الأمثال السّودانية الكامنة في الآيات القُرآنية

عمّار إسماعيل صالح محمد1

1 أستاذ مُشارك، رئيس قسم التّفسير وعلوم القرآن، جامعة سنار، السودان.

البريد الإلكتروني: ammarismail320@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(6); https://doi.org/10.53796/hnsj56/15

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/06/2024م تاريخ القبول: 18/05/2024م

المستخلص

هدفت الدّراسة إلى تجديد الخطاب الشّرعي بحشد الأمثال؛ لأنّها أكثر استقراراً في الأذهان, و إفادة القارئ السّوداني بشيء من تراثه الذّاخر بتجاربه التي تتضمّن دروساً و قواعد في شتّى مناحي الحياة الشّرعية, و الاجتماعية و السّياسية و الثّقافية, و تعزيز بعض القيم و المُثُل التي بدأت بالضعف في المجتمع السّوداني كقيمة النّشاط للعمل, ففي المثل: “الرزق تابع القدم” ففي القرآن: “فامشوا في مناكبها و كلوا من رزقه” و في المثل أيضاً: “.. لا تشبع نوم” ففي القرآن: “كانوا قليلا من الليل ما يهجعون” و غير ذلك. إمّا مشكلة الدّراسة فهي في التّساؤل التّالي وهو ما مدى حاجة طلّاب العلم الشّرعي لمعرفة أمثال بلدهم ؟ و يتمثل منهج الدراسة في المنهج الوصفي التّحليليّ, الاستقرائي. و من نتائج الدّراسة اصطباغ الأمثال السودانية السائرة بالقرآن اصطباغاً لا يخطؤه ناظر, يَبين به استمداد ثقافة شعب و هُويّته. كما أن من الأمثال ما هو ظاهر في ارتباطه بالنّص القرآني, و منه ما ليس كذلك, فيحتاج إلى نوع من إعمال العقل, فيرتبط ذلك بباب من أبواب علوم القرآن و هو الاستنباط. و قد أوصت الدراسة باستصحاب المُخاطِب (داعية, واعظ, مصلح اجتماعي ) مع خطابه الشّرعي المثل السائر فهو أدعى للقبول و آنس للروح, و أنه لا بدّ من إضافة مفردة من مفردات مادّة الدراسات السودانية -و التي تدرّس كواحدة من مطلوبات الجامعات السّودانية- تحوي الأمثال السّودانية و حبّذا لو رُبطت بالقيم القرآنية مع توجيه ما يحتاج منها إلى توجيه, كما أوصت بالاستفادة من الأمثال الكامنة في القرآن في الصُّلح, كالصُّلح في قضايا القتل التي أقضّت مضاجع السودانيّين.

الكلمات المفتاحية: الأمثال السودانية, الأمثال الكامنة في القرآن, الأمثال الاجتماعية, الأمثال السياسية.

Research title

Sudanese proverbs inherent in Quranic verses

Ammar Ismail Salih Mohammed1

1 Associate Professor, Head of the Department of Interpretation and Qur’anic Sciences, Sinnar University, Sudan. Email: ammarismail320@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(6); https://doi.org/10.53796/hnsj56/15

Published at 01/06/2024 Accepted at 18/05/2024

Abstract

The aim of the study to renew the legal discourse by mobilizing proverbs; Because they are more stable in minds, and the Sudanese reader should some of its maximum heritage with his experiences, which include a lessons and rules in various walks of life, social, political and cultural, and strengthened some values and ideals The weakness in Sudanese society is the value of activity to work, in the ideals: “Livelihood Foot”. They encourage “and otherwise. Either the study problem is in the following question, which is how forensic students needed to know their country? The study approach is to the analytical descriptive approach, inductive. One of the results of the study, the Sudanese proverbs of the Quran in the Qur’an, which is not planned, showed by a culture of the people and identity. As such is what is visible in his association with the Quranic text, and from what is not, you need a kind of reason, it is tied to the door of the doors of the science of Qur’an and is the development. The study recommended a comparison (call for, a preacher) with his legitimate speech, which is not called for admission and Ans for the Spirit, and that it must be added from the vocabulary of Sudanese studies – which is considered as one Of Sudanese university liabilities – contains Sudanese proverbs and if you link Quranic values, with what they need to guide, and recommended that the inherent proverbs of the Quran in Sollah, such as reconciliation in the cases of killings that spoke Sudanese Surinations.

Key Words: Sudanese proverbs, proverbs inherent in the Quran, social proverbs, political proverbs.

مقدّمة

الحمد لله رب العالمين, والصّلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.

الحكم و الأمثال شيئان متتابعان مخرجهما ممن خبر الحياة فهي تعبير عن أحوال صيغت من أصحاب الفصاحة و رجاحة العقل فكانت موجزة مؤثّرة فتمثّلها الناس.

في السودان تمثل مجالسه المختلفة و في أرقى صورها في الخلاوى[1]و التي يجلس شيوخها للناس فيحدثونهم, فتتبلور في مجالسهم كثير من الأمثال.

إذا أضفت للعوامل السابقة و هي كلام دلّ على خبرة في الحياة مع وجود من يصوغه من الفصحاء و كان ذلك في بيئة ما, لها طابعها و خصائصها أنتج ذلك لنا مثلاً.

إمّا الأمثال الكامنة في القرآن, فهي الأمثال التي توافق في معناها بعض آي القرآن, و قد ذكرت عدد ثمانية عشر مثلاً اخترتها من كتاب: “أمثال العوام في مصر و السّودان و الشّام- لنعّوم شقير” و قد صنّفتُها على حسب موضوعاتها.

أهمّية الدّراسة:

  • الأمثال من أوجب ما يجب معرفته على من يتصدّر الكلام على الناس؛ لأنّ فيها تقريبٌ للمدلول و بيان و إيجاز.
  • الخطاب بالأمثال فيه أُنس للسامع, مما يستدعي قبول القول.
  • مخاطبة الإنسان بأمثال بلده تشدُّ انتباهه, و تتولد بذلك محبة للمتكلم و الكلام المتكلّم به, فيكون ذلك من دواعي القبول.

مشكلة الدّراسة:

و يمكن إجمال مشكلة الدّراسة في التّساؤل التّالي وهو ما مدى حاجة طلّاب العلم الشّرعي لمعرفة أمثال بلدهم ؟

هدف الدّراسة:

  • تجديد الخطاب الشّرعي بحشد الأمثال؛ لأنّها أكثر استقراراً في الأذهان.
  • إفادة القارئ السّوداني بشيء من تراثه الذّاخر بتجاربه التي تتضمّن دروساً و قواعد في شتّى مناحي الحياة الشّرعية, و الاجتماعية و السّياسية و الثّقافية.
  • ربط السلوك الإنساني و القيم السّودانية بأصلها الشّرعي و القرآن بصفة خاصّة.
  • تعزيز بعض القيم و المُثُل التي بدأت ببالضعف في المجتمع السّوداني كقيمة النّشاط للعمل, ففي المثل: “الرزق تابع القدم” ففي القرآن: “فامشوا في مناكبها و كلوا من رزقه” و في المثل أيضاً: “.. لا تشبع نوم” ففي القرآن: “كانوا قليلا من الليل ما يهجعون” و غير ذلك.

منهج الدّراسة:

يتمثل منهج الدراسة في المنهج الوصفي التّحليليّ, الاستقرائي.

حدود الدّراسة:

هو كتاب: “أمثال العوام في مصر و السّودان و الشّام- لنعّوم شُقير, و قد انتقيت منه نحواً من عشرين مثَلاً.

أهمّية الكتاب:

يعتبر من النّاحية التّاريخية هو أقدم كتاب في جمع الأمثال الشّعبية السّودانية, إذ يرجع إلى القرن التّاسع عشر الميلادي, ثم تتالت الجهود بعده.

مؤلّف الكتاب:

هو نعّوم شُقَيْر أو نعّوم “بك” بن بشارة نقولا شقير, مؤرخ لبناني الأصل والمولد, ولد سنة 1280ه- 1863م, و تعلّم في بيروت, وانتظم في خدمة حكومة السّودان, وطاف شبه جزيرة سينا، له: ” تاريخ السّودان – ط ” و ” تاريخ سيناء – ط ” و ” أمثال العوام في مصر والسودان والشام – ط ” و ” الشبان والواجب – خ ” و ” تاريخ اليمن – خ ” لم يتمه. وتوفي في القاهرة 1340ه- 1922م[2].

الدّراسات السّابقة:

الدراسات في الأمثال كثيرة أكثر من أن تحصى, إما الدّراسات المشابهة, فمنها: الأمثال الكامنة في القرآن الكريم- للحسين بن الفضل و يقع في 63 صفحة, طبع بمكتبة التوبة بالرياض.

الفرق بين الدّراستين:

و تختلف دراستي عن الدّراسة السابقة في أنّ دراستي تتعلق بأمثال السّودان فقط, و تلك تتعلق بعمومها. كما أنه يذكر في السابقة المثل و بعده الآية مظنة التشابه, و قد يتفق المثل مع الآية المذكورة و قد لا يتفق عند التّحقيق, إمّا دراستي فقد أتبعت المثل بالآية و الآية مع وجه الارتباط بالمثل مع توضيح الآية و سياقها, مع بيان قيمة المثل و أثر ذلك في حياة النّاس.

مفهوم المثل:

أولاً: عند الُّلغويّين:

قال ابن فارس [تـ 395هـ]:[3]الْمِيمُ وَالثَّاءُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مُنَاظَرَةِ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ. وَهَذَا مِثْلُ هَذَا، أَيْ نَظِيرُهُ، وَالْمِثْلُ وَالْمِثَالُ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ. وَرُبَّمَا قَالُوا مَثِيلٌ كَشَبِيهٍ. تَقُولُ الْعَرَبُ: أَمْثَلَ السُّلْطَانُ فُلَانًا: قَتَلَهُ قَوَدًا، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ فَعَلَ بِهِ مِثْلَ مَا كَانَ فَعَلَهُ. وَالْمَثَلُ: الْمِثْلُ أَيْضًا، كَشَبَهٍ وَشِبْهٍ. وَالْمَثَلُ الْمَضْرُوبُ مَأْخُوذٌ مِنْ هَذَا، لِأَنَّهُ يُذْكَرُ مُوَرًّى بِهِ عَنْ مِثْلِهِ فِي الْمَعْنَى. وَقَوْلُهُمْ: مَثَّلَ بِهِ، إِذَا نَكَّلَ، هُوَ مِنْ هَذَا أَيْضًا، لِأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ إِذَا نُكِّلَ بِهِ جُعِلَ ذَلِكَ مِثَالًا لِكُلِّ مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ الصَّنِيعَ أَوْ أَرَادَ صُنْعَهُ[4].

ثانياً: عند الأدباء:

قال الراغب الأصفهاني[تـ:400ه][5]:المثل عبارة عن قول في شيء يشبه قولا في شيء آخر بينهما مشابهة ليبين أحدهما الآخر ويصوره نحو قولهم الصيف ضيعت اللبن ، فإن هذا القول يشبه قولك أهملت وقت الإمكان أمرك[6].

ثالثاً: المثل في القرآن:

ابن القيم [تـ:751][7]:المثل شبيه شيء بشيء في حكمه وتقريب المعقول من المحسوس أو أحد المحسوسين من الآخر واعتبار أحدهما بالآخر. كقوله تعالى في حق المنافقين: قال تعالى: ﵟ مَثَلُهُمۡ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسۡتَوۡقَدَ نَارٗا فَلَمَّآ أَضَآءَتۡ مَا حَوۡلَهُۥ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمۡ وَتَرَكَهُمۡ فِي ظُلُمَٰتٖ لَّا يُبۡصِرُونَ ١٧ صُمُّۢ بُكۡمٌ عُمۡيٞ فَهُمۡ لَا يَرۡجِعُونَ ١٨ أَوۡ كَصَيِّبٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَٰتٞ وَرَعۡدٞ وَبَرۡقٞ يَجۡعَلُونَ أَصَٰبِعَهُمۡ فِيٓ ءَاذَانِهِم مِّنَ ٱلصَّوَٰعِقِ حَذَرَ ٱلۡمَوۡتِۚ وَٱللَّهُ مُحِيطُۢ بِٱلۡكَٰفِرِينَ ١٩ يَكَادُ ٱلۡبَرۡقُ يَخۡطَفُ أَبۡصَٰرَهُمۡۖ كُلَّمَآ أَضَآءَ لَهُم مَّشَوۡاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظۡلَمَ عَلَيۡهِمۡ قَامُواْۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمۡعِهِمۡ وَأَبۡصَٰرِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ٢٠ﵞ ﵝالبَقَرَةِ : ﵗﵑ – ﵐﵒﵜ فضرب للمنافقين بحسب حالهم[8].

رابعاً: تحليل التّعريفات:

لو نظرنا إلى تعريف ابن فارس اللغوي نجد أنه رد ما اشتُق من اللفظ إلى أصل واحد, و هذه طريقة بديعة و أخصر في الوصول إلى المقصود, و هذا بالطبع لا يعني إغفال سياقات المفردة التي قد تختلف قليلاً.

إما استعمال الأدباء لمعنى المثل فهو “قول” يشبه صورة سابقة قيلت فيه, و في القرآن قد يكون قولاً أو فعلاً لتقريبه إلى المعقول.

و لذلك يمكننا القول أنّ الفرق بين أمثال القرآن و الأمثال السائرة, أنّ الأولى هي من الله فبالتالي لا تحتمل إلا الصواب, و الثّانية هي من كلام البشر فتحتمل الصّواب و الخطأ, كما أنّ المثل القرآني يحتاج لإعمال عقل غالباً؛ و لذلك قال تعالى: ﵟ وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِۖ وَمَا يَعۡقِلُهَآ إِلَّا ٱلۡعَٰلِمُونَ ٤٣ﵞ ﵝالعَنكَبُوت : ﵓﵔﵜ أي: لا يدركها على وجهها المطلوب إلا العالمون بشرع الله و حِكَمه[9].

  • تصنيف الأمثال على حسب موضوعها:
  1. الأمثال الإيمانية و العقدية:

أساس الدّين هو الإيمان, و منه تتفرع بقية القضايا الشرعية الأخرى, بل لا يجد الإنسان طعماً لحياته إلا إذا حقّق معنى الإيمان, قال تعالى: ﵟ ۞ لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَٰهَدُواْۖ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ ١٧٧ﵞ ﵝالبَقَرَةِ : ﵗﵗﵑﵜ و عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: “ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا”[10]

فهذه طائفة من الأمثال السودانية التي تُصنّف في قضايا الإيمان و ما يتبعه من قضايا:

  1. (الموت على رقاب العباد)[11]

والآية التي يكمن فيها معنى المثل: قوله تعالى: ﵟ كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ ٥٧ﵞ ﵝالعَنكَبُوت : ﵗﵕﵜ

وجه مناسبة المثل لمعنى الآية: يقرر الله تعالى في الآية أن كلّ نفس ستموت, و هي حقيقة لا محيد عنها و لا مناص, و هو ما جاء المثل بمعناها. و هذا يعني الاستعداد له بالطاعات و عدم الذهول عنه. و قد جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ”[12] يَعْنِي الْمَوْتَ.

و إكثار المؤمن من ذكر الموت له آثار عظيمة, منها استحضار العبد رقابة الله في كل عمله فيستقيم بذلك سلوكه.

  1. (نحن في التفكير و الله في التّدبير)[13]

الآية التي يكمن فيها معنى المثل: قوله تعالى: ﵟ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ يَعۡرُجُ إِلَيۡهِ فِي يَوۡمٖ كَانَ مِقۡدَارُهُۥٓ أَلۡفَ سَنَةٖ مِّمَّا تَعُدُّونَ ٥ﵞ ﵝالسَّجۡدَة : ﵕﵜ

وجه مناسبة المثل لمعنى الآية: و المثل في شقه الثّاني يوافق معنى الآية, فالله تعالى أمْر الخَلْق –كلهم- القدري والشرعي، ما يكون فيه للعبد اختيار و ما لا يكون هو المتفرد بتدبيره، وهو سبحانه قيُّوم عليه, قال تعالى: ﵟ أَفَمَنۡ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡۗ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلۡ سَمُّوهُمۡۚ أَمۡ تُنَبِّـُٔونَهُۥ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَم بِظَٰهِرٖ مِّنَ ٱلۡقَوۡلِۗ بَلۡ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكۡرُهُمۡ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ ٣٣ﵞ ﵝالرَّعۡد : ﵓﵓﵜ قال تعالى: ﵟ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ وَلَا يَـُٔودُهُۥ حِفۡظُهُمَاۚ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ ٢٥٥ﵞ ﵝالبَقَرَةِ : ﵕﵕﵒﵜ نازلة تلك التدابير من عند العليم المليك القدير “من السماء إلى الأرض” يتنزل أمره من أعلى السموات إلى أقصى تخوم الأرض السابعة, قال تعالى: ﵟ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ وَمِنَ ٱلۡأَرۡضِ مِثۡلَهُنَّۖ يَتَنَزَّلُ ٱلۡأَمۡرُ بَيۡنَهُنَّ لِتَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدۡ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عِلۡمَۢا ١٢ﵞ ﵝالطَّلَاق : ﵒﵑﵜ فيسعد بها ويشقي، ويغني ويفقر، ويعز، ويذل، ويكرم، ويهين، ويرفع أقواما، ويضع آخرين، وينزل الأرزاق- سبحانه و تعالى[14].

و أثر ذلك هو سكون النّفس و اطمئنانها, إذ أنّ الله هو من يدبّر أمرك.

  1. (الرّزق تابع القدم)[15]

الآية التي يكمن فيها معنى المثل: قوله تعالى: ﵟ هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ ذَلُولٗا فَٱمۡشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزۡقِهِۦۖ وَإِلَيۡهِ ٱلنُّشُورُ ١٥ﵞ ﵝالمُلۡك : ﵕﵑﵜ

وجه مناسبة المثل لمعنى الآية: من منة الله تعالى على خلقه أن ذلّل لهم الأرض و سهل لهم أخذ ما فيها, ما عليهم إلا أن يسعوا فيمشوا في نواحيها. و لعلّك تعجب حين يعبر القرآن عن الانتفاع بما في الأرض بقوله: “فامشوا” و هذا يدل على يسر الانتفاع بما سخره الله فيها؛ فلم يجعلها مستصعبة لأحد- و هذا من عظيم منة الله تعالى على عبيده.

و إذا علم العبد ذلك فإنه لا منافاة بين السعي لطلب الرزق و التوكل على الله تعالى, فإن السعي سبب و المسبب هو حصول الرزق, و لذلك تجد التفاوت بين الناس في الرزق. و كذلك حتى لا يغتر مغتر بنفسه نسب الله الرزق إليه, فهذا هو التوسط في مفهوم التوكل مع الرزق والذي يسلم به العبد.

  1. (من أقرّ بذنبه غفر الله له)[16].

الآية التي يكمن فيها معنى المثل: قال تعالى: ﵟ وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ ١٣٥ أُوْلَٰٓئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ ١٣٦ﵞ ﵝآل عِمۡرَان : ﵕﵓﵑ – ﵖﵓﵑﵜ

وجه مناسبة المثل لمعنى الآية: سياق الآيات في الكلام عن صفات أهل الإيمان و التي منها ليس أنهم لا يذنبون, فهذا يعني مغالبة السنن الكونية و لكنهم حين يذنبون يرجعون إلى الله فيعتذرون عما بدر منهم, و العجيب أنّ الآية ذكرت لهم “إقرار” و اعتذارين في وقت واحد, فقال: .. استغفروا لذنوبهم.. فهذ إقرار و الثاني .. و لم يصروا على ما فعلوا.. وهذا اعتذار “و هم يعلمون” فهذا اعتذار آخر, و قد ذكر ابن عاشور أن الآية من قوله: ذكروا الله فاستغفروا وقوله: ولم يصروا وقوله: وهم يعلمون الأركان الثلاثة التي ينتظم منها معنى التوبة[17], و هو معنى كلام أبي حامد الغزالي [تـ: 505ه][18] فقال: اعلم أن التوبة عبارة عن معنى ينتظم ويلتثم من ثلاثة أمور مرتبة علم وحال وفعل فالعلم الأول والحال الثاني والفعل الثالث والأول موجب للثاني والثاني موجب للثالث إيجابا اقتضاه اطراد سنة الله في الملك والملكوت أما العلم فهو معرفة عظم ضرر الذنوب وكونها حجابا بين العبد وبين كل محبوب فإذا عرف ذلك معرفة محققة بيقين غالب على قلبه ثار من هذه المعرفة, فإن كان فواته بفعله تأسف على الفعل المفوت فيسمى تألمه بسبب فعله المفوت لمحبوبه ندما فإذا غلب هذا الألم على القلب واستولى وانبعث من هذا الألم في القلب حالة أخرى تسمى إرادة وقصدا إلى فعل له تعلق بالحال والماضي وبالاستقبال أما تعلقه بالحال فبالترك للذنب الذي كان ملابسا وأما بالاستقبال فبالعزم على ترك الذنب المفوت للمحبوب إلى آخر العمر وأما بالماضي فبتلافي ما فات[19].

و أثر ذلك على العبد إضافة لكونها عبوديات مختلفة يثاب عليها المسلم, إلا أنها تُوّجت بأعظم ما يتطلّبه أهل المقامات العالية, وهو: ﵟ أُوْلَٰٓئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ ١٣٦ﵞ ﵝآل عِمۡرَان : ﵖﵓﵑﵜ فلله الحمد و المنة و الفضل.

  1. (إبليس ما غاب من أحد)[20]

الآيات التي يكمن فيها معنى المثل: قال تعالى: ﵟ قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ ١ مَلِكِ ٱلنَّاسِ ٢ إِلَٰهِ ٱلنَّاسِ ٣ مِن شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ ٱلۡخَنَّاسِ ٤ ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ ٥ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ ٦ﵞ ﵝالنَّاس : ﵑ – ﵖﵜ

و وجه مناسبة المثل لمعنى الآيات: هذه السورة من أولها إلى آخرها في الاستعاذة من الشيطان الذي -هو أصل الشرور – يلازم الناس و يجثم على صدور الناس و لا ينفك عنهم إلا بذكر الله تعالى, و من أعماله أنه يزين للناس الفاحش و القبيح, و يقبح لهم الحسن, و يثبطهم عن الخير. و هذا المثل يقال في سياق التحذير من الشر و التنبيه للخير.

الله- عز وجل- حذرنا من الشيطان وعداوته لنا, قال تعالى: ﵟ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ ٦ﵞ ﵝفَاطِر : ﵖﵜ ولأنه لا يأتي دَفعة واحدة و لكنه يتدرج بالإنسان حتى يوقعه في صيده أيضاً حذرنا الله من خطواته, فقال: ﵟ ۞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ وَمَن يَتَّبِعۡ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَإِنَّهُۥ يَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۚ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ أَبَدٗا وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ ٢١ﵞ ﵝالنُّور : ﵑﵒﵜ

و إذا كان الشيطان بهذا القرب من الإنسان و مخالطُه هذه المخالطة فإنه لا يطرد إلا بذكر الله تعالى و الذي يجب على العبد أن يكثر منه, و في الحديث أنّ رجلاً كَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَهُ عَلَى حِمَارٍ، فَعَثَرَ الْحِمَارُ، فَقُلْتُ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَا تَقُلْ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ، تَعَاظَمَ الشَّيْطَانُ فِي نَفْسِهِ، وَقَالَ: صَرَعْتُهُ بِقُوَّتِي، فَإِذَا قُلْتَ: بِسْمِ اللهِ، تَصَاغَرَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ حَتَّى يَكُونَ أَصْغَرَ مِنْ ذُبَابٍ “[21]

  1. (ربّنا رازق الدودة بين حجرين)[22] أي: ربّنا رازقٌ الدودةَ و هي بين حجَرين.

و الآيات التي يكمن فيها معنى المثل, قوله تعالى: ﵟ ۞ وَمَا مِن دَآبَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ رِزۡقُهَا وَيَعۡلَمُ مُسۡتَقَرَّهَا وَمُسۡتَوۡدَعَهَاۚ كُلّٞ فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٖ ٦ﵞ ﵝهُود : ﵖﵜ قال تعالى: ﵟ وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٖ لَّا تَحۡمِلُ رِزۡقَهَا ٱللَّهُ يَرۡزُقُهَا وَإِيَّاكُمۡۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ ٦٠ﵞ ﵝالعَنكَبُوت : ﵐﵖﵜ .

و وجه مناسبة المثل لمعنى الآيات و هو عن طريق التطابق, فكلتا الآيتين و المثل يدلان على ثلاث صفات عظيمات لله تعالى, الأولى صفة العلم, و الثانية صفة الرزق و الثالثة صفة القدرة.

فهو سبحانه يعلم ما تحتاجه مخلوقاته و ما يتناسب معهم من رزق على اختلاف تنوعهم و أعمارهم و أوقات تنزيل أرزاقهم, مهما دقّت و لطُفت فهو قادر على رزقهم لا يعطل ذلك شيء و لا يمنعه, و لا يعجله عن وقته أحد.

و أثر معرفة ذلك, التّعبد لله تعالى بدعائه -سبحانه- بكُلّ عزم و حزم, فقد صح من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “لا يقل أحدُكُم اللهم اغفر لي إِن شِئْت ارحمنِي إِن شِئْت، ارزُقنِي إِن شِئْت، وليعزم مسألته إِنه يفعل ما يشاءُ، لا مكْره له”[23] فتزداد ثقة العبد ويقينه أن الرزق سيصله كأمر محتوم وأن السعي في الأسباب إنما هو وقوع الأحكام على المحكوم، والذي وحد الله حقاً يتقلب في إيمانه بين حكمة الله وشريعته ومشيئته وقدرته.

  1. الأمثال التربوية و السّلوكية:

تمثّل الأمثال التربوية و السلوكية جانباً كبيراً من كلام الحكماء, بل تكاد أن تكون هي المساحة الأرحب و الأوسع منها, و لعلنا في ما يلي نقف على بعض منها:

  1. (الباب اللي[24] بجيب الريح سدو واستريح)[25] أي: الباب الذي يأتي بالريح أغلقه واسترح.

الآيات التي يكمن فيها معنى المثل, قوله تعالى: ﵟ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقُولُواْ رَٰعِنَا وَقُولُواْ ٱنظُرۡنَا وَٱسۡمَعُواْۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٞ ١٠٤ﵞ ﵝالبَقَرَةِ : ﵔﵐﵑﵜ قال تعالى: ﵟ وَلَا تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ عَدۡوَۢا بِغَيۡرِ عِلۡمٖۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمۡ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرۡجِعُهُمۡ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ١٠٨ﵞ ﵝالأَنۡعَام : ﵘﵐﵑﵜ.

و وجه تناسب المثل لمعنى الآية هذا المثل هو أصلٌ عظيم في الحياة و في قواعد الشّرع إذ بنى الفقهاء عليه ما يعرف بسد الذرائع, إذ أنّ آية البقرة أعلاه على معنى ما قاله بعض المفسرين أنها كلمة تقولها اليهود و تحتمل سباً للنبي صلى الله عليه و سلم[26], إمّا آية الأنعام فقد كان بعض المسلمين لشدّة غيرتهم على الإسلام ربما فرَط من بعضهم بعض الفرَطات فيسبون أصنام الكفار؛ فيسب الكفار الله عدوا بغير علم؛ فأنزل الله الآية[27].

قال القرطبي [ت: 671ه][28]عن آية الأنعام: حكمها باق في هذه الأمة على كل حال، فمتى كان الكافر في منعة وخيف أن يسب الإسلام أو النبي عليه السلام أو الله عز وجل، فلا يحل لمسلم أن يسب صلبانهم ولا دينهم ولا كنائسهم، ولا يتعرض إلى ما يؤدي إلى ذلك، لأنه بمنزلة البعث على المعصية[29].

قال ابن العربي[ت: 493ه][30]: فمنع الله تعالى في كتابه أحدا أن يفعل فعلا جائزا يؤدي إلى محظور؛ ولأجل هذا تعلق علماؤنا بهذه الآية في سد الذرائع، وهو كل عقد جائز في الظاهر يؤول أو يمكن أن يتوصل به إلى محظور[31].

أقول: و هذا باب واسع, دلّ عليه العقل السويّ و الشرع الحنيف, يُحصّل به مصالح الدُّنيا و الآخرة.

  1. (كل عنزة[32] معلقة بعرقوبها)[33]

الآية التي يكمن فيها معنى المثل, قوله تعالى: ﵟ وَكُلُّهُمۡ ءَاتِيهِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَرۡدًا ٩٥ﵞ ﵝمَرۡيَم : ﵕﵙﵜ والآية و المثل يذكرهما المتكلّم عادةً عندما يتكلم عن المسؤولية الفردية[34]. و سياق الآية في ما يكون من الحساب و الجزاء يوم القيامة, كما تعالى: ﵟ وَلَقَدۡ جِئۡتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَتَرَكۡتُم مَّا خَوَّلۡنَٰكُمۡ وَرَآءَ ظُهُورِكُمۡۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمۡ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُمۡ أَنَّهُمۡ فِيكُمۡ شُرَكَٰٓؤُاْۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيۡنَكُمۡ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ ٩٤ﵞ ﵝالأَنۡعَام : ﵔﵙﵜ .

و المطلوب هو التوازن و التفريق بين ما هو من المسؤولية الفردية و غيره فإصلاح المجتمع مثلاً هو مسؤولية فردية جماعية, و من أدلّ ما يدل على ذلك ما جاء عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالمُدْهِنِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فِي البَحْرِ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا، وَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا يَصْعَدُونَ فَيَسْتَقُونَ المَاءَ فَيَصُبُّونَ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلَاهَا فَقَالَ الَّذِينَ فِي أَعْلَاهَا: لَا نَدَعُكُمْ تَصْعَدُونَ فَتُؤْذُونَنَا، فَقَالَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا: فَإِنَّا نَنْقُبُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا فَنَسْتَقِي، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ فَمَنَعُوهُمْ نَجَوْا جَمِيعًا وَإِنْ تَرَكُوهُمْ غَرِقُوا جَمِيعًا “[35] .

إمّا العبادات الذاتية المحضة كالصّلاة مثلاً فهنا يصدق عليها المثل, فلا يسأل اللهُ تعالى أحداً عن أحدٍ في تقصيره.

  1. (الكلام صفة المتكلّم)[36]

و الآية التي يكمن فيها معنى المثل, قوله تعالى: ﵟ وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَٰتِنَا وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ قَالَ رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِي وَلَٰكِنِ ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوۡفَ تَرَىٰنِيۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكّٗا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقٗاۚ فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبۡحَٰنَكَ تُبۡتُ إِلَيۡكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ١٤٣ﵞ ﵝالأَعۡرَاف : ﵓﵔﵑﵜ قال تعالى: ﵟ وَقَالَ ٱلۡمَلِكُ ٱئۡتُونِي بِهِۦٓ أَسۡتَخۡلِصۡهُ لِنَفۡسِيۖ فَلَمَّا كَلَّمَهُۥ قَالَ إِنَّكَ ٱلۡيَوۡمَ لَدَيۡنَا مَكِينٌ أَمِينٞ ٥٤ﵞ ﵝيُوسُف : ﵔﵕﵜ

من خلال الآيتين نجد أنّ المثل يوافقهما, مع اختلاف المتكلم في كلا الآيتين, ففي الأولى كلّم الله نبيه موسى عليه السلام كما قال تعالى: ﵟ وَرُسُلٗا قَدۡ قَصَصۡنَٰهُمۡ عَلَيۡكَ مِن قَبۡلُ وَرُسُلٗا لَّمۡ نَقۡصُصۡهُمۡ عَلَيۡكَۚ وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِيمٗا ١٦٤ﵞ ﵝالنِّسَاء : ﵔﵖﵑﵜ و تكليم الله لموسى عليه السلام تكليم حقيقي, فتاقت نفس موسى عليه السلام طلب رؤية الله تعالى ! إمّا الثانية فالكلام صادر من نبي كريم لملك من ملوك الأرض, فتأمّل قوله: “فلما كلّمه”! أي لما تكلم يوسف عليه السلام و ظهر علمه و أدبه و حكمته و عدله و أمانته و حذاقته, كان هذا سببا في توليته من الملك لخزانة المملكة.

و لهذا كثير من الناس ربما كان لك انطباع عنه بهيئته و شكله, و لمّا يتكلّم ربما ارتفعت مكانته عندك أو كان عكس ذلك.

  1. (الزول[37] ما بيضمن روحه)[38]

و الآية التي يكمن فيها معنى المثل, قوله تعالى: ﵟ ۞ وَمَآ أُبَرِّئُ نَفۡسِيٓۚ إِنَّ ٱلنَّفۡسَ لَأَمَّارَةُۢ بِٱلسُّوٓءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّيٓۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٥٣ﵞ ﵝيُوسُف : ﵓﵕﵜ هذا الكلام في هذه الآية من كلام امرأة العزيز في نفي إمكانية تبرئة نفسها مما ذكره الله عنها من مراودة يوسف عليه السلام؛ لأنّ طبيعة النفس الإنسانية أمَّارة بالسوء؛ وفي هذا توضيح كافٍ لطبيعة عمل النفس؛ فهي ليستْ آمرةً بالسوء مرة واحدة، بل هي أمَّارة بالسوء على صيغة المبالغة, و هذا يقوى أو يضعُف بحسب قوة البصيرة من العلم و الإيمان, و عصمة الله تعالى. و الله المستعان. فاتساق المثل مع الآية ظاهر لا يخفى.

  1. (الغناء[39] سمح من خشم[40] سيده)[41]

و الآية التي يكمن فيها معنى المثل: قوله تعالى: ﵟ وَقَالَ ٱلۡمَلِكُ ٱئۡتُونِي بِهِۦٓ أَسۡتَخۡلِصۡهُ لِنَفۡسِيۖ فَلَمَّا كَلَّمَهُۥ قَالَ إِنَّكَ ٱلۡيَوۡمَ لَدَيۡنَا مَكِينٌ أَمِينٞ ٥٤ﵞ ﵝيُوسُف : ﵔﵕﵜ و هو يشبه “الكلام صفة المتكلّم”[42]و قد أفدنا فيه بما يغني عن إعادته هنا.

  1. (فلان حلو لسان و قليل إحسان)[43].

والآية التي يكمن فيها معنى المثل: قال تعالى: ﵟ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعۡجِبُكَ قَوۡلُهُۥ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيُشۡهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلۡبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلۡخِصَامِ ٢٠٤ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيُفۡسِدَ فِيهَا وَيُهۡلِكَ ٱلۡحَرۡثَ وَٱلنَّسۡلَۚ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلۡفَسَادَ ٢٠٥ﵞ ﵝالبَقَرَةِ : ﵔﵐﵒ – ﵕﵐﵒﵜ

و هاتان الآيتان تتعلقان بوصف بعض الناس أنّ لسانهم حلو يروق لكل سامع, و لكنهم يضمرون الشّر و يسعون في الأرض فساداً. و لا يلزم ممن اتصف بهذه الصفات أن يكون منافقاً, و لكنّ المنافق لا بد أن يتصف بهذه الصفات.

و أثر معرفة هذا النوع من الناس هو الحذر منهم لسوء طويتهم, وما يتوقع منهم من أضرار.

  1. الأمثال الاجتماعية و السياسية:

ممّا يميّز الإنسان عموماً أنّه مدني بطبعه أي لا يستطيع أن يعيش بمفرده, و الشعب السوداني بصفة خاصة تبرز عنده هذه الصفة أكثر من غيره من الشعوب, و ما دام أنه كذلك فلا بد له ممن يسوسه و يصلح له شأنه, و قد رصدتُ لذلك بعض الأمثال التي توضح ذلك, فمنها:

  1. (البلد ما يقتلها إلا ولدها)[44].أي: البلد لا يقتلها إلا ولدها.

و الآية التي يكمن فيها معنى المثل: قال تعالى: ﵟ ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ ٥٣ﵞ ﵝالأَنفَال : ﵓﵕﵜ قال تعالى: ﵟ لَهُۥ مُعَقِّبَٰتٞ مِّنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ يَحۡفَظُونَهُۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ وَإِذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ سُوٓءٗا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَالٍ ١١ﵞ ﵝالرَّعۡد : ﵑﵑﵜ قال تعالى: ﵟ وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖ ٣٠ﵞ ﵝالشُّورَى : ﵐﵓﵜ

إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ أي: من العافية والنّعمة حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ أي: من الأعمال الصالحة، التي هي فطرة الله التي فطر الناس عليها إلى أضدادها[45], فإنه لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب ولا يكشف إلا بتوبة[46].

و في الخبر: أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ قُلْ لِقَوْمِكَ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ وَلا أَهْلِ بَيْتٍ يَكُونُونَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَيَتَحَوَّلُونَ مِنْهَا إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلا تَحَوَّلَ اللَّهُ مِمَّا يُحِبُّونَ إِلَى مَا يَكْرَهُونَ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ[47].

سبحان الله! إنّك حين تنظر الواقع الماثل أمامك مما حصل قبل 11أبريل 2019م و ما تبع ذلك من حرب الخامس عشر من أبريل 2023م, التي تمرّدت فيها مليشيا الدّعم السّريع على الشعب السّوداني وقوّاته المسلحة, و ما صحب ذلك من أحداث يتجلى لك أيها المسلم قول الله تعالى.

  1. (بيت الشورة ما خرب)[48] أي: بيت الشورى لا يخرب.

الآية التي يكمن فيها معنى المثل: قال تعالى: ﵟ فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِينَ ١٥٩ﵞ ﵝآل عِمۡرَان : ﵙﵕﵑﵜ

إذا كان التشاور هو إبداء الرأي في عمل يريد أن يعمله من يشاور, فهو يكون في الجليل و الصغير, و أمر الأسرة و البيوت و في كل أمر و خاصة إذا عظُم, و الآية عامة في قوله: “و شاورهم في الأمر” فكل أمر تصلح الشورى فيه فإنها تتأكد.

و لو تأمّلتَ مراعاة الشّرع لحال الطفل الرضيع -حين يقرر والداه الفصال- تأكد لك ضرورة الشورى[49] قال تعالى: ﵟ ۞ وَٱلۡوَٰلِدَٰتُ يُرۡضِعۡنَ أَوۡلَٰدَهُنَّ حَوۡلَيۡنِ كَامِلَيۡنِۖ لِمَنۡ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَۚ وَعَلَى ٱلۡمَوۡلُودِ لَهُۥ رِزۡقُهُنَّ وَكِسۡوَتُهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ لَا تُكَلَّفُ نَفۡسٌ إِلَّا وُسۡعَهَاۚ لَا تُضَآرَّ وَٰلِدَةُۢ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوۡلُودٞ لَّهُۥ بِوَلَدِهِۦۚ وَعَلَى ٱلۡوَارِثِ مِثۡلُ ذَٰلِكَۗ فَإِنۡ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٖ مِّنۡهُمَا وَتَشَاوُرٖ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَاۗ وَإِنۡ أَرَدتُّمۡ أَن تَسۡتَرۡضِعُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُمۡ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا سَلَّمۡتُم مَّآ ءَاتَيۡتُم بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ ٢٣٣ﵞ ﵝالبَقَرَةِ : ﵓﵓﵒﵜ فقوله: ” فَإِنۡ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٖ مِّنۡهُمَا وَتَشَاوُرٖ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَاۗ” يعلّم الله تعالى الزوجين تدبير شؤون العائلة، فإن التشاور يظهر الصواب ويحصل به التراضي.فأعطاهما الله الحق في تقرير مصيرهما, لكن أن يتشاورا في مصلحة رضيعهما.

و للطفل حق في عاطفة الأبوة، حتى ينشأ الولد وهو غير محروم من حنان الأم أو الأب، وإن اختلفا حتى الطلاق, إن عليهما أن يلتقيا بالتشاور والتراضي في مسألة تربية الأولاد حتى يشعروا بحنان الأبوين، ويكبر الأولاد دون آلام نفسية، ويفهمون أن والديهم وبرغم وجود الشقاق والخلاف بينهما فقد اتفقا على مصلحة الأولاد بتراضٍ وتشاور.

و لو أعطى الأبوان لنفسيهما فرصة في التعبد لله تعالى بالتشاور و التحاور قبل الطلاق؛ لقلّت بكثير نسب الطلاق في المجتمعات و التي تتزايد بسبب التّفريط في هذه العبادة العظيمة.

  1. (تزوجوا فقراء يغنيكم الله, و سافروا مرضى يشفيكم الله)[50]

و الآية التي يكمن فيها معنى المثل: قال تعالى: ﵟ وَأَنكِحُواْ ٱلۡأَيَٰمَىٰ مِنكُمۡ وَٱلصَّٰلِحِينَ مِنۡ عِبَادِكُمۡ وَإِمَآئِكُمۡۚ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغۡنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ ٣٢ﵞ ﵝالنُّور : ﵒﵓﵜ

الشق الأوّل من المثل يوافق الآية و التي حثّ الله تعالى فيها على تزويج كل من قدر على الزواج قال صلى الله عليه وسلم: “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” و أمّن الله تعالى ما يخوّف الشاب من الزواج من المسؤولية المباشرة فوعده بالغنى فقال:{إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم} وعن ابن مسعود: التمسوا الغنى في النكاح، يقول الله تعالى:”إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغۡنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ”[51]. و عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة حق على الله عونهم: الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والغازي في سبيل الله”[52].

و من وسل تخفيف أعباء الزواج في السودان مشروع الزواج الجماعي الذي ينشط له كثير من المحسنين و المنظمات المجتمعية و المؤثرين مجتمعياً, و كذلك ما يكون من مساهمات للعريس عند وليمته ما يعرف بــــ “الكشف” و غيرها مما ينبئ عن قناعة بأنّ الزواج معان صاحبه.

و قد تسرب إلى بعض المتأثرين بالثقافة الغربية ما يخالف عادة مجتمعنا السوداني و قيمه و إيمانه في تيسير الزواج, فوضعوا أنواعا من المعوّقات. لعلّ الله يكتب لها الزوال.

  1. الأمثال الصّحيّة:

يجمع بين ما يلي من أمثال أنّها تشترك في اعتنائها بالإنسان و صحته, و هو ما يعبّر عنه علماء مقاصد الشريعة بالكليات الخمسة, و منها المحافظة على النفس إيجاداً و عدماً, أي أنّ الله شرع للمحافظة على النفس أمورا بها تكون حياتها و استقرارها و تنميتها, و بالمقابل نهى و منع كل ما يضعفها أو يؤثر عليها سلباً أو يزيلها. و بين يديك طائفة من هذه الأمثال:

  1. (المضطر أكل الفطيسة[53] الميتة)[54].

الآية التي يكمن فيها معنى المثل: قال تعالى: ﵟ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحۡمَ ٱلۡخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَيۡرَ بَاغٖ وَلَا عَادٖ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ ١٧٣ﵞ ﵝالبَقَرَةِ : ﵓﵗﵑﵜ قال تعالى: ﵟ حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ وَٱلدَّمُ وَلَحۡمُ ٱلۡخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ وَٱلۡمُنۡخَنِقَةُ وَٱلۡمَوۡقُوذَةُ وَٱلۡمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيۡتُمۡ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَن تَسۡتَقۡسِمُواْ بِٱلۡأَزۡلَٰمِۚ ذَٰلِكُمۡ فِسۡقٌۗ ٱلۡيَوۡمَ يَئِسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمۡ فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ وَٱخۡشَوۡنِۚ ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ فِي مَخۡمَصَةٍ غَيۡرَ مُتَجَانِفٖ لِّإِثۡمٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٣ﵞ ﵝالمَائـِدَة : ﵓﵜ قال تعالى: ﵟ قُل لَّآ أَجِدُ فِي مَآ أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٖ يَطۡعَمُهُۥٓ إِلَّآ أَن يَكُونَ مَيۡتَةً أَوۡ دَمٗا مَّسۡفُوحًا أَوۡ لَحۡمَ خِنزِيرٖ فَإِنَّهُۥ رِجۡسٌ أَوۡ فِسۡقًا أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦۚ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَيۡرَ بَاغٖ وَلَا عَادٖ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ١٤٥ﵞ ﵝالأَنۡعَام : ﵕﵔﵑﵜ قال تعالى: ﵟ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحۡمَ ٱلۡخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦۖ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَيۡرَ بَاغٖ وَلَا عَادٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ١١٥ﵞ ﵝالنَّحۡل : ﵕﵑﵑﵜ

فطرة الله للإنسان استقذار أكل الميتة؛ و لذلك نفّر الله من اغتياب المؤمن لأخيه بتصويره له الاغتياب على أنه أكل لحم إنسان و في القرابة هو أخ للآكل حال كونه ميتاً! قال تعالى: ﵟ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱجۡتَنِبُواْ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمٞۖ وَلَا تَجَسَّسُواْ وَلَا يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن يَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِيهِ مَيۡتٗا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٞ رَّحِيمٞ ١٢ﵞ ﵝالحُجُرَات : ﵒﵑﵜ و لكنه في حال الاضطرار اقتضى الشرع و العقل أن يحافظ الإنسان على نفسه من الهلاك.

فالمثل عبّر عن أن الإنسان إذا كان مضطراً فإنه يتعاطى ما لا يتعاطاه في حال الإمكان.

  1. (النوم موت)[55]

الآية التي يكمن فيها معنى المثل: قال تعالى: ﵟ وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّىٰكُم بِٱلَّيۡلِ وَيَعۡلَمُ مَا جَرَحۡتُم بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ يَبۡعَثُكُمۡ فِيهِ لِيُقۡضَىٰٓ أَجَلٞ مُّسَمّٗىۖ ثُمَّ إِلَيۡهِ مَرۡجِعُكُمۡ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ٦٠ﵞ ﵝالأَنۡعَام : ﵐﵖﵜ بين الله تعالى كمال قدرته بهذه الآية وهو كونه قادرا على نقل الذوات من الموت إلى الحياة ومن النوم إلى اليقظة واستقلاله بحفظها في جميع الأحوال وتدبيرها على أحسن الوجوه حالة النوم واليقظة, فهو- سبحانه- ينيمكم فيتوفى أنفسكم التي بها تقدرون على الإدراك والتمييز كما قال تعالى: ﵟ ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلۡأَنفُسَ حِينَ مَوۡتِهَا وَٱلَّتِي لَمۡ تَمُتۡ فِي مَنَامِهَاۖ فَيُمۡسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيۡهَا ٱلۡمَوۡتَ وَيُرۡسِلُ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ ٤٢ﵞ ﵝالزُّمَر : ﵒﵔﵜ فالله جل جلاله يقبض الأرواح عن التصرف بالنوم كما يقبضها بالموت، ولو قارنّا بين الحالتين نجد أن حال النوم الحواس الظاهرة معطلة عن أعمالها، وعند الموت صارت جملة البدن معطلة عن كل الأعمال، فحصل بين النوم وبين الموت مشابهة من هذا الاعتبار، فصح إطلاق لفظ الوفاة والموت على النوم من هذا الوجه[56]. و الله أعلم.

و لذلك نجد الشارع الحكيم عذر المكلّف عن الأعمال حال كونه نائماً؛ فعن عليٍّ رضي الله عنه عن النّبي صلى الله عليه و سلم قال: “رفع القلم عن ثلاثة؛ عن النّائم حتى يستيقظ, و عن الصّبي حتى يحتلم, و عن المجنون حتى يعقل”[57].

  1. (لا تأكل ثوم و لا تشبع نَوم)[58].

الآية التي يكمن فيها معنى المثل: قال تعالى: ﵟ كَانُواْ قَلِيلٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مَا يَهۡجَعُونَ ١٧ﵞ ﵝالذَّارِيَات : ﵗﵑﵜ

الشق الثّاني من المثَل يوافق معنى الآية, و الآية بمفهوم الموافقة هي في سياق المدح, فمدح الله عباده المتقين بأنهم حتى في وقت النوم الذي تميل إليه النفس كانوا لا ينامون إلا نومة خفيفة لا تشغلهم عن الله تعالى, و هذا كقوله تعالى: ﵟ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمۡ عَنِ ٱلۡمَضَاجِعِ يَدۡعُونَ رَبَّهُمۡ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ١٦ﵞ ﵝالسَّجۡدَة : ﵖﵑﵜ.

و بالمقابل فإنّ الآية بمفهوم المخالفة هي في سياق الذم لمن يكثر النوم؛ لأنّ كثرة النوم باختيار الإنسان تؤدي إلى مفاسد عظيمة في دين العبد و دنياه, و تضيع مصالحه, وعن عبد الله رضي الله عنه قال: ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقيل ما زال نائماً حتى أصبح ما قام إلى الصلاة فقال: ( بال الشيطان في أذنه )[59].

و قد ذكر ابن القيم رحمه الله في المفسد الخامس من مفسدات القلب كلاما نفيسا, منه:كثرة النوم فإنه يميت القلب، ويثقل البدن، ويضيع الوقت، ويورث كثرة الغفلة والكسل … ثمّ يقول: وأنفع النوم ما كان عند شدة الحاجة إليه[60].

قال ابن القيم: وكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في نومه أعدل النوم، وهو أنفع ما يكون من النوم، نوم نصف الليل الأول، وسدسه الأخير و هذا ما جاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ صِيَامُ دَاوُدَ ، وَأَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللهِ صَلاَةُ دَاوُدَ ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَهُ ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا[61]. والأطباء يقولون: هو ثلث الليل والنهار ثمان ساعات[62].

الخاتمة

يعتبر الكلام عن الأمثال الشّعبية السّودانية و ربطها بالقرآن ذا أهمّية كبيرة لما تمثله الأمثال من تلخيص حياة شعوب في جوانبها المتعددة الدينية الشرعية, و السّياسية الاجتماعية, و الاقتصادية, و الثقافية. و أثر معرفة الأمثال لطالب العلم الشرعي و من يتصدر الكلام في المجالس أنّها تنمي الذوق الأدبي و تطور الملكة التعبيرية.

نتائج الدّراسة:

  • اصطباغ الأمثال السودانية السائرة بالقرآن اصطباغاً لا يخطؤه ناظر, يبين به استمداد ثقافة شعب و هُويّته.
  • من الملاحظ أنّ الأمثال السودانية في غالبها عربية, و هذا يبّين مصدر و ثقافة شعب و هويته و هو ارتباطه بالإسلام و القرآن بشكل خاص؛ إذ أنّ العربية هي اللسان.
  • أن المثل في القرآن يختلف عن المثل عند الأدباء إذ هو قول! فالقرآن من الله و الله تعالى أعظم و أجل من من أن يأخذ كلاما سائرا.
  • من الأمثال ما هو ظاهر في ارتباطه بالنّص القرآني, و منه ما ليس كذلك, فيحتاج إلى نوع من إعمال العقل, فيرتبط ذلك بباب من أبواب علوم القرآن و هو الاستنباط.

التّوصيات:

  • استصحاب المُخاطِب (داعية, واعظ, مصلح اجتماعي..) مع خطابه الشّرعي المثل السائر فهو أدعى للقبول و آنس للروح.
  • إضافة مفردة من مفردات مادّة الدراسات السودانية -و التي تدرس كواحدة من مطلوبات الجامعات السودانية- تحوي الأمثال السّودانية و حبّذا لو رُبطت بالقيم القرآنية مع توجيه ما يحتاج منها إلى توجيه.
  • الاستفادة من الأمثال الكامنة في القرآن في قضايا الصُّلح, كالصُّلح بين الزوجين, والقتل التي أقضّت مضاجع السودانيّين.

و صلّى الله و سلّم على نبيّنا محمد و على آله وصحبه أجمعين.

  1. الهوامش والمراجع References:

    1- مراكز تحفيظ القرآن و إقرائه.

  2. – الأعلام, خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، الزركلي الدمشقي (تــ: 1396هـ), دار العلم للملايين, ط: 15, 2002 م, 8, ص39.
  3. – الإِمامُ، العَلاَّمَة، اللُّغَوِيُّ، المُحَدّثُ، أَبُو الحسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ فَارسِ بنِ زَكَرِيَّا بن مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ القَزْوِيْنِيُّ، المَعْرُوفُ بِالرَّازِيِّ، المَالِكِيُّ، اللُّغَوِيُّ، صَاحِب كِتَاب (المُجْمَل) و ( معجم مقاييس اللغة) َكانَ رَأْساً فِي الأَدب، بَصِيْراً بفقهِ مَالِك ، مُنَاظراً مُتَكَلِماً عَلَى طريقَةِ أَهْلِ الحَقّ[ توفي 395ه]. انظر:سير أعلام النبلاء, شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (تـ: 748هـ), تحقيق : مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط, مؤسسة الرسالة, ط: 3، 1405 هـ / 1985 م, (17/103).
  4. – معجم مقاييس اللغة, أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (تـ: 395هـ), تحقيق: عبد السلام محمد هارون, دار الفكر, 1399هـ – 1979م, ج5, ص297. انظر: مجمع الأمثال, أبو الفضل أحمد بن محمد بن إبراهيم الميداني النيسابوري (تـ: 518هـ), تحقيق: محمد محيى الدين عبد الحميد, دار المعرفة – بيروت، لبنان, ج1, ص5.
  5. – الراغب صاحب غريب القرآن اسمه محمد بن علي الأصبهاني وقيل اسمه الحسين يكنى أبا القاسم, متحقق بغير فن من العلم وله تصانيف تدل على تحقيقه وسعة دائرته في العلوم وتمكنه منها(ت:400ه) [انظر: نزهة الألباب في الألقاب, أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (ت: 852هـ), تحقيق: عبد العزيز محمد بن صالح السديري, (1/321), مكتبة الرشد – الرياض, ط1، 1409هـ-1989م. وانظر: الوافي بالوفيات, للصفدي, (13/29).
  6. – المفردات في غريب القرآن, أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى (تـ: 502هـ), تحقيق: محمد سيد كيلاني, دار المعرفة, ج2, ص462.
  7. – مُحَمَّد بن أبي بكر بن أَيُّوب بن سعد بن حريز الزرعي الدِّمَشْقِي شمس الدّين ابْن قيم الجوزية الْحَنْبَلِيّ [691ه- 751ه] وَكَانَ جريء الْجنان وَاسع الْعلم عَارِفًا بِالْخِلَافِ, و هو من هذب و نشر علم ابن تيمية, كان كثير الصَّلَاة والتلاوة حسن الْخلق كثير التودد لَا يحْسد وَلَا يحقد حتى قيل: لا يُعرف من أهل العلم في زمانه أَكثر عبَادَة مِنْهُ.[ انظر: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة, لأبي الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (تـ: 852هـ), (5/137 و ما بعدها), تحقيق: محمد عبد المعيد ضان, مجلس دائرة المعارف العثمانية – صيدر اباد/ الهند, ط: 2، 1392هـ/ 1972م.
  8. – الأمثال في القرآن, محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (تـ: 751هـ), مكتبة الصحابة, مصر, تحقيق: أبو حذيفة إبراهيم بن محمد, ط: 1, 1406 هـ – 1986 م, ص 12.
  9. – المختصر في تفسير القرآن الكريم, تصنيف: جماعة من علماء التفسير, مركز تفسير للدراسات القرآنية, ط: 3، 1436 هـ, ص401.
  10. – صحيح مسلم, ك: الإيمان, باب: بَابُ ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِي بِاللهِ رَبًّا, برقم: [35].
  11. – أمثال العوام في مصر و السودان و الشام, نعّوم شُقير, مطبعة المعارف, ص 51.
  12. – سنن الترمذي, برقم: [2307].
  13. – أمثال العوام, نعّوم شُقير, ص 51, مصدر سابق.
  14. – انظر: تفسير القرآن العظيم, لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (تـ: 774هـ), تحقيق: سامي بن محمد سلامة, دار طيبة للنشر والتوزيع, ط: 2, 1420هـ – 1999 م, ج6, ص359, و انظر: انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان, لعبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (تـ: 1376هـ), تحقيق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق, مؤسسة الرسالة, ط: 1, 1420هـ -2000 م, ص653. و انظر: تفسير الشعراوي, محمد متولي الشعراوي (تــ: 1418هـ), طابع أخبار اليوم, ج19, ص 11795.
  15. – أمثال العوام, نعّوم شُقير, ص 83, مصدر سابق.
  16. – أمثال العوام, نعّوم شُقير, ص 107, مصدر سابق.
  17. – التحرير والتنوير, محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (تـــ : 1393هـ), الدار التونسية للنشر – تونس, 1984 هـ, ج4, ص 94.
  18. – الإمام، البحر، حجة الإسلام، أعجوبة الزمان، زين الدين، أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي، الشافعي، الغزالي، صاحب التصانيف، والذكاء المفرط, له: (المستصفى) في أصول الفقه، و (المنقذ من الضلال) و (تهافت الفلاسفة), توفي سنة 505ه. انظر: سير أعلام النبلاء, لشمس الدين الذهبي, ج19, ص322.
  19. – انظر: إحياء علوم الدين, لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (تــ: 505هـ), دار المعرفة – بيروت, ج4, ص3.
  20. – أمثال العوام, نعّوم شُقير, ص 117, مصدر سابق..
  21. – مسند أحمد, برقم: [20591]. أقول: و هذا من أصح الأحاديث في هذا الباب- و الله أعلم.
  22. – أمثال العوام, نعّوم شُقير, ص 124, مصدر سابق..
  23. – صحيح البخاري, برقم: [7477].
  24. – في العامّية السودانية تستعمل “ال” بمعنى “الذي”. انظر: قاموس الّلهجة العامية في السودان, د. عون الشّريف قاسم, المكتب المصري الحديث- القاهرة, ط2, 1405ه- 1985م, ص 19.
  25. – أمثال العوام في مصر و السودان و الشام, نعّوم شُقير, مطبعة المعارف, ص 3, مصدر سابق.
  26. – انظر: جامع البيان في تأويل القرآن, محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (تـ: 310هـ), أحمد محمد شاكر, مؤسسة الرسالة, ط: 1، 1420 هـ – 2000 م, ج 2, ص 459. و انظر: الاستيعاب في بيان الأسباب, سليم بن عيد الهلالي (و) محمد بن موسى آل نصر, دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية, ط: 1، 1425 هـ, ج1, ص 55.
  27. – مصدر سابق ج2, ص152.
  28. – أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر ابن فرح القرطبي ، الخزرجي الاندلسي، من كبار المفسرين صالح متعبد، من أهل قرطبة ، رحل إلى الشرق واستقر بمنية ابن خصيب – في شمالي أسيوط، بمصر – وتوفي فيها ، من كتبه ” الجامع لاحكام القرآن و ” الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى ” .[ انظر : نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب ، أحمد بن المقري التلمساني تحقيق : إحسان عباس ( 2 / 210 ) ، دار صادر- بيروت – لبنان ، ط1 ، 1997م وانظر: شذرات الذهب في أخبار من ذهب ، لعبد الحي بن أحمد العكري الدمشقي ، ( 1032 – تـ 1089 ) ، ( 5 / 335 ) ، دار الكتب العلمية ، وانظر : الأعلام، للزركلي، ( 5/ 322 ).
  29. – الجامع لأحكام القرآن, لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (تــ: 671هـ), تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش, دار الكتب المصرية – القاهرة, ط: 2، 1384هـ – 1964 م, ج7/ ص61.
  30. – أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد، المعوف بابن العربي المعافري الأندلسي الإشبيلي الحافظ المشهور؛ ولد (435ه ) ثاقب الذهن في تمييز الصواب منها، ويجمع إلى ذلك كله آداب الأخلاق مع حسن المعاشرة ولين الكنف وكثرة الاحتمال وكرم النفس وحسن العهد وثبات الود. واستقضي, وكان من أهل الآداب الواسعة والبراعة والكتابة (ت: 493ه) .[ انظر: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان , لأبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان البرمكي الإربلي (ت: 681هـ) , تحقيق: إحسان عباس, (4/296), دار صادر – بيروت- ط 1, 1971م.
  31. – أحكام القرآن, للقاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي (تــ: 543هـ), دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان

    ط, 3، 1424 هـ – 2003 م, ج 2/ ص256.

  32. – قاموس اللهجة العامية في السودان, د. عون الشريف قاسم, ص 799, مصدر سابق.
  33. – أمثال العوام, نعّوم شُقير, ص 37, مصدر سابق.
  34. – و ربما فهم بعض الناس من قوله تعالى: ﵟ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَيۡكُمۡ أَنفُسَكُمۡۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهۡتَدَيۡتُمۡۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ١٠٥ﵞ ﵝالمَائـِدَة : ﵕﵐﵑﵜ أن ليس على الإنسان أن يهتم بإصلاح غيره فلا يأمر بمعروف و لا ينهى غيره عن منكر ما دام هو مهتد, و هذا فهم خطأ للآية فالقرآن الكريم لا يفهم مجتزءاً, و إنما يُفهم كلُحمة واحدة, و قد وردت نصوص كثيرة في القرآن و السنة فيى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و بيان هذه الفضيلة العظيمة و أثرها على الأفراد و المجتمعات؟! و قد فصّلت هذا في كتابي “آيات أخطأ في فهمها كثيرون” ما يغني عن إعادته هنا. انظر: آيات أخطأ في فهمها كثيرون, د. عمّار إسماعيل صالح, الدّار العالمية للنشر والتوزيع, القاهرة, ط1, 2023م, ص74.
  35. – سُنن الترمذي, برقم: [2173], قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
  36. – أمثال العوام, نعّوم شُقير, ص 41, مصدر سابق.
  37. – الشجاع الذي يَتَزايل الناسُ من شجاعته, والزَّوْلُ الخفِيف الظَّرِيف يُعْجَب من ظَرْفه والجمع أَزْوالٌ. أقول: و هو وصف صار علماً على من ينتسب لأرض السودان خاصة. و لله الحمد. انظر: لسان العرب, لابن منظور, ج3 , ص 1893. (مصدر سابق). الزول: الشّخص. قاموس اللهجة العامية في السودان, د. عون الشريف قاسم, ص512.
  38. – أمثال العوام, نعّوم شُقير, ص 125, مصدر سابق.
  39. – الشعر الذي يُتغنى به. قاموس اللهجة العامية في السودان, د. عون الشريف قاسم, ص833, مصدر سابق.
  40. – خشُم: فم, و لعلّها من خيشوم أقصى الأنف, و ذكر عابدين أنّها لهجة قديمة كانت لقضاعة في الجاهلية و هي في الغالب أثر قضاعي في اللهجة السودانية. قاموس اللهجة العامية في السودان, د. عون الشريف قاسم, ص333, مصدر سابق.
  41. – أمثال العوام, نعّوم شُقير, ص 127, مصدر سابق.
  42. – أمثال العوام, نعّوم شُقير, ص 41, مصدر سابق.
  43. – أمثال العوام, نعّوم شُقير, ص 128, مصدر سابق.
  44. – أمثال العوام, نعّوم شُقير, ص 128, مصدر سابق.
  45. – محاسن التأويل, محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي (تـــــ: 1332هـ), تحقيق: محمد باسل عيون السود, دار الكتب العلميه – بيروت, ط: 1 – 1418 هـ, ج6, ص266
  46. – المجالسة وجواهر العلم, أبو بكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي (تـــــ : 333هـ), تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان, جمعية التربية الإسلامية (البحرين – أم الحصم ) ، دار ابن حزم (بيروت – لبنان), 141هـ, ج3, ص102. تاريخ دمشق, أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر (تــــ: 571هـ), تحقيق: عمرو بن غرامة العمروي, دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع, 1415 هـ – 1995 م, ج26, ص 358. و هو جزء من حديث استسقاء عمر رضي الله عنه بعم النبي صلى الله عليه وسلم العباس رضي الله عنه.
  47. – تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم, أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر التميمي، الحنظلي، الرازي ابن أبي حاتم (تـــ: 327هـ), تحقيق: أسعد محمد الطيب, مكتبة نزار مصطفى الباز – المملكة العربية السعودية, ط: 3 – 1419 هـ, ج 7, ص 2232.
  48. – أمثال العوام, نعّوم شُقير, ص 121, مصدر سابق.
  49. – و قد عدّد السعدي –رحمه الله تعالى بعض فوائد الشورى, منها:

    1-أن المشاورة من العبادات المتقرب بها إلى الله.2- أن فيها تسميحا لخواطرهم، وإزالة لما يصير في القلوب عند الحوادث، فإن من له الأمر على الناس -إذا جمع أهل الرأي والفضل وشاورهم في حادثة من الحوادث- اطمأنت نفوسهم وأحبوه، وعلموا أنه ليس بمستبد عليهم. وإنما ينظر إلى المصلحة الكلية العامة للجميع، فبذلوا جهدهم ومقدورهم في طاعته، لعلمهم بسعيه في مصالح العموم، بخلاف من ليس كذلك، فإنهم لا يكادون يحبونه محبة صادقة، ولا يطيعونه وإن أطاعوه فطاعة غير تامة.3- ومنها: أن في الاستشارة تنور الأفكار، بسبب إعمالها فيما وضعت له، فصار في ذلك زيادة للعقول.4- ما تنتجه الاستشارة من الرأي: المصيب، فإن المشاور لا يكاد يخطئ في فعله، وإن أخطأ أو لم يتم له مطلوب، فليس بملوم، فإذا كان الله يقول لرسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو أكمل الناس عقلا وأغزرهم علما، وأفضلهم رأيا-: {وشاورهم في الأمر} فكيف بغيره؟! ا.ه. انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان, لعبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (تـــــــ: 1376هـ), تحقيق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق, مؤسسة الرسالة, ط: 1, 1420هـ -2000 م, ص154.

  50. – أمثال العوام, نعّوم شُقير, ص 121, مصدر سابق.
  51. – رواه الطبري, ج 19, ص166.
  52. – رواه الترمذي, برقم: [1655] و أمّا ما يورده كثير من الناس على أنه حديث: “تزوجوا فقراء يغنكم الله” قال ابن كثير: لا أصل له، ولم أره بإسناد قوي ولا ضعيف إلى الآن، وفي القرآن غنية عنه. ا.ه. تفسير القرآن العظيم, لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (تــــ: 774هـ), تحقيق: سامي بن محمد سلامة, دار طيبة للنشر والتوزيع, ط: 2, 1420هـ – 1999 م, ج6, ص52.مصدر سابق.
  53. – البهيمة الميتة المنتنة. قاموس اللهجة العامية في السودان, د. عون الشريف قاسم, ص864.مصدر سابق.
  54. – أمثال العوام, نعّوم شُقير, ص 130, مصدر سابق..
  55. – أمثال العوام, نعّوم شُقير, ص 130, مصدر سابق..
  56. – انظر: مفاتيح الغيب, لأبي عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (تــ: 606هـ), دار إحياء التراث العربي – بيروت, ط: 3 – 1420 هـ, ج13, ص13.
  57. -سنن أبي داود, كتاب الحدود, باب: في المجنون يسرق أو يصيب حدّا, حديث رقم: [4403].
  58. – أمثال العوام, نعّوم شُقير, ص 132, مصدر سابق..
  59. – صحيح البخاري, برقم: [1093]
  60. – انظر: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين, محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (تـ: 751هـ), تحقيق: محمد المعتصم بالله البغدادي, دار الكتاب العربي – بيروت, ط: 3، 1416 هـ – 1996م, ج1/ صــ457 .
  61. – مسند الإمام أحمد, برقم: [6491].
  62. -و مدارج السالكين, لابن القيم, ج1/ صــ457, مصدر سابق. و انظر: زاد المعاد في هدي خير العباد, محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (تـ: 751هـ), مؤسسة الرسالة، بيروت – مكتبة المنار الإسلامية، الكويت, ط: 27 , 1415هـ /1994م, ج1/ ص153. و لعل مقدار النوم يرجع لعوامل مختلفة منها الجهد المبذول, واختلاف فصول السنة صيفا أو شتاءً, و غير ذلك و الله تعالى أعلم.