مبررات اللجوء إلى التحكيم وطبيعته القانونية

حمزة خميس جواد العلواني1

1 الجامعة الإسلامية في لبنان.

إشراف الاستاذة الدكتورة/ رجاء الشريف

HNSJ, 2024, 5(6); https://doi.org/10.53796/hnsj56/25

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/06/2024م تاريخ القبول: 15/05/2024م

المستخلص

هدفت هذه الدراسة الى بيان إمكانية ومبررات اللجوء إلى التحكيم وبيان طبيعته القانونية. استخدمت الدراسة المنهج الوصفي والمنهج التحليلي والمنهج المقارن وتوصلت الدراسة الى عدة نتائج أهمها ان التحكيم هو عملية قانونية يتفق من خلالها الأطراف في نزاع ما على اللجوء إلى هيئة من المحكمين للفصل فيه بدلاً من اللجوء إلى القضاء. كذلك توصلت الدراسة الى أن من أهم المشكلات التي كانت تكتنف إمكانية اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية هو مشكلة القانون الواجب التطبيق على اتفاقية التحكيم في العقود الإدارية الدولية منذ ظهور نظام التحكيم كطريق بديل لفض المنازعات. وأوصت الدراسة بضرورة تعزيز التحكيم المؤسسـي لما يمثله هذا التحكيم من ضمان مهم للإدارة عند قيام خلاف بينها وبين المتعاقد معها.

الكلمات المفتاحية: التحكيم. طبيعة التحكيم القانونية، اللجوء الى التحكيم.

Research title

Justifications for resorting to arbitration and its legal nature

Hamzah Khamees Jawad Al-Alwani1

1 Islamic University of Lebanon.

Supervised by Dr. Rajaa Al-Sharif

HNSJ, 2024, 5(6); https://doi.org/10.53796/hnsj56/25

Published at 01/06/2024 Accepted at 15/05/2024

Abstract

This study aimed to explain the possibility and justifications for resorting to arbitration and to explain its legal nature. The study used the descriptive approach, the analytical approach, and the comparative approach. The study reached several results, the most important of which is that arbitration is a legal process through which the parties to a dispute agree to resort to a panel of arbitrators to decide on it instead of resorting to the judiciary. The study also concluded that one of the most important problems surrounding the possibility of resorting to arbitration in international administrative contracts is the problem of the law applicable to the arbitration agreement in international administrative contracts since the emergence of the arbitration system as an alternative method for resolving disputes. The study recommended the need to strengthen institutional arbitration because this arbitration represents an important guarantee for the administration when a dispute arises between it and its contracting party.

Key Words: Arbitration. The legal nature of arbitration, resorting to arbitration.

مقدمة:

تعاظم دور التحكيم في في الآونة الأخيرة وأصبح وسيلة معتادة ومفضلة يلجا إليها الأطراف لحل منازعاتهم لا سيما المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية وذلك نظراً للمزايا التي يتمتع بها، ونظراً لأهمية التحكيم كنظام بديل عن القضاء في تسوية المنازعات؛ لا بد من تحديد طبيعته القانونية.

أهداف الدراسة:

بيان إمكانية اللجوء إلى التحكيم.

إشكالية الدراسة:

  1. ما هي القواعد والإجراءات التي تنظم التحكيم في منازعات العقود الإدارية؟

المناهج المتعبة:

ومن أجل تحقيق الهدف من الدراسة ارتأينا أن تكون المناهج المتبعة هي التالية:

المنهج الوصفي: تم اعتماد المنهج الوصفي لتبيان ماهية التحكيم في منازعات العقود الإدارية ومعرفة أحكامه ومدى إمكانية اللجوء إليه، من خلال الأحكام القضائية والفقهية فيما يتعلق بموضوع الدراسة.

المنهج التحليلي: تم اعتماد المنهج التحليلي لتحليل وتفسير النصوص القانونية والأحكام القضائية وآراء الفقه لتبسيطها وفهمها.

المنهج المقارن: اعتمدنا المنهج المقارن مـن أجـل مقارنة ما أخذ به التشريع العراقي واللبناني وما أخذت به التشريعات والاتفاقيات الدولية في مجال التحكيم في منازعات العقود الإدارية.

خطة الدراسة:

لذلك سوف نقسم هذا الدراسة الى مبحثين على النحو الآتي:

المبحث الاول

مبررات اللجوء إلى التحكيم

تعود مبررات اللجوء إلى التحكيم في المنازعات الإدارية العقدية إلى اعتبارات عديدة تدفع الأطراف المعنية إلى تفضيله على القضاء لما يتسم به من مزايا، وهو ما سنبيّنه فيما يلي:

الفقرة الأولى: السرية والسرعة في حسم المنازعات

التحكيم هو عملية سريعة إلى حدٍ كبير في حل المنازعات بحيث يتم سماع الأطراف والتباحث في النزاع بشكلٍ فوري حالما يتم تعيين المحكم دون إطالة في الشكليات أو الإجراءات، في حين أنّ البدائل الأخرى بطيئة في كثير من الأحيان وتستغرق وقتاً أطول بسبب الروتين[1].

هنا يُمكن القول أنّ التحكيم أسرع الوسائل لحل النزاعات، إذ أنّها أسرع من إجراءات التقاضي أمام المحاكم، كما أنّ يكون باستطاعة الأطراف المتنازعة التحكم في مسار إجراءات التحكيم، كما يمكن للأطراف تحديد الجدول الزمني الذي يجب أن يستغرقه التحكيم وصولاً إلى القرار النهائي الملزم.

وبمقارنة التحكيم بالقضاء حيث يتسم القضاء ببطء الإجراءات واحتمال إطالة أمد النزاع وتعدد درجات التقاضي واحتمال الطعن بالأحكام الصادرة فيما يتعلق بموضوع النزاع ممّا يعيق المسائل المتنازع عليها والتي تفترض حل النزاع على وجه السرعة والائتمان. أمّا في التحيكم فيكون للوقت أثر مهم على الحق المتنازع عليه بين الأطراف، فيملك المحكمون صلاحية تحديد المدة التي يرونها لازمة لإنهاء النزاع وفق ما ورد في القانون وعلى المحكم أن يلتزم بذلك، حيث أنّ البطء في اتخاذ القرار في مثل هذه الدعاوى يجعل الأضرار تتفاقم ويضاعف حجم المشكلة[2].

حيث أنّ مرونة إجراءات التحكيم تؤدي إلى توفير الكثير من الوقت مقارنةً مع النظم القضائية التي تتميز بطول الإجراءات التي تعوق الفصل السريع في النزاع. وبالتالي يصبح التحكيم هو الوسيلة الأفضل للفصل في مختلف المنازعات لِما يقدمه من عدالة سرسعة. وهذه العدالة ترجع إلى عاملين: الأول، هو إلزام المحكم بالفصل في المنازعة المعروضة عليه في زمن معين يحدده الأطراف. أمّا الثاني، فإنّه يتعلق في التحكيم باعتباره نظام للتقاضي من درجة واحدة. فالحكم الصادر عن هيئة التحكيم يتمتع بحجية الأمر المقضي فيه، ولا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن العادية[3].

وبما يمتاز به التحكيـم ببساطة الإجراءات؛ حيث نجد أنّ هيئة التحكيم تتمتع بحرية أوسع وأكثر من القضاء الوطني في كل ما يتعلق بإجراءات التقاضي، مثل التبليغات، وإدارة الجلسات وتنظيمها، وتقديم البينات، والاتصال بأطراف النـزاع وغير ذلك. وهي فـي كل هذه الأمور وغيرها تبتعد، ما أمكن، عن الإجراءات الشكلية التي تكون في كثير من الأحيان أمام القضـاء طويلة ومملة، ولا فائدة منها سوى التقيد بحرفيـة النصوص القانونية الخاصة بالإجراءات وذلك على حساب موضوع النزاع وجوهره. والنتيجة الطبيعية لذلك، أن يصدر قرار التحكيم خلال وقتٍ أقصر بشكلٍ ملموس فيما لو عرض النزاع ذاته على القضاء[4].

يعتبر عنصر السرعة في فصل المنازعات من أهم مزايا التحكيم، التي جعلته نظاماً بديلاً ومقبولاً عن اللجوء إلى القضاء، سواءً في مجال العقود الإدارية الداخلية أو الدولية، فالتحكيم لا يخضع إلى الكثير من القيود التي يخضع لها القضاء العادي والتي تطيل أمد الخصومة، فهناك اقتضاب في مواعيد الاجراءات واقتصاد في اجازة الطعن في قرارات هيئة التحكيم، وفي قوانين التحكيم مواضع عديدة تتجلى فيها اعتبارات السرعة مثل إجازة السير في الاجراءات رغم الطعن في قرار هيئة التحكيم، وكذلك وضع مواعيد زمنية قصيرة نسبياً، من أجل إصدار قرار التحكيم[5].

ويتمتع التحكيم بالخصوصية كونه لا يجري من خلال إجراءات رسمية علنية أمام المحاكم، والتي يستطيع أيّاً كان أن يطلع على مجرياتها، بل هو إجراء حصري بين طرفي النزاع ولا يجب إعلان مجرياته أو أيّة تفاصيل عنه. فيتصف التحكيم بالسرية، فالأصل في إجراءات التحكيم وجلساته السرية حيث يفتح التحكيم مجالاً واسعا للعمل على حل النزاع الناشئ بين الأطراف بسرية كاملة سواء من حيث الحق المتنازع عليه أو الدفوع المتبادلة بين الأطراف المتنازعة لتصل إلى حدّ السرية بشخصي النزاع ومكانتهم.

أنّ السرية في كثيـر من الأحيان ما تنقلب إلى علنية، وخاصة عند تنفيذ قرار التحكيم. فالنتيجة الطبيعية لكل دعوى، سواء أكانـت قضائيـة أم تحكيميـة، أن يكسب أحـد طرفي الدعوى، ولو جزئياً القضية في حين يخسرها الآخـر ولو جزئياً. لذلك، فإنّ أحـد الطرفين قد يرفض تنفيذ القـرار ودياً، ممّا قد يضطر الآخر للجوء إلى القضاء الوطني لتنفيذه جبراً. وعندئذ سيعرض القرار التحكيمـي، وأسماء الأطراف، وممثليهم وكل ما يتعلق بالقضية، على القضاء لاتخاذ الحكم المناسب بشأن القرار التحكيمي من حيث تنفيـذه أو عدم تنفيذه ولو جزئياً. ويترتب على ذلك، أنّ السرية التي حافظ عليها الأطراف وهيئـة التحكيم إلى حين صدور القرار، انقلبت إلى علنية من حيث النتيجة عند عرض الأمر على القضاء[6].

الفقرة الثانية: توفير الجهد والمال

أنّ التحكيم يوفر الجهد والوقت قياساً بالقضاء، بحيث يعود للأطراف تحديد المهلة التي يتوجب على المحكم إصدار حكمه قي المسائل المعروضة عليه، فضلاً عن تحديد الإجراءات أمام المحكم اختصاراً للجهد المبذول من قبلهم ومن قبل محاميهم. كما أنّ تحديد المهلة لإصدار حكم التحكيم خلالها يُعد اخصاراً للوقت وهذا على عكس القضاء الذي قد تمتد الدعاوى أمامه إلى سنوات طويلة[7].

يُعد التحكيم أقل تكلفة مقارنة بالتقاضي وذلك نتيجة لاختصار مراحل وإجراءات التحكيم ممّا يؤدي على تقليل النفقات والتكاليف، حيث لا يتطلب رسوماً أو أتعاب محامين كما في القضاء العادي، الذي يتطلب دفع رسوم وأتعاب محامين في كل درجة من درجات التقاضي.

الفقرة الثالثة: رضاء الأطراف وتحقيق الثقة بينهم

إنّ اللجوء على التحكيم يقوم أساساً على رضاء الأطراف ورغبتهم مقدمأً بالحكم الذي سيصدره المحكمون والامتثال له ممّا يضفي على الأفراد المعنيين فيه جواً واقعياً ونفسياً من الطمأنينة ويحافظ على العلاقات الطيبة بينهما.

ويتيح التحكيم فرصة المناقشة بين الأطراف، لأنّ المحكم أثناء قيامه بالنظر بالدعوى يكون متفرغاً لجلساتها ومناقشاتها على عكس ما هو كائن في القضاء العادي الذي ينظر في عدد كبير من القضايان، كما أنّه يطلع على المذكرات المتبادلة دون أن يتسنى له الوقت للاستماع للأطراف. إضافة إلى ذلك التزام القاضي بالدوام الرسمي والمكان المخصص في المحاكم، فالتحكيم يوفر إجراءات ومواعيد متفق عليها من قبل الأطراف، وهذا ما يوفر استغلال ثغرات ناتجة عن هذه الأمور كما يحدث في القضاء العاجي والذي يؤدي على ضياع الوقت والحق من صاحبه[8].

يوفر التحكم الثقة والخبرة والتخصص، وهذا نتيجة لخيار الأطراف باختيار المحكمين المناسبين لحل النزاع، بحيث يختارون من يثقون بهم ويطمئنون إليهم أيضاً سوف يختار المحتكمون أصحاب العلم والخبرة المتخصصة وهذا بحد ذاته يبعث الطمأنينة في نفوسهم، الأمر الذي سوف يؤدي إلى إصدار حكم صحيح وسليم يأخذ بالاعتبار مصلحة الطرفين، كما أنّ الطمأنينة تتحقق من خلال ضمان عدم احتجاج الدولة المتعاقدة بمبدأ السيادة حسب نظم مراكز الهيئات الدولية للتحكيم[9].

وفي النهاية لا بد من الإشارة أنه من مبررات اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية تخوف الطرف المتعاقد مع الدولة من افتقاد قضائها لحياده وأيضاً خشية من تمسك الدولة بالحصانة القضائية، لأنّ تمتع الدولة بالحصانة القضائية تمنع القضاء الوطني لأيّة دولة عن نظر المنازعات التي تكون طرفاً فيها، فتجعل من التحكيم الوسيلة المثالية لحسم منازعاتها مع الطرف الأجنبي. بالإضافة إلى عدم وجود هيئة قضائية ذات اختصاص دولي لفض منازعات العقود الإدارية، حيث لا يمكن للطرف الأجنبي المتعاقد مع الإدارة أن يقف خصماً للإدارة المتعاقدة أمام محكمة العدل الدولية، حيث لا تختص تلك المحكمة سوى بالنظر في منازعات الدول. كما أنّ الدولة تقدم التحكيم كضمانة إجرائية من أجل تشجيع الاستثمار على أراضيها.

انتقد البعض التحكيم في العقود الإدارية الدولية، لأنّه يضع المنازعة في أغلب الحالات إن لن يكن كلها، بين يدي محكمين أجانب يطبقون قانوناً أجنبياً، الأمر الذي يصبح أكثر خطراً عندما يتعلق التحكيم بعقود تتصل باستغلال الثروات الطبيعية، أو عقود الامتياز التي تتعلق بها، والتي قد تمتد سنين طويلة، أو عقود تمس الأمن القومي مثل عقود التنمية ونقل التكنولوجيا. ففي كل هذه الأحوال يعتبر اللجوء إلى التحكيم خطراً لا يتناسب مع الفائدة المرجوة. وقد انتهى هذا الرأي رغبة ي التقليل من مخاطر التحكيم في العقود الإدارية ذات الطابع الدولي، المتعلقة بمصالح الدولة العليا أو بالأمن القومي إلى أن تطلب أن تصدر الموافقة بتسوية منازعاتها عن طريق التحكيم بقرار من رئيس مجلس الوزراء، وذلك ضماناً لعدم إساءة استخدام التحكيم كطريق بديل لحل النزاعات في مثل هذه العقود[10].

المبحث الثاني

الطبيعة القانونية للتحكيم

اختلفت الآراء الفقهية في تحديد الطبيعة القانونية للتحكيم فقد تجاذبته عدة اتجاهات، اعتبره الاتجاه الأول ذو طبيعة تعاقدية، في حين وصفه الآخر بأنّه ذو طبيعه قضائية وبين هذا وذاك ظهر اتجاه ثالث مزج بين الاتجاهين الأول والثاني ليعد التحكيم ذو طبيعة مختلطة، وأخيراً نادى اتجاه رابع بالطبيعة الخاصة المستقلة للتحكيم، الأمر الذي يوجب علينا بيان ما ذهب اليه كل اتجاه من هذه الاتجاهات على حده وعلى التفصيل الآتي:

الفقرة الأولى: الطبيعة التعاقدية أو القضائية للتحكيم

إنّ تحديد الطبيعة القانونية من شأنه أن يفيد في تحديد القوة الملزمة لحكم التحكيم، كما أنّه يساعد في تحديد القانون الواجب التطبيق فيما يتعلق بإجراءات التحكيم، إذ أنّ الطبيعة العقدية للتحكيم تؤدي إلى تطبيق قانون الإرادة الذي تمَّ الاتفاق عليهم، في حين أنّ الطبيعة القضائية تبتعد عن تلك الإرادة.

أولاً: الطبيعة التعاقدية للتحكيم

يذهب أنصار الاتجاه القائل بالطبيعة التعاقدية غالباً ما تكون تلبية لرغبة الأفراد في حل نزاعاتهم بطريقة ودية، وأساسه إرادة الأطراف في التصالح، ويتم في صورته العادية وفقاً لمبادئ العدالة واستثناءً وفقاً لقواعد القانون. وأنّ الاعتداد بإرادة أطراف التحكيم كأساس قانوني لتحديد طبيعته على اعتبار أنّها المنهل الذي يستمد منه هذا الاتفاق قوته الملزمه، إذ أنّ الأطراف باتفاقهم على التحكيم يتخلون عن بعض الضمانات التي يوفرها النظام القضائي ويكتفون بما يوفره التحكيم من مزايا للأطراف[11].

واعتبر أصحاب هذا الاتجاه أنّ التحكيم يقوم عندهم على إرادة الأطراف التي تبدو واضحة في الاتفاق عليه، والاتفاق على أنواعه، والاتفاق على القانون الواجب التطبيق على الإجراءات التي يتبعها المحكمون، والاتفاق على البلد الذي يجري فيه التحكيم، والاتفاق على الجهة التي تتولى التحكيم في الموضوع المتنازه عليه، وغيرها من الأمور التي تخضع أبتداءً لإرادة الأطراف[12]. بمعنى أنّ الأطراف المتنازعة عند اتفاقهم على التحكيم يتفقون ضمناً على التنازل عن المثول أمام القضاء والدعوى الناشئة عنها ويخولون المحكم سلطة الفصل في النزاع، وأنّ مصدر هذه السلطة هي إرادتهم، وعلى هذا الأساس فلا يمكن أن تكون هذه السلطة قضائية لأنّها تستند إلى إرادة الأطراف المتنازعة، ومن ثمَّ فإنّ مصدر القوة التنفيذية لقرار التحكيم هو اتفاق أطراف النزاع فهو يفسر اكتساب هذه القرارات لقوة الشيء المقضي فيه وعدم قابلية الطعن فيها على أساس توافقه مع ارادة الأطراف المتنازعة[13].

أنّ الأولوية في نظر أصحاب هذا الاتجاه هي ليست لمهمة المحكم، وإنمّا هي لمن أولاه وخولها إياه، أي الأولوية تكون باتفاق التحكيم، فالتحكيم ليس قضاءً بمعنى الكلمة إنمّا حكم التحكيم هنا يكون عنصر تبعي في عملية التحكيم وحسبما ورد في الاتفاق بين أطراف النزاع، إضافة إلى أنّ عملية الطعن في حكم التحكيم لا تأخذ شكل الطعن في الأحكام القضائية بل عن طريق البطلان وهي فكرة عقدية وكذلك تنفيذ الحكم التحكيمي لن يكون تلقائيان بل بأمر القضاء، ويرددون أنصار هذا الاتجاه إلى أنّ التحكيم ليس ذو طبيعة قضائية، لأنّه لو كان كذلك لما احتاج الحكم لأمر التنفيذ[14].

وقد وجد هذا الاتجاه صدى لدى محكمة النقض الفرنسية في وقت مبكر فقد اكدته في حكمها الصادر في 27 يوليو 1937 الذي سجلت فيه “أنّ قرارات التحكيم الصادرة على أساس مشارطة التحكيم تكون وحدة واحدة مع هذه المشارطة، وتشاركها في حقيقتها التعاقدية”[15].كما سار القضاء المصري على خطا القضاء الفرنسي في أخذه بهذا الأتجاه[16].

وعلى الرغم من إشتهار قضاء النقض الفرنسي باعتناقه النظرية التعاقدية للتحكيم، إلّا أنّ ذلك لم يجد صدى واسع في أحكام القضاء الفرنسي إلّا في القليل من هذه الأحكام، وهذا إن دل على شيء فإنمّا يدل على عدم رسوخ واستقرار القضاء الفرنسي في اعتناق هذه النظرية، بل على العكس من ذلك فقد ورد في بعض الأحكام الحديثة نسبياً تراجع محكمة النقض الفرنسية عن النظرية العقدية، حيث ورد في أحد أحكامها على: “إن أطراف الخصومة بالتجائهم إلى التحكيم إنمّا يعبرون عن إرادتهم بإعطاء الغير (المحكم) سلطة قضائية”. كما ورد في أحد أحكام المحكمة العليا الفرنسية “إنّ التحكيم يُعد قضاءً استثنائياً يكون للمحكمين فيه سلطة ذاتية ومستقلة للفصل في المنازعات التي يطرحها الخصوم عليهم[17].

أما في العراق نصت المادة (265) الفقرة الثانية من قانون المرافعات العراقي على أنّ القانون العراقي يأخذ بالطبيعة التعاقدية (الاتفاقية) إذ تنص هذه المادة أنّه: “إذا كان المحكمون مفوضين بالصلح يعفون من التقييد بإجراءات المرافعات وقواعد القانون إلا ما تعلق منها بالنظام العام”، إذ أنّ عبارة إعفاء المحكمين من التقيد بإجراءات المرافعات وقواعد القانون تعني جواز الاتفاق على صيغة يتم من خلالها حسم النزاع من دون الرجوع إلى القواعد المذكورة شريطة عدم تعارضها مع النظام العام.

أمّا في القضاء المصري فيرى البعض أن هذا القضاء انحاز إلى الطبيعة التعاقدية للتحكيم، ويستدلون على ذلك بحكم المحكمة الدستورية العليا في قضية بنك فيصل الإسلامي والقاضي بعدم دستورية نص المادة (18) من القانون، والتي تجبر المتعاملين مع البنك على اللجوء إلى التحكيم في حال النزاعات. وجاء في حيثيات هذا الحكم “أنّ الأصل في التحكيم هو الاتفاق، فلا يتصور الالتجاء إليه في غيبة رضاء الأطراف، سواء كان التحكيم يتعلق بنزاع سابق أو لاحق، إضافة إلى أنّ فرض التحكيم بنص تشريعي يُعد بمثابة حرمان للأطراف من اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي”[18].

ومن الانتقادات الموجهة للطبيعة التعاقدية؛ أنّها تبالغ في إعطاء الدور الأساسي لإرادة الأطراف. فالأطراف في التحكيم لا يطلبون من المحكم الكشف عن إرادتهم، وإنمّا الكشف عن إرادة القانون فالمحكم وهو بصدد الفصل في النزاع يطبق ما جاء في القانون ولا يهتم إلى ما قد تكون إرادة الأطراف قد اتجهت[19]. وكذلك تجاهل أنصار هذا الاتجاه طبيعة العمل الذي يقوم به المحكم المكلف بالفصل في النزاع، والدور الذي يجسده في حماية الحقوق والمراكز القانونية حيث هناك الكثير من الأعمال التي تُعد أعمالاً قضائية دون أن تكون مرتبطة بخصومة قضائية[20].

وإن الطعن في حكم التحكيم عن طريق رفع دعوى البطلان أمام المحكمة المختصة لا يؤكد الطبيعة العقدية لنظام التحكيم ولا ينفي طبيعته القضائية لأنّ بعض الأحكام القضائية يرفع ضدها دعوى لإبطالها، وفي حال تمَّ رفع هذه الدعوى ضد حكم التحكيم يظل هذا الحكم متمتعاً بحجية الأمر المقضي فيه إلى حين الحكم بالبطلان، وهي مـن خصـائص الحكـم القضائي[21].

وإذا كان حكم التحكيم مصدره اتفاق الأطراف، فأن ذلك لا يضفي الطابع التعاقدي على التحكيم، لأن إراتهم لا تصلح لإضفاء الحجية على أحكام المحكمين حيث أنّ المحكم أو الهيئة التحكيمية ملزمين باحترام قواعد النظام العام، إضافة الى القواعد الموضوعية والإجرائية، كما نصت عليها المادة (265) من قانون المرافعات المدينة العراقي السالفة الذكر. وبالتالي فلم يكن المشرع العراقي الموقف الواضح من الطبيعة القانونية للتحكيم من أنّها تعاقدية واكتفى بالإشارة في بعض نصوص القوانين ذات العلاقة بالتحكيم من حيث تنظيم إجراءاته والتعامل مع القرارات التحكيمية.

وكذلك الحال بالنسبة للمشرع اللبناني فقد نصت المادة (817) من قانون أصول المحاكمات المدنية رقم 90 لعام 1983 على أنّه: “إذا كان المحكمون مفوضين بالصلح يعفون من التقيد باجراءات المرافعات وقواعد القانون إلّا ما تعلق بالنظام العام”.

ثانياً: الطبيعة القضائية للتحكيم

اتجه أنصار هذا الاتجاه بالقول إلى أنّ التحكيم يقوم بالوظيفة القضائية، لأنّه يهدف على حسم النزاع وتحقيق العدالة بين أطراف النزاع، فأنّه يكتسب بالضرورة الطبيعة القضائية ومن ثمَّ فنظر النزاع أمام المحكم يمر بنفس الإجراءات التي يمر بها أمام القاضي وينتهي بحكم مُماثل للحكم القضائي، سواء فيما يتعلق بالطعن فيه أو فيما يتعلق بقابليته للتنفيذ[22].

كما ذهب أنصار هذا الاتجاه باعتبار التحكيم ذو طبيعة قضائية بالمعنى الفني بمجرد صدور الحكم في التحكيم وسواء صدر الأمر بتنفيذه أو لم يصدر، أي أنّ أحكام المحكمين تُعد بمثابة أحكام قضائية لها حجية الأمر المقضي فيه[23]، وقد قرر أنصاره أنّ التحكيم ليس هو الاتفاق، بل أنّ التحكيم هو عمل ذو طبيعة قضائية خاصة تشبه في مضمونه أحكام القضاء.

وفي فرنسا نجد أنّ القضاء الفرنسي قد أخذ بالطبيعة القضائية في بعضٍ من الأحكام الصادرة عنه إذ قضت محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر في 12/4/1979 بأنّ: “حكم المحكم يشبه الحكم القضائي من اكتسابه الحجية من صدوره ومن إذ جواز إستئنافه منذ صدوره من دون انتظار لاعطاءه الصيغة التنفيذية “[24]. وفي مصر فقد بدا على محكمة النقض المصرية أنّها قررت الطبيعة القضائية للتحكيم الطبيعة القضائية للتحكيم فيما يخص عمل المحاكم.

وفي لبنان يتمتع القرار التحكيمي منذ صدوره بالقوة الثبوتية العائدة للسند الرسمي وللحكم القضائي، ولا يمكن المنازعة في صحة بعض بياناته الا بطريق الادعاء بالتزوير، هذا وان الادلاء بحبس القرار التحكيمي لا يؤدي الى اعتباره لم يصدر. ([25])

ولا يجوز رد طلب منح الصيغة التنفيذية لقرار تحكيمي الا لاحد اسباب الابطال المنصوص عليها قانوناً، وتقتصر رقابة رئيس المحكمة الابتدائية على خلو القرار التحكيمي المطلوب منحه الصيغة التنفيذية من الاسباب التي تؤدي الى ابطاله بصورة واضحة، ويعود لمحكمة الاستئناف عند الطعن بقرار الرفض النظر بناء لطلب الخصوم في اسباب البطلان، ولا وجود حالة سبق ادعاء بين محكمة تحكيمية ومحكمة عادية كما لا محل للاستئخار في هذا المجال، ولا يؤثر امتناع المستدعى بوجهه عن توقيع عقد التحكيم بعد تبلغه اصولا ولا يؤثر في صحة القرار التحكيمي وان عدم قبول المحكمين المسمين يتم من خلال الطعن بتعيينهم، ويعود لمحكمة الاستئناف فسخ قرار الرفض والحكم مجددا بإعطاء الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي. ([26])

وإن الاختصاص المكاني للقاضي الذي يصدر الصيغة التنفيذية ليس اختصاص الزاميا لأنه لا يتعلق بالانتظام العام ولا يترتب على مخالفته سوى الدفع بعدم الاختصاص النسبي. ([27])

وإن القرار الاستئنافي المتعلق بتحكيم عادي يقبل التمييز دائما، اما اذا كان يتعلق بتحكيم مطلق لا يقبل التمييز الا اذا انتهت محكمة الاستئناف الى ابطال القرار التحكيمي. – ان التثبت من صدور القرار التحكيمي خلال المهلة يشكل مسألة واقع يستقل بتقديرها قضاة الاساس. – نص القانون على حالات محددة حصرا لاجابة طلب ابطال القرار التحكيمي، هذا وان التنازل عن المرافعة ليس من الاعمال والاجراءات التي يلزم بشأنها الاستحصال على توكيل خاص. – لا بطلان دون نص وبالتالي ان اغفال ذكر مكان صدور القرار التحكيمي ليس سببا مفضيا الى ابطال القرار اضافة الى عدم ثبوت وقوع الضرر بالمدعي. ([28])

أمّا في العراق فعلى الرغم من وجود نص صريح يبيّن موقف المشرع إلّا أنّه يلاحظ ميله إلى تبني الطبيعة القضائية للتحكيم، حيث أيدَّ ذلك في نص المادة (272/1) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لعام 1969 المعدل على أنّه: “لا ينفذ قرار المحكمين لدى دوائر التنفيذ سواء أكان تعيينهم قضاءً أم اتفاقاً ما لم تصادق عليها المحكمة المختصة بالنزاع بناءً على طلب أحد الطرفين، وبعد دفع الرسوم المقررة”. وتقابلها المادة (793/1) من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني رقم (90) لعام 1983 والتيس نصت على أنه: “ يجب، لغرض اعطاء الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي، إيداع أصل هذا القرار قلم الغرفة الابتدائية المشار اليها في المادة 770 فقرة 2 سواءً من قبل أحد المحكمين أو الخصم الأكثر عجلة. وترفق بأصل القرار المذكور صورة عن اتفاقية التحكيم مصدقاً عليها بمطابقتها لأصلها من قبل المحكمين أو سلطة رسمية مختصة أو رئيس القلم وبعد إطلاعه على هذا الاصل. ويحرر كاتب المحكمة محضراً بهذا الإيداع”.

وأن هذا الاتجاه تعرض للانتقادات ومنها، اختلاف عمل القاضي المحكمن حيث تعتبر وظفية القاضي وظيفة قانونية تتمثل في حماية الحقوق والمراكز القانونية بصرف النظر عن وجود نزاع أو عدم وجوده فالقضاء قد يباشر وظيفته ويصدر أحكاماً في قضايا دون وجود نزاع بين الطرفين، بينما تعتبر وظيفة المحكم اجتماعية واقتصادية تتمثل في حل النزاع المطروح عليه على نحو يضمن استمرار العلاقات والود بين الأطراف في المستقبل. وم الصعب المطابقة بين احكام التحكيم واحكام القضاء، لأن التحكيم لا ينفذ بنفس الطريقة التي ينفذ بها الحكم القضائي فهو يحتاج لنفاذه صدور أمراً من قبل القضاء بالإضافةة إلى أن حكم المحكمين لا يرتب ذات الآثار القانونية التي يرتبها الحكم القضائي، وهي تمتعه بحجية الأمر المقضي فيه. وأن الدعوى ببطلان حكم المحكم تتصل في مجموعها بحالات تعيب عقد التحكيم أو تنكره وهي بهذا الوصف تثير الشك في الصفة القضائية لحكم التحكيم، ومما يبرر ذلك وقف تنفيذ حكم المحكم عند رفعها، وهي أيضاً بالوصف المتقدم تكفي وحدها كوسيلة للتظلم من الحكم[29].

على الرغم من وجاهة حجج أصحاب الاتجاهين السابقين في تحديد طبيعة التحكيم، فقد وجه إليهما النقد، فبالنسبة للنظرية القضائية فإنّه وإنّ كان عمل التحكيم يشبه إلى حدٍ كبير عمل القاضي، فانّنا نجد فرق واضح بينهما فمثلاً لا يتمتع المحكم بأهم صفات القاضي وهي سلطة الأمر ولا يتمتع كذلك المحكم بامتيازات القاضي مثل الحصانة والدوام والاستقرار[30].

أمّا بالنسبة للنظرية العقدية فيمكننا القول أنّ أصحاب هذه النظرية خلطوا بين أمرين، وهما قيام التحكيم أساساً على إرادة الأطراف، وبين اعتماد المحكم على هذه الإرادة، حيث أنّ المحكم بعد توليه عملية التحكيم إنمّا يُعمل أحكام القانون الواجب التطبيق على النزاع المعروض عليه، ومهمة المحكم ليست الكشف عن إرادة الخصوم، وإنمّا حل النزاع بموجب قواعد موضوعية وإجرائية ليس لإرادة الخصوم علاقة بها، وكذلك فإنّ طرق الطعن في أحكام المحكمين لا تمت بصلة لطرق الطعن في العقود وصحتها[31].

ومن خلال دراستنا لهذين الاتجاهين فيجد الباحث أنّ كل منهما قد ركز على أحد الجوانب في نظام التحكم فالنظرية القضائية ركزت على عنصر الحكم، وهو النتيجة المرجوة من نظام التحكيم وقاربت بينه وبين الحكم القضائي. والنظرية العقدية ركزت على عنصر الإرادة التي تبعث الحياة في هذا النظام وتمكنه من القيام بالدور الموكول إليه.

كما أن القيمة الحقيقية وجوهر أي نظام قانوني إنمّا ينبع من الغاية المرجوة من هذا النظام والنتائج التي يراد الوصول اليها، فجوهر نظام التحكيم هو الوصول إلى حل النزاع المعروض وذلك بواسطة إصدار حكمٍ قاطعٍ لدابر الخصومة بين الأطراف محقق للعدالة فيما بين الفرقاء، هذه الغاية من التحكيم هي نفسها المرجوة من القضاء، وعلى الرغم من ما ذكر من اختلاف بين المحكم والقاضي وعملهما فإنّ ذلك لا يخرج التحكيم عن جوهره القضائي، إذ أن هذا الاختلاف مردود إلى الطابع الاستثنائي لنظام التحكيم كطريقة للتقاضي، وحيث أنّ مبرر وجود هذا الاستثناء أصلاً هو تلافي بعض العيوب والثغرات الموجودة في ذلك النظام، ولكون نظام التحكيم يمارس في إطار محدود بوقت معين ونزاع محدد، فكان لا بد من ظهور بعض الاختلافات غير الجوهرية بين القاضي والمحكم وعملهما.

الفقرة الثانية: الطبيعة المختلطة أو المستقلة للتحكيم

بعد أن بيّنا كل من الطبيعة التعاقدية والطبيعة القضائية للتحكيم لاحظنا بأنّ الاتجاهين السائدين لم يتوصلوا إلى حقيق وطبيعة التحكيم، وإنمّا أوضح كل منهما جزء من حقيقة التحكيم مع الانتقادات الموجهة لكل اتجاه، لذا قدم بعض الفقه الى اعتبار التحكيم ذو طبيعة مختلطة، لأن الاخذ بطبيعة واحدة سواء الطبيعة العقدية أو الطبيعة القضائة يثير العديد من المشاكل والصعاب، بينما ذهب اتجاه آخر إلى أنّ التحكيم ذو طبيعة مستقلة وخاصة وهذا ما سنبيّنه فيما يلي:

أولاً: الطبيعة المختلطة للتحكيم

نظراً للاختلاف الفقهي السابق، فقد ظهر اتجاه ثالث يقول بالطبيعة المختلطة للتحكيم ويقوم هذا الاتجاه على تجزئة العملية التحكيمية إلى مرحلتين، تظهر في المرحلة الأولى الطبيعة العقدية للتحكيم، وهي مرحلة الاتفاق على التحكيم وتشكيل هيئة التحكيم بناءً على هذا الاتفاق وهذه المرحلة تظهر فيها إرادة الأطراف كعامل أساسي، لذلك يغلب عليها الطابع العقدي. والمرحلة الثانية تتمثل في مرحلة السير بإجراءات التحكيم وإصدار الحكم، وما يترتب على هذا الحكم من قوة ملزمة لأطرافه أكثر من القوة الملزمة للعقد، وهذه المرحلة يغلب عليها الطابع القضائي، وعلى هذا الأساس يمكن القول أنّ التحكيم في أساسه وجوهره هو تصرف إرادي على أنّه في انطلاقه نحو تحقيق هدفه يودي إلى تحريك نظام تتفاعل فيه عناصر ذات طبيعة مغايرة تدخل في عداد العمل القضائي[32].

وبمقتضى هذا الاتجاه فإنّ التحكيم تتعاقب عليه صفتان، الأولى هي الصفة التعاقدية، وتتجلى في اختيار الخصوم التحكيم كوسيلة لحسم نزاعاتهم وابتعادهم عن التوجه نحو قضاء الدولة، وكذلك باختيارهم القانون الواجب التطبيق على المسائل الإجرائية والموضوعية في النزاع، أمّا في الثانية فهي الصفة القضائية والتي تبدو بشكل واضح في أنّ التحكيم الذي ينتهي به النزاع ملزم للأطراف وله قوة تنفيذية، ومن ثمَّ أنّ الحكم الصادر عن التحكيم يصبح بمثابة حكم قضائي، ومن هذا المنطلق يظهر لنا بأن التحكيم يتمتع بطبيعة مختلطة، تبدأ تعاقدية وتنتهي قضائية[33].

إنّ التحكيم يُعتبر نوعاً من القضاء الخاص ذو أساس اتفاقي تتناوب عليه طبيعة التأثيرات المختلفة لفكرة العقد والقضاء معاً، وإنّ طبيعة هذا النظام ما هي إلّا تطبيق توزيعي لقواعد الحكم القضائي[34].

رغم ما يتضمنه هذا الاتجاه من وجاهة ومحاولته الجمع بين الرأيين السابقين، إلّا أنّ أصحاب هذا الاتجاه والمساندين له لم يسلموا من الانتقاد والذي يتمثل فيما يلي:

أنّ تبني النظرية المختلطة يؤدي إلى إهدار القيمة القانونية لأحكام التحكيم التي لا تصدر بشأنها أمر التنفيذ، الامر الذي يتناقض مع إقرار المشرع لنظام التحكيم، فضلاً عن أنّ التحكيم يقوم على أساس التنفيذ الاختياري لحكم التحكيم، حيث يكتسب الحجية بمجرد صدوره ولا يتوقف هذا الأثر على صدور الامر بالتنفيذ. وأخذ هذا الاتجاه بفكرة التحول من الطبيعة العقدية الى الطبيعة القضائية للتحكيم وهذا يُعد هروباً من المشكلة، فالقول بالطبيعة المختلطة لا معنى له، إذ يجب تحديد هذه الطبيعة[35].

وعلى الرغم من أنّ هذا الاتجاه قام بتقديم حجج وجيهة تتمثل في تحليل التحكيم إلى مرحلتين تصطبغ كل مرحلة منهما بطابع معين، إلّا أنّه يُعاب عليه من قبل البعض بأنّه اختار الحل الأسهل في تحديد طبيعة التحكيم حيث لا بد من تحديد هذه الطبيعة[36]، إذ أنّ الإقرار بالطبيعة المختلطة للتحكيم يترتب عليها آثار عملية فيما يتعلق بالقانون الواجب التطبيق، وفيما يتعلق بتنفيذ الأحكام، وذلك بحسب ما إذا كان التصرف يدخل ضمن مرحلة الطبيعة العقدية أو القضائية[37].

ثانياً: الطبيعة المستقلة (الخاصة للتحكيم)

إزاء الانتقادات التي وجهت إلى الاتجاهات الثلاث السابقة، ظهر اتجاه في الفقه يرى أنّ التحكيم ليس ذو طبيعة عقدية، ولا ذو طبيعة قضائية ولا حتى ذو طبيعة مختلطة يجمع في طياته الجانب العقدي والجانب القضائي، وإنمّا هو ذو طبيعة خاصة مستقلة.

يـرى أنصار هذا الاتجاه أنّه من غــير المعقـــول إضـــفاء صبغة دون الأخــرى عليـــــه، فالتحكيم لـه طبيعـة خاصة، يُعـد وســيلة بديلة لحـل المنازعات بعيداً عـــــن الالتجـاء إلى طريــــق القضــاء العـام للدولـة بإجراءاته وتعقيداتـه الــتي لا تتناســــب ومتطلبات التجارة الدولية[38].

فالتحكيم يختلــف اختلافـاً تاماً عـــن القضـاء، فالقضاء ســلطة عامـة من ســلطات الدولـة يباشرها القاضي وتكــون غايتــه حمايـة الحقوق والمراكــز القانونيـة للأفــراد والجماعات داخل الدولة، بينمـا التحكـيم يرمي إلى تحقيــق وظيفة اجتماعية واقتصـادية، فضـلاً عــن العـدل. كما أنّ المحكمين لا يعينـون دائمـاً باتفاق الأطـراف وإنمّــا يـــتم أحياناً تعيينهم بواســــطة المحكمـة المختصة أو بواســـطة مراكز التحكيم[39].

كما يذهب أنصار هذا الاتجاه إلى أنّ التحكـيم سـابق في نشأته عن القضاء ممّا ينفـي خضـوعه لقواعده، ولا يخـتلط معـه وإنمّـا يســير معـه بصـفة متوازنة، قضاء الدولـة وقضاء التحكيم. ويترتـب على الأخـذ بمنطـق الطبيـة الاستقلالية للتحكيم انتفاء الوحـدة بـين مهـام المحكـم ومهـام القاضي، فالمحكم لا يعتبر قاضـياً ولا يشغل وظيفة عامة، ولا يملـك السـلطات الـتي يتمتــــــع بها القاضـي الــوطني، كما يفتقـر حكمه إلى الخصائص التي تتميز بها الأحكام القضائية[40].

ويرى أنصار هذا الاتجاه إلى أنّ الطبيعة المستقلة تقوم على اعتبارين: الأول: استقلال التحكيم عن العقد الموضوعي، والثاني، استقلال التحكيم عن القضاء. وهذا يعني أنّ التحكيم ليس عقداً موضوعياً من عقود القانون العام أو الخاص. كما أنّه ليس بالقضاء الذي ينظمه القانون الإجرائي وليس بعقد وقضاء في ذات الوقت إنمّا هو ذو طبيعة واحدة قائمة بذاتها ومستقلة عن العقد الموضوعي وعن القضاء[41].

ويستخلص من ذلك، أنّ التحكيم لا يخضع لنظام قانوني محدد، سواءً للعقد أو القضاء، بل أنّ له قواعده وخصائصه الذاتية، إلّا أنّه يستمد بعص القواعد منهما لاستكمال صحة الإجراءات، حيث أنّ عدالة التحكيم تختلف عن عدالة القضاء نتيجة تميزها بالمرونة بعيداً عن التطبيق الحرفي لنصوص القانون ولمراعاتها مصالح الأطراف من جوانبها كافة، وذلك من خلال الحلول التي تأخذ بالحسبان مصالح الطرفين المشتركة لهما وهذا ما يرضي الأطراف.

غير أنّ هذا الاتجاه الذي يقول بالطبيعة المستقلة للتحكيم لم يسلم من الانتقادات، حيث يرى بعض الفقه أنّ الإقرار بالطبيعة المستقلة للتحكيم يعتبر هروباً من توضيح الطبيعة الكاملة للتحكيم. وأنّ اعتبار التحكيم نظام مستقل بذاته لا يكفي ويعتبر وقوفاً في منتصف الطريق. فضلاً عن كون القضاء منظماً تنظيماً عضوياً وإجرائياً بصورة عامة مجردة، مقابل تنظيم التحكيم من قبل أطراف النزاع، لا يعني اختلاف كل منهما بل يؤدي إلى القول بأنّ هناك قضاءً عاماً وقضاءً خاصاً[42].

ونستنتج في نهاية البحث عن الطبيعة القانونية للتحكيم، وبعد كل ما عرضه أصحاب الاتجاهات من آراء والانتقادات التي وجهت لها أنّ التحكيم ذو طبيعة خاصة ويجب التعامل معه على انّه نظاماً مستقلاً عن العقد والقضاء، وله قواعده الخاصة وخصائص يتمتع بها تميزه عن غيره من الأنظمة، الأمر الذي يستدعينا أن نأخذ عن تحديد الطبيعة القانونية للتحكيم بفكرة مستقلة عن النظم والأنظمة القانونية المشابهة، لأنّها قد تتشابه في أدوار وتختلف عن أخرى، وعليه فلا يمكن تفسيره في ضوء المبادئ التقليدية سواءً عن طريق ربطه بالعقد أو بالقضاء أو بهما معاً.

الخاتمة

توصلنا الى مجموعة من النتائج والتوصيات على الشكل التالي:

النتائج:

  1. التحكيم هو عملية قانونية يتفق من خلالها الأطراف في نزاع ما على اللجوء إلى هيئة من المحكمين للفصل فيه بدلاً من اللجوء إلى القضاء. والتحكيم عملية خاصة، وهو ما يعني أنه لا يخضع إلى نفس القواعد التي تنظم عملية التقاضي أمام القضاء، بل يخضع لقوانين خاصة تنظمه وتحكم إجراءاته، وللتحكيم مميزات عديدة، تتمثل في سرعة إنهاء النزاع وقلة التكلفة مقارنة بعملية التقاضي العادية وكذلك الخصوصية والمرونة.
  2. إن من أهم المشكلات التي كانت تكتنف إمكانية اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية هو مشكلة القانون الواجب التطبيق على اتفاقية التحكيم في العقود الإدارية الدولية منذ ظهور نظام التحكيم كطريق بديل لفض المنازعات ، حيث ظلت هذه المسألة لفترة طويلة بسبب حظر اتفاق التحكيم في العقود الإدارية في العديد من الدول في فترة سابقة كالعراق ولبنان ومصر.

التوصيات:

  1. ضرورة تعزيز التحكيم المؤسسـي لما يمثله هذا التحكيم من ضمان مهم للإدارة عند قيام خلاف بينها وبين المتعاقد معها، وذلك في ظل ما تتمتع به هذه المؤسسات من درجة عالية من الخبرة والإلمام بتفاصيل العقد الإداري، وتراعي في ذات الوقت المصلحة العامة التي تتغياها الإدارة في هذه العقود، في حين قـد يكون المحكـم الحـر مسـتجداً ومنصـب الاهتمـام علـى أفكـار ومبـادئ العقد المدني، التي قد تؤثر على فكرة المصلحة العامة في هذا الشأن.
  2. ان يكون القانون الخاص بالتحكيم موافقاً للمبادئ القانونية واسس التحكيم الدولية يجب ان يتلاءم مع التطور الحاصل في العراق ولبنان ومن النواحي الاقتصادية والاستثمارية مع الأخذ بنظر الاعتبار الاسس القانونية للاتفاقيات الدولية بشأن التحكيم وان الامر على ضوء ذلك يتطلب تعديل القوانين او الغاءها خاصة التي تتعارض مع القانون المقترح ومنها القواعد الدولية النموذجية للتحكيم (بونسترال ) لكي يكون القانون مقبولاً دولياً ويمكن لأصحاب الخبرة الاطلاع عليه .

المصادر والمرجع:

حسن مراد جويعد، (مميزات التحكيم وعيوبه)، مجلة قضايا قانونية، مركز الدراسات القانونية، العدد 13، بغداد- العراق، 2019، ص 98.

شريف يوسف خاطر، (التحكيم في منازعات العقود الإدارية وضوابطه)، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة- مصر، 2009، ص 109.

أحمد اللاه المراغي، (دور التحكيم في تشجيع وحماية الاستثمارات الأجنبية- دراسة مقارنة)، ط1، المكتب الجامعي الحديثن القاهر- مصر، 2016، ص 66- 67.

  1. حمزة حداد، ورقة عمل قدمت في مركز عين شمس، للتحكيم التجاري الدولي، شباط، 2006، في دورة عقدت للتحكيم وإعداد المحكمين.

المادة (45) من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994.

حمزة حداد، ورقة عمل قدمت في مركز عين شمس، للتحكيم التجاري الدولي، شباط، 2006، في دورة عقدت للتحكيم وإعداد المحكمين.

جورجي شفيق ساري، (التحكيم ومدى جواز اللجوء إليه لفض المنازعات في مجال العقود الإدارية)، مصدر سابق، ص 69.

محمود مختار أحمد بريري، (التحكيم التجاري الدولي)، مصدر سابق، ص 10.

جورجي شفيق ساري، (التحكيم ومدى جواز اللجوء إليه لفض المنازعات في مجال العقود الإدارية)، المصدر السابق، ص 70.

عبد العزيز عبد المنعم خليفة، (التحكيم في منازعات العقود الإدارية الداخلية والدولية- دراسة تحليلية في ضوء أحدث أحكام قضاء مجلس الدولة)، مصدر سابق، ص 138.

أحمد حشيش، (طبيعة المهمة التحكيمية)، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة- مصر، 2000، ص 98.

فتحي والي، (قانون التحكيم في النظرية والتطبيق)، مصدر سابق، ص 40.

أحمد عبد الكريم سلامة، (التحكيم في المعاملات المالية الداخلية والخارجية)، مصدر سابق، ص 46.

محمود مختار أحمد بريري، (التحكيم التجاري الدولي)، مصدر سابق، ص 11- 12.

مشار إلى هذا الحكم لدى: حمدي ياسين عكاشة، (المستحدث في قضاء مجلس الدولة الفرنسي)، مصدر سابق، ص39.

أحمد حشيش، (طبيعة المهمة التحكيمية)، مصدر سابق، ص 99.

مشار إلى هذا الحكم لدى: حمدي ياسين عكاشة، (المستحدث في قضاء مجلس الدولة الفرنسي)، مصدر سابق، ص 42.

مشار إلى هذه الاحكام لدى: حفيظة السيد الحداد، (الاتفاق على التحكيم في عقود الدولة ذات الطبيعة الإدارية وأثره على القانون الواجب التطبيق)، مرجع سابق، ص27 – 28.

حسن محمد هند، (التحكيم في المنازعات الإدارية- دراسة مقارنة)، مصدر سابق، ص 49.

محمود السيد التحيوي، (الطبيعة القانونية لنظام التحكيم)، ط1، منشأة المعارف، الإسكندرية- مصر، 2003، ص 307.

محمود السيد التحيوي، المرجع نفسه.، ص 322 .

عبد الوهااب لطفي، (عقود الإدارة في إطار التحكيم عبر الدول العربية)، ط 1، مكتبة الوفاء القانونبة، الإسكندرية- مصر، 2019، ص 127.

عاطف شهاب، (اتفاق التحكيم التجاري الدولي والاختصاص التحكيمي)، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة- مصر، 2002، ص 51.

مشار إليه لدى: حمدي ياسين عكاشة، (المستحدث في قضاء مجلس الدولة الفرنسي)، مرجع سابق، ص43.

القاضي المنفرد المدني – بيروت رقم 0 تاريخ 25/02/2010

محكمة الاستئناف المدنية – لبنان الشمالي رقم 300 تاريخ 08/06/2017

محكمة الدرجة الاولى – بيروت رقم 52 تاريخ 08/07/2013

حكمة التمييز المدنية – بيروت رقم 41 تاريخ 05/04/2012

عبد الباسط عبد الواسع الظراسي، (النظام القانوني لاتفاق التحكيم- دراسة تحليلية مقارنة)، ط1 ، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية- مصر، 2003، ص 36.

عبد الباسط عبد الواسع الظراسي، (النظام القانوني لاتفاق التحكيم- دراسة تحليلية مقارنة)، المصدر السابق، ص 38.

حسن محمد هند، (التحكيم في المنازعات الإدارية- دراسة مقارنة)، مصدر سابق، ص 49.

محمود السيد التحيوي، (الطبيعة القانونية لنظام التحكيم)، مرجع سابق، ص34.

فؤاد محمد أبو طالب، (التحكيم في منازعات الاستثمار الأجنبية)، ط1، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية- مصر، 2010، ص 54.

جعفر مشيمش، (التحكيم في العقود الإدارية والمدنية والتجارية- درارسة مقارنة)، ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت- لبنان، 2009، ص 74.

حسن محمد هند، (التحكيم في المنازعات الإدارية- دراسة مقارنة)، مصدر سابق، ص 53.

حسن محمد هند، المرجع نفسه، ص 54- 55.

فتحي والي، (قانون التحكيم في النظرية والتطبيق)، مرجع سابق، ص 32.

وليد محمد عباس، (التحكيم في منازعات الإدارية ذات الطبيعة التعاقدية –دراسة مقارنة)، ط1، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية- مصر، 2010، ص50.

أحمد حشيش، (طبيعة المهمة التحكيمية)، مصدر سابق، ص 220.

وليد محمد عباس، المرجع السابق، ص 51.

أحمد حشيش، (طبيعة المهمة التحكيمية)، مصدر سابق، ص 220.

محمود السيد التحيوي، (الطبيعة القانونية لنظام التحكيم)، مرجع سابق، ص 62.

الهوامش:

  1. حسن مراد جويعد، (مميزات التحكيم وعيوبه)، مجلة قضايا قانونية، مركز الدراسات القانونية، العدد 13، بغداد- العراق، 2019، ص 98.\
  2. شريف يوسف خاطر، (التحكيم في منازعات العقود الإدارية وضوابطه)، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة- مصر، 2009، ص 109.
  3. أحمد اللاه المراغي، (دور التحكيم في تشجيع وحماية الاستثمارات الأجنبية- دراسة مقارنة)، ط1، المكتب الجامعي الحديثن القاهر- مصر، 2016، ص 66- 67.
  4. حمزة حداد، ورقة عمل قدمت في مركز عين شمس، للتحكيم التجاري الدولي، شباط، 2006، في دورة عقدت للتحكيم وإعداد المحكمين.
  5. المادة (45) من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994.
  6. حمزة حداد، ورقة عمل قدمت في مركز عين شمس، للتحكيم التجاري الدولي، شباط، 2006، في دورة عقدت للتحكيم وإعداد المحكمين.
  7. جورجي شفيق ساري، (التحكيم ومدى جواز اللجوء إليه لفض المنازعات في مجال العقود الإدارية)، مصدر سابق، ص 69.
  8. محمود مختار أحمد بريري، (التحكيم التجاري الدولي)، مصدر سابق، ص 10.
  9. جورجي شفيق ساري، (التحكيم ومدى جواز اللجوء إليه لفض المنازعات في مجال العقود الإدارية)، المصدر السابق، ص 70.
  10. عبد العزيز عبد المنعم خليفة، (التحكيم في منازعات العقود الإدارية الداخلية والدولية- دراسة تحليلية في ضوء أحدث أحكام قضاء مجلس الدولة)، مصدر سابق، ص 138.
  11. أحمد حشيش، (طبيعة المهمة التحكيمية)، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة- مصر، 2000، ص 98.
  12. فتحي والي، (قانون التحكيم في النظرية والتطبيق)، مصدر سابق، ص 40.
  13. أحمد عبد الكريم سلامة، (التحكيم في المعاملات المالية الداخلية والخارجية)، مصدر سابق، ص 46.
  14. محمود مختار أحمد بريري، (التحكيم التجاري الدولي)، مصدر سابق، ص 11- 12.
  15. مشار إلى هذا الحكم لدى: حمدي ياسين عكاشة، (المستحدث في قضاء مجلس الدولة الفرنسي)، مصدر سابق، ص39.
  16. أحمد حشيش، (طبيعة المهمة التحكيمية)، مصدر سابق، ص 99.
  17. مشار إلى هذا الحكم لدى: حمدي ياسين عكاشة، (المستحدث في قضاء مجلس الدولة الفرنسي)، مصدر سابق، ص 42.
  18. مشار إلى هذه الاحكام لدى: حفيظة السيد الحداد، (الاتفاق على التحكيم في عقود الدولة ذات الطبيعة الإدارية وأثره على القانون الواجب التطبيق)، مرجع سابق، ص27 – 28.
  19. حسن محمد هند، (التحكيم في المنازعات الإدارية- دراسة مقارنة)، مصدر سابق، ص 49.
  20. محمود السيد التحيوي، (الطبيعة القانونية لنظام التحكيم)، ط1، منشأة المعارف، الإسكندرية- مصر، 2003، ص 307.
  21. محمود السيد التحيوي، المرجع نفسه.، ص 322 .
  22. عبد الوهااب لطفي، (عقود الإدارة في إطار التحكيم عبر الدول العربية)، ط 1، مكتبة الوفاء القانونبة، الإسكندرية- مصر، 2019، ص 127.
  23. عاطف شهاب، (اتفاق التحكيم التجاري الدولي والاختصاص التحكيمي)، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة- مصر، 2002، ص 51.
  24. مشار إليه لدى: حمدي ياسين عكاشة، (المستحدث في قضاء مجلس الدولة الفرنسي)، مرجع سابق، ص43.
  25. )) القاضي المنفرد المدني – بيروت رقم 0 تاريخ 25/02/2010
  26. )) محكمة الاستئناف المدنية – لبنان الشمالي رقم 300 تاريخ 08/06/2017
  27. )) محكمة الدرجة الاولى – بيروت رقم 52 تاريخ 08/07/2013
  28. )) حكمة التمييز المدنية – بيروت رقم 41 تاريخ 05/04/2012
  29. عبد الباسط عبد الواسع الظراسي، (النظام القانوني لاتفاق التحكيم- دراسة تحليلية مقارنة)، ط1 ، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية- مصر، 2003، ص 36.
  30. عبد الباسط عبد الواسع الظراسي، (النظام القانوني لاتفاق التحكيم- دراسة تحليلية مقارنة)، المصدر السابق، ص 38.
  31. حسن محمد هند، (التحكيم في المنازعات الإدارية- دراسة مقارنة)، مصدر سابق، ص 49.
  32. محمود السيد التحيوي، (الطبيعة القانونية لنظام التحكيم)، مرجع سابق، ص34.
  33. فؤاد محمد أبو طالب، (التحكيم في منازعات الاستثمار الأجنبية)، ط1، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية- مصر، 2010، ص 54.
  34. جعفر مشيمش، (التحكيم في العقود الإدارية والمدنية والتجارية- درارسة مقارنة)، ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت- لبنان، 2009، ص 74.
  35. حسن محمد هند، (التحكيم في المنازعات الإدارية- دراسة مقارنة)، مصدر سابق، ص 53.
  36. حسن محمد هند، المرجع نفسه، ص 54- 55.
  37. فتحي والي، (قانون التحكيم في النظرية والتطبيق)، مرجع سابق، ص 32.
  38. وليد محمد عباس، (التحكيم في منازعات الإدارية ذات الطبيعة التعاقدية –دراسة مقارنة)، ط1، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية- مصر، 2010، ص50.
  39. أحمد حشيش، (طبيعة المهمة التحكيمية)، مصدر سابق، ص 220.
  40. وليد محمد عباس، المرجع السابق، ص 51.
  41. أحمد حشيش، (طبيعة المهمة التحكيمية)، مصدر سابق، ص 220.
  42. محمود السيد

    التحيوي، (الطبيعة القانونية لنظام التحكيم)، مرجع سابق، ص 62.