القرآن والنفس الإنسانية

د. سلافة عبدالنور سليمان عبدالنور1

1 جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، السودان.

بريد الكتروني: sulafasuluman12307@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(4); https://doi.org/10.53796/hnsj54/14

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/04/2024م تاريخ القبول: 22/03/2024م

المستخلص

هدف هذا البحث إلى استجلاء مفهوم النفس في القرآن الكريم، وأثر القرآن الكريم على النفس الإنسانية، والمفهوم الاصطلاحي للنفس في القرآن وعند العلماء المعاصرين، وفلاسفة الإسلام والمفسرين. تناول البحث الشخصية الإنسانية من خلال وصفها في القرآن الكريم، وما يميزها عن غيرها من المخلوقات، مراحل تكوين الإنسان كيف خلق مادة وروح، فبعد ان مرّ التراب بعدة مراحل من التكوين، من تراب إلى طين إلى حما مسنون، إلى صلصال كالفخار؛ نفخ الله فيه روحه فخلق آدم عليه السلام، وجاء منى الروح منه تعالى باستعداد الإنسان لمعالي الأمور فكانت مركز الشخصية الإسلامية التوحيد والإيمان بالرسل والملائكة واليوم الآخر والقدر.

استخدم البحث الأسلوب الوصفي والأسلوب السردي والأسلوب التاريخي، وقد توصل البحث الى عدة نتائج أهمها أن القرآن الكريم قد نجح في علاج نواحي الضعف في شخصيات المسلمين، وفي غرس الخصال الحميدة في نفوسهم مما ساعد على تكوين شخصياتهم تكونياً متزناً متكاملاً، وكان له أكبر الأثر في إحداث تغييرات بالغة الأهمية في جميع نواحي الحياة في المجتمع العربي في شبه الجزيرة العربية، وفي المجتمع الإسلامي في العالم بأسره مستعيناً بعدة أساليب.

الكلمات المفتاحية: القران الكريم، النفس الإنسانية.

Research title

The Qur’an and the human soul

SULAFA ABDELNOUR SULIMAN ABDELNOUR1

1 University of the Holy Qur’an and Islamic Sciences, Sudan.

Email: sulafasuluman12307@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(4); https://doi.org/10.53796/hnsj54/14

Published at 01/04/2024 Accepted at 22/03/2024

Abstract

The aim of this research is to understand the notion of the psyche in the Holy Quran, the effect of the Quran on the psyche and the terminological notion of psyche in the Quran and in the opinions of the contemporary scholars, Islamic philosophers and interpreters. It delt with the human character through describing it in the Holy Quran, what distinguishes it from other creatures and the stages of creating humans from a spirit and a matter. After the dust went through different stages of creation, from dust to mud to altered black mud, then to clay like pottery, God breathed the soul into him and Adam was created. This gave Man the opportunity to get ready for serving high purposes, so the center of the Islamic personality was monotheism and belief in messengers, angels, the judgement day and fate.

The research used the descriptive, narrative and historical techniques, and it reached many conclusions, the most important of which are that the Holy Quran was successful in treating the weak parts of Muslims’ personalities and instilling the good traits in their characters. This, with the application of different methods, helped construct their characters in a balanced and complete way, and it had the greatest effects in making extremely important changes at all life’s angles in the Arabian society in the Arab Peninsula and in the whole Islamic community in the whole world.

المقدمة:

الحمد لله الذي خلق النفس وسواها، والهمها فجورها وتقواها، والصلاة والسلام على رسول الله عليه وسلم ومن ولاه وبعد:

إن القرآن الكريم كتاب دين وهداية، أنزله الله سبحانه وتعالى على النبي صلوات الله عليه وسلامة للناس كافة، يخاطب فيه عقل الإنسان ووجدانه، ويعلمه عقيدة التوحيد، ويزكيه بالعبادات، ويهديه إلى مافيه خيره وصلاحه في حياته الفردية والاجتماعية.

قال تعالى : (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَتۡكُم مَّوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَآءٞ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ) ([1])

إن البحث في القرآن الكريم والتدبر في معانيه مجال واسع، لأنه يحتوي على أشمل وأكمل، وأوسع الخطاب، فقد جاء رسالة من الله تعالى إلى العالمين كافة في كل زمان ومكان، وقد أشاد القرآن الكريم بفضل العلم، وكرم العلماء، ورفع من شأنهم، ووضع العلم في مرتبة عالية كمرتبة الإيمان:

قال تعالى : (يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ)([2])

حث القرآن الكريم على التأمل في النفس، وفي عجائب خلقها ودقة تكوينها، وبذلك دفع القرآن الناس إلى دراسة النفس ومعرفة أسرارها.

قال تعالى : (وَفِي ٱلۡأَرۡضِ ءَايَٰتٞ لِّلۡمُوقِنِينَ *  وَفِيٓ أَنفُسِكُمۡۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ) ([3])

وفي هذا المعنى جاء في الأثر (من عرف نفسه فقد عرف ربه)

وأيضاً (اعرفكم بنفسه أعرفكم بربه) ([4])

وكان أثر القرآن على النفس الإنسانية ان تكونت الشخصية الإسلامية تكويناً متزناً متكاملاً حينما أمرها القرآن بالموازنة بين مطلبات البدن ومطلبات الروح.

قال تعالى :(وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ) ([5])

وحثت التربية الإسلامية على الصبر، فتحمل الإنسان مشاق الحياة بنفس راضية، وغمر الإنسان شعور بالأمن والطمأنينة، حينما واظب على ذكر الله، وتخلص من القلق الناشيء عن الشعور بالذنب بمداومته على الاستغفار والتوبة.

وكثيراً من الأساليب الفعالة التي أستخدمها القرآن الكريم في تعديل السلوك الإنساني، ونجح القرآن في غرس الخصال الحميدة في النفوس مما ساعد على تكوين شخصيات سوية ومتزنة، وإلى أن تقوم الساعة يظل القرآن الكريم معجزة متجددة تفيء بكل ما يحتاجه الإنسان في كل زمان ومكان.

وإني لأحمد الله سبحانه وتعالى أن مكنني من إعداد هذه الورقة البحثية وإني لأرجو أن أكون قد وفقت في عرض مفاهيم النفس الإنسانية وكيف كان أثر القرآن الكريم عليها.

د/ سلافة عبدالنور سليمان

القرآن والنفس الإنسانية

تمهيد:

إن النفس من المفاهيم القرآنية التي لفتت أنظار وانتباه العلماء والباحثين نحوها، ولكن كلمة النفس لم تأخذ حظها من وجهة نظرية بل إن مفهوم النفس اختلط مع مفهوم الروح واستعملت إحداهما مكان الأخرى وصار هذا المفهوم شائعا كقاعدة لمن لم يدرك مفهومها بالضبط وعلى هذا فإن مفهوم النفس في القرآن يكتسب أهمية بالغة من الوظيفة التي يؤديها في القرآن والمقصد الذي يرمي إليه. فكان موضوع النفس ومفهومها من الموضوعات التي حظيت باهتمام واسع في الدراسات العربية والغربية، بعد لم شتاته وضبط كل خصوصياته.

الدلالة المعجمية لمفهوم النفس:

وردت لفظة النفس في القرآن الكريم بكل مشتقاتها وبصيغ مختلفة وبمعاني متعددة، فهي تدل على الإنسان ككائن حي وتدل على جوهره والقرآن الكريم اعتنى بها عناية خاصة.

معنى النفس في اللغة:

قال ابن فارس: (النفس) النون والفاء والسين أصل واحد يدل على خروج النسيم كيف كان من الريح وغيرها، وإليه ترجع فروعه من التنفس خروج النسيم من الجوف ونفّس الله كربته وذلك أنّ في خروج النسيم روحا وراحة([6])

والنفس: تعني الروح ويقال إن فلاناً حادث نفسه أو خرجت نفسه أي مات، ويقال جاء هو بنفسه أو نفسه وجمعها نفوس وأنفس، ويقال فلان أصابته نفس أو عين، وفلان ذو نفس: أي جلد وخلق، وفلان يؤامر نفسيه أي له رأيان ولا يعلم على أيهما يثبت ويستقر كما تعني نفسي قصدي ومرادي عند قول في نفسي أنا أفعل كذا وكذا ([7])

وذكر ابن منظور أن النفس هي الروح، واعتبر أن بينهما فرقاً، ومن معانيها ما دل على جملة الشيء وحقيقته أي أنها تدل على الإنسان كله بجانبيه المادي والمعنوي، ويذكر كذلك ابن منظور أن لفظ النفس فيه معنى جملة الشيء وحقيقته، تقول قتل فلان نفسه وأهلك نفسه ([8])

– والنفس بمعنى حقيقة الشيء وجملته ويقال قتل فلان نفسه أي ذاته وجملته([9])

– النفس الحسد والعين ويقال اصابته نفس أي عين، والنفس بمعنى الدم، لأن النفس تخرج بخروجه([10])

النفس ما يكون به التمييز والعرب قد جعلت النفس التي يكون بها التمييز نفسين، وذلك أن النفس قد تأمره بالشيء وتنهى عنه، وذاك عن الإقدام على أمر مكروه فجعلوا التي تأمره نفسا وجعلوا التي تنهاه كأنها نفس أخرى ([11])

– وجمع النفس أنفس ونفوس أما النَفَس: فهو خروج الهواء ودخوله من الأنف والفم وجمعه أنفاس وهو كالغذاء للنفس لأن بانقطاعه بطلانها ([12])

وقد قدم صاحب تاج العروس، الزبيدي، قدم تفصيلا لتعريف النفس والروح ويحمل في معجمه دلالات النفس بقوله: وقد يحصل من كلام رحمة الله عليه خمسة عشر معنى للنفس وهي: الروح، الدم، الجسد، العين، العند، الحقيقة، الشيء، القدر ، الدبغة ، العظمة، العزة، الأنفة، الغيب، والإرادة، والعقوبة، ([13]) والنفس جميعه روحه وجسده، يقول تعالى: “أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله” ([14])

(وإنما اتسع في النفس وعبر بها الحجة لغلبة أوصاف الجسد على الروح حتى صار يسمى نفسا وطرأ عليه هذا الاسم بسبب الجسد) ([15])

الدلالة الاصطلاحية للنفس في القرآن الكريم

النفس عند العلماء المعاصرين:

النفس هي همزة وصل بين الروح والجسد. إنها حركة المادة ودونها لا حياة في هذه المادة، ولا نقصد هنا بكلمة (لا حياة) الموت التام بل نقصد فقط نقص الفعالية الهادفة والموجهة إذ من دون النفس يبقى الجسد حيًا ولكن حياته غير منظمة يختل معها عمله السلوكي والحركي والعقلي أي يصبح مضطربًا نفسيًا. ([16])

النفس: هي الجزء المقابل للبدن في تفاعلهما وتبادلهما التأثير المستمر مكونين معًا وحدة متميزة تطلق عليها لفظ (الشخصية) تميز الفرد عن غيره وتؤدى به توافقه الخاص بحياته. ([17])

النفس عند فلاسفة الإسلام:

عرّف فلاسفة الإسلام النفس بأنها الكمال الأول لجسم ألي ذي حياة بالقوة. وهو قول أبو نصر الفارابي عن ارسطو في تعريفه للنفس بأنها كمال البدن المركب من عناصر طبيعية، وقد حاول الفارابي التوفيق بين تعريف كل من افلاطون وارسطو للنفس، فهو يقول كأفلاطون أن النفس العاقلة هي جوهر الإنسان عند التحقيق لا تفنى بفناء البدن، وإن المعرفة الحقة هي سبيل الصعود إلى العالم العلوي، وفسر الفارابي حدوث النفس بأنها تفيض من العقل الفعال وهو الملك الذي يشرف على حركة فلك القمر وهو الذي يطلق عليه (واهب الصور). ([18])

وقد عني الفيلسوف ابن سينا عناية بالغة بمسألة النفس وعالجها كالطبيب والفيلسوف، ففرق بين ثلاثة أنواع من النفوس وهي:

النفس النباتية، والنفس الحيوانية، والنفس الإنسانية، وقد برهن على وجود النفس وأنها مستقلة عن البدن ليست بعوض للجسم توجد بوجوده وتفنى بفنائه، واستدل على ذلك بعدة براهين أشهرها البرهان الطبيعي، وبرهان الإدراك والوجدان، وحدة النفس، وبرهان الاستمرار، والنفس الإنسانية او العاقلة هي التي عنده جوهر الإنسان. ([19])

يبدو أن ابن سينا يميل أيضا الى الجمع بين آراء كل من أفلاطون وارسطو في طبيعة النفس فهو يرى كأفلاطون أن النفس جوهر مستقل ومخالف للبدن ويرى ارسطو انها كمال له، ولكن ابن سينا يقول بأنها جوهر روحي تفيض من العالم العلوي على قالب البدن فتحييه وتكسبه المعارف والعلوم. ([20])

ويقول ابن رشد عن النفس بأنها وإن كانت صورة للبدن فإنها جوهر روحي قائم بذاته لا ينقسم بانقسام الجسم، وهي لا تفيض من العقل الفعال أو واهب الصور كما قالها قبله الفارابي وابن سينا، وذلك لأن الله وحده هو الذي يخلق جميع الكائنات روحية أو مادية خلقًا مباشرًا أي دون حاجة إلى عقول تتوسط بينه وبين مخلوقاته. ([21])

مفهوم النفس عند المفسرين:

وردت كلمة النفس عند الزجّاج: “أي ويتوفى الأنفس التي لم تمت في منامها فالميتة المتوفاة وفاة الموت هي التي قد فارقتها النفس التي يكون منها الحياة والحركة والنفس التي يتميز بها والتي تتوفى في النوم نفس التمييز لا نفس الحياة لأن نفس الحياة إذا زالت زال معها النفس والنائم يتنفس فهذا الفرق بين توفي نفس النائم في النوم ونفس الحي” ([22])

وقال الزمخشري: “قيل يتوفى النفس يستوفيها ويقضيها وهي النفس التي تكون معها الحياة والحركة ويتوفى النفس التي لم تمت في منامها وهي نفس التمييز، قالوا: فالتي تتوفى في النوم هي نفس التميز لا نفس الحياة لان نفس الحياة إذا زالت زالت معها النفس والنائم يتنفس” ([23])

وردت كلمة النفس عند القاسمي: “الله يتوفى الأنفس حين موتها أي مفارقتها بإبطال تصرفها فيها بالكلية، والتي تمت في منامها أي: يتوفى التي لم تمت موتها منامها بإبطال تصرف الحواس الظاهرة فيمسك التي قضت عليها أي فلا يردها الى بدنها الى يوم القيامة ويرسل الأخرى الى أجل مسمى أي: وهو نوم اخر او موت إن في ذلك.

أي: فيما ذكر من التوخي على الوجهين، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون أي: في كيفية تعلقها بالأبدان، توفيها عنها” ([24])

الشخصية الإنسانية:

تكوين الإنسان:

لقد أخبرنا القرآن الكريم كيف خلف الله تعالى الإنسان من مادة وروح، فبعد أن مرّ التراب بعدة مراحل من التكوين: من تراب إلى طين إلى حمأ مسنون إلى صلصال كالفخار، نفخ الله فيه من روحه فخلق آدم عليه السلام ([25])

(إِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّي خَٰلِقُۢ بَشَرٗا مِّن طِينٖ (*) فَإِذَا سَوَّيۡتُهُۥ وَنَفَخۡتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُۥ سَٰجِدِينَ) ([26])

)وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّي خَٰلِقُۢ بَشَرٗا مِّن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ (*) فَإِذَا سَوَّيۡتُهُۥ وَنَفَخۡتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُۥ سَٰجِدِينَ) ([27])

وجاءت كلمة “الروح” في القرآن بعدة معان، وإن معنى الروح الذي ورد في الآيات التي تشير إلى خلق آدم هو “روح منه تعالى يكون فيه استعداد الانسان لمعالي الصفات وموالاة الحق” ([28])

وهو عنصر عُلوي يتضمن استعداد الإنسان لتحقيق معالي الأمور وأقدس الصفات، فهو الذي يؤهله للارتفاع فوق مستوى الحيوان ويقدر له أهدافه وغايته العليا في الحياة، ويرسم له خطوط منهاجه ويضيف إلى بشريته النزوع إلى مصدر القيم والمعارف التي تجعل له حقيقة الإنسان” ([29])

وبهذا النوع من التكوين يتميز الإنسان عن سائر المخلوقات، فهو يشارك الحيوان في معظم الخصائص الجسمية وما يتطلبه حفظ الذات والبقاء من دوافع وانفعالات وقدرة على الإدراك والتعلم، ولكنه يتميز عن الحيوان بخصائص روحه التي تجعله ينزع إلى معرفة الله سبحانه وتعالى وعبادته، والتشوق إلى الفضائل والمثل العليا التي ترتفع به إلى مستويات عالية من الكمال الإنساني،ولهذا كان الإنسان أهلًا لخلافة الله في الأرض، فما يميز الإنسان عن الحيوان هو ان قيمة الروح من الله سبحانه وتعالى التي خصته بالاستعداد لمعرفة الله والايمان به وعبادته وتحصيل العلوم وتسخيرها في عمارة الأرض، والتمسك بالقيم والمثل العليا في سلوكه الفردي والاجتماعي ولا توجد الروح والمادة في الإنسان منفصلتين أو مستقلتين احداهما عن الأخرى، وإنما هما ممتزجتان معًا في وحدة متكاملة متناسقة وتتكون من هذا المزيج المتناسق ذات الإنسان وشخصيته، ونحن لا نستطيع أن نفهم شخصية الإنسان فهمًا دقيقًا إلا بالنظر إلى هذا الكيان بأكمله، المكون من امتزاج المادة والروح. ([30])

الشخصية مجموعة من الصفات التي تميز الشخص عن غيره([31]) والشخصية السوية في الإسلام هي التي توازن بين البدن والروح، وتتشبع فيها حاجات كل من البدن والروح. ويشير القرآن الكريم إلى ضرورة تحقيق التوازن في الشخصية كما في قوله تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) ([32])

“ولا تنس نصيبك من الدنيا” ليس النصيب من الدنيا جمعها ولا منعها إنما النصيب منها ما تكون فيه فائدة بحيث لا يعقب ندمًا، ولا يوجب في الآخرة عقوبةً، ويقال النصيب من الدنيا ما يعمل على طاعته بالنفس، وعلى معرفته بالقلب، وعلى ذكره باللسان، وعلى مشاهدته بالسر.

“وأحسن كما أحسن الله إليك” إنما يكون منه حسنه لو آمن بالله لأن الكافر لا حسنة له والآية تدل على أن لله على الكافر نعمًا دنيوية، والإحسان الذي أمر به انفاق النعمة في وجوه الطاعة والخدمة، ومقابلته بالشكران لا بالكفران. وقال الإحسان رؤية الفضل دون توهم الاستحقاق ([33])

“وفي هذا يتمثل اعتدال النهج الإلهي القويم: المنهج الذي يعلق قلب صاحب المال بالآخرة، ولا يحرمه أن يأخذ بقسط من المتاع في هذه الحياة بل يحضه على هذا ويكلفه إياه تكليفًا، كي لا يتزهد الزهد الذي يهمل الحياة ويضعفها”([34])

ويشير القرآن أيضا الى الصراع النفسي بين الجانبين المادي والروحي في الإنسان في وصفه تعالى لانفضاض بعض المسلمين من حول النبي صلى الله عليه وسلم حينما سمعوا بأنباء وصول قافلة محملة بالمؤونة إلى المدينة.

“وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائمًا قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين” ([35])

“ولعل مشيئة الله سبحانه وتعالى قد اقتضت ايضًا ان يكون أسلوب الانسان في حل هذا الصراع هو الاختبار الحقيقي والاساسي الذي وضعه الله تعالى للإنسان في هذه الحياة. فمن استطاع أن يوفق بين الجانبين المادي والروحي في شخصيته، وأن يحقق بينهما أكبر قدر مستطاع من التناسق والتوازن، فقد نجح في الاختبار واستحق أن يثاب على ذلك بالسعادة في الدنيا وفي الآخرة، وأما من انساق وراء شهواته البدنية، وأغفل المطالب الروحية فقد فشل في هذا الاختبار واستحق ان يجازى على ذلك بالشقاء في الدنيا والآخرة” ([36])

(ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَيَوٰةَ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفُورُ) ([37])

ولقد شاءت رحمة الله تعالى وحكمته أن يمدّ الإنسان بجميع الإمكانات اللازمة لحل هذا الصراع واجتياز هذا الاختبار الصعب بأن وهبه العقل ليميز به بين الخير والشر وبين الحق والباطل. كما أمده سبحانه بحرية الإرادة والاختيار ليستطيع أن يبت في هذا الصراع، وأن يختار الطريق الذي يريده لحل هذا الصراع. وإن حرية إرادة الإنسان وحريته في اختيار الطريق الذي يحل به هذا الصراع إنما يمثلان مسؤوليته وحسابه ([38])

مركز الشخصية الإسلامية:

فكرة التوحيد هي مركز الشخصية الإسلامية والتي يبنى عليها الإيمان بالرسل وبالملائكة واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، وكل هذا يكون نواة الشخصية الإسلامية، وهو ما نسميه (الإيمان الصادق) فتوحيد المعبود يوحد مصدر التلقي ومصدر التوجيه، فتكون المعضلة تضافر ملكات النفس، وتكون ثمرة ذلك بالنمو الإيجابي المطرد مع سلام داخلي وتصالح بين مكونات النفس، بل وتصالح بين مكونات النفس ومكونات الكون التي تتجه جميعها في نفس الاتجاه، وهنا يحدث التناسق النفسي الداخلي، والتناسق النفسي الكلي، وعلى العكس فإن اتخاذ آلهة مختلفة يشتت قوى النفس ويهدد استقرارها ويعوق نموها الصحيح ([39])

قال تعالى (يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ ءَأَرۡبَابٞ مُّتَفَرِّقُونَ خَيۡرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ) ([40])

(يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ) يعني: يا ساكنيه، (ءَأَرۡبَابٞ مُّتَفَرِّقُونَ) يعني: الأصنام “خير” أعظم في صفة المدح ( أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ ) الذي يقهر كل شيء. ([41]) وجاء ذلك المعنى في قوله تعالى (وَنَفۡسٖ وَمَا سَوَّىٰهَا * فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا * قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا* وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا) ([42])

“ونفس وما سواها” يعني: ونفس والذي سوى خلقها، ويقال ونفس وما خلقها، “فألهمها فجورها وتقواها” يعني ألهمها الطاعة والمعصية، ويقال: عرّفها وبين لها ما تؤتي وما تذر، ثم قال عز وجل “قد أفلح من زكاها” يعني: أصلحها الله وكرمها وهذا جواب القسم “لقد أفلح”، ولكن اللام حذفت لثقلها ثم قال “وقد خاب من دساها” يعني خسر من أغفلها وأغواها وخذلها وأهملها.

وقيل معناها: قد أفلح من زكى نفسه، أي أنماها وأعلاها بالطاعة والبر والصدقة وقد خاب من دساها يعني: نقصها وأخفاها بترك عمل البر وبركوب عمل المعاصي. ([43])

أنواع النفس في القرآن الكريم:

إن في طبيعة تكوين الإنسان استعدادًا لفعل كل من الخير والشر، استعدادًا لإتباع اهوائه وشهواته البدنية، والاستغراق في الاستمتاع بملذاته الحسية ورغباته الدنيوية او استعداد للتسامي الى افق الفضيلة والتقوى والمثل الإنسانية العليا، والعمل الصالح، وما يحققه ذلك من سكينة نفسية وسعادة روحية. وإن الاختبار الحقيقي للإنسان في هذه الحياة هو ما تتجه إليه إرادته وما يقع عليه اختياره.([44])

وقد ذكر القرآن الكريم أن النفس ثلاثة أنواع (النفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة والنفس المطمئنة) وعرفها الجرجاني في تعريفاته بقوله: ([45]) أن النفس الأمارة: هي التي تميل إلى الطبيعة البدنية وتأمر بالملذات والشهوات الحسية وتجذب القلب إلى الجهة السفلية فهي مأوى الشرور.

النفس اللوامة: هي التي تنوره بنور القلب قدر ما تنبهت عن سنة الغفلة كلما صدرت عنها سيئة بحكم جبلتها الظلمانية أخذت تلوم نفسها.

النفس المطمئنة: هي التي تضيء بنور القلب حتى انخلعت عن صفاتها الذميمة وتخلقت بالأخلاق الحميدة.

النفس اللوامة: وباتفاق المفسرين النفس اللوامة المراد بها النفس الضائعة بالتقصير التي تلوم ذاتها، فهي النفس التي إن فعلت خيرا تلوم ذاتها على أنها لم تكثر منه، وإن فعلت شرًا أو فارقته تلوم ذاتها. ([46])

(وهي التي تندم على ما فات وتلوم عليها فهي عن طريق اللوم ومحاسبة النفس تنيب إلى الله سبحانه وتعالى وترجع إليه كلما اقترفت ذنبًا مخالفًا لأمره سبحانه، وتبرز في هذا النفس قوة الضمير، فيحاسب الإنسان نفسه على أي سوء أو تقصير، فهذه النفس تسير وفق الطريق الذي بينه الله سبحانه وتعالى لها في هذه الدنيا) ([47])

النفس اللوامة:

(لَآ أُقۡسِمُ بِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ * وَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلنَّفۡسِ ٱللَّوَّامَةِ) ([48])

فالإنسان الذي يكون في مرتبة أعلى من الكمال الإنساني بحيث يكون ضميره مستيقظا، فيستنكر ضعف ارادته وانقياده لأهوائه وشهواته وملذات الحياة الدنيوية مما يوقعه في الخطيئة والمعصية، فيشعر بالذنب ويلوم نفسه على ما فرط فيها، ويتجه إلى الله مستغفرًا تائبًا، فإنه يكون في هذه الحالة تحت تأثير “النفس اللوامة” ([49])

النفس الأمارة بالسوء:

وحينما يختار الإنسان الملذات الدنيوية وينساق وراء أهوائه وشهواته، وينسى ربه واليوم الآخر، إنما يصبح في معيشته اشبه بالحيوان بل أضل لأنه لم يستخدم عقله الذي ميزه الله تعالى به على الحيوان فيكون شخصًا غير ناضج وأشبه بالطفل الذي لا يهمه إلا اشباع حاجاته ورغباته، ولم تقو إرادته بعد، ولم يتعلم بعد كيف يتحكم في أهوائه وشهواته، فينساق وراء اشباعها، ويصبح خاضعًا لتوجيه “نفسه الأمارة بالسوء” ([50])

قال تعالى: (أَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيۡهِ وَكِيلًا * أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَسۡمَعُونَ أَوۡ يَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا) ([51])

النفس المطمئنة:

إذًا أخلص الإنسان في تقربه لله تعالى بالعبادات والإعمال الصالحة والابتعاد عن كل ما يغضب الله، وتحكمه تحكمًا كاملاً في أهوائه وشهواته، وقام بتوجيهها إلى الإشباع بالطريقة التي حددها الشرع فقط، وحقق التوازن التام بين مطالبه البدنية، ومطالبه الروحية، فإنه يكون في أعلى مرتبة من الكمال الإنساني، وهي المرتبة التي تكون فيها نفس الإنسان في حالة اطمئنان وسكينة، وينطبق عليه وصف النفس المطمئنة التي ذكرها سبحانه وتعالى في قوله “يا أيتها النفس المطمئنة* ارجعي إلى ربك راضية مرضية* فادخلي في عبادي* وادخلي جنتي” ([52])

النفس المتزنة في القرآن:

يقوم الإنسان بإشباع حاجاته البدنية في الحدود التي أباحها الشرع، ويقوم في الوقت نفسه بإشباع حاجاته الروحية، ويصبح هذا التوفيق بين حاجات البدن وحاجات الروح يصبح أمرًا ممكنًا إذا ما التزم الإنسان في حياته التوسط والاعتدال، وتجنب الإسراف والتطرف سواء في اشباع دوافعه البدنية أو الروحية، فليس في الإسلام رهبانية تقاوم إشباع الدوافع البدنية وتعمل على كبتها، كما ليس في الإسلام إباحية مطلقة تعمل على الإشباع التام للدوافع البدنية، وإنما ينادي الإسلام بالتوفيق بين دوافع كل من البدن والروح، واتباع طريق وسط يحقق التوازن بين الجانبين المادي والروحي في الإنسان ([53])

ويشير القرآن الكريم إلى ضرورة تحقيق هذا التوازن في الشخصية بقوله تعالى: (وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ) ([54])

وفي هذا المعنى قال الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام: “ليس خيركم من عمل لدنياه دون آخرته، ولا من عمل لآخرته وترك دنياه، وإنما خيركم من عمل لهذه وهذه” ([55])

وحيثما يتحقق هذا التوازن بين البدن والروح تتحقق ذاتية الإنسان في صورتها الحقيقية الكاملة والتي تمثلت في شخصية النبي صلوات الله عليه وسلامه الذي توازنت فيه القوة الروحية الشفافة والحيوية الجسدية الفياضة، فكان يعبد ربه حق عبادته في صفاء وخشوع كاملين، كما كان يعيش حياته البشرية كغيره من الشر يشبع حاجاته البدنية في الحدود التي رسمها الشرع، لذلك فهو يمثل الإنسان الكامل، والشخصية الإنسانية النموذجية الكاملة التي توازنت فيها جميع القوى الإنسانية البدنية منها والروحية ([56])

إن الشخصية السوية في الإسلام هي الشخصية التي يتوازن فيها البدن والروح وتشبع فيها حاجات كل من البدن والروح، فالشخص الذي ينساق وراء اهوائه وشهواته غير سوي، وكذلك فإن الشخص الذي يكبت حاجاته البدنية ويقهر جسمه ويضعفه بالرهبانية المفرطة والتقشف الشديد وينزع إلى إشباع حاجاته الروحية فقط، هو شخص أيضا غير سوي، وذلك لأن كلًا من هذين الاتجاهين المتطرفين يخالف الطبيعة الإنسانية ويعارض فطرتها، ولذلك فلا يمكن أن يؤدي بها إلى بلوغ كمالها الحقيقي ([57])

ويتضح موقف الإسلام من ضرورة التوازن بين مطالب البدن ومطالب الروح من إنكار النبي صلى الله عليه وسلم لعمل ثلاثة من الصحابة كان أحدهم يصلي الليل كله ولا ينام، وكان الثاني يصوم الدهر كله ولا يفطر وكان الثالث يعتزل النساء ولا يتزوج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أما أنا والله أخشاكم لله وأتقاكم، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني” ([58])

أسباب تأثير القرآن الكريم في النفس البشرية:

تكمن وراء تأثير القرآن الكريم في النفس البشرية أسباب كثيرة، يمكن إجمال أبرزها في المطالب الآتية: ([59])

المطلب الأول: قدسية ألفاظ القرآن

“إن في هذا القرآن شيء ما وراء المعاني التي يدركها العقل من التعبير، وأن هنالك عنصراً ينسكب في النفس بمجرد الاستماع لهذا القرآن، يدركه بعض الناس واضحًا، ويدركه بعض الناس غامضًا، ولكنه على كل حال موجود

هذا العنصر الذي ينسكب في النفس، يصعب تحديد مصدره، أهو العبارة ذاتها؟ أهو المعنى الكامن فيها؟ أهو الصور والظلال التي ترسمها؟ أهو الإيقاع القرآني المتميز عن إيقاع سائر القول المصوغ من اللغة؟ أهي هذه العناصر كلها مجتمعة؟ أم أنها تشمل ما تقدم وشيئًا آخر وراءها غير محدد، ذلك سر مودع في كل نص قرآني يشعر به كل من يواجه نصوص هذا القرآن ابتداءً ثم تأتي وراءه الاسرار المدركة بالتدبر والنظر والتفكير في بناء القرآن كله” ([60])

فالقرآن له سلطان الجلال والمهابة يستولي على قلوب المخاطبين استيلاءً “كالقهر وما هو بالقهر، له فعل في القلوب كالسحر وما هو بالسحر، لا يختص ذلك بالأنصار دون الخصوم ولا بمحالفيه دون مخالفيه بل يغزو القلب من حيث لا يمكن لصاحبه رد ، ويؤثر فيه من حيث لا يمكن دفع أثره في الأعداء كما أثر في الأتباع” ([61])

وقال الإمام محمد سعيد رمضان البوطي حين تحدث عن مظهر جلال الربوبية:

“ومما لا ريب فيه أن أكثر الناس الذين يقرؤون كتاب الله تعالى قد وقر في أنفسهم أن هذا الكلام لا يمكن أن ينطق به بشر من الناس دون أن يعلموا البرهان الواضح على يقينهم هذا، أنما يستشعرون في الحقيقة هذا النوع مظهر جلال الربوبية في القرآن، وإذا رأيت من إذا تلا القرآن تأثر به فاعلم أنه متفاعل مع هذا الوجه” ([62])

هذا التأثر والمهابة وذلك السلطان الذي تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، قال الله عز وجل: (ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحۡسَنَ ٱلۡحَدِيثِ كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا مَّثَانِيَ تَقۡشَعِرُّ مِنۡهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمۡ وَقُلُوبُهُمۡ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهۡدِي بِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٍ) ([63])

حين نتأمل خطاب القرآن نجد ملكًا، له الملك كله، وله الحمد كله، أزمّة الأمور كلها بيده، ومصدرها منه، ومردها إليه، مستويًا على سرير ملكه لا تخفى عليه خافية في أقطار مملكته، عالمًا بما في نفوس عبيده، مطلعًا على أسرارهم وعلانيتهم، منفردًا بتدبير المملكة، يسمع ويرى، ويعطي ويمنع، ويثيب ويعاقب، ويكرم ويهين، ويخلق ويرزق، فتأمل كيف نجده يثني على نفسه، ويمجد نفسه، ويحمد نفسه، وينصح عباده، ويدلهم على ما فيه سعادتهم وفلاحهم، ويرغبهم فيه، ويتعرف اليهم بأسمائه وصفاته، ويستجيب اليهم بنعمه وآلائه، فإذا شهدت القلوب من القرآن ملكًا عظيمًا رحيمًا جوادًا جميلًا، هذا شأنه فكيف لا تحبه وتأنس في القرب منه؟ وتنفق أنفاسها في التودد إليه، ويكون أحب إليها من كل ما سواه؟! وكيف لا تلهج بذكره، ويصير حبه والشوق إليه والأنس به هو غذاؤها وقوتها ودواؤها؟! بحيث إن فقدت ذلك فسدت وهلكت ولم تنتفع بحياتها” ([64])

وقال الإمام الغزالي ذاكرًا من أعمال الباطن في التلاوة: “التعظيم للمتكلم: مشيرًا إلى أن القارئ يجب أن يستحضر عظمة المتكلم، ويعلم أن ما يقرأه ليس من كلام البشر وأن في تلاوة كلام الله عز وجل غاية الخطر فإنه عز وجل قال: (لَّا يَمَسُّهُۥٓ إِلَّا ٱلۡمُطَهَّرُونَ ) ([65])

ولا يتأتى ذلك إلا بالتفكر في صفاته وجلاله وأفعاله” ([66])

(تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ)([67])

(تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبۡعُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ وَإِن مِّن شَيۡءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ وَلَٰكِن لَّا تَفۡقَهُونَ تَسۡبِيحَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا) ([68])

(وَإِنَّهُۥ لَفِي زُبُرِ ٱلۡأَوَّلِينَ ) ([69])

(وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُۥۖ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِيدِ) ([70])

تناغم ألفاظ القرآن وجرسه الموسيقي:

تعد هذه الخاصية من أكثر الخصائص وأقوى الأسباب في التأثير، ذلك أنه يستطيع إدراكها اكثر الناس بغض النظر عن لسانهم ولغتهم فهذه الخاصية شيء فوق معانيه، إذ من طبيعة الإنسان طربه للنغم وتأثره بالكلام الموزون، بل ربما يوحي إليه النغم والإيقاع بما لا يستطيع القول أن يفسره أو يشرحه، يشترك في هذا التوازن كل حرف من كتاب الله، بل كل حكم من أحكام التجويد، حتى رسم الكلمة يوحي بظلال على هذا الاتزان والانسجام، والفواصل أبرز هذه الجوانب” ([71])

شاع استخدام مصطلح الموسيقى عند الأدباء والشعراء، ويعنون به لغة العواطف والوجدان ([72])، إذ هي تؤثر في العواطف لما في نفحاتها وايقاعها من جمال، وما ينشأ عنها من أثر في النفوس، ويرجع استخدام الأدباء لهذه اللفظة لما بين الأدب والموسيقى من قدر مشترك، فالموسيقى “تستعمل أصواتًا لا معنى لها كمادة أولية، والأدب يستعمل أصواتًا مليئة بالمعاني هي الألفاظ” ([73])

وهكذا نلحظ أن هذه الموسيقى تتماشى جنبًا إلى جنب مع الجوانب النفسية “فمادة الصوت هي مظهر الانفعال النفسي، وهذا الانفعال بطبيعته هو السبب في تنويع الصوت بما يخرجه فيه، وبما يهيئ له من الحركات المختلفة في اضطرابه وتتابعه على مقادير تناسب ما في النفس من أصولها وما تحدثه العبارة من جرس في الاستماع لم يلبث أن يتعمق بالوجدان ويمتزج بالمشاعر والأحاسيس، فيستجيب العقل والوجدان لداعيها، ثم لم يلبث أن تصحبها مواقف متأثرة بها منفعلة لها، والقرآن يخاطب البشرية، ولكي يصل إلى هذه النفوس المختلفة في ميولها وامزجتها فقد اعتمد على عنصر الصوت، الذي هو يظهر الانفعال النفسي” ([74])

ألفاظ القرآن الكريم بترابطها وتناغمها وانسجامها كفيلة بأن تنقل القارئ إلى الجو النفسي الذي قيلت فيه تلك الألفاظ على الرغم من تباعد الزمان واختلاف الظروف والأحوال، ولا يشعر القارئ بفجوة نفسية بل انه يشعر بأنه يعيش تلك الأجواء بالعواطف والانفعالات التي عاشتها، هذا إلى جانب الانسجام الصوتي الذي ينبعث من الألفاظ وأثره النفسي فعليًا حيث نجده يبعث السرور والارتياح والاعجاب تارة، ونجده يثير أحيانا أخرى أنغامًا مختلفة، فالقرآن نسمعه متلوا ونشعر أنه وحدة موسيقية متوازنة تطرب لها الآذان وترتاح لها النفوس والذي سمع القرآن “إنما سمع مقطعًا من الموسيقى اللغوية في انسجامه واطراد نسقه واتزانه على أجزاء النفس مقطعًا مقطعًا ونبرةً نبرة”

إن القرآن جعل من نظمه طريقة نفسية في الطريقة اللسانية، وادار المعاني على سنن ووجوه تجعل الألفاظ كأنها مذهب هذه المعاني في النفس” ([75])

“إن للقرآن فوق البلاغة والعذوبة والحكمة والبيان روحانية يدركها من له حظ في فهم الكلام وتقدير الحكمة وإدراك البلاغة، الا ترى إلى الطفل والعامي كيف يعتريهما تهيب عند تلاوته بصوت حسن ، حتى أنهما ليكادان يفرقان بين ما هو قرآن وما ليس بقرآن، فيما لو أراد التالي أن يخشعهما، روحانية تظهر للعارف باللغة وللجاهل بها”([76])

“ويمكن أن يقال إن في القرآن طاقة روحية هائلة ذات تأثير بالغ الشأن في نفس الإنسان، فهو يهز وجدانه، ويرهق احاسيسه ومشاعره، ويصقل روحه ويوقظ إدراكه وتفكيره، وهذه الخاصية هي التي جعلت العرب يخشون سماعه لضعفهم وقوته” ([77])

إن هذا القرآن له سلطات على الفطرة الإنسانية وسره الخاص في التأثير فيها بمجرد تلاوته أو حتى بمجرد سماعه، ما من تال للقرآن إلا وهو يشعر أن شيئًا ما وراء المعاني التي يدركها العقل من التعبير، فهو “سر مودع في كل نص قرآني يشعر به من يواجه نصوص هذا القرآن ابتداءً، ثم تأتي وراء الأسرار المدركة بالتدبر والنظر والتفكير في بناء القرآن كله”([78])

المطلب الثالث: مسايرة القرآن للنفس البشرية:

(الٓرۚ كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ ) ([79])

( إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ) ([80])

(أَلَمۡ يَأۡنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ لِذِكۡرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلۡحَقِّ) ([81])

“هذا المزج بين كلام رب العالمين وكلام العباد يبقي الإنسان موصولًا مشدودًا إليه يشعره بأنه خطاب له بعينه، لا حديثًا لا قدام له، بل هو المعنى بألفاظه، وكيف لا يتأثر المرء وهو يسمع قوله عز وجل يستثير فيه عاطفة ايمانه، ويقف على حقيقته، فهي صفة غالبة على آيات القرآن تلمس الوجدان ولعل ما يزيد المرء من الاقبال على كلام رب العالمين، تلك النزعة الإنسانية التي يلمسها القارئ في آياته حيث لا يشعر القارئ لكتاب الله أو المستمع لآياته أنه بعيد عنه” ([82])

” فالذي يقرأ القرآن يلحظ تدرج القرآن وانسجامه مع فطرة الإنسان ، يلمس مسايرة القرآن لشؤون النفس الإنسانية، ويدرك أنه يتغلغل في شعابها وجوانبها مما لم يعتد إليه العلم إلا حديثا، فتجد أن ما يقدمه القرآن من حلول لمشاكل النفس الإنسانية، تتجاوب إليه النفوس، وتستريح له الأفئدة، وتطمئن له القلوب، إن من أسرار القرآن الكريم أن يمسك بأحوال النفس الإنسانية كلها، ويجيء إليها بما يناسب كل حال منها في مواجهتة للأحداث وفي تصوره لها وإحساسه بها”([83])

“والقرآن في كل ما يصدر فيه من أوامر وتواه وعقيدة وأخلاق وتشريع وعظات إنما يقدم من ذلك كله ثوباً قد فصل على قدر الحقيقة الإنسانية كلها أينما وجدت ، وكيفما تنوعت”([84])

وهو في خطابه وتشريعاته يراعي ميول النفس الإنسانية ، ويساير طبيعتها، ويتدرج في علاجها، وهذه سمة غالبة في التشريعات التي تم التدرج فيها، كتحريم الخمر في جانب النواهي، أو تشريع الجهاد في جانب الأوامر، ولعل المثال يفي بالمقال في هذا المقام:

إننا لو تأملنا الآيات الآمره بالقتال سوف نلمس تلك المسيرة القرآنية لطبيعة النفس الإنسانية بشكل واضح جداً، فالله – عز وجل- يقول في محكم تنزيله:([85])

(كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡـٔٗا وَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّواْ شَيۡـٔٗا وَهُوَ شَرّٞ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ) ([86])

فقد أحتاجت الطبيعة الإنسانية في هذا المقام إلى عدة أمور:

بيان أن القتال فريضة مكتوبة

بيان أن القتال أمر تكرهه النفس البشرية، وهذا الاعتراف فيه فائدة تمهيدية للنفس من هذه الكراهية، فالنفس تانس بالحديث الذي فيه اعتراف بالحقيقة بأن القتال كان شاقاً على النفس، وبهذا تكون طريقة تربوية قائمة على الصراحة وعدم الهروب من مواجهة الواقع. ([87])

بيان أنه ليس كل ما تكرهه النفس شراً دائماً، ولا ما تحبه النفس خيراً دائماً، وهذه حقيقة تلمسها النفس بالتجربة، وهذا يشير إلى أن الآيات تتدرج مع النفس الإنسانية واقفة على حقائقها ولا يخفى أن القرآن بعد هذا لا ينسى في تسريعاته للجهاد بيان ما تميل إليه النفس وتحبه وهو : النصر والفوز على الأعداء، ويكون فيها شفاء للغليل.([88])

(قَٰتِلُوهُمۡ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ بِأَيۡدِيكُمۡ وَيُخۡزِهِمۡ وَيَنصُرۡكُمۡ عَلَيۡهِمۡ وَيَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ)([89])

يذكر هنا أن ميادين علم النفس تشير إلى وجود علاقة بين الشعور بالانتصار والسلوك الشخصي لدى الأفراد (كالغبطة والفرح والسرور) وهذا يطلق عليه (شفاء النفوس) والنفس بطبيعتها ميالة إلى الحصول على منافع مادية ملموسة، ولهذا الأيات تساير النفس الإنسانية في هذا الجانب، وتشرع لها بالأخذ من الغنائم، وتبيح لهم التصرف فيه.

(وأعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل)

(وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ) ([90])

(فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمۡتُمۡ حَلَٰلٗا طَيِّبٗاۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ)([91])

هذا كله يجعل نفس القارئ تطمئن إلى دقة قائله، وتستجيب لأوامره وتتأثر به، وتدرك أن هذا كلام رب العالمين، وبهذا ندرك أن هذا الجانب هو أحد مظاهر التأثر بالقرآن الكريم، ويمكننا أن نردد مع القائلين بأنه ” ما من امريء سليم الفكر والضمير يتلو القرآن أو يستمع إليه ثم يزعم بعدها أنه لم يتأُثر به، أما سر ذلك فهو كامن في أنه ما من هاجس يعرض للنفس الإنسانية من ناحية الحقائق الدينية إلا ويعرض له القرآن بالهداية وسداد التوجيه” ([92])

المطلب الرابع : مخاطبة العقل وأمتاع العاطفة والوجدان:

القرآن يخاطب العقل بمنطق قوي وحجة ظاهرة ودليل قاطع، وتراه في الوقت نفسه يخاطب الشعور والوجدان خطابياً يستدر به العطف ويوقظ الإحساس، فلا تجده يغذي جانباً ويمهمل جانباً.

(قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَمَن يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۚ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُۚ فَقُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ) ([93])

نجد أن القرآن الكريم خاطب القوتين معاً، إذ في النفس البشرية قوتان كما هو معروف- قوة تفكير وقوة وجدان، وحاجة كل واحدة منهما غير حاجة أختها، ومع ذلك نجد أن القرأن يجمع بين هاتين القوتين ” كما يحمل الغصن الواحد من الشجرة أوراق وأزهارا وأثمارا معاً وكما يسري الروح في الجسد، والماء في العود الأخضر….) ([94])

والحقيقة هذه لا ينقصها دليل أو برهان فالقارئ لكتاب الله يلمسها في أسلوب القرآن، إذ هي سمة بارزة فيه، تارة تخاطب العقل وتسوق له الأدلة والبراهيم، وتارة تلهب المشاعر وتخاطب الوجدات فيشعر المرء بأنه أمام كلام يصل إلى شفاف قلبه ويلامس حاجته، فيترك ذلك فيه أثراً لا يفارقه مادام يتلو آيات الله “

ولعل هذا التوازن بين تقوية القوتين سابقتي الذكر هو السبب في ذلك الأثر الذي يحدثه في نفس القارئ” ([95])

ولا يغيب عن الذهن أن القرآن لا يتجه إلى إثارة العواطف والمشاعر لذات الإثارة، بل لما وراءها من يقظة وإنتباه ونظر في جوانب النفس الإنسانية، يستتبع ذلك صحوة العقل الخامد الكسول، فتلتهب شرارة الفكر ، وترقد جذوة الحماس العقلي، ويجد الإنسان نفسه في تيه من القلق والشك يملك عليه …… ولا يلبث أن يزداد هذا الشعور بالضيق حينما يجد أن هذا الإحساس قد أطبق أنفاس الجماعة من حوله، وسد عليهم كل طريق وبدأ بعضهم يراود داخله، ويستغري في تفكيره حتى يهتدي إلى الله.

فالقرآن يثير عواطف البشر، ويوقظ عقولهم في وقت واحد، وبعد الاقتناع يطمئن العقل ويهدأ الإحساس، ويشعر الإنسان بنشوة الفرح والإرتياح.([96])

وبهذا يمكننا أن ندرك أن القرآن له تأُثيره في نفوس مستمعيه يستولي في ذلك مؤمنهم وكافرهم، ومعاندهم، لكن مصدر التأثير هذا يختلف فيما بينهم.

فعلى حين نجد تأثيره في المؤمنين تأُثير بروعة بلاغته، ودهشة نظمه وأسلوبه، وفي الكفار والمشركين يملك منهم الأفئدة، ويستولى على القلوب، وفي المعاندين المستكبرين من الحق دهشتهم وحيرتهم حتى يصفوه بالسحر المبين، فهو مؤثر فيهم من حيث يشعرون أو لا يشعرون. ([97])

المطلب الخامس: محاربته الملل وخروجه من إلف النفس:

حين تقبل على كتاب الله، ونتلو بعضاً من آياته، نجد أن شيئاً ما يجذبنا إليه، على الرغم من أننا قد نقرأ الآيات نفسها مرات ومرات، إلا إننا نجد جديداً في كل مرة نقرؤها، فعلى الرغم من أن طبيعة النفس الإنسانية أذا ألفت الشيء خفي عليها أسراره، وصرفها هذا الإلف عن التفكر فيه ثم اكتشاف مافيه، إذ النفس مجبولة على هذا، إلا أن شأن النفس مع القرآن غير هذا، فهي إن اقبلت عليه تلاوة أو إنصاتاً نجد أن شيئاً ما يجذبها إلى سماعه، فالطبيعة القرآنية لا تلبث أن تقهر برودة الإلف، وطول المعرفة، فإذا هو كتاب تتعرى أمامه النفوس وتنسلخ من تكلفها وتصنعها، ونجد القرآن كما قهر نوازع الجدل في الإنسان وسكن لحاجته فقد تقلب على مشاعر الملل فيه، وأمده بنشاط لا ينفذ والقرآن في حديثه للنفس الإنسانية حارب هذا الملل (الركود العاطفي) فأسلوب القرآن أن يجعل القارئ في يقظه كاملة، وهذا الأمر بلاشك يمكن وراءه أحد أسرار تأثيره في نفوس الناس، إذ ليس لتالي القرآن بعده إلا التسليم بأنه تنزيل من حكيم حميد، ولعل في إشارة القرآن المتكرر إلى مسألة التصديق ما يفيد هذه الفائدة([98])

قال تعالى(وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورٗا) ([99])

وقال تعالى : (وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ أَكۡثَرَ شَيۡءٖ جَدَلٗا) ([100])

القرآن لم يفرط في شيء:

(ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطۡمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِۗ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَئِنُّ ٱلۡقُلُوبُ) ([101])

نزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتضمن بصفة عامة التوحيد وهو جوهر العقيدة حيث لا إله إلا الله وحده لا شريك له، والعنصر الثاني التشريعات التي تتضمن أوامر الله للإنسان وفيها الحلال والحرام ودستور ينظم سلوكيات البشر وتعاملهم مع بعضهم البعض وأداء العبادات المفروضة، أما العنصر الثالث فهو القصص والأمثلة التي يقوم من خلالها القرآن الكريم العظة والعبرة والهداية من خلال سرد القصص القرآني، وهذا الكتاب بما يتضمنه من عناصر لم يفرط في شيء بل قدم دستوراً واضحاً للمسلم وهداية له في تنظيم شئونه في الدنيا والآخرة. ([102])

وقد تضمنت آيات القرآن الكريم دعوة إلى العلاقات الإنسانية السرية والأخلاق الفاضلة:

  • الأخلاص : (لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ ) ([103])
  • التسامح والعفو : (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ* وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ* أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) ([104])
  • الإحسان : (وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ ) ([105])
  • الأمانـة🙁 إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا) ([106])
  • الصدق🙁 وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدۡقِ وَصَدَّقَ بِهِۦٓ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ) ([107])
  • الصبر:(يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱصۡبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ)([108])
  • التواضع : (وَلَا تُصَعِّرۡ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمۡشِ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ ) ([109])
  • العفة : (قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ) ([110])
  • اليسر : (وَلَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ) ([111])
  • الاعتدال : (لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ ) ([112])
  • العدل: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى) ([113])
  • التعاون على البر والتقوى : (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ ) ([114])
  • الوفاء بالعهد: (وَأَوۡفُواْ بِٱلۡعَهۡدِۖ إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسۡـُٔولٗا ) ([115])
  • البر بذوي القربى والمساكين : (وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ) ([116])
  • الإخاء : (إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ) ([117])
  • الإنصاف : (وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ) ([118])
  • الذوق والسلوك المهذب : (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٖ فَحَيُّواْ بِأَحۡسَنَ مِنۡهَآ أَوۡ رُدُّوهَآۗ ) ([119])

ومن التوجيهات القرأنية ما ورد في صفات عباد الرحمن :

((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا(70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)). ([120])

كما جاء القرآن بتعليمات واضحة فيها تحريم قاطع للسلوكيات السلبية :

(قُلۡ تَعَالَوۡاْ أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَيۡكُمۡۖ أَلَّا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡـٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗاۖ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُم مِّنۡ إِمۡلَٰقٖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكُمۡ وَإِيَّاهُمۡۖ وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَۖ وَلَا تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ (*) وَلَا تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ أَشُدَّهُۥۚ وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۖ وَإِذَا قُلۡتُمۡ فَٱعۡدِلُواْ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰۖ وَبِعَهۡدِ ٱللَّهِ أَوۡفُواْۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ (*) ) ([121])

مميزات تربية الإسلامية للضمائر الأخلاقية:

ذكر دكتور عبدالرحمن العيسوي في كتابه ([122]) الإعجاز التربوي والنفسي في القرآن الكريم والسنة المطهرة، ذكر أن تربية الإسلام الحنيف لأبنائه تميزت بعدة مزايا مقارنة بسائر أنماط التربية الحديثة:

  1. أنها تربية شمولية تكاملية تعنى بجسم الإنسان وعقله ونفسه ووجدانه وضميره وروحه، ويشمل ذلك تربيته على حب العمل والإنتاج والبذل والعطاء، والتمتع بالحياة الروحية الإيمانية.
  2. أنها تربية مستمرة ومتواصلة تواكب الفرد من المهد إلى اللحد.
  3. أنها تربية، وإن كانت شمولية ، إلا أنها تركز جل اهتمامها على الجانب الروحي والإيماني والعقائدي، والأخلاقي، بحيث تسمو بالإنسان المسلم فوق غرائزه وشهواته ودوافعه، وتبعد صاحبها عن النزعات المادية البغيضة والدوافع الشهوانية والعدوانية.
  4. أنها تربية واقعية تراعي ظروف العصر ومتغيراته وإمكاناته، وتأخذ بالأسباب وتستفيد من حضارة العصر ومكتشفاته في العلم والطب، ما لم يتعارض ذلك مع أصول العقيدة الإسلامية ومبادئها الراسخة.
  5. أنها تربي الفرد على حسن الجوار، والأخذ والعطاء وقبول الآخر والتعايش السلمي معه بل والتعاون مع أصحاب الحضارات الأخرى والتفاعل والتلاقح معها، وليس الصدام معها.

وتاريخ الإسلام حافل بالشواهد على حسن معاملة المسلمين لغيرهم سواء أكانوا من الرهبان أو اليهود أو النصارى.

والإسلام حقيقة، عقيدة وسلوكاً، بكل مافيه إنما يسهم في خير الإنسان وسعادته وتكيفه، وفي صقل شخصيته، وتكوينها على الفطرة السوية التي فطر الله الناس عليها، بحيث تكون شخصيته متكاملة ناضجة فاعلة متعاونه حريضة على حفظ كلمة الله، وعلى أن تكون هي الكلمة العليا تحت كل الظروف فالإسلام كله خير محض، وكل شعيرة فيه صغيرة أم كبيرة إنما تسهم في بناء شخصيته المسلم بما في ذلك ضميره الحي.

ومن تلك العبادات والتكاليف والمعاملات التي تنمي ضمير الإنسان ما يلي:([123])

  1. شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله.
  2. الممارسات العملية للصوم والصلاة والزكاة والحج.
  3. تلاوة القرآن الكريم، وتدبر معانيه السامية.
  4. قراءة السنة المحمدية المطهرة والعمل بهديها الرشيد.
  5. غرس المبادئ الإنسانية النبيلة في حس المسلم وضميره ووجدانه ومن ذلك قيم:
    • الحق .
    • العدل.
    • المساواة.
    • تكافؤ الفرص.
    • الشورى.
    • حسن الجوار.
    • البر والإحسان.
    • الأمانة والصدق.
    • العفة والشرف.
    • الرحمة والشفقة.
    • إغاثة الملهوف وإجارة المستجير.
    • التكافل والتضامن والتساند.
    • الإخاء والأخوة في الإسلام.
    • احترام الكبير وعطف الكبير على الصغير.
    • الجهاد في سبيل الله والوطن والأرض والعرض.
    • العمل والكفاح والنضال وطلب الرزق الحلال والأكل من كد اليد.
    • الأكل من الطيبات من الرزق ونبذ الرجس والخبث.
    • المحافظة على البيئة وسلامتها من التلوث والتدمير.
    • القوة، فالمؤمن القوي خير واجب إلى الله من المؤمن الضعيف.
    • الطاعة والإلتزام واحترام الشرع والقانون وولي الأمر إن كان عادلاً.

وفي نفس الوقت يحرص الإسلام على حماية أبنائه من العادات والسمات السلبية أو السمات الذميمة ومن ذلك : ([124])

  1. الكذب.
  2. السرقة.
  3. القتل وسفك الدماء.
  4. الزنا والفاحشة.
  5. قول الزور.
  6. الرياء والنفاق.
  7. العنف.
  8. الكبر والتعالي.
  9. أكل الحرام.
  10. أكل مال اليتيم.
  11. السلبية واللامبالاة.
  12. الكسل والخمول والتراخي والإهمال.
  13. التواكل على الغير.
  14. الطمع والجشع.
  15. الحسد والغيرة والحقد.
  16. الغيبة والنميمة.
  17. السب والقذف والإهانة والتشهير.
  18. العدوان.
  19. الخشونة.
  20. الإيذاء.

يمكن النظر لمناهج الإسلام أو أساليبه في بناء شخصية أبنائه ولاسيما ضمائرهم على أنها تشمل التكامل بين النظر والتطبيق.

فالجوانب النظرية تتمثل في الإرشاد والوعظ والدعوة والتوعية بالإسلام وقيمه.

والواقعية تتمثل في الممارسات العلمية الفعلية كالصلاة والصوم والزكاة وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا وكفالة اليتامى والعجزة والشيوخ والمرضى وما إلى ذلك.

أسلوب الإسلام في التنشئة الاجتماعية: ([125])

وفقاً لنظرية التعلم الاجتماعي ، حيث يقلد الطفل ما يراه من نماذج سلوكية جيدة يقتدي بها سواء من الآباء والامهات أو الكبار عامة، ومن رجال الدعوة والإرشاد ومن اعلام الفكر الإسلامي، حيث يميل الطفل ميلاً طبيعياً إلى تقليد ما يلاحظه أو ما يشاهده من سلوك، وهنا تكمن أهمية توفر القدوة الإسلامية الصالحة.

ويعتمد الإسلام في تربية ضمائر أبنائه على المنهج الفردي والجماعي أيضاً:

  1. الفردي يتمثل في جهود الفرد الذاتية في التعلم والاكتساب والفهم والقراءة والإطلاع والبحث والتنقيب في طيات الفكر الإسلامي وفي توجيه بعض الدعاة لأفراد بذاتهم يعانون من مشكلات فكرية.
  2. تربية جماعية تتولى جماعات من الشباب المسلم كدروس المساجد أو المؤسسات الدينية والخيرية وبرامج الإذاعة والتلفاز التي توجه إلى جماعات من المسلمين دفعة واحدة وحتى لغير المسلمين.

لقد تضمن القرآن الكريم كثيراً من الآيات التي تعرضت لطبيعة تكوين الإنسان ووصفت أحوال النفس المختلفة، وبينت أسباب انحرافها ومرضها، وطرق تقويمها وتربيتها وعلاجها، وذلك أمر طبيعي في كتاب أنزله الله تعالى لهداية الإنسان وتوجيهة وتربيته وتعليمه، وكانت هذه الآيات الواردة في القرآن الكريم عن النفس بمثابة المعالم التي يسترشد بها الإنسان في فهم نفسه وخصالها المختلفة، وفي توجيهه إلى الطريق السليم في تهذيبها وتربيتها.([126])

نتائج الورقة البحثية :

نجح القرآن الكريم في علاج نواحي الضعف في شخصيات المسلمين، وفي غرس الخصال الحميدة في نفوسهم مما ساعد على تكوين شخصياتهم تكونياً متزناً متكاملاً، وكان له أكبر الأثر في إحداث تغييرات بالغة الأهمية في جميع نواحي الحياة في المجتمع العربي في شبه الجزيرة العربية، وفي المجتمع الإسلامي في العالم بأسره مستعيناً بعدة أساليب.([127])

أولاً: بث الإيمان بعقيدة التوحيد في نفوسهم، وغرس بذور التقوى في قلوبهم، بكل ما يؤدي إليه ذلك من نتائج بالغة الأهمية في تقويم شخصياتهم وسلوكهم.

ثانياً: فرض العبادات المختلفة التي ساعدت على تخليهم عن كثير من عاداتهم السيئة السابقة، وتحليهم بكثير من العادات والخصال الحميدة التي ساعدت على تكوين شخصياتهم تكويناً سوياً متزناً متكاملاً.

ثالثاً: حثهم على تعلم الصبر، وهي خصلة تساعد على تحمل مشاق الحياة بنفس راضية وتقلل من احتمالات التوتر والضيق والشعور بالهم والقلق.

رابعاً: حثهم على المواظعبة على ذكر الله مما يشعر الإنسان بأنه قريب من الله تعالى، وفي حمايته ورعايته، فيغمره الشعور بالأمن والطمأنينة.

خامساً: حثهم على الاستغفار والتوبة مما يساعد على التخلص من القلق الناشيء عن الشعور بالذنب.

سادساً: استخدام مجموعة من الأساليب الفعالة في تعديل السلوك مثل أسلوب التدرح الذي استخدماه القرآن في علاج تعاطي الخمور والربا، وأسلوب إثارة الواقع بالترغيب والترهيب، وبالقصص، وبالاستعانة بالأحداث الجارية وأسلوب المشاركة الفعالة، وأسلوب توزيع التعلم بكل هذه الأساليب القرآن الكريم أن يعالج نفوس العرب وأن يحدث أثراً كبيراً في المجتمع الإسلامي وفي العالم قاطبة.

المصادر والمراجع

  1. القرآن الكريم.
  2. معاني القرآن وإعرابه، الزجاج أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، ج:4 تح : عبدالجليل عبده الشلبي، علم الكتب، ط1، بيروت 1966م.
  3. عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل1، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد الكشاف ج: 4 دار الكتاب العربي، ط :3 ، بيروت 1407هـ.
  4. محاسن التأويل ، القاسمي محمد جمال الدين بن محمد السعيد بن قاسم الحلاق، تح : محمد باسل، (عيون السود- دار الكتب العلمية) ط :1، ج :8 ، بيروت 1918م.
  5. في ظلال القرآن، دكتور سيد قطب، ج7
  6. الوجيز في تفسير الكتاب الفريد، أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي النيسابوري تح: صفوان عدنان- دار القلم، الدار الشامية- دمشق.
  7. تفسير السمرقندي ، بحر العلوم، أبو الليث السمرقندي، ج3
  8. تفسير القرآن العظيم، للإمام الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي ط2 1408هـ – 1978م ، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ج: 8
  9. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، الحافظ أبو الفضل شهاب الدين أحمد بن علي ابن محمد العسقلاني الشافعي، القاهرة: مكتبة الكليات الأزهرية ، 1978م.
  10. معارج القدس في مدراج معرف النفس، الإمام أبي حامد الغزالي ، ط2، بيروت : دار الآفاق الجديدة 1975.
  11. معجم مقاييس اللغة، أبي الحسن ابن فارس بن زكريا، تح : شهاب الدين أبوعمرو ط1، ج:5
  12. لسان العرب، ابن منظور، مادة النفس، ج2، ط1، بيروت : دار الصادر .
  13. كتاب العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي، ج7
  14. البصائر دون تحيز، الفيروز الآبادي، ج5
  15. مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني، ط1
  16. تاج العروس، الزبيدي محمد مرتضى، مادة النفس، بيروت، لبنان، منشورات دار مكتبة الحياة، ط: 2
  17. خواطر الإنسان بين مناظري علم النفس والقرآن، وليد عبدالله زريق – الناشر دار الكتاب العربي.
  18. أصول علم الحديث، د. فرج عبدالقادر طه.
  19. في النفس والعقل لفلاسفة الإغريق والإسلام، قاسم محمود، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة ط: 2، سنة : 1954م.
  20. نظرية النفس بين ارسطو وابن سينا، دكتور حامد إبراهيم، مجلة دمشق ، المجلد : 2، سنة 2003م.
  21. القرآن وعلم النفس، دكتور محمد عثمان نجاتي، دار الشروق ، ط11، 2011م .
  22. فلسفة تقويم الإنسان وخلافته، ط3، القاهرة : مكتبة وهبة 1974م.
  23. الشخصية الإنسانية في التراث الإسلامي، د. نزار العاتي، ط1 (1418هـ- 1998م) دار الفرقان – عمان.
  24. الإسلام عقيدة وشريعة، محمود شلتوت ، دار الشروق، ط4- 1998م.
  25. البناء النفسي للشخصية الإسلامية في القرآن الكريم، دكتور إسماعيل رديف يوسف، ودكتور عثمان فوزي علي، دار أمجد للنشر والتوزيع- عمان، ط1، 2020م.
  26. التعريفات، الجرجاني علي بن محمد بن علي، تح : إبراهيم الأنصاري، مصر، مطبعة الريان للتراث 1938م ج1
  27. قاموس مجمع اللغة العربية، القاهرة 1932م ، تج: تراث العربي، دار الإسلام 2014 جمال الدين بن مكرم.
  28. تربيتنا الروحية، سعيد حوي، ط2، مكتبة وهبه، 1979م.
  29. في النفس والمجتمع، محمد قطب، ط2، القاهرة، مكتبة وهبة 1962م.
  30. التعبير القرآني والدلالة النفسية، دكتور عبدالله محمد الجيوسي، دار الغوثاني للدراسات القرآنية، ط2، 1435- 2014م.
  31. خصائص القرآن الكريم، الرومي فهد بن عبدالرحمن بن سليمان ، (المديرية العامة للمطبوعات – الرياض، ط5- 1410هـ.
  32. من روائع القرآن، البوطي محمد سعيد رمضان، دمشق – مكتبة الفارابي ط 1968م.
  33. الفوائد ، ابن القيم الجوزية محمد بن أبي بكر بن أيوب الدمشقي الحنبلي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط:2 1393هـ- 1973م.
  34. أحياء علوم الدين، الإمام أبو حامد الغزالي، ج1
  35. نظرية التصوير الفني عند سيد قطب، صلاح عبدالفتاح – عمان: دار الفرقان، ط1 1403هـ- 1983م)
  36. الصورة الأدبية في القرآن الكريم – دكتور صلاح الدين عبدالتواب (القاهرة : دار نوبار للطباعة، ط1، 1995م).
  37. تاريخ آداب العرب ، مصطفى صادق الرافعي، ج2، مكتبة الإيمان 1997م – ط1
  38. إعجاز القرآن ، مصطفى صادق الرافعي، مؤسسة هنداوي ، ط 2022.
  39. إعجاز القرآن، عبدالكريم الخطيب، بيروت: دار الفكر العربي، ط1، 1964م.
  40. مسايرة القرآن للطبيعة الإنسانية، عبدالكريم ، القاهرة – مجلة الازهر 1338هـ – 1958م.
  41. العدة النفسية والمادية في شعر الحروب الجاهلية – عبدالرحيم محمود متولي – دار المعارف- القاهرة، ط2، 1989م.
  42. نظرات في القرآن، الإمام الغزالي (القاهرة: دار الكتب الحديثة ط5
  43. النبأ العظيم، محمد عبدالله، تح : الدخانيني.
  44. من بلاغة القرآن، بدوي أحمد محمد (الفجالة : دار نهضة مصر للطباعة والنشر 1978م).
  45. الإشارات النفسية في القرآن الكريم، دكتور لطفي الشربيني، دار النهضة (بيروت- لبنان).
  46. الإعجاز التربوي والنفسي في القرآن الكريم والسنة المطهرة ، دار النهضة العربية (بيروت- لبنان) دكتور/ عبدالرحمن العيسوي ط1، 1428هـ- 2007م.

الهوامش:

  1. – سورة يونس ، الآية 57
  2. – سورة المجادلة ، الآية 11
  3. – سورة الذاريات ، الآيات 20- 21
  4. – معارج القدس في مدارج معرفة النفس، الإمام أبو حامد الغزالي، ط2- بيروت – دار الآفاق الجديدة 1975م.
  5. – سورة القصص ، الآية : 77
  6. – معجم مقاييس في اللغة – ابن فارس أبو يحيى – تح : شهاب الدين أبو عمرو – ط: 51 – ج:55 – ص: 369
  7. – قاموس مجمع اللغة العربية – القاهرة س: 1932 – تح : التراث العربي دار الإسلام 2014 م
  8. – لسان العرب – ابن منظور- مادة النفس – ج:52 – ص: 233
  9. – كتاب العين – الخليل بن أحمد الفراهيدي –– ج7 – ص97
  10. – بصائر ذوي التمييز – الفيروز أبادي –– ج 5 – ص 47_97
  11. – لسان العرب – ص: 283
  12. – مفردات ألفاظ القرآن – الراغب الأصفهاني –– ص: 557
  13. – تاج العروس- الزبيدي محمد مرتضى –– مادة النفس – بيروت – لبنان – منشورات دار مكتبة الحياة ط:4 – ص 262_260
  14. – سورة الزمر – الآية 56
  15. – المصدر السابق – الزبيدي – ص 262_260
  16. – خواطر الإنسان بين مناظري علم النفس والقرآن – وليد عبد الله زريق –– ص 19
  17. – أصول علم النفس الحديث – فرج عبد القادر طه –– ص 12_13
  18. – أصول علم النفس الحديث – قاسم محمود – في النفس والعقل لفلاسفة الإغريق والإسلام – مكتبة الأنجلو مصرية – القاهرة – ط:2 – سنة 1954 – ص70 _ 74
  19. – في النفس والعقل لفلاسفة الإغريق والإسلام – مرجع سابق – ص 75_94
  20. – أصول علم النفس الحديث – دكتور حامد إبراهيم – نظرية النفس بين ارسطو وابن سينا – مجلة دمشق – المجلد 2 _ 1 – سنة 2003
  21. – في النفس والعقل لفلاسفة الإغريق والإسلام ، قاسم محمود، ص: 150-151
  22. – معاني القرآن واعرابه – الزجّاج أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، ج:4، عبد الجليل عبده الشلبي، علم الكتب، ط:1، بيروت 1988، ص: 356
  23. – عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل – الزمخشري أبو القاسم بن عمرو بن احمد الكشاف،ج:4، دار الكتاب العربي، ط:3، بيروت 1407هـ، ص:131
  24. – محاسن التأويل – القاسمي محمد جمال الدين بن محمد بن السعيد بن قاسم الحلاق، محمد باسل، عيون السود، دار الكتب العلمية، ط:1، ج:8، بيروت:1918، ص:291
  25. – القرآن وعلم النفس، د. محمد عثمان نجاتي، ص 193
  26. – سورة ص، الآيات 71-72
  27. – سورة الحجر، الآيات 28-29
  28. – فلسفة تقويم الانسان وخلافته، البهي الخولي، القاهرة، مكتبة وهبه 1974م، ص 22
  29. – المرجع السابق، ص 32-33
  30. – القرآن وعلم النفس، دكتور محمد عثمان بناتي ، ص 195
  31. – الشخصية الإنسانية في التراث الإسلامي، د. نزار العاني، ط1، 1418 هـ، 1998م، دار الفرقان – عمان، ص: 37
  32. – سورة القصص، الآية: 77
  33. – الإسلام عقيدة وشريعة، محمود شلتوت، دار الشروق، ط4، 1998م، 520-521
  34. – في ظلال القرآن، دكتور سيد قطب، 6/374
  35. – سورة الجمعة، الآية 11
  36. – القرآن وعلم النفس ، 196
  37. – سورة الملك ، الآية : 2
  38. – المصدر السابق، ص 197
  39. – البناء النفسي للشخصية الإسلامية في القرآن الكريم، دكتور إسماعيل رديف يوسف والدكتور عثمان فوزي علي، دار امجد للنشر والتوزيع، عمان، ط1 2020م، ص 82
  40. – سورة يوسف، الآية 39
  41. – الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، أبو الحسن علي بن احمد بن محمد بن علي الواحدي النيسابوري الشافعي، 489هـ، تحقيق: صفوان عدنان، دار القلم الدار الشامية، دمشق ط1 1415هـ،1/547
  42. – سورة الشمس، الآية 7،8،9،10
  43. – تفسير السمرقندي- بحر العلوم أبو الليث السمرقندي : 3/585
  44. – القرآن وعلم النفس، دكتور محمد عثمان نجاتي، ص 198
  45. – التعريفات، الجرجاني علي بن محمد بن علي، إبراهيم الأنباري، مصر، مطبعة الريان للتراث 1938م، 212
  46. – تفسير القرآن العظيم للإمام الحافظ ابي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي، ط2، 1978م دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ج8، ص 200
  47. – تربيتنا الروحية، سعيد حوى، دار الكتب العربية، بيروت، ط 1، 1979م، ص 41/42
  48. – سورة القيامة، الآية 1،2
  49. – القرآن وعلم النفس، ص 199
  50. – المصدر السابق 198
  51. – سورة الفرقان، الآية 43،44
  52. – سورة الفجر، الآية 27-30
  53. – القرآن وعلم النفس، ص 202
  54. – سورة القصص، الآية: 77
  55. – تخريج الحديث
  56. – في النفس والمجتمع، محمد قطب، ط2، القاهرة مكتبة وهبه، 1962م، ص62،63
  57. – القرآن والنفس، ص 203،204
  58. – رواه الشيخان عن أنس (فتح الباري بشرح البخاري للعسقلاني) ج19 الحديث رقم 5199، مختصر صحيح مسلم للمنذري، الحديث رقم 628
  59. – التعبير القرآني والدلالة النفسية، الدكتور عبد الله محمد الجيوسي، دار الغوثاني للدراسات القرآنية، ط:2 1435 هـ – 2014م، ص 128
  60. – في ظلال القرآن، الدكتور سيد قطب، ج:65، ص 3399
  61. – خصائص القرآن الكريم، الرومي فهد بن عبد الرحمن بن سليمان، المديرية العامة للمطبوعات، الرياض، ط5، 1410 هـ، ص: 101
  62. – من روائع القرآن، محمد سعيد رمضان، دمشق، مكتبة الفارابي، ط 1968م، ص 156-160
  63. – سورة الزمر، الآية 23
  64. – الفوائد، ابن القيم، ص 29
  65. – سورة الواقعة، الآية 79
  66. – سورة الجاثية، الآية 2
  67. – سورة الواقعة، الآية 79
  68. – سورة الإسراء، الآية 44
  69. – سورة الشعراء، الآية 196
  70. – سورة ق، الآية 16
  71. – التعبير القرآني والدلالة النفسية ، مصدر سابق، ص 131 ، 132
  72. – الأصول الفنية للشعر الجاهلي – دكتور. سعد إسماعيل شلبي- مكتبة غريب ، ط 1982 ، ص 23
  73. – نظرية التصوير الفني عند سيد قطب، صلاح عبدالفتاح (عمان : دار الفرقان ، ط1، 1403هـ 1983 من….
  74. – تاريخ آداب العرب، الرافعي ، 2/222
  75. – إعجاز القرآن، مصطفى صادق الرافعي، مؤسسة هنداوي ، ط1 2022 ص 262
  76. – المصدر السابق ، ص 262
  77. – دائرة معارف القرن العشرين ، 72/ 679
  78. – ظلال القرآن ، سيد قطب، 6/3399
  79. – سورة إبراهيم ، الآية : 1
  80. – سورة الفاتحة ، الآية : 5
  81. – سورة الحديد ، الآية : 16
  82. – المصدر السابق ، ص 132
  83. – إعجاز القرآن ، عبدالكريم الخطيب، بيروت : دار الفكر العربي، ط1، 1964م ، 2/294
  84. – من روائع القرآن، البوطي، ص 216
  85. – التعبير القرآني…. ص 133
  86. -سورة البقرة ، الآية 216
  87. – مسايرة القرآن للطبيعة الإنسانية ، عبدالكريم الخطيب ، القاهرة ، مجلة الأزهر، ص 1338هـ- 1958م ص 599
  88. – التعبير القرآني ، ص 134
  89. – سورة التوبة ، الآية 14
  90. – العدة النفسية والمادية في شعر الحروب الجاهلية (دار المعارف: القاهرة، ط2 ، 1989م ، ص 111
  91. -الأنفال : الآية 41 ، الأنفال ، الآية 69
  92. – نظرات في القرآن ، الغزالي، (القاهرة : دار الكتب الحديثة ، ط15
  93. – سورة يونس ، الآيتان (31-32)
  94. – النبأ العظيم ، محمد عبدلله ، تح : الدخاحيني، ص 145
  95. – من بلاغة القرآن، بدوي أحمد محمد، الفجالة: دار نهضة مصر للطباعة والنشر ، ت: 1978م ، ص 42
  96. – من بلاغة القرآن، أحمد بدوي ، ص 42
  97. – التعبير القرآني ، ص 136
  98. – التعبير القرآني ، ……………. ص 137
  99. – سورة الإسراء ، الآية 89
  100. – سورة الكهف ، الآية 54
  101. – سورة الرعد – آية 28
  102. – الإشارات النفسية في القرآن الكريم، دكتور لطفي الشربيني، دار النهضة العربية (بيروت – لبنان) ص : 36
  103. – سورة يونس – آية 26
  104. – سورة آل عمران – الآيات 133-136
  105. – سورة القصص- آية 77
  106. – سورة النساء – آية 58
  107. – سورة الزمر – آية 33
  108. – سورة آل عمران – آية 200
  109. – سورة لقمان – آية 18
  110. – سورة النور – آية 30
  111. – سورة المؤمنون – آية 62
  112. – سورة البقرة – آية 286
  113. – سورة الأنعام – آية 152
  114. – سورة المائدة – آية 2
  115. – سورة الإسراء – آية 34
  116. – سورة البقرة – آية 177
  117. – سورة الحجرات – آية 10
  118. – سورة الأعراف – آية 185
  119. – سورة النساء – آية 86
  120. – سورة الفرقان – آية 63- 76
  121. – سورة الأنعام – آية 151- 152
  122. – الإعجاز التربوي والنفسي في القرآن الكريم والسنة المطهرة، دكتور عبدالرحمن العيسوي، استاذ علم النفس- جامعة الإسكندرية ، ط:1 ، 1428- 2007م ، دار النهضة العربية (بيروت- لبنان).
  123. – تلخيص : الإعجاز التربوي والنفسي في القرآن الكريم والسنة المطهرة ، مصدر سابق، ص (17-18-19)
  124. – تلخيص : الإعجاز التربوي والنفسي ، مصدر سابق ص (19-20-21)
  125. – تلخيص : الإعجاز التربوي والنفسي في القرآن الكريم والسنة المطهرة ، مصادر سابق ص (22-23)
  126. – القرآن وعلم النفس، دكتور محمد عثمان بخاتي ، دار الشروق، مدينة نصر – القاهرة – مصر ، ط1 1982م ، ص : 22
  127. – نقل بتصرف ، القرآن وعلم النفس، دكتور محمد عثمان بناتي ، ص (264) ، (265).