الرمز ودلالاته في إبداع محمد عناني المسرحي (نماذج مختارة)

د/ أسامة محمد السيد الشيشيني1

1 الأستاذ المساعد بقسم اللغة العربية في كلية العلوم والآداب بالقريات، جامعة الجوف بالمملكة العربية السعودية.

بريد الكتروني: drosama_19679@yahoo.com

HNSJ, 2024, 5(3); https://doi.org/10.53796/hnsj53/16

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/03/2024م تاريخ القبول: 20/02/2024م

المستخلص

يجسد البحث تقنية الرمز التي اعتمد عليها الكاتب في إبداعه المسرحي ؛ إذ استطاع تجسيد قضايا المجتمع من خلالها؛ ليستنهض الهمم، واستعان بذلك بلغة السخرية.

وتكون البحث من محورين؛ يسبقهما المقدمة ، ويتبعهما الخاتمة والفهارس، وقد جسد المحور الأول: الحديث عن العلاقة بين المبدع والمتلقي، وتم فيه تسطير تلك العلاقة الوطيدة؛ مما جعل الأدباء يعتنون بإبراز الجانب الفني؛ الذي يجذب المتلقي، وساعدهم على ذلك؛ مرونة الجانب الفني للإبداع المسرحي، وتناول المحور الثاني: الرمز ودلالاته في إبداع الكاتب المسرحي، واعتمد الباحث على نماذج من إبداعه ( البر الغربي، ميت حلاوة، المجاذيب، الدرويش والغازية ) .

وقد أبرز البحث الدلالات التي قصدها الكاتب في إبداعه المسرحي.

الكلمات المفتاحية: الرمز، الدلالة، الإبداع المسرحي لمحمد عناني.

Research title

The symbol and its connotations in Muhammad Anani’s theatrical creativity (selected models)

Dr. Osama Mohammed Al-Sayed Al-Shishini1

1 Assistant Professor in the Department of Arabic Language at the College of Science and Arts in Qurayyat, Al-Jouf University in the Kingdom of Saudi Arabia. Email: drosama_19679@yahoo.com

HNSJ, 2024, 5(3); https://doi.org/10.53796/hnsj53/16

Published at 01/03/2024 Accepted at 20/02/2024

Abstract

The research embodies the symbol technique that the writer relied on in his theatrical creativity. He was able to embody societal issues through it; To raise his resolve, he used the language of sarcasm.

The research consists of two axes: They are preceded by the introduction, followed by the conclusion and indexes. The first axis embodied: talking about the relationship between the creator and the recipient, and that close relationship was underlined. Which made writers take care to highlight the artistic side. Which attracts the recipient, and helps them to do so; Flexibility of the artistic aspect of theatrical creativity, and the second axis: the symbol And its implications for the creativity of the playwright, and the researcher relied on examples of his creativity (Al-Barr Al-Gharbi, Mit Halawa, Al-Majadeeb, Al-Darwish and Al-Ghaziyya).

The research highlighted the implications intended by the writer in his theatrical creativity.

Keywords: symbol, significance, theatrical creativity of Muhammad Anani.

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد،

فلا شك في أن الأدب له علاقة وطيدة بالمجتمع، وقد برز ذلك في إبداع محمد عناني المسرحي؛ لكن إبداعه قد اتسم بالرمزية؛ وهذا ما جعل الباحث يفرد بحثه في إبراز تلك التقنية؛ التي اعتمد عليها الكاتب في إبداعه المسرحي؛ فضلا عن تطور تقنياته ومرونتها في إبداعه؛ مما يؤكد انفتاح الإبداع المسرحي على العلم وآلياته المتطورة، وكذلك تناوله حياة الإنسان، وسيطرته ” على التقاط الأنغام المتباعدة المتنافرة وذلك بواسطة الطبيعة التي ينطوي عليها النسيج الروائي”([1]).

وقد تكونت الدراسة من مقدمة ومحورين وخاتمة؛ تحدثت في المقدمة عن أهمية المسرح، وخطة البحث، وتناولت في المحور الأول العلاقة بين المبدع والمتلقي، وأبرزت أن العلاقة بينهما وطيدة؛ فالكاتب لا يكتب لذاته فحسب؛ بل يكتب لقرائه ويعمل على جذبهم لإبداعه؛ من خلال تقنياته الفنية التي يستعين بها في إبداعه، وأفردت المحور الثاني للحديث عن الرمز في إبداع الكاتب المسرحي، وأخيرا كانت الخاتمة التي أبرزت النتائج التي توصل إليها البحث.

وقد اعتمدت على المنهج التحليلي؛ لإبراز الرمز في إبداع الكاتب، وكانت الدراسة معتمدة على الاختيار للنصوص التي جسد فيها الكاتب تقنية الرمز؛ إذ يصعب تتبع النماذج بالتفصيل، والله أسأسال التوفيق والسداد؛ فهو نعم المولى ونعم النصير.

المحور الأول

العلاقة بين المبدع والمتلقي

من المتعارف عليه أن الإبداع الأدبي بوجه عام، والإبداع المسرحي على وجه الخصوص؛ له علاقة وطيدة بالمتلقي؛ لذا يعمل المبدع على جذب المتلقي من خلال الاستعانة بالتقنيات الفنية؛ ومما يميز الإبداع المسرحي عن غيره؛ أنه قد وجد من رغبة جماهيرية في التحاور مع الآخرين، فضلا عن أن الآليات الفنية للإبداع المسرحي قد ازدهرت في الوقت الحاضر؛ نظرًا لتطور حياتنا المعاصرة؛ التي تشهد ميلاد أول عناصر منظومة تقنية متكاملة ، هي «تكنولوجيا المعلومات التي تزاوج بين تكنولوجيا الحواسب … والاتصالات في كيان غير مسبوق، يعني بكل ما يتعلق بمعالجة المعلومات ، ويعمل على دعم التواصل والاتصال بين بني البشر»([2])، وهذا ما يؤكد أن الأدب لم يعد « كالزهرة التي تتفتح لنور الشمس لا يسألها سائل : كيف نبتت ؟ وما نفعها كما كان … طه حسين يقول في عام 1954 ، لم يعد الأدب والفن مجرد زهرة جميلة في عروة ثري من الأثرياء … بل غدا الأدب والفن صاحبي وظيفة حيوية وإنسانية واجتماعية وقومية ، وارتبطا بمشاكل الملايين ، ووجدان الملايين»([3]).

ولا شك في أن المسرح يجب ألا يكون منصة إعلامية خالية من التطوير والتجديد؛ لدوره المهم في التأثير على المتلقي؛ لذا يجب مواكبة التطور والتنويع في الأدوات الفنية التي يستعين بها المبدع في جذب المتلقي.

وقد اعتمد الكاتب في إبداعه؛ على إبراز فكره من خلال شخصياته؛ إذ إن الشخصيات تتسم ” بقدرتها على صنع الأحداث والمشاركة في تطورها، واغتنام الفرص التي تسهم في تشكيل حركة الحياة والتأثير فيمن حولها من الشخصيات ، واتخاذ مواقف إيجابية في انفعالاتها ومشاعرها، ومواقفها من الآخرين، والحسم في القضايا المعلقة؛ بعيدًا عن التردد والميوعة الفكرية والعاطفية؛ التي تصيب الشخص بالترهل، وتفقدها وزنها وقيمتها في صياغة الأحداث”([4]).

فقد تحول الإبداع المسرحي إلى نموذج ، يمكن للإنسان – من خلاله – أن يتتبع سلوكه ، ونحن لا زلنا نشبه ” الشخصيات الحية بمثلها في ( ألف ليلة وليلة ) أو بما يشبهها من رموز

( كليلة ودمنة ) أو السير الشعبية أو الأسطورة ، وهذا دليل أكيد على تغلغل الوعي القصصي في حياتنا ، وبروز دوره الحضاري عبر حوادثه وشخصياته وطرق أدائه “([5])، وهذا ما جعل الكاتب يهتم بالوعي الحضاري، وتعنى كلمة الوعي الحضاري ” القدرة العقلية والنفسية والاجتماعية لدى الإنسان ، وهى القدرة الفعالة والمتحكمة في سلوكه وعلاقته ، واختلافها من فرد لأخر ومن أمة إلى أخرى ، ومن زمن إلى اخر ، شيء طبعي ؛ لأنه وعى يمثل خلاصة التجربة الإنسانية المتطورة في كل شيء من جوانب الحياة “([6]).

ولا شك في أن أهمية الإبداع المسرحي؛ قد جعل الأدباء يعتنون بالبناء الفني لها؛ لأنها هي المعبرة عن الآمال، والمجسدة للواقع، والمؤثرة على المتلقي، فمثلا يقول الكاتب ” أحمد إبراهيم الفقيه ” : ” أتعامل مع الواقع تعاملا حذرا ، وطالما اننى لا أستطيع استيعابه وترحيله ، واهتديت شخصيا إلى طريقتي الخاصة في البحث عما فوق الواقع وحول الواقع لتقديم مشهد روائي أو قصصى ، أكثر ثراء وعمقا وتعبيرا عن جوهر الحياة فالحياة ليست فقط ما نرى أو نسمع ، ولكن هناك أكثر من ذاك الذي نراه ونسمعه ، وهو الذي أحاول أن أهتدى إليه بوسائل الإبداع الفني ……” ([7]) ، ولا ريب في أن المبدع يعد فردا من المجتمع، ، فالفرد ” لم ينشئ نفسه وليس من سبيل إلى تصوره مستقلا ، وإنما هو في وجوده المادي والمعنوي أثر اجتماعي وظاهرة من ظواهر الاجتماع ، لا يوجد إلا إذا وجد والتقى الجنسان ، فإذا وجد فالجماعة كلها متعاونة متضافرة على تنشئته وتربية جسمه وعقله وشعوره وعاطفته ….يتعلم الفرد الدين الذي ينظم حياته الروحية ، وليس هو الذي احدث هذا الدين ، بل ما من سبيل إلى وجود النظم الاجتماعية والسياسية إذا لم تكن هناك جماعة تحتاج إليه “([8]).

المحور الثاني

الرمز ودلالاته في إبداع الكاتب المسرحي

من المتعارف عليه أن الأديب الناجح هو الذي يتأثر بقضايا مجتمعه، ويعمل على تقدم مجتمعه من خلال المناقشة لتلك القضايا في إبداعه؛ الأدب «ليس نشاطًا فرديًّا خالصًا يقوم به الفرد لتغيير المجتمع، بل هو نشاط اجتماعيّ يشارك الفرد في تأسيسه باعتباره عضوًا صالحًا في هذا المجتمع، يمارس ألوان النشاط الجماعي بدافعٍ وطني…»([9]).

وهذا ما جعل الكاتب معبرا عن قضايا مجتمعه من خلال الرمز؛ ففي مسرحية ( ميت حلاوة ) نجد تجسيد الكاتب لقضية الخداع والسيطرة، والذي تجسد في ( نبوية ) التي رمزت إلى الخداع والسيطرة على أهالي القرية؛ حتى يظلوا قابعين في التخلف، وتبين ذلك في حوار فرج مع الجمهور، فيقول:

«فرج: عندي خطبة صغيرة بمناسبة اليوم الخالد ده مش كل يوم بيحصل أحداث عظيمة… يقرأ من ورقة لقد أحرز فريق التحطيب نصرًا خالدًا… بفضل اللاعب الخالد…»([10])، ونجد كذلك ( غريب ) الذي يجسد الانتهاز والاستغلال، وبرز ذلك عندما استغلَّ حبَّ نبوية لمكرم بقيام ثورة عليها، وعزلها، حتى يأخذ مكانها فيقول:

«العواطف غير المنطقية التي تملّكت الست نبوية…

وفي الحقيقة أثرت على إدارتها للجمعية لفترة طويلة.

وأدَّت إلى التخبط الشديد…»([11])، وكانت نبوية تحب مكرما؛ إذ رفضت القب عليه؛ فتقول:

«مستحيل مكرم مش ممكن يتحجز!

غريب: اللايحة صريحة…!

نبوية: مكرم حبيبي.. مستحيل .. مستحيل!!» ([12])، وتناول الكاتب لمشكلات المجتمع يجسد لنا “أن الأدب يُعَدُّ ثمرةً لحاجة الإنسان إلى التعبير عن عقله وشعوره، فهو وسيلة اتَّخذها الإنسان لتصوير ما في نفسه من أفكارٍ، وعواطف، وكاتبنا قد ارتبط وجدانه بالبيئة التي عاش فيها، وتأثَّر بما ألمَّ بها من مصائب أوغرت صدره، فأراد التعبير عنها، وإيجاد حلول لها، فجاءت أعماله المسرحية صورة أمينة معبِّرة عما يجيش في صدره، وما يجول بخاطره؛ لذا خيَّم عليه الحزن إزاء ما ران إليه واقعه”([13]).

وفي مسرحية ( المجاذيب ) نجد الكاتب يرمز لأبي باع بالرجل المستغل الانتهازي، وبرز ذلك في حوار فوزية وعادل، حينما قلق عليها حينما أقبلت على الزواج من أبي صباع الرجل المستغل، فترد على خوفه قائلةً:

«يعني غني يقدر يحسِّس الواحدة إنها مستورة..

إنها تقدر ترفع رأسها…

أنا مقدرة خوفك عليّ»([14])، ويحمد للكاتب أنه جعل نهاية أبي صباع متسقة مع سلوكه؛ إذ سيستمر في بعده وعدم الرغبة فيه؛ وتجسد ذلك في حوار عوض وزكية؛ إذ يقول عوض:

«المهم أني… لأول مرة بحس إن السطان انتهى…

زكية: المهم إنه انتهى جوه كل الناس…»([15]).

وفي مسرحية ( الدرويش والغازية ) يرمز الكاتب في إحداثها لآفة تجسدت في المجتمع المعبر عنه القرية، وهي الدروشة؛ فالمسرحية “تجسِّد لنا مدى تأثّر الشخصيات المثقَّفة بالدروشة بسبب الواقع الأليم الذي يقطنون فيه؛ فالجاهل أضحى يتحكم في تفكير الناس، ومصائرهم؛ لكن أجاد الكاتب في نهاية المسرحية؛ عندما كانت نهاية أبي صباع من جنس عمله، فقد قرَّر أن يأخذ عبد الله بجانبه في الزمن الماضي؛ ليدلِّل له على ثقافته، لكنه يفاجأ بالشهباء التي تجعله معلِّما للقيان في قصر الخليفة”[16]، فيقول:

«الشهباء: لابد من جراحة تأمين

الناتح: هاتو العبد…

أبو صباع: أنا داخل التاريخ.. وأتمتَّع بأطايب الحياة

الشهباء: الأسير عبد حتى يفتدى، أو يستبدل، وقد انتهى وقت افتدائك، أو استبدالك»([17])، وهذا يبين لنا أن الكاتب كانت له غاية من إبداعاته؛ فلا شك في أن «لكلِّ إنسانٍ غايةً وهدفًا في الحياة، ويجب أن تكون غاية الإنسان العمل على رقيّ من حوله من الناس… فبهذا يتطور المجتمع بتطور أفراده»([18]).

وفي مسرحية ( البر الغربي ) نجد رمز الكاتب لمشكلات مجتمعه؛ من خلال ( حندوسة ) الذي يجسد التخلف والجهل القابع فيه المجتمع المتجسد في أهالي القرية في البر الشرق، فالبرُّ الشرقيُّ لم يكن فيه إلا جمعة المدرس:

«صبحي: هم التلامذة لسه بيروحوا المدرسة…

قورة: طمئن نفسك، مفيش متعلمين غير هناك في البرّ الغربي»([19]).

ويتابع الكاتب في تسطير جهل أهل البرِّ الشرقيِّ” حيث يكرِّر الموقف ذاته، فكما قتل حندوسة وأصرَّ أهل البرِّ الشرقيّ تنصيب جمعة عليهم، نجد مقتل جمعة على يد مجهول، لكن أهل البرّ الشرقي يصرُّ على تنصيب علي أبو كفّ صبي القهوة المملوكة للمعلم قورة الرجل الانتهازيّ، وكأن أهل البر الشرقي في حلقة مفرغة دومًا، فهم لا يتعلمون أبدًا وإيمانهم بالخرافات قد فاق الحدود”([20])، وهذا المشهد ظهر في قول الكاتب:

«صوت خارج المسرح: المعلم الكبير اتقتل… المعلم جمعة خلاص»([21])، ورمز الكاتب لانتهازية المعلم قورة؛ عندما تمنَّى زواج ابنته من ضابط، أو شخصية يعتمد عليها، وكان ذلك في حوار قوره مع حمدية، فيقول:

«البرّ الغربيّ مليان… أنا عايز دكتور… ضابط… مهندس…»([22]).

والكاتب في إبداعه كان يدعونا إلى الحذر من تلك الشخصيات الانتهازية من خلال السخرية، وتجسد ذلك في تفيدة ومفيدة زوجتا أبي صباع؛ إوكذلك في الحوار بين أبي صباع، والوليد، والشاعر، فيقول أبو صباع:

«أبو صباع: أهنته إزاي؟

الشاعر: لقد وصفته بأنه صانع أنغام..

أبو صباع: ملحن زي عبد الوهاب..

الشاعر: من يُلحِن في العربية ليس بعربي..

أبو صباع: مش يلحن… يُلْحَن!»([23])، كما برز الحذر في حوار عتريس، فيقول:

«عتريس: أنا ما أعرافكش… انت مين.

أبو صباع: اسأل ولادنا الطيِّبين دول يعرفوني من سنين… لازم حاعود وفي يوم قريب…» ([24])، وهذا ما يعني أن الأدب يسطر المتغيرات التي «تمثل ضرورة لازمة كانت تتطلبها حاجة المجتمع العربي تلبية لواقع جديد، فرضه الانتقال التدريجي بين المجتمع التقليدي العضوي، وعلاقاته المترابطة على نطاقٍ ضيِّقٍ… وبين مجتمع الفردية بتمزق روابطه، وسعيه إلى آفاق أوسع في الفكر، والشعور، والوجدان، على نطاق واسعٍ…»([25]).

وتجسدت تلك المتغيرات في انتشار الآفات السلبية بالمجتمع، والتي استعان الكاتب في التعبير عنها بالرمز، وقد أشار إلى ذلك أمير سلامة: «المسرحية وإن كانت تشير إلى نظام شموليّ بعينه، فإنها لم تتضمن كلمة واحدة مباشرة عن هذا النظام، فالمؤلف هنا يتجاوز ذلك ليجعل من روايته التي تعمل على مستوى المجاز معادلًا موضوعيًّا لمشاعره ورؤاه الخاصة تجاه أيِّ نظام شموليٍّ بشكل عام يقوم على التناقض مع الطبيعة البشرية؛ مما يؤدِّي إلى انهياره الحتمي، فهذا النظام الذي سيطر على الحياة في ميت حلاوة يبدو كأنما هو حلم انبعث من خيالٍ مريضٍ مخدَّرٍ، ولأن نظام ميت حلاوة خرج عم هذا الخيال المريض فقد استحال تحقيقه في الواقع»([26]).

إن إبداع الكاتب تجسد في مشكلات مجتمعه، وهذا ما يعني : «أن الأدب والفنَّ انعكاسٌ للواقع، ولكنه ليس انعكاسًا آليًّا، وإنما هو انعكاسٌ على درجةٍ كبيرةٍ من التعقيد.. فهو أولًا ثمرة انعكاس من الواقع الاجتماعيّ، والطبيعيّ في شعور الفنان، أو الأديب، وفي فكره، خلال خبرة حياته العملية، وتفاعله مع هذا الواقع، وفي حدود ثقافته الخاصة، وموقفه الاجتماعي… وهو ثانيًا ثمرة اختيار الفنان، والأديب لعناصر من هذا الواقع، نفسية كانت، أم اجتماعية، أم طبيعية، وهو ليس اختيارًا عفويًّا، إنما هو اختيار توجهه فكرة في عقل الفنان، أو الأديب، وشعور في نفسه، وهو اختيار محدود بحدود خبراته العلمية وثقافته…»([27]).

الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تمت تلك الدراسة؛ التي أبرزت انتماء الكاتب لقضايا مجتمعه؛ إذ جسدها من خلال تقنية الرمز، وقد نجح في توظيف الحوار؛ إذ جسد ما يمور بأعماق الشخصيات، كما أنه استطاع انتقاء الألفاظ المعبرة عن تلك الشخصيات وما يختلجها من نفسيات مقهورة، وكانت الشخصيات من الواقع؛ فنجح بذلك إلى جذب المتلقي؛ لأنه الشخصية كانت معبرة عنه، وتميزت إبداعاته بأنها سطرت أفكاره وعبرت عما يمور بوجدانه، ويحسب للكاتب أن إبداعاته المسرحية كانت مكملة لبعضها؛ فمسرحية البر الغربي وميت حلاوة؛ كان المكان واحدا ( قرية أبو الريش ) كما أن الشخصية الانتهازية كانت واحدة وهي ( أبي صباع )، وقد استعان الكاتب بلغة السخرية؛ ليبرز مدى أهمية تعزيز الإيجابيات، والقضاء على السلبيات.

والله أسأل أن أكون موفقا فيما كتبت، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

الفهــارس

أولا: فهرس المصادر

محمد عناني: البرّ الغربيّ (الهيئة المصرية العامَّة للكتاب، القاهرة، 1985م).

محمد عناني: المجاذيب (الهيئة المصرية العامَّة للكتاب، القاهرة، 1985م).

محمد عناني: الدرويش والغازية (الهيئة المصرية العامَّة للكتاب، القاهرة، 1994م).

محمد عناني: ميت حلاوة (الهيئة المصرية العامَّة للكتاب، القاهرة، 1994م).

ثانيا: فهرس المراجع

أحمد إبراهيم الفقيه : السرد الروائي وفن التحايل على الإرادة الواعية ( مجلة فصول–عدد1 صيف 1998) صـ170 .

  1. أمير سلامة: ميت حلاوة (مجلة الفنون، السنة الأولى، عدد 4، يناير 1987م).
  2. إبراهيم فتحي: خصوصية الرواية العربية (مجلة فصول، عدد 1، 1998م).
  3. أسامة الشيشيني: الاتجاه الوجداني في مسرح محمد عناني دراسة تحليلية ( كلية الآداب، جامعة المنوفية، 2017 ).
  4. جابر عصفور : (مجلة فصول ، شتاء 1993م).
  5. السيد نصر الدين السيد: إطلالات على الزمن الآتي صـ21 (الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1998م).
  6. د/ طه حسين : قادة الفكر صـ7 ( دار المعارف ، ط9 ، القاهره ) .
  7. عبد العظيم أنيس ومحمود العالم: في الثقافة المصرية (دار الفكر الجديد، بيروت، ط1، 1955م).
  8. عبد الفتاح عثمان: بناء الرواية (مكتبة الشباب، القاهرة، د.ت).
  9. لويس عوض: الثورة والأدب (دار الكتاب العربيّ، القاهرة، 1967م).

مدحت الجيار: من السرد العربي المعاصر صـ46 (الهيئة العامة لقصور الثقافة– سلسلة كتابات نقدية 1966)

  1. محمد حامد الحضيري: ماهية الأدب ومهامه في النقد الأدبي الحديث (مطابع غزلان بالقهرة، ط1، 1992م).
  2. مهنى صالح: الواقع الاجتماعي في مسرح محمد عناني (الهيئة المصرية العامَّة للكتاب 2007م).

الهوامش:

  1. () جابر عصفور : صـ5 (مجلة فصول ، شتاء 1993م).
  2. () السيد نصر الدين السيد: إطلالات على الزمن الآتي صـ21 (الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1998م).
  3. () لويس عوض: الثورة والأدب صـ161 (دار الكاتب العربي للطباعة والنشر ، القاهرة ، 1967م).
  4. () عبد الفتاح عثمان : بناء الرواية صـ120 (طبعة مكتبة الشباب ، القاهرة ، د ت ) .
  5. () مدحت الجيار: من السرد العربي المعاصر صـ46 (الهيئة العامة لقصور الثقافة– سلسلة كتابات نقدية 1966)
  6. () مدحت الجيار :- من السرد العربي المعاصر صـ25 ( الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1996 ).
  7. ()أحمد إبراهيم الفقيه : السرد الروائي وفن التحايل على الإرادة الواعية

    ( مجلة فصول – عدد 1 صيف 1998 ) صـ170 .

  8. () د/ طه حسين : قادة الفكر صـ7 ( دار المعارف ، ط9 ، القاهره ) .
  9. () محمد حامد الحضيري: ماهية الأدب ومهامه في النقد الأدبي الحديث ص52(مطابع غزلان بالقهرة، ط1، 1992م).
  10. () محمد عناني: ميت حلاوة: صـ8 (الهيئة العامة للكتاب، 1994م).
  11. () محمد عناني: ميت حلاوة: صـ90.
  12. ()محمد عناني: ميت حلاوة: صـ89.
  13. () أسامة الشيشيني: الاتجاه الوجداني في مسرح محمد عناني دراسة تحليلية ص27 ( كلية الآداب، جامعة المنوفية، 2017 ).
  14. () محمد عناني: مسرحية المجاذيب: صـ19 (الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1985م).
  15. () محمد عناني: المجاذيب: صـ101.
  16. ()أسامة الشيشيني: الاتجاه الوجداني في مسرح محمد عناني دراسة تحليلية ص28 ( كلية الآداب، جامعة المنوفية، 2017 )..
  17. ()محمد عناني: الدرويش والغازية: صـ98.
  18. () محمد حامد الحضيري: ماهية الأدب ومهامه في النقد الأدبي الحديث: صـ177 (مطابع غزلان بالقاهرة، ط الأولى، 1992م).
  19. () محمد عناني: البرّ الغربيّ: صـ109 (الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1985م).
  20. () أسامة الشيشيني: الاتجاه الوجداني في مسرح محمد عناني دراسة تحليلية ص11 ( كلية الآداب، جامعة المنوفية، 2017 )…
  21. () محمد عناني: مسرحية البر الغربي: صـ202.
  22. () محمد عناني: البر الغربي: صـ123.
  23. () محمد عناني: مسرحية (الدرويش والغازية): صـ24، (الهيئة العامة للكتاب، 1994م).
  24. () محمد عناني: الدرويش والغازية: صـ116.
  25. () إبراهيم فتحي: خصوصية الرواية العربية: صـ23 (مجلة فصول، عدد 1، 1998م).
  26. () أمير سلامة: ميت حلاوة: صـ80 (مجلة الفنون، السنة الأولى، عدد 4، يناير 1984م).
  27. () د/ عبد العظيم أنيس، ومحمود العالم: في الثقافة المصرية: صـ42 (دار الفكر الجديد- بيروت-ط الأولى، 1955م).