منظومـة القيـم والمتغيـرات الشكليـة في تصميـم الفضـاءات الداخليـة

احمد نجاح طه1، أ.م.د. ياسر كريم حسن2

1 الجامعة التقنية الوسطى/ كلية الفنون التطبيقية، العراق. بريد الكتروني: ahmediphone756@gmail.com

2 الجامعة التقنية الوسطى/ كلية الفنون التطبيقية، العراق. بريد الكتروني: yasir@mtu.edu.iq

HNSJ, 2024, 5(4); https://doi.org/10.53796/hnsj54/9

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/04/2024م تاريخ القبول: 18/03/2024م

المستخلص

حظي موضوع القيم باهتمام واسع عند شتى المذاهب والاتجاهات الفكرية والفلسفية كافة، بوصفها من المفاهيم المتأصلة في حياة الشعوب، لأن القيم تسعى إلى تحقيق الخير الأسمى في المجتمع عبر ما تتمخض عنه من مُحفّزات الارتقاء والكمال والسمو بأي فعل إنساني. ولأن التصميم الداخلي أحد تجليات تلك الأفعال، فقد استند على منظومة من القيم والضوابط والالتزامات والمبادئ التي تتسم بالبعد القيمي الإنساني، لتبرز كحكم معياري في التفاضل بمقدار التزام النتاجات التصميمية بتلك المبادئ.

ونظراً لصيرورة التغييرات التي تطرأ على القيم والحاجات والالتزامات بمرور الزمن ومن مكان إلى آخر، فإنها تفتح الشكل على كل الخيارات الممكنة والتفسيرات المُختلفة على وفق ما يُناسب ظروفها، بما يعكس دورها الإثرائية في إحداث مُتغيرات شكلية نابعة من فعل السلوكي يستنبطه المُصمم من تلك القيم بهدف الارتقاء بذائقة المُجتمع، سيما الفضاءات الداخلية متعددة الوظائف الخدمية والثقافية والتعليمية (ميدان الدراسة( لذا عُنيت هذه الدراسة بتصميم فضاء داخلي يطرح قراءات مُعبرة تُثري مدركات المتلقي بقيم مجتمعه الأصيلة وتوفر له سُبل الراحة وتحترم كرامته الإنسانية خلال معايشته للفضاء الداخلي. تكون البحث من أربعة فصول، تناول الفصل الأول مُشكلة البحث التي تبلورت بالتساؤل التالي “ماهي العلاقة بين منظومة القيم والمتغيرات الشكلية في تصميم الفضاءات الداخلية؟” اما هدف هو ” كشف علاقة منظومة القيم في تصميم الفضاءات الداخلية وتحديد انعكاساتها في إحداث متغيرات شكلية “. وتضمن الفصل الثاني مبحثين، تناول المبحث الأول، مفهوم منظومة القيم في التصميم الداخلي، بينما تطرق المبحث الثاني إلى التمثلات القيم والمتغيرات الشكلية في تصميم الفضاءات الداخلية، وصولاً إلى مجموعة مؤشرات استخدمت لإعداد استمارة تحليل نماذج عينة البحث. اعتمد البحث المنهج الوصفي في عملية تحليل النماذج في إجراءات البحث التي عرضها الفصل الثالث والتي تمخضت عن ثلاثة نماذج منتقاة من أصل (۱۲) أنموذجا من المجتمع الأصلي من أعمال المصمم العالمي (Norman Foster) في قارة آسيا بين عامي ۲۰۲۲-۲۰۰6، فيما أسفر الفصل الرابع عن مجموعة من النتائج التي انتهى إليها البحث ومن أهمها:

1.حققت قدرة المصمم على اعتماد القيم الدينية في الفضاءات الداخلية من خلال قيم غائية في الخشوع ضمن الانموذج الاول والثاني والثالث المتحقق شامل في محددات الفضاء الداخلي.

2.أكدت دراسة المصمم الداخلي على القيم السياسية في الفضاء الداخلي من خلال سياسة الدولة عبرت عن مستويات الانعكاس من خلال العناصر ضمن الانموذج الاول من خلال التحقيق الواضح في تصاميم الجدران والاسقف، بينما كان التحقيق نسبياً في تصاميم الارضيات، اما بالنسبة للأنموذج الثاني والثالث فقد كان التحقيق الشامل واضحا في تصاميم المحددات الداخلية.

وصولاً إلى التوصيات والمقترحات المُستقبلية.

الكلمات المفتاحية: القيم، المنظومة، منظومة القيم، المتغير، الشكل.

Research title

The system of values and formal variables in the design of interior spaces

Ahmed Najah Taha1, ASS. Prof. Dr. Yasir Kareem Hassan2

1 Central Technical University/College of Applied Arts, Iraq. Email: ahmediphone756@gmail.com

2 Central Technical University/College of Applied Arts, Iraq. Email: yasir@mtu.edu.iq

HNSJ, 2024, 5(4); https://doi.org/10.53796/hnsj54/9

Published at 01/04/2024 Accepted at 18/03/2024

Abstract

The subject of values has garnered widespread attention across various philosophical and intellectual doctrines, being deeply rooted in the lives of societies. Values inherently seek to achieve the highest good within a community through the catalysts of advancement, perfection, and the elevation of human action. Given that interior design is a manifestation of these actions, it is based on a system of values, regulations, commitments, and principles characterized by a humanistic dimension. This system emerges as a standard judgment in evaluating the extent to which design outcomes adhere to these principles.

Due to the constant evolution of values, needs, and commitments over time and across different locations, it opens up the field to various possibilities and interpretations according to circumstances. This reflects its enriching role in bringing about formal changes stemming from behavioral actions derived by designers from these values. The aim is to enhance societal taste, particularly within multifunctional interior spaces serving cultural, educational, and service purposes.

This study focuses on designing an interior space that presents expressive readings enriching the recipient’s awareness of their authentic societal values while providing comfort and respecting their human dignity during their experience within the interior space. The research comprises four chapters, starting with the first chapter addressing the research problem crystallized by the question: “What is the relationship between the system of values and formal changes in the design of interior spaces?” The goal is to uncover the relationship between the system of values in the design of interior spaces and identify its reflections in bringing about formal changes.

The second chapter consists of two sections. The first discusses the concept of the system of values in interior design, while the second delves into the representations of values and formal changes in the design of interior spaces, leading to a set of indicators used to prepare an analysis form for the research sample. The research adopts a descriptive methodology in analyzing the models in the research procedures presented in the third chapter, which yielded three selected models out of a total of 12 original models from the works of the global designer Norman Foster in Asia between 2006-2022. The fourth chapter presents a set of research findings, including:

The designer’s ability to adopt religious values in interior spaces through values of piety was achieved comprehensively in all three models regarding the internal space determinants.

The interior designer’s study confirmed political values in the interior space through state policies reflected at varying levels within the elements in the first model, while the investigation was relatively extensive in the designs of internal determinants for the second and third models.

Finally, the study concludes with recommendations and future proposals

Key Words: Values, System, Value System, Change, Form.

الفصل الاول مشكلة البحث والحاجة اليه:

    1. مشكلة البحث:

تعد منظومة القيم نسقاً معيارياً يُشكل رؤية حضارية صادقة وانعكاسا حقيقياً للتفاعلات الحضارية والاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية لأي مُجتمع في حقب التاريخ كافة، بوصفها إحدى من المفاهيم المتأصلة في حياة الشعوب التي تُحقق الخير الأسمى في المجتمع عبر ما تنتجه من انطباعات ارتقاء أي فعل إنساني وكماله وشموه، ولأن التصميم الداخلي أحد تجليات ذلك الفعل، فهو يستند على منظومة من القيم والضوابط والالتزامات والمبادئ التي تتسم بالبُعد القيمي الإنساني، إذ تكون كمؤشرات معيارية يُعنى خلالها بتحقيق معايير الجودة في تصميم الفضاء الداخلي. ولأن العلاقة الجدلية بين الفرد والفضاء الداخلي اي بعلاقة المُؤثر والمُتأثر، فالفضاء الداخلي يُعد لغة المُصمم التي ترتكز مفرداته التكوينية من قيم الإنسان ويُطبعها في صياغات شكلية تتوخى تصدير التأثيرات والأحاسيس المبثوثة عبر هذه التكوينات وإمكانية إحالتها إلى سلوك وظيفي وجمالي ومعرفي عبر تفاعل الإنسان مع تلك الشكليات المفعمة بالقيم. مما تقدم يُلاحظ أن ثمة مبرر موضوعي لتناول البحث الحالي هذا الموضوع بالدراسة لغرض الوقوف على طبيعة العلاقة بين منظومة القيم وانعكاساتها في التصميم الداخلي، والوصول إلى أهم الأسس والمرتكزات التي من شأنها تقييم وتقويم العملية التصميمية لصياغة فضاءات داخلية. تحمل قيماً ومعاييراً تنمي مدارك متلقي تلك القيم الحسية. في ضوء المبررات أنفة الذكر تبلورت مشكلة البحث بالتساؤل التالي: ماهي العلاقة بين منظومة القيم والمتغيرات الشكلية في تصميم الفضاءات الداخلية؟

    1. أهمية البحث: تتجلى أهمية البحث من خلال:

توفير قاعدة معرفية للنظريات في التصميم الداخلي يستند إليها المصمم، بغية محاولة التصدي لأزمة القيم وضعف دورها في مراحل العملية التصميمية والتنفيذية كافة، بصفتها تُمثل جزء من أزمة الالتزام بالقيم في عالمنا المعاصر. فضلا عن أهمية عمق مفهوم منظومة القيم في القرار الذاتي والموضوعي لكل مرحلة من مراحل العملية التصميمية من خلال إيضاح المعاني المرتبطة بالمكان لما لها من قيمة نوعية في التصميم الداخلي المعاصر.

    1. هدف البحث: يهدف البحث الحالي إلى ما يأتي:

كشف علاقة منظومة القيم في تصميم الفضاءات الداخلية وتحديد انعكاساتها في إحداث متغيرات شكلية.

    1. حدود البحث:
  1. الحد الموضوعية: دراسة منظومة القيم في تصميم الفضاءات الداخلية كمرتكزات تُفصح عن أبعاد إنسانية التي تتجسد عبر متغيرات شكلية تُحاكي جانب تلقي الحدث.
  2. الحد المكانية: يتحدد البحث بدراسة المشاريع التصميمية للمراكز الثقافية والتعليمية والخدمية المنفذة وقيد التنفيذ للمصمم المعماري العالمي (Norman Foster) في حدود قارة آسيا.
  3. الحد الزمانية: المشاريع التصميمية التي تم إنشاءها وقيد الإنشاء في المدة بين عام (٢٠٠٤- ۲۰۲۲) م.
    1. تحديد المصطلحات: وردت المصطلحات في عنوان البحث الحالي وكما يأتي:
  4. المنظومة:

(لغويا): (اسم)، صيغة المؤنث لمفعول نظم. والمصدر (النُظُم): التأليف، وضم شيء إلى شيء أخر. ونَظَّمْهُ: ألفَهُ وجمعه في سلك[1].

(اصطلاحاً): تأخذ المنظومة معانٍ عدة، من بينها المؤسسة والنظام فهي تستخدم حسب الاستعمال إذ تعرف: بأنها بنية ذات تكامل وترابط بين مكوناتها وعناصرها بعضها ببعض ترابطاً وظيفياً محكماً، يقوم على أساس من التفاعل الحيوي بين عناصر هذه المنظومة ومكوناتها[2].

(اجرائي): مجموعة من المعايير والالتزامات والمبادئ المتفاعلة والمترابطة فيما بينها بحيث يكمل بعضها البعض الآخر، وتثري مُجمل العملية التصميمية والتنفيذية، وتلزم التصميم بأنظمة وضوابط أخلاقية ذات أبعاد (روحية وجمالية وإدائية) تسير وفقها وتتخلق بأهدافها.

  1. القيم:

(لغوياً): مفردها قيمة عرفها (ابن منظور) بأنها: ثَمَن الشيء بالتقويم.. ويقال تقاوموا في بينهم[3].

(اصطلاحا): القيم: ” هي أساس ما يُسمى بالحكم التقويمي، والذي يمثل المدح أو القدح لصفات يراها المصدر المقيم من المفاضلة بين شيئين أو أكثر[4].

  1. منظومة القيم:

(اجرائي): هي مجموعة من المراجع المعيارية والضوابط والمبادئ الأيديولوجية والإنسانية التي تحوكم العملية التنمية الفضاء الداخلي في صياغة نتاجها بالصفة الأمثل، وتنظوي تلك المجموعة في تراتبية على وفق تسلسل هرمي محدد على وفق طبيعة الوظيفة المؤداة للفضاء الداخلي وبما يواكب زمكانية التصميم ويتواءم طبيعة مجتمعه وبيئته المحيطة.

  1. المتغير:

(لغوياً): عرفه (الفيروز أبادي) على إنه: تغير عن حاله: تحول، وغيره: جعله غير ما كان، وحوله وبدله، والاسم: الغيّر، ويقال غير الدهر: أي أحداثه المتغيرة[5].

(اصطلاحا): ما يمكن تغيره أو ما يمكن تغييره أو ما يترع إلى التغيير، والمتغير هو الانتقال من حالة إلى أخرى[6].

(اجرائي): المتغير: مفردة المتغيرات، وهي الخصائص والصفات والتمثلات والسجية والشاكلة التي يصطبغ بها الفضاء الداخلي بشكله الظاهري، انعكاسا لفعل قوى كامنة وهي القيم، والتي تمتلك سلطة التأثير في إحداث جملة من السمات ذات الدلالات المعبرة عن الكيفية والآلية التي يكون عليها نسق الفضاء الداخلي، وما ينطوي عليه من معاني سامية وقيمية.

  1. الشكل:

(لغوياً): عرفه (ابن منظور) الشكل الجمع أشكال وشُكُول، يقال هذا طريق ذو شواكل، أي تتشعب منه طرق جماعة، وشكل الشيء صورته المحسوسة أو المتوهجة[7].

(اصطلاحا): عُرف الشكل بأنه: مقولة تعبر عن العلاقة الباطنية ومنهج التنظيم وتفاعل عناصر الظاهرة وعملياتها بينها وبين نفسها وبينها وبين البيئة، ثمة شكل بالمعنى الإدراكي الحسي هو شرط ضروري للتشخيص الإدراكي الحسي للمحتوى وثمة شكل بالمعنى البنائي وهو تناغم معين أو علاقة تناسبية للأجزاء مع الكل وكل جزء مع الآخر يمكن تحليلها[8].

(اجرائي): هو الصياغة المظهرية للأبعاد التكوينية لعناصر التصميم وتكويناته، والذي يُمثل انعكاسا صادقاً للمفاهيم والقيم السامية والمتطلبات الإنسانية الأخلاقية، يصوغه المصمم الداخلي على وفق اعتبارات ثقافية وحضارية وعلمية ووظيفية (إدائية وجمالية)، تقنية.. يستقيها من طبيعة المجتمع، ويُجسدها بهيات تركيبية من أجل الوصول لمصاف الكمال والجودة، وبما ينمي ذائقة المجتمع ورفاهيته، ويُلبي حاجاته ورغباته.

الفصل الاول مشكلة البحث والحاجة اليه:

2-1 المبحث الأول: مفهوم منظومة القيم في التصميم الداخلي

لتحديد مفهوم المنظومة القيم لابد من الوقوف عند القيم، فقد تعددت وجهات النظر بشأن تحديد مفهوم القيمة بسبب تعدد مجالات القيم وتعدد التوجهات الفكرية والمنطلقات النظرية والصبغة التخصصية التي تحول دون اتفاق الباحثين على إسناد معنى واحد للقيمة. فالقيمة واحدة من المفاهيم التي اهتم بها الكثير من الباحثين في مجالات مختلفة، فعلماء النفس يعنون بالقيم النفسية وعلماء الدين يعنون بالقيم الدينية، ويُعنى علماء الاقتصاد بالقيم الاقتصادية، فيما يُعنى علماء الاجتماع بالقيم الاجتماعية.. وهكذا دواليك، ونتيجة لهذا ما من تعريف جامع مانع للقيمة[9].

2-1-1 مفهوم منظومة القيم:

يتسع مفهوم القيمة ليشمل مفهوم منظومة القيم التي تشمل مجموعة القيم الموجهة للنسق الحضاري لأي مجتمع، وفقاً لترتيب وأسبقية لتفضيلات يمنحها الفرد أو المجتمع لتلك القيم. فلكل مجتمع أولوياته، ولذا تختلف القيم من مجتمع لآخر، وإن وجدت قيم مشتركة بينها، ويصاحب كل تغيير يطرأ على مجتمع ما تغيير في مجموعة القيم لأنها تمثل حلقة ضمن سلسلة متواصلة ومتداخلة من القيم. فيمكن النظر إليها بصفتها مستويات ومعايير تُعزز الممارسة الاجتماعية وتدعمها، وقد يسميها الكثيرين نسقاً قيمياً في أي مجتمع، حسب الثقافة السائدة فيه. فوجود مجموعة منتظمة ومتساندة ومتعددة من القيم تمثلها القواعد والخبرات في علاقة نسقية وفق بنية متماسكة ومترابطة هي ما يمكن أن نسميه منظومة قيم، ووجودها مرتبط بالمجتمع، بصفته المجال الحيوي الذي نستدل من خلاله على القيم. كما أن ثمة ترابط بين النسق الحضاري لأي مجتمع ومنظومة القيم وأن أي تحول يطرأ على أحدهما الآخر[10] . كما تمثل مجموعة المعايير التي يتمسك بها المجتمع سواء بشكل صريح أو ضمني. وتتمثل بكل نظام يتضمن قيماً راسخة في المجتمع، وعليه يمكن الكلام عن قيم اقتصادية وقيم ثقافية وقيم اجتماعية وهكذا [11]. ودائماً ما يجري الحديث عن مجموعة من القيم، لا قيمة واحدة فحسب، لأن أي مجتمع لا يستقيم من دون منظومة قيم تتناول مناحي حياته وتفاصيلها كبيرها وصغيرها، حاضرها ومستقبلها، يجتمع حولها وتوحد صفوفه [12]. وتُشير منظومة القيم إلى ترتيب القيم عند الأفراد حسب أهميتها، فنظام القيم ترتيب هرمي لمجموعة القيم التي يتبناها الفرد أو المجتمع ويحكم سلوكه أو سلوكهم. أو مجموعة قيم الفرد أو المجتمع مرتبة وفقاً لأولوياتها [13]. واختلف البعض في ذلك، اذ رأوا أنها تمثل انعكاس أنماط الصراع والانسجام بين القيم، كما تُشير فاعليتها إلى القدرة على بلوغ النتائج المرغوب بها وتُمثل أيضاً القدرة على تلبية حاجات الفرد والجماعة [14]. منظومة القيم إذاً هي البعد الجامع للقيم والإطار الذي تندرج تحته وتتسلسل فيه القيم وفقاً للضرورة والأولوية والأهمية لدى أفراد المجتمع ووفقاً للحاجة المستجدة، إذ تتفاعل وتتداخل القيم لتتكامل فيما بينها، ويتقدم بعضها أو يتراجع وفقاً لمعطيات المكان والزمان ورؤية الإنسان الفاعل الذي يختار ما يواكب التغيير ويوائم ماضيه وحاضره مستشرفاً آماداً زمنية قادمة. ويعود الاختلاف بين مجتمع وآخر إلى تفاوت ترتيب القيم وفقاً لأهميتها ضمن المنظومة القيمية للمجتمعات مما يجعل للمنظومة القيمية الدور الفاعل والبارز في رسم التوجه الفكري لأي مجتمع.

2-1-2 مفهوم منظومة القيم في التصميم الداخلي والعمارة:

تُعد المنظومة القيمية أهم مفاهيم القياس الخاصة بصياغة النتاج الشكلي والمعنوي وتحقيق فهم الإنسان المعرفي كما تُسهم في تحديد قنوات الاتصال والتواصل التاريخي بفعل انتقاء واستثمار معايير ومحددات جديدة تنتج اندفاعا ثورياً يمتاز بطاقة متجددة تحقق تكامل الإنسان مع البيئة المحيطة مكونة أداة لنقل الفكر ضمن شفرات حضارية ثقافية على الرغم من اختلاف الأطر المرجعية والمجتمعية لكل مفردات البيئة الحياتية [15]. ويقودنا هذا المفهوم إلى التساؤل عن الكيفية التي يتأثر بها تصميم البيئة الداخلية بمنظومة القيم، ولماذا تتأثر بهذه القيم. إن الفضاءات الداخلية بصفتها بنيات وظيفية يجب أن تتوفر لها المقدرة على الثبات والديمومة وقدر من الجمال، على أن الوظيفة نفسها أصبحت متعددة، وبتعدد الوظائف تتعدد التكوينات الفضائية وتتطور قيم تصميمية وجمالية جديدة في القرن الحادي والعشرين أصبح المبنى الواحد يؤدي وظائفاً عدة وبالتالي أصبح يحمل قيماً كثيرة. فالمجتمعات الإنسانية تحكمها قيم جوهرية تمثل نواة هويتها وتحيط بهذه النواة قيم محيطية كالمدارات حول النواة الجوهرية، كلما اقتربت من النواة أصبحت اقوى لأنها تستمد قوتها من قوة النواة وثباتها وبالعكس كلما ابتعدت سهل تغييرها، فكأنها مثل علاقة الإلكترون بنواة الذرة، إذ لا تفقد الذرة إلا الإلكترونات الطرفية وحقيقة الأمر أن بنية الفضاء الداخلي تقع ضمن المجال القيمي المحيط بالنواة بينما المعاني التي تكتسبها غالباً ما تنتجها النواة نفسها وبالتالي فأن الشكل المصمم غالباً ما يكون في مأزق لأنه قد يكتسب معاني جوهرية تجعله مكبلاً صعب التغيير بينما تُجبر تقنيات التصميم ومواده وتغير الظروف من زمن لآخر الشكل على التغيير.[16]. تمثل القيم من ناحية أخرى معياراً للنتاج التصميمي وتكون بمثابة أرث حضاري يحقق شفرة تواصلية تنقل الأفكار عبر سيروه الزمن وتُعدُّ شاهداً يعكس الأنماط الأصيلة لمراجع شكلية تُستثمر مستقبلاً في إحياء الذاكرة الجمعية، وتُسهم في إنتاج أشكال تصميمية أصيلة تتسم بموضوعية العُرف العام الآتي من تفاعل وترابط مجموع القيم الذاتية لأفراد المجتمع، أي استحداث المعايير التي تؤلف المرجع المشترك العام وتضم البديهيات المعرفة المقاسة وغير المقاسة (كالعلاقات المعنوية والعاطفية). فالعُرف، على هذا الأساس، يكوّن أحد الأركان الأساس لهوية المجتمع الذي يُكسب الشكل خصوصية الانتماء المكاني بصبغة حضارية تحقق الهوية الجمعية[17]. وتؤكد نظريات (ميشيل فوكو) ما بعد البنيوية، المفهوم الخاص للخطاب القيمي الذي يعتمد على التكوين الثقافي المحدد تاريخيا، فالناس يفهمون الواقع من الوفرة الجامحة للأشياء الموجودة، ويتم ترتيبها وتشكيلها باستطراد يضمن السياق المحدد لعصرهم، ويُشدد (فوكو) على إن المعاني المحملة بالقيم والأفكار لا تُشكل بمعزل عن بعضها لأنها تقع ضمن السياق التاريخي والثقافي والاجتماعي والظروف الخطابية التي تسمح لها بأن تكون ممكنة. كما إن القيم لا تستمر تاريخياً إذ تتشكل تشكّلاً عقلانياً على وفق شروط استطراديه وسياقية مُعينة في وقت معين. ومن تطبيق نظريات ميشيل فوكو) على البيئة الداخلية، يمكن التوصل إلى أن هوية الفضاء ليست سوى حاصل جمع قيم ومعانٍ غير مُستقرة على مر الزمان ويتمثل عدم الاستقرار التاريخي عبر مقارنة الظروف السياقية الاجتماعية والأهمية الثقافية [18].

2-1-3 أنواع منظومة القيم في التصميم الداخلي:

إذ تُعتبر عملية التصميم مجرد خطوة واحدة من عمليات معقدة لمُحاولة خَلق قيمة، ولا سيما تكوين فضاءات داخلية ذات قيمة والخطوات التي تتضمنها عملية إنشاء القيمة هي التصميم والتنفيذ وما بعد الاستخدام، وللمشاركين بهذه العملية وجهات نظر مختلفة حول نوع القيمة التي يُمكن إنشاؤها، كما تختلف القيم بين شتى الحركات المعمارية المتباينة ومدارس التصميم والعمارة المختلفة، فقد يُسلط مهندسو التصميم الضوء على القيمة الفنية والجمالية من التأكيد على ابتكارات التصميم التقنية، بينما ينظر المستثمرون إلى القيمة الربحية التي يعود بها تصميم المبنى، وينظر آخرون إلى قيمة التصميم بما يُلبي احتياجاتهم ويحقق أهدافهم وقد تتنوع هذه الاحتياجات مما يؤدي إلى تفعيل أنواع مختلفة من القيم الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والبيئية والسياسية التي يمكن تصنيفها على قيم تتوافق مع الاحتياجات الإنسانية الأساس الخمس على حد وصف (هرم ماسلو) [19]. لذلك تؤثر أنواع مختلفة من القيم في عملية التصميم وكل واحدة من هذه القيم تتفرع إلى قيم أخرى كما تتداخل بينها وكل قيمة تؤدي بدورها إلى تحقيق قيم أخرى. وهذا التصنيف ما سيعتمده هذا البحث، كما يمكن التمييز بين قيم جوهرية وأخرى أداتيه للتصميم، تجعل أولاهما التصميم جيداً في حد ذاته، وتتعلق أخراهما بالغرض من التصميم. فالأولى هي القيم التي تُحقق أشياء جيدة بسبب خصائصها الذاتية تقيم غائية تُحقق غايات التصميم) والثانية تحقق الأشياء الجيدة لأنها وسيليه لما هو جيد (تتمثل بالمتغيرات الشكلية المحققة للغاية، وتُقدم سلسلة العلاقات بين القيم الغائية والوسيلية سلسلة كاملة من القيم [20]، وقد يتوقف بنا السؤال عن الكيفية التي يُمكننا أخذها في الاعتبار وتحقيقها في التصميم، وهو ما سيتطرق له البحث عند دراسة أنواع القيم وكيفية تمثيلها في التصميم، وهي كالآتي.

2-1-3-1 القيم الدينية

تتمحور أصول القيم الدينية حول تعاليم الشرائع السماوية لتكون الفيصل في الحكم على الأشياء، فما يتوافق من أعمال مع تلك التعاليم فهو عمل حسِن وذو قيمة، بينما يقل شأن قيمة العمل الذي يُخالفها. يتعامل الدين مع القيم سواسية، ويُعدّها قوةً عُليا مُستَمدة مِن الله عزّ وجل، وهو المرجع للوجود كله. والدين ليس عنصراً خاصاً منفرداً للقيمة، بل هو إطار كُل القيم. فالأديان السماوية المنزلة إلى الناس في إطار عقيدة التوحيد، جاءت كلها لتؤكد حرية الإنسان وكرامته وقاومت الظلم والعدوان عليه وأعلنت حقوقه كلها [21]. فالمسيحية تكبُر بشعور ما يترتب عليها من ثواب، والإسلام يعد كل من القرآن الكريم والسنة النبوية مصدرا القيم الأساسان والإنسان في مُقابل ذلك هو مُحور القيم، وهدف القيم الارتقاء بالإنسان ليصل أعلى المراتب بالإيمان وقيمة الأشياء من ناحية ما تحصله للإنسان من حسن الأفعال أو قبحها [22]. وتأثير الدين في العِمارة وبُنيتها الداخلية يصنع علاقة الفضاء المادي بأسلوب استخدامه، الأمر الذي يُولد المعاني المجتمعية التي تُعطي للعمارة وأشكالها معانيها التي تتوق (للثبات) [23]. إذ يُفصح خِطاب القيم الدينية عن سمات مظهرية تُبرز جانب الهيبة والوقار والخشية كعوامل مؤثرة ذات خطاب يؤكد حدين، يُسهم الأول منهما في تنمية وتعميق إحساس الفرد بالقوة الذاتية المُستمدة من الإيمان بقدرة الخالق عز وجل، وقُدسية ومشروعية انتماءاته الدينية، فيما يُؤدي الخِطاب الثاني إلى إيقاع الهيبة والرهبة والخشية في قلب المتعبد، ففي حضارة وادي الرافدين والحضارة الفرعونية كانت المعابد تتخذ تنظيمات شكلية ذات معان إيحائية، تؤسس لمظاهر اقترانيه، لسمات الهيبة والخشوع والتواصل الروحي مع الآلهة المفترضة في ذلك الحين [24]. كما في الشكل (1-2)، وهكذا يلجأ المصمم الداخلي لاستحداث شكل ذي مضامين تعبر عن المعاني الجوهرية المشتركة ويعكس الهوية الدينية للمستخدمين بتطبيع التشكيل من جانبين:

الأول: جانب القداسة كقيمة غائية عبر (دلالات رمزية) تثير مشاعر الانتماء للدين من خلال تجليات المكان، باقتران بنية الفضاء المادية بأشكال رمزية كالقباب والمآذن والأبراج والعقود والزخارف والمقرصنات، يستقيها المصمم من رمزية دور العبادة، كقيم وسيليه للوصول للغاية الأسمى وهي تعزيز قدسية انتماءات الفرد المتلقي، لتتحول إلى قيم صريحة ومعلنة تمنح الفضاء القداسة والجلال، ومن ثم تنعكس بتأثيرات إيجابية للتواصل مع الفضاء.

الثاني: جانب العظمة والخشوع وإثارة مشاعر الهيبة والرهبة لدى المتلقي لعظمة المكان كقيمة غائية عبر (دلالات مادية وحسية) تتجسد بصرحيه وضخامة التشكيل ونقائه وفرض النظام عبر تناظر التشكيل التام ومركزية وفخامة مواده وألوانه وتباينات الضوء والظل وحضور الفضاء المتكامل كقيمة وسيليه تسفر عن مشاعر الرهبة والعظمة واحترام المكان في ذهن المتلقي. كما تعد العقيدة الإسلامية أحد أبرز المؤثرات في تشكيل النتاج التصميمي للبيئة الداخلية الإسلامية بما امتاز به النهج الإسلامي من وسطية تتوازن بها الماديات والمعنويات لأنه. منبع احتياجات الإنسان الروحية والمعنوية. كما إنها تنظيم لاحتياجات المجتمع المعيشية من القيم السلوكية للحياة بهدف التوصل إلى الإنسان المتكامل [25]. وتتجلى القيم الدينية في نظريات الفكر الإسلامي في دلالات مادية ودلالات حسية، وكل منها تعكس متغيرات شكلية، وهي كالآتي:

أولاً. دلالات القيم المادية: تظهر القيمة الدينية بالالتزام الواضح بمجموعة من السمات والخصائص التصميمية الثابتة لكل عصر (الانفتاح نحو الداخل والحفاظ على المقياس الانساني والايقاعية والهندسية من خلال التوافق والتناغم بنظام إيقاعي بتكرار ونسق يُولد الوحدة.فضلا عن الوحدة والتنوع في أسلوب التنظيم والتعبير وفي تكرار عناصر التزيين وأساليبه والألوان والاتجاهات)[26]:

ثانياً. دلالات القيم الحسية: تظهر كمصدر للجمال المُجرد النابع من الجمال الحسي الذي يُمثل البساطة ويزخر بخدمة حاجات الإنسان محملاً بإيجابية التأثير والالتزام بمنفعة الناس. ومن سماتها.

  1. التجريد: فالفضاء يتجرد من أي تصوير شكلي يتعارض مع روحية الإسلام ويبتعد عن التكلف، وما يحويه من روحانية لا نهائية وبالجمال مع كل ما يتضمنه من معاني الإيمان والاحترام والخُشوع. والاتجاه إلى التبسيط ولا سيما من الخارج والغنى من الداخل، كما الشكل (٢-1).
  2. المرونة وقابلية التكيف والامتداد الأفقي: تتجلى في امتداد فضاءات المباني في أي اتجاه، وتتيح هذه المرونة منظومة تستوعب التغيير والإضافة والتعديل والتحوير من خلال علاقة الجُزء بالكل. وقد تظهر في تفاصيل الفضاء الزخرفية ظهوراً واضحاً، كما الشكل (2-2).

شكل (2-1) يوضح القيم الروحية والدينية -كاتدرائية نوتردام باريس -الطراز القوطي

المصدر: https://arabic.rt.com/culture

شكل (2-2) يوضح سمات التجريد الجامع الكبير- الرياض

المصدر: https://www.moia.gov.sa

لا تتجسد القيم الدينية في تصميم فضاءات العِبادة فحسب، بل يمكننا الاستعانة بها للوصول إلى حيز داخلي يتمتع بمظاهر القدسية والهيبة في نفوس مُستخدميه وما يُعزز مكانة المبنى من ناحية أخرى. نجد ذلك في تصميم الفضاء الداخلي لمكتبة الإسكندرية الجديدة في مصر، في الشكل (٢-3).

يتوق معمار مكتبة الاسكندرية الجديدة في لجوئه لهذا التوظيف (الموحد) للسقف، إلى الاحتفاظ بالأهمية المؤولة لهذا المبدأ في مبناه، لزيادة ترسيخ مفهوم روح المكان [27].

شكل (2-3) يوضح تجسيد القيم الدينية في تصميم الفضاءات الداخلية العامة -مكتبة الإسكندرية الحديثة -تصميم شركة snohetts النرويجية

المصدر: https://gate.ahram.org.eg/Media/News/2020

2-1-3-2 القيم السياسية

يتميز الفرد الذي تسود لديه هذه القيم بدوافع القوة والمنافسة والقدرة على توجيه الآخرين، إذ تبرز شخصية المصمم بالتزامه في الإيفاء لحاجات المجتمع وقضايا البيئة بإيجاد الحلول المعاصرة لها [28]. ومن ناحية أخرى لا شك أن للدولة ونظامها السياسي تأثيرها المباشر في امتلاك وسائل الإنتاج أو بناء الخُطط المستقبلية لمشاريع التنمية وتحديد تلك الأبعاد وأولوياتها [29]. وغالباً ما ترتبط العمارة بالسياسة واستخدام السياسيين اياها كأداة للوصول إلى أغراضهم الرمزية ومخاطبة شعوبهم مادياً وبصرياً عن طريقها [30]، في هذا الصدد يرى المعماري (Leon Krier)ان “العمارة ليست سياسية، إنها مجرد أداة للسياسة “. ويمكن أن نتوقف هنا عند مبنى الكونغرس الأمريكي (الكابيتول) كما في الشكل (٢-4) الذي يمثل أحد أهم المباني السياسية في العالم، فهذا المبنى مثل على الدوام الرمز السياسي المعماري الأبرز، ويعد من أعظم المباني في واشنطن، إذ تضيف الأعمدة العالية الكثيرة المصنوعة على الطراز الإغريقي المزخرف، والقبة الضخمة المستديرة، فضلاً عن الرخام الأبيض الذي يكسو المبنى من الخارج، جمالاً متفرداً مقترناً بدلالات ومعانٍ (تأريخية ورمزية)، لاسيما الارتفاع النصبي لفضاء القبة الداخلي الذي يبلغ نحو (۸۸ م)، بما يمنح سمات الهيبة والعظمة والقوة والسلطة العليا، وقد وصف بأنه يحمل سمات متحفيه تحويه فضاءاته الداخلية من لوحات ومنحوتات محفورة تعكس أحداثاً مُهمة عن التأريخ الأمريكي [31]. فإن تداخل السياسة بالتصميم تداخل عميق وعلى أصعِدة مُتعددة لا يقف فقط عند البعد البصري “الأيقوني” بل يمتد إلى السياسات العُمرانية التي غالباً ما تخدم أغراضاً سياسية وظفها السياسيون لخدمة مصالحهم.

شكل (2-4) يوضح مبنى الكونغرس (كابيتول) -واشطن

المصدر: https://lite.almasryalyoum.com

ولطالما عُدّت العمارة وبيئاتها الداخلية أداة سياسية بيد الحُكام، فجاءت كثير من الشواهد والصُروح، رموزاً تُعبر عن حُقَّب السلاطين والأمراء، كبناء المساجد والقصور، وتشييد الأسوار الدفاعية، ولابد أن تستقر القيم السياسية وتُترجم على شكل استقرار حضاري [32].

فغالباً ما يقترن العمران بإظهار سلطة الدولة وهيبتها، ويجسد نهجها الذي تُسير عليه، لذلك تُشيد القصور لتبرز عظمة السلطة السياسية عبر سمات القوة والسيطرة والتنظيم، كما هو حال قصر الحمراء في الأندلس الذي يعد تحفة تأريخية وأغنى ما توصلت إليه الحضارة الإسلامية، إذ اقترن بسمات شكلية كالتناسب والاتزان والاعتدال والتناظر دلالة على سياسة الدولة وعظمتها وعكس استقرارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي كما الشكل (٢-5).

شكل (2-5) يوضح سمة التوازن والتماثل والتناسب والاستقرار -قصر الحمراء -اسبانيا

المصدر: https://www.aa.com.tr

وهكذا تكمن تجليات القيم السياسية في التصميم الداخلي عبر البعد البصري الأيقوني للتشكيل الذي يمنح سمات السيطرة والعظمة والقوة على مستويات عدة لتشكل بدورها منظومات القيم السياسية وهي:

مستوى العناصر: عبر الارتفاع النصبي وصرحيه عناصر الفضاء الداخلي المحملة بالرموز والمعاني التاريخية.

مستوى العلاقات: التي تُفصح عن حالة الاستقرار السياسي وهيبة الدولة وتنظيمها كعلاقات التوازن والتناسب والتماثل والتناظر.

مستوى القيمة المادية: للخامات الداخلة في التصميم من ناحية متانتها وجدتها ونفاستها. كما تبرز لتحقيق أهداف الدولة السياسية والاجتماعية. ومما تجدر الإشارة إليه إن هرم اللوفر الزجاجي الذي صممه المعماري الصيني الأمريكي (L.M.PEI) عام ۱۹۸۹ كإضافة لمتحف اللوفر في باريس كما في الشكل (2-6) ، كما نلمس بصمة المعمار من خلال التصميم المتفرد والمتميز بعملية إضافة مغايرة للتصميم الأصلي.

شكل (2-6) يوضح البعد البصري الأيقوني النصبي للفضاء والتشكيل الرمزي للهرم والقيم المادية للتشكيل التي تجمع بين المتانة والجدة والقوة – هرم اللوفر الزجاجي- باريس

المصدر: https://www.okaz.com.sa

2-1-3-3 القيم النظرية

تتمثل القيم النظرية بمجموعة القيم التي يعبر عنها اهتمام الفرد بالعلم والمعرفة والسعي وراء القوانين التي تحكم الأشياء بقصد معرفتها ويتصف صاحب القيم النظرية بقدرته على النقد والنظر إلى الأمور بموضوعية[33]. إذ فرض صدى النقلة العلمية والتقنية التي يشهدها عصرنا الحالي تحولات كبيرة على الأصعدة كافة، ولا سيما حقل التصميم الداخلي. فاقترنت بنتاجات أفصحت عن مُتغيرات شكلية غير مسبوقة مهدّت لظهور أنماط تصميمية متنوعة على مستويات عدة، بحسب مفهوم القيم النظرية وهي كالآتي:

أولا. مستوى التكوين الشكلي لعناصر الفضاء الثابتة والمتحركة: فقد جاءت بمتغيرات شكلية مُستَجدة مع تنوع وتحرر واضح منح هيئات غرائبية بعيدة عن الأشكال الإقليدية ذات الزوايا القائمة والأسطح المستوية إلى هياة مُتراكِبة ومتداخلة بتراكيب مُعقدة وديناميات واضحة ولم تبتعد عن كل ما هو تقليدي فحسب، فقد مهدت الثورة المعلوماتية إلى اختفاء الوحدات القياسية للفضاء الداخلي ليحل محلها ما يُسمى بالعمارة الذكية، في محاولة إضفاء المرونة والتكيف مع الفضاء، حققت العزل التام وتوفير أكبر قدر ممكن من الخصوصية دون الحاجة إلى فاصل مادي فيزيائي يفصل بين الفضاءات وذلك من خلال الجدران الهولوجرافية Holographic Walls فضلاً عن الجدران ذات النوافذ الكرستالية LCD التي تحولت إلى شاشات داخل الفضاء ونوافذ نطل منها على عالم غير فيزيائي وتطورت لتصبح عنصراً تشكيلياً وظيفياً وفي بعض الأحيان الفكرة الرئيسية لحل المشروع [34].

ثانياً. مستوى الخامات وقيمة التشكيل المادية تشهد التصاميم المعاصرة استخدام مواد تواكب النقلة المفاهيمية والعلمية التي يشهدها العصر، تمتاز بمرونتها وقابليتها على التكيف مع سياقها المحيط، واضحت قيمة وسيلية أداتيه لتحقيق قيم غائية نهائية كبرى، فلم تقتصر على تأثيراتها البصرية لتكوين متغيرات شكلية جاذبة إنما حققت أبعاداً وظيفية أسمى، إذ تفاعلت التكنولوجيا الرقمية لإنتاج مواد حديثة ذكية Smart Materials لها القدرة على التغير والتحول بما يلائم الظروف المحيطة، كما إنها قادرة على الإحساس بالطاقة وإطلاقها وتخزينها حسب الحاجة، إضافة إلى خفة وزنها وقوة احتمالها وإمكانية التحكم بها عن بعد وسُهولة فكها .وتركيبها.[35]. كما ظهرت المواد المتطورة كأحد الحلول الذكية بدمجها مع البيئة المحيطة فيمكن تعديلها وفقاً لتغييرات البيئة عن طريق أجهزة الاستشعار بما يهيئ بيئة ملائمة ومريحة، كالزجاج الذكي عبر تقنية التحكم برقائق كهربية داخل الزجاج، تتيح للمستخدم التحكم بدخول كمية الضوء التي يريدها في فترة زمنية بغض النظر عن حجم النافذة، ويتوافر بأشكال منحنية [36].

ثالثاً. مستوى تقنيات التصميم والتنفيذ: مهدت الثورة العلمية لتطور مستوى تقنيات التصميم والتنفيذ التي اقترنت بأساليب وأدوات ووسائل متنوعة ومُستجدة، عمقت من مستويات الفكر التصميمي من ناحية التفكير والمعرفة والتجريب، وكان للطبيعة الدور الأبرز في استلهام المصمم تقنياته الفكرية والتطبيقية (العملية) منها، إذ أفصحت عن معالجات تصميمية وبيئية ومناخية متفردة. فقد فرض التقدم التكنولوجي إمكانات ساعدت على تطور الفكر التصميمي باستغلال الطبيعة وهي الملهم الأول للإنسان. فقد قدم المعماري نورمان (فوستر) تصميمه لمبنى سويس ري في لندن عام ۲۰۰٤، كما موضح في الشكل (7-2)، ومن خلال رؤيته العضوية طوّر من شكل ثَمرة (الأناناس) الشهيرة باستخدام برامج الحاسوب الآلي عبر توظيف شبكة خارجية على شكل خلايا معينية الشكل كبديل للأعمدة التقليدية، كما أن المبنى بتصميمه المبتكر يُحقق توفيراً في استهلاك الطاقة يصل إلى حوالي ٥٠% مقارنة بالمباني المماثلة التقليدية باستخدام الأقنية الحلزونية التي تسبب فروقاً في ضغط الهواء تعمل على توليد تيار هواء داخلي. كما تتكون واجهة المبنى من طبقتين من الزجاج تحيطان بتجويف يتم تهويته بالستائر الموجهة الكترونياً[37].

شكل (2-7) يوضح التشكيل العضوي وفق تقنيات الحديثة لمبنى سويس ري – لندن

المصدر: https://www.sayidaty.net

لقد مكن التطور التكنولوجي والعلمي من تغيير أساليب التكوين الشكلي وتعدد أُطرها، ولم يقتصر على تغير المواد والتكوينات والهياكل الإنشائية، إنما شمل النظم والتقنيات والوسائل المتطورة باستمرار، فأفصحت عن انعطافات ثورية وتحولات متسارعة، لتغيير القيم الحاكمة للتصميم إلى قيم تناسب عصرها منحت الحرية الكاملة للمصمم الداخلي لئن يُصمم ويختار التوجه الذي يحقق له التميز والتفرد، لذا توالت مسميات أنماط عدة كالعمارة العضوية والهجينة والجينية والكريستال والخوارزمية والبارا مترية والسائلة وغيرها من الأنماط.

2-1-3-4 القيم الاقتصادية

ترتبط القيمة في الاقتصاد بالمنفعة وتتخذ منحيين، الأول يتعلق بجانب براغماتي يتحقق بوجود منفعة أي ما يتحقق نتيجة العمل من نفع وفائدة، والجانب الآخر قيمة المبادلة أي قيمة الشيء مساوياً بالمقدار والتقدير شيئاً آخراً مُكافئاً له. أي تعني صالحية الشيء لإشباع الحاجة (قيمة المنفعة لمتاع ما)، فهي تؤول إلى المنفعة التي يُحققها الشيء[38]، وفي هذا الصدد وصف (Ada Smith) في كتابه (ثروة الأمم) ما عرفه بمفارقة القيمة، وهي أن للأشياء ذات القيمة الأكبر في الاستخدام قيمة ضئيلة أو معدومة في كثير من الأحيان، وعلى العكس من ذلك فإن الأشياء ذات القيمة المالية الأكبر في التبادل غالباً ما تكون قيمتها قليلة في الاستخدام. وكان هناك ردان على تلك المفارقة، فقد عمد الشيوعيون إلى القضاء على التناقض من خلال تصور مجتمع يُؤكد على الضروريات ذات قيمة الاستخدام الأكبر، التحكم بالكماليات التي لها قيمة تبادلية صرفة تقريباً، فكان للنهج الوظيفي ميزة العدل لكنه ارتكب خطأ كخطأ معظم التصاميم الوظيفية التي تُؤثر الحياة من أجل البقاء فحسب دون تحقيق الرفاهية، من ناحية أخرى أخذ الرأسمالين مفارقة (Smith) على الاتجاه المعاكس فقد أرادوا تحويل كل شيء إلى سلعة قابلة للاستبدال، وبهذا ركز الشيوعيون على قيمة الاستخدام وركز الرأسماليون على قيمة التبادل. في الحقيقة إن تلك المفارقة لا تتضمن الصراع بين القيمتين، ولكن أيضاً الصراع الأساس بين ما نحتاج إليه وما نرغب فيه أي بين القيمة الأخلاقية والقيمة المادية كمفارقات واضحة المعالم[39].

ويمكننا رؤية قيم الموازنة بين الحاجات والرغبات في مطار العاصمة بكين الدولي تصميم نورمان فوستر كما في الشكل (8-2).

شكل (2-8) يوضح قيم الموازنة بين الحاجات والرغبات عبر قيم البساطة، مطار بكين- الصين

المصدر: https://www.archdaily.com

إن تشكيل الفضاء الداخلي بحد ذاته قيمة اقتصادية، لأنه يسعى لتوفير مكان تُمارس فيه الأنشطة المختلفة بإداء عال، وقد تتجلى القيمة الاقتصادية في مبدأ البساطة والتجريد، وفي استخدام المواد المتوفرة، وطرق التعامل معها بيئياً[40].

كما تتجلى في استخدام الموارد المتاحة وعدم تدميرها في الحاضر والمستقبل وإعادة تأهيل المباني القديمة واستخدامها تبعاً لمفهوم تقليل استهلاك الطاقة والموارد [41].

2-1-3-5 القيم الاجتماعية

تحتل القيمة الاجتماعية مكانة مركزية بين القيم، وتأتي هذه القيمة من مفهوم الحاجة وتلبية رغبة المجتمع وفقاً لعاداته وأعرافه. ولا تُدرك ماهية القيم وفق المفهوم الاجتماعي لولا الاتفاق الجمعي على وجودها، ولا بد لها من أن تشتق من المجتمع، أي قيم المجتمع تعكس حالة الذوق العام ويرتقي به، وينتج من خلاله ومن تفاعلاته وتفسيراته وحرفته، وبالتالي لا يكون التصميم غريباً ولا غرائبي بل هو منتج “أصيل”، فالشكل العبقري شكل كامن في عقول الجماهير يولد في حالات تأريخية محددة ليكون ملك الجماهير عبر الأجيال. فحتى مع تغير المزاج العام أو تغير الأجيال تبقى العبقرية الكامنة التي شكلت الفضاء الداخلي حاضرة يُعاد تفسيرها لتلائم المزاج الجديد [42]، وتتنوع القيم الاجتماعية للتصميم ما بين [43] :

  • قيم التغيير الاجتماعي.
  • قيم التفاعل الاجتماعي

أولاً. قيم التغيير الاجتماعي:

غالباً ما يحرص المُصممون على الوصول إلى ابتكارات تصميمية مسؤولة مجتمعياً، عبر دمج القيم الاجتماعية بالتصميم، أي معالجة قيم المجتمع والتعبير عنها عبر ثقافة التصميم المادية. ويمكن وصف قيمة التصميم هذه على إنها التزام بتغيير المجتمع نحو الأفضل من خلال تشكيل بُنية الفضاء الداخلي. فغالباً ما يرى المصممون الملتزمون بقيمة التصميم للتغير الاجتماعي عملهم كأداة لتحويل البيئة المبنية وأولئك الذين يعيشون فيها[44].

يرى (Parsons) الذي خاض في تفسير ظاهرة التغيير في نظريته المعقدة عن الفعل الاجتماعي، أن التغير يتحقق نتيجة لطرائق المجتمع في استجاباته لتحديات المشكلات التي يمر بها في مختلف مستويات الأنساق حسب ترتيبها، فالقيم الثقافية (الأيدولوجيا والأفكار والعقائد) هي التي تضبط وتُحدد مدارج التغيير واتجاهاته. ويرى أن قيادة القيم لمسيرة التغيير تنبعث ابتداء من النظام الثقافي Cultural System الذي تقوم أهم أنظمته الفرعية بمهام صيانة النظام الكلي، لمواجهة مُشكلات التصدع الذي قد ينجم عن مشاكل التغيير، وصولاً إلى نظام المجتمع[45]. ولقد أرست حركة الحداثة الغرض الاجتماعي بفرض قيم اجتماعية معينة ضمن تصميماتها فدمجت قيم ومبادئ الانفتاح والشفافية. ويصعب فهم أعمال المعماريين من أمثال (Le Corbusier) و (Gropius) دون مراعاة التحول الجذري للمجتمع، من خلال تأثير التصنيع والتقنيات الجديدة. فقد كشفت تلك الأعمال عن صفات الحياة الجديدة النقية والعقلانية وساعدت في تشكيلها في المجتمع. ويؤكد (Hares) في كتابه “الوظيفة الأخلاقية في العمارة” على إن العمارة لا تقف عند وظيفتها الأدائية والشكلانية، وإنما تشمل مع المجتمع ونسيجه الاجتماعي والسياسي، وهذا كله مسؤولية البيئة المبنية[46].

اذ يحدث تغيير قيم المجتمع وفقاً لثلاث توجهات، إذ يرى الكثير من المنظرين أمثال ((August Conteو (Durkheim) على إن التغيير يتخذ مساراً موحداً تجاه المسار الغربي، فستغدو كل المجتمعات في نهاية مسيرة التطور مطابقة لمنظومة النموذج الغربي. وقد يراها الكثير من الموالين للغرب ان البيئة الداخلية التي تُشكل محملاً قيمياً بما تحمله من مضامين (إبداعية إيجابية) كتوجه أول، مقابل (التقليدية) کتوجه ثانٍي على إنها تحمل معاني الجمود وإن التطور يتمثل بتجريد المجتمع من التقليدية. لقد أصبح هذا المنظور في حساب الماضي، فالنظريات الحديثة ترى إن مسارات التطور أضحت (متعددة الاتجاهات) وهذا هو التوجه الثالث للتغيير[47]، فلم يعد النظر للتقليدية على انها معيق للتغيير الاجتماعي، لأن تقدّم المجتمعات ذات الحضارة الراسخة يعتمد على غرس عناصر التنمية الجديدة في القيم الحضارية السائدة، فالتقليدية يمكن أن تظل حية في وجه التيارات العنيفة إذا اتجهت لمواكبة الحاضر[48].

وعلى ذلك فإن قيم التغيير الاجتماعي تشمل ثلاث توجهات هي:

– عصرية (مسايرة للواقع المستحدث).

– تقليدية (مسايرة لقيم الماضي).

– متعددة الاتجاهات (مسايرة بين قيم الماضي وقيم الحاضر).

ثانياً. قيم التفاعل الاجتماعي (تلبية الاحتياجات الاجتماعية):

يؤكد (Schulz) على دور المصمم في السيطرة على البيئة ليحقق التفاعل الإنساني، بالسيطرة على التنظيم الداخلي للمبنى من خلال أربعة جوانب للعمل التصميمي هي:

التحكم الفيزيائي Physical Control بالسيطرة على تنظيم الفضاء الداخلي.

الإطار الوظيفي Functional Frame من خلال تحديد الحجم والكيفية للفضاء والمحاور.

السياق الاجتماعي Social Context بتحديد مدى التفاعل الإنساني والاجتماعي.

الترميز الثقافي Cultural Symbolization للقيم الإنسانية ونظمها الرمزية.

إذ ينبغي على الفضاء الداخلي توفير مُحيط مُلائم لتشكيل السلوك من خلال تبادل المشاعر الطيبة مع الآخرين وتحقيق مستوى من الحاجات النفسية المهمة كالآمن والخصوصية وتعزيز التفاعل الاجتماعي، أي أن هناك علاقات متشابكة بين الفعاليات البشرية والفضاءات الداخلية وإن تغيير أحدها يستوجب تغيير الثاني[49]، فمن خلال النظر في تحديد الديناميكيات الاجتماعية والوظائف وخصوصية كل وظيفة وما تتطلبه من تشكيل تفاعلي أثناء مراحل التصميم والتنفيذ، ويتحقق التفاعل من التمايز المكاني المستمر، وتعد التكوينات الفضائية المنسابة خير مثال على ذلك، سواء الشكلية التي تتخللها المنحنيات أو المُنسابة مع الزمن بالانفتاح نحو الخارج والفضاءات المفتوحة التي تقدم الدعم الفعال للاحتياجات الفردية، والتفاعلات الجماعية على الرغم من إن هذه النماذج تُعد لغة مُستجدة على واقعنا التصميمي[50].

فإننا بحاجة إلى مكان لا يتجاوب مع فرديتنا فقط، بل يوفر الأمان الذي يتيح لنا أن ندرك أنفسنا كشيء غير مكتمل، نحتاج فيه للآخرين، أي بحاجة إلى مجتمع حقيقي يقدم تفسيرات لمكاننا في سياق تأريخي مستمر[51].

يمكننا تحديد آليات التفاعل الاجتماعي في تصميم الفضاءات الداخلية بما يلي:

أولاً. آلية التحكم بالسياق الفيزيائي: تتعلق بآليات تنظيم الفضاء عبر طرق وأساليب التنظيم التجميعي والمتشابك والأكثر تعقيداً في التشكيل، وعبر التكوينات الفضائية الشكلية (المنسابة) كالمنحنيات والانكسارات، والزمنية عبر الانفتاح نحو الخارج.

ثانياً. آلية التحكم بالسياق الوظيفي: يتم التعبير عن الغرض الاجتماعي عبر المساحات الكبيرة والفضاءات المفتوحة بعضاً على بعض أو الممرات والمحاور الواسعة والتخصيص الوظيفي للمساحات.

ثالثاً. آلية السياق الاجتماعي: وهي تتعلق بتفاعل المستخدم مع الآخرين من خلال التمايز المكاني المستمر الذي تتخلله الأماكن الحميمية، بما يحقق خصوصية لأجزاء معينة للتخفيف من رهبة الفضاء، وعن طريق المباني المؤسسية المتعددة الفعاليات والمتاحة لأكبر عدد من الأشخاص.

رابعاً. آلية السياق الثقافي: والتي تتعلق بتفاعل المستخدم مع تكوينات الفضاء، عبر المكان المحمل برموز المعاني الإنسانية والثقافية والحضارية والعقائدية (عادات وتقاليد).

فإن تعامل الفرد المستخدم مع تلك التكوينات له تأثيراً قوياً على تجربته الحية داخل الفضاء وتفاعله معه.

2-1-3-6 القيم الجمالية

تتمثل القيمة الجمالية للتصميم الداخلي بالصياغة المظهرية لتشكيل الفضاء الداخلي، والتي لها القدرة على إثارة المشاعر الإيجابية، وإثارة المتعة والانفعالات وتفعيل إدراك المتلقي الحسي، وغالباً ما يتجسد جمال التكوين الشكلي عبر العلاقات الرابطة بين عناصره بغض النظر عن جماله المادي أو الوظيفي أو التقني أو الاتصالي المحمل بروح العصر، عبر ما تُفصح عنه العلاقات من معنى كامن لتفاصيله. ويُدرك الجمال كقيمة وفقاً لخزين المتلقي المعرفي وحالته النفسية عبر ما لديه من صور ذهنية وخبرة فنية متراكمة.

ويمكن تصنيف القيم الجمالية إلى ما يلي:

  1. القيم الحسية: وهي ما يستشعر الإنسان من معاني جمالية البيئة عبر الخصائص المادية الملموسة من خلال اللون والحجم والهيأة والملمس، بوصفها مثيرات حسية ذات تأثيرات بصرية متعددة تستقطب الحواس جميعها، فهي قيم ظاهرة ترتبط بالعناصر المدركة ويرتهن الإدراك الحسي بقدرة التفاعل مع الشكل من عدمه، وتستند على طبيعة وكم الخزين المعرفي لدى المتلقي.
  2. القيم الشكلية: وتنشأ من خلال الخصائص البنائية للتعدد الصوري للكليات المتشكلة من الهياة وتُناسب الأبعاد الشكلية والإيقاعات المتنوعة، وما تحمله الأشكال من إقترانات تعبيرية وتؤدي دوراً فاعلاً في الإحساس بالمعنى الجمالي بمستواه الشكلي، أي تنشأ من اللذة التي يجدها الذهن في إدراك جميع أنواع العلاقات. وقد تكون تشابه أو تماثل أو تضاد، وتقع هذه العلاقات بين العمل الكامل وبين أجزائه، أو بين بعض الأجزاء أو بين كليات فنية مختلفة[52].
  3. القيم الارتباطية: وتُسمى بالقيم الرمزية أو قيم المضمون، وهي تُضفي على الموضوعات الجمالية معنی، وتصبح مرتبطة بالتصميم عبر ما تحويه من مضامين فكرية تُذكر المتلقي بأشياء أو أفكار أو أحداث موجودة أو كانت موجودة خارج المجال الجمالي[53].

2-2 المبحث الثاني: التمثلات القيم والمتغيرات الشكلية في تصميم الفضاءات الداخلية

2-2-1 حضور الشكل في التصميم:

ينشأ الشكل تبعاً لعوامل المصمم الذاتية أو لموضوعية الفكرة التي تلائم المجتمع وعاداته وأعرافه وقيمه، ومن هنا تتعدد اساليب النمط الواحد يؤكد (المسيري) على إن العمارة ومكوناتها الداخلية هي نتاج مادي ولكنه شديد التعقيد والتركيب ومُحمل بالصفات والعلاقات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية فضلا عن القيم الجمالية والتشكيلية، بل قد تُطال العمارة العناصر الحضارية والأبعاد المعرفية. تتطلب عملية تشكيل الفضاء الداخلي، وفق هذا المنظور، نموذجا مركباً لتفسيرها وفهمها[54]. ويؤكد ((Haring “على وجوب استنباط شكل الفضاء الداخلي من عوامل لا شكلية، كالعوامل السياسية والاجتماعية والتكنولوجية. فالشكل ليس سوى استجابة لعوامل عاطفية وعقلانية متعددة معقدة وإن على المصمم ألا يفرض الشكل بل يستنتجه من الواقع الحياتي المحيط بالفضاء”. تعد أشكال العناصر التي تُؤلف الفضاء الداخلي المكون الفعلي في إبداع تشكيله وتنظيمه، لما لها من تأثير في توجيه النشاط والسلوك الإنساني من خلال البنية الشكلية الفيزيائية أو ما يحمله الشكل من صفات تعبيرية تؤدي إلى عملية اتصال فكري [55].

وصنف (Ching) خواص شكل الفضاء الداخلي إلى [56]:

  1. الهيأة التي تمثل التشكيل المميز للحدود والسطوح، وهي المبدأ الذي يتم من خلاله تصنيف الأشكال.
  2. الخواص البصرية وتشمل الحجم والمقياس واللون والملمس.
  3. الخواص العلائقية وتشمل الموضع والتوجيه والثبات البصري.

ويصنّف (بونتا) الشكل على مستويين تبعاً لتلك العلاقة بين الشكل والمعنى هما:

الشكل الفيزيائي (المادي) والشكل الدلالي. ويقصد بالشكل الفيزيائي مجموعة المعالم المدركة ادراكاً مباشراً أو غير مباشر، مثل الهيأة واللون والملمس والرائحة والصوت ودرجة الحرارة.. وهكذا.

أما الشكل الدلالي فتجريد للشكل الفيزيائي يضم بعض المعالم التي تُشير إلى معنى[57].

ويؤكد (جنكيز) على أنّ ثمة مجموعة أخرى من المدلولات الضمنية في (اللاوعي يمكن أن توضحها العمارة وبنيتها الداخلية، وهذه تتضمن الأعراف الاجتماعية، والمعلومات الأنثروبولوجي، وهي إما واضحةً جداً أو غامضة جداً لتصبح مدلولاً (في الوعي). ويوضّح أن بنية الفضاء بلا شك قادرة دوماً على الدلالة على شيء ما. وركز جنكيز على ما وصفه بأنَّه البنية التي تؤثر في الناس، وميَّزها بأنَّها تقصد إيصال رسالة[58]. فقد يصرف المصممون جُلَّ اهتمامهم على الشكل وكيفية إظهاره عندما يوكل إليهم مهمة إنجاز تصميم معين. في حين إن الأجدر بهم البحث عن منظومة من المبادئ والقيم تكون بمثابة أنموذج لا سلوب العيش، ثم مُحاولة تجسيده في الواقع. وهذا ما يُفسر محاولة العديد من المصممين الوصول إلى التصميم المثالي ويسعون في إثر خلقه، ذلك إن القيم تُرشدنا إلى عيش حياة جيدة.[59].

2-2-2 التمثلات القيم ومتغيرات الشكلية:

إن تصميم البيئة الداخلية أبعد من إن يكون محض تلبية لمنجز تصميمي وظيفي أو حلاً لمشكلة معينة، فهو وسيلة لتلبية الحاجات المستجدة بما يتلاءم مع الزمان والمكان والبيئة الثقافية التي تضمه، ويسعى إلى أن يكون عملاً متقناً مركباً بملامح وتفاصيل تعكس قيم المجتمع المصمم له للوصول إلى الحالة الأمثل التي تستجيب لمتطلبات الفرد والمجتمع المادية منها والمعنوية.

ولهذا يحرص المصمم الداخلي على تضمين عناصر تكويناته الفضائية قيماً عميقة الجذور ورموزاً اقترانيه تتفاعل في محصلة قوى تتمخض عنها تكوينات شكلية مُبتكرة تُحاكي القيم والمفاهيم المتنوعة في مرجعياتها، فتستثير مشاعر الوحدة والاندماج النفسي مع المكان بتفعيلها مشاعر الانتماء والهوية المشتركة[60]، فالتصميم ليس ذلك الفن الذي يُشبع غرور المصمم في التعبير عن سلوبه أو طريقة تفكيره مهما كان مبدعاً، بل هو فن معالجة البيئة ومكوناتها معالجة خلاقة تُؤسس الحياة والمجتمع بما يتناسب مع تنامي الوعي والقيم الإنسانية العليا. ومهما يكن من أمر، فإن فلسفة التصميم نتاج بيئة معينة أنثروبولوجيا ثقافة وسلوك وعقيدة وتراث وعادات وتقاليد وتكنولوجيا وتطويره في تلك البيئة، ثم تطبيق تلك المعطيات ووضعها في التداول الإنساني[61].

إن العمارة وفضاءاتها الداخلية منظومة قيمية، لا مُجرد منظومة طرزيه، تُؤثر بانقسامها إلى قيم أداتيه بدائية وفعل إنساني حُر، تكون حركة الوعي فيه أكثر اشتدادا بين الفكر والتكنيك[62] يتمخض عنه حضور التصميم الداخلي في هيئة حدث مخصوص بزمان ومكان وإنسان معينين، مؤكداً جوهرية الاختلاف ضمناً، إذ يمكن أن تتحول القيم إلى لغة يختص بها فضاء داخلي لحضارة ما يتميز عن فضاء حضارة أخرى[63].

وربما تظهر تمثلات القيمة بمظهر (سلوكي أو فعل يختلف باختلاف القيم ذاتها)، فقد تأخذ قيمة الصدق، على سبيل المثال، مظهراً يتجلى ببساطة توجهات الحداثة، أو التعبير المنشئ الصريح للعمارة الفائقة، أو الارتباط بالسياق والماضي لعمارة ما بعد الحداثة ومن ثم فإن ظهور القيم يتبعه مظهر وتشكيل يتجلى بهيأة فعل أو ممارسة[64].

حقيقة الأمر إن الأشكال تنمو بمرونة عالية في البداية حتى تصل مرحلة الاستقرار وهذه المرحلة غالباً ما تصنعها “الثقافات” التي تتكون منها الطرز. ذلك أن لكل ثقافة سلوبها في ابتكار الأشكال التي تستقر بعدئذ في الذاكرة ومن ثم تتغير تلك الأشكال ببطء شديد من بعد الاستقرار الأول، بيد إنها تظل في حالة حركة، إذ إن فكرة التغير والنمو الشكلي والاستقرار وثيقة الصلة بالإنسان وتنعكس على كل ما يبتكره. فالأشكال المصممة تمر بحالة حركة ونمو ثم تستقر لتصبح ضمن الأشكال المعروفة جماعياً لتستخدم بعد ذلك للدلالة على الهوية التي هي أصلاً في حالة صيرورة متغيرة. فنحن نميز بين الثقافات من خلال الأشكال التي تنتجها. فمهما تغيرت هيئة المسجد على سبيل المثال، سهل التعرف عليه لأنه شكل مستقر ولا يُطال التغيير سوى الهامش، أما الجوهر فمستقر، ويصدق هذا الأمر على كثير من الأشكال حولنا.[65]

في مطار شانغي في سنغافورة، الشكل (9-۲) أدرك المعماري (Moshi Safadi) بذكاء عناصر المكان الأنثروبولوجي وعالجها بعناية فائقة على المستويات الوظيفية والجمالية والسياحية والاقتصادية والترفيهية والخدمية في التصميم، فنقل البيئة الخارجية الغابات والمياه والطيور في ذلك البلد الصغير إلى فضاءات المطار الداخلية. ووفقاً لوجهة نظر ميشيل فوكو في اركيولوجيته (الحفر في البنية العميقة) من بنية مفتوحة إلى بنية مُغلقة ولكنه أبقى عليها بنية مفتوحة إشارة لديمومة الحياة واستمرارها، أي أن طراز التصميم الداخلي سيظل على الدوام لا يتغير بتغير الأسلوب أو الطراز، بل رسّخ مفهوم ثقافة المجتمع بعلاقته الوثيقة بالبيئة، وحولها إلى عملية تجارية (مطار وخدماته)[66].

شكل (2-9) يوضح انعكاس منظومة القيم الجمالية والاقتصادية او الاجتماعية والبيئية في تشكيل الفضاء الداخلي -مطار شانغي -سنغافورة

المصدر: https://www.safarway.com

ونلمس في مطار بغداد الشكل (10-۲) الذي صممته شركة باسيفيك اليابانية وعالجت الفضاءات الداخلية بعناصر وثيقة الصلة بالثقافة العراقية ومفرداتها التاريخية والتراثية بأقواس إنارة اسلامية مفككة مُستنسخة من دور العبادة والجوامع والأضرحة والمزارات في العراق. أي إن الشركة المصممة اعتمدت الثقافة الدينية في صياغة الأسلوب المعماري للفضاء الداخلي. فنجح التصميم في التعبير عن الثقافة العراقية المحلية تعبيراً موفقاً بتبنيه الماضي كبنية مغلقة غير قابلة للانفتاح، هي مرجعية التصميم الأساس والوحيدة [67] .

ولكن على الرغم من ذلك ثمة نوع من الإثارة والإغلاق الإدراكي البصري (كما في الجشتالتية). فقد نفّذ المصمم فكرة العقود من دون أن تؤثر الأعمدة على انسيابية الحركة، فجعلها معلقة غير مكتملة. اما العقد كقيمة رمزية في الإسلام فهو دعوة ترحيبية للدخول من عالم معلوم إلى آخر مجهول، ليأتي استكمالاً لفكرة الإثارة وجمالية معطياتها في كلا التصميمين (مطاري بغداد وسنغافورة) غاب المصممان غياباً مطلقاً وحضرت منظومة القيم الثقافية والحضارية التي تربط المجتمع بالحياة ونمط العيش حضوراً طاغياً[68].

شكل (2-10) يوضح انعكاس القيم الدينية والحضارية في التصميم الداخلي -مطار بغداد الدولي- بغداد

المصدر: https://www.ina.iq

2-2-3 اتجاهات القيم في العمارة والتصميم الداخلي:

تتباين توجهات القيم في التصميم الداخلي ما بين تحقيق مكانة الفضاء المُصمَّم المُثقل بالقيم وما بين معايير الجودة من النواحي الوظيفية والجمالية والبيئية. ويُحسم المصمم توجهه على وفق بعد فكري يستقيه من أبعاد المجتمع المصمم له ويستلهمه من قيم ذلك المجتمع. ولكي تحقق القيم تأثيرها المعنوي لا بد أن تتخلق بمنظومة قيمية أخلاقية تمنح الإحساس بالمكان وتمنحه البعد الروحي فضلاً عن أبعاده الوظيفية والجمالية، وتُعرف القيم عموماً وفي التصميم الداخلي والعمارة خصوصاً في ضوء أربع توجهات هي[69]:

2-2-3-1 المكانة

يكتسب الفضاء الداخلي قيمته من المكانة والحضور اللذان يُفصح عنهما عبر العديد من الخصائص. فقد ينال الكثير من الفضاءات مكانة مرموقة لدى المتلقي لمجرد معرفة مغزاها والغرض منها والوظيفة التي تؤديها، حتى وإن كانت بصياغات بسيطة كدور العبادة والمحاكم وأماكن التعليم وغيرها، فإن قصدية البنية المصممة من ناحية الغرض والهدف من إنشائها ليست أحكاماً وظيفية فقط، وإنما قيمية في بنيتها العميقة فلا بد من الحكم القيمي لتقييم مشروع تصميمي من ناحية القصد إلى إنه يهدف إلى الوصول إلى “الأسمى” لتحقيق فضيلة قيمية للعمل. إذ تُضفي طبيعة المشروع بعداً قيمياً يمكن قياسه من منطلق القصدية أولاً، أي إن الفضاء الداخلي يُحقق وظيفة قيمية في محيطه حتى لو أدى وظيفته العملية مشروع غيره في ذلك المكان وتلك البيئة الاجتماعية، لخدمة قضايا إنسانية وفق قوانين أخلاقية وقيم اجتماعية[70]. فالمكان يحمل قيم الحميمية والاحتواء والعاطفة وتُعدّ هذه القيم جوهرية في بناء مكان تعلق ذكراه في الذهن ولهذا يذهب (Bachelard) في مؤلفه The poetics of space: شاعرية المكان” إلى القول بأن “البيت الذي يتم اختياره ليس بصندوق خامد، بل هو حيز مشغول يتجاوز هندسية الفضاء”[71]. وتكون قيم الحميمية والعاطفة بمقدار التفاعل المتبادل بين المتلقي والمؤثر، مما يؤدي إلى تحريك الشعور بالعاطفة يبدأ هذا التفاعل من لحظة الإدراك البصري، ويستمر إلى مرحلة التأمل والتعرف على أبعاد التكوين الشكلي، وصولاً إلى المضمون التصميمي والوظيفي، ليأسر المشهد التصميمي عاطفة المتلقي ويُحرك إحساسه ويُثير الدهشة بصور متعددة من القيم العاطفية، منها[72]:

١. جمالية التكوين التشكيلي، المتمثل بالنسب الهندسية والعلاقات البصرية المتوافقة في الفضاء الواحد، أو مجموع الفضاءات والمساحات المحيطة.

٢. بساطة وحدات التكوين، وتكرارها الذي يُنظمها في ظل التنوع والوحدة اللانهائية.

٣. التنوع في نسب الفتحات وتوزيعها وإيقاعها، ضمن وحدة التكوين.

4. عبقرية الإداء الوظيفي، وكفاءة ملاءمة الفضاء لبيئته المحيطة، والمُعالجات التي تحقق الوظيفة، ضمن الظروف والإمكانات المحلية.

5. تضمين معاني ورموز تراثية بروح مُعاصرة لتكوين فضاءات مُبدعة التشكيل والوظيفة والإدراك.

ویری ((Hanz sedlimary ان الوصول إلى مهمة تصميمية رائدة تحقق مكانة للبنية المصممة لا بد من توافر مجموعة من المبادئ التي تضفي على التصميم جانباً اعتباريا وحضوراً جيداً من خلال:

أولا. الأمان: (Safety)

لكي يُحقق الموقف التصميمي مكانة لا بد أن يتصف بالآمن ويمنح أكبر قدر منه[73].

ويتجسد ذلك في توفير فضاء يمنح الفرد المأوى الجسماني والنفسي، أي ضمن مأوى حقيقي يمنح الأمان والإحساس بالمكان، ويوفر الثقة بالعالم المادي المُحيط به والمُحتضن له وهنا تكمن المفارقة في تناقض توفير فضاء آمن في ظل بيئة مُتغيرة غير مُستقرة، ويتناول (Bachelard) هذه المفارقة عندما يتحدث عن الأعشاش، فالعش يشعرنا بالأمان على الرغم من المخاطر التي تحيق به، إذ تشير استعارة العش إلى الحب المدعوم بالثقة بالعالم دون سبب لهذه الثقة[74]، الشكل (2-11).

شكل (2-11) يوضح توفير بيئة امنة عبر الشكل البيضوي المغلق الشبيه بالعش لمبنى مدرسة وتعمق النوافذ المرتفعة والسور العالي ذو الفتحات الاحساس بالمكان -الهند

المصدر: https://www.dkarchitects.com

ثانياً. الخيال: (Imagination)

غالباً ما يمنح الخيال للتشكيل المصمم مكانة ومنزلة، وإن تضمينه بشكل خاص يُحيط التصميم بميزة واضحة[75]، سيما الخيال السردي الذي يُعبر عن صفات المكان وما يتعلق بثقافة معينة وقيمها لا غنى عنه، لأنه يزيل القوالب الجامدة والآليات المحددة بصفتها طقوس للتصميم ويتخطاها فينأى بالتصميم عن ضيق الأفق[76] ، ينظر الى الشكل (1۲-۲). ويعتقد المنظر (ادموند بورك) إن فلسفه الخيال الأخلاقي هي ” القدرة على التفكير خارج منطقة الجزاء وتصور أساليب أخلاقية ذات منفعة وتستند على العقل والنظام والسلام والفضيلة”. ويشير الخيال الأخلاقي إلى قوة الإدراك التي تتخطى حواجز الأحداث اللحظية لأننا لا نستطيع أن تحقق معايير جيدة إذا كنا نعتمد على التجربة الشخصية الفعلية مرشداً معيارياً في ممارسة المهنة، وذلك من أجل هدف أسمى يحقق رسالة إنسانية ذات منفعة لتطوير المجتمع. يُولّد الخيال الأخلاقي معقولية التصور وينتج قرارات نابعة من القيم وهذا النوع من الخيال هو ما المصمم الناجح كي يولّد ممارسة أخلاقية لتصاميم عقلانية خاضعة للقيم والمبادئ [77].

شكل (2-12) يوضح الخيال السردي المعبر عن صفات المكان والقيمة والثقافة – متحف اللوفر-أبو ظبي

المصدر: https://ar.vogue.me

ثالثاً. النمط (الأسلوب): ((The pattern

يكتسب التصميم مكانة عندما يتطور لنوع محدد بوضوح ويصبح قادراً على تشكيل نمط معين. ويتم باستخدام نمط تصميمي يترسخ في الذاكرة الجمعية لمجتمع ما، متأثراً بأشكال يتكرر استعمالها لفترات طويلة تؤثر وتتأثر بثقافة المجتمع.

رابعاً. التقديس: (Sanctification)

توفر العمارة المقدسة للمجتمع مركزاً يكتسب عبره الأفراد مكانتهم في التأريخ وفي المجتمع من خلال ربط تصميم مساكنهم وفضاءاتهم بهذه المراكز. وقد تتجلى في تكوينات العمارة الرسمية التي توظف بوعي ذاتي للمساعدة في تشكيل مجتمع جديد، فتعد نموذجا لكل عمارة. ويُفترض إن أي مفهوم مُناسب للسكن يجب أن يُفسح المجال لبعد المقدس لما يضفيه من قيم روحية على المجتمع [78]. فتكتسب البنية المصممة المحملة بالقيم دلالات محددة، ولا تتوقف تلك الدلالات على مظهر الفضاء بصفته كياناً مفيداً ونافعاً أو عند وظائف ثانوية لا حصر لها، فقد يسعى المصمم لتأكيد تلك الدلالات بالتمثيل والترميز بوعي ذاتي لدور العبادة بصفتها أماكن مقدسة فيُحملها شكلاً مختلفاً لتوصيل فهم مختلف عما يجب أن تكون عليه، وقد تكون لمبنى آخر تلك الرموز والدلالات نفسها لإثارة المعنى نفسه، كالمحاكم والمتاحف والمصارف، فقد تتخذ هيئة دور عبادة والغرض منه (تحميل المبنى بهالة ذات مغزى). ففي القرن التاسع عشر استُخدمت القباب والعقود في تكريم المتاحف والمصارف ومؤسسات أخرى، واستُخدم الزجاج الملون في المساكن الخاصة. فقد يحتاج التصميم ذلك البعد لتلبية وظيفته القيمية، فيصبح تمثيله وظيفة رمزية تسعى إلى تكريم المبنى من تمثله الأماكن المقدسة[79]. الشكل (٢-12).

شكل (2-12) يوضح مكانة الفضاء وحضوره عبر سمة التقديس من خلال العقود والاعمدة وسقف مقبب – متحف اللوفر- باريس

المصدر: https://tournaa.com

2-2-3-2 الجودة التصميمية

ترتبط الجودة بالتميّز وتفرد النتاج كي يُحقق أعلى كفاءة وأعلى قيمة نوعية تبرزان من مواءمة الفضاء الداخلي للحاجات الإنسانية المستجدة ومواكبته التطور التكنولوجي ويستشرف آماداً زمنية قادمة تكون منطلقات للعملية الإبداعية، فقد أشار (Harreis) إلى العلاقة بين العملية الإبداعية والتميز كجانب أساس لتحقيق القيمة النوعية للنتاج، فالتميز كظاهرة يرتبط بقيم تنطلق من واقع أخلاقي، إذ لا يمكن أن يتحقق الإبداع بعيداً عن مرجعية إيمانية تلهم الإنسان بمفاهيم ومقياس جديد لإبداعات الأجيال الماضية، وبالتالي استمرارية حضور تلك الأجيال حضوراً حياً فاعلاً كما تتأتى القيمة النوعية للنتاجات المبدعة من إسهاماتها في عملية التطور[80] . وثمة العديد من المعايير لتحديد التميز والجودة للتصميم، وأفضل تلك المعايير [81]:

  1. ما ينتج عن مشروع عالي الجودة والإداء، ومُبهجاً من الناحية الجمالية.
  2. يستجيب للسياق والمجتمع والقيم الخالدة، ويستجيب إيجابياً لظروف الموقع ويحترم البيئة.
  3. يدمج الفن بالتصميم ليُحقق فضاءً يمنح الإحساس بالمكان.
  4. تلبي وظيفته المتطلبات كافة بكفاءة وإبداع.
  5. يضيف التصميم المبتكر قيمة تفوق التوقعات دون زيادة في الكلفة.
  6. توفير مكان عمل آمن ومنتج للمستخدمين.
  7. اتسام التصميم بالمتانة والفاعلية التشغيلية، وتسهل صيانته، وكلفة تشغيله منخفضة.
  8. يتسم التصميم عالي الجودة عموماً بتقديم الحلول الأمثل للمشكلات.

ويضيف (Thomas) ان التصميم يتصف بتحقيقه الجودة عندما يكون عملياً وفعالاً ومتدنّي الكلفة ويُحقق الديمومة وممتع بصرياً وصديقاً للبيئة ومسؤولاً اجتماعيا ويناسب أكبر عدد ممن يحتاجونه وأقل هدراً للموارد دون أن تنخفض قيمته أو تدهور ودون فقدان شيء يُفضله المجتمع ويتداوله باستمرار. وفي الوقت ذاته يحقق التصميم أقصى استفادة وأكبر نفع بأقل كلفة ويراعي مصالح الآخرين وإلا فانه تصميم سيء[82].

2-2-3-3 المنظومة الفكرية

يتجسد الفكر بالتصور الذي يكنه المصمم منطلقاً من ذاتيته وفكره الواعي وواقعية الأفكار النابعة من مجتمعه وموضعيتها ليميز الصواب عن الخطأ أولاً أو يختار الأفضل من بين حلول عدة، ليصل إلى الصياغات الشكلية الموائمة لأبعاد التصميم، وبالتأمل والفهم والتفكير ينتج الفرد أفكاراً مناسبة تقدم العالم وفق ماهيته وحقيقته الموضوعية وحتماً كلما عرف الإنسان أكثر، تمكن من ناصية الفعل[83]، فكلما ازدادت معرفة الإنسان أصبح جهده أكثر نجاحاً وفاعلية إن الرغبة الأولى التي تمثل الدافع والعِلة لكل رغبات الإنسان هي التطلع باستمرار إلى بلوغ درجة عالية من الكمال، وهي الرغبة في المعرفة لاسيما إذا تساءلنا عن دور المعرفة في التقدم الذي يسعى إلى تحقيقه الإنسان بالمعرفة يتحول الإنسان إلى علة أفعاله ويتصرف ويعمل من موقع قوة[84]. ومن ناحية أخرى يؤكد (كانط) على إنك لست بحاجة إلى العلم والفلسفة لتعرف، فما عليك فعله أن تكون أميناً وصالحاً، بل حكيماً وفاضلاً، فيمكن للمرء أن يفترض مسبقاً معرفة ما يجب أن يفعله كل فرد، وأن يجتهد فيما يتعين عليه معرفته من بيئته إذا على المصمم أن يأخذ بنظر الاعتبار التزاماته تجاه الإنسان ومحيطه أساساً منطقياً له[85]. وبهذا الصدد، يؤكد المعمار العراقي (محمد مكية) إن القيم الفكرية والثقافية والزمانية التي دعي إليها تكمن في الأحاسيس يمكن استشعارها من رؤية تلك النتاجات المرتبطة بواقع معيشة الفرد، لذلك كانت الأشكال التصميمية المنتجة ترتبط ارتباطاً كبيراً بالعناصر والأشكال التي تحمل القيم والأفكار بشكل رمزي والتي يحاول مكية إظهارها في إنتاجه التصميمي[86].

2-2-3-4 المنظومة الأخلاقية

القيمة الأخلاقية هي النموذجية للتصميم الذي تُحقق أعلى نفع وأفضل إداء ووظيفة فهي تتجسد في المواصفات التي تحقق إدائها ووظيفتها وقيمتها الجمالية[87]. لا شك إن الوصول إلى النموذج الأعلى وإدائه الأفضل على مستوى التحقق هو أفضل قيمة يمكن أن تحقق الجانب الأخلاقي وتنال الإحسان والتقدير، بل غالباً ما يُشكل التصميم المبدع الجديد ذو المواصفة الأفضل حالة من الانبهار والسعادة والإثارة ما لا تُحققه الكثير من الأعمال. إذن الصفات المثالية هي ما يقصد المصمم أو يطمح بالوصول إليه في التعبير عن أفكاره، أن الوصول للقيمة المثالية بلا شك هو أفضل ما توصل إليه العقل البشري، كما أن ما يهم المتلقي أو المستخدم هو الحصول على التصميم الذي يتصف بأفضل المعايير وأعلى القيم الأدائية، أن ذلك يجعل عمله ذا صعوبة بالغة وقد يستعصي التصميم الإنموذجي على المصمم التقليدي، فالمثالية تتسم بعظم الإنجاز وتفوقه وترسم ملامح ما ينبغي أن يكون عليه التصميم بخصائصه ومستواه، والقصد منه البحث المستمر عن رفاهية الإنسان وسعادته. ويستمد المصمم أسبابه من الحاجات البيئية المستمرة للوصول بالرفاهية إلى أعلى مستوياتها، فالمعايير التصميمة تتغير بدرجة كبيرة لأجل تحقيق أفضل مواصفات تلائم عيش الإنسان والتقنيات وللخامات والمواد المستخدمة والمعالجات المستجدة دور لا يمكن إغفاله. لا شك إن الهدف الذي يعمل المصمم لأجله تحت شعار (واجب جعل العالم أفضل) يضفي على أعماله الإبداعية جانياً تربوياً وأخلاقياً يجعل من الخطأ والصواب والرديء والمقبول والجديد والأفضل معايير حقيقية في فن التصميم وهو في حوار التكوين والإنشاء وضمن تفكير تجريبي سعياً للوصول إلى الصورة والأنموذج الذي يحقق الوظيفة على أفضل وجه. أي ان دعوة المصمم دعوة بنائية وأخلاقية مستمرة وهي دعوة متوازنة إلى حد بعيد لا تنحاز إلى القيمة الجمالية على حساب القيمة التربوية والأخلاقية كما هو الحال في الفنون الأخرى، بل تجعل القيمة الوظيفية والقيمة الجمالية تعملان باتساق منتظم[88].

المبحث الثالث: منهجية البحث وإجراءاته:

3-1. منهج البحث: بعد اطلاع لمناهج البحث وجدت أن هناك أسلوبا يناسب دراستها وهو المنهج الوصفي لتحليل عينة البحث للكشف عن ومدى تطبيق وتوظيف التقنية الرقمية التفاعلية في الفضاءات الداخلية للمتاحف.

3-2. مجتمع البحث وعينته: شمل مجتمع البحث على دراسة الفضاءات الداخلية والمتمثلة ب (مراكز ثقافية، وتعليمية وخدمية) ومن اعمال المصمم Norman Foster))، وقد تضمنت (12) (انموذجا) موزعة في مدن قارة اسيا، وقد تم اعتماد اختيار مجتمع البحث على افضل الفضاءات والتي أظهرت تصاميمها الداخلية تنوعاً تصميمياً للوقوف على انعكاساتها الروحية والأدائية والجمالية، ضمن فضاءاتها الداخلية، وبذلك يمكن تحديد مجتمع البحث بالاتي. كما تم اعتماد الأسلوب القصدي للعينة المتمثلة من مجتمع البحث الأصلي، لأختيار النماذج التي تخدم هدف الدراسة والأقرب إلى تحقيقها والبالغ عددها (3) من مجموع (12) أي بنسبة (25%) من مجتمع البحث وهي مراكز: (ثقافية- قصر السلام ومصالحة/ تعليمية-مكتبة دار الحكمة/ الخدمية –مطار الكويت الدولي) كما في الجدول رقم 2، والذي تم اختيارها على وفق الشروط والأسباب الآتية:-

  1. تجسد النماذج المختارة متغيرات ثقافية وجغرافية وزمانية متباينة، فضلاً عن متغيرات شكلية تتيح فرصة الكشف عن أكبر عدد من السمات التي تتميز بيها العينة وفقاً لمنظومة قيم مجتمع التصميم.
  2. تنوع الفعاليات الوظيفية للمشاريع المُنتقاة، الأمر الذي يضمن التنوع في تجسيد أبعاد المنظومة القيمية.

تتسم نماذج العينة بتمثيلها للمجتمع الأصلي في متغيراته كافة، ويمكن الركون إلى نتائجها في تعميم الأحكام على المجتمع الأصلي.

جدول (1) يمثل مجتمع البحث

المراكز أسماء المشاريع التصميمية الدولة سنة التحديث
المراكز الثقافية قصر السلام ومصالحة كازخستان 2006
مركز بوند المالي شنغهاي-الصين 2017
متحف داتونك للفن داتونك-الصين 2021
متحف زايد الوطني أبو ظبي-الامارات 2022
المراكز التعليمية الحرم الجامعي الرئيس -جامعة بتروناس للتكنولوجيا ماليزيا 2005
معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا -جامعة خليفة أبو ظبي-الامارات 2015
مكتبة دار الحكمة الشارقة-الامارات 2020
مركز التميز -جامعة دي واي باتيل بومباي-الهند 2021
المراكز الخدمية مطار العاصمة بكين الدولي الصين 2008
مطار الملكة عالية الدولي الاردن 2012
مطار الكويت الدولي الكويت 2022
مطار البحر الاحمر السعودية 2022

جدول رقم (2) يمثل نماذج البحث

نماذج البحث الاشكال
الانموذج الأول قصر السلام ومصالحة
الانموذج الثاني مكتبة دار الحكمة
الانموذج الثالث مطار الكويت الدولي

3-3. أداة البحث: من اجل تحقيق هدف البحث، استخدمت الأدوات الآتية في جمع المعلومات المتعلقة بالبحث وهي على النحو الاتي:-

أولاً: الدراسة الاستطلاعية المقصودة عبر شبكة الانترنيت العالمية لمواقع الفضاءات الداخلية للمشاريع الخاصة للمصمم المعماري العالمي Norman Foster)).

ثانياً: إعداد استمارة تتضمن تحديد محاور التحليل على ضوء الاجراءات الآتية :

  1. ما أسفر عنه الإطار النظري من مؤشرات والتي تمثلت خلاصة ما تمخضت عنها المصادر والمراجع وأدبيات الاختصاصات العربية والأجنبية في مجال التصميم الداخلي.
  2. رأي المختصين في اعتماد الصورة الفوتوغرافية والمخططات لاختيار تصاميم نماذج البحث.

3-4. صدق الأداة البحثية: لغرض التأكيد من صلاحية وشمولية أداة التحليل، تم التحقق من صدق الأداة المستخدمة بعد عرض استمارة محاور التحليل على مجموعة من الخبراء[89]، لبيان آرائهم حول صلاحيتها في ضوء ملاحظاتهم العلمية السديدة، وبعد المناقشة تم إجراء التعديلات اللازمة على الاستمارة، اذ تم الإجماع على صلاحية فقراتها للوصول إلى شكلها النهائي. وبهذا اكتسبت هذه الاستمارة صدقها الظاهري لأغراض تطبيق التحليل في هذا البحث، وذلك لما تتميز به من شمول فقراتها وصلاحيتها في تحديد هدف البحث.

3-5. ثبات الأداة البحثية: تعد الموضوعية شرطاً أساسيا لطريقة تحليل المضمون، ولكون الثبات هو جزء من تحقيق الثقة بموضوعية الدراسة والتحكم من خلالها بذاتية المحلل إلى أقصى حد ممكن. وذلك من خلال التطبيق الصحيح للأداة على عينة البحث، ولهذا تم اللجوء إلى استخراج ثبات التحليل والذي يعني الوصول إلى النتائج ذاتها، لهذا فقد اعتمد أسلوب في تحقيق ثبات التحليل وهو الاتساق بين المحللين:-

إذا تم اختيار محللين خارجيين[90]. ممن لهم خبرة في مجال التصميم الداخلي والعمارة وذلك بتحليل عينة واحده من العينة الأصلية وبعد ان تم تدريبهما على كيفية استخدام الاستمارة في تحليل الفضاءات الداخلية، وبعد التحليل تم استخدام معادلة (كوبر), لتحديد نسبة الاتفاق وذلك من خلال حساب معامل الثبات بين تحليل الباحث والمحللين الخارجين وقد كانت معدل نسبة معامل الثبات كالاتي 🙁 نسبة الثبات بين المحلل الأول والباحث 95 %)،( نسبة الثبات بين المحلل الثاني والباحث 92 %)،( نسبة الثبات بين المحلل الأول والثاني 93.5 %). وبهذا بلغت نسبة معدل معامل الثبات بين المحلل الأول والثاني والباحث93.5% وهي نسبة جيده جداً يمكن بالاعتماد عليها، ما دفع الى تحليل الانموذج الاخر.

3-6. الوسائل الإحصائية : تم استخدام الوسائل الإحصائية التالية لغرض لإيجاد معامل الثبات وهي كالاتي:

معادلة(كوبر) لإيجاد معامل الثبات= (عدد مرات الاتفاق/ عدد مرات الاتفاق +عدد مرات عدم الاتفاق) ×100

المبحث الرابع: نتائج الحث:

4-1 النتائج ومناقشتها

  1. حققت قدرة المصمم على اعتماد القيم الدينية في الفضاءات الداخلية من خلال الاتي:
  2. اظهرت قيم غائية في الخشوع ضمن الانموذج الاول والثاني والثالث المتحقق شامل في محددات الفضاء الداخلي.
  3. ساهمت قدرة فكرة المصمم الداخلي على دراسة القيم وسيليه عبر دلالات مادية ضمن الانموذج الأول وثاني والثالث التحقق الشامل في تصاميم المحددات الداخلية.
  4. أكدت دراسة المصمم الداخلي على القيم السياسية في الفضاء الداخلي من خلال الاتي:
  5. ما يحتويه الفضاء من سياسة المصمم عبر التميز في الأسلوب المتحقق بشكل واضح في تصاميم المحددات الداخلية للأنموذج الثاني والثالث في الجدران والاسقف والارضيات، بينما كان متحقق في الجدران والاسقف ومتحقق نسبيا في الارضيات في الانموذج الاول.
  6. ان سياسة الدولة عبرت عن مستويات الانعكاس من خلال العلاقات ضمن الانموذج الاول من خلال التحقيق الواضح في تصاميم الجدران، بينما كان التحقيق نسبياً في تصاميم الارضيات والاسقف، اما بالنسبة للأنموذج الثاني والثالث فقد كان التحقيق الشامل واضحا في تصاميم المحددات الداخلية.
  7. استند المصمم على اعتماد القيم النظرية في الفضاءات الداخلية من خلال الاتي:
  8. اظهر مستوى الانعكاس الشكلي في الانموذج الأول المتحقق في الجدران وتحققت نسبياً في تصاميم الاسقف والارضيات، بينما اظهر التحقق الشامل في محددات الفضاء الداخلي في الانموذج الثاني والثالث.
  9. اظهر مستوى الانعكاس المادي في الانموذج الأول المتحقق في الجدران وتحققت نسبياً في تصاميم الاسقف والارضيات، بينما اظهر التحقق الشامل في محددات الفضاء الداخلي في الانموذج الثاني، بينما اظهر التحقق في الجدران والاسقف وتحقق نسبيا في الارضيات في الانموذج الثالث.
  10. اكدت دراسة المصمم الداخلي في تشكيل القيم الاقتصادية من خلال الاتي:
  11. أدرك المصمم الداخلي على قيمة الاستخدام ضمن الانموذج الأول والثاني والثالث المتحقق الشامل في محددات الفضاء الداخلي.
  12. حققت قيمة التوازن بينهما ضمن الانموذج الأول المتحقق نسبيا في الجدران والارضيات والاسقف، بينما ظهر الانموذج الثاني المتحقق في تصميم الجدران والاسقف ومتحقق نسبيا في الارضيات، بينما اظهر الانموذج الثالث المتحقق الشامل في محددات الفضاء الداخلي.
  13. استند المصمم على اعتماد القيم الاجتماعية في تصميم الفضاءات الداخلية من خلال الاتي:
  14. برزت توجيهات التغيير الاجتماعي العصرية ضمن الانموذج الأول تحقق في الجدران والاسقف ومتحقق نسبيا الارضيات، بينما برز الانموذج الثاني والثالث التحقق الواضح في محددات الفضاء الداخلي.
  15. برزت توجيهات التغيير الاجتماعي المتعددة الاتجاهات ضمن الانموذج الأول والثاني والثالث التحقق الواضح في محددات الفضاء الداخلي.
  16. اظهرت اليات التفاعل الاجتماعي الوظيفي ضمن الانموذج الأول والثاني والثالث التحقق الواضح في محددات الفضاء الداخلي.
  17. اظهرت اليات التفاعل الاجتماعي الثقافي ضمن الانموذج الأول والثاني التحقق الواضح في الجدران والاسقف والمتحقق نسبيا في الارضيات، بينما اظهر الانموذج الثالث التحقق الواضح ضمن محددات الفضاء الداخلي.
  18. برزت قدرة المصمم على اعتماد القيم الجمالية في الفضاءات الداخلية من خلال الاتي:
  19. أدرك المصمم الداخلي على القيم الحسية في اللون ضمن الانموذج الأول والثاني والثالث التحقق الواضح في محددات الفضاء الداخلي.
  20. أدرك المصمم الداخلي على القيم الحسية في الملمس ضمن الانموذج الأول والثاني والثالث التحقق الواضح في محددات الفضاء الداخلي.
  21. برزت القيم الشكلية من خلال ايقاعات ضمن الانموذج الاول والثاني والثالث بشكل متحقق في تصاميم الجدران والاسقف والارضية.
  22. اكدت القيم الشكلية من خلال تناسبات ضمن الانموذج الثاني والثالث بشكل متحقق في تصاميم الجدران والاسقف والارضية، بينما اظهر الانموذج الأول المتحقق في الجدران والاسقف والمتحقق نسبيا في الارضيات.
  23. عبرت القيم الارتباطية في الرمز ضمن الانموذج الاول والثاني والثالث متحقق في محددات الفضاء الداخلي الشامل.
  24. برزت القيم الارتباطية في ايقونة ضمن الانموذج الاول والثاني والثالث متحقق في محددات الفضاء الداخلي الشامل.
  25. استند المصمم على اعتماد مستويات القيم في تصميم الفضاءات الداخلية من خلال الاتي:
  26. برز مستوى التعبير ضمن الانموذج الاول والثالث بشكل واضح متحقق في تصاميم الجدران والاسقف والارضيات، اما بالنسبة للأنموذج الثاني كان تحقق في الجدران والاسقف ومتحقق نسبيا في الارضيات.
  27. اظهر مستوى التغيير ضمن الانموذج الثاني والثالث بشكل واضح متحقق في تصاميم الجدران والاسقف والارضيات، اما بالنسبة للأنموذج الاول كان تحقق في الجدران والاسقف ومتحقق نسبيا في الارضيات.
  28. أكدت دراسة المصمم الداخلي على اتجاهات القيم في الفضاء الداخلي من خلال الاتي:
  29. عبرت المكانة ضمن الانموذج الاول في تحقيق نسبيا ضمن محددات الفضاء الداخلي في الجدران والاسقف والارضية، بينما كان الانموذج الثاني والثالث متحقق في محددات الفضاء الداخلي الشامل.
  30. برزت الجودة ضمن الانموذج الاول والثاني والثالث متحقق الواضح في محددات الفضاء الداخلي الشامل.

4-2 الاستنتاجات

أسفر البحث من خلال النتائج التي تم استنباطها من عملية التحليل في إجراءات البحث، عن جملة استنتاجات يمكن إجمالها بما يأتي:

١. تتطلب منظومة قيم لتصميم الفضاءات الداخلية العامة التي تستقبل شريحة مجتمعية متنوعة، عدم الوقوف عند الغايات الوظيفية والجمالية فحسب وإنما تتجاوز ذلك إلى إفصاح التصميم الداخلي عن دلالات للنهوض بالقيم الإنسانية النبيلة، من خلال طبع متغيراتها الشكلية وتعزيزها بسمات القيم العليا للأخلاق، كالحكمة والحرية والاحترام والصدق والعدالة والمساواة والتواضع والنبل، وبما يعكس دورها الإيجابي في الارتقاء بالسلوك الإنساني إلى مستويات حضارية متقدمة.

3. تعد منظومة القيم البعد الجامع للقيم الذي تندرج فيه على وفق الضرورة والأولوية لدى أفراد المجتمع وحاجاتهم المستجدة. ولا تنضوي تحت العملية التصميمية لأي فضاء داخلي قيمة مفردة وإنما تتشكل القيم في منظومة قيمية تتقدم خلالها قيم وتتراجع أخرى على وفق زمكانية الحدث ورؤية المصمم الفاعل الذي يختار ما يواكب التغيير منطلقاً من الماضي ومستشرفاً آفاقاً زمنية قادمة.

٤. تجلى انعكاسات الفعل السلوكي للمنظومة القيم على متغيرات الفضاءات العامة الشكلية، بما يتوافق مع فكرة الاحتواء وديمومة التشكيل الفضائي وتناغمية سياقاته وعقلانيتها وانضباطها ضمن مستويات البيئة العمرانية.

5. يتجسد التنظيم الفضائي للمؤسسات العامة والمتعددة الوظائف، على وفق أسس تنظيمية تعزز الوحدة والتوازن والتناسب والتناظر لتوحي بالاستقرار والثبات، وتفصح عن وضوحيه النمط الحركي المعتمد والتدرج الهرمي البعيد عن العشوائية، بما يحقق انفتاحيه التشكيل واستيعابه لتعددية الوظائف.

6. تكتسب الفضاءات الداخلية للمراكز الخدمية والثقافية والتعليمية بنية جمالية بتفعيل جوار استطيقية صالح يُهذب الذائقة الجمالية لمستخدمي الفضاء ويُضبط سلوكياتهم، بصياغات رسمية بهيأة صرحيه منضبطة بتوليفات نسبية دقيقة توحي بالثبات والسكون بعيداً عن سمات التلاعب والتشويش منبثقة من فكر عقلاني تجريدي، بتوازنات وظائفية وجمالية بعيداً عن قيم النقاء الجمالي تحترم سياقاتها الجغرافية والتأريخية وبجماليات بيئية تُحقق استجابة عاطفية مع المكان وجماليات تقنية متوائمة وروح العصر.

7. ترتكز اعتبارات الجمالية على وفق رؤية متزنة تمزج بين ذاتية المصمم ومقدرته الإبداعية وأحكامه القيمية، وبين موضوعية معقولة منبثقة من العوامل الأنثروبولوجيا ومنظومة قيم مجتمع التصميم بتشكيلات متاحة للإدراك والتلقي ومفهومة تواصليا في العموم للذائقة الجمعية بعيداً عن الجمال النخبوي، وتتمتع بحضور معنى وفهم مشترك بين المصمم والمتلقي.

8. يكتسب الفضاء الداخلي قيمته الاقتصادية بموازنته بين قيمة المبادلة وقيمة الاستخدام، عبر الكلفة العالية وقيم الإبهار الشكلي والحجمي بمعطيات شكلية تحاكي النفوذ الاقتصادي، في مقابل قيم نفعية بتحقيق جودة عالية وديمومة التصميم واستثماره لمدة زمنية طويلة وإمكانية الإضافة وتعديله لاحقاً دون التأثير على واقعية التصميم، وأن يسمح بتعددية وظائفه واستثماره أقصى مساحة متاحة للاستخدام الفعال، بالإضافة إلى استثمار موارد البيئة المتاحة ومراعاة التصميم الأنظمة البيئة. فالقيمة الاقتصادية لا تقف عند عمليات التنفيذ وإنما تستمر لما بعد الاستخدام والتشغيل.

9. يُفصح خطاب القيم الدينية في تصميم المؤسسات العامة عن متغيرات شكلية تمنح مشاعر القدسية والجلال (كقيم غائية) بتوظيف أشكال رمزية (قيم وسيليه) تعمق إحساس المتلقي بقدسية معتقداته الدينية وشرعيتها، وتمنح سمات الهيبة والعظمة (قيم غائية) بدلالات مادية (قيم وسيليه) عبر صرحيه وأسس الوحدة المحققة للتناغم بإيقاعية هندسية مدروسة وانفتاح نحو الداخل، بالإضافة إلى دلالات حسية (قيم وسيليه) بتماهي المادة مع التشكيل المحمل بقيم البساطة والتجريد والقابلية على التكيف.

10. تنعكس تجليات القيم السياسية في المتغيرات الشكلية للمؤسسات الخدمية والثقافية والتعليمية عبر البعد البصري الأيقوني وصرحيه عناصر التشكيل المحمل بالتلميحات الصريحة أو الضمنية للمادة والتقنيات المستجدة والعلاقات الارتباطية للتكوينات الشكلية التي تفرض سمات السيطرة والتنظيم وتُفصح عن هيبة الدولة ونفوذها السياسي.

11. ان قيم التغيير الاجتماعي للتصميم عن المسايرة مع الماضي والوقوف عند حدود التقليد، كما إنها تتجاوز العصرية المطلقة التي تنحو بالتصميم نحو التغريب وتفقده علاقته بالمكان وإحساسه به، وتسعى إلى تحقيق ديمومة التصميم المتعدد الاتجاهات بالجمع بين التذكير التاريخي والتوجه المستقبلي.

4-3 التوصيات

  1. يوصي البحث بتبني المصممين والمعماريين مفهوم التصميم المرن المستجيب للتغيير والمستوعب لدمج تقنيات مستجدة، ومستقبلية ودعم القابلية على التحوير بطرق مختلفة، وتفعيل نظام التحول المؤقت وإمكانية تعديل التشكيل وتوسيع نطاقه في حالات الطوارئ.
  2. توجيه آفاق المصممين لرسم أيديولوجيات محملة بالالتزامات وتفعيل التصميم الحساس للقيم في الفضاءات الداخلية العامة التي تستقبل شريحة مجتمعية متنوعة، لإبراز إستراتيجية التوجه نحو القيم بناءً على ما توصل البحث الحالي من نتائج واستنتاجات، تم التوصل الى مجموعة توصيات يمكن الإنسانية النبيلة وتعزيزها بشكل صريح في التصميم.
  3. دعم الباحثين ضمن الاختصاص والمستثمرين وتشجيعهم على الاطلاع على نماذج تصاميم المراكز الثقافية والتعليمية العالمية والإقليمية والوقوف على أخر المستجدات لمتطلباتها التصميمية ومواكبة التطور التقني والتكنولوجي الذي يشهده العصر لتوفير مراكز محلية تجمع بين التعليم والترفيه والتثقيف وتعزز الجانب الاجتماعي لمستويات عمرية متعددة.
  4. يوصي البحث القائمين على إنشاء المؤسسات العامة المحلية، بتفعيل التقنيات الرقمية المتطورة، واعتماد يوصي مبدأ الخدمة الذاتية للزوار مع مجريات التشكيل، التي باتت سياقات متاحة في ظل التقدم التقني المعاصر.

4-4 المقترحات

بعد الانتهاء من النتائج ومناقشتها وتطبيق الاستنتاجات والتوجيهات نتوجه ببعض المقترحات التي يمكن لها أن تستكمل ما توصلت إليه الدراسة الحالية بإجراء دراسة بحثية تتضمن:

  1. إجراء دراسة بعنوان: (النظم التصميمية وتجلياتها في تصميم الفضاءات الداخلية). لمشافي العزل أنموذجا).
  2. إجراء دراسة بعنوان: (التصميم الداخلي المستدام وتمثيلاته الدينية في تصميم مساجد الحديثة).

المصادر العربية والاجنبية

الامام، علاء الدين كاظم منصور. القيم الجمالية بين البساطة والتعقيد في التصميم الداخلي، بحث منشور، مجلة كلية التربية الاساسية، المجلد ۲۰، العدد ۸٦، ۲۰۱٤.

الإمام، علاء الدين كاظم. بنية الشكل الجمالي في التصميم الداخلي، ط ا، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، الاردن، ۲۰۱٤.

البعلبكي، منير: قاموس المورد. إنكليزي عربي، دار العلم للملايين، بيروت، 1982.

الجابري، محمد عابد، العقل الأخلاقي العربي دراسة تحليلية نقدية لنظم القيم في الثقافة العربية، سلسلة كتب. نقد العقل العربي، ج 4، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ۲۰۰۱.

الحسيني اياد حسين عبد الله. فن التصميم، الفلسفة النظرية التطبيق، ج ۳، إصدار دائرة الثقافة والإعلام الشارقة، ۲۰۰۸.

الحسيني، أياد. التصميم المستدام، مقالة منشورة، الموقع الرسمي للدكتور اياد الحسيني بتاريخ ٣١/ ٢٠٢٠/٥.

خالد محمود هيبة. العمارة المعاصرة والتكنولوجيا: رؤية نقدية مجلة جامعة أم القرى للهندسة والعمارة، المجلد 5 العدد 1، ٢٠١٣.

الخزرجي، جمال بن عمار. القيم الشخصية وكيفية اكتسابها، مدونة العلوم الإنسانية الإسلامية شبكة المعلومات الدولية ١٨٠ يناير ٢٠٠٨.

رحال عباسية، الحرية والسلطة السياسية في فلسفة سبينوا، رسالة ماجستير، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة وهران، الجزائر، ٢٠١٥.

رسلان، صلاح الدين. القيم في الأسلام بين الذاتية والموضوعية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، ١٩٩٠.

رسول، هوشيار قادر. العمارة والتكنولوجيا دراسة تحليلية للفعل التكنولوجي في العمارة، اطروحة دكتوراه، قسم الهندسة المعمارية، كلية الهندسة، جامعة بعداد، ۲۰۰۳.

سارة ربيع. عقار له تاريخ، مكتبة الاسكندرية الجديدة، البناء بمبادئ الفلسفة، جريدة الشرق الأوسط، ٢٠١٥/١١/٨.

السالم خلود عبد الخالق والبغدادي عبد الصاحب ناجي. الحفاظ والارتقاء الحضاري، مؤسسة ثائر العصامي للنشر، بغداد، ۲۰۲۰.

عبد اللطيف محمد خليفة. ارتقاء القيم، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ابريل ۱۹۹۲.

  1. عبد الله سعدون سلمان & تقى محمود حميد، الخيال الأخلاقي في العمارة، المجلة العراقية للهندسة، المجلد (١٤)، العدد (۲)، ۲۰۱۹.

عدي عباس عبود. التكنولوجيا بعداً قيمياً وأثرها في العمارة المعاصرة، أطروحة دكتوراه غير منشورة، الجامعة التكنولوجية، قسم هندسة العمارة، ۲۰۱٥.

علي ثويني. المعماري محمد صالح مكية- تحليل للسيرة والفكر والمنجز، دار ميزوبوتاميا للنشر، بغداد، ۲۰۱۳.

علي سعد وطفة، علي شهاب: علم الاجتماع المدرسي، مجد المؤسسات الجامعية للدراسات، لبنان، 2004.

  1. الغبان، باسم قاسم. مفاهيم عامة في فلسفة التصميم، ط ا، مكتب الفتح للطباعة والاستنساخ، بغداد، ۲۰۱۵.

الفيروز أبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب: قاموس المحيط، ط6، مؤسسة الرسالة، دمشق، 1998.

  1. المالكي، قبيلة فارس. الهندسة والرياضيات في العمارة، دراسة في التناسب والمنظومات التناسبية، دار الصفاء للنشر، عمان، ۲۰۰۰.

محمد أحمد بيومي. علم الاجتماع والقيم، دار المعرفة الجامعية للطبع والنشر والتوزيع، مصر، ۱۹۹۰.

التعليم المعماري في مصر، مجلة العمارة والفنون العدد العاشر مجلة العمارة والفنون العدد العاشر.

  1. المسدي، عبد السلام: قاموس اللسانيات، الدار العربية للكتاب، طرابلس، 1984.

المسيري، عبد الوهاب. الإنسان والحضارة، دار الهلال للنشر، القاهرة، ۲۰۰۲.

منی سبد عثمان بدر، وآخرون. العلاقة بين فلسفة التصميم وفلسفة القيم، مجلة العمارة والفنون، العدد ۷، مصر، ۲۰۱۷.

المهندس، كمال ومجدي وهبة: معجم المصطلحات العربية في اللغة والادب، مكتبة لبنان، بيروت،1979.

النعيم، مشاري عبد الله. سفر العمران، الدار الوطنية الجديدة للنشر والتوزيع، ط ا، الدمام، السعودية، ۲۰۱۰.

Bonta, Juan. Signs Symbole and Architecture, notes for a Theory of Meaning in Design, 1980.

Ching, Francis, D.k. Architecture: Form, Space, and Order, 2nd Edition, International Kindle Paperwhite, 1996.

Harries, Karsten. The Ethical Function of Architecture, the MIT Press, Cambridge, Massachusetts, U.K., 1997 .

Jenks, Charles . Signs ,Symbole and Architecture, The Architwcture Sign, John Wiley &Sons, 1980.

Pearsons, Michael Parker; Richard, Colin, Architecture and Order; Approach to Social Space, Ledge, London, 1997 .

Robertson, IAN, Sociology, Published by worth Publishers, Inc, New York. 1981.

  1. Rokeach, Milton. The Nature of Human Values, Free Press, New York. 1973.
  2. SANOFF, H. Community participation methods in design and planning, New York, Wiley. 2000.

Smocks, JJ, From Tradition to Modernity, Higher Education in an Era if Global change Education and society, Vol (16), No. (1), 1998.

  1. Stratton&Mannix, Julius Adams Startoon and Loretta H Mannzi, Mind ana Hand: The Birth of MIT, paul E Gray, the MIT press Cambridge, Massachusetts, London, England, 2005.
  2. Thomas, Fisher Architecture. Design and Ethics Tools for Survival, oxford, Ox28Dp, UK ,2008.
  3. Tran, Jennifer. Static Illusions, Architecture Identity, Meaning and History,Curtin University, 2011.
  4. What is Architecture Design Excelence, 2016 http://www.santarcrusifoordpecs.com

Wolman, B.B. Dictionary of Behavioral Science, London The Macmillan Press Ltd., 1975.

Zhini poh – Fluid architectyre, Questioning the validity of fluid Architecture as a sociatty progressive Matel Through Gase Studies, M.A. Architecture, University of Westminter, London, 2017.

الهوامش:

  1. الفيروز أبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب: قاموس المحيط، ط6، مؤسسة الرسالة، دمشق، 1998، ص1162. ↑
  2. علي سعد وطفة، علي شهاب: علم الاجتماع المدرسي، مجد المؤسسات الجامعية للدراسات، لبنان، 2004، ص41. ↑
  3. ابن منظور: لسان العرب، دار الحديث، القاهرة، 2003، ص464. ↑
  4. المهندس، كمال ومجدي وهبة: معجم المصطلحات العربية في اللغة والادب، مكتبة لبنان، بيروت،1979، ص167. ↑
  5. الفيروز ابادي: مصدر السابق، ص453. ↑
  6. المسدي، عبد السلام: قاموس اللسانيات، الدار العربية للكتاب، طرابلس، 1984، ص175. ↑
  7. ابن منظور: مصدر السابق، ص169. ↑
  8. البعلبكي، منير: قاموس المورد. إنكليزي عربي، دار العلم للملايين، بيروت، 1982، ص89. ↑
  9. عبد اللطيف محمد خليفة. ارتقاء القيم، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ابريل ۱۹۹۲، ص۳۰-۳۱. ↑
  10. التابعي، كمال والبهنساوي، ليلى. مصدر سابق، ص22. ↑
  11. محمد أحمد بيومي. علم الاجتماع والقيم، دار المعرفة الجامعية للطبع والنشر والتوزيع، مصر، ۱۹۹۰، ص۱5۸. ↑
  12. اللافي، جمال. منظومة القيم. مصدر سابق،2016. ↑
  13. Wolman, B.B. Dictionary of Behavioral Science, London The Macmillan Press Ltd., 1975.p. 81. ↑
  14. Rokeach, Milton. The Nature of Human Values, Free Press, New York. 1973, p:5-20. ↑
  15. الصائغ، لهيب علي. مصدر سابق، ص۱۷. ↑
  16. النعيم، مشاري عبد الله. سفر العمران، الدار الوطنية الجديدة للنشر والتوزيع، ط ا، الدمام، السعودية، ۲۰۱۰، ص ۱۱۹-۱۲۰ ↑
  17. الصائغ، لهيب. مصدر سابق، ص ۲۰. ↑
  18. Tran, Jennifer. Static Illusions, Architecture Identity, Meaning and History,Curtin University, 2011, p.9. ↑
  19. هرم ماسلو: هو مصطلح أطلق على النظرية التي ابتكرها عالم النفس الامريكي (ابراهام ماسلو) عام ١٩٤٣، التي تناقش ترتيب حاجات الإنسان ووصف الدوافع التي تحركه، وتم تمثيلها بشكل هرمي، بدءاً من الحاجات الفيسيولوجية ثم حاجات الأمان الحاجة للتقدير، وتقدير الذات والحاجات المعرفية والجمالية، وفحواها ان الإنسان يسعى لتحقيق حاجاته الأساس أولاً ثم يسعى لتحقيق حاجات ذات مستوى وطموح أعلى بالتدرج المصدر: صحيفة الخليج – http://alkhaleej.ae ↑
  20. Jeroen van den Hoven, 2015, p:271 ↑
  21. أحمد عبد الحليم عطية. مصدر سابق، ص ١٣٤. ↑
  22. رسلان، صلاح الدين. القيم في الأسلام بين الذاتية والموضوعية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، ١٩٩٠، ص ٣٥-٣٦. ↑
  23. النعيم، مشاري عبد الله. سفر العمران، مصدر سابق، ص ٥٤. ↑
  24. الإمام، علاء الدين كاظم. خطاب التصميم الداخلي وانعكاسه السلوكي في فضاء السلطة، مصدر سابق، ص ٤٨-٤٧. ↑
  25. ابراهيم جواد آل يوسف، وآخرون مصدر سابق، ص ١٦٠. ↑
  26. المالكي، قبيلة فارس. الهندسة والرياضيات في العمارة، دراسة في التناسب والمنظومات التناسبية، دار الصفاء للنشر، عمان، ۲۰۰۰، ص ۳۷۹-۳۸۱. ↑
  27. سارة ربيع. عقار له تاريخ، مكتبة الاسكندرية الجديدة، البناء بمبادئ الفلسفة، جريدة الشرق الأوسط، ٢٠١٥/١١/٨. ↑
  28. الخزرجي، جمال بن عمار. القيم الشخصية وكيفية اكتسابها، مدونة العلوم الإنسانية الإسلامية شبكة المعلومات الدولية ١٨٠ يناير ٢٠٠٨. ↑
  29. الحسيني اياد حسين عبد الله. فن التصميم، الفلسفة النظرية التطبيق، ج ۳، إصدار دائرة الثقافة والإعلام الشارقة، ۲۰۰۸، ص۲۰۸. ↑
  30. النعيم، مشاري عبد الله. سفر العمران. مصدر سابق، ص۱۲. ↑
  31. الإمام، علاء الدين كاظم. مصدر سابق، ۲۰۱۳، ص ۱۲۰. ↑
  32. محمود وحید محمود صيدم، مصدر سابق، ص ۳۷. ↑
  33. منی سبد عثمان بدر، وآخرون. العلاقة بين فلسفة التصميم وفلسفة القيم، مجلة العمارة والفنون، العدد ۷، مصر، ۲۰۱۷، ص ۳. ↑
  34. مدحت احمد سمرة. استخدام تقنيات المستقبل لتطوير فراغات التعليم المعماري في مصر، مجلة العمارة والفنون العدد العاشر مجلة العمارة والفنون العدد العاشر 10.12816/0044815: DOI، ص ٥٦٢-٥٦٣. ↑
  35. خالد محمود هيبة. العمارة المعاصرة والتكنولوجيا: رؤية نقدية مجلة جامعة أم القرى للهندسة والعمارة، المجلد 5 العدد 1، ٢٠١٣، ص ٦٥٥٩ ↑
  36. مدحت احمد سمرة. مصدر سابق، ص ٥٦٣. ↑
  37. خالد محمود هيبة. مصدر سابق، ص۵۹. ↑
  38. الجابري، محمد عابد، العقل الأخلاقي العربي دراسة تحليلية نقدية لنظم القيم في الثقافة العربية، سلسلة كتب. نقد العقل العربي، ج 4، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت. ۲۰۰۱ ، ص ٥٥ ↑
  39. Thomas, Fisher Architecture. Design and Ethics Tools for Survival, oxford, Ox28Dp, UK ,2008, p: 15-16. ↑
  40. محمود وحید محمود صيدم، مصدر سابق، ص ۳۷. ↑
  41. السالم خلود عبد الخالق والبغدادي عبد الصاحب ناجي. الحفاظ والارتقاء الحضاري، مؤسسة ثائر العصامي للنشر، بغداد، ۲۰۲۰، ص۲۰ ↑
  42. النعيم، مشاري، مصدر سابق، ص ٦٥. ↑
  43. Holm, Ivar. Op. Cit., 2006. ↑
  44. SANOFF, H. Community participation methods in design and planning, New York, Wiley. 2000. ↑
  45. Pearsons, Michael Parker; Richard, Colin, Architecture and Order; Approach to Social Space, Ledge, London, 1997 p.38-52 ↑
  46. Jeroen van den Hoven, and Others, Op. Cit, P 600-601. ↑
  47. Robertson, IAN, Sociology, Published by worth Publishers, Inc, New York. 1981, p. 13-51. ↑
  48. Smocks, JJ, From Tradition to Modernity, Higher Education in an Era if Global change Education and society, Vol (16), No. (1), 1998, p. 15-26. ↑
  49. المعموري، عبد الله سعدون سلمان، إنسانية العمارة العربية الإسلامية، مصدر سابق، ص۹. ↑
  50. Zhini poh – Fluid architectyre, Questioning the validity of fluid Architecture as a sociatty progressive Matel Through Gase Studies, M.A. Architecture, University of Westminter, London, 2017, p: 87. ↑
  51. Harries, Karsten. The Ethical Function of Architecture, the MIT Press, Cambridge, Massachusetts, U.K., 1997 p: 265. ↑
  52. الامام، علاء الدين كاظم منصور. القيم الجمالية بين البساطة والتعقيد في التصميم الداخلي، بحث منشور، مجلة كلية التربية الاساسية، المجلد ۲۰، العدد ۸٦، ۲۰۱٤، ص ۱۲۹-۱۳۲ ↑
  53. الغبان، باسم قاسم. مفاهيم عامة في فلسفة التصميم، ط ا، مكتب الفتح للطباعة والاستنساخ، بغداد، ۲۰۱۵، ص۱۲۷. ↑
  54. المسيري، عبد الوهاب. الإنسان والحضارة، دار الهلال للنشر، القاهرة، ۲۰۰۲، ص ٨. ↑
  55. الإمام، علاء الدين كاظم. بنية الشكل الجمالي في التصميم الداخلي، ط ا، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، الاردن، ۲۰۱٤، ص ٢٦. ↑
  56. Ching, Francis, D.k. Architecture: Form, Space, and Order, 2nd Edition, International Kindle Paperwhite, 1996, p.320-321. ↑
  57. Bonta, Juan. Signs Symbole and Architecture, notes for a Theory of Meaning in Design, 1980 ↑
  58. Jenks, Charles . Signs ,Symbole and Architecture, The Architwcture Sign, John Wiley &Sons, 1980, ↑
  59. Thomas Fisher, Op. Cit., p: 152-153. ↑
  60. الإمام، علاء الدين كاظم. مصدر سابق، ۲۰۱۳، ص ۹۳ ↑
  61. الحسيني، أياد. التصميم المستدام، مقالة منشورة، الموقع الرسمي للدكتور اياد الحسيني بتاريخ ٣١/ ٢٠٢٠/٥. ↑
  62. Stratton&Mannix, Julius Adams Startoon and Loretta H Mannzi, Mind ana Hand: The Birth of MIT, paul E Gray, the MIT press Cambridge, Massachusetts, London, England, 2005, P190-192. ↑
  63. رسول، هوشيار قادر. العمارة والتكنولوجيا دراسة تحليلية للفعل التكنولوجي في العمارة، اطروحة دكتوراه، قسم الهندسة المعمارية، كلية الهندسة، جامعة بعداد، ۲۰۰۳، ص۸. ↑
  64. عدي عباس عبود. التكنولوجيا بعداً قيمياً وأثرها في العمارة المعاصرة، أطروحة دكتوراه غير منشورة، الجامعة التكنولوجية، قسم هندسة العمارة، ۲۰۱٥، ص۲۰ ↑
  65. ابونا، روني سامي منصور، مصدر سابق، ص٦٧. ↑
  66. الحسيني، أياد. التصميم المستدام، مصدر سابق. ↑
  67. الحسيني، أياد. التصميم المستدام، مصدر سابق. ↑
  68. الحسيني، أياد. التصميم المستدام، مصدر سابق. ↑
  69. عدي عباس عبود، مصدر سابق، ص ۲۰ ↑
  70. عبد الله سعدون سلمان، مصدر سابق، ص١٥٧ ↑
  71. Bachelard, Op. Cit..p.47. ↑
  72. محمود وحید محمود صيدم. مصدر سابق، ص ٢٣-٢٥ ↑
  73. Harries, Karsten, Op. Cit. p. 290 ↑
  74. Harries, Karsten. Op. Cit, p: 269. ↑
  75. IBID, p: 290. ↑
  76. Louise, Pelletier & Alberto Perez_ gomez, Op. Cit , p: 209. ↑
  77. عبد الله سعدون سلمان & تقى محمود حميد، الخيال الأخلاقي في العمارة، المجلة العراقية للهندسة، المجلد (١٤)، العدد (۲)، ۲۰۱۹، ص ۱۸-۲۲. ↑
  78. Harries, Karsten, Ibid, p : 287_290. ↑
  79. IBID, p: 103 ↑
  80. Harries, Karsten, Ibid, p: 230. ↑
  81. What is Architecture Design Excelence, 2016 http://www.santarcrusifoordpecs.com ↑
  82. Thomas Fisher, Op. Cit., p: 17-18. ↑
  83. رحال عباسية، الحرية والسلطة السياسية في فلسفة سبينوا، رسالة ماجستير، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة وهران، الجزائر، ٢٠١٥، ص ٤٣. ↑
  84. رحال عباسية، مصدر سابق، ص ٤٣ ↑
  85. Louise Pelletier & Alberto Pirez_gomiz, Op. Cit, p: 178. ↑
  86. علي ثويني. المعماري محمد صالح مكية- تحليل للسيرة والفكر والمنجز، دار ميزوبوتاميا للنشر، بغداد، ۲۰۱۳، ص ١٣٤. ↑
  87. الحسيني، اياد حسین عبد الله. مصدر سابق ، ج ۱ ص۱۰۰. ↑
  88. الحسيني، اياد حسين عبد الله. مصدر سابق، ج ۲ ص ۲۱-۲۳ ↑
  89. هشام زامل حمدان– مدرس- تصميم صناعي- كلية الفنون التطبيقية

    صفية مهدي خليل– مدرس- تصميم حضري- كلية الفنون التطبيقية

    سهير ياسين احمد– مدرس مساعد- تصميم داخلي- كلية الفنون التطبيقية ↑

  90. سهير ياسين احمد– مدرس مساعد- تصميم داخلي- كلية الفنون التطبيقية

    انسام غني عبد الحسين– مدرس مساعد- تصميم داخلي- كلية الفنون التطبيقية ↑