الإسهامات الطبيّة لأهل الذمة بإفريقية خلال العهدين الأغلبي والفاطمي

وسام حامدي1

1 جامعة سوسة، تونس

بريد الكتروني: Hamdi.histoire@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(5); https://doi.org/10.53796/hnsj55/22

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/05/2024م تاريخ القبول: 15/04/2024م

المستخلص

تحاول هذه الورقة البحثيّة تسليط الضوء على الإسهامات الطبيّة لأهل الذمة بإفريقية خلال الهدين الأغلبي والفاطمي عبر الوقوف على دور هذه الفئة في تطور العلوم الطبيّة منذ القرون الأولى للإسلام خاصة في العهد الأموي وبشكل أكبر وأعمق خلال العهد العباسي، إذ احتل أطبّاء أهل الذمة مكانة علميّة مرموقة داخل المجتمع الإسلامي منذ الفترات الأولى – ورغم أهميّة البحث في ذلك- إلا أنّ هذا البحث سيركز بصفة أشمل على دورهم في تطور العلوم العقليّة بإفريقية منذ أواسط القرن الثالث الهجري إلى النصف الثاني من القرن الرابع عبر التركيز على تقديم تراجم لهؤلاء مع ذكر أهم مؤلفاتهم ومساهماتهم العلميّة ودورها في تنوع المعارف وتشيّد الأسس الأولى للمنظومة الطبيّة بإفريقية خلال العهد الوسيط.

Research title

The medical majorities of the dhimmis were unanimously approved by the Ghalibid and Fatimid covenants

Wissem Hamdi1

1 University of Sousse, Tunisia

Email: Hamdi.histoire@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(5); https://doi.org/10.53796/hnsj55/22

Published at 01/05/2024 Accepted at 15/04/2024

Abstract

This paper seeks to shed light on the medical contributions of the dhimmis in Ifriqiya during the Aghlabid and the Fatimid eras. It aims to put into view the important role of this category in the advancement and progress of the medical sciences since the first centuries of Islam notably through the Umayyad era and in the Abbasid era, to a greater extent, where dhimmi doctors occupied a prominent scientific position in Islamic society since its early times. Although many studies have centred on this topic, this research will largely focus on their role in the development of cognitive sciences in Ifriqiya starting in the middle of the third century AH to the second half of the fourth century by presenting the biographies of these people, highlighting their most important works and scientific contributions as well as their roles on the diversity of knowledge and setting up the primary foundations of the medical system in Ifriqiya during the Middle Ages.

مقدمة:

من المعلوم أنّ السلطة السياسية بإفريقية خلال العهدين الأغلبي والفاطمي أظلّت تحت حكمها مجموعة من الرعايا غير المسلمين الذين يطلق عليهم أهل الذمة ويعتبرون أحد مكونات المجتمع. هذه الفئة ورغم أهميتها لم تحظ بالدراسة والبحث العميق من طرف المؤرخين خاصة في الجانب الثقافي والعلمي وجلّ الأبحاث ركزت على جوانب أخرى: فقهية، اجتماعية، اقتصادية … بالأساس وظلت الحياة الفكرية والطبية الحلقة المفقودة رغم أهميتها، لذلك ارتأينا أن نخصّص هذا البحث لدراسة جوانب أخرى تركز بالأساس على الحياة الطبيّة كفرع من فروع المعرفة العلمية والثقافية ومحاولة إبراز دور هذه الأقليات الدينية في إشعاع العلوم العقلية داخل إفريقية وخارجها .

ومن هذا المنطلق جاء هذا البحث الموسوم ب” الإسهامات الطبيّة لأهل الذمة خلال العهدين الأغلبي والفاطمي” من أجل إلقاء الضوء على بعض الجوانب الثقافية لهؤلاء خاصة في مجال العلوم العقلية وذلك رغبة في التعرف أكثر على دور هذه الفئة في الحياة الطبيّة بإفريقية والوقوف على دورها في نشر العلوم التجريبية داخل هذا الفضاء.

تكمن أهمية الموضوع في الإشارة إلى الدور الثقافي والعلمي الطبّي بالأساس لأهل الذمة وخاصّة اليهود والنصارى بالمغرب الأدنى وتبيان مدى مساهمتهم الحضارية خلال العهدين الأغلبي والفاطمي.

وتتمحور الإشكالية الرئيسية لهذا البحث حول دور أهل الذمة في العلوم الطبيّة في الحضارة الإسلامية بصفة عامة ثم محاولة التركيز على إفريقية باعتبارها الإطار الجغرافي لهذا البحث وإبراز مدى مساهمة هذه الفئة في البناء العلمي والفكري في المجال الطبي من خلال التعريف بأسمائهم وذكر مؤلفاتهم وتأثيرهم على الحياة الطبيّة بإفريقية وخارجها ثم محاولة الوقوف على دور أطبّاء أهل الذمة داخل المجتمع الأغلبي والفاطمي .

وانطلاقا من تلك الإشكاليات يمكن تقسيم هذا البحث إلى قسمين:

يركز الأول على تعريف أهل الذمة لغة واصطلاحا ثم محاولة تقديم لمحة تاريخية حول دور أهل الذمة في الحياة الطبية بالمشرق منذ ظهور الإسلام إلى عهد الخلافة العباسية, أما القسم الثاني فيركز على دور أهل الذمة في الحياة الطبية بإفريقية خلال العهدين الأغلبي والفاطمي ويمكن تقسيمه أيضا إلى قسمين كرنولوجيا أي قسم يهتم بالعهد الأغلبي وقسم اخر يهتم بالعهد الفاطمي عبر تقديم تراجم لأشهر الاطبّاء وذكر أهم مؤلفاتهم وإسهاماتهم الطبية ودورهم في تطور نسق الحياة الطبيّة في فترة تاريخية سيطرت عليها الأعراف والعادات والتقاليد المتوارثة منذ عهد الولاة بإفريقية وذلك بالاعتماد على كتب التراجم والطبقات خاصة ابن أبي أصيبعة صاحب كتاب ” عيون الأنباء في طبقات الأطبّاء” إضافة بعض المصادر الأخرى منها كتب التاريخ العام والتي قدمت في إشارات متناثرة بعض المعطيات التاريخية حول المنظومة الطبيّة بإفريقية ومساهمة الأجناس غير الاسلامية في ذلك، إضافة إلى المساهمة في نقل بعض المعلومات المتعلقة بحياة بعض الأطبّاء من أهل الذمة.

I- دور أطباء أهل الذمة في الحضارة الإسلامية

1- تعريف الذمة لغة وإصطلاحا

*-لغة: الذمّة بكسر الذال وفتح الميم، فرجل ذمي معناه له عهد[1]. فالذمة هي العهد والأمان والضمان[2]

*- إصطلاحا: يرى الفقهاء أن مصطلح أهل الذمة يقصد به من عاهدهم الإمام أو نائبه من غير المسلمين عهدا مؤبدا على أمنهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم وعقيدتهم نظيرالإلتزام بدفع الجزية وتنفيذ أحكام الاسلام كلّها[3]. فأهل الذمة هم من الذين يدينون بغير الإسلام ويعيشون في المجتمع الإسلامي محافظين على تدينهم، وعرفوا بذلك لأنهم يدفعون الجزية تأمينا على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم[4].

إذن فالذمة هي العهد، والعهد هو الميثاق، أي ما يجب الوفاء به لأن نقضه ينقض الهعد[5]

2- أهل الذمة في الحضارة الإسلاميّة: الإسهامات الطبيّة

تطلّع المسلمون منذ صدر الإسلام إلى الاطلاع على التراث الطبي للحضارات القديمة عبر الاهتمام بموروث المدارس السابقة لظهور الإسلام التي اهتمت بعلوم الأوائل كمدرسة جنديسابور[6] وحرّان [7]والإسكندرية والرها[8]… وقد تدعم ذلك الإهتمام مع الخلافة الأموية وازدهر مع الخلافة العباسيّة والتي أصبحت فيها الظروف العلميّة العامة أكثر ملاءمة لنقل علوم وفلسفات الشعوب الأخرى خاصّة بعد انهيار معظم المراكز العلمية السابقة الذكر وهجرة معظم علمائها إلى بغداد حاضرة الخلافة العباسية مستفيدين بما وجدوه من شغف خلافائها وإحسانهم لحملة العلم خاصة من غير المسلمين على اختلاف مللهم ونحلهم. وقد أشار ابن خلدون في مقدمته إلى تفوق هذه الفئات الاجتماعية على المسلمين في اهتمامهم بتلك العلوم إذ يقول في هذا الإطار:” إن حملة العلم في الملّة الإسلامية أكثرهم من العجم لا من العلوم الشرعية ولا من العلوم العقليّة إلا في القليل النادر، وإن كان منهم العربي في نسبه فهو أعجمي في لغته ونشأته وثقافته[9]“.

وقد تفطن العرب منذ العصور الأولى للإسلام إلى تفوق غير المسلمين من الأقليات الدينية في المعارف العقلية[10] والعلوم الطبيّة بالأساس ولعلّ ما ذكره الإمام الشافعي يعبر عن ذلك الرأي بقوله:” لا أعلم بعد الحلال والحرام أنبل من الطبّ إلاّ أنّ أهل الكتاب قد غلبونا عليه”[11].

رغم ما عرفته الحضارة الإسلامية من كشوف علميّة عبر دراساتهم الطبيّة التجريبية المتنوعة والمختلفة والتي اهتمت بالعديد من الاختصاصات كالكحالة والجراحة وطب النساء والأطفال والشيوخ… إلاّ أنّ ذلك لا يمكن أن يغفلنا أن أشهر الرواد الأوائل للطبّ في العصر الوسيط الأول كانوا من غير المسلميّن باعتبارهم الوارثين الأوائل للتراث الطبي القديم وبرعوا في ترجمته خاصة إلى العربية حتى أصبح متوارث عندهم.

فبالتوازي مع نجاحهم في العديد من المهن والاختصاصات خاصة تلك التي في علاقة بالجانب الاقتصادي والتجاري بالأساس تمكن أهل الذمة أيضا من البروز في عدّة مجالات علمية وثقافية أخرى ساهمت في إشعاعهم وتقربهم للخلفاء والحكام مستفيدين من التشريعات والامتيازات التي سهلت أعمالهم وأبحاثهم،وفي هذا الجانب أشار أدم ميتز ” ولم يكن في التشريع الإسلامي ما يغلق دون أهل الذمة أي باب من أبواب الأعمال، وكانت قدمهم راسخة في الصنائع التي تدر الأرباح الوافرة، فكانوا صيارفة وتجارا وأصحاب ضياع وأطبّاء، بل إنّ أهل الذمة نظموا أنفسهم بحيث كان معظم الصيارفة الجهابذة في الشام يهودا في حين كان أكثر الأطبّاء والكتبة نصارى”.[12]

فبعد الانتهاء من الفتوحات الإسلامية التفت العرب إلى العلوم بشتى أنواعها خاصة الطبيّة فوجدوا في العراق خدمات طبيّة مزدهرة خاصة في مدرسة جنديسابور المسيحية النسطورية إذ يؤكد ابن القفطي أنّ أطباء هذه المدرسة قد تميزوا عن غيرهم بالمهارة في الصنعة[13].

بدأ بروزهذه الفئة والاعتماد عليها في الجانب الطبي منذ وقت مبكر للحضارة الاسلامية وتحديدا مع بداية الخلافة الأموية في الشام، إذ تشير أغلب المصادر الطبيّة إلى أنّ الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان اعتمد طبيبا نصرانيّا يعرف بإبن أثال النصراني، وقد أشار إبن أبي أصيبعة إلى مهارته في الطب بقوله: كان طبيبا متقدما من الأطبّاء المتميزين في دمشق، نصراني المذهب، ولمّا ملك ابن أبي سفيان دمشق اصطفاه لنفسه وأحسن إليه، وكان كثير الافتقاد له والاعتقاد فيه والمحادثة معه ليلا ونهارا، وكان ابن أثال خبيرا بالأدوية المفردة والمركّبة وقواها، وكان معاوية يقربه لذلك كثيرا[14]. كما يعتبر خالد بن يزيد بن معاوية (ت 85هـ) من الأوائل الذين اهتموا بترجمة كتب الإغريق في العلوم الطبيّة حيث ترجم كتاب الكناش في الطب لأهرن بن أعين من قبل الطبيب اليهودي ماسرجويه في أيام الخليفة مروان بن الحكم[15].

ومن أبرز الأطباء الذميين الذين اشتهروا في العصر الأموي أبو الحكم الدمشقي[16] أحد أشهر أطبّاء الخليفة الأموي الأول وابنه يزيد، كذلك عرف الطبيب تياذوق المعاصر لأوائل خلفاء بني أمية وطبيب الحجاج بن يوسف الثقفي بحذاقته في الطبّ فكان مجيّدا لعمله وله نوادر في الطبّ، فاعتمد عليه الحجاج ووثق به وبمداواته وألف في مواضيع مختلفة من الطبّ خاصة في الصيدلة منها كتاب تفسير أسماء الأدوية وكتاب ابدال الأدوية[17]. وله طلاّب برعوا من بعده في الطبّ لعلّ أشهرهم الطبيب اليهودي فرات بن شحناثا[18].

ومن الأطبّاء المشهورين كذلك في العصر الأموي ماسر جويه البصري اليهودي والذي اشتهر في عهد الخليفة مروان بن الحكم من خلال ترجمته كناش اهرن بن أعين من السريانية إلى العربية وألّف حسب ما أورده ابن أبي أصيبعة عدّة كتب منها كتاب “الأطعمة ومنافعها ومصادرها” وكتاب “قوى العقاقير ومنافعها” وغيرها من المصادر الأخرى.

مثل العهد الأموي البداية الأولى لبروز الأطبّاء الذميين عبر ما قدموه من خدمات طبيّة للخلفاء بصفة خاصة وللعلوم العقلية بصفة عامة تدعم دورهم وازدهر بشكل واضح في العهد العباسي الذي استفاد من تلك التجارب السابقة وعمل على تطويرها والمحافظة عليها قصد استغلالها والاستفادة منها بشكل أوضح.

يعتبر الحكم العباسي من الفترات التاريخية المهمة في تاريخ الطبّ في العالم الإسلامي بجزئيه الشرقي والغربي فما ميز الطبقة الحاكمة العباسية عن الحقب السابقة اهتمامهم المتزايد بالعلم والعلماء تجلّت عبر استقطاب أشهر العلماء اليهود والنصارى وخاصة الأطبّاء منهم وتمثلت في تقديم العديد من الامتيازات لهم للإستفادة من خبراتهم وتجاربهم الطبيّة فقد تبوأت عائلة بختيشوع مكانة مرموقة في صناعة الطبّ في العهد العباسي لأكثر من ثلاثة قرون[19] واحتضنهم الخلفاء والوزراء فعلى سبيل الذكر جورجيوس بن بختيشوع المتوفي في أواسط القرن الثاني للهجرة حوالي 155هـ ورئيس مدرسة جنديسابور، استدعاه الخليفة أبو جعفر المنصور لعلاجه وأصبح طبيبه الخاص، كما اشتهر أيضا ابنه بختيشوع المتوفي في 184هـ في خدمة هارون الرشيد وولديه الأمين والمأمون[20].

كما اشتهر في العهد العباسي أيضا حنين بن اسحاق العبادي النصراني بترجمة المؤلفات القديمة فقد ساعدته معرفته باللغة اليونانية والسريانية والعربية مع إلمامه بالتراث اليوناني مما جعل تراجمه أكثر ثراءا بل لعبت دورا في ازدهار الطبّ وتطوره، فقد ألف رسائل قدّم فيها معلومات مفصلّة عما لا يقل عن مائة وتسعة وعشرين عملا لجالينوس ترجمها إلى العربية وترجم بعضها إلى السيريانية ثم أصبحت كتبا يستخدمها كل من زاول مهنة الطبّ خلال العصور الوسطى[21] .

لم يقتصر دور أطبّاء أهل الذمة في العصر العباسي على وصف العلاج ونقل المؤلفات الطبيّة بل أصبحت العلوم العقلية على يديهم أكثر تنظيما حيث تجاوزوا دورهم القائم على العلاج ليقدموا خدمات تعليمة، فقد درّسوا الطبّ وامتحنوا أطبّائه وعهد الخليفة المقتدر بالله (295هـ/ 320هـ) إلى الطبيب سنان بن ثابت بن قرّة الحرّاني (ت 331هـ) بتنظيم مهنة الطبّ وامتحان الأطبّاء، فكان يمتحن كل طبيب على حدة فإذا ما وجده ضليعا في فرع من فروع الطبّ أعطاه تصريحا بالعمل فيه[22].

كما برع واشتهر منهم أطبّاء في اختصاصات متعددة كالجراحة التي اشتهر فيها علي بن عباس المجوسي (ت 372هـ) من خلال كتابه” الكامل في الصناعة الطبيّة” والذي أشار فيه إلى الجراحة كفرع قائم بذاته من فروع الطبّ متبعا منهجا طبيّا مختلفا عمن سبقه أو عاصره من الأطبّاء.

ونتيجة للثقة التي نالها أطبّاء الذمة من قبل الخلفاء فقد برز منهم من تولى رئاسة البيمارستانات في بغداد منهم ماسويه بن يوحنا الذي عينه الخليفة هارون الرشيد مديرا لأول بيمارستان في بغداد[23]

يمكن الوقوف أيضا على ما قدمه أطباء أهل الذمة من ابتكارات في مجال صناعة الأدوية والعقاقير وتحضيرها وفي مقدمتهم يوحنا بن ماسويه (ت 243هـ/ 857م) صاحب كتاب ” في تركيب الأدوية المسهلة واصلاحها” وفي نفس السياق ألف حنين بن اسحاق مؤلفات عديدة في الصيدلة منها كتاب”أسرار الأدوية المركبّة” وكتاب الأدوية المسهلة”[24].وغيرهم من الأطبّاء.

ساهمت تعدد الخبرات والتجارب عند أطبّاء أهل الذمة وشهرتهم الطبيّة في تفوقهم على الأطبّاء العرب فيروي الجاحظ في كتاب البخلاءأنّ الطبيب العربي” أسد بن جاني اشتكى كساد عمله عند المرضى وهو طبيب مسلم فقال له قائل: السنة وبئة والأمراض فاشية وأنت عالم ولك صبر وخدمة ولك بيان ومعرفة فمن أين تؤتى هذا الكساد؟ فقال: فإني عندهم مسلم وقد اعتقد القوم قبل أن أتطبب لا بل قبل أن أخلق، إن المسلمين لا يفلحون في الطبّ، وإسمي أسد وكان ينبغي أن يكون إسمي صليبا وجبرائيل ويوحنا وكنيتي أبو الحارث، وكان ينبغي أن تكون أبو عيسى وأبو زكرياء وأبو إبراهيم[25].

إجمالا يمكن القول بأن أطباء أهل الذمة لعبوا دورا رئيسيا في تطور العلوم الطبيّة عند العرب بمختلف فروعها واختصاصاتها ومتطلباتها العلاجية أو التنظيمية منذ بداية العهد الأموي لما وجدوه من سخاء وتشجيع من الخلفاء الذين عملوا على استقطابهم وتقليدهم عدّة مناصب اعترافا منهم بما يملكونه من تراث علمي ثقافي متنوع يشمل الجانب الطبيّ بالأساس وقد تدعم ذلك بشكل أعمق خلال العهد العباسي الذي كان اهتمامه بموروث الحضارات السابقة والمجاورة أشمل فسرعان ما ظهرت نتائجه عبر ارتفاع عدد الأطبّاء مقارنة بالعهود السابقة، إضافة إلى تنوع أبحاثهم وكثرة مؤلفاتهم المختصة في جوانب متعددة من الحياة الطبية مستفيدين بما وجدوه من امتيازات وعطايا من الخلفاء، فانعكس ذلك على تطور العلوم الطبيّة في مراكز متعددة من العالم الاسلامي خاصة في جزئها الغربي وتحديدا في افريقية التي عمل حكامها على منافسة العواصم الثقافية الأخرى سواءا في المشرق أو الأندلس فحاول أغلبهم خاصة في العهد الأغلبي أو الفاطمي التشبه بالخلفاء في استقطاب الأطبّاء الأكفاء من أهل الذمة لنشر الثقافة الطبيّة داخل مراكزهم العلميّة. فماهو دور أطباء أهل الذمة في إفريقية خلال العهدين الأغلبي والفاطمي؟ وإلى أي مدى نجحوا في ترسيخ وبناء أسس طبيّة تتقاطع مع الممارسات التقليدية السائدة منذ الفترات القديمة والمتوارثة من جيل لأخر؟.

II- إسهامات أهل الذمة في تطور العلوم الطبيّة بإفريقية خلال العهدين الأغلبي والفاطمي

تميّز مجتمع إفريقية في العصر الوسيط وبالأساس خلال العهدين الأغلبي والفاطمي بتعدد مكوناته وعناصره الاجتماعية، ويُعدّ أهل الذمّة من تلك المكونات والفئات الإجتماعية التي تمتعت منذ القرون الأولى للإسلام بمكانة مرموقة داخل المجتمع وزاولوا وظائف ومهنا هامة شأنُهم في ذلك شأن باقي مكونات المجتمع، فبرز منهم العديد من العلماء في مختلف العلوم والمعارف خاصّة العقلية منها والتجريبية كالطبّ والصيدلة ، ساعدهم في ذلك انحدارهم من مراكز ثقافية اشتهرت بغناها الحضاري والعلمي[26].

تميّزت الجالية اليهودية بكثرة مثقفيّها داخل المجتمع الإفريقي من أدباء ومنجمين وفلكيّن وأطبّاء شكلوا النواة الرئيسية التي ارتكزت عليها الحضارة الإسلامية في إفريقية خلال العهدين الأغلبي والفاطمي، فقد كان لأطباء أهل الذمة دور كبير في تطوير العلوم العقلية وأولها الطبّ مستفيدين من ولع الحكام الأغالبة والخلفاء الفاطمييّن من الذين حرصوا على جلب الأطبّاء من المراكز المشهورة والتشجيع على حركة الترجمة والتأليف فيه بل والإشراف على تدريسه للأطبّاء المحليين بعد تأطيرهم وتكوينهم.

سنعمل في هذا القسم من البحث على تقديم دراسة لأشهر الأطباء الذميين بإفريقية في العهدين الأغلبي والفاطمي عبر التعريف بهم وتقديم لمحة حول أهم إسهاماتهم الطبيّة عبر ما ألفوه من مصادر ومقالات مثلّت الركيزة الأساسية لتطور المنظومة الطبيّة داخل إفريقية وخارجها مستفيدين من بعض الإشارات القليلة خاصة في كتب الطبقات والتراجم وبعض كتب التاريخ العام. وفي هذا الإطار سنخصص الجزء الأول لدراسة أشهر الأطبّاء الذميين بإفريقية خلال العهد الأغلبي من خلال الوقوف على أسمائهم وأشهر مؤلفاتهم ودورهم في الحياة الطبيّة داخل هذا الفضاء الجغرافي، أما الجزء الثاني من هذا القسم فسيركز حول أطباء أهل الذمة في العهد الفاطمي معتمدين نفس المنهج المعتمد في الجزء السابق. كما سنحاول تقديم هولاء الأطبّاء كرنولوجيا حتى نتتبع مراحل تطور الحياة الطبية بإفريقية في تلك الفترة لنتبين دور أهل الذمة في ذلك التطور والارتقاء بالطبّ من العرف إلى التجارب العلميّة.

1- في العهد الأغلبي: 184-296هـ

كان لجهود الأمراء الأغالبة دور فعال في انتشار الطبّ بإفريقية خاصة وأن القرون الهجرية الأولى كانت تفتقر إلى وجود أطبّاء بالمعنى المتعارف عليه وإنما سيطرت على إفريقية عادات طبيّة متوارثة عبر الأجيال وقائمة بالأساس على رجال الدين وخاصة ممن عرفوا بفقهاء البدن، لذلك فإن العهد الأغلبي يمثل البداية الأولى للطب العلمي القائم على التجربة عبر الانتقال من الأعراف المتوارثة إلى الممارسات العلمية من خلال تشييدهم للمؤسسات العلاجية على غرار الدمنة منذ عهد الأمير الأغلبي الثالث زيادة الله الأول (201-223هـ) ثم عبر استجلابهم لأطبّاء من المشرق خاصة من أهل الذمة وأشهرهم إسحاق بن عمران القادم من بغداد منذ حكم ابراهيم الثاني الأغلبي والذي أسس ما يعرف بالمدرسة الطبيّة القيروانية ذات الطابع التعليمي وفيها نشأت وتكونت نخبة من الأطبّاء المشهورين كأحمد بن الجزار القيرواني ودونش بن تميم …

كما كان إبراهيم الثاني يكلف سفراءه إلى بغداد بالاتصال مع علماء العراق ومصر والشام وبسط لهم الأموال وحاول إغراءهم بكافة المغريات لجلبهم إلى بلاطه، حيث كانوا يلقون منه الرعاية والتكريم[27]. وهو ما يعني وأنّ بلاط الأمير الأغلبي ضمّ خيرة وأشهر العلماء وخاصة الأطبّاء ليصبح صورة مصغّرة عن دار الخلافة بالمشرق، وبجهود هؤلاء وغيرهم من العلماء في مختلف المجالات والصناعات تحولت إفريقية منذ أواخر العهد الأغلبي إلى مركز علمي مشع على الغرب الإسلامي ومركز لاستقطاب العلماء والأطبّاء خاصة من الأقليّات الدينية من المراكز المشهورة الأخرى ومن أشهرهم:

  • إسحاق بن عمران:

تتفق أغلب المصادر الطبيّة وكتب التراجم على شهرة ابن عمران في الطبّ فقد أشار صاحب عيون الأنباء بقوله :طبيب مشهور وعالم مذكور, بغداديّ الأصل, سكن إفريقيّة وبه ظهر الطبّ والفلسفة[28].

وقد اختلفت المصادر والأبحاث حول سنة قدومه ووفاته، فمنها من يعتبر أنّ إبراهيم الثاني هو الذي استجلبه من المشرق ثمّ قتله في أواخر حكمه، ومنها من ينسب ذلك إلى زيادة الله الثالث. فقد أشار صاعد الأندلسي إلى أنّه جرت له مع زيادة الله أمور أحنقته عليه لفرط جوره وسخفه فأمر بفصد ذراعيه وهو ما ذهب إليه ابن جلجل في طبقاته حيث يقول: “دخل في دولة زيادة الله بن الأغلب وهو الذي استجلبه وأعطاه شروطا ثلاثة لم يف له بأحدها، وكان طبيبا حاذقا مميّزا بتأليف الأدوية المركّبة، بصيرا بتفرقة العلل، أشبه الأوائل في علمه وجودة قريحته. وكانت له مع زيادة الله حكايات ومعاتبات حتّى غضب عليه وأمر بفصده في ذراعه جميعا وسال دمه حتّى مات وأمر بصلبه على الجذع الذي كان صلب عليه إبراهيم الفزاري”[29].

أمّا ابن عذاري المراكشي والبكري فقد أشارا إلى دخوله مع إبراهيم الثاني، فالأوّل يرى أنّه في سنة 279 هـ/ 892 م قتل إبراهيم بن أحمد إسحاق بن عمران المتطبّب[30]، بينما أشار البكري إلى أنّ إبراهيم الثاني كان يعاني من الدّاء المعروف بالمالخوليا المسبّب للأرق فصنع له طبيبه إسحاق ترياقا اشتهر باسمه[31].أي أنّ قدومه كان مع ابراهيم الثاني.

بالعودة إلى ما ذكره ابن العذاري نلاحظ أنّه وقع أيضا في الخطإ. فيشير إلى أنّ وفاته كانت في 279 م ثمّ يشير إلى أنّ أبرز من تعلّم عليه الطبّ هو إسحاق بن سليمان الإسرائيليّ ويؤكّد على قدومه من مصر سنة 293 هـ- 905 م وهذا لا يتطابق زمانيا.

إنّ المؤكّد أنّ قدوم إسحاق بن عمران لإفريقيّة كان مع إبراهيم الثاني وليس مع حفيده زيادة الله الثالث فهو الذي أشرف على المدرسة الطبّية القيروانيّة وفيها تتلمذ عليه مجموعة من الأطبّاء، علما وأنّ نشاط هذه المدرسة انطلق منذ سنة 265 هـ وهي فترة حكم إبراهيم الثاني. ثمّ إنّ هذا الأخير هو الذي أصيب بداء المالنخوليا (الهلواس) وليس زيادة الله الثالث وهو ما أكدت عليه جلّ المصادر التاريخية وطبيبه ابن عمران هو الذي ألّف له كتابا في هذا الاختصاص لعلاجه. أمّا وفاته فكانت في أواخر حكم إبراهيم الثاني سنة 289 هـ وليس 279 هـ كما ذكر ابن العذاري المراكشي.

نستنتج ذلك من ترجمة الطّبيب الوافد بعده من مصر وهو إسحاق بن سليمان إذ يشير إلى دخوله على زيادة الله الثالث “فرأيت مجلسه قليل الوقار والغالب عليه حبّ اللّهو وكلّ ما حرّك الضّحك فابتدأني بالكلام ابن خنيس المعروف باليوناني”[32]. فالذي ناظر ابن سليمان في الطبّ هو ابن خنيس اليوناني وليس إسحاق بن عمران فلو كان حيّا في تلك الفترة مع ما اشتهر به من الطبّ لكان الأجدر به أن يناظر ابن سليمان وليس ابن خنيس أو أن يشرف على تلك المناظرة. وهذا يفسّر أيضا أنّ الإسرائيلي ليس من تلامذة بن عمران وإنّما وفاة هذا الأخير أفقدت إفريقيّة طبيبا في كفاءته ممّا دعا زيادة الله الثالث إلى استجلاب طبيب من مصر لتعويض ذلك النّقص الحاصل.

ومع الاختلاف بين المصادر والدّارسات حول سنة قدومه ووفاته فإنّها اتّفقت حول ما نُسب إليه من مصادر ومقالات في الطبّ والتي لعبت دورا أساسيا في تطور الحياة الطبيّة بإفريقية بل مثلت المصادر الأولى التي ارتكز عليها الأطبّاء في كتاباتهم بل أصبحت مرجعا أساسيا لدراسة الطبّ في المغرب والمشرق كما بلغت شهرتها الغرب المسيحي بعد ترجمتها من العربية منذ مطلع القرن الخامس هجري ومن أهم تلك المصادر :

  • كتاب الأدوية المفردة.
  • كتاب العنصر والتّمام في الطبّ.
  • كتاب في الفصد.
  • كتاب في النّبض.
  • كتاب في نزهة النّفس.
  • كتاب في البول من كلام أبقراط وجالينوس.
  • كتاب جمع فيه أقاويل جالينوس في الشّراب.
  • كتاب في المالنخوليا ألّفه بطلب من الأمير إبراهيم الثاني.
  • مقالة في الاستسقاء.
  • مقالة في علل القولنج وأنواعه وشرح أدويته.
  • مقالة كتبها إلى سعيد بن توفيل المتطبّب[33].
  • ابن خنيس اليوناني:

روميّ الأصل، من موالي الأمير الأغلبي زيادة الله الثالث، عمل بالتّرجمة من اليونانيّة إلى العربيّة في بيت الحكمة القيروانيّ. ولئن لم يُشر حسن حسني عبد الوهّاب في ورقاته إلى عدم مشاركته في الحركة العلميّة بالقيروان إضافة إلى عدم ذكره وترجمته في كتب التّراجم والطّبقات إلاّ إشارة لابن أبي أصيبعة[34]، تتمحور حول الخطاب الذي دار بينه وبين إسحاق بن سليمان، تقود إلى أنّه كان عالما بأسرار الطبّ والتي خوّلت له مناظرة هذا الأخير. ولعلّ اتقانه للغة اللاتينية ساعد على حركة الترجمة.

ومن الأطبّاء الذميين المشهورين أيضا بحذاقتهم في الطبّ وحسن الرأي فيه

  • إسحاق بن سليمان:

لا تقل شهرته عن إسحاق بن عمران إن لم يكن تجاوزها, فقد عاصر هذا الطبيب أوج الازدهار الطبي للعهد الأغلبي وأصبح من الأطبّاء المشهورين في العهد الفاطمي بل طبيب الخلفاء الأوائل من عبيد الله المهدي مرورا بالخليفة الفاطمي الثاني القائم بأمر الله وصولا إلى الخليفة الثالث المنصور بنصر الله فهو مشهور بالحذق والبراعة في الطبّ[35]، وقد كان كحالا في أوليته[36] قال عنه صاحب كتاب عيون الأنباء في طبقات الأطبّاء “كان طبيبا فاضلا بليغا عالما مشهورا بالحذق والمعرفة، جيّد التّصنيف عالي الهمّة، وهو الذي شاع ذكره وانتشرت معرفته بالإسرائيلي، من أهل مصر، مارس صناعة الكحالة في أيّام أحمد بن طولون (254- 270 هـ/ 868- 884 م)”[37].

رحل إبن سليمان إلى إفريقيّة في عهد أخر الأمراء الأغالبة زيادة الله الثالث وخدمه بالطبّ، غير أن بعض الدارسين يرى أنه هاجر إلى إفريقية بطلب من الخليفة الفاطمي[38]، إلا أن المعلوم في جل المصادر أنه دخل إفريقية في أواخر الإمارة الأغلبية حوالي 904م/291هـ خاصة بعد وفاة إسحاق بن عمران الطبيب الأغلبي المشهور. وبعد سقوط الدّولة الأغلبيّة في 296هـ انتقل ابن سليمان إلى خدمة الخليفة الفاطمي الأول عبيد الله المهدي في سنة 909م[39] ثمّ القائم والمنصور. توفّي الإسرائيلي بعد 134 هـ/ 952م, إذ كان من المشرفين على علاج المنصور الفاطمي من المرض الذي توفي منه سنة341ه[40]. ذكرت أغلب كتب الطبقات والتّراجم أنّه لم يتّخذ امرأة ولا أعقب ولدا، وخصص جلّ حياته للجانب العلمي ويروى أنّه قال: لي أربعة كتب تحيي ذكري أكثر من الولد. ومن مؤلّفاته في الطبّ:

  • كتاب الحميات.
  • كتاب الأغذية والأدوية.
  • كتاب البول.
  • كتاب الاسطقسات.
  • كتاب في النّبض.
  • كتاب في التّرياق.
  • كتاب في الحكمة.
  • كتاب المدخل إلى صناعة الطبّ.
  • كتاب الحدود والرّسوم.
  • كتاب المدخل إلى المنطق.
  • كتب بستان الحكيم.

وقبل أن نختم هذا الجزء من العمل لا بدّ أن نشير إلى أنّ كلّ ما بلغته إفريقيّة من ازدهار في العلوم الطبّية لم تبرز نتائجه إلاّ مع الدّولة الفاطميّة باعتبار أنّ أغلب الأطبّاء الذميين اشتهروا في هذه الفترة، كما جلّ الأطبّاء باستثناء إسحاق بن سليمان الذي برز في أواخر الأغالبة وتحديدا مع زيادة الله الثالث ثمّ عاصر بعمله الفاطميّين.

ومع ذلك تظل العديد من الأشكاليات مطروحةَ حول هذا الجانب :هل غفلت المصادر عن ذكر أطبّاء آخرين؟ خاصّة وأنّ ابن العذاري ذكر أنّه في سنة 307 هـ/ 919 م مات جماعة من خدم السّلطان ومن الأطبّاء ممّن يطول الكتاب بذكره[41]. وهو ما يفسّر من إشارة صاحب البيان المغرب إلى أنّ عدد الأطبّاء كان أكثر مما تداولته المصادر خاصّة وأنّ إفريقيّة عرفت في أواخر حكم الأغالبة ازدهارا علميّا شمل أغلب الاتّجاهات الثقافيّة والعلميّة وشيّدت فيها المؤسّسات التي تُعنى بالصّناعة الطبّية وخاصّة ما اصطلح على تسميته بالمدرسة الطبّية القيروانيّة.

فهل يُمكن الحديث عن عدد لا يتجاوز الخمسة أطبّاء تكوّنوا في مدرسة طبيّة انطلاقا من 265 هـ إلى حدود 296 هـ؟ وهل اختلف الوضع مع اعتلاء الفاطميّين سدّة الحكم أم ظلّ كما هو عليه؟ ألا يمكن القول بأنّ أواخر العهد الأغلبي هو الذي مهد للفاطميين للاستفادة من الموروث الطبي عند الأطبّاء الذميين؟

2- في العهد الفاطمي:

شهدت إفريقيّة في أواخر القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي تحولات سياسيّة تمثّلت في سقوط الدّولة الأغلبيّة السنّية واعتلاء الفاطميّين أو الشّيعة الإسماعيلية للحكم انطلاقا من 296 هـ/ 909 م إلى غاية 361 هـ/ 972 م. فهل أثّرت هذه الوقائع الجديدة في المعارف الطبّية في أواخر الدّولة الأغلبيّة؟ هل شجّع الخلفاء الفاطميّون على تطوّر الطبّ مثلما حصل مع الأغالبة؟ كيف تعاملت الدولة الجديدة مع أطبّاء أهل الذمة؟

كان للازدهار العلميّ الذي شهدته إفريقيّة في أواخر العهد الأغلبي دورا مهماّ في تطوّر الحياة الطبّية بالدّولة الفاطميّة، إذ استفادت ممّا ترجم في بيت الحكمة أو من بعض الذين تتلمذوا في هذه المؤسّسات الطبّية ومن استقطاب بعض الأطبّاء غير المسلمين من الذين خدموا بالطبّ مع الفاطميّين الذين وفّروا لهم الأمان أولا ثم التّشجيعات والعطاءات لمواصلة بحثهم، ففاق عدد أطبّاء الدّولة الفاطميّة ما ذكر من أطبّاء عند الأغالبة من قبلهم أو الزّيريّين من بعدهم، وهو ما يفنّد ما جاء في بعض الدّراسات الحديثة على أنّ انهيار الحكم الأغلبي صاحبه تراجع في شتّى العلوم. بل على العكس هناك تواصلٌ وتطورٌا لنسق للعلوم الطبّية ولم تكن هناك قطيعة بدليل وجود بعض الأطبّاء الذين عملوا مع الأغالبة وواصلوا مع الفاطميّين بل فاقت شهرتهم ما كانوا عليه في العهد السابق.

سعى الخلفاء الفاطميّون إلى العناية بالأطبّاء وتقريبهم إليهم حرصا منهم على تطوير معارفهم واقتناعا بأهمّيتهم في تطوّر العلوم الطبّية. وقد اشتهرت بعض العائلات في الطبّ وأصبح متوارثا بينها ولنا أمثلة في ذلك كعائلة ابن الجزّار القيروانيّة وعائلة ابن العزار اليهوديّة.

وقبل تفصيل هؤلاء الأطبّاء وجبت الإشارة إلى أنّه منذ السّنوات الأولى للحكم الفاطمي انتشرت بإفريقيّة خاصّة وبلاد المغرب عامّة موجة من القحط والمجاعات صاحبتها الطّواعين والأوبئة منذ 302 هـ/ 914 م إلى حدود 317 هـ/ 929 م فقد أشار ابن العذاري أنّه في سنة 302 – 303 هـ/ 914 م- 915 م حدثت الفتن الكثيرة ومجاعة عظيمة ووقع الموت في النّاس حتّى عجزوا عن دفن موتاهم[42]. وغير بعيد عن تلك الفترة أي في سنة 307 هـ/ 919 م تحدّث ابن العذاري أيضا عن طاعون شديد وغلاء في الأسعار مثلما حصل في 317 هـ/ 929 م حيث انتشر وباء عظيم وغلاء في السّعر[43].

ولعلّ هذه الظّروف حتّمت على الدّولة الفاطميّة مضاعفة جهودها للعناية بالطبّ للحدّ من انتشار بعض الأمراض والأوبئة خاصّة وأنّ الدّولة الفاطميّة شهدت في ثلاثينات القرن الرّابع للهجرة ثورة الخوارج بقيادة أبي يزيد مخلد بن كيداد اليفرني التي كادت أن تقضي على الحكم الفاطمي بالمهديّة[44]. وكان لها تأثير على سيرورة الحركة العلميّة التي عرفت تراجعا في هذه الفترة لتعيد الازدهار من جديد في أربعينيّات القرن الرّابع للهجرة/ العاشر ميلادي قبل الانتقال إلى القاهرة عاصمة المعزّ الجديدة والتي نقل إليها أغلب المعارف الطبّية من مصنّفات وكتب – خاصّة كتب بيت الحكمة- وعدد هام من أطبّاء افريقية رغم أنّ مصر في تلك الفترة كانت تعجّ بأسماء العديد من الأطبّاء على غرار أحمد بن محمّد البلدي وإسحاق بن إبراهيم بن نسطاس، أبي الفتح منصور بن سهلان بن مقشر… والذين فاقت شهرتهم ومؤلّفاتهم بعض أطبّاء المشرق والمغرب, إلاّ أنّ اقتناع الخليفة الفاطمي بقدرة ومهارة من كان في دولته من الأطبّاء جعله يصطحب أغلبهم معه إلى القاهرة ربّما لعدم ثقته بأطبّاء الدولة الجديدة في مصر أو خوفا على نفسه وحاشيته منهم.

ارتفاع عدد الأطبّاء في إفريقية في عهد الشيعة الإسماعيلية مؤشر على تطور الاقتصاد الذي انعكس على تحسن الأوضاع الاجتماعية عبر توسع ثقافة العلاج وتحسن الأوضاع الصحيّة التي برزت من خلال ارتفاع عدد أطبّاء الدّولة الفاطميّة نذكر منهم:

  • أبو سهل دوناش بن تميم التفلجي

وُلِد بالقيروان في أواخر القرن الثالث للهجرة (278 هـ- 890 م) في عائلة يهوديّة أصلها من العراق قدمت في أيّام حكم الأغالبة إلى القيروان بقصد المتاجرة، أتقن دونش والملقّب بالتفلجي الإسرائيلي اللّغة العربيّة إتقانا جيّدا، وتفقّه في الشّريعة الموسويّة (اليهوديّة) حتّى صار معتمد يهود العراق ومصر وإسبانيا في الفتوى بالأمور الدّينيّة[45].

وبعد انقراض دولة الأغالبة، التحق دونش بالبلاط الفاطمي وخدم المنصور والمعزّ لدين الله[46]. وكانت له اتّصالات مع بعض الأطبّاء اليهود بالأندلس أبرزهم يوسف حسداي طبيب الأمير الحكم الثاني بقرطبة. وضع دونش من المؤلّفات في الفلك والحساب والطبّ قبل وفاته 360 هـ / 971 م ومنها:

  • كتاب المستلحق.
  • كتاب التّلخيص في الأدوية المفردة.
  • كتاب في الحساب الهندي.
  • كتاب في الفلك وحركة الكواكب كتبه إلى الطّبيب اليهودي أبو يوسف حسداي.
  • كتاب في المقارنة بين اللّغتين العربيّة والعبريّة.
  • رسالة التّقريب والتّسهيل.
  • رسالة في الأصول.
  • رسالة التّسوية
  • موسى بن العازار:

جاء في بعض الدّراسات اسم العزار أو العيزار أو العازار وعرف بموسى اليهودي كان مع آل بيته في خدمة الدّولة الفاطميّة حيث خدم المنصور والمعزّ. قال عنه ابن القفطي: “كان طبيبا عالما بصناعة العلاج وتركيب الأدوية وطبائع المفردات وركب للمعزّ أدوية كثيرة منها شراب التّمر هندي، كما ألّف شراب الأصول وله من الكتب في الطبيخ ألّفه للمعزّ ومقال في السّعال وكتاب الأقرباذين”[47].

وقد زعم حسن حسني عبد الوهّاب أنّ أصله من مدينة أوريا Oria[48] غنمه الفاطميّون في إحدى غزواتهم سنة 313 هـ/ 925 م “وأخرج المهدي بن جعفر بن عبيد إلى بلاد الرّوم ففتح مدينة عظيمة تعرف (بواري) وغنم غنائم عظيمة منها الطبيب ابن العازار، الذي سرعان ما تحول إلى طبيب المنصور بالله والمعزّ لدين الله والعزيز بالله من جملة غزوة هذه المدينة[49]. إلاّ أنّ ما ذكره حسن حسني عبد الوهّاب يفتقر إلى دليل يؤكّد صحّة روايته خاصّة وأنّ المصادر تتفق على أنّه قد توفّي سنة 362 هـ/ 973 م أي بعد سنة تقريبا من رحيل المعز إلى القاهرة والتي فيها توفي سنة 365هـ، أي أنّ الطبيب ابن العازار لم يكن طبيب العزيز بالله باعتبار أنّه توفي قبل وصوله إلى الخلافة وله من الكتب والمصنّفات ما ذكره ابن القفطي:

  • كتاب في الطّبيخ.
  • مقالة في السّعال.
  • كتاب الأقرباذين.
  • إسحاق بن موسى بن العزار:

كان من المقرّبين من الخليفة المعزّ وتوفّي سنة 263 هـ/ 973 م أشار إليه ابن أبي أصيبعة بقوله “كان جليل القدر عند المعزّ ومتولّيا أمره كلّه في حياة أبيه وتوفّي في صفر 263 هـ واغتمّ المعزّ لموت إسحاق لموضعه منه ولكفايته وجعل موضعه أخاه إسماعيل بن موسى وابنه يعقوب بن إسحاق”[50].

  • عون الله بن موسى بن العزار:

هو أكبر أبناء الطّبيب موسى، التحق مع والده بالمعزّ إبّان مغادرته مصر وظلّ يعمل في خدمة الخليفة حتّى توفّي فيها عام 363 هـ بعد أبيه ببضعة أشهر[51].

  • إسماعيل بن موسى بن العزار:

هو أصغر إخوته، قدّمه المعزّ لدين الله مكان أخيه إسحاق واعتبره من جملة أطبّائه الخصوصيّين[52].

  • يعقوب بن إسحاق بن موسى:

يعتبر الطّبيب الخامس من أفراد هذه الأسرة اليهودية، حيث عمل في خدمة المعزّ وهو حفيد موسى بن العزار.

خاتمة:

يمكن من خلال هذا البحث الوقوف على الاستنتاجات التاليّة:

– لعب أهل الذمة دورا رياديا في بناء الأسس الأولى للمنظومة الطبيّة بالعالم الإسلامي بجزئيه الشرقي والغربي، مستفيدين من سياسة بعض الخلفاء والأمراء الذين نجحوا في استقطابهم من مراكز علمية مختلفة والاحسان اليهم .

– يعود الفضل إلى أطبّاء أهل الذمة في ترجمة الموروث الطبي القديم إلى العربية وفي تقلد عدة مناصب علمية في علاقة بإدارة المؤسسات الطبيّة سواءا البيمارسانات الخاصة أو العامة أو الفضاءات المخصصة لتركيب وبيع الأدوية أو المدارس الطبيّة على غرار بيت الحكمة القيرواني أو المدرسة الطبيّة القيروانية منذ أواخر العهد الأغلبي.

– لعبت سياسة التسامح تجاه حملة العلم من اهل الذمة في العالم الاسلامي بجزئيه الشرقي والغربي دورا رئيسيا في ارتقاء العلوم الطبيّة وتوسعها عبر انتشار المعارف الصحية في عدّة مراكز خاصة بإفريقية والغرب الاسلامي عامة إذ تنوعت المصادر والمقالات والرسائل الطبية التي مثلت الركيزة الأولى التى انطلق منها الأطباء المسلمون في تدوين مؤلفاتهم ومعارفهم في هذا المجال.

– نجح أطبّاء أهل الذمة بإفريقية في الانتقال بالعلوم الطبيّة من علم قائم على الأعراف والسنن المتوارثة عبر الأجيال خاصة في عهد الولاة إلى علم يرتكز على أسس علمية مبنية على التجربة في العهدين الأغلبي والفاطمي وقد برز ذلك من خلال تأليفهم لعدة مصنفات طبيّة ذات طابع علمي مبنية على المشاهد والتجارب .

– ساهم أطباء الأقليات الدينية بإفريقية خاصة منهم إسحاق بن عمران وإسحاق بن سليمان في تأطير وتكوين نخبة من الأطبّاء المسلميّن منذ أواخر العهد الأغلبي فيحسب لهم تكوين جيل من الأطبّاء العرب الذين شاع صيتهم في المشرق أو الغرب المسيحي كابن الجزار القيرواني وغيره من الأطبّاء الذين مثلوا النواة الأولى للطبّ المحلي والذاتي.

المصادر

– ابن القفطي،جمال الدين علي بن يوسف( 568هـ/646هـ/1172م/1248م)، إخبار العلماء بأخبار الحكماء، مكتبة المثنى، القاهرة، ص 95.

– ابن أبي أصيبعة، موفق الدين أبي العباس أحمد بن القاسم،(1203-1270م) عيون الأنباء في طبقات الأطبّاء، دار الثقافة بيروت،ط4.

– ابن العبري،أبو الفرج بن هارون الملطي،(623هـ/685هـ/1226/1286م)، تاريخ مختصر الدول، دار الافاق العربية، ط1، القاهرة.

أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي(195هـ/277هـ)، آداب الشافعي ومناقبه ، تح: عبد الغني عبد الخالق، القاهرة،ط2، 1993

– الجاحظ، أبي عثمان عمرو بن بحر بن محبوب(159هـ/255هـ)، البخلاء، المكتبة الثقافية، بيروت، ط2، د.ت.

– المراكشي، أبي العباس أحمد بن محمد ابن عذاري( 695هـ/1295م)، البيان المغرب، ج 1، بيروت، 1984

– الذهبي,أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد(673هـ/ 1274م) , تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام, تح: عبد السلام تدمري, دار الكتاب العربي, لبنان, 1996.

– ابن الأثير، أبي الحسن علي الجزري الموصلي(555هـ/630هـ)، الكامل في التاريخ، تح: أبي الفداء عبد الله القاضي،دار الكتاب العلميّة، بيروت-لبنان،ط1، 1987.

المراجع:

– أحمد السّعداوي، المجاعات والأوبئة في تاريخ الغرب الإسلامي الوسيط: النّتائج الدّيمغرافيّة، سلسلة مراجع الديمغرافية التاريخيّة في تونس والعالم العربي، دار سراس للنّشر.

– حسين الحاج حسين، النظم الإسلامية، المؤسسة الإسلامية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت، 1987.

– حسن الميمي، أهل الذمة في الحضارة الإسلامية، تح: الشاذلي القبلي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1998.

– رحاب خضر عكاوي، الموجز في تاريخ الطبّ عند العرب، بيروت، دار المناهل.

– عبد الخالق خميس علي كنعان، عاصم إسماعيل، أهل الذمة في العصر الأموي( 41-132هـ/661-750م)، كليّة التربية مجلة ديالي، العدد الخامس والعشرون،2007.

– عطيّة فيّاض، فقه المعاملات المالية مع أهل الذمة، دار النشر الجامعية، مصر، ط1، 1999.

– – فرحات الدّشراوي، الخلافة الفاطميّة بالمغرب (296- 365 هـ/ 909- 975 م)، نقله إلى العربيّة حمّادي السّاحلي، دار الغرب الإسلامي .

– ممدوح حسين، إفريقية في عصر الأمير الأغلبي إبراهيم الثاني، دار عمار للنشر، عمّان، ط1، 1998.

– محمود الحاج قاسم، الطبّ في القيروان: نشأته، تألّقه وتأثيره على أوروبّا، أشغال ندوة علميّة، مركز الدّارسات الإسلاميّة بالقيروان.

– – محفوظ الغديفي، “الاسهامات الطبيّة والصيدلية بالقيروان خلال العهدين الأغلبي والفاطمي”، بحوث من الندوة الدولية الرابعة، إسهامات القيروان العلميّة والتقنيّة، تونس، 2002.

– هونكه،زيغريد، شمس العرب تسطع على الغرب،” أثر الحضارة الغربية في أوربة” نقله عن الألمانية: فاروق بيضون، كمال دسوقي، دار الجيل بيروت، ط8، 1993،ص 235.

س.د. جواتيانين، دراسات في التاريخ الاسلامي والنظم الاسلامية، تحقيق وتعريب: عطيّة القوصي، الكويت، ط1، 1980.

– مجلة دراسات أندلسية عدد30، المطبعة المغاربية للطباعة والنشر،2003.

André NEHER, « ISRAELI ISAAC BEN SALOMON (850 env.-950) », Encyclopædia Universalis [en ligne], URL : https://www.universalis.fr/encyclopedie/isaac-ben-salomon-israeli/

– Hayet Abid, the role of islams moderation in dealing with the dhimmis inbuilding islamic civilization, doctors from the dhimmis in the Islamic west and Egypte as an example, institute of islamic sciences- university of Eloued- Algeria, 2020,

-Israa Hassn Fadhil, Ifaf Abduljabbar Abdulhameed, The Deletion and their medical contributions in the Mamluk state, College of Arts\ University of Mustansiriya, journal of the college of basic educational and human sciences, university of Babylon, N 43, 2019.

-Mohammed bergaoui, médecine et médecins de tunisie : De Cartage à nos jours, Tunis, 2010

الهوامش:

  1. – ابن منظور ، جمال الدين، لسان العرب، تحقيق: علي البشري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، ج15، 1988، ص
  2. – الفيروز أبادي، القاموس المحيط، ج4، ص 115.
  3. – عطيّة فيّاض، فقه المعاملات المالية مع أهل الذمة، دار النشر الجامعية، مصر، ط1، 1999، ص 13.
  4. – حسين الحاج حسين، النظم الإسلامية، المؤسسة الإسلامية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت، 1987، ص 335.
  5. – حسن الميمي، أهل الذمة في الحضارة الإسلامية، تق: الشاذلي القبلي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1998، ص15.
  6. – جنديسابور: مدينة فارسية أسسها سابور بن أردشير(241-272م) وجعل منها مركزا للنشاط العقلي، وترجمت فيهكثير من الكتب اليونانية إلى الفارسية( ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج ، ص 170).
  7. – حرّان: مدينة تقع في شمال العراق بين الرها ورأس العين،سكنها كثير من اليونانين على عهد الإسكندر الكبير،( ياقوت الحموي، المصدر السابق، ج2، ص 235.).
  8. – الرها: مدينة تقع شرق الفرات في الجزء الشمالي من إقليم مابين النهرين وهي من أهم مراكز اللغة السريانية ( ياقوت الحموي، المصدر السابق، ج3، ص 106.).
  9. – ابن خلدون، المقدمة، دار صادر، ط1، بيروت، 2000، ص 438.
  10. – عرّف ابن خلدون العلوم العقلية فقال : وهي التي يهتدي إليها الانسان بفكره ومداركه البشرية إلى موضوعاتها ومسائلها حتى يعرف الخطأ من الصواب ويصيب الحقيقة, كما أكد على أنها طبيعية للإنسان من حيث أنّه ذو فكر فهي غير مختصة بملّة, بل يتساوون فيها أهل الملل كلهم في مداركها. (ابن خلدون ، المصدر السابق، 368)
  11. – أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، آداب الشافعي ومناقبه ، تح: عبد الغني عبد الخالق، القاهرة،ط2، 1993، ص 321.
  12. أدم ميتز، الحضارة الإسلامية، ج1، ص 80.
  13. – ابن القفطي، إخبار العلماء بأخبار الحكماء، مكتبة المثنى، القاهرة، ص 95.
  14. – ابن أبي أصيبعة، المصدر السابق، ص 171-172.
  15. – ابن العبري، تاريخ مختصر الدول، دار الافاق العربية، ط1، القاهرة، 2001، ص 111، 112.
  16. – أبو الحكم الدمشقي: لم تذكر كتب الطبقات شيئا حول حياته الا ابن أبي أصيبعة الذي أشار إلى أنّه كان يلحق بأبيه في معرفته بالمداواة والأعمال الطبيّة والصفات البديعة.( ابن أبي أصيبعة: المصدر السابق، ج1، ص 176).
  17. – عبد الخالق خميس علي كنعان، عاصم إسماعيل، أهل الذمة في العصر الأموي( 41-132هـ/661-750م)، كليّة التربية مجلة ديالي، العدد الخامس والعشرون، 2007، ص 11.
  18. – فرات بن شحناثا: يهودي، طبيب فاضل كامل في وقته متقدم العهد ، خدم الحجاج بن يوسف ( ابن القفطي، المصدر السابق، ص 194-195).
  19. – Hayet Abid, the role of islams moderation in dealing with the dhimmis inbuilding islamic civilization, doctors from the dhimmis in the Islamic west and Egypte as an example, institute of islamic sciences- university of Eloued- Algeria, 2020, p 13-14.
  20. – ابن أبي أصيبعة، المصدر السابق، ص 183-186.
  21. – س.د. جواتيانين، دراسات في التاريخ الاسلامي والنظم الاسلامية، تحقيق وتعريب: عطيّة القوصي، الكويت،ط1،1980، ص 19.
  22. – ابن أبي أصيبعة، المصدر السابق، ص 302، هونكه،زيغريد، شمس العرب تسطع على الغرب،” أثر الحضارة الغربية في أوربة” نقله عن الألمانية: فاروق بيضون، كمال دسوقي، دار الجيل بيروت، ط8، 1993،ص 235
  23. – ابن أبي أصيبعة، المصدر السابق، ص 245.
  24. – القفطي، المصدر السابق، ص 118-119.
  25. – الجاحظ، البخلاء، المكتبة الثقافية، بيروت، ط2، د.ت، ص 74.
  26. Israa Hassn Fadhil, Ifaf Abduljabbar Abdulhameed, The Deletion and their medical contributions in the Mamluk state, College of Arts\ University of Mustansiriya, journal of the college of basic educational and human sciences, university of Babylon, N 43, 2019,P2.
  27. – ممدوح حسين، إفريقية في عصر الأمير الأغلبي إبراهيم الثاني، دار عمار للنشر، عمّان، ط1، 1998، ص 82.
  28. – ابن أبي أصيبعة، المصدر السّابق، ص 56.
  29. – ابن جلجل، المصدر السّابق، ص 130- 132. إبراهيم الفزاري: كان من أهل المناظرة والجدل ورمي بالتّعطيل وأشهد على أنّه يستهزئ بالله وكتابه وأنبيائه وحكم عليه القاضي أبو عبّاس عبد الله بن طالب (268- 285).
  30. – ابن العذاري، البيان المغرب، ج 1، بيروت، 1984، ص 122.
  31. – انظر: مجلّة دراسات أندلسيّة، عدد 30، المطبعة المغاربيّة للطّباعة والنّشر، 2003، ص 224.
  32. – ابن أبي أصيبعة، المصدر السّابق، ص 58.
  33. – سعيد بن توفيل: كان طبيبا نصرانيّا متميّزا في صناعة الطبّ، وكان في خدمة أحمد بن طولون، وكان طبيبه الخاصّ يصحبه في السّفر والحضر. ابن أبي أصيبعة، المصدر السّابق، ص ص 58- 59.
  34. – ابن أبي أصيبعة، المصدر السّابق، ص ص 58- 59.
  35. – الذهبي, شمس الدين , تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام, تح: عبد السلام تدمري, دار الكتاب العربي, لبنان, 1996, ج23, ص265.
  36. -leclerc lucien , histoire de la mededcine arabe, Emest lerous editeur, Paris, 1876, p410.
  37. – ابن أبي أصيبعة، المصدر السّابق، ص ص 58- 59.
  38. André NEHER, « ISRAELI ISAAC BEN SALOMON (850 env.-950) », Encyclopædia Universalis [en ligne], URL : https://www.universalis.fr/encyclopedie/isaac-ben-salomon-israeli/.
  39. Mohammed bergaoui, médecine et médecins de tunisie : De Cartage à nos jours, Tunis, 2010,P38-39.
  40. – ابن الأثير , الكامل في التاريخ, ج7,ص242.
  41. – محفوظ الغديفي، الإسهامات الطبّية والصيدليّة بالقيروان في العهدين الأغلبي والفاطمي، ص 199.
  42. – ابن العذاري، المصدر السّابق، ج 2، ص 167.
  43. – انظر جدول رقم 1، سنوات الجفاف والمجاعة بالغرب الإسلامي الوسيط مأخوذ من مقال أحمد السّعداوي، المجاعات والأوبئة في تاريخ الغرب الإسلامي الوسيط: النّتائج الدّيمغرافيّة، سلسلة مراجع الديمغرافية التاريخيّة في تونس والعالم العربي، دار سراس للنّشر، ص 33.
  44. – انظر حول أطوار هذه الثّورة ونتائجها: فرحات الدّشراوي، الخلافة الفاطميّة بالمغرب (296- 365 هـ/ 909- 975 م)، نقله إلى العربيّة حمّادي السّاحلي، دار الغرب الإسلامي، ص ص 247- 270.
  45. – رحاب خضر عكاوي، الموجز في تاريخ الطبّ عند العرب، بيروت، دار المناهل، ص 250.
  46. – محمود الحاج قاسم، الطبّ في القيروان: نشأته، تألّقه وتأثيره على أوروبّا، أشغال ندوة علميّة، مركز الدّارسات الإسلاميّة بالقيروان، ص 39.
  47. – القفطي، أخبار العلماء بأخبار الحكماء، بيروت، دار الآثار للطّباعة والنّشر، د.ت ,ص 210.
  48. – أوريا (Oria) في إقليم بوليا الإيطالي.
  49. – حسن حسني عبد الوهّاب، ورقات، ج 1، ص 301.
  50. – ابن أبي أصيبعة، المصدر السّابق، ص 142.
  51. – حسن حسني عبد الوهّاب، ورقات، ص 303.
  52. – حسن حسني عبد الوهاب,المرجع نفسه، ص 304.