تثبيت الشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان من منظور القانون الجنائي (دراسة تحليلية استشرافية)
مستشار دكتور/ محمد جبريل إبراهيم1
1 نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، مصر. بريد الكتروني: gebrelmohamed865@gmail.com
HNSJ, 2024, 5(5); https://doi.org/10.53796/hnsj55/27
تنزيل الملف تاريخ النشر: 01/05/2024م تاريخ القبول: 15/04/2024م
المستخلص
أثارت فكرة تثبيت الشرائح الإلكترونية في دماغ الإنسان جدلاً قانونياً واسعاً ، بسبب الأثر الذي ينتج عنها من انقياد لمن يتحكم في الشريحة ، فقد أثارت نوعاً من اللغط لدي المجتمعات من حيث مدي مشروعية هذا التثبيت ، وما هي الحالات التي يمكن أن يسمح بها في استخدام هذه الشرائح ، وما هي المخاطر التي تهدد الإنسان من استخدام هذه الشرائح .
كما أثارت هذه الشرائح القلق من ناحيتين ، الأولي : أنها تتضمن العبث بالخصائص والسمات البشرية ، وتجعل الإنسان محلاً للانقياد والسيطرة ، والثانية : أنها مصدر لهتك خصوصية الإنسان بما تتيحه من قراءة لكل صفاته وخصوصياته الصحية والنفسية والعاطفية .
ولقد ثار التساؤل حول التدخلات التشريعية التي يمكن عن طريقها التصدي لهذه الأفعال المستجدة ، وما هو التكييف القانوني المناسب لهذه الأفعال إذا ما اعتبرت جريمة ، وما هو النص المرتقب من المشرع ليكون كافياً لمواجهة هذه الأفعال في حالة عدم كفاية النصوص القائمة.
الكلمات المفتاحية: الشرائح الإلكترونية ، انتهاك الخصوصية ، مساس بسلامة الجسم.
Installing electronic chips in the human brain from the perspective of criminal law
A prospective analytical study
Consultant Dr. Mohammed Jibril Ibrahim1
1 Vice President of the State Litigation Authority, Egypt.
Email: gebrelmohamed865@gmail.com
HNSJ, 2024, 5(5); https://doi.org/10.53796/hnsj55/27
Published at 01/05/2024 Accepted at 15/04/2024
Abstract
The idea of installing electronic chips in the human brain has sparked widespread legal controversy, in terms of the extent of the legality of installing these chips in the human brain, what are the cases in which these chips can be used, and what are the risks of these chips.
The question has arisen about the legislative interventions that can be used to confront these new acts, and what is the appropriate legal adaptation for these acts if they are considered a crime, and what is the text expected from the legislator to be sufficient to confront these acts in the event that the existing texts are insufficient.
Key Words: electronic chips, violation of privacy, violation of body integrity
مقدمة :
اعتدنا أن نسمع بوجود إنسان بشريحة في الساق لتدعيم عظامه المكسورة ، فكان ذلك أمراً معتاداً و عادياً لدي كل المجتمعات والثقافات .
أما أن يكون الإنسان بشريحة في الرأس للتحكم في آلامه وأحزانه وأحلامه فذاك أمرا جديد ! ، فهذه الشريحة الالكترونية توضع في رأس الإنسان لضبط أعصابه، و مشاعره واحاسيسه ، وتربطه بأجهزة إلكترونية خارجية أو بموبايله و حاسوبه عن طريق ألياف و ازرار ، وتتعرف علي مواطن الخلل في أعضائه ، سمعه وبصره . وتتحكم في أحزانه وأفراحه ، ومزاجه ،وهذه الشريحة قد أزالت الفوارق بين الإنسانية وبين الماكينة الذكية ، بل وجعلت البني آدم أقرب ما يكون للآلة .
ولأن الفن كان دائماً يسبق العلم فقد كان الخيال الذي أضحكنا به الفنان محمد صبحي في مسرحية الهمجي أصبح حقيقية ، والفانتازيا التي سلانا بها الفنان محمد سعد في فيلم ٨ جيجا أصبحت واقع ، لكنه واقع مخيف ، فالإنسان أبو دم ولحم كان مخلوق كله غموض ،ومراوغة ، فما بالك بالإنسان الذي حمل شريحة الكترونية مثبتة في مخه .
وذلك ما سيخلق العديد من المشكلات القانونية ، ولذلك فليستعد فقهاء القانون الجنائي بفكرهم لمواجهة الجرائم التي قد ترتكب علي خلفية استخدام الشريحة الإلكترونية المزمع تعميمها علي كل أعضاء كوكب الأرض .
فاستخدام الشريحة في حد ذاته جريمة تمس معصومية الجسد الأدمي ، وتنتهك خصوصيته ، حتي وإن كان تركيبها في الجسد بناء علي رضا واضح وصريح من الشخص المستخدم .
فما موقف القانون الجنائي من التغيير في خصائص الإنسان ، والعبث في مكوناته الجسدية الأساسية ؟
وما موقف القانون الجنائي من أن وضع الشريحة في الإنسان تجعله قابل للانقياد والتحكم فيه بشكل كامل ، مما يكون معه هذا الشخص أداة لارتكاب أي فعل يؤمر به عن طريق هذه الشريحة ، وحينئذ ما مدي مسئوليته الجنائية عن ارتكاب هذه الأفعال .
ولذلك فقد أثارت فكرة تثبيت الشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان القلق الشديد لدي المجتمعات الحديثة بحسبانها تقنية جديدة وغريبة علي الإنسان الطبيعي الحر الذي لا يقبل أي تدخل أو إدخال لشيء غريب في جسده ، حتي ولو كان هذا الشيء فيه فائدة له .
و حيث تسير التطورات التكنولوجية الحديثة بسرعة مذهلة في هذا المجال مما ينبئ بانتشار الفكرة وتعميمها في المستقبل القريب ، حيث وصلت إلي ذروتها حينما أعلن “ايلون ماسك”عن نجاح التجربة ، وهو ما يعد تدشين لمرحلة جديدة في حياة البشرية من أهم معالمها ظاهرة أفول مبدأ حرمة الكيان الجسدي ، والتحول عن معصومية الجسد بظهور وسائل وأدوات المساس العميق لمادة هذا الجسد .
ومن أهم هذه الأدوات كانت الشرائح الإلكترونية التي تعد طفرة غير عادية في تدخلات الذكاء الاصطناعي في الذكاء البشري، ومن المعلوم أن فكرة الشرائح الإلكترونية المثبتة في مخ الإنسان تقوم علي تقنيات النانوتكنولوجي والبيوتكنولوجي، مما يتيح التعامل المباشر بين العقل البشري وبين الكومبيوتر والأجهزة الذكية .
ويتعلل مطبقي فكرة الشرائح الإلكترونية بانها تقدم حلولاً إنسانية لكثير من المشكلات الصحية التي عجزت الوسائل التقليدية في حلها ، فمن الاستخدامات الطبية للشرائح الإلكترونية المثبتة في مخ الإنسان هو تحسين الوظائف الحيوية حيث يمكن زراعة الشرائح الإلكترونية وتثبيتها في الدماغ لتحسين وظائف الجسم، مثل زراعة شريحة للتغلب علي الشلل والإعاقة ، و لمراقبة مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري، أو لتنظيم ضربات القلب في حالات الخلل القلبي ، إضافة إلى ذلك تتبع البيانات الطبية حيث يمكن استخدام الشرائح الإلكترونية لتخزين وتتبع البيانات الطبية للمرضى، مما يسهل على الأطباء الوصول إلى المعلومات الحيوية بشكل سريع وفعال .
إلا أن هذه الشرائح أصبحت مصدراً للقلق من ناحيتين :
أولاً : أنها تتضمن العبث بالخصائص والسمات البشرية ، وتجعل الإنسان محلاً للانقياد والسيطرة .
ثانياً : أنها مصدر لهتك خصوصية الإنسان بما تتيحه من قراءة لكل صفاته وخصوصياته الصحية والنفسية والعاطفية .
ولذلك برزت بعض الإشكاليات القانونية في عند الحديث عن الشرائح الإلكترونية ، ومنها المساس بحق السامة الجسدية للإنسان ، وكذلك انتهاك الخصوصية الشخصية حيث يطرح استخدام الشرائح الإلكترونية في جسم الإنسان تساؤلات حول خصوصية المعلومات الطبية والبيانات الشخصية للإنسان.
ومن جانب آخر فإن استخدام هذه الشرائح الإلكترونية يتطلب وبلا شك التدخل التشريعي العاجل ، حيث يتطلب استخدام الشرائح الإلكترونية في جسم الإنسان تشريعات واضحة ودقيقة لضمان الحماية القانونية للأفراد وتحديد الجهات المسئولة عن تثبيتها واستخدامها والتحكم فيها .
إضافة إلى ذلك يجب أن تكون هذه التشريعات مرنة وقابلة للتطبيق مع تطور التكنولوجيا، مع تحديد العقوبات لأي انتهاكات تتعلق بالاختراقات الإلكترونية أو سوء استخدام البيانات الشخصية المتحصلة عن طريق الشرائح الإلكترونية ، كما يجب أن تكون التشريعات المتعلقة بتجريم تثبيت بالشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان متوافقة مع القيم الأخلاقية العامة، مثل احترام كرامة الإنسان وحقوقه .
ويتضح مما تقدم مدي تطلب استخدام الشرائح الإلكترونية في جسم الإنسان مناقشة ودراسة واسعة النطاق وعلي أعلي المستويات ، لتشمل الجوانب الأخلاقية والقانونية والتقنية، لذلك يجب على المجتمع القانوني الداخلي و الدولي التعاون لتطوير إطار قانوني شامل يحمي حقوق الأفراد بدون عرقلة للتطور التكنولوجي .
أهمية الدراسة :
تبدو أهمية الدراسة في أنها تمس قيم ومبادئ كنا نظن أنها قد استقرت ، ولا يمكن انتهاكها وهي التي تتعلق بالحقوق الإنسانية الطبيعية المتمثلة في السلامة الجسدية للإنسان ضد أي عبث ، إلا أن الانسانية قد استيقظت علي العودة الجامحة إلي التلاعب في مكونات الجسد الآدمي بكل جوانبه الجسدية والروحية .
كما تبدو أهمية الدراسة في أنها تميط اللثام عن سبل المواجهة القانونية لجريمة التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان وما تبعه من بروز أدوار لرجال الأعمال الجدد المتعاملين في أجساد البشر واستغلالهم في أعمال غير مشروعة عديدة .
المشكلة التي تثيرها الدراسة :
يتنافي استخدام الشرائح الإلكترونية مع المبادئ الأخلاقية والقانونية التي الحرية الفردية ومعصومية الجسد وعدم المساس بأي من عناصره من خلال ارتكاب جريمة التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان التي أصبحت تتشعب وتتطور وتتعدد بحيث تطال جوانب كثيرة من حقوق الإنسان الجسدية والمعنوية ، فتقع بالعبث في جسم الإنسان وأعضائه البشرية ، وتجعل من عقله كسلعة تباع وتشتري وكذلك استغلال الآدميين في التجارب الخاصة بالشرائح الإلكترونية ،وهو ما يجعل مواجهة هذه الجريمة في غاية الصعوبة .
كما تتمثل إشكالية الدراسة في أن جرائم التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان تتسم بالطابع الدولي العابر للحدود الوطنية ، وذلك نظراً لأنها تقوم علي التطور التكنولوجي والثورة المعلوماتية الهائلة التي تجعل ارتكاب هذه الجريمة يعدم النطاق المكاني والزماني بصورة واضحة .
الهدف من الدراسة :
تهدف الدراسة إلي وضع إطار قانوني لاستخدام الشرائح الإلكترونية و معالجة جريمة التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان ، وتحليل ودراسة هذه الجريمة للحد من مخاطرها التي تعدت بصورة مذهلة .
ومن جهة أخري تهدف الدراسة إلي الحد من النشاط المتزايد لفعل التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان بعد التطورات المذهلة في مجال الطب العلاجي والتجريبي .
منهج الدراسة :
انتهجنا في الدراسة المنهج الوصفي التحليلي ، لوصف الواقع الفعلي للمشكلة، وتقصى أسبابها وعرض سبل مواجهتها من الناحية التشريعية ، وعرض الجهود الوطنية والدولية التي تهدف إلي مكافحة هذه الجرائم .
كما استخدمنا المنهج التحليلي لتحليل نصوص التشريعات الوطنية المتعلقة بهذه الظاهرة من أجل الوقوف على مدي فاعلية هذه النصوص للحد من التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان .
خطة الدراسة :-
نعرض الدراسة في مبحثين علي النحو التالي :
المبحث الأول : مفهوم الشرائح الإلكترونية وأثرها علي المبادئ القانونية المستقرة
المطلب الأول : مفهوم الشرائح الإلكتروني وعلاقتها بالمؤثرات العقلية .
المطلب الثاني : الشرائح الإلكترونية وأثرها علي الحق في السلامة الجسدية
المطلب الثالث : الشرائح الإلكترونية وأثرها الحق في الخصوصية
المطلب الرابع : الشرائح الإلكترونية وارتباطها بالتجارب الطبية غير المشروعة
المبحث الثاني : المشكلة القانونية التي تثيرها الشرائح الإلكترونية مواجهتها جنائياً
المطلب الأول : المشكلة التي تثيرها الشرائح الإلكترونية
الفرع الأول : العبث في الخصائص الإنسانية وتغيير صفاتها
الفرع الثاني : التحكم في الإرادة الإنسانية وتقرير المصير العقلي و والاستقلال الذهني
المطلب الثاني : المواجهة الجنائية لجريمة تثبيت الشرائح الإلكترونية غير المشروعة .
الفرع الأول : القواعد القانونية القائمة لمواجهة جريمة التثبيت للشرائح الإلكترونية غير المشروعة .
الفرع الثاني : الحاجة إلي تجريم الشرائح الإلكترونية لأغراض غير إنسانية .
وعلي الله قصد السبيل ،،
المبحث الأول
مفهوم الشرائح الإلكترونية وأثرها علي المبادئ القانونية المستقرة
مما لا شك فيه أن التقدم العلمي قد أصبح واقعاً ملموساً ، واقتحم حياتنا اقتحاماً عميقاً ، وهو ما صاحب ظهور التعارض المحتوم مع الكثير من المبادئ القانونية والأخلاقية السائدة لمتطلبات التقدم العلمي ، حيث أن من أول مفترضات هذا التقدم العلمي هي مراعاة القواعد القانونية المعمول بها في مجال المساس بالجسد الآدمي ، وعدم العبث بمكوناته وعناصره ([1]) ، ونعرض فيما يلي لأهم تدخل علمي في جسد الإنسان وهي الشرائح الإلكترونية ، وأثرها علي الإنسان وذلك في المطالب الآتية :-
المطلب الأول : مفهوم الشرائح الإلكتروني وعلاقتها بالمؤثرات العقلية .
المطلب الثاني : الشرائح الإلكترونية وأثرها علي الحق في السلامة الجسدية
المطلب الثالث : الشرائح الإلكترونية وأثرها الحق في الخصوصية
المطلب الرابع : الشرائح الإلكترونية وارتباطها بالتجارب الطبية غير المشروعة
المطلب الأول
مفهوم الشرائح الإلكتروني وعلاقتها بالمؤثرات العقلية ذات الصلة
ظهر علي الساحة القانونية تقنية حديثة تعرف بالشرائح الإلكترونية التي تثبت في دماغ الإنسان بحجة تحسين الحالة الصحية له، وذلك هو الهدف المعلن ، في حين أن كل المقدمات والنتائج تشير إلي أن هذه الشرائح الإلكترونية أكثر ما تستهدفه هو الإخضاع القسري للإنسان والسيطرة عليه فكرياً وعضلياً ، وهو ما يشبه بعض الظواهر المعروفة كغسل الدماغ والتنويم المغناطيسي ، والبرمجة الذهنية وهو ما نعرضه يما يلي :
أولاً : تعريف الشرائح الإلكتروني والأسس الفنية والعلمية التي تبني عليها :-
الشريحة الإلكترونية هي عبارة عن جهاز يبلغ حجمه ثمانية ملليمترات تقريباً ، و يضم الجهاز آلاف الأقطاب الكهربائية ليتم زرعه في أكثر عضو بشري تعقيداً هو المخ ، حيث يتم توصيل الجهاز أو الشريحة بأسلاك صغيرة إلي المخ وبمساعدة روبوت متطور يتم زرع خيوط مرنة أو أسلاك في المناطق المسئولة عن وظائف الحركة والإحساس في الدماغ.
وتسمح هذه الشريحة للأجهزة الذكية مثل الكمبيوتر والموبايل بالتفاعل والتواصل مع الدماغ ،والتعامل مباشرةً مع بيانات الأجهزة العصبية في دماغ الإنسان ، ويري المختصون أن الفائدة من الشريحة ستعود علي الملايين من الأشخاص حول العالم والذين يعانون الأمراض المستعصية مثل العمي والزهايمر إضافة إلي الشلل ويمكن تطويرها أيضا لضبط مستوي السكر في الدم وبالتالي مساعدة مرضي السكري .
ويجري تثبت الشريحة الإلكترونية والتي يكون حجمها صغير كحجم العملة المعدنية في المخ، حيث تحتوي على 1024 قطبا كهربيا- فتزرع في جزئي القشرة الحركية الأيسر الذي يتحكم بدوره في حركات الجانب الأيمن من الجسم ، وكذلك الأيمن الذي يتحكم في حركات الجانب الأيسر من الجسم ، وحيث أن النشاط العصبي الذي ينتج عن الخلايا العصبية في الدماغ هو الذي يؤدي إلي قيام الجسم بوظائفه مثل الرؤية والحركة والإحساس ، ولقد تم تنظيم العلاقة بين الأنماط المختلفة للنشاط العصبي واتجاهات الحركة المقصودة .
وتأتي هذه المحاولة في إطار المساعي المتواصلة لشركة ” نيورالينك” (Neuralink) -التي أسسها إيلون ماسك بهدف تيسير التواصل المباشر بين الدماغ والحاسوب -فيما يعرف باسم واجهة الدماغ الحاسوبية (Brain-machine interface)- دون حاجة إلى أي أعضاء طرفية مساعدة .
وتقوم هذه الأقطاب الكهربية بتسجيل ورقمنة مقدار “جهد الفعل” (Action potentials) والذي يمثل بصمة النشاط العصبي للخلايا الموجودة في تلك المنطقة.
ومن ثم تقوم بعض الخوارزميات بتحديد مقدار النشاط العصبي المسجل عند كل قطب كهربي وتجميعه ثم إرساله إلى الحاسوب كل 25 مللي ثانية ، بعدئذ يقوم الحاسوب بفك تشفير هذه الإشارات ليتمكن من تحريك المؤشر أو الذراع بناء على الإشارات التي استقبلها من الشريحة المنزرعة في الدماغ.
ويضيف الباحثون أن دراسة أنماط النشاط العصبي في تلك المنطقة مكنتهم من التنبؤ باتجاه وسرعة الحركة التي يقصدها الدماغ كما مكنهم من المضي أبعد من ذلك حتى استطاعوا التحكم في الحركة المقصودة آنيا ومن ثم التحكم في حركة المؤشر الذراع .
والجدير بالذكر أن بعض تطبيقات واجهة الدماغ الحاسوبية السابقة كانت تستخدم بضع مئات من الأقطاب الكهربية والتي كانت تتطلب تدخلا بشريا لتوصيلها، وللتغلب على هذا عمد الباحثون في هذه التجربة إلى زيادة عدد الأقطاب الكهربية للتمكن من ربطها بشكل لاسلكي كامل دون حاجة إلى تدخل آدمي أو تقديم أي نوع من الدعم الفني لها أثناء عملها.
ومن شأن ذلك أن يؤدي إلي فتح آفاق عديدة لاستخدام الشرائح الإلكترونية في كثير من المجالات الإنسانية لتحسين الصحة وتقبل العلاج .
ثانياً : علاقة الشرائح الإلكترونية بغيرها من الظواهر المشابهة :
يري البعض أن تثبيت الشريحة الإلكترونية هي عمليه تتشابه في تأثيرها مع تأثير بعض الظواهر المعروفة من قبل ، ومن ذلك عملية غسل الأدمغة ، والبرمجة الذهنية ، والتنويم المغناطيسي ، ونعرض ذلك فيما يلي :-
( 1) علاقة الشرائح الإلكترونية بعملية غسل الدماغ .
يقصد بعملية غسل الدماغ تفريغه من الأفكار المستولية علي تصرفاته ، ومن ثم تحويله عن تصرفاته واتجاهاته وقيمه وأنماطه السلوكية وقناعاته الفكرية ،وفي المقابل لذلك ملائه بأفكار جديدة وتبنيه لقيم أخرى جديدة تفرض عليه من قبل جهة ما سواء كانت فرداً أو مجموعة أو مؤسسة أو دولة ([2]) .
ويندرج مصطلح غسل الدماغ تحت مسميات مختلفة تحمل المفهوم نفسه مثل: إعادة التقويم، وبناء الأفكار، والتحويل والتحرير المذهبي الفكري، والإقناع الخفي، والتلقين المذهبي، وتغيير الاتجاهات.
تختلف الأساليب المتبعة في الغسل الدماغي تبعا للظروف وللجماعة التي تكون هدفا للبحث، ولكن الأصول الأساسية واحدة متماثلة في كل الحالات فهي تهدف إلى السيطرة على جميع الظروف المحيطة بالحياة الاجتماعية والجسمانية للفرد أو للجماعات، لإثبات أن الأفكار الفردية غير صحيحة ويجب أن تتغير، كما تهدف إلى تنمية الطاعة والإخلاص لعقيدة معينة.
ويهدف غسل الدماغ إلي السيطرة على بيئة الشخص الاجتماعية وبذل كل محاولة لتحطيم ولائه لأي فرد أو جماعة خارجة، ويصحب هذا أن يوضح للشخص أن اتجاهاته وأساليب تفكيره غير صحيحة ويجب تغييرها، كما يجب أن يعطى ولائه الكامل لعقيدة معينة ويخضع لها دون تردد. وعلى سبيل المثال استخدمت الأساليب التالية في السجون السياسية المختلفة ([3]) .
وتتشابه عملية غسل الدماغ مع عملية تثبيت الشرائح الإلكترونية في أن كلا العمليتين تستهدفان السيطرة علي الشخص سيطرة كاملة عن طريق تغيير أفكاره ومعتقداته ([4]) .
( 2 ) علاقة الشرائح الإلكترونية بعملية البرمجة الذهنية .
تعرف عملية البرمجة الذهنية بأنها عمليات إدخال معلومات أو أفكار إيجابية أو سلبية في عقل الإنسان ، ويتم ذلك بقصد أو بدون قصد بملأ المعلومات داخل العقل الباطن ليتم على أساسها اتخاذ سلوك أو قرار ما من الشخص ، وقد يكون هذا القرار صحيح أو غير صحيح.
وذلك لأن البرمجة العقلية التي تحدث لنا قد تكون عفوية وعشوائية ، ومع ذلك فإن نتائجها ربما تكون سلبية أو إيجابية بالنسبة لنا ولكنها تحدث وتتحقق بدون أن نشعر وكأننا مبرمجين علي ذلك ، ففي العادة تستهدف البرمجة الذهنية الاشخاص الذين يكونوا دائماً في حالة ضعف واحتياج ..
وفي كثير من الأحيان نكون تحت تأثير البرمجة العقلية للآخرين لتحقيق أهدافهم ، وفي هذه الحالة ايضا فنتائجها ربما تكون سلبية أو إيجابية بالنسبة لنا.
وفي المقابل لعملية البرمجة ، تكون عملية إلغاء البرمجة وهي التي تتمثل في عملية تفريغ الدماغ من الافكار التي تم إدخالها ، وهي عادة ما كانت تتم في أعضاء الجماعات المتطرفة ([5]) .
( 3 ) علاقة الشرائح الإلكترونية بعملية التنويم المغناطيسي :
التنويم المغناطيسي فكرة حقيقة غير وهمية ، و تحدث كثيراً في الواقع ويري البعض أنها علم وليست سحر ولا شعوذة ، و كثيراً ما تقع الإنسان تحت تأثير شخص ما يقنعك بشرب شراب ما دون ما محبة منك لهذا الشراب ، أو يقنعك بأكلة ما ، وأنت لا تحبها ، أو يدفعك دفعاً لما له من تأثير عليك لارتكاب فعل ما .
والتنويم المغناطيسي هو حالةٌ من الهدوء والاسترخاء تحدث في جسم الإنسان عن طريق ترديد لفظ معين أكثر من مرة، أو عرض صورة ما بشكل متكرر على المريض، ويتم ذلك بمساعدة المُعالج بحيث يصبح الشخص المُنوَّم مغناطيسياً أكثر تلبية وطاعة للاقتراحات والإلهامات ، ونشير إلى أنّه من الطبيعي ألا يخضع كل الناس للتنويم المغناطيسي ، فيمكن أن يتأثّر بعض الأشخاص بالتنويم المغناطيسي بسهولةٍ بعكس بعض الأشخاص الآخرين، ومن الأشخاص الذين لا يؤثر فيهم التّنويم المغناطيسي مدمني المخدرات .
ويتم تنويم الشخص مغناطيسياً بعد إعداده لذلك من قبل الشخص المتخصّص عن طَريق إدخاله في حالة من الهدوء العَميق والاسترخاء التام ، ويتمّ الاستِرخاء التام و العميق عن طريق خطوات هي :
– تركَيز نظر الشخص المستهدف على نقطة مرتفعة، بحيث لا يتزحزح نظره عن هذه النقطة كخطوة أولى.
– يغمض الشخص المستهدف عينيه، ثم يركز على عمليّة التنفس المنتظم .
– يقوم الاختصاصي النفسي بإرخاء جميع أعضاء جسم الشخص ، من خلال استخدامه لنبرات صوتيّة تَختلف باختلاف العضو المُراد إرخاؤه.
– يصل الشخص إلى مرحلة من الاسترخاء العميق بحيث يبتعد عن الواقع بشكل تدريجي، ولكنه يبقى في حالة من السمع والوعي بما يدور حوله في هذه المرحلة.
ويمكن استخدام التنويم المغناطيسي للمساعدة في السيطرة على السلوكيات غير المرغوبة أو للمساعدة في التعامل بشكل أفضل مع القلق أو الألم ، و من المهم أن نذكر أنه على الرغم من أن الشخص المستهدف بالتنويم المغناطيسي يكون أكثر انفتاحًا للإيحاءات في أثناء التنويم المغناطيسي، ولكنه لا يفقد السيطرة على سلوكه .
ويمكن أن يستخدم التنويم المغناطيسي كطريقة فعالة في التكيف مع الضغوط والقلق، ويمكن أن يستخدم كعلاج لبعض الأمراض النفسية ، إلا أن الخطورة تتمثل في ارتكاب الجرائم باستخدام التنويم المغناطيسي .
ولقد ثار الخلاف حول التنويم المغناطيسي من حيث المسئولية الجنائية سواء فيما يتعلق بمسئولية المنوم ، أو بمسئولية النائم ، وذلك عن الجرائم التي يرتكبها كل منهما ، فالمنوم يوعز إلى النائم بالقيام ببعض الأعمال الإجرامية ويقوم الشخص النائم مغناطيسيا بارتكاب هذه الجرائم دون الشعور بنفسه أو السيطرة عليها .
والمستقر عليه أن المنوم يقع تحت المسئولية الجنائية حين يقوم بالتنويم المغناطيسي ، إلا لو كان الهدف هو العلاج .
ولكن اختلفت الآراء حول ارتكاب النائم مغناطيساً للجرائم أثناء نومه ، علي حسب إذا ما إذا كان النائم مغناطيسيا يقوم بتنفيذ الأوامر بلا إدراك أو إرادة ، أم أنه لا يفقد إدراكه وحرية اختياره وبالتالي يستطيع التمييز بين الأمور.
- فذهب رأي إلى أن النائم مغناطيسيا يطيع المنوم طاعة عمياء ، فهو حينئذ كالألة ، و لا يمثل سوي أداة في يد المنوم ، حيث تنعدم إرادته وإدراكه .
- وذهب رأي آخر إلى أن النائم لا يفقد إرادته ، ولا إدراكه تماماً ، بل يشعر بما حوله ، فلا يستطيع المنوم أن يجبره علي ارتكاب الجريمة ، إلا إذا كانت هذه الجريمة موافقة لرغبته وميوله ، فإذا أمر المنوم النائم بمسك سكين ليقتل بها شخص ما ، فإن النائم إذا لم يرغب في القتل تسقط السكين من يده ويستيقظ إذا لم يمل إلي ذلك ، ولكنه ينفذ القتل إذا كانت له رغبة في القتل .
- وهناك رأي وسط يقول أن المنوم يؤثر تأثير كبير علي النائم ، ولكن النائم يشعر ويدرك ما حوله ، ويكون الأمر في حالة ارتكاب الجريمة مرتهن بظروف كل حالة بذاتها.
معنى ذلك أننا إذا سلمنا بأن النائم لا يستطيع مقاومة ما يصدره إليه المنوم من أوامر فإن إعفاءه من المسئولية يكون محققاً ، وذلك لعدم إدراكه وفقده لأهليته .
أما إذا ثبت أن النائم أراد ارتكاب الجريمة ، واتخذ التنويم المغناطيسي وسيلة للتحلل من المسئولية الجنائية أي أن فقده لشعوره واختياره أنما كان راجعا لإرادته فإنه يكون مسئولا مسئولية عمدية ؛ لأنه قد تعمد القيام بالأعمال الإجرامية بطرق ووسائل احتيالية .
وكذلك بالنسبة لمسئولية المنوم ففي الحالة الأولى يعتبر هو المتهم الأصلي عن جميع الجرائم التي ارتكبها الشخص النائم مغناطيسيا ، أما في الحالة الأخيرة فيعتبر المنوم شريكا في الجريمة وذلك بحسب مساهمته في وقوع الجريمة .
ونري أن هناك تشابه كبير بين التثبيت للشريحة الإلكترونية في مخ الإنسان وبين تنويمه المغناطيسي ، حيث يكون في الحالتين معدوم الإرادة .
المطلب الثاني
الشرائح الإلكترونية وأثرها علي الحق في السلامة الجسدية
صحة الإنسان وحياته، هما الحقين محل الحماية ضد أي اعتداء غير مشروع علي السلامة الجسدية ، ولقد تكفل الدستور المصري الصادر في عام 2014 بالنص صراحة علي حق كل مواطن في الحياة و الصحة، وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكّفل الدولة الحفاظ علي صحة الإنسان وحياته وتوفير ضمانات الحفاظ عليهما([6]).
ومما لا شك فيه أن عملية تثبيت شريحة إلكترونية في مخ الإنسان يترتب عليها تغيرات حيوية ونفسية كبيرة لدي الشخص مما ينتقص من الحق في سلامته الجسدية .
وقد حدد الفقه الجنائي حدود الحق في الصحة والحياة، فاستنبط مظاهر سلامة الجسد في سير وظائف الجسد وأعضائه سيراً طبيعياً، و في تكامل بناءه الجسماني وعدم نقصه، التحرر من الآلام والأوجاع البدنية حسية كانت أو نفسية ([7])، أما الحق في الحياة فحدده الفقه في استمرار الجسد مؤدياً لوظائفه الحيوية بدون توقف من لحظة الميلاد حتي الوفاة ([8])، وهذين الحقين لهما طبيعة إنسانية تعبر عن الأخلاقيات الرفيعة التي يجب أن تسود في أي مجتمع ([9])، وكذلك لهما طبيعة دستورية نظراً لأهميتهما وسموهما ([10]) .
والسلامة الجسدية من أهم الحقوق التي تلقي اهتمام لدي الكافة، لذا تحرص كل المجتمعات علي حماية المقومات والوسائل التي تكفل توفير أعلي معدلات هذه السلامة وفقاً لمعايير الجودة الدولية منذ ولادة الإنسان وحتي وفاته ([11]) .
ويجد الحق في السلامة الجسدية مصدره في النظرة الأخلاقية للطبيعة البشرية، إذ يعد هذا الحق من الضروريات التي يحيا بها الإنسان، ويقوم علي أساس النظر إلي البشر باعتبارهم أفراداً متساوون فيما بينهم([12]).
فلكل شخص الحق في أن يحتفظ بالنصيب الذي يتوافر لديه من الصحة، وكل فعل ينقص من هذا النصيب سواء بالتغيير في الخصائص والسمات الأدمية ، أو محاولة السيطرة علي عقل الإنسان هو مساس بالحق في سلامة الجسم سواء تحقق ذلك عن طريق إحداث مؤثر داخلي أو خارجي ([13]).
ومن ثم فإن مجرد زرع شريحة إلكترونية في رأس الشخص يعتبر ذلك مساس بسلامة جسده ، وانتقاص من حالته الصحية حتي وإن كان ظاهره صحيح وسليم .
ويقوم الحق في السلامة الجسدية علي ثلاث عناصر كما وصفها الفقه، وهي السير الطبيعي لوظائف أعضاء الجسم، والتكامل الجسدي، والتحرر من الآلام البدنية ([14]).
ولكل شخص الحق في أن يحتفظ بمادة جسمه في كل جزئياتها بدون نقص، وكل فعل ينقص من مادة الجسم أو يخل بالسير الطبيعي لوظائفه يعد اعتداء علي سلامته سواء أكان العضو المصاب من الجسم داخلياً أم خارجياً، كبير الأهمية أو قليلها ([15]).
ومن ثم فإن الضرورة تستوجب فهم عام وشامل للحق في سلامة الجسم، يستوعب جميع الاعتبارات ومنها مجرد إضافة جسم غريب داخل الجسد حتي نصل إلي حماية ذات نطاق واسع ومرن، قادر علي ملاحقة التطورات والمستجدات التي تلحق الأذى لمشتملات الجسد ([16]).
ويمكن اعتبار سلامة مادة الجسم في ذاتها محور ذلك النطاق، إذ ينبغي التعويل دائماً علي سلامة مادة الجسم في ذاتها وبكافة عناصرها باعتبارها مناط الحماية الجنائية للحق في سلامة الجسد بما يعني سلامة مادة الجسم من مجرد التغيير في الخصائص والسمات الأدمية .
ولا ينبغي بعد ذلك البحث عن صور ومضامين محددة تساق علي سبيل الحصر ثم اعتبارها من بعد ذلك تمثل حدود هذا النطاق ومضمون ذلك الحق لما يفضي إليه مثل هذا التحديد من انحسار وتضييق حتمي من نطاق الحماية الجنائية للجسم البشري بوجه عام وعن أجزائه وعناصره من غير الأعضاء علي وجه الخصوص ([17]).
المطلب الثالث
الشرائح الإلكترونية وأثرها علي الحق في الخصوصية
لا شك أن الحق في الخصوصية يعد حقاً طبيعياً للإنسان ، وارتق به المشرع فجعله من الحقوق الدستورية ، إلا أن الحفاظ علي الخصوصية في ظل تثبيت الشريحة الإلكترونية في مخ الإنسان يعد أمراً غير متاح ، وسبب ذلك يرجع إلي أن هذه الشريحة تتصل بالمؤثرات العصبية لدي الشخص وتفصح عما يختلج في نفسه ، وبالتالي فهي تكشف عن مكنون وصفات وسمات ذلك الشخص بكل أريحية .
فتثبيت الشريحة الإلكترونية يتيح الوقوف علي معلومات عن الشخص وأسرته وأقاربه ، وذلك من خلال ما يختلج في ذهن الشخص من خواطر وتأثيرات ، وإذا كانت بعض التأثيرات الخارجية معلومة للجميع ولكن التأثيرات الداخلية لا يتم معرفتها إلي عبر هذه الشريحة الإلكترونية .
ويثور التساؤل عن نطاق الخصوصية التي يمكن للشريحة الإلكترونية أن تنتهكها ؟ وهل لهذه الشريحة الإلكترونية هذه الخطورة في إفضاح سرية المعلومات البشرية ؟
والإجابة علي هذه التساؤلات تشير إلي الإيجاب ، فهذه الشريحة تتصل بالمخ وتكشف عن جميع المؤثرات العصبية التي تصدر عنه ، وتحللها ، بل وتنفذ ما يدور بالمخ بعدما يرسله عبر هذه المؤثرات العصبية إلي الشريحة الإلكترونية فيتم تنفيذه كما أتاحه التفاعل المتبادل بين المخ والشريحة الإلكترونية .
كما يتيح تثبيت الشريحة الإلكترونية الحصول علي الملامح الشخصية للفرد وصفاته العضوية وميوله ونزعاته الشخصية ، فبمقدور هذه الشريحة أن تخبرنا بمستقبل هذا الشخص من الناحية المرضية والنفسية .
وقد يتسبب تسريب هذه المعلومات في نشر أسراره وفضحها ، وهكذا يمكن أن يحدث هتك الستر المجتمعي ، وفضح الأسرار، ونشر المعلومات الشخصية علي نطاق واسع بسبب تثبيت هذه الشريحة الإلكترونية ، مما يتسبب في أزمة ستر مجتمعي مثيرة تشكل خطر علي الحياة الخاصة ([18]) .
وفي الحقيقة فإن الشريحة الإلكترونية تجعل الفرد عبارة عن كتاب مفتوح ، وبات من اليسير معرفة كل شيء عنه بدون أي جهد ، ولم يصبح هناك حاجة للتنقيب عن الأسرار أو البحث عنها ، بل أصبحت المعلومات والأسرار الخاصة بالشخص وبحالته الصحية والمزاجية العميقة تصل بسهولة وطواعية إلي الآخرين عن طريق ما تتحصل عليه الشريحة الإلكترونية من مؤثرات عصبية ([19]) .
حيث باتت الشريحة الإلكترونية مستودع لكل أسرار حياة الإنسان ، من حيث ماذا يحب وماذا يكره وماذا يأكل وماذا يشرب ، ومن أين يأتي وإلي أين يذهب ، ومن يصاحب ومن يخاصم ، وكل ذلك وفي كثير من الأحيان يكون الشخص غير مدرك بأن الشريحة الإلكترونية التي يحملها ما هي إلا أداة تتجسس عليه ، وترصد تحركاته ، وتسجل سكناته ([20]) ، وعلي ذلك يمكن تشبيه الإنسان الذي يحمل شريحة إلكترونية وكأنه يحمل كاميرا ومسجل لكل تفاصيل حياته أو أنه يصاحب مخبر سري في ذهابه وإيابه ، ويمكن عرض هذه التفاصيل أو بيعها لمن يريد ذلك أو يسعي إليه ([21]) .
المطلب الرابع
الشرائح الإلكترونية وارتباطها بالتجارب الطبية غير المشروعة
يمكننا القول أن الشريحة الإلكترونية ما زالت في طور التجارب والبحوث الطبية ، فهي وإن صاحبها ذيوع وانتشار علي المستوي النظري ، ولكنها علي المستوي التطبيقي ما زالت تحت إطار التجارب والبحوث العلمية ، وهو ما تتذرع به الشركة المعلنة من أن نطاق الشريحة الإلكترونية ينحصر في الغايات الإنسانية .
وفي الحقيقة فإنه لا أحد ينكر أهمية البحوث الطبية في العصر الحديث ، فقد تتطلب إجراءات العلاج إخضاع المريض للأبحاث وللتجارب الطبية ([22]) ، وخصوصاً في حالة ظهور الأمراض غير التقليدية وغير المعروفة ،وكذلك في حالات الأمراض المستعصية كالشلل والعجز والشيخوخة .
إلا أن البعض يستغل هذه البحوث في السيطرة علي الجنس البشري وإخضاعه لأفكار معينة ، أو كتجارة يستجلب بها أموال البشر لمجرد تحقيق النفع المادي ، وهو ما جعل التشريعات تهتم بوضع البحوث الطبية الاكلينيكية في إطار ضوابط صارمة تناولها القانون رقم 214 لسنة 2020 بتنظيم البحوث الطبية الإكلينيكية فوضع تعريف لها ونظم ضوابطها ، ومن هذه الضوابط إلا يكون إجراء هذه التجارب والبحوث مخالف للقانون ، ونفصل ذلك فيما يلي :
أولاً :- مفهوم الأبحاث الطبية الإكلينيكية :
تناول المشرع الأبحاث الطبية الإكلينيكية فيقانون تنظيم البحوث الطبية الإكلينيكية رقم 214 لسنة 2020، و قطع بإصدار هذا القانون الشكوك حول مشروعية الأبحاث الطبية الإكلينيكية ، ونظم إجراءاتها ([23])، وعّرف مفرداتها علي النحو الآتي :–
البحوث الإكلينيكية: هي الدراسات أو التجارب التي تجرى على متطوعين من البشر لتقييم سلامة وكفاءة أي تدخلات علاجية أو دوائية أو جراحية أو غذائية أو وقائية أو تشخيصية ، بهدف التوصل إلى اكتشافات علمية أو وقائية أو تشخيصية أو علاجية للأمراض ، وكذلك الدراسات التي تجرى للتنقيب في البيانات الطبية الخاصة بالمتطوعين لاستبيان تقييم رجعى لأثر دواء أو سلوك أو تدخل جراحي ، وفقًا للمعايير الأخلاقية للبحث المتعارف عليها دوليًا([24]).
وتشمل البحوث الطبية الاكلينيكية كل عمل طبي سواء بالتدخل الجراحي أو الدوائي أو التلقيحي من أجل فحص أو تدقيق أو ملاحظة النتائج التي تظهر علي المريض من حيث تطور المرض أو التلقيح أو العدوي من الناحية العلمية البحتة دون وجود ضرورة تتطلبها حالة المريض الصحية ، ويقسم الفقه هذه البحوث إلي علاجية ، وعلمية بحته ([25]) .
ولقد لاقت البحوث والتجارب الطبية اهتماماً دستورياً وتشريعياً لتعلقها بسلامة الجسم وعدم المساس به ؛ بما مؤداه أنه لا يجوز للسلطة التشريعية أن تصدر قانوناً يُلزم أي مريض بالخضوع لتجربة علاج أو لقاح أو دواء دون رضاء حر مستنير وصريح من جانبه ([26]) ؛ إذ أن إجراء التجارب الطبية أو العلمية علي الإنسان محاط بكثير من المخاطر([27]) ، فالتجربة بوجه عام قابلة للنجاح ، كما هي قابلة للفشل وإلا ما سميت تجربة([28]) .
ثانياً : شروط التجارب الطبية في مجال الشرائح الإلكترونية :
1 – الموافقة المستنيرة: التعبير المكتوب المبنى على إرادة حرة وطواعية كاملة الذى يصدر عن الشخص ذي الأهلية ويتضمن موافقته الصريحة توقيعًا وبصمة على المشاركة في البحث الطبي الإكلينيكي بعد إعلامه وتبصيره بجميع جوانب هذا البحث، وعلى الأخص الآثار أو الأخطار المحتملة التي قد تؤثر على قراره بالمشاركة، وتصدر هذه الموافقة من الممثل القانوني له في الحالات المشار إليها في أحكام هذا القانون ([29]) ، ونشير إلي أن شرط الموافقة علي إجراء البحوث الطبية هو أمر تتطلبه أغلب التشريعات ([30]) .
- – توافر ضمانات إجراء البحوث الطبية :
تتمثل هذه الضمانات في أنه قبل البدء في إجراء أي بحوث طبية وجود بروتوكول يتم مراجعته والموافقة عليه من قبل اللجنة المؤسسية المختصة ، وكذلك مراعاة حقوق الاشخاص الخاضعين للأبحاث والتجارب الطبية ، علي التفصيل الآتي:-
( أ ) مراجعات و موافقات اللجنة المؤسسية المختصة :
لقد وضع المشرع ضوابط صارمة لإجراء البحوث الطبية الإكلينيكية ، فأوجب قبل البدء في إجراء أي بحوث طبية وجود بروتوكول يتم مراجعته والموافقة عليه من قبل اللجنة المؤسسية المختصة ([31]) .
على أن تكون موافقتها نهائية في غير البحوث الطبية الإكلينيكية المشار إليها في الفقرة التالية ، ولقد اشترط المشرع في البحوث الطبية الالتزام بالمعايير والمبادئ الأخلاقية المحلية والدولية والممارسة الطبية الجيدة المتعارف عليها ([32] ).
ويلزم موافقة هيئة الدواء المصرية ، وموافقة واعتماد المجلس الأعلى في حال البحوث الطبية الإكلينيكية التي تشمل استخدام مركبات دوائية مستحدثة أو بيولوجية أو دواعي استعمال جديدة أو أشكالاً أو مستلزمات أو أجهزة طبية لم تستخدم في جسم الإنسان من قبل ، ولم تحصل على اعتماد الجهات الدولية التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون على أن تجرب في دول مرجعية في ذات الوقت ([33]) .
كما يلزم استطلاع رأى جهاز المخابرات العامة في حال البحوث التي تجرى مع جهات أجنبية والدراسات العالمية المشتركة ، ويلزم كذلك استطلاع رأى جهات الرقابة الدوائية وغيرها من الجهات المعنية وفقًا لما تحدده اللائحة التنفيذية لهذا القانون، ويتعين إنهاء جميع الإجراءات وذلك من تاريخ استكمال المستندات وإبلاغ الجهات المكلفة والرد في غضون ستين يومًا من تاريخ الإبلاغ ، فإذا لم يتم الرد خلال هذه المدة تعد موافقة ([34]).
( ب) كفالة حقوق الشخص الخاضع للبحوث الطبية الإكلينيكية :-
ومن هذه الحقوق الحق في الانسحاب من البحث الطبي وقتما يشاء ودون إلزامه بإبداء أي أسباب لذلك ، على أن يقوم الباحث الرئيس بتبصرته بالأضرار الطبية الناجمة عن انسحابه([35]).
ومن هذه الحقوق أيضاً عدم الإفصاح عن هويته أو أي بيان من بياناته إلا بعد توافر شروط المبرر العلمي الذى تقره اللجنة المؤسسية المختصة ويعتمده المجلس الأعلى وبموافقة كتابية من المبحوث أو ممثله القانوني ، وكذلك الحصول على نسخة من الموافقة المستنيرة ([36] ) .
المبحث الثاني
المشكلة القانونية التي تثيرها الشرائح الإلكترونية مواجهتها جنائياً
مما لا شك فيه أن التدخل التي تمس العقل البشري محفوفة بالمخاطر ، فهي تعد من العمليات الدقيقة للعقل البشري ، وتكون التأثيرات الناتجة عنها ليست دائما مرغوبة أو مقصودة ، فيمكن أن يشعر الأشخاص الذين يخضعون لهذه الشرائح بإحساس عميق بالارتياح من خلال الاعتماد على الأجهزة، ولكن في المقابل لذلك فقد يحدث العكس ، ولا شك أن هناك تحديات قانونية جسيمة لهذه العملية نعرضها فيما يلي :
المطلب الأول : المشكلة القانونية التي تثيرها الشرائح الإلكترونية .
المطلب الثاني : المواجهة الجنائية لعملية تثبيت الشريحة الإلكترونية في مخ الإنسان .
المطلب الأول
المشكلة القانونية التي تثيرها الشرائح الإلكترونية
تتمثل المشكلة في استخدام الشرائح الإلكترونية في أنها تمثل عمل ضار للفرد وللإنسانية جميعاً ، وهي حتي الآن قد تبدو مثل الخيال العلمي، ولكن الحقيقة هي أننا وصلنا إلى نقطة المواجهة التي تستلزم الاستعداد التشريعي لمواجهة هذه المخاطر التي تحيط بالشرائح الإلكترونية التي تثبت في الدماغ ، حيث بدأت الحواجز الثقافية والأخلاقية لهذا النوع من التكنولوجيا الطبية تتفوق على الحواجز التقنية ، ومن ثم يجب علي المشرع ملاحقة ذلك بالتشريعات المناسبة ، ونعرض فيما يلي لأهم المشكلات التي تنتج عن تثبيت الشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان :-
الفرع الأول : العبث في الخصاص الإنسانية وتغيير صفاتها .
الفرع الثاني : التحكم والسيطرة علي الإرادة الإنسانية .
الفرع الأول
العبث في الخصائص الإنسانية وتغيير صفاتها
من أهم الخصائص الإنسانية التي يتمتع بها الإنسان السليم ، هي سلامة العقل ، و حرية التفكير والسيطرة الذاتية علي العقل ، ويرتبط ذلك الحق في السيطرة الذاتية علي العقل بالحق في الحرية الشخصية والتمتع بالكرامة الإنسانية ([37]) .
ومن ثم فتبدو المشكلة في العبث في هذه الخصائص الإنسانية في أنها تهدد بتغيير ثوابت إنسانية عن طريق الأذى الكبير بسبب المساس بها ، مما يؤدي إلي حدوث حالة من الخضوع التام ، أو صورة من الاستعباد النفسي الذي يلغي بكل سهولة خاصية الحرية لدي الإنسان ([38]) .
ومن أهم الخصائص التي يتمتع بها الإنسان هي خاصية حرة الإدراك والتي تعني التحرر من السيطرة علي الوعي الفردي ، ومن ثم يكون أي تقييد لحرية الإدراك يمثل جريمة
وكذلك امتلاك الذات والتمتع بروح المبادرة واتخاذ القرار ، ومن ثم يكون أي فعل فيه إنقاص من امتلاك الذات أو تعطيل او إضعاف القدرات الشخصية في ممارسة حق امتلاك الذات يمثل جريمة قانونية .
وإذا كان القانون الجنائي قد تدخل من قبل لحظر تغيير الخلقة من الظاهر أو تغيير الشكل إذا كان بدون داع ، ويترتب عليه نتائج ضارة ، فإنه من باب أولي يتدخل في حالة تغيير الخصائص الداخلية ، وبلا شك فقد وضعت الشريحة الإلكترونية الباحثين في مأزق قانوني ، وليس ذلك وحسب بل مأزق أخلاقي كذلك ([39]) .
حيث أثارت هذه الشرائح الكثير من التساؤلات التي تتعلق بتخليق أنماط السلوك البشري ، ونوعية التصرفات المختلطة من الشريحة ومن العقل البشري ، وما مدي اعتبار هذه التصرفات تصرفات إنسانية أم اصطناعية .
الفرع الثاني
التحكم والسيطرة علي الإرادة الإنسانية
الأصل أن لكل إنسان الحق في السيطرة علي عقله ، والتحرر من أي قيود تفرض علي إرادته ، ويقتضي ذلك أن يظل هذا العقل سليماً ومعافاً من أي تدخلات وتأثيرات للتحكم فيه بأي وسيلة خارجية أو داخلية ، ويؤسس هذا الحق علي ما ورد في الدساتير والقوانين من نصوص تحمي هذا الحق ضد أي تعد أو مساس .
ومن أهم المشكلات التي تخلقها الشرائح الذكية هي مشكلة المساس بالعقل البشري و التحكم في الإرادة الإنسانية عن طريق السيطرة علي العقل البشري واقتياده عن طريق التأثير غير المبرر ، والذي يبدو فيه الاستغلال حيث يمكن لمثبت الشريحة الإلكترونية تحقيق المصالح علي حساب مصالح الضحية المثبت فيها الشريحة .
وينطوي ذلك التحكم في الإرادة الإنسانية من قبل المتحكم في الشريحة – وهو عادة ما يكون في شكل شركة برمجيات للتحكم في الضحايا من البشر والذي قد يتطوع للخضوع لهذه الشريحة الإلكترونية كنوع من التجربة أو لتحقيق بعض المنافع الصحية ، فيقع تحت سيطرة المتحكم في الشريحة فيكون كالآلة في يده ، فيفكر أو يتصرف وفق إرادة المتحكم في الشريحة .
وتبدو الخطورة هنا في أن الضحية يتم تحريف وتشوية إدراكها ، حيث يخلق لديه شعوراً زائفاً بالحرية ، وأنه يتصرف وفق إرادته الحرة ، في حين أنه يتصرف وفق إرادة آخري هو إرادة المتحكم في الشريحة الذي يسيطر عليه سيطرة كاملة ، فيكون الظاهر للعيان أن الصحية متحرر ولا سيطرة عليه من خارج رأسه ، إلا أن ذلك بعيد عن الحقيقة التي تبعث علي القلق وهي انعدام إرادة الضحية انعداماً كاملاً .
كما تبدو الخطورة الأكبر في أن عملية تثبيت هذه الشرائح الإلكترونية تّمّكن المتحكم في الشريحة من سلب حرية الآخرين ، وجعلهم مجرد أدوات لتحقيق أغراض متفاوتة من الخطورة ، مما يهدد بارتكاب الضحية للجرائم بدون تردد إذا ما أرسلت الشريحة الإلكترونية مؤثرات توحي بذلك .
وعلي ذلك تكون العلاقة بين المتحكم في الشريحة وبين الضحية هي علاقة تبعية ، حيث تكون إرادة الضحية تابعة لإرادة المتحكم ، وذلك بما تشمله كلمة التبعية من مدلول السيطرة والنفوذ والطاعة والانقياد ، فهي أقرب ما تكون بالتبعية العمياء التي يكون فيها جانب العقل منطفئاً أو معطلاً ، لوقوعه تحت سيطرة الشريحة الإلكترونية .
وما يثير الاهتمام أن الشريحة الإلكترونية يتجلي فيها الطابع القسري أو الإجباري الممارس علي الضحية ، من أجل وضعها تحت السيطرة الجزئية أو الكلية ، ولا ينال من ذلك الرضاء ، عن طريق ذهاب الشخص طواعية للخضوع للشريحة الإلكترونية برضاه الحر المستنير وطمعاً في تحقيق مصلحة مالية أو جسدية ضئيلة ، فبمجرد تثبيت الشريحة الإلكترونية ، فإنها تلغي العقل البشري تماماً وتقوم هي بالدور الشعوري والعصبي كما يطلب منها المتحكم في الشريحة .
المطلب الثاني
المواجهة الجنائية لتثبيت الشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان
في ظل الوضع الحالي يجد الباحث في المجال الجنائي نفسه مجبر علي البحث في النصوص الجنائية القائمة، لمحاولة الخروج من إشكالية عدم وجود النص الخاص الذي يجّرم استخدام الشرائح الإلكترونية استخداماً غير مشروع ، محاولاً إعادة قراءتها، ومطبقاً منها ما يغطي الحماية الجنائية للحق في السلامة الجسدية ضد أي سلوكيات غير مسئولة ، فيما يسميه الفقه بالتفسير الواسع للنصوص أو القياس علي جرائم أخرى نظمها القانون استهدافاً لإنزال حكم القانون علي المستجدات من الأفعال، وذلك إلي أن يصدر قانون خاص يّجرم اللجوء للشرائح الإلكترونية بشكل يلحق الأذى بالإنسان ، وفيـما يلي محـاولة للبحـث عـن حلـول لإشكالية شرعية جـريمة التثبيت غير المشروع للشريحة الإلكترونية في مخ الإنسان من خلال الفرعين الآتيين:-
الفرع الأول : إعادة قراءة النصوص القائمة لمواجهة التثبيت غير المشرع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان .
الفرع الثاني : التدخل التشريعي لتجريم تثبيت الشرائح الإلكترونية لأغراض غير إنسانية .
الفرع الأول
إعادة قراءة النصوص القائمة لمواجهة التثبيت غير المشرع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان
في الحقيقة فإنه يصعب تكييف السلوك الإجرامي المتمثل في تثبيت شريحة إلكترونية في مخ الشخص علي أنه يمثل جريمة وفق نموذج معين في قانون العقوبات ، ولكنه يمثل أذي مما يحكمه قانون العقوبات ، حيث يتضمن التشريع الجنائي المصري النصوص العقابية التي تحمي الحق في السلامة الجسدية و التي يمكن أن تسد النقص المتمثل في عدم تجريم التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان بنص خاص، ([40]) .
ومن ثم رؤى إعادة قراءة هذه النصوص القائمة لإسباغها علي أفعال التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان ، وسد هذا الفراغ التشريعي عن طريق البحث في هذه النصوص العامة والخاصة وتطبيقها علي هذه الجريمة المستجدة ([41]) :-
أولاً : قراءة القوانين العقابية العامة :
فقد يرتكب الفعل و يترتب علي ارتكابه الإخلال بمصلحة جديرة بالحماية، ويري المشرع أن هذا الفعل بالرغم من حداثته يخضع للتجريم وفقاً للقواعد العامة، فيكتفي بذلك فلا يتدخل بالتعديل أو بإصدار قانون جديد ليحكم هذا الفعل، مكتفياً بالقواعد القائمة التي يمكن أن توفر الحماية القانونية اللازمة من هذه الأفعال فعل التثبيت غير المشرع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان ([42]).
حيث يبرز فعل التثبيت غير المشرع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان كحالة واضحة في هذا الشأن فيمس مصلحة جديرة بالحماية، تتمثل في الحق في السلامة الجسدية ، وهذا الحق من أهم الحقوق التي يتمتع بها الفرد والجماعة علي السواء، إذ لا يمكن للجماعة أن تحتفظ بوجودها إلا إذا كان هذا الحق محاط بحماية دستورية و جنائية كاملة ([43] ).
ومن أمثلة الاعتداء علي الحق في السلامة الجسدية تعطيل بعض الخصائص الإنسانية كاستقلال الحركة وحرية الأفعال وذلك عن طريق التثبيت غير المشرع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان مما يسبب إخلالاً في وظائف الجسم الداخلية ([44]).
وتتجه الرؤية في هذه الحالة إلي أن القواعد الجنائية القائمة تعد كافية لتجريم هذه الأفعال، وإضفاء الحماية الجنائية للحق في السلمة الجسدية ، فطبقاً للقواعد العامة في المسئولية الجنائية فإنه إذا كانت النتيجة المترتبة علي التثبيت غير المشرع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان هي مجرد الإيذاء، فيمكن أن تطبق النصوص الجنائية المتعلقة بالجرح أو إعطاء المواد الضارة ([45])، وإذا كانت النتيجة هي إزهاق الروح فيمكن تطبيق النصوص الجنائية المتعلقة بالقتل أو التسميم ([46]).
وفيما يتعلق بالتعدي علي الحق في السلامة الجسدية بالتثبيت غير المشرع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان فكل فعل من شأنه إصابة الشخص في ملكاته بالاختلال أياً كان، ويفقده القدرة علي ممارسة حياته بشكل طبيعي، أو نقص الإدراك والتمييز لديه فهو عدوان يمس سلامة الجسد يعاقب عليه المشرع بموجب قانون العقوبات؛ لإحداث الأذى أو العاهة المستديمة بالمجني عليه متي ثبت أن الاعتداء الذي ارتكبه الجاني علي جسم المجني عليه قد نال من سلامته الجسدية ([47]).
فعندما يستهدف المشرع بالمواد 236، 240، 241، 265 من قانون العقوبات حماية الحق في سلامة الجسم من أي أذي؛ فإنه يعاقب علي أفعال الضرب والجرح وإعطاء المواد الضارة ([48])، وما من شك أن هذه النصوص تغطي بالحماية أكثر من مصلحة جديرة بالحماية ضد أي صورة من صور الأذى، وعند تطبيق قواعد التفسير علي هذه النصوص فإن الضرورة تستتبع قياس النتيجة التي تنتج عن فعل التثبيت غير المشرع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان علي النتيجة التي تنتج عن أفعال أخري جرمها القانون كإعطاء مواد ضارة أو الضرب أو الجرح حتي يتم إنزال العقاب علي هذه الأفعال التي تتسبب في إحداث هذا الأذى أو الضرر،
وبمقتضي ذلك فإن بيان الأفعال التي يجرمها القانون يتطلب تحديد الحق الذي يحميه تحديداً دقيقاً وتفصيل عناصره، فالحق في سلامة الجسم هو الحق في ضمان السير العادي للجسم، وكل فعل يمس هذا السير العادي يعد ضرباً أو جرحاً أو إعطاء مواد ضارة حتي ولو كان المدلول اللغوي لهذه التعبيرات غير متسع لذلك الفعل،
وتطبيقاً لذلك فإن نقل تثبيت جسم غريب في مخ المجني عليه أو توجيه أشعة إلي جسمه دون أن تنال من أعضاءه الخارجية بسوء، ولكنها تخل بالسـير العادي لجهاز من أجهزته الداخلية، فإن ذلك يعد مساساً بالحـق في سلامة الجسم، وكان بذلك خاضعاً لتجريم القانون ([49]).
ثانياً : قراءة القوانين العقابية الخاصة :
( 1 ) اعتبار التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان تجربة علمية غير مشروعة :
جرم المشرع المصري في القانون رقم 214 لسنة 2020 بشأن تنظيم البحوث الطبية الإكلينيكية إجراء التجربة العلمية التي تتم بغير رضاء الخاضع للتجربة ، وكذلك بدون الحصول علي الموافقات المطلوبة من الجهات المختصة ، أو كانت التجربة بدون غاية مشروعة ، وبتطبيق مبادئ الممارسة الطبية الجيدة .
ولما كانت جريمة التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية تتم بالتحايل أو بالإجبار أو بالإغراء بدفع مقابل مادي ، ويكون الغرض منها في العادة غرض غير علاجي ، ومن ثم فمن المتصور أن تعد هذه الجريمة من جرائم إجراء التجارب العلمية غير المشروعة المعاقب عليها قانوناً .
أننا نري أن هذا المنحى له وجاهته ، لأن جريمة التجارب الطبية سواء العلاجية أو العلمية تستغرق كل الأفعال التي تتم في عملية التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية ، وإنا كنا غير مقتنعين بالعقوبات المقررة لهذه التجارب حيث لا تتناسب مع خطورة زرع الشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان .
( 2) اعتبار التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان جريمة اتجار بالبشر :
يمكننا القول أن جريمة التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية تعد جريمة من جرائم الاتجار بالبشر المنصوص عليها في قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 64 لسنة 2010 ،حيث نصت المادة الثانية من هذا القانون على أنه :-” يُعد مرتكباً لجريمة الاتجار بالبشر كل من يتعامل بأية صورة في شخص طبيعي بما في ذلك البيع أو العرض للبيع أو الشراء أو الوعد بهما أو الاستخدام أو النقل أو التسليم أو الإيواء أو الاستقبال أو التسلم – سواء في داخل البلاد أو عبر حدودها الوطنية – إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو العنف أو التهديد بهما، أو بواسطة الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو استغلال السلطة، أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة، أو الوعد بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا مقابل الحصول على موافقة شخص على الاتجار بشخص آخر له سيطرة عليه – وذلك كله – إذا كان التعامل بقصد الاستغلال أيا كانت صوره بما في ذلك الاستغلال في أعمال الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي، واستغلال الأطفال في ذلك وفي المواد الإباحية أو السخرة أو الخدمة قسراً ، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد، أو التسول، أو استئصال الأعضاء أو الانسجة البشرية، أو جزء منها “
ولا يعتد برضاء المجني عليه على الاستغلال في أي من صور الاتجار بالبشر، متى استخدمت فيها أية وسيلة من الوسائل المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون ، ولا يشترط لتحقق الاتجار بالطفل أو عديمي الأهلية استعمال أية وسيلة من الوسائل المشار إليها، ولا يعتد في جميع الأحوال برضائه أو برضاء المسئول عنه أو متوليه ([50]) .
ومن الملاحظ أن جريمة التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية تتم بنفس السلوك الذي تتم به جريمة الاتجار بالبشر ، كما أنها ترتكب لنفس الأغراض ، وكذلك باستخدام نفس الوسائل مما يحقق التشابه الكبير بين الجريمتين .
فمن حيث السلوك فإن جريمة التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان يمكن أن تتم بأي طريقة سواء في مستشفى أو معمل او مكان خاص وذلك باستخدام العنف أو القوة او التهديد أو التحايل ، وذلك لأغراض الاستغلال أياً كانت صورته .
إلا إننا ومع ذلك نري أن هناك فروق بين الجريمتين ، حيث أن جريمة الاتجار بالبشر حدد لها المشرع نموذجاً تشريعاً مناسباً ، وقرر لها العقوبة المناسبة التي لا تتناسب مع جريمة التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان .
ذلك ما يدعونا إلي حث المشرع للتدخل الفوري لتجريم جرائم التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان بنص تجريمي خاص ومناسب لخطورة هذه الجريمة .
الفرع الثاني
التدخل التشريعي لتجريم تثبيت الشرائح الإلكترونية لأغراض غير إنسانية
في ظل قصور الحماية الجنائية ضد أفعال التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية لأغراض غير إنسانية ، وكذلك في ظل غياب النص الخاص الذي ينظم هذه الجرائم ، فإن المشرع ما زال مدعو للتدخل التشريعي لتجريم هذه الأفعال .
ومما لا شك فيه أن الدعوة ما زالت جادة للمشرع لحل إشكالية عدم كفاية النصوص القائمة لمواجهة التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان ، إذ لا توجد قاعدة قانونية مناسبة للعقاب علي هذه الجريمة ، لذا فالأولي بالفقه الجنائي حث المشرع علي إصدار القانون الذي يجرم هذا الفعل بنص خاص يقنن هذا الفعل تقنيناً موضوعياً ([51]).
أما الاجتهاد في إيجاد نص جزائي ينطبق علي هذا الفعل، فهو اجتهاد غير صائب؛ لأنه يضع العربة أمام الحصان، بمعني أنه يضع الجزاء قبل أن يقنن الجرم، فهذا الاتجاه قد أغفل أن الأصل هو أن يأتي شق التجريم أولاً بحيث يسبق في وضعه شق الجزاء، وأنه تبعاً لذلك واتساقاً مع مبدأ الشرعية الجنائية فإنه لا يمكن توجيه الخطاب للسلطات بتوقيع العقاب أولاً قبل مخاطبة الأفراد بشق التكليف أو التجريم([52]).
ومن جهة آخري فإن البحث عن قاعدة عقابية (شق الجزاء) لتطبيقها علي فعل التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية يعد أساس غير منطقي([53])؛ لأن المخاطب بهذه القاعدة الجزائية في الأساس هو القاضي المنوط به تطبيق القاعدة القانونية، وإن كان الأفراد مخاطبون بها أيضاً إلا أنهم مخاطبون بدرجة أكبر بقاعدة التجريم، وليس بقاعدة الجزاء، أي أن الشق المتعلق بالجزاء موجه للقاضي في المرتبة الأولي، أما الشق المتعلق بالتجريم فهو يخاطب الأفراد بصفة أساسية في المرتبة الأولي ([54]).
ويرتبط عنصر التجريم والجزاء في القاعدة القانونية بعلاقة منطقية وزمنية، ذلك أن التجريم يستتبع منطقياً الجزاء كوسيلة لاحترام نصوصه؛ وأما العلاقة الزمنية فأساسها أن الجزاء يتبع زمنياً الانتهاك الفعلي للمبدأ القانوني أو عنصر التجريم ([55]).
ونلاحـظ أن المقصود بالتتابع الزمني بين عنصر التجريم وعنصر الجزاء هو تتابع في التطبيق العملي لكلا العنصرين، بمعني أن عنصر الجزاء لا يتم تطبيقه عملياً إلا بعد أن يسـبقه عنصر التجريم، ويخاطب به المخاطـبون بالقاعدة الجنائية قبل توقيع الجزاء ([56]).
ولكن ليس التتابع الزمني في وضع عنصري القاعدة القانونية حتمي، فقد نجد الجزاء يسبق في وضعه زمنياً وضع عنصر التجريم، فقد ينص المشرع علي عنصر الجزاء أولاً ثم يضع بعد ذلك عنصر التجريم، أو يحيل في وضعه إلي نص لاحق كما في القاعدة الجنائية علي بياض ([57]).
ونخلص مما سبق أن التجريم بوجه عام يسبق العقاب، أي أن التجريم يأتي أولاً ثم يأتي بعد ذلك العقاب، ومن ثم فمن غير المستساغ أن يجهد الفقه نفسه في البحث عن عقوبة لفعل التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان ، قبل أن يجتهد في تقنين هذا الفعل وتجريمه بنص صريح وواضح، خصوصاً في ظل عدم جواز القياس في قانون العقوبات ([58]).
سمة النص المرتقب لتجريم التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية:
يلزم أن يكون التدخل التشريعي المرتقب مناسباً للتطورات والمستجدات الحديثة في المجال الطبي، بحيث يغطي كل السلوكيات التي تهدد الحق في السلامة الجسدية، ومن ثم نهيب بالمشرع أن يضع في اعتباره عند تجريم فعل التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية ما يلي: –
- أن يكون تجريم فعل التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية والعقاب عليه بالحد الضروري لتحقيق المصلحة الاجتماعية العادلة للمجتمع، ويتطلب ذلك عدم إسراف السلطة التشريعية في التجريم والعقاب، ولكن ذلك لا يمنع السلطة التشريعية من صياغة النصوص في شكل فضفاض يمكن أن يتناول الكثير من الأفعال التي تتلاءم مع تطور المصالح محل الحماية الجنائية، فتحتوي هذه النصوص السلوكيات المستجدة في التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية ؛ لأن العلوم الطبية كل يوم في تطور ([59]) .
- يجب عند حماية القانون للحق في السلامة الجسدية ضد أفعال التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان كأساس للتجريم، إلا يصطدم ذلك بالشعور الاجتماعي العام، كتجريم سلوك يتم ممارسته طبقاً لحق من الحقوق التي كفلها الدستور ([60])؛ كإجراء تجربة طبية وفقا للضوابط القانونية بغرض العلاج ([61]).
- من حيث العقاب: فإنه إذا كان العلماء تجذبهم شهوة العلم لغجراء التثبيت غير المشروع للشرائح الإلكترونية في مخ الإنسان فإن هؤلاء العلماء ليسوا كقطاع الطرق والمجرمين ؛ فإنه لا يجوز التمعن في عقابهم بصورة مبالغ فيها([62])، أو معاملتهم بصورة قاسية؛ فمن المفترض أنه برئ بصورة تقبل إثبات العكس ([63]) ؛ لذلك يجب علي القاضي أن يطبق العقوبات التي تتناسب مع السلوك ([64]).
***
خاتمة الدراسة
تناولنا في هذه الدراسة مشكلة حديثة ظهرت علي الساحة القانونية ، وهي مشكلة الشرائح الإلكترونية التي يتم تثبيتها في دماغ الإنسان لأغراض في ظاهرها طبية ، إلا أن هذه الأفعال تولد عنها العديد من المشكلات القانونية ، وهو ما عرضناه في هذه الدراسة .
وبدأنا بتعريف الشرائح الإلكترونية وأسسها العلمية والفنية ، ثم عرضنا للمظاهر التي تتشابه مع هذه الظاهرة ، كغسل الأدمغة ، وكالتنويم المغناطيسي ، والبرمجة الذهنية ، ثم عرضنا للمشكلات التي تثيرها الشرائح الإلكترونية والتي تتمثل في الاعتداء علي السلامة الجسدية وانتهاك الخصوصية ، واعتبارها جريمة تجربة طبية غير مشروعة ، ثم عرضنا للنص القانوني الواجب التطبيق علي هذه الأفعال ، فعرضنا للنصوص القائمة ، ثم الحاجة إلي إصدار تشريع جديد لمواجهة هذه الأفعال .
نتائج الدراسة
انتهينا من هذه الدراسة إلي نتائج هامة ، وهي :
- أن الشرائح الإلكترونية تعد جريمة في حق الإنسان يجب التصدي التشريعي لها .
- تنتهك الشرائح الإلكترونية الحق في السلامة الجسدية .
- تنتهك الشرائح الإلكترونية الحق في الخصوصية
- إلي أن يصدر تشريع يناسب هذه الجريمة يمكن اعتبارها جريمة إجراء تجربة علمية بحته بدون ضوابط قانونية أو فنية ، أو اعتبارها جريمة اتجار بالبشر .
- يجب أن يكون النص المرتقب متناسباً مع هذه الجريمة من حيث المرونة ليشمل كل الأفعال المتعلقة بالجريمة ، كما يجب أن تكون العقوبة مناسبة لخطورة الجريمة .
التوصيات
- ضرورة التدخل التشريعي لتجريم عملية تثبيت الشرائح الإلكترونية في دماغ الإنسان بدون ضرورة علاجية ، أو لأغراض غير مشروعة .
- ضرورة التدخل التشريعي لتنظيم الرقابة علي استخدام الشرائح الإلكترونية في المجالات الطبية والعلاجية .
- إعادة النظر في السياسة التشريعية الوقائية التي تبناها المشرع تجاه التجارب الطبية العلمية البحتة ، والتوسع في حظر مثل هذه التجارب .
- ضرورة تحديد المضمون الفني والقانوني والتقني للشرائح الإلكترونية الدماغية .
- يجب اعتناق كل تشريع يجرم الاستخدامات غير المبررة وغير المحكومة بضوابط فنية وقانونية للشرائح الإلكترونية .
***
قائمة المراجع
- د/ حسام محمد السيد محمد : تجريم التلاعب الذهني –دراسة تحليلية مقارنة –مجلة الدراسات القانونية بكلية الحقوق بأسيوط – عدد سبتمبر 2019 .
- د / عادل يحيي: الحماية الجنائية للحق في الصحة بين النظرية والتطبيق – دار النهضة العربية ط عام 2010.
- د/ عبد الرحمن العيسوي : عملية غسيل الدماغ – طبيعتها وآثارها ومجالاتها –الفكر الشرطي الشارقة مج 12 ع 2 – 2003 .
- د/ عصام أحمد محمد: النظرية العامة للحق في سلامة الجسم – دراسة مقارنة في القانون الجنائي – رسالة دكتوراه – جامعة القاهرة .
- د / فخري الدباغ : غسيل الدماغ –المؤسسة اللبنانية للنشر بيروت 1970 .
- د/ محمد أحمد عزت عبد العظيم : الجرائم المعلوماتية الماسة بالحياة الخاصة –رسالة دكتوراه بكلية الحقوق جامعة القاهرة 2016 .
- د/ محمد جبريل إبراهيم : الحماية الجنائية والمدنية للمريض بمرض معدٍ – دراسة مقارنة – دار النهضة العربية 2021.
- د/ محمد جبريل إبراهيم : المسئولية الجنائية عن جرائم الروبوت – دار النهضة العربية 2022 .
- د/ محمد مختار جمعة : تفكيك الفكر المتطرف – سلسة محاضرات بالإمارات 2016 .
- د/ محمد زكي أبو عامر: قانون العقوبات – القسم الخاص – دار الجامعة الجديدة – الإسكندرية 2007 .
- د/ محمد عيد الغريب : التجارب الطبية وحرمة الكيان الجسدي للإنسان – طبعة أولي 1989 .
- د/ مهند صلاح أحمد فتحي العزة : الحماية الجنائية للجسم البشري في ظل الاتجاهات الطبية الحديثة –دار الجامعة الجديدة للنشر 2002 .
- د / محمود نجيب حسني : الحق في سلامة الجسم ومدي الحماية التي يكفلها له قانون العقوبات، مجلة القانون والاقتصاد – جامعة القاهرة – العدد الثالث – السنة 29 – سنة 1959 – ص 529.، د/ جلال ثروت: نظم القسم الخاص في قانون العقوبات – منشأة المعارف بالإسكندرية – ط 2000 .
- د / نبيل راغب : غسيل المخ – كيف يغيب العقل ومتي –دار غريب القاهرة 1998 .
- د / هشام محمد فريد رستم : الحماية الجنائية لحقوق الإنسان في النظام القانوني المصري .
- د / هدي حامد قشقوش: جرائم الاعتداء علي الأشخاص – دار النهضة العربية .
المراجع الأجنبية :
1-Patrick Mistretta ; droit penal Medical.. P.245.
2- Cayron ( J.) , Lexperimentationhumaine et la recherché biomedicale dix ansd,application de la loihuriet , le droit de la biologie humaine vieux de batsnouveax enjeux sous la direction alainseriaux Ellipses edition 2000 P . 19
3- DElAGE (G.G.) ; droit a la protection de la santé et droit penal en france .R.S.C. 1996. P.35.
() 4- Ying HU : robot criminal , university of Michigan Journal of law reform,volume 52- 2019
الهوامش:
- () د/ مهند صلاح أحمد فتحي العزة : الحماية الجنائية للجسم البشري في ظل الاتجاهات الطبية الحديثة –دار الجامعة الجديدة للنشر 2002 – ص19 . ↑
- () د / نبيل راغب : غسيل المخ – كيف يغيب العقل ومتي –دار غريب القاهرة 1998 – ص 11 . ↑
- () د / فخري الدباغ : غسيل الدماغ –المؤسسة اللبنانية للنشر بيروت 1970 – ص 13 . ↑
- () د/ عبد الرحمن العيسوي : عملية غسيل الدماغ – طبيعتها وآثارها ومجالاتها –الفكر الشرطي الشارقة مج 12 ع 2 – 2003 – ص 92 . ↑
- () د/ محمد مختار جمعة : تفكيك الفكر المتطرف – سلسة محاضرات بالإمارات 2016 – ص 4 . ↑
- () راجع الدستور المصري الصادر في 2014 في مادته الثامنة عشر والتي نصت علي أنه لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ علي مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل علي رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل…..”. ↑
- () د / محمود نجيب حسني : الحق في سلامة الجسم ومدي الحماية التي يكفلها له قانون العقوبات، مجلة القانون والاقتصاد – جامعة القاهرة – العدد الثالث – السنة 29 – سنة 1959 – ص 529.، د/ جلال ثروت: نظم القسم الخاص في قانون العقوبات – منشأة المعارف بالإسكندرية – ط 2000 جـ 1 رقم 233- ص 343. ↑
- () د / هدي حامد قشقوش: جرائم الاعتداء علي الأشخاص – دار النهضة العربية – ص 18. ↑
- () اتخذت منظمة الصحة العالمية من بلوغ الشعوب أرفع مستوي صحي يمكن بلوغه هدفاً سامياً لها تسعي إلي تحقيقه بكافة السبل. ↑
- () د / عادل يحيي: الحماية الجنائية للحق في الصحة بين النظرية والتطبيق – دار النهضة العربية ط عام 2010 – ص 40. ↑
- ()DElAGE (G.G.) ; droit a la protection de la santé et droit penal en france .R.S.C. 1996. P.35. ↑
- ()Patrick Mistretta ; droit penal Medical. P.245. ↑
- () د / هشام محمد فريد رستم : الحماية الجنائية لحقوق الإنسان في النظام القانوني المصري – ص 189. ↑
- () د / محمود نجيب حسني : المرجع السابق – ص 530. ↑
- ()MATIEU (G.) ; sida et droit penal , OP.Cit. P 79. ↑
- () د/ مصطفي فهمي الجوهري: القسم الخاص من القانون الجنائي في جرائم الاعتداء علي الأشخاص – ص 58، ود/ عصام أحمد محمد: النظرية العامة للحق في سلامة الجسم – دراسة مقارنة في القانون الجنائي – رسالة دكتوراه – جامعة القاهرة – ص 78. ↑
- () راجع د/ حسنين عبيد: الوجيز في قانون العقوبات – القسم الخاص – جرائم الاعتداء علي الأشخاص والأموال – دار النهضة العربية 1995 – ص 119.، ود/ محمد زكي أبو عامر: قانون العقوبات – القسم الخاص – دار الجامعة الجديدة – الإسكندرية 2007 – ص 539. ↑
- () د/ محمد أحمد عزت عبد العظيم : الجرائم المعلوماتية الماسة بالحياة الخاصة –رسالة دكتوراه بكلية الحقوق جامعة القاهرة 2016 – ص 154 . ↑
- () د/ محمد جبريل إبراهيم : المسئولية الجنائية عن جرائم الروبوت – دار النهضة العربية 2022 –ص 25 . ↑
- () Ying HU : robot criminal , university of Michigan Journal of law reform,volume 52- 2019 ↑
- () د/ هناء مصطفي الخبيري : الجرائم المعلوماتية وتقنين العملات الرقمية – مرجع سابق – ص 95 . ↑
- () د/ محمد جبريل إبراهيم : الحماية الجنائية والمدنية للمريض بمرض معدٍ – دراسة مقارنة – دار النهضة العربية 2021 –ص 80 . ↑
- () صدرت اللائحة التنفيذية لهذا القانون بموجب القرار رقم 927 لسنة 2022 . ↑
- () المادة الأولي من القانون 214 لسنة 2020 بإصدار قانون تنظيم البحوث الطبية الإكلينيكية . ↑
- ( ) راجع المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر بقرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتاريخ 16/12/1966 والذي يقرر أنه لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة وعلي وجه الخصوص لا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية علي أحد دون رضاه الحر . ↑
- ( ) د/ فتوح عبد الله الشاذلي : أبحاث في القانون والإيدز – ط 2001 -ص 52 . ↑
- ( ) د/ محمد عيد الغريب : التجارب الطبية وحرمة الكيان الجسدي للإنسان – طبعة أولي 1989 – ص 5 . ↑
- ( )Cayron ( J.) , Lexperimentationhumaine et la recherché biomedicale dix ansd,application de la loihuriet , le droit de la biologiehumainevieuxdebatsnouveaxenjeux sous la direction alainseriaux Ellipses edition 2000 P . 19 . ↑
- () انظر المادة الثالثة من القانون رقم 214 لسنة 2020 بشأن البحوث الإكلينيكية . ↑
- () د/ نورس أحمد كاظم الموسوي : جريمة الاتجار بالبشر لأغراض التجارب الطبية –دراسة مقارنة –مجلة المحقق الحلبي للعلوم القانونية والسياسية –العدد الرابع –السنة الثامنة 2016 – ص 56 ، وانظر :
Mclean, D. Transnational Organized Crime: ACommentary on the U N Convention and Protocols, (1 st ed) Oxford university press. 2007 , P 328. ↑
- () اللجنة المؤسسية المختصة بمراجعة أخلاقيات البحوث الطبية (اللجنة المؤسسية): هي مجموعة من الأشخاص ذوى التخصصات الطبية وغير الطبية ، تتولى مراجعة المخططات البحثية (البروتوكولات) وتطبيق المبادئ الأخلاقية الواجب اتباعها في هذا الشأن ويكون مقرها الجهة البحثية ، ويشترط في هذه اللجنة أن تكون مسجلة بالمجلس الأعلى ، ويشار إليها في هذا القانون باللجنة المؤسسية . ↑
- ( ) راجع المادة من الثانية اللائحة التنفيذية للقانون رقم 214 لسنة 20120 بتنظيم البحوث الطبية والإكلينيكية الصادرة بالقرار رقم 927 لسنة 2022 . ↑
- () د/ محمد جبريل ابراهيم : جرائم الأطباء العمدية وغير العمدية – دار النهضة العربية 2022 – ص 111 . ↑
- () المادة الرابعة من القانون 214 لسنة 2020 بإصدار قانون تنظيم البحوث الطبية الإكلينيكية . ↑
- () د/ محمد جبريل إبراهيم : الحماية الجنائية والمدنية للمريض بمرض معد ٍ– مرجع سابق– ص 67 . ↑
- ( )انظر المادة 12 من القانون 214 لسنة 2020 بإصدار قانون تنظيم البحوث الطبية الإكلينيكية . ↑
- () د/ مهند صلاح أحمد فتحي العزة : الحماية الجنائية للجسم البشري في ظل الاتجاهات الطبية الحديثة –مرجع سابق – ص19 . ↑
- () د/ حسام محمد السيد محمد : تجريم التلاعب الذهني –دراسة تحليلية مقارنة –مجلة الدراسات القانونية بكلية الحقوق بأسيوط – عدد سبتمبر 2019 – ص128 . ↑
- () د/ اشرف توفيق شمس الدين : الجينات الوراثية والحماية الجنائية للحق في الخصوصية –دراسة مقارنة –دار النهضة العربية – ص 11 . ↑
- () د/ عصام عفيفي عبد البصير: النصوص العقابية في القوانين غير الجنائية – نحو سياسة جنائية جديدة – مرجع سابق – ص 57. ↑
- () د/ رفاعي سيد سعيد : تفسير النصوص الجنائية – دراسة مقارنة – دار النهضة العربية – ط 2008 – ص 57. ↑
- () د / أحمد حسني أحمد طه: المسئولية الجنائية الناشئة عن نقل عدوي الإيدز – مرجع سابق – ص 70. ↑
- () راجع الدستور المصري الصادر في 2014 في مادته الثامنة عشر والتي نصت علي أنه لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ علي مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل علي رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل…..”. ↑
- () د / أحمد محمد لطفي: الإيدز وآثاره الشرعية والقانونية – مرجع سابق – ص 178. ↑
- () د / أحمد حسني أحمد طه: المسئولية الجنائية الناشئة عن نقل عدوي الإيدز – مرجع سابق – ص 66. ↑
- () Fautouh El Chazli : droit et sida Op. cit. P 143. ↑
- () د / جميل عبد الباقي الصغير: القانون الجنائي والإيدز – مرجع سابق – ص 47. ↑
- () د / فوزية عبد الستار: شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – الطبعة الثانية – دار النهضة العربية – 1988- رقم 496 – ص 448، 449. ↑
- () د/ محمود نجيب حسني – الحق في سلامة الجسم ومدي الحماية التي يكفلها له قانون العقوبات – مجلة القانون والاقتصاد س 29 ص 530 وما بعدها. ↑
- () انظر المادة الثالثة من قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 64 لسنة 2010 . ↑
- () في مجال غياب النص التحريمي فقد استقرت أحكام محكمة النقض علي أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ولا يجوز التوسع في تفسير نصوص القانون الجنائي، كما يحظر القياس عليها..” راجع الطعن رقم 50800 لسنة 85 ق جلسة 15/2/2017 منشور علي موقع البوابة القانونية لمحكمة النفض:
WWW.CC.gov.eg/Courts/Cassation-Court/Crininal/Cassation-Court ↑
- () د/ السعيد مصطفي السعيد: شرح قانون العقوبات – القسم العام – مرجع سابق – ص 399، ود/ كامل مرسي: شرح قانون العقوبات – القسم العام – مرجع سابق – ص 400، وراجع الدكتور / مأمون محمد سلامة: قانون العقوبات – القسم العام – ج 3 – 1990 – ص 19، د / عمر محمد سالم: شرح قانون العقوبات المصري – القسم العام مرجع سابق – ص 388. ↑
- () د / عصام عفيفي عبد البصير: أزمة الشرعية الجنائية ووسائل علاجها – دار النهضة العربية – ط 2007 – ص 46. ↑
- () الدكتور / عبد الفتاح الصيفي: القاعدة الجنائية – طبعة الشركة الشرقية للنشر والتوزيع – بيروت – لبنان – بدون تاريخ – ص 15. ↑
- () Garraud ( R. ): OP. Cit., No. 98.P213. ↑
- () د/ عصام عفيفي عبد الصبور: النصوص العقابية في القوانين غير الجنائية – نحو سياسة جنائية جديدة – دراسة تحليلية – دار أبو المجد للطباعة بالهرم – بدون تاريخ نشر – ص 26. ↑
- () د/ عصام عفيفي عبد الصبور: القاعدة الجنائية علي بياض – دار النهضة العربية – ص 25. ↑
- () انظر حظر القياس في تفسير نصوص التجريم والعقاب للدكتور / شريف كامل: تعليق علي قانون العقوبات الفرنسي الجديد – مرجع سابق – ص 42، د / أشرف توفيق شمس الدين – شرح قانون العقوبات – القسم العام – النظرية العامة للجريمة والعقوبة – دار النهضة العربية 2015 – ص 135. ↑
- () د / مأمون محمد سلامة – قانون العقوبات -القسم الخاص – مرجع سابق – ص 27. ↑
- () د / شريف سيد كامل: القسم العام – مرجع سابق – ص 150، د/ حسني الجندي: مرجع سابق – ص 53. ↑
- () BOUBI (B.) et GUIGUE (J.), Le droit penal et le SIDA , la Revue du pratieien, Medecine generale,T.5.N 124,du 28 Janvier 1991,p.247. ↑
- () KEYMAN; Leresuiltat penal Rev. sc. crim. 1986. Op. Cit.P. 781. ↑
- () د/ السيد محمد عتيق: المشكلة القانونية التي يثيرها مرض الإيدز من الوجهة الجنائية – مرجع سابق – ص 14. ↑
-
() د / مهند سليم المجلد: جرائم نقل العدوى – بحث مقارن في القانون المصري والفقه الإسلامي والنظام السعودي – مرجع سابق – 155. ↑