ظواهرُ أُسلوبيةٌ في سورةِ يوسف (ع)

م.م. وسام مزهر جاسم1

1 المديرية العامة لتربية محافظة البصرة، العراق.

بريد الكتروني: wm.wm13@yahoo.com

HNSJ, 2024, 5(3); https://doi.org/10.53796/hnsj53/12

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/03/2024م تاريخ القبول: 20/02/2024م

المستخلص

احتوت سورةُ يوسف ظواهر أُسلوبية ، قام الباحث بتتبعها وتسليط الضوء عليها وتحليلها وتتبع آراء علماء العربية والمفسرين الأجلاء في هذه السورة المباركة ، هذه الظواهر صبت في بحر المقاصد التعبيرية القرآنية كالحذف والذكر والتقديم والتأخير وغيرها وهي محاولة منه لتذكير القارئ بعظمة وروعة كتاب الله المنزل هدى للناس.

Research title

Stylistic phenomena in Surat Yusuf (peace be upon him)

Wissam Mazhar Jassim1

1 General Directorate of Education of Basra Governorate, Iraq. Email: wm.wm13@yahoo.com

HNSJ, 2024, 5(3); https://doi.org/10.53796/hnsj53/12

Published at 01/03/2024 Accepted at 20/02/2024

Abstract

Surat Yusuf contained stylistic phenomena, which the researcher traced, shed light on, analyzed, and followed the opinions of Arabic scholars and eminent commentators on this blessed Surah. These phenomena poured into the sea of ​​Qur’anic expressive purposes such as deletion, mention, introduction, delay, and others, and it is an attempt on his part to remind the reader of the greatness and splendor of the Book of God revealed as a guidance for the people..

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين الذي هدانا بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) سيد الخلق أجمعين وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين وجعل لنا القرآن نوراً و فصل الآيات تفصيلاً لتكون للمسلمين دستوراً…

أما بعد ، كان القرآن الكريم موضعاً لإبهار كل من يقرأه ويتدبر آياته فكلما قرأناه تتكشف لنا آفاق رحبة وتفتح لنا نوافذ جديدة كأننا لم نقرأ هذا القرآن وكأن بعض آياته لم تمر علينا أو أنها نزلت للتو فهذا الكتاب الذي أعجز فصحاء العرب أن يأتوا بآية من مثله وإلى هذا اليوم ما زال يبهرنا فلم يفشل في ذلك فتمر عليه الدهور وما زال فتياً لم يبح بجميع أسراره ومازال معينا لم ولن ينضب يغترف منه العالم والمتعلم كل يأخذ منه حسب حاجته وإدراكه ومنهم كاتب هذه السطور الذي لاحظ وجود ظواهر أسلوبية في القرآن الكريم بشكل عام وفي سورة يوسف بشكل خاص تلفت الانتباه كالتقديم والتأخير والحذف والذكر والتعريف والتنكير واستعمال حرف مكان آخر وكلمة مكان أخرى وفعل مكان فعل آخر، وهذا الأمر حتما لم يكن جزافاً أن ينتقي الباري جل وعلا هذا الأُسلوب أو ذاك إلّا لمقاصد وأحدها هو إعجاز القارئ وإبهاره فكانت هذه الدراسة محاولة لتسليط الضوء على هذه الظواهر ، وقد تناول هذا البحث بالدراسة الظواهر الأسلوبية في هذه السورة المباركة من تقديم وتأخير وحذف وذكر وتنكير وتعريف والبناء للمجهول والعدول من الإضمار إلى الإظهار والدقة في الأسلوب القرآني ، أما عن فائدة هذا البحث وإضافته للعربية وللدراسات القرآنية فقد سلطت الضوء على هذه الظواهر وقيمتها من خلال معرفة انزياح المعنى الذي حصل بسبب هذه الظواهر ، ولا يفوتني أن أذكر إلى أن هذه الدراسة تحاشت بعض القضايا منعاً لتوسع الدراسة أو أنها ليست من صلب موضوع الدراسة أذكر منها للتمثيل لا للحصر: الحذف للإيجاز و التقديم والتأخير لتناسب فواصل الآي والاكتفاء بالتعريف بـ(ال) وبالإضافة وغيرها عسى الله ان يتقبل من كاتبها ، خدمة للقرآن الكريم ورفداً للمكتبة القرآنية

المبحث الأول: الدقّة في الأُسلوب القرآني

تُعد الدقة في الأسلوب من الظواهر المهمة في الأسلوب القرآني ، فالملحوظ أنهُ لا يمكن أن تحل لفظة محل أخرى وتؤدي المعنى نفسه ؛ لما للألفاظ من فروق دلالية بينة فالفعل (جاء) غير الفعل (أتى) وكذلك الفعل (أقبل) ، وقد أكد القرآن الكريم هذا الأمر عندما قال:( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا)[1] ، فالقرآن الكريم يختار اللفظة كأنها خلقت له ولا يمكن أن تنفع أي لفظة أخرى ولن تؤدي المعنى المطلوب.

أ-الدقّة في اختيار الحرف

1-قال تعالى: ((يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ))[2] ، هذه الآية الكريمة من المواضع التي نلمسُ فيها دقة اختيار الحرف إذ اختار الأسلوب القرآني حرف الحاء دون الجيم في الفعل }تحسّسوا{ ؛ لأن التحسّس أعم من التجسّس وهو شدة التطلّب والتعرّف ، أما التجسّس فهو التطلب مع إخفاء وتستر([3]) ، وقيل: التجسّس: البحث عن عورات الناس والتحسّس: الاستماع لحديث قوم([4]) ، فاختيار الحاء على الجيم تشعر المستمع كأن يعقوب عليه السلام يطلب من أولاده البحث عن يوسف وأخيه بوساطة الإحساس لما لهم من صلة القرابة فقد يشعر المرء بأخيه وعاطفة الأخوة قد تتغلب على الخلافات بينهم .

2-قال تعالى:( قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي)[5] ، ونقف عند قوله تعالى إذ اختار الحرف }سوف{ دون السين والفرق بين الحرفين فيما يخص المدة الزمنية جلي فلم يقل يعقوب عليه السلام لبنيه: }سأستغفر لكم{ بل استعمل السين في حين أن يوسف عليه السلام قال لهم :} قَالَ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ{ يوسف:92 ، وقوله تعالى:}سأستغفر لكم ربي{ يدل على أن الكبار يحتاجون لوقت أكبر من وقت الشباب ؛ لذلك أجَّلَ يعقوب الاستغفار لما بعد ([6]) ،أو أن يعقوب عليه السلام أراد أن يشعرهم بعظمة ذنبهم فأجلَ الاستغفار.

3-قال تعالى:( وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ)[7] ، من المعروف أن الفعل ]أحسن[ يتعدى بالباء واللام وعده كثيرون من باب التضمين([8]) ، واختار الأسلوب القرآني حرف الباء بدل اللام في }أَحْسَنَ بِي{ ومثلها قوله تعالى:} وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا{ الإسراء:23، فمن يقرأ الآية الأولى بعينيه وقلبه يشعر وكأن يوسف عليه السلام يُشعر السامع أن إحسان الله لعظمته قد تغلغل في جسمه ووجدانه ولو جاء التعبير باللام قد يكون سطحياً ولم يؤدِ الدلالة التي ظهرت باستعمال الباء ، وكأن الله تعالى يوصينا في الآية الثانية أن نحسن بالوالدين لا إليهما ؛ لأن الإحسان إليهما قد يكون سطحياً وقد يصدر من أي شخص قريب أو غريب بينما يريده من الابن عميقا يحاول أن يجزي الوالدين على صنيعهما وفضلهما ، وذهب بعض المهتمين إلى أن الباء للملابسة أي جعل إحسانه ملابساً لي ([9]) ، أي أنهم جعلوا الإحسان كاللباس الذي يرتديه الإنسان.

ب-الدقة في اختيار الكلمة

1-قال تعالى:(( يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ))[10] ، اختار النص القرآني التعبير بصيغة اسم الفاعل }خاطئين{ ولم يقل: (من المخطئين ) ، والخاطئ هو متعمد الخطأ أي من يعلم منطقة الصواب ويتعدَّاها ، أما المخطئ فهو من لم يذهب إلى الصواب ؛ لأنه لا يعرف مكانه أو طريقه إليه([11]) ، قال تعالى:}… إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ[12]{ .

2-قال تعالى:(( وَقَالَ ٱلۡمَلِكُ إِنِّيٓ أَرَىٰ سَبۡعَ بَقَرَٰتٖ))[13] ، آثر الاسلوب القرآني استعمال لفظة }ملك{ دون }فرعون{ مثلما حصل في قصة سيدنا موسى عليه السلام إذ استعمل لفظة }فرعون{ وهو من دقائق الإعجاز العلمي فقد عبرت التوراة عن ملك يوسف عليه السلام بفرعون وما هو بفرعون ؛ لأن أمته ما كانت تتكلم القبطية إنما كانت لغتهم كنعانية قريبة من الآرامية والعربية.([14])

3-قال تعالى:(( قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ))يوسف:44، استعمل الأسلوب القرآني مفردة }أحلام{ دون لفظة }رؤى{ ؛ لأنهم أرادوا القول أن التعبير للرؤيا الصادقة،([15]) وأن الأحلام ليس لها تعبير فلم يقولوا }أضغاث رؤى{ ؛ لأنهم لو قالوها فمعناها أنها يمكن أن تعبر.

4-قال تعالى:(( وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) يوسف:93، استعمل الأسلوب القرآني لفظة }أهل{ ولم يستعمل لفظة }آل{ وهو من دقائق التعبير القرآني فلو استعمل }آل{ لذهب القصد إلى طلب الأعيان فقط بينما لفظة أهل تدل على كل من لهم به صلة أو قرابة وتحاشى طلب مجيء والده ؛ لأنه لو حصل سيكون أمراً من عزيز مصر لوالده ([16]) وهما أجلّ من ذلك.

ج-الدقة في اختيار الفعل

1-قال تعالى:(( وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ))[17] ،آثر الأسلوب القرآني الفعل }أكل{ بدل }افترس{ جاء في الصحاح:}وفرسَ الأسدُ فريستهُ يفرسُها فرساً، وافترسها أي دق عنقَها، وأصل الفرس هذا ، ثم كثُر واستعمل حتى صُيّرَ كلُّ قتلٍ فرساً{([18]) ، ويقف الباحثون على لفظة }أكله{ من قوله تعالى:) }فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ{ والافتراس معناه في فعل السبع القتل وحسب ، وأصل الفَرْس دق العنق ، والقوم إنما ادعوا على الذئب أَنه أَكله أَكلاً وأَتى على جميع أَجزائه وأَعضائه ، فلم يترك مفصلاً ولا عظماً ، وذلك أنهم خافوا مطالبة أبيهم إياهم بأثر باقٍ منه يشهد بصحة ما ذكروه ، فادعوا فيه الأكل ؛ ليزيلوا عن أنفسهم المطالبة ، والفرس لا يعطي تمام هذا المعنى ، فلم يصلح على هذا أَن يُعَبَّر عنه إلا بالأَكل…).([19])

2-قال تعالى:(( وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ))[20] ،آثر الأسلوب القرآني التعبير بالفعل }شروه{ عوض الفعل }باعوه{ ، والملحوظ أن }شرى{ لها معنيين: الأول بمعنى اشترى كما جاء في قول عنترة: حصاني كان دلّال المنايا فخاض غمارها وشرى وباعا([21])

والثاني بمعنى باع وهذا هو المعنى المقصود في الآية أعلاه فلم يعبر عن المعنى المقصود بلفظة البيع ؛ وهي من ألفاظ الأضداد ليكون التعبير به تخفيفاً لوقع العبارة في النفس([22]) ، فتحاشى الأسلوب القرآني هذا اللفظ تكريماً لنبيه يوسف عليه السلام

3-قال تعالى:(( وَأَلۡفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا ٱلۡبَابِ ))[23] ، لجأ الأسلوب القرآني إلى التعبير بالفعل } ألفيا{ دون أي فعل آخر نحو:}وجدا{ أو }لقيا{ ؛ لأن }الإلفاء : وجدان شيء على حالة خاصة من غير سعي لوجدانه ، فالأكثر أن يكون مفاجئاً ، أو حاصل عن جهل بأول حصول{([24])

4-قال تعالى:(( إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ))[25] ، استعمل الأسلوب القرآني الفعل المضارع ]نرى[ القلبية على لسان الفتيين ؛ لأنها تعبر عن قناعة استقرت في نفسي الفتيين من خلال معايشتهما لنبي الله في السجن.([26])

5-قال تعالى:(( إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ))[27] ، آثر الأسلوب القرآني في حديث يوسف عليه السلام مع صاحبيّ السجن الفعل }تركتُ{ دون تجنبت مثلاً لأن الفعل تجنبت يشي للسامع أن يوسف عليه السلام كان على عقيدة هؤلاء القوم أو فكر في اعتناقها يوماً لكنه دُعي إلى تركها فتركها مع كونه لم يلابس تلك الملة قط([28]) ، والحقيقة أن الله تعالى عبر بـ}تركت{ موضع}تجنبت{ مع كونه لم يلابس تلك الملة قط ؛ تأنيساً لهما واستدراجاً إلى تركهما ([29]) وفي تخير هذا الفعل دون غيره استجلاب لهما لأن يتركا تلك الملة التي كانا فيها.([30]) أو هو تلطف في الحديث مع صاحبيه ليدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة.

6-قال تعالى:( وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ)[31] ، انتقى الأسلوب القرآني الفعل }اتبعت{ وهي لفظة توحي بالانقياد التام والخضوع ويتضح ذلك أكثر عندما تقارن بالفعل }تركت{ في الآية السابقة (إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).([32]) فهي دعوة غير مباشرة من يوسف عليه السلام لصاحبيه بالتسليم للباري عز وجلّ والانقياد التام له دون تفكير أو تعطيل.

7-((قَالُوا جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ))[33] ، فضل الأسلوب القرآني التعبير بالفعل }وجد{ دون أي فعل آخر مثل }سرق{ ؛ لتحققهم من براءة أخيهم }بنيامين{ فعلقوا الحكم على مجرد الوجدان لا السرقة ثم أكدوا ذلك بقولهم:}فهو جزاؤه{.([34]) ، ولأنهم أرادوا تأكيد إبعاد التهمة عنهم فلم يستعملوا الفعل سرق .

8-قال تعالى:(( قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ))[35] ، آثر الأسلوب القرآني التعبير بالفعل }وجدنا متاعنا{ بدل } سرق متاعنا{ فلم يقل معاذ الله أن نأخذ بريئاً بجريرة سارق([36]) اتقاءً للكذب ؛ لأنه يعلم أن أخاه ليس بسارق([37]) ولأنه أوفق بما وقع في الاستفتاء والفتوى أو لتحقيق الحق([38])

9-قال تعالى:(( بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي))[39] ، استعمل الأسلوب القرآني الفعل }نَزَغ {وقد صور ما حصل بينه وبين أخوته مجرد }نَزْغ{ وقد نسبه إلى الشيطان لا لأخوته ولم يكن أمراً مستقراً على درجة واحدة من السوء . أي: أن ما فعله الشيطان هو مجرد وخزة تُنبِّه إلى شيء ضار فيندفع له الإنسان ، وهي مأخوذة من المهماز الذي يُروِّض به مدرب الخيل أي حصان ، فهو ينغزه بالمِهْماز نزغة خفيفة ، فيستمع وينفذ ما أمره به ، فالنَّغْز تنبيه لمهمة ، ويختلف عن الطعن.([40]) وقال تعالى:( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ)[41] ، أي هو أمر بسيط يذهب بالاستعاذة.

د- الدقة في اختيار التركيب

1-قال تعالى:(( قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ))[42] ، آثر الأسلوب القرآني التعبير عن حزن يعقوب عليه السلام على فراق ابنه بالجملة الاسمية المؤكدة وكما يعرف تدلُ على الثبوت أي ثبوت حزن يعقوب على ابنه ، أو هو دال على ثبوت الغفلة من جانب الأخوة تجاه أخيهم خصوصاً أن الأب يعرف حسد أخوته له([43]) ، وهذا ما حصل إذ دام حزن يعقوب عليه السلام طويلاً ولم ينقطع حتى حصل اللقاء بينهما عليهما السلام.

2-قال تعالى:(( وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ))[44] ، آثر الاسلوب القرآني التعبير عن فعل امرأة العزيز مع يوسف ع بالفعل المضارع }تراود{ فلم يقل }راودت{ ؛ لأن اختيار الفعل الماضي يدل على انتهاء المراودة أو أنها حصلت مرة واحدة ، لكن اختيار الفعل المضارع يدل على أن المراودة صارت سجية عندها وديدناً([45]) وهذا موقف الغيبة ونشر الشائعة وشهوة استباحة العرض مع الهمس والتخفي.([46]) ، أو قد تكون المراودة غير معروفة العدد لهن لكن النساء كعادتهن يبالغن عند تناقل الأخبار.

3-قال تعالى:(( قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا..))[47] ، آثر الأسلوب القرآني التعبير عن رؤيتي صاحبيّ يوسف عليه السلام بالجملة الاسمية المؤكدة وخبرها جملة فعلية فعلها مضارع }أراني{ الذي يشعر السامع أن الرؤيا ما زالت حاضرة في أذهانهما كأنهما مازالا يريانها ؛ إذ لم تمر مدة زمنية على الرؤيا ، لأنها من الأهمية بمكان يجعل الرائي ينطلق مسرعاً بحثاً على من يعبر له هذه المشاهد ، فبعض الرؤيا قد تُنسى أو يَنسى النائم جزءاً منها بعد يقظته ([48])، فكثير من الحالمين ينسون أحلامهم أو جزءاً منها بعد فترة وجيزة.

4-قال تعالى:(( أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا))[49] ، انتقى الأسلوب القرآني التعبير بالفعل المضارع }يسقي{ الذي يعطي دلالة الاستمرارية في الحاضر والمستقبل وهي لا تتعارض مع فعل الرؤيا }أعصر{ ، بل تتطابق معها تماماً مما يجعل هذا التأويل مقبولاً من صاحب الرؤيا([50]).

5-قال تعالى:(( ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ))[51] ، اختار الأسلوب القرآني التعبير بصيغة الفعل المضارع }نوحيه{ تصويراً لحال الإيحاء الشريف وإشارة إلى أنه لا يزال معه يكشف له ما يريد([52]) .

المبحث الثاني : الحذف والذكر

افتتح عبد القاهر الجرجاني كلامه عن الحذف بقوله 🙁 هو باب دقيق المسلك ، لطيف المأخذ ، عجيب الأمر ، شبيه بالسحر ، فإنك ترى به ترك الذكر أفصح من الذكر ، والصمت عن الإفادة أزيد إلى الإفادة ، تجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق ، وأتم ما تكون بياناً إذا لم تبنِ )([53]) ، وعده ابن جني من باب شجاعة العربية([54]) ، والأصل في الكلام الذكر ؛ لأن الجملة قائمة على الإسناد والإسناد قائم على المسند والمسند إليه ،والحذف فرع لكنه يكون أحياناً أفصح من الذكر كما ذكر الجرجاني ، وفي سورة يوسف ظاهرة الحذف والذكر ظاهرة مهمة تستحق الدراسة والبحث والتأمل ، بيد أن البلاغة القرآنية في سورة يوسف لم تنحصر في الحذف ، إنما يجد الباحث أمثلة يكون فيها الذكر أظهر للمعنى من الحذف.

1-قال تعالى:(( قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ))[55] ، آثر التعبير القرآني أسلوب الذكر في هذه الآية المباركة فقال عَزّ من قال :} لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ{ فذكر اسم يوسف الصريح دون أن يعتمد على الضمير فلم يقل:}لا تقتلوه{ ؛ لدلالة ما قبله عليه وذكر الاسم أبلغ ؛ استجلاباً لشفقتهم عليه واستعظاماً لقتله([56]) ، وفي نطقه للاسم تحنين لهم([57]) عسى أن يكون ذلك سبباً في عدم قتله.

2-قال تعالى:(( فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ))[58] ، اختار النص القرآني أسلوب الحذف في هذه الآية المباركة في قوله: } صَبْرٌ جَمِيلٌ{ خبر أو مبتدأ لكونه موصوفاً ، أي :فأمري صبر جميل ، أو فصبر جميل أمثل.([59]) وقد يكون سبب الحذف هو الحالة النفسية الصعبة التي يمر بها يعقوب أو لضيق المقام عن إطالة الكلام بسبب توجعه وتألمه من الخبر الذي وصله عن هلاك يوسف.([60])

3-قال تعالى:(( وَ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ))[61] ، آثرت اللغة القرآنية أسلوب حذف حرف الجر }إلى { في } وَاسْتَبَقَا الْبَابَ { وهي : إيجاد المسابقة بغاية الرغبة من كل منهما ، هو يريد أن يهرب ، وهي تريد منعه فحذف حرف الجر وأوصل الفعل للمفعول بدونه ؛ ليكون دليلاً على أن كل منهما قد بلغ أقصى جهده في هذا السبق ولحقته عند الباب الأخير مع أنه يسبقها بقوة الرجولة والخوف من الله ([62]) ، فجاء حذف حرف الجر ليشعر السامع بقصر المسافة بين الانطلاقة والباب.

4-قال تعالى:(( يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا))[63] ، إذ جاء النص القرآني بأسلوب الحذف في هذه الآية المباركة ، والمحذوف هنا حرف النداء }يا{ وحذف ؛ لأنه منادى قريب مفاطن للحديث([64]) ، وموجهاً له الأمر مسقطاً حرف النداء دلالة على أن مكانته من قلبه لم تتغير.([65])

5-قال تعالى:(( فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ))[66] ، انتقى النص القرآني أسلوب الذكر في هذه الآية المباركة ، والذكر هنا هو ذكر حرف الباء في } بِمَكْرِهِنَّ{ وهذا يدل على أن امرأة العزيز لم تسمع كلام النسوة سمعاً مباشراً وأنها لو كانت كذلك لكان الكلام }فلما سمعت مكرهن{ بدون الباء وهذا معناه أنها كانت معهن بمجلس واحد فلامعنى حينئذ لقوله :} أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ{ فحقق الباء الانسجام بين اللفظ والمعنى.([67])

6-قال تعالى:(( قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ))[68] ، لجأت اللغة القرآنية إلى أسلوب الحذف في هذه الآية المباركة ، والحذف هنا حذف حرف النداء }يا{ وحذفت الياء الضمير والتقدير }يا ربّي{ ، ودلالات حذف حرف النداء في مثل هذا التركيب تتمثل في التقريب والتضرع وإظهار الحاجة فالمنادي يعلم أنه قريب من رب العالمين فهو أقرب إليه من حبل الوريد ولهذا يناديه نداء القريب لا البعيد ([69]) ، دون الاستعانة بحرف نداء.

7-قال تعالى:(( وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ))[70]، انتقى النص القرآني أسلوب الذكر في هذه الآية المباركة والذكر هنا هو ذكر آبائه إبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب ، ولم يقل: }واتبعت ملة آبائي{ ؛ لأن النظم العالي يقتضي ذلك وهو ليريهما أنه من بيت النبوة بعد أن عرّفهما أنه نبي يوحى إليه ليقوي رغبتهما بالاستماع إليه([71]) ، وثمة سر آخر وراء الذكر هو أن ليس جميع آبائه مؤمنين فعم إبراهيم كان مشركاً وخص من خص بالذكر ؛ لأنهم مختصون بالإيمان والنبوة([72]) ، وقد ورثها عن آبائه المذكورين.

8-قال تعالى:(( قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلامٍ))[73] ، آثر النص القرآني أسلوب الحذف في هذه الآية المباركة ، والمحذوف هو المبتدأ والتقدير:}هي أضغاث أحلام{ ويجوز أن يكون سبب حذف المبتدأ هي من أجل إنشاء معنى الاستخفاف والاحتقار ؛ وذلك أنهم لما طلب منهم تعبير رؤياه التي شغلته أجابوه أنها مجرد أضغاث أحلام([74]) ، ولو كان تقدير المبتدأ المحذوف هو أحلامك فقد يكون حصول الحذف خوف المتكلمين من نسب أضغاث الأحلام للملك فلم يستطيعوا القول للملك : أحلامك أضغاث أحلام بل قالوا: أَضْغَاثُ أَحْلامٍ.

9-قال تعالى:(( وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ))[75] ، اختار النص القرآني أسلوب الحذف في هذه الآية المباركة التي فيها هذا الحذف المشهور وتقديره: اسأل أهل القرية ، فالراجح أنه أراد أن يسأل أهل القرية ، وربما أن المسألة كانت واضحة تماماً لدرجة أن الجماد يعرف تفاصيلها ، أو أنك نبيٌ ويوحى لك فَسَلْهُ أن يجعل الأرض تخبرك بما وقع عليها ([76]) وحصل فيها.

المبحث الثالث: التقديم والتأخير

تُعدّ ظاهرة التقديم والتأخير بؤرة مباحث الأسلوب الدائرة حول التركيب ، ويكتسب هذا المبحث أهمية خاصة من حقيقة أنه يخضع للطّابع الخاص بها فيما يتعلق بترتيب الأجزاء داخل الجملة فيها ([77]) ، وقد فصل عبد القاهر الجرجاني القول في التقديم والتأخير وأبرز فيه الأمثلة ووضع له الشواهد ومما قاله في مقدمة حديثه عنه :} هو باب كثير الفوائد ، جم المحاسن ، واسع التصرف ، بعيد الغاية ، لايزال يفترّ لك عن بديعه ، ويفضي إلى لطيفه ، ولاتزال ترى شعراً يروقك مسمعه ، ويلطف لديك موقعه ، ثم تنظر فتجد سبب أن راقك ولطف عندك أن قُدّم فيه شيء ، وحُّل اللفظ عن مكان إلى مكان ([78]){ ، وقد شكل التقديم والتأخير في سورة يوسف ظاهرة أسلوبية تستحق الدراسة وتلفت النظر وتحث الدارس من أجل التعرف على كنهها وقد حققت هذه الظاهرة معاني ثانية ، باعتبار القرائن السياقية واللغوية.

1-قال تعالى:(( إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ))[79] 4 ، آثرت اللغة القرآنية أسلوب التقديم والتأخير في هذه الآية المباركة التي فيها ثلاثة تقديمات:- الأول هو تقديم الشمس على القمر وذلك بسبب أن ضوء القمر مستمدٌ من الشمس([80]) وهذا النوع من التقديم يسميه البلاغيون ما قدم والمعنى عليه ([81]) ، والتقديم الثاني هو تقديم الكواكب على الشمس والقمر وأخر الشمس والقمر ليعطفهما على الكواكب على طريق الاختصاص بياناً لفضلهما واستبدادهما بالمزية على غيرها من الطوالع كما أخر جبريل وميكائيل عن الملائكة ثم عطفهما عليهما لذلك([82]) ، والتقديم الثالث هو تقديم الجار والمجرور }لي{على الحال }ساجدين{ وأكد يوسف ع لأبيه أن هذا السجود كان له لا لغيره وقدّم الجار والمجرور ؛ لكي لا يتوهم السامع أن السجود كان لغير يوسف([83]) مظهراً القيمة الكبيرة لظاهرة التقديم والتأخير.

2-قال تعالى:((.. وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ..))[84] ، انتقى النص القرآني أسلوب التقديم والتأخير في هذه الآية المباركة ، وفيها تقديمان:- الأول هو تقديم النعمة على المتعلق الجار والمجرور}عليك{ وهذا التقديم اقتضاه النظم العالي ؛ لأن نعمة الله هي المقصودة في هذا التقديم ولولاها لم تكن ليوسف قصة تذكر([85]) ، أما التقديم الثاني فهو تقديم يوسف على آل يعقوب ؛ لأن يوسف كان هو الوسيلة في إتمام النعمة على آل يعقوب ؛ لذلك جعله يعقوب ع أصلاً في الحديث فميزه وأفرده بالذكر وعطف غيره عليه([86]) ، فانماز يوسف عليه السلام عن اخوته بفضل ظاهرة التقديم والتأخير.

3- قال تعالى:(( قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ، أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ))[87] ، آثر النص القرآني أسلوب التقديم والتأخير في هذه الآية المباركة ، فقُدم الجار والمجرور }له{ العائد على يوسف ع ؛ للاهتمام بشأنه واختصاص الأخوة بالنصيحة له والخوف عليه لإقناع والدهم أنهم حريصون عليه وظهروا أمامه بمظهر الذي لا يحفظ غيره ، ولو أن ترتيب الآية جاء }وإنا لناصحون له{ -مثلاً- لتأخر الاهتمام بالشخص المقصود ، ولما كان ذلك مدعاة لتصديقهم ([88]) ، وما استطاعوا التأثير في والدهم.

4-قال تعالى:(( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ))[89] ، إذ اختار النص القرآني أسلوب التقديم والتأخير، فالطبيعي أن يقدم العلم على الحكم إذ لا يتم الحكم إلا بحصول العلم أولاً ، لكن التعبير يعكس العملية هنا فقدم الحكم على العلم فالعلم من دون حكم لا فائدة منه فكم من عالم لم يكن حكيما ([90]) ، والمراد من الحكم الحكمة العملية ، والمراد من العلم الحكمة النظرية ، وإنما قدّم الحكمة العملية هنا على الحكمة النظرية ؛ لأن أصحاب الرياضيات يشتغلون بالحكمة العملية ، ثم يترقون إلى الحكمة النظرية . وأما أصحاب الأفكار العقلية والأنظار الروحانية فانهم يصلون إلى الحكمة النظرية أولاً ثم ينزلون منها إلى الحكمة العملية ، وطريقة يوسف عليه السلام هو الأول ؛ لأنه صبر على البلاء والمحنة ففتح الله له أبواب المكاشفات ، فلهذا السبب قال آتيناه حكماً وعلماً ([91]) ، فمن الله عليه بالحكم والعلم.

5-قال تعالى:(( وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ..))[92] ، آثرت اللغة القرآنية أسلوب التقديم والتأخير في هذه الآية المباركة والتقديم هنا هو تقديم المفعول به الضمير المتصل }الهاء{ العائد ليوسف عليه السلام على الفاعل الاسم الموصول }التي{ العائد لامرأة العزيز التي اختصته بالمراودة دون غيره ، ولو جاء التركيب بتعبير }وراودت امرأة العزيز يوسف{ ربما دلّ ذلك على أن المرأة تراود يوسف ورجالاً آخرين ([93]) غيره ولولا ظاهرة التقديم والتأخير لالتبس الأمر عل السامع.

6-قال تعالى:((… كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ))[94] ، انتقى النص القرآني أسلوب التقديم والتأخير في هذه الآية المباركة إذ قدم السوء على الفحشاء ؛ لأن السوء جناية اليد ، ومقدمات الفاحشة من القُبلة والنظر بشهوة والفحشاء هو الزنا([95]) ، فكم من كبيرة ابتدأت بذنب صغير.

7-قال تعالى:((… قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))[96] ، آثر النص القرآني أسلوب التقديم والتأخير على لسان امرأة العزيز في هذه الآية المباركة إذ قدمَتْ السجن على العذاب ؛ لأن المحب لا يسعى في إيلام المحبوب ، وكذلك هي لم تذكر أن يوسف عليه السلام يجب أن يقابل بأحد هذين الأمرين بل ذكرت ذلك ذكراً كلياً صوناً للمحبوب عن الذكر بالشر والألم ([97]) ، محاولة الحصول على ما تريد بالتهديد دون التنازل عن مكانتها أمام سيدها.

8-قال تعالى:(( … فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ…))[98] ، آثر النص القرآني أسلوب التقديم والتأخير في هذه الآية المباركة إذ قُدِّم الجار والمجرور }عنه{ على المفعول به }كيدهن{ ودلالة هذا التقديم هو التنزيه إذ أفاد أن النسوة لم يسبق لهن أن كدن لأحد غير يوسف ع فلو أُخر لظن أن النسوة راودن يوسف عليه السلام وغيره ([99]) ، فكانت ظاهرة التقديم والتأخير طريقاً لمنع الالتباس.

9-قال تعالى:(( وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ…))[100] ، آثرت اللغة القرآنية أسلوب التقديم والتأخير في هذه الآية المباركة إذ قُدِّم المفعول به }السجن{ على الفاعل }فتيان{ ودلالة التقديم هنا للاهتمام بـالسجن والتشويق للفتيين([101]) ؛ لأن العبرة في السجن وليس فيمن جاوره فيه.

10-قال تعالى:((… أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ…))[102] ، انتقى النص القرآني أسلوب التقديم والتأخير في هذه الآية المباركة على لسان يوسف ع إذ قُدِّم الذي سينجو على من سيُصلب ؛ لأنه المحور الذي سترتكز عليه القصة فيما بعد فنجاته ستكون سبباً في تفسير رؤيا الملك وخروج يوسف عليه السلام من السجن وتغير أحواله ([103]) ، والسبب رؤيا الملك.

11-قال تعالى:(( يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ))[104] ، اختار النص القرآني أسلوب التقديم والتأخير في هذه الآية المباركة إذ أخّر أداة النداء ؛ ليكون تعبيراً عن رأي الفتى في يوسف عليه السلام وأنه يعده صديقاً بعدما رأى من حسن سيرته ودعوته إلى ترك عبادة الأرباب المتفرقين إلى عبادة الله الواحد القهار ، ولو قال أيها الصديق يوسف لأوحى ذلك أن لفظ الصديق كان لقباً متعارفاً له يُنادى به كما ينادى الشيخ فلان ([105]) فكان أسلوب التقديم والتأخير وسيلة في معرفة أن لقب الصديق كان محصوراً بيوسف عليه السلام .

12-قال تعالى:((… الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ))[106] ، استعمل النص القرآني أسلوب التقديم والتأخير في هذه الآية المباركة إذ قدّم المسند إليه على المسند الفعلي في جملة ]أنا راودته[ للقصر ؛ لإبطال أن يكون النسوة راودنه ، فأقرت على نفسها هذا الأمر وشهدت لغيرها بالبراءة وزادت فأكدت صدقه بـ}إن {واللام([107]) ، فكان أسلوب التقديم والتأخير وسيلتها للاعتراف على نفسها دون غيرها.

13-قال تعالى:((… فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ))[108] ، انتقى النص القرآني أسلوب التقديم والتأخير في هذه الآية المباركة إذ قدّم الظرف }معنا{ والجار والمجرور }له{ وهذا التقديم فيه تصوير لنفوس الأخوة التي تتلظى بنار عدم القدرة على العودة إلى مصر إلّا بأخيهم ، للحصول على الطعام ، ونار نبش الماضي بطلب أخيهم من والدهم ([109]) ، أو للتخفيف من وطأة وقع الطلب على أبيهم في طلب أخيهم منه.

14-قال تعالى:((… حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ))[110] ، استعمل النص القرآني أسلوب التقديم والتأخير في هذه الآية المباركة إذ قدّم }الحرض{على }الهلاك{ وسبب هذا التقديم أن الحرض هو: المرض المشفي على الهلاك([111]) فهو سابق له ؛ لأنه مفضي إليه بالضرورة.([112])

15-قال تعالى:(( …مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ…))[113] ، اختارت اللغة القرآنية أسلوب التقديم والتأخير في هذه الآية المباركة إذ قدّم المفعول به الضمير المتصل بالفعل على الفاعل }الضر{ ودلالة هذا التقديم هو التعجيل بذكر نتائج هذا الضر ومن وقع عليه كما أن تأخير }الضر{ له دلالة مهمة هي عدم الاهتمام به ؛ لأنه أمر معلوم وظاهر مس جميع الناس في سنين القحط ([114]) ، لا يحتاج إلى التنبيه عليه.

المبحث الرابع: التنكير والتعريف

من الظواهر الأسلوبية في سورة يوسف اسلوب التنكير ، والنكرة هي ما لا تدلُ على شيء بعينه والنكرات متفاوتة في المراتب فكل نكرة هي أعم من غيرها فهي أبهم([115]) ، والتنكير يعطي الكلمة المقدرة على العطاء المتمدد الذي يثري الدلالة فالأسلوب القرآني يتصرف فمرة يأتي بكلمة نكرة ومرة معرفة وكل حسب معناه ومؤداه ، وخرج التنكير في سورة يوسف إلى معان بلاغية ومقاصد أسلوبية تستفاد من السياق الذي تقع فيه فكأنما السياق والمقام هو الذي يصف النكرة ويحدد معناها([116]) ، أما التعريف فهو ضد التنكير وهو الإعلام وهو ما دلّ على شيء بعينه([117]) ، وله صور وأساليب متعددة يتعلق بالأغراض المطلوبة وغرض المتكلم من التعريف هو الذي يملي على المتكلم أسلوب التعريف ؛ لأن لكل أداة من أدوات التعريف طعماً ومذاقاً يختلف عن الآخر ، والذي يحدد الاختلاف ثقل الكلمة ، ومكانها وقيمتها عند المخاطب ، فالضمير غير اسم الموصول ، غير التعريف بـ(ال)([118]).

1-قال تعالى:(( اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا…))[119] ، آثر النص القرآني أسلوب التنكير في هذه الآية المباركة فنكّر }أرضاً{ ونكّروها دلالة على أنها منكورة مجهولة بحيث يهلك فيها([120]) ، وهو معنى تنكيرها وإخلائها من الوصف ، ولإبهامها من هذا الوجه نصبت نصب الظروف المبهمة ([121]) ، في حين يرى بعض الباحثين أن الظرف ينبغي أن يكون مبهماً وهذا لا ينطبق على }أرضاً{ فهي أرض مقيدة بأنها بعيدة أو قاصية فزال بذلك إبهامها ([122]) ، فأعطانا أسلوب التنكير معنيين ل}أرضاً{ مرة بمعنى مبهمة ومرة أخرى بمعنى غير مبهمة.

2-قال تعالى:(( قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ…))[123] ، اختارت اللغة القرآنية أسلوب التنكير والتعريف في هذه الآية المباركة ، فنكّر }قائل{ بعد أن عدل عن اسمه العلم إلى التنكير والوصفية ؛ لعدم الجدوى من معرفة شخصه وتجنباً لما في اسمه من الثقل اللفظي الذي لا داعي له([124]) ، وعرّف }الجب{ للدلالة على أنه كان جباً معهوداً فيما بينهم([125]) ، وهو تعريف ذهني أي في جب من الجباب كانوا يعلمون أنه غير بعيد القعر وأن إلقاءه لا يهشم عظامه ولا ماء فيه فيغرقه ([126]) ، ويموت فيه.

3-قال تعالى:((… وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ…))[127]، استعمل النص القرآني أسلوب التعريف في هذه الآية المباركة فعرّف }الذئب{ وهو تعريف الجنس وهو تعريف الحقيقة والطبيعة لم يقصد به ذئب معين أو نوعه أو جماعة منه ([128]) ، فقصد جنس الذئاب الموجودة في البرية.

4-قال تعالى:(( وَجَاؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ…))[129] ، لجأ النص القرآني أسلوب التنكير في هذه الآية المباركة فنكّر }دم{ ودلالة تنكير الدم هي هوان دلالته وضعفها على ما وصفوه ([130]) ، أي أنه دم لا يستحق أن يُعرَّف.

5-قال تعالى:((… وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا…))[131] ، اختار النص القرآني أسلوب التنكير في هذه الآية المباركة فنكّر}شاهد{ تجنباً لما في اسمه من الثقل ، ولعدم جدوى ذكر اسمه فالمهم من القضية هو شهادة الشاهد التي تؤدي إلى براءة يوسف عليه السلام ([132]) وليس الشاهد نفسه.

6-قال تعالى:(( وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا…))[133] ، آثر النص القرآني أسلوب التنكير في هذه الآية المباركة فنكّر }نسوة{ ولم يصرح بأسمائهن ؛ لأن العبرة في القصة لا في الأسماء إضافة إلى الثقل اللفظي الناتج عن ذكر أسمائهن ، ونكّر }حباً{ ودلالته الكثرة والتعظيم ([134]) ؛ لأنه وصل شغاف قلبها.

7-قال تعالى:(( وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ…))[135] ، لجأ النص القرآني أسلوب التنكير في هذه الآية المباركة فنكّر}فتيين{ بعد تأخيرهما ([136]) ؛ لأن العبرة ليست فيهما ، إنما العبرة في القصة والأحداث التي ستترتب على دخولهما السجن.

8-قال تعالى:(( إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ…))[137] ، انتقى النص القرآني أسلوب التنكير في هذه الآية المباركة فنكّر}قوم{ ودلالة التنكير هنا هو التحقير وتقليل شأنهم ؛ لأنهم مستمرون بالكفر ([138]) ، فإعطاء هؤلاء القوم اسماً كرامةً لا يستحقونها.

9-قال تعالى:(( وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا…))[139] ، استعملت اللغة القرآنية أسلوب التعريف في هذه الآية المباركة فعرّف } ملة { بإضافتها إلى آبائه ودلالته الفخر أمام الفتيين صاحبي السجن ولكي يوضح لهم أنه على دين قديم يتصل بالآباء ، وعرّف }فضل الله{ تعظيماً لهذا الفضل خصوصاً بعد إضافته للفظ الجلالة.

10-قال تعالى:(( مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا…))[140] ، انتقى النص القرآني أسلوب التنكير في هذه الآية المباركة فنكّر }أسماء{ ؛ لأنها فارغة لا مطابق لها في الخارج ؛ لأن ما ليس فيه مصداق إطلاق الاسم عليه لاوجود له أصلاً فكانت عبادتهم لتلك الأسماء فقط ([141]) ، فزاد من تحقيرها بتنكيرها.

11-قال تعالى:(( وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم…))[142] ، آثر النص القرآني أسلوب التنكير في هذه الآية المباركة فنكّر }أخ{ ودلالة تنكيره هو إيهام أخوته أنه ليس لديه علم عن أخيهم ؛ لأنه لا يريد أن يكشف لهم عن شخصيته إلّا في الوقت المناسب بينما التعريف يوحي بشيء من العلم والعهد بين المتكلم والمخاطب ، وأوضح السلف هذا الأمر ومنهم من قال :}ألا ترى فرقاً بين مررت بغلامك ، ومررت بغلام لك ؟ إنك في التعريف تكون عارفاً بالغلام ، وفي التنكير أنت جاهل به…{([143]) ، ونجح يوسف عليه السلام بإيهامهم إلى الوقت المعلوم الذي ينتظر فيه أن يكشف لهم عن شخصيته الحقيقية.

12-قال تعالى:((… وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ))[144] ، انحاز النص القرآني إلى أسلوب التنكير في هذه الآية المباركة فنكّر }عليم{ والمراد بعليم هو الله سبحانه وتعالى أُورد في هيأة النكرة صوناً للسان عن تعريفه للتعظيم([145]) ، أو أن يُراد به الجنس فيعم كل موصوف بقوة العلم حتى يصل إلى الله تعالى ، ويتعين تخصيص هذا العموم بالنسبة إلى الله تعالى بدليل العقل إذ ليس فوق الله عليم ([146]) ، أو هو أن تنكيره هو تشويق للسامع لمعرفة من هو المقصود بعليم.

13-قال تعالى:(( قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ…))[147] ، اختار النص القرآني أسلوب التنكير في هذه الآية المباركة فنكّر }أخ{ ويوحي التنكير على أن نفوس الأخوة مازالت مكدرة تجاه أخيهم المنكّر الذي تخلصوا منه ومازالوا يذكرونه بسوء([148]) ، ولأن الحاضرين لا علم لهم به فالجميع لا يعرف أخاهم لكي يذكروا اسمه.

14-قال تعالى:(( قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا …))[149] ، آثر النص القرآني أسلوب التنكير في هذه الآية المباركة فنكّر }أمراً{ ودلالتها التهويل([150]) ، والتعظيم ، أي أنَّ أمراً عظيماً جللاً من الأمور المنكرة التي لا توصف([151]) ، حاولتم فعله.

المبحث الخامس: البناء للمجهول

من الظواهر الأسلوبية في سورة يوسف التي تستحق النظر هي ظاهرة البناء للمجهول ومعلوم أن الفعل يبنى للمجهول لأغراض منها:- معرفة الفاعل ، أو عدم معرفته ، أو الخوف منه ، أو الخوف عليه ، أو تعظيمه وتشريفه قصد منع اسمه من الابتذال ، أو تحقيره بعدم ذكر اسمه ، أو عدم الحاجة لذكر الفاعل كون القضية الأساس ومدار الحديث هي الفعل وليس الفاعل ، وغيرها من الأغراض وكلها تفهم من سياق الكلام .

1-قال تعالى:(( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ))[152] ، انحاز النص القرآني إلى أسلوب البناء للمجهول في هذه الآية المباركة في الفعلين }يُصلَب وقُضي { فبنى الفعل يُصلب للمجهول إذ لم يكن هنالك داع لذكر الذي سيَصلب ؛ لأنه الوحيد القادر وله القوة ليصلب إنما هو الملك([153]) ، وقد يكون عدم ذكره للحيلولة دون مواجهة المصلوب بحقيقة نهايته ، وبنى الفعل قُضي للمجهول ؛ لأن القضاء في الأمور الغيبية لا يكون لأحد من البشر بل يكون فقط لرب العالمين([154]) إشارة لعظمة الله وسهولة الأمر عليه ؛ لأنهما قالا ليوسف: ما رأينا شيئاً ، إنما كنا نلعب([155]) ، فكان الرد حاسماً لهما بقوله:} قُضِيَ الأَمْرُ{.

2-قال تعالى:(( …يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ))[156] ، استعمل النص القرآني أسلوب البناء للمجهول في هذه الآية المباركة في الفعل }يُغاث{ وبُني الفعل للمجهول ؛ لأن المغيث واحد ومعلوم وهو رب العالمين فلم يكن هنالك داع لذكر المُغيث خصوصاً أن الناس مشركين بالله.

3-قال تعالى:(( قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ))[157] ، انحاز النص القرآني إلى أسلوب البناء للمجهول في هذه الآية المباركة في الفعل }يُحاط{ أي: تغلبون كلكم فلا تقدرون على تخليصه وأصله من 🙁 أحاط به العدو) سدّ عليه مسالك النجاة ودنا هلاكه([158]) ، وقد يكون السبب في البناء للمجهول هو قصد يعقوب عليه السلام هو عدم تحديد المحيط بأولاده ؛ لأنه قد يكون قطاع طرق أو حراس الملك أو غيرهم.

4-قال تعالى:(( قَالُواْ جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ…))[159] ، اختار النص القرآني أسلوب البناء للمجهول في هذه الآية المباركة في الفعل }وجِد{ ؛ لأن العبرة فيه بنفس الوجدان ولتحققهم البراءة علقوا الحكم على مجرد الوجدان لا السرقة([160]) ، وبُني الفعل للمجهول لعدم الاستفادة من ذكر الحرس الذين يقومون بالتفتيش خصوصاً أن ظهورهم كان هامشياً في القصة.

المبحث السادس: العدول من الإضمار إلى الإظهار

من الظواهر المهمة في سورة يوسف عليه السلام التي تستحق الدراسة والتأمل هي ظاهرة العدول من الإضمار إلى الإظهار ، والإضمار من أساليب العربية التي وجدت لتحقق إيجازاً للمتكلم فيأتي الضمير بدل الاسم الظاهر الذي قد يكرر أكثر من مرة لتحقيق الإيجاز لكن العدول عن الإضمار إلى الإظهار ظاهرة أسلوبية لها مقاصد تعبيرية يتبعها التعبير القرآني لأغراض بيانية وبلاغية .

1-قال تعالى:(( اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ*قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ…))[161] ، انتقى النص القرآني أسلوب العدول من الإضمار إلى الإظهار في قوله:} لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ{([162]) فذكر اسم يوسف الصريح دون الاعتماد على الضمير فلم يقل:}لا تقتلوه{ ؛ لدلالة ما قبله عليه وذكر الاسم أبلغ ؛ استجلاباً لشفقتهم عليه واستعظاماً لقتله([163]) ، وفي نطقه للاسم تحنن لهم([164]) ، عسى أن ينفع معهم ذكر الاسم ويمنعهم من قتله.

2-قال تعالى:(( وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ))[165] آثر النص القرآني أسلوب العدول من الإضمار إلى الإظهار في قوله:} وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ {ولم يقل : ولكن أكثرهم ؛ لزيادة التوضيح والبيان ولقطع توهم رجوعه إلى مجموع الناس وما كنى عنه بنا الموهم لعدم اختصاص غير الشاكر بالناس وفيه من الفساد ما فيه([166])

3-قال تعالى:(( قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ))[167]، لجأ النص القرآني إلى أسلوب العدول من الإضمار إلى الإظهار في قوله:} ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ{ولم يقل ثم يأتي من بعدهن قصداً إلى تفخيم شأنهن([168]) ، وتنبيه السامعين إلى صعوبة ما سيلاقونه فيهن.

4-قال تعالى:(( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ))[169] ، انتقى التعبير القرآني أسلوب العدول من الإضمار إلى الإظهار على لسان امرأة العزيز في قوله:} إِنَّ النَّفْسَ{ ولم يقل إنها لأمارة ؛ لأنها لو قالت ذلك لنسبت الأمر بالسوء إلى نفسها فقط ولكنها بنسبتها السوء لكل أنفس البشر خففت من ذنبها أمام الحاضرين ، فأكدت اتهام النفس على إطلاقها فلم تفوت على نفسها فرصة الاحتماء بالطبيعة([170]) ، وعدل عن الإضمار إلى الإظهار في قوله: } إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ{ مع التعرض لعنوان الربوبية لتربية مبادئ التربية والرحمة([171]) بإظهار الاسم لا إضماره.

5-قال تعالى:(( وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا…))[172] ، انحاز النص القرآني إلى أسلوب العدول من الإضمار إلى الإظهار في قوله: } فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ{ ولم يقل في نفسه ، وفي التصريح باسمه إشعار بالتعطف والشفقة والترحم ؛ لأنه عليه السلام قد اشتهر بالحزن والرقة([173]).

6-قال تعالى:(( فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ))[174] ، فضل النص القرآني أسلوب العدول من الإضمار إلى الإظهار في قوله:} ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ{ ولم يقل ثم استخرجها منه ، قصداً إلى زيادة كشف وبيان([175]) ، ولكي لا يفهم أنه استخرجها من أخيه لا من وعائه.

خاتمة البحث

1-احتوت سورة يوسف على ظواهر أسلوبية كالحذف والذكر والتقديم والتأخير وغيرها.

2-كانت هذه الظواهر سبب في انزياح المعنى في النص القرآني.

3- لجأ الأسلوب القرآني إلى انتقاء أفضل العبارات التي تؤدي المعنى بأفضل طريقة ولايمكن أن تؤديه أي عبارة أخرى.

المصادر والمراجع

الكتب

-القرآن الكريم

– تفسير التحرير والتنوير/محمد الطاهر بن عاشور/الدار التونسية للنشر/تونس/1984

– الميزان في تفسير القرآن/محمد حسين الطباطبائي/منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية/قم

– تفسير الشعراوي/محمد متولي الشعراوي/دار أخبار اليوم/القاهرة/ط1

– البيان في روائع القرآن/تمام حسان/عالم الكتب/القاهرة/ط1/1993

– دقائق الفروق اللغوية/محمد ياس خضر الدوري/دار الكتب العلمية/بيروت/ط1

– معجم الصحاح/إسماعيل بن حماد الجوهري/تح أحمد عبد الغفور عطار/تق عباس العقاد/ط4/دار العلم للملايين/بيروت/1984

-ثلاث رسائل في إعجاز القرآن/للرُّمَّاني والخَطَّابي وعبد القاهر الجرجاني/تح محمد خلف الله أحمد و محمد زغلول سلام/دار المعارف/مصر/ط3

– ديوان عنترة بن شداد/مطبعة الآداب/بيروت/1893

– نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/إبراهيم بن عمر البقاعي/دار الكتاب الإسلامي/القاهرة

– البحر المحيط/أبو حيان الغرناطي/دار الفكر/بيروت/2010/ج6

– في ظلال القرآن/سيد قطب/دار الشروق/القاهرة/ط32

– تفسيرالمراغي/أحمد مصطفى المراغي/مصطفى البابي الحلبي/مصر/1946/ط1

– تفسير روح المعاني/محمود الآلوسي/المطبعة المنيرية ودار إحياء التراث/بيروت

– الدر المصون في علوم الكتاب المكنون/أحمد بن يوسف المعروف بالسمين الحلبي/تح أحمد محمد الخراط/دار القلم/دمشق

– دلائل الإعجاز/عبد القاهر الجرجاني/قراءة وتعليق محمود محمد شاكر/مكتبة الخانجي/مصر/1992/ط3/ص146

– الخصائص/أبو الفتح عثمان بن جني/تح محمد علي النجار/دار الكتب العربي/بيروت/1952

– تفسير محاسن التأويل/محمد جمال الدين القاسمي/تح محمد فؤاد عبد الباقي/عيسى البابي الحلبي/القاهرة/1957/ط1

– تفسير الكشاف/محمود بن عمر الزمخشري/دار المعرفة/بيروت/ط3/2009

– نظرية اللغة في النقد الأدبي/عبد الحكيم راضي/مكتبة الخانجي/مصر/1980

– البرهان في علوم القرآن/بدر الدين محمد بن عبد الله/تح محمد أبو الفضل إبراهيم/دار الت

– التفسير الكبير ومفاتيح الغيب/فخر الدين محمد الرازي/دار الفكر/بيروت/ط1/1981

– تفسير إرشاد العقل السليم/أبو السعود محمد العمادي/دار إحياء التراث/بيروت

– الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز/يحيى بن حمزة بن علي العلوي/دار الكتب العلمية /بيروت/1980

– من بلاغة القرآن/أحمد أحمد بدوي/مكتبة نهضة مصر/القاهرة/ط3

– بلاغة الكلمة والجملة والجمل/منير السلطان/منشأة المعارف/الاسكندرية/1993/ط2

– المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ابن عطية

المجلات والدوريات

-من أسرار التعبير القرآني في حوار نبي الله يوسف مع صاحبيه في السجن/مصطفى أحمد حسين قنبر/مجلة المخبر/الجزائر/ع13/2007

الرسائل و الأطاريح

-النظم القرآني في سورة يوسف/جمال رفيق يوسف/رسالة ماجستير/جامعة نابلس/2000

-الخطاب القصصي القرآني/نور الدين خيار/رسالة ماجستير/جامعة الجزائر/2004

الهوامش:

  1. الحجرات:14
  2. يوسف:87
  3. () تفسير التحرير والتنوير 13:45
  4. () الميزان في تفسير القرآن11:234
  5. يوسف:98
  6. () ينظر:تفسير الشعراوي:7074
  7. يوسف:100
  8. () البيان في روائع القرآن247
  9. () ينظر:التحرير والتنوير:13:57
  10. يوسف:29
  11. ()ينظر: تفسير الشعراوي:7064
  12. القصص:8
  13. يوسف:43
  14. () ينظر:التحرير والتنوير 280:12
  15. () ينظر:دقائق الفروق اللغوية:143
  16. () ينظر:تفسير الشعراوي:7067
  17. يوسف:17
  18. () معجم الصحاح:958
  19. () ثلاث رسائل في إعجاز القرآن:41ودقائق الفروق اللغوية:56
  20. يوسف:20
  21. () ديوان عنترة بن شداد:52
  22. () ينظر:البيان في روائع القرآن:299
  23. يوسف:25
  24. () التحرير والتنوير256:12
  25. يوسف 36
  26. () ينظر:من أسرار التعبير القرآني في حوار نبي الله يوسف مع صاحبيه في السجن:66
  27. يوسف:37
  28. ()ينظر: من أسرار التعبير القرآني:69
  29. () ينظر:نظم الدرر في تناسب الآيات والسور:84 ومن أسرار التعبير القرآني:69
  30. () ينظر:البحر المحيط:ص84 ومن أسرار التعبير القرآني:69
  31. يوسف 38
  32. () من أسرار التعبير القرآني:70
  33. يوسف:75
  34. () ينظر:نظم الدرر171:12
  35. يوسف:79
  36. () ينظر:في ظلال القرآن:2022
  37. () ينظر:تفسيرالمراغي24:13
  38. () ينظر:تفسير روح المعاني 34:13
  39. يوسف:100
  40. ()ينظر: تفسير الشعراوي:7085
  41. فصلت:36
  42. يوسف:13
  43. () ينظر:النظم القرآني في سورة يوسف:70
  44. يوسف:30
  45. () ينظر:الدر المصون في علوم الكتاب المكنون:475
  46. () ينظر:البيان في روائع القرآن:182
  47. يوسف :36
  48. () ينظر:من أسرار التعبير القرآني:65
  49. يوسف:41
  50. ()ينظر:من أسرار التعبير القرآني:78
  51. يوسف :102
  52. () ينظر:نظم الدرر:235:12
  53. () دلائل الإعجاز:146
  54. () الخصائص:2:360
  55. يوسف:10
  56. () ينظر:تفسير محاسن التأويل3515:9
  57. () ينظر:تفسير الشعراوي:6873
  58. يوسف:18
  59. () ينظر:تفسير الكشاف:508
  60. ()ينظر:الخطاب القصصي القرآني:157
  61. يوسف:25
  62. () نظم الدرر:؛66:12
  63. يوسف:29
  64. ()ينظر: الكشاف:512
  65. () ينظر:نظم الدرر:70:12
  66. يوسف :31
  67. () ينظر:النظم القرآني:64
  68. يوسف:33
  69. () ينظر:الخطاب القصصي:153-154
  70. يوسف:38
  71. () ينظر:الكشاف:515 والنظم القرآني:77
  72. ()ينظر: النظم القرآني:77
  73. يوسف:44
  74. () الخطاب القصصي:157
  75. يوسف:82
  76. () ينظر:تفسير الشعراوي:7041
  77. ()ينظر: نظرية اللغة في النقد الأدبي:211
  78. () دلائل الإعجاز: 106
  79. يوسف:4
  80. () ينظر:النظم القرآني:72
  81. () ينظر:البرهان في علوم القرآن:238:3
  82. () ينظر:الكشاف:504
  83. ()ينظر: الخطاب القصصي:144
  84. يوسف:6
  85. () ينظر:النظم القرآني:70
  86. ()ينظر: تفسير الميزان85:11
  87. يوسف:11
  88. ()ينظر: النظم القرآني:69
  89. يوسف:22
  90. ()ينظر: النظم القرآني:73
  91. () ينظر:التفسير الكبير ومفاتيح الغيب:114
  92. يوسف:23
  93. ()ينظر: الخطاب القصصي:142
  94. يوسف :24
  95. () ينظر:النظم القرآني:60
  96. يوسف:25
  97. () ينظر:روح المعاني218:12
  98. يوسف:26
  99. () الخطاب القصصي:145
  100. يوسف:36
  101. () تفسير إرشاد العقل السليم275:4
  102. يوسف:41
  103. () النظم القرآني:74
  104. يوسف:46
  105. ()ينظر: البيان في روائع القرآن:299
  106. يوسف:51
  107. ()ينظر: التحرير والتنوير292:12
  108. يوسف:63
  109. () ينظر:النظم القرآني:71
  110. يوسف:86
  111. ()ينظر: الكشاف:527
  112. ()ينظر: النظم القرآني:73
  113. يوسف:88
  114. () الخطاب القصصي:143
  115. () الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز2:11
  116. () من بلاغة القرآن:128
  117. () الطراز2:11
  118. () ينظر:بلاغة الكلمة والجملة والجمل:37
  119. يوسف:9
  120. () ينظر:نظم الدرر23:12
  121. () ينظر:الكشاف:506
  122. () ينظر:المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز253:9
  123. يوسف:10
  124. ()ينظر: التحرير والتنوير1224:12
  125. ()ينظر: تفسير الميزان:97:11
  126. () ينظر:التحرير والتنوير225:12
  127. يوسف:13
  128. () ينظر:التحرير والتنوير231:12
  129. يوسف:18
  130. () ينظر:تفسير الميزان103:11
  131. يوسف: 26
  132. () ينظر:النظم القرآني:49
  133. يوسف:30
  134. ()ينظر:النظم القرآني:44
  135. يوسف:36
  136. () وردت دلالة تأخيرهما في مبحث التقديم والتأخير.
  137. يوسف:37
  138. () ينظر:النظم القرآني:46
  139. يوسف:38
  140. يوسف:40
  141. ()ينظر: إرشاد العقل السليم278:4
  142. يوسف:59
  143. ()البحر المحيط293:6
  144. يوسف:76
  145. ()ينظر: الميزان226:13
  146. ()ينظر: التحرير والتنوير33:13
  147. يوسف:77
  148. () ينظر:النظم القرآني:47
  149. يوسف: 83
  150. () ينظر:التحرير والتنوير239:12
  151. ()ينظر: النظم القرآني:43
  152. يوسف:41
  153. ()ينظر: نظم الدرر12:91
  154. ()ينظر: الخطاب القصصي:159
  155. ()ينظر: نظم الدرر12:91
  156. يوسف:49
  157. يوسف:66
  158. () ينظر:تفسير محاسن التأويل:3565و3566
  159. يوسف:75
  160. () ينظر:نظم الدرر12:171
  161. يوسف:9-10
  162. () ورد ذكر الآية في مبحث الحذف والذكر
  163. () ينظر:تفسير محاسن التأويل9:3515
  164. () ينظر:تفسير الشعراوي:6873
  165. يوسف:38
  166. ()ينظر: تفسير روح المعاني12:242
  167. يوسف:47-48
  168. () ينظر:تفسير روح المعاني12:255
  169. يوسف:53
  170. () ينظر:البيان في روائع القرآن:320
  171. ()ينظر: روح المعاني3:13
  172. يوسف:68
  173. () ينظر:روح المعاني13:21
  174. يوسف:76
  175. () ينظر:روح المعاني13:28