دور مؤسسات العدالة الانتقالية في ضمان حقوق الانسان
م.م. نور صباح ياسر1
1 جامعة ديالا، العراق. بريد الكتروني: drnoorsabah40@gmail.com
HNSJ, 2024, 5(5); https://doi.org/10.53796/hnsj55/30
تنزيل الملف تاريخ النشر: 01/05/2024م تاريخ القبول: 15/04/2024م
المستخلص
ان التغييرات التي حدثت في النظام السياسي العراقي – اي مرحلة ما بعد 2003- ادت الى حالة من الفوضى داخل الدولة واصبح نظام العدالة الجنائية التقليدي غير قادر على حل هذه النزاعات كونها ذات طبيعة خاصة ، مما استدعى ذلك استحداث تشكيلات ادارية او هيئات مستقلة سميت بمؤسسات العدالة الانتقالية تختص كل منها بعمل معين من اجل معالجة الحالات التي خلفها التغيير في النظام السياسي ، وجاءت هذه الهيئات بنص قانون خاص بها ، محددة بنطاق عمل معين وزمان معين وكان لها دورا فعالا في المحافظة على النظام العام واعادة الحقوق الى اصحابها وتعويض الضحايا.
وقد شكلت لهذا الغرض مؤسسات العدالة الانتقالية ومنها اللجان الخاصة مثل لجان تعويض المتضررين جراء الاعمال الحربية والعسكرية والارهابية وتعويض السجناء والشهداء ، كما استحدثت هيئات معينة مختصة بنزاعات الملكية وهي هيئة نزاعات الملكية و هيئات مختصة باجتثاث البعث مثل الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة ، كما انه الى جانب هذه الهيئات تلعب مؤسسات المجتمع المختلف دورا هاما في ضمان حقوق الانسان ومن اهمها العشيرة اذ تعمل على حماية حياة الافراد لما تتمتع به من مكانة ونفوذ داخل المجتمع لذا فيقع على عاتقها الحفاظ على النظام.
توصل الباحث من خلال هذا البحث الى عدة نتائج من ضمنها ان التغييرات التي حدثت في النظام السياسي العراقي بسبب الثورات او النزاعات المسلحة تطلب تفعيل اجهزة العدالة الانتقالية, كما ان دور العشيرة بعد (2003) ازدادت فعاليته ، ان مؤسسة الشهداء ومؤسسة السجناء السياسيين كان لها دورا فعالا في معالجة حالات التعويض لضحاياهم ومنحتهم تعويضا ماديا الى جانب التعويض المعنوي ، كما شكلت مجالس الاسناد، و لجان على صعيد مجلس محافظة بغداد وهي لجنة شؤون العشائر ، وتعمل على دعم المصالحة الوطنية بالتنسيق مع نظيراتهما من اللجان في المجالس البلدية وتنسق العمل مع لجنة متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية في مجلس الوزراء ومديرية شؤون العشائر في وزارة الداخلية وغيرها من المهام الاخرى ، و طبق لأول مرة في محافظة ديالى ما يعرف باسم لجنة الحكماء لحسم النزاعات العشائرية ، من اجل تعزيز منظومة التعايش المجتمعي ومنع المتطرفين من استغلال الخلافات في تعكير صفو الامن والاستقرار.
The role of transitional lawsuits in ensuring human rights
Noor sabah yasir1
1 Diyala University, Iraq.
Email: drnoorsabah40@gmail.com
HNSJ, 2024, 5(5); https://doi.org/10.53796/hnsj55/30
Published at 01/05/2024 Accepted at 15/04/2024
Abstract
The changes that occurred in the Iraqi political system – that is, the post-2003 period – led to a state of chaos within the state, and the traditional criminal justice system became unable to resolve these disputes because they were of a private nature, which necessitated the creation of administrative formations or independent bodies called justice institutions.
For this purpose, transitional justice institutions have been formed, including special committees such as committees for compensating those harmed by military, military and terrorist acts and compensating prisoners and martyrs. Specific bodies specialized in property disputes, namely the Property Disputes Commission, and bodies specialized in de-Baathification such as the National Accountability and Justice Commission, have also been created. In addition to these
Bodies Different societal institutions play an important role in ensuring human rights, the most important of which is the clan, as it works to protect the lives of individuals because of the status and influence it enjoys within society, so it is its responsibility to maintain order.
Through this research, the researcher reached several results, including that the changes that occurred in the Iraqi political system due to revolutions or armed conflicts required the activation of transitional justice systems, and that the role of the clan after (2003) increased its effectiveness, and that the Martyrs Foundation and the Political Prisoners Foundation had a role. It was effective in dealing with cases of compensation for their victims and granted them material compensation in addition to moral compensation. It also formed support councils and committees at the level of the Baghdad Governorate Council, which is the Tribal Affairs Committee. It works to support national reconciliation in coordination with its counterpart committees in the municipal councils and coordinates the work with the Follow-up and Implementation Committee. National reconciliation in the Council of Ministers and the Directorate of Tribal Affairs in the Ministry of Interior and other tasks, and for the first time in Diyala Governorate what is known as the Committee of the Wise to resolve tribal disputes, in order to strengthen the system of societal coexistence and prevent extremists from exploiting differences to disturb security and stability.
المقدمة
ان التغييرات التي حدثت في النظام السياسي العراقي بسبب الثورات او النزاعات المسلحة ادت الى انتهاكات كثيرة لحقوق الانسان مما ادى الامر الى البحث عن نوع جديد للعدالة وصولا للدولة القانونية، أذ ان نظام العدالة الجنائية التقليدي معروف عبر التاريخ، بمعاقبة الجاني دائما على الجرم الذي ارتكبه، وهذا العقاب يختلف من جريمة الى اخرى ومن دولة الى أخرى وفقآ للتشريع الداخلي للدولة ، اذ ان الهدف من العقاب هو مكافحة الظاهرة الاجرامية والحد منها وردع المجرمين وإصلاحهم وتحقيق العدالة في المجتمع، لذا استدعى التغيير الحاصل في النظام السياسي الى ايجاد قواسم مشتركة تتعلق بكشف الحقيقة وتعويض الضحايا وجبر الضرر، وهذا ما لا يمكن الوصول اليه بأجهزة العدالة الجنائية التقليدية وانما يتطلب انشاء ما يعرف بأجهزة او هيئات العدالة الانتقالية ، خلال هذه الفترة لضمان حقوق الانسان.
وحاليا تتعدد ادوات تطبيق العدالة الانتقالية، وكذلك السياقات التاريخية الاجتماعية التي استدعتها ولكن هناك اتفاق على انها مجموعة من الاجراءات تقتضيها مرحلة انتقالية لمجتمع ما من مرحلة قهر دكتاتوري الى مرحلة ديمقراطية وهو ما يعني ان تركيبة القوانين التي كانت تسود المرحلة السابقة لا تتناسب مع المرحلة الانتقالية، وبأن التركيبة الجديدة من الاجراءات الانتقالية هي تركيبة موقوتة بزمن محدد يعود بعدها المجتمع الى المسار القانوني الطبيعي.([1])
و نظرا للطبيعة المركبة للعدالة الانتقالية بكونها تهدف الى مجموعة اهداف من بينها وقف الانتهاكات المستمرة لحقوق الانسان، والتحقيق في الجرائم الماضية وتحديد المسؤولين عن الانتهاكات ومعاقبتهم وتعويض الضحايا ومنع وقع انتهاكات مستقبلية والحفاظ على السلام الدائم، ثم الترويج للمصالحة الفردية والوطنية، ولتحقيق هذه الاهداف منذ منتصف القرن الماضي تم تشكيل لجان خاصة في بعض الدول تختص بالعدالة الانتقالية تحت مسمى لجان الحقيقة او لجان الحقيقة والمصالحة.([2])
و في العراق تم انشاء هيئات للعدالة الانتقالية ، اذ شكلت لجان خاصة مثل لجان تعويض المتضررين جراء الاعمال الحربية والعسكرية والارهابية وتعويض السجناء والشهداء ، كما استحدثت هيئات معينة بإصلاح الاضرار واعادة الحقوق لأصحابها واجتثاث البعث مثل هيئة نزاعات الملكية والهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة ، كما انه الى جانب هذه الهيئات تلعب العشيرة دورا هاما في حماية حياة الافراد لما تتمتع به من مكانة ونفوذ داخل المجتمع لذا فيقع على عاتقها الحفاظ على النظام اذ فلابد من بيان دور العشيرة في تحقيق العدالة البديلة خلال الفترة الانتقالية.
لذا يتطلب هذا البحث دراسة الموضوع من خلال تسليط الضوء على الهيئات (هيئة دعاوى الملكية ومؤسسة الشهداء ومؤسسة السجناء السياسيين و الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة) عن طريق توضيح دور هذه الهيئات والمؤسسات في حل النزاعات وتعويض الضحايا المشمولين بتلك القوانين، لذا سنعمد على تقسيم هذا البحث الى مبحثين يتضمن المبحث الاول التشكيلات المستحدثة بعد 2003 ودورها في ضمان حقوق الانسان والمبحث الثاني دور العشيرة في تحقيق ضمان حقوق الانسان وكما يلي:
المبحث الاول
التشكيلات الادارية المستحدثة بعد2003 ودورها ضمان حقوق الانسان
شهد العراق العديد من التحولات والاحداث السياسية العنيفة منذ نشوء الدولة العراقية عام 1921 وحتى يومنا هذا ، ترافقت مع تغيير في شكل ونظام الحكم وتعاقب قيادات عسكرية ومدنية سياسية مختلفة في ايديولوجيتها ومنهجها وتوجهاتها ، وكان الاخطر فيها تعرض العراق للاحتلال الامريكي البريطاني يوم 9/4/2003 ، ونتيجة لسياسة الاحتلال التي تسببت في انهيار النظام السياسي السابق بمؤسساته السياسية والعسكرية كافة ، مما جعل العراق بلدا يعاني من فراغ سياسي وأمني ، ودولة بلا مؤسسات وشعب بلا سلطة ، اذ اغيب الاحتلال السيادة الوطنية.([3])
مما لاشك فيه مبادئ العفو والتسامح لها الاهمية وضرورية في اي مجتمع عانى من ويلات النزاعات والقمع والاضطهاد، ومع ذلك هذا لا ينفي ضرورة اجراء محاكمات عادلة ضمن أطار القانون ودور هذه المحاكمات لا يكمن فقط فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الانسان، وانما تكمن أيضا في تعزيز مبادئ المحاسبة والمساءلة في مرحلة انتقالية لطي صفحة الماضي، والبدء بمرحلة بناء بأسس جديدة.([4]) لأن غياب مبدأ المحاكمات من الممكن ان يؤدي الى زعزعة الثقة في الدولة والقانون.([5]) وتقوم كثير من الدول بتطبيق سياساتها الجنائية مجموعة من الاجهزة تأخذ شكل ما يعرف بنظام العدالة الجنائية، ذلك النظام الذي يضم الشرطة، والنيابة ( الادعاء العام )، والقضاء، والسجون والرعاية اللاحقة للأفراج عن المسجونين.([6]) ولكن هذه الاجهزة تكون غير كافية لضمان حقوق الانسان خلال تلك الفترات , فتكون الدولة بحاجة الى اجهزة اخرى تعمل بطريقة ساندة لأجهزة نظام العدالة الجنائية.
تعتبر المصالحة الوطنية نتيجة حتمية تمر بها كل دولة سبق لها ان عاشت صراعات او نزاعات بينها وبين مواطنيها ويكون انهاء هذا النزاع او الخلاف بأشراك جميع الفاعليين السياسيين والحث على ازالة اسبابه بحيث ان السلطة خلقت حالة من الصراع الكامن او معلن بينها وبين المجتمع حالة من الافتراق بينهما يتطلب مبادرات سليمة للوقوف على قائمة اعادة المهمشين او المبعدين من الحياة السياسية والمدنية الى حالة السلم.([7])
تتمثل المؤسسات الرسمية في الدولة بعدد من الهيئات التي تم استحداثها بعد 2003 ومنها مؤسسة الشهداء ومؤسسة السجناء السياسيين و هيئة دعاوى الملكية والهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة.
المطلب الاول
مؤسسة السجناء السياسيين و مؤسسة الشهداء
أصبح موضوع تعويض الضحية، من المواضيع ذات الأهمية في النظام القانوني الداخلي، فالكثير من التشريعات يتم تعديلها او محاولة تعديلها، وذلك تماشياً مع الأفكار الجديدة في النظام الجنائي والسياسة الجنائية الحديثة، ومن بين تلك الاعتبارات الأساسية التي تسيطر على هذه التعديلات محاولة توجيه الأنظمة المختلفة وظائفها نحو الاهتمام بضحايا العمليات الحربية والارهابية والاخطاء العسكرية وممارسات النظام البائد لا جدال ان الدولة ولي من لا ولي له، فلابد أن تكون هي تلك التي تفتح الأبواب امام الضحايا بوصفها هذا لتعطيهم او يأخذون منها ما يجبر ما أصابهم من اضرار بإجراءات تتسم بالسهولة والوضوح، وقانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم (4) لسنة 2006 وقانون مؤسسة الشهداء رقم (2) لسنة 2016المعدل.
وقد تضمنت التشريعات العراقية المعنية بالتعويضات في مجال العدالة الجنائية هذا النوع من التعويض، فنجد نصوصا كثيرة بينت المبالغ التي يستحقها ضحايا العدالة الجنائية ومن هذه التشريعات ما بينه قانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم (4) لسنة 2006 ، إذ منح السجين السياسي والمعتقل السياسي راتبا تقاعديا، كما منحوا تعويضا نقديا عن مدة السجن او الاعتقال، وقطع ارض سكنية مع منحة بناء و القرض العقاري أو الحصول على وحدة سكنية او البدل النقدي المساوي، بغض النظر عن جنس السجين او المعتقل سواء كان رجلا او امرأة فكلاهما يتمتعان بالحقوق ذاتها في الحصول على التعويض.([8]) اما قانون مؤسسة الشهداء رقم (2) لسنة 2016 ، فقد تناول تعويض ذوي الشهيد براتب تقاعدي ووحدة سكنية او قطعة ارض وفي حال عدم رغبتهم في الوحدة السكنية او قطعة الأرض يدفع لهم قيمتها بسعر السوق ، وكذلك تتحمل مؤسسة الشهداء أجور الدراسات الحكومية والأهلية واجور تكاليف الحج بنسبة 50% بالنسبة للمشمولين بأحكام هذا القانون.([9])
ويشترط أن يكون الضرر جراء احد الأفعال المنصوص عليها في القوانين سالفة الذكر، إذ حددت هذه القوانين الأضرار التي تصيب الضحايا ، ومن ثم توجب التعويض عنها. وتطبيقا لذلك ذهبت اللجنة الفرعية في محافظة ديالى في احدى قراراتها إلى ما يأتي : ] ….من خلال المستمسكات المقدمة من قبل المصاب ثبت لها ان واقعة الإصابة كانت بتاريخ8/5/2015 نتيجة أخطاء/عمليات (الإرهابية) قررت اللجنة شمول المصاب (م.ب.ر) بالتعويض وفق قانون رقم (20) لسنة 2009 المعدل بقانون رقم 57 لسنة 2015….[.([10]) وفي قرار اخر صادر عن اللجنة الفرعية لتعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والاخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية ذهبت فيه إلى عدم شمول الضحية بالتعويض لأن ان حادثة الوفاة لم تكن نتيجة الافعال السابق ذكرها أعلاه ، وانما كانت ناتجة عن حادث جنائي ،إذ ورد في قرارها ]أصدرت اللجنة الفرعية الأولى في محافظة ديالى قرارها المرقم بالعدد(3) المتضمن رد طلب التعويض كون سبب الوفاة حادث جنائي ولم تكن ناتجة عن عمل حربي او خطأ عسكري او عمليات إرهابية…[.([11]) من التطبيقات القضائية السابقة نستدل على انه هذه التشريعات ضمنت حق الضحايا في التعويض بواسطة المؤسسة التي تقوم بتطبيق التشريع.
المطلب الثاني
هيئة دعاوي الملكية
تحتل الملكية العقارية مكانة مرموقة في نفوس الأشخاص لما يستفاد منھا في أغراض عديدة لعل الإيواء (السكن) والمتاجرة من أهم تلك الفوائد الناجمة عنها، فضلا عن أن قيمتها النقدية العالية، وان أهمية هذا النمط من الأموال لا يقتصر على الأشخاص فحسب وإنما يشمل الدولة كون الملكية العقارية تشكل بالنسبة اليها ركيزة من ركائز الثروة الوطنية، لهذا تهتم قوانين الدول بالملكية العقارية ايما اهتمام ولعل كثرة النصوص القانونية المتكفلة بتوفير الحماية القانونية لها من التعدي والانتهاك خير دليل على ذلك.([12])
ان صدور قانون هيئة دعاوي الملكية رقم (13) لسنة 2010 يعد تطورا في مجال ضمان حقوق الافراد اذ ان هذا القانون تضمن معالجة حالات تشمل الطابع الاجرائي والموضوعي وهذا واضح من خلال احكامه واللوائح التي صدرت قبله لتنظيم عمل الهيئة.([13])
أذ بينت المادة (12) من القانون سالف الذكر مجانية حق التقاضي : (تعفى إجراءات نقل ملكية العقار الذي صدر فيه حكم بات بموجب أحكام هذا القانون من الضرائب والرسوم المقررة قانوناً). اما المادة (18) والمادة (19) بينت سريان هذا القانون من ناحية الاشخاص اذا يشمل الاشخاص المقيمين خارج العراق والورثة الى جانب الاشخاص الموجودين داخل العراق ، فقد ورد في المادة (18) : (يقدم الأشخاص المقيمون خارج العراق طلباتهم وفقاً لأحكام هذا القانون بواسطة مقرات البعثات الدبلوماسية العراقية). و المادة (19) : (يحق للوارث إقامة الدعوى أمام فروع الهيئة نيابة عن بقية الورثة).
ومع ان الهيئة وفروعها ولجانها القضائية لا تتقاضى رسوماً على رفع الدعاوى ولا على تبليغ الخصوم وتنفذ الاحكام بها مجاناً ، حيث تتعهد الدولة بتقديم العدالة للجميع مجاناً بحكم ان ذلك من مهامها الاساسية ، لاسيما اذا اضفنا الى ذلك عدم اشتراط توكيل محام للترافع امامها وبالتالي ليست هنالك أي مبالغ مالية يقوم المدعي بصرفها وذلك يشكل جانباً كبيراً من عوامل التيسير الداعية الى الانتفاع من مرفق القضاء من دون تمييز بين المواطنين في الداخل او الخارج الا ان ذلك لا يمنع اللجان القضائية العاملة في الهيئة بطبيعة الحال من تطبيق احكام قانون المرافعات رقم (83 ) لسنة 1969 وقانون الاثبات رقم ( 107 ) لسنة 1979 والقوانين ذات العلاقة في كل ما لم يرد به نص خاص في هذا القانون ، طبقاً لما قضت به المادة ( 6 ) من قانون الهيئة الانف الذكر.([14])
أن من الصحيح القول أن اللجنة القضائية بموجب قانون الهيئة تعد جهة ذات اختصاص قضائي استثنائي مقتصر على دعاوى محددة قانونا، وان تشكيل هيئات تختص بالنظر في دعاوى محددة خارج ولاية القضاء، يرجع لأسباب فنية تتطلب معرفة تفتقدها المحاكم العادية او لاختزالها إجراءات التقاضي او تبسيطها والتخفيف من النفقات القضائية عن كاهل الخصوم، ألا أن هذا التشكيل منتقد لما يحدثه من مساوئ للدولة والأفراد، فبالنسبة للدولة فأنه يؤدي إلى اهتزاز الثقة في القضاء العادي مما يضعف من هيئة الدولة ومن قوة القانون، وإما بالنسبة للأفراد فانه يوقعهم بالخلط في الإجراءات الواجبة الأتباع او المواعيد المقررة لدى تلك الهيئات الاستثنائية مما سيؤدي حتما إلى ضياع الحقوق او على الأقل إلى ضياع الوقت والجهد والمصاريف، فضلا عن ذلك فانه يقضي على فكرة المساواة بين المواطنين التي تدعو إلى خضوع الجميع لقضاء واحد.([15])
المطلب الثالث
الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة
ان الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة تعد من احدى التشكيلات الادارية المستحدثة ( أي خلال مرحلة العدالة الانتقالية – فترة ما بعد 2003).
توصف بأنها هيئة مستقلة مالياً وإدارياً محل تسمية الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث وتتمتع بكافة صلاحياتها الدستورية وبالشخصية المعنوية ذاتها وترتبط بمجلس النواب وتواصل أعمالها بالتنسيق مع السلطة القضائية والأجهزة التنفيذية ، وفيما يخص تشكيل الهيئة واعضائها فهي تتكون من رئيس الهيئة وهو المسؤول عن تنفيذ سياساتها ومهامها والاشراف والمتابعة لأعمالها وهو من يصدر القرارات والتعليمات والتوجيهات اللازمة من اجل عمل هذه الهيئة ، كما تتكون هذه الهيئة من اعضاء ونص القانون على شروط معينة واجب توفرها في العضو.([16])
وقد صدر النظام الداخلي للهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة رقم (1) لسنة 2016 وقد بين النظام الداخلي كيفية انعقاد الجلسات داخل الهيئة كما وضح تشكيلات الهيئة وكيفية ممارسة هذه التشكيلات لمهامها من خلال اقسامها المختلفة.([17])
المبحث الثاني
دور العشيرة في ضمان حقوق الانسان
ان الدولة اساس مهم من اسس الحضارة فاذا قويت الدولة في بلد بحيث استطاعت ان تقمع النزاع الداخلي فيه وتضرب على ايدي اللصوص وقطاع الطرق، ازدهر الانتاج الزراعي والصناعي، وعمرت المدن وانهمك الناس في حرفهم المختلفة لا يخشون شيئا وقد شهد العراق في تاريخه فترات كانت الدولة ضعيفة فيه لا تستطيع ان تحمي ارواح الناس واموالهم وعند هذا وجد الناس انفسهم مضطرين الى الالتجاء الى القيم العشائرية، يشتدون في التمسك بها كلما اشتد ضعف الدولة فيهم اذ تتبين العصبية القبلية وعادة الثأر والدخالة والتسيار والنجدة والضيافة تستفحل فيهم وتكاد تسيطر على تركيبهم الاجتماعي سيطرة تامة.([18]) اذ ان العشيرة في مثل هذه الظروف تقوم مقام الدولة ، فالفرد يجد الامن والضمان والرعاية ، فالعشيرة القوية كثيرا ما تحمي ابناءها في أي مكان يذهبون اليه وتهدد بالثأر كل من يريد ان يعتدي عليهم فاذا قتل احدهم بيد فرد من قبيلة اخرى هبت القبيلة تطالب بثأره، بالمقابل يمنح افراد القبيلة الفداء والولاء لقبيلتهم وهم يسرعون الى نجدتها والتضحية في سبيلها في الملمات.([19])
يعد الانتماء الى العشيرة او القبيلة من ابرز سمات الشخصية العربية على العموم والعراقية على الخصوص، فالعراقي يعتز منذ القدم ويتفاخر به، وهذا الانتماء يزداد اهمية عند الحاجة الى توفير غطاء من الحماية والامان للفرد في الظروف الصعبة التي تواجهه كتعرضه لخطر يهدد امنه وكيانه عندئذ يلجأ الى عشيرته لطلب العون والدفاع عنه، لاسيما حين يجد القانون عاجزا عن حمايته أو تكون سبل الوصول الى حقوقه المادية والمعنوية تستلزم وقتا وجهدا اكثر.([20]) بعبارة اخرى كانت العشيرة في الريف هي الجماعة الوحيدة المنظمة اجتماعيا التي يمكنها ان تقي من الاذى وكان باستطاعتها ان وقع الاذى ان تنتزع التعويض عنه ، وحتى سكان البلدات الصغيرة كانوا يدرجون انفسهم كأعضاء في النظام العشائري.([21])
كانت العشائر العراقية في العهود السابقة تنفرد بنوع من التنظيم الاداري والقضائي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي فكثيرا ما كانت العشائر تفرض سيطرتها على الامن الداخلي والسياسي للمجتمع ونتيجة لهذه السمة التاريخية التي اكسبتها العشائر العراقية جعلها تمتاز شيئا فشيئا من الاعتزاز بتنظيماتها العشائرية وبلورة ولائها الى الافراد المنتمين لها.([22]) اذ أتسم تاريخ العراق السياسي المعاصر ببروز العديد من المشاكل التي كان لها الاثر الواضح على الاوضاع العامة في الدولة العراقية ومنها زيادة النفوذ العشائري وما يحتويه من قيم وعادات وتقاليد متوارثة وبسبب ضعف الدولة وعدم سيطرتها على مناطق العراق من جهة ولطبيعة المجتمع العراقي وتأثيرات الاحتلال من جهة اخرى أصبح لسلطة العشائر أثرها الواضح على اوضاع الدولة وسيادتها فتارة تكون في صالحها وتارة اخرى تكون ضدها.([23])
وعلى الرغم من ظهور النزاعات بخصوص تجاوز الاعراف الاجتماعية الا انه يمكن حل هذه النزاعات عن طريق وسطاء او محكمين محايدين يتميزون بقوة ضبطية اجتماعية او ادبية او قبول اجتماعي وهذا واضحا في المجتمع الريفي العراقي فللعشائر العراقية في الريف العراقي قانونها الذي أسنته لنفسها فهم يسمون تشريعاتهم او شرائعهم ((السواني)) وهي قوانين غير مكتوبة ولكنها محفوظة في أذهان العارفين من رجالهم الذين يلجؤون اليهم للقضاء بينهم سواء كانوا شيوخا ، او غير شيوخ، وهم لذلك يسمون هؤلاء الذين يحفظون قوانينهم المتوارثة القديمة والتي تعد جزءا اصيلا من تراثهم الثقافي يسمونهم (بالعوارف).([24])
فالعشائر في الريف العراقي ومنذ اجيال بعيدة لا تطبق الا ذلك القانون غير المكتوب والذي يحترمونه أشد الاحترام، فالحكومات العراقية قبل ثورة 14 تموز 1985 أقرت قانون خاص للعشائر تطبقه عليها، ولما جاءت ثورة 14 تموز ألغت كل قانون أو نص يقرر للعشائر نظامها القانوني الخاص وأصبح القانون الوضعي وحده هو القانون العام المطبق في كل العراق، لكن هذا لا يعني ان العشائر لا تطبق القانون الوضعي للدولة ولكن الصدارة كانت للقانون العشائري غير المكتوب، فنلاحظ انه عند حدوث مشكلة اجتماعية معينة في المجتمع الريفي العراقي لا يقتصر الحكم فيها الى القانون الوضعي وانما للعشيرة حق في الحكم على الجاني اضافة الى حكم القانون الوضعي.([25])
ومثال ذلك قيام سلطات الاحتلال البريطانية بتنظيم قانون دعاوي العشائر المدنية والجنائية خلال احتلالها للعراق عام 1916 ، لينظم احكام الفصل والمنازعات والمشاكل العشائرية وفي العادات والاعراف الراجحة بينهم ليضل معمولا به حتى الغائه، ان هدف السلطات البريطانية من اعتماد هذا القانون هو تقوية النظام العشائري تحت زعامة رؤساء عشائر تابعين لتوجيهات وأوامر ادارة الاحتلال بعد ان اعطتهم حق المحافظة على الامن وطرق المواصلات وجمع الضرائب والقبض على المخالفين ولا يعدم ذلك الهدف من حسم المخالفات والمنازعات حسما مباشرا وسريعا وفق الاعراف والقواعد الجزائية والعقابية ورغبتهم ايضا ببقاء المجتمع متمسكا بأعرافه العشائرية لتسهل عليهم ادارة البلاد.([26])
ولكن في المجتمع الحديث المعقد العرف وحده لا يستطيع أن يقوم بحفظ النظام وحفظ الكيان للبناء الاجتماعي بل يقتضي الحال سيادة سلطة أقوى وهي سلطة القانون الوضعي وذلك لان المجتمع الحديث يتكون من زمر مختلفة وطبقات اجتماعية متباينة.([27]) ونحن نوافق الرأي السابق اذ ان العرف في الوقت الحالي وفي ظل التطورات والاحداث السياسية التي حصلت لا يمكنه الحفاظ على نظام وامن المجتمع لذا فقد ادت هذه التطورات الى استحداث ما يسمى ب (مجالس الاسناد) وهي مجالس ذات تكوين شعبي ويمتاز عملها كونه عمل غير مادي اي ذا طبيعة طوعية.
لعبت العشيرة بعد عام 2003 دورا فعالا في حماية افراد المجتمع وكذلك مساندة الدولة في كافة المجالات وانها عملت ايضا على توثيق الروابط الاجتماعية بين الطبقات الاجتماعية وكذلك اهتم في تنظيم الشؤون السياسية و الاجتماعية وذلك لما لها من مكانة قوية و سامية في نفوس افرادها فعززت بعض القيم والعادات والاعراف التي بواسطتها تحافظ وتحمي حياة الفرد وكيانه فضلا عن الحفاظ على كيان النظام السياسي.([28])
تنظم العشائر وفق مجالس معينة تسمى مجالس الاسناد ([29])وتعرف هذه المجالس بأنها المكتب المسؤول عن تأسيس مجالس الاسناد العشائرية وتدقيق المعلومات الأمنية والاجتماعية لأعضاء المجالس ومن واجبات المكتب متابعة وارشفة نشاطات المجالس والمخاطبات بينها وبين المكتب وكذلك توجيه وارشاد المجالس نحو واجبها الذي أسست من اجله وهو مشروع المصالحة الوطنية وبث روح التصالح والتسامح واحيانا يكون المكتب الرابط بين المجالس ومكاتب لجنة متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية او جهات أخرى خارج اللجنة وحسب الضوابط وكذلك عقد الاجتماعات والمؤتمرات الخارجية واللقاءات مع ممن يعرفون بسعيهم للسلم الاجتماعي ، فهي تشكيلات شعبية مدنية منتشرة في جميع محافظات العراق باستثناء إقليم كردستان ويتم انتقاء أعضاء المجلس ممن يتمتعون بالثقل العشائري والاجتماعي المؤثر إيجابيا وهي مستقلة سياسيا وطائفيا ودينيا وعرقيا واغلب هذه المجالس (طوعية) أي بدون مقابل مادي وكل مجلس يتكون من اللجان التالية:
- لجنة المصالحة وحل النزاعات : ويكون واجبها اصلاح ذات البين والمتخاصمين عشائريا.
- لجنة الخدمات : وعليها يقع واجب مراقبة الوضع الخدمي لقاطع المجلس ورفع الملاحظات الى مكتب الاسناد العشائري وبدوره يقوم اما بإحالته الى أحد مكاتب اللجنة الداخلية بعد تدقيقه او احالته الى السيد رئيس اللجنة للنظر فيه واتخاذ القرار بإحالته الى الجهات او الوزرات الخدمية خارج اللجنة.
- اللجنة الأمنية : وهي اللجنة المتعاونة مع القوات الأمنية في القاطع برفدها بالمعلومات والاقتراحات دون التدخل بالقرارات الأمنية.
- اللجنة الإدارية : وهي اللجنة المسؤولة عن صادر ووارد كتب المجلس وصياغة المخاطبات بين المجلس والمكتب.
- لجنة الحشد الجماهيري : وطبيعة عملها التحشيد الشعبي لنشر ثقافة السلام والاخوة وروح الوطنية للمجتمع العراقي الموحد.
ونرى ان هذه المجالس ليست بديلا عن الاجهزة الامنية ولكن تعمل الى جانب هذه الاجهزة في جو من الترابط و التعاون من اجل الحفاظ على امن وسلامة الافراد ومواجهة التحديات السياسية والاجتماعية.
كما يوجد في مجلس محافظة بغداد عدة لجان من ضمنها لجنة شؤون العشائر والتي يقع على عاتقها بسط الامن وتحقيق الاستقرار والمساهمة في حشد الجماهير عند الارهاب وتثبيت سلطة القانون ، كما تسهم في حل النزاعات العشائرية واتمام الصلح الاجتماعي وانهاء اية تبعات اخرى و تعمل على تقديم المشورة وتلبية الاحتياجات في المجال الخدمي ومشاريع الأعمار في بغداد وتدعم المصالحة الوطنية بالتنسيق مع نظيراتهما من اللجان في المجالس البلدية وتنسق العمل مع لجنة متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية في مجلس الوزراء ومديرية شؤون العشائر في وزارة الداخلية وغيرها من المهام الاخرى.([30])
اما على صعيد المحافظات فقد شكلت في محافظة ديالى – ناحية العبارة – احدى البلدات المرتبطة اداريا بقضاء بعقوبة، لجنة الحكماء لحسم النزاعات العشائرية ، من اجل تعزيز منظومة التعايش المجتمعي ومنع المتطرفين من استغلال الخلافات في تعكير صفو الامن والاستقرار، وتعد لجنة الحكماء هي اطار يطبق لاول مرة في ديالى من ناحية خلق شراكة بين المؤسسة الحكومية والعشائر في مهمة اطفاء حرائق النزاعات والخلافات التي تصل الى مرحلة تؤثر على الاجواء العامة.([31])
مما سبق ذكره يتبين لنا الدور المهم الذي تلعبه العشيرة من اجل المحافظة على حقوق الانسان وحمايتها من الانتهاكات من خلال بسط الامن والمحافظة على قوة القانون وردع الخارجين عنه.
الخاتمة
تعرض النظام السياسي العراقي بعد 2003 لتغيرات عديدة ادت الى فقدان السيطرة على الوضع الامني والاجتماعي وهذا ما جعل اجهزة العدالة الجنائية التقليدية غير قادرة بمفردها على حل جميع هذه المشكلات ، مما تطلب الامر انشاء مؤسسات العدالة الانتقالية خلال هذه المرحلة الى جانب فعاليات المجتمع الاخرى ومن اهمها العشيرة من خلال دورها في تحقيق العدالة البديلة خلال هذه المرحلة وقد توصل الباحث الى عدة نتائج من اهمها :
نتائج البحث :
- ان التغييرات التي حدثت في النظام السياسي العراقي بسبب الثورات او النزاعات المسلحة تتطلب تفعيل اجهزة العدالة الانتقالية.
- ان مؤسسة الشهداء ومؤسسة السجناء السياسيين كان لها دورا فعالا في معالجة حالات التعويض لضحاياهم ومنحتهم تعويضا ماديا الى جانب التعويض المعنوي.
- ان الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة مستقلة مالياً وإدارياً محل تسمية الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث وتتمتع بكافة صلاحياتها الدستورية وبالشخصية المعنوية ذاتها وترتبط بمجلس النواب وتواصل أعمالها بالتنسيق مع السلطة القضائية والأجهزة التنفيذية.
- تعد العشيرة ركيزة مهمة من ركائز المجتمع، وهي التي يمكنها ان تقي من الاذى و باستطاعتها ان وقع الاذى ان تنتزع التعويض عنه.
- ان دور العشيرة بعد (2003) ازدادت فعاليته ، اذ شكلت مجالس الاسناد، و لجان على صعيد مجلس محافظة بغداد وهي لجنة شؤون العشائر ، وتعمل على دعم المصالحة الوطنية بالتنسيق مع نظيراتهما من اللجان في المجالس البلدية وتنسق العمل مع لجنة متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية في مجلس الوزراء ومديرية شؤون العشائر في وزارة الداخلية وغيرها من المهام الاخرى.
- طبق لاول مرة في محافظة ديالى مايعرف باسم لجنة الحكماء لحسم النزاعات العشائرية ، من اجل تعزيز منظومة التعايش المجتمعي ومنع المتطرفين من استغلال الخلافات في تعكير صفو الامن والاستقرار.
الملخص
ان التغييرات التي حدثت في النظام السياسي العراقي – اي مرحلة ما بعد 2003- ادت الى حالة من الفوضى داخل الدولة واصبح نظام العدالة الجنائية التقليدي غير قادر على حل هذه النزاعات كونها ذات طبيعة خاصة ، مما استدعى ذلك استحداث تشكيلات ادارية او هيئات مستقلة سميت بمؤسسات العدالة الانتقالية تختص كل منها بعمل معين من اجل معالجة الحالات التي خلفها التغيير في النظام السياسي ، وجاءت هذه الهيئات بنص قانون خاص بها ، محددة بنطاق عمل معين وزمان معين وكان لها دورا فعالا في المحافظة على النظام العام واعادة الحقوق الى اصحابها وتعويض الضحايا.
وقد شكلت لهذا الغرض مؤسسات العدالة الانتقالية ومنها اللجان الخاصة مثل لجان تعويض المتضررين جراء الاعمال الحربية والعسكرية والارهابية وتعويض السجناء والشهداء ، كما استحدثت هيئات معينة مختصة بنزاعات الملكية وهي هيئة نزاعات الملكية و هيئات مختصة باجتثاث البعث مثل الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة ، كما انه الى جانب هذه الهيئات تلعب مؤسسات المجتمع المختلف دورا هاما في ضمان حقوق الانسان ومن اهمها العشيرة اذ تعمل على حماية حياة الافراد لما تتمتع به من مكانة ونفوذ داخل المجتمع لذا فيقع على عاتقها الحفاظ على النظام.
توصل الباحث من خلال هذا البحث الى عدة نتائج من ضمنها ان التغييرات التي حدثت في النظام السياسي العراقي بسبب الثورات او النزاعات المسلحة تطلب تفعيل اجهزة العدالة الانتقالية, كما ان دور العشيرة بعد (2003) ازدادت فعاليته ، ان مؤسسة الشهداء ومؤسسة السجناء السياسيين كان لها دورا فعالا في معالجة حالات التعويض لضحاياهم ومنحتهم تعويضا ماديا الى جانب التعويض المعنوي ، كما شكلت مجالس الاسناد، و لجان على صعيد مجلس محافظة بغداد وهي لجنة شؤون العشائر ، وتعمل على دعم المصالحة الوطنية بالتنسيق مع نظيراتهما من اللجان في المجالس البلدية وتنسق العمل مع لجنة متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية في مجلس الوزراء ومديرية شؤون العشائر في وزارة الداخلية وغيرها من المهام الاخرى ، و طبق لأول مرة في محافظة ديالى ما يعرف باسم لجنة الحكماء لحسم النزاعات العشائرية ، من اجل تعزيز منظومة التعايش المجتمعي ومنع المتطرفين من استغلال الخلافات في تعكير صفو الامن والاستقرار.
مصادر البحث
حنا بطاطو ، العراق : الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية ، ج1 ، ترجمة : عفيف الزاز، طهران ، 2005.
- خليفة ابراهيم التميمي، الضبط الاجتماعي بين العرف والقانون، ط1 ، دار الوفاء ، الاسكندرية ، 2017.
- عبد الكريم أبو الفتوح درويش ، دراسات في منع الجريمة والعدالة الجنائية ، ج1، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1997.
- علي الوردي ، دراسة في طبيعة المجتمع العراقي.
- عمر عبد الحفيظ شنان ، العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية المفاهيم والمصطلحات ، بدون طبعة ، دار الجامعة ، الاسكندرية ، 2015.
- أفراح ذياب صالح، الثأر العشائري في العراق والدية في النساء، بحث منشور، مجلة الدراسات الدولية، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ، العدد السبعون ، 2017.
- جوار رضا رزوقي السبع ، سياسة الحكومات المتعاقبة تجاه العشائر واثرها على المجتمع العراقي 1896-1958 ، بحث منشور ، مجلة لارك للفلسفة واللسانيات والعلوم الاجتماعية ،جامعة واسط – كلية الاداب ، العدد السابع والعشرون ، المجلد الاول ، 2017.
- حسن تركي عمير و محمود صالح الكروي ، النظام السياسي في العراق بعد عام 2003 الواقع والتحديات ، بحث منشور ، المؤتمر العلمي الرابع ل (اسكول) العلوم السياسية في جمجمال – جامعة السليمانية – العراق.
- رائد راشد محمد و وسام علي ثابت، النفوذ العشائري وانعكاساته على الوضع السياسي في العراق (1934-1935)، بحث منشور، مجلة ديالى للبحوث الانسانية، جامعة ديالى، العدد الثالث والثلاثون،2009.
- علاء محمد ناجي و طالب عبد الكريم ، الدور الاجتماعي للعشيرة بعد 2003 ، بحث منشور ، مجلة جامعة بابل للعلوم الانسانية ، المجلد25 ، العدد الثاني ، 2017.
- عمار سعدون المشهداني ، قواعد التقاضي في قانون هيئة نزاعات الملكية العقارية دراسة تحليلية للقانون رقم (2) لسنة 2006، مجلة الرافدين للحقوق ، المجلد العاشر ، العدد السادس والثلاثون ، السنة 2008.
- نوار دهام الزبيدي ، مجانية التقاضي في ظل احكام قانون هيئة دعاوي الملكية رقم 13 لسنة 2010 ، مقال منشور في الموقع الرسمي لهيئة دعاوي الملكية ، متاح بتاريخ 2018-8-10.
- قانون الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة رقم (10) لسنة 2008.
- قانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم (4) لسنة 2006.
- قانون مؤسسة الشهداء رقم (2) لسنة 2016.
- قانون هيئة دعاوي الملكية رقم 13 لسنة 2010.
- النظام الداخلي لهيئة المساءلة والعدالة رقم (1) لسنة 2016 ، منشور في جريدة الوقائع ، العدد 4414 بتاريخ 2016/8/29.
- قرار اللجنة الفرعية لتعويض المتضررين من جراء العمليات الحربية والاخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية ، ذو العدد 110/ ديالى الأولى /بتاريخ 2/1/2016، غير منشور.
- قرار اللجنة الفرعية لتعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والاخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية ذو العدد3/ديالى الأولى/بتاريخ12/3/2015، غير منشور.
- مقالة منشورة في الموقع الرسمي للجنة متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية ،http://www.iraqnr.com/Home/?page_id=35 ، تاريخ الدخول الى الموقع 2018/9/10.
- مهام لجنة عشائر ديالى منشور على الموقع الرسمي لمجلس محافظة بغداد http://www.baghdadpc.gov.iq/index.php?name=Pages&op=page&pid=103 بتاريخ 2018/9/29.
- وحدة عشائرية في ديالى تشكل لجنة الحكماء لحسم النزاعات العشائرية، مقال منشور في جريد الصباح الجديد ، على الموقع الالكتروني للجريدة http://newsabah.com/newspaper/66985 ، بتاريخ 2015/11 ، تاريخ الدخول الى الموقع 2018/9/29.
الهوامش:
- )) د. عمر عبد الحفيظ شنان ، العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية المفاهيم والمصطلحات ، بدون طبعة ، دار الجامعة ، الاسكندرية ، 2015، ص109. ↑
- () المصدر نفسه، ص 111. ↑
- () حسن تركي عمير و محمود صالح الكروي ، النظام السياسي في العراق بعد عام 2003 الواقع والتحديات ، بحث منشور ، المؤتمر العلمي الرابع ل (اسكول) العلوم السياسية في جمجمال – جامعة السليمانية – العراق. ↑
- () د. عمر عبد الحفيظ شنان ، مصدر سابق ،ص116. ↑
- () المصدر نفسه ، ص117. ↑
- () د. عبد الكريم أبو الفتوح درويش ، دراسات في منع الجريمة والعدالة الجنائية ، ج1، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1997 ، ص30. ↑
- () د.عمر عبد الحفيظ شنان ، مصدر سابق، ص117. ↑
- () المادة (17 )من قانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم (4) لسنة 2006. ↑
- (9) تنظر تفصيلات احكام المواد(11-12-17) من قانون مؤسسة الشهداء رقم (2) لسنة 2016. ↑
- () قرار اللجنة الفرعية لتعويض المتضررين من جراء العمليات الحربية والاخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية ، ذو العدد 110/ ديالى الأولى /بتاريخ 2/1/2016، غير منشور. ↑
- () قرار اللجنة الفرعية لتعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والاخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية ذو العدد3/ديالى الأولى/بتاريخ12/3/2015، غير منشور. ↑
- () د.عمار سعدون المشهداني ، قواعد التقاضي في قانون هيئة نزاعات الملكية العقارية دراسة تحليلية للقانون رقم (2) لسنة 2006، مجلة الرافدين للحقوق ، المجلد العاشر ، العدد السادس والثلاثون ، السنة 2008، ص95. ↑
- () ورد في المادة (1) من قانون هيئة دعاوي الملكية رقم 13 لسنة 2010 النص على تكوين الهيئة اذا نصت على : (أولاً : تؤسس هيئة مستقلة تسمى (هيئة دعاوى الملكية) تتمتع بالشخصية المعنوية ويمثلها رئيس هيئة دعاوى الملكية أو من يخوله. ثانياً : يرأس الهيئة موظف بدرجة وزير حاصل على شهادة جامعية أولية في القانون على الأقل يُعين وفقاً للقانون . ثالثاً : لرئيس الهيئة نائب واحد حاصل على شهادة جامعية أولية في القانون على الأقل وله خبرة في مجال العمل القانوني لا تقل عن عشر سنوات . رابعاً : تمارس الهيئة أعمالها بوصفها هيئة مستقلة بالتنسيق مع السلطة القضائية والتنفيذية وترتبط بمجلس النواب . اما المادة (2) من نفس القانون فقد بينت اهداف هذه الهيئة من خلال النص على : (أولاً : ضمان حقوق المواطنين الذين انتزعت عقاراتهم خلافاً للقانون . ثانياً : الحفاظ على المال العام ومعالجة عدم التوازن بين مصالح المواطنين ومصلحة الدولة. ↑
- () د.نوار دهام الزبيدي ، مجانية التقاضي في ظل احكام قانون هيئة دعاوي الملكية رقم 13 لسنة 2010 ، مقال منشور في الموقع الرسمي لهيئة دعاوي الملكية ، متاح بتاريخ 2018-8-10. ↑
- () د.عمار سعدون المشهداني ، مصدر سابق، ص98. ↑
- () تنظر المادة ثانيا من قانون الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة رقم (10) لسنة 2008. ↑
- () ينظر النظام الداخلي لهيئة المساءلة والعدالة رقم (1) لسنة 2016 ، منشور في جريدة الوقائع ، العدد 4414 بتاريخ 2016/8/29. ↑
- () جوار رضا رزوقي السبع ، سياسة الحكومات المتعاقبة تجاه العشائر واثرها على المجتمع العراقي 1896-1958 ، بحث منشور ، مجلة لارك للفلسفة واللسانيات والعلوم الاجتماعية ،جامعة واسط – كلية الاداب ، العدد السابع والعشرون ، المجلد الاول ، 2017 ، ص165. ↑
- () علي الوردي ، دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ، ص56. ↑
- () أفراح ذياب صالح، الثأر العشائري في العراق والدية في النساء، بحث منشور، مجلة الدراسات الدولية، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ، العدد السبعون ، 2017 ، ص294. ↑
- () حنا بطاطو ، العراق : الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية ، ج1 ، ترجمة : عفيف الزاز، طهران ، 2005، ص50. ↑
- () علاء محمد ناجي و طالب عبد الكريم ، الدور الاجتماعي للعشيرة بعد 2003 ، بحث منشور ، مجلة جامعة بابل للعلوم الانسانية ، المجلد25 ، العدد الثاني ، 2017 ، ص1125. ↑
- () رائد راشد محمد و وسام علي ثابت، النفوذ العشائري وانعكاساته على الوضع السياسي في العراق (1934-1935)، بحث منشور، مجلة ديالى للبحوث الانسانية، جامعة ديالى، العدد الثالث والثلاثون،2009، ص23. ↑
- () د.خليفة ابراهيم التميمي، الضبط الاجتماعي بين العرف والقانون، ط1 ، دار الوفاء ، الاسكندرية ، 2017 ، ص85. ↑
- () المصدر نفسه , ص86 – 87. ↑
- () المصدر نفسه ، ص 87-88. ↑
- () المصدر نفسه , ص86 – 87. ↑
- علاء محمد ناجي و طالب عبد الكريم ، الدور الاجتماعي للعشيرة بعد عام 2003 ، بحث منشور ، مجلة جامعة بابل ، المجلد 25 ، العدد 2 ، لسنة 2017 ، ص1113. ↑
- () مقالة منشورة في الموقع الرسمي للجنة متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية ،http://www.iraqnr.com/Home/?page_id=35 ، تاريخ الدخول الى الموقع 2018/9/10. ↑
- () مهام لجنة عشائر ديالى منشور على الموقع الرسمي لمجلس محافظة بغداد http://www.baghdadpc.gov.iq/index.php?name=Pages&op=page&pid=103 بتاريخ 2018/9/29. ↑
-
() وحدة عشائرية في ديالى تشكل لجنة الحكماء لحسم النزاعات العشائرية، مقال منشور في جريد الصباح الجديد ، على الموقع الالكتروني للجريدة http://newsabah.com/newspaper/66985 ، بتاريخ 2015/11 ، تاريخ الدخول الى الموقع 2018/9/29. ↑