الموعظة في القرآن الكريم-دراسة موضوعية

علي الفلالي1

1 باحث بسلك الدكتوراه، كلية الآداب جامعة القاضي عياض بمراكش المغرب

Email : a.elfilali85@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(4); https://doi.org/10.53796/hnsj54/11

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/04/2024م تاريخ القبول: 22/03/2024م

المستخلص

يتطرق هذا البحث إلى دراسة لفظ مهم من ألفاظ القرآن الكريم، تكرر ذكره في عدة مواضع، وهو لفظ الموعظة، فقد وصف الله تعالى كتابه المنزل على رسوله بالموعظة، وهو كتاب اشتمل على الكثير من العبر والمواعظ، فتناول الباحث في هذا الصدد، موظفا المنهج الوصفي التحليلي، بعض الآيات التي تحدثت عن الموعظة، مستخلصا منها بعض القضايا التي لها صلة بهذه الأخيرة، وقد خلص البحث في نهاية المطاف إلى نتائج مهمة.

الكلمات المفتاحية: الموعظة-القضايا-القرآن الكريم

Research title

Admonitionin the Holy Qur’an:

an objective study

Ali El Filali1

1 PhD student, Faculty of Arts, Cadi Ayyad University, Marrakesh, Morocco

Email: a.elfilali85@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(4); https://doi.org/10.53796/hnsj54/11

Published at 01/04/2024 Accepted at 22/03/2024

Abstract

This research aims to study an important word from the words of the Holy Qur’an, which has been repeatedly mentioned in several places, we mean the word “admonition.” God Almighty described His book revealed to His Messenger as “admonition,” and it is a book that included many lessons and sermons. Following the descriptive Analytic method, the researcher studied some verses that talked about the admonition, extracting from them some issues related to the latter. The study ultimately reached important results.

Key Words: admonition, issues, Holy Qur’an.

تقديم:

بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على أشرف المرسلين سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، ومن اهتدى بهديه واقتفى أثره إلى يوم الدين أما بعد؛

فقد أنزل الله تبارك وتعالى القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيرا وموعظة، ضَمن فيه الشفاء والهدى والرحمة لأوليائه المؤمنين خاصة وللناس عامة، (ٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ‌قَدۡ ‌جَآءَتۡكُم مَّوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَآءٞ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ ) ( يونس:57)، (ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ) ( البقرة:2)، وضَمن للمستمعين إليه وللمتعظين به وللمنقادين بآياته الهداية والحياة القويمة: (إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي ‌لِلَّتِي ‌هِيَ ‌أَقۡوَمُ ) ( الإسراء:9)، (‌وَذَكِّرۡ ‌فَإِنَّ ٱلذِّكۡرَىٰ تَنفَعُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ) ( الذاريات:55)، والقرآن الكريم كتاب عبرة وموعظة، ومعجزة الله الخالدة إلى البشرية، معجز ببيانه وبلاغته، وبأحكامه وتشريعاته، وبقصصه وغيبياته، وبتراكيبه وألفاظه، ومن بين ألفاظه التي لها حضور قوي في القرآن الكريم نجد لفظة الموعظة، لذلك جعلت موضوع هذا البحث تحت عنوان: الموعظة في القرآن الكريم -دراسة موضوعية.

وسأفصل الموضوع في مبحثين باعتماد منهج وصفي تحليلي أساسا، يقوم على الاستقراء فالتحليل فالتعليل ثم التركيب، خُصص المبحث الأول لمفهوم الموعظة ومصدرها وأهدافها وضابطها، والثاني يعرض لأنواع المواعظ ونتائجها في القرآن الكريم.

وخُتم البحث بذكر أهم الخلاصات والنتائج التي توصل إليها الباحث.

ويسعى هذا البحث إلى الإجابة عن سؤال محوري وهو: ما هي قضايا الموعظة في القرآن الكريم ؟

ويتفرع عنه الأسئلة الآتية:

  1. ما هي أهم أهداف الموعظة في القرآن الكريم؟
  2. ما أنواع المواعظ في القرآن الكريم؟
  3. ماهي أهم الآثار والنتائج المترتبة عن امتثال الموعظة في القرآن الكريم؟

هذا ما سنحاول الإجابة عنه من خلال تفصيل مباحث هذا الموضوع.

المبحث الأول: مصدر الموعظة وآثارها وأهدافها

وفيه سيتم الحديث عن معنى الموعظة وأن القرآن الكريم مصدر كل موعظة، وعن تأثير هذه الأخيرة في المتقين وإصلاحها للنفوس البشرية، ثم أهم أهداف الموعظة وضابطها.

المطلب الأول: معنى الموعظة

أولا: لغة

من المعلوم أن “الموعظة” أصلها من الفعل الثلاثي (وعظ)، ومن خلال تتبع المعاجم اللغوية تبين لي أن أصل اللفظ يدور حول عدة معان هي:

المعنى الأول: التخويف والزجر

وفي هذا المعنى يقول ابن فارس في مادة (وع ظ): “الواو والعين والظاء: كلمة واحدة فالوعظ: التخويف والعظة الاسم منه، قال الخليل: هو التذكير بالخير وما يرق له قلبه”([1]).

المعنى الثاني: التذكير بالخير وما يرق له القلب

عبر عن هذا المعنى الفراهيدي قائلا:”العظة: الموعظة، وعظت الرجل أعظه عظة وموعظة.
واتعظ: تقبل العظة، وهو تذكيرك إياه الخير ونحوه مما يرق له قلبه، ومن أمثالهم المعروفة: لا تعظيني وتعظعظي، أي: اتعظي أنت ودعي موعظتي”([2])، وقال الأزهري: “والرجل يتعظ إذا قبل الموعظة حين يذكر الخير ونحوه، مما يرق لذلك قلبه”([3])، فجعل دلالة الموعظة بقبول ما يُذكر به، وقيل: “وعظه يعظه وعظا وعظة وموعظة: ذكره ما يُليّن قلبه من الثواب والعقاب، فاتعظ” ([4])، والعظة والموعظة: الاسم ([5]).

المعنى الثالث: النصح والتذكير بالعواقب

قال الجوهري: “الوعظ: النصح والتذكير بالعواقب تقول: وعظته وعظا وعظة فاتعظ، أي: قبل الموعظة يقال: السعيد من وعظ بغيره، والشقي من اتعظ به غيره”([6])، “وفي الحديث: لأجعلنك عظة أي: موعظة وعبرة لغيرك، وفي التنزيل: (‌فَمَن ‌جَآءَهُۥ ‌مَوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ) (البقرة:275) ([7])، لم يجئ بعلامة التأنيث، لأنه غير حقيقي، أو لأن الموعظة في معنى الوعظ حتى كأنه قال: فمن جاءه وعظ من ربه”([8])، وقد ذهب الزجاج إلى جواز تذكير (جاءه) في الآية السابقة، “لأن كل تأنيث ليس بحقيقي فتذكيره جائز.. والوعظ والموعظة معبران عن معنى واحد”([9])، ويعضد هذا المعنى قول الفراء: “إذا كان الفعل في مذهب المصدر مؤنثا مثل العاقبة، والموعظة، والعافية، فإنك إذا قدمت فعله قبله أنثته وذكرته، كما قال الله عز وجل: (‌فَمَن ‌جَآءَهُۥ ‌مَوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ) (البقرة :275) بالتذكير، وقال: ( قَدۡ ‌جَآءَتۡكُم مَّوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ) (يونس:57)، بالتأنيث، وكذلك: (‌وَأَخَذَ ‌ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيۡحَةُ ) (هود :67)، و{أخذت}، فلا تهابن من هذا تذكيرا ولا تأنيثا”([10]).

المعنى الرابع: الأمر بالطاعة والوصية

وفي هذا المعنى يذكر الفيومي في مادة (و ع ظ): “وعظه يعظه وعظا وعظة أمره بالطاعة ووصاه بها وعليه قوله تعالى: (‌قُلۡ ‌إِنَّمَآ ‌أَعِظُكُم بِوَٰحِدَةٍۖ ) ( سبأ:46)، أي: أوصيكم وآمركم، فاتعظ أي: ائتمر وكف نفسه والاسم الموعظة وهو واعظ والجمع وعاظ”([11]).

يستفاد من هذا البيان لأهم استعمالات المعاجم اللغوية السابقة لمادة ( و ع ظ)، أنها تقدم لنا جملة المعاني التي يتمحور حولها لفظ الموعظة، تارة هي معاني إيجابية ونذكر منها-على سبيل المثال- معاني التذكير بالخير والنصح والوصية، وتارة أخرى هي معاني سلبية ونذكر منها -على سبيل المثال – معنيي التخويف والزجر، كما يستفاد كذلك أن لفظ “الوعظ” يطلق على الاسم والمصدر على حد سواء، وبهذا نخلص إلى أن اللفظة تدور حول المعاني الآتية:

– التخويف والزجر

– التذكير بالخير

– النصح والتذكير بالعواقب

– الأمر بالطاعة والوصية

ثانيا: اصطلاحا

اكتفت المعاجم الاصطلاحية([12]) بتكرار المعاني المذكورة في المعاجم اللغوية، ولم تضف جديدا، فقد قال أصحاب كتب الاصطلاحات في تعريف الموعظة: “هي التذكير بالخير فيما يرق له القلب”([13])، وقيل: “هي التذكير بالخير والنصيحة”([14])، والموعظة: “هي التي تلين القلوب القاسية، وتدمع العيون الجامدة، وتصلح الأعمال الفاسدة”([15])، وهذا ذات ما ذهبت إليه كتب اللغة. وعرف آخر الموعظة في الاصطلاح الدعوي بقوله: “الترغيب بالعاقبة الحسنة والسعادة الخالدة لمن اتّبع سبيل ربه، والترهيب من العاقبة السيئة الوخيمة، والشقاوة والتعاسة لمن أبى أن يتّبع سبيل ربه، بشرط عرضها بأسلوب حسن جميل مقبول لا تنفر منه الطباع”([16]).

بعد عرض ما سبق من المعاني المختلفة للفظة “الموعظة” عند اللغويين والاصطلاحيين، يمكن أن نصوغ لها تعريفا بالقول:

هي النصح والتذكير بالعواقب سواء كان بالزجر والتخويف أو بالاستمالة والترغيب أو بالتوصية.
المطلب الثاني: مصدر الموعظة وضابطها

أولا: مصدر الموعظة

الآيات التي دلت على أن القرآن مصدر الموعظة هي:

الآية الأولى: (ٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ‌قَدۡ ‌جَآءَتۡكُم مَّوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَآءٞ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ ) ( يونس:57).
هذه الآية الكريمة ترشدنا إلى أن مصدر المواعظ هو القرآن ويمكن الاستشهاد على هذا بما أورده الزمخشري في الكشاف عند تفسيره للآية، حيث قال: “قوله: (قد جاءتكم موعظة)، أي: قد جاءكم كتاب جامع لهذه الفوائد من موعظة وتنبيه على التوحيد وهو شفاء أي دواء لما في صدوركم من العقائد الفاسدة ودعاء إلى الحق ورحمة لمن آمن به منكم”([17])، نستفيد من كلام الزمخشري أن القرآن الكريم مشتمل على المواعظ يُذّكر الله بها عباده من أجل أن يتعظوا ويعتبروا، ومن معاني الموعظة في القرآن: “مواعظ القرآن”[18].

ونفس المراد ذهب إليه الألوسي عندما قال: ” أي: قد جاءكم كتاب جامع لهذه الفوائد والمنافع كاشف عن أحوال الأعمال حسناتها وسيئاتها مرغب في الأولى ورادع عن الأخرى ومبين للمعارف الحقة المزيلة لأدواء الشكوك وسوء مزاج الاعتقاد وهاد إلى طريق الحق واليقين .. ورحمة للمؤمنين، حيث نجوا به من ظلمات الكفر والضلال إلى نور الإيمان وتخلصوا من دركات النيران وارتقوا إلى درجات الجنان..”([19])

وأضاف أن الآية “إشارة إلى أن للنفس الإنسانية مراتب كمال من تمسك بالقرآن فاز بها:

أحدها؛ تهذيب الظاهر عن فعل ما لا ينبغي وإليه الإشارة بالموعظة بناء على أن فيها الزجر عن المعاصي.

وثانيها؛ تهذيب الباطن عن العقائد الفاسدة والملكات الردية وإليه الإشارة بــ: (شِفاء لِما في الصدور).

وثالثها؛ تحلي النفس بالعقائد الحقة والأخلاق الفاضلة ولا يحصل ذلك إلا بالهدى.

ورابعها؛ تجلي أنوار الرحمة الإلهية وتختص بالنفوس الكاملة المستعدة بما حصل لها من الكمال الظاهر والباطن لذلك”([20]).

الآية الثانية: (‌ٱدۡعُ ‌إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ) (النحل:125).

هذه الآية خطاب من الله لرسوله الكريم بأن يسلك في دعوته إلى الله مسلك الموعظة الحسنة، فالدعوة إلى الله بالموعظة الحسنة لا تكون-كما قال الإمام الطبري- إلا:”بالعبر الجميلة التي جعلها الله حجة عليهم في كتابه، وذكرهم بها في تنزيله”([21])، ويفهم من كلام الطبري أن هذه المواعظ والعبر الجميلة ما هي إلا حجج القرآن وإرشاداته.

ويؤكد كلام الطبري ما ذهب إليه الشيخ المراغي من أن (الدعوة بالموعظة الحسنة)، أي:” بالدعاء إلى شريعته التي شرعها لخلقه بوحي الله الذي يوحيه إليك، وبالعبر والمواعظ التي جعلها فى كتابه حجة عليهم، وذكرهم بها في تنزيله .. وخاصمهم بالخصومة التي هي أحسن من غيرها بأن تصفح عما نالوا به عرضك من أذى، وترفق بهم بحسن الخطاب”([22]).
الآية الثالثة: (‌ٱلرِّجَالُ ‌قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡۚ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٞ لِّلۡغَيۡبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُۚ وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهۡجُرُوهُنَّ فِي ٱلۡمَضَاجِعِ وَٱضۡرِبُوهُنَّۖ فَإِنۡ أَطَعۡنَكُمۡ فَلَا تَبۡغُواْ عَلَيۡهِنَّ سَبِيلًاۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّٗا كَبِيرٗا) (النساء:34).

هذه الآية يمكن الاستدلال بها أيضا في أن القرآن مصدر الموعظة، بحيث جعل الله تعالى علاج نشوز المرأة في وعظها بكتابه الحكيم وإلى هذا أشار الإمام القرطبي عند تفسيره لقوله:(فعظوهن)، أي: “بكتاب الله.. ذكروهن ما أوجب الله عليهن من حسن الصحبة وجميل العشرة للزوج، والاعتراف بالدرجة التي عليها”([23])، فالوعظ بكتاب الله تلميح من القرطبي إلى ما اشتمل عليه القرآن من المواعظ.

ثانيا: ضابط الموعظة

ينبه الإمام الشنقيطي في تفسيره “أضواء البيان” إلى مسألة ذات أهمية بالغة وهي أن للموعظة ضابطا يضبطها، حيث يقول:” فإن قيل: يكثر في القرآن إطلاق الوعظ على الأوامر والنواهي; كقوله هنا: (عِظُكُمۡ ‌لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ) ( النحل :90)، مع أنه ما ذكر إلا الأمر والنهي في قوله: (‌إِنَّ ‌ٱللَّهَ ‌يَأۡمُرُ ‌بِٱلۡعَدۡلِ) إلى قوله: (وَيَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ) ، وكقوله في سورة البقرة بعد أن ذكر أحكام الطلاق والرجعة: (‌ذَٰلِكَ ‌يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ مِنكُمۡ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۗ ) ( البقرة:232)، وقوله في الطلاق في نحو ذلك أيضا: (‌ذَٰلِكُمۡ ‌يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ) ( الطلاق:2)، وقوله في النهي عن مثل قذف عائشة-رضي الله عنها: (عِظُكُمُ ٱللَّهُ أَن تَعُودُواْ لِمِثۡلِهِۦٓ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ) ( النور :17)، مع أن المعروف عند الناس: أن الوعظ يكون بالترغيب والترهيب ونحو ذلك، لا بالأمر والنهي.
فالجواب: أن ضابط الوعظ: هو الكلام الذي تلين له القلوب، وأعظم ما تلين له قلوب العقلاء أوامر ربهم ونواهيه؛ فإنهم إذا سمعوا الأمر خافوا من سخط الله في عدم امتثاله، وطمعوا فيما عند الله من الثواب في امتثاله. وإذا سمعوا النهي خافوا من سخط الله في عدم اجتنابه، وطمعوا فيما عنده من الثواب في اجتنابه; فحداهم حادي الخوف والطمع إلى الامتثال، فلانت قلوبهم للطاعة خوفا وطمعا”([24])، ومن دلالات الوعظ في القرآن الكريم: ” الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب”[25].

المطلب الثالث: آثار الموعظة وأهدافها

أولا: آثار الموعظة

تأثير الموعظة بالمتقين

الآيات التي دلت على أن الموعظة تؤثر في المتقين هي:

الآية الأولى: (‌فَجَعَلۡنَٰهَا نَكَٰلٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهَا وَمَا خَلۡفَهَا وَمَوۡعِظَةٗ لِّلۡمُتَّقِينَ) ( البقرة :66).

الآية الثانية: (‌هَٰذَا ‌بَيَانٞ لِّلنَّاسِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ) ( آل عمران:138).

الآية الثالثة: (‌وَقَفَّيۡنَا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم بِعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡإِنجِيلَ فِيهِ هُدٗى وَنُورٞ وَمُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٗ لِّلۡمُتَّقِينَ) ( المائدة :46).

الآية الرابعة: (‌وَلَقَدۡ ‌أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ ءَايَٰتٖ مُّبَيِّنَٰتٖ وَمَثَلٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِكُمۡ وَمَوۡعِظَةٗ لِّلۡمُتَّقِينَ) ( النور :34).
من خلال هذه الآيات الأربع نلاحظ أن الموعظة جاءت في جميعها مخصصة بالمتقين، يرى فخر الدين الرازي في تفسيره لقوله تعالى: (وموعظة للمتقين)، أن فيها وجهين:

أحدهما: أن من عرف الأمر الذي نزل بهم يتعظ به ويخاف إن فعل مثل فعلهم أن ينزل به مثل ما نزل بهم، وإن لم ينزل عاجلا فلا بد من أن يخاف من العقاب الآجل الذي هو أعظم وأدوم.

وأما تخصيصه المتقين بالذكر، فلأنهم إذا اختصموا بالاتعاظ والانزجار والانتفاع بذلك صلح أن يخصوا به، لأنه ليس بمنفعة لغيرهم.

الثاني: أن يكون معنى قوله:(وموعظة للمتقين)، أن يعظ المتقون بعضهم بعضا، أي: جعلناها نكالا وليعظ به بعض المتقين بعضا فتكون الموعظة مضافة إلى المتقين على معنى أنهم يتعظون بها، وهذا خاص لهم دون غير المتقين([26]).
ويمكن الجمع بين الوجهين، بما أورده الشيخ أبو زهرة عند حديثه عن سبب تأثر المتقين في الآيات السابقة بالموعظة دون غيرهم، حيث قال: “وخص سبحانه وتعالى تأثير الموعظة بالمتقين، وإن كانت هي للعالمين لتفردهم بالتأثر بها، والاهتداء بهديها وهم الذين تنفعل نفوسهم للخير، لأنهم ليسوا مغرورين بعزة الشيطان، ولكن تمتلئ قلوبهم بتقوى الله تعالى، بأن يجعلوا بينهم وبين عذاب الله تعالى وقاية، فمن دأبهم الحذر من الشر، وإذا ذُكِّروا ذَكَروا، والله هو الهادي إلى الرشاد”([27]).

ويصف لنا ابن رجب الحنبلي -رحمه الله تعالى- تأثير هذه المواعظ في قلوب المتقين، فيقول: “المواعظ سياط تضرب القلوب فتؤثر في القلوب كتأثير السياط في البدن والضرب لا يؤثر بعد انقضائه كتأثر في حال وجوده، لكن يبقى أثر التأليم بحسب قوته وضعفه فكلما قوي الضرب كانت مدة بقاء الألم أكثر([28]).

وبهذا يمكن القول أن سبب تأثر المتقين بالموعظة دون غيرهم يكمن في كونهم أكثر اتعاضا بها، ويكفي أن وصفهم القرآن بهذا الوصف.

إصلاح الموعظة للأنفس

يظهر هذا الإصلاح من خلال هذه الآية الكريمة:

(ٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ‌قَدۡ ‌جَآءَتۡكُم مَّوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَآءٞ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ) ( يونس:57).

والموعظة في الآية الكريمة إشارة إلى القرآن فهو “الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهّل ولا يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام، واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداء أبدا، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء، الذي لو أنزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها. فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل للدلالة على دوائه وسببه والحمية منه، لمن رزقه الله فهما في كتابه، فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله، ومن لم يكفه فلا كفاه الله”([29]).
قال الطبري -رحمه الله-: “جعله الله للمؤمنين شفاء، يستشفون بمواعظه من الأدواء العارضة لصدورهم من وساوس الشيطان وخطراته، فيكفيهم ويغنيهم عن كل ما عداه من المواعظ ببيان آياته”([30]).

ويرى ابن القيم في مدارجه أن المدعوين يتفاوتون في الانتفاع بآثار الموعظة تبعا لتنوع مراتب النفوس، وأنواع القلوب، ومن منافذ التأثير الوعظي المهمة-عنده- السمع والبصر: “فالعظة بالمسموع الانتفاع بما يسمعه من الهدى والرشد، والنصائح التي جاءت على لسان الرسل وما أوحي إليهم، وكذلك الانتفاع بالعظة من كل ناصح ومرشد في مصالح الدين والدنيا.

والعظة بالمشهود الانتفاع بما يراه ويشهده في العالم من مواقع العبر، وأحكام القدر، ومجاريه، وما يشاهده من آيات الله الدالة على صدق رسله”([31]).

ويلخص لنا الشيخ المراغي بأن الآية الكريمة أجملت إصلاح القرآن الكريم لأنفس البشر في أربعة أمور:

الأول: الموعظة الحسنة بالترغيب والترهيب بذكر ما يرقّ له القلب فيبعثه على الفعل أو الترك.

الثاني: الشفاء لما في القلوب من أدواء الشرك والنفاق وسائر الأمراض التي يشعر من أحبّها بضيق الصدر كالشك في الإيمان والبغي والعدوان وحب الظلم وبغض الحق والخير.

الثالث: الهدى إلى طريق الحق واليقين والبعد من الضلال فى الاعتقاد والعمل.

الرابع: الرحمة للمؤمنين وهي ما تثمر لهم هداية القرآن وتفيضه على قلوبهم، ومن آثارها بذل المعروف وإغاثة الملهوف وكف الظلم ومنع التعدي والبغي([32]).

وبهذا نخلص إلى أن القرآن الكريم له تأثير في النفوس البشرية ويعمل على إصلاحها وتهذيبها، فهو موعظة القلوب والشفاء لما في الصدور والهادي إلى طريق الحق واليقين والرحمة للمؤمنين.

ثانيا: أهداف الموعظة

ورد في القرآن الكريم ما ينص على أن للموعظة أهدافا وغايات مرجوة،والآية التي تكشف لنا ذلك هي قوله تعالى: (‌وَإِذۡ ‌قَالَتۡ أُمَّةٞ مِّنۡهُمۡ لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗاۖ قَالُواْ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ) ( الأعراف: 164).

والآية وردت في سياق الحديث “عن مساوئ اليهود منذ عهد بعيد، فقد بينت هذه الآية الكريمة: أن جماعة صالحة من أهل القرية التي كانت حاضرة البحر ومشرفة عليه، دأبوا على وعظ أهلها وتذكيرهم بوجوب تنفيذ أوامر الله والانتهاء عن محارمه، وفي جملة ذلك الصيد في يوم السبت الذي جعله الله يوم عبادة، وحرم الاشتغال فيه بغير العبادة من صيد وسواه، كما بينت أن جماعة أخرى من أهل الصلاح رأوا أن لا فائدة من وعظ أولئك القوم المصرين على المخالفة والعصيان فقالوا للواعظين: لماذا تشتغلون بوعظ هؤلاء المقيمين على العصيان، الذين سيهلكهم الله ويستأصلهم بذنوبهم، أو يعذبهم عذابا شديدا دون استئصال. يريدون بمقالهم هذا أن يكف الواعظون عن وعظهم لعدم فائدته في قومهم”([33]).
ثم يأتي جواب الوعاظ على سؤال أهل الصلاح بأن الهدف من وراء فعلهم هذا، أي استمرارهم في وعظ من لا فائدة مرجوة من وعظه، هو تحقيق غرضين:

أولهما: أن يقدموا معذرة إلى الله حتى لا ينسبهم إلى نوع من التفريط في النهي عن المنكر، فإن الله أخذ العهد على أهل العلم أن يعلموا الناس وأن لا يقنطوا من عدم الاستجابة السريعة إلى تعليمهم وإرشادهم.
وثانيهما: أن يستجيب الناس إلى الوعظ فكم من عاص تاب إلى الله بعد حين من وعظه([34]).

وبهذا نخلص إلى أن الموعظة تهدف إلى تحقيق مقصدين أساسيين هما:

– القيام بواجب التذكير والوعظ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

– ترجي استجابة الموعوظين من خلال وعظهم.

المبحث الثاني: أنواع المواعظ في القرآن الكريم ونتائجها

وسنتطرق خلاله للحديث عن بعض أنواع المواعظ المذكورة في القرآن الكريم وما يترتب من نتائج طيبة على امتثالها، ومن هذه المواعظ-على سبيل المثال لا الحصر- مواعظ الأنبياء والصالحين، ومواعظ الأزواج..ولنا وقفة عند نموذجين من مواعظ الأنبياء والصالحين وهما؛ موعظة هود عليه السلام لقومه، وموعظة لقمان الحكيم لابنه، ثم نتبعه بنموذج آخر من المواعظ ورد ذكره في القرآن وهو موعظة الزوج لزوجته، ونختم المبحث بذكر بعض النتائج المترتبة عن امتثال المواعظ.

المطلب الأول: مواعظ الأنبياء والصالحين

نستعرض في هذا المطلب نموذجين من المواعظ جرت على لسان الأنبياء والصالحين، وقد أخبر الله تعالى عنها في محكم تنزيله، الأولى هي موعظة هود عليه السلام لقومه، التي تضمنتها سورة الشعراء، والثانية هي موعظة لقمان الحكيم لابنه، وتضمنتها سورة لقمان.

أولا: موعظة هود عليه السلام لقومه

بُعث نبي الله هود-عليه السلام- في قبيلة عاد وهي قبيلة عربية من إرم، كانوا يسكنون الأحقاف، وهو واد باليمن فيه منازلهم بين عمان ومهرة من أرض اليمن([35])، وقد أنعم الله عليهم من ثمرات كل شيء، لكنهم كفروا نعمة الله عليهم فعبدوا غيره، فأرسل الله -عز وجل- لهم نبيه هود يعظهم لعلّهم يرجعون.

وتجدر الإشارة إلى أن قصة نبي الله هود وقومه وردت في سور متعددة من سور القرآن الكريم، في مواضع بشكل مفصل، كما في سور: الأعراف، هود، المؤمنون، الشعراء، الأحقاف، وفي مواضع أخرى بإيجاز، كما في سور: فصلت، الذاريات، القمر، الحاقة، الفجر، وقد ذكر الله قصتهم في غير ما موضع ليعتبر ويتعظ بمصرعهم المؤمنون([36]). ونحن هنا سنقتصر فقط على سورة الشعراء موضع ورود لفظة الموعظة موضوع الدراسة.

قال تعالى: (‌كَذَّبَتۡ ‌عَادٌ ٱلۡمُرۡسَلِينَ إِذۡ قَالَ لَهُمۡ أَخُوهُمۡ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمۡ رَسُولٌ أَمِينٞ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍۖ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ أَتَبۡنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ ءَايَةٗ تَعۡبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمۡ تَخۡلُدُونَ وَإِذَا بَطَشۡتُم بَطَشۡتُمۡ جَبَّارِينَ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِيٓ أَمَدَّكُم بِمَا تَعۡلَمُونَ أَمَدَّكُم بِأَنۡعَٰمٖ وَبَنِينَ وَجَنَّٰتٖ وَعُيُونٍ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡنَآ أَوَعَظۡتَ أَمۡ لَمۡ تَكُن مِّنَ ٱلۡوَٰعِظِينَ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا خُلُقُ ٱلۡأَوَّلِينَ وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِينَ فَكَذَّبُوهُ فَأَهۡلَكۡنَٰهُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗۖ وَمَا كَانَ أَكۡثَرُهُم مُّؤۡمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ ) ( الشعراء:123-140).
إن أول ما يمكن ملاحظته في الآيات السابقة قول الله تعالى مخبرا عن نبي الله هود: (اخوهم أَخُوهُمۡ )، فقد كان عليه السلام من نسبهم([37])، وتلك سنة الله في أرضه يرسل إلى الأمم رسلا منها، فيكونون أعلم بأحوالهم، وأكثر شفقة بهم، فكانت دعوته لقومه دعوة الأنبياء والرسل جميعا، دعوة التوحيد ونبذ الشرك، إذ دعاهم إلى الله وحده وحذرهم نقمته وعذابه، فقال لهم: ( أَتَبۡنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ ءَايَةٗ تَعۡبَثُونَ )، والريع: المكان المرتفع عند جواد الطرق المشهورة، يبنون هناك بنيانا محكما هائلا باهرا، ولهذا قال: ( أَتَبۡنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ )، أي: معلما، ( تَعۡبَثُونَ )، أي: تفعلون ذلك عبثا لا للاحتياج إليه، بل لمجرد اللعب واللهو وإظهار القوة، ولهذا أنكر عليهم، لأنه تضييع للزمان وإتعاب للأبدان في غير فائدة، واشتغال بما لا يجدي في الدنيا ولا في الآخرة، ولهذا قال: ( وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمۡ تَخۡلُدُونَ )، والمصانع: البروج المشيدة والبنيان المخلد، وقيل: بروج الحمام، وقيل: مأخذ الماء، ( لَعَلَّكُمۡ تَخۡلُدُونَ )، أي: لكي تقيموا فيها أبدا، وذلك ليس بحاصل لكم بل زائل عنكم، كما زال عمن كان قبلكم، وقوله: ( وَإِذَا بَطَشۡتُم بَطَشۡتُمۡ جَبَّارِينَ )، أي: يصفهم بالقوة والغلظة والجبروت، ( فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ )، أي: اعبدوا ربكم وأطيعوا رسولكم، ثم شرع يذكرهم نعم الله عليهم فقال: ( فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِيٓ أَمَدَّكُم بِمَا تَعۡلَمُونَ أَمَدَّكُم بِأَنۡعَٰمٖ وَبَنِينَ وَجَنَّٰتٖ وَعُيُونٍ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ )، أي: إن كذبتم وخالفتم، فدعاهم إلى الله بالترغيب والترهيب فما نفع فيهم([38])، هذا الأسلوب الوعظي، بل زادهم نفورا وإعراضا، حيث قالوا كما أخبر القرآن: ( قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡنَآ أَوَعَظۡتَ أَمۡ لَمۡ تَكُن مِّنَ ٱلۡوَٰعِظِينَ )، أي: لا نرعوي عما نحن عليه، ( إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا خُلُقُ ٱلۡأَوَّلِينَ )، أي: ما هذا الذي جئت به من الوعظ إلا كذب الأوليين، ( وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِينَ )، أي: على ما نحن عليه، ( فَكَذَّبُوهُ فَأَهۡلَكۡنَٰهُمۡۚ )، أي: بسبب تكذيب نبيهم أهلكناهم بريح صرصر وفي ذلك عبرة وعظة لمن أراد أن يعتبر([39]).

ثانيا: موعظة لقمان الحكيم لابنه

ورد ذكر موعظة لقمان الحكيم لابنه في سورة لقمان، وقد لُقب بالحكيم، لأن الله سبحانه أنعم عليه بالحكمة وأعطاها له، واتفق العلماء على أنه كان عبدا صالحا حكيما ولم يكن نبيا([40]). وقد حكى القرآن من كلامه فيما وعظ به ولده وهو أحب الخلق إليه، قال تعالى: (‌وَإِذۡ ‌قَالَ ‌لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنٖ وَفِصَٰلُهُۥ فِي عَامَيۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيۡكَ إِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ وَإِن جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفٗاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِيلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَيَّۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ يَٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٖ فَتَكُن فِي صَخۡرَةٍ أَوۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٞ يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ وَلَا تُصَعِّرۡ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمۡشِ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالٖ فَخُورٖ وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِيرِ) ( لقمان:13-19).

يعظ لقمان الحكيم في الآيات السابقة ولده بتحذيره من أكبر الكبائر وأعظم الخطايا على الإطلاق، ألا وهي الشرك بالله، فإن أجل الأخلاق وأعز الأوصاف التي يمكن أن يتصف بها الإنسان هي التوحيد، وتنزيه الله سبحانه عن كل ما لا يليق به، وإن أخس الأوصاف وأرذل الأخلاق هو الشرك بالله، والاعتقاد بألوهية أو ربوبية غيره سبحانه، وقد وصفه بأنه ظلم عظيم، لما فيه من ظلم للنفس، وتجاوز عن الحد.([41])

ولكي لا يظن أحد أن النهي عن الشرك خاص بابن لقمان وحده، تأتي الآيات معترضة كلام لقمان لابنه، في قوله تعالى: ( وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنٖ وَفِصَٰلُهُۥ فِي عَامَيۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيۡكَ إِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ وَإِن جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفٗاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِيلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَيَّۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ)، حيث يوصي الله سبحانه عباده باجتناب الشرك، فلا عذر لأي مخلوق في أن يشرك بالله رب العالمين، حتى وإن كان ذلك اتباعا من الإنسان لوالدين مشركين يلحان عليه أن يتبعهما في الدين، ويذكّر الله سبحانه عباده بأن لا يدفع اجتناب الشرك الإنسان إلى عقوق والديه المشركين، وإنما يذكره بفضلهما عليه، ويأمره أن يصاحبهما-رغم عصيانه لهما في الإشراك بالله-بالمعروف.([42])

ثم يستأنف الحق سبحانه ما كان من موعظة لقمان لابنه، ( يَٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٖ فَتَكُن فِي صَخۡرَةٍ أَوۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٞ) ، حيث يُعْلم ابنه أنه ما من شيء في السماوات ولا في الأرض ولو كان متناهيا في الصغر، حتى لا تدركه الحواس، إلا أتى به الله في علمه، وهو بذلك يسد على ابنه الطريق أن يتوهم أن الله سبحانه تخفى عليه خافية في السماوات والأرض، داعيا إياه أن يتقي الله ما استطاع إلى ذلك سبيلا في سره وعلانيته.

ويتابع سبحانه في قوله: ( يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُور ) ِ.

وفي الآية ثلاث مسائل:

الأولى : قوله تعالى: ( يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ )، وصى ابنه بأعظم الطاعات وهي الصلاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا إنما يريد به بعد أن يمتثل ذلك هو في نفسه ويزدجر عن المنكر.

الثانية: قوله تعالى: ( وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ )، يقتضي حضا على تغيير المنكر وإن نالك ضرر، فهو إشعار بأن المغير يؤذى أحيانا، وهذا القدر على جهة الندب والقوة في ذات الله، وقيل: أمره بالصبر على شدائد الدنيا كالأمراض وغيرها، وألا يخرج من الجزع إلى معصية الله عز وجل.

الثالثة: قوله تعالى: ( إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُور )، قال ابن عباس: من حقيقة الإيمان الصبر على المكاره، وقيل: إن إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عزم الأمور، أي: مما عزمه الله وأمر به، ويحتمل أن يريد أن ذلك من مكارم الأخلاق وعزائم أهل الحزم السالكين طريق النجاة.([43])

وبعد أن أمر لقمان ابنه ووصاه بأعظم الطاعات وعزائم الأمور، يختم وصيته له بإتمام ما يحب الله ويرضى لعباده المؤمنين من الأخلاق الحميدة، والصفات المحببة حيث يقول: ( وَلَا تُصَعِّرۡ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمۡشِ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالٖ فَخُورٖ وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِيرِ)، وقوله: ( وَلَا تُصَعِّرۡ خَدَّكَ لِلنَّاسِ )، أي: لا تمله وتعبس بوجهك الناس، تكبرا عليهم وتعاظما. ( وَلَا تَمۡشِ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ )، أي: بطرا فخرا بالنعم معجبا بنفسك، ( إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالٖ فَخُورٖ)، أي: في نفسه وهيئته وتعاظمه فخور بقوله، ( وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ )، أي: امش متواضعا مسكينا، لا مشي البطر والتكبر، ولا مشي التماوت، ( وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ )، وذلك أدبا مع الناس ومع الله، (إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِيرِ)، أي: أفظعها وأبشعها، ( لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِير)، فلو كان في رفع الصوت البليغ فائدة ومصلحة لما اختص بذلك الحمار، الذي قد علمت خسته وبلادته.

وهذه المواعظ بلا شك، تجمع أمهات الحكم، وتستلزم ما لم يذكر منها وكل موعظة يقترن بها ما يدعو إلى فعلها، إن كانت أمرا، وإلى تركها إن كانت نهيا([44]).

المطلب الثاني: مواعظ الأزواج

والآية التي تحدثنا عن مثل هذا النوع من الوعظ هي قوله تعالى: (‌ٱلرِّجَالُ ‌قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡۚ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٞ لِّلۡغَيۡبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُۚ وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهۡجُرُوهُنَّ فِي ٱلۡمَضَاجِعِ وَٱضۡرِبُوهُنَّۖ فَإِنۡ أَطَعۡنَكُمۡ فَلَا تَبۡغُواْ عَلَيۡهِنَّ سَبِيلًاۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّٗا كَبِيرٗا ) ( النساء:34).
يخبرنا الشيخ أبو زهرة بأن الآية تضمنت وسائل العلاج القرآنية لحالات نشوز([45]) الزوجة، وهي من واجبات الزوج القيِم بشؤونها، وهذه الوسائل تتمثل أساسا؛ في الوعظ أولا، ثم الهجر في المضاجع ثانيا، ثم الضرب ثالثا، وبيانها كما يلي:
أولا: الوعظ

والوعظ في الآية ” القول الذي يؤثر في النفس ويوجهها إلى الخير ..بذكر نتائج الشر، وهو مراتب أعلاها التوبيخ، وهو أيضا مراتب. ولكل امرأة من النساء ما يليق بمثلها، فذات الإحساس الرقيق إذا كان منها ما لَا يستحسنه، يقال مثلا: أفعلت هذا؛ كأنه ينكر أن يكون حدث منها، أو يقول: ما تصورت أن يكون هذا من مثلك، ثم يذكرها بشرف أسرتها، ثم يذكرها بحق الله تعالى، ثم يوبخها، ومنه اللوم، وهو في كل هذا لَا يقسو ولا يعنف”.

ثانيا: الهجر في المضجع

“والهجر المطلوب هو الهجر الجميل، وهو الهجر من غير جفوة. والهجر مراتب: أدناها أن يكون الهجر في موضع النوم، وهو المضجع الحقيقي، والآخر مجازي بأن يدير لها ظهره ولا ينام، فإن علا نام في منام آخر، فإن علا ترك حجرة النوم إلى حجرة أخرى من غير مجافاة ولا مخاصمة، ولكل حال نوعها من النساء ونوع من أمارات النشوز وعلاماته التي تكشف عن توقعه إن ترك حبلها على غاربها”.

ثالثا: الضرب

“وهو أقصاها، ولا يلجأ إليه إلا عند فشل الدواءين السابقين. وقد ثبت أن الضرب المباح يكون عندما تبلغ الحياة الزوجية درجة يخشى عليها من النشوز والافتراق، وقد قيدته السنة بقيدين. أحدهما: أن يكون غير مبرح، وأن يكون غير مشين بألا يضرب الوجه … وهذا هو الضرب المباح، فهو رمز لاستحقاق الضرب، وليس بضرب”([46]).
ولابن جزي كلام جميل بيّن فيه مراتب تأديب الزوج لزوجته- التي ذكرتها الآية – في حالة نشوزها، فذكر في مقدمة هذه المراتب: الوعظ، حيث يقول: “هذه أنواع من تأديب المرأة إذا نشزت على زوجها وهي على مراتب: بالوعظ في النشوز الخفيف، والهجران فيما هو أشد منه، والضرب فيما هو أشد ومتى انتهت عن النشوز بوجه من التأديب: لم يتعد إلى ما بعده، والهجران هنا هو ترك مضاجعتها، وقيل: ترك الجماع إذا ضاجعها، والضرب غير مبرح”([47]).

يمكن أن نستفيد مما تم عرضه في هذا المبحث أن الموعظة لها أهمية عظيمة، ولعظمها كانت السبيل القويم للأنبياء في دعوتهم، وأيضا جعلها القرآن الكريم من وسائل العلاج الأمثل لحالات نشوز الزوجات.

المطلب الثالث: نتائج امتثال المواعظ

والآية الكريمة التي تخبرنا بنتائج امتثال ما يوعظ به هي :

(‌وَلَوۡ ‌أَنَّا ‌كَتَبۡنَا ‌عَلَيۡهِمۡ أَنِ ٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ أَوِ ٱخۡرُجُواْ مِن دِيَٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٞ مِّنۡهُمۡۖ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِيتٗا وَإِذٗا لَّأٓتَيۡنَٰهُم مِّن لَّدُنَّآ أَجۡرًا عَظِيمٗا وَلَهَدَيۡنَٰهُمۡ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا) ( النساء:66-68).

إن امتثال الموعظة لا شك أن له آثارا إيجابية ونتائج طيبة على المخاطبين بها في الدنيا والآخرة، قال السعدي-رحمه الله- مبينا هذه الآثار في الآية: “رتب ما يحصل لهم على فعل ما يوعظون به، وهو أربعة أمور:

أحدها: الخيرية في قوله: ( لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ )، أي: لكانوا من الأخيار المتصفين بأوصافهم من أفعال الخير التي أمروا بها، أي: وانتفى عنهم بذلك صفة الأشرار، لأن ثبوت الشيء يستلزم نفي ضده.

الثاني: حصول التثبيت والثبات وزيادته، فإن الله يثبت الذين آمنوا بسبب ما قاموا به من الإيمان، الذي هو القيام بما وعظوا به، فيثبتهم في الحياة الدنيا عند ورود الفتن في الأوامر والنواهي والمصائب، فيحصل لهم ثبات يوفقون لفعل الأوامر وترك الزواجر التي تقتضي النفس فعلها، وعند حلول المصائب التي يكرهها العبد، فيوفق للتثبيت بالتوفيق للصبر أو للرضا أو للشكر، فينزل عليه معونة من الله للقيام بذلك، ويحصل له الثبات على الدين، عند الموت وفي القبر.

وأيضا فإن العبد القائم بما أُمر به، لا يزال يتمرن على الأوامر الشرعية حتى يألفها ويشتاق إليها وإلى أمثالها، فيكون ذلك معونة له على الثبات على الطاعات.

الثالث: قوله: ( وَإِذٗا لَّأٓتَيۡنَٰهُم مِّن لَّدُنَّآ أَجۡرًا عَظِيمٗا )، أي: في العاجل والآجل الذي يكون للروح والقلب والبدن، ومن النعيم المقيم مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

الرابع: الهداية إلى صراط مستقيم، وهذا عموم بعد خصوص، لشرف الهداية إلى الصراط المستقيم، من كونها متضمنة للعلم بالحق، ومحبته وإيثاره والعمل به، وتوقف السعادة والفلاح على ذلك، فمن هُدي إلى صراط مستقيم، فقد وُفِّق لكل خير واندفع عنه كل شر وضير”([48]).

ويبين لنا الشيخ طنطاوي بأن الآية الكريمة “بيان للنتائج الطيبة التي تترتب على امتثالهم لأمر الله ..لو ثبت أنهم فعلوا ذلك لكان ما فعلوه خيرا لهم في دنياهم وآخرتهم، ولكان أشد تثبيتا لهم على الحق والصواب وأمنع لهم من الضلال”([49]).
وبهذا نخلص إلى أن النتائج المترتبة عن الموعظة تتحدد في حصول الخيرية في الدنيا والآخرة، والتثبيت في الحياة الدنيا، والجزاء في العاجل والآجل، والهداية إلى الصراط المستقيم.

الخاتمة:

النتائج المتوصل إليها من دراسة الموعظة في القرآن الكريم، تتحدد في الخلاصات التالية:

1- على مستوى الدراسة المعجمية توصل الباحث إلى أن لفظة “الموعظة” مشتقة من الجذر (و ع ظ)، تيدل على معاني التخويف والزجر والتذكير والنصح والأمر بالطاعة والوصية.

2-أوردت المعاجم الاصطلاحية للفظة “الموعظة” مجموعة من المعاني تؤول كلُها إلى المعاني اللغوية.

3-حضور مهم للفظة “الموعظة” في نصوص القرآن الكريم، وفي كل المجالات القرآنية؛ العقدية والتشريعية والدعوية والأخلاقية والتربوية.

4-أن القرآن مصدر كل موعظة وقد اشتمل على مجموعة من المواعظ؛ مواعظ الأنبياء والصالحين والأزواج..

5- إن من أهم نتائج الموعظة: الخيرية وحصول التثبيت والثبات في الدنيا والآخرة، والجزاء في العاجل والآجل، والهداية إلى الصراط المستقيم.

6-تكمن أهداف الموعظة حسب الآية(164) من سورة الأعراف فيما يأتي :

أولا– الدعوة إلى الله والوعظ والتذكير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ثانيا– استجابة الناس إلى الوعظ فكم من عاص تاب إلى الله بعد حين من وعظه.

وختاما نسأل الله تعالى أن نكون ممن يستمع الموعظة فيتبع أحسنها، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

المصادر والمراجع:

  1. القرآن الكريم
  2. أضواء البيان، الشنقيطي، الناشر:دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، بيروت ،(د.ط)،(د.ت).
  3. أنوار التنزيل وأسرار التأويل، البيضاوي، تحقيق: محمد عبد الرحمن المرعشلي، الناشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1418 هـ.
  4. البحر المحيط في التفسير، أبو حيان الأندلسي، تحقيق:صدقي محمد جميل، الناشر:دار الفكر،بيروت،(د.ط)،1420هـ.
  5. البحر المديد لابن عجيبة، تحقيق: أحمد عبد الله القرشي رسلان، الناشر: الدكتور حسن عباس زكي، القاهرة، (د.ط)، 1419ه.
  6. التحرير والتنوير، الطاهر بن عاشور، الناشر : الدار التونسية للنشر، تونس، سنة النشر: 1984 هـ، (د.ط)، (د.ت)..
  7. التسهيل لعلوم التنزيل، ابن جزي الكلبي، تحقيق: الدكتور عبد الله الخالدي، الناشر: شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم، بيروت، الطبعة الأولى، 1416 هـ.
  8. التعريفات، الجرجاني، الناشر:دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1403هـ /1983م.
  9. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، تحقيق: محمد حسين شمس الدين، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1419 هـ.
  10. تفسير المراغي، أحمد بن مصطفى المراغي، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر، الطبعة الأولى، 1325 هـ /1946م.
  11. التفسير الوسيط للقرآن الكريم، مجموعة من العلماء بإشراف: مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، الناشر: الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، الطبعة الأولى،1414 هـ / 1993م.
  12. التفسير الوسيط للقرآن الكريم، محمد سيد طنطاوي، الناشر: دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة: الأولى،(د.ت).
  13. التفسير الوسيط، وهبة الزحيلي، الناشر: دار الفكر، دمشق،الطبعة الأولى،1422هـ.
  14. تهذيب اللغة، الأزهري، تحقيق: محمد عوض مرعب، الناشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 2001م.
  15. التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي، الناشر:عالم الكتب،القاهرة، الطبعة الأولى،1410ه/1990م.
  16. تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، السعدي، تحقيق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420هـ /2000 م.
  17. جامع البيان في تأويل القرآن، الطبري، تحقيق: أحمد محمد شاكر، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ / 2000 م.
  18. جامع البيان في تأويل القرآن، الطبري، تحقيق: أحمد محمد شاكر، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ / 2000 م.
  19. جامع العلوم في اصطلاحات الفنون، أحمد نكري، الناشر: دار الكتب العلمية،بيروت، الطبعة الأولى،1421ه/2000م.
  20. الجامع لأحكام القرآنّ، القرطبي، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، الناشر: دار الكتب المصرية القاهرة، الطبعة: الثانية، 1384هـ /1964 م.
  21. روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، الألوسي، تحقيق: علي عبد الباري عطية، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1415 هـ.
  22. زهرة التفاسير، أبو زهرة، الناشر: دار الفكر العربي،(د.ط)،(د.ت).
  23. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، الجوهري، تحقيق:أحمد عبد الغفور عطار، الناشر:دار العلم للملايين،بيروت،الطبعة:4، 1407ه/1987م.
  24. فقه الدعوة إلى الله، عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني، الناشر:دار القلم، دمشق، ط1 ،1417ه/1997م.
  25. الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية، النخجواني، الناشر: دار كتابي للنشر والتوزيع،مصر،الطبعة الأولى،1419هـ/1999م.
  26. القاموس الحيط، الفيروزآبادي، تحقيق:مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة بإشراف: محمد نعيم العرقسوسي، الناشر:مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع،بيروت،الطبعة:8، 1426ه/2005م.
  27. العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق:مهدي المخزومي، إبراهيم السامرائي، الناشر: دار ومكتبة الهلال،(د.ط)،(د.ت).
  28. الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، الزمخشري، الناشر: دار الكتاب العربي،بيروت، الطبعة الثالثة، 1407هـ.
  29. لباب التأويل في معاني التنزيل، الخازن، تحقيق: محمد علي شاهين، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1415 ه.
  30. لسان العرب، ابن منظور، الناشر:دار صادر،بيروت، الطبعة:3، 1414ه.
  31. لطائف المعارف، ابن رجب الحنبلي، الناشر: دار ابن حزم للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 1424هـ/2004م.
  32. محاسن التأويل، القاسمي، تحقيق: محمد باسل عيون السود، الناشر:دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1418 هـ.
  33. مختصر تفسير ابن كثير، محمد علي الصابوني، الناشر: دار القرآن الكريم، بيروت،الطبعة السابعة،1402هـ/1981م.
  34. مدارج السالكين، ابن قيم الجوزية، تحقيق:محمد المعتصم بالله البغدادي، الناشر:دار الكتاب العربي، بيروت،الطبعة الثالثة، 1416 هـ / 1996م.
  35. مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، ابن قيم الجوزية، الناشر: دار الكتب العلمية،بيروت،(د.ط)،(د.ت).
  36. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، الفيومي، الناشر:المكتبة العلمية،بيروت،(د.ط)،(د.ت).
  37. معاني القرآن، الفراء، تحقيق: أحمد يوسف النجاتي، محمد علي النجار، عبد الفتاح إسماعيل الشلبي، الناشر: دار المصرية للتأليف والترجمة، مصر، الطبعة الأولى،(د.ت).
  38. معاني القرآن وإعرابه، الزجاح، تحقيق:عبد الجليل عبده شلبي، الناشر:عالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى ،1408ه/1988م.
  39. معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، تحقيق: عبد السلام هارون، الناشر: دار الفكر، دمشق، 1399ه/1979م.
  40. مفاتيح الغيب، الرازي، الناشر:دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثالثة،1420 ه.
  41. المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصفهاني، تحقيق:صفوان عدنان الداودي، الناشر: دار القلم، دمشق،الطبعة:1، 1412ه.

الهوامش:

  1. () معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، تحقيق: عبد السلام هارون، الناشر: دار الفكر، دمشق، 1399ه/1979م، ج6ص126.
  2. () كتاب العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق: مهدي المخزومي،إبراهيم السامرائي،الناشر: دار ومكتبة الهلال،(د.ط)،(د.ت)،ج2ص228.
  3. () تهذيب اللغة، الأزهري، تحقيق: محمد عوض مرعب، الناشر:دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 2001م، ج3ص93.
  4. ()القاموس الحيط، الفيروزآبادي، تحقيق:مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة بإشراف: محمد نعيم العرقسوسي، الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع،بيروت،الطبعة:8، 1426ه/2005م، ص699.
  5. ()المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصفهاني،تحقيق:صفوان عدنان الداودي، الناشر:دار القلم، دمشق،الطبعة:1، 1412ه،ص876.
  6. () الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، الجوهري، تحقيق:أحمد عبد الغفور عطار، الناشر:دار العلم للملايين،بيروت،الطبعة:4، 1407ه/1987م،ج3ص1181.
  7. () وقد قرأ أُبي والحسن بالتاء على الأصل:{فمن جاءته موعظة}. ينظر:البحر المحيط في التفسير لأبي حيان الأندلسي، تحقيق:صدقي محمد جميل، الناشر:دار الفكر، بيروت، (د.ط)،1420هـ،ج2ص708.
  8. () لسان العرب، ابن منظور، الناشر: دار صادر،بيروت، الطبعة:3، 1414ه، ج7ص466.
  9. () معاني القرآن وإعرابه، أبو إسحاق الزجاح، تحقيق:عبد الجليل عبده شلبي، الناشر:عالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى ،1408ه/1988م،ج1ص358.
  10. () معاني القرآن، الفراء، تحقيق: أحمد يوسف النجاتي، محمد علي النجار، عبد الفتاح إسماعيل الشلبي، الناشر: دار المصرية للتأليف والترجمة، مصر، الطبعة الأولى،(د.ت)،ج1ص356.
  11. () المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، الفيومي، الناشر:المكتبة العلمية،بيروت،(د.ط)،(د.ت)،ج2ص665.
  12. () وهذه المعاجم الاصطلاحية هي: التعريفات للجرجاني، والتوقيف على مهمات التعاريف للمناوي، وجامع العلوم في اصطلاحات الفنون للأحمد نكري.
  13. () التعريفات، الجرحاني، ص253.
  14. () جامع العلوم في اصطلاحات الفنون، أحمد نكري، الناشر:دار الكتب العلمية،بيروت، الطبعة الأولى،1421ه/2000م، ج3ص265.
  15. ()التعريفات، الجرحاني، ص236.التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي، الناشر:عالم الكتب،القاهرة، الطبعة الأولى،1410ه/1990م، ص319. جامع العلوم في اصطلاحات الفنون، ج3ص265.
  16. () فقه الدعوة إلى الله، عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني، الناشر:دار القلم، دمشق، ط1 ،1417ه/1997م، ج1ص699.
  17. () الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، الزمخشري، الناشر:دار الكتاب العربي،بيروت، الطبعة الثالثة، 1407هـ،ج2ص353.
  18. ينظر: البحر المحيط، أبو حيان الأندلسي،ج6 ص613. البحر المديد، ابن عجيبة، تحقيق: أحمد عبد الله القرشي رسلان، الناشر: الدكتور حسن عباس زكي، القاهرة، (د.ط)، 1419ه، ج3ص174.
  19. () روح المعاني، الألوسي، ج6ص131
  20. () المصدر نفسه، ج6ص131.
  21. () جامع البيان في تأويل القرآن، الطبري،ج17ص321.
  22. () تفسير المراغي،ج14ص161.
  23. () الجامع لأحكام القرآن، القرطبي،ج5ص171.
  24. () أضواء البيان للشنقيطي، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، بيروت ،(د.ط)،(د.ت)، ج2ص 437، 438 .
  25. ينظر: مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، ابن قيم الجوزية، الناشر: دار الكتب العلمية،بيروت،(د.ط)،(د.ت)،ج1ص153
  26. () ينظر:مفاتيح الغيب، الرازي، ج3ص543.
  27. () زهرة التفاسير، أبو زهرة، ج1ص264.
  28. () لطائف المعارف، ابن رجب الحنبلي، الناشر: دار ابن حزم للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 1424هـ/2004م،ج1ص16.
  29. () محاسن التأويل، القاسمي، ج6ص498.
  30. () جامع البيان، الطبري،ج1ص67.
  31. () مدارج السالكين، ابن القيم،ج1ص443.
  32. () ينظر:تفسير المراغي،ج11ص122.
  33. ) التفسير الوسيط للقرآن الكريم، مجموعة من العلماء بإشراف: مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، الناشر: الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، الطبعة الأولى،1414 هـ / 1993م، ج3ص1536.
  34. () ينظر: المرجع نفسه، ج3ص1536.
  35. () ينظر:التفسير الوسيط، وهبة الزحيلي، الناشر:دار الفكر،دمشق،الطبعة الأولى،1422هـ،ج3 ص2420.
  36. () تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ج8ص384.
  37. () ينظر:التحرير والتنوير لابن عاشور،ج12ص94.
  38. () ينظر:مختصر تفسير ابن كثير، محمد علي الصابوني، الناشر:دار القرآن الكريم، بيروت،الطبعة السابعة،1402هـ/1981م،ج2ص653.
  39. () ينظر:أنوار التنزيل وأسرار التأويل، البيضاوي، تحقيق: محمد عبد الرحمن المرعشلي، الناشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1418 هـ ،ج4 ص146.
  40. () لباب التأويل في معاني التنزيل، الخازن، تحقيق: محمد علي شاهين، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1415 هـ،ج3ص397.
  41. () ينظر:الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية، النخجواني، الناشر:دار كتابي للنشر والتوزيع،مصر،الطبعة الأولى،1419هـ/1999م،ج2ص131.
  42. () ينظر:التحرير والتنوير، الطاهر بن عاشور،ج21ص156.
  43. () ينظر:الجامع لأحكام القرآن، القرطبي،ج14ص68، 69.
  44. () ينظر:تيسير الكريم الرحمن، السعدي،ج1ص648.
  45. () النشوز: “خروج الزوجة عما توجبه الحياة الزوجية من طاعة الزوجة لزوجها، وقيامها على شؤون بيتها، وأصل النشوز مأخوذ من النشز بمعنى الارتفاع في وسط الأرض السهلة المنبسطة ويكون شاذا فيها، فيكون نشوز المرأة ترفعا أو إعراضا عن الحياة الزوجية الطيبة وشذوذا فيها”. زهرة التفاسير، أبو زهرة،ج3ص1376.
  46. () المرجع نفسه، ج3ص1670.
  47. () التسهيل لعلوم التنزيل، ابن جزي الكلبي، تحقيق: الدكتور عبد الله الخالدي، الناشر: شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم، بيروت، الطبعة الأولى، 1416 هـ، ج1ص190.
  48. () تيسير الكريم الرحمن، السعدي،ص185.
  49. () التفسير الوسيط، محمد سيد طنطاوي،ج3ص205.