بنية الخطاب العنصري في الأعمال الروائية: قراءة في ضوء النظرية العرقية النقدية

رضوان أديوالي تيجاني1

1 باحث الدكتوراه بجامعة الملك سعود – المملكة العربية السعودية

بريد الكتروني: Ridwan.a.tidjani@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(6); https://doi.org/10.53796/hnsj56/3

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/06/2024م تاريخ القبول: 05/05/2024م

المستخلص

وظفت الدراسة آليات النظرية العرقية النقدية التي تعنى برصد آثار الخلفيات العرقية في مختلف الممارسات الاجتماعية، وذلك عبر توظيف التقاطعية بوصفها آلية تتقاطع فيها العنصرية مع التمييز العنصري، والتمييز الجندري، والتمييز الطبقي في تحليل واختبار بعض الأعمال الروائية التي أنجزها الكتاب السود في العالم العربي؛ أمير تاج السر في روايته “أرض السودان” وفتحية الدبش في باكورة أعمالها الروائية “ميلانين”، وقد استندت الدراسة على أبرز آليات النظرية العرقية النقدية المتمثلة في مساءلة هذه الأعمال بوصفها السرد القصصي الذي يتماثل مع الروائيين السود، والسرد القصصي المضاد الذي يهدف إلى تقويض مقولة امتيازات البيض وخلخلة مركزيتها. وقد انطلقت الدراسة من فرضيتي العلاقة السلبية والإيجابية في اختبار مدى صحة العلاقة بين عرق الروائي ومحتوى النص الروائي. ولعل استرفاد الروايات وعدم خلوها من تنشيط الموضوعات ذات العلاقة الوطيدة بالعرق واللون والجنس، وعدم خلو استراتيجيات بنيتها من الثنائيات المتضادة السود/ البيض مؤشر رئيسي في استخلاص صدق فرضية العلاقة الإيجابية في الدراسة.

الكلمات المفتاحية: النظرية العرقية النقدية، التقاطعية، الروائيون السود، السرد، العنصرية.

Research title

Exploring Racial Discourse Structure in Fictional Narratives: A Critical Race Theory Approach”

Ridwan Adewale Tidjani1

1 PhD Researcher at King Saud University – Saudi Arabia

Email: Ridwan.a.tidjani@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(6); https://doi.org/10.53796/hnsj56/3

Published at 01/06/2024 Accepted at 05/05/2024

Abstract

This study applies critical race theory (CRT); which explores the racial effect on societal structures. It utilizes intersectionality as the CRT main tool to examine the fictional works of black authors in the Arab world, with a particular focus on Amir Taj Al-Sir’s novel “The Land of Sudan” and Fathiya Al-Dibsh’s debut novel, “Melanin.” Drawing from the principles of critical race theory, the analysis scrutinizes these works as both forms of storytelling: narratives that reflect the experiences of black writers (“Storytelling”) and narratives that challenge the concept of Whiteness and white supremacy (“Counter-storytelling”). Through this lens, the study hypothetically investigates the relationship between the ethnicity of the novelist and the thematic content of the fictional text, exploring both the “Null Hypothesis” and the “Alternative Hypothesis.” The findings indicate that the effectiveness of the novels and their exploration of themes related to race, color, and gender, as well as their structural approaches that potentially reinforce black/white dichotomies, are crucial in assessing the validity of the positive relationship hypothesis proposed in the study within the framework of Critical Race Theory.

Key Words: CRT, Intersectionality, Black novelists, Fictional narratives, Racism

المقدمة:

تتجلى جدة الموضوع وطرافتها في ندرة الدراسات العلمية المعاصرة التي طبّقت النظرية العرقية النقدية، حيث اكتفى بعض هذه الأبحاث بالتنظير وترديد الترجمات الناقصة التي قد لا يساهم في تقديم عجلة المعرفة. بينما نشطت الإنتاجات العلمية التي سعت إلى تطبيق هذه النظرية في الغرب، وانشطر مجتمعها بين مؤيد ومعارض لاتجاهات النظرية وآفاق تطبيقاتها.

سعت النظرية إلى الاسترفاد بشكل أساسي من رؤية كارل ماركس في تقسيم المجتمع إلى طبقتي البرجوازية والبوليتاريا؛ وطبّقت هذه النظرية الرؤية نفسها في تقسيم الطبقة الاجتماعية إلى المهمِّشين والمهمّشين. ولما كانت الرواية من أهم الإنتاجات القادرة على انعكاس ثقافة الأمة، ومجتمعها، ورؤيتها لذاتها ولغيرها ونوع من التعايش مع الكون من حولها، اكتسبت هذه الدراسة أهميتها في اختبار أبرز الإنتاجات الثقافية التي تعكس وعي مجتمع أو فئة اجتماعية، ووظفت آليات النظرية العرقية التي لا تزال تعد مقاربة طريفة في الثقافة العربية عامة، والأعمال الروائية خاصة.

وبذلك تهدف الدراسة إلى الإجابة عن مجموعة من التساؤلات مفادها: كيف ينعكس عرق الكاتب ولونه في المحتوى الأدبي الروائي؟ وما هي أهم الخصائص والسمات الفنية التي تتضافر على مساندة صحة العلاقة الصفرية أو البديلة في هذا السياق؟ وللإجابة عن هذه التساؤلات انقسمت الدراسة إلى النقاط الآتية:

  • أولا: التمهيد يوضح فيه أبرز الآليات التي توصف بمنطلقات الدراسة إلى التحليل.
  • ثانيا: الخلفية الابستيمولوجية للنظرية العرقية النقدية.
  • ثالثا: بين التمييز العرقي والعنصرية.
  • رابعا: منجزات السود: العلاقات والتيمات.
  • خامسا: الخاتمة.

أولا: التمهيد

تكمن طرافة هذه الدراسة وجدّتها في استلهام النظريّة العرقية وصيغ تطبيقاتها التي تتوافق مع بيئة نشأتها في الثقافة الغربية المعروفة بازدواجية مجتمعاتها، واختلاط أعراقها ذات الثقافات المتعدّدة والمتنوعة، وقد استقامت هذه النظرية على مجموعة الأسس التي ساندت قدرتها على استجلاء خفايا الخطابات الأدبية، ومضمرات أنساقها الثقافية في الثقافة الإنجليزية، ولعل هذا ما يعدّ من أبرز مسوّغات اعتماد الدراسة على تطبيق النظرية في سياق النتاجات الروائية العربية بعيدا عن بيئتها الغربية التي تعهّدها منذ تكوّنها بذرة نواة إلى حين استواء مقوماتها، حيث تفترض الدراسة تقارب معطيات مخرجاتها مع معطيات الدراسات العرقية في الأدب الغربي. ويجدر الانطلاق من مجموعة التساؤلات المؤطّرة عن طبيعة النّظريّة، ومظاهرها في المجال الأدبي والنّقدي؛ كيف يمكن إسقاط آليات النظرية العرقية وسحب مبادئها الأبستمولوجيا وتوافقاتها التاريخية المتأثرة ببيئة نشأتها إلى الدّراسات الأدبيةّ أولا، ثم الدراسات الأدبية العربية؟

ثانيا: الخلفية الأبستمولوجية للنظرية: الآفاق والأبعاد

ظهرت بوادر النّظريّة العرقيّة النقديّة (Critical Race Theory – CRT) بدايةً من 1970م، وواكبت ظروف نشأتها مجموعة ردود أفعالٍ تجاه مظاهر العنصريّة في أوروبا والولايات المتحدة بوصفها حركةً قانونيةً نشط فيها المحامون وعلماء القانون الّذين استجابوا لضرورة بلورة نظريّة جديدة تناهض مختلف مظاهر العنصريّة وأشكالها، ثم توسّعت النّظريّة بعد ذلك، وتجاوزت المجال المعرفيّ الّذي نشأت فيه إلى تخصصاتٍ علميّة أخرى، فطبّقت في المجالات التّربويّة، والسّياسيّة، والدّراسات الأثنولوجيّة…إلخ([1]). وتهتمّ النّظريّة بالموضوعات المتوطّدة الصّلة بالأعراق، عبر البحث عن قضاياها المتمثّلة في الاضطهاد، والتّصنيف، وتفحص مجموعة الطّرق الّتي تتقاطع فيها تفاصيل حياتنا اليوميّة بالعرق، وتضطلع كذلك بالمعتقدات الّتي تعكس الافتراضات الشّائعة عن العرق من أجل استكشاف مختلف الأشكال الّتي تتجلّى فيها العنصريّة في المجتمع([2]).

ولذا فقد تتحدّد أطرها التّطبيقيّة في قراءة طبيعة التّفاعل بين الأعراق والفئات الاجتماعيّة، وكذلك في مراقبة الأيديولوجيات المتخفّية والمضمرة الّتي تبثّ في المجتمع مظاهر التّراتبية القائمة على الّتصنيف العرقيّ للطّبقات الاجتماعيّة. وقد تنسحب هذه الطبيعة نفسها للنظرية في إدراك وثاقة ارتباطها بالنّقد الأدبي في كونها منظارًا وآليةً قرائيّةً يتسلّح بها الناقد، ويوظّفها النّقد الأدبيّ لتكشف عن تقاطع مختلف العلاقات الثّقافيّة والاجتماعيّة الّتي تتشكّل في المنجز الأدبيّ؛ لغته، وحبكته، وتسلسل أحداثه، وتشابك عناصره، ونصوصه المتعقدة التي تتخلّق فيها علاقات شخصيّاته، ودلالاته الرمزيّة على الزّمان والمكان، وطبيعته الفنيّة والإحاليّة على العناصر الخارجيّة.

ولعل من أهم المبادئ والمنطلقات المطروحة بين يدي النّظريّة، وخاصة ما قد يطوّعها البحث في سبيل تحقيق أهدافه يتمحور حول كيفية اشتغال النّظريّة العرقيّة في السّرد القصصيّ (Storytelling)، والسّرد القصصيّ المضاد (Counter-storytelling)([3])، بوصفهما أداةً يوظفها منظّرو الأعراق لمعارضة توصيفات العنصريّة في الحياة الاجتماعيّة، وفضح الخطابات العرقيّة المحايدة، بالكشف عن امتيازات البيض (White Supremacy)، وتوضيح العلاقات غير المتكافئة بين البيض والملونين في المجتمع([4]).

تنبني الأسس القرائية للمنجزات الروائية في هذه الدراسة على التّقاطعّية([5]) التي تعد من أبرز المتحوّرات التحليلية المصاغة من التطورات التي طرحها النقد الثقافي؛ فوظّفت النظرية العرقية آلية التقاطعية بوصفها طريقةٌ تراكميةٌ معقّدةٌ تتداخل أو تتقاطع فيها مؤثّرات أشكالٍ متعدّدة للتّمييز بمختلف أنواعه؛ ويندرج فيه التّمييز العنصري، والتمييز الجندري، والتمييز الطبقي، وخاصة في سياق تجارب النساء السود([6]). وتوظف النظرية العرقية التقاطعية في سياق قراءات المنجزات النّقديّة عن السود([7])، وهي تتلاقى مع رؤية موريسون وصياغتها مصطلح الحضور الأفريقاني (Africanist Presence) التي تعني: مختلف صور الأبنية المختلقة التي مثّلت بها الشخصيات غير البيضاء في الولايات المتحدة الأمريكية…؛ وتشمل الرؤى والافتراضات والتحليلات والقراءات الخاطئة التي تصاحب المعتقدات المركزية الأوروبية لهذه الشعوب([8]).

إن التّقاطعيّة مشروعٌ مفتوحٌ ذات احتمالاتٍ مفتوحةٍ ومتعدّدةٍ، ولا تقتصر طاقاتها على النّسويّة، ولا على العرقيّة، بل تتعدّاها لتحويَ أنواعًا من الاختلافات الّتي تتأتّى من الآثار التّمييزية للعرقية، والإثنية، والطّبقيّة، والجنسوية، والوضعية الاجتماعية، والإعاقة، وغيرها مما لها علاقة بخبراتنا الاجتماعيّة والنّفسيّة([9])، وسينطلق البحث من شساعة انفتاح هذه الآلية، وتبنيها مختلف القراءات القائمة على الاختلاف؛ بوصف هذا الأخير هو اللب، والعنصر الجامع لجميع مجالاتها في شرعنة بعض التحويرات على النظرية في ظل تمسكّها بالمفهوم الأساس للتقاطعية؛ عبر تطبيقها على ما كتبه السّود عن الآخرين، لا ما كتبه الآخرون عن السود، فتتجلى هنا أهمية الدراسة التي تعتمد على النظرية بوصفها ذات خطّين متعامدين، يُفترض تقاطعهما عند الزاوية القائمة، ويمثل الاهتمام بالسواد درجة هذه الزاوية، ثم يسير كلّ من الخطّين في اتجاه متباين؛ فتسير النظرية في اهتمامها بالمنجزات عن السود، بينما تعنى الدراسة بمنجزات السود، حيث توصف بأنها كتابات مضادة، تستفيد من مستوى السرد القصصي المضاد في تقويض مركزية البيض بوصفها منظورا إليه وليست ناظرة، وبوصفها موضوع التبئير وليست الذات المبئِرة.

ويظهر تمسك الدراسة بالمفهوم الأساس للتقاطعية من تركيزها على تقاطع التّمييز العرقيّ (Racialism) مع العنصريّة (Racism) في هذه الدراسة، ولعلها تكون منطلقا للقراءات اللاحقة التي تختبر تقاطع التمييز العرقي مع الطّبقيّة (Class)، ثم تقاطعها مع الجندريّة (Gender)؛ فلا تتمثّل الإشكالية –كما تبدو- في استقلال التّمييز العرقيّ بالتّحليل، ولا في الانفراد بكلٍّ من العناصر الثّلاثة بالدّراسة، بل تستثير الإشكاليةَ ازدواجيةُ إحداها مع التّمييز العرقيّ، وقد تتّضح الفكرة مع الشّكل التّالي:

يظهر من الشّكل الدّائرة الكبيرة الّتي تمثّل التّمييز العرقيّ، ويتقاطع معها في بعض أجزائها دوائر أخرى صغيرة تمثّل العنصريّة والطّبقيّة والجندريّة، بينما يستقلّ كلّ منها عن التّمييز العرقيّ ببعض مظاهرها الخاصة، وتتجلّى التّقاطعيّة في الأجزاء الّتي تتشارك فيها العناصر الثلاثة مع التّمييز العرقيّ. قد يتّضح من الشّكل –إذن- أنّ مدار الإشكالية وأساسها هنا التّمييز العرقيّ، فمنه منطلق التّصويرات التّصنيفيّة الأخرى، أو إنّ التّصنيفات الأخرى تتفاقم آثارها وتتضاعف عند تقاطعها مع التّمييز العرقيّ.

فتتلخّص الرّؤية المؤطّرة لهذه الدراسة في توظيف النّظريّة العرقيّة النّقديّة في عنايتها برصد التّقاطعات المختلفة مع التّمييز العرقيّ في السّرد القصصي والسّرد القصصي المضاد؛ وذلك عبر تصوّر الخطابات الثنائية الصوت (DvD Double-voiced Discourse) التي بلورها (باختين)، حيث تترابط الأصوات داخليًّا للتّعبير عن الخطاب المباشر الذي تلقيه الشّخصية، وكذلك الخطاب التّكسيري (Refracted Discourse)الذي ينعكس من مقصود المؤلف([10])، ويتجلّى هذا التّصوّر من مزاوجة الخطاب العرقي بين صوتي الشّكوى من اضطهاد السّود، والمناداة بتحريرهم([11]).

فيفترض البحث تجسّد الرؤيتين (السّرد القصصيّ، والسّرد القصصيّ المضاد) في الأحداث الرّوائية، لوجود جامعٍ بينهم في محتوى الحدث المسرود؛ حيث يتحقّق الأوّل من تماثله مع مسرودات الرّوائيين السّود، بينما يتحقّق الآخر من مواقف التحدّي والناقدة بين الثّقافة المهيمنة وثقافة الأقليّة تجاه مختلف قراءات البيض، ومواقفه، وشخصياته، وثقافته، ومجتمعه.

ثالثا: بين التمييز العرقي والعنصرية

لعل من الأجدر الشروع بالحديث عن المحدّدات المفاهيميّة بين المصطلحين، قبل التساؤل عن كيفيّة تقاطع التّمييز العرقيّ مع العنصريّة؟ ومن ثمّ البحث عن الرهانات التي تتجلى من كيفية تصوّر إنجاز السّود كتابةً أدبيةً خاليةً من استحضار العنصريّة ومظاهرها؟ وخاصة عندما يستلزم سياق السّرد تصوير التّفاعل بينه وبين الآخر. وكيف يصدّق تجلّيات العنصريّة ومظاهرها في الخطابات الرّوائيّة إمكانات التصوّر السّابق؟

يستدعي سياق الدراسة وضع حدٍّ فاصلٍ بين مصطلحي “التّمييز العرقيّ” و”العنصريّة”، حيث تتحقّق به إمكانيةُ إدراك مواطن التّقاطع بينهما، ويسهل بذلك رصد تجلّيات تقاطعهما في الرّوايات. فلم تختلف المفاهيم المقدّمة بين يدي المصطلحين لدى بعض الباحثين([12])، ولعله خلط مفاهيميّ يلام فيه عدم دقة توظيف المصطلحين مترادفين؛ لتشابههما وقربهما من بعضهما، فقد وظّف مصطلح التّمييز في السّياق التّاريخي والاجتماعي –غالبًا- للدّلالة على “عمليّة حرمان فردٍ ما أو جماعةٍ ما من التّساوي في الفرص والحقوق والواجبات”([13])، أما التّمييز العرقيّ فعرّف بأنه: “الاعتقاد بتفوّق عرقٍ أو دونيته أو نقائه”([14]) واصطلَح عليه بعضهم بالتّمييز العنصريّ؛ ويستند إلى مفهوم التفوق العنصري، وهو: “مبدأٌ يصنف البشر على أساس الهويّة العنصريّة، ويقسّمهم إلى أجناسٍ: متفوّقة، وأخرى سفلى، ويمنح الأجناس المتفوّقة امتيازاتٌ خاصةٌ (ماديةً ومعنويةً) يحجبها عن الأجناس الدنيا…”([15]).

أما العنصريّة فتشير في مفهومها العام إلى “علاقات القوّة غير المتكافئة الّتي تنمو من الهيمنة الاجتماعيّة والسّياسيّة لأحد الأعراق على عرقٍ آخر، وتنتج عنها ممارساتٌ تمييزيةٌ منهجيةٌ”([16]). أو هي طريقة تفكيرٍ ترى أنّ الخصائص الجسديّة الفيزيقية الّتي لا يمكن تغييرها لمجموعة ما مرتبطةٌ بطريقةٍ مباشرةٍ أو غير مباشرةٍ بالخصائص النّفسيّة أو الفكريّة، وعلى أساسه يقع التّمييز بين المجموعات العرقيّة (الفوقيّة/الدونيّة)([17]).

يكاد يختفي الاختلاف بين المفهومين المتقدّمين، ويجتمعان -كما يبدو- من تصوّر وجود طرفين غير متكافئين في معايير القوّة، ومتباينين عن بعضهما في الخصائص الجسديّة الّتي يتبعها إلحاقًا تباينٌ في الخصائص النّفسيّة والفكريّة؛ حيث يجتمع في أحدهما القوّة والسّلطة والهيمنة، بينما تنتفي هذه الأوصاف عن الآخر، ويُنتج عدم التكافؤ –بالضرورة- ممارساتٍ تهميشيةً دونيةً من الطّرف المهيمن تجاه الطّرف الآخر.

وإذا كان غموضهما يتولد من شدة التحامهما وتداخلهما، فقد يباشرهما الوضوح من الرجوع إلى تأصيلهما اللغوي في الثقافتين؛ فيقصد بالعِرق في العربية: أصل كلّ شيء وما يقوم عليه، ويجمع على عروق وأعراق وعراق…([18]). أما العنصرية فإن دلالتها اللغوية كذلك بمعنى الأصل. فيقال: “هو لثيم العنصر، أي الأصل”([19])، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: “عُنْصَر الرجل وعُنْقَره: أَصله”([20]). وتلتقيان في الإنجليزية في الأصل نفسه وهو (Racism)؛ فقد أشار تزفيتان تودوروف (Tzvetan Todorov) إلى أنّ “العنصريّة” (Racism) في معناها المعتاد يوحي إلى شيئين مختلفين عن بعضهما؛ أحدهما يشير إلى كونها سلوكًا، وعادةً ما يكون هذا السّلوك مظهرًا من مظاهر الكراهية أو الازدراء تجاه الأفراد الّذين تختلف خصائصهم الجسديّة عن خصائصنا، ويشير المعنى الآخر إلى كونها مسألةً أيديولوجيةً، فهي معتقداتٌ ذات علاقةٍ بالأجناس البشريّة، وليس ثمة ارتباطٌ بين المعنيين بالضّرورة ([21]). فيدلّ المعنى الأول هنا على العنصريّة، بينما يدل الآخر على التّمييز العرقيّ. فالمميِّز العرقيّ (Racialist) لا يكون بالضّرورة عنصريًّا (Racist) إلا إذا بُنيت على هذه القناعات والاعتقادات المطالبة بامتيازاتٍ خاصةٍ لأفرادٍ من عرقهم، ويصاحبها الانتقاص من الأعراق الأخرى أو إيذاؤهم([22]).

ويميل البحث إلى أنّ الأقرب في بلورة مفهوم التّمييز العرقيّ الّذي يقابله المصطلح الإنجليزي (Racialism) اختلافه عن العنصريّة (Racism)؛ حيث يركز الأول على مرحلةٍ إدراكيّةٍ يدرَك فيها مجرّد وجود اختلافٍ وتنوعٍ بين الأعراق، لكن إذا صاحب هذا الإدراك إيمانًا بتفوق عرقٍ على آخر، فنكون أمام مرحلةٍ ثانيةٍ، هي العنصريّة.

الت

رابعا: منجزات السود: العلاقات والتيمات

قد يستنتج في هذه المرحلة التي يستهدف فيها اختبار مدى صحة العلاقات الفرضية بين منجزات السود وارتباطاتها بخلفياتها الموضوعاتية من الفرضيتين الآتيتين:

h0 = عرق الكاتب X التيمة الرئيسة والثانوية للموضوع

h1 = عرق الكاتب X التيمة الرئيسة والثانوية للموضوع

تقوم الفرضية الصفرية الأولى على إثبات العلاقة السلبية؛ أي نفي وجود علاقة بين عرق الكاتب ومحتوى الكتابة، بينما تقوم الفرضية الثانية البديلة على تصور وجود علاقة إيجابية بين عرق الكاتب ومحتوى الكتابة، وسيستدل بالسياقات التحليلية اللاحقة على صدق إحدى هاتين الفرضيتين عبر البحث عن التساؤل القائم عن ما مدى إمكانيّة إنجاز كتابةٍ للسّود خاليةٍ عن العرقية، أو استحضار العنصريّة ومظاهرها؟

ينطلق اختبار صحة إحدى الفرضيتين من تصوّر أساليب استرفاد الأدب من الثقافة التي تعد من أهم مظاهرها العنصريّة؛ حيث تتغذى العنصرية من الأجواء الفكرية والسّياسية والثّقافيّة والتّراتبيّة الاجتماعيّة، وبذلك تغدو سلوكًا ملحوظًا، وظاهرةً ثقافيّةً متكوّمةً في الخبرات الّتي تشكّلت منها رؤى أفراد المجتمع الذي منهم الأديب، وتنعكس بالضرورة في المنتجات الفكريّة والإبداعيّة للمجتمع بوصفها خلفيةً وروافدَ أساسيةً لها، فلعل الفرضية الأقرب للتطبيق هنا هي الفرضية البديلة (h1) والتي تثبت العلاقة الإيجابية بين عرق الأديب وأدبه، وستتركز الفقرات التالية على اختبار صدق هذه الفرضية وصحتها عبر رصد مختلف تجلّيات تقاطع التّمييز العرقيّ مع العنصريّة في الخطابات والأحداث الرّوائيّة الّتي تشير إلى تفوّق عرقٍ أو دوينته.

تستلزم العنصرية -بوصفها ظاهرة اجتماعية وثقافية في طبيعتها- وجود طرفين[23]، أحدهما هو الآخر الّذي يفترَض أنه يؤمِن بتفوّق عرقه وعلوَ منزلته، بينما يتبوأ الطرف النقيض منزلةً دنيا تمارَس ضدّه العنصريّة، ولذا فإنه قد يتوازى في المبحث الحديث عن الآخر والذّات على حدٍّ سواء؛ طالما أن زاوية الرّؤية في مثل هذه القضية -غالبًا- بيد الذّات الّتي تتحكّم بسرد الأحداث عن الآخر، وتعبّر بخطاباتها عن الآخر أثناء تفاعلهما الثّقافيّة والاجتماعيّة؛ فمنطلق التّأويل في العلوم اللغوية هو المتحدّث والخطاب الذي ينتجه([24]).

أرض السودان: الحلو والمرّ:

الرواية للروائي السوداني أمير تاج السر([25])، ويمكن تصنيف الرواية بوصفها رواية تاريخية عُنيت بتصوير العادات الثقافية والاجتماعية للسودان أثناء الحكم الاستعماري البريطاني، كما يمكن وصفها بأنها ذات طابع رحلي -بغض النظر عن مدى توفّر مقومات السرد الرحلي-؛ إذ إنّ السارد مواطن بريطاني تولّى الحكي والسرد عبر وصف دقائق تفاصيل أحداث الرواية؛ الشخصيات على اختلاف أجناسها وأعراقها، والعادات والتقاليد الاجتماعية، وكذلك الطقوس الدينية وغيرها من طقوس المناسبات، من غير أن تغيب رؤاه الخاصة التي تتجلى من صوت تعليقاته وتعليلاته تجاه مختلف القضايا التي يصادفها في رحلته.

تنضح مظاهر العنصريّة وصورها في الرواية من مواقف متعددةٍ؛ اكتُفي في بعضها بمجرّد وصف بعض المواقف التي تشير إلى التّراتبيّة التّصنيفيّة بين الأعراق بناءً على الاعتقاد بتفاضلها، وتميّز بعضها الآخر بطبيعتها الانتقاديّة لممارسات العنصريّة، وتتجلى هذه المواقف من الخطابات والأحداث الرّوائية.

برز أحد هذه المواقف التي تجلّى من الخطابات التي صوّرت سعي (عثمان) ومحاولاته الحثيثة في حل لغز فتاة (شرفية)، فقد توقّف متسائلا عن الأسباب الداعية إلى الخوف منها:

“كنت أسألها محاولا أن أعثر على ثغرة في لسانها الجاف، أن أعرف ما جعل رحالة شهيرا، ورساما عالميا في نفس الوقت، يملك خبرات بلا حصر في شتى مناحي الحياة، ينحني بتلك البذاءة، أمام فتاة لن تلفت نظر لص، أو حتى متسول في الطرق، ما جعله يسميها سيدتنا، وهو الأوروبي الّذي من المفترض أن يكون سيدا أينما حل، وليس نزل مستكة بأفضل مكان زاره ذلك الّذي يستقبله رؤساء الدول، وتعزف له الأناشيد”([26]).

لعل من أعدل الأوصاف التي يمكن أن يتسم بها هذا السارد هو كونه ساردا محايدا، ولكنه على الرّغم من هذه الحياديّة التي كانت وصفا ظاهرا، فلا يختلف ما يستبطنه السارد عن سائر ما يخفيه مختلف البيض عن مجتمع السود، فتوحي البنية الخطابية المبنية على الموازنة بين جانبين؛ ومعلوم أن الموازنة تحتمل الموازاة والمعادلة والمقابلة والمفاضلة ([27])، ويرجح السياق الخطابي هنا كونها ذات احتمالاتٍ تفاضليةٍ، لم يصرّح فيها السّارد برؤيته القائمة على التّفاضل بين الأعراق، ولكن تفضح دلالة خطاب الرّواية أيديولوجيّته الّتي تعبّر عن عراقة الأعراق الأوربيّة وتفوّقها على غيرها، وهذا الّذي يوحي به دلالة مقولته: “وهو الأوروبي الّذي من المفترض أن يكون سيدًا أينما حلّ”، مقارنةً بالمقولة الأخرى: “لن تلفت نظر لصٍّ، أو حتى متسوّل في الطّرق…”، حيث تشير دلالة هذه الأخيرة إلى الانتقاص الذي به يحطّ من قيمة الفتاة السّوداء.

قد لا تتوقف مستوى الدلالة هنا على ازدراء السّارد قيمة الفتاة، ولكنها تتجاوز إلى مستويات عليا تتسع إلى ما لا نهاية لتشمل النظرة التقييمية لثقافة السود في مقابل الثقافة الإمبريالية الاستعمارية؛ فقد تتكامل عناصر الرمزية في القصة ابتداء من بناء شخصية السارد ووظيفته؛ فهو الآخر المستكشف، وتستلزم هذه الصفة مدلولات متعددة يمكن تأويلها بأنها رمزية بنتها الرواية للإيحاء إلى تلك الأهداف التنويرية التي يدعيها الاستعمار غالبا، ولعل الدّاعي إلى الربط هنا بين المتخيل والواقع يعود إلى تلك الصرامة التي يتطلبها –أحيانا- تحليل الشخصية وإسقاطها على الواقع([28])، حيث تعدّ ضروريا في مثل هذه المقاربة أن نتخيل أثناء قراءتنا النصوص السردية عوالم يسكنها أفراد نفترض أنهم يتصرفون جسديا ونفسيا بطرق تعكس حياتنا الواقعية وتجارب وجودنا في العالم الواقعي([29]). لذا فإنه ثمة تقابل مفترض بين عالمي الواقعي والمتخيل؛ فقد ترمز بالفتاة وغموضها إلى شعب السودان بأكمله خلال الفترة التي يسميها الاستعمار عصر الظلام والانحطاط الذي انقشع بعد وفود الاستعمار الإنجليزي الذي قد يرمَز له بـ”عثمان الإنجليزي”، فقد عقّب قدومه إخراج الفتاة من القذارة التي كانت تعيش فيها، حيث ألبسها لباس الإنسانية والحضارة التي ربما أرادت أن تنادي بها القوى الاستعمارية.

تتميّز طبيعة الخطابات الثقافية بكونها حاملة مجموعةٍ من الدّلالات القادرة على التّستّر والاختفاء عن الظاهر، وقد تتشرّب هذه الحمولات الدلالية أيديولوجياتٍ اجتماعيةً، أو سياسيةً، ومنها الأيديولوجيا العرقيّة؛ لا سيّما وأن التّمييز العرقيّ يتّسم بأنّها لا تستند إلى خاصياتٍ بيولوجيةٍ ولا فسيولوجيةٍ، ولكنّها أفكارٌ أيديولوجيّةٌ مجرّدةٌ مبنيّةٌ على أحكامٍ قيميّةٍ ظاهريّةٍ([30])، ولذا فقد يتجلّى من عرض مقولات الخطاب السّابقة على هذه الرؤية سريانُ التّأصيل العنصريّ المتعشّش داخل هذه الخطابات التي تَبرز خصائصها التصنيفية من توظيفها “نحن” في مقابل “هم”، وهي الّتي بها فاضلت، وبها تميّز العرق الأوروبي وتفوّق على العرق الأسود.

وقد يستنتج هذا النمط التصنيفي كذلك في السياق نفسه حين تزعزعت ثقافته:

“كنت في تلك اللحظة قريبا جدا من اللصوص، كوني تتبعت فتاة لا تعرفني جيدا، ولم تكترث بوجودي وارتباكي، بغرض سرقة سيرتها الخاصة، وقد تشوشت ثقافتي بصورة كبيرة الآن، خلتني في ثقافة عبد الرجال الّذي يعتقد جازما أن شرفية من الجن الّذي يتمثل في هيئة بشر…” ([31]).

يلاحظ استمرار السّارد في بثّ أيديولجيّته التّفاضليّة بين الثّقافة المتفوّقة والثقافة المتدنيّة، حيث يشير هنا كذلك إلى المقابلة بين ثقافةٍ عليا، وأخرى دنيا، يدلّ عليهما سياق الخطاب الذي رتّب الحكم عليهما بالثّبات والرّسوخ في الأولى، كونها الثّقافة الّتي قد تكون بلغت أوج حضارتها، وبهشاشة الأخرى وتخلّفها وعدم رسوخ دعائمها. وقد يساند الاعتقاد بهذا التّفوّق العرقيّ ما صرّح به السّارد في السياق نفسه:

“اصطحبني ذات مساء بعد أن تلفّت كثيرا واستوثق من أن لا أحد يراه، خاصة سيدته مستكة، إلى غرفة الزاجل الّتي أقطنها، طلب مني أن أغلق بابها بحرص، وهمس في أذني بتلك الهمسة المقتضبة. وكدت أضحك، لا أحد بمستوى ثقافتي الّتي أعتقد جازما بأنها ثقافة مميزة، يمكن أن يصدق مثل تلك الحكاية، الّتي ربما تصدقها العجوز سكر، في بلدة مثل وادي حلفا، أو أولئك الّذين يثرثرون على دكك الطين أمام البيوت، أو يسيرون في الشوارع بلا أفق، أو يتجمعون في السوق”([32]).

يلاحظ تكرار موقف الإشادة التي صرّح فيها بـ”الثّقافة المتميّزة” ومقابلته بالتّهكم من ثقافة “العجوز سكر”، على غرار سخريته من “ثقافة عبد الرجال” سابقًا، وقبله ثقافة الفتاة “شرفيّة، وهي الثقافة الّتي تصدّق أيّ شيء يقال لها، ربما لبدائيتها؛ موظفا رّؤية “البياض” (Whiteness) القائمة على جَبْل البيض على الغطرسة –غالبا- حتى من غير المعتقدين بعنصريّتهم([33])، وقد يصدُق هذا على السّارد، وهو الذي تميّز بموقفه المحايد تجاه السّود في الرّواية، لكن استنتج من تفكيك بعض خطاباته مظاهر توحي بتفوقه العرقيّ. فقد انتقد السارد نفسه في الرّواية بعض ظواهر العنصريّة، حيث وضّح موقفه من قضايا الرقّ والعبودية.

“كان الرجل الّذي أقف أمام بيته الآن، وكما عرفتُ من بعض الاستطلاعات الّتي أجريتها مع أشخاص عرفوه، أو سمعوا به، قبل أن أذهب إليه، قد عمل لمدة عشر سنوات، مسؤولا في منظمة إنسانية لمحاربة الرّقّ في إفريقيا، وكان يديرها من أرض السّودان، ويسافر أحيانا إلى الدول المعنية بذلك القبح، لمتابعة نشاط معاونيه…”([34]).

وظّف السّارد خطابه لتعرية بعض الممارسات الشّنيعة في المجتمع، حيث وصف فيها موقفه تجاه الرّقّ والعبوديّة، وندّد بها وبقبح ممارساتها، وهي الّتي تؤدّي بعد فترةٍ إلى تفشّي مظاهر العنصريّة التي يواجهها الأفراد في المجتمع.

اقتضى بناء المجتمع في رواية “أرض السّودان” تشكيل السّود ليكونوا الأكثريّة، بينما لم يمثّل العرق الأبيض في الرّواية إلا أقلياتٍ عدديّة، بناءً على مجتمع الرّواية، وأحداثها، والشّخصيات المتفاعلة فيها، وأدوارهم، ولو رصدت ذوات العرق الأبيض في الرّواية فلن تتجاوز عددًا ضئيلًا في مواجهة مجتمعٍ كاملٍ من العرق الأسود. وقد تقتضي المنطقيّة ترتيب الأكثريّة العدديّة في موقعٍ يؤهلها على هضم حقوق الأقلّيّة، ولعل النّتيجة المرتقبة من هذا التّصنيف –منطقيًا- هو تهميش الأقلّيّة، وغمط حقوقهم، وصياغة خطاباتٍ تهميشيةٍ ضدّهم، ولكن اختلفت أفق هذا التّوقع، حيث تخلخل نظام هذا المنطق بين الآخر والذّات، وبرز صوت الأقلّيّة في مقابل تهميش صوت الأكثرية.

ويمكن أن يستنتج من مختلف التّفاعلات والممارسات في الرّواية، انطلاق أصل هذه الرؤية لدى السّارد من إيمانه بالتّمييز العرقيّ ثم اعتقاده بتفوّق عرقه على الأعراق الأخرى، فانعكست في الرّواية ممارساتٌ ذات طبيعةٍ تصنيفيةٍ تنعكس من وجود ثقافةٍ عليا، يقابلها ثقافةٌ دنيا، ووجود سيّدٍ (الآخر)، ويقابله مجموعةٌ من العبيد (الذات) الّذين ينتمون إلى عرقٍ مختلفٍ؛ فقد تبلورت العرقيّة في أساس نشأتها بوصفها دوالًّا قائمة على ثنائية السيد/ العبيد (Master/Slave) قبل أن تتطوّر بوصفها خاصية مركبة على الطبقية وغيرها([35]).

رواية ميلانين:

صدرت باكورة الأعمال الروائية للكاتبة التونسية الفرنسية فتحية الدبش([36]) عام 2019 عن دار ديوان العرب في 166 صفحة. وتسلط الرواية ضوءها على شخصية (أنيسة عزوز) صحفية، وروائية تونسية، سافرت إلى فرنسا لإنجاز التحقيقات الصحفية حول قضايا المهاجرين والمهمّشين، كما تبسط الرواية أضواءها على مجتمع العرب وذوي البشرة السوداء في فرنسا. تتصف الرواية من حيث طابعها الشكلي بمزجها أحداث روايتين؛ فبرز التداخل بين رواية “ميلانين” وهي الرواية (الفيزيقية) التي يمسك القارئ بها ويقلّب صفحاتها، وبين رواية أخرى تخييلية داخلية كانت تكتبها (أنيسة)، سُردت أحداثها وشخوصها ممتزجة مع سرد أحداث ميلانين. ولعل أقرب التقانة التي تبنتها الرواية في هذا التداخل هو ما أطلق عليها جيرالد برنس (Gerald Prince) السرد الميتاحكائي (Metadiegetic Narrative)، وهو -حسب تعريفه- “سرد متضمن في أو منضوي تحت سرد آخر، وعلى نحو أكثر خصوصية، سرد متضمَّن في السرد الأولي (Primary Narrative) سرد تحت حكائي (منضوي)(Hypodeigetic Narrative)”([37])، وقد تولّد من هذا التداخل نوع من الميتنانصية (Meta-Textuality) النوع الثالث من المتعاليات النصية لدى جيرار جنيت، حيث “يكون التناص متعلقا بوصف أو دراسة نص آخر، ويدخل النقد الأدبي باعتباره نصًّا واصفًا في هذا المجال باعتباره مثالا نموذجيا”([38]). فتتماهى الرّوايتان إلى حدّ التناوب والحلول في الشخصيات، فقد أنحلت رقيّة بعد موتها في شخصية أنيسة عزوز، لتتولى هذه الأخيرة إكمال سرد أحداث الرواية المنضوية تحتها الرواية الأساسية، فواصلت أنيسة سرد الأحداث المنقطعة حبالها من مذكرات رقية.

عدّت رواية “ميلانين” قضية العنصرية من أبرز القضايا الاجتماعيّة، وربما لذلك ذكرتها موازيةً لكبرى القضايا المستثارة في كتابات السّود غالبًا:

“تسكّعت كثيرا على ضفاف نهر السّان في أوخر اليوم، بعد أن أجريت بعض التحقيقات خلال لقائي ببعض الجمعيات، بعض التفاصيل أثقلت ذاكرتي: البطالة، العنصرية، تحقيقات الهوية التي يتعرّض لها… العرب والأفارقة يوميا([39])”.

قد يُعنى بموازاة العنصرية مع هذه الموضوعات البارزة كالبطالة، وقضايا الهوية، والهجرة، والأدلجة وغيرها الدّلالة على أهميتها وضرورة معالجة مظاهرها؛ إذ لا تقل شأنا عن صواحبها، وقد رصدت الرّواية ممارسات بين الذات والآخر، تتجلّى فيها مظاهر العنصرية التي عُدّت من أشكالها المعايرة باللون، أو المعايرة بالعرق:

“عيّرني بعض زملاء الدراسة يوما، فشكوت إلى أحد أساتذتي، كان رده “أن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه، أبشري بالجنة!([40])”

فتعدّ العنصريّة والتّمييز العرقي من أبرز المظاهر الاجتماعية التي يستعصي القضاء عليها، وربما لذلك لم يجد الأستاذ وسيلةً تردع زملاءها، فلجأ إلى تصبيرتها بما قد يكون ألذع وقعًا من الخطاب المؤسّس للعنصرية والمعايرة، حيث عدّ هذا النوع من الممارسة بلوًى من الله! فالسّياق -أحيانًا- يستدعي بعض الدّلالات الّتي بها تتحوّل المعنى، فثمّة “شيء يعنيه المتكلّم ويوحي به، ويقترحه، وليس جزءا مما تعنيه الجملة بصورة حرفية”([41])، وقد عمل المعنى هنا عملًا غير الّذي باح به الخطاب، حيث تحوّل المعنى من ظاهره الحسن إلى القبيح الذي يقتضي المعايرة غير المباشرة باللّون بوصفه بـ”بلوًى من الله!”. فلا يمكن توحيد منطلقات إنتاج الخطاب العرقي أو تأويله بين السّود واليبض([42])، ولعلّ هذا هو الاختلاف الذي ينعكس من التعبيرات العرقية في الرواية؛ فقد أنتجت السّاردة خطابها لتأذّيها وشعورها بالدونية التي تخلّفها المعايرة، بينما أنتج خطاب الطّرف الآخر الذي يترجم موقفه من المعايرة من رؤية مغايرة.

كما كشفت رواية “ميلانين” عن نمطٍ خاصٍ من التّقاطعات العرقيّة والعنصريّة، عبر توظيف تقنية السّرد القصصيّ للإخبار عن العنصريّة المؤسّساتية في بيئة الرّواية، وتتجلّى نوعيّة هذه العنصريّة في مجموعةٍ من الإجراءات والممارسات والسّياسات الّتي تكون داخل مؤسّسات الدّولة، وتهدف إلى الحفاظ على هيمنة عرقٍ واحد على المجموعات العرقيّة الأخرى([43])، وقد وظّفت الرّواية مسروداتها في الكشف عن العواطف المشتركة بين المجموعات العرقية التي تمارس عليها الهيمنة، وعكست انطباعات أفرادها في مواجهة العنصرية:

“أشفقت أمي على صغيرتها من السفر والفراق والوحدة والحنين، وأشفق الآخرون من حولي عليّ من البطالة، فدراسة الصحافة نخبوية جدا ولا تفتح مغاليقها لأمثالي”([44]).

اتسمّ الخطاب بطابعها العاطفيّ الذي ينعكس من دلالة إشفاق الأمّ على صغيرتها، وإشفاق المجتمع، ودلالات مشاعر الفراق والوحدة والحنين، واتّسم كذلك بطابعها التصنيفي الذي صنّف أفراد المجتمع إلى “أمثالي” وهو الصنف الذي تتشكل دلالته من تمييزه عن غيره، وهم فئة “النخبة”، ويشتمل الخطاب-إضافة إلى هذه السمات- على تنبّؤاتٍ منشؤها إدراك المجتمع طبيعة هذا التّصنيف، واستسلام أفرادها بأنّ بعض الوظائف مخصّصة لمن ينتمي إلى هذه الشريحة التي أطلق عليها “النخبوية” فقط، ولعل هذا مصدر إشفاق المجتمع على سوء اختيار الساردة تخصّصها الذي لا يؤهّل أمثالها للالتحاق بوظيفة النخبة في المجتمع.

قد يمكن وصف الخطاب السّابق بأنّه إرهاصاتٌ قدّمت بها الرّواية حالات العنصريّة الّتي تؤكّدها مسيرة حياة الساردة، وحياة صديقها “إبراهيم”؛ وصفت السّاردة في الأولى نتيجة إشفاق المجتمع على سوء اختيارها تخصّصاتٍ نخبويةٍ، وفي الثّانية طبيعة الوظائف المخصّصة لمن يدخلون تحت شريحة “أمثالي”. ولذا فقد صورت الساردة مسيرتها الدؤوبة في الحصول على تلك الوظيفة “النّخبوية”:

“تتراكم في أدراج مكتبتي ملفات طلبات التعيين بجرائد كبيرة وبمؤسسة الإذاعة والتلفزة وتتراكم أيضا ردود بعض المؤسسات تكاد تتفق على:

“نعتذر عن قبول طلبك التعيين لعدم وجود شغورات في الوظيفة!”

جواب حفظته عن ظهر خيبة، تبيّن لي أن السبب يعود إلى مخالفتي الشروط في بعض تفاصيلها، لا شيء يقنعني وعاجزة على إقناع الآخرين”([45])

من الممكن أن يكون سبب رفضها عدمَ وجود شواغر وظيفيّة، ويبدو سببًا غير مقنعٍ، بينما يتمثّل التّأويل المنطقي الّذي ترتضيه السّاردة ويقنعها في اختلاف عرقها، وأنّ تهميش جماعتها في المجتمع كان سببًا رئيسا في تواتر رّفض المؤسسات توظيفها، وقد يؤدّي استدعاؤها السّياق والظّروف المصاحبة عند اختيارها تخصّص “النّخبوية” إلى تقوية رؤيتها، ولعلّ هذا هو التّفسير العرقيّ الّذي يسعى إلى الكشف عن الهيمنة التي تنعكس من قصر مناصب أو وظائف معينة على أعراقٍ معيّنةٍ في المجتمع، بينما تمنع عنها أعراقٌ أخرى، ولذا فقد تمثّلت قناعات حصولها على الوظيفة الّتي سمّتها الرّواية بـ”وظيفة النخبة”، وأنّها مرهونةٌ باختلاف عرقها.

ويلاحظ عدم اختلاف نبرة الخطاب وسماتها التّصنيفية بعد كسرها قانون وظيفة “النّخبوية” والتراتبية المجتمعية، وحصولها على وظيفة في إحدى الجرائد، حيث انتقل التّصنيف إلى قدرة أمثالها على الإنجاز من عدمه، وقد برز هذا الموقف حين كلّفت بإنجاز ملف الرّقّ والهجرة في فرنسا، فقد صوّرت حالة زملائها وزميلاتها في العمل بعد تلك الجملة الّتي رمى بها مدير الجريدة:

“سيكون من مهامك يا أنيسة أن تنجزي هذا التحقيق!”

يحملق به الأستاذ أنور والأستاذة سلمى الجالسة بقربي، ظلّ الكلام مشنوقا على شفة كل منهما، برهة واحدة ثم غرقت القاعة الفسيحة في صمت مريب، …. غير أن الأستاذة هند فصلت التردد وقالت:

“لكنها حديثة بالجريدة. وهذا عمل ضخم لا يمكن إنجازه بشكل تقريبي، ربما كان من الأسلم تكليف أحد القدامى به([46])”.

قد يتبادر من ظاهر تأويل الخطاب الرّوائي إمكانية إقناع القارئ بالسبّب المذكور، فهي حديثة عهدٍ بالجريدة فعلًا، وقد يكون منطلقه الحرص على سمعة الجريدة، ورغبة في إحكام العمل وإتقانه، وهذا الّذي يشي به ظاهر الخطاب الرّوائي، ولعل التّأويل العرقيّ الكامن هنا يتجلّى في قراءة السّاردة، حين توغّلت في توضيح الفرق بين نحن وهم، بين أمثالي وأمثالهم، على غرار تفريقها بين “أمثالي” و”النّخبة”:

“علينا أن نناضل من أجل الوصول إلى الصفر!”

“لن أرضخ ولن يكون عليّ وعلى أمثالي أن نبذل الجهد جهدين لإثبات جدارة ما…”([47]).

قد تتجلّى من توظيف ضمير الجمع في “علينا” و”نناضل”، ودلالة الجمع كذلك في “على أمثالي” قراءةٌ تأويليةٌ مغايرةٌ للأهداف الشريفة التي أظهرها خطاب زملائها في العمل، فليست المسألة متوقّفة على عدم جدارتها على إنجاز العمل، ولكنّها رؤية مؤسسية واجتماعية؛ تتسم بطابع التّمييز العرقي، والعنصرية المتخفّية التي لا يمكن تلمّس مظاهرها ماديا، وإنما تتخفّى ممارساتها الاستبعاديّة الّتي تحافظ على مسافة الرفض الاجتماعيّ بين النّخبة وغير النّخبة([48])، فكأن السّاردة تسعى إلى إثبات تفوق مجموعة عرقيّة على أخرى.

وأما الحالة الأخرى وهي التي تتلخص فيها طبيعة الوظائف المخصّصة لـ”أمثالها” في المجتمع في تصوير قصة رفيقها إبراهيم:

“توفي إبراهيم صديق طفولتي، أياما قليلة بعد أن تخرّج أستاذا ألحقوه بقرية نائية في واحات قبلّي، لم يبق منه سوى صدى كلماتنا تلك..”([49]).

تقترب حالة إبراهيم من حالة السّاردة، فقد يدلّ المسكوت عنه المستفاد من السّياق محاولاته هو الآخر وظائف التّدريس والتّعليم في المدن المؤهّلة، وقد يعاد عدم توفيقه فيها إلى حظِّه المتعثّر، ولكنّ السّاردة أوّلت ابتعاث صديق طفولتها إلى تلك الأماكن النّائية مظهرًا عنصريًا، مرجعه إلى اختلاف عرقه ولونه، حيث قد لا يرضى المجتمع المتمدّن بمثل لونه وعرقه مدرسًا ومعلمًا، ولعل هذا ما يفسّر تعبير الرّواية بالعلاقة السّببية بين وفاته وابتعاثه إلى المدن النّائية، وتخيُّرها التّعبير بـ”ألحقوه” بما فيه من دلالة على عدم الرّضى والقناعة، وقبول الاختيار مكرهًا.

فقد برزت في الروايات العربية في مستويات تقاطعية انعكست من تطويع خطاباتها الّتي لم تفصح صراحة عن العنصريّة، ولكنها وظّفت طبيعتها الإيحائية لتعكس مستويات خفية كامنة تسري داخل الخطاب الرّوائي، وبالتّالي يمكن تتبع الإمكانات التأويلية لهذه الخطابات عبر مختلف أحداثها الدّالة على هذه الممارسة الّتي تقضي بوجود اعتقادات لدى الآخر فحواها أفضليّة عرقه على الأعراق الأخرى، وعراقة ثقافتها وحضارتها في مقابل الثقافات الأخرى البدائية الّتي لا تمتلك دعائم ولا أسسا علمية.

الخاتمة:

أولا: يعد من أبرز آليات اشتغال النظرية العرقية النقدية التقاطعية؛ حيث إنها لا تتوقف على مستوى الاكتفاء بتحليل مظهر واحد من مظاهر التهميش في المجتمع، وإنما يتوغّل عمقا لتتساءل عن ازدواجية هذه المظاهر التي تستلزم بالضرورة ازدواجية التهميش، فمظاهر التهميش بناء على النظرية تنحصر في التمييز العرقي، بينما تقدّم آلية التقاطعية رؤية مزدوجة تقرأ فيها إمكانية تقاطع التمييز العرقي مع العنصرية، والتمييز العرقي مع الجندرية، والتمييز العرقي مع الطبقية.

ثانيا: توصّلت الدراسة بعد اختبار فرضياتها استبعاد الفرضية الصفرية والحكم بصحة الفرضية البديلة، حيث استدلت بالحضور المكثف للثنائيات المتعددة؛ الأبيض والأسود، وحمولات دلالية قائمة على التقابل بين السلطة والتهميش، والمهمِّش والمهمَّش، والمستعمِر والمستعمَر، والتابع والمتبوع.

ثالثا: استغل الكتاب السود عبر نماذج الدراسة (رواية أرض السودان و رواية ميلانين) توظيف الخصائص الفنية والتقانات الروائية في تقويض الرؤية (امتياز البيض)، ومن أبرزها:

    • توظيف تقنية السارد في استعراض أبرز وأهم المعتقدات الاستعمارية في السيطرة على الشعوب.
    • ارتباط عقد الرواية وحبكتها بالبنية المتكررة المتوجهة إلى تقويض فكر الاستعمار ودعواتها التنويرية الملفقة.
    • توظيف تقنية السرد الميتاحكائي في وصف ورسم شقاوة السود والأحلام الكاذبة التي ورثوها من الصور الذاتية التي نصعها الاستعمار في سبيل استمرارية استغلال نفوذها على الشعوب المستعمَرة.

التوصية:

  • إمكانية عقد مقارنة الخطابات الروائية بين كتابات السود وما أنتجه الغرب عن السود ووضعها إزاء بعضها من أجل تعرية خفايا هذه الخطابات.
  • إجراء دراسات تهدف للكشف عن مستويات أخرى من مكونات الرواية، كدراسة بناء الشخصيات، والفضاءات المكانية والزمانية في الرواية؛ حيث قد ترمز هذه المكونات إلى نقاط غير مستكشفة.

المراجع References:

المصادر والمراجع العربية:

إبراهيم، سوزان، حوار مع أمير تاج السر، الموقف الأدبي، مج41، ع498، 2012م، (207-211)، ص207.

  1. ابن منظور، محمد بن مكرم (1414هـ). لسان العرب. بيروت: دار صادر. ط3.
  2. الأزهري، محمد (2001). تهذيب اللغة. تح: محمد مرعب. بيروت: دار إحياء التراث العربي. ط1.

إسماعيل، صلاح (2007). نظرية المعنى في فلسفة بول جرايس. القاهرة: دار قباء الحديثة.

برنس، جيرالد (2003). قاموس السرديات. تر: السيد إمام. القاهرة: ميريت للنشر والمعلومات، القاهرة. د.ط.

تاج السر، أمير(2012). رواية أرض السودان: الحلو والمر. بيروت: الدار العربية للعلوم. ط1.

تايسون، لويس (2014). النظريات النقدية المعاصرة: الدليل الميسّر للقارئ. تر: أنس عبد الرزاق المكتبي. الرياض: منشورات جامعة الملك سعود.

دبش، فتحية (2019). رواية ميلانين. القاهرة: دار ديوان العرب. ط1

الزبيدي، محمد (1965). تاج العروس من جواهر القاموس. مجموعة من المحققين. الكويت: دار الهداية.

الكيالي، عبد الوهاب (2015). موسوعة السياسة. بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.

لحميداني، حميد، التناص وإنتاجية المعنى، مجلة علامات، مج40، م10، ربيع الآخر 1422هـ الموافق يونيو 2001م.

مصطفى، إبراهيم وآخرون (1972). المعجم الوسيط. القاهرة: مجمع اللغة العربية بالقاهرة. ط2.

مطلوب، أحمد (1989). معجم النقد العربي القديم. بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة. 2/ 372، 375.

المراجع الأجنبية:

Yuval-Davis, N. (2006). Intersectionality and Feminist Politics. European Journal of Women’s Studies. 13(3): 193-209. p. 199. https://doi.org/10.1177/1350506806065752.

Ashcroft, Bill; Griffiths, Gareth; Tiffin, Helen. (2013). Post-Colonial Studies: The Key Concepts. 2nd ed. Abingdon, Oxon: Routledge.

Bakhtin, M. (1981). The dialogic Imagination: Four Essays. Translated by: Caryl Emerson & Michael Holquist. Austin: University of Texas Press.

Coates. R. D. (2011). Covert Racism: Theory, Types and Examples. Leiden: Brill Publishers.

  1. Cole, E. R. (2020, December). Demarginalizing women of color in intersectionality scholarship in psychology: A Black feminist critique. Journal of Social Issues, 76(4), 1036–1044. https://doi.org/10.1111/josi.12413.
  2. Crenshaw, K. (1989). Demarginalizing the Intersection of Race and Sex: A Black Feminist Critique of Antidiscrimination Doctrine, Feminist Theory and Antiracist Politics. Chicago: University of Chicago Legal Forum.

Crenshaw, K.et all (1991). Critical Race Theory: The Key Writings That Formed the Movement. New York: The New Press.

Culpeper. J. (2001). Language and Characterisation: People in Plays and Other Texts. Harlow: Longman.

  1. Delgado, R., & Stefancic. J. (2001). Critical Race Theory: an Introduction. New York: New York University Press.

Emmott. C. (1997). Narrative Comprehension: A Discourse Perspective. Oxford: Oxford University Press.

Fredrickson, G. M. (2002). Racism: a Short Story. New Jersey: Princeton University Press.

Griffith, D. M., Childs, E. L., Eng, E., & Jeffries, V. (2007). Racism In Organization. Journal of community psychology. 35(3). https://doi.org/10.1002/jcop.20149.

Higginbotham, E. B. (1992, January). African-American Women’s History and the Metalanguage of Race. Signs: Journal of Women in Culture and Society, 17(2), 251–274. https://doi.org/10.1086/494730.

  1. Higginbotham, E. B. (1992, January). African-American Women’s History and the Metalanguage of Race. Signs: Journal of Women in Culture and Society, 17(2), 251–274. https://doi.org/10.1086/494730.

McIntosh, P. (1988). White Privilege and Male Privilege: A Personal Account of Coming to See Correspondences through Work in Women’s Studies. Wellesley, MA: Wellesley College, Center for Research on Women.

Moore, M. R. (2012). Intersectionality and the study of black, sexual minority women. Gender & Society, 26(1).

Morrison. T (1992). Playing in The Dark: Whiteness and the Literary Imagination. New York: Vintage Books.

Painter, Nell Irvin. 2010. The History of White People. New York: Norton & Co.

  1. Solórzano, D. G., & Yosso, T. J. (2002). Critical Race Methodology: Counter-Storytelling as an Analytical Framework for Education Research. Qualitative Inquiry. 8(1), 23-44. https://doi.org/10.1177/107780040200800103.

Todorov, T. (1993). On Human Diversity: Nationalism, Racism, and Exoticism in French thought. Translated by Catherine Porter. Cambridge, Massachusetts: Havard University Press.

الهوامش:

  1. () Delgado, R., & Stefancic. J. (2001). Critical Race Theory: an Introduction. New York: New York University Press. p. 3-4.
  2. () ينظر: تايسون، لويس (2014). النظريات النقدية المعاصرة: الدليل الميسّر للقارئ. تر: أنس عبد الرزاق المكتبي. الرياض: منشورات جامعة الملك سعود. ص349.
  3. () ويقصد بالأول سرد ذلك التّاريخ الطّويل المتضمّن روايات العبيد (Slave Narratives) وقصصهم الواصفة مختلف المحن الّتي تعرضوا لها في مزارع البيض، وملاحظة التّحليلات السّردية الّتي تتجلّى من اختلاف مواقف السّارد بوصفه أسود أم أبيض البشرة . أما الآخر فيعتمد على التّحدّي والسّخريّة من الرّؤى والمعتقدات الخبيثة الّتي بنتها الثّقافة المهيمنة حول الأقليّة عبر الصّور النّمطية والحكايات والنّصوص.

    Delgado & Stefancic. Critical Race Theory. p3-4.

  4. () Solórzano, D. G., & Yosso, T. J. (2002). Critical Race Methodology: Counter-Storytelling as an Analytical Framework for Education Research. Qualitative Inquiry, 8(1), 23-44. p26 https://doi.org/10.1177/107780040200800103..
  5. () تستفيد الدّراسة هنا من فكرة التّقاطعية الّتي صاغتها كيمبرلي كرينشوا(Kimberle Crenshaw) في مجال النّسوية، حيث صاغت التّقاطعيّة النّسوية (Intersectional Feminism) لتعني التّفاعل الذي يحدث بين العرق والجندر، مقوّضًا بذلك المفهوم الأحادي السّابق الذي يأخذ جانبًا واحدًا فقط؛ إما النّسوية أو العرقيّة.

    Crenshaw, K. (1989). Demarinalizing the Intersection of Race and Sex: A Black Feminist Critique of Antidiscrimination Doctrine, Feminist Theory and Antiracist Politics. Chicago: University of Chicago Legal Forum.

  6. () Crenshaw, K.et all (1991). Critical Race Theory: The Key Writings That Formed the Movement. New York: The New Press. p358.
  7. () ) تجدر الإشارة إلى أن النظرية العرقية وظّفت التّقاطعية لقراءة ما كُتب عن السود، وثقافتهم ومجتمعهم بوصفهم الآخر وتحليلها نقدها. ومن نماذج هذه الدراسات:

    Cole, E. R. (2020). Demarginalizing women of color in intersectionality scholarship in psychology: A Black feminist critique. Journal of Social Issues, 76(4), 1036–1044.

    Moore, M. R. (2012). Intersectionality and the study of black, sexual minority women. Gender & Society, 26(1), 33–39.

  8. () Morrison. T (1992). Playing in The Dark: Whiteness and the Literary Imagination. New York: Vintage Books. p.6-7.
  9. () Yuval-Davis, N. (2006). Intersectionality and Feminist Politics. European Journal of Women’s Studies, 13(3): 193-209. p. 199. https://doi.org/10.1177/1350506806065752.
  10. () Bakhtin, M. (1981). The dialogic Imagination: Four Essays. Translated by: Caryl Emerson & Michael Holquist. Austin: University of Texas Press. p. 324.
  11. () Higginbotham, E. B. (1992, January). African-American Women’s History and the Metalanguage of Race. Signs. Journal of Women in Culture and Society, 17(2), 251–274. https://doi.org/10.1086/494730. p. 267.
  12. () يلاحظ التداخل في كلٍّ من المفهوم الذي قدّمه الكيالي، وتايسون في كتابيهما:

    الكيالي، عبد الوهاب (2015). موسوعة السياسة. بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر. 1/787. وتايسون. النظريات النقدية المعاصرة. ص340.

  13. () الكيالي. موسوعة السياسة. 1/787.
  14. () تايسون. النظريات النقدية المعاصرة. ص340.
  15. () الكيالي. موسوعة السياسة. 1/788.
  16. () تايسون. النظريات النقدية المعاصرة. ص340.
  17. () Ashcroft, Bill; Griffiths, Gareth; Tiffin, Helen. (2013). Post-Colonial Studies: The Key Concepts. 2nd ed. Abingdon, Oxon: Routledge. p199.

    وهذا المفهوم نفسه الذي قدّمه الكيالي. موسوعة السياسة. 4/249.

  18. () الزبيدي، محمد (1965). تاج العروس من جواهر القاموس. مجموعة من المحققين. الكويت: دار الهداية. 26/140. مصطفى، إبراهيم وآخرون (1972). المعجم الوسيط. القاهرة: مجمع اللغة العربية بالقاهرة. ط2. 2/596.
  19. () الزبيدي. تاج العروس. 13/152. وينظر: ابن منظور، محمد بن مكرم (1414هـ). لسان العرب. بيروت: دار صادر. ط3. 4/611.
  20. () الأزهري، محمد (2001). تهذيب اللغة. تح: محمد مرعب. بيروت: دار إحياء التراث العربي. ط1. 3/212.
  21. () Todorov, T. (1993). On Human Diversity: Nationalism, Racism, and Exoticism in French thought. Translated by Catherine Porter. Cambridge, Massachusetts: Havard Univeersity Press, 1993, (90-94). p. 91.
  22. () Fredrickson, G. M. (2002). Racism: a Short Story. New Jersey: Princeton University Press. p. 154.
  23. قد يستلهم للوضوح المصطلحان المتقابلان (الذات والآخر)، على الرغم من إيمان الباحث بعدم دقة هذا المصطلح في هذا السياق، لأنهما يتمتعان -وخاصة في هذا السياق- بدلالات كثيرة التحول، حيث تتحول الذات إلى الآخر، كما يتحوّل الآخر إلى الذات خلال مساحات قصيرة جدا، ولكن يضطرنا الضرورة العلمية إلى التصنيف؛
  24. () Bakhtin. The dialogic Imagination. p. 351
  25. () أمير تاج السر الكاتب الروائي السوداني، درس الطب ولكن ذلك لم يؤثر على شهرته وصدى رواياته في العالم العربي، ذاع صيته في عالم الرواية منذ عام 2002م بصدور روايته “مهر الصياح”، وله مجموعة من الروايات منها: “زحف النمل”، و”توترات القبطي”، و”العطر الفرنسي”، و”صائد اليرقات” التي رشحت لنيل الجائزة العالمية للرواية العربية. ينظر: إبراهيم، سوزان، حوار مع أمير تاج السر، الموقف الأدبي، مج41، ع498، 2012م، (207-211)، ص207.
  26. () الرواية. ص111.
  27. () ينظر: مطلوب، أحمد (1989). معجم النقد العربي القديم. بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة. 2/ 372، 375.
  28. () Culpeper. J. (2001). Language and Characterization: People in Plays and Other Texts. Harlow: Longman. p.6-7.
  29. () Emmott. C. (1997). Narrative Comprehension: A Discourse Perspective. Oxford: Oxford University Press. p.58.
  30. (( Painter, Nell Irvin. 2010. The History of White People. New York: Norton & Co. p. 2
  31. () الرواية. ص128.
  32. () نفسه. ص118.
  33. () McIntosh, P. (1988). White Privilege and Male Privilege: A Personal Account of Coming to See Correspondences through Work in Women’s Studies. Wellesley, MA: Wellesley College, Center for Research on Women. p. 346.
  34. () الرواية. ص21.
  35. () Higginbotham. African-American Women’s History. p. 256-257.
  36. () فتحية دبش من مواليد مدينة مارث بالجمهورية التونسية، استوطنت فرنسا، وفيها أكملت تعليمها الجامعي، وحصلت فيها على شهادة ماجستير في اللغة والأدب العربي، وقد نشرت مجموعة من المقالات النقدية والأدبية والفكرية على المواقع الإلكترونية، ومن أبرز أعمالها الإبداعية: رقصة النار، صمت النواقيس، ترانيم القصص، ورواية ميلانين التي حازت على جائزة كتارا للرواية العربية، فئة الروايات المنشورة في دورتها السادسة للعام 2020م.

    https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D8%AA%D8%AD%D9%8A%D8%A9_%D8%AF%D8%A8%D8%B417-1-2022.

  37. () برنس، جيرالد (2003). قاموس السرديات. تر: السيد إمام. القاهرة: ميريت للنشر والمعلومات، القاهرة. د.ط.ص107.
  38. () لحميداني، حميد، التناص وإنتاجية المعنى، مجلة علامات، ج40، م10، ربيع الآخر 1422هـ الموافق يونيو 2001م.
  39. () الرواية. ص33
  40. () نفسه. ص66.
  41. () إسماعيل، صلاح (2007). نظرية المعنى في فلسفة بول جرايس. القاهرة: دار قباء الحديثة. ص78.
  42. () Higginbotham. African-American Women’s History. p. 267
  43. () Griffith, D. M., Childs, E. L., Eng, E., & Jeffries, V. (2007). Racism In Organization Journal of community psychology. 35(3). p. 287. https://doi.org/10.1002/jcop.20149.
  44. () الرواية. ص11
  45. () نفسه. ص40
  46. () نفسه. ص41
  47. () نفسه. ص42
  48. () Coates. R. D. (2011). Covert Racism: Theory, Types and Examples. Leiden: Brill Publishers. p. 121.
  49. () الرواية. ص42.