انعقاد الاختصاص للمحاكم العراقية على أساس ضابط الجنسية

أنوار كاظم حسين العكيلي1

1 باحثة دكتوراه، بغداد، العراق.                  HNSJ, 2024, 5(5); https://doi.org/10.53796/hnsj55/15

تنزيل الملف                 تاريخ النشر: 01/05/2024م تاريخ القبول: 15/04/2024م

المستخلص

تعتبر مشكلة الاختصاص القضائي الدولي من المشاكل الجوهرية التي شغلت فكر العديد من الفقهاء والمفكرين في مجال القانون وذلك لتشعبها وارتباطها بالكثير من العناصر الوطنية والدولية.

وهناك العديد من الضوابط العامة والقواعد الموضوعية التي تسترشد بها مشرعو الدول عند وضعها لضوابط تحديد الاختصاص القضائي الدولي لمحاكمها الوطنية والقانون الواجب التطبيق. ولكن يبقى الأصل أن المشرع في كل دولة هو الذي ينفرد بوضع الضوابط التي يراها أكثر تماشيًا مع أهدافه السياسية والتشريعية والاجتماعية والتي تصبح بعد ذلك مرجعاً للكثير من القضايا المشابهة التي تتضمن عنصراً أجنبياً في حالة نزاع مع أحد مواطني الدولة.

هذه المسألة تتولى الإجابة عنها ما يسمى بقواعد تنازع الاختصاص القضائي الدولي والتي تقوم على مشكلة التزاحم عبر تحديدها للحالات التي سينعقد فيها اختصاص قضاء دولة القاضي إزاء غيرها من محاكم الدول الأخرى بالمنازعات المتضمنة عنصرًا أجنبيًا. وتتأتى أهمية مشكلة الاختصاص القضائي الدولي من وجود العنصر الأجنبي في العلاقات القانونية المؤدي إلى اختصاص أكثر من دولة بنظر ما قد ينشأ من نزاع بسبب تلك العلاقة، الأمر الذي يكون مدعاة لإثارة التساؤل عن معرفة المحكمة المختصة بنظرها. وعلى القاضي المرفوعة أمامه الدعوى الرجوع إلى ضوابط الاختصاص القضائي الدولي التي يحددها مشرعه الوطني وذلك نزولاً إلى الصفة الوضعية الداخلية التي تتميز بها قواعد الاختصاص القضائي الدولي على نحو يكفل تحقيق العدالة وتطبيق القانون.

واحترامًا لمبدأ السيادة لكل دولة لا يجوز أن يأتمر القاضي إلا بأوامر مشرعه الوطني ولاسيما عندما يتعلق الأمر بتحديد حالات اختصاص محاكمه الوطنية بنظر المنازعات ذات العنصر الأجنبي، وهذا يشكل مرتكزاً أساسياً عند البت في مسألة تحديد المحكمة المختصة بالنظر في النزاع. وقد أخذ المشرع الليبي بضابط الجنسية كضابط لاختصاص محاكمه، وقد تعرض هذا الأمر للانتقادات.

الكلمات المفتاحية: الاختصاص القضائي الدولي، الجنسية، منازعة دولية خاصة.

Research title

Iraqi courts have jurisdiction based on the nationality

Anwar Kazem Hussein Al-Ukaili1

1 PHD Student, Baghdad, Iraq.

HNSJ, 2024, 5(5); https://doi.org/10.53796/hnsj55/15

Published at 01/05/2024 Accepted at 15/04/2024

Abstract

The problem of international jurisdiction is one of the fundamental problems that has preoccupied the thinking of many scholars and intellectuals in the field of law in order to make it complex and relate to many national and international elements. There are many general controls and substantive rules that guide State legislators’ development of international jurisdiction controls for their national courts and applicable law. But the original remains that it is the legislature of each State that sets out the controls that it deems more in line with its political, legislative and social objectives and that then becomes the reference point for many similar cases involving a foreign element in the event of a dispute with a national of the State. This issue is answered by the so-called conflict-of-international-jurisdictional rules, which are based on the problem of congestion by identifying cases in which the jurisdiction of a judge’s State over other courts of a State would be compounded by disputes involving a foreign element. The importance of the problem of international jurisdiction stemmed from the presence of the foreign element in legal relations leading to the jurisdiction of more than one State to consider a dispute that might arise because of that relationship, which might raise the question of the competent court’s knowledge of its consideration. The judge before him shall revert to the rules of international jurisdiction established by his national legislation, in the light of the internal status of the rules of international jurisdiction so as to ensure justice and the application of the law. Respecting the principle of sovereignty of each State, a judge may only be ordered by his or her national legislator, particularly when it comes to determining the jurisdiction of his or her national courts to hear disputes of a foreign element, which is a fundamental basis in deciding the question of which court is competent to hear a dispute. The Libyan legislator had taken the citizenship officer as his court’s officer, which had been criticized.

Key Words: Jurisdiction competence, Nationality, Lawsuits International.

مقدمة:

الجنسية هي الرابطة القانونية والسياسية التي تجمع بين الفرد والدولة وهي المعيار الذي يمكن الفرد من المشاركة في حياة الدولة، سواء عند ممارسة الحقوق التي تمنح له بموجها أو التزامه بالواجبات التي تفرضها عليه، كما يمكنه من الاستفادة من حماية الدولة في سباق النزاعات الدولية، ولأن للجنسية بعدا سياسيا فهذا يسمح للدولة بمواصلة ممارسة سيادتها من خلال رعاياها في مواجهة الدول الأخرى[1].

وفي القانون الدولي الخاص تحتل الجنسية مكانة هامة منذ القدم، حيث تظهر أهميتها خاصة في مجال تنازع الاختصاص القضائي الدولي، فالكثير من التشريعات تضعها معياراً لثبوت الاختصاص القضائي الدولي لمحاكمها في النزاعات المشتملة على عنصر أجنبي، غير أن هذا المعيار أصبح لا يلبي الغرض من الارتكاز عليه في تحديد الاختصاص القضائي الدولي في القانون المعاصر، وأصبحنا أمام مشكلة ما يعرف بأزمة الجنسية ، والتي دفعت بكثير من التشريعات إلى الحد من دور الجنسية كضابط لتحديد الاختصاص القضائي الدولي في مجال القانون الدولي الخاص، بالتوازي مع ذلك تم تعزيز دور ضوابط ربط أخرى تجمع بين الشخص والدولة والتي تمثل بديلاً قوياً للجنسية.

ولا شك أن دراسة وتحليل أسباب التراجع في الاعتماد على ضابط الجنسية في تحديد الاختصاص القضائي الدولي يشكل أهمية بالغة في إعادة تقييم هذا الضابط. خاصة على مستوى التشريعات العربية ذات الخلفية الإسلامية، التي يلعب فيا ضابط الجنسية دورا محوريا في ضمان تطبيق القوانين التي تتخذ من الشريعة الإسلامية مصدرا لها. فالتعقيدات التي يطرحها استعمال ضابط الجنسية في تحديد الاختصاص القضائي الدولي. هي التي تؤدي إلى عدم ثقة بعض التشريعات تجاه معيار الجنسية، وإلى التشكيك في مستقبل معيار الجنسية في القانون الدولي الخاص، وتدعو إلى وضع تقييم جديد لهذا الضابط.

أهمية البحث:

تكتسب قواعد الاختصاص القضائي الصفة الوطنية باعتبارها من صنع المشرع الوطني الذي يرسمها ضمن هامش واسع من الحرية المعبرة عن سيادة الدولة واستقلالها مما يعني اختلاف تلك القواعد من دولة إلى أخرى من حيث المبدأ، إلا أن استقراء التشريعات الداخلية للعديد من الدول يشير حقيقة إلى وجود نوعٍ من المشاركة في الأسس والضوابط التي تقوم عليها تلك القواعد بحيث يمكن استخلاص أهم الضوابط الشائعة في مجال الاختصاص القضائي الدولي.

حيث تتوزع ما بين ضابط الجنسية وينعقد فيه الاختصاص لمحاكم الدولة التي ينتمي إليها المدعى عليه بجنسيته، أو ضابط موطن المدعى عليه، وغيرها من الضوابط، ويمثل ضابط الجنسية جانباً مهماً من هذه الضوابط، ويستند اختصاص المحاكم فيما يتعلق بالاختصاص القضائي الدولي بناء على هذا الضابط إلى اعتبار سياسي ممثلاً لفرض سيادة الدولة في مجال القانون الشخصي، وبعيدا عن معناها السياسي الوطني، فإن الجنسية هي بالفعل علامة على وجود رابطة تقارب بين كائن ودولة مؤداه أن من وظائف قضاء الدول إقامة العدل بين رعاياها، وعلى ذلك يجب أن تختص بالفصل في المنازعات التي يكون مواطنوها أطرافاً فيها حتى لو كان محل إقامتهم في الخارج، فثمثل الجنسية التي تربط بين الشخص والدولة جسرا لامتداد سيادة هذه الأخيرة خارج الحدود وتأكيداً لها، لأن القول بعكس ذلك يعني حرمان الوطنيين من التمتع بأحد الحقوق الأساسية المقررة لهم.

إشكالية البحث:

إن إتصال النزاع القضائي بعدة دول يجعل محاكم كل منهما مرشحة لتتمتع جميعها باختصاص قضائي حياله، وهذا يؤدي الى حصول تنازع الاختصاص القضائي الدولي، وضوابط الاختصاص هي التى ، ومن خلال هذا البحث سنعرض مدى فعالية ضابط الجنسية في تحديد الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم الوطنية؟

منهجية البحث:

للإجابة على الإشكالية الواردة أعلاه في هذا البحث رأينا إتباع المنهج التحليلي وذلك لتحليل النصوص القانونية بدراسة ضابط الجنسية كمعيار لثبوت الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم العراقية مع المقارنة بالتشريعات الأخرى.

وللإجابة على هذه الاشكالية يقتضي أولاً تحليل مضمون ضابط الجنسية كضابط إسناد في مجال الاختصاص القضائي الدولي وشروط إعماله في مطلب أول، ثم نعرض لإيجابيات وسلبيات ضابط الجنسية والحلول البديلة والمقترحة في مطلب ثاني، وذلك على النحو التالي:

المطلب الأول: مضمون ضابط الجنسية وشروط إعماله.

المطلب الثاني: إيجابيات وسلبيات ضابط الجنسية والحلول البديلة والمقترحة.

المطلب الأول

مضمون ضابط الجنسية وشروط إعماله

إن ضابط اختصاص محكمة الدولة التي ينتمي إليها المدعي عليه في جنسيته، أصبح من المبادئ التي لا يناقش ولا يجادل فيها أحد، متى توافرت الظروف والعناصر التي تحيط بالعلاقة محل الخصومة، وهذا المبدأ تبنته عدد كبير من التشريعات القانونية، المعنية بتنظيم العلاقات الخاصة المشوبة بعنصر أجنبي، ولكنها قررته على نحو مطلق، دون أن تقيده بقيود وظروف، رائدها الارتباط والعدالة، وفاعلية الحكم خارج حدود الدولة الإقليمية، وبالتالي حق لنا أن نجادل في مدى ملائمة إعمال هذا الضابط في كل الظروف والأحوال التي تقررها المعاملات الدولية، معنى ذلك أن الاعتبارات التي بُني عليها هذا الضابط قد توجد وقد تتخلف، ففي وجودها لا مساغ للاعتراض على منح الاختصاص للمحكمة التي ينتمي إليها المدعى عليه، ولكن ما الحكم فيما إذا تخلفت تلك الاعتبارات وكانت هناك محكمة أجنبية أخرى أكثر ارتباطاً بالدعوى، وحكمها سيكون أكثر فاعلية على مستوى التنفيذ، وكذلك متى كانت أموال المدعى عليه وموطنه في أراضيها وفي دائرة اختصاصها، فهل تبقى محكمة المدعى عليه هي المختصة، أم نبحث عن حلول قانونية في عقد الاختصاص للمحكمة التي توافرت معها تلك الاعتبارات، هذا هو التساؤل المطروح هنا، وحتى نصل إلى جواب له لابد من أن نستعرض أولاً التعريف بمصطلح الجنسية وبيان عناصرها وأنواعها في فرع أول، ثم نستعرض شروط غعمال ضابط الجنسية وفقاً للمواد القانونية في فرع ثان وذلك على النحو التالي:

الفرع الأول

مفهوم الجنسية وعناصرها وأنواعها

أولاً تعريف الجنسية:

ظل اصطلاح الجنسية خلال حقب طويلة من الزمن يطلق للتعبير عن رابطة اجتماعية مفادها انتماء الفرد إلى أمه معينة([2])، إلا أن الجنسية بمفهومها الحديث أصبح ينظر لها بوصفها رابطة سياسية وقانونية بمقتضاها ينتمي الفرد إلى دولة معينة وأن هذا المفهوم الحديث رغم ذلك لم يمنع من احتدام الجدل حول تعريفها من قبل جانب من الفقه كلٌّ بحسب الزاوية التي ينظر منها في إطار طبيعة العلاقة التي تربط الدولة برعاياها.

يعرف جانب من الفقه([3]) الجنسية بالنظر إلى الصلة التي تربط بين مانح الجنسية وهي الدولة ومتلقيها وهو الفرد فتعرف بأنها” الرابطة التي تربط الفرد بدولة معينة ” وهذا التعريف كما يرى جانب من الفقه أنه لا يبرز ما يترتب على هذه الرابطة من أثر متولد عن طبيعتها، وما إذا كان يتعين النظر إليها من وجهة شخصية وموضوعية.

وقد اهتم جانب من الفقه بطبيعتها وحدودها من زاوية موضوعية بحسبانها معياراً سياسياً يصل الفرد بدولة معينة، وقد انحازوا للاتجاه القائل بأن الجنسية من روابط القانون العام، وسندهم في ذلك أن الدولة بوصفها الإطار السياسي المستقل التي تنشئ الجنسية، والتي هي أداتها لتحديد أحد الأركان المكونة لها وهو ركن الشعب، بينما لحق جانب آخر من الفقه الجنسية بموضوعات القانون الخاص على اعتبار انها تعد صفة في الشخص وعنصراً من عناصر حالته القانونية إذ أـنها تؤثر على قدرته في التمتع بالحقوق السياسية وممارستها فتعرف الجنسية على أنها: رابط شخصي بين الفرد والدولة([4]).

وهناك اتجاه آخر في الفقه الحديث يذهب الى أن الجنسية ذات طبيعة مزدوجة أو مركبة فهي تقوم على اعتبارات سياسية وقانونية، إذ إنها أكبر من أن تنضم إلى أي من القانونين العام والخاص، وهو الرأي الراجح لدى الفقه، الذي يعرفها على أنها رابطة أو علاقة سياسية وقانونية تفيد معنى اندماج الفرد في شعب أو سكان الدولة([5]).

ونحن نتفق مع التعريف السابق فالجنسية تنطوي على اعتبارات سياسية من خلال كونها تضطلع بمهمة توزيع الأفراد عبر الدول ومن ثم فهي تحدد نصيب كل دولة من البشر، وبها يقسم العالم إلى مجموعة دول كل دولة تمتلك الحرية في تحديد شروط منح ورد وفقد جنسيتها بما لها من سلطان، وذلك لأن الجنسية تتعلق بسيادة الدولة طالما أنها تحدد أحد أركان الدولة ألا وهو ركن الشعب، وكونها رابطة قانونية لأنها تدخل كعنصر من عناصر الحالة القانونية للأفراد يتحدد بواسطتها نظامهم القانوني أي مالهم من حقوق وما عليهم من التزامات وواجبات، والقانون الواجب التطبيق والمحكمة المختصة .

بيد أن مسلك الفقهاء والكتاب في العراق هو ذاته مسلك غالبية الكتاب والفقهاء والتشريعات في الدول الأخرى من حيث اعتبار الجنسية رابطة قانونية وسياسية فهى بمثابة الرابطة القانونية والسياسية بين الفرد والدولة تنسب وترد كل فرد للدولة التي ينتمي إليها وتسبغ عليه صفة المواطن فيها وتنشأ عنها حقوق وواجبات متقابلة([6]).

ثانياً: عناصر الجنسية:

يرى بعض الفقهاء إن الجنسية تستند إلى ركنين أساسيين أو عنصرين وهما الدولة والفرد لذا يقصرون دراستهم لأركان الجنسية على هذين العنصرين فقط، أما البعض الآخر فيرى إن للجنسية ثلاثة أركان هي الدولة والفرد والعلاقة أو الرابطة بين الفرد والدولة. على اعتبار أن الجنسية هي علاقة قانونية يحدد القانون كيف تنشأ، وكيف تزول، والآثار المترتبة عليها، لكن هذه الرابطة القانونية تتميز عن غيرها من الروابط القانونية الأخرى بقيامها على اعتبارات سياسية واجتماعية، لأنها تقوم على فكرة الولاء للدولة وعلى توافر نوع من الصلة الروحية والاجتماعية بين الفرد والدولة([7]).

وبما أن الجنسية هي رابطة قانونية سياسية بين فرد ودولة ما، تجعل ذلك الشخص تابع لها ومنتسب إليها، أركان الجنسية ثلاثة هي الدولة والفرد والعلاقة القانونية السياسية التي تربط الفرد والدولة ووفقا لذلك سنوضح كل ركن على حدة على النحو التالي:

  1. الدولة

يبرز اشتقاق كلمة الدولة من اللغات الأوربية من عنصر الثبات والاستقرار وهي في الأساس كلمة لاتينية معناها “وضع “أو “حالة”. وأن أول من استعمل اصطلاح الدولة في هذا المعنى هو ميكافيلي في كتابه “الأمير” وذلك سنة 1515 حين قال “أن كل أشكال الحكم التي لها أو كان لها سلطة على البشر هي دولة سواء كانت على شكل جمهوريات أو إمارات” ([8]).

فإذا ما انبثقت الدولة في شكلها السياسي والقانوني عن سيادة الشعب وإرادته المستقلة الدائمة وشخصيته الدولية القائمة تبرز الجنسية للتعريف بعناصر الدولة وبالطابع الخاص في أفرادها من المواطنين الذين يتمتعون بصلتهم بالدولة وبعلاقتهم بها علاقة ركن مقوم لها بكل حرية واختيار .

ويتفق الفقه الراجح على أن الدولة دون غيرها من أشخاص القانون الدولي العام هي التي تمنح الجنسية وأساس ذلك إن الجنسية هي الأداة المستخدمة لتوزيع الأفراد من الوجهة الدولية، ولاشك إن الدولة هي الجهة الوحيدة التي تتولى القيام بهذا التوزيع وفقا للوضع الراهن للحقائق الوضعية السائدة في القانون الدولي العام ([9]) .

ولا يؤثر في الدولة أن تكون ناقصة السيادة حتى تستطيع منح جنسيتها الخاصة بها طالما احتفظت بشخصيتها الدولية كأن تكون خاضعة لنظام الحماية أو الوصاية الدولية (أو الانتداب في ظل عصبة الأمم) لذا نجد إن العراق قد أصدر أول قانون الجنسية رقم 42 لسنة 1924 أبان خضوعه للانتداب البريطاني وكذلك سوريا أصدرت أول قانون جنسية في عام 1925 أبان خضوعها للانتداب الفرنسي ([10]).

غير أنه إذا وصل نقصان السيادة حده فقدت معه الدولة شخصيتها القانونية كلية كما هو الحال بالنسبة للدول المستعمرة أو المضمومة كلية إلى دولة أخرى فإن الأفراد التابعين لهذه الأقاليم لا تثبت لهم جنسية مستقلة بل ينظر إليهم بوصفهم منتمين للدول التي تظم هذه الأقاليم([11]).

ولا يؤثر سلباً في حق الدولة بإنشاء جنسيتها ومنحها صغر مساحة إقليمها أو قلة عدد نفوسها فدولة الفاتيكان على الرغم من صغر مساحتها في مدينة روما بإيطاليا وقلة نفوسها تمتلك جنسية خاصة بها ولا يتجاوز من يحمل جنسيتها ثلاثة ألاف شخص، كما أنه ليس بالضرورة أن ينتمي شعب الدولة إلى قومية واحدة أو دين واحد أو جنس واحد أو يتكلم أفراده بلغة واحدة إذ من الصعب أن نجد شعبا نقيا من هذه النواحي ([12]).

  1. الفرد

الأفراد هم الأشخاص الطبيعيون الذين يعتبرون مادة الدولة وكيانها البشري وهم الذين يحملون طابعها الخاص وسماتها المميزة فرادى حتى تحمل كل وحدة فردية جنسيتها التي تشكل مجموعاتها أشخاص الدولة ويصبح كل من تربطه بالدولة رابطة سياسية قانونية وطنية ومن لا تربطه بها هذه الرابطة يكون أجنبياً([13]). فالجنسية مظهر من مظاهر الشخصية القانونية للفرد فبعد زوال نظام الرق الذي كان سائدة قديمة والذي يعد الرقيق موضوعا للقانون لا من أشخاصه ولا يعترف له بالشخصية القانونية ويحرمه ممارسة الحقوق العامة ومن حق التمتع بالجنسية، فكان يعامل معاملة الأشياء لا الأشخاص ([14]).

وأصبح لكل إنسان شخصيته القانونية لتلقي الحقوق وتحمل الالتزامات وبالتالي أصبح كل الأشخاص الطبيعيين هم في الأصل أهلا ليكونوا طرفا في رابطة الجنسية أي تكون لهم جنسية سواء أكانوا متمتعين بالأهلية أم غير متمتعين بها .

ومادامت الجنسية هي وسيلة لتوزيع الأفراد دولياً، لذا كان لكل فرد في المجتمع الدولي أن ينتمي إلى إحدى الدول وأن تكون له أهلية التمتع بجنسية ما، ولا يعني وجود بعض الأفراد ممن لم يتمتع بجنسية من الجنسيات أنه غير أهل للتمتع بإحداها .

وعليه أكد الفقه إن الطرف الثاني في رابطة الجنسية هو الفرد أو الشخص الطبيعي، والجنسية بهذا الشأن وصف يلحق الشخص الطبيعي لصفته الفردية وبناء على هذا لا يلحق وصف الجنسية مجموعات الأفراد فالأسرة مثلا لا تتمتع بجنسية ما لأن الوحدة التي يتكون منها عنصر السكان في الدولة هي من الوجهة القانونية الفرد وليست الأسرة ([15]).

وقد أصبح حق الجنسية من حقوق الإنسان المهمة والأساسية وهذا ما أكده نص المادة (15) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، حيث إن الإنسان بحسب هذا الحق يتحقق له نسب سياسي معلوم لدولة معينة تتكفل حمايته وضمان ما له من حقوق وتحديد ما عليه من التزامات فتكون الجنسية بالنسبة للفرد بمثابة حماية قانونية تجاه الأفراد والدول([16]).

وإذا كانت الجنسية تمنح للشخص الطبيعي فأن الأمر كان محل خلاف في الفقه بالنسبة للشخص المعنوي أو الاعتباري ، فقد أكدت أحكام القضاء تمتع الشخص المعنوي بالجنسية، ففي مصر قررت محكمة النقض عام 1946 بأن” الجنسية تعتبر من لوازم الشخص الاعتباري وأن كل شركة تجارية لابد لها من جنسية تحدد وصفها القانوني”([17]).

وكذلك معظم التشريعات الوضعية المعاصرة تستخدم في نصوصها تعبير جنسية الأشخاص الاعتبارية وان اختلفت في المعيار الذي على أساسه يتقرر إضفاء الصفة الوطنية على هذه الأشخاص كالقانون اللبناني للتجارة وقانون التجارة السوري وقانون الشركات العراقي النافذ لعام في 1997 في المادة 1/12 من الباب الأول والمادة 23 من الباب الثاني. وفي مجال جنسية الشركات وهي من أهم الأشخاص الاعتبارية تعرف التشريعات الوطنية نظامين رئيسيين أولهما إقامة الجنسية على أساس نظام المركز الرئيسي للشركة وأخذت بهذا النظام دول القارة الأوروبية، أما النظام الأخر يقوم على أساس إضفاء جنسية الدولة التي جرى فيها تأسيس الشركة وأخذت به الدول الأنجلوسكسونية([18]).

وعليه فان مفهوم الجنسية لا ينطبق على الشخص الطبيعي فحسب بل توسع ليشمل الشخص المعنوي كالشركات والجمعيات والأشياء كالبواخر والطائرات.

  1. علاقة قانونية وسياسية بين الفرد والدولة

إن ارتباط الفرد بدولة معينة عن طريق الجنسية تتوقف عليه جملة نتائج تتوزع بين الفرد والدولة وهي تتمثل في إن الفرد سيكون منسوبا سياسيا إلى دولة معينة له مركزا قانونيا في النظام القانوني لتلك الدولة فالجنسية هنا ستكون عنصرا من العناصر القانونية التي تدخل في الحالة الشخصية للفرد فتؤدي غرضا مزدوجا([19]).

فالجنسية باعتبارها رابطة قانونية تولد حقوق والتزامات متبادلة بين طرفي الجنسية فمن يتمتع بالجنسية يحصل على صفة “الوطنية وغيره تكون له الصفة “الأجنبية “فالدولة تسبغ على مواطنيها بامتيازات وحقوق تعتبر ضرورية لتحقيق مصالحها وإدامة كيانها([20]).

فالوطني يتميز عن الأجنبي في الحقوق والواجبات حيث يكون له التمتع بالحماية الدبلوماسية لدولته والتمتع بالحقوق العامة والخاصة كما يتمتع بحق عدم اتخاذ إجراء الإبعاد ضده، ويكون لهذه الرابطة أثرها الايجابي على الدولة إذ تفرض على الأفراد واجب الطاعة وعدم القيام بأي عمل من شانه الإضرار بأمنها وسلامتها وتلزمه كذلك بأداء التكاليف والأعباء العامة (كالخدمة العسكرية والضرائب العامة). كما أنها علاقة سياسية لقيامها على اعتبارات سياسية تضمن مواطنين صالحين يعملون لإعلاء كلمتها ونفوذ سلطانها. حيث يتمتع الفرد بموجبها بحماية الدولة لشخصه وأمواله والدفاع عن مصالحه داخل الدولة وخارجها وولاء الفرد للدولة يقوم على أساس رابطة روحية واجتماعية بينه وبين الدولة ([21]). وهى عند تنظيمها لموضوع الجنسية لا تستأذن الفرد في منع هذه الجنسية وإنما تأخذ بنظر الاعتبار مصالحها السياسية والاجتماعية في اكتساب الجنسية أو منحها أو فرضها. وعليه لابد من وجود رابطة قانونية سياسية بين الفرد والدولة لكي يتمتع الفرد بجنسية الدولة كالولادة أو الاقامة في إقليمها أو أداء خدمة نافعة لها أو الولادة لأحد مواطنيها([22]).

وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية العليا المصرية من إن الجنسية هي رابطة سياسية وقانونية تربط بين الفرد والدولة وذلك في حكمها المرقم (1946) الصادر في10/12/2000 الذي جاء فيه “إن الجنسية هي رابطة سياسية وقانونية تربط بين الفرد والدولة يتعهد بمقتضاها الفرد بالولاء وتتعهد الدولة بالحماية الجنسية بهذه المثابة هي التي يتحدد على أساسها الركن الأصيل لقيام الدولة إذ بها يتحدد الشعب”([23]).

ثالثا: أنواع الجنسية:

1- الجنسية الأصلية

يقصد بها تلك الجنسية التي تثبت للفرد منذ لحظة ميلاده وبعبارة أخرى هي جنسية الميلاد حيث إن عناصر ثبوتها تكتمل فور تحقق واقعة الميلاد، وتسمى أيضا بالجنسية الأصلية حملاً على أنها هي الجنسية التي يتمتع بها الفرد بالنظر إلى أصله العائلي أو الإقليمي ولعل هذا الاعتبار يفضل معه تسميتها “جنسية الأصل” كما يطلق عليها البعض “الجنسية الممنوحة أو الجنسية المفروضة” حملا على إن الدولة هي التي تمنحها للمولود أو قد تفرضها عليه عند ميلاده([24]).

وتتجه التشريعات بشكل عام إلى بناء الجنسية الأصلية على احد أساسين هما (حق الدم) و (حق الإقليم) وقد يتم الجمع بين الأساسين في بعض الأحوال. ويقصد بحق الدم ثبوت جنسية الدولة لكل من يولد لمواطنيها بغض النظر عن مكان الميلاد فهذا الحق يجعل جنسية الدولة تنتقل عبر الأجيال بشكل متتابع ويحفظ استمرارها من الأصول إلى الفروع الوحدة الأصل كما يصطلح بعض الفقهاء على هذه الجنسية بجنسية النسب ([25]).

والأصل الغالب في التشريعات العربية اعتدادها بحق الدم من جهة الأب حيث ينبغي أن يكون الولد شرعيا فالعبرة في جنسية الأب بتاريخ الولادة لا مكان الولادة وتعتبر هذه الصورة هي التي تنعقد بها الأولوية في سائر قوانين الجنسية العربية والأجنبية، وهذا ما أخذت به القوانين العربية كالكويتي رقم 15 لسنة 1959 والقانون الإماراتي لعام 1972 والقانون الجزائري لعام 1970 والقانون المغربي لعام (14) 1958([26]).

كما إن أغلب التشريعات تعترف بنقل الجنسية بحق الدم من جهة الأم ولكن بصفة ثانوية إذ تقرن هذا الحق بقيود وشروط كأن يكون الأب مجهول أو مجهول الجنسية أو عديم الجنسية.

ومن هذه القوانين قانون الجنسية الجزائرية لعام 1970 في المادة (6) والتي نصت على “يعتبر من الجنسية الجزائرية بالنسب 2- الولد المولود من أم جزائرية وأب مجهول 3- الولد المولود من أم جزائرية وأب عديم الجنسية” وكذلك قانون الجنسية التونسية لعام 1963 قانون الجنسية البحرينية لعام 1963([27]).

أما القلة من التشريعات فأنها تعتد بحق الدم من ناحية الأم كأساس في ثبوت الجنسية الأصلية وبدون قيد أو شرط تعبيرا عما ذهبت إليه المواثيق والاتفاقيات الدولية والتي تؤكد على مساواة المرأة بالرجل فيما يتعلق بمنح الجنسية للأطفال ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 واتفاقية الأمم المتحدة بشأن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 والتي نصت في المادة التاسعة فقرة (2) على “منح المرأة حقا متساوية لحق الرجل فيما تتعلق بجنسية أطفالها “. وقد أخذ بهذا الأساس التشريع الفرنسي في قانون الجنسية لعام 1973 “بأن يكون فرنسية كل مولود شرعية كان أو طبيعية متى كان احد والديه على الأقل فرنسية” ([28]). كما أن المشرع العراقي نص في المادة الثالثة فقرة أ من قانون الجنسية العراقي رقم 26 لسنة 2006 على أنه “يعتبر عراقيا: أ- من ولد لأب عراقي أو لأم عراقية.”([29]).

2- الجنسية المكتسبة

وهي الجنسية التي يكتسبها الفرد بعد الميلاد ولو كان الميلاد عام في كسبها([30])، ويصطلح عليها بالجنسية الطارئة أو الثانوية وسميت بالمكتسبة لأنها تكتسب لا تفرض وتسمى أيضا بالمختارة لأن الدولة تمنحها للشخص بناء على طلبه وموافقة السلطة المختصة ([31]).

وهي على نوعين:

الأولى : تسمى الجنسية المكتسبة المختارة وتمنح للشخص حال ولادته على إقليم الدولة وإقامته فيها حتى البلوغ بناء على طلبه دون اشتراط موافقة السلطة المختصة فيها فهي حق موصوف لا منحة تلتمس.

أما الثانية: فهي الجنسية الممنوحة التي تمنح للشخص بعد اكتمال اهليته واقامته في الدولة المدة المحددة وفق قانون دولته مع تقديمه طلبا وموافقة السلطة المختصة فهي منحة تلتمس لا حق موصوفاً.

ومن خصائص الجنسية المكتسبة أنها ليست الجنسية الأولى للفرد وهي جنسية لاحقة للميلاد كما أنها طارئة وليست عادية وأنها مختارة بإرادة طالبها وليست مفروضة وأنها ممنوحة من قبل الدولة ([32]).

الفرع الثاني

شروط إعمال ضابط الجنسية وفقاً للمواد القانونية

من خلال استقراء النصوص القانونية في المادة 14 من القانون المدني العراقي، لإعمال ضابط الجنسية في مجال الإختصاص القضائي الدولي، شرطين نعرض لهما خلال الفرعين التاليين:

أولاً: أن يكون المدعى أو المدعى عليه وطنياً:

منح المشرع العراقي الاختصاص للقضاء الوطني وذلك في حالة إذا كان المدعي عليه أو المدعى احدهما أو كليهما ليبياً حيث تنص المادة 14 من القانون المدني العراقي على أنه (يقاضى العراقي أمام محاكم العراق عما ترتب في ذمته من حقوق حتى ما نشا منها في الخارج).

وبالتالي ينعقد الاختصاص للمحكام العراقية إذا كان المدعى عليه عراقي سواء أكان شخص طبيعي أم معنوي وسواء أكان المدعي أجنبي أم عراقي وسواء نشا موضوع النزاع داخل العراق أم خارجه، ويقضي لانعقاد الاختصاص هنا أن تكون الدعوى متعلقة بالتزامات شخصية ناشئة عن حقوق مدنية أم تجارية أو متعلقة بأحوال شخصية، ويكون اختصاص المحاكم العراقية فيها جوازياً لا وجوبياً.

وفي التشريعات المقارنة نجد أنه في مصر قد حدد الباب الأول فى قانون المرافعات المدنية والتجارية والمعنون ب “الاختصاص الدولى للمحاكم” ، اختصاصات المحاكم فى مباشرة الدعاوى القضائية سواء كانت مرفعة ضد مواطن مصرى أو مواطن اجنبى.

وتنص المادة 28 على أن “تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التى ترفع على المصرى ولو لم يكن له موطن أو محل اقامة فى الجمهورية، وذلك فيما عدا الدعاوى العقارية المتعلقة بعقار واقع فى الخارج “.

وبالتالي تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعوى التي ترفع على المصري ولو لم يكن له موطن أو محل إقامة في الجمهورية وذلك فيما عدا الدعوى العقارية المتعلقة بعقار واقع بالخارج ” ويبدو من هذا النص أن المشرع قد أخذ بضابط جنسية المدعي عليه لعقد الاختصاص للمحاكم المصرية .

وعن مبررات القاعدة وتقييم هذه المبررات، يمكننا القول بأن المشرع المصري اعتد بضابط جنسية المدعي عليه لعقد الاختصاص للمحاكم المصرية على فكرة السيادة حيث يعد اختصاص المحاكم بالنسبة للوطنيين تعبيرا عن السيادة الشخصية للدولة وقد اكدت المذكرة الايضاحية لمشروع قانون المرافعات هذه الفكرة حيث جاء بها أن ولاية القضاء

وإن كانت إقليمية في الأصل بالنسبة للوطنين والاجانب إلا أنها شخصية بالنسبة للأولين فتشملهم ولو كانوا متوطنين أو مقيمين خارج إقليم دولتهم .

ونفس الأمر في القانون الفرنسي وذلك وفق المادة 14 و 15 من القانون المدني الفرنسي.

وبذلك نجد تأثر المشرع العراقي وكذلك المشرع المصري عند اعتناقه لجنسية المدعي عليه كضابط ينعقد وفقاً له الاختصاص الدولي للمحاكم المصرية بنهج المشرع الفرنسي حين عقد الاختصاص للمحاكم الفرنسية متى كان المدعي عليه فرنسيا إعمالا للنص المادة 15 من التقنين المدني الفرنسي وقد استندت تلك المادة في حينه إلى مبررات ترتكز على اعتبار القضاء مرفقا خاصاً بالوطنيين وعلى عدم الثقة في كفاءة قضاء الدول الأجنبية وعدالة أحكامه، وهي اعتبارات نراها من جانبنا لا تتفق مع حاجة العلاقات ذات الطابع الدولي في المجتمع الدولي الحديث .

ويتم الاعتداد بجنسية المدعي عليه وقت رفع الدعوى لتحديد اختصاص المحاكم العراقية فإذا كان عراقياً وقت رفع الدعوى انعقد الاختصاص للمحاكم الليبية وتظل هذه المحاكم مختصة حتى ولو غير المدعي عليه جنسية بعد رفع الدعوى باعتبار أن للمدعي حقا مكتسبا في استمرار نظر الدعوى .

ثانياً: أن يكون موضوع النزاع تنفيذ التزامات تعاقدية:

وفقاً للنصوص القانونية يتبين أن الدعاوى التى تشتمل على الالتزامات التعاقدية يتم الاحتكام لمعيار أو إمتياز الجنسية، وإن كان القضاء لايتقيد يهذه الدعاوى فقط([33]).

ويلاحظ أنه لم يلتزم القضاء الفرنسي بهذا التفسير حسب نصوص مواد 14 ، 15 من القانون المدني الفرنسي وتم تعميم تطبيقهما على جميع الالتزامات ، سواء كانت الالتزامات تعاقدية أو غير تعاقدية ، بل وطبقهما حتى على الدعاوى الغير مالية ، باعتبار أن الامتياز المقرر في هاتين المادتين مبني على الجنسية وليس على طبيعة النزاع فقصره بالتالي على الالتزامات التعاقدية دون غيرها ليس له ما يبرر .

ولم يستثني القضاء الفرنسي من هذا التعميم التطبيق إلا الدعاوى العينية العقارية ، والدعاوى المتعلقة بطرق التنفيذ المعمول بها في الخارج ، ويبرر هذا الاستثناء في كون المادتين متعلقتين بسيادة الدولة الأجنبية مما يجعل الأحكام الصادرة بشأنها في الخارج لا تنفذ فيها.

وفي مصر استثنى المشرع من اختصاص المحاكم المصرية القائم على جنسية المدعي عليه الدعاوى العقارية المتعلقة بعقار واقع في الخارج فهذه الدعوى لا تختص بها المحاكم المصرية ولو كان المدعي عليه مصري الجنسية ويدخل في نطاق هذا الاستثناء ثلاثة أنواع من الدعاوى([34]):

الأولى: الدعاوى العينية العقارية، وهي التي تهدف إلى حماية حق عيني عقاري كحق الملكية وحق الانتفاع بالنسبة لعقار موجود في الخارج .

والنوع الثاني من هذه الدعاوى هو: الدعاوى الشخصية العقارية وهي التي ترفع بناء على التزام شخص بنقل حق عيني على عقار يكون الهدف منها تقرير هذا الحق العيني في مواجهة من يلتزم بنقله ومن امثلة هذه الدعاوى التي يرفعها المشتري للعقار بعقد غير مسجل طالبا فيها الحكم على البائع بصحة التعاقد واعتبار الحكم ناقلا للملكية من وقت تسجيل صحيفة الدعوى .

أما النوع الثالث فهي الدعاوى المختلطة: ومثالها الدعوى التي يرفعها المشتري بعقد مسجل يطالب فيها تسليمه العقار المبيع اليه ودعوى البائع على المشتري بفسخ عقد البيع ورد العقار إليه .

وعليه وجب أن يشمل اختصاص المحاكم العراقية على جميع الدعاوى التي يكون المدعى أو المدعى عليه عراقياً جزء منها، سواء كانت دعاوى شخصية أو أحوال عينية، في ما يتعلق بالأحوال الشخصية كدعوى بطلان الزواج أو التطليق أو بنفقة زوجية أو بنفقة مطلقة أو بثبوت النسب، فالاختصاص القائم على الجنسية العراقية للمدعى عليه هو أمر ثابت، وهو ما نصت عليه م/14 مدني عراقي، فيكفي ان يكون في الدعوى ذات العنصر الاجنبي مدعى عليه عراقي طبيعيا كان ام معنويا. اما اساس هذا الاختصاص فهو سيادة الدولة على رعاياها وهو تطبيق للمبدأ الذي يقضي بان المدعي يسعى الى المدعى عليه في محكمته لان الاصل براءة ذمة المدعى عليه.

ويرد على هذا الضابط استثناء واحد هو الدعوى المتعلقة بعقار واقع في خارج العراق،إذ تخرج من اختصاص المحاكم العراقية ولو كان المدعى عليه عراقي الجنسية.

المطلب الثاني

ايجابيات وسلبيات ضابط الجنسية والحلول البديلة والمقترحة

يمثل تحديد مجال تطبيق قاعدة القانون باستعمال ضابط الجنسية رمزاً لفرض سيادة الدولة في مجال القانون الشخصي، وبعيداً عن معناها السياسي الوطني، فإن الجنسية هي بالفعل علامة على وجود رابطة تقارب بين إنسان ودولة، ولهذا السبب في مجال الاختصاص القضائي الدولي ومن أجل إقامة روابط قرب حقيقية بين النزاع والقضاء المختص يتم استعمال ضابط الجنسية([35]) حيث يمثل الشعور بالهوية أحد أهم الأسباب الدافعة لاستعمال هذا الضابط، ولكون هذا الأخير يشكل كذلك معيارا عاما يسمح بربط مختلف النزاعات بمحاكم الدولة في مجال الاختصاص القضائي.

وفي ضوء ذلك تنازع الأمر فريقان، بين مؤيد ومعارض لإعتماد ضابط الجنسية كمعيار لثبوت الإختصاص القضائي الدولي وفيما يلي سنسرد لآراء كل فريق ثم نعرض للحلول البديلة والمقترحة لهذه الإشكالية على النحو التالي:

الفرع الأول

إيجابيات ضابط الجنسية

تتمثل إيجابيات ضابط الجنسية فيما يلي:

  1. الجنسية والشعور بالهوية في تحديد الاختصاص القضائي الدولي

إن افتراض استعمال ضابط الجنسية في مجال القانون الدولي الخاص كرمز لبسط سيادة الدولة يرجع لعدة أسباب، فالجنسية هي الوسيلة التي بها تحدد الدولة أفراد شعبها ومن ثم يكون لها سيادة واختصاص قانوني عليهم، يتمثل في الاختصاص التشريعي والاختصاص القضائي، ويتجسد ذلك في إطار العلاقات الدولية الخاصة في تطبيق قانون الدولة تطبيقاً شخصياً على الأفراد أينما ذهبوا([36])، وفي هذا الإطار تمثل الجنسية التي تربط بين الشخص والدولة جسراً لامتداد سيادة هذه الأخيرة خارج الحدود وتأكيدا لها([37]).

وإن كان بسط سيادة الدولة يبرر استعمال ضابط الجنسية في مجال الاختصاص الدولي، فهو يضمن كذلك خاصة في مسائل الأحوال الشخصية مبدأ الاستدامة والاستقرار لهذه الأخيرة. هذا المبدأ يجد له جذوراً في التاريخ، حيث يعتبر الفقيه “مانشيني” أن القانون وضع للأشخاص ولذلك يجب أن يتبع القانون الشخص أينما كان، ما يهم أيضاً في تبرير استعمال ضابط الجنسية هو مبدأ اليقين القانوني الذي يضمنه استعمال ضابط الجنسية في تحديد الاختصاص الدولي، إضافة إلى حماية الغير ضد المخاطر التي يسببها تغيير الجنسية، حيث يسمح استعمال هذا الضابط احترام الهوية الثقافية والدينية للأفراد من خلال تطبيق قانون الدولة التي ينتمي إليها الأفراد بجنسيتهم فالأفراد دائما وأينما كانوا يحرصون على تطبيق الأحكام القانونية التي تتوافق مع معتقداتهم الدينية هذه الأحكام لن يجدوها إلا في قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم([38])، فالقاعدة الخاصة بالميراث مثلا: للذكر مثل حظ الأُنثَيَيْنِ، تطبق فقط في الدولة ذات الخلفية الإسلامية، وتطبيق هذه القاعدة بالنسبة للمسلم المقيم في الدول الغربية لن يتحقق إلا إذا تم تطبيق الجنسية كمعيار للاختصاص، لأن ربط الاختصاص بضوابط أخرى كضابط الموطن مثلاً سيؤدي إلى تطبيق قانون الدولة التي يقيم فيها المسلم وهذه القوانين لا تعترف بالقاعدة الخاصة بالميراث([39]).

إن الشعور بالهوية الذي يبرر احترام الهوية الثقافية والدينية للأفراد من خلال الاعتماد على معيار الجنسية في تحديد الاختصاص الدولي، يظهر من خلال طبيعة الجنسية في حد ذاتها. صحيح أن الجنسية رابطة سياسية وقانونية تربط الفرد بوحدة سياسية وهي الدولة، إلا أن وراء هاتين الصفتين فكرة اجتماعية أو ما يعرف “بالجنسية الاجتماعية”، وفي هذا السباق تذكَّر بأن الجنسية هي ترجمة اصطلاحية للكلمة الفرنسية nationalité التي تجد أصلها في كلمة nation والتي تعني الأمة، فالجانب الاجتماعي في الجنسية يمثل الأساس الذي تقوم عليه الجنسية، حيث ينظر إلى الجنسية بأنها علاقة تقوم على أساس الشعور القومي الذي يجسد فكرة الشعور برابطة عائلية روحية بين الأفراد والدولة، ولذلك فإن احترام هوية الأفراد الثقافية والدينية تصبح مسألة في غاية الأهمية، تبرر بشكل واضح ربط الاختصاص بالجنسية، من خلال الاعتماد على الجنسية كمعيار عام في تحديد الاختصاص القضائي الدولي الذي سيسمح بربط مختلف النزاعات التي يكون الوطنيون طرفاً فيها بمحاكم الدولة([40])، وهذا ما سنبينه تباعاً.

  1. الجنسية كمعيار عام في تحديد الاختصاص القضائي الدولي:

ينظر إلى ضابط الجنسية على أنه يصلح كمعيار عام في تحديد الاختصاص القضائي الدولي لكل المنازعات، وتبرير ربط الجنسية بالاختصاص القضائي الدولي يرجع إلى عدة أسباب، فالجنسية عنصر أساسي في حالة الشخص، وبالجنسية تتحدد سيادة الدولة، كما أن لها أهمية خاصة في تعريف الشخص، وبالتالي لا عجب أن تؤدي بالنتيجة إلى اختصاص القاضي الوطني، كذلك فإن سعي الدول إلى إقامة العدل بين رعاياها مهما اختلفت أماكن تواجدهم سواء داخل الدولة أو في الخارج، يتطلب أن تختص المحاكم الوطنية بكل النزاعات التي يكون أحد أطرافها وطنيا([41]).

استخدام ضابط الجنسية في تحديد الاختصاص القضائي تمليه أيضا اعتبارات عملية. فتقرير اختصاص المحاكم الوطنية بشأن المنازعات التي يكون أحد أطرافها من رعايا الدولة يهدف إلى التيسير على هؤلاء في إيجاد محكمة يقاضون فيها المدعى عليه عندما يتعذر عليهم ذلك في البلدان الأجنبية، وهذا يضمن الحماية القضائية التي توفرها الدولة لمواطنها. كما أن هناك من يرى أن أداء العدالة يمثل مصلحة عامة تجعل محاكم الدولة التي يتبع لها الشخص مختصة لتحقيق هذه المصلحة. تقرير ضابط الجنسية في مسائل الاختصاص القضائي يبرره أيضا منح امتياز التقاضي للمواطنين، حيث يمنح المتقاضي الوطني دون الأخذ بعين الاعتبار مكان تواجده امتياز اللجوء إلى المحاكم الوطنية سواء كان مدعياً أو مدعى عليه في المنازعات التي يكون أحد أطرافها أجنبياً، وهنا يعبر مبدأ امتياز التقاضي على رابطة الولاء التي تجمع بين الشخص والدولة والتي تبرر تمتع المواطنين بهذه الحماية الاستثنائية، ومصلحة الدولة الخاصة في حماية مواطنيها([42]).

من بين الاعتبارات العملية أيضاً التي تبرر استخدام ضابط الجنسية كمعيار لتحديد الاختصاص القضائي للمحاكم الوطنية هو احترام مبدأ تلافي إنكار العدالة([43])، فقد يتحقق إنكار العدالة حين يحرم الوطني من اللجوء إلى القضاء في بلد أجنبي، بينما لا يستطيع رفع دعواه أمام قضائه الوطني لعدة أسباب، كما يمكن أن يتحقق إنكار العدالة بإصدار أحكام ظالمة في حق الأجنبي تحت تأثير النزعة العدائية ضد الأجانب، وبصفة عامة فإن إنكار العدالة يتحقق عند عدم قدرة الأفراد الأجانب على الحصول على حقوقهم من قضاء الدول الأجنبية وقضاء الدولة التي يتبعونها بجنسيتهم لهذا ولتلافي إنكار العدالة يتم تقرير الاختصاص القضائي الدولي على أساس جنسية الوطني سواء كان مدعيا أو مدعى عليه([44]).

في الأخير يمكن القول أن الإيجابيات التي تسمح بالاعتماد على ضابط الجنسية في تحديد الاختصاص القضائي هي مبررات كافية مع ذلك فهي غير حاسمة بسبب التعقيدات التي يطرحها هذا الضابط، هذا ما سنبينه في الفرع الثاني.

الفرع الثاني

سلبيات ضابط الجنسية والحلول البديلة والمقترحة

يعترض ضابط الجنسية صعوبات حقيقية عند عملية تحديد الاختصاص القضائي الدولي هذه الصعوبات تدعونا إلى إمكانية التخلي عن هذا الضابط في تحديد الاختصاص القضائي الدولي واستبداله بضوابط أخرى أكثر مرونة، وفيما يلي سوف نعرض لهذه السلبيات في فرع أول، ثم نعرض للحلول والبدائل المقترحة في فرع ثان وذلك على النحو التالي:

أولاً: سلبيات ضابط الجنسية

رغم أن ضابط الجنسية يعد من بين الضوابط التي تسمح بربط حقيقي وواقعي بين النزاع والمحاكم الأكثر ملائمة للفصل في النزاع، إلا أن تطبيقه يخلق بعض الصعوبات تتركز خاصة في عدم ملائمة فكرة إمتياز التقاضي التي يؤسس عليها هذا الضابط في كثير من الأحيان واصطدامه بمشكلة تعدد الجنسيات التي تؤدي إلى حلول غير مرغوب فيها عند تطبيقه

  1. عدم ملائمة فكرة امتياز التقاضي:

تعد قاعدة امتياز التقاضي التي تستعملها الكثير من الدول من بين أهم القواعد التي تبرر ربط الاختصاص القضائي بالجنسية، لكننا نلاحظ كيف أن هذا الامتياز ينافس قاعدة الدعوى ترفع أمام محكمة المدعى عليه، فالأصل براءة ذمة المدعى عليه، والمدعي الذي يرفع دعواه يدعي فيها حقاً تجاه آخر عليه أن يطلبه في محكمة المدعى عليه وليس في محكمة الدولة التي يتبعها المدعي بجنسيته ([45]).

قاعدة “الدعوى ترفع أمام محكمة المدعى عليه” يتم تجاوزها باستعمال قاعدة امتياز التقاضي التي تسمح للمدعي والمدعى عليه اللذان يحملان جنسية دولة ما من المطالبة باختصاص محاكم هذه الدولة حتى لو كان النزاع لا يرتبط بروابط وثيقة مع هذه المحاكم غير أن استعمال هذا الامتياز في ظل عدم وجود روابط وثيقة مع محاكم الدولة، سيعيق تنفيذ الحكم الصادر بموجبه، فالمحاكم الوطنية التي تصدر حكماً في نزاع اختصت به بموجب قاعدة امتياز التقاضي سيتم رفض تنفيذه في الدولة التي من المفروض أن لها الاختصاص الأصيل والحقيقي بهذا النزاع، وهنا يظهر أن هذا الاختصاص يكتسي طابعاً غير مألوف([46]).

الانتقادات العديدة الموجهة للقضاء الفرنسي بخصوص تطبيق فكرة امتياز التقاضي والآثار غير المألوفة التي تحدثها جعلته يتخلى عن الصرامة التي كان يطبقها بخصوص هذه القاعدة، ففي إحدى القرارات التي أصدرها القضاء الفرنسي أكد على أن المادة 15 من القانون المدني الفرنسي تنص على اختصاص قضائي اختياري وليس حصري للولاية القضائية الفرنسية، وأن هذا الاختصاص لا يمكنه استبعاد الاختصاص غير المباشر لمحكمة أجنبية مادام أن النزاع يرتبط بطريقة مميزة وواضحة بالدولة التي فصل قضاؤها فيه، وأن اللجوء إلى هذا القضاء لم يكن احتيالياً. وهكذا قرر الاجتهاد القضائي الفرنسي بأنه إذا كان النزاع يرتبط بصفة واضحة بالمحكمة الأجنبية (موطن الأطراف موجود هناك. الأموال موجودة هناك …) فإن مجرد كون أحد الأطراف فرنسي الجنسية لا يجب أن يغير أي شيء بخصوص الاختصاص الموضوعي للقاضي الأجنبي. وتحليل قاعدة امتياز التقاضي والانتقادات الموجهة إلها يثبت بأن تطبيق هذه القاعدة ينطلق من دم الثقة في القضاء الأجنبي، لكن الحقيقة أن قاعدة امتياز التقاضي تضر بمصالح المواط أكثر مما تخدمهم خاصة أولئك المقيمين في الخارج الذين يجدون أنفسهم في بعض الحالات مجبرين للعودة لأوطانهم من أجل التقاضي عندما ترفع الدعوى ضدهم وهذا سيكون له تأثير عليهم خاصة من الناحية المادية، وقد لاحظنا كيف كانت هذه الانتقادات من بين أهم الأسباب التي أدت إلى التخلي عن هذا الامتياز في القانون الدولي الخاص لبعض الدول مثل تونس([47]).

  1. صعوبة تطبيق ضابط الجنسية عند تعدد الجنسيات:

اعتماد الجنسية كضابط لتحديد الاختصاص القضائي الدولي قد يخلق جملة من الصعوبات، كأن يكون أحد أطراف العلاقة القانونية عديم الجنسية، أو أنه غير جنسيته ما بين نشوء العلاقة القانونية ووقت النزاع بشأنها. وإن كانت هذه الصعوبات يمكن تجاوزها بوضع حلول مناسبة لها، منها استبدال معيار الجنسية بضابط الموطن أو محل الإقامة عندما يكون الشخص لا يحمل أي جنسية، هذا هو الحال مثلا في تنازع القوانين، حيث تنص مثلا المادة 12 من الاتفاقية الخاصة بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية على أنه “تخضع الأحوال الشخصية لعديم الجنسية لقانون بلد موطنه، أو لقانون بلد إقامته إذا لم يكن له موطن”. وتحديد وقت الاعتداد بالجنسية لحل مشكلة التنازع المتحرك عند تغير الجنسية ما بين نشوء العلاقة القانونية ووقت النزاع بشأنها([48]).

غير أن المشكلة الأكثر تعقيداً هي مشكلة تعدد جنسيات الشخص الواحد التي تبرز كاحدى المشكلات الأكثر تأثرا، حيث يطرح السؤال كيف يمكن للقاضي، تطبق قاعدة الاختصاص التي تعتمد على الجنسية في تحديد الاختصاص القضائي الدولي عندما يكون أحد طرفي العلاقة القانونية أو كلاهما يحمل أكثر من جنسية واحدة.

مشكلة تعدد الجنسيات يتم حلها مبدئيا باستعمال معيار الجنسية الفعلية أو كما يسميها البعض بالجنسية الحقيقية، وهي تعني أنه بالنسبة للشخص المتعدد الجنسيات يجب اعتماد الجنسية الأكثر واقعية والتي يعيش في كنفها الشخص قانوناً وواقعاً، واستعمل هذا المعيار لكي يكفل الأمن القانوني للأفراد، وعندما تكون إحدى جنسيات الشخص المتعدد الجنسيات هي جنسية القاضي فإن على القاضي معاملة هذا الشخص معاملة الوطنيين دون الاعتداد بالجنسية الثانية على أساس أنه لا توجد هنا مفاضلة بين الجنسية الوطنية والجنسية الأجنبية، مع ذلك فإن استعمال معيار الجنسية الفعلية يبدو أنه عادة ما يكون غير دقيق لعدم وجود مفهوم خاص به على المستوى الدولي. فكل دولة تفسر هذا المفهوم حسب ما تعتمده من محددات([49]).

وعدم الدقة التي يتميز بها مبدأ الجنسية الحقيقية الذي يعتمد على تطبيق فكرة الجنسية الفعلية عندما لا تكون جنسية القاضي هي إحدى جنسيات الأطراف المتنازعة، والأخذ بجنسية القاضي في الحالة العكسية جعل هذا المبدأ مرفوضاً من طرف القضاء، فقد أكدت محكمة العدل الأوروبية في حكم صادر لها سنة 16 جويلية 2009 بشأن قضية حدادي Hadadi Meko”([50])، على أن مفهوم الجنسية الفعلية ينطوي على مفهوم غير دقيق مما يتوجب رفض استخدام هذا المبدأ. عدم كفاية الحل الذي يعتمد على تطبيق مبدأ الجنسية الحقيقية لتجاوز مشكلة تعددالجنسيات أثناء تطبيق معيار الجنسية كضابط للاختصاص القضائي الدولي، وعدم ملائمة فكرة امتياز التقاضي التي تعتمد على ضابط الجنسية في تقرير الاختصاص للمحاكم الوطنية دفعت البعض إلى التفكير في إمكانية التخلي عن استعمال هذا الضابط في تحديد الاختصاص القضائي الدولي والبحث عن معايير أخرى أكثر ملائمة، وهذا ما سنبينه في العرض الموالي.

ثانياً: الحلول البديلة والمقترحة

تعترض استخدام ضابط الجنسية بالنسبة للاختصاص القضائي عديد من الصعوبات والتي تتركز في عدم ملائمة امتياز التقاضي وتعدد الجنسيات، مما أدى إلى التفكير في إمكانية التخلي عن هذا الضابط.

يرى البعض أن إمكانية التخلي عن هذا الضابط بشكل عام جد منطقية لصالح ضوابط أخرى أكثر تعبيرا على ارتباط النزاع بالمحكمة الفاصلة فيه([51]) ، حيث يرتكز هذا الطرح على ضرورة إسناد النزاع للمحكمة الأكثر ملائمة لحل النزاع، هذ هو الحال مثلا عندما يتعلق الأمر بنزاع بين زوجين حول تغيير إقامة طفل يحمل جنسية دولة ما لكنه لا يرتبط بها حيث يعيش في دولة أخرى ويزاول دراسته هناك ويتفن لغتها، فيكون الاختصاص لصالح الدولة التي يتوطن بها لأن قاضيها هو الأنسب لمعرفة ظروف معيشة الطفل وإمكانية تغيير إقامته([52]). ورغم قوة هذا الطرح إلا أن الواقع يبين أنه يمكن الاحتفاظ بجنسية المتقاضين كضابط موضوعي للاختصاص في مسائل الأحوال الشخصية، هذه المسألة تبررها اعتبارات معينة تتمثل في أن فكرة امتياز التقاضي ليست غير ملائمة بشكل مطلق كما يرى البعض. كما أن هناك رابطة قوية بين الجنسية والأحوال الشخصية تسمح بالاحتفاظ بالجنسية كمعيار للاختصاص.

فبشكل عام فإن فكرة امتياز التقاضي التي يتم انتقادها تظل باقية وتبدو طبيعية تماما لأن القانون الدولي العام يمنح الدول الاختصاص العام على مواطنيها من خلال الوظيفة القضائية، فالقاضي يمثل شكلا من أشكال سيادة الدولة وهذا هو السبب في أنه يجوز ربط ممارسة السلطة القضائية بمعيار الجنسية، مما يؤدي إلى اختصاص المحاكم الوطنية إذا كان أحد الطرفين وطنيا، التخلي عن ضابط الجنسية بسبب فكرة امتياز التقاضي لا يبدو ملحاء وإنما يجب فقط التطبيق السليم لفكرة امتياز التقاضي، حيث يجب عدم الاعتداد بحصرية والزامية قاعدة امتياز التقاضي بشكل مطلق في كل النزاعات كما أن هذه الحصرية والإلزامية لا يجب الاعتداد بها إلا في الحالة التي يطلب فيها صاحب هذا الحق الامتياز، حيث لا يمكن اعتبار الدعوى التي يخضع عملها لإرادة الفرد على أنها مظهر من مظاهر السيادة، ويظهر هنا أن الهدف المنشود من تقرير قاعدة امتياز التقاضي هو حماية الدولة لمواطنيها بدلاً من مقاضاتهم أمام محاكمها، وإذا رأى المتقاضون الوطنيون أن مصالحهم يمكن أن يوفرها لهم التقاضي أمام محاكم أجنبية، فلن يكون هناك اعتداء على سيادة الدول([53]).

كل ما قلناه سابقا تؤكده إحدى قرارات القضاء الفرنسي حيث أصدرت محكمة باريس في 24 مايو 1983 بشأن نزاع يتعلق بإجراءات الطلاق يحمل طرفاه الجنسية الجزائرية قرارا يقضي بقبول الدفع بالإحالة لوحدة الموضوع لصالح المحاكم الجزائرية. حيث قررت المحكمة بأن المحاكم الجزائرية هي المحاكم الأكثر قدرة وملائمة للفصل في النزاع بسبب الجنسية الجزائرية للأطراف المتنازعة عندما يتعلق الأمر بمسائل الأحوال الشخصية‘([54]) إن نصوص اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي تؤكد أيضا طرحنا المتعلق بالاحتفاظ بضابط الجنسية كرابط للاختصاص القضائي الدولي، حيث تنص في المادة 26 منها على أن ضابط الجنسية هو الضابط الذي على أساسه يتقرر الاختصاص القضائي في مسائل الأحوال الشخصية، في حين تخضع في المادة 28 منها الاختصاص في غير مسائل الأحوال الشخصية إلى ضوابط أخرى (موطن مكان وقوع الفعل الاتفاق على الاختصاص)، كذلك الاتفاقية المعقودة بين دول اتحاد المغرب العربي التي تنص في المادة 34 الفقرة “ز” منها على أنه: “في غير الأمور المنصوص عليها في المادة السابقة تعتبر محاكم الطرف المتعاقد مختصة في الحالات التالية …. إذا تعلقت الدعوى بالأهلية أو الأحوال الشخصية لمواطني الطرف المتعاقد المنتسبين إليه بجنسيتهم وقت رفع الدعوى. الحجج التي قدمناها أنفاً تبين بأن استبدال ضابط الجنسية بضوابط أخرى خاصة في مسائل الأحوال الشخصية يمكن أن يؤدي إلى أوضاع غير مرغوب فيها، فمثلا استبدال ضابط الجنسية بضابط الموطن سيؤدي إلى نشوء وضع مستحيل بالنسبة للمهاجرين الذين سيجبرون على التخلي عن قانونهم الوطني لصالح قانون موطنهم الذي لا يتوافق وثقافتهم الأصلية وعقائدهم الدينية مثل ما هو الحال بالنسبة للمسلمين في البلدان غير الإسلامية، لذلك فإن ربط الأحوال الشخصية بضابط الجنسية في تحديد الاختصاص القضائي الدولي يفرضه مفهوما أكثر تحفظاً بخصوص العلاقات الزوجية، حيث تفرض الدول التي تعتنق هذا المفهوم الإختصاص المباشر على المنازعات التى يكون أحد طرفيها وطنياً، لأنها تطبق غير قانونها عندما يتعلق الأمر بالأحوال الشخصية([55]).

ومن جانبنا نرى أنه بعد العرض المتقدم نجد أن عدم كفاية ضابط الجنسية في مجال الاختصاص القضائي الدولي فضلاً عن كونه يعالج حالات معينة من الاختصاص، معيارها هو كون أحد الطرفين (المدعي أو المدعى عليه) عراقياً، متأثراً بالقانون الفرنسي (المادتان 14 و15 مدني)، وهنا نستفسر لماذا القانون الفرنسي ذكره في القانون المدني وليس في قانون الإجراءات ؟ إن لذلك حكمة توخاها المشرع الفرنسي.

وفيما عدا مسألة الالتزامات التعاقدية، لا توجد معايير أخرى لاختصاص في الدعاوى الشخصية المتعلقة بمسائل أخرى كالأحوال الشخصية، وما أكثر المنازعات بشأنها، بالنظر لحجم الجالية العراقية في الخارج، وشيوع ظاهرة الزواج المختلط بين العراقيين والأجانب، ويكون القضاء العراقي مدعو للفصل في المنازعات المطروحة، سواء إذا رفعت الدعوى مباشرة أمام المحاكم العراقية أو بمناسبة طلب تنفيذ الأحكام القضائية الأجنبية في العراق. وكذلك بالنسبة للدعاوى العينية والمختلطة. فما هو الحل حينئذ؟

وللإجابة عن ذلك نرى أنه مادام مشكل وضع قواعد واضحة وكافية لاختصاص القضاء العراقي دولياً ما يزال مطروحاً. وبالتالي فالحلول البديلة تتمثل فيما يلي:

1ــــ بداية يتعين تطبيق قواعد القانون الاتفاقي العراقي المحددة لمعايير تنازع الاختصاص القضائي- إن وجدت- ولو أن هذا المعيار استثنائي ومجال إعماله مشروط بوجود نص اتفاقي.

2ـــ ترسيخ اجتهاد قضائي عراقي، بأحكام مبدئية متواترة، يوسع من اختصاصه بالنسبة للمنازعات الدولية ذات الصلة بالنظام القانوني العراقي دون التقيد بجنسية الطرفين، وفي المقابل التخلي عن الاختصاص لصالح قضاء أجنبي إذا كان النزاع يمس في عناصره الموضوعية دولة أجنبية، وذلك بالمراعاة لمبدأ قوة نفاذ الأحكام القضائية.

ولذلك نرى أن القضاء العراقي مدعو اليوم للتكفل بهذه المهمة لسد هذا الفراغ التشريعي. وما دام موضوع معايير الاختصاص القضائي الدولي يهم كل الغرف على مستوى المحكمة العليا خاصة. بوصفها قاطرة الإجتهاد القضائي في مسائل القانون الخاص لتوحيد العمل القضائي، فالمفروض أن تكون القواعد المبدئية الموحدة التي يسطرها صادرة عن دوائرها مجتمعة لتفادي التضارب والإختلاف في مواقف الدوائر منفردة في هذا الشأن.

خاتمــــة

يهدف القانون الدولي الخاص عند تحديد قواعد الاختصاص القضائي الدولي إلى البحث عن الرابطة التى تسمح بربط النزاع بالمحاكم التى فيه بما يتوافق مع مركز ثقل العلاقة القانونية . هذا سيضمن وضع طريق يؤدي إلى حلول عادلة للنزاع. في هذا السياق يبرز ضابط الجنسية كمعيار هام يؤدي هذا الدور. غير أن تطبيق هذا الضابط تواجهه العديد من الصعوبات جعلت بعض التشريعات تتجه إلى اعتماد ضوابط أخرى أكثر مرونة، ودراسة هذه الصعوبات وتحليلها سمحت لنا بإجراء تقييم خاص بضابط الجنسية، ومن هنا توصلنا إلى النتائج والتوصيات التالية:

  1. إن لضابط الجنسية دور بارز في مجال القانون الدولي الخاص بصفة عامة، وفي مجال الاختصاص القضائي الدولي بصفة خاصة. لاسيما إذا تعلق الأمر بتنازع الاختصاص القضائي الدولي في مسائل الزواج المختلط، حيث يمكن لأحد الزوجين مباشرة دعواه أمام محكمة جنسيته باعتبارها محكمة جنسية المدعى، أو أمام محكمة جنسية المدعي عليه برغم وجود كثير من المثالب تجاه هذا المعيار.
  2. نظراً لزيادة الإشكاليات المتعلقة بتنازع الاختصاص القضائي في مسألة الجرائم والنزاعات الالكترونية والمعلوماتية والتى شهدت تطوراً كبيراً أصبح الاستناذ لضابط الجنسية وحدة لا يكفي لحل هذا التنازع.
  3. اتضح أن المشرع العراقي لم يعالج حالة ازدواج الجنسية للمواطن العراقي المقصود بالضابط محل الدراسة.
  4. زيادة التعاون الدولي لإيجاد الحلول لإشكاليات تنازع الاختصاص القضائي الدولي خاصة في ظل انتشار وإتساع منازعات الانترنت.
  5. نظراً للصعوبة البالغة في تحديد جنسية الأطراف في العقود الالكترونية المبرمرة عن طريق الانترنت سواء للشخص الطبيعى أو الاعتباري، وذلك للخصوصية التي تتمتع بها هذه العقود، مما يحد من فعالية ضابط الجنسية في المنازعات الالكترونية، لذا نوصي بضرورة وجود حل تشريعي يعالج هذه الإشكالية
  6. ترسيخ اجتهاد قضائي عراقي، بأحكام مبدئية متواترة، يوسع من اختصاصه بالنسبة للمنازعات الدولية ذات الصلة بالنظام القانوني الليبي دون التقيد بجنسية الطرفين، وفي المقابل التخلي عن الاختصاص لصالح قضاء أجنبي إذا كان النزاع يمس في عناصره الموضوعية دولة أجنبية، وذلك بالمراعاة لمبدأ قوة نفاذ الأحكام القضائية.

قائمة المراجع والمصادر

  • إبراهيم عبد الباقي: الجنسية في القوانين دول المغرب العربي الكبير (دراسة مقارنة) معهد البحوث والدراسات العربية ، مطبعة الجبلاوي ، تونس 1971.
  • أحمد عبدالكريم سلامة: فقه المرافعات المدنية الدولية، دار النهضة العربية للنشر، القاهرة، 2000.
  • أشرف شعث: القانون الواجب التطبيق على متعددي الجنسية وإشكالياته، مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، جامعة الجفرة، المجلد العاشر، العدد الثاني، 2017.
  • باتيفول ولاجارد: المطول في القانون الدولي الخاص، ط2، المؤسسة الجامعية للطبع والنشر والتوزيع، بيروت، 1993.
  • زينب وحيد دحام ود. محمد وحيد دحام: الحق في الجنسية والتجريد منها، ط1، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة: 2013.
  • جابر إبراهيم الراوي: شرح أحكام الجنسية في القانون الأردني (دراسة مقارنة)، الدار العربية للتوزيع والنشر، عمان: بدون سنة طبع.
  • حامد سلطان: القانون الدولي العام في وقت السلم، دار النهضة العربية، القاهرة، 1976.
  • حسن الهداوي، غالب الداوودي: القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين ونتازع الإختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية، القسم الثاني الطبعة الأولى، مطابع مديرية دار الكتب للنشر والتوزيع، الموصل، 1988.
  • حفيظة السيد حداد: الموجز في القانون القضائي الخاص الدولي، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2007.
  • النظرية العامة في القانون القضائي الخاص الدولي، الكتاب الثاني، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2011.
  • سعيد يوسف البستاني: الجنسية القومية في تشريعات الدول العربية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2003.
  • سمية كمال: تطبيق قانون القاضي على المنازعات الدولية الخاصة، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، الجزائر، 2015-2016.
  • شمس الدين الوكيل: الجنسية ومركز الأجانب، ط2، منشأة المعارف بالإسكندرية: 1960.
  • عباس العبودي: شرح أحكام قانون الجنسية العراقية رقم 26 لسنة 2006 والموطن ومركز الأجانب، ط1، مكتبة السنهوري، بغداد، 2012.
  • عباس زبون العبودي: تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية، دراسة مقارنة طبقاً لأحكام القانون الدولي الخاص وأحكام القانون العراقي، مكتبة السنهوري، بغداد، 2015.
  • عبد الرسول الأسدي: الجنسية والعلاقات الدولية، الطبعة الثانية، منشورات زين الحقوقية، لبنان، 2011.
  • عكاشة محمد عبد العال : الوسيط في أحكام الجنسية (دراسة مقارنة)، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2002. الإتجاهات الحديثة في حل مشكلة تنازع الجنسيات، دار الجامعة الجديدة للطبع والنشر، الأسكندرية، 1996.
  • عكاشة محمد عبد العال: القانون الدولي الخاص (الجنسية المصرية، تنازع الاختصاص القضائي، تنفيذ الأحكام الأجنبية)، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية: 1996.
  • غالب على الداودي: القانون الدولي الخاص، الجنسية، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان 2011.
  • مازن ليلو ماضي: اليقين القانوني من خلال الوضوح وسهولة الوصول إلى القانون، مجلة العلوم القانونية، العدد 34، 2019.
  • مبروك بن موسى: شرح المجلة التونسية للقانون الدولي الخاص، دار الميزان للنشر، تونس، 2003.
  • مجدي محمود محب حافظ: موسوعة أحكام المحكمة الإدارية العليا في خمسين عام من عام 1955 حتى عام 2005، ج 3، دار محمود للنشر والتوزيع، القاهرة: 2007-2008.
  • محمد الروبي: الجنسية ومركز الأجانب في القانون المقارن ، دار النهضة العربية،2005.
  • محمد السيد عرفة: القانون الدولي الخاص، ط1، دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع، المنصورة، 2013
  • محمد كمال فهمي: أصول القانون الدولي الخاص، ط2، مؤسسة الثقافة الجامعية، الأسكندرية، 2006.
  • محمد المبروك اللافي: القانون الدولي الخاص الليبي، الجنسية ومركز الأجانب، منشورات الجامعة المفتوحة، 1993.
  • ممدوح عبد الكريم حافظ: القانون الدولي الخاص وفق القانونين العراقي والمقارن، ط2، دار الحرية للطباعة بغداد، 1977.
  • موحند إسعاد: القانون الدولي الخاص، القواعد المادية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1989.
  • نبيلة عيساوى: خصوصية منازعات الجنسية الجزائرية، مجلة العلوم القانونية والسياسية، المجلد الـ 12، العدد 2، سبتمبر، 2012.
  • هشام خالد: أهم مشكلات قانون الجنسية العربي، منشأة المعارف بالإسكندرية: 2006.
  • هشام علي صادق: الجنسية والموطن ومركز الأجانب، المجلد الأول ، منشأة المعارف، الأسكندرية، 1977.

: تنازع الاختصاص القضائي الدولي، دار المطبوعات الجامعية، القاهرة، 2001.

: دروس في القانون الدولي الخاص، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت: 1983 .

  • وسام توفيق عبدالله الكتبي: اعتبارات العدالة في تحديد الإختصاص القضائي الدولي، دار الجامعة الجديدة، الأسكندرية، 2011.

الهوامش:

  1. () عكاشة محمد عبد العال : الوسيط في أحكام الجنسية (دراسة مقارنة) ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت، 2002، ص 21-22، عبد الرسول الأسدي: الجنسية والعلاقات الدولية، الطبعة الثانية، منشورات زين الحقوقية، لبنان، 2011. ، ص14.
  2. () د. عبد الرسول الأسدي: الجنسية والعلاقات الدولية، مرجع سابق، ص14، محمد الروبي: الجنسية ومركز الأجانب في القانون المقارن ، دار النهضة العربية ،2005، ص2.
  3. () د. عكاشة محمد عبد العال : الوسيط في أحكام الجنسية (دراسة مقارنة) ، مرجع سابق، ص 21-22.
  4. () د. هشام علي صادق: الجنسية والموطن ومركز الأجانب ، المجلد الأول ، منشأة المعارف ، الأسكندرية، 1977، ص39.
  5. () د. محمد كمال فهمي: أصول القانون الدولي الخاص، ط2، مؤسسة الثقافة الجامعية، الأسكندرية، 2006، ص71.
  6. () د. عباس زبون العبودي: تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية، دراسة مقارنة طبقاً لأحكام القانون الدولي الخاص وأحكام القانون العراقي، مكتبة السنهوري، بغداد، 2015، ص287.
  7. () محمد السيد عرفة. القانون الدولي الخاص، ط1، دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع، المنصورة، 2013 ، ص30.
  8. () كما عرف الدولة ” الدكتور حامد سلطان الدولة هي جمع من الناس، من الجنسين معا، يعيش على سبيل الاستقرار على إقليم معين محدود، ويدين بالولاء لسلطة حاكمة لها السيادة على الإقليم وعلى أفراد هذا المجتمع”. حامد سلطان: القانون الدولي العام في وقت السلم، دار النهضة العربية، القاهرة: 1976، ص 255، محمد المبروك اللافي: القانون الدولي الخاص الليبي، منشورات الجامعة المفتوحة، 1993.، ص71.
  9. () د. هشام علي صادق: دروس في القانون الدولي الخاص، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت: 1983 ، ص23. د. غالب علي الداودي: القانون الدولي الخاص، الجنسية، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان 2011، ص17.
  10. () د. حسن الهداوي وغالب الداودي. القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص32.
  11. () د. عكاشة محمد عبد العال. القانون الدولي الخاص (الجنسية المصرية، تنازع الاختصاص القضائي، تنفيذ الأحكام الأجنبية)، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية: 1996، ص31.
  12. () د. حسن الهداوي ، د. غالب الداوودي : القانون الدولي الخاص ، تنازع القوانين ونتازع الإختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية، القسم الثاني الطبعة الأولى، مطابع مديرية دار الكتب للنشر والتوزيع، الموصل، 1988، ص18.
  13. () د. إبراهيم عبد الباقي: الجنسية في القوانين دول المغرب العربي الكبير ( دراسة مقارنة ) معهد البحوث والدراسات العربية ، مطبعة الجبلاوي ، تونس 1971 ، ص136
  14. () د. سعيد يوسف البستاني: الجنسية القومية في تشريعات الدول العربية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت: 2003 ، ص98.
  15. () د. حفيظة السيد الحداد: الموجز في القانون القضائي الخاص الدولي، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2007، ص49.
  16. () د. عبد الرسول عبد الرضا الأسدي: مرجع سابق، ص23
  17. () محمد السيد عرفة: مرجع سابق، ص35.
  18. () د. سعيد يوسف البستاني: مرجع سابق، ص102
  19. () د. عبد الرسول عبد الرضا الاسدي. مرجع سابق، ص 26.
  20. () د. ممدوح عبد الكريم حافظ. القانون الدولي الخاص وفق القانونين العراقي والمقارن، ط2، دار الحرية للطباعة بغداد: 1977 ، ص35.
  21. () د. إبراهيم عبد الباقي: مرجع سابق، ص139.
  22. () د. عباس العبودي: شرح أحكام قانون الجنسية العراقية رقم 26 لسنة 2006 والموطن ومركز الأجانب (دراسة مقارنة في نطاق القانون الدولي الخاص)، ط1، مكتبة السنهوري، بغداد: 2012، ص 41.
  23. () د. مجدي محمود محب حافظ: موسوعة أحكام المحكمة الإدارية العليا في خمسين عام من عام 1955 حتى عام 2005، ج 3، دار محمود للنشر والتوزيع، القاهرة: 2007-2008، ص1397.
  24. () د. محمد اللافي: الوجيز في القانون الدولي الخاص الليبي، مرجع سابق، ص98.
  25. () د. هشام خالد: أهم مشكلات قانون الجنسية العربي، منشأة المعارف بالإسكندرية: 2006، ص94، د. جابر إبراهيم الراوي: شرح أحكام الجنسية في القانون الأردني (دراسة مقارنة)، الدار العربية للتوزيع والنشر، عمان: بدون سنة طبع، ص4.
  26. () سعيد يوسف البستاني: مرجع سابق، ص102
  27. () د. غالب الداودي: مرجع سابق، ص70.
  28. () د. زينب وحيد دحام ود. محمد وحيد دحام: الحق في الجنسية والتجريد منها، ط1، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة: 2013، ص26.
  29. () راجع نص المادة الثالثة من قانون الجنسية العراقي رقم 26 لسنة 2006.
  30. () عرفت الجنسية المكتسبة بهذا التعريف من قبل محكمة القضاء الإداري المصري بموجب حكمها الصادر في فبراير/ 1956. نقلا عن د. شمس الدين الوكيل: الجنسية ومركز الأجانب، ط2، منشأة المعارف بالإسكندرية: 1960 ، ص92.
  31. () د. عباس العبودي: شرح أحكام قانون الجنسية العراقية ، مرجع سابق ، ص78.
  32. () د. عبد الرسول عبد الرضا الأسدي: القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص56.
  33. ()سمية كمال: تطبيق قانون القاضي على المنازعات الدولية الخاصة، أطروحة لنيل درجة الدكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، الجزائر، 2015-2016.، ص73.
  34. () راجع نص المادة 29 من قانون المرافعات المصري.
  35. (). د. هشام صادق: تنازع الاختصاص القضائي الدولي، دار المطبوعات الجامعية، القاهرة، 2001 ، ص73.
  36. () د.عبد الرسول الأسدي: الجنسية والعلاقات الدولية، مرجع سابق، ص41.
  37. () د. أحمد عبدالكريم سلامة: فقه المرافعات المدنية الدولية، دار النهضة العربية للنشر، القاهرة، 2000.، ص106.
  38. () د. مازن ليلو ماضي: اليقين القانوني من خلال الوضوح وسهولة الوصول إلى القانون، مجلة العلوم القانونية، العدد 34، 2019، ص80.
  39. () د. عبد الرسول الأسدي: الجنسية والعلاقات الدولية، مرجع سابق، ص43.
  40. () د. عز الدين عبدالله: القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص124.
  41. () د. عبد الرسول الأسدي: الجنسية والعلاقات الدولية، مرجع سابق، ص222.
  42. () د. أحمد عبدالكريم سلامة: فقه المرافعات المدنية الدولية، مرجع سابق، ص105.
  43. () د. حفيظة السيد حداد: النظرية العامة في القانون القضائي الخاص الدولي، الكتاب الثاني، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2011، ص114.
  44. () د. وسام توفيق عبدالله الكتبي: اعتبارات العدالة في تحديد الإختصاص القضائي الدولي، دار الجامعة الجديدة، الأسكندرية، 2011، ص174.
  45. () د. أحمد عبدالكريم سلامة: فقه المرافعات المدنية الدولية، مرجع سابق، ص 114.
  46. ()د. موحند إسعاد: القانون الدولي الخاص، القواعد المادية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1989، ص33.
  47. () د. مبروك بن موسى: شرح المجلة التونسية للقانون الدولي الخاص، دار الميزان للنشر، تونس، 2003، ص127.
  48. () د. عبدالرسول الأسدى: الجنسية والعلاقات الدولية، مرجع سابق، ص269.
  49. () د. عبدالرسول الأسدى: المرجع السابق، ص269.
  50. () د. عكاشة محمد عبد العال: الإتجاهات الحديثة في حل مشكلة تنازع الجنسيات، دار الجامعة الجديدة للطبع والنشر، الأسكندرية، 1996، ص61.
  51. () باتيفول ولاجارد: المطول في القانون الدولي الخاص، ط2، المؤسسة الجامعية للطبع والنشر والتوزيع، بيروت، 1993، ص85.
  52. () د. عكاشة محمد عبد العال: الإتجاهات الحديثة في حل مشكلة تنازع الجنسيات، مرجع سابق، ص64.
  53. () د. عباس العبودي: تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية، مرجع سابق، ص281.
  54. () مشار إليه في مقال: د. نبيلة عيساوى: خصوصية منازعات الجنسية الجزائرية، مجلة العلوم القانونية والسياسية، المجلد الـ 12، العدد 2، سبتمبر، 2012، ص407.
  55. () أشرف شعث: القانون الواجب التطبيق على متعددي الجنسية وإشكالياته، مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، جامعة الجفرة، المجلد العاشر، العدد الثاني، 2017، ص440.