التنمية المحلية المستدامة بالمملكة المغربية: تحديات وآفاق -دراسة مقارنة-

عبد اللطيف ازبور1

1 طالب باحث بسلك الدكتوراه، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أيت ملول، مختبر الأبحاث في القانون العام والعلوم السياسية، جامعة ابن زهر أكادير، المغرب

بريد الكتروني: abdellatif.zbour@edu.uiz.ac.ma

HNSJ, 2024, 5(6); https://doi.org/10.53796/hnsj56/13

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/06/2024م تاريخ القبول: 18/05/2024م

المستخلص

تُركز هذه الدراسة على دور الجماعات الترابية كفاعل رئيسي للتنمية المستدامة على الصعيد المحلي، مع التركيز على التجربة المغربية واستلهام التجارب الدولية الناجحة. حيث تناقش مفهوم التنمية المستدامة وأهمية تحقيق التوازن بين أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. كما تبرز الدور المحوري لهذه الوحدات الترابية في تجسيد هذا التوازن. وتتناول الدراسة كذلك تحليل استراتيجيات التنمية المحلية المستدامة، بما في ذلك نماذج مفاهيمية مثل: التمثيل الغذائي الحضري، التفويض المزدوج، وأدوات تخطيط الاستدامة، وتخلص إلى ضرورة مراعاة السياقات الخاصة بكل منطقة عند تطبيق مبادئ التنمية المستدامة على المستوى المحلي، مع أخذ الخصوصيات الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية بعين الاعتبار.

الكلمات المفتاحية: الجماعات الترابية المستدامة-المدن المستدامة- التنمية المحلية المستدامة-استراتيجيات الاستدامة- تخطيط الاستدامة-مناهج الاستدامة

Territorial communities and sustainable development in the Kingdom of Morocco: challenges and prospects

– a comparative study –

Abdellatif Zbour1

1 PhD research student, Faculty of law, Economic and Social Sciences of Ait Melloul, Research Laboratory in Public Law and Political Science, Ibn Zohr University Agadir, Morocco

Email: abdellatif.zbour@edu.uiz.ac.ma

HNSJ, 2024, 5(6); https://doi.org/10.53796/hnsj56/13

Published at 01/06/2024 Accepted at 18/05/2024

Abstract

This study focuses on the role of territorial communities as key actors of sustainable development, focusing on the Moroccan experience and drawing inspiration from successful international experiences. It discusses the concept of sustainable development and the importance of balancing its economic, social and environmental dimensions. It also highlights the pivotal role of these territorial units in embodying this balance. The study also analyzes sustainable local development strategies, including conceptual models such as urban metabolism, dual delegation, and sustainability planning tools, and concludes that region-specific contexts should be taken into account when applying sustainable development principles at the local level, taking into account geographical, social and economic specificities.

Key Words: Sustainable Territorial Communities – Sustainable Cities – Sustainable Local Development – Sustainability Strategies – Sustainability Planning – Sustainability Approaches

مقدمة

في ظل التحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية المتزايدة التي تواجه العالم، أصبحت التنمية المستدامة ضرورة ملحة لتحقيق التوازن بين احتياجات الحاضر وتطلعات الأجيال القادمة. ويعد تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستوى المحلي ركيزة أساسية لتحقيقها على المستوى الوطني على اعتبار أهمية دور هذه الجماعات كقوة دافعة للتنمية المحلية، ونظرًا لقربها من المواطنين وقدرتها على تحديد احتياجاتهم وتطلعاتهم.

وقد شهد المغرب تطوراً ملحوظاً في نظام اللامركزية، خاصة بعد دستور 2011 الذي خصص الباب التاسع منه للجهات والجماعات الترابية وذلك للأهمية التي تحظى بها، كما تعزز ذلك بصدور القوانين التنظيمية المتعلقة بها، حيث يقوم هذا النظام على مبادئ أساسية كالتدبير الحر، والتعاون، والتضامن، ومشاركة السكان في تدبير شؤونهم والمساهمة في التنمية البشرية المندمجة. وقد أدت هذه التطورات إلى توسيع صلاحيات الجماعات الترابية لتشمل مختلف مجالات الشأن العام المحلي، مما يضعها أمام تحديات كبيرة ومسؤوليات جسيمة لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة على الصعيد المحلي.

وبالرغم من أن المغرب يصنف كدولة ذات انبعاثات منخفضة، فقد شهد فترات جفاف متكررة، حيث عرف عشرين عامًا من الجفاف خلال السبعين سنة الماضية، ما يُشكّل ما يقارب ثلث تلك الفترة. وتشير العديد من الدراسات إلى أنّ المناخ في المملكة سيشهد مزيدًا من الجفاف في المستقبل، نتيجة لانخفاض هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وتكرار حدوث الظواهر المناخية المتطرفة (MOUTTAQI, s. d., p 5).

وفي هذا الإطار، تبنى المغرب مجموعة من الاستراتيجيات والتشريعات الداعمة للتنمية المستدامة، بما في ذلك الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، واستراتيجية التنمية المستدامة 2030… إلا أن تحقيق التنمية المحلية المستدامة يواجه مجموعة من التحديات، بما في ذلك محدودية الموارد المالية، وضعف القدرات المؤسساتية، وعدم كفاية مشاركة المواطنين.

كما أن تعدد الفاعلين المتدخلين، سواء على المستوى المركزي أو الترابي، إضافة إلى تنوع الأجهزة وعــدم تناســقها واشــتغالها بمنطــق قطاعــي محــض يؤدي إلى صعوبات في التنسيق وغياب الرؤية الموحدة، مما يؤدي إلى نشوء نزاعات بين مختلف الفاعلين (المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، 2019، ص 17).

ففي ظل التوجهات الوطنية نحو تحقيق التنمية المستدامة في المغرب، وتزايد الضغوط على الجماعات الترابية لتحقيق هذه الغاية، تبرز إشكالية رئيسية: ما هي الاستراتيجيات الفعالة التي يمكن أن تعتمدها الجماعات الترابية المغربية لضمان تحقيق التنمية المستدامة على الصعيد المحلي، في ظل محدودية الموارد المالية وضعف القدرات المؤسساتية وعدم كفاية مشاركة المواطنين؟

وللإجابة على هذه الإشكالية، سنعتمد على المنهجين التحليلي والمقارن، مستندين إلى مصادر بيانات أولية وثانوية، بما في ذلك التشريعات، التقارير الرسمية والدراسات الأكاديمية.

ويستدعي معالجة الموضوع التطرق إلى ثلاث نقط أساسية:

أولا. مفهوم التنمية المحلية المستدامة

ثانيا. استراتيجيات التنمية المحلية المستدامة

ثالثا. مدن وطموح الاستدامة

أولا: مفهوم التنمية المحلية المستدامة

برز مفهوم التنمية المستدامة كمحور رئيسي في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية (قمة الأرض) الذي عُقد في ريو دي جانيرو عام 1992. وقد أكد جدول أعمال القرن 21، المنبثق عن القمة، على أن الحكومة المحلية هي أفضل مكان لتحقيق هدف الاستدامة المتمثل في “التفكير عالميًا والعمل محليًا” وذلك باعتبارها المستوى الأقرب إلى الساكنة (Evans et al., 2006, p. 866).

وعلى الرغم من تعدد تعريفات هذا المفهوم بين المفكرين، إلا أنها تتفق جميعًا على جوهره المتمثل في تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للأجيال الحالية والمستقبلية.

فوفقًا لتقرير لجنة العمل المعنية بالبيئة والتنمية التابعة للأمم المتحدة (WCED) لعام 1987، التنمية المستدامة هي التقدم البشري على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، بما يضمن إمكانية تحقيقه لجميع الدول وعلى كافة المستويات: المحلية والإقليمية والعالمية (Rodrigues, 2018, p. 37)

ويُنظر كذلك إلى التنمية المستدامة على أنها تلك التنمية الاقتصادية التي لا تنتهك البيئة المعيشية للإنسان، وفي الوقت نفسه توفق بين قوانين الطبيعة والحقوق الاقتصادية (Sustainable Development in Local Government Units, 2018, p. 1).

ويعزز بيلين (2005) تعريف التنمية المستدامة بكونها نتاج عملية تاريخية لإعادة تقييم العلاقة بين المجتمع المدني وبيئته الطبيعية. فهي مصطلح مستقل بذاته ولكنه وثيق الصلة ومكمل لمفهوم الاستدامة، حيث يعتبر الأول الوسيلة والثاني الهدف. (Rodrigues, 2018, p. 37)

أما على المستوى الوطني، فالقانون الإطار رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة يعرّف التنمية المستدامة بأنها مقاربة للتنمية ترتكز على عدم الفصل بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية للأنشطة التنموية (القانون الإطار رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، المادة 9).

وفي حين أن تعريف التنمية المستدامة لا يزال مفتوحا للنقاش، فقد بدأ الاهتمام حول ضرورة العمل محليا لحل مشكلة عالمية، ويعني ذلك استنباط أدوات لقياس التنمية المستدامة على المستوى المحلي (Decamps & Vicard, 2010, p. 3). ونتيجة لهذا الاهتمام جاء الاقتراح التكميلي لمفهوم الاستدامة كما يلي: “تلبية الاحتياجات المحلية دون المساس بقدرة الكيانات الاقليمية من مرتبة أعلى على ضمان استدامتها الخاصة”، لهذا السبب تستدعي التنمية المستدامة نهجًا قائمًا على التمايز بين مجالات التنمية وتوضيحها (Godard, 2006, p. 85)

ومن خلال التعاريف السابقة يمكن القول إن التنمية المحلية المستدامة منهجية عملية تهدف إلى تحقيق التوازن بين تلبية احتياجات المجتمع الحالية وضمان استدامة الموارد للأجيال القادمة. وتتمثل هذه المنهجية في تحديد الاحتياجات الأساسية والثانوية للمجتمع، ودراسة الموارد المحلية المتاحة، وربطها بتلك الاحتياجات وفقًا لأولويات إنسانية. وذلك بهدف تحقيق تنمية شاملة للمجتمع المحلي، وتحسين جودة الحياة للأجيال الحالية والمستقبلية.

ثانيا: استراتيجيات التنمية المحلية المستدامة

يجب أن تشمل استراتيجيات التنمية المستدامة مشاركة السلطات المحلية وأن تكون عملية تفاعلية ثنائية الاتجاه بين الكيانات الحكومية الوطنية والمحلية، ولا ينبغي فقط تحديد المبادئ والتوجهات الاستراتيجية الرئيسية على المستوى المركزي، ولكن يمكن أيضًا القيام بالتخطيط والتنفيذ والرصد الأكثر تفصيلاً على مستوى لامركزي، مع نقل الموارد والصلاحيات بشكل مناسب (Prizzia, 2007, p. 35).

ويعتبر تخطيط الاستدامة نهجا جديدا نسبياً في إدارة الحكم المحلي، بحيث يسعى إلى دمج التخطيط مع المبادئ والممارسات المحلية المستدامة، ومن مميزاته أنه:

  • يعترف بالخصائص الفريدة للمجتمع المحلي في صياغة الاستراتيجيات المستدامة؛
  • يستخدم بناء القدرات بشكل كبير من خلال إشراك أصحاب المصلحة، وغالباً ما يتم تقييم احتياجات ورغبات أصحاب المصلحة المحليين من خلال نهج تعاوني شامل؛
  • يستخدم رسم خرائط لقضايا الاستدامة كأداة لتقييم المخاطر البيئية والاجتماعية والاقتصادية الرئيسية التي يتعرض لها المجتمع المحلي، بما في ذلك الاستجابات التكيفية لتغير المناخ والكوارث الطبيعية؛
  • يحدد البرامج العملية والفعالة من حيث التكلفة للاستدامة، تلك التي يمكن تنفيذها بسهولة، مع الاعتراف بالحاجة إلى استراتيجيات طويلة الأجل؛
  • يناقش أفضل الممارسات في مجال الاستدامة ويستخدم خطة الاستدامة كوثيقة فعالة لإعداد التقارير؛
  • يدعو إلى استراتيجية تمويلية أو مالية يمكن أن تؤدي إلى التنفيذ الناجح، كما يوفر آلية لاستمرارية ورصد استراتيجيات الاستدامة (Taylor, 2012, p. 294‑295).

وقد تناولت دراسات الاستدامة المحلية مجموعة من النماذج المفاهيمية لفهم التعقيدات المحلية وتفاعلها مع البيئة. فمن بين هذه النماذج، يبرز نموذجان أساسيان: “التمثيل الغذائي الحضري”“Urban Métabolisme” و “التفويض المزدوج Dual Mandate (Weinstein & Turner, 2012, p 275-296).

فنموذج “التمثيل الغذائي الحضري يركز على تدفق الموارد والمواد عبر النظام الحضري، مسلطًا الضوء على العمليات التي تحول المدخلات إلى مخرجات، بما في ذلك المنتجات والنفايات، ويستخدم هذا النموذج أدوات مثل قياس البصمة البيئية لتقييم تأثير المدينة على البيئة وتحديد مدى استدامة عملياتها وسياساتها.

من ناحية أخرى، يركز نموذج التفويض المزدوج على التوترات الكامنة في تحقيق التنمية الاقتصادية مع حماية البيئة في نفس الوقت. كما يسلط هذا النموذج الضوء على التحديات التي تواجه المخططين الحضريين في الموازنة بين هذين الهدفين المتعارضين في بعض الأحيان، مع السعي لتحقيق التنمية المستدامة للمدن.

ويشير مفهوم الولاية المزدوجة في سياق تخطيط الاستدامة إلى التوترات والتوازنات المتأصلة في تحقيق الاستدامة الحضرية. ويعني ذلك ضرورة الموازنة بين متطلبات الحاضر واحتياجات المستقبل، مع مراعاة الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية، وتتجلى هذه التوترات في عدة جوانب، منها:

  • النمو الاقتصادي مقابل الحفاظ على البيئة بحيث يتطلب تحقيق الاستدامة تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي الضروري لتحسين مستوى المعيشة والحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية للأجيال القادمة؛
  • التنمية الحضرية مقابل العدالة الاجتماعية إذ يجب أن تراعي التنمية الحضرية مبادئ العدالة الاجتماعية وتضمن توزيع المنافع والخدمات بشكل عادل بين جميع فئات المجتمع؛
  • الحفاظ على التراث الثقافي مقابل التحديث والتطوير بحيث يتطلب تحقيق الاستدامة الحفاظ على الهوية الثقافية والتراث العمراني للمدن، مع السعي للتحديث والتطوير لتلبية احتياجات السكان.

وتتباين استراتيجيات الاستدامة التي تتبناها الحكومات المحلية حول العالم في تصميمها وشموليتها، إذ تركز بعض الحكومات المحلية على مجموعة محددة من القضايا البيئية، بينما تتبنى أخرى نهجًا أكثر شمولية يتناول مجموعة واسعة من القضايا. كما تلعب الظروف الخارجية كمكونات المجتمع ومخاطر الكوارث دورًا هامًا في تحديد تصميم هذه الاستراتيجيات.

ويمكن تصنيف مناهج الاستدامة في أربعة نماذج أساسية: النهج القائم على الرؤية، النهج القائم على الاستراتيجية، النهج القائم على الأداء والنهج القائم على أصحاب المصلحة (Taylor, 2012, p. 298).

فالنهج القائم على الرؤية يركز على تحديد مبادئ توجيهية ومعايير ومقاييس لجودة المدينة وأفضل الممارسات في مجال الاستدامة. ومن الأمثلة على هذا النهج “مبادئ ملبورن” التي حددت عشرة أهداف يجب على المدن تحقيقها للتقدم نحو الاستدامة. بينما يركز النهج القائم على الاستراتيجية على تطوير استراتيجيات محددة لتحقيق أهداف الاستدامة، وقد تشمل هذه الاستراتيجيات خطط عمل مفصلة مع أهداف قابلة للقياس ومؤشرات أداء.

من ناحية أخرى، يركز النهج القائم على الأداء على قياس أداء المدينة في مجال الاستدامة وتحديد مجالات التحسين. وقد يشمل ذلك استخدام مؤشرات الأداء الرئيسية وأدوات التقييم الأخرى. أما النهج القائم على أصحاب المصلحة فيركز على إشراك المجتمع المحلي، والقطاع الخاص، والمنظمات غير الحكومية في عملية تخطيط الاستدامة.

وهناك العديد من الأمثلة على مناهج تخطيط الاستدامة، مثل المساعدة الفنية التي يقدمها المجلس الدولي للمبادرات البيئية المحلية (ICLEI)، وتصنيف SustainLane للمدن الأمريكية بناءً على قدرتها على تحقيق مقاييس محددة لجودة المدينة، و”مبادرة مواقع الاستدامة” التي أطلقتها الجمعية الأمريكية لمهندسي المناظر الطبيعية. (Weinstein & Turner, 2012, p. 80)

وعموما، توفر هذه النماذج الأربعة إطارًا مفيدًا للجماعات الترابية لتخطيط وتنفيذ استراتيجيات الاستدامة، مع مراعاة الخصوصيات المحلية واحتياجات أصحاب المصلحة.

ويواجه تخطيط المدن المستدامة تحديات متمثلة في إدارة مخاطر تغير المناخ والتدهور البيئي والفقر. فاستراتيجيات مواجهة تغير المناخ تتضمن الحماية والتخفيف والتكيف، مع التركيز على استراتيجيات التكيف الأصغر حجمًا والأكثر فعالية من حيث التكلفة (Taylor, 2012, p. 306). كما يسعى تخطيط المدن المستدامة إلى تقليل البصمة البيئية للمدن من خلال تقليل مدخلات الطاقة والمواد، وتشجيع الإنتاج والاستهلاك المحليين، وتقليل النفايات (Rees & Wackernagel, 1996, p. 238). بالإضافة إلى ذلك، يركز التخطيط المستدام على الحد من الفقر من خلال مشاريع تحسين سبل العيش، والتي تؤثر بدورها على مواقع الاستيطان والتلوث البيئي.

وعلى الصعيد الوطني، فقد كشف تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2019 من خلال تحليله برامج التنمية الجهوية عن غياب الاستشارة والتنسيق بين مختلف المستويات الترابية، تبيّن أنّ غالبية البرامج جرى بلورتها دون مراعاة البرامج المسطرة من قبل الأقاليم والجماعات، وفي كثير من الأحيان، دون دمج مشاريع وبرامج المصالح المركزية.

كما أن مرحلة الإعداد المشترك لبرنامج التنمية الجهوية لم تشكل موضوع تشاور موسع بين جميع الفاعلين، مما يحد من إسهامهم بشكل فعال في تنفيذه. ويعزى ذلك إلى ضعف استخدام آليات التفاوض والتواصل، وإلى الإشراك المحدود للفاعلين المعنيين، وضعف توظيف التكنولوجيات الرقمية، وهي عوامل تحد من انخراط الفاعلين الترابيين ومشاركتهم في مسلسل التخطيط الاستراتيجي لبرامج التنمية المستدامة (تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، 2019، ص 17).

وأخيرا، يعتبر نقص مصادر التمويل لتقديم الخدمات تحديًا رئيسيًا أمام تخطيط المدن المستدامة، فبدون تمويل مستدام، يصعب تحقيق الاستراتيجيات المستدامة. لذا، يتطلب تطوير خطة إدارة مستدامة فعالة إدخال آليات وأدوات مالية مبتكرة، ودمج التمويل في قطاعات أخرى، مثل الإسكان والاقتصاد والعدالة الاجتماعية والبيئة.

وتعاني الموارد المالية للجماعات الترابية بالمملكة من ضعف التنوع وارتِباطها الكبير بالدولة، بالإضافة إلى ضعف مساهمتها في الاستثمار العام. فرغم الجهود المبذولة لتعزيز التنمية الاقتصادية لِـلـِجـهات، فإن الفوارق لا تزال قائمة، وتشكل تحدّيات كبيرة يُفترض مواجهتها مستقبلاً (تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، 2019، ص 18).

وجدير بالذكر، فالقانون الإطار 99.12 يلزم جميع الجهات الترابية بالمملكة بدمج مبادئ حماية البيئة والتنمية المستدامة في خططها وبرامجها التنموية. كما يشجع على مشاركة الساكنة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالبيئة والوصول إلى المعلومات البيئية، وتُعتبر المادة 20 منه حجر الزاوية في هذا المسار، حيث تدعو إلى التنسيق بين الجهات المتجاورة لتوحيد السياسات المحلية المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة، بهدف تحقيق بيئة صحية ومستدامة للأجيال القادمة.

ثالثا: مدن وطموح الاستدامة

تعد الجماعات الترابية حجر الأساس في تحقيق التنمية المستدامة، فهي تجمع بين رأس المال المالي، البشري، والاجتماعي، مما يجعلها قادرة على إيجاد حلول مستدامة للتحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية (Taylor, 2012, p. 296).

وفي هذا الصدد، تسعى الجماعات المستدامة إلى التخطيط الجيد والى الإدارة الرشيدة في تدبير شؤونها، وتكون قاعدتها الرئيسية في الإدارة هي اعتماد العديد من الممارسات من أجل معالجة المشاكل التي قد تواجهها، كما سيكون لحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية تأثير كبير على نوعية الحياة التي يتمتع بها سكانها (Rodrigues, 2018, p. 36).

وتجدر الإشارة إلى أن المدن تمتعت بمكانة مركزية وامتيازات جعلتها مركزاً للإنتاج الثقافي والعلمي والاقتصادي، مستفيدة من التجمع السكاني والموقع الجغرافي. في المقابل، عانت الأرياف والقرى من التخلف والاعتماد على المدن، وذلك بسبب البعد الجغرافي وضعف البنية التحتية، واقتصرت أنشطتها على الزراعة، مما أدى إلى علاقة تبعية قدم فيها الريف للمدينة اليد العاملة والموارد مقابل إعادة توزيع الثروة من خلال السياسات الزراعية (Sotte, 2006, p. 201). وسنقتصر في دراستنا هذه فقط على بعض نماذج المدن الرائدة والطموحة في مجال التنمية المحلية المستدامة وذلك لضيق المجال.

تعتبر مدينة برشلونة مثالًا بارزًا على التكامل الاستراتيجي لمبادئ التنمية المستدامة في التخطيط الحضري، إذ يُجسد مجلس المدينة التزامه بالاستدامة من خلال مجموعة شاملة من الخطط الاستراتيجية القطاعية التي تغطي مختلف جوانب التنمية المستدامة. وتشمل هذه الخطط: خطة الحد من التلوث الضوضائي (2010-2020)، والخطة الخضراء والتنوع البيولوجي (2012-2020)، والخطة الاستراتيجية للاستدامة الداخلية للبيئة الحضرية (2015-2022)، وخطة برشلونة للأشجار (2017-2037)، وخطة المناخ (2018-2030) (Salvador & Sancho, 2021, p. 9).

وتعكس هذه الخطط التزامًا واضحًا بالتحول البيئي، مع التركيز على معالجة تغير المناخ، وتعزيز التنقل المستدام، وتطوير المساحات الخضراء، ودعم الاقتصاد الدائري. بالإضافة إلى ذلك، يتماشى برنامج أجندة 2030 الخاص ببرشلونة مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، مما يؤكد التزام المدينة بالتوطين والتقييم والابتكار والشراكات والتوعية والقيادة في تحقيق هذه الأهداف، بحيث يُمكن اعتبار هذا النهج الشامل في التخطيط الاستراتيجي نموذجًا يحتذى به من قبل المدن الأخرى التي تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة.

في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي ظل غياب سياسة اتحادية قوية للتصدي لتغير المناخ، برز دور الحكومات المحلية في تحمل مسؤولية التعامل مع هذه الظاهرة. وقد اتخذت العديد من المدن الأمريكية تخطيط الاستدامة كأداة رئيسية للسياسة والتخطيط.

وتشير الدراسات إلى أن 41 مدينة في الولايات المتحدة قد بدأت برامج مدن مستدامة تهدف إلى تحسين جودة الحياة وقابلية العيش. وتتنوع هذه البرامج لتشمل مجالات مختلفة، مثل: النمو الذكي، وزيادة ركوب الدراجات، والإدارة المتكاملة للآفات، والحدائق الحضرية، والتسميد، وتوليد الطاقة المحلية، وإعادة التدوير وإعادة استخدام النفايات (Taylor, 2012, p. 302).

وفي هذا الإطار، تعتبر مدينة شيكاغو مثالاً بارزاً للمدن الأمريكية التي تتبنى برامج ملموسة للتكيف مع تغير المناخ، كأحد الأهداف الرئيسية للاستدامة الحضرية، تجلى ذلك في استخدام المدينة تقنيات متطورة مثل الرادار الحراري لتحديد المناطق الأكثر سخونة (Kaufman 2011).

وقد حققت المدينة تقدمًا ملحوظًا في مجال التنمية المستدامة، خاصة في مجال البنية التحتية الخضراء، إذ تُعد رائدة في تركيب الأسطح الخضراء، حيث تضم ما يقارب من 500 سطح أخضر بمساحة إجمالية تبلغ حوالي 5.5 مليون متر مربع (Chicago, Illinois a Case Study of How Green Infrastructure Is Helping Manage Urban Stormwater Challenges, 2023, p. 2). كما أطلقت مبادرة “تخضير أزقة شيكاغو” التي تستخدم الأرصفة المنفذة للمياه، بالإضافة إلى التصنيف والمنحدر المناسبين، لتحسين نفاذية المياه وتقليل الجريان السطحي في أكثر من 13000 زقاق في المدينة (Chicago, Illinois a Case Study of How Green Infrastructure Is Helping Manage Urban Stormwater Challenges, 2023, p. 2‑3). بالإضافة إلى ذلك، تستثمر المدينة بشكل كبير في التشجير الحضري، حيث تنفق ما يقرب من 8 إلى 10 ملايين دولار سنويًا لزراعة 4000 إلى 6000 شجرة، مما ساعد على زيادة الغطاء الشجري من 11% في عام 1991 إلى 17.6% في عام 2008 (Chicago, Illinois a Case Study of How Green Infrastructure Is Helping Manage Urban Stormwater Challenges, 2023, p. 3).

أما على الصعيد الوطني، فيتم تبني نهجا متعدد المستويات لتحقيق الاستدامة، يراعي الخصائص الجغرافية والاجتماعية الفريدة لكل منطقة. فهناك اختلاف كبير بين المناطق الجبلية والساحلية والواحات والمناطق الزراعية والحضرية، ولكل منها تحديات وفرص مختلفة. ولذلك، يتم تصميم برامج التنمية المستدامة لتناسب احتياجات كل منطقة على حدة (MOUTTAQI, s. d., p. 6).

وفي هذا السياق، شهدت بداية الألفية الجديدة إطلاق سلسلة من المدن والمناطق الحضرية الجديدة، لا تدخل ضمن المنهجية التقليدية للإنعاش العقاري. فهي تضم أبعادًا اجتماعية وثقافية وبيئية.

وتندرج هذه المشاريع، التي تنفذها مجموعة العمران وصندوق الإيداع والتدبير والمجمع الشريف للفوسفاط، ضمن نطاق الاستدامة، وتعتمد نهجًا جديدًا يركز على خصائص المدن الخضراء المستدامة، القادرة على التكيف والصمود. فمجموعة العمران تنفذ المدن التالية: تمنصورت، تامسنا، ساحل الخيايطة والشرافات.

وتشمل مشاريع صندوق الإيداع والتدبير القطب الحضري الجديد أنفا، ومدينة زناتة. بينما أطلق المجمع الشريف للفوسفاط مشروع بناء المدينة الخضراء محمد السادس ببن جرير، والمنجم الأخضر بخريبكة، وأقطاب مازاغان، وفم الواد (تقري المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، 2017، ص 142). ونقترح في هذا الإطار الاقتصار على مدينة زناتة التي شهدت نسبة مهمة من الإنجاز وتجسد مفهوم الاستدامة.

تعد مدينة زناتة، التي انطلق إنجازها سنة 2006، مدينة جديدة تقع على الواجهة الأطلسية بين الدار البيضاء والمحمدية، وتمتد على مساحة 1860 هكتارًا. وتهدف هذه المدينة المراعية للبيئة إلى استيعاب 300,000 نسمة وخلق 100,000 منصب شغل، مع التركيز على مبادئ الابتكار والاستدامة والسلم الاجتماعي. وقد حظي المشروع بدعم كبير، كما اعتبرته الوكالة الفرنسية للتنمية مشروعًا نموذجيًا. وتتميز المدينة بتصميم عمراني متكامل يشمل قطاعات صناعية ولوجستية وصحية وتعليمية وتجارية، بالإضافة إلى فضاءات سكنية وترفيهية ومناطق خضراء. وقد تم تعزيز هذا التصور العمراني بدراسات معمقة، بما في ذلك دراسة تأثير المشروع على البيئة، لضمان تحقيق الاستدامة منذ البداية. وتهدف هذه المدينة إلى أن تكون نموذجًا للمدينة العصرية التي تجمع بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمحافظة على البيئة (تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي, 2017، ص 143).

وتوخى تصميم تهيئة مدينة زناتة إنشاء مدينة بيومناخية مستدامة من خلال التركيز على تقليص الاعتماد على السيارات، وتعزيز وسائل النقل العمومية الصديقة للبيئة، واستغلال الموارد الطبيعية بكفاءة، حيث يشمل ذلك إنشاء شبكة ترامواي وحافلات عالية الجودة، وتوفير مسارات للمشاة والدراجات، وإقامة مواقف ذكية للسيارات. كما يولي التصميم أهمية كبيرة للمساحات الخضراء، حيث يمتد شريط أخضر على مساحة 470 هكتارًا، وذلك لضمان ضبط درجة الحرارة وتحسين جودة الهواء، بالإضافة إلى ذلك، يتم التركيز على استخدام الطاقة بكفاءة وتنفيذ البنية التحتية بشكل تدريجي ومتكيف مع المناخ المحلي، وذلك لأجل تحقيق الانسجام مع المعايير الدولية للمدن البيئية مع مراعاة السياق الوطني، ويشمل ذلك استخدام الخدمات الإلكترونية والذكية، ورصد التلوث، وتوفير فضاءات عمومية رقمية.

وهكذا، فقد برزت مدن برشلونة، شيكاغو، وزناتة كنماذج ملهمة في مجال التنمية المستدامة، حيث تبنت كل مدينة نهجًا فريدًا يعكس سياقها المحلي وتحدياتها الخاصة. ففي برشلونة، تم التركيز على التحول البيئي الشامل من خلال خطط استراتيجية متعددة القطاعات، مع التركيز على التنقل المستدام والاقتصاد الدائري، بينما ركزت شيكاغو على التكيف مع تغير المناخ من خلال البنية التحتية الخضراء والابتكار التكنولوجي لتحديد المناطق الساخنة. أما مدينة زناتة، فقد تم تصميمها كمدينة بيومناخية مستدامة، مع التركيز على تقليل الاعتماد على السيارات وتعزيز النقل العام، واستغلال الموارد الطبيعية بكفاءة.

فعلى الرغم من اختلاف الاستراتيجيات، فالمدن الثلاث تشترك في التركيز على التخطيط الاستراتيجي طويل المدى، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، وتعزيز المساحات الخضراء. وتُظهر هذه النماذج المتنوعة أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب حلولًا مبتكرة تتناسب مع السياق المحلي لكل مدينة، مع الاستفادة من أفضل الممارسات بالتجارب العالمية. وتقدم هذه المدن دروسًا قيمة للمدن الأخرى التي تسعى لتحقيق الاستدامة، مؤكدة على أهمية التعاون وتبادل المعرفة لتحقيق مستقبل أكثر استدامة للجميع.

خاتمة

إن تحقيق التنمية المستدامة على المستوى المحلي يتطلب مراعاة السياقات المحلية والخصوصيات الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية لكل منطقة، فلا يمكن تطبيق نموذج واحد بشكل عام، بل يجب تطوير استراتيجيات تتناسب مع الموارد المتاحة والتحديات التي تواجهها كل جماعة ترابية.

كما أن فعالية استراتيجيات الجماعات الترابية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة تتأثر بمجموعة من العوامل، بما في ذلك جودة التخطيط، توفر الموارد المالية، مستوى المشاركة المجتمعية، والقدرات المؤسساتية. فرغم التحديات التي تواجهها الجماعات الترابية المغربية، إلا أن هناك فرصًا واعدة لتعزيز دورها في تحقيق التنمية المستدامة، من خلال تبني استراتيجيات مبتكرة، تعزيز التعاون والشراكات والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة.

ولتعزيز دور الجماعات الترابية في مجال التنمية المستدامة نقترح التوصيات التالية:

  • إدماج مبادئ التنمية المستدامة في جميع سياسات التخطيط؛
  • تعزيز وتوسيع مشاركة المواطنين في اتخاذ القرارات المتعلقة بالاستدامة من خلال إنشاء منصات حوار وتشاور منظمة، وإدماج مبادئ التنمية المستدامة في البرامج التعليمية؛
  • تطوير برامج تدريبية لتعزيز الكفاءات حيث يعد التدريب والتعليم أدوات مهمة لرفع كفاءات الموظفين في الجماعات الترابية في مجال التنمية المستدامة؛
  • تعزيز الشراكات بين الجماعات الترابية؛
  • تطوير استراتيجيات محلية للتكيف مع تغير المناخ؛
  • تشجيع تطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري في جميع القطاعات وذلك من خلال التركيز على إعادة التدوير والاستخدام المتجدد؛
  • الاستثمار في الطاقات المتجددة وذلك بتشجع الاستثمار في الطاقة الشمسية والطاقة الريحية وغيرها من مصادر الطاقة المُتجددة؛
  • تحسين كفاءة استهلاك المياه وذلك من خلال استخدام التقنيات الحديثة وترشيد استهلاكها؛
  • حماية التنوع البيولوجي.

لائحة المراجع References:

  • المراجع بالعربية
  1. القانون الإطار رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، Pub. L. No. ظهير شريف رقم1.14.09 صادر في 4 جمادى الأولى 1435 (6 مارس 2014).
  2. تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (إحالة ذاتية 42/2019، الحكامة الترابية رافعة للتنمية المنصفة والمستدامة)، (2019)، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
  3. تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (إحالة ذاتية 32/2017; إنجاح الانتقال نحو المدن المستدامة). (2017). المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. www.cese.ma
  • المراجع بلغات أجنبية
  1. Chicago, Illinois a Case Study of How Green Infrastructure Is Helping Manage Urban Stormwater Challenges. (2023). https://www.nrdc.org/sites/default/files/RooftopstoRivers_Chicago.pdf
  2. Decamps, M., & Vicard, F. (2010). Mesurer le développement durable : Jeux d’indicateurs et enjeux locaux. Revue d’Économie Régionale & Urbaine, octobre (4), 749‑771. https://doi.org/10.3917/reru.104.0749
  3. Evans, B., Joas, M., Sundback, S., & Theobald, K. (2006). Governing local sustainability. Journal of Environmental Planning and Management, 49(6), 849‑867. https://doi.org/10.1080/09640560600946875
  4. Godard, O. (2006). Du développement régional au développement durable : Tensions et articulations : In Territoires et enjeux du développement régional (p. 83‑98). Éditions Quæ. https://doi.org/10.3917/quae.molla.2006.01.0083
  5. Leitman J (1999) Sustaining cities. McGraw Hill, New York
  6. . Environ Manage 27:195–214
  7. MOUTTAQI, A. (s. d.). Le Développement Durable Au Maroc : « Une Analyse Croisée Selon La Triple Performance Dans Un Contexte De Dérèglement Climatique Et De Crise Systémique Induite Par La Pandémie De La Covid-19 ». Sommet euro-méditerranéen des Conseils économiques et sociaux et institutions similaires.
  8. Pekta, E. K. (2009). Functions of local governments for the implementation of sustainable development: The case of turkey.
  9. Prizzia, R. (2007). Sustainable Development in an International Perspective (p. 19‑42). DOI: 10.1201/9781420016932.ch2.
  10. Kaufman L (2011) A city prepares for a warm long-term forecast. New York Times, retrieved May 22, 2011
  11. Rees, W., & Wackernagel, M. (1996). Urban Ecological Footprints: Why Cities Cannot Be Sustainable—and Why They Are a Key to Sustainability. Environmental Impact Assessment Review, 16(4‑6), 223‑248. https://doi.org/10.1016/S0195-9255(96)00022-4
  12. Rodrigues, J. P. C. (2018). Local Government Aimed at Quality of Life in Sustainable Cities. In J. Leitão, H. Alves, N. Krueger, & J. Park (Éds.), Entrepreneurial, Innovative and Sustainable Ecosystems (p. 35‑53). Springer International Publishing. https://doi.org/10.1007/978-3-319-71014-3_2
  13. Salvador, M., & Sancho, D. (2021). The role of local government in the drive for sustainable development public policies. An analytical framework based on institutional capacities. Sustainability, 13(11), 5978. https://doi.org/10.3390/su13115978
  14. Sotte, F. (2006). La politique européenne de développement rural et la diversité territoriale en europe: In Territoires et enjeux du développement régional (p. 199‑220). Éditions Quæ. https://doi.org/10.3917/quae.molla.2006.01.0199
  15. Sustainable Development in Local Government Units. (2018). 30(1), 19‑29. https://doi.org/10.17512/ZNPCZ.2018.2.02
  16. Taylor, R. W. (2012). Urbanization, Local Government, and Planning for Sustainability. In M. P. Weinstein & R. E. Turner (Éds.), Sustainability Science (p. 293‑313). Springer New York. https://doi.org/10.1007/978-1-4614-3188-6_14
  17. Weinstein, M. P., & Turner, R. E. (Éds.). (2012). Sustainability Science: The Emerging Paradigm and the Urban Environment. Springer New York. https://doi.org/10.1007/978-1-4614-3188-6