رثاء حافظ إبراهيم للبارودي – الرؤية وخصائص التشكيل الفني

د. محمد السيد حسن حسين1

1 أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية، كلية العلوم والآداب بالقريات/ جامعة الجوف، المملكة العربية السعودية

بريد الكتروني: msh2581976@yahoo.com

HNSJ, 2024, 5(4); https://doi.org/10.53796/hnsj54/4

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/04/2024م تاريخ القبول: 08/03/2024م

المستخلص

يتناول هذا البحث قصيدة حافظ إبراهيم في رثاء الشاعر المصري محمود سامي البارودي، رائد مدرسة الإحياء والبعث؛ وكان مما حفز على القيام بتلك الدراسة قوة عاطفة الشاعر حافظ إبراهيم التي تبدت في النص الأدبي محل الدراسة، وكون شعر حافظ من الأدبيات الجديرة بالدراسة والتمحيص؛ خصوصا أنها قصيدة رثاء قيلت من شاعر كحافظ في شاعر كالبارودي .

ولم يجد الباحث دراسة تناولت هذه القصيدة بالبحث والدراسة، على الرغم من كثرة الدراسات الرائدة التي تناولت شعر حافظ إبراهيم شكلا ومضمونا، وقد اعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي في معالجة موضوع البحث، مع الاتكاء على مناهج أخرى كالمنهج التاريخي والنفسي.

قسمت الدراسة لمقدمة وتمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة، تتناول المقدمة التعريف بموضوع البحث ومنهجه والدراسات السابقة، وأهداف الدراسة وتساؤلاتها، والمنهج المتبع، وتقسيم الدراسة، ويتناول التمهيد التعريف بالشاعر حافظ إبراهيم وأهم المؤثرات في شعره، ويتناول المبحث الأول الجانب الموضوعي والفكري، ويتناول المبحث الثاني سمات التشكيل الفني للصورة الشعرية التي تناولها الشاعر في قصيدته عن البارودي، والمبحث الثالث المعجم الشعري والإيقاع الموسيقي، وتأتي خاتمة البحث لترصد أهم ما توصل إليه البحث من نتائج.

الكلمات المفتاحية: البارودي- الرثاء – الحزن – الشعر.

Research title

Hafez Ibrahim’s eulogy for Al-Baroudi Presentation and characteristics of artistic composition

Dr. Mohammed Al-Sayed Hassan Hussein1

1 Assistant Professor, Department of Arabic Language, College of Science and Arts in Qurayyat/ Jouf University, Kingdom of Saudi Arabia Email: msh2581976@yahoo.com

HNSJ, 2024, 5(4); https://doi.org/10.53796/hnsj54/4

Published at 01/04/2024 Accepted at 08/03/2024

Abstract

poet Mahmoud Sami Al-Baroudi, the pioneer of the school of revival and resurrection. What motivated this study was the strength of the poet Hafez Ibrahim’s passion that was evident in the literary text under study, and the fact that Hafez’s poetry is one of the literature worthy of study and scrutiny. Especially since it is a poem of lamentation that was said by a poet like Hafez to a poet like Al-Baroudi.

The researcher did not find a study that addressed this poem by research and study, despite the many pioneering studies that dealt with Hafez Ibrahim’s poetry in form and content. The research relied on the descriptive and analytical approach in addressing the research topic, while relying on other approaches such as the historical and psychological approach.

The study was divided into an introduction, a preface, Three sections, and a conclusion. The introduction deals with introducing the research topic, its methodology, previous studies, the objectives and questions of the study, the approach followed, and the division of the study. The introduction deals with the introduction of the poet Hafez Ibrahim and the most important influences on his poetry. The first section deals with the objective and intellectual aspects, and the second section deals with the features of composition. The artistic depiction of the poetic image that the poet dealt with in his poems about Al-Baroudi, and the third section deals with devoted to addressing the features of the poetic lexicon and vocabulary and musical rhythm in the text under study , and the conclusion of the research comes to monitor the most important findings of the research.

Key Words: Al-Baroudi – Elegy – Sadness – Poetry.

مقدمة البحث

كان الرثاء – وما زال- من أهم الأغراض الشعرية التي تناولها الشعراء في جميع العصور الأدبية، وهو غرض قديم، وهذا البحث يتناول شعر الرثاء عند حافظ إبراهيم متخذا من قصيدته في رثاء البارودي أنموذجا يوضح خصائص شعره في الرثاء، ويرصد عاطفة الشاعر الصادقة تجاه من يرثيه، خاصة أن حافظ إبرهيم من الشعراء الذين امتازوا برهافة الحس ورقة الطبع.

ولم يجد الباحث دراسة تناولت هذه القصيدة بالدرس والتحليل وفق المنهج التكاملي أو أي منهج آخر، على أن هناك كثيرا من الدراسات التي تناولت شعر حافظ إبراهيم وفق مناهج متعددة وحسب اتجاهات وظواهر اتسم بها شعره، ومن أهم الدراسات التي تناولت شعر حافظ إبراهيم ما يلي:

  • الصورة الفنية في شعر حافظ إبراهيم، دراسة وصفية تحليلية، رسالة ماجستير إعداد فاطمة الزهرة عبدلي، كلية الآداب واللغات، 2014م.
  • قراءة في القصيدة العمرية للشاعر”حافظ إبراهيم” دراسة تحليلية، عزة محمود البكري، مجلة كلية الآداب بقنا، المجلد 24، العدد 44، 2015م.
  • ديـوان حـافـظ إبـراهيـم دراسـة أسلـوبيـة، منـال رشـاد حسين، رسالة ماجستير، كلية دار العلوم بالفيوم، إشراف د. صلاح رزق، 2002م.
  • مظاهر الثقافة في شعر حافظ إبراهيم(دراسة موضوعية فنية) جواهر بنت عبد الله العصيمي، مجلة كلية الآداب، جامعة المنصورة، المجلد 63، العدد63، أغسطس 2018م.

تساؤلات الدراسة: تسعى الدراسة إلى الإجابة عن التساؤل الرئيسي الآتي: ما خصائص شعر حافظ إبراهيم في مجال الرثاء؟ ويتفرع من هذا التساؤل الرئيسي بعض التساؤلات الفرعية، ومنها:

  1. ما مضمون قصيدة حافظ في رثاء البارودي؟ وهل يختلف رثاؤه لشاعر عن رثائه للآخرين؟
  2. ما خصائص التصوير الفني في القصيدة؟
  3. ما خصائص الإيقاع في شعر الرثاء عند حافظ؟
  4. ما سمات الأسلوب واللغة في شعره عامة وفي شعر الرثاء خاصة؟

منهج الدراسة:

سوف تتكئ الدراسة على المنهج التكاملي الذي يوظف عدة مناهج لخدمة النص وتأويله وكشف أبعاده، يأتي في المقدمة منها المنهج الوصفي التحليلي، والمنهج التاريخي، والمنهج النفسي.

تقسيم الدراسة:

تنقسم الدراسة إلى مقدمة وتمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة ترصد أهم النتائج الخاصة بالدراسة، أما المقدمة فقد تناولت التعريف بموضوع البحث وأهميته والدراسات السابقة، وأهداف الدراسة وتساؤلاتها، ومنهج البحث، وخطة الدراسة، وتناول التمهيد التعريف بالشاعر حافظ إبراهيم وحياته وسماته الأخلاقية، وجاء المبحث الأول من الدراسة متناولا الإطار المضموني أو الموضوعي لقصيدة الشاعر حافظ إبراهيم في رثاء البارودي، وأهم ما ورد بها من أفكار ورؤى، وجاء المبحث الثاني ليعالج التصوير الفني في القصيدة من تشبيه واستعارة وكناية، إضافة إلى توظيف التراث بأنواعه المختلفة، وعالج المبحث الثالث المعجم والإيقاع مبرزا أهم سمات المعجم، والألفاظ وسمات الإيقاع الموسيقي.

التمهيد

حياة حافظ وسماته الأخلاقية

كان مولد شاعر النيل حافظ إبراهيم بمحافظة أسيوط بصعيد مصر عام 1871 على متن سفينة راسية في نهر النيل ؛ ولذا لقب بشاعر النيل، أبوه كان أحد المهندسين المشرفين على قناطر ديروط، وأمه من أسرة تركية محافظة، عرف حافظ بجملة صفات منها احتماله للمكروه،وتواضعه للناس جميعا ، وحبه لهم،وترفعه عن كل المغريات،وصلابته فيما يراه حقا وعدلا، توفي أبوه وهو صغير فكفله خاله، ويتجه حافظ بجانب دراسته لنظم الشعر وتلقي دروس الأدب والشعر والنحو والعروض،وعمل فترة بالمحاماة ، ثم ضابطا بالجيش المصري، وخدم بالسودان مرتين، وأحيل للاستيداع مرتين من الجيش، ثم طلب هو نفسه إحالته للمعاش سنة 1903م.[1]

والمدقق في حياة الشاعر حافظ إبراهيم يجدها مكتظة بالصراعات وتخلو من الاستقرار، وهو الشاعر الذي عاصر كثيرا من الزعماء الوطنيين أمثال مصطفى كامل، ومحمد فريد، وسعد زغلول، وكان القصر حريصا على التقرب من حافظ؛ فهاهو ذا الخديوي عباس حلمي يتقرب منه ، وكذلك السلطان حسين كامل، ولقب بشاعر النيل، وإن كان يفضل أن يلقب بالشاعر الاجتماعي[2]

ومن صفات حافظ إبراهيم :”كان الرجل مثالا حيا لمصر؛ بل لقد تجسدت مصر فيه كلها بترفعها بإبائها بشممها بطيبتها ببساطتها بصدقها بعنادها بقوتها بصلابتها بصبرها على المكاره بأخلاقها بديمقراطيتها بإيمانها بالله الواحد الأحد “[3]

المبحث الأول: مضمون قصيدة الرثاء عند حافظ إبراهيم

الرثاء من أهم أغراض الشعر العربي منذ أقدم عصوره، وهو يقوم على البكاء على الميت وذكر محاسنه، وهو غرض يعبر عن ذروة العواطف، وهو بمثابة المديح للأحياء، والرثاء يكون للموتى، ويمتزج الرثاء بالتفكير في مأساة الحياة وبيان عجز الإنسان أمام الموت[4]

ولعل البيئات القديمة كانت تستدعي وجود حالات متعددة من الصراع بين القبائل والأفراد في إطار دائرة الصراع على البقاء وإثبات الوجود، والتنازع على الثروات المتاحة آنذاك كأماكن العشب والماء والرعي، وغيرها من الصراعات التي شُغل العرب بها في جاهليتهم، ولما جاء الإسلام واتسعت رقعة الدولة نتيجة حركة الفتوح الإسلامية التي امتدت خارج نطاق الجزيرة العربية مع الفرس والروم، على أن الصراع في عصر صدر الإسلام لم يكن مقصورا على الصراعات الخارجية بل إن هناك صراعا آخر دار رحاه بين فريقين أولهما المسلمون والآخر مشركو مكة، وهي حرب وجود، راح فيها كثير من الموتى من الفريقين، وقد قلَّ شعر الرثاء بشكل ملحوظ، واكتسى بالطابع الإسلامي الذي ينأى عن الأخذ بالثأر، أو يهيج النزعة القبلية، ومن ثم قل شعر الرثاء عموما، ورثاء الزوجة خاصة، ولعل قصيدة النمر بن تولب تعد نموذجا لذلك فهي أبيات قليلة لا تعد اتجاها عاما في ذلك العصر[5]. واستمر المر كذلك في العصر الأموي؛ فلم يظهر فيه اتجاه يرثي المرأة، وبقي رثاء الزوجة خجلا باستثناء ما قاله جرير في رثاء زوجته[6]

والنساء والرجال يساهمون في فن الرثاء، وكان للنساء الحظ الأوفر من القيام عليه؛ إذ يقمن على ندب الميت أياما وسنين، وطبيعي أن يتفوق النساء على الرجال في الرثاء والنواح؛ لأن المرأة أدق حسا، وأرق شعورا [7]

وتتشابه قصائد الرثاء في عصور الأدب باستثناء دخول الفلسفة عليها في العصور المتأخرة، وظهر نوع من الرثاء السياسي والمذهبي في الدولة الأموية والعباسية، خصوصا أثناء الحروب الدائرة[8].

وهناك الرثاء القبلي وكذلك رثاء الأبناء والأزواج ، وقد امتلأت كتب الأدب بنماذج من رثاء الزوجات لأزواجهن[9]

إضافة إلى رثاء الحيوانات في العصر العباسي نتيجة الثراء والغنى والرقي الحضاري، فرثى الشعراء حيواناتهم الأليفة، وجسدوا العواطف الإنسانية، كرثاء أبي نواس لكلبه[10]

وقد جاء رثاء الزوجة في الشعر العربي قليلا وعلى استحياء، كما أشار ابن رشيق القيرواني، فأصعب شيء على الشاعر أن يرثي طفلا أو امرأة [11] لقدسية العلاقة الزوجية ولأن العرف الاجتماعي يرى جزع لرحيل زوجته عيبا، ومن العيب أن يتحدث الشاعر، عن ذلك؛ لأن الشاعر ناطق رسمي للعادات والتقاليد [12]

وفي العصر الحديث انتشر رثاء الزوجة على نحو كبير، ومن ذلك قصيدة البارودي في رثاء زوجته، والتي رأى بعض الباحثين أنها تخلو من الصور المبتكرة ؛ لانشغال الشاعر بتصوير آلامه بشكل مباشر، وابتعاده عن التصوير الذي يحتاج لكدِّ الذهن وإعمال الفكر[13].

وفي العصر الحديث خصص بعض الشعراء الديوان كله لرثاء زوجاتهم، وهو ما لم يشهده الأدب العربي من قبل، ومن هؤلاء الشعراء عبد الرحمن صدقي( ديوان من وحي المرأة) [14]

وقد كتب الشاعر حافظ إبراهيم هذه القصيدة عام 1905 بعد وفاة البارودي، بدأ الشاعر قصيدته في الرثاء موضحا أثر خبر وفاة البارودي على نفسية حافظ إبراهيم يقول الشاعر:

ردوا عليّ بياني بعد (محمود) إني عييتُ وأعيا الشعر مجهودي

ما للبلاغة غضبى لا تطاوعني وما لحبل القوافي غير ممدود

ظنت سكوتي صفحا عن مودته فأسلمتني إلى هم وتسهيد[15]

تكشف مقدمة القصيدة عن حالة نفسية ألمت بالشاعر عندما سمع بالخبر؛ وهو ما أفقده صوابه، ومن ثم بلاغته كشاعر امتلك أدوات اللغة والبيان، مطالبا برد بيانه المسلوب، ومتعجبا من غضب البلاغة منه، ومن استعصاء الشعر على قريحته المعهودة عنه، تلك البلاغة التي ظنت سكوت الشاعر من أثر الصدمة نسيانا منه لصديقه وأستاذه البارودي.

ثم يتطرق الشاعر لوصف بعض من سمات صديقه وأستاذه البارودي، يقول:

لبيك يا مؤنس الموتى وموحشنا يا فارس الشعر والهيجاء والجود

مُلْكُ القلوب وأنت المستقل به أبقى على الدهر من ملك ابن داود[16]

فالبارودي هو فارس الشعر ورائد النهضة الأدبية في العصر الحديث، وهو رائد الكرم والحرب، ولا غرو في ذلك فهو رب السيف والقلم، وقد كان البارودي وزيرا للجهادية في عهد الخديوي إسماعيل وابنه توفيق، وشارك في الثورة العرابية، وهو قد حاز ملكا عظيما وهو ملك القلوب الذي هو أبقى من ملك نبي الله (سليمان) عليه السلام.

ورحيل البارودي عن الدنيا رحيل الذي استغنى عن كل شيء ولم يحفل بموجود، يقول حافظ:

لقد نزحتَ عن الدنيا كما نزحتْ عنها لياليك من بيضٍ ومن سودِ

أغمضت عينيك عنها وازدريتَ بها قبل المماتِ ولم تحفلْ بموجودِ[17]

ويتطرق الشاعر لوصف شعر البارودي من حيث السلاسة، وهو الشاعر الذي يضن الزمان أن يجود بمثله، فالسلاسة في منطقه، كما يجري الماء في العود، حتى أصبح ذكره يجري في كل بيت، وشعره كالمسك والعود، وقد زاده حلاوة بمدحه لخير الأنام محمد( صلى الله عليه وسلم) يقول حافظ:

تجري السلاسة في أثناءِ منطقِه تحت الفصاحةِ جريَ الماءِ في العودِ

في كلِّ بيتٍ له ماءٌ يرفُّ به يغارُ من ذكرِه ماءُ العناقيدِ

لو حنَّـــطوك بشعرٍ أنتَ قائلُه غّنيتْ عن نفحاتِ المسكِ والعودِ

حليتَه بعد أن هذَّبتَــه بِسنا عِقْدٍ بمدحِ رسولِ اللهِ منضودِ[18]

وإذا كان البارودي قد عانى في حياته بسبب ما تعرض من فصل من وظيفته جراء مشاركته في الثورة العرابية، فيكفيه فخرا أنه شاعر، وشعره فيه مدح للنبي(صلى الله عليه وسلم) وإذا كان ما فعله من أجل وطنه زلة فأكرم بها من زلة، يقول حافظ:

إنْ هُدَّ ركنُك منكوبا فقد رفعتْ لكَ الفضيلةُ ركنا غيرَ مهدودِ

إنَّ المناصبَ في عزلٍ وتوليةٍ غيرُ المواهبِ في ذكرٍ وتخليدِ

أكرمْ بها زلةً في العمرِ واحدةً إنْ صحَّ أنكَ فيها غيرُ محمودِ[19]

ويتطرق حافظ إلى وصف المنصب الذي تولاه البارودي وهو وزارة الجهادية، ويصف بلاءه في الحرب وأهوالها، وتضحيته بنفسه، وبلاءه الشديد، خصوصا في معركة جزيرة كريد، وهو اليوم الذي يشبه يوم ذي قار الذي وقع قديما بين العرب والفرس، والحرب بكل ما فيها هي المجال الذي تظهر فيه مهارات وبطولات البارودي، إضافة لمجال الشعر، يقول حافظ إبراهيم:

كنتّ الوزيرَ وكنت المستعانَ به وكانَ همُّـكَ همَّ القادةِ الصيدِ

كمْ وقفةٍ لكَ والأبطالُ طائرةٌ والحربُ تضربُ صنديدا بصنديدِ

تقولُ للنفسِ إنْ جاشَتْ إليكَ بها هذا مجالُكِ سودي فيه أو بيدي

نسختَ يومَ كريدٍ كلَّ ما نقلوا في يومِ(ذي قارِ) عن(هاني بن مسعودِ)[20]

ومسألة تضحية الشعراء من أجل إسعاد الآخرين معروفة منذ قديم الزمان، ويمكن تعليلها بأن الشعراء يعلمون أن للشعر دورا ورسالة ينبغي أن يؤديها في هذه الحياة، وهي مسألة خالدة في الآداب العالمية، والشاعر هو الهادي قومه، يسجل مفاخرهم ومحامدهم، وهو الذييحترق ليضيء الطريق للناس[21]

ويمزج الشاعر بين مجالي الأدب والحرب ليظهر تفوق البارودي في الحرب وفتكه بالأعداء، فهو ينظمهم كما ينظم الشعر، وجعل وقوع القتيل بجانب القتيل في الحرب مثل أبيات القصيدة يضم فيها البيت إلى مثله على روي واحد، يقول حافظ:

نظمتَ أعداك في سلكِ الفناءِ به على روي ولكن غيرُ معهودِ

كأنهم كلمٌ والموتُ قافيةٌ يرمي به عربيٌّ غيرُ رعديدِ[22]

فالبارودي هنا قد نظم أعداءه على روي غير مبتدع لم يعرفه الناس من قبل. وينتقل حافظ إبراهيم بعد ذلك لوصف الأثر النفسي لرحيل البارودي، يقول الشاعر:

أودي المعري تقيُّ الشعرِ مؤمنُــه فكادَ صرحُ المعالي بعدَه يودي

وأوحشَ الشرقُ من فضلٍ ومن أدبِ وأقفرَ الروضُ من شدوٍ وتغريدِ[23]

فالشاعر يشبه البارودي بالمعري الذي بموته ينهار صرح الشعر أو يكاد ينهار حزنا عليه، ويوحش الشرق من الفضل ومن الأدب، بل ويقفر الروض من الغناء والفرح، ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل يمتد إلى الشعر الذي تنبذه الأسماع بعد رحيل البارودي، وقد أصبح ضعيفا تمجه الأسماع وتنفر منه الطباع، لضعف بنائه وركاكة ألفاظه، واضطراب نظمه، ووجود الحشو فيه، يقول حافظ:

وأصبحَ الشعرُ والأسماعُ تنبذُه كأنه دَسَـــمٌ في جوفِ ممعودِ

ألوى به الضعفُ واسترختْ أعنتُــه فراحَ يعثُرُ في حشوٍ وتعقيدِ[24]

ولو أنصف الناس لدفنوا البارودي في جوف لؤلؤة من كنز حكمته، لا في القبر، ولو أنصفوا لدفنوه بدرج من صحائفه،÷ يقول الشاعر:

لو أنصفوا أودعوه جوفَ لؤلؤةٍ من كنزِ حكمتِــه لا جوفَ أخدودِ

وكفَّنوه بدَرْجٍ من صحائفِــه أو واضحٍ من قميصِ الصبحِ مقدودِ[25]

ثم يوجه الشاعر رسالة لمحبي البارودي والسائرين في جنازته، والذين آلمهم رحيله عن الدنيا، طالبا منهم غض البصر فإن جبريل (عليه السلام) قد حضر تلك الجنازة مع الملائكة الكرام، يقول حافظ:

أقولُ للملأِ الغادي بموكبــِه والناسُ ما بينَ مكبودٍ ومفؤودِ

غُضُّوا العيونَ فإنَّ الروحَ يصحبُكم مع الملائكِ تكريمًــا لمحمودِ[26]

ويوجه حافظ كلامه للقبر الذي حوى جسد البارودي، فهو يخفي سنا قمر مقسم الوجه، محسودا من الناس، وقد حلَّ البارودي بالقبر، وهو الشاعر الذي قريحته تجود بذلك الشعر الخالد على مرِّ الأيام، يقول حافظ:

يا ويحَ القبرِ قد أخفى سنا قمرٍ مُقَسَّــمِ الوجهِ محسودِ التجاليدِ

يا ويحَـه حلَّ فيه ذو قريحتُــه لما بخدرِ المعالي ألفُ مولودِ[27]

ويختتم حافظ قصيدته بتوجيه كلامه للبارودي كأنه حاضر أمامه لم يمت، وهو يشعر بالحياء منه، لتقصيره في رثائه، طالبا منه التماس العذر له في هذا التقصير، لأنه حرم الإجادة في رثائه، يقول حافظ:

محمودُ إني لأستحييكَ في كلمي حيًّا وميتًا وإن أبدعتُ في تقصيدي

فاعذرْ قريضي واعذرْ فيك قائله كلاهما بين مضعوفٍ ومحدودِ[28]

المبحث الثاني: التصوير الفني:

تعد الصورة وسيلة ومعيارا مهما” في الحكم علي أصالة التجربة، وقدرة الشاعر علي تشكيلها في نسق، يحقق المتعة والخبرة لمن يتلقاه”( عصفور، 1980م، ص5 )

حازت الصورة حيزا كبيرا من اهتمام النقاد القدامى وأبرزوا أهميتها، ودورها الكبير في التأثير في الأسماع والقلوب( العسكري، 1952م، ص269)

ويرى كثيرون أن الصورة بمثابة وعاء ينقل مشاعر الشاعر وأحاسيسه لجمهور المتلقين وهي أيضا “الوسيلة الفنية الجوهرية لنقل التجربة” ( هلال، 2004م، ص417)

ويرى عصفور أن قيمة الصورة تنبع من طريقتها الخاصة التي تقدم بها المعنى، ومدى التأثير الذي يمكن أن تحدثه في المتلقي(عصفور، 1983م، ص 328) وقد تنوعت أنماط الصورة الفنية، وتوزعت ما بين التشبيه والاستعارة والكناية، وذلك على النحو التالي:

التشبيه:

يسعى التشبيه للغوص في تجربة الشاعر، ليستخرج منها معنى فائقاً للعادة، وتحويله عن طريق المقارنة والتشبيه لشيء آخر مختلف تماماً( الرباعي، 1984م، ص128) ومن الأنماط التشبيهية التي اتكأ عليها حافظ في رثائه البارودي:

نظمتَ أعداك في سلكِ الفناءِ به على روي ولكن غيرُ معهودِ

كأنهم كلمٌ والموتُ قافيةٌ يرمي به عربيٌّ غيرُ رعديدِ[29]

فالبارودي هنا قد نظم أعداءه على روي غير مبتدع لم يعرفه الناس من قبل، وهؤلاء الأعداء يشبهون الكلمات والموت قافية، فهو ينظمهم كما ينظم الشعر، وجعل وقوع القتيل بجانب القتيل في الحرب مثل أبيات القصيدة يضم فيها البيت إلى مثله على روي واحد.

الاستعارة:

ويقصد بها هي استعمال اللفظ في غير ما وُضع له لعلاقة المشابهة بين المعنى المنقول عنه والمعنى المستعمل فيه، مع وجود قرينة تصرف عن إرادة المعنى الأصلي( الهاشمي، د.ت، ص 258) ومن نماذج الاستعارة الواردة عند حافظ قوله:

ما للبلاغةِ غضبى لا تطاوعني وما لحبل القوافي غيرُ ممدودِ[30]

فالشاعر هنا يتخيل البلاغة إنسانا غاضبا لموت البارودي، وكان الأولى بالشاعر أن يصورها حزينة، فحالة الموت يناسبها شعور الحزن لا الغضب.

ويتوسل حافظ بالاستعارة التصريحية مصورا البارودي بأبي العلاء المعري، وكلا الشاعرين يمتلئ شعره بالحكمة والموعظة، يقول:

أودي المعري تقيُّ الشعرِ مؤمنُــه فكادَ صرحُ المعالي بعدَه يودي [31]

الكناية:

من الصور الفنية التي اتكأ عليها حافظ في نصه الكناية وهي تسهم في التشكيل الجمالي للصورة الفنية، وتكسب الصورة بعدا إيحائيا دلاليا، وتتسم الصور الكنائية بالتكثيف والإيجاز، ومن الكنايات التي وظفها حافظ قوله:

ردوا عليَّ بياني بعد محمودِ إني عَييت وأعيا الشعر مجهودي[32]

فالصورة هنا كناية عن أثر موت البارودي على حافظ، فأثر الصدمة جعل الشاعر يفقد قدرته على قول الشعر في رثاء البارودي.

ومن الصور الكنائية قوله:

وأوحش الشرق من فضلٍ ومن أدبِ وأقفرَ الروضُ من شدوٍ وتغريدِ[33]

فهي كناية عن أثر موت البارودي على الكون والحياة؛ فالشرق خلا من الفضل والأدب بموت البارودي، والرياض خلات من الغناء ومظاهر السعادة.

ومن الكنايات قوله:

لبيك يا مؤنسَ الموتى وموحشَـنا يا فارس الشعر والهيجاءِ والجودِ[34]

كناية عن أثر وتأثير البارودي في حياة الناس، وكناية عن مكانته فهو رب السيف والقلم، ورائد النهضة الأدبية في العصر الحديث.

استدعاء التراث وتوظيفه:

للشاعر المعاصر علاقة وثيقة الصلة بالتراث، كانت إرهاصاتها في عصر النهضة بمحاولات إحياء التراث التي تزعمها البارودي وتلاميذه، وقد مرت تلك العلاقة بأطوار متعددة، حتى وصلت إلى توظيف الشخصية التراثية، أو التعبير بها، وهي تقابل التعبير عن الشخصية التراثية التي تنظم نظما تقريريا حياة الشخصية ( زايد، 1997م، ص 13) وللشاعر علاقة بالتراث انطلاقا من كون التراث منجزا إنسانيا، لا شيئا قادما من الماضي يلزم تقبله كما هو، ومن هنا ينقل الشاعر المعاصر تأثير التراث إلى ذاته، وتصبح ذات المبدع عاملا مهما في البحث عن التراث وتكوين رؤية واضحة له، والإبداع في طرق ظهور التراث في النص الأدبي الجديد ( الصكر، 1999م ، ص 218)

وليس من حق الناقد أن يطالب الشاعر “بالانفصال في صوره عن أسلافه، لأنه يصبح كالمنبت لا أرضا قطع، ولا ظهرا أبقى، والفن لا يعرف الثورة النهائية على الماضي والانفصال الحاد” (ضيف، 1998م، ص46) وقد استخدم حافظ في رثائه للبارودي أنماطا من التراث على مستوى التصوير والخيال.

ومن ذلك التوظيف التاريخي: يوم ذي قار ، وهو من أيام لعرب التاريخية التي انتصروا فيها على الفرس، يقول الشاعر:

نسختَ يومَ كريدٍ كلَّ ما نقلوا في يومِ(ذي قارِ) عن(هاني بن مسعودِ)[35]

ويوم ذي قار من أيام العرب المجيدة، وأبلغها أثرا في انتصاف العرب من العجم، وذو قار موضع بين الكوفة وواسط، والقائد هانئ بن مسعود هو أحد قواد المعركة.

ومن التوظيف الأدبي: تأثر الشاعر بالمتنبي في قوله:

تمر بك الأبطال كلمى هزيمة ووجهك وضاح وثغرك باسم[36]

ويقول حافظ:

نظمتَ أعداك في سلكِ الفناءِ به على روي ولكن غيرُ معهودِ

كأنهم كلمٌ والموتُ قافيةٌ يرمي به عربيٌّ غيرُ رعديدِ[37]

والقصيدة تحفل بكثير من التراث الديني كما في حديثه عن ملك نبي الله سليمان؛ إذ يقول الشاعر:

ملك القلوبِ وأنت المستقلُّ به أبقى على الدهر من ملك ابن داود[38]

ومن ذلك التراث الديني حديثه عن مدح البارودي للنبي (ص) في قصيدته والتي عارض بها قصيدة البوصيري في مدح النبي(ص) وقد سمى البارودي قصيدته بـــــ ( كشف الغمة في مدح خير الأمة) يقول حافظ:

لو حنَّـــطوك بشعرٍ أنتَ قائلُه غّنيتْ عن نفحاتِ المسكِ والعودِ

حليتَه بعد أن هذَّبتَــه بِسنا عِقْدٍ بمدحِ رسولِ اللهِ منضودِ[39]

المبحث الثالث: المعجم الشعري والإيقاع الموسيقي

(1) المعجم الشعري:

يراد بالمعجم الشعري ” تردد الكلمات بنسب مختلفة أثناء نص معين، سواء بنفسها أو بمرادفها، أو بتركيب يؤدي معناها فتكون حقلا أو حقولا دلالية “[40] ويجب أن تتلاءم الألفاظ مع التجربة الإبداعية، التي هي في مضمونها تعامل بالألفاظ[41] وتتشبع المفردات المعجمية بدلالات محددة، كون لغة المبدع لها وجود وكيان[42]

وقد تعددت مصادر المعجم الشعري عند حافظ على النحو التالي:

(أ)معجم الأعلام التاريخية والأدبية التراثية:

مثل: رسول الله- ابن داود – هانئ بن مسعود-.

(2)معجم الموت والمعاناة: ومنه ألفاظ:

الخطب- الموتى- الممات- نزحت- حنطوك- الموت – بيدي- أودعوه- أودى- تنعى- مفؤود- أخدود.

(3)معجم الأدب والشعر:

بياني – الشعر- البلاغة- القوافي- فارس الشعر- منطقه – الفصاحة- اليراع- كلم – قافية – المعري

ومن خلال استقراء النص يمكن أن نرصد نمطين للمعجم الشعري للألفاظ، تدور فيهما ألفاظ الشاعر، وهما:

1 – معجم الألفاظ السهلة القريبة من لغة الحياة المتداولة: وهو كثير شائع في النص؛ لأنها تعكس الواقع المعاش والأحداث الراهنة، وكثير من هذه الألفاظ ظلت محتفظة بدلالتها القريبة المباشرة .

ومنها: مجهودي – الجود – لبيك – فارس- الأناشيد- السلاسة – حنطوك- العود – الوزير

2 – معجم تراثي: وهو معجم يلتزم الألفاظ التراثية التي تعكس ثراء لغة الشاعر واطلاعه على التراث، ومن ألفاظه: الهيجاء- القوافي – اليراع – الحسام – العِقد – الجيد- منضود

(2) الألفاظ:

اتسمت ألفاظ حافظ بالوضوح والسهولة، ولا نجد ألفاظا غامضة، أو صعبة في النص، والمتأمل يجد أمثلة كثيرة توضح ذلك.

وقد يلجأ الشاعر لصرف بعض الأسماء الممنوعة من الصرف ليستقيم الوزن، ومن ذلك قوله:

ملك القلوب وأنت المستقلُّ به أبقى على الدهرِ من مُلكِ ابن داودِ[43]

ويمكن القول إن أن لغة حافظ إبراهيم لغة شعرية بامتياز وهي من ذلك النوع الذي أشار إليه د. محمد عبد المطلب والذي يحوي تنوعا فرديا متميزا في الأداء، بما فيه من وعي واختيار، وانحراف عن المستوى العادي يساعد على نقل تجربة الشاعر إلى المتلقين[44].

وقد وفق حافظ في اختياره الألفاظ التي تلائم الحالة النفسية للمتلقين؛ والسياق العام لقصيدته، فهو حينما يصف مشاعره يستخدم ألفاظ تعكس الهم والحزن والألم والمعاناة ولوعة الفقد، وحينما يذكر سيرة البارودي الشعرية يتكأ على مفردات توائم تلك الحالة من ألفاظ تذكرهم بالماضي المجيد وشعرائه كالمعري، والمتنبي.

وإن كان يؤخذ عليه لفظة ( البلاغة غضبى) في قوله:

ما للبلاغة غضبى لا تطاوعني وما لحبل القوافي غير ممدود[45]

فالمناسب للسياق أن تكون البلاغة حزينة لفراق الشاعر لصديقه البارودي، لكن الشاعر أتى بلفظة غضبى، وكان الأفضل لو استعمل حزينة أو ما يرادفها.

والشاعر لم يتوعر في اختيار المفردات المناسبة للحالة النفسية، ولم يهبط إلى درك التعبير العامي، بل اتخذ بين ذلك سبيلا، وتوسل بلغة شعرية اجتمع لها الجزالة والوضوح في تناسق منغم وجرس محبب، وبذل من الجهد ليختار مواطن الإبداع في الكلمة، فخلا شعره من العبارات المرصوصة والعبارات المصفوفة، وأعمل وعيه الفني في انتخاب الألفاظ من وحي خياله المتوهج مبتعدا عن عيوب اللفظة المفردة كالغرابة والسوقية والابتذال والتنافر بين الحروف[46]

على أن هناك ملاحظة جديرة بالتسجيل في القصيدة محل الدراسة، وهي تتعلق بأسلوب حافظ إبراهيم وهي مخاطبة الميت أو المرثي كأنه حي يسمع ويستجيب لما يقال له، وربما كان مرد ذلك هو عدم تصديق الشاعر لخبر موت صديقه البارودي، فهو لا يزال يشعر به ملء الخاطر، وهو لا يؤمن بموت الشعراء، بل يرى أن أثرهم باق بعد رحيلهم عن الدنيا؛ لذا نراه يخاطب البارودي معلنا السمع والطاعة له:

لبيك يا خيرَ مَنْ هَزَّ اليراعَ ومَن هزَّ الحسامَ ومن لَـبَّى ومَـن نودي[47]

الإيقاع الموسيقي

نظم الشاعر قصيدته من بحر البسيط التام، ووزنه: مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن، وقد دخل الخبن في تفعيلة فاعلن في حشو البيت، وقد وردت العروض مخبونة ولها ضرب مخبون مثلها[48]

وقد اعتمد حافظ على الشعر العمودي الموروث عن الخليل بن أحمد، وقد استعان حافظ بعناصر الموسيقا الداخلية المتمثلة في التصريع، وغيره، ويتولد الإيقاع الداخلي من موسيقية اللغة سواء أكانت مفردة أم جملة أم عبارة.

التصريع:

ويراد به أن “يجعل العروض مقفاة تقفية الضرب ، والتصريع مما استحسن حتى إن أكثر الشعر صرع البيت الأول منه، وإذا جاءت العروض مخالفة للضرب في وزنها جاز أن تكون موازنة له إذا كان البيت مصرعا”[49]

والتصريع خاص بالشعر العمودي فقط، وقد جاء بكثرة في الشعر، وبخاصة في أوائل القصائد، وتكرر كثيرا عند القدماء، وقد سار حافظ على نهج القدامى في كل شعره، يقول الشاعر في مفتتح قصيدته:

ردوا عليّ بياني بعد (محمود) إني عييتُ وأعيا الشعر مجهودي[50]

ويمكن القول إن الجانب الموسيقي في النص جاء منسجما مع ما عرف عن موسيقى الشعر العربي الخليلي.

خاتمة البحث: توصل البحث لمجموعة من النتائج، منها:

أولا: حرص الشاعر حافظ إبراهيم على أن يبرز حزنه على رحيل البارودي، وقد تبدى ذلك من خلال تناوله لدوره في إحياء الشعر، وما يتعلق بحركة النضال المصري ضد المحتل الإنجليزي.

ثانيا: تناول حافظ في رثائه البارودي دوره في حركة نهضة الشعر في العصر الحديث، ولكنه بالإضافة لذلك تناول حزنه على الرحيل والفراق.

ثالثا: اتكأ الشاعر على الصورة الفنية وأنماطها المتنوعة من تشبيه واستعارة وكناية، واتكأ على التراث بمصادره المتنوعة من تراث ديني وأدبي وتاريخي؛ لكي يرسم صورة لحزنه على رحيل البارودي.

رابعا: جاء معجم الشاعر متنوعا ثريا، حافلا بالألفاظ السهلة البسيطة المنتقاة بعناية، وتنوعت أنماط المعجم الشعري لديه.

خامسا: وجدت بعض الألفاظ التي أُخذت على الشاعر، وعدت في غير موضعها، لكن ذلك لا يقلل من مكانة الشاعر وموهبته الأدبية.

سادسا: جاء شعر الشاعر على النمط الخليلي التقليدي المتوارث، فهو الشاعر التراثي، واستخدم بحر البسيط في صورته التامة.

المصادر والمراجع

الإيضاح في علوم البلاغة، الخطيب القزويني(1996م) تحقيق د. عبد القادر حسين، ط1، القاهرة، مكتبة الآداب.

البلاغة والأسلوبية، د. محمد عبدالمطلب، الشركة المصرية العالمية للنشر، لونجمان، مصر، ط1 (1994م)

تاريخ النقد العربي إلى نهاية القرن الرابع الهجري، د. محمد زغلول سلام، دار المعارف، القاهرة، 1964م

تحليل الخطاب الشعري- استراتيجية التناص ، محمد مفتاح (1992م) ، ط3، ، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت

ديوان المتنبي، أبو الطيب أحمد بن الحسين، دار بيروت للطباعة والنشر، بيروت، 1983م.

ديوان حافظ إبراهيم، ضبطه وصححه وشرحه أحمد أمين ، أحمد الزين، إبراهيم الإبياري،الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة، ط3، 1987م.

الرثاء في الشعر العربي، سراج الدين محمد، دار الراتب الجامعية، بيروت، لبنان، د.ت،

الرثاء، د. شوقي ضيف، دار المعارف، د. ت، القاهرة، ط4،

العروض التعليمي، د عبد العزيز نبوي، مكتبة المنار الإسلامية، الكويت، ط 3، 2000م،

العمدة في محاسن الشعر العربي وآدابه ونقده، ابن رشيق القيرواني، 2/ 154

في الأدب السعودي رؤية داخلية، ، يوسف حسن نوفل (1984م) ط1، الرياض، مؤسسة دار الأصالة للثقافة والنشر والإعلام

لغة الشعر العربي الحديث مقوماتها الفنية وطاقاتها الإبداعية، الورقي، السعيد ، (1983م) ، ط2، القاهرة دار المعارف المصرية

المازني شاعرا، د. عبد اللطيف عبد الحليم، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط2، 2005م

الرسائل العلمية:

رثاء الزوجة في الشعر العربي الحديث، ديوان حصاد الدمع لمحمد البيومي أنموذجا، آمال عودة سليمان، رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة الشرق الأوسط، د. ت

فن الرثاء عند شاعرات الجاهلية، خميس بن ماجد الصباري، رسالة ماجستير، الجامعة الأردنية، 2006م

الأبحاث العلمية:

رثاء الزوجة في الشعر العربي والفارسي، جرير بن عطية وخاقاني شرواني نموذجا، نعيم عموري، مجلة اللغة العربية وآدابها، السنة14 العدد(1) 1439هـ،

مراثي الحيوانات المستأنسة في الشعر العباسي، عزوزي عبد الصمد، مجلة الآداب واللغات، المجلد 22، العدد(1)

الهوامش:

  1. – ينظر: ديوان حافظ إبراهيم، ضبطه وصححه وشرحه أحمد أمين ، أحمد الزين، إبراهيم الإبياري،الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة، ط3، 1987م.ص 18 وما بعدها
  2. – ينظر : السابق، ص27
  3. -السابق، ص 29
  4. – ينظر: الرثاء، د. شوقي ضيف، دار المعارف، د. ت، القاهرة، ط4، ص 7
  5. – ينظر: رثاء الزوجة في الشعر العربي الحديث، ديوان حصاد الدمع لمحمد البيومي أنموذجا، آمال عودة سليمان، رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة الشرق الأوسط، د. ت، ص 24
  6. – السابق، الصفحة نفسها
  7. – ينظر: الرثاء، د. شوقي ضيف، دار المعارف، د. ت، القاهرة، ط4، ص 8
  8. – ينظر: الرثاء في الشعر العربي، سراج الدين محمد، دار الراتب الجامعية، بيروت، لبنان، د.ت، ص 6
  9. ينظر: فن الرثاء عند شاعرات الجاهلية، خميس بن ماجد الصباري، رسالة ماجستير، الجامعة الأردنية، 2006م ص 80 وما بعدها
  10. – ينظر: مراثي الحيوانات المستأنسة في الشعر العباسي، عزوزي عبد الصمد، مجلة الآداب واللغات، المجلد 22، العدد(1) ص 59
  11. – ينظر: العمدة في محاسن الشعر العربي وآدابه ونقده، ابن رشيق القيرواني، 2/ 154
  12. – ينظر: رثاء الزوجة في الشعر العربي والفارسي، جرير بن عطية وخاقاني شرواني نموذجا، نعيم عموري، مجلة اللغة العربية وآدابها، السنة14 العدد(1) 1439هـ، ص 74
  13. – ينظر: رثاء الزوجة في الشعر العربي الحديث، ديوان حصاد الدمع لمحمد البيومي أنموذجا، آمال عودة سليمان، رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة الشرق الأوسط، د. ت، ص 42
  14. – السابق، ص 47
  15. – ينظر: ديوان حافظ إبراهيم، ضبطه وصححه وشرحه أحمد أمين ، أحمد الزين، إبراهيم الإبياري،الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة، ط3، 1987م.ص 453
  16. – السابق، الصفحة نفسها
  17. – السابق، الصفحة نفسها
  18. – السابق، ص 454
  19. – السابق، الصفحة نفسها
  20. – السابق، ص 455
  21. – ينظر: المازني شاعرا، د. عبد اللطيف عبد الحليم، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط2، 2005م، ص 74، 75
  22. – ديوان حافظ، ص455
  23. – السابق، ص 456
  24. – السابق، الصفحة نفسها
  25. – السابق، الصفحة نفسها
  26. – السابق، الصفحة نفسها
  27. – السابق، ص 457
  28. – السابق، الصفحة نفسها
  29. – الديوان، ص 455
  30. – الديوان، ص 453
  31. – السابق، ص 456
  32. – السابق، ص 453
  33. – السابق، ص 456
  34. – السابق، ص 453
  35. – السابق، ص 455
  36. – ديوان المتنبي، أبو الطيب أحمد بن الحسين، دار بيروت للطباعة والنشر، بيروت، 1983م، ص 387
  37. – السابق، ص 455
  38. – السابق، ص 453
  39. – السابق، ص 454
  40. – تحليل الخطاب الشعري- استراتيجية التناص ، محمد مفتاح (1992م) ، ط3، الدار البيضاء، بيروت، المركز الثقافي العربي، ص58
  41. – في الأدب السعودي رؤية داخلية، ، يوسف حسن نوفل (1984م) ط1، الرياض، مؤسسة دار الأصالة للثقافة والنشر والإعلام، ص53
  42. – لغة الشعر العربي الحديث مقوماتها الفنية وطاقاتها الإبداعية، الورقي، السعيد ، (1983م) ، ط2، القاهرة دار المعارف المصرية، ص 72
  43. – ديوان حافظ، ص 453
  44. – ينظر: البلاغة والأسلوبية، د. محمد عبدالمطلب، الشركة المصرية العالمية للنشر، لونجمان، مصر. ، ط1 (1994م) ص186
  45. – ينظر: ديوان حافظ .ص 453
  46. – ينظر: تاريخ النقد العربي إلى نهاية القرن الرابع الهجري، د. محمد زغلول سلام، دار المعارف، القاهرة، 1964م، ص 67
  47. – ديوان حافظ، ص454
  48. – ينظر: العروض التعليمي، د عبد العزيز نبوي، مكتبة المنار الإسلامية، الكويت، ط 3، 2000م، ص73
  49. – ينظر: الإيضاح في علوم البلاغة، الخطيب القزويني(1996م) تحقيق د. عبد القادر حسين، ط1، القاهرة، مكتبة الآداب.، ص446
  50. – الديوان، ص 453