السيميولوجيا البيانية بخرائط الكتب المدرسية للجغرافيا: تقويم وتطوير
د. محمد قفصي1، ذ. لحسن تالحوت2
1 أستاذ جامعي، كلية علوم التربية بالرباطـ المغرب.
2 طالب باحث بسلك الدكتوراة، كلية علوم التربية بالرباط، المغرب.
بريد الكتروني: ibnokhaldoune@gmail.com
HNSJ, 2024, 5(6); https://doi.org/10.53796/hnsj56/9
تاريخ النشر: 01/06/2024م تاريخ القبول: 18/05/2024م
المستخلص
يساهم تقويم دعامات الكتب المدرسية في تطوير الممارسة التربوية، وإذا كانت الخرائط أهم وثائق الدرس الجغرافي، وباعتبار السيميولوجيا البيانية أحد مداخل تقويم الخرائط، فلا مناص من اعتماد هذا العلم في تقعيد وضع خرائط الكتب المدرسية لمادة الجغرافيا.
عالجت الدراسة الموضوع من خلال سؤال مركزي يقول؛ “هل الخرائط في الكتاب المدرسي لمادة الجغرافيا خاضعة لقواعد السيميولوجيا البيانية كما تحددها الادبيات الجغرافية؟” وتفرعت عنه الأسئلة التالية: ما هي قواعد السيميولوجيا البيانية كما تحددها الأدبيات الجغرافية؟ وهل تتوافق الخرائط بالكتب المدرسية مع هذه القواعد؟ وكيف يمكن وضع هذه الأشكال على ضوء قواعد السيميولوجيا البيانية؟
انطلق البحث من الفرضية المركزية: “لا تتوافق مضامين الكتب المدرسية مع قواعد السيميولوجيا البيانية كما تحددها الأدبيات الجغرافية“. وتفرعت عنها فرضيات فرعية تقول:
ـ لا توجد علاقة دالة بين التعبير الخرائطي في الكتاب المدرسي للجغرافيا وقواعد السيميولوجيا البيانية.
ـ المنهاج التعليمي الذي لا يتوافق وقواعد السيميولوجيا البيانية ينتج أدوات تعبير بياني تعيق التعلم.
ـ هناك علاقة بين تجويد السيميولوجيا البيانية بمنهاج الجغرافيا وتجويد التعلم بخرائط الكتاب المدرسي.
قامت الدراسة ببسط قواعد السيميولوجيا البيانية حسب جاك بيرتان “Jacques Bertin”، وتشخيص وتفسير الوضعية السيميولوجية لخرائط كتب مدرسية لمستوى الثانوي التأهيلي، ورصد أثرها على جودة التعلم، ثم اقتراح سبل استثمار قواعد السيميولوجيا البيانية في تجويد خرائط الكتاب المدرسي.
الكلمات المفتاحية: السيميولوجيا البيانية ـ الكتاب المدرسي ـ دراسة تشخيصية تقويمية
Graphic semiotics of maps in geography textbooks: Evaluation and Development
HNSJ, 2024, 5(6); https://doi.org/10.53796/hnsj56/9
Published at 01/06/2024 Accepted at 18/05/2024
Abstract
The evaluation of textbooks contributes to the development of educational practice. And if maps are the most important documents in geography lesson, and considering that graphic semiotics is one of the entry points for evaluating maps, then there is no escape from adopting this science in formatting maps of geography textbooks.
The study has discussed the topic through the following central question: “Are maps in geography textbooks subject to the graphic semiotics rules as determined by geographical literature?” This branched out the following questions: What are the rules of graphic semiotics as set by geographical literature? Are the maps in textbooks compatible with these rules? How can these maps be produced in light of the rules of graphic semiotics?
The research has started from the central hypothesis: “The contents of textbooks do not align with the rules of graphic semiotics as defined by the geographical literature” From this, Subsidiary hypotheses has been branched out stating:
– There is no significant relationship between the cartographic expression in geography textbooks and the rules of graphic semiotics.
– An educational curriculum which does not align with the rules of graphic semiotics produces graphic expression which hinder learning.
– There is a meaningful relationship between enhancing graphic semiotics in the geography curriculum and enhancing learning through maps in the textbook.
The study has simplified the rules of graphic semiotics through Jacques Bertin, and diagnosed and interpreted the semiotic status of maps in textbooks of secondary education. It has also observed their impact on the quality of learning. Finally, it suggested using the rules of graphic semiotics in enhancing maps in textbooks.
Key Words: Graphic semiotics – Textbook – Diagnostic Evaluative Study
تسعى الجغرافيا إلى تجديد وسائل عملها، والبحث عن أساليب وأدوات جديدة في الاستثمار البياني لقضاياها. رافق هذا التحول، تطور الخرائطية لتصبح من أهم مكونات الخطاب الجغرافي، ووسيلة تعبيره الرائدة في تجسيد الظواهر المجالية بكيفية رمزية وأكثر تبليغا وبأقل كلفة.
في ذات السياق، تطور الكتاب المدرسي، اليوم، من متن مليء بمضامين للاستظهار، إلى كتاب متنوع الوثائق، يشتغل عليها المتعلم في بناء الدرس، وحيث أن لعلم السيميولوجيا البيانية دورا في تجويد هذه الوثائق، تبقى أهمية الاعتناء به كمدخل في إنتاج خرائط الكتب المدرسية مسألة مهمة.
ولأهمية الخرائط في تنزيل مقومات الخطاب الجغرافي، فلا مناص من استثمار قواعد السيميولوجيا البيانية وفق المرجعيات الجغرافية، في تجويد هذه الخرائط ووضعها وفق قواعد علمية مضبوطة.
إلا أن متن الكتاب المدرسي للجغرافيا، والممارسة الفصلية في تدريسها، يوضح الشرخ بين خرائط الكتب المدرسية وقواعد السيميولوجيا البيانية، مما قد يؤثر سلبا على جودة تدريس وتعلم الجغرافيا.
ما يلزمنا بضرورة القيام بعمل تشخيصي وتقويمي لهذه القواعد في خرائط الكتب المدرسية، في أفق اقتراح بدائل تستجيب لمبادئ السيميولوجيا البيانية والقراءة الكرطوغرافية في إنتاج وسائل التعبير الجرافيكي، تساهم في تجويد التعلمات انطلاقا من الاشتغال على التعبير الكارطوغرافي بالكتب.
تتمثل مشكلة الموضوع في ضعف حضور ضوابط السيميولوجيا البيانية في خرائط الكتاب المدرسي للجغرافيا، ما يؤدي إلى مشاكل تربوية من إنتاجها وتوظيفها ديداكتيكيا إلى تعلمات المتعلم. مع العلم، أن الخرائط من أهم دعامات الدرس الجغرافي، وتنسجم مع مقاربات التدريس الحديثة. ونظير تطور السيميولوجيا البيانية وفق أدبيات الجغرافيا، وتزايد الاهتمام بالتعبير البياني في الكتب المدرسية، وحيث أن هذه الكتب رافعة للجودة والتجديد. (الميثاق الوطني للتربية والتكوين، 1999، ص 47).
فإن الدراسة، ترى أن عدم توافق خرائط الكتاب المدرسي والسيميولوجيا البيانية، مشكلة تستوجب الدراسة. وذلك، انطلاقا من كون الاهتمام بالسيميولوجيا البيانية في وضع خرائط الكتب المدرسية، مهم نظريا في تصور التعبير الخرائطي بالكتاب المدرسي على أسس السيميولوجيا البيانية، وعمليا في تطوير الممارسة التربوية والاستثمار الديداكتيكي لهذه الخرائط.
في هذا السياق، سنعتمد المرجعية النظرية للتعبير الكارطوغرافي استنادا إلى “نظرية الصورة” لجاك بيرتان، حيث تملك (الأشكال) إطارا نظريا يهيكل منظومتها، وتتأسس عليها القراءة الكارطوغرافية، وتستمد منها نجاعتها العلمية، كما ترسم معالم إطارها الديداكتيكي (كلاد، 2010، ص 19).
تنطلق الدراسة من السؤال المركزي: هل التعبير الخرائطي في الكتاب المدرسي لمادة الجغرافيا خاضعة لقواعد السيميولوجيا البيانية والمقروئية الكارطوغرافية؟ وتفرعت عنه الأسئلة الآتية:
ـ ما هي قواعد السيميولوجيا البيانية ومستويات قراءة اللغة السيميولوجية؟
ـ ما هي مواصفات السيميولوجيا البيانية بخرائط الكتاب المدرسي للجغرافيا مستوى الثانوي التأهيلي؟
ـ هل تتوافق أشكال التعبير الجغرافي البيانية بالكتب المدرسية وقواعد السيميولوجيا البيانية؟
ـ ما البدائل المقترحة للتعبير البياني في الكتاب المدرسي على ضوء قواعد السيميولوجيا البيانية؟
يدفع للاهتمام بموضوع السيميولوجيا البيانية في الكتب المدرسية للجغرافيا، عدة تطورات منها؛
ـ استثمار تطور علم الجغرافيا وأشكال التعبير البياني والسيميولوجيا البيانية.
ـ مسايرة إصلاح التعليم وتجويد الكتب المدرسية والاستثمار الديداكتيكي للتعبير البياني الجغرافي.
ـ توفير أرضية علمية تمكّن المدرس والمتعلم من التحكم في قراءة وتوظيف أدوات التعبير البياني.
ـ تفعيل قواعد السيميولوجيا البيانية في إنتاج الخرائط بالكتاب المدرسي وتجويد التعلم من خلالها.
ـ التقعيد: استخلاص وبسط أهم قواعد السيميولوجيا البيانية حسب نظرية الصورة لجاك بيرتان.
ـ التشخيص: التعرف على المواصفات السيميولوجية لخرائط الكتب المدرسية لمادة الجغرافيا.
ـ الاقتراح: تصور لإنتاج خرائط الكتاب المدرسي وفق قواعد السيميولوجيا البيانية.
تقترح الدراسة الفرضية المركزية التالية: “لا تتوافق خرائط الكتب المدرسية مع قواعد السيميولوجيا البيانية كما تحددها الأدبيات الكارطوغرافية“، وقد تفرعت عنها فرضيات فرعية تقول:
ـ لا توجد علاقة دالة بين خرائط الكتاب المدرسي للجغرافيا وقواعد السيميولوجيا البيانية.
ـ المنهاج التعليمي الذي لا يتوافق وقواعد السيميولوجيا البيانية ينتج خرائط تعيق بناء التعلمات.
ـ هناك علاقة دالة بين توظيف السيميولوجيا البيانية وتجويد التعلمات عبر الكتاب المدرسي للجغرافيا.
يقوم البحث على تحليل المضمون لاستخراج قواعد السيميولوجيا البيانية عند جاك بيرتان، ورصد المواصفات السيميولوجية لخرائط الكتاب المدرسي للجغرافيا. باعتماد المنهج الوصفي التحليلي.
سنعتمد في هذه الدراسة تقنية تحليل المضمون استخراجا لمبادئ السيميولوجيا البيانية وتشخيصا وتقويما لوضعيتها بخرائط الكتب المدرسية لمادة الجغرافيا بالثانوي التأهيلي.
7ـ التعريف الإجرائي لمفاهيم ومصطلحات البحث:
ـ السيميولوجيا
هي علم الدلالات أو الإشارات والرموز، الذي يهتم بدراسة المضمون بصفته نصا بصريا تعين على فهم دلالته. ودراسة الدلالات الموظفة في الحياة الاجتماعية والتواصل وتفسيرها، وكل ما يقابل علم المعنى أو السيميوطيقا أو علم المدلولات والإشارات في علاقته بالمضمون.
ونعني بها في البحث؛ معرفة وأسس كيف تمثل؟ وبماذا تمثل؟ الظواهر في وسائل التعبير البياني.
ـ السيميولوجيا البيانية
تعني علم الدلالة والرموز بأشكال التعبير البياني من حيث تصورها وإنتاجها وفق قواعد، ويعرفها بيرتان بعلم التمثيل البياني للمعطيات، وتضم؛ التعبير الإحصائي كالإحصاءات والجداول الإحصائية، والتعبير المبياني والأيقوني ومنها المبيانات، ثم التعبير الكارطوغرافي ونستخدم فيه الخريطة.
ـ منهاج الجغرافيا
تجمع العرب على أن المنهاج من نهج، أي الطريق الواضح، وفي الإغريقية الطريقة التي ينهجها الفرد ليصل إلى الهدف، وتعني في الإنجليزية ميدان السباق (بوحوت، 2016، ص 102).
أما اصطلاحا فهو الخبرات التربوية والأنشطة التعليمية التي توفرها المدرسة ليتفاعل معها التلاميذ تحت إشرافها، لتغيير سلوكهم نحو الأفضل، وهو السبيل الذي تسير عليه الخطة التعليمية. وتنظيم عمليات التدريس لتحقيق أهداف تربوية، وهو وثيقة بيداغوجية رسمية تحدد إطار تعليم مادة دراسية ما، ويشمل الأهداف والكفايات والمحتويات والوسائل والطرق والتقويم (بوحوت، ص 103 ـ 105).
ـ الكتاب المدرسي
يعد دعامة تعليمية / تعلمية، ويساهم في اكتساب المعارف والخبرات (المجلس الأعلى للتعليم، التقرير التحليلي،2008، ص 70)، وهو وعاء المادة التعليمية وأداة لبلوغ التلاميذ لأهداف المنهج المحددة سلفا (غريب، المنهل التربوي، 2006، ج 2، ص 575)، ويضم المعارف التي على التلميذ اكتسابها في مجال تعليمي ومستوى معين. ويقترح دروسا تترافق مع صور وخرائط ونصوص… وتمارين لتقويم مكتسبات التلميذ، ويعتمد على إجراءات ديداكتيكية خاصة (أراق، 2009، ص 111).
إنه وسيط بين المدرس والتلميذ والمادة المدرسة، بما يتضمنه من معلومات وأفكار ومفاهيم وقيم ومهارات واتجاهات يراد توصيلها للمتعلم (بن الحاج، 2010، ص 7)، بشكل مجزأ ومتدرج، بمقاطع زمنية متفصلة ومبنية تبعا لقدرات الانتباه لدى الطفل.
تقل الدراسات حول تقويم الخرائط بالكتب المدرسية للجغرافيا على أساس قواعد السيميولوجيا البيانية، إذ لم نسجل إلا بضع دراسات اهتمت بالخريطة، من أبرزها:
ـ المعالجة الديداكتيكية للنهج الجغرافي من خلال التعبير الكرطغرافي: دراسة تقويمية واقتراح سبل تطوير الممارسة “الجذع المشترك مسلك الآداب نموذجا” (قفصي، 2011)، قسم الباحث الدراسة إلى ثمانية فصول، جعل أولها للجانب المنهجي وثانيها للبناء الديداكتيكي للجغرافيا وأهم مقارباته، أما الثالث فكان حول المقومات الإبستمولوجية للمادة، وخصص الفصل الرابع للإطار الديداكتيكي والإبستمولوجي للخريطة، وعالج التقويم التربوي في ارتباطه بالعمل الديداكتيكي في الفصل الخامس.
وعالج الباحث الشق التطبيقي في ثلاثة فصول حيث اعتنى الفصل السادس بالوحدات الديداكتيكية وإجراءاتها الميدانية، واهتم الفصل السابع بمنهجية وتقنيات البحث أما الفصل الثامن فقدم فيه نتائج البحث الميداني وتناولها بالدراسة والتحليل، ليخلص في البحث إلى عدة نتائج أبرزها؛
أن اعتماد خطوات النهج في عمليات التعليم / تعلم مفيدة ومساعدة للمتعلم في استيعاب الوحدات التكوينية ومنهجية تحليل الخرائط، وفي تحسين تعلم المتعلمين وتحقيقهم لدرجات تحصيل عالية مقارنة بالطريقة التقليدية والمغيبة لخطوات النهج في تعليم وتكوين المتعلمين خلال الممارسة الفصلية.
ـ التعبير الكارطوغرافي والتمثلات المجالية (كلاد، 2013) اشتغل فيه الباحث على مرتكزات التعبير الكارطوغرافي ومقاربات التمثلات المجالية وأدوات تحليلها، وفي الشق الميداني عالج إشكالية عجز الوحدات الدراسية للتعبير الكارطوغرافيا عن تصحيح تمثلات الطلبة عن الموضوعات المجالية، ورصد أوجه الخلل في تلقن التعبير الكارطوغرافي، ليقترح وحدات دراسية يمكنها تجاوز هذه الإشكالية.
خلص البحث إلى تدني التمثل المجالي والتحصيل الكارطوغرافي في الاختبار القبلي، وتحصيل المجموعة التجريبية تمثلات مجالية أفضل، بعد تلقي تكوين في وحدات التعبير الكارطوغرافي، ليخلص إلى دور ضبط قواعد التعبير الكارطوغرافي في تصحيح التمثلات المجالية لدى الطلبة.
ـ مساهمة في ديداكتيك الجغرافيا: قراءة الرسالة الكارتوغرافية في التعليم الثانوي (جبوري، 2004) تطرق فيه الباحث لقيمة قراءة الرسالة الكارطوغرافية ومقارباتها، منطلقا من إشكالية ضعف قدرات المتعلمين في قراءة الرسالة الكارطوغرافية، بفعل الفقر والفراغ الديداكتيكي في تدريس الجغرافيا، ومحاولا اقتراح برنامج ديداكتيكي لتجاوز هذه الوضعية السلبية.
وقد خلص إلى تدني قدرات المتعلمين في قراءة الرسالة الكارطوغرافية، حسب نتائج الاختبار القبلي، إلا أن المجموعة التجريبية حسنت هذه القدرات بعد تلقيها تكوينا في مهارات قراءة الرسالة الكارطوغرافية، بل بقيت المعرفة والقدرات راسخة حتى في اختبارات لاحقة.
بالاطلاع على الدراسات السابقة نسجل تركيزها على دور توظيف الخريطة في تحسين التعلمات وتصحيح التمثلات المجالية، وأهميتها في تطوير قدرات قراءة الرسالة الكارطوغرافية، مع اقتراح برامج ووحدات دراسية تكوينية في هذا الباب. لكنها لم تنبه إلى قواعد السيميولوجيا البيانية، باعتبارها أساس تجويد الخريطة في الكتاب المدرسي، وبالتالي تجويد التعلمات في الدرس الجغرافي.
ـ زمنية اشتغلت الدراسة على الموضوع في مدة شهر باعتماد نتائج الدراسات السابقة في الموضوع.
ـ موضوعاتية ستتناول الدراسة خرائط الكتاب المدرسي للجغرافيا، وقواعد السيميولوجيا البيانية فقط.
ـ على مستوى الأدوات الاشتغال بأداة تحليل المضمون لأن العمل تحليلي ووصفي واستكشافي.
ـ على مستوى العينة سترتكز الدراسة على ثلاثة كتب من مستويات التعليم الثانوي التأهيلي.
المحور الأول: الجانب النظري المتعلق بالسيميولوجيا البيانية
يبث مرسل المعلومة رسالته عبر وسائل التعبير البياني بألوان وأشكال وخطوط، تختلف متغيراتها البصرية وقيمها، مستندا على قواعد السيميولوجيا البيانية. لفهم رموز الرسالة وتفكيك مكوناتها وإدراكها بصريا والتواصل بشأنها، يقرأ المستقبل الإرساليات، كنشاط ذهني تتفاعل فيه بنيات الرسالة وآليات التلقي، يُمكّن المستقبل من ربط الصلة بين الصورة الرمزية ودلالاتها (جبوري، 2004، ص 26).
إذا كانت السيميولوجيا البيانية تشتغل بقضايا إدراك وقراءة رموز وأشكال التعبير البياني، فسيعالج هذا المحور مفهوم السيميولوجيا البيانية ونظرية الصورة ومستويات قراءتها وأهم أشكال ورموز تمثيلها.
1ـ مكونات اللغة السيميولوجية البيانية:
يرتكز فهم وقراءة الصور البيانية على قواعد السيميولوجيا البيانية ومبادئ ترميز وتشفير الكتابة، كما يتحدد وجود الظواهر الجغرافية بموضعها في المجال والذي يترجم ماديا ـ في الخريطة ـ إلى أشكال تعبير بيانية عبر نقط أو خطوط أو شبكات، يتضمن هذا التعبير ما يطلق عليه جاك بيرتان “المتغيرات البصرية”. تمثل هذه المتغيرات عناصر لغة التعبير السيميولوجي البياني للظواهر وهي ستة، تتفرع عنها تدريجات وتراتبات تشكل طول كل متغير (G. Weger, p 44).
1.1ـ الشكل: وهو وعاء وقالب الظاهرة (الشيء) وبمعنى سيميولوجي هي المفهوم (المدلول) المتولد عن مجال محدد بخط أو مجموعة خطوط، ونميز فيها بين:
ـ أشكال مجوَّفة؛ حيث الداخل فارغ ومحاط بخطوط.
ـ أشكال ممتلئة؛ إما بلون أو حبيبات أو بنية معينة.
ـ اللاأشكال؛ لا تتخذ شكلا هندسيا معينا.
كما نميز في الأشكال حسب وظيفتها بين:
ـ الأشكال التصويرية أو التوضيحية pictogrammes كالخطر والحرائق وسيارة الأجرة، والأشعة…؛
ـ الأشكال الإلهامية والإيحائية أو الأيقونية idéogrammes كمواقف ذوي الاحتياجات الخاصة، أو المطار، أو المنتزهات، والمصانع…
ـ الأشكال الرمزية symboliques كرمز العدالة، والمسيحية، والمدرسة، والمختبرات…
تتسم الأشكال بامتداد لانهائي، لا يحده إلا خيال المرسل، وتحدد دلالتها عبر معرفتنا أو المفتاح.
1.2ـ البعد: أو الحجم الذي تتخذه الظاهرة حسب السلم، وقد يكون صغيرا إلى حدود عتبة الإدراك الحسي للعين، وقد يكون كبيرا إلى الحد الذي يمكن للخريطة أن تستوعبه، يبقى هذا الاتساع لانهائيا على المستوى النظري لكنه محدود عمليا بشرطي قدرة الإدراك البصري وقدرة استيعاب حجم الخريطة.
يرتبط الحجم كذلك بدرجة الأهمية التي نوليها للشيء، كما يتخذ تجليات أخرى، منها: الموقع داخل الخريطة إما يمينا أم شمالا، أو فوق أم تحت، أو في المقدمة أو الخلفية، وقد يكون متصلا بالسمك أو العمق أو الطول، وتتحكم فيه قواعد علمية وجمالية غير عاطفية أو اعتباطية.
1.3ـ الاتجاه: أي اتجاه الشكل أو الرمز، يمكن أن نمنحه اتجاهات مختلفة، بحيث يحمل كل اتجاه دلالة معينة، قد تكون دلالة نوعية أو كمية، يشرحها المفتاح. لا يفيد هذه المتغير في التصنيف أو الترجيح، لكنه جيد في الانتقاء، وتجميع المجموعات الفرعية للعلامات المتشابهة، إلا أن توظيفه مساحيا واستخدامه بكثافة يشوش العين ويجعل الإدراك البصري صعبا. يمكن توليف هذا المتغير مع متغيرات بصرية أخرى، أفضلها اللون والحجم، مع إمكانية توظيف الحبيبات والقيمة بدرجة أقل.
اتجاه الأشكال والرموز: للتمييز بين الأنواع والظواهر حسب اتجاه الخطوط أو المثلثات…
حديد ذهب نحاس فضة قمح شعير ذرة صوجا
اتجاه الحركة: تمثيل حركة الظاهرة، مع توليفها بمتغيرات بصرية كاللون والبنية أو الحجم والقيمة…
صادرات واردات هجرة خارجية هجرة داخلية
اتجاه الكتابة: يمكن أن نميز بين الاتجاهات الفرعية الأخرى المعبر عنها في كتابة المعطيات الطبيعية بشكل مائل موافق لاتجاهها في الخريطة، وتمييزها عن كتابة المعطيات البشرية بشكل أفقي، أو اتجاه العناصر التوضيحية داخل الخريطة من قبيل المبيانات وخاصة الأعمدة منها.
الشكل (1) اتجاه كتابة المعطيات الطبيعية والبشرية
المصدر: الباحث 2023
للاتجاه أهمية في قراءة معطيات الخرائط، خاصة حينما يتعلق الأمر ببعض الأرقام المتشابهة والمتداخلة مثل 6 و9، وبفضل قواعد السيميولوجيا البيانية نتجنب القراءة الخاطئة.
الشكل (2) أهمية الاتجاه في تمييز الأرقام
المصدر: الباحث 2023
يمكن أن نضيف على الاتجاه أبعاد الحجم واللون، لتضفي معاني وتمايزات أخرى، إلا أن كثرة الاتجاهات وتداخلها قد يجعل المقروئية صعبة، لذلك نلجأ إلى متغير اللون.
1.4ـ اللون: يعد اللون متغيرا قويا، يُدرك لحظيا وبكثافة، وهو جيد في انتقاء وتمييز التباينات، وفي نفس الوقت إدراك التشابهات وتسهيل التجميعات. تتراتب الألوان في الطيف حسب أطوال موجاتها، دون أن يعني تراتب إدراكها البصري، فما تدركه العين بطريقة منتظمة هو القيمة (الشدة).
يمكن التمييز بين ثلاث وظائف كبرى للألوان في التعبير الخرائطي، وهي:
ـ وظيفة تمييزية (فارقية): لتحديد الأنواع والأصناف باعتماد ألوان معبرة بشكل توافقي عن الظاهرة (الأزرق للغلاف المائي، والأخضر للسهول، والبني للجبال…)
ـ وظيفة تكميمية (إحصائية): لتحديد الأحجام والكميات اعتمادا على الشدة اللونية من الفاتح (ضعف الظاهرة) إلى الداكن (أهمية الظاهرة).
ـ وظيفة تجميعية (تنميطية): لتجميع الظواهر المشتركة في نفس الصفات والخصائص.
يستثمر التراتب بتصنيف الألوان تصاعديا (أصفر، برتقالي، أخضر، أزرق، أحمر، بنفسجي) فنحصل على فئة موحدة تُمثل متغيرات متجانسة، بفضلها يمكن التمييز بين 9 فئات بسهولة، كالتضاريس.
جبال هضاب سهول حمادات
كما تصنف تراتبيا على طرفي اللون الأصفر، فنحصل على ألوان دافئة كالأصفر والبرتقالي والأحمر وأخرى باردة كالأصفر والأخضر والأزرق، تُمثل معطيات متذبذبة حول معدل معين، ويمكنها التمييز بين 9 فئات بسهولة، كالحرارة والتساقطات والكثافة السكانية.
على هذا المستوى يجب تجنب خلط الألوان اعتباطيا، بحيث لا ندرج اللون الوردي بين الأزرق والأخضر في لائحة تراتبية، فلا أحد يستطيع ملاحظة الفارق، ومن الأفضل اعتماد ألوان الطيف بالترتيب (أزرق، أخضر، أصفر، أحمر) بشكل يجعل التصاعد ملحوظا ويفرض نفسه.
لا تساعد الألوان بهذا الشكل على إدراك تراتبية معينة (إدراك نوعي).
تمكننا هنا الألوان من تحقيق تراتبية معينة (إدراك كمي ونوعي).
كما تسعفنا في تفييئ الظواهر عبر ظلال الألوان، إلا أنه يصعب أحيانا التمييز بين 3 ظلال للأخضر أو الأحمر أو الأزرق، لذلك يمكن اللجوء إلى التحكم في النسيج من خلال الهاشور أو الاتجاه أو المسافة الفاصلة… بيد أن الحشو وصعوبة التمييز بين الألوان والخلفية يفرض نفسه.
من الصعب التمييز بين الظلال، خاصة إذا كانت البقع صغيرة ومتقاربة.
يساعد الهاشور أو الاتجاه أو المسافة الفاصلة، على التمييز بين الظواهر.
كما ينصح باستخدام الألوان الاصطلاحية؛ فهناك ألوان متوافق بشأنها، كالأزرق للماء والأخضر للسهول والأصفر للصحراء والبني للجبال…
جبال بحيرة سهول صحراء
رغم جودة الألوان في تمثيل الظواهر، إلا أن بعض الألوان المتقاربة يصعب التمييز بينها، فيصبح من المستحيل تحديد الألوان المتقاربة على بقعة أقل من 1 أو 1,5 مم، كما أن اللون الأصفر لا يُمكن أن نمثل به بعض الرموز كالنقط والخطوط الدقيقة، ناهيك عن كون استخدام نفس اللون للتعبير عن أبعاد مختلفة كالمساحة والنقطة والخط يجعل عملية القراءة صعبة.
نقطة صفراء خط أصفر، نلاحظ أن هناك صعوبة في إدراك العلامتين بصريا.
الشكل (3) صعوبة القراءة لاستخدام نفس اللون في أنماط تمثيل مختلفة
المصدر: الباحث 2023
تختلف شدة الألوان حسب أهمية الظاهرة، والوظيفة المرجوة منها، ما يعطي متغيرا آخر هو القيمة.
1.5ـ القيمة: لكل بقعة أو توطين مساحي شكل وحجم، وكل تغير في الشكل والحجم يناسبه تغير في شكل وحجم المساحة، فتعديل مساحة العلامة هو ما يمنح الدلالة. يتميز هذا المتغير بسرعة إدراكه بصريا، وجودة تفييئ الظواهر ومقارنة الكميات، كما أن له ميزة توليفية بتكامله مع متغيرات اللون والشكل والاتجاه، ويعبر عنه في التوطين النقطي والخطي باختلاف الأحجام وفق سلم محدد، وفي التوطين المساحي بتباين شدة اللون أو مبيانات أو خرائط معدلة.
يتم تمثيل القيم إما بنقط أو خطوط أو مضلعات، في حين لا يتم تمثيلها بالتلوين المساحي (جميع نقط المساحة الملونة ليس لها نفس القيمة).
الشكل (4) التمثيل النقطي والخطي لمتغير الحجم
المصدر: الباحث 2023
أما النسب والمعدلات فيتم تمثيلها بالتلوين المساحي (جميع النقط في البقعة لها نفس القيمة)
الشكل (5) تمثيل القيم في التمثيل المساحي بمتغير اللون
يعتبر تمثيل القيمة بمتغير اللون أقوى أنماط التعبير البياني، ولها الميزة في حفظ وحدة الصورة، فإذا كانت الألوان تقوم بتجزيئها، فالقيمة تسمح بتمييز النطاقات وتنظيمها، وتحديد الأحجام والكميات.
توظف هذه الخصائص في تحقيق سلسلة متناسقة من الألوان حسب الارتفاع والشدة وطول الموجة، تصل هذه العملية نظريا إلى ما لا نهاية من الألوان، لكنها عمليا محدودة. فالحساسية الفارقية للعين لا تتناسب مباشرة وشدة الموجة وليست موحدة على طول الطيف اللوني؛ حيث يكون تحديد التدرج في الألوان الناصعة أقل منه في الألوان الداكنة. يمكن لتجاور ألوان مختلفة أن يقترح حلولا لاستمرارية بصرية، لكنها مضرة بالنموذج المثالي أو التراتبية، ناهيك عن مشاكل تباين الألوان. لذلك تحدد الكارطوغرافيا عدد الألوان حسب وظفيتها في 6 من الأبيض إلى الأسود، و5 للبنفسجي والأحمر، و4 للأزرق والبرتقالي، و3 للأخضر، ثم 2 أو 3 للأصفر.
1.6ـ البنية: أو الحبيبة وهي متغير بصري جيد في التفييء والتمييز خاصة في التمثيل المساحي، كما يساعد على التجميع حسب التشابه، ونوظفه لتوضيح المجموعات الفرعية، خاصة إذا ربطناها بمتغيرات اللون والشكل والاتجاه، كما يفيد في ترتيب العناصر حسب نسبة الحبيبات في التمثيل.
يمكن التعبير عن الظواهر من خلال التحكم في نسبة الأسود من المساحة البيضاء وتتراوح بين 10 و90 في المئة، ويكون ذلك بأشكال مختلفة إما بالتدرج أو اللحمة أو التباعد أو النسيج… ويتم اللعب بعدة أبعاد لتحديد التباينات والاختلافات والتنوع، من خلال التحكم في اتجاه الهاشور والخطوط لتصنيف الأنواع، أو السمك والقطر، أو التباعد بين الخطوط والنقط لترتيب الظواهر.
الشكل (6) تمثيل النسيج لإدراك الأنواع الشكل (7) تمثيل النسيج لإدراك الأحجام
المصدر: الباحث 2023
على اعتبار أن الترتيب من خلال التحكم في النسيج يفترض التمييز والقدرة على التفريق، فإننا أثناء استخدام اللحمات المتصلة، لا نستطيع التمييز إلا بين 5 وأحيانا 6 فئات، ولبلوغ 7 و8 فئات يجب أن نلعب على النسيج ككل (الشكل، السمك، التباعد، الاتجاه) وأكثر من ذلك لا يمكن.
يمكن الانتقال من علامة لأخرى، بتوليف المتغيرات لإيصال معلومات مختلفة (اللون+الشكل+القمة).
هي الخصائص الإعلامية (التواصلية) الأربع التي يُمكن لعناصر نفس المتغير التميز بها، تتوافق هذه الخصائص بشكل تلقائي دون الرجوع بالضرورة إلى المفتاح، وهي خمس خصائص؛
ـ التمايز والاختلاف: خاصية انتقائية تسمح بتمييز الخاصية الأصلية لعنصر أو مجموعة عناصر عن غيرها، وهي مشتركة بين المتغيرات السبعة.
ـ التنظيم والتراتب: تساهم علاقة التنظيم في فهم التراتبية، وهذه الخاصية تشترك فيها الأبعاد والقيم والحركة فقط، فالألوان لا تخضع للتنظيم والتراتب، فعلى أي أساس نقول إن الأزرق يسبق الأخضر أو يتبع الأحمر؟ فإذا كانت أطوال الموجات هي المرجع في قياس الألوان لتحديدها وتصنيفها، فإن هذه الأطوال ليس لها علاقة مباشرة بمشاعرنا النفسحسية.
ـ الكمية: تمكننا من التقدير بدقة قيمة المتغير مقارنة بباقي المتغيرات، أو القيمة المطلقة حسب سلم مرجعي، هذه الخاصية لا يتميز بها إلا متغير البعد، فهو الوحيد الذي نستطيع تكميمه لذاته، علما أنه يُمكن تكميم متغير الحركة واللون والقيمة، لكن استعانة بمؤشرات أخرى، ومنه فهو تكميم لغيرها.
ـ الترابطية: هذه الخاصية تمكننا من تأويل وفهم ظواهر تبدو عناصرها البيانية من طبيعة مختلفة، هذا الاستيعاب يكون ممكنا حين تشترك هذه العناصر في خصائص مشتركة، تتمتع بخاصية الترابطية كل من متغيرات القيم والألوان متقاربة الشدة والحركة والشكل في حدود صفات مشتركة.
ـ توليفات المتغيرات: أو البعد الثالث، بتوليف المتغيرات لتمثيل معاني أخَر، وتكون الإرسالية أقوى بمتغيرات متآلفة تتطابق خصائص؛ فبتوليف البعد والقيمة تكون خصائص الاختلاف والتنظيم أقوى.
الشكل (8) شبكة توليفات المتغيرات البصرية (درب العلامات)
المصدر: الباحث 2023
إن ضبط اللغة السيميولوجية البيانية، لن يتأتى إلا بالإحاطة بمستويات قراءتها وتملك أدواتها، ورصد شروط نجاحها وسلامة سيروراتها وصيروراتها، رميا لأقصى مستويات فعالية ومقروئية الرسالة البيانية، ومنه فإن استحضار السيميولوجيا البيانية خلال تصور وإعداد ومعالجة الوثائق البيانية في الكتاب المدرسي، يحتاج إلى احترام شروط القراءة السيميولوجية ومستوياتها.
3ـ مستويات القراءة السيميولوجية في حقل السيميولوجيا البيانية:
يطلق على النشاط الذهني الذي يفضي إلى إدراك الرسالة المتضمنة في خريطة، مفاهيم ونعوت عديدة: فأرشمبولت ورامبير يتحدثان عن تعليق على الخريطة، ومحمد بريان ومجموعته يستعملون مفهوم تحليل الخريطة، بينما يستعمل جودة أحمد سعادة تعبير قراءة الخريطة وتفسيرها. أما بيرتان 1973 وجولي 1976 وبروني 1987 فقد استعملوا لفظ قراءة الخريطة (جبوري ،2004، ص 26).
3.1 ـ معنى القراءة السيميولوجية:
يعرف فرانك القراءة بأها “أسلوب سيكولغوي يُمكن للقارئ عبره أن يعيد بناء خطاب مرتبط بكاتب في شكل تمثيل بياني” أما نوربير فيعرفها في بعدها السيميولوجي بأنها “فهم لدلالات العلامات المرمزة من قبل المجتمع” (جبوري ،2004، ص 27)، فهي “نقل بصري يتم بمقتضاه إدراك رسالات المعلومة المعبر عنها كارطوغرافيا بربط الرموز بمدلولاتها. كما تعرف كذلك بكونها تحويلا لدلالات الرموز المعبرة عن معلومة أو معلومات إلى مدلولاتها الحقيقية عن طريق البصر” (كلاد، ص 44).
تتأثر القراءة بكفاءة القارئ الذي يجب أن تكون له الكفايات اللازمة لقراءة الرموز والتعبير البياني. فهذه القراءة لا تقتصر على تفكيك عناصر التعبير البياني، ولكنها عملية فهم الأشكال التي تعبر عنها الرموز، فحسب روجي بروني “ما تعبر عنه الخريطة متضمن فيها ذاتها وليس في مفتاحها… فهي إذن تنطق عبر الأشكال التي تتضمنها، وتعبر من خلال التوزيعات الموجودة بها. فقراءة خريطة لا يعني تفكيك رموز مفتاحها وإنما الأشكال المتضمنة فيها” (جبوري ،2004، ص 27 ـ 28).
تتم هذه القراءة وفق مستويات وخصائص تختلف عن باقي أنماط القراءة، فالقراءة في السيميولوجيا البيانية هي تحليل لشكل ومضمون وبنية الشكل البياني، وهي إدراك بصري لمكوناته وعناصره والمتغيرات التي ترمز إليه، وقد اقترح بيرتان خطوات ومستويات خاصة بالقراءة السيميولوجية ترتبط بالتحديدين الداخلي والخارجي للشكل البياني ومتغيراته ورموزه ودلالاتها.
3.2 ـ مستويات القراءة السيميولوجية البيانية:
يرتبط إدراك إرساليات التعبيرات البيانية بمجموعة من المحددات الداخلية والخارجية، تعكسها جملة من الأسئلة وفق كل مستوى على حدة، وحسب طبيعة المتغيرات والرموز والأشكال التعبيرية المعنية.
أـ أصناف الأسئلة في الرسالة السيميولوجية:
تنقسم الأسئلة في الرسالة السيميولوجية، إلى صنفين: يتعلق الصنف الأول بعناصر المجال، من قبل “ماذا يوجد في هذا المكان؟” بمعنى أن القراءة تنطلق من المجال لتنتقل إلى المفتاح لفهم الرمز. أما الصنف الثاني فيتعلق بتوطين مجال ظاهرة معينة داخل الخريطة مثل “أين توجد الظاهرة في الخريطة؟”. أي أن القارئ ينطلق من المفتاح بعد تحديد الظاهرة لاكتشاف موقعها داخل المجال.
ب ـ مستويات القراءة السيميولوجية:
تتعدد مستويات القراءة السيميولوجية حسب منطلق تساؤلات ومرامي القارئ، سواء الظاهرة ذاتها أو مكونات العنوان والمفتاح أو المجال الممثل. ترتبط هذه المستويات بإدراكات القارئ ومستويات مسحه البصري للتمثيل البياني، وهي المستويات الثلاث التي أشار إليها جاك بيرتان 1973.
ـ المستوى الأولي: يهتم القارئ بكل رمز على حدة، ويوجه سؤاله تجاه عنصر واحد من المكون مثلا أين توجد سلسلة جبال الأطلس؟ تعتبر أسئلة هذا المستوى إخبارية، توصل إلى رسالة واحدة. وتقابل مستوى الفهرس الذي يجعل من الإنشاء البياني خزانا يجرد منه القارئ المعلومات الأولية.
ـ المستوى الوسطي: يتعلق بملاحظة مجموعات عناصر أو فئات أو وحدات فرعية في معلومة معينة، ويجيب عن التساؤلات المطروحة حولها. ترمي أسئلة هذا المستوى إلى تعريف المناطق المنسجمة والمجموعات المتميزة، كما يدل على ذلك السؤال الوسطي: أين تنتشر البنيات الالتوائية الحديثة؟ يسمح بتكوين المجموعات والتوليفات للعناصر داخل هذا المستوى تقليص طول المكون، وهذا ما يسهل الفهم ويرسخ المعلومة في الذاكرة. إنه مستوى معالجة المعلومة.
ـ المستوى الإجمالي: يهم الملاحظة الشاملة لكل المعلومة، فهو مستوى التركيب الذي يتجسد عبر السؤال الذي يستوجبه المكون في كل شموليته أين تنتشر المجموعات البنيوية الكبرى في العالم؟ يسمح هذا المستوى بالنظر إلى مختلف الفئات على أنها فئة واحدة، وبالتالي فهو يتيح البحث عنها في صورة إجمالية مختزلة. إنه مستوى التواصل.
تتأثر القراءة السيميولوجية البيانية بمجموعة من الشروط والقواعد التي يلزم الإنشاء البياني احترامها، ووضعه على أساسها، ولعل أساس هذه القواعد، فعاليته ومقروئيته.
3.3 ـ فعالية ومقروئية الرسالة البيانية:
يعتبر بيرتان الفعالية والمقروئية أهم صفات نجاح وصحة الرسالة البيانية، وعلى أساسها تتحدد جودة ورداءة الإنشاءات البيانية، ومن خلالها تتأسس قواعد السيميولوجيا البيانية.
أـ فعالية الرسالة البيانية:
تتحدد فعالية الرسالة البيانية في تبليغ المعلومة بمؤشرين؛ الأول هو القدرة على الإجابة الصحيحة والتامة على سؤال محدد، الثاني هو الكلفة الزمنية لإدراك الإرسالية (الجواب) من الخريطة، فكلما كان الزمن قصيرا دل على فعاليتها. يتحكم هذان المحددان في الكلفة الذهنية لإدراك المعلومة، والتي يجب أن تكون قليلة ودون مجهود معرفي كبير، وهو ما يلخص درجة فعالية تعبير بياني عن آخر.
تختصر الفعالية في استخراج المعلومات والإجابة على جل الأسئلة المحتملة بأقل جهد وأقصر وقت ممكن؛ أي الحصول على إجابة عن كل سؤال في لحظة إدراك واحدة.
ب ـ مقروئية الرسالة البيانية:
تعني سهولة قراءة التمثيل البياني، عبر الالتقاط السريع والسلس للمعلومة، في لحظة إدراكية بصرية حسب بيرتان، فلا تتسمَ بالعسر وضرورة التكرار والمسح المتعدد، مع يُسر التخزين والتذكر.
تحدِّد المقروئية جودة وفعالية الإنشاء البياني، في حصر قراءته لتسمح برصد الفوارق بأقل تكلفة، وتتأثر بقدرات الإدراك البصري، والمتغيرات البصرية المعتمدة، والتوليفات بينها وأطوالها، ثم مستوى الدلالة… وتقاس درجتها بثلاثة مؤشرات، هي: الكثافة البيانية والمقروئية الزاوية ثم المقروئية الشبكية.
ـ الكثافة البيانية:
يقصد بها عدد البقع المرئية (الرموز) في السنتمتر مربع. تؤثر في المقروئية حسب سهولة وسرعة عزل الصور المدركة، إذ يعتبر بيرتان أن الرموز تعيق إدراك الفروقات بين متغيرات الصورة البيانية إذا كانت كثيفة جدا (الشكل ج)، إذ تتداخل المعطيات ويصعب تمييزها. أو ضعيفة جدا (الشكل أ)، حيث تغيب المعطيات الكافية لمعرفة الظاهرة الممثلة، فتصعب قراءة الرسالة وتضعف مقروئيتها.
ولتجاوز هذه المشكلة تُقترح عتبة مثلى (الشكل ب) للكثافة البيانية قدّرها في عشرة رموز لكل سنتمتر مربع، بحيث تكون القراءة السيميولوجية مريحة، ورصد الفروقات الملموسة والحساسة للإبصار ممكنا، خاصة عند مستوى القراءة الأولي (جاك بيرتان، ص 174).
الشكل (9) حالات الكثافة البيانية
المصدر: الباحث 2023
ـ المقروئية الزاوية:
يركز الإدراك البصري على الاختلافات الشكلية وأبعادها بين الرموز، ومنه تمييز الأشكال حسب الزوايا. يعجز البصر عن إدراك زوايا الأشكال متناهية الصغر، لتصبح صعبة المقروئية وتتطلب تكلفة ذهنية وزمنية كبيرة، إذ ينتهي بها المآل إلى أن تصير نقطة أو خطا (بيرتان، ص 179).
الشكل (10) عتبة المقروئية الزاوية
المصدر: الباحث 2023
لتجاوز هذه المشكلة، يجب تمثيل الرموز بقطر لا يقل عن ميلمترين، أو تعويضها بالنقطة والخط وتقاطع الخطين، حيث يمكن تمييزها ما دون عتبة الميلمترين (0.2 ملم). إلا أننا سنكون أمام مشكل حدود التمثيل وعدم تجاوز ثلاث مكونات فقط، وكذا صعوبة القراءة عند المستويين الأول والثاني.
ـ المقروئية الشبكية:
ترتبط بفروقات الترفيع، أي البعد الثالث للمتغيرات البصرية، بحيث يصعب إدراك العلامات ويصبح تمييزها أمرا صعبا ويتطلب جهدا ذهنيا كبيرا.
نلاحظ في خريطة المعادن ومصادر الطاقة بالمغرب (1)، أن إدراك المعطيات في الشمال صعب، بفعل تداخل الرموز وكثرتها مقارنة بالنصف الجنوبي. بسبب العدد الكبير للمتغيرات البصرية في السنتمتر مربع، حيث يفوق 10 عناصر. وهو ما يخالف قواعد المقروئية بالسيميولوجيا البيانية.
وقد تكون بسبب سطوع الخلفية، ما جعلها تقفز إلى العين بشكل أضعفَ بروز العلامات المعبرة عن المعلومات الأصلية للظاهرة (الشكل 11)؛ فيصعب على القارئ تشفير الرموز وإدراك الرسالة.
الخريطة (1) تداخل الرموز وضعف المقروئية الشبكية
الشكل (11) مقروئية شبكية ضعيفة بفعل سطوع الخلفية
المصدر: الباحث 2023
لتحقيق مقروئية شبكية جيدة، يقترح بيرتان مجموعة من الشروط والقواعد منها؛
ـ توازن الحبر والمساحة: بشكل يجعل الرموز الصغيرة حجما مرئية، ويحول دون تداخل الرموز الكبيرة، والسماح بتمايزها ورصدها، لذلك يقترح بيرتان عتبة مثلى ما بين %5 و%10 لنسبة مساحة الحبر من مساحة التمثيل (بيرتان، ص 180)، كما في الخريطة رقم 2.
ـ توزان الخلفية والمتغيرات: حيث الخلفية (المكون) أقل سطوعا من المتغيرات (المعلومة)، فيسمح للعين من إدراك بصري جيد للرموز وعزلها عن الخلفية (بيرتان، ص 180)، كما في الشكل 12.
الخريطة 2: توازن الحبر والمساحة وجودة المقروئية الشبكية
الشكل (12) مقروئية شبكية جيدة بفعل توازن الخلفية والمتغيرات
المصدر: الباحث 2023
يقصد بها مستوى تمثيل المكونات بمتغيراتها في الخرائط، يفيد في تنظيم المكونات ومقارنتها وتوليفها، كما أنها تشكل قاعدة للمعالجة البيانية للمعلومات، ويتخذ ثلاث مستويات؛
1.4ـ المستوى النوعي
تنظيم المكونات حسب ماهيتها وخصائصها النوعية أو الإسمية، دون أن تكون لديها ـ لزوما ـ طبيعة انتظامية، كتمثيل الإنتاج أو المهن أو التضاريس أو الغطاء النباتي… في الخريطة 3؛ صنفت المكونات إلى أنواع من المنظومات البيئية، وداخلها صنفت عناصر أخرى إلى أنواع من المناخات.
الخريطة (3) المنظومات البيئية الكبرى في العالم
المصدر: حقيبة رقمية لوزارة التربية الوطنية، 2012.
الغرض من هذا التنظيم، تمييز الأنواع وإبراز الفروقات بينها؛ بمعنى أن قارئ الخريطة، يسعى خلف تحديد الأنواع بذكر أسمائها، ليقوم بتوطينها ووصف طبيعة توزيعها، وكشف العلاقات المحتملة بينها وبين موقعها، وبينها وبين باقي الأنواع من جهة أخرى، ثم تفسيره في أفق التعميم لاحقا.
2.4ـ المستوى المنتظم
يعني تنظيم المكونات حسب انتظامات معينة؛ قد تكون زمنية كالسنوات والأشهر…، وقد تكون كمية كالأحجام والقيم والكميات، ويمكن أن تكون ذات طبيعة حسية بصرية كدرجات الألوان (الشدة اللونية) والطول والسمك (الأسهم والخطوط) أو باختلاف أحجام الدوائر أو المثلثات أو المربعات…
يرتبط هذا التنظيم بقواعد اصطلاحية؛ ذلك أن الفئات المنتظمة متساوية الأبعاد، ولا يمكن دمج بعضها البعض أو تكوين مجموعات تتآلف داخلها مثل الجنس، والحالة العائلية وفئة العمر…
الخريطة (4) الكثافة السكانية بالمغرب
المصدر: حقيبة رقمية لوزارة التربية الوطنية، 2012.
توضح الخريطة 4 توزيع الكثافة السكانية بالمغرب، حيث تنتظم المناطق حسب كثافتها. انتظام يعبر عنه بتباين شدة اللون. وعبرها يمكن للمتعلم ترتيب مناطق المغرب حسب الكثافة السكانية.
يمكن اعتماد المستوى المنتظم بجميع المتغيرات، فبمجرد دخول متغير أو معيار حسابي، يتم بناء عليه تنظيم المتغيرات النوعية أو الكمية. ويمكن توظيفه في الاتجاهين الانتقائي (تحديد المكونات من نفس القيمة أو تنتمي لنفس الفئة) أو الجمعي (إحداث تنظيم لمتغيرات من داخل نفس المكون).
3.4ـ المستوى الكمي
يحيل على انتظام المكونات حسب مؤشرات كمية أو إحصائية؛ بحيث تكون عناصرها محددة بأطوال وأبعاد ممثلة بمعطيات حسابية. ونميز فيها بين وحدات كمية غير قابلة للتجزيء كالنسمة والحيوان وتمثل بالأعداد كعدد السكان ورؤوس الماشية… ووحدات كمية قابلة للتجزيء (اصطلاحية) كالمكونات المعبر عنها بالكيلوغرام أو الدرجة… ووحدات كمية مطلقة ككمية الأمطار، ثم وحدات كمية نسبية تُرَكِّب علاقة بين متغيرين مثل الكثافة السكانية (عدد السكان نسبة إلى الكيلومتر مربع).
تجدر الإشارة إلى وجود علاقة من التضمين بين المستويات الثلاثة من خلال تراكب سلاسلها، السلسلة الكمية Q والنوعية O والفارقية ≠ ثم الجمعية ≡؛ إذ يمكن النظر إليها من اتجاهات إدراكية، إما منتظمة أو فارقية أو جمعية، في إطار سلسلة من العلاقات البينية، تدعى أنماط الإدراك.
المحور الثاني: الجانب التطبيقي المتعلق بتحليل الوثائق
1ـ ملاحظات أولية حول الخريطة في الدرس الجغرافي بالكتاب المدرسي
قادنا التشخيص إلى تحليل 100 خريطة في الكتب المدرسية: منار الجغرافيا للسنة الثانية باكالوريا، ومنار التاريخ والجغرافيا الأولى باكالوريا، ثم مسار التاريخ والجغرافيا الجذع مشترك العلمي.
تم رصد مجموعة من الاختلالات بكل خريطة على حدة في شبكة تضم معطيات حول الشكل وأخرى حول المضمون وأخرى لامست بمعدي الجمالية والدقة ثم مؤشرات حول الدلالة وأخيرا معطيات حول الوظيفة. تم توصيف وضعية الخرائط على هذه المستويات والإشارة إلى بعض العوامل المفسرة لها وتأثيرها على عمليات التعليم والتعلم في الاشتغال عليها، وانتهاء بالمساهمة في اقتراح إجراءات لتجاوز مظاهر الاختلال والتعثر بخرائط الكتاب المدرسي في الدرس الجغرافي.
1.1ـ على مستوى الشكل:
ـ الألوان: استخدام ألوان غير معبرة ولا تنسجم والظاهرة أو موجودة في المتن لكنها غائبة في المفتاح.
ـ الأبعاد: تشويه من حيث الطول والعرض وعدم انسجام المقياس مع حجم الخريطة.
ـ الإطارات: غائبة لدى معظم مفاتيح وعناوين الخرائط
ـ الرموز: عدم تناسبها مع الظاهرة الممثلة وتتغير بحيث لا يتم اعتمادها على طول المقرر.
ـ الأحجام: لا تتوافق المسافات ببعض الخرائط مع المقياس، وحجم بعضها داخل الصفحات غير جيد ويؤثر سلبيا على الإخراج والاشتغال عليها وأحيانا يكون المفتاح أكبر من الخريطة.
1.2ـ على مستوى المضمون:
ـ عناصر الخريطة: معظم الخرائط فيها تشوه ونقص من حيث الاتجاه والمقياس والعناوين والمفتاح.
ـ الرموز: لا تسعف على التصنيف الجيد للظاهرة وعدم ثباتها (تتغير رغم التعبير عن نفس المتغير).
ـ التوزيع: خلل في توزيع الوثائق داخل الصفحة ومكانة الخريطة فيها، وفي توزيع عناصر الخريطة ومعطيات المفتاح داخلها، تنتج عنها تداخل المعطيات وعيوب في التمثيل وصعوبة في المقروئية.
1.3ـ على مستوى الجمالية والدقة:
نقص على مستوى الطباعة ورداءة الألوان، يعزز ذلك التداخل الكبير في المعطيات والألوان والاختيارات الغير موفقة في كتابة المعطيات على الخريطة بأحجام مختلفة ومعيقة لمقروئية الخريطة، إضافة إلى تشويه أبعاد معظم الخرائط. كما تعاني من ضعف الدقة في الرسم والأبعاد ولم تحترم كتابة الظواهر البشرية والطبيعية بالشكل المتوافق عليه دوليا في السيميولوجيا البيانية.
1.4ـ على مستوى الدلالة:
ـ التمثيلية: دلالة بعض الرموز لا تستوفي شروط السيميولوجيا البيانية في تمثيل الظاهرة، باختيار اعتباطي للألوان لتحقيق التمييز النفعي والوظيفي، فحسب، في حين تم تغييب البعد الدلالي الخاص بكل ظاهرة وشكل تمثيلها، ولا يتم الاحتفاظ بنفس التمثيل من بداية الكتاب المدرسي إلى نهايته.
ـ المقروئية: لا تسعف الرموز في تيسير المقروئية والتمييز بين الظواهر لتشابه الكثير منها وتقارب كبير بين الألوان، وكثرة المتغيرات في حيز ضيق، مما يؤثر على الوظيفة العلمية والتربوية للخريطة.
ـ الزمانية: معطيات قديمة لا تواكب التحولات المجالية، كالطرق والمواصلات والتوسع الحضري.
ـ المجالية: توظيف خرائط مجالات بعيدة عن ذهن ومعاش وإدراك المتعلمين وإغفال خرائط المجال المحلي، وعدم احترام خصوصياته المسطرة في دفاتر التحملات ومنهاج التاريخ والجغرافيا.
1.4ـ على المستوى الوظيفي:
ـ الغائية: ضعف استيفاء الهدف الوظيفي من الخرائط من حيث المقروئية والقدرة على الوصف أو التفسير أو التعميم، والعمليات الذهنية المتصلة بدراسة توزيع وحركة وتوطين الظاهرة فوق المجال.
ـ التطبيقية: تعثر التطبيقات على الخرائط، لتشوه السلم وأبعاد الخريطة لأغراض تقنية.
ـ الكلفة والجهد: ارتفاع الكلفة الذهنية في قراءة الخريطة، بفعل تداخل الرموز وتقارب الألوان.
ـ المجالية والزمانية: ضعف استيعاب تحولات المجال حسب الزمن في أفق التحكم فيها واستشرافها.
ـ التربوية والديداكتيكية: إضعاف الدور التربوي والديداكتيكي للخريطة، بالنظر لصعوبات القراءة والتمثل والارتباط الوجداني والهويتين الزمانية والمكانية وكذا توظيفها كأداة وموضوع في الدرس.
2ـ العوامل المفسرة للوضع السيميولوجي لخرائط الكتاب المدرسي لمادة الجغرافيا
2.1ـ عوامل معرفية: مرتبطة بتفكك معرفي بين التقني واضع الخريطة والتربوي مؤلفي الكتاب المدرسي وبين مصمم ومخرج صفحاته ثم الناشر وطابع الكتاب، إذ تبقى هناك قطائع بين مكونات إنتاج الكتاب، وجهل معرفي بحقل كل عنصر منهم.
كما أن التوصيف يبين ضعفا في الإحاطة بقواعد السيميولوجيا البيانية ومدى استحضارها وتفعيلها في تصور وإنتاج الخرائط، وهو ما ينتج دعامات بها اختلالات دلالية وجمالية ومضمونية.
2.2ـ عوامل تقنية: يقتصر التقني على إنتاج الخريطة المساندة بالحاسوب أو معالجتها ببرانم متخصصة في حين يبقى مؤلف الكتاب جاهلا بأبعاد وعوالم العملية الأولى، ويرتهن مصمم الكتاب للأحجام بما يُكنه من تخريج الصفحة بكامل وثائقها، على حساب صحة الخريطة، أما الناشر فيجتهد في طبع الكتاب بأقل التكاليف وهو ما يؤثر على جودة الصورة ودقتها.
2.3ـ عوامل منهجية: مرتبطة بتفكك عمليات التصور والتتبع والإنتاج بحيث تضيع قضايا وأبعاد مهمة في هذا المسلسل المتقطع، كما أن ضعف تفعيل المقوم الإبستيمولوجي للمادة من خلال الدعامات يفرز نوعا من التداخل والعمومية في توظيف الخرائط وفق ما تقتضيه الخطوة المنهجية وهو ما يؤثر على مضمونها ووظيفيتها.
3.1ـ على مستوى الكتاب: يفقد الكتاب جزءا من مصداقيته العلمية والتربوية بالنظر للاختلالات الكثيرة التي تشوب أشكال التعبير الخرائطي، وحيث أنه وثيقة رسمية وبالنظر للارتباك الذي ينجم عن توظيف الخريطة من خلاله فإنه يشكل قضية يجب إيلاء العناية اللازمة لها.
3.2ـ على مستوى عمليات التعليم / تعلم: يجد المدرس والمتعلمون صعوبات كثيرة في قراءة الخريطة وفهم مكوناتها وفك رموزها، ذلك أن الكلفة الذهنية والبصرية تكون مرتفعة، يضاف إلى ذلك عرقلة سيرورة التعلمات بما تحدثه أخطاء الخريطة ،على مستوى المقياس والتشوه على مستوى الشكل واختلالات المفتاح على مستوى الرموز والألوان وتداخل الظواهر الممثلة على الخريطة وكثافتها إلى حد التشويش، من ارتباك في توظيفها والاشتغال عليها وفق ما تقتضيه خطوات النهج الجغرافي.
لتجاوز الوضعية الحالية للخرائط بالكتاب المدرسي يُكن اقتراح ما يلي:
أولا: تكوين الأساتذة ومؤلفي الكتب والتقنيين واللجان ذات الصلة بتأليف الكتاب المدرسي في قواعد السيميولوجيا البيانية وتقريب وجهات النظر بين ما هو تربوي وما هو تقني.
ثانيا: تبسيط الخرائط وتعزيز وظيفيتها وتسهيل تكلفة الاشتغال عليها من خلال مراجعة الرموز والألوان والظواهر الممثلة في الخريطة لتحقيق أهداف ووظائف الخريطة.
ثالثا: تقويم الخريطة على أساس قواعد السيميولوجيا البيانية، قبل وضعها ضمن وثائق الكتاب وبعدها للتأكد من عدم تشوهها أو حدوث اختلال في المقياس والأبعاد أو الافتقار إلى أحد عناصرها.
رابعا: إبداع وتوحيد رموز التمثيل البياني النقطي والخطي والمساحي بين الكتب المدرسية، والحرص على ثباتها في مختلف الوحدات والكتب.
خامسا: التأكيد على الأبعاد الدلالية للخرائط في الكتاب المدرسي لتستجيب وواقع وتطلعات المتعلمين محليا وجهويا.
سادسا: تحيين وتجديد معطيات الخرائط خاصة ما يتعلق منها بإعداد المجالين الحضري والريفي.
باللغة العربية:
الوثائق الرسمية:
- ـالإطار المرجعي للتقويم في مادة الاجتماعيات ،2014 مستوى الثانوي تأهيلي، مديرية التقويم، وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي.
- التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة بتدريس مادتي التاريخ والجغرافيا بسلك التعليم الثانوي التأهيلي،2007. مديرية المناهج، وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي.
- الكتاب الأبيض الجزأين الخامس والسابع،2002. مديرية المناهج، وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي.
- الميثاق الوطني للتربية والتكوين، 2003. المغرب.
الأطروحات والرسائل والبحوث والكتب:
- أحمد الشرقاوي، (2004 ـ 2005). مواضيع امتحانات البكالوريا في مادة الجغرافيا بالأكاديميات: دراسة تربوية تقويمية، بحث لنيل شهادة الدكتوراه، إشراف الدكتور محمد فتوحي، كلية علوم التربية الرباط.
- لحسن الحيداوي، (2004 ـ 2005). المقاربة الوظيفية في ديداكتيك الجغرافيا، مرحلة التعليم الثانوي الإعدادي نموذجا، بحث لنيل شهادة الدكتوراه، إشراف الدكتور امحمد زكور، كلية علوم التربية، الرباط.
- محمد جبوري. (2003). مساهمة في ديداكتيك الجغرافيا، قراءة الرسالة الكارطوغرافية في التعليم الثانوي، بحث لنيل شهادة الدكتوراة في علوم التربية، إشراف الدكتور امحمد زكور، كلية علوم التربية الرباط.
- محمد قفصي، (2010 ـ 2011). المعالجة الديداكتيكية للنهج الجغرافي من خلال التعبير الكارطوغرافي، دراسة تقويمية واقتراح سبل تطوير الممارسة “الجذع المشترك مسلك الآداب نموذجا”، بحث لنيل شهادة الدكتوراة، إشراف الدكتور لحسن الحيدواي، كلية علوم التربية بالرباط.
- محمد كلاد، (2012 ـ 2013). التعبير الكارطوغرافي والتمثلات المجالية، إشراف الدكتور محمد فتوحي، بحث لنيل شهادة الدكتوراة في علوم التربية، كلية علوم التربية الرباط.
- محمد كلاد، سيميائية التعبير الخرائطي، مكتبة السلام الجديدة، الدار البيضاء، 2010.
- محمد بلفقيه، (2002). الجغرافيا القول عنها والقول فيها: المقومات الإبستمولوجية، دار نشر المعرفة، الرباط.
- محمد زياد حمدان، (1986). تدريس الجغرافيا: مبادئها وأساليبها الخاصة، دار التربية الحديثة، الأردن.
- محمد قفصي، (2015). مبادئ أولية في منهجية البحث التربوي (أمثلة من حقل الجغرافيا)، دار القلم الرباط.
المعاجم والقواميس:
- ـالمعجم الوسيط، (1973). مجمع اللغة العربية، القاهرة.
- ابن منظور، لسان العرب. حرف القاف مادة قوم، بدون تاريخ.
- عبد الكريم غريب، (2006). المنهل التربوي، منشورات عالم التربية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
المجلات:
- بالحاج محمد، (2017). مجلة العلوم الاجتماعية والانسانية العدد 37 – جامعة باتنة الجزائر.
- سعيد أراق، (2007). اللامعنى وأنظمة الاستفراغ الدلالي “مجلة الحوار المتمدن”.
مراجع باللغة الأجنبية:
- – Y. André, (1998). Enseigner les représentations spatiales. Paris.
- – Y. André, (1987). L’utilisation des représentations de l’espace dans l’enseignement de la géographie dans les lycées «seconde rencontre nationale sur la didactique de l’histoire et de la géographie, 18 – 20 mars 1987, I.N.R.
- – A. André, (1980-81). l’expression graphique; Masson. paris.
- – B. Merenne – Schoumaker, (1993). Voies nouvelles pour l’enseignement de la géographie dans le secondaire, Bulletin de la Société géographique de Liège.
- – R. Brunet, (1971). pour une nouvelle conception de la didactique de la géographie; cahiers de géographie du Québec. n°31.
- – R. Brunet, (1991). géographie recentré, Géographie à enseigner‚ in enseigner la géographie au lycée, CRDPP‚ paris.
- – P. Giolitto, (1992).enseigner la géographie à l’école, Hachette. Education, Paris
- – J. Bertin, (1973). Sémiologie graphique. Les diagrammes. Les réseaux. Les cartes, Paris / La Haye, Mouton; Paris, Gauthier-Villars.
- – F. Joly, (1985). la cartographie, coll, QSJ. N° 937 PUF, Paris.
- – F. Joly, (1976). la cartographie, coll Magellan, P.U.F, Paris.
- – G. Hugonie, (1992). Pratiquer la géographie au collège, Ed «Formation des enseignants» Ed. Armand colin; paris.
- – M. Zgor, (1990). Géographie et Formation intellectuelle: contribution à l’élaboration d’un modèle didactique, niveau de l’évaluation des licenciés marocains au seuil de la profession de l’enseignant. Thèse en vue de l’obtention de grade de doctorat en sciences de l’éducation, vrije université Brusselle.