاً كانوا أم نساء، ليسهم كل منهم بجهده أو ماله أو وقته، ويعمل على إثراءها ودعمها تحقيقا لمبدأ التعاون على البر والتقوى وتطبيقا لشرفية هذه الأمة المسلمة التي قال عنها عز وجل:﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ (آل عمران: 110)، ﴿ وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ (سورة المائدة 32) فالمسلم الاصح والعامل العاقل لا يكتفي بأداء أمانة فقط، بل يسعى إلى حمل الرسالة وأداء الأمانة بتميز ونجاح وإتقان للعمل المكلف به فينطبق عليه قوله سبحانه وتعالى: ﴿ فَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَيۡرٗا يَرَهُۥ (7) وَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ شَرّٗا يَرَهُۥ (8)﴾ (الزلزلة: 33)، ومن هذا المنطلق يدرس البحث استراتيجية المحيط الأزرق إحدى الاستراتيجيات الإدارية الحديثة، ويستنتج بعض الاقتراحات العملية التي يمكن من خلالها تطبيق مبادئ هذه الاستراتيجية والاستفادة منها .

وتنبع أهمية البحث من أهمية التوعية ومكانتها في تحقيق الأمن والإستقرار ، حيث جعلها من حق المسلم على المسلم ، فقال عز وجل: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (آل عمران:104) كما يستمد البحث أهميته من حداثة موضوعه، وما يضيفه في ميدان البحث العلمي حول استراتيجية المحيط الأزرق والاستفادة منها في مجال التوعوي، حيث يستعرض البحث مبادئ الاستراتيجية القائمة على التفكير الإبداعي المستمر والابتكار في تقديم الخدمات والمنتجات وصولاً إلى التميز، مع حسن تدريب القيادات وتوزيعها وصولاً إلى تقديم أفضل الخدمات للمستفيدين، ويناقش إمكانية تطبيق هذه المبادئ على التوعية الفردية والمجتمعية بأسلوب مؤسسي من خلال مجموعة من المقترحات العملية، ليسهم البحث في إثراء المكتبة العربية والإسلامية في موضوع التطبيقات الحديثة في المجال التوعوي .

مشكلة البحث:

تتحدد مشكلة البحث من خلال التساؤلات التالية:

  1. هل يمكن تطبيق الاستراتيجيات الحديثة في مجال التوعية؟
  2. ما مبادئ استراتيجية المحيط الأزرق التي يمكن تطبيقها في المجالات التوعوية؟
  3. ما الفوائد المتوقعة من تطبيق استراتيجية المحيط الأزرق في مجال التوعية بأضرار التبغ؟

أهداف البحث:

  1. التعريف باستراتيجية المحيط الأزرق والفوائد المرجوة منها.
  2. دراسة مدى صلاحية تطبيق استراتيجية المحيط الأزرق في مجال التوعية بأضرار التبغ.
  3. تقديم إطار عملي تطبيقي لمبادئ استراتيجية المحيط الأزرق لتطبيقها من قبل الأفراد والمؤسسات المتخصصة في مجال التوعية بأضرار التبغ.
  4. استثمار النظريات المتعلقة بالقيادة التي تطرحها نظرية المحيط الأزرق وتوظيفها في مجال التوعية المؤسسية لتحقيق المزيد من الفاعلية والنجاح.

منهج البحث:

يستخدم البحث المنهج الوصفي التحليلي، وهو المنهج الذي يتم من خلاله دراسة الواقع بشكل دقيق، وتحليل الظواهر المختلفة، ومن ثم عقد المقارنات بينها وبين الظواهر الأخرى وتحليلها، واستخدم الباحث هذا المنهج في دراسة مبادئ استراتيجية المحيط الأزرق، ومن ثم تطبيق المنهج الاستنباطي على هذه المبادئ، وذلك لاستنباط أهم التطبيقات التوعوية لاستراتيجية المحيط الأزرق في تقليل آثار تعاطي التبغ ومشتقاته.

الدراسات السابقة:

  1. (إدارة المؤسسات التوعوية: محاولة لصياغة نظرية عملية في التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة)، رسالة دكتوراه للباحث بدر الدين بن مصطفى زواقة، كلية العلوم الاجتماعية والعلوم الإسلامية، جامعة العقيد الحاج لخضر بالجزائر، 2017.

تستهدف الدراسة تقديم رؤية شاملة للإدارة ولوظائفها وتطبيقاتها في مجال الدعوة باستخدام المنهج التأصيلي الذي يدرس تفاعل الدعوة الإسلامية مع العمل المنظم عبر تاريخها ومسيرتها، بدءاً بالعمل الجماعي إلى العمل المؤسسي الممهد لتطبيق الإدارة ووظائفها على المؤسسات الدعوية، ومن ثم تطبيق وظائف الإدارة من تخطيط وتنظيم وتوجيه ورقابة لتكتمل الدورة الإدارية في هذه المؤسسات التوعوية، وقد توصلت الدراسة إلى عدة نتائج، منها تأثير الإدارة الإيجابي على التوعية في جميع المؤسسات التي تعمل في هذا المجال وتحقيق أفضل النتائج على الأداء ، وتقديم هذا الميثاق لكل المؤسسات التوعوية كنموذج سهل جامع في الإدارة.

وفي حين تناولت الدراسة مفهوم الإدارة في المؤسسات التوعوية بصفة عامة يركز هذا البحث على أحد المبادئ الإدارية الحديثة، ألا وهي استراتيجية المحيط الأزرق وتطبيقاتها في مجال التوعية.

  1. (الإصلاح التنظيمي وأثره على المؤسسات التوعوية الخيرية)، رسالة دكتوراه للباحث عبد العزيز بن عبد الله بن صالح بن هليل، معهد بحوث ودراسات العالم الإسلامي، جامعة أم درمان الإسلامية بالسودان، 1428ه.

استهدفت الرسالة دراسة الإصلاح التنظيمي وأثره على أداء المؤسسات التوعوية الخيرية في دول الخليج العربي والسودان، واقتراح الحلول لمعالجة مشكلة الإصلاح التنظيمي والهيكل التنظيمي والتغيير التنظيمي وأداء هذه المؤسسات ، وذلك من خلال استخدام المنهج التاريخي لدراسة حقيقة الوضع المؤسسي للمنظمات الخيرية، ودراسة المشكلات والتحديات المعاصرة ذات العلاقة بالبناء المؤسسي ومداخل التطوير والتحديث للبنــاء المؤسسي في المنظمات الخيرية التي تكفل استمرار نموها وازدهار نشاطها، واستخدمت الرسالة كذلك منهج دراسة الحالة لوصف الظاهرة، ومنهج المسح الاجتماعي لوصف الظاهرة كمياً ونوعياً، وقد توصلت الرسالة إلى عدة نتائج، منها أن معظم المشكلات والتحديات تتعلق بالبناء المؤسسي للمنظمات الخيرية، بالإضافة إلى بعض المعوقات الخارجية.

وفي حين ركزت الدراسة السابقة على جانب من جوانب العملية الإدارية وهو الإصلاح التنظيمي، يركز هذا البحث على دراسة نظرية المحيط الأزرق إحدى النظريات الإدارية المستحدثة.

  1. (التخطيط الاستراتيجي لتوعية الميدانية : بالتطبيق على الأساليب والوسائل التوعوية) رسالة ماجستير للباحثة أم الحسين النور أحمد علي، معهد البحوث والدراسات الاستراتيجية، جامعة أم درمان الإسلامية، السودان، 2011م.

استهدفت الرسالة التعرف على أهمية التخطيط الاستراتيجي بشكل عام، وكيفية توظيف عملية التخطيط الاستراتيجي في جانب الوسائل والأساليب، بما يتلاءم مع متطلبات العصر، ولا سيما في مجال نشر ثقافة الوعي المجتمعي ، وذلك من خلال التحليل الاستراتيجي لبرامج التوعية وأساليبها ووسائلها، واستخدمت الرسالة المنهج التاريخي التتبعي والمنهج الوصفي التحليلي بغرض تشريح وتحليل الوسائل والأساليب ، وقد توصلت الرسالة إلى عدة نتائج، منها: ضرورة استخدام الوسائل الحديثة في التوعية وتدريب المثقفين عليها، مع ضرورة الاهتمام بالمنظمات التي تعمل في هذا المجال .

وفي حين ركزت الرسالة على جانب واحد من العملية الإدارية في المؤسسات التوعوية وهو جانب التخطيط الاستراتيجي، يركز هذا البحث على دراسة نظرية المحيط الأزرق وتطبيقاتها التوعوية على نطاق المؤسسات العاملة في الجوانب الإدارية المختلفة.

  1. (الاتصالات التسويقية وبناء التميز في الجمعيات الخيرية بالمملكة العربية السعودية: دراسة تطبيقية على جمعية البر بالأحساء) دراسة للباحث عبد المحسن بن حسين العرفج، مصر، 2010م([1])

استهدفت الدراسة التعرف على أنواع المتبرعين للجمعيات الخيرية العاملة بالمملكة العربية السعودية، وتحديد المزايا التي تكون الجمعية أقدر على النجاح بها، واستخدمت الدراسة الأسلوب العلمي بالتطبيق على جمعية البر بالأحساء لفهم المتبرعين وتحديد رغباتهم وسلوكهم، لكونهم عملاء الجمعيات الخيرية وبدونهم لن تتمكن الجمعيات من تحقيق أنشئت من أجلها، ثم يتم بعد ذلك عمل الخطط الاستراتيجية والتنفيذية الرامية لتحقيق تلك الرغبات بشكل أفضل مما يقوم به المنافسون، وكان من جملة نتائج الدراسة التوصية بحاجة المؤسسات الخيرية إلى تبنى الأساليب الإدارية الحديثة لكي تتمكن من مواجهة التحديات التي تواجهها وتحسن استغلال الفرص وصولاً إلى تحقيق أهدافها المرجوة.

ويتفق البحث الحالي والدراسات السابقة في التركيز على دراسة المعطيات التي تحتاجها المؤسسات التوعوية والخيرية لتتمكن من النجاح والتطور، من خلال الاستفادة من المستجدات في مجال التخطيط الاستراتيجي والإصلاح التنظيمي والاتصالات التسويقية وغيرها من مفاهيم الإدارة الحديثة، وتوظيف هذه المستجدات في خدمة المجتمع والبرامج التوعوية عن طريق عدد من المقترحات التطبيقية التي يمكن تنفيذها على أرض الواقع وصولاً إلى التميز في حمل رسالة تحقيق الوعي المجتمع ليصبح مجتمع حيوي، ويختلف البحث الحالي عن الدراسات السابقة في تناوله استراتيجية المحيط الأزرق تحديداً، ودراسة التطبيقات التوعوية الممكنة لهذه النظرية .

خطة البحث:

يتكون البحث من مقدمة، وتمهيد، وثلاثة مباحث، وخاتمة على النحو التالي:

المقدمة: وتشمل مشكلة البحث، وأهمية الموضوع، وأسباب اختياره، وأهداف البحث ومنهج البحث، وخطته.

التمهيد: التعريف باستراتيجية المحيط الأزرق.

المبحث الأول: التأصيل وإطار التطبيق، ويشتمل على مطلبين:

  • المطلب الأول: التوعية والعلوم الحديثة.
  • المطلب الثاني: قابلية استراتيجية المحيط الأزرق للتطبيق على المؤسسات والمنظمات التوعوية.

المبحث الثاني: التطبيقات التوعوية لاستراتيجية المحيط الأزرق، ويشتمل على أربعة مطالب:

  • المطلب الأول: من غير زبائن إلى زبائن.
  • المطلب الثاني: التركيز على الأفعال والتصرفات.
  • المطلب الثالث: توزيع القيادات.
  • المطلب الرابع: الارتباط الوثيق بواقع السوق.

المبحث الثالث: العقبات والتحديات وسبل مواجهتها، ويشتمل على مطلبان:

  • المطلب الأول: العقبات والتحديات الداخلية والخارجية.
  • المطلب الثاني: سبل معالجة التحديات الداخلية والخارجية.

الخاتمة.

قائمة المصادر والمراجع.

تمهيد

التعريف باستراتيجية المحيط الأزرق

الاستراتيجية هي مصطلح عسكري، تطور استخدامه بحيث أصبح مفهوم الاستراتيجية يعني “خطة لتنظيم القوى وتعبئة المواد وتنسيق الجهود لتحقيق أهداف محددة”([2])، واستراتيجية المحيط الأزرق هي إحدى النظريات الإدارية الحديثة التي تناولتها كتب الإدارة المعاصرة، وتنسب هذه الاستراتيجية إلى العالمين شان كيم([3]) ورينيه موبورن([4])، اللذين قدما هذه النظرية في كتاب بعنوان (استراتيجية المحيط الأزرق) Blue ocean strategy صدر عام 2005م، وقد حقق الكتاب شهرة غير مسبوقة وتحول إلى “ظاهرة عالمية” حيث تُرجم الكتاب إلى 44 لغة، وتصدر قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في قارات العالم، كما أعقب الباحثان كتابهما بمجموعة من الأبحاث الفرعية والمقالات العلمية التي شرحت الاستراتيجية ونقحتها وأضافت إليها، وشكلا لاحقاً (الشبكة العالمية للمحيط الأزرق) وهو تجمع يضم عدداً كبيراً من الأكاديميين والمستشارين والإداريين المهتمين بالاستراتيجية.([5])

وإذا كانت استراتيجية المحيط الأزرق في بداية ظهورها عبارة عن نظرية إدارية بحتة، فقد تحولت بفضل الرواج الذي لاقته والاهتمام الذي منحه لها مؤسسوها إلى استراتيجية عالمية فرضت نفسها على الفكر الإداري المعاصر، وتفرعت تطبيقاتها في مجالات متعددة، فمـا المقصود بالمحيط الأزرق في هذه الاستراتيجية؟

إن مصطلح المحيط الأزرق مصطلح جديد اقتبس من المحيطات ومياهها الزرقاء الصافية، واستعير هذا المصطلح لطرحه في عالم الأعمال، فالمحيط الأزرق تعبير مجازي يشير إلى فضاء السوق المجهول الذي لم يكتشف إلى الآن أو الذي لم يصل إليه المنافسون، بينما تصبح الأوضاع دامية والمنافسة حادة في الأسواق المألوفة، وتتعكر المياه وتسيل الدماء ويتحول لون المحيط إلى اللون الأحمر.([6])

وعلى هذا فإن المحيط الأزرق يقصد به الصناعات والخدمات التي لم تخرج بعد إلى حيز الوجود، وهي تمثل الفراغات والمناطق المجهولة أو نقاط السوق النائية التي لم يصلها من يعكر صفوها بعد، وفي هذه البقاع المكتشفة تتم صناعة الطلب للمرة الأولى من خلال الإبداع والابتكار، أما المحيط الأحمر فيمثل الأسواق المألوفة والأعمال المعروفة والصناعات والخدمات القائمة، حيث تجتهد المؤسسات لحيازة أعلى نصيب من الطلب في السوق الحالي وتصبح المنافسة حامية فتتعكر المياه.([7])

وفي حين تركز كثير من المؤسسات في إطار العمل التقليدي على التفوق في المنافسة تدفعهم نظرية المحيط الأزرق للإبداع في مجالات أخرى تكون خارج حيز المنافسة، وبدلاً من استهلاك الوقت والجهد في التفوق على المنافسين في نفس الحيز، يدعو المحيط الأزرق إلى استثمار الوقت والجهد في خلق أسواق جديدة وابتكار صناعات غير مسبوقة أو حتى تطوير الصناعات الحالية بطرق إبداعية تخرجها من المحيط الأحمر إلى المحيط الأزرق.

وبحسب هذه الاستراتيجية فالمحيطات الحمراء موجودة وقائمة بالفعل، أما المحيطات الزرقاء فليست موجودة حاليا، أو غير مستكشفة بعد، ويمكن خلقها وابتكارها، وتفترض الاستراتيجية أن لخلق المحيط الأزرق مدخلين([8]):

الأول: خلق صناعات جديدة تماما، وذلك من خلال ابتكار أفكار تفتح مساحة في أسواق جديدة غير مطروقة سابقا بدلا من ملاحقة المنافسين في الأسواق القائمة، فالمنظمات التي تخلق محيطات زرقاء تكافح لإعطاء طفرة كبيرة في القيمة التي تطرحها ما يجعل المنافسة في هذا المجال أمراً غير مطروح.

الثاني: خلق تطبيقات جديدة، وإعادة تعريف الأفكار مع محيط أحمر موجود حالياً، فيمكن أن تنبثق المحيطات الزرقاء من ضمن المحيطات الحمراء من خلال توسيع حدود الصناعات السائدة. لقد توصل كل من كيم وموبورن إلى هذه الاستراتيجية من خلال دراسة 150 شركة عالمية يمتد تاريخها إلى أكثر من مائة عام، ودراسة الفترات المتفاوتة من النجاح والفشل والتميز التي مرت بها هذه الشركات تمكن العالمان من صياغة مجموعة من المبادئ الرئيسة التي تلخص طريقة تطبيق هذه الاستراتيجية، وينبغي هنا ملاحظة عدة أمور([9]):

  1. لا تعتبر استراتيجية المحيط الأزرق نظرية مستقلة للقيادة والإدارة، بل هي عبارة عن مجموعة من المقترحات التي يمكن دمجها في النظام الإداري المستخدم حاليا وتوظيفها لتحقيق الاستفادة الأفضل من هذا النظام.
  2. استراتيجية المحيط الأزرق هي استراتيجية عمل تحفز خلق فضاء جديد للسوق بدلاً من التنافس في الفضاء الموجود.
  3. إن خلق محيطات زرقاء ليست عملية مستقرة أو ثابتة، تقوم المؤسسة بتنفيذها مرة واحدة، بل هي مجموعة من العمليات المتحركة والمستمرة، إذ تعمل المنظمة على خلق محيط أزرق من خلال الأداء القوي الذي يؤدي إلى نتائج متميزة ومن ثم يظهر الإبداع في كيفية الحفاظ على هذا المحيط الأزرق وتوسيع حدوده.
  4. إن خلق محيط أزرق تحتاج فيه المنظمة إلى عمل شيء مختلف عما يعمله الآخرون وإنتاج شيء لم ينتج سابقاً، أو الابتكار في منتجات سابقة ومعروفة.
  5. تركز استراتيجية المحيط الأزرق على التحول من ردود الأفعال إلى خلق الأفكار وابتكارها.

المبحث الأول

التأصيل وإطار التطبيق

يمكن تعريف التطبيقات التوعوية على النحو التالي: الاستفادة العملية التي يمكن أن تمارس في الميدان التوعوي، إما عن طريق الاستفادة من نص أو موقف، أو بالاستنباط منه([10])، ويدرس البحث الحالي الاستفادة التي يمكن أن تحققها أساليب التوعية بأضرار التبغ ووسائلها من تطبيق مبادئ وبنود استراتيجية المحيط الأزرق، وسبل المقاربة بين هذه الاستراتيجية ومجال العمل التوعوي في إطار من المرجعية العلمية والطبية التي يرجع إليها كل أسلوب أو وسيلة تستخدم، وقد سبقت هذا البحث دراسات عدة تناولت هذه التطبيقات لعدد من العلوم الإدارية والإنسانية والاجتماعية، التي يمكن الإستفادة منها بما يحقق مزيداً من الكفاءة والنجاح لجهود الميدان التوعوي، ويتناول هذا المبحث القاعدة التأصيلية العلمية التي يبني عليها ، وحدود الاستفادة من هذه العلوم وضوابطها بما يضمن الالتزام

بالأساليب العلمية الطبية في استنباط التطبيق التوعوي الممكنة لاستراتيجية المحيط الأزرق.

المطلب الأول: التوعية والعلوم الحديثة.

الحكمة مصطلح تكرر في كثير من المصادرالعلوم الإنسانية، وتناولته كثير من الدراسات بالبحث والتحقيق والتحليل، وإذا كانت الحكمة صفة محمودة لدى المسلم بشكل عام، فهي صفة ضرورية للمثقف التوعوي،وملازمة لسلوكه ، يقول سبحانه وتعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ (النحل:125)، يقول ابن القيم رحمه الله: “أطلق سبحانه وتعالى الحكمة ولم يقيدها بوصف الحسنة، إذ كلها حسنة، ووصف الحسن لها ذاتي، أما الموعظة فقيدها بوصف الإحسان، إذ ليس كل موعظة حسنة، وكذلك الجدال قد يكون بالتي هي أحسن وقد يكون بغير ذلك”([11]).والحكمة في اللغة معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم([12])، والحكمة حكمتان: علمية وعملية، فالعلمية: الاطلاع على بواطن الأشياء، ومعرفة ارتباط الأسباب بمسبباتها خلقا وأمراً، قدراً وشرعاً. والعملية وهي وضع الشيء في موضعه، فالحكمة إذا: فعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي في الوقت الذي ينبغي، والله تعالى أورث الحكمة آدم وبنيه، وأكمل الخلق في هذا محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا امتن الله سبحانه وتعالى عليه وعلى أمته بما آتاهم من الحكمة([13]). قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾ (النساء:113)، وقال تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ (البقرة : 151).

والحكمة في توعية الناس لا تقتصر على الكلام اللين والترغيب والرفق والحلم والعفو والصفح، بل تشمل كل الأمور التي يتم تنفيذها بإتقان وإحكام، وذلك بأن تنزل في منازلها اللائقة بها، فيوضع القول الحكيم والتعليم والتربية في مواضعها، والموعظة في موضعها، والمجادلة بالتي هي أحسن في موضعها، ومجادلة الظالم المعاند والمستكبر في موضعها، والزجر والغلظة والقوة في مواضعها، وكل ذلك بإحكام وإتقان ومراعاة لأحوال المتعاطين ، والواقع والأزمان والأماكن، في مختلف العصور والبلدان، فالمثقف التوعوي هو الذي يدرس ويعرف أحوال من يقف أمامهم ويحيط بمشكلاتهم ثم ينزلهم منازلهم ويرشدهم على قدر عقولهم وأفهامهم([14]).

والنبي صلى الله عليه وسلم هو القدوة الحسنة في الالتزام بالحكمة وتطبيقها في حياته وفي جميع أموره، فلم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيلة مباحة وممكنة إلا واستخدمها في سبيل إيصال رسالته ، موازناً بين القول والفعل، باللين والشدة، ولم يترك فرصة إلا واستثمرها في التعليم والبيان والترغيب والترهيب، بأسلوب الحكمة المطلقة الذي يناسب نفس المتلقي ويخاطب روحه وقلبه ووجدانه، صلوات الله وسلامه عليه،حتى تركوا شرب الخمور ، وسار الصحابة والتابعون رضي الله عنهم وأرضاهم على هذا المنهج والاسلوب الحكيم، فاصطحبوا الحكمة معهم وطبقوها على كل أساليب حياتهم بأبسط السبل وأيسرها ونقلوها للعالم أجمع .

وتطبيق أسلوب الحكمة في التوعية وارشاد الناس أفراداً ومؤسسات التركيز على عدة جوانب، منها:

  1. التخطيط، حيث إن التخطيط للتوعية والتنظيم لها يعتبر من مظاهر القوة الفكرية المطلوبة لدي الميدانيين الإيصال الرسالة وأدائها على الوجه الأمثل([15])، كما أن التخطيط من أهم العوامل المساعدة على الموازنة بين الثبات والتطور في هذا المجال ([16]).
  2. الاستفادة من التطورات العلمية والفكرية في خدمة البرامج التوعوية في ضوء التطورات العالمية.
  3. المرونة في تخير الأساليب والوسائل، فالمرونة مطلب في طل هذه التحديات: لين في صلابة لا يتجاوز حدود النصوص الثابتة والأصول المحددة، يترتب على الأخذ بها رفع حرج ومشقة وتحقيق مصلحة ومنفعة للمستهدفين، وتكون المرونة فيما ينبغي أن يتغير ويتطور من الوسائل والأساليب المتجددة([17])، هذه المرونة حفزت كثيراً من الباحثين إلى دراسة هذه التطبيقات لكثير من العلوم الإنسانية والاجتماعية([18]).

ويؤكد عدد من الباحثين في ختام دراساتهم على ضرورة استفادة البرامج التوعوية من العلوم الحديثة فيما يخدم تطورها ونجاحها، وفيما يلي نماذج من توصياتهم حول هذا الموضوع:

  • “إذا كانت السنن والقوانين الطبيعية والاجتماعية صارمة تتسم بالاطراد والشمول، فينبغي أن تكون الأساليب والأدوات الموظفة في مناهج العمل التوعوي من حيث الأداء والدقة والضبط تتناسب مع ذلك، وبناء على أن لكل عصر خصائصه ومميزاته ومستجداته التي يجب أن تعالج في إطار الأصول الكلية والقواعد العامة للدين، فإنه ينبغي التعامل مع الصورة الجديدة للواقع بظروفه وشروطه، والإفادة مما يقدمه العصر من وسائل وتقنيات، ولا سيما في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية التي تعد آليات ضرورية لفهم الواقع المعاصر، وقد تطورت آليات هذه العلوم تطوراً كبيراً وأصبحت مراكز البحوث تقدم الخرائط الفكرية ومناهج العمل والتعامل من خلال استقرائها للواقع وتحليلها للمعلومات، ولذلك يكون من لوازم الاجتهاد اليوم الاستيعاب المعرفي الشامل للواقع الإنساني بالمعايشة والنزول إلى الساحة، والتزود بآليات فهم الواقع وصولاً إلى اتصال أفضل مع هذا الواقع، كما ينبغي التركيز في معارفنا على الدراسات التاريخية والنفسية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية، وتوجيه الشباب إلى التخصص في هذه المجالات لتتمكن من استجلاء أكبر عدد ممكن من سنن الله تعالى في النفوس والمجتمعات والتنسيق بين العاملين في شتى التخصصات من علوم شرعية وإنسانية لإجراء الدراسات والبحوث العلمية والميدانية الكفيلة بتقويم نشاط الدعوة وإيجاد البرامج والخطط المناسبة لتوجيه الأعمال الدعوية([19]).
  • “إن دراسة علم القيادة وإدارة مؤسسات التوعية والتثقيف الصحي ضرورة ملحة في عصرنا الحاضر، حتى يمكن تخريج جيل من المثقفين او المدربين المهرة المدربين تدريباً جيداً في النواحي الفنية والإدارية بجانب تبحرهم في العلوم الصحية ، فيجمعوا بين الحسنيين، ولعلم القيادة ثمرات عظيمة ، فالقيادة التي نعنيها والتي نحن بصدد الحديث عنها تعني فن إدارة شئون المؤسسات وكل ما يتعلق بها من جميع جوانبها، إدارة ناجحة نابعة من منهج علمي أصيل، جامعة بين ثوابت الأصول القديمة ومواكبة الأحداث والمستجدات المعاصرة، ومستفيدة من الخبرات والتجارب في الماضي والحاضر، ومستغلة كل تقدم علمي وتكنولوجي لصالح نشر الصحي بخطر التبغ ومشتقاته علي الأفراد والمجتمعات”([20]) .
  • “في الوقت الذي تعيش فيه البشرية كماً هائلاً من التسارع في كافة مجالات الحياة والتغييرات المتعددة في كافة الأنشطة والعلوم، فإن الأمر يوجب الأخذ بزمام المبادرة والتطلع إلى إحداث نقلة نوعية في طريقة عمل المؤسسات الخيرية والتوعوية من خلال الاهتمام ليط لتحقيق الأهداف وتقديم المشاريع، هذا الأمر يستوجب التطوير المستمر والدائم، لتحقيق المزيد من التميز وتجنب أي إخفاقات مستقبلية، إن هذا التخطيط والتطور المستمر يعد في حد ذاته عاملاً من عوامل زيادة الموارد المالية للمؤسسة من خلال تحسين صورتها لدى الممولين وزيادة ثقتهم بأدائها واستمرار علاقتهم بها([21]).
  • وبذلك تتأكد ضرورة الاستئناس بالعلوم الحديثة والمعاصرة والإفادة منها عملاً بمقتضى الحكمة، وحرصاً على الاستفادة من كل ما من شأنه دعم هذه البرامج وتقويتها.

المطلب الثاني: قابلية استراتيجية المحيط الأزرق للتطبيق على المؤسسات انطلاقاً من قابلية الفروع الإسلامية للتطور وصلاحيتها لكل زمان ومكان أسهم كثير من الباحثين في دراسة العلوم الحديثة من وجهة النظر الإسلامية، ونشأ مفهوم “التأصيل الإسلامي للعلوم” وهو أحد المفاهيم الجديدة التي أسهم في إثرائه جمع من الباحثين المسلمين في مجالات العلوم الإدارية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ويعرف د. إبراهيم رجب التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية بأنه: “عملية إعادة بناء العلوم الاجتماعية في ضوء التصور الإسلامي للإنسان والمجتمع والوجود، وذلك باستخدام منهج يتكامل فيه الوحي الصحيح مع الواقع المشاهد بوصفهما مصدرين للمعرفة، بحيث يستخدم ذلك التصور الإسلامي إطاراً نظرياً لتفسير المشاهدات الجزئية المحققة والتعميمات الواقعية وفي بناء النظريات في تلك العلوم بصفة عامة”([22]).

وقد شاع في بعض الكتابات المعاصرة لعلماء الفكر الإداري ما يعكس وجهة نظرهم في أن الإدارة علم من العلوم الدنيوية ينقلونه إلى مجتمعاتهم كما تلقوها من الغرب، فلا علاقة لها بالدين وهو تصور خاطئ، والحقيقة أن الفكر والتطبيق في الإدارة الإسلامية تربطهما علاقة قوية مباشرة بالعقيدة الصحيحة القائمة على قاعدة عبادة الله عز وجل([23])، ولذا فقد كان علم الإدارة من بين العلوم الحديثة التي أولاها الباحثون المسلمون اهتمامهم من خلال دراسات علمية متنوعة تنوعت بين دراسات تأصيلية ناقشت تأصيل علم الإدارة في الإسلام وتتبع تطوره التاريخي منذ صدر الإسلام وحتى العصر الحاضر، ودراسات تطبيقية ناقشت المبادئ الإدارية الحديثة. ودرست إمكانية تطبيقها على مؤسسات العالم العربي والاسلامي، ودراسات توجيهية تناولت إمكانية إعادة البناء والتكوين لهذا العلم وفق النظم الإدارية العلمية والصحية([24]).

وفي مجال التوعية اجتهد الباحثون في دراسة سبل الاستفادة من العلوم الإدارية وتطبيقاتها المختلفة في التوعوي ولا سيما في العمل المؤسسي([25])، فالإدارة تعنى عملية المواءمة بين الأفراد والجهود والموارد والأهداف، ومن هنا تأتي خطورة الإدارة وصعوبة عملها، لأنها تعمل في محيط يضم العنصر الإنساني مع الوسائل المادية، وفي ضوء الأهداف والغايات، علما بأن هذه الأهداف والغايات تختلف باختلاف البشر واختلاف مصالحهم، وبالتالي تختلف الوسائل تبعا لذلك، الأمر الذي يقتضي تمايز عمليات التنظيم والتنسيق وغيرها من عناصر الإدارة باختلاف الأزمنة والأمكنة والعنصر الإنساني([26]).

واستراتيجية المحيط الأزرق هي إحدى النظريات الإدارية الحديثة التي تجمع بين الإبداع والابتكار في القيادة وإدارة المؤسسات، وهي تجمع بين عدة أساليب إدارية وقيادية سبق أن تناولتها النظريات السابقة بشكل أو بآخر، وتقدمها في سياق خطة متكاملة يمكن السير عليها، وتحتوي هذه الاستراتيجية على عدة مداخل يناقش البحث مجالات تطبيقها على العمل التوعوى الفردي والجماعي والمؤسسي.

فإذا كان تحقيق الربح المادي للمؤسسة هو الهدف الرئيس من بناء استراتيجية المحيط الأزرق([27])، فهل يمكن تطبيق هذه الاستراتيجية على المؤسسات الدعوية والخيرية تحديداً؟ حيث تحدد لائحة الجمعيات والمؤسسات الخيرية أهداف الجمعيات الخيرية كما يلي: “تهدف الجمعية الخيرية إلى تقديم الخدمات الاجتماعية والخدمات التعليمية، أو الثقافية، أو الصحية، مما له علاقة بالخدمات الإنسانية دون أن يكون هدفها الحصول على الربح المادي”([28])، والمؤسسات التوعوية تعتبر إحدى المؤسسات الخيرية غير الربحية التي تقدم خدمات التوعوية.

وقد ناقشت إحدى الدراسات صلاحية استراتيجية المحيط الأزرق للتطبيق على المؤسسات غير الربحية بشكل عام([29])، فيما تناولت دراسة أخرى التطبيقات الممكنة لاستراتيجية المحيط الأزرق على مؤسسات الرعاية الصحية، والتأثير المتوقع لتطبيق هذه الاستراتيجية في رفع مستوى الخدمات الصحية وزيادة نسبة الرضا لدى المرضى في هذه المؤسسات، وهي تتشابه مع المؤسسات الدعوية في كونها مؤسسات حكومية غير ربحية، ويتمثل المنتج الذي تقدمه في خدمات للمراجعين.([30])

فالهدف المادي وإن كان هو الهدف الرئيس من استراتيجية المحيط الأزرق إلا أنه ليس الهدف الوحيد لها، فالاستراتيجية تسعى من خلال مبادئها إلى تحسين الإطار القيادي والإداري للمؤسسة، وتفعيل الابتكار والإبداع فيما تقدمه من منتجات وصولاً إلى تحقيق المؤسسة للتميز في مجالها، وهي أهداف تخدم المؤسسات غير الربحية.

فأهداف وأولويات المؤسسات غير الربحية دائماً ما ترتكز على المهمة والرؤية والرسالة، وهي نقطة انطلاق جيدة للبدء في تطبيق استراتيجية المحيط الأزرق عليها، وإذا تمكنت المؤسسة غير الربحية من التصدي لتحد فريد لا تعالجه حالياً منظمات غير ربحية أخرى فقد حققت هدفاً من أهدافها، وقد يتحقق لها ذلك من خلال معالجة مشكلة أو ظاهرة لم يسبق علاجها، أو السعي إلى تلبية احتياجات السكان أو أفراد المجتمع الذين يعانون من نقص في توجيه الخدمات لهم أو الذين لا يحصلون على التقدير الكافي من قبل المنظمات الأخرى([31]).

وهكذا يمكن للمؤسسات الدعوية أن تبني استراتيجية المحيط الأزرق حتى لو لم تستهدف الربح المالي، فيمكن للمؤسسة الدعوية صياغة أهدافها الخاصة التي تنسجم مع رؤيتها ورسالتها التوعوية، وإذا كانت استراتيجية المحيط الأزرق تتحدث عن مفردات “الصناعة” و”المنتج” و”المنافسين” فالمؤسسة التوعوية مؤسسة تقدم صناعة متعلقة بصناعة الأفكار والمبادئ وصياغة القيم منتجاتها هي الرسائل والخدمات التوعوية باختلاف أساليبها ووسائلها، والمنافسة متكون من كل المؤسسات والمنظمات التي تعمل في نفس الصناعة، سواء كانت المؤسسات التوعوية والخيرية الأخرى، أو وسائل الإعلام المهتمة بالتأثير على الأفكار والمبادئ التي تنافس بدورها على حصة في “سوق” الأفكار والقيم، ولا يعني ذلك صلاحية جميع مفاهيم استراتيجية المحيط الأزرق لتطبيقها في العمل التوعوي، خاصة أن كثيراً من مبادئ الاستراتيجية تتناول اقتصاديات السوق وكيفية تنمية الأرباح، ولذا يقتصر البحث الحالي على مبادئ استراتيجية المحيط الأزرق التي يمكن الإفادة منها في التطبيقات التوعوية، ويستخدم البحث مصطلحات مثل السوق والزبائن والمنتج للتعبير عن خدمات المؤسسة الدعوية، وهي مصطلحات مجازية لا يقصد منها التقليل من شأن التوعوة، أو تشبيهها بالعمل التجاري، بل يقتصر الغرض من استخدامها في البحث على توضيح المعنى المطلوب.

المبحث الثاني

استراتيجية المحيط الأزرق والتطبيقات التوعوية

بينما تركز استراتيجية المحيط الأحمر على المؤسسة بوصفها المصدر الرئيس للنجاح والابتكار، تركز استراتيجية المحيط الأزرق على الحركة الاستراتيجية في إدارة المؤسسة بوصفها المصدر الحقيقي للابتكار، فلا توجد مؤسسات دائمة الامتياز والنجاح، بل يتغير حال المؤسسة من التميز إلى الفشل بحسب الاستراتيجية التي تتبعها في السوق([32])، ويتناول هذا المبحث أربعة مبادئ لاستراتيجية المحيط الأزرق ومناقشة تطبيقاتها التوعوية، وهي على النحو التالي:

  1. من غير زبائن إلى زبائن.
  2. القيادة من خلال الأفعال والتصرفات.
  3. توزيع القيادة على مختلف المستويات.
  4. الارتباط الوثيق بواقع السوق.

وتفصيلها فيما سيأتي…..

المطلب الأول: من غير زبائن إلى زبائن.

يستمد العمل في المؤسسات والجمعيات التوعوية الخيرية والتوعوية بقاءه واستمراريته من ثلاث ركائز أساسية تتمثل في كل من: المتبرعين، والمستفيدين، والعاملين في نفس المؤسسة، فالمتبرعون هم فئات من المجتمع لديهم الإمكانية والحافز لدعم المؤسسات بالمال أو الجهد، وفي الجانب الآخر من هذه المنظومة المستفيدون الذين يمثلون شرائح من المجتمع تتلقى خدمات هذه المؤسسات وتستفيد من أنشطتها، وبين هاتين الفئتين يأتي دور العاملين في المؤسسة الخيرية، ليكونوا حلقة الوصل التي تصل ما بين الطرفين([33])، ويركز هذا المطلب على كل من المستفيدين، والمتبرعين بوصفهم عملاء.

أولاً: المستفيدون.

تركز المؤسسات في المحيط الأحمر في استراتيجتها التقليدية على الحفاظ على العملاء الحاليين والسعي لاقتناص المزيد من الفرص المتوفرة وصولاً لمواجهة الضغوط التنافسية في المحيط الأحمر، وعلى الرغم من أن هذا قد يكون وسيلة جيدة للحصول على ميزة تنافسية وزيادة الحصة من السوق الحالية، فإن هذا الاتجاه لن ينتج المحيط الأزرق الذي يوسع السوق ويخلق طلباً جديداً، ومن هذا المنطلق تقوم إحدى مبادئ استراتيجية المحيط الأزرق على “تحويل غير الزبائن إلى زبائن”، وذلك من خلال استشراف مجموعات جديدة من غير المستهلكين واستهدافهم بأنشطة جديدة لتحويلهم إلى مستهلكين، والمقصود بغير المستهلكين في هذا السياق مجموعات الناس التي لا يهتم بخدمات المؤسسة وأنشطتها وتعد بعيدة عن الصناعة التي تعمل فيها، وتكون هذه المجموعات في العادة غير مستكشفة لـم يتم استهدافها أو اعتبارها من ضمن العملاء المحتملين من قبل أي لاعب في هذه الصناعة، وذلك لأنه تم الافتراض بأن احتياجاتها والفرص المرتبطة بها تنتمي إلى أسواق أخرى، ولا تزعم استراتيجية المحيط الأزرق أن من الخطأ التركيز على العملاء الحاليين ولكنها تقترح تحدي هذه التوجهات الاستراتيجية القائمة والمقبولة، وعدم الاكتفاء بها، والعمل على زيادة حجم المحيط الأزرق الخاص بالمؤسسة عن طريق الوصول إلى أبعد من الطلب الحالي للمستهلكين الحاليين عند صياغة الاستراتيجيات المستقبلية([34]).

وبالنظر إلى الفة المستهدفة فمن الملاحظ أن معظم الأنشطة والبرامج التوعوية الموجه للجمهور المستعد لقبول الرسائل التوعوية، ومثل هذه الشريحة من الجمهور تكون مستهدفة من جميع المؤسسات والجمعيات التوعوية غالباً لسهولة اجتذابها وتجاوبها مع الأنشطة التوعوية، وتطبيقا لمبدأ “من غير زبائن إلى زبائن” ينبغي على المؤسسة التوعوية التخطيط في بعدين متوازيين:

البعد الأول: تنمية وتطوير البرامج والأنشطة والخدمات المقدمة للمستفيدين الحاليين وذلك من خلال([35]):

  • تحسين وتطوير الخدمات الحالية المقدمة للمستفيدين الحاليين من خلال دراسة المشكلات التي تواجههم فيما يتعلق بالخدمات التي تقدمها المؤسسة والعمل على حل هذه المشكلات من خلال إجراء دراسات ميدانية واسعة النطاق تشمل عينات من كل فئات المستفيدين الحاليين لتحديد مشكلات المستفيدين في التعامل مع المؤسسة ومقترحاتهم لحل هذه المشكلات.
  • تجزئة الأسواق الحالية التي تتعامل معها المؤسسة، والعمل على تقديم خدمات تتوافق مع احتياجات كل سوق.
  • توسيع مشاركة المستهدفين الحالية في الأنشطة والبرامج التوعوية من خلال مخاطبة اهتمامات جديدة ومتنوعة لهم.

البعد الثاني: الوصول إلى ما وراء الطلب الحالي والتخطيط لاستهداف جمهور مختلف تماماً من المدعوين، الجمهور البعيد عن التدين حتى الفئات التي لا تبدي استعداداً لحضور الأنشطة والبرامج الدعوية التقليدية ولا تستجيب لإعلاناتها ودعواتها، فتقوم المؤسسة الدعوية باستشراف غير الزبائن والاعتماد على عنصري الابتكار والإبداع لجذبهم إلى تلقي خدمات المؤسسة ومنتجاتها ورسائلها، إما بابتكار منتجات جديدة غير موجودة في السوق الحالي، أو الإبداع في تطوير المنتجات القائمة بحيث تلبي احتياجاتهم التي تتوافق مع رسالة المؤسسة وأهدافها، ويمكن التوصل إلى ذلك من خلال([36]):

  • رصد تجارب المؤسسات الخيرية في دول العالم المختلفة في مجال الأعمال الخيرية، وترجمة هذه الاستفادة في صورة خدمات جديدة ومتطورة للمستفيدين.
  • إجراء دراسات ميدانية تتناول مدى إشباع الخدمات المقدمة لاحتياجات المستفيدين وتوافقها مع ظروفهم المختلفة، وكيفية ابتكار خدمات ومنتجات تناسب هذه الظروف.
  • زيادة درجة تفاعل المؤسسة مع قضايا المجتمع والمساهمة في تقديم حلول للمشكلات التي تواجه فتات عديدة من المجتمع مثل البطالة، وتأخر الزواج، والتفكك الاجتماعي، وغيرها من المشكلات، إضافة إلى دراسة احتياجات الفئات الخاصة من المستفيدين المحتملين، مثل السجناء وذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب الأمراض المزمنة وغيرهم.

ثانياً: المتبرعون.

ما ينطبق على المستفيدين ينطبق أيضا على المتبرعين، فالإبداع والابتكار في البرامج والأنشطة التوعوية من شأنه أن يوسع قاعدة مساهمة المتبرعين الحاليين في موارد المؤسسة، ويحمسهم لمزيد من المشاركة في دعم وتمويل الخطط الاستراتيجية للبرامج والأنشطة المستقبلية، كما أن الإبداع في البرامج والأنشطة التوعوية وتنويعها يجذب شرائح جديدة من المتبرعين المحتملين من خلال ما تقدمه المؤسسة التوعوية من منتجات وخدمات مبتكرة يجدها المتبرعون جديرة بمشاركتهم المادية أو المعنوية.

وبالإضافة إلى ذلك يتوجب على المؤسسات الاستفادة من الدراسات الحديثة المتعلقة يجذب المتبرعين والقائمين على تمويل المشاريع من الأشخاص والجهات الحكومية والأهلية ومن ثم المحافظة على ولاء هؤلاء المتبرعين واستمرارهم، فتكوين علاقة قوية بين المؤسسة والمتبرعين لا يقل أهمية عن اجتذابهم للتبرع، وتتناول كثير من الدراسات الحديثة طرق اجتذاب المتبرعين وتنمية ولائهم ودعمهم للمؤسسة، فالحرص على توجيه رسائل مستمرة من الشكر لهؤلاء المتبرعين من شأنه تقوية ولاتهم وانتمائهم للمؤسسة والاستمرار في التبرع لها، كما أن قدرة المؤسسة على التواصل مع المتبرعين وتقدير مشاركاتهم يحول العلاقة القائمة بين المتبرع والمؤسسة من علاقة عابرة تضمنت تبرعاً لمرة أو أكثر إلى علاقة أقوى يشعر من خلالها المتبرع بروح المشاركة والمسؤولية وصولاً إلى تشجيع غيره من المتبرعين المحتملين على المشاركة بالتبرع للمؤسسة([37]).

وهكذا يمكن للمؤسسات الدعوية تطبيق مبدأ “من غير زبائن إلى زبائن” على المستفيدين والمتبرعين والاستفادة منه من خلال الجوانب التالية:

  1. استشراف تطلعات المدعوين ورغباتهم من خلال الاستبانات واستطلاعات الرأي للتعرف على التطلعات التي تلبيها الأنشطة والبرامج التوعوية الحالية، والجوانب التي تقصر عنها، وتستطلع احتياجات الشخص العادي لدى بحثه عن الأنشطة والفعاليات الدعوية وحضوره لها، ومدين تلبية هذه الأنشطة والفعاليات لاحتياجاته.
  2. السعي لاستكشاف احتياجات وتطلعات شرائح جديدة من المدعوين حتى يمكن الوصول إليهم ومخاطبتهم بالبرامج والأنشطة التوعوية المناسبة.

ولابد من التأكيد على أن استفادة الدعوة من استراتيجية المحيط الأزرق وغيرها من العلوم الإدارية الحديثة لا يعني قبولها بكل ما فيها، فلا يخفى أن الإدارة في الفكر الحديث “قد تتحسس رغبات عملائها بصفة مستمرة وتسعى بكل الوسائل الممكنة إلى إشباعها وذلك من أجل ضمان بقائها في السوق، بينما يأتي الفكر الإسلامي ليضفي على النشاط الإداري -أيا كان حجمه- صفة العبادة ويضع ضوابط واضحة لنوع الخدمة أو السلعة التي ينوي تقديمها للجمهور”([38]).

المطلب الثاني: التركيز على الأفعال والتصرفات.

على مدى سنوات عديدة ركزت معظم الدراسات على اتجاه معين في صناعة القادة، مفـاده أن الأنماط الشخصية والصفات هي التي تصنع القيادة الجيدة، ورأت هذه الدراسات أن من صفات القائد الناجح أن يكون ذا جاذبية خاصة في شخصيته، وأن يتصف بحب المشاركة والتأثير الكاريزمي([39]) كما تشترط دراسات أخرى بعض الصفات الرئيسية التي يجب توفرها في القائد مما يضمن نجاحه في قيادة العاملين معه وزيادة فاعلية أدائه، ومنها: الوعي والإحساس بشعور الآخرين، والتعاطف معهم، والثقة بهم، والقدرة على التواصل البناء([40]).

وقد شكلت هذه الدراسات الأساس للعديد من برامج تنمية وتدريب القيادات، التي قامت على الافتراض الضمني بأن تغير القيم والصفات والأنماط السلوكية يترجم في النهاية إلى أداء عال في مجال القيادة، وهذه البرامج التي تستهدف تغيير القيم والصفات تستلزم كثيراً من الجهد لإحداث تغير ملحوظ، وقد تحتاج إلى سنوات من الجهود الحثيثة لتغيير السمات الشخصية والأساليب السلوكية للشخص، وربما سنوات أخرى لقياس وتقييم مدى تعلمه وامتلاكه تلك السمات والأساليب؟ وقد يسهل هذا من الناحية النظرية، إلا أنه يصعب تطبيقه على أرض الواقع([41]).

وعلى النقيض من ذلك، تركز مبادئ صناعة القيادة في استراتيجية المحيط الأزرق على ما يحتاجه القادة من الأفعال والأنشطة لتعزيز الدافعية وتحقيق الفروق الفاعلة في مجال قيادتهم، وليس على ما يتوجب على هؤلاء القادة أن يكونوا من حيث الصفات الشخصية، وهذا الاختلاف في التركيز هو ما يميز استراتيجية المحيط الأزرق، فلا شك أن من الأسهل تغيير أفعال الناس وأنشطتها، وليس قيمها وصفاتها السلوكية، ولا تدعي استراتيجية المحيط الأزرق أن تغيير أنشطة القائد وأفعاله يعد حلاً كاملاً، فتوفر القيم والصفات السلوكية الصحيحة للقائد أمر من الأهمية بمكان، إلا أن الاستراتيجية تركز على أن تغيير الأفعال والنشاطات أمر يمكن أن يفعله أي شخص إذا ما أتيحت له المعطيات المناسبة، وتوفر له التوجيه([42]).

وفي هذا المجال تتطابق استراتيجية المحيط الأزرق مع النظرية السلوكية في القيادة، التي تؤكد في مجملها أهمية سلوكيات القائد، وإن كانت هذه النظرية لم توفق في الكشف عن علاقات ثابتة بين أنماط سلوك القائد وتأثيراتها، وهو ما أخذته النظريات الشرطية في القيادة بعين الاعتبار فدرست المتغيرات الموقفية التي تحدد نجاح أو فشل نمط قيادي معين([43])، وهكذا توسع استراتيجية المحيط الأزرق من نطاق الأشخاص المؤهلين للقيادة، وتختصر الوقت والجهد في تدريب القيادات وإعدادها، كما تقدم الاستراتيجية إجابة على التساؤل التقليدي: هل يولد القادة أم يُصنعون؟ فالقائد قد يكون حاملاً للصفات القيادية القطرية المطلوبة في شخصيته، وقد يصنع القائد نفسه أو تتم صناعته من خلال التدريب والمثابرة والتطوير وتعلم التصرفات والسلوكيات التي تجعل منه قائداً ناجحاً حتى وإن لم يمتلك الصفات الشخصية للقيادة.

وإذا كانت القيادة الواعية مطلباً ضرورياً في كل مجال إداري أو حكومي أو تجاري، فالحاجة لها أشد في مجال التوعية الميدانية في كافة مجالاتها ومراحل تنفيذها ، ثم يسترشد بكل علم نافع وفكرة سديدة من شأنها أن تحقق الفائدة ، وتنبع أهمية القيادة التوعوية في عدة ملامح:

  1. التخطيط الاستراتيجي والنظرة المستقبلية للخطط مهمة جليلة من مهام القائد ، وتضمن حسن استثمار الموارد البشرية والمادية والقدرة على مواكبة ما يحيط من تطورات وظروف مستجدة، لتتميز البرامج التوعوية بالنفس الطويل والرؤية المستقبلية.
  2. التحفيز على الإبداع والابتكار في التخطيط والإدارة والتنفيذ والعمل الفردي والجماعي، وصولاً إلى تحقيق التميز في العمل الخيري التوعوي.
  3. إدارة الأزمات ومواجهة الظروف الطارئة التي قد تستجد في الواقع المحيط بالمؤسسة التوعوية محلياً وعالمياً، ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والسياسية.
  4. إدارة الموارد البشرية وقيادة العاملين في الدعوة من موظفين ومتطوعين وتوجيه جهودهم التوجيه الأمثل لخدمة الدعوة الإسلامية، فيستثمر كل ما وهبه الله عز وجل من صفات قيادية، مضيفاً إليها السلوكيات والتصرفات القيادية الناجحة، “فسلوك القائد وتصرفاته لها التأثير الأكبر في سلوك الجماعة ومناخ العمل، فمنه تكون المبادرة ويبدأ الأداء، وهو الأقدر على تغيير وتعديل سلوكه، وهو الأقدر على التحكم والتأثير في سلوك الجماعة وفي مناخ العمل، وما يتخذه من مواقف سلوكية تؤثر بدورها على سلوك أتباعه، فسلوك القائد من شأنه أن ينتج ردود فعل معينة في سلوك الجماعة”([44]).

المطلب الثالث: توزيع القيادات

في حين تركز أغلبية برامج القيادة على وضع القيادات في المستويات العليا فقط، تفترض استراتيجية المحيط الأزرق أن القيادة العليا لا تتمكن من الارتقاء بالأداء بمفردها، وأن سر نجاح المؤسسات يكمن في إعطاء الصلاحية للقادة على جميع المستويات الإدارية: العليا والمتوسطة وموظفي المكاتب الأمامية([45])، وهذا هو المفهوم الصحيح للقيادة، فهي لا تقتصر فقط على الفئة الموجودة في مستوى الإدارة العليا، بل توجد في كافة المستويات الإدارية طالما أن هناك فرداً مسؤولاً عن إنجاز بعض الأهداف التي تسهم في تحقيق أهداف المنظمة عند كل مستوى، وقد تختلف مسميات أصحاب هذه الوظائف وفقاً لطبيعة نشاط المنظمة وحجمها([46]).

كما يمكن التوصل إلى تطبيق هذا المبدأ باستخدام مهارة التفويض، إحدى المهارات القيادية التي يكلف فيها القائد أحد مرؤوسيه أداء مهمة معينة، فيتوصل من خلال ذلك إلى تطوير مهارات القيادة لدى الموظفين، وتعليم أعضاء الفريق تحمل المسؤولية، مع زيادة طاقتهم للعمل والتزامهم إياه، ومع تواصل مهام التفويض للموظفين وتدريبهم عليها يمكن بالتدريج توزيع القيادات على مستوى المؤسسة([47]).

إن تطبيق هذا المبدأ على العمل الدعوي يحمل فوائد كثيرة، من بينها:

  • أن تقديم الخدمات المتميزة يتصل بشكل مباشر بالموظفين الذين تفرض عليهم مواقعهم التماس المباشر مع السوق، وبالتالي فإن تفويض الأشخاص من المستويات الأدنى لصلاحيات قيادية معينة بدفعهم لتطوير أدائهم وأداء الموظفين المكلفين الإشراف عليهم، وصولاً إلى تقديم مستوى متميز من الخدمات.
  1. إطلاق العنان للمواهب والطاقات غير المستغلة، فهذه المستويات الإدارية الثلاثة: العليا والمتوسطة والمكاتب الأمامية مختلفة عن بعضها البعض، ولكل منها ملامح محددة للقيادة تتناسب مع موقعها الإداري وصولاً إلى أداء أكثر فاعلية. والعوامل التي تحدد ملامح القيادة الناجحة تستمد بدورها منه الأعمال والأنشطة الواجب على القياديين في كل المستويات القيام بها، وذلك لإيجاد قفزة نوعية في القيمة لكل من الموظفين والعملاء([48]).
  2. عادة ما تكون البرامج التقليدية لتطوير القيادات شديدة العموم وتكون في كثير من الأحيان بعيدة عن النتائج المطلوب تحقيقها من الموظفين، أما في نظرية المحيط الأزرق في القيادة فيطلب من الموظفين المساهمة بطرح آرائهم بشكل مباشر حول الأدوار التي تؤديها قياداتهم وما يؤثر منها سلباً على أداء الموظفين، وكيف يمكن لهؤلاء القادة مساعدة الموظفين على تحقيق أداء أفضل في العمل.
  3. أن مشاركة الموظفين الذين ترتبط ممارستهم مع واقع السوق في اتخاذ القرارات حول الممارسات القيادية الأفضل يحفزهم للعمل بمزيد من الطاقة ورفع مستوى الأداء والتعاون مع القيادة بما يضمن إنتاجية أفضل([49]).

المطلب الرابع: الارتباط الوثيق بواقع السوق.

تركز استراتيجية المحيط الأزرق على ابتكار الخدمات والإبداع في تقديمها وتنويعها وتطويرها للإبقاء على الشريحة الحالية من المستفيدين، وجذب شرائح جديدة من غير الزبائن لتحويلهم إلى زبائن، ولكن عملية الإبداع والابتكار يجب أن تكون مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بواقع السوق الذي ستقدم فيه هذه الخدمات، فتقوم المؤسسة الدعوية بإجراء الدراسات المسحية والاستبيانات لتلمس احتياجات المستفيدين الحاليين والمحتملين وتطلعاتهم واتجاهاتهم نحو البرامج التوعوية الخاصة والعامة ، ومن ثم ابتكار الخدمات المستوحاة من واقع هذه التطلعات والإبداع في تقديمها، بحيث تقدم كل مؤسسة خدمة مختلفة نوعياً عن نظيرتها من المؤسسات، حيث نجد أن المنتجات المقدمة من المؤسسات الخيرية والدعوية في الوقت الحالي تتسم بالتقليد والمحاكاة، فلا تأثير للإبداع فيما تقدمه المؤسسة([50]).

والمقصود بالمنتج في المؤسسات الخيرية والتوعوية كل ما يمكن تقديمه للسوق في سبيل إشباع احتياجات ورغبات معينة، فقد يشمل مساعدات ملموسة مثل الأغذية والأدوية، وقد يشمل تقديم الاستشارات الصحية والنفسية ، وقد يشمل منظمات مثل المشروعات التي تقيمها المؤسسات الخيرية، فالمنتج يعبر عن كل السلع والخدمات التي تقدمها المؤسسات الخيرية وتلبي احتياجات عملائها من المستفيدين والمتبرعين، وفي الوقت الذي تمثـل فيـه هـذه السلع والخدمات أهدافاً بالنسبة للمؤسسات الخيرية فهي تمثل حلولاً لمشكلات عملائها (المساعدات المالية، مساعدة المرضى مساعدة أسر سجناء التعاطي، برامج رعاية الشباب، وغيرها([51]).

ولا تتعارض استراتيجية المحيط الأزرق مع الدعوة للتخصص في عمل المؤسسات الدعوية، فكلما وجد التخصص في نشاط المؤسسات الدعوية والخيرية كان الأمر أفضل في الإتقان والانطلاقة الثابتة إذا توافرت شروط النجاح الأخرى وتخلفت موانعه، ويمكن أن يكون التخصص نوعياً بالتركيز على مجال معين تتخصص فيه المؤسسة، أو جغرافياً بالتركيز على العمل في منطقة أو مكان محددين، والواقع يشهد أن تخصص المؤسسات أمارة على نجاحها حين تصير مرجعاً في مجال عملها ودليلاً إليه ومستشارة فيه وسباقة إلى فروعه([52]).

وبعد التركيز على التخصص أحد العوامل المطلوبة لتطوير العمل الخيري والتوعوي، فتركيز المؤسسة على مشاريع محددة وبرامج معينة تتماشى مع رؤيتها وأهدافها يوفر الموارد المالية ويوجهها، ويساعد على تفجير طاقات العاملين والمتطوعين، وعلى العكس من ذلك فإن الانتشار الكبير لأنشطة المؤسسة وعدم تركيزها يبعثر الموارد، ويبدد الطاقات، ولا يساعد على التميز والإبداع، وقد ركزت المؤتمرات التي عقدتها المؤسسات والجمعيات الخيرية والتوعوية في المملكة في السنوات الأخيرة على أهمية التخصص والتركيز، وطالبت بتأسيس جمعيات خيرية متخصصة في مختلف المجالات([53]).

إلا أن اختيار المؤسسة التوعوية لنوع الخدمات الذي ستتميز فيه ليس بالأمر الهين، فهو يتطلب دراسة متأنية للعديد من العناصر، تشمل توقعات العملاء وما يرونه ذا أهمية لديهم، ونقاط القوة التي تمتلكها المؤسسة او الجمعية، وقدرات المؤسسات المنافسة، كما أن اختيار مجال تتفوق فيه المؤسسة وتسيطر عليه لا يعني أن تتخلى عن المجالات الأخرى، فالاختيار الواضح والمحدد المجال واحد فقط سيمكن المؤسسة من الارتقاء بالأداء لتحقيق الريادة في السوق، بدلاً من الأداء المتوسط في أكثر من مجال([54]).

ومما ينبغي التركيز عليه في المنتجات والخدمات التوعوية المعاصرة ضرورة مراعاتها لنمط الحياة الصاخب وإيقاعها السريع، هذا النمط الذي بات يفرض نفسه على أنشطة الحياة اليومية وكافة مناحيها، ولا يرغب كثير من الشباب والشابات في حضور نشاط دعوى يستغرق ساعتين أو ثلاث ساعات، ولكنه قد يرغب في الحصول على فكرة توعوية يحصل عليها عن طريق أجهزة الخدمة الذاتية، فيدخل الشخص مبلغاً بسيطاً من المال للحصول على فكرة توعوية متجددة كل يوم، حيث يطبع الجهاز قصاصات توعوية متنوعة في كل منها فكرة لأحد الأساليب او الطرق التي يستطيع الأخصائي تنفيذها في يوم واحد، وهي فكرة مناسبة لطلاب المدارس والجامعات ممن لا تستهويهم الأنشطة التقليدية للمؤسسات والجمعيات التوعوية.

كما يتوجب الاعتماد على الإبداع كعنصر جذاب للمستفيدين فالأفكار الإبداعية في حد ذاتها تدفع الشخص لخوض التجربة، إن فكرة التبرع الآلي من خلال أجهزة تشابه أجهزة البيع الآلي ستشكل منتجاً جديداً يجذب شريحة مختلفة من المتبرعين، بحيث يرى الشخص بين يديه جهازاً يماثل جهاز بيع القهوة يمكنه من خلاله اختيار خدمة توعوية مثل طباعة كرت أو كتاب طبي أو بروشور ويمكنه المشاركة فيها بمبلغ بسيط دون أن يستهلك منه ذلك الكثير من الوقت والجهد.

والعمل التطوعي هو أحد الركائز الرئيسة للجهود التوعوية الفردية ولجماعية، ولذا يجب على المؤسسات الدعوية الاهتمام بجذب المتطوعين للمساهمة في أنشطتها وجهودها، فالتطوع مصدر مستمر من الموارد البشرية يعزز مكانة المؤسسة ويوفر لها التعاطف الاجتماعي ويساعدها على تحقيق أهدافها، واستقطاب المتطوعين والمحافظة عليهم والاستفادة المثلى منهم عامل من عوامل تطور المؤسسات و الجمعيات التوعوية ونجاحها واندماجها في المجتمع([55]).

ومن خلال ارتباط المؤسسة الوثيق بواقع السوق، وملامسة احتياجات المدعوين والمستفيدين والمتبرعين، والبحث عن التميز في مجالات محددة دون غيرها تنتج “الصورة الذهنية” للمؤسسة، وهي الصورة التي يكونها المجتمع عن المؤسسة الدعوية، ويتم تشكيل هذه الصورة الذهنية من خلال انطباعات المستفيدين من المؤسسة والمتبرعين لها، إضافة إلى انطباعات الموظفين العاملين فيها، ولهذه الصورة دور كبير في نجاح المؤسسة التوعوية وانتشارها، وفي هذا الجانب كثيراً ما يتوجه اهتمام المؤسسات للمتبرعين والمدعوين أكثر من اهتمامها بالموظفين، بينما يتوجب على المؤسسة إعطاء الاهتمام الكافي لموظفيها، وكما أن لكل مؤسسة سمعة بين زبائنها فإن هناك ما يسمى بالسمعة الوظيفية للمؤسسة.

والسمعة الوظيفية هي الفكرة التي يحملها موظفو هذه المؤسسة عنها كرب للعمل والسمعة التي يروجونها لأقاربهم وأصدقائهم حول كيفية تعامل هذه المؤسسة معهم بوصفهم موظفين، فغياب الاستقرار الوظيفي، وضعف المردود المالي والحوافز، وغياب التأمين الصحي يعد من أكبر المشكلات التي يواجهها العاملون في المؤسسات والجمعيات التوعوية الخيرية،([56]) بينمـا يـجـدر بالمؤسسات و الجمعيات التوعوية أن تكون نموذجاً لباقي المؤسسات في طريقة التعامل من موظفيها من خلال التزام تعاليم الشرعية والنظامية في التعامل وأداء الحقوق وتركيزها على أخلاقيات العمل المهنية ([57]).

كانت هذه بعض التطبيقات الدعوية التي يمكن من خلالها الاستفادة من استراتيجية المحيط الأزرق، على مستوى القيادات والموظفين والمستفيدين والمتطوعين، والجدير بالذكر أن كل ما سبق الحديث عنه في مجال التطبيقات الدعوية للمؤسسات يشمل بطبيعة الحال المؤسسات و الجمعيات التوعوية النسائية، كما يمكن الاستفادة من هذه التطبيقات في مجال التوعية الفردية على مستوى أخصائي التثقيف ، فالأخصائي بدوره يحرص على توسيع قاعدة المدعوين وابتكار أنشطة وبرامج دعوية تخاطب فئات جديدة منهم، ويستصحب الإبداع والابتكار كأساليب معينة له في تنفيذ البرامج والأنشطة التوعوية.

المبحث الثالث

العقبات والتحديات وسبل معالجتها

مع كل المميزات التي تحملها استراتيجيات المحيط الأزرق للمؤسسات و الجمعيات التوعوية إلا أن بعض العقبات الداخلية والخارجية قد تحول بين تطبيق هذه الاستراتيجيات في المؤسسات و الجمعيات التوعوية ، ويتناول هذا المبحث أبرز هذه العقبات وكيفية معالجتها.

المطلب الأول: العقبات والتحديات الداخلية والخارجية.

يقر واضعو استراتيجية المحيط الأزرق بوجود عدد من العقبات والتحديات التي قد تواجه المؤسسة وتحد من تطبيق مبادئ الاستراتيجية وتنفيذ أفكارها، ومن هذه العقبات([58]):

  1. العقبة الإدراكية: في بعض الأحيان يقصر إدراك القائمين على المؤسسة والعاملين فيها عن ضرورة التغيير الاستراتيجي واستمرارها أيضاً.
  2. عقبة محدودية الموارد: فكلما زادت حدة التحول في الاستراتيجية زادت الموارد اللازمة للتنفيذ.
  3. عقبة الدافع: وتتمثل في كيفية إقناع اللاعبين الرؤساء في الشركة بالتحرك بسرعة للتخلص من الوضع القائم والانتقال إلى استراتيجية المحيط الأزرق.
  4. عقبة السياسة الإدارية: وتتمثل في الأساليب والعادات الإدارية القديمة للمنظمة وكيفية تحويلها من استراتيجية المحيط الأحمر إلى استراتيجية المحيط الأزرق.
  5. عدم قبول التغيير أو عدم السماح بحدوثه: حيث يرفض كثير من العاملين (من مديرين وموظفين) التغيير من الناحية النفسية، إما لاعتقادهم بعدم توافر المهارات الضرورية الجديدة لديهم التي يفرضها التغيير، أو لاعتقادهم بأن قبول التغيير يعني ضمنا أن السلوكيات والتصرفات السابقة كانت خاطئة.

المطلب الثاني: سبل معالجة التحديات الداخلية والخارجية.

يمكن معالجة العقبات الداخلية والخارجية بكفاءة من خلال التخطيط السليم، والجدير بالذكر أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم تطبق مبادئ استراتيجية المحيط الأزرق بشكل أكثر كفاءة وفاعلية من المؤسسات الكبيرة، وذلك بسبب السرعة في اتخاذ القرارات والتفاعل مع التغييرات البيئية في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم([59])، وهو ما يخدم المؤسسات الدعوية التي تكون غالباً مؤسسات صغيرة أو متوسطة الحجم.

فاعتماد الاستراتيجيات الحديثة في الإدارة مثل نظرية المحيط الأزرق أصبح ضرورة ملحة تفرض نفسها على المؤسسات و الجمعيات التوعوية في ظل الظروف المعاصرة، وفي دراسة تناولت تحليل استراتيجيات المؤسسات والجمعيات الخيرية العاملة في المملكة العربية السعودية أوصت الدراسة بضرورة تبني توجهات إدارية جديدة في تلك المؤسسات، فالاعتماد على الفكر التقليدي في مواجهة المعطيات المعاصرة المحيطة بمؤسسات العمل الخيري لن يفرز سوى أساليب تقليدية، ولذا فقد أصبح الفكر الاستراتيجي يفرض نفسه على مؤسسات العمل الخيري والتوعوي فالرسالة التي تحملها هذه المؤسسات والأهداف السامية التي تسعى إلى تحقيقها والفئات التي تخدمها، كل ذلك يحتم على هذه المؤسسات حتمية بلورة وتشكيل رؤية بعيدة المدى تضع في اعتبارها كافة العوامل المؤثرة في استقرار ونمو أنشطة العمل الخيري والتوعوي([60]).

الخاتمة

تناول البحث مجموعة من مبادئ استراتيجية المحيط الأزرق التي يمكن الاستفادة منها في برامج التوعية، بما يحقق لها التميز والفعالية والانتشار، وقد تمكن البحث من التعرف على مجموعة من الأفكار والمبادئ المستنبطة من استراتيجية المحيط الأزرق، التي يمكن الاستفادة منها من خلال تطبيقها على المشاريع والأنشطة التوعوية، من خلال البحث عن شرائح جديدة من المدعوين واستقطابهم عن طريق أنشطة توعوية متنوعة تلبي احتياجاتهم وتناسب اهتماماتهم، وكذلك التنوع في تقديم الأنشطة والبرامج التوعوية باستخدام الأفكار الإبداعية والتقنيات الحديثة.

وقد توصل البحث إلى النتائج والتوصيات التالية:

  1. أن من مقتضيات أسلوب الحكمة في توعية الناس الإفادة من العلوم الحديثة والمرونة في التطبيقات الدعوية في إطار الشرع الحنيف.
  2. هناك مجموعة متنوعة من التطبيقات التوعوية يمكن من خلالها تطبيق مبادئ استراتيجية المحيط الأزرق في المؤسسات والجمعيات التوعوية.
  3. يمكن للمؤسسة او الجمعية التوعوية الاستفادة من استراتيجية المحيط الأزرق في توسيع قاعدة المدعوين من خلال تنويع الأنشطة والخدمات التوعوية والابتكار في طريقة تقديمها.
  4. الإبداع والابتكار في التخطيط للأنشطة والبرامج التوعوية وتنفيذها يصل بالمؤسسة الدعوية إلى التميز في أدائها.
  5. التوعية الفردية يمكنها بدورها الاستفادة من استراتيجية المحيط الأزرق في عدة مجالات.
  6. ضرورة الاهتمام بتطوير أداء المؤسسات الجمعيات التوعوية وتبني المفيد من النظريات الإدارية الحديثة.
  7. ضرورة إجراء الدراسات المسحية والميدانية للتعرف على اتجاهات المدعوين وتطلعاتهم نحو الأنشطة والخدمات التوعوية.
  8. ضرورة الاهتمام بتطوير القيادات في المؤسسات الجمعيات التوعوية وتوزيعها على المستويات الإدارية المختلفة.
  9. ضرورة قيام الاتصال الوثيق بين المؤسسة التوعوية والمجتمع، وتقديم الخدمات والأنشطة التوعوية التي تلامس حاجات المجتمع وتطلعاته.
  10. ضرورة إجراء المزيد من الدراسات والأبحاث حول موضوع التطبيقات التوعوية وطرق الإفادة من العلوم الحديثة في أساليب التوعية وتعدد ووسائلها.

قائمة المصادر والمراجع

أولاً: المراجع العربية

  1. الألوكة الشرعية، بدر جزاع نايف النماصي: http://www.alukah.net/sharia/0/90932
  2. المركز الدولي للأبحاث والدراسات (مداد)، أحمد الصويان

http://www.medadcenter.com/conferences/8

  1. الاتصالات التسويقية وبناء التميز في الجمعيات الخيرية بالمملكة العربية السعودية: دراسة تطبيقية على جمعية البر بالأحساء، العرفج، عبد المحسن بن حسين، المجلة المصرية للدراسات التجارية، مصر، م (34)، ع (1)، من (141-172)، 2010م.
  2. الإدارة الإسلامية المفهوم والخصائص المزجاجي، أحمد بن داود. مجلة جامعة الملك عبد العزيز، جدة، م (12)، ع (2)، ص (61-94)، 1419ه.
  3. الإدارة الفعالة للعمل الخيري. القعيد إبراهيم بن حمد، ط1، الرياض: دار المعرفة للتنمية البشرية، 1438ه.
  4. إدارة المؤسسات الدعوية: محاولة لصياغة نظرية إسلامية في التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة. زواقة، بدر الدين بن مصطفى. رسالة دكتوراه، الجزائر: كلية العلوم الاجتماعية والعلوم الإسلامية، جامعة العقيد الحاج لخضر، 1431ه.
  5. استراتيجية المحيط الأزرق بدلاً من البحر الأحمر، أحمد محمد، كلية الاقتصاد، جامعة دمشق، (د.ت).
  6. استراتيجية المحيط الأزرق: كيف تبدع سوقاً جديدة وتكون خارج إطار المنافسة. كيم، وتشان، ورینیه موبورن ترجمة جانبوت حافظ دار الفكر، بيروت، 2006م.
  7. أسس الدعوة إلى الله. أمحزون، محمد سيدي مجلة البيان لندن، ص (48-53)، 1432ه.
  8. التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية معالم على الطريق، رجب، إبراهيم عبد الرحمن:The Islamization of the social sciences, http://www.ibrahimragab.com/aessays-9
  9. الإصلاح التنظيمي وأثره على المؤسسات الدعوية الخيرية، ابن هليل، عبد العزيز بن عبد الله بن صالح، رسالة دكتوراه، السودان: معهد بحوث ودراسات العالم الإسلامي، جامعة أم درمان الإسلامية، 1428ه.
  10. البيئة الإدارية المحفزة للعاملين في الجمعيات والمؤسسات الخيرية. القعيد، إبراهيم بن حمد، ط1، الرياض: دار المعرفة للتنمية البشرية، 1437ه.
  11. التأصيل والتوجيه الإسلامي لعلم الإدارة ونظرياته في الجامعات الإسلامية: تصور مقترح لتوجيهه إسلامياً. ضيف الله غضبان سليمان حمرون، مجلة الدراسات الإنسانية والاجتماعية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ع (23)، ص (13-58)، 1433ه.
  12. المرأة ومهارات القيادة الإدارية، ماننج مارلين. ترجمة: عادل منصور، ط1، الرياض: دار المعرفة للتنمية البشرية، 1423ه.
  13. 17صفات القائد في الإسلام. بواعنة، غازي عبد الله عطية. رسالة ماجستير، الأردن: جامعة اليرموك، 1995م.
  14. علم الاجتماع الإسلامي وتطبيقاته الميدانية في مجال الدعوة: دراسة في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا. إسماعيل، زكي محمد. مجلة كلية العلوم الاجتماعية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض. ع (7)، ص (295-318)، 1983م.
  15. القيادة الإدارية في النظام الإسلامي: دراسة مقارنة بالنظم المعاصرة، محمود إبراهيم عبد الصادق. رسالة ماجستير. مصر: كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، (د.ت).
  16. القيادة الكارزماتية نظرية قديمة حديثة. النجار، محمد عدنان قاسم. مجلة العلوم الاجتماعية، الكويت، م(24)، ع(1)، ص(305-311)، 1996م.
  17. القيادة مفهومها ونظرياتها، زكريان زوزيت. رسالة المعلم، الأردن، م(38)، ع(3)، ص(88-92)، 1997م.
  18. مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين. ابن قيم الجوزية، تحقيق: محمد حامد الفقي. بيروت: دار الكتاب العربي، 1393ه.
  19. المرونة في الدعوة الإسلامية. أبو هلالة، يوسف محي الدين. مؤتة للبحوث والدراسات: العلوم الإنسانية والاجتماعية، الأردن. م(18)، ع(5)، ص(83-115)، 2003م.
  20. مفهوم الاستراتيجية دراسة في التأصيل النظري للمفاهيم. سليمان عبد الله الحربي. مجلة دراسات المستقبل، السودان. م(2)، ع(4)، ص(85-106)، 2010م.
  21. المؤسسات الخيرية حكمها وضوابط القائمين عليها وحدود صلاحيتهم، السكني، دعاء عادل قاسم، بحث تكميلي لمرحلة الماجستير، الجامعة الإسلامية، غزة، 1433ه.
  22. نظرات وتوجهات في تنمية الموارد المالية للمؤسسات الخيرية، عكاشة، عمر إبراهيم، البيان، ع(292)، نوفمبر، لندن، ص(16-21)، 2011م.
  23. النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات المبارك محمد الجزري، تقديم: علي الأثري، دار ابن الجوزي، الدمام، 1421ه.
  24. واقع أبعاد سلوك القيادة التحويلية من وجهة نظر العاملين في منظمات قطاع التعليم السعودية: دراسة تطبيقية على العاملين في وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم. آل سعود، عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد العزيز. مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض. ع (25)، ص(261-305)، 2015م.

ثانياً: المراجع الإنجليزية:

  1. Butler, Colin. “Planning with Blue Ocean Strategy in the United Arab Emirates”. Strategic Change. Vol. 17, issue 5/6 (August 2008): 169–178.
  2. https://en.wikipedia.org/wiki/W._Chan_Kim Wikipedia.
  3. https://en.wikiquote.org/wiki/Ren%C3%A9e_Mauborgne Wikiquote.
  4. https://plattperspective.wordpress.com/2010/01/11/nonprofits-and-blue-oceanstrategies/ Platt Perspective on Business and Technology,
  5. Ibrahim, Norasyikin Binti Shaikh, “Employer branding: An Islamic perspective”, The south east Asia journal of management 10, no.2 (2016): 108-120.
  6. Kim, W. Chan & Renee Mauborgne, Blue ocean strategy: How to create uncontested market space and make the competition irrelevant,. Harvard business school press, U.S, 2005.
  7. Merchant, Altaf, John B. Ford, and Adrian sergeant. “Don’t forget to say thank you: The effect of an acknowledgement on donor relationships”, Journal of marketing management 26, no.7-8 (2010): 593-611.
  8. Welch, Shari J. and Bob Edmondson. “Commentary: Applying Blue Ocean Strategy to the Foundation of Accountable Care”. American Journal of Medical Quality 27 (2012): 256-257.
  9. www.blueoceanstrategy.com/what-is-blue-ocean-strategy

List of Sources and References

First: Arabic Sources:

  1. Al-Alookah Ash-Shar’iyyah, Badr Jazza’ Nayef An-Nemasi : http://www.alukah.net/sharia/0/90932
  2. National Centre For Research And Studies (Midad), Ahmad As-Suwayyan: http://www.medadcenter.com/conferences/8
  3. Al-Ittisalat At-Tasweeqiyyah wa Bina’ At-Tamayyuz fil Jamiyaat Al-Khayriyyah Bil Mamlakah Al-Arabia Al-Saudia: Dirasah Tatbeeqiyyah Ala Jamiat Al-Birr Bil Ahsa. Marketing Phone Calls and Building Excellence in Charities in Saudi Arabia: An Empirical Study on Jamiyyah Al-Birr in Ahsa). Al-Arfaj, Abdul Mushin Bin Hussain. The Egyptian Journal for Trade Studies, Egypt, m(34), a(1), 141-172, 2010.
  4. Al-Idarah Al-Islamiyyah: Al-Mafhoom Wal-Khasa’is. Al-Mizjaji, (Islamic Management: Concept and Specifications), Ahmad Bin Dawood. King Abdul Aziz University Journal. Jeddah, m(12), a(2), 61-94, 1419H.
  5. Al-Idarah Al-Fa’aalah Lil Amal Al-Khairi. (Effective Management of Charities), Al-Qaeed, Ibrahim Bin Hamad, 1st ed., Riyadh: Dar Al-Ma’rifah Lit-Tanmiyah Al-Bashariyyah, 1438H.
  6. Idarat Al-Mu’assasaat Ad-Da’awiyyah: Muhawalah Lisiyaghat Nazariyyah Islamiyyah Fit-Takhteet Wat-Tantheem Wat-Tawjih War-Raqabah. (Managing Da’wah Establishments: An Attempt to Formulate an Islamic Theory in Planning, Organisation, Guidance, And Control). Zawaqah, Badr Ad-Din Bin Mustafa. Ph.D Thesis. Algeria: College of Social Sciences And Islamic Studies, Al-Aqid Al-Haj Lakhdar University, 1431H.
  7. Istirateejiat Al-Muhit Al-Azraq Badalan Minal-Bahr Al-Ahmar, (Blue Ocean Strategy Instead of The Red Sea), Ahmad, Muhammad, College of Economics , University of Damascus, (n,d).
  8. Blue Ocean Strategy: How to Create Uncontested Market Space and Make the Competition Irrelevant. Kim, W.Chan, and Renee Mauborgne. Translation: Janbut Hafiz. Dar Al-Fikr, Beirut, 2006.
  9. Usus Ad-Dawah Ila Allah. (The Basics of Giving Da’wah), Amahzun, Muhammad Seidi. Majallah Al-Bayan, London, 48-53, 1432H.
  10. At-Ta’seel Al-Islami Lil-Uloom Al-Ijtimaiyyah, (The Islamization of the SocialSciences), Rajab, Ibrahim Abdur-Rahman: http://www.ibrahimragab.com/aessays-9
  11. Al-Islah At-Tanzeemy wa Atharuh Alal-Mu’assasaat Ad-Da’awiyyah Al- Khayriyyah, (Organisational Reform and Its Impact on Charitable Institutions), Ibn Halil, Abdul Aziz Bin Abdullah Bin Saleh, a Ph.D thesis. Sudan: The Institute of Research and Islamic World Studies, Um Darman Islamic University, 1428H.
  12. Al-Bee’ah Al-Idariyyah Al-Muhaffizah lil-Aamileen fil Jami’yyat wal Mu’assasaat Al-Khayriyyah. (The Administrative Environment That Motivates Employees of Associations and Charities), Al-Qaeed, Ibrahim Bin Hamad, 1st ed.,Riyadh: Dar Al-Ma’rifah Lit-Tanmiah Al-Bashariah, 1437H.
  13. At-Ta’seel Wat-Tawjih Al-Islamy Li Ilm Al-Idarah wa Nathariyyatuh Fil Jaamiaat Al-Islamiyyah: Tasawwur Muqtarah Li Tawjeehihi Islamiyyan, (The Islamic View on Management Sciences and Theories in Islamic Universities: A Proposed Islamic Direction), Dhayf Allah Ghadban Sulaiman Hamroon. Journal of Human and Social Studies, Imam Muhammad Ibn Saud Islamic University, a(23), 13-58, 1433H.
  14. Al-Hikmah Fid-Dawah Ila Allah Ta’ala. (Wisdom in Giving Da’wah), Saeed Bin Ali Bin Wahaf Al-Qahtani. 1st ed., Riyadh: (n,d), 1424H.
  15. Ad-Da’iyah Bayna Fiqh Ad-Dawah wa Fann Al-Qiyadah, (The Da’iyah Between The Fiqh of Da’wah and the Art of Leadership), Yusuf, Ali Syed Abdul Hamid, The Scientific Journal For The College of Usool Ud-Din and Da’wah in Zaqazeeq, Egypt, a(16), Part Two, 440-528, 2004.
  16. Leadership Management Skills for Women. Matting, Marlyn. Translation: Aadil Mansoor. 1st ed., Riyadh: Dar Al-Ma’rifah Lit-Tanmiah Al-Bashariah, 1423H.
  17. Sifat Ad-Da’iyah Al-Muslim: Al-Quwwah Unmoothajan, (The Characteristics of The Muslim Da’ee: Strength as as Example), Muhammad, Mardiah Abdur-Rasool Dookah. Al-Munir Journal, Sudan, a(7), 137-148, 2008.
  18. Sifat Al-Qa’id Fil Islam, (The Characteristics of a Leader in Islam), Bawa’inah, Ghazi Abdullah Attiah. A Masters Thesis. Jordan: Al-Yarmouk University, 1995.
  19. Ilm Al-Ijtima’ Al-Islami Wa Tatbeeqatuh Al-Maydaniyyah Fi Majal Ad-Da’wah: Dirasah Fi Ilm Al-Ijtima’ Wal-Anthropogia. (Islamic Social Sciences and Its Field Application in Da’wah: A Scocial Sciences and Anthropology Study). Ismail, Zaki Muhammad, College of Social Sciences Journal, Imam Muhammad Ibn Saud University, Riyadh. A(7), 295-318, 1983.
  20. Al-Qiyadah Al-Idariyyah Fin-Nitham Al-Islami: Dirasah Muqaranah Bin-Nuthum Al-Mu’asirah. (Leadership Management in The Islamic System: A Comparative Study With Modern Systems). Mahmood, Ibrahim Abdus-Sadiq. A Masters Thesis. Egypt: College of Shariah and Law, Al-Azhar University, (n,d).
  21. Al-Qiyadah Al-Karismatiyyah Nathariyyah Qadeemah Hadeethah, (Charismatic Leadership: And Old and New Theory), An-Najjar, Muhammad Adnan Qasim. Journal of Social Sciences, Kuwait, m(24), a(1), 305-311, 1996.
  22. Al-Qiyadah: Mafhoomuha Wa Nathariyyatuha, (Leadership: Concept andTheories), Zikyan, Zuzuwiet. Risalat Al-Muallim, Jordan. M(38), a(3), 88-92, 1997.
  23. Madarij As-Salikeen Bayn Manazil Iyyaka Na’bud Wa Iyyaka Nastaeen. Ibn Qayyim Al-Jawziyyah. Edited by: Muhammad Hamid Al-Faqqi. Beirut: Dar Al- Kitab Al-Arabi, 1393H.
  24. Al-Muroonah Fid-Da’wah Al-Islamiyyah, (Flexibility in Islamic Da’wah), Abu Hilalah, Yusuf Muhyid-Din. Mu’tah for Research and Studies: Human and Social Sciences, Jordan, m(18), a(4), 85-106, 2010.
  25. Mafhoum Al-Istirateejiyyah Dirasah Fit-Ta’seel An-Nathari Lil-Mafaheem, (The Concept of Strategy: A Study on The Theory of Concepts). Sulaiman Abdullah Al-Harbi. Journal of Future Studies, Sudan. J(2), a(4), 85-106, 2010.
  26. Al-Mu’assasaat Al-Khairiyyah Hukmuha wa Thawabit Al-Qa’aimeen Alayha wa Hudud Salahiyyatihim, (Charitable Institutions: The Rules Applying to the Governors and the Limits of Their Powers). As-Sakani, Duaa Aadil Qasim, Additional Research for the Masters Level, Islamic University, Gaza, 1433H.
  27. Natharat Wa Tawajjuhaat Fi Tanmiat Al-Mawarid Al-Maliyyah Lil-Mu’assasaat Al-Khairiyyah, (Views and Trends in Developing Financial Resources for Charitable Organisations). Ukashah, Umar Ibrahim, Al-Bayan, a(292) November, London, 16-21, 2011.
  28. An-Nihayah Fi Gharib Al-Hadith Wal-Athar, Ibn Al-Atheer, Majd Ed-Din Abus- Sa’adaat Al-Mubarak Muhammad Al-Jazari, Introduction: Ali Al-Athari, Dar Ibn Al-Jawzi, Dammam, 1421H.
  29. Waqi’ Ab’aad Sulook Al-Qiyadah At-Tahweeliyyah Min Wijhat Nathar Al- Aamileen Fi Munathamat Qita’ At-Ta’aleem As-Saudiah: Dirasah Tatbeeqiyyah Alal-Aamileen Fi Wizaratay At-Ta’leem Al-Aaly Wat-Tarbiah Wat-Ta’aleem, (The Dimensions of Transformational Leadership Behaviour From the Viewpoint of Saudi Education Sector Employees: An Empirical Study on Workers in The Ministries of Higher Education and Education. Al-Saud, Abdul Aziz Bin Abdur- Rahman Bin Abdul-Aziz. Imam Muhammad Bin Saud University Journal, Riyadh. A(25), 261-305, 2015.

الهوامش:

  1. () المجلة المصرية للدراسات التجارية، (ص ١٤١-١٧٢).
  2. () مفهوم الاستراتيجية دراسة في التأصيل النظري للمفاهيم سليمان الحربي، (ص 87).
  3. () (W.Chen Kin) ولد في كوريا عام 1952م، انتقل إلى فرنسا عام 1992م، أستاذ الإدارة الاستراتيجية في معهد (INSEAD) والمدير المساعد لمؤسسة المحيط الأزرق التابع للمعهد نفسه بفرنسا:

    https://en.wikipedia.org/wiki/W_Chan_Kim

  4. () Renee Mauborgne)) ولدت في أمريكا عام 1963م، أستاذ الإدارة الاستراتيجية في معهد

    (INSIAD) والمدير المساعد لمؤسسة المحيط الأزرق التابع للمعهد نفسه بفرنسا:

    https://en.wikiquote.org/wiki/Ren%C3%A9e_Mauborgne

  5. () انظر: الموقع الالكتروني لاستراتيجية المحيط الأزرق، 15/7/2017م:

    www.blueoceanstrategy.com/what-is-blue-ocean-strategy

  6. () انظر: استراتيجية المحيط الأزرق: كيف تبدع سوقا جديدة وتكون خارج إطار المنافسة. وتشان کیم، ورینیه موبورن ترجمة جانبوت حافظ، (30-33).
  7. () انظر: استراتيجية المحيط الأزرق بدلا من البحر الأحمر، محمد أحمد، (ص 4).
  8. () انظر: استراتيجية المحيط الأزرق، كيم وموبورن، (ص 30، 32، 36).
  9. () Blue ocean strategy, W.Chan Kim, Renee Mauborgne, p.8-10.
  10. () انظر: ما معنى التطبيقات التربوية، بدر جزاع نايف النماصي، موقع الألوكة الشرعية:

    https://www.alukah.net/sharia/0/90932

  11. () مدارج السالكين (1/ 390).
  12. () النهاية في غريب الأثر، ابن الأثير، (ص 223).
  13. () مدارج السالكين ابن القيم (2/ 479-480).
  14. () الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى، سعيد بن علي بن وهف القحطاني، (ص 881، 882).
  15. () صفات الداعية المسلم: القوة أنموذجا، مرضية محمد (ص 141).
  16. () قضية الثبات والتطور العمري، (ص 84).
  17. () المرونة في الدعوة الإسلامية، يوسف أبو هلالة، (ص 85- 86).
  18. () انظر على سبيل المثال: علم الاجتماع الإسلامي وتطبيقاته الميدانية في مجال الدعوة: دراسة في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، زكي محمد إسماعيل.
  19. () أسس الدعوة إلى الله، محمد أمحزون، (ص 47) وما بعدها (بتصرف واختصار).
  20. () نظرات وتوجهات في تنمية الموارد المالية للمؤسسات الخيرية، عمر عكاشة، (ص 17).
  21. () The Islamization of the social sciences, http://www.ibrahimragab.com/aessays-9
  22. () انظر: الإدارة الإسلامية: المفهوم والخصائص، أحمد المزجاجي، مجلة جامعة الملك عبد العزيزة (ص 63).
  23. () انظر على سبيل المثال: التأصيل والتوجيه الإسلامي لعلم الإدارة ونظرياته في الجامعات الإسلامية: تصور مقترح لتوجيهه إسلاميا، ضيف الله غضبان سليمان حمرون، مجلة الدراسات الإنسانية والاجتماعية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
  24. () انظر: الدراسات السابقة.
  25. () القيادة الإدارية في النظام الإسلامي: دراسة مقارنة بالنظم المعاصرة، إبراهيم عبد الصادق محمود، (ص 3).
  26. () Blue ocean strategy, Kim & Mauborgne, p8
  27. () لائحة الجمعيات والمؤسسات الخيرية، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، 1410ه.
  28. () Nonprofits and blue ocean strategies, Timothy Platt, Platt Perspective on Business and Technology: https://plattperspective wordpress.com/2010/01/11/nonprofits-and-blue-ocean- strategies, January 11, 2010.
  29. () Welch, Shari J. and Bob Edmondson “Commentary Applying Blue Ocean Strategy to the Foundation of Accountable Care”. American Journal of Medical Quality 27 (2012): 256-257
  30. () Ibid.
  31. () استراتيجية المحيط الأزرق بدلا من البحر الأحمر، محمد أحمد، (ص 7).
  32. () انظر: المؤسسات الخيرية حكمها وضوابط القائمين عليها وحدود صلاحيتهم، دعاء عادل قاسم السكني، بحث تكميلي المرحلة الماجستير، (ص 48).
  33. () Blue ocean strategy. Kim & Mauborgne, P128-140
  34. () انظر: نحو استراتيجية تسويقية شاملة للمؤسسات الخيرية السعودية في إطار المستجدات العالمية صالح الرشيد، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، (ص 28).
  35. () انظر: نحو استراتيجية تسويقية شاملة للمؤسسات الخيرية السعودية في إطار المستجدات العالمية صالح الرشيد، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، (ص 28).
  36. () Altaf Merchant, John B. Ford, and Adrian sergeant. “Don’t forget to say thank you: The effect of an acknowledgement on donor relationships”. Journal of marketing management 26, no. 7-8 (2010): 593-595,
  37. () انظر: الإدارة الإسلامية، أحمد المزجاجي، (ص 80).
  38. () انظر: واقع أبعاد سلوك القيادة التحويلية من وجهة نظر العاملين في منظمات قطاع التعليم السعودية: دراسة تطبيقية على العاملين في وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم، عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد العزيز آل سعود، (ص 276).
  39. () انظر: القيادة: مفهومها ونظرياتها، زوزيت زكریان، (ص 91).
  40. () Blue ocean strategy, Kim & Mauborgne, p86
  41. () Ibid
  42. () انظر: القيادة الكارزماتية نظرية قديمة حديثة، محمد النجار، (ص 308).
  43. () صفات القائد في الإسلام، غازي بواعنة، 1995، (ص 8).
  44. () Blue ocean strategy, Kim & Mauborgne. P 65
  45. () انظر: واقع أبعاد سلوك القيادة التحويلية من وجهة نظر العاملين في منظمات قطاع التعليم السعودية: دراسة تطبيقية على العاملين في وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم، عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، (ص 282).
  46. () انظر: المرأة ومهارات القيادة الإدارية، مارلين ماننج، ترجمة: عادل منصور، (ص 69-70).
  47. () Blue ocean strategy, Kim & Mauborgne, P180-182
  48. () انظر: الداعية بين فقه الدعوة وفن القيادة، علي سيد عبد الحميد يوسف، (ص 134).
  49. () انظر: نحو استراتيجية تسويقية شاملة للمؤسسات الخيرية السعودية في إطار المستجدات العالمية، صالح الرشيد (ص 14).
  50. () انظر: نحو استراتيجية تسويقية شاملة للمؤسسات الخيرية السعودية في إطار المستجدات العالمية، صالح الرشيد، (ص 26).
  51. () انظر: العمل الدعوي الخيري رؤية في آفاق التطوير، أحمد الصويان، الملتقى الأول للدراسات الدعوية وندوة ترجمة السنة النبوية، تنظيم الجمعية العلمية السعودية للدراسات الدعوية والجمعية العلمية للسنة وعلومها، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، 1429ه.

    الموقع الالكتروني للمركز الدولي للأبحاث والدراسات (مداد).

    http://www.medadcenter.com/conferences/8

  52. () انظر: الإدارة الفعالة للعمل الخيري، إبراهيم القعيد، (ص 9).
  53. () انظر: الاتصالات التسويقية وبناء التميز في الجمعيات الخيرية بالمملكة العربية السعودية: دراسة تطبيقية على جمعية التوعية بالأحساء، عبد المحسن العرفج، (ص 150).
  54. () انظر: الإدارة الفعالة للعمل الخيري إبراهيم القعيد، (ص 305-308).
  55. () انظر: البيئة الإدارية المحفزة للعاملين في الجمعيات والمؤسسات الخيرية، إبراهيم القعيد، ( ص 70-76).
  56. () Norasyikin Binti Shaikh Ibrahim, “Employer branding An Islamic perspective”, The south east Asia journal of management 10, no.2 (2016):109, 115.
  57. () انظر: استراتيجية المحيط الأزرق، (ص 132-135)، وكذلك الإصلاح التنظيمي وأثره على المؤسسات الدعوية الخيرية، عبد العزيز بن هليل، (ص 310).
  58. () Butler, Colin “Planning with Blue Ocean Strategy in the United Arab Emirates”. Strategic Change. Vol. 17, issue 5/6 (August 2008): 169-178
  59. () نحو استراتيجية تسويقية شاملة للمؤسسات الخيرية السعودية في إطار المستجدات العالمية، صالح الرشيد، (ص 42).