جماليات التشكيل الموسيقي في البناء الشعري عند الجرجاني

د / سيد أحمد عبد الرحمن محمد1

1 أستاذ الأدب والنقد المساعد بكلية العلوم والآداب بالقريات، جامعة الجوف بالمملكة العربية السعودية

بريد الكتروني: saabdelrahman@ju.edu.sa

HNSJ, 2024, 5(3); https://doi.org/10.53796/hnsj53/4

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/03/2024م تاريخ القبول: 08/02/2024م

المستخلص

تأتي هذه الدراسة تحاول جاهدة تقديم رؤية معاصرة في التوفيق بين الدرس البلاغي والدرس النقدي الحديث من خلال دراسة بعض فنون البديع التي لها صلة وثيقة بالتشكيل الموسيقى كالسجع والجناس..

ومما لا شك فيه أن التشكيل الموسيقي في الشعر من أقوى وسائل الإيحاء فيه ، حيث أكدت تجارب جميع الشعوب وحتى البدائية منها أن الشعر يقترن اقترانا وثيقا بالموسيقى الشعرية ، ومن ثم تعلو قيمة الأسلوب الشعرى بمقدار ما فيه من النغم ، وما يحمل من موسيقا وإيقاع ، والعكس بالعكس .

فالشعر صناعة ذات قواعد إيقاعية دقيقة , لا تؤخذ هونا ؛ بل يقف عندها الشاعر طويلا ، يهذب ، ويدقق ، ويحذف ، حتى تستقيم القصيدة وتتوازن إيقاعاتها ، ويحكم نسيجها ، وتحسن في الأسماع .

وقد أشار الجرجاني – رحمه الله – إلى الموسيقى وارتباطها العميق بالشعر، فلم يجد له في تعريفه غير هذا الحد “.. لأنه موزون مقفي..”.

الكلمات المفتاحية: مظاهر – قيمة – الإيقاع – السجع – الجناس

Research title

Aesthetics of musical composition in poetic structure according to Al-Jurjani

Dr. Sayed Ahmed Abdel Rahman Mohammed1

star_border

1 Assistant Professor of Literature and Criticism at the College of Arts and Sciences in Qurayyat, Al-Jouf University in the Kingdom of Saudi Arabia Email: saabdelrahman@ju.edu.sa

HNSJ, 2024, 5(3); https://doi.org/10.53796/hnsj53/4

Published at 01/03/2024 Accepted at 08/02/2024

Abstract

This study strives to present a contemporary vision in reconciling the rhetorical lesson with the modern critical lesson by studying some of the Badi arts that are closely related to the formation of music, such as assonance and alliteration.

There is no doubt that musical formation in poetry is one of the strongest means of inspiration in it, as the experiences of all peoples, even primitive ones, have confirmed that poetry is closely associated with poetic music, and then the value of poetic style is higher by the amount of melody it contains, and what carries music and rhythm, and vice versa. On the contrary.

Poetry is an industry with precise rhythmic rules, which are not taken lightly; Rather, the poet stands there for a long time, refines, scrutinizes, and deletes, until the poem is straight, its rhythms are balanced, its texture is controlled, and the listening is improved.

Al-Jurjani – may God have mercy on him – referred to music and its deep connection with poetry, so he did not find in his definition anything other than this term “…because it is metered and rhymed..

مقــدمـــة

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،

وبعد :

فمما لا شك فيه أن التشكيل الموسيقي في الشعر من أقوى وسائل الإيحاء فيه ، حيث أكدت تجارب جميع الشعوب وحتى البدائية منها أن الشعر يقترن اقترانا وثيقا بالموسيقى الشعرية ، ومن ثم تعلو قيمة الأسلوب الشعرى بمقدار ما فيه من النغم ، وما يحمل من موسيقا وإيقاع ، والعكس بالعكس .

فالشعر صناعة ذات قواعد إيقاعية دقيقة , لا تؤخذ هونا ؛ بل يقف عندها الشاعر طويلا ، يهذب ، ويدقق ، ويحذف ، حتى تستقيم القصيدة وتتوازن إيقاعاتها ، ويحكم نسيجها ، وتحسن في الأسماع .

وقد أشار الجرجاني – رحمه الله – إلى الموسيقى وارتباطها العميق بالشعر، فلم يجد له في تعريفه غير هذا الحد “.. لأنه موزون مقفي ..” ([1]).

وهذه الدراسة تحاول جاهدة تقديم رؤية معاصرة في التوفيق بين الدرس البلاغي والدرس النقدي الحديث من خلال دراسة بعض فنون البديع التي لها صلة وثيقة بالتشكيل الموسيقى كالسجع والجناس.

هذا , وقد جاءت الدراسة بعد هذه المقدمة في تمهيد ومبحثين وخاتمة .

أما التمهيد : فأشرت فيه إلى قيمة السجع و الجناس الموسيقية .

– وأما المبحث الأول : فتحدثت فيه عن التشكيل الموسيقي وقيمته في البناء الشعرى ، وقد اشتمل على ما يلى :

أولاً : مفهوم التشكيل الموسيقي .

ثانياً : مظاهر الموسيقى الخارجية للقصيدة .

ثالثاً : مظاهر الموسيقى الداخلية للقصيدة .

رابعاً : قيمة التشكيل الموسيقي في الشعر .

– وأما المبحث الثاني : فتناولت فيه جماليات التشكيل الموسيقى في البناء الشعري عند الجرجاني ، وقد اشتمل على ما يلى :

أولا : التشكيل الموسيقي للسجع في البناء الشعرى عند الجرجاني

ثانيا : التشكيل الموسيقي للجناس في البناء الشعرى عند الجرجاني.

– وأما الخاتمة : فقد أوجزت فيها أهم نتائج البحث .

وبعد : فهذه دراسة لا أدعى لها الكمال ولا الاقتراب منه ، ولكنى أراها خطوات في طريق راشد تضاف إلى جهود الباحثين في ميدان الدراسات الأدبية ، علنا من بعد نواصل الخطى ونتبع الهداة ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .

الباحث

تمهيد

قيمة السجع والجناس الموسيقية :

لا يخفي أن قيمة كل من السجع و الجناس الفنية تتحقق من خلال هذا التماثل والتشابه اللفظي بصورهما الإيقاعية المختلفة الذى يخلق نوعا من الجرس والتلاؤم الموسـيقى ، ووراء ذلك علاقة معنوية أرادها المتكـلم لا يمكن إغفال مالها من التأثير في نفس المتلقي ، وهذا ما أشار إليه الجرجاني – رحمه الله – بقوله : ” وعلى الجملة فإنك لا تجد تجنيساً مقبولاً، ولا سَجَعاً حَسَنَاً، حتى يكون المعنى هو الذي طلبه واستدعاه وسَاق نحوَه، وحتى تَجِده لا تبتغي به بدَلاً، ولا تجِد عنه حِوَلاً، ومن ها هنا كان أَحْلَى تجنيس تسمَعُه وأعلاه، وأحقُّه بالحُسْن وأولاهُ، ما وقع من غير قصدٍ من المتكلم إلى اجتلابه، وتأهُّب لطلبه … ” ([2]) .

وبمثل هذا التوظيف الواعي بالطبيعة الفنية للسجع أو للجناس يتحقق لهذين اللونين تأثيرهما المنشود على المستوى الإيقاعي والموسيقي ، من خلال تآلف أصوات الحروف في اللفظة الواحدة ، وتآلف مجموعات الموسيقى اللفظية حين ينتظمها التركيب في الفقرات والجمل ، على أن هذا التآلف الصوتي بين الألفاظ المفردة والمركبة لا تتم جماليته الموسيقية إلا بتمام التناسـق بين صوت اللفظ ودلالة محتواه ، وهذا ما أكده الجرجاني بقوله : ” واعلم أن مما هو أصل في أن يدق النظر، ويغمض المسلك في توخي المعاني التي عرفت أن تتحد أجزاء الكلام، ويدخل بعضها في بعض، ويشتد ارتباط ثان منها بأول، وأن يحتاج في الجملة إلى أن تضعها في النفس وضعاً واحداً، وأن يكون حالك فيها حال الباني، يضع بيمينه هاهنا في حال ما يضع بيساره هناك. نعم وفي حال ما يبصر مكان ثالث ورابع يضعهما بعد الأولين ” ([3]) .

ومن هنا تتشكل الموسيقا الشعرية من داخل الصياغة حيث يستخدم الشاعر قدرات أصوات الحروف ، ونغمات الألفاظ والتراكيب ، وينسق بينها ، ومن جزئيات الإيقاع في البيت الواحد ، ومع إيقاع البيت الآخر ، والأبيات معا ، تتكون النغمة العامة للعمل الفني من حزن ، أو فرح ، أو شوق ، أو قلق … الخ .

المبحث الأول

التشكيل الموسيقي وقيمته في البناء الشعرى

ويشمل :

أولاً : مفهوم التشكيل الموسيقي .

ثانياً : مظاهر الموسيقى الخارجية للقصيدة .

ثالثاً : مظاهر الموسيقى الداخلية للقصيدة .

رابعاً : قيمة التشكيل الموسيقي في الشعر .

أولاً : مفهوم التشكيل الموسيقي

ربما كانت إشكالية الإيقاع من أكثر إشكاليات الحداثة الشعرية بروزا في القرن العشرين ، حتى إن آراء مرموقة لم تزل إلى الآن لا تفهم من هذه الحداثة سوى كونها نقلة موسيقية حصلت من شعر البحور إلى شعر التفعيلة ….. هذه الإشكالية المستمرة تنسحب للأسف وبشكل أكثر تقعيدا على مفهوم ” التشكيل الموسيقي ” حتى يكاد المرء يتوهم أن التشكيل الموسيقي ما هو إلا مصطلح وافد لا علاقة للغة العربية به … ([4])

ولكن الناظر إلى صور الشعر وتركيباته في الآداب العالمية يجد أنه اتخذ أشكالا متباينة ، فالملحمـة الشعرية كانت لها صورتها وتركيبها الموسيقى ، والمسرحية الشعرية كذلك ؛ بل إن القصائد الغنائية قد اتخذت هي الأخرى عدة صور وتراكيب في الآداب العالمية الكبرى .

فالموسيقا جوهر الشعر وأقوى عناصر الإيحاء فيه ، والموسيقا تنبعث من وحدة الدافع في الجملة على حسب الشعور الذى يعبر عنه ، وتطابق الشعور مع الموسيقا المعبرة عنه ، هو ما يؤلف وحدة القصيدة كلها ، ولا ينبغى أن تكون هذه الموسيقا رتيبة بحال ؛ لأنها تعبيرية إيحائية ، وإيقاعها يضفي على الكلمات ما لا يستطاع التعبير عنه من معنى ، ووحدة الإيقاع تتغير على حسب ما يكمن فيها من قوى تعبيرية تكشف عن خلجات النفس والكلمات والأصوات .

وعلى هذا فإن للموسيقى وظيفة خاصة تؤديها في الشعر عند استنفاد الطاقة الشعورية ، وهى جزء من دلالة التعبير كالدلالة المعنوية اللغوية ،

ومن هنا كانت ” الموسيقى ” مكون من مكونات الإيقاع الذى يمكن تقسيمه إلى أكثر من بنية ( بنية الوزن العروضي – بنية الأداء الشفوي – بنية الموازنات الصوتية ، فيما يسمى بالصوائت والصوامت ) ([5]) .

وذلك لأن هذا المصطلح وهو ” الإيقاع ” تعرض لاستعمالات مختلفة جعلت معناه يلتبس في أحيان كثيرة ([6]) ، ولعل الميل إلى البعد الصوتي الموسيقى لمفهوم الإيقاع أقرب إلى الدلالة الحقيقية للمصطلح ، خصوصا أن الإيقاع في الأصل هو من ميراث الموسيقا ([7]) .

ومن ثم نرى الجرجاني – رحمه الله – يؤكد في كتابيه ” الدلائل والأسرار ” على أهمية تآلف المعاني ، فيقول – رحمه الله – : ” واعلم أن مما هو أصل في أن يدق النظر، ويغمض المسلك في توخي المعاني التي عرفت أن تتحد أجزاء الكلام، ويدخل بعضها في بعض، ويشتد ارتباط ثان منها بأول، وأن يحتاج في الجملة إلى أن تضعها في النفس وضعاً واحداً، وأن يكون حالك فيها حال الباني، يضع بيمينه هاهنا في حال ما يضع بيساره هناك. نعم وفي حال ما يبصر مكان ثالث ورابع يضعهما بعد الأولين ” ([8]) .

ويسوق الجرجاني – رحمه الله – شـواهد تبين التآلف في المعاني الذى يأتي تبعا لإيقاع الألفاظ الذى يعد وسيلة هامة من وسائل التعبير ، منها قول البحتري ([9]) :

إذا ما نهى الناهي فلج بي الهوى أصاخت إلى الواشي فلج بها الهجر .

وقوله :

إذا احتربت يوما ففاضت دماؤها تذكرت القربى ففاضت دموعها ([10])

والشعور بالموسيقى في القصيدة يجعلنا نتحسس الأجواء الشعرية ، وربطها بالحالة النفسية للشاعر أثناء صياغته لها، فتتشكل علاقة بين المتلقي والقصيدة ” علاقة إحساس وتذوق ، وشعور بعالم القصيدة وما يكتنفه من مؤثرات فنية وفكرية ومادية وروحية ” ([11]) .

والموسيقى صفة مشتركة بين الفنون جميعا تبدو واضحة في الشعر والنثر الفني ، فهي إذن بمثابة القاعدة التي يقوم عليها أي عمل من أعمال الفن ، وإن كان الفن تعبيرا إيحائيا عن معانى تفوق المعنى الظاهر ، فالموسيقى وسيلة هامة من وسائل هذا التعبير ؛ لأنها لغة التواتر والانفعال ([12]) .

فالموسيقى : خصيصة ذاتية محسوسة في بناء اللفظة من خلال تباين أجراس حروفها التي بنيت عليها ، وتشكل هذه الحروف في ائتلافها وتنافرها نغم الألفاظ وقيمتها الحسية مفردة كانت أو منظومة في سياق التعبير الأدبي ، ومن ثم تعلو قيمة الأسلوب الشعرى بمقدار ما فيه من النغم ، وما يحمل من موسيقا وإيقاع ، والعكس بالعكس .

والإيقاع وموسيقا الكلمة والجملة مصطلحات مشهورة جدا بين الأدباء والبلاغيين على وجه الخصوص ، حيث عنى علماء البلاغة فيما عنوا بدراسة الألوان البلاغية التي تنشأ عن القافية ، حينما يضاعف الشاعر من موسيقا البيت الداخلية ، فيأتي بالألفاظ المسجوعة ، أو يوازن بين مصراعي البيت وجزأيه ، أو يكرر اللفظ، أو يوضح المعنى بما يزيده جمالا ويفي بالقافية .

إذن فالموسيقى والنغم الناتجان من جرس الألفاظ والعبارات وانسجام توالى المقاطع وتردد بعضها والصور والظلال التي يعيشها اللفظ وغير ذلك فيما يعرف بموسيقا الشعر لازمة لسمو القصيدة وارتفاع منزلتها الموسيقية ، ومن هنا تبدو الموسيقى من أهم مزايا الفن الشعرى ، وأكبر وجوه التمايز بينها وبين فنون الكتابة الأخرى التي تقع تحت سقف الإبداع .

ثانياً : مظاهر الموسيقى الخارجية للقصيدة

مما لا ريب فيه أن الموسيقى الشعرية تخضع لنظام خاص من الانسجام وتوالى المقاطع ، مما يساعد على الحفظ والتذكر ، بل والتغنى أيضا ، وعلى ذلك تكون النفس أشد استجابة للأشياء المتسقة التي تقوم على نظام رتيب وإيقاع موزع، في تناسب وتناغم ؛ لأن الموسيقا من أقوى الظواهر التي تستجيب إليها النفس من غير وعى ولا شعور .

وتؤلف الموسيقا عنصريها من عناصر الشعر بما تتوسل به من وزن وتقفية ، وغيرهما ، من مصادر البناء الشعري ، والشاعر يستخدم الموسيقا ليناسب بينها وبين المواقف المصورة ، ويلائم بينها وبين وحالاته الفنية الخاصة ، وبين القافية وألفاظ البيت ودلالاتها .

والإيقاع الخارجي للقصيدة يتكون من تضافر نوعين تنشأ عنهما وحدة النغم الذى هو أساس جمال الموسيقا ، وهما ( الوزن والقافية ) .

أما الوزن :

فهو من أقوى عناصر الشعر ، لأن غاية الشعر التعبير عن تجربة انفعالية، والوزن هو الوسيلة الطبيعية للتعبير عن هذا الانفعال ، ومن ثم كان الوزن يخاطب فكر الإنسان وشعوره ووجدانه بطريقة مباشرة ، لذا كان ” أعظم أركان الشعر وأولاها خصوصية ” ([13])

وقد اهتم النقاد قديما وحديثا بالوزن وأثره الذى يضفيه على الشعر ، وتأثيره الذى يحدثه في المتلقي ، وحاولوا أن يربطوا بين كل بحر ونوع معين من موضوعات الشعر تتلاءم معه ، وحاول بعضهم إيجاد صلة بين المعاني والأوزان الشعرية ، فها هو ذا القرطاجني يشير إلى علاقة الأوزان الشعرية بالحالة النفسية المتعلقة بالموضوع فيقول :

” ولما كانت أغراض الشعر شتى وكان منها ما يقصد به الجد والرصانة وما يقصد به الهزل والرشاقة ، ومنها ما يقصد به البهاء والتفخيم وما يقصد به الصغار والتحقير ، وجب أن تحاكى تلك المقاصد بما يناسبها من الأوزان ويخيلها للنفوس. فإذا قصد الشاعر الفخر حاكى غرضه بالأوزان الفخمة الباهية الرصينة، وإذا قصد في موضع قصدا هزليا, أو استخفافا, وقصد تحقير شيء أو العبث به حاكى ذلك بما يناسـبه من الأوزان الطائشـة القليلة البهاء ، وكذلك في كل مقصد ” ([14]) .

كما حاول بعض النقاد إيجاد صلة بين الوزن والمعنى حيث ذكر الدكتور/ شكري عياد: ” إن دراسة الإيقاع في الشعر بمعزل عن المعنى محاولة مشكوك في قيمتها ، فالمعنى بلا شك هو العامل المهيمن في اختيار الشاعر للمؤثرات الإيقاعية التي يحدثها ، والإيقاع هو إيقاع للنشاط النفسي الذى من خلاله ندرك لا صوت للكلمة فقط، بل ما فيها من معنى وشعور” ([15]).

وليس الوزن وحده كافيا لإقامة الشعر، وإنما يساعد الشاعر على معرفة الطريق أمامه وهو يختار الألفاظ، ويؤلف بينها، ويعدل عنها، ويقدم فيها ويؤخر ، ويوسع لها أو يضيق ، بما يوحى من تجربته، ويكشف عن رؤيته الحالمة، ويجلو مشاعره التي يعرضها في شعره .

فالوزن أو الإيقاع أو العروض يساعد الشاعر في بناء مضمونه ، وانسياب مشاعره ، ومن هنا أباحوا له – قياسـا على ما شاهدوه من أعمال الأسبقين – أن يتصرف في شعره بقدر : بالحذف ، والإضافة ، والتحريك والتسكين وغيرها من التصرفات التي سموها : زحافا وعلة وضرورة ، وذلك حتى يواتيه بناؤه ، ويوفق بين حركة نفسه ولغته ولا يتوقف إنسيابه ، ولا يحجز عن طلقه .

هذا ، وللوزن أهميته الكبيرة في عمـلية التشكيل الموسـيقى في الشعر ، إذ ” يقوم الوزن بتنظيم الزمن الموسيقى على المستوى الصغير ، بينما يعمل الصوت على تنظيم هذا الزمن على المستوى الكبير ” ([16]) عن طريق خصائص الإنشاد الصوتية التي تسير وفق ترتيب خاص ومعطيات بعينها من التركيز على مقاطع معينة ، ورفع الصوت في آونة ما ، وخفضه في أخرى ، والصمت بعض الوقت أو الاندفاع في النطق بألفاظ النص ، وتراكيبه في لحظة ما ، كل ذلك ونحوه له أهمية قصوى في الإيقاع الشعرى من ناحية ، ومن ناحية أخرى المواءمة بين ذلك الإيقاع وبين مضامين النص مع الحرص الشديد على إبراز مراد الناظم كما حرص وأراد .

ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام أن الاختلاف الصوتي ينوع الموسيقا ، وينوع معانى الإيحاء الموسيقى في الوزن الواحد ، ونضرب مثلا للإيحاء بجرس الأصوات قول أبى العلاء المعرى في مطلع قصيدة يخاطب صاحبيه ([17]) :

عللاني فإن بيض الأماني فنيت ، والظلام ليس بفاني

فالمد في الكلمة الأولى من الشطر الأول ” عللاني ” يناسب شكواه إلى صاحبيه من نضوب آماله ، على حين خلت الكلمة الأولى من الشطر الثاني من المد ” فنيت ” لتحاكى معنى انقضاء الآمال، فإنها تقع سريعة في النطق لتدل على الفناء السريع لـ ” بيض الأماني ” والكلمتان الأخيرتان يمتد فيهما الصوت ليحدث تضاد في النطق بينها وبين ” فنيت ” ففي الشطر الثاني يدل انقطاع الصوت السريع في الكلمة الأولى على الدلالة السابقة ، ليعقبها المد في كلمتي ” الظلام ، وبفاني ” ليوحي الصوت إيحاء قويا بأن هذا الظلام ممتد لا نهاية له ([18]).

والأمر في هذا التنويع الموسيقي – كما نرى – لا يقتصر على الحروف وما لها من إيحاء في جرس أصواتها … وإنما يتعداها إلى الكلمات نفسها ، بل إلى الجمل والتراكيب في كل بيت من أبيات القصيدة .

وأما القافية :

فهي : ” من لوازم الشعر العربي ، وجزء من موسيقاه ، بها تتم وحدة القصيدة وتتحقق الملاءمة بين أواخر أبياتها ” ([19]) .

وللقافية في الشعر دورها المحوري في عملية تقسيم النظم الشعري إلى أبيات ، إذ تحدد نهاية البيت ، ولذلك فهي عامل أساس في تقسيم القصيدة إلى أبيات ([20]) وتحقق ملاءمة ظاهرة بين أواخر الأبيات مع كونها جزءا مهما من إيقاعه وموسيقاه ، فهي ” تاج الإيقاع الشعرى ، وهى لا تقف من هذا الإيقاع موقف الحلية ، بل هي جزء لا ينفصم منه ، إذ تمثل قضاياها جزءا من بنية الوزن الكامل ، تفسر من خلاله وتفسره ، فهما وجهان لعملة واحدة ” ([21]) .

وتبعا لذلك كله ، فالقافية في الشعر العربي ” بمثابة الفواصل الموسيقية يتوقع السامع ترددها ، ويستمتع بمثل هذا التردد الذى يطرق الآذان في فترات زمنية منتظمة ، وبعد عدد معين من مقاطع ذات نظام خاص يسمى بالوزن ” ([22]) ، وهى السبب المباشر في هذا التكرار والتوازن الذى يحسه الإنسان في النص ، وبسبب وجودها جعلت القافية أشرف ما في البيت … فالقوافي حوافز الشعر ، فهي مركزه ونقطة تماسكه ، وعليها جريانه واطراده ، أي مواقفه، فإن صحت استقامت جريته، وحسنت مواقفه ونهاياته، ولما كانت تحصينا للبيت، وتحسينا له من الظاهر ، والباطن ، كانت أجل وأغلى ما في القصيدة … وبحكم أن القافية جزء لا يتجزأ من المعنى ، فإنه ينبغي أن تكون متممة له, فتأتى كالموعود المنتظر ، يتشوقها المعنى بحقه ، واللفظ بقسطه ، وإلا كانت قلقة في مقرها ، مجتلبة لمستغن عنها ([23]) .

ومن هنا يجب أن تأتى القافية طبيعة غير متكلفة ، وغير قلقة يتطلبها البيت ولا تتطلبه هي ، وخير الشعر ما أسلم كل بيت فيه معناه إلى الذى يليه ، واحتاج إليه في تكملة الدور الذى يؤديه عن الشاعر ، ومن ثم يُتساهل في ” التضمين العروضي ” ولا يُعد عيبا كبيرا ، وهو ربط بيت ببيت آخر يقتضيه الإعراب مثل قول ابن هرمة :

وإني وتركي ندى الأكرمين . وقدحي بكفي زنادا شحاحا .
كتاركة بيضها في العراء . وملبسة بيض أخرى جناحا([24]) .

و لا نكاد نحس بمثل هذا القلق الذى أحسـه النقاد الأقدمـون ، وهم يتذوقون أمثال هذين البيتين ، فإذا كانوا هم في زمانهم ينشدون الكمال والطباع مواتية ، ففي زماننا ننشد الجمال والطباع جاسية , وقد أشار نقاد العرب قديما إلى ما للذوق من أثر في العملية النقدية ([25]) .

ثالثاً : مظاهر الموسيقى الداخلية للقصيدة

ويقصد بالإيقاع الداخلي ، موسيقا الألفاظ التي تتمثل في طبيعة توالي الحروف ومخارجها ، كما تتمثل في جرس الألفاظ ونغم العبارات ، وموسيقي السياق، فنحس التناسق والتآلف بين حروف الكلمة الواحدة ، وبين الألفاظ في الجمل والعبارات ، وارتباط الجرس الموسيقي في الكلمة بمعناها ومقامها .

ويؤيد هذا ما ذكره أحد الباحثين بقوله : ” فإنني أرتضي أن تكون موسيقي الألفاظ نابعة من تآلف أصوات الحروف في اللفظة الواحدة ، والحروف أصوات متفاوتة الجرس يقرع بعضها بعضا ، حين تجتمع في اللفظ ، وينتج عن تناغم قرعها سلم موسيقي جميل … ونابعة من تآلف مجموعات الموسيقا اللفظية حين ينتظمها التركيب في الفقرات والجمل ، فالألفاظ المفردة ، تقرع الألفاظ المفردة المجاورة لها سابقا ولاحقا ، وينجم عن تناسق تقارعها سلالم موسيقية جميلة ، علي أن هذا التناغم الصوتي بين الألفاظ المفردة والمركبة ، لا تتم جماليته الموسيقية إلا بتمام التناسق بين صوت اللفظ ودلالة محتواه ” ([26]) .

فالإيقاع الداخلي يعتمد علي اختيار الكلمات وترتيبها والمواءمة بين الكلمات والمعاني التي تدل عليها ([27])

ومن ثم ، تنقسم موسيقا الإيقاع الداخلي إلي ظاهرة وخفية ، فالظاهرة تكون في كل محاولة للتأنق في التعبير ، فهي تنبع من سيطرة حرف أو حرفين أو ترديد لفظة أو عبارة أو تركيب معين ، أو ترصيع ، أو جناس أو سجع ؛ لأنها تهب الكلام قوة نغمية لها رنين خاص تعطي النص الشهرة والذيوع .

والخفية رهن بنجاح الشاعر في تحقيق جميع عناصر العمل الشعري ، متواءمة مع موضوع الشعر ، وملاءمة لأفكار الشاعر علي الوجه الأكمل ، يحكمها اتساق بين الأفكار والصور والألفاظ والتعبيرات ، في إطار الهدف الواحد الذي يرمي إليه النص ([28]) .

ويرتبط الإيقاع الداخلي بنفس الشاعر إلي حد كبير ، حتي ينقل سامعيه وقارئيه من اللغة العادية إلي لغة موسيقية ترفعهم من عالمهم الحسي ، إلي عالمه الشعري ، ويحاول الشاعر أن تكون موسيقا ألفاظه حين يطرق المعني العنيف غيرها في المعاني الهادئة .

والانسجام الموسيقي عند الشاعر ينشأ من ملائمة الموسيقا للتجربة الشعورية عنده ، ومن ثم من الإحساس والقدرة علي خلق الإيقاع عن طريق الألفاظ والحروف والمقاطع وإحداث التناغم الموسيقي ، وكذلك المناسبة التي يقول فيها الشعر .

ويدخل في هذا الجانب كل ما سجله البلاغيون من ألوان البديع الصوتية ، مثل : الجناس ، أو الطباق ، أو المقابلة ، أو تقسيم البيت ، بحيث نشعر بهذا الانسجام والإيقاع بين معاني الألفاظ وجرسها ([29]) .

وللمحسنات البديعية – عموما – شخصيتها القوية ودلالاتها الغزيرة ، وإيحاءاتها المكثفة في عموم النص الأدبي العربي علي تباين وتفاوت أنواعه ، ومع تنوع روافده ومشاربه وتوجهاته ، وفي الشعر العربي – خاصة – تكتسب هذه المحسنات البديعية أدوارا إضافية فوق ذلك ، وهي أدوار غاية في الأهمية والخطورة ، دلاليا وإيحائيا ، حيث تعمل – مع كل ما لها من أدوار مختلفة – علي إضفاء نوع بارز ، وظاهر من النغم ، والموسيقا في الشعر تنبع من طبيعة المحسن البديعي ونوعه ، وهذا النغم وتلك الموسيقا تتنوع وتتشعب مع كل محسن بديعي محدد ، تبعا لمؤثرات متعددة ، كطبيعة هذا المحسن ، ونوع الوزن ، وتنوع الموضوعات ، وتفاوت المعاني ، والمضامين ، وسواها ([30]) .

وهذا النوع من الموسيقا – وهو الإيقاع الداخلي – له أهميته ودوره في الشعر ، كما أنه يحتاج في إدراكه ، والوقوف عليه ، وإبرازه ، لرقة في الطبع ، ورهافة في الحس ، مع أذن موسيقية، وعقل متوقد، ووعي كاف بالقواعد والأسس النظمية لعلمي العروض والقافية ، وعلوم البلاغة ، يبلغ معها الدارس درجة قصوي من التذوق الفني ، والإحساس الموسيقي العال ، ليضع يديه علي نقاط مهمة ، وخفية ، تحقق انسجاما نغميا ووقعا موسيقيا له دوره وخطره في البناء الإيقاعي للشعر العربي .

رابعا : قيمة التشكيل الموسيقي في الشعر

ليس من شك في أن غياب الدراسات النقدية التي تعتمد التحليل العروضي للشعر العربي ، لإبراز مكنوزه الإيقاعي ، كان بسبب عدم وجود دراسات مفصلة حول إيقاع الشعر العربي نفسه ، وقد أشار عدد من الباحثين إلي عدم اهتمام النقاد المحدثين ، بل وعلماء العروض القدامى ، بمثل هذا النوع من الدراسة ، يقول الدكتور / إبراهيم أنيس : ” أما هذا الإيقاع فلم يدرس حتي الآن دراسة كافية ، ولم يشر إليه أهل العروض ” ([31]) .

ونجد الدكتور / سيد البحراوي في دراسته لموسيقا الشعر عند جمـاعة أبوللو يقرر : ” أن هذا العنصر لم يحظ بالاهتمام الكافي عبر تاريخ الشعر العربي كله ، منذ العصر الجاهلي حتي النصف الثاني من القرن العشرين ” ([32]) .

ولعل هذا ما يفسر لنا اهتمام بعض نقاد الشعر الحديث بالموسيقا الداخلية للقصيدة أكثر من اهتمامهم بمفهوم الصورة الموسيقية العامة التي تشمل موسيقا الأوزان ، كما يفسر لنا تركيزهم داخل إطار الموسيقا الداخلية علي الجانب التعبيري للألفاظ وجرس الأصوات ، أكثر من اهتمامهم بالعلاقات التركيبية داخل إطار الوحدات الإيقاعية العروضية ( أعني التفاعيل وما يكتنفها من تشكيلات بفعل الزحاف والعلة ) .

وهكذا نستطيع أن نقول: إن الإيقاع الشعري في القصيدة العربية له قيمته وأهميته، وأن البناء العروضي الذي قدمه الخليل بن أحمد منذ القرن الثاني الهجري له أثر في أهمية الإيقاع الشعري قديما وحديثا، لما لهذا الإيقاع من صلة وثيقة بعناصره اللغوية والموسيقية.

ولعل أبلغ دليل علي ذلك , أن القصيدة العربية الحديثة لم تستطع أن تنفلت عن البنية العروضية بصفة مطلقة ، وأما من استطاع الانفلات عن العروض من أمثال الشعر النثري ، فلم يكتب له الذيوع ، بل لقد مات بعضه في مهده .

ولذلك تجدنا نمضي مع أحد الباحثين في رؤيته لما ينبغي أن تكون عليه البنية الإيقاعية في الشعر ، وذلك في قوله : ” لابد من الإشارة إلي الربط بين الظواهر الصرفية والبلاغية ، وبين تفعيلات العروض وقوافيه ، وإلي أهمية الربط بين التوزيع الصوتي للنص وعروضه وقوافيه من ناحية ، وبين التشكيل الشعري من ناحية ثانية ” ([33]) .

المبحث الثاني

جماليات التشكيل الموسيقي في البناء الشعري عند الجرجاني

ويشمل :

أولا : التشكيل الموسيقي للسجع في البناء الشعري عند الجرجاني

ثانيا : التشكيل الموسيقي للجناس في البناء الشعري عند الجرجاني

أولا : التشكيل الموسيقي للسجع في البناء الشعري عند الجرجاني

يعد السجع من مميزات البلاغة الفطرية ، فهو يجري علي ألسنة البشر في أكثر اللغات ، بصورة فطرية ومطرده ، في أمثالهم وحكمهم وخطبهم ، لما فيه من موسيقا رائعة لا ينكر دورها في التأثير علي العقول والقلوب ؛ بل هو علامة من علامات رقة الأسلوب ونصاعته ورونقه وجذالته ، وكلما كانت الألفاظ المسجوعة ذات رقة ورنين ، ومعني كريم ، وأناقة وحسن ترنيم ، فإن النفس الإنسانية تشتاق إلي سماعها ، والأذن ترتاح إلي إيقاعها .

ولأهمية الموسيقا والإيقاع في كلام العرب شاع السجع في نثرهم لقدرته علي تحقيق ما يحققه الوزن والقافية في الشعر ، حيث رأوا فيه وسيلة جيدة لحفظ كلامهم من الضياع والنسيان ؛ إذ تبين موسيقاه علي سرعة الحفظ بما تحققه للكلام من قدرة علي استمالة المتلقي وحمله علي الإصغاء والتدبر ([34]) .

ولعل مرد عناية العرب من الأدباء والنقاد بالسجع , أن الإبداع العربي في فن القول شعرا ونثراً يقوم علي المشافهة التي تقتضي من المبدع الفطنة في استمالة السامع للتأثير فيه ، ولهذا فإن كل ما يتعلق بالجانب الصوتي والإيقاع الموسيقي في البلاغة العربية ، كان يحظي باهتمام بالغ من العلماء والنقاد ، ولا يهمنا في هذه الدراسة أن نتتبع نشأة السجع أو خلاف العلماء فيه ، لكن حسبنا أن نشير إلي مفهومه وقيمته وسر جماله الإيقاعي ، وجرسه الموسيقي عند الإمام عبد القاهر الجرجاني – رحمه الله – الذي لم يجعل للسجع بابا مستقلا ، وإنما يأتي ذكره تبعا لرأيه في التجنيس ؛ لأن الشيخ – رحمه الله – نظر إليهما من زاوية واحدة ، حيث يتفقان في وجه الحسن ، كما يتفقان في علته ، فأنت ” لا تجد تجنيسا مقبولا ولا سجعا حسنا ، حتي يكون المعني هو الذي طلبه واستدعاه وساق نحوه ” ([35]) .

فالسجع في أصله مأخوذ من سجع الحمام، ومعناه : موالاة صوتها علي طريق واحد ، وتقول العرب : سجعت الحمامة، إذا دعت وطربت في صوتها، ويقال: سجعت الناقة سجعا ، مدت حنينها إلي جهة واحدة ([36]) .

وفي الاصطلاح : هو تواطؤ الفاصلتين من النثر علي حرف واحد وهو ثلاثة أقسام :

  1. السجع المطرف : وهو الذي تختلف فاصلتاه في الوزن وتتفان في التقفية ، وسمي مطرفا لبلوغه طرف الحسن ونهايته بالنسبة إلي غيره ([37]) كقوله تعالي : { مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} ([38]).
  2. الترصيع : وهو ما اتفقت فيه ألفاظ القرينتين أو أكثرها في الوزن والتقفية ، وسمي مرصعا تشبيها له بجعل إحدي اللؤلؤتين في العقد مقابلة الأخري ([39]) ومن شواهده ، قوله – – في الأنصار : ” إنكم لتكثرون عند الفزع ، وتقلون عند الطمع ” ([40]) ، ومنه قول الخنساء في رثاء أخيها صخر ([41]) :
المجد حلته والجود علته والصدق حوزته إن قرنه هابا
خطاب محفلة فراج مظلمة إن هاب معضلة ثني لها باباِ
حمال ألوية قطاع أودية شهاد أنجية للوتر طلابا

ففي هذه الأبيات تساوي الفقرتين في كل بيت من حيث الوزن والتقفية ، مما أحدث في داخل النص هذا الإيقاع الموسيقي الخلاب الذي يملأ الأسماع ويستميل القلوب .

  1. السجع المتوازي : وهو ما توازت فيه الفاصلتان وزنا وتقفية ، دون غيرها من ألفاظ الفقرتين ([42]) ، ومنه قوله تعالي : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَي رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } ([43]) .

ولا يخفي أن بلاغة السجع وقيمته الفنية نابعة من هذه الموسيقا والإيقاع المتكرر الذي يحدثه التوافق والتآلف بين الألفاظ المسجوعة، ومن خلال هذا الترابط اللفظي والجرس الصوتي تكمن بلاغة السجع وتظهر مزيته علي غيره من ألوان البديع، وهذا ما صرح به الإمام عبد القاهر الجرجاني –رحمه الله– في حديثه عن مزية التجنيس والسجع بقوله : ” وعلي الجملة فإنك لا تجد تجنيسا مقبولا ولا سجعا حسنا حتي يكون المعني هو الذي طلبه واسـتدعاه، وساق نحوه ، وأحقه بالحسن وأولاه ما وقع من غير قصد المتكلم إلي اجتلابه وتأهب لطلبه “([44]).

فالشيخ هنا يشرع للقول بأن السجع فاعل يؤثر في زيادة الحسن في المعاني ، بما أن المعني هو الذي يستدعيه ، وحين يتحقق هذا الشرط في السجع تهش له الآذان ، وتلذ به الأسماع ، وتصغي له القلوب لحسن لفظه وحلاوة جرسه وجميل إيقاعه .

وبناء علي فائدة السجع في أداء المعني استحسن الإمام عبد القاهر – رحمه الله – كثيرا من أمثلة السجع ، منها قول النبي – – : ” أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ” ([45]) والذي ينظر في هذا الحديث النبوي الشريف الذي استشهد به الإمام عبد القاهر علي حسن السجع يجد أن السجع هنا له فائدة في أداء المعني المراد ؛ إذ المراد حث الناس علي فضائل الأعمال التي تكون سببا في دخولهم الجنة ، وقد بدأها – – بـ ” أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام ” وهذه الأمور محببة إلي النفس بفطرتها؛ إذ الإنسان بفطرته يحب فعل هذه الأشياء، فإذا أمره بما يتوافق مع فطرته هيأه بعد ذلك للأمر بما يثقل علي بعض النفوس، وهو صلاة الليل، وصلاة الليل معروف أنها تكون وقت منام الناس، ومع ذلك لم يكتف – – بذلك ، وإنما جاء بالقـيد ” والناس نيـام ” وهذا القيد إلي جانب أنه تحقق به السجع لتوافقه مع أواخر الجمل السابقة ، إلي جانب ذلك فإن فيه إظهارا لفضيلة ذلك القائم ، وأنه لم ينم كعامة الناس ، وإنما خالفهم وتوجه إلي الله في هذا الوقت الذي يريح الناس فيه أجسادهم ، ولكن ذلك القائم وجد راحته في شيء آخر، وهو التوجه إلي ربه ومناجاته والتقرب إليه في هدوء الليل وسكونه .. وكذا جاءت الجملة الأخيرة ” تدخلوا الجنة ” مقيدة بأنها ” بسلام ” وبذلك تحقق السجع بين جميع فقرات الحديث الشريف، ومعلوم أن دخول الجنة لابد وأن يكون بسلام، ولكن هذا القيد يزيد في تشوق النفس إلي الجنة، وينفي أن يكون دخول الجنة فيه ما يعكر صفوه أو يكدره, وإنما هو دخول بسلام لا يشوبه خوف … وإلي جانب ذلك يتم الإيقاع والتناغم بين بدء الحديث ونهايته، إذ بدأ الحديث بالأمر بإفشاء السلام، وانتهي بدخول الجنة بسلام .

فالناظر إلي السجع في هذا الحديث لا يجد فيه تكلفا , بل هو سجع طبعي ؛ لأن المعني هو الذي طلبه ، وهذا يؤكد ما ذكره الإمام عبد القاهر – رحمه الله – من أنك ” لن تجد أيمنَ طائراً، وأحسنَ أوّلاً وآخراً، وأهدي إلي الإحسان، وأجلبَ للاستحسان، من أن تُرسل المعاني علي سجيّتها، وتَدَعها تطلب لأنفسها الألفاظَ، فإنها إذا تُركت وما تريد لم تكتسِ إلا ما يليق بها، ولم تَلْبَسْ من المعارض إلا ما يَزِينها ” ([46]) .

ولهذا ينبغي أن تكون السجعة غير قلقة ، ولا نافرة في موضعها ، فلا تساق لأجل أن تؤثر عن طريقها وحدها علي النفوس ، ويوحي من وراء التعبير بها عن المعني المراد ، وأن تكون ألفاظها رقيقة عذبة ، لا ركيكة ولا متكلفة ، بعيدة عن الغثاثة والبرودة ، وأن يكون اللفظ فيها تابعا للمعني ، وليس المعني تابعا للفظ ، كما يجب أن تكون كل فقرة من فقرات السجع دالة علي معني غير معني الفقرة الأخرى ، وإلا كان تكرارا وترادفا للمعني ، وتطويلا يبعد السجع عن مواطن البلاغة والجمال الموسيقي ، وعن الهدف الذي أريد منه .

ثانيا : التشكيل الموسيقي للجناس في البناء الشعري عند الجرجاني

غير خاف أن الجناس كغيره من ألوان البديع كان معروفا لدي الشعراء المتقدمين، ثم لما كثر استعماله عند الشعراء المولدين من أمثال أبي نواس ومسلم بن الوليد وغيرهما ، وذاع بينهما واشتهرا به ، الأمر الذي جعل ابن المعتز يؤلف كتابه ( البديع ) … ، وليس الهدف من هـنا أن نتتبـع هذا الفن في التراث البلاغي ، فذلك أمر قد تولته دراسات متعددة لكثير من الباحثين ، وليس هو موضع عناية هذه الدراسة ، وإنما سنقتصر علي تعريف الجناس وقيمته وسر جماله الإيقاعي ، وجرسه الموسيقي عند الإمام عبد القاهر – رحمه الله – .[47]

فهو في اللغة : مصدر جانس الشيء بالشيء ، أي شاكله واتحد معه في الجنس ، يقول صاحب لسان العرب: ” والجنس أعم من النوع, ومنه المجانسة والتجنيس, ويقال: هذا يجانس هذا أي يشاكله, وفلان يجانس البهائم ولا يجانس الناس, إذا لم يكن له تمييز ولا عقل ” ([48]) .

وفي الاصطلاح : هو أن يتشابه اللفظان في النطق ويختلفان في المعني ، علي أن التشابه قد يكون تاما في كل الحروف ، وقد يكون في بعضها دون البعض .

والجناس هو لون من ألوان الجمال اللفظي ، له أثر موسيقي قوي علي السامع ، ينبع من تكرار الحروف وترديدها، وتقابل الألفاظ المتشابهة، وهو ينشط الذهن, ويطرح السآمة، ويسهم إسهاما كبيرا في إيضاح المعاني ، وزيادة الإفادة ، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان عفو الخاطر , وسمح به الطبع من غير أن تبدو عليه لون الصنعة والتكلف ، وإلا شوه العبارة وأدي إلي التعقيد .

وقد تكلم البلاغيون والنقاد عن الجناس وبلاغته، فقال فيه الإمام عبد القاهر الجرجاني – رحمه الله – : ” كأنه يخدعُك عن الفائدة وقد أعطاها ، ويوهمك كأنه لم يَزِدْك وقد أحسن الزيادة ووفَّاها ” ([49]) .

وهذا يعني أن الجناس يحمل عنصر المفاجأة، وخداع الأفكار ؛ لأنه يوهم السامع أن اللفظ قد تكرر ولا فائدة سيجنيها من ذلك، ولكن سرعان ما يدرك ببديهته وفكره ، أنه خدع وأن اللفظ الآخر يحمل معني آخر غير المعني المتوقع ، فيكون له أثر حسن في النفس ، ووقع جميل في القلب .

هذا، وقد اختلفت نظرة البلاغيين والنقاد علي مر العصور إلي الجناس، وبيان قيمته الفنية، فمنهم من أبدي إعجابه به واعتبره غرة شادنة في وجه الكلام ([50])، ومنهم من عده ” من أنواع الفراغ، وقلة الفائدة… ولم يحتج إليه بكثرة إلا من قصرت همته عن اختراع المعاني” ([51])، ولا يخفي أن قيمة الجناس الفنية تتحقق من خلال هذا التماثل والتشابه اللفظي بصوره المختلفة، الذي يخلق نوعا من الجرس والتلاؤم الموسيقي ، ووراء ذلك علاقة معنوية أرادها المتكلم ، لا يمكن إغفال ما لها من التأثير في نفس المتلقي ، وهذا ما أشار إليه الإمام عبد القاهر الجرجاني في سياق إشادته بفنون البديع بقوله : ” وعلي الجملة فإنك لا تجد تجنيساً مقبولاً، ولا سَجَعاً حَسَنَاً، حتي يكون المعني هو الذي طلبه واستدعاه وسَاق نحوَه، وحتي تَجِده لا تبتغي به بدَلاً، ولا تجِد عنه حِوَلاً ، ومن ها هنا كان أَحْلَي تجنيس تسمَعُه وأعلاه، وأحقُّه بالحُسْن وأولاهُ، ما وقع من غير قصدٍ من المتكلم إلي اجتلابه، وتأهُّب لطلبه ” ([52]) .

ومع أن الإمام عبد القاهر الجرجاني – رحمه الله – قد أدرك علة القبول ، فهو لم ينف أن يكون التجنيس مبحثا قائما علي ظاهرة صوتية ، هي تجانس لفظين في الأصوات لكن استحسان تلك الظاهرة لا يكون ” إلا إذا كان موقع معنييهما من العقل موقعا حميدا ، ولم يكن مرمي الجامع بينهما مرمي بعيدا ” ([53]) ، وقد ظلت تلك قاعدة ثابتة لم يحد عنها في تقديره للتجنيس .

وإنما اختار الإمام عبد القاهر الجرجاني الجناس ؛ لأن الجناس من بين صنوف البديع هو الذي يظهر فيه ما أراده الإمام من إثبات الحسن للنظم ، وليس للفظ وحده ، أو المعني وحده ، فضلا عن أن التجانس في اللفظتين يعطي من النغم والموسيقا مما لا تجده في غيره من صنوف البديع ؛ ولذا فإن الأذن تطرب عند سماعه فتصغي له ، ويزداد إنصاتها لذلك، كما تهتز له أوتار القلب فتتجاوب في التعاطف مع النص، وهنا يظن السامع أن الحسن سببه هذا التناغم ، وتلك الموسيقا الناتجة عن الجناس، كما يمكن أن يكون السبب في اختياره للجناس من بين صنوف البديع أن الجناس مما أسرف الشعراء في استعماله؛ لظنهم أن الحسن يرجع إلي هذا وإن كان المعني لا يتطلبه ، فأراد الإمام أن يبين الخطأ في هذا الظن ، وأن الحسن والقبح لا يرجعان إلي ذات الجناس ، وإنما إلي موقع الجناس وأثره في أداء المعني ، وما ينتج عنه من جرس موسيقي ، ولذلك يقول أثناء حديثه عن الجناس : ” وقد تجد في كلام المتأخرين الآنَ كلاماً حَمَل صاحبَه فرطُ شَغَفِه بأمورٍ ترجع إلي ما له اسم في البديع، إلي أن ينسي أنَّه يتكلم ليُفهِم، ويقول ليُبين، ويُخيَّل إليه أنه إذا جَمَعَ بين أقسام البديع في بيت فلا ضير أن يقع ما عَنَاهُ في عمياء، وأنْ يُوقع السامعَ من طَلَبه في خَبْطِ عَشْوَاءِ، وربَّمَا طَمَسَ بكثرة ما يتكلَّفه علي المعني وأفسده، كمن ثقَّل العروسَ بأصناف الحَلْي حتي ينالها من ذلك مكرُوهٌ في نفسها ” ([54]) .

ولا تتوقف قيمة الجناس عند إشاعة الموسيقا ، وإحداث هذا النغم الشجي ، بل يتعداها إلي إحكام الكلام ، حيث فطن الإمام عبد القاهر – رحمه الله – إلي العلاقة بين التشابه والجناس ، وأن بينهما تفاعلا خلق جسرا ثابتا تحركت عليه العلاقة بين اللفظ والمعني في سياق توظيف الجناس ، وقد صار من حلي الشعر ، وأن ما يعطاه التجنيس من الفضيلة أمر لا يتم إلا بنصرة المعني ([55]) .

فالإمام هنا يجعل الجناس وجها من وجوه النظم التي تحسن إذا أفادت في أداء المعني شيئا لا يتأتي بدون الجناس … كما ربط بين حسن الكلمة وقبحها بناء علي موقعها في النظم فقال : ” فإنك تجد متي شئت الرجلين قد استعملا كلما بأعيانها ، ثم تري هذا قد فرع السماك ، وتري ذاك قد لصق بالحضيض ” ([56]) .

فهو – رحمه الله – يشير إلي أن الكلمة نفسها يأتي عليها الحسن في موضع والقبح في موضع آخر بناء علي موقعها في النظم ، ودورها في أداء المعني ، وكذا الجناس يأتي حسنه وقبحه من خلال موقعه في النظم وفائدته في أداء المعني …

وكما يتفاوت الشعراء في استخدامهم لألفاظ بعينها فيحسن بعضهم غاية الإحسان حتي يصل عنان السماء ، ويسيئ بعضهم غاية الإساءة حتي يلتصق بالتراب ، فكذا يتفاوت الشعراء في استخدامهم للجناس ، فيحسن بعضهم غاية الإحسان ، ويسيئ بعضهم غاية الإساءة .

وهكذا يبدو الجناس أداة فنية ترتكز علي قاعدة إيقاعية ، وتمتد بحسن توظيفها إلي آفاق تعبيرية كثيرة ، ويظهر هذا جليا في بيت أبي تمام ([57]) :

هنّ الحَمامُ فإنْ كَسْرتَ عيافةً منْ حائهِـنّ فإنهنّ حمـامُ

فإن الجناس بين ( الحَمام والحِمام ) يولد إيقاعا موسيقيا نتج عن اتحاد اللفظتين مع اختلاف حركة حروفهما ، ثم إن هذه الموسيقا تظهر ما وراء ذلك من تفرقـة في المعني بين ( الحَمام ) الكائن اللطيف الرامز للسلام والحب والعاطفة الرقيقة ، وبين ( الحِمام ) الذي هو الموت ، وقد نبه الإمام عبد القاهر – رحمه الله – إلي ذلك في قوله : ” ورأيت الآخر قد أعاد عليك اللفظة كأنه يخدعك عن الفائدة ، وقد أعطاها ، ويوهمك كأنه لم يزدك وقد أحسن الزيادة ووفاها ” ([58]) .

إذن بمثل هذا التوظيف الواعي بالطبيعة الفنية للجناس يتحقق لهذا اللون البديعي تأثيره المنشود علي المستوي الإيقاعي من خلال موسيقاه التي ترجع إلي الاتحاد والتوافق في النغم والإيقاع ، وما يصدر عن هذا من تنويع في الإيحاء ، وتلوين في المعني المراد ، وهذا يعين علي شد الانتباه ، وتأكيد المعني في الصورة ([59]) .

الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، والصلاة والسلام علي خاتم النبيين سيدنا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين … وبعد ,,,

فقد تم – بحمد الله وتوفيقه – هذا البحث الذي يتعلق بجماليات التشكيل الموسيقي في البناء الشعري عند الإمام عبد القاهر الجرجاني من خلال ظاهرتي التجنيس والسجع ، وبعد نهايته توصل البحث إلي نتائج كان أهمها ما يلي :

ظهرت وظيفة الإيقاع في أنه من أهم مزايا الفن الشعري وأكبر وجوه التمايز بينه وبين الكتابات الأخرى المنضوية تحت سقف الإبداع الأدبي .

حاول البحث في هذه الدراسة أن يثبت أهمية الإيقاع الموسيقي كأساس نقدي ضمن أسس النقد الأدبي القديم والحديث، وذلك من خلال توضيح مفهوم الصورة الموسيقية التي يدخل ضمنها هذا البناء الإيقاعي ، وبيان أهمية الوزن الشعري في هذه الصورة الموسيقية ، وأثره في تشكيل القيمة الدلالية للشعر .

حاول البحث أن يثبت أن المكون الوحيد في الإيقاع ، مكون موسيقي صوتي ، وهذا مبرر نعت البنية الإيقاعية بموسيقا الشعر حينا ، وبالمستوي الصوتي حينا آخر .

نبه الإمام عبد القاهر – رحمه الله – في أسرار البلاغة إلي ضرورة عدم إغفال الإيقاع النفسي في ذهن الشاعر عند التعرض لعنصر الجمال في الصورة الفنية، إذ أن فكرة النظم وحدها غير كافية للكشف عن هذا العنصر الجمالي ، ويري ذلك متمثلا في الجناس والسجع .

حديث الإمام عبد القاهر الجرجاني – رحمه الله – عن السجع لا يختلف عن حديثه عن الجناس ؛ إذ قد ربط بينهما في أكثر من موضع، وهذا ظاهر في كتابيه الدلائل والأسرار.

هذا وبالله التوفيق ، وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم .

الباحث

المصادر والمراجع

  1. أسرار البلاغة الجرجاني ، عبد القاهر ، تحقيق/ محمود محمد شاكر، ط : دار المدني ، جدة ، ط : أولي 1991م .
  2. ألوان البديع في ضوء الطبائع الفنية والخصائص الوظيفية ، فرغلي / محمد علي
  3. انباه الرواه للقفطي , تحقيق إبراهيم / محمد أبو الفضل, ط : أولي 1985 م .
  4. الإيقاع العروضي في الشعر العربي وقيمته ، رسالة دكتوراه للباحث : مخلوف / محمد أحمد محمد, سنة 1992م مخطوطة في كلية اللغة العربية بأسيوط ،.
  5. البنية الإيقاعية للقصيدة المعاصرة في الجزائر ، بترماسين ، د / عبد الرحمن ، ط : دار الفجر للنشر والتوزيع ، القاهرة 2003م .
  6. بنية التوازن الصوتي في شعر الأميري ، عاطف ، د/ مبارك ، مجلة الأدب الإسلامي ، العدد 60 سنة 1429هـ 2008م .
  7. التجديد الموسيقي في الشعر العربي ، عيد ، د / رجاء ، ط: منشأة المعارف، الإسكندرية .
  8. التفضيل الجمالي , دراسة في سيكلوجية التذوق الفني ، عبد الحميد ، د / شاكر ، سلسلة عالم المعرفة، رقم 267 ، إصدار المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت ، مارس 2001م .
  9. تمهيد في النقد الأدبي ، غريب ، روز ، ط : الأولي ، ط : دار المكشوف ، بيروت ، لبنان 1971م .
  10. التوجيه الأدبي ، حسين ، طه ، وآخرين ط : الرابعة 1940م .
  11. الجامع الصحيح = سنن الترمذي ، تحقيق : شاكر ، أحمد محمد وآخرون ، ط : دار إحياء التراث العربي ، بيروت .
  12. جنان الجناس في علم البديع ، الصفدي ، صلاح ، مطبعة الجوانح ، ط : اولي 1299هـ .
  13. حركية الإبداع ، سعيد : د / خالدة ، ط : دار العودة ، بيروت ، ط : الثانية 1982م .
  14. دلائل الإعجاز، الجرجاني ، عبد القاهر ط : دار المعرفة ، بيروت .
  15. الرؤية المعاصرة في النقد والأدب ، العشماوي ، محمد زكي ، ط : دار النهضة العربية للطباعة والنشر ، بيروت 1983م .
  16. الشعر العربي الحديث : بنياته وإبدالاتها ، بنيس : د / محمد ، ط : دار توبقال للنشر ، المغرب ، ط : الأولي 1989م .
  17. الشعر والفنون الجميلة ، العريض ، إبراهيم ، ط : دار المعارف ، بدون .
  18. طبقات الشعراء لابن سلام الجمحي , تحقيق / شاكر ، محمود محمد, طبعة 1974 م .
  19. ظاهرة الإيقاع في الخطاب الشعري ، أحمد ، د / محمد فتوح ، مجلة البيان ، العدد 288 ، مارس 1990م .
  20. علم البديع ، عتيق ، د / عبد العزيز ، ط : دار النهضة العربية للطبع .
  21. العمدة لابن رشيق ، تحقيق / عبد الحميد ، محمد محيي الدين ، ط : دار الجيل ، بيروت ، الخامسة 1401هـ 1981م .
  22. فضاء البيت الشعري ، داود ، د / عبد الجبار ، ط : دار الشئون الثقافية العامة ، بغداد 1996م .
  23. في النقد الأدبي ، ضيف ، د / شوقي ، ط : دار المعارف بالقاهرة ، ط : الثانية 1966م .
  24. القافية تاج الإيقاع الشعري ، كشك ، د / أحمد ، ط : مكتبة الفيصلية ، مكة المكرمة 1405هـ 1985م .
  25. موسيقا الشعر ، فاخوري ، د / محمود ، ط : مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية 1416هـ 1996م .
  26. موسيقا الشعر العربي ، أنيس ، إبراهيم ، ط : القاهرة ، الثانية 1952م .
  27. موسيقا الشعر العربي ، يوسف ، د / حسني عبد الجليل ، ط : الهيئة المصرية العامة للكتاب .
  28. موسيقا الشعر العربي : الجيار ، مدحت ، ط : دار المعارف ، ط : الثالثة 1995م .
  29. موسيقا الشعر العربي بين الثبات والتطور ، عبد الدايم ، د / صابر ، ط : دار الأرقم للطباعة والنشر 1991م .
  30. موسيقا الشعر عند شعراء أبوللو ، البحراوي ، د / سيد ، ط : دار المعارف ، مصر ، ط : الثانية 1986م .
  31. موسيقي الشعر العربي ، عياد ، د / شكري ، ط : دار المعرفة ، القاهرة ، ط : الثانية 1978م .

الهوامش:

  1. – يراجع : دلائل الإعجاز ، ص 19 ، ط : دار المعرفة ، بيروت .
  2. – ينظر : أسرار البلاغة ، عبد القاهر الجرجاني , ص 10 وما بعدها , تحقيق / محمود شاكر , ط دار المدني , جدة , ط : الأولي 1991م .
  3. – يراجع : البديع : ابن المعتز ، تحقيق / محمد عبد المنعم خفاجي ، ط : دار الجيل ، بيروت ، ط : الأولي 1990م .
  4. يراجع مدخل إلى مفهوم الإيقاع الداخلي للشعر – نديم دانيال الوزَّة
  5. – يراجع بنية التوازن الصوتي في شعر الأميري ، د / مبارك عاطف ، مجلة الأدب الإسلامي ، ص 11 ، العدد 60 سنة 1429هـ 2008م .
  6. – يراجع : فضاء البيت الشعري ، د / عبد الجبار داود ، ص 157 ، ط : دار الشئون الثقافية العامة ، بغداد 1996م .
  7. – السابق ، ص 6 .
  8. – دلائل الإعجاز ، ص 93 ، ويراجع كتاب : البديع لابن المعتز ، تحقيق / محمد عبد المنعم خفاجي ، ط : أولي ، دار الجيل ، بيروت 1990م .
  9. – ديوان البحتري : 2 / 844 , تحقيق / حسن كامل الصيرفي , ط : دار المعارف ، ط : الثالثة ، بدون تاريخ .
  10. – ينظر : البديع بين المتقدمين والمتأخرين ، إبراهيم عبد الحميد السيد البلتي ، دار الطباعة المحمدية ، القاهرة ، ط : الأولي 1999م , والبيت في ديوان البحتري ج 2 ص 317 ط مطبعة هندية بمصر , الاولي 1329ه و 1911م .
  11. – البنية الإيقاعية للقصيدة المعاصرة في الجزائر ، د / عبد الرحمن بترماسين ، ص 100 ، ط : دار الفجر للنشر والتوزيع ، القاهرة 2003م .
  12. – يراجع : تمهيد في النقد الأدبي ، روز غريب ، ص 107 ، ط : الأولي ، ط : دار المكشوف ، بيروت ، لبنان 1971م .
  13. – العمدة لابن رشيق : 1 / 134 ، تحقيق / محمد محيي الدين عبد الحميد ، ط : دار الجيل ، بيروت ، الخامسة 1401هـ 1981م .
  14. – منهاج البلغاء ، حازم القرطاجني ، ص 266 ، تحقيق / محمد الحبيب الخوجة ، المطبعة الرسمية ، تونس 1966م .
  15. – موسيقي الشعر العربي ، د / شكري عياد ، ص 154 ، ط : دار المعرفة ، القاهرة ، ط : الثانية 1978م .
  16. – التفصيل الجمالي , دراسة في سيكلوجية التذوق الفني ، د/ شاكر عبد الحميد ، ص 30 ، سلسلة عالم المعرفة، رقم 267 ، إصدار المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت ، مارس 2001م.
  17. – ينظر : شروح سقط الزند : 1 / 25 ، تحقيق / مصطفي السقا وآخرون , ط : الهيئة المصرية العامة للكتاب 1408 هـ 1987 م .
  18. – يراجع : موسيقا الشعر ، د / محمود فاخوري ، ص 169 ، ط : مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية 1416هـ 1996م .
  19. – أبو نواس وقضية الحداثة في الشعر ، د / العربي حسن درويش ، ص 171 ، ط : الهيئة المصرية العامة للكتاب 1987م .
  20. – يراجع : موسيقي الشعر العربي ، د / حسني عبد الجليل يوسف : 1 / 141 , ط الهيئة المصرية العامة للكتاب 1999م.
  21. – القافية تاج الإيقاع الشعري ، د / أحمد كشك ، ص 7 ، ط : مكتبة الفيصلية ، مكة المكرمة 1405هـ 1985م .
  22. – موسيقي الشعر العربي ، د / إبراهيم أنيس ، ص 246 .
  23. – يراجع : موسيقي الشعر العربي ، د / صابر عبد الدايم ، ص 151 ، 152 .
  24. – ينظر : العمدة لابن رشيق: 1/ 208 وما بعدها, كما تنظر الأبيات في ديوان ابن هرمة القرشي قافية الحاء , تحقيق محمد نفاع حسين عطوان ,طباعة مجمع اللغة العربية , دمشق , سوريا 1969م.
  25. – يراجع في ذلك كتاب : طبقات الشعراء لابن سلام الجمحي , تحقيق / محمود محمد شاكر , طبعة 1974 م .
  26. – الإيقاع العروضي في الشعر العربي وقيمته، رسالة دكتوراه مخطوطة في كلية اللغة العربية بأسيوط، للباحث / محمد أحمد محمد مخلوف ، ص 291 سنة 1992م .
  27. – ينظر : في النقد الأدبي، د/ شوقي ضيف، ص 127، ط: دار المعارف بالقاهرة، ط: الثانية 1966م.
  28. – ينظر : الاتجاه الإسلامي في شعر هاشم الرفاعي ، للدكتور / عبادة إبراهيم محمد ، بحث منشور في مجلة قطاع كليات اللغة العربية بالقاهرة، ص 1533، العدد الأول، المجلد الثاني 1428هـ 2007م.
  29. – يراجع : أبو نواس وقضية الحداثة في الشعر ، ص 182 ، 183 .
  30. – ينظر : محاضرات في الأدب – العصر الجاهلي – د / عبد الحميد المسلوت , ص 61 ، ط : دار الطباعة المحمدية ، القاهرة 1963م .
  31. – موسيقا الشعر العربي ، إبراهيم أنيس ، ص 129 ، ط : القاهرة ، الثانية 1952م .
  32. – موسيقا الشعر عند شعراء أبوللو ، د / سـيد البحراوي ، ص 14 ، ط : دار المعـارف ، مصر ، ط : الثانيـة 1986م ، وينظر : الرؤية المعاصـرة في النقـد والأدب ، محمد زكي العشماوي ، ص 143 ، ط : دار النهضة العربية للطباعة والنشر ، بيروت 1983م .
  33. – موسيقا الشعر العربي ، مدحت الجيار ، ص 219 ، ط : دار المعارف ، ط : الثالثة 1995م .
  34. – ينظر : ألوان البديع في ضوء الطبائع الفنية والخصائص الوظيفية، د/ محمد علي فرغلي، ص 148.
  35. – أسرار البلاغة ، ص 10 .
  36. – ينظر : بغية الإيضاح : 4 / 92 .
  37. – ينظر : شروح التلخيص : 4 / 447 .
  38. – سورة نوح الآيتان : 13 ، 14 .
  39. – ينظر : الحاشية ، رقم 5 .
  40. – النهاية في غريب الحديث والأثر لأبي السعادات المبارك بن محمد الجزري ، تح / طاهر أحمد الزاوي , محمود محمد الطناحي : 3 / 848 ، ط : المكتبة العلمية ، بيروت 1399هـ 1979م .
  41. – ديوان الخنساء , ص 14 , ط : دار المعرفة , الطبعة : الثانية 1425هـ 2004م .
  42. – ينظر : بغية الإيضاح : 4 / 93 .
  43. – سورة القيامة الآيتان : 22 ، 23 .
  44. – أسرار البلاغة ، ص 10 .
  45. – ينظر : الجامع الصحيح سنن الترمذي : 4 / 652 ، حديث رقم 2485 ، تح / أحمد محمد شاكر وآخرون ، ط : دار إحياء التراث العربي ، بيروت .
  46. – أسرار البلاغة ، ص 14 .
  47. – يراجع مقال البديع والتشكيل الصوتي إعداد د / يوسف بن عبدا لله الأنصاري
  48. – يراجع : لسان العرب لابن منظور : 1 / 700 ، مادة : جنس .
  49. – أسرار البلاغة ، ص 8 .
  50. – ينظر : جنان الجناس في علم البديع ، صلاح الصفدي ، ص 201 ، مطبعة الجوانح ، ط : أولي 1299هـ .
  51. – ينظر : خزانة الأدب : 1 / 55 .
  52. – أسرار البلاغة ، ص 10 وما بعدها .
  53. – السابق ، ص 6 .
  54. – أسرار البلاغة ، ص 9 .
  55. – السابق ، ص 10 .
  56. – دلائل الإعجاز ، ص 48 .
  57. – ينظر : شرح ديوان أبي تمام للتبريزي , تقديم / راجي الأسمر : 2 / 73 , ط : دار الكتاب العربي 1414 هـ 1994 م .
  58. – أسرار البلاغة ، ص 8 .
  59. – ينظر : البناء الفني للصورة الأدبية ، د / علي علي صبح ، ص 263 ، ط : المكتبة الأزهرية للتراث ، القاهرة ، ط : الثانية .