المسؤولية المدنية الناشئة عن مخاطر التطور التقني في نطاق الأعمال الطبية

م.م. حسين جليل حسون1

1 الجامعة الإسلامية في لبنان، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم القانون الخاص.

بريد الكتروني: Husseinjalil2024@gmail.com

اشراف الدكتور البروفيسور/ خليل جبرايل خير الله

HNSJ, 2024, 5(7); https://doi.org/10.53796/hnsj57/13

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/07/2024م تاريخ القبول: 18/06/2024م

المستخلص

شهد العالم في الآونة الأخيرة تطورًا تقنيًا مذهلاً أثر بشكل كبير على المجال الطبي، مما أسهم في تحسين عمليات الفحص، والتشخيص والعلاج والمتابعة، إلا أن هذا التطور يحمل في طياته مخاطر غير مرئية قد تهدد حياة المرضى، نظراً لعدم إمكانية اكتشافها ضمن حدود المعرفة العلمية والفنية الحالية. يثير هذا الواقع تساؤلات حول مدى كفاية الأركان التقليدية للمسؤولية المدنية، وهي الخطأ والضرر والعلاقة السببية، في التعامل مع المخاطر التقنية الجديدة. كما يتناول البحث كيفية تحقيق التوازن بين حماية المرضى المتضررين من هذه المخاطر وضمان العدالة للعاملين في المجال الطبي. يهدف البحث إلى استكشاف إمكانية حصول المتضررين على التعويض المناسب، ومن خلال هذه الدراسة يختتم البحث بتقديم نتائج وتوصيات تسعى لتعزيز النظام القانوني لضمان سلامة المرضى وتحقيق العدالة.

الكلمات المفتاحية: المسؤولية المدنية – مخاطر التطور التقني – الاعمال الطبية – الأخطاء الطبية – المسؤولية القانونية الطبية

Research title

Civil Liability Arising from the Risks of Technological Advancement in the Scope of Medical Practices

Hussein Jalil Hassoun1

1 The Islamic University of Lebanon, Faculty of Law and Political Science, Department of Private Law.

E-Mail: Husseinjalil2024@gmail.com

Supervised by Prof. Dr. /Khalil Gabriel Khairallah

HNSJ, 2024, 5(7); https://doi.org/10.53796/hnsj57/13

Published at 01/07/2024 Accepted at 18/06/2024

Abstract

Recently, the world has witnessed remarkable technological advancements that have significantly impacted the medical field, enhancing processes of examination, diagnosis, treatment, and follow-up. However, these advancements carry inherent, unseen risks that may threaten patients’ lives, as they cannot be detected within the current scientific and technical knowledge limits. This reality raises questions about the adequacy of the traditional elements of civil liability—fault, damage, and causation—in addressing these new technological risks. The research also explores how to balance the protection of affected patients from these risks with ensuring fairness for medical practitioners. The study aims to investigate the possibility of affected patients receiving appropriate compensation by examining the concept of technological risks, the nature of physicians’ liability, and compensation procedures. The research concludes with presenting findings and recommendations aimed at strengthening the legal framework to ensure patient safety and achieve justice.

Key Words: Civil Liability – Technological Advancements Risks – Medical Practice – Medical Errors – Medical Legal Liability.

المقدمة

أولاً: بيان موضوع البحث:

يشهد العالم تطوراً تقنياً سريعاً ومذهلاً، أثر بشكل كبير على القطاع الطبي، مما أدى إلى تحسين خدمات الفحص والتشخيص والعلاج. إلا أن هذا التطور يحمل في طياته مخاطر كامنة قد تهدد حياة المرضى، نظراً لعدم القدرة على اكتشافها ضمن حدود المعرفة العلمية الحالية. يهدف هذا البحث إلى دراسة المسؤولية المدنية الناشئة عن هذه المخاطر، وتحديد مدى كفاية الأركان التقليدية للمسؤولية المدنية (الخطأ، الضرر، والعلاقة السببية) في معالجة هذه المخاطر. كما يتناول البحث كيفية تحقيق التوازن بين حماية المرضى وضمان عدالة الأطباء الذين قد يواجهون هذه المخاطر التقنية.

ثانياً: إشكالية البحث:

تتمثل إشكالية هذا البحث في كيفية معالجة المسؤولية المدنية الناشئة عن المخاطر التقنية غير المكتشفة التي قد تنتج عن التطورات الحديثة في المجال الطبي، ومدى كفاية الأركان التقليدية للمسؤولية المدنية في تغطية هذه المخاطر وضمان حماية حقوق المرضى المتضررين، مع تحقيق التوازن بين العدالة للمرضى والأطباء.

ثالثاً: هدف البحث:

يهدف هذا البحث إلى تحليل وتوضيح المسؤولية المدنية للطبيب عن المخاطر الناشئة عن التطور التقني في نطاق الأعمال الطبية، كما يسعى البحث إلى تقديم فهم شامل لمفهوم هذه المخاطر وخصائصها الفريدة، واستكشاف كيفية تعامل النظام القضائي مع المسؤولية المدنية للطبيب في هذا السياق، فمن خلال ذلك، يهدف البحث إلى تعزيز الأطر القانونية وضمان حماية حقوق المرضى وتحقيق العدالة في مواجهة التحديات التي تفرضها التقنيات الطبية الحديثة.

رابعاً: أهمية البحث:

تبرز أهمية هذا البحث في تقديم إطار قانوني لتحديد المسؤولية المدنية للأطباء تجاه المخاطر التقنية الحديثة في المجال الطبي، كما يساعد البحث في حماية حقوق المرضى وتعزيز العدالة في التعامل مع الأخطاء الطبية الناشئة عن التقنيات الجديدة، مما يسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية وضمان سلامة المرضى.

خامساً: منهجية البحث:

يعتمد البحث على المنهج التحليلي لدراسة الأطر القانونية الحالية وتحليل القضايا القانونية المتعلقة بالمخاطر التقنية في المجال الطبي. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام المنهج المقارن لمقارنة التشريعات المحلية والدولية وتقديم توصيات لتحسين الأطر القانونية.

سادساً: هيكلية البحث:

قسمت الدراسة على ثلاثة مباحث رئيسية وكما يلي:

المبحث الأول: مفهوم مخاطر التطور التقني في نطاق الاعمال الطبية

المبحث الثاني: خصائص مخاطر التطور التقني في نطاق الأعمال الطبية

المبحث الثالث: موقف القضاء من المسؤولية المدنية للطبيب عن مخاطر التطور التقني في الأعمال الطبية.

المبحث الأول

مفهوم مخاطر التطور التقني في نطاق الاعمال الطبية

تشير مخاطر التطور التقني في الأعمال الطبية إلى التهديدات الصحية غير المعروفة التي تنشأ نتيجة استخدام التقنيات الحديثة في التشخيص والعلاج، والتي قد تتجاوز المعرفة العلمية والفنية المتاحة وقت تقديم الخدمة الطبية، كما وقد شهدت الأعمال الطبية تطوراً تقنياً هائلاً أدى إلى تحسين جودة الرعاية الصحية والخدمات الطبية المقدمة، ومع ذلك، فإن هذا التطور يحمل في طياته مخاطر غير مرئية قد تؤثر سلباً على صحة المرضى وسلامتهم. مفهوم مخاطر التطور التقني يشير إلى التهديدات الكامنة التي قد لا تكون معروفة في وقت تقديم الخدمة الطبية، مما يستدعي دراسة وتقييم كيفية التعامل معها ضمن الأطر القانونية والطبية. هذا التمهيد يسلط الضوء على أهمية فهم هذه المخاطر لضمان تقديم رعاية صحية آمنة وفعالة، حيث إن وضع تعريف جامع مانع لأي مصطلح قانوني ليس أمراً سهلاً، ومما لا شك فيه أن الأمر يزداد صعوبة عندما يتعلق الامر بمصطلح حديث مضمونه مرن ((كمخاطر التطور التقني([1]) في نطاق الأعمال الطبية)) إذ هناك عدة مخاطر متغيرة بتغير الأزمان، لأن ما لا يمكن اكتشافه في زمان ما يمكن اكتشافه في زمان آخر، نتيجة للتطور العلمي والتقني الذي طرأ على هذه الأعمال.

ومن الجدير بالذكر، إن التوجيه الأوربي ((European directive)الصادر عام 1985، الخاص بالمسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة، (والمتخذ كدليل تستأنس به التشريعات([2]) الصادرة في دول الاتحاد الأوربي في تنظيم أحكام هذه المسؤولية في تشريعاتها الداخلية)، إعفاء المنتج من المسؤولية الناشئة عن مخاطر التطور في المادة (7/أ) والتي تنص على أنه (لا يكون المنتج مسؤولاً إذا اثبت أن حالة المعرفة العلمية والتقنية وقت وضع المنتجات في التداول لم تكن تسمح له باكتشاف العيب).

صحيح إن المشرع الفرنسي تأخر كثيراً في تطبيق التوجيه الأوربي إلا أن ذلك لم يكن تقاعساً منه عن حماية المستهلك وإنما كان بسبب الاعتراضات على إعفاء المنتج من المسؤولية تحت ستار مخاطر التطور، فكانت مسألة التأخير الغرض منها ضمان حماية اكبر للمستهلك وعدم إفلات المنتج من المسؤولية تحت أي مبرر([3]).

حيث قرر المشرع المدني الفرنسي في المادة (1245-10- 4) سبباً لإعفاء المنتج من المسؤولية عن عيوب منتجه إذا كان من المستحيل عليه كشف هذا العيب باستخدام الوسائل العلمية وما أفرزته التقنية الحديثة وهو ما اصطلح على تسميته بمخاطر التطور، حيث نصت المادة أعلاه (المنتج يكون مسؤولاً بقوة القانون إلا إذا اثبت أن حالة المعرفة العلمية والتقنية في الوقت الذي تم فيه تداول المنتج لم تسمح بكشف وجود العيب).

وبهذا النص يكون المشرع الفرنسي قد أضاف سبباً جديداً للإعفاء من المسؤولية لم يكن معروفاً من قبل، فإلى جانب القوة القاهرة والحادث الفجائي وفعل الغير أضيفت مخاطر التطور بحيث يمكن للمنتج أن يتمسك بها للتخلص من المسؤولية المدنية ([4]).

ورغم ذلك فان المشرع الفرنسي لم يأخذ بالإعفاء من مخاطر التطور على إطلاقه، بل اعتبره سبباً نسبياً للإعفاء، ويتجلى ذلك في عدم الاعتداد به في حالة ما إذا كان الضرر قد نجم عن عناصر أو منتجات الجسم الإنساني ([5]).

لذلك يذهب رأي([6]) في الفقه الفرنسي على أن مخاطر التطور يقصد بها ((إن المنتج – ومن في حكمه- لا يستطيع أن يتحاشى أو يكشف العيب الموجود في المنتج، وفقاً للمعطيات العلمية والفنية الموضوعية والممكنة وقت طرح المنتج للتداول)).

وفي رأي ([7]) آخر يذهب إلى انه الخطر الذي يربط بين الحدث والعيب، ولكمنه غير مدرك وفقاً لمعطيات الحالة الفنية والعلمية لحظة طرح السلعة او المنتج للتداول، فالأضرار تكون نتيجة لمخاطر متضمنة في الشيء ذاته، إذ الخطر كامن في أصل الشيء.

أي بمعنى هل أن هذه المخاطر محصورة في نطاق مسؤولية المنتج عن منتجاته المعيبة أم أن هناك نصوصاً أخرى تتضمن النص عليها؟

يلاحظ على التعريفين السابقين أنهما قيلا بمناسبة شرح البند (4) من الفقرة (10) من المادة (1245) من القانون المدني الفرنسي، والتي أدرجت بمقتضى قانون (19 مايو 1998) والخاص بمسؤولية المنتج عن منتجاته المعيبة، والتساؤل هنا هو هل أن مخاطر التطور مقصورة على هذا النص؟

للإجابة على هذا التساؤل نقول:- أن مخاطر التطور لم يقتصر النص عليها فقط في قانون (19 مايو 1998)، بل ان هناك العديد من النصوص التي نصت عليها منها ([8]):

1 – المادة (35/b) من اتفاقية ((lugano في (21 يونيو 1993) الخاصة بالمسؤولية عن الأضرار التي تنشأ عن الأنشطة الخطرة بالبيئة والتي تنص 1 – كل الموقعين في ذلك الوقت يمكن أن يتحفظوا على إعلان التصديق أو الموافقة على الاتفاقية.

أ – عدم تطبيق المادة (3) الفقرة (a) عن الأضرار في إقليم الدول التي ليس أطراف في هذه الاتفاقية على أساس مبدأ المعاملة بالمثل. ب – لهم الحق في مراجعة قانونهم الداخلي مع عدم الإخلال بالمادة الثامنة التي لا يكون فيها المستفيد مسؤولاً إذا ما ثبت أنه وفي حالة الضرر الحاصل بسبب ممارسة نشاط خطر المشار إليها في المادة (2) فقرة a)) و b)) حالة المعرفة العلمية والفنية لا تسمح بمعرفة الخصائص الخطرة للمادة أو أظهرت العملية خطر كبير على العضو الجسدي. ج – لا تطبق المادة (18/1).

2 – المادة (8/4/b) من التوجيه الأوربي (2004\35\ce) في 21/4/2004 والخاص بحماية البيئة والتعويض عن الأضرار التي تلحق بها. والتي تنص (انبعاث أو نشاط بمختلف الأنواع باستخدام منتج من قبل أحد الكوادر الوظيفية إذا كان ذلك النشاط لا يعد مشكوكاً به بان لا يسبب ضرراً على البيئة في وقت الاستخدام العلمي أو الفني لحظة الانبعاث أو النشاط).

لعل هذه النصوص التي سبق ذكرها هي التي دفعت البعض([9])لتعريف مخاطر التطور التقني بشكل عام غير مقصور على مسؤولية المنتج عن منتجاته المعيبة، بأنها عدم المعرفة الملازمة للنشاط الإنساني.

وبما ان الخطر بصفة عامة يعد ملازماً للنشاط الإنساني، فمن الصعوبة القول بانعدام الخطر بأي نشاط إنساني ومن ثم، فإن الخطر أما أن يكون معلوماً وقت القيام بالعمل الطبي وأما أن يكون غير معلوم.

فإذا كان الخطر معلوماً أو مؤكد وقوعه في المستقبل فأن ثمة آليات قانونية لمواجهة مثل هذا الخطر، أما إذا كان غير معلوم، ولكن التطور العلمي والتقني الذي لا يتوقف اكتشفه فإن هذا الخطر يعد من مخاطر التطور.

وعليه، وبما أن العمل الطبي يعد صورة من صور النشاط الإنساني بل من أهم الصور لأنه يتعلق بصحة الإنسان وسلامة جسده، وعلى الرغم من ضرورته تعاظمت مع التطور مخاطره، ليس فقط بسبب قصور المعرفة عن الإحاطة بما يلازم طرق وأدوات الفحص والتشخيص والمعالجة والمتابعة من مخاطر وإنما كذلك بسبب غموض الجسم الانساني([10]).

من خلال ما تقدم، يمكننا تعريف مخاطر التطور التقني في نطاق الأعمال الطبية بأنها (الأضرار الملازمة للعمل الطبي والتي لم تكن معلومة ليس لدى القائم بالعمل الطبي المعني فقط بل في نطاق علم الطب لحظة اجراء الفحص أو التشخيص أو المعالجة أو المتابعة فالجهل بهذه المخاطر لا يرجع إلى إهمال أو تقصير من قبل الطبيب، وإنما يرجع إلى محدودية المعرفة الإنسانية، حيث لا يمكن الجزم بما توصل أليه الإنسان هو اليقين، فقد يغيره التطور فيما بعد، وبما أن التطور سمة الحياة، فإن التطور يكشف بعد فترة أن هذا العمل أثناء القيام به كان متضمناً ضرراً ما).

المبحث الثاني

خصائص مخاطر التطور التقني في نطاق الأعمال الطبية

يشكل العمل الطبي مظهراً للنشاط الإنساني القائم على العلم، والذي على الرغم من ضرورته في مواجهة ما يتهدد صحة وسلامة الإنسان، تعاظمت مع التطور التقني مخاطره، ليس فقط بسبب قصور المعرفة عن الإحاطة بما يلازم طرق وأدوات العلاج والتشخيص والمركبات الصيدلية…. الخ من مخاطر، وانما كذلك بسبب غموض الجسم الانساني([11]).

فما من شفاء من مرض إلا في نطاق الاحتمال، فالالتزام الذي يقع على عاتق الطبيب هو التزام بوسيلة، ومن ثم قد يتحقق الضرر رغم العناية التي تمت للمريض والتي تتفق مع أصول وقواعد مهنة الطب.

وليس مبرر لذلك إلا حقيقة هذه المخاطر التي تتسم بالنسبية ولا تنفصل عن أي عمل طبي عليه، فإن خصائص ([12])هذه المخاطر تعد في غاية الأهمية، فعن طريقها يمكن تحديد ما إذا كنا بصدد خطر من مخاطر التطور أم لا، فضلاً عن إن التمييز بين مخاطر التطور وغيرها من المخاطر الأخرى يتوقف على معرفة هذه الخصائص.

إذا فالمدعى عليه (الطبيب مثلاً) ليس له أن يدفع مسؤوليته استناداً إلى مخاطر التطور إلا إذا اثبت أن هذه المخاطر لم تكن معلومة لحظة تقديم الخدمة، لأنه لو كان يعلم بها لوجب القول بمسؤوليته عنها. فالفرض أنه لا يعلمها، ومن ثم لا يتحمل تبعتها. وان الفضل في اكتشاف هذه المخاطر يرجع إلى التطور التقني والعلمي، ولذلك تعد خاصية عدم المعلومية الخاصية الأولى من خصائص مخاطر التطور، بيد أن مخاطر التطور تعد ملازمة لكافة صور النشاط الإنساني، ومن صور هذا النشاط هي الأعمال الطبية، ومن ثم فهي حتمية.

إذا لدينا خاصيتان تميزان مخاطر التطور، الأولى أنه خطر غير معلوم، والثانية أنه خطر حتمي، وكما يلي:

أولاً: مخاطر التطور التقني غير المعلومة

الطب الحديث في ارتكازه بصفة أساسية على تقنيات معقدة، احدث تحولاً هاماً في دور الطب وأسبغ على نشاطه من السمات ما جعله أكثر اقتراباً من العمل المهني لا العمل الذهني، فالطبيب يعتمد في التشخيص أو العلاج على ما هيأه العلم من ادوية وأدوات وآلات، وخطورة تلك الأشياء تكمن لا في عدم كمالها وإنما فيما قد يترتب على استخدامها من ضرر يتمثل غالباً في ردود فعل يتعذر التنبؤ بها مقدماً ([13]). بيد أن استحالة العلم بهذه المخاطر تقتضي تحديد الوقت الذي تقدر على أساسه هذه الاستحالة في العلم، ولمعرفة ما هو الوقت الذي يمكن على أساسه تقدير عدم المعلومية، هنالك معياران[14] الأول زمني والثاني تقديري. لذلك نستعرض في هذا الفرع المعيار الزمني أولا والمعيار التقديري، وكالاتي.

  • المعيار الزمني:

يقصد بالمعيار الزمني تحديد الوقت الذي تكون فيه مخاطر تطور العمل الطبي غير معلومة بالنسبة للقائم بها.

أي أن يثبت القائم بالنشاط (الطبيب) أنه وقت أن قام بالعمل الطبي لم تكن حالة المعرفة العلمية و الفنية تسمح له بأن يكتشف وجود الخطر، وعلى ذلك فلا مجال للقول بأن الطبيب قد انحرف عن واجباته، أو أهمل في القيام بها، أو أنه قد ارتكب خطأً في العلاج. متى ما أدى واجباته بعناية ورغم ذلك تحقق الضرر بسبب المخاطر الناشئة عن العمل الطبي التي لا يسمح العلم الإحاطة بها واتقائها([15]). فيكون على الطبيب أن يلتزم بمتابعة حالة مريضه سواء ربطهما عقد أم نشأت علاقتهما خارج النطاق العقدي.

ذلك أنه في بعض الظروف الاستثنائية كحالة الاستعجال والضرورة والبعد عن المراكز الصحية، لا يجد المرضى أمامهم سوى قبول الخدمة الطبية من اقرب طبيب، وهو حينئذ يكون شبه مفروض عليهم، وإلا لن يحصلوا على أية رعاية. ولما كان العقد الطبي من العقود ذات الاعتبار الشخصي، فإن الطبيب يلتزم كقاعدة عامة بأن يهتم شخصياً بأمر المرض([16]).

وعقد العلاج الطبي هو بطبيعته من العقود المستمرة، لأن الفحوص والعلاج تمتد فترة من الزمن تطول أو تقصر حسب طبيعة المرض ونوع العلاج([17]).

  • المعيار التقديري:

في البداية يجب عدم الخلط بين حالة المعرفة العلمية والفنية وقواعد الفن. فقواعد الفن ليست إلا قواعد معرفة ما نعمل والتي تفترض دراستها تقدير أو تحديد قطاع مهني معين. واحترام قواعد الفن يكون ملزماً ولكنه لا يكفي لاستبعاد مسؤولية المهني.

أما المعرفة العلمية والفنية فهي تجمع قواعد الفن، ولكنها تتعلق بمجال أوسع بكثير لا يتحدد إطلاقاً بمجال مهني خاص. وتحديدها يمثل احد شروط الإعفاء من المسؤولية، واستبعاد مسؤولية المهني. ([18])

فإن التساؤل الذي يدور هنا، هو كيف يمكن تقدير هذه الحالة من المعرفة العلمية والفنية؟

يرى البعض ([19])من الفقه الفرنسي أن ثمة أكثر من معيار لهذا التقدير، فهذه الأخيرة تقدر كماً ونوعاً، على النحو الآتي:-

1 – التقدير الكمي للمعرفة. إن المعرفة التي يعتمد عليها لتحديد مفهوم مخاطر التطور التي تعفي من المسؤولية هي المعرفة الإجمالية من حيث المجال، ومن حيث المكان، فمن حيث مجال المعرفة يجب أن تكون المعرفة تتسع لتشمل كافة مراحل المعرفة العلمية والفنية الموجودة وقت قيام الطبيب بالعمل الطبي([20]).

أما من حيث المكان، فأن المعرفة ينظر إليها على مستوى العالم، وليس على المستوى المحلي للقائم بالعمل الطبي([21]).

بمعنى أنه يتعين على القائم بالعمل الطبي أن يضع في اعتباره أثناء مباشرته لمهنته حالة المعرفة العلمية والفنية على مستوى العالم سواء في مرحلة الفحص أو التشخيص أو المعالجة أو المتابعة للمريض.

فالمعرفة التي يعتمد عليها لتحديد مخاطر التطور التي تعد سبباً معفياً من المسؤولية، هي المعرفة المستحيلة التي لا يسهل الوصول إليها بالنسبة للقائم بالعمل الطبي. إذ القاعدة لا تكليف بمستحيل، بيد أن هذا الاشتراط يثير إشكالية تتمثل بالسؤال التالي، كيف يمكن التحقق من أن المعرفة متاحة للقائم بالعمل الطبي وقت قيامه به؟

يجيب على هذا السؤال الفقيه الفرنسي (د – أوليفر بيرغ) حيث يقول بأن المعرفة تكون ممكنة وسهلة المنال بالنسبة للقائم بالعمل الطبي متى كانت منشورة ([22]).

2 – التقدير النوعي للمعرفة: إن نوعية المعرفة العلمية والفنية التي ينبغي الرجوع إليها لتحديد مفهوم مخاطر التطور هو أن تكون على مستوى من المعرفة والتي تكون آخر ما توصل إليها العلم أو الفن لحظة القيام بالعمل الطبي على المستوى العالمي وليس على مستوى دولة معينة([23]).

ويقدر القاضي مدى توافر حالة المعرفة العلمية والفنية من عدمه، ولذلك فلا ينظر إلى حالة المعرفة التي يملكها الطبيب أو التي يمكن أن يعلمها بشكل شخصي، وإنما أن ينظر إلى حالة المعرفة بشكل موضوعي على المستوى العالمي، والتي يفترض على الطبيب أن يكون عالماً بها.

ثانياً: مخاطر التطور التقني الحتمية:

الخاصية الثانية من خصائص مخاطر التطور التقني هي خاصية الحتمية والتي يقصد بها هو أن تكون ملازمة للقائم بالأعمال الطبية ([24])، ويرى البعض ([25]) أن أكثر الأشخاص الذين تلازمهم هذه المخاطر هم الأشخاص المحددين في القانون الفرنسي الخاص بالمسؤولية عن المنتجات المعيبة المرقم (389) لسنة (1998) والذي أدرج ضمن القانون المدني الفرنسي في المادة (1245) والتي تنص الفقرة الخامسة منها بأنه (يعد منتجاً، صانع المنتج المنجز، ومنتج المادة الأولية، وصانع الجزء المكون، إذا كان يتصرف بصفته المهنية.

يعامل كمنتج، لغرض تطبيق هذا الفصل، كل شخص يعمل بصفة مهنية:

  1. من يقدم نفسه كمنتج بوضع اسمه أو علامته أو أي إشارة مميزة على المنتج.
  2. من يستورد منتجاً من المجموعة الأوربية بقصد البيع أو التأجير، مع وعد بالبيع أو دونه، أو أي شكل آخر للتوزيع.

بيد أن واقع الحال يشير إلى أن مخاطر التطور لا يمكن أن تكون قاصرة على الأشخاص المشار إليهم في قانون المنتجات المعيبة رقم (389) لسنة (1998)، إذ من الوارد أن تكون مخاطر التطور متصلة بأشخاص غير المشار إليهم في القانون أعلاه، كمقدمي الخدمات الطبية، ومن هؤلاء على سبيل المثال الطبيب، فالطبيب لا يعد مسؤولاً متى قدم العناية الطبية لمريضه، وفقاً لحالة العلم الطبي وقت تقديم العناية ولم يكن الطبيب يستطيع أن يعلمه أو يكتشفه وفقاً لحالة العلم وقت تقديم العناية، فإن هذا يعد خطراً من مخاطر التطور التقني([26]).

عليه، فالأشخاص خارج نطاق القانون الفرنسي المرقم (389 لسنة 1998) الخاص بالمسؤولية عن المنتجات المعيبة، يمكن أن يكونوا في حالتين وهذا ما نبحثه في هذا الفرع من خلال تقسيمه أولاً وثانياً، وكالاتي:

الحالة الأولى:- إذا كان الخطر يهدد الشخص في وجوده أو حياته.

وتظهر هذه الحالة فيما يعرف بعلم المداواة. أي بمعنى أن هذا الخطر يظهر في إطار العلاقة بين الطبيب والمريض، والتي تفترض وجود مريض قدم له الطبيب عناية طبية وفقاً لحالة علم الطب، وان حالة المريض وقت تقديم الخدمة الطبية لا يمكن أن يستخلص علمياً منها قابلية المريض للإصابة بأمراض معينة، ثم بتقدم علم الطب، ثبت أن المريض كانت لديه قابلية للإصابة بالمرض الذي يهدد حياته، والذي قد أصابه وقت تقديم الخدمة([27]). فمثلاً عمليات نقل الدم ومنتجاته رغم سهولتها لا تخلو من المخاطر مهما اتخذت من احتياطات، فالأمر لا يتعلق فقط بتحديد الفصيلة والعامل الرايسي ((RH)) وتوافق دم المعطي مع دم المستقبل وكذلك لا يتعلق فقط بخلو أجهزة نقل الدم من مولد الحرارة أو من التلوث الجرثومي، وإنما يتعلق بأسباب كثيرة، لأن الدم مركب حيوي معقد والأبحاث العلمية والتحريات الفيزيولوجية تكشف من وقت لآخر عنصراً جديداً كبعض الخمائر والأحماض الامينية.

فأن اختيار المتبرعين لا يكون أبداً ذا فاعلية مطلقة فما من اختبار يكون موثوقاً به مئة بالمئة، فالاختبارات قد يكون من الصعب عليها الكشف عن وجود الفيروس، لأن الأجسام المضادة التي ينتجها الجسم ضد الفيروس المهاجم لا تتواجد إلا بعد ظهور الفيروس أما أثناء فترة الحضانة فلا تظهر هذه الأجسام مما يجعل الاختبار عديم الفائدة، فهنا مثل هذا الخطر يعد من مخاطر التطـــــــور التقني، التي يفترض عدم مساءلة الطبيب مادام أنه وقت الفحص أو التشخيص أو المعالجة أو المتابعة قد التزم علم الطب([28]).

الحالة الثانية:- إذا كان الخطر ناشئاً في علاقة الشخص مع الآخرين.

الشخص في علاقته مع الآخرين يمكن أن يكون حاملاً أو ناقلاً للمرض، فالأمراض التي تصيب الجينات البشرية حينما تكون مجهولة وفقاً للمعطيات العلمية والفنية، فأنها يمكن أن تؤدي إلى ضرر فيما بعد ([29]).

فالمتبرع الذي يجهل حالته الطبيب وفقاً بعلم الطب وقت قيامه بالتبرع ومع ذلك أقدم عليه وقام باتخاذ جميع الاحتياطات والحذر لكي يمنع انتقال العدوى، فإن المرضى الذين ينقل إليهم الدم أو احد منتجاته من المتبرعين ويبقى الفيروس في مرحلة صامتة أو فترة الحضانة هنا لا يمكن للأخير التنبؤ أو التعرف على حالته الصحية، فإذا قام بالتبرع لآخر فلا يمكن القول بمسؤوليته([30]).

فالأشخاص الأوائل الحاملون لفيروس الايدز أو التهاب الكبد الوبائي، حينما قاموا بنقل دم إلى الغير ونقل المرض إليهم، لم يكن معلوماً وقت نقل الدم أو منتجاته بوجود الفيـروس طبــقاً للمعطيـــات العلمية والفنية([31]).

المبحث الثالث

موقف القضاء من المسؤولية المدنية للطبيب عن مخاطر التطور التقني في الأعمال الطبية

مع التقدم السريع في مجال التكنولوجيا الطبية، أصبحت المخاطر المرتبطة بهذه التطورات أكثر تعقيداً وأشد تأثيراً على النظام القانوني. يعتبر موقف القضاء من المسؤولية المدنية للطبيب عن هذه المخاطر قضية جوهرية تستدعي اهتماماً خاصاً، حيث تتداخل الابتكارات الطبية مع حقوق المرضى وسلامتهم، تكمن المشكلة في أن هذه المخاطر قد لا تكون معروفة أو متوقعة في وقت تقديم الخدمة الطبية، مما يضع القضاء أمام تحدي تحقيق التوازن بين حماية المرضى وضمان العدالة للأطباء، حيث ستستعرض هذه الدراسة الأحكام القضائية وتحليلها لتحديد الاتجاهات القانونية والتشريعية، وايضاً ستوضح هذه الدراسة المعايير التي يعتمدها القضاء في تقييم مسؤولية الطبيب، وتأثير التطورات التقنية على القرارات القضائية. من خلال ذلك، نهدف إلى تقديم رؤية شاملة ومتكاملة لكيفية معالجة هذه القضايا القانونية المعقدة وتحقيق العدالة لجميع الأطراف المعنية، ومن هذا المنطلق سنبين الآتي:

أولاً: موقف القضاء الفرنسي من طبيعة مسؤولية الطبيب الناشئة عن مخاطر التطور التقني

كان للقضاء الفرنسي كعادته دور خلاق لسد النقص التشريعي وتجلى ذلك في مجال المسؤولية الطبية , فمن خلال سلطته في تفسير النصوص القائمة من أجل قواعد المسؤولية المدنية كي تتلائم مع مقتضيات التطور التي يشهدها المجتمع سيما في السنوات الاخيرة التي جادت فيها اضرار المتعاملين مع مزاولي مهنة الطب فأذا كانت محكمة النقض الفرنسية قد اكدت في اكثر من حكم لها على انه يلزم لكي يحكم على مرتكب الخطأ بالتعويض ان يكون الخطأ المرتكب قد ساهم بطريقة مباشرة في حدوث الضرر وهذا ما اكدته في حكم([32]) (7 يناير 1997) وقد صدر هذا الحكم, بمناسبة دعوى تتحصل وقائعها في ان مريضا كان يعاني من آلام في ذراعه الايسر نتيجة ضغط واقع على اعصاب وشرايين الذراع عند اتصاله بالصدر, مما استلزم اجراء جراحة له, واثناء اجراء هذه الجراحة ولتشابك وتلاحم العديد من الشرايين العصبية على هذا الجزء, قطع الجراح شريانا شديد الالتصاق بالشريان الذي تجري الجراحة من اجله, مما احدث نزيفاً للمريض, ترتب عليه وفاته. اقامت زوجة المضرور دعوى المسؤولية, وبالرجوع الى رأي الخبراء قرروا ان الجراحة تمت وفقاً للأصول الطبية السليمة, وان الوفاة قد حدثت نتيجة تفاقم استثنائي غير متوقع في حالة المريض.

وعلى الرغم مما قرره الخبراء, الا ان محكمة (Evry) الابتدائية قضت بقيام مسؤولية الجراح على اساس انه ارتكب مسلكا غير سليم في اجراء الجراحة, وصفته بانه يمثل رعونة وخرقا للأصول الطبية.

وفي (30 يونيو 1994) ذهبت محكمة استئناف باريس عكس ذلك, حيث قضت بانه لم تكن هناك اية رعونة او خطأ من جانب الجراح, وان الوفاة قد حدثت نتيجة تفاقم استثنائي وغير متوقع في حالة المريض.

وحين طعن بهذا الحكم بالنقض, ذهبت محكمة النقض الى القول بانتفاء المسؤولية كما قضت محكمة استئناف باريس- يمثل خرقا للمادتين (1135) و(1147) من القانون المدني([33]), وقررت ان الضرر الذي حدث للمريض قد وقع بفعل الجراح بقطع النظر عن ثبوت الخطأ في جانب هذا الاخير من عدمه.

ففي هذا الحكم اقرت محكمة النقض ان الضرر الذي حدث للمريض قد وقع بفعل الجراح بغض النظر عن ثبوت الخطأ في جانبه من عدمه, وهو ما يعني ان محكمة النقض رأت ان مجرد وقوع حادثة طبية, او جراحية يكفي لتحقيق مسؤولية الجراح, ولو لم تنظو هذه الحادثة على خطأ يمكن نسبته اليه.

اي يجب الا يكون الضرر نتيجة طبيعية, ومتوقعة على مجرد اخفاق العلاج, فشذوذ الضرر بالنظر لحالة المريض, والعناية المبذولة في علاجه يستدل به على اننا بصدد حادثة طبية، ولذلك فقد قضت ([34]) محكمة النقض في حكم لها سنة (2002) بأن يكون الطبيب مسؤولاً عن التعويض عن فوات فرصة المولود في ان يولد سليما ً من الاصابات التي حدثت له والمترتبة بوجه خاص عن نقص الاوكسجين اللازم له في الفترة السابقة على ولادته ولذلك على الرغم من ان الخبراء لم يمكنهم تحديد ما اذا كان من اللازم اجراء ولادة قيصرية مبكراً للأم لتجنب حدوث هذه الاضرار ام لا حيث قضت ([35]).

كما قضت ايضا بأن تقصير الطبيب في التزامه بإخبار المريض بحقيقة حالته الصحية يكون قد فوت عليه الفرصة في اتخاذ القرا ر المناسب لكي يتخلص من آلامه , وان الضرر المترتب على هذا التقصير يختلف عن الضرر الجسدي المترتب على الخطأ المهني غير ان الضرر المتمثل في فوات الفرصة لا يكون متحققاً في الحالة التي لا يكون المريض فيها مؤهلاً لأن يبدي رأياً بالموافقة او برفض العمل الطبي ([36]).

وفي قرار([37]) رفضت محكمة النقض الفرنسية بمقتضى القرار الصادر من الغرفة المدنية الاولى بتاريخ (28-5-1998)، الاستناد الى جسامة الضرر لأستخلاص الخطأ القائم بالعمل الطبي الذي يقوم كأساس لتحمله مخاطر التطور التقني الضارة للتدخل الذي اجراه وذلك بصدد دعوى المسؤولية التي تقدم احد المرضى ضد الطبيب الذي باشر علاجه بقصد تخفيف التورم الناجم عن تجمع درني خلقي في جبينه , بأستخدام مركب , (Trombeavar) الذي تسبب تسلله الى عين المريض في التهاب حاد انتهى بفقدانه الابصار بالعين اليمنى كلية. وكانت محكمة اول درجة قد رفضت دعواه على اساس ان تقنية العلاج التي استخدمها الطبيب تعد من العلاجات الشائعة التي لا ينطبق عليها وصف الطريقة الجديدة في العلاج (une thera peutique nouvelle), كما ان العلاج قد تم وفقا للمعطيات العلمية السائدة , دون ثبوت اي انحراف في المسلك الطبي للطبيب الذي لم يرتكب ادنى خطأ في حقن العقار داخل الجزء المتورم او تقصير العناية المطلوبة.

غير ان محكمة الاستئناف كان لها رأي مخالف اذ اعتبرت ان حدوث ضرر بالغ الخطورة وغير عادي على اثر الخضوع لعمل طبي مألوف , كاف لاستنتاج وجود خطأ مضمر (une faute incluse) يقوم كأساس كاف لأثارة مسؤولية الطبيب عن هذه الاضرار.

طعن الطبيب في هذا الحكم امام محكمة النقض التي سنحت لها الفرصة بتوضيح موقفها من مسألة الخطأ المضمر , حيث ابدت رفضها المطلق لهذه الفكرة , معلنة انه لا يكفي لاي حال لاثارة مسؤولية الطبيب عن فقدان المريض لعينه , الاعتداد بما نشأ عن الاجراء الذي باشره من اضرار ومن ثم فلا يصح القول ان هذه الاخيرة وان بلغت حداً غير عادي من الجسامة , تنبئ بذاتها عن وقوع خطأ ما دامت قد نجمت عن عمل طبي مألوف , ذلك انه لا يكمن الاستناد الى هذه الفكرة المغلوطة لتبرير قيام مسؤولية الطبيب في حين ان وجود الخطأ لايمكن استخلاصه من مجرد كون الضرر استثنائيأً.([38])

نخلص مما سبق، بإن القضاء الفرنسي جعل التربة صالحة امام مشرعه بوضع القانون رقم(303) لسنة (2002) المتعلق بحقوق المرضى وجودة النظام الصحي.الذي بصدوره اجتمع للمرضى سبل الحماية القانونية من الاضرار التي قد تصيبهم نتيجة لتعاملهم مع الجهات التي تقدم الخدمات الطبية في أية مرحلة من المراحل التي تقدم فيها تلك الخدمات سواء في مرحلة الوقاية من الامراض ام تشخيصها ام العلاج منها، فقد وضع آلية لتعويض المتضررين سواء نتجت الاضرار التي اصابتهم عن خطأ مهني ام عن الاضرار التي تلازم الاعمال الطبية (مخاطر التطور التقني).

ثانياً: موقف القضاء العراقي والمصري من طبيعة مسؤولية الطبيب الناشئة عن مخاطر التطور التقني

بالنظر لعدم وجود نصوص تشريعية تتعلق بمسؤولية الطبيب بصورة خاصة فان القضاء العراقي حدد هذه المسؤولية وفقا للقواعد العامة للمسؤولية التقصيرية، عندما يكون الطبيب يعمل في مستشفى حكومي والتي تتميز بكون علاقته مع المريض تنظيمية وليست عقدية حتى في حالة وجود عقد، ففي قضية اقيمت في محكمة بداءة الكرادة, ادعت المدعية بأنها عملت عملية زرع طفل انانيب فاشلة ادى الى حدوث مضاعفات ((التهاب البروتون وخراج البطن)) وذلك بسبب خطأ جسيم من المدعى عليهم وسبب لها ضررا ماديا وصرف مبالغ اضافية للعلاج ولتحقق مسؤولية المدعى عليهم بالتكافل والتضامن تطلب الزامهم بالتعويض فقضت المحكمة برد الدعوى وصدق الحكم من قبل محكمة التمييز الاتحادية حيث جاء في حكمها ((.. وجد انه صحيح وموافق للقانون وذلك, لقيام المحكمة بانتخاب خمسة خبراء اطباء من ذوي الاختصاص وقدموا تقريرهم في 27/5/2013 والمتضمن ان المضاعفات التي حصلت للمدعية ممكن ان تحدث في اي عملية جراحية تجري في الحوض بما فيها عملية سحب البيوض وعدم وجود تقصير من الطبيبة المعالجة وحيث ان المطالبة بالتعويض وفقا للمسؤولية التقصيرية يتطلب حدوث خطأ من جانب المدعى عليها وحيث ان تقرير الخبراء الذي اعتمدته المحكمة في اصدار حكمها المميز نفى مسؤولية المدعى عليها مما تكون دعوى المدعي لا سند لها من القانون))([39]).

نلاحظ على القرار السابق ان المحكمة تعتبر المسؤولية خطيئة اذا ارتكب الطبيب خطأ جسيم, وهو الخطأ الذي لايرتكبه اشد الناس اهمالا وهو اقرب الى العمد ويلحق به([40]).

اما في مصر, فقد قضت محكمة النقض ([41]) المصرية بانه لا يمكن مساءلة طبيب المستشفى العام الا على اساس المسؤولية التقصيرية, لأنه لا يمكن القول في هذه الحالة بوجود عقد اشتراط لمصلحة الغير(المريض) بين ادارة المستشفى العام وبين اطبائها لأن علاقة الطبيب الموظف بالجهة الادارية التي يتبعها هي علاقة تنظيمية وليست تعاقدية, وبذلك لا يكون هناك محل لبحث مسؤولية طبيب المستشفى العام في دائرة المسؤولية العقدية.

والواضح في هذه الحالة، ان المحكمة قد اعتدت بطبيعة العلاقة بين الطبيب, كموظف عام, وبين المستشفى الذي يعمل فيها كأحد المرافق العامة, والتي تتميز بكونها علاقة تنظيمية لائحية, وليست علاقة من علاقات القانون الخاص, اي علاقة تعاقدية ومن ثم رتبت على ذلك مساءلة الطبيب العامل في المستشفى العام على أساس المسؤولية التقصيرية وليست العقدية([42]).

وفي حكم اخر لمحكمة النقض([43]) المصرية جاء فيه ((بأن مسؤولية الطبيب الذي اختاره المريض او نائبه لعلاجه هي مسؤولية عقدية, والطبيب وان كان لا يلتزم بمقتضى العقد الذي ينعقد بينه وبين المريض بشفائه او بنجاح العملية التي يجريها له, لأن التزام الطبيب ليس التزاما بتحقيق نتيجة وانما هو التزام ببذل عناية, الا ان العناية المطلوبة منه تقتضي ان يبذل لمريضة جهوداً صادقة يقظة تتفق مع الاصول المستقرة في علم الطب, فيسأل الطبيب عن كل تقصير في مسلكه الطبي لا يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني وجد في نفس الظروف الخارجية التي احاطت بالطبيب المسؤول)).

ومن هنا نلاحظ ان محكمة النقض المصرية في القرارين السابقين فرقت بين فرضين([44]).

الفرض الاول/ تكون مسؤولية الطبيب عقدية كلما كان الطبيب قد تولى علاج المريض بناءاً على اختياره له وطلبه بنفسه او عن طريق نائبه.

الفرض الثاني/ تكون مسؤولية الطبيب تقصيرية كتطوع الطبيب للعلاج من نفسه او امتناعه عن العلاج أو لايكون المريض حراً في اختياره بل تفرضه اللوائح كالمستشفيات.

رأي الباحث/ نلاحظ على قرارات المحاكم السابقة العراقية والمصرية, ان كليهما اخذا بالمسؤولية الخطيئة لترتيب مسؤولية الطبيب.

فقد فرقت المحاكم العراقية والمصرية في القرارات السابقة بين المسؤولية العقدية والتقصيرية, اي تكون المسؤولية عقدية اذا كان هناك عقد علاج بين المريض والطبيب المعالج وخلافة تكون المسؤولية تقصيرية.

فقد اقامتا المسؤولية على أساس الخطأ المفترض القابل لأثبات العكس, وفق احكام المادة(231) مدني عراقي والتي تنص (كل من كان تحت تصرفه آلات ميكانيكية او اشياء أخرى تتطلب عناية خاصة للوقاية من ضررها، يكون مسؤولاً عما تحدثهُ من ضرر ما لم يثبت انه اتخذ الحيطة الكافية لمنع وقوع الضرر هذا مع عدم الأخلال بما يرد في ذلك من احكام خاصة والمادة (178), مدني مصري , (كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة او حراسة آلات ميكانيكية، يكون مسؤولاً عما تحدثهُ هذهِ الاشياء من ضرر ما لم يثبت ان وقوع الضرر كان بسبب اجنبي لا يد له فيه، هذا مع عدم الاخلال بما يرد في ذلك من احكام خاصة). والخطأ المفترض الغير قابل لأثبات العكس.

الخاتمة

وختاماً لهذه الدراسة فقد توصلنا الى بيان عدة من الاستنتاجات والتوصيات وعلى النحو الاتي:

أولاً: الاستنتاجات:

  1. مخاطر التطور التقني في الأعمال الطبية تمثل دفعاً حديثاً في النظام القانوني للمسؤولية المدنية، حيث ترتبط الحوادث الضارة بالأعمال الطبية التي لا تُكتشف مخاطرها وفق المعطيات العلمية والفنية الحالية. هذا الخطر لا يُعزى إلى تقصير أو إهمال الطبيب، بل إلى نقص المعرفة، ويُكتشف لاحقاً بفضل التطور العلمي والفني.
  2. ان طبيعة المسؤولية المدنية الناشئة عن مخاطر التطور التقني ذات طبيعة موضوعية قائمة على اساس الضرر.
  3. الأركان التقليدية للمسؤولية المدنية (الخطأ، الضرر، والعلاقة السببية) قد تكون غير كافية للتعامل مع المخاطر التقنية الحديثة.
  4. يتطلب التطور المستمر في التقنيات الطبية تحديثاً مستمراً للأطر القانونية لضمان حماية فعالة للمرضى وتحقيق العدالة في المسؤولية الطبية.

ثانياً: التوصيات:

  1. ينبغي تحديث التشريعات الطبية لتشمل المسؤولية المدنية عن المخاطر التقنية الحديثة، مع مراعاة التطورات العلمية والفنية.
  2. يجب تعزيز الوعي لدى الأطباء والممارسين الصحيين حول المخاطر التقنية وكيفية التعامل معها قانونياً لضمان تقديم رعاية صحية آمنة.
  3. نوصي بتنظيم برامج تدريبية دورية للأطباء والعاملين في المجال الطبي لتحديث معارفهم حول التقنيات الجديدة ومخاطرها المحتملة.
  4. نوصي بإنشاء لجان قانونية وطبية متخصصة لدراسة الحالات المتعلقة بالمخاطر التقنية وتقديم توصيات وإرشادات للتعامل معها بفعالية وعدالة.

المصادر والمراجع

القرآن الكريم

الكتب

  1. د. احمد سلمان شهيب – عقد العلاج الطبي – دراسة مقارنة – مكتبة السنهوري – بغداد – 2012.
  2. د. أسامة احمد بدر- ضمان مخاطر المنتجات الطبية – دراسة مقارنة – دار الكتب القانونية – دون بلد نشر، 2008.
  3. د. بودالي محمد – مسؤولية المنتج عن منتجاته المعيبة – دار الفجر للنشر والتوزيع – الجزائر – 2005.
  4. د. حسن حسين البراوي – مخاطر التطور بين قيام المسؤولية والإعفاء منها – دار النهضة العربية – القاهرة – 2008.
  5. د. حسن عبدالرحمن قدوس – مدى التزام المنتج بضمان السلامة في مواجهة مخاطر التطور العلمي – دار النهضة العربية – القاهرة – دون سنة نشر.
  6. د. سعيد يحيى – تنظيم نقل المعرفة الفنية – منشأة المعارف – الإسكندرية – 1986.
  7. د. عبد الحميد الدسيطي عبد الحميد – آليات حماية المستهلك في ضوء القواعد القانونية لمسؤولية المنتج، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق –جامعة المنصورة – 2008.
  8. د. عبد المجيد الحكيم- وأ- عبد الباقي البكري وأ- محمد طه البشير- الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي –ج1- مصادر الالتزام- مكتبة السنهوري- بغداد 2015.
  9. د. علي حسين نجيدة – التزامات الطبيب في العمل الطبي– دار النهضة العربية – القاهرة – 1992.
  10. د. غادة فؤاد مجيد – حقوق المريض في عقد العلاج الطبي – دراسة مقارنة – منشورات الحلبي الحقوقية – بيروت – 2011.
  11. د. قادة شهيدة – المسؤولية المدنية للمنتج– دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة – القاهرة – 2007.
  12. د. محسن شفيق – نقل التكنولوجيا من الناحية القانونية – مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي – القاهرة، 1984.
  13. د. محمد حسين منصور- المسئولية الطبية- دار الفكر الجامعي- الاسكندرية- 2006.
  14. د. محمود السيد عبد المعطي خيال – المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة ومخاطر التقدم.
  15. د. منير رياض حنا- المسئولية المدنية للأطباء والجراحين- دار الفكر الجامعي الاسكندرية- 2011.
  16. د. وائل محمود أبو الفتوح العز يري – المسؤولية المدنية عن عمليات نقل الدم – أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق – جامعة القاهرة – 2005.

الرسائل والاطاريح:

  1. د. عبد الحميد الدسيطي عبد الحميد – آليات حماية المستهلك في ضوء القواعد القانونية لمسؤولية المنتج، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق –جامعة المنصورة – 2008.
  2. د. وائل محمود أبو الفتوح العز يري – المسؤولية المدنية عن عمليات نقل الدم – أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق – جامعة القاهرة – 2005.

البحوث والمجلات:

  1. د. درع حماد – المسؤولية المدنية عن مخاطر التطور التقني – بحث منشور في مجلة كلية الحقوق- جامعة النهرين – العدد (16) مجلد (9) لسنة (2006).
  2. د. محمد حسين منصور- المسئولية الطبية- دار الفكر الجامعي- الاسكندرية-2006.

القوانين:

  1. قانون (3 مارس 1985) في اليونان.
  2. قانون حماية المستهلك في المملكة المتحدة (15 مايو1987).
  3. قانون رقم (371) في الدنمارك الصادر في 7 يونيو 1989.
  4. مرسوم بقانون (224) في ايطاليا الصادر في 24 مايو 1988.
  5. قانون (24 ابريل 1989) في لوكسمبورغ والذي عدل بمقتضى قانون (6 ديسمبر 1989).
  6. مرسوم بقانون(383) في البرتغال الصادر في 6 نوفمبر 1989.
  7. قانون (15 ديسمبر 1989) في المانيا.
  8. قانون (13 سبتمبر 1990) في هولندا.
  9. قانون 25 فبراير 1991 في بلجيكا.
  10. قانون (4 ديسمبر 1991) في ايرلندا.

القرارات:

  1. قرار محكمة التمييز المرقم 1931/ هيأة استئنافية منقول/ 2013 في 19/8/2013 قرار غير منشور.
  2. نقض 3/7/1969- لسنة (20)- ص 1094.
  3. نقض مدني 26 يوليو- 1969 (السنة 20) –ص 1075.
  4. Cass.Ire civ.7 Janv. 1997: Gaz paL. 7-8 fev.1997.flash Juripr.p.32.
  5. Cass. civ1 ch. 10 julliet 2002.N de pourvoi: 01-10039.
  6. Cass-civ.1ch.7fev1990.n de pourvoi. 88-14797.
  7. Cass- civ, 1 – 25-5-1997.

المصادر الأجنبية:

  1. Oliver Berg: lanation de ricque de development in mater de responsibility due fate des pruduce defectueucs 1986 N1.
  2. Florence Le Coheenc La responsibility civily a raison des prudits defetues.PetetsA ffiches 30 October 1998 no.130, p9.
  3. Jean RICATTI , l’e exoneration de la respossabilite’ du producteur pour << risque’ de devloppbbement >> droit – elle s’ apprecier de facon subjective ? petites AFFiches, 17 de’cember 1997 , no 151 , P.31.
  4. p.o.udot: le risque de developpement conteribution au maitien du droit a reparation e’d universitaires de DiJon. 2005.p112.
  5. P.SARGOS. Re’flexisions sur les accidents medicaux. P.366.
  6. o.berg: la nation de risque’ de’ de’veloppment en matie’re de responsbilite’ du fait des produits defectueux, j.c.b.1996. P.16.

الهوامش:

  1. (1) إن التعبير الشائع لدى الفقه في وصف هذه المخاطر هو ((مخاطر التقدم العلمي)) إلا إننا نجد أن هذا التعبير يفتقر إلى الدقة العلمية.فالعلم هو البحث عن حقيقة الأشياء واستظهار عناصرها وخصائصها ويؤدي إلى الاختراع، أما المعرفة التقنية (الفنية) فهي التطبيق العملي لثمرات العلم وابتكار أفضل الطرق لاستعمالها.للمزيد ينظر: د. محسن شفيق – نقل التكنولوجيا من الناحية القانونية – مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي – القاهرة، 1984، ص4.فالعلم بهذا المعنى هو البحث عن القوانين التي تفسر الظواهر الطبيعية. فرغم إن كل من العلم والتقنية هما معرفة إلا إنهما يختلفان في غاياتهما.فالعلم (science) يعني تعرف الإنسان على الظواهر المحيطة في الطبيعية و المجتمع من اجل الحقيقة ذاتها. أما التقنية ((Technology)) فهي المعرفة الفنية (Know –How) المعتمدة على حقائق علمية. د – سعيد يحيى – تنظيم نقل المعرفة الفنية – منشأة المعارف – الإسكندرية – 1986 –ص10. ولهذا استعملتا تعبير مخاطر التطور التقني بدلاً عن مخاطر التطور العلمي لأنه الأكثر دقة في الدلالة على المعنى المقصود لان وضع حقائق العلم لدى مقدم الخدمة الطبية هو المعرفة الفنية.
  2. () حيث قامت اليونان بذلك بمقتضى قانون (3 مارس 1985). وادرجته المملكة المتحدة في قانون حماية المستهلك في (15 مايو1987) واصبح ساري المفعول في الاول من (مارس 1988). والدنمارك بمقتضى قانون رقم (371 والصادر في 7 يونيو 1989). وادخلته ايطاليا في قوانينها بمقتضى مرسوم بقانون (224 في 24 مايو 1988). ولكسمبورغ بمقتضى قانون (24 ابريل 1989) والذي عدل بمقتضى قانون (6 ديسمبر 1989). والبرتغال بمقتضى مرسوم بقانون(383 في 6 نوفمبر 1989). والمانيا بمقتضى قانون (15 ديسمبر 1989). وهولندا بمقتضى قانون (13 سبتمبر 1990). والذي نقل الى القانون المدني الجديد في الاول من يناير 1992. ونص عليه المشرع البلجيكي بمقتضى قانون 25 فبراير 1991. وايرلندا بقانون (4 ديسمبر 1991). اشار اليه د. حسن حسين البراوي – مخاطر التطور بين قيام المسؤولية والاعفاء منها – دار النهضة العربية – القاهرة – 2008 – هامش رقم (2) – ص 8.
  3. () د- درع حماد – المسؤولية المدنية عن مخاطر التطور التقني – بحث منشور في مجلة كلية الحقوق- جامعة النهرين – العدد (16) مجلد (9) لسنة (2006) ص310.
  4. () د. بودالي محمد – مسؤولية المنتج عن منتجاته المعيبة – دار الفجر للنشر والتوزيع – الجزائر – 2005– ص47.
  5. () المادة (1245 – 11) مدني فرنسي تنص (إذا كان الضرر ناتجاً عن عنصر من الجسم البشري أو عن منتجات ناتجة عنه).
  6. Oliver Berg: lanation de ricque de development in mater de responsibility due fate des pruduce defectueucs 1986 N1
  7. Florence Le Coheenc La responsibility civily a raison des prudits defetues.PetetsA ffiches 30 October 1998 no.130, p9
  8. () مشار إليهم لدى د – حسن حسين البراوي – مخاطر التطور بين قيام المسؤولية والإعفاء منها – مصدر سابق – ص 19. ود – أمل كاظم سعود – اثر مخاطر التطور العلمي في الإعفاء من المسؤولية المدنية – مصدر سابق، ص 3- 4.
  9. () د حسن حسين البراوي – مصدر سابق – ص 19. ود – امل كاظم سعود – مصدر سابق – ص 304
  10. () د. حسن عبدالرحمن قدوس – مدى التزام المنتج بضمان السلامة في مواجهة مخاطر التطور العلمي – دار النهضة العربية – القاهرة – دون سنة نشر ، ص27.
  11. 11 د. حسن عبد الرحمن قدوس – مدى التزام المنتج بضمان السلامة في مواجه مخاطر التطور العلمي – ص 27.
  12. () للمزيد ينظر د – حسن حسين البراوي – مصدر سابق – ص 26 وما بعدها.
  13. () P.SARGOS. Re’flexisions sur les accidents medicaux. P.366.

    مشار إليه لدى د.حسن عبد الرحمن قدوس – مصدر سابق – ص 28.

  14. د. حسن حسين البراوي، مصدر سابق، ص27
  15. () د. أسامة احمد بدر- ضمان مخاطر المنتجات الطبية – دراسة مقارنة – دار الكتب القانونية – دون بلد نشر، 2008 – ص 216.
  16. () د. علي حسين نجيدة – التزامات الطبيب في العمل الطبي– دار النهضة العربية – القاهرة – 1992 – ص 270.
  17. () د. احمد سلمان شهيب – عقد العلاج الطبي – دراسة مقارنة – مكتبة السنهوري – بغداد – 2012 – ص 37.
  18. د. محمود السيد عبد المعطي خيال – المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة ومخاطر التقدم – مصدر سابق – ص 93.
  19. ()Jean RICATTI , l’e exoneration de la respossabilite’ du producteur pour << risque’ de devloppbbement >> droit – elle s’ apprecier de facon subjective ? petites AFFiches, 17 de’cember 1997 , no 151 , P.31

    . مشار اليه عند د. حسن حسين البراوي – مصدر سابق ص 37.

  20. () د. أمل كاظم سعود – مصدر سابق – ص 312 0
  21. () د. قادة شهيدة – المسؤولية المدنية للمنتج– دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة – القاهرة – 2007، ص312.
  22. () o.berg: la nation de risque’ de’ de’veloppment en matie’re de responsbilite’ du fait des produits defectueux, j.c.b.1996. P.16.

    مشار اليه عند د. حسن حسين البراوي- مصدر سابق – ص 39 – 40.

  23. () د. عبد الحميد الدسيطي عبد الحميد – آليات حماية المستهلك في ضوء القواعد القانونية لمسؤولية المنتج، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق –جامعة المنصورة – 2008 – ص 722.
  24. () د. أمل كاظم سعود – مصدر سابق – ص 313.
  25. () د. حسن حسين البراوي – مصدر سابق، ص 55؛ ود – أمل كاظم سعود، مصدر سابق، ص313 – 314.
  26. () p.o.udot: le risque de developpement conteribution au maitien du droit a reparation e’d universitaires de DiJon. 2005.p112.

    مشار اليه عند د. حسن حسين البراوي – مصدر سابق – ص 60

  27. () د. غادة فؤاد مجيد – حقوق المريض في عقد العلاج الطبي – دراسة مقارنة – منشورات الحلبي الحقوقية – بيروت – 2011 – ص222 وما بعدها 0 ود – حسن حسين البراوي – مصدر سابق – ص 61.
  28. () د. وائل محمود أبو الفتوح العز يري – المسؤولية المدنية عن عمليات نقل الدم – أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق – جامعة القاهرة – 2005 – ص235.
  29. () د. حسن حسين البراوي – مصدر سابق – ص 61.
  30. () د. وائل محمود أبو الفتوح العز يري – مصدر سابق – ص 579.
  31. () د. حسن حسين البراوي – مصدر سابق – ص 61.
  32. () Cass.Ire civ.7 Janv. 1997: Gaz paL. 7-8 fev.1997.fIash Juripr.p.32.

    مشار اليه- د- اشرف جابر- مصدر سابق- ص 125.

  33. () تقضي المادة(1135) بانه يجب تنفيذ العقد وفقا لما تقضيه اعتبارات العدالة والعرف, كما تقتضي المادة (1147) بان (المدين الذي اخل بالتزامه يلتزم بالتعويض سواء بعدم التنفيذ او التأخير فيه الا اذا اثبت ان هذا الاخلال يرجع الى سبب اجنبي لا يد له فيه)). اشار اليه اشرف جابر- مصدر سابق- ص 126.
  34. () Cass. civ1 ch. 10 julliet 2002.N de pourvoi: 01-10039 Consultez , l’arret sur le lien suivant: Http://www.legifrance.qouv.fr/affichjurijudi.do?oldaction=rechjuritudi&idtext=juiriitextooooo7038502&fas-reqid=983013772&fastpos=162.com
  35. () ((C’est par une appre’ciation couveraine du pre’tudice conce’cut if a’ la faute du praticien qu’une cour d’appel ayant que les esperts qui n’avaient du de’terminei si la pratique d’une ce’sarienne faite demanie’re pre’coce aurait premis d’e’viter, a’cur ‘ les le’sion don’t couffre aujourd’hui l’enfant , a’ne’anmios conclu que l’erreur de diagnostic et l’abstention the’rebeutiue qui e’tait resulte’ avaiennt e’t’e a lorgine d’une perte de chance , pour l’enfant de naitre de toutes le’sions etnotamment d’e’viter les conse’quences de l’hipoxie foetale qu’il presentee avant sa naissance)).
  36. () Cass-civ.1ch.7fev1990.n de pourvoi. 88-14797 conculpz l’arreet sur le lien suivant.
  37. () Cass- civ, 1 – 25-5-1997 – disponibale en ligne a l’addrese suivent 1. www.cour de cassation.fr.
  38. () قرار محكمة التمييز المرقم 1931/ هيأة استئنافية منقول/ 2013 في 19/8/2013 قرار غير منشور.
  39. () د- عبد المجيد الحكيم- وأ- عبد الباقي البكري وأ- محمد طه البشير- الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي –ج1- مصادر الالتزام- مكتبة السنهوري- بغداد 2015- ص166.
  40. () نقض 3/7/1969- لسنة (20)- ص 1094 مشار اليه عند د- محمد حسين منصور- المسئولية الطبية- دار الفكر الجامعي- الاسكندرية-2006- ص 204.
  41. () د- منير رياض حنا- المسئولية المدنية للأطباء والجراحين- دار الفكر الجامعي الاسكندرية- 2011- ص108.
  42. () نقض مدني 26 يوليو- 1969 (السنة 20) –ص 1075- مشار اليه عند د- محمد حسين منصور- مصدر سابق- ص206.
  43. () د- محمد حسين منصور—مصدر سابق- ص 207.