الطبيعة القانونية وآثار شرط الاحتفاظ بالملكية في عقد البيع

م. د. طلال محمد كاظم الزهيري1

1 جامعة الامام الصادق فرع ديالى ، العراق
HNSJ, 2024, 5(2); https://doi.org/10.53796/hnsj52/38
تنزيل الملف
تاريخ النشر: 01/02/2024م تاريخ القبول: 21/01/2024م

المستخلص

يلجأ اطراف العلاقة العقدية في ظل التطورات الاقتصادية الكبيرة والعمل التجاري الواسع اعتماد شرط الاحتفاظ بالملكية في عقد البيع ، بمقتضى هذا الشرط يبحث البائع عن حماية قانونية ترتكز على جعل ملكية المبيع لديه ولم تم تسليم المبيع للمشتري، ويبحث المشتري عن شيء يستفاد منه في استكمال متطلبات حياته اليومية وذلك بجعل الملكية على سبيل الضمان

دون سداد كامل الثمن من قبل المشتري ، وفي حالة عدم تمكين المشتري من الوفاء التام عندها بامكان البائع استرداد المبيع من المشتري بالطرق القانونية شرط الاحتفاظ بالملكية في عقد البيع.

الكلمات المفتاحية: شرط الاحتفاظ، الملكية، عقد البيع

Research title

The legal nature and effects of the ownership retention clause in the sales contract

Talal Muhammad Kadhim Al-Zuhairi1

1 Imam Sadiq University, Diyala Branch, Iraq

HNSJ, 2024, 5(2); https://doi.org/10.53796/hnsj52/38

Published at 01/02/2024 Accepted at 21/01/2024

Abstract

In light of the great economic developments and widespread commercial activity, the parties to the contractual relationship resort to adopting the condition of retaining ownership in the sales contract. According to this condition, the seller seeks legal protection based on making ownership of the sold item his own and the sold item has not been delivered to the buyer, and the buyer is looking for something to benefit from in completing the requirements of his life. Journalism by making ownership a guarantee

Without paying the full price by the buyer, and in the event that the buyer is unable to pay in full, then the seller can recover the sold item from the buyer through legal means, provided that ownership is retained in the sales contract.

Key Words: retention clause, ownership, sales contract

المقدمة :

يعد شرط الاحتفاظ بملكية المبيع لدى البائع من المواضيع المهمة في نطاق القوانين المدينة التي تحصل على ارض الواقع بين المتعاقدين ، ويقصد بهذا الشرط كان الثمن مؤجلاً لموعد معين . الذي يتفق البائعون بالتقسيط أو وضعه في عقد البيع ، يحتفظ البائع بمقتضاه بملكية البيع لحين الوفاء الكامل بالثمن ([1]) على الرغم من تسليم المبيع للمشتري يلجأ البائع الى ادراج هذا الشرط في عقد البيع للحصول على حماية قانونية تمكنه من استيفاء حقه فيما تبقى من الثمن لدى المشتري مقابل ذلك تسهيل أمر المشتري لعدم امكانيته دفع كامل الثمن في الحال .

تاريخياً، كان الرومان هم أول من اعتمد هذا الشرط في التعامل بين المتعاقدين ، وان القانون الروماني لم يرتب نشوء الالتزام في ذمة البائع بنقل ملكية المبيع الى المشتري، وانما الزم البائع بتمكين المشتري حيازة المبيع حيازة كاملة تمكنه من الانتفاع بالمبيع ، بالمقابل رتب على البائع عدم التعرض للمشتري من قبله او من قبل الغير([2]).

ثم أخذ المشرع الفرنسي بهذا الشرط واعتبره من مستلزمات العقد خاصة في ميادين الانشطة التجارية والصناعية .

واهتمت الشريعة الاسلامية الغراء بهذا الشرط ووصفته بمنحى الوعد بالبيع وخطوة أوليه نحو اتمام العقد بصورته النهائية ،وتباينت أراء فقهاء القانون الوضعي حول الطبيعة القانونية لهذا الشرط ، فمنهم من اعتبره من العقود الملزمة للجانبين، يلزم فيه البائع بائع بأن ينقل للمشتري ملكية شيءً او حقاً مالياً ، في المقابل يلزم المشتري بأن يدفع ثمناً نقدياً، ومنهم من اعتبره بيع معلق على شرط واقف او معلق على شرط فاسخ ، ومنهم من اعتبره شرطاً للضمان اتفاقياً أو عينياً.

كما أخذت بهذا الشرط معظم التشريعات العربية المعاصرة وخصصت له أحكاماً خاصة في قوانينها المدينة ([3])

أهمية البحث :

تتجلى أهمية البحث بشرط الاحتفاظ بملكية المبيع لدى البائع والحماية القانونية له من الأهمية في الممارسات المالية في الواقع العملي كونه ممارسة إعتاد عليها المتعاقدين في عقد البيع سواء كان عقد بيع عقاراً أم منقولاً. وبالرجوع الى الأحكام التي وردت في القانون المدني العراقي لوحظ وجود شيء من الغموض في هذا الموضوع وبالأخص في التزامات البائع والمشتري ، بالنسبة إلى التزامات البائع عند عدم تحويل ملكية المبيع الى المشتري، والتزامات المشتري عند تعرضه للإعسار او التهرب من سداد كامل الدين .

إشكالية البحث:

يتمثل شرط الاحتفاظ بالملكية في عقد البيع في احتفاظ البائع بملكية المبيع، في الوقت الذي تسلم المبيع الى المشتري وحاز على الشيء حيازة هادئة . فبإشكالية البيت بسؤالها العام شرط في ظل عدم وجود نظام قانوني محكم لهذا الشرط في القانون المدني العراقي حول ما مدى فعالية شرط الاحتفاظ بالملكية كضمان للبائع في حالة تلكؤ المشتري او توقعه نهائياً عن الوفاء بالثمن)) فتثور المشكلة في كيفية تحقيق التوازن بين مصلحة البائع الذي يطمح في تأمين قبض ثمن المبيع بالكامل وبين مصلحة المشتري الذي ينوي استعمال واستغلال المبيع بالوقت الذي لا يستطيع دفع الثمن بالكامل وقت التعاقد.

اسئلة البحث:

ستتم الاجابة في معرض الدراسة وحيثياتها عن الأسئلة الآتية :

١- ماذا يعني شرط الاحتفاظ بالملكية ؟

٢- ما هو السند القانوني في القانون المدني العراقي و بعض القوانين العربية لشرط الاحتفاظ بالملكية ؟

٣- ما هي الطبيعة القانونية لشرط الاحتفاظ بالملكية؟

٤- ماهي حقوق والتزامات المالك ( ( البائع) والمشتري. بحسب الاتفاق على شرط الاحتفاظ بالملكية؟

منهج الدراسة :

اعتمد الباحث ، المنهج الوصفي التحليلي ، اعتماداً على الأحكام القانونية الخاصة بشرط الاحتفاظ بالملكية في القانون العراقي وبعض التشريعات العربية، ومدى ملائمتها للواقع العملي في المعاملات

هيكلية البحث :

لأجل الاحاطة بموضوع الدراسة : الطبيعة القانونية وآثار شريط الاحتفاظ بالملكية في عقد البيع وتحقيقاً للهدف منها ، قسم البحث على مبحثين سيخصص المبحث الأول للطبيعة القانونية لشرط الاحتفاظ بالملكية وجاء بمطلبين، الأول خصص الأول الى النظريات التي تناولت شرط الاحتفاظ بالملكية وخصص المطلب الثاني الى موقف بعض القوانين العربيةمن شرط الاحتفاظ بالملكية .

و نقرر بالمحث الثاني فى الطبيعة القانونية الشرط الاحتفاظ بالملكية في التشريعات المقارنة وآثار الشرط على المتعاقدين ، وخصصهم على مطلبين ،خصص الأول الى موقف بعض التشريعات العربية من شرط الاحتفاظ بالملكية، وتناول الثاني آثار الشرط على البائع والمشتري

المبحث الأول

الطبيعة القانونية لشرط الاحتفاظ بملكية المبيع

تعد الجوانب التشريعية أحد المرتكزات لحماية الانشطة التجارية أو المعاملات بشكل عام التي يضعها المتعاقدان نصب أعينهم لتجنب المنازعات التيقد تحصل مستقبلاً نتيجة لإخلال في تنفيذالعقود . قدم مستقبل في تنفذ العقود.

ويشهد العصر الحالي نشاط ملحوظ بين الناس وهو البيع بالتقسيط او بالآجل، على أن يحتفظ البائع بملكية المبيع لحين تسديد كامل الثمن من قبل المشتري ،والمشرع العراقي من جانبه وضع لهذا الشرط حكماً جاء في القانون المدني لتنظيم هذا الشرطوالمسائل التي تعتريه وآثاره على المتعاقدين. وخصصت الكثير من النظريات هذا الشرط اعتمدتها الكثير من القوانين الوظعية وعليه سيقسم هذا المبحث على مطلبين على النحو الآتي.

المطلب الأول: النظريات الخاصة بشرط الاحتفاظ بالملكية

المطلب الثاني: موقف بعض القوانين العربية من شرط الاحتفاظ بالملكية

المطلب الأول

النظريات الخاصة بشرط الاحتفاظ بالملكية

تختلف النظريات التي قيلت حول شرط الاحتفاظ بملكية المبيع باختلاف فقهاء القانون والمختصين في العقود منهم من يرى شرط الاحتفاظ بالملكية هو بيع معلق على شرط واقف ، ومنهم يرى انه بيع معلق على شرط فاسخ والآخرين انه بيع ضمان لحق البائع في الثمن، وعليه سينقسم هذا المطلب على ثلاثة فروع على النحو الآتي :

الفرع الأول : شرط الاحتفاظ بالملكية بيع معلق على شرط فاسخ او واقف.

الفرع الثاني: شرط الاحتفاظ بالملكية ضمان لحق البائع في الثمن.

الفرع الأول

شرط الاحتفاظ بالملكية بيع معلق على شرط فاسخ او واقف

مفاد هذه النظرية ان شرط الاحتفاظ بالملكية معلق على شرط فاسخ بتحقق هذا الشرط يزول الالتزام ويعتبر كأن لم يكن ، او ان شرط الاحتفاظ بالملكية معلق على شرط واقف بتحقق هذا الشرط وجدا الالتزام ،

وسنتناول هذين الشرطين على التفصيل الآتي:

اولاً: نظرية الشرط الفاسخ:

تعتبر هذه النظرية ان شرط الاحتفاظ بالملكية بيع معلق على شرط فاسخ وهذا الشرط هو عدم وفاء المشتري بالثمن كاملاً في الميعاد المحدد بالعقد فيجعل من العقد التزاماً موجوداً نافذاً إلا انه معرض للزوال في الحالة التي لا يؤدي فيها المشتري الثمن عند الاستحقاق. وبالتالي ان المشتري يتملك ملكية المبيع وله أن يتصرف فيه ، إلا ان هذه الملكية تنتزع منه بقوة القانون عند تحقق الشرط الفاسخوالمتمثل في عدم الوفاء بالثمن بالكامل وعندها يعود المتعاقدان الى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد

مثالاً على ذلك، اذا باع شخص عين معينة بالذات واشترط على المشتري ان يكون له استردادها في خلال مدة معينة متفق عليها بعد رد الثمن حينها فسخ العقد وزواله معلق على شرط هو رد الثمن فاذا تحقق الشرط فسخ العقد وزال([4]) ،او السؤال الذي يثار في هذا الجانب، هل شرط الاحتفاظ بالملكية ، شرطاً فاسخ، الجواب يكون بالنفي، وذلك كون الشرط الفاسخ يجعل الملكية تنتقل الى المشتري مرتين ، الاولى عند التعاقد أي عند ابرام العقد، والأخرى عند فسخ العقد لتحقق الشرط الفاسخ .

نظرية الشرط الواقف :

الشرط الواقف يعني ، الشرط الذي يترتب على تحققه وجود الالتزام ، اي أن الالتزام قبل تحقق الشرط غير موجود اي واقف ، فعند تحقق الشرة وبعد الالتزام وإن تخلف الشرط تأكد انعدام الالتزام ([5]) .

فالاتفاق على شرط الاحتفاظ بالملكية بين البائع والمشتري فبأمكان البائع عند عدم قيام المشتري بالوفاء الكامل بالثمن الاحتفاظ بملكية المبيع وعدم اتمام العقد ، اي عدم نقل ملكية المبيع للمشتري وذلك لان تخلف الشرط لم ينشأ العقد ولا الالتزام وفقا للتشريع العراقي ([6]) .

فاذا باع شخص عيناً معينة بالذات بالتقسيط واشترط على المشتري ان يكون البيع معلقاً على شرط واقف ألا وهو وفاء المشترى بالثمن المؤجل في الميعاد الذي تم تحديد الأقساط به ، فان البيع بهذا الشرط يكون صحيحاً وفي هذه الحالة يجب اكمال الشرط حتى لو سلم البائع المبيع للمشتري قبل الوفاء بالثمن اي قبل استيفاء اي قط من أقساطه .

فاذا اوفى المشتري بكامل الأقساط في الميعاد المحدد فقد تحقق الشرط الواقف وبالتالي تنتقل الملكية بأثر رجعي الما المشتري. ولكن اذا تخلف الشرط نتيجة تأخر المشتري عن دفع الثمن فان ملكية المشتري التي كانت معلقه على شرط واقف نزول بأثر رجعي لعدم تحقق الشرق ([7]).

الفرع الثاني

شرط الاحتفاظ بالملكية ضمان لحق البائع في الثمن

يعد شرط الاحتفاظ بالملكية ضمان قانوني المعتبر يعول عليه جانب من الفقه القانوني واعتبروه يؤدي وظيفة رئيسية لحماية حق البائع في سداد کامل الثمن من المشتري .

اصحاب هذه النظرية انقسموا الى قسمين الأول أعتبر شرط الاحتفاظ بالملكية ضماناً اتفاقياً اما الأخر. فاعتبروه ضماناً عينياً. وعلى التفصيل الآتي : الضمان الاتفاقي، مفاده الاعتماد على الاساس التعاقدي ومصدره ارادة البائع واتفاقه مع المشترى على تسديد الثمن بالتقسيط ، حيث يرتب التزامات متقابلة بين الطرفين ( البائع والمشتري) واستدلالاً بالقاعدة القانونية العقد شريعة والمتعاقدين

الضمان العيني : فكرة الضمان تعبر عن وظيفة اقتصادية اكثرمنها وظيفة قانونيه وتوظيف الملكية في مجال المعاملات المالية لنوع من الضمان ، فهو يعتبر ضماناً عينياً كونه يرد على حق عين أصلي ألا وهو حق الملكية، وحق الملكية ([8]) لم يعد غاية أخرى وهيه الضمان باعتبار أن جوهر عقد البيع يقوم على نقل هذا الحق من البائع الى المشتري ، ولا يتصور بيع دون نقل الملكية. وبالتالي أن شرط الاحتفاظ بالملكية هو ضمان عيني ذو طابع ارادي يخضع لأتفاق الاطراف على إنشائه فيما بينهم مسبقاً ([9]).وهذا هو ما يميل اليه الباحث باعتباره الرأي الراجع

المبحث الثاني

الطبيعة القانونية لشرط الاحتفاظ بالملكية في التشريعات المقارنة وآثاره على المتعاقدين.

ان البيع مع الاحتفاظ بحق الملكية هو بيع بات تام وان تراخي تنفيذ الالتزام بنقل الملكية إلى حين سداد كامل الثمن فهو ليس بيع موقوفاً على شرط سداد الثمن وانما المعلق مع هذا الشرط هو انتقال الملكية فقط ، وتباينت مواقف التشريعات العربية من هذا الشرط ويترك هذا الشرط التزامات على طرفي العقد وعليه سيقسم هذا المبحث على ثلاثة مطالب على النحو الآتي :

المطلب الأول : شرط الاحتفاظ بالملكية في التشريعات المقارنة

المطلب الثاني :التزامات البائع والمشتري بحسب شرط الاحتفاظ بالملكية

المطلب الأول

شرط الاحتفاظ بالملكية في التشريعات المقارنة

تناولت بعض التشريعات العربية شرط الاحتفاظ بالملكية وخصصت له أحكام في قوانينها المدينة.

ومن هذه التشريعات التشريع المغربي، والتشريع الاردني والتشريع اللبناني بالإضافة الا التشريع العراقي وكما يأتي:-

اولاً: شرط الاحتفاظ بالملكية في التشريع المغربي : جائز في الفصل( ٦١٨ – ٢١) من ظهير الالتزامات والعقود المغربي على أنه (( يمكن الاتفاق على وقف نقل ملكية الشيء المبيع ، بموجب شرط الاحتفاظ بالملكية الى حين الأداء الكامل للثمن)).

وذكرت مدونة الثمارة المغربية بالمواد( ٧٠٥-٧٠٩) الاحتفاظ بالملكية الذي يوقف الأثر الناقل للعقد الى حين الاداء الكامل للالتزام المقابل له.

ثانيا، شرط الاحتفاظ بالملكية في التشريع المصري:

خص المشرع المصري شرط الاحتفاظ بالملكية بنص المادة (٤٣٠) ١من القانون المدني على انه (( اذا كان البيع مؤجل الثمن جاز للبائع أن يشترط ان يكون نقل الملكية الى المشتري موقوفاً على استيفاء الثمن كله ولو تم التسليم ٢- ما أذا كان الثمن يدفع أقساطاً جاز للمتعاقدين أن يتفقا على أن يستبقي البائع ضرورة منه تعويضاً له عن فسخ البيع اذا لم توف جميع الأقساط ومع ذلك يجوز للقاضي تبعاً للظروف أن يخفض التعويض المتفق عليه وفقاً للفقرة الثانية / ٠٢٢٤ ٣-وادا وفيت الأقساط جميعها فان انتقال الملكية الى المشتري يعتبر مستنداً الى وقت البيع.

يلاحظ من المادة اعلاه أن المشرع المصري قد اوقف نقل ملكية المبيع على سداد كامل الثمن حتى لو تم تسليم هذا المبيع بمعنى انه سداد كامل الثمن لا يمنع من ذلك أن المبيع قد تسلمه المشتري وبالتالي أوقت نقل الملكية حتى لو تم التسليم طالما لم يعرض المشتري کامل الأقساط أو الثمن .

ثالثاً: شرط الاحتفاظ بالعملية في التشريع الأردني:

جاء بنص المادة ( ٤٨٧) من القانون المدني الاردني على انه ((- يجوز للبائع اذا كان الثمن مؤجلاً أو مقسطاً أن يشترط تعليق نقل الملكية الى المشتري حتى يؤدي جميع الثمن ولو تم تسليم المبيع ٢- واذا تم استيفاء الثمن تعتبر ملكية المشتري مسندة الى وقت البيع )

يلاحظ من نص المادة اعلاه أن المشرع الاردني قد خص البيع بالتقسيط في نطاق الاحتفاظ بالملكية وأجاز فيه تعليق نقل الملكية للمبيع الى المشتري في البيع المقسط أو المؤجل ثمنه لحين تأديته کاملاً، وفي هذه الحالة تعتبر ملكية المشتري مستندة الى وقت البيع وبهذا قضت محكمة التميز الأردنية على انه(( اشتراط عقد بيع المركبة ان تبقى المركبة ملكا للبائع حتى تسديد كامل الثمن جائز))([10]).

رابعاً: شرط الاحتفاظ بالملكية في القانون اللبناني :

طبقا لنص المادة ( ٣٦٣) من قانون الموجبات والعقود اللبناني والتي تنص على انه ( اذا كان ثمن البيع مؤجلاً جاز للبائع ان يشترط أن يكون نقل الملكية الى المشتري موقوفاً على دفع الثمن كله ولم تم تسليم الشيء المبيع ))

يقود النص على أن شرط الاحتفاظ بالملكية هو الاتفاق بين المتعاقدين على ارجاء نقل الملكية الى المشتري إلى أجل محدد، ويكون هذا الأجل سداد كامل الثمن اي أن العقد في هذه الحالة عقداً موقوفاً على إرادة البائع.

خامساً: شرط الاحتفاظ بالملكية في القانون العراقي:

خص المشرع العراقي هذا الشرط بنص المواد ([11])( ٥٣٤ ، ٥٣٢ ،٥٣١ )من القانون المدني العراق الرقم ٤٠ لسنة١٩٥١ المعدل، حيث أن الاصل في عقد البيع اذا كان المبيع عينياً معينة بالذات او اذا كان عقد بيع ، نقل البائع من تلقاء نفسه ملكية المبيع الى المشتري ([12]).

وللمشتري الحق في أن يتصرف بالمبيع عقاراً كان أو منقولاً بمجرد انتقال الملكية ولو قبض قبض الثمن ([13]). ولكن ملكية المبيع تظل في يد البائع رغم تسليمه المبيع للمشتري ، ولا تنتقل الملكية للمشتري إلا بعد سداد كامل الثمن او الأقساط إذا كان المبيع مقسطاً أو مؤجل الثمن وللبائع ان يحتفظ بالملكية إلا أن يستوفي كامل الثمن ، فاذا سددت جميع الأقساط انتقلت ملكية الجميع الى المشتري وقت البيع

المطلب الثاني

حقوق و التزامات مالك العقار والمشتري في شرط الاحتفاظ بالملكية

تبين من نص المادة ( ٤٥٣ ) ق.م.ع هناك حقوق والتزامات لمالك العقار وللمشتري عند الاتفاق على شرط الاحتفاظ بالملكية . وعليه سيقسم المطلب على الفرعين الآتيين :

الفرع الأول : حقوق والتزامات مالك العقار

الفرع الثاني: حقوق والتزامات المشتري

الفرع الأول

حقوق والتزامات مالك العقار (البائع ) بحسب شرط الاحتفاظ بالملكية

الصاحب العقار المباع بحسب شرط الاحتفاظ بالملكية حقوق وتقع عليه التزامات يمكن ان تلخص بالاتي :

اولاً. حقوق مالك العقار

١-يظل البائع مالكاً. مالكاً ملكية خاصة للشيء المبيع قبل تسليمه وبعد تسليمه للمشتري

٢-لا ينقل ملكية الشيء المبيع الا بعد دفع المشتري للثمن كاملاً

٣- بإمكانه طلب فسخ العقد في حالة تأخر المشتري بدفع كل الأقساط المستحقة عليه وبإمكانه التنفيذ بما تبقى له من الثمن على أموال المشتري .

٤- له الحق في استرداد الشئ المبيع في حالة عدم وفاء المشترى بالثمن عن طريق دعوى الاسترداد في حالة الإفلاس أو التسوية القضائية اذا لم يعرض المأمور دفع المتبقي من الثمن.

التزامات مالك العقار(البائع)

يرتب شرط الاحتفاظ بالملكية التزامات متعددة على البائع يمكن إجمالها بالآتي :

١- يحرم التصرف او استعمال أو الانتفاع بالشيء المبيع او الحصول على ثماره أو عوائده

٢- يحرم على إعادة بيع الشيء أو التصرف به للغير واذا تعرف به يعرض نفسه للجزاء الجنائي المقرر في قانون العقوبات عن جريمة خيانة الأمانة .

٣- التزامه بضمان خلو الشيء المبيع من العيوب والعيوب الذاتية وبضمان التعرض والاستحقاق.

الفرع الثاني

حقوق والتزامات المشتري

تقع على عاتق المشتري بحسب شرط الاحتفاظ بالملكية التزامات معينة يقابل ذلك يحتفظ المشتري بعدد من الحقوق على التفصيل الآتي :

اولاً. حقوق المشتري

يرتب شرط الاحتفاظ بالملكية حقوق للمشتري وهي :

١- استلام الشيء المبيع بالحالة المتفق عليها وفي الزمان والمكان المعينين.

٢- يجوز للمشتري الانتفاع بالشيء المبيع باعتباره حق عيني يرد على شيء مملوك للغير([14]) قبل الوفاء بكامل الثمن.

٣- انتقال ملكية الشيء المبيع من وقت البيع عند سداد كامل الثمن.

التزامات المشتري: ترتب شرط الاحتفاظ بالملكية ثمة التزامات مع المشتري وهيه

١-يتحمل تبعه هلاك الشيء المبيع منذ يوم تسلمه.

٢-يلزم المشتري بالمحافظة على الشيء المبيع واستعماله في الغرض المخصص لأجله طوال مدة سريان هذا الاتفاق والاعتناء به عناية الرجل المعتاد

٣- لما كان المستعيد من الشيء المبيع هو المشتري فعليه تقع نفقات صيانة المبيع ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك.

٤-يقر المشتري بأنه قد استلم المبيع وانه وجده سليماً خالياً من كل عيب وانه لا ينقصه شيء ووحدة صالحة للاستعمال فيما اعد له

٥-يلتزم المشتري بعدم بيع الشيء أو رهنه او نقله أو تأجيره للتغيير أو التصرف فيه ما لم تنتقل اليه ملكيته. وعلى ذلك يعرض نفسه للعقاب.

٦-يلتزم المشتري بأن يسمح للبائع تفقد الشيء بأي وقت شاء

7-الوفاء بالثمن المتفق عليه بالتقسيط المتفق عليه والمحدد بمواعيد معينة من وقت تسليم المبيع ولحين الوفاء التام ([15]).

الخاتمة

ان ادراج شرط الاحتفاظ بالملكية في عقد البيع يعطل الأثر الفوري الانتقال الملكية وذلك بهدف توفير البيئة المناسبة للمشتري الذي يعجز على أداء الثمن دفعة واحدة وفي مقابل ذلك يوفر يوفر حماية قانونية للبائع في ضمان حقه على المبيع ووظف المشرع العراقي الملكية كضمان بعد أن كان دور حق الملكية أو سلطات المالك في حق الملكية التي تمكنه من استعمال الشيء. واستغلاله والتصرف فيه الى أن يستخدمه البائع في ضمان الوفاء وذلك عن طريق الاحتفاظ بملكية هذا الشيء لحين قيام المشتري بالوفاء بما التزم به من ثمن مقسطاً أو آجلاً حتى يتمكن من نقل ملكية المبيع اليه.

ويلاحظ في ادراج هذا الشرط في عقد البيع فيه مصلحة للعاقدين ، مصلحة للبائع تتمثل بأن هذا الشرط سيبقيه مالكا للشيء لحين استيفاء كامل حقه، وبين مصلحة المشتري التي تتمثل بتمكينه من الانتفاع بالشيء المبيع وفقاً لنص المادة (٥٣٤) من القانون المدني العراقي

وتوصل الباحث الى جملة من النتائج والتوصيات وعلى النحو الآتي:

اولاً. النتائج :

١-ان شرط الاحتفاظ بملكية المبيع يوفر للبائع الاحتفاظ بملكية المبيع ولو تم التسليم للمشتري

٢- شرط الاحتفاظ بملكية المبيع تجعل ملكية المبيع بين المشتري التي تمكنه من استعمال الشيء اواستغلال المبيع ولو لم يتم الوفاء بكامل الثمن

٣-ان اضافه شرط الاحتفاظ بالملكية في العقد يكون باتفاق طرفي العقد وهو بذلك يكون ليس من النظام العام .

٤- يوفر شرط الاحتفاظ بالملكية للبائع الحق فى استرداد المبيع في حالة عدم الوفاء بالثمن من قبل المشتري

ثانياً : التوصيات:

١ – يأمل الباحث من المشرع العراقي الاهتمام الجدي والاسهاب في شرط الاحتفاظ بالملكية وذلك لان ما ورد بنص المادة ( ٥٣٤ ) من القانون المدني العراقي غير كافيه في ظل النشاط التجاري اليومي بين المتعاقدين والوفاء بالتقسيط او الأجل معين

٢ – نأمل من الشرع العراقي ان يستثني شرط الاحتفاظ بالمكلية من قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية وذلك لتمكين البائع المحتفظ بالملكية من استرداده من يد المشتري عند عدم عند عدم الوفاء .

المصادر والمراجع

اولاً – الكتب

بلحاج العربي، أحكام الالتزام في ضوء الشريعة الاسلامية، دراسة مقارنة ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ،٢٠١٢

جعفر الفضلي ، الوجيز في العقود المدينة البيع – الايجار – المقاولة، العاتك الصناعة الكتاب ، – القاهرة / ٢٠٠٩.

شرار حمزة ، الملكية كوسيلة لدعم الأتمان ، دار هوقة للطباعة والنشر والتوزيع ، الجزائر ٢٠١١.

عبد المجيد الحكيم وعبد الباقى البكري ومحمد طه البشير، القانون المدني وأحكام الالتزام، ج٢، مكتبة السنهوري، بیروت ، ٢٠١٥

محمد طه البشير وغنى حسون طه ، الحقوق العينة ، المكتبة القانونية ، بغداد / ٢٠١٨

ثانيا . القوانين

القانون المدني الاردني رقم (43) لعام 1976 .

القانون المدني العراقي رقم ٤٠ بع لسنة ١٩٥١ المعدل .

قانون الموجبات والعقود اللبناني رقم ٤٦ لسنة ١٩٣٢ .

القانون المدنى المصري رقم (١٣١) لسنة ١٩٤٨.

ثالثا : المواقع الالكترونية

محمد بوهاشم ، الطبيعة القانونية لشرط الاحتفاظ بالملكية في القانون المغربي، متاح على الموقع الألكتروني. www.res.imist.ma

الهوامش:

  1. شرار حمزة ، الملكية كوسيلة لدعم الأتمان ، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر / ٢٠١١ ص ٨٦
  2. () جعفر الفضلي ، الوجيز في العقود المدينة البيع – الإيجار – المقاولة العاتك لصناعة الكتاب، القاهرة ٢٠٠٩ ص ٧٦
  3. ()من هذه التشريعات : القانون المدني المصري رقم (١٣١) لسنة ١٩٤٨القانون العقود اللبناني رقم ٤٦ لسنة ١٩٣٢ وتعديلاته قانون الألتزامات والعقود المغربي في ٩/رمضان /١٣٣١ الصادر في ١١/٨/١٩١٣ القانون المدني العراقي رقم ٤٠ لسنة ١٩٥١ وتعديلاته.
  4. عبد المجيد الحكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير، القانون المدني وأحكام الالتزام ، ج٢ ، مكتبة السنهوري بيروت، ٢٠١٥ / ٠١٦٢
  5. بلحاج العربي ، احكام الألتزام في ضوء الشريعة الإسلامية . دراسة مقارنة، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، ٢٠١٢، ص٢٠٩
  6. المادة ( ٢٨٦) من القانون المدني على أنه (بالعقد المعلق على شرط واقف لا ينقد إلا اذا تحقق الشرط)).
  7. الفضلي ، المصدر السابق ، ص ٨٠.
  8. محمد بو هاشم، الطبيعة القانونية لشرط الاحتفاظ بالملكية في القانون المغربي متاح على الرابط www.rever.imist.ma.
  9. المادة ( ١٠٤٧ ) من القانون المدني العراقي عرفت حق الملكية على أنه )) الملك التام من شأنه أن تتصرف به المالك تصرفاً مطلقاً فيما يملكه عيناً ومنفعة واستغلالاً فينتفع بالعين المملوكة وبغلتها وثمارها ونتاجها ويتصرف في عينها بجميع التصرفات الجائزة )) .
  10. قرار رقم ٧٤٦ / ١٩٩٥ ( هيئة خماسية ) تاریخ ١٧/٦/ ۱۹۹٥.
  11. المادة (٥٣١) من القانون المدني العراقي.
  12. المادة (٥٣٢)من القانون المدني العراقي.
  13. المادة (٥٣٤) من القانون المدني العراقي.
  14. محمد طه البشير وغني حسون طه ، الحقوق العينية المكتبة القانونية، بغداد ،٢٠١٨ / ص٣٥٤.
  15. المادة (٥٧٤)من القانون المدني العراقي.