مدى مشروعية اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية
حمزة خميس جواد العلواني1
1 الجامعة الإسلامية في لبنان.
إشراف الاستاذة الدكتورة/ رجاء الشريف
HNSJ, 2024, 5(7); https://doi.org/10.53796/hnsj57/14
تاريخ النشر: 01/07/2024م تاريخ القبول: 18/06/2024م
المستخلص
تهدف الدراسة إلى توضـيح العقـد الإداري، و بيان إمكانية اللجوء إلى التحكيم فيما يتعلق بمنازعات العقود الإدارية، وبيان نطاق التحكيم بمنازعات العقود الإدارية الداخلية و الدولية و ذلك بالنسبة للتشريع العراقي والتشريعات المقارنة. استخدمت الدراسة المنهج الوصفي، المنهج التحليلي والمنهج المقارن. توصلت الدراسة الى عدة نتائج أهمها أن من أهم المشكلات التي كانت تكتنف إمكانية اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية هو مشكلة القانون الواجب التطبيق على اتفاقية التحكيم في العقود الإدارية الدولية منذ ظهور نظام التحكيم كطريق بديل لفض المنازعات ، حيث ظلت هذه المسألة لفترة طويلة بسبب حظر اتفاق التحكيم في العقود الإدارية في العديد من الدول في فترة سابقة كالعراق ولبنان ومصر.
اوصت الدراسة بضرورة تعزيز التحكيم المؤسسـي لما يمثله هذا التحكيم من ضمان مهم للإدارة عند قيام خلاف بينها وبين المتعاقد معها، وذلك في ظل ما تتمتع به هذه المؤسسات من درجة عالية من الخبرة والإلمام بتفاصيل العقد الإداري، في حين قـد يكون المحكـم الحـر مسـتجداً ومنصـب الاهتمـام علـى أفكـار ومبـادئ العقد المدني، التي قد تؤثر على فكرة المصلحة العامة في هذا الشأن.
The extent of the legitimacy of resorting to arbitration in administrative contract disputes
Hamzah Khamees Jawad Al-Alwani1
–
1 Islamic University of Lebanon.
Supervised by Dr. Rajaa Al-Sharif
HNSJ, 2024, 5(7); https://doi.org/10.53796/hnsj57/14
Published at 01/07/2024 Accepted at 18/06/2024
Abstract
The study aims to clarify the administrative contract, explain the possibility of resorting to arbitration with regard to administrative contract disputes, and explain the scope of arbitration in internal and international administrative contract disputes in relation to Iraqi legislation and comparative legislation. The study used the descriptive method, the analytical method, and the comparative method. The study reached several results, the most important of which is that one of the most important problems surrounding the possibility of resorting to arbitration in international administrative contracts is the problem of the law applicable to the arbitration agreement in international administrative contracts since the emergence of the arbitration system as an alternative method for resolving disputes, as this issue remained for a long time due to the ban on arbitration. Arbitration agreement in administrative contracts in many countries in the past period, such as Iraq, Lebanon and Egypt. The study recommended the need to strengthen institutional arbitration because this arbitration represents an important guarantee for the administration when a dispute arises between it and its contractor, in light of the high degree of experience that these institutions enjoy and familiarity with the details of the administrative contract, while the free arbitrator may be new and the focus of attention is on Ideas and principles of the civil contract, which may affect the idea of public interest in this regard.
مقدمة:
التحكيم نوعان، تحكيم داخلي وتحكيم دولي، ومعيار التفرقة بينهما هو في مدى تعلق العلاقة القائمة بين المتحاكمين بمصالح التجارة الدولية، عند الإيجاب نكون أمام تحكيم دولي ترعاه أحكام أكثر مرونة من تلك التي ترعى التحكيم الداخلي. ([1])، وعند النفي نكون أمام تحكيم داخلي تحكمه قواعد قانونية وطنية أكثر تقييد، وأمام وجود هذين النوعين من العقود الإدارية التي يمكن أن تبرمهما الإدارة، يثور تساؤل حول الموقف التشريعي والفقهي والقضائي من التحكيم في هذه العقود.
أهمية الدراسة:
تأتي هذه الأهمية فـي التعـرف علـى دور التحكـيم كوسـيلة استثنائية فـي حسـم هـذه منازعات العقود الإدارية والقـدرة علـى خلـق نوع من التوازن المالي بين
طرفا في العقد المستثمر الأجنبي أو الـوطني والدولـة خاصـة فـي هـذه الفئـة مـن العقـود التي تكون فيها الدولة وما تشوبه من امتيازات خاصة وغير مألوفة في عقود القانون الخاص.
أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة إلى توضـيح العقـد الإداري، و بيان إمكانية اللجوء إلى التحكيم فيما يتعلق بمنازعات العقود الإدارية، وبيان نطاق التحكيم بمنازعات العقود الإدارية الداخلية و الدولية و ذلك بالنسبة للتشريع العراقي والتشريعات المقارنة.
إشكالية الدراسة:
- ما مدى التنظيم القانوني للتحكيم في منازعات العقود الإدارية؟
- ما مدى إمكانية تطبيق قواعد التحكيم في القانون الخاص على التحكيم في العقود الإدارية؟
المناهج المتعبة:
ومن أجل تحقيق الهدف من الدراسة ارتأينا أن تكون المناهج المتبعة هي التالية:
المنهج الوصفي: تم اعتماد المنهج الوصفي لتبيان ماهية التحكيم في منازعات العقود الإدارية ومعرفة أحكامه ومدى إمكانية اللجوء إليه، من خلال الأحكام القضائية والفقهية فيما يتعلق بموضوع الدراسة.
المنهج التحليلي: تم اعتماد المنهج التحليلي لتحليل وتفسير النصوص القانونية والأحكام القضائية وآراء الفقه لتبسيطها وفهمها.
المنهج المقارن: اعتمدنا المنهج المقارن مـن أجـل مقارنة ما أخذ به التشريع العراقي واللبناني وما أخذت به التشريعات والاتفاقيات الدولية في مجال التحكيم في منازعات العقود الإدارية.
خطة الدراسة:
نتناول هذه الدراسة من خلال اتباع التقسيم الثنائي، وذلك من خلال تقسيمها إلى مبحثين وفق التالي:
المبحث الأول
مدى مشروعية اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية الداخلية
نتناول هذه النبذة من خلال الوقوف على الموقف التشريعي والقضائي والفقهي من مسألة التحكيم في العقود الإدارية الداخلية، وذلك من خلال فقرتين وفق التالي:
أولاً: موقف التشريعات من اللجوء إلى التحكيم بالعقود الإدارية الداخلية
الواضح أن موقف التشريعات من التحكيم في العقود الإدارية بشكل عام سواء الداخلية أم الدولية كان هو الحظر، فنجد أن المشرع الفرنسي حظر بدايةً من اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية، وتتمثل النصوص التشريعية التي تضمنت هذا الحظر في المواد 1004 و 83 من قانون الإجراءات المدنية الصادر عام 1806، حيث جاء في المادة 1004 منه على عدم جواز التحكيم في المنازعات التي يجب ابلاغها للنيابة العامة. ([2])، ونصت المادة 83 على المنازعات الواجب ابلاغها للنيابة العامة وهي تلك المتعلقة بالنظام العام والدولة والدومين والبلديات والمؤسسات العامة. ([3])
وحتى بعد إلغاء هاتين المادتين بموجب المادة 2060 من القانون المدني الفرنسي الصادر في عام 1972 التي حلت محلهما، بقي الحظر قائماً بما يتعلق بالتحكيم في العقود الإدارية، حيث نصت المادة المذكورة على أنه:
“لا يجوز الاتفاق على التحكيم في المسائل المتعلقة بوحدات الإدارة العامة، أو بالمؤسسات العامة، وبوجه عام جميع الموضوعات التي تمس النظام العام” ([4])
فالمشرع الفرنسي تبنى موقفاً رافضًا للتحكيم ، إذ حظر القانون المدني جواز اللجوء إليه بالنسبة إلى المنازعات الخاصة بالأشخاص المعنوية العامة، ويرجع سبب الحظر في ذلك إلى الخشية من أن يتحول الأشخاص العامة عن قضاء الدولة إلى التحكيم فتفقد بذلك الضمانات التي تمتع بها أمامه، ودعم الاجتهاد القضائي هذا الحظر إذا اعلن مجلس الدولة ببطلان حكم صادر بناءً على تحكيم ؛ لمخالفته النظام العام إذ برر هذا الحظر إلى أن المحكمين يكونون أقل اهتماماً بالمصلحة العامة قياساً بقضاة الدولة، غير إن التشدد بشأن الحظر في اللجوء إلى التحكيم الإداري لم يستمر إذ اجري تعديل على الوضع التشريعي بشأن الحظر الذي أجاز للمؤسسات العامة ذات الطابع الصناعي أو التجاري بموجب مرسوم بأن تلجأ إلى التحكيم ([5])
وعلى مستوى القانون المصري فإن المبدأ العام الذي كان مقرراً عند صدور أول تقنين لقانون المرافعات المختلط سنة 1875 وقانون المرافعات الأهلي سنة 1883 هو حظر التحكيم في قضايا الحكومة، واستمر الحال على ذلك لغاية صدور القانون رقم 25 لسنة 1912 والذي سمح للحكومة ومصالحها في اللجوء إلى التحكيم في منازعات الأشغال العمومية والتوريدات على وجه العموم.
حيث نصت المادة 792 من القانون المذكور على أنه:
“ومع ذلك يجوز للحكومة ومصالحها أن تشترط التحكيم كما هو منصوص عليه في المواد الآتية من هذا الفصل في المنازعات التب تنشأ عن العقود المختلطة بالأشغال العمومية وبالتوريدات وبالامتيازات التي تعطيها على وجه العموم”
وبعد إنشاء مجلس الدولة المصري سنة 1946 صدر قانون المرافعات الموحد رقم 77 لسنة 1949 ونظم التحكيم في 33 مادة غير أنها لم تفرد نصاً صريحاً يفيد السماح في إجراء التحكيم في العقود الإدارية.([6])
وعند صدور قانون المرافعات المدنية رقم 13 لسنة 1968 والذي نص في المادة 501 منه على أنه:
“يجوز الاتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ من تنفيذ عقد معين”
وعلى الرغم من ذلك بقيت مسألة التحكيم في العقود الإدارية في مصر محل نظر وخلاف، وفي محاولة لإنهاء هذا الخلاف وما تبعه من عدم وضوح التشريعات في مصر من هذه المسألة، صدر القانون رقم 27 بتاريه 18/3/1994 بشأن التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية، حيث ألغى المواد 501 حتى 513 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1986 والتي كانت تنظم التحكيم.
وجاء في المادة 1 من هذا القانون على أنه:
“مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية، تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أياً كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع، إذا كان التحكيم يجري في مصر، أو كان تحكيماً تجارياً دولياً ويجري في الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه إلى أحكام هذا القانون”
ومع ذلك فإن هذا النص قد جاء من العمومية والشمول بمكان لم يحسم من خلاله الجدل والخلاف حول مدى جواز اخضاع العقود الإدارية الدولية للتحكيم.
إلا أن موقف الحظر من التحكيم بالعقود الإدارية بدأ بالتصدع، عندما بدأ المشرع الفرنسي بالعمل على تخفيف حدة حظر التحكيم في العقود الإدارية، وذلك من خلال تقرير بعض الاستثناءات التشريعية منها قانون 14/3/1975 والقانون رقم 972/86 الصادر بتاريخ 19/8/1986 الذي سمح باللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية، ومن ثم منازعات العقود الإدارية الدولية، حيث أن العقود إما أن تكون إدارية أو عقود تجارية أو مدنية.
كما سمح المشرع الفرنسي في المادة 28 من قانون 2/7/1990 لهيئة البريد “فرنس تيليكوم” وللمؤسسات الصناعية والتجارية اللجوء إلى التحكيم([7])
وفي مصر، فإن المشرع قد تدخل بشكل صريح عند تعديله للمادة 1 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1997، وأجاز من خلاله التحكيم في العقود الإدارية، وهذا السماح جاء ليشمل العقود الإدارية الوطنية والدولية على السواء، كما أن هذا التأكيد جاء ليترسخ في القانون المصري من خلال المادة 48 من القانون رقم 89 لسنة 1998 في شأن المناقصات والمزايدات الذي حسمت الخلاف بقولها: ([8])
“يجوز لطرفي العقد عند حدوث خلاف أثناء تنفيذ الاتفاق على تسويته عن طريق التحكيم بموافقة الوزير المختص، مع التزام كل طرف بالاستمرار في تنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد”
أما في العراق فلم ينظم المشرع العراقي مسائل التحكيم في قانون مستقل، بل خصص له الباب الثاني في قانون المرافعات المدنية المعدل رقم 83 لسنة 1969([9])
وقد شغلت نصوص التحكيم المواد من 251 إلى 276 ولا يوجد ضمن هذه المواد ما يمنع الدولة أو الأشخاص العامة من وضع شرط التحكيم في عقودها المدنية أو عقودها الإدارية إلا انه يمكن القول بأن الدولة في العراق لم تستقر على مسألة اللجوء إلى التحكيم لفض المنازعات الناشئة عن عقودها الإدارية.([10])
فلم يكن هناك أي إشارة في قانون المرافعات المدنية العراقي إلى اللجوء للتحكيم الإداري بشكل واضح، حيث اكتفى المشرع العراقي بذكر إجازة الاتفاق على التحكيم في أي منازعة، وأن الشروط العامة للمقاولات لأعمال الهندسة المدنية نصت في المادة 69 على امكانية اللجوء إلى التحكيم، وفي حالة حدوث نزاع بين صاحب العمل والمقاول، لكن بشرط أن يعرض على المهندس المقيم، ابتداءً والذي يتخذ القرار لفض النزاع الناشئ بينهما فإذا لم يقتنع أحدهما أو كلاهما بهذا القرار فيتم اللجوء إلى التحكيم خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور قرار المهندس.
وأن نصوص قانون المرافعات المدنية العراقي هي المطبقة بصدده وبحكم التطبيق العملي للوزارات والمؤسسات الحكومية فلا يشترط استحصال الموافقات الرسمية من مجلس الوزراء بشأن الإحالة إلى التحكيم في عقود الإدارة الموقعة مع الغير سواء أكان التحكيم داخلياً أم دولياً، ولكن إن حدث ذلك فهو من باب العرف، بهدف اطمئنان هذه الوزارات والمؤسسات على مشاريعها الحكومية، وأن هذه الجهات الحكومية تكون مقيدة بالصلاحيات المحددة للوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة في توقيع العقد بأكمله وحسب تكلفة المشروع. ([11])
وفي لبنان فقد أباح المشترع اللبناني الحق في اللجوء الى التحكيم بدلاً من قضاء الدولة، لكنه قيّد ذلك في إطار المنازعات المدنية والتجارية القابلة للصلح (وفقاً للمادتين 762 و765 أ.م.م.) . وإذا كان الصلح جائزاً في كل الأمور، إلا أنه لا يجوز في بعضها، مثل المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والنظام العام والحقوق الشخصية التي لا تُعد مالاً بين الناس؛ مثل الحق المعنوي للمؤلف، والحقوق المتعلقة بالحريات الشخصية؛ كحق الترشح والانتخاب، والأموال الموقوفة وحقوق النفقة والحقوق الإرثية. كما لا يجوز التحكيم في المنازعات الجزائية والمنازعات ذات الطابع الإداري المتعلقة بالدولة أو البلديات أو المؤسسات العامة، إلا إذا كان التحكيم دولياً (وفقاً للمادة 809 أ.م.م.) .
ولا يجوز التحكيم أيضاً في المنازعات المتعلقة بالإفلاس والعلاقات غير المشروعة أو المخالفة للنظام العام والآداب العامة. وقد برز خلاف قانوني شديد في لبنان يتعلق بقابلية عقود الدولة وأشخاص القانون العام للتحكيم، وذلك على أثر قضيتي الخليوي. وقد صدر على أثرهما قراران عن مجلس شورى الدولة اللبناني بتاريخ 17 و19 تموز سنة 2001، قرر بموجبهما منع التحكيم في العقود الإدارية كمبدأ راسخ في العلم والاجتهاد الفرنسيين لتعلقه بالانتظام العام، وان التحكيم الذي يحصل خلافاً له يعتبر باطلاً. وعلى أثر ذلك أُطلقت صرخات كبرى تحث المشترع اللبناني على الإسراع في إدخال التعديل اللازم على النصوص القانونية من أجل تكريس النزعة المنفتحة التي تعتبر أن التحكيم هو القضاء الطبيعي في العلاقات التجارية الدولية ومن أجل تشجيع سياسة جلب الاستثمارات المالية والأنشطة من الخارج. وبالفعل فقد استجاب المشترع اللبناني لتلك النداءات، فأقر القانون رقم 440/2002 وأجاز بموجبه للدولة ولأشخاص القانون العام، أياً كانت طبيعة العقد موضوع النزاع، اللجوء الى التحكيم، على أن تتم إجازته بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء لاقتراح الوزير المختص.
وبالتالي فإن المشرع اللبناني أجاز في القانون رقم 440 الصادر بتاريخ 29/7/2002 اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية، إلا أنه ضيق من ولاية المحكم فيها إذ إن سلطة هذا الأخير تنحصر في النزاع بما كان يتعلق بتفسير أو تنفيذ العقد الإداري دون صحته والتي يعود أمر البت بها إلى مجلس الشورى.
ثانياً: موقف الفقه والقضاء من اللجوء إلى التحكيم بالعقود الإدارية الداخلية
1- موقف الفقه:
الواضح أن الفقه لم يكن متفقاً حول مسألة التحكيم في العقود الإدارية، حيث نشب خلاف في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية في القانون إلى رأيين؛ رأي يرى أن اللجوء إلى التحكيم أمر محظور، والرأي الآخر يرى أنه أمر جائز لا محظور فيه.
حيث يرى تيار من الفقه بأنه إذا كان من المقبول تسويغ التحكيم في منازعات الأفراد بين بعضهم البعض، إلا أنه من غير المقبول أن يتم إعماله بالنسبة للعقود الإدارية سواء كانت وطنية أم دولية([12])
ويبرر هذا الفقه موقفه بعدة مبررات من أهمها:
- تعارض التحكيم في العقود الإدارية الدولية مع سيادة الدولة
بأن التحكيم في حقيقته سلب لاختصاص القضاء الوطني الذي هو مظهر أساسي من مظاهر السيادة([13])، كما أن تردد الدولة في قبول اللجوء إلى التحكيم دائماً يفسره مساس التحكيم بسيادة الدولة، وخصوصاً دول العالم الثالث، وبالذات فيما يتعلق بعقود استغلال ثرواتها الطبيعية، ولا شك أن ذلك ناتج عن التاريخ الطويل للاستعمار في هذه الدول، وما رافقه من استيلاء منظم لثرواتها الطبيعية([14])، لذلك تعمل دول العالم الثالث على التشبث بنظرية سيادة الدولة حتى تتجنب مثالب استغلال الطرف الأجنبي لشرط التحكيم. ([15])
كما يرى البعض أن وجود الدولة في التحكيم أو أي أشخاص اعتبارية يضفي عليه طابعا خاصاً منذ لحظة أبرامه مرورا بإجرائه ثم الحكم فيه وتنفيذ ذلك الحكم ، وهذا الطابع الخاص كان يستمد اساسه في بعض الحالات من عدم توافر القدرة لدى الشخص الاعتباري اساساً على الدخول كطرف في اتفاق تحكيمي أو بالنظر إلى اعتبارات السيادة التي قد تحيط ببعض التصرفات التي تحول دون تنفيذ اتفاق التحكيم ، وكان شرط التحكيم يرمي إلى التخلص من هيمنة القضاء الرسمي ومن تذرع الدولة بالسيادة وحتى يتم تسوية المنازعات التي تثور أو التي يمكن أن تثور بمناسبة تنفيذ العقد أو تفسير عقد ذي أهمية، مثل عقود مجالات الاستثمار وعقود الامتيازات البترولية وعقود الاشغال العامة. ([16])
ويرى جانب أخر من الفقه أن الأصل في الأمور الإباحة وبالتالي لا يوجد ما يمنع من حل منازعات العقود الإدارية عن طريق التحكيم ما لم يرد نص قانوني صريح يمنع ويحظر ذلك، كما أن قيام الدولة بالتعاقد مع طرف خاص وإيرادها اتفاق التحكيم في هذا العقد فإن ذلك يعد تنازلاً منها عن ما يقرره القانون الوطني لمصلحتها، فالدولة هي من وضعت حظر التحكيم، وبالتالي لا يوجد ما يمنع من تحررها من هذا القيد الذي وضع لمصلحتها([17])
- تعارض التحكيم في العقود الإدارية الدولية مع مبدأ توزيع الاختصاص.
يبرر الفقه هذا الاسناد على ضرورة وجود قاض إداري ينظر في المنازعات التي تكون جهة الإدارة طرفاً فيها، ويطبق قواعد القانون الإداري، أما إذا تم السماح باللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية فإن مثل هذا الاتفاق يكون له أثر سالب بمعنى عدم اختصاص القضاء الإداري بنظر هذه المنازعات، وهذا يعد مخالفة صريحة لمبدأ توزيع الاختصاص بين السلطات الإدارية والقضائية والذي يهدف لمنع القضاء العادي من نظر المنازعات الإدارية أو التدخل فيها. ([18])
فكيف يتصور أن الدولة ترفض منح القضاء العادي سلطة النظر في المنازعات الإدارية وتمنح ذلك للمحكمين، فالدولة لا يمكن أنتلجأ إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية نظراً للنتائج المشكوك فيها بالنسبة لقرارات المحكمين، حيث أن القضاء الإداري يتمتع بقدر أكبر من المحكمين على ممارسة الرقابة على الأعمال الإدارية.([19])
- تعارض التحكيم في العقود الإدارية الدولية مع مبدأ الحصانة القضائية.
من المستقر عليه في القانون الدولي أن كل دولة تتمتع بالحصانة القضائية في مواجهة قضاء الدولة الأجنبية، ويقوم هذا المبدأ تأسيساً على فكرة السيادة والاستقلال والمساواة بين الدول وعلى ذلك لا يجوز لدولة أن تختصم دولة أجنبية أمام قضائها الوطني لأن هذا يمس سيادة الدولة الأخيرة، فكل دولة في علاقاتها المتبادلة مع الدول الأخرى تحرص على ألا تخضع لغير سلطان القضاء فيها.
وهكذا تستطيع كل دولة بما لها من سيادة أن تدفع بحصانتها القضائية حال اختصاصها أمام قضاء دولة أجنبية، وهذا ما يكشف بوضوح أن مجال الدفع بالحصانة القضائية يكون بصفة أساسية أمام محاكم الدول الأجنبية، فهل تستطيع الدولة أن تتمسك بهذا المبدأ أمام قضاء التحكيم ([20])
حيث يرى جانب من الفقه أن التحكيم في العقود الإدارية الدولية يتعارض مع الحصانة القضائية للدولة وذلك لأن قضاء التحكيم على غرار قضاء الدولة يعد بمثابة منظمة أجنبية وذلك كونه يجري خارج أراضيها ويطبق قوانين أجنبية كما أن المحكمين قد يكون أجانب لا يتمتعون بجنسية الدولة الطرف في العقد الإداري الدولي. ([21])
أما فيما يتعلق بموقف الفقه المؤيد للتحكيم في العقود الإدارية الدولية، فإنه يرى أن التحكيم في العقود الإدارية يساعد على الاستثمار وتشجيعه الذي تتبناه كافة الدول وفق سياساتها الاقتصادية، كما يعمل ذلك على جذب رؤوس الأموال الأجنبية وتوفير مناخ اقتصادي واعد لا يتحقق إلا من خلال وضع ضوابط وتشريعات اقتصادية على ذلك([22])، كما أن ذلك يؤدي إلى تهيئة المناخ القانوني والتشريعي من خلال التمسك بالدفع باتجاه التحكيم لحسم ما قد ينشأ من منازعات([23])، ويضيف البعض أن التحكيم يساعد على توفير الجهد والمال من خلال حسمه للمنازعات التي يكون أحد أطرافها شخص أجنبي حيث يفضل غالباً اللجوء إلى التحكيم لفض النزاع الناشئ عن العقود الإدارية الدولية([24])
وفي العراق فإن الرأي الراجح من الفقه يدعم فكرة الأخذ بالتحكيم كوسيلة لتسوية منازعات العقود الإدارية حتى لو لم يجيز القانون الداخلي ذلك، ويستند في ذلك إلى أن القوانين التي تحدد اختصاص القضاء الإداري بنظر منازعات العقود الإدارية لا تنص صراحة على حظر اللجوء إلى التحكيم في تلك المنازعات، كما أن قوانين التحكيم تحدد مجالاته في المسائل التي يجوز فيها الصلح، فالمادة 254 من قانون المرافعات المدنية العراقي تنص على أنه:
“لا يصح التحكيم إلا في المسائل التي يجوز فيها الصلح إلا ممن له أهلية التصرف في حقوقه ويجوز التحكيم بين الزوجين طبقاً لقانون الأحوال الشخصية وأحكام الشريعة الإسلامية”
كما أن الفقه اللبناني كان من أنصار التحكيم في العقود الإدارية حيث يرى أن هناك ثلاثة انواع من العقود الادارية، العقود الادارية والعقود العادية ذلك ان الأولى تخضع لقواعد القانون الإداري وهي من اختصاص القضاء الإداري، بينما الثانية فهي تخضع لقواعد القانون المدني الداخلي أي قانون الموجبات والعقود وهي من اختصاص القضاء العدلي بالرغم من ان الادارة طرفا فيها، والثالثة تخضع لقواعد القانون الذي يرعى النزاع والذي اختاره الفرقاء وتكون من اختصاص القضاء التحكيمي الدولي. ([25])
2- موقف القضاء:
لقد استقر القضاء الفرنسي على اعتبار شرط التحكيم في العقود الداخلية باطلاً بطلاناً مطلقا لتعلقه بالنظام العام ويمتد البطلان كذلك إلى مشارطة التحكيم، وقد فرقت أحكام القضاء الفرنسي بين التحكيم في العقود الإدارية الداخلية والعقود الدولية فحظرت اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الداخلية، أما القضاء الإداري الفرنسي فإنه اعتنق الرأي القائل بحظر اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية، ويعتبر القضاء الإداري الفرنسي رائد الاتجاه المعارض في اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية، وهذا الحظر مقرر من قبل مجلس الدولة منذ وقت طويل.
والواضح أن موقف القضاء من التحكيم في العقود الإدارية الدولية، كان مرتبطاً بالتوجه التشريعي الرافض لذلك، حيث صدرت العديد من الأحكام القضائية التي أكدت عم جواز اللجوء للتحكيم في هذا النوع من العقود، وقد استقر مجلس الدولة الفرنسي في القرن المنصرم على عدم جواز التحكيم في العقود الإدارية الدولية، مستنداً في ذلك إلى أحكام المواد 83 و 1004 من قانون الإجراءات المدنية.
ومن أبرز أحكامه في هذا الصدد، حكمه الصادر في قضية الشركة الوطنية S.N.V.S ضد شركة Tanger، حيث تتلخص وقائع هذه القضية بقيام الشركة الوطنية ببيع كمية من الأنابيب لشركة أمريكية تدعى Tanger وذلك في عام 1947، حيث أورد الطرفان شرط التحكيم في هذا العقد استناداً للمادة 10 من المرسوم الصادر بتاريخ 15/11/1946 الذي يسمح لمدير شركة S.N.V.S الوطنية الاتفاق على التحكيم.
وعندما ثار الخلاف بينهما لجأ الطرفان إلى التحكيم الذي أصدر حكماً لصالح الشركة الأمريكية.
حيث طعنت الشركة الوطنية S.N.V.S على هذا الحكم وتمسكت بعدم جواز التحكيم في العقود الإدارية الدولية سنداً للمواد 83 و 1004، حيث قرر مجلس الدولة الفرنسي أن الشركة الوطنية S.N.V.S هي شركة عامة وتخضع للقانون العام، حيث انتهى المجلس في قراره إلى الغاء المادة 10 من المرسوم الصادر بتاريخ 15/11/1946 والذي يسمح لمدير الشركة باللجوء إلى التحكيم، حيث أن المجلس في هذا القرار استند لرأي المفوض GAZIER الذي بين في تقريره أن أساس الحظر في مسألة التحكيم في العقود الإدارية الدولية لا يستند فقط إلى نصوص القانون لاسيما المواد 83 و 1004، بل هو مبدأ قانوني وقضائي راسخ وثابت ومستقر في القانون العام الفرنسي. ([26])
وقد سارت أحكام القضاء الإداري على نهج المحكمة الإدارية العليا في رفض اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية، ومن ذلك قرار محكمة الفضاء الإداري الصادر بتاريخ 20/1/1991 في قضية نفق الشهيد أحمد حمدي، وتتلخص وقائع هذه القضية أنه بتاريخ 11/3/1975 أبرم عقد بين كل من وزارة الإسكان والتعمير وبين الاتحاد المكون من شركة المقاولون العرب وشركة تارماك الإنجليزية من أجل نفق الشهيد أحمد حمدي بما يشمله ذلك من إجراء أعمال أبحاث الربة اللازمة والتصميم والتنفيذ والصيانة، فقد تم التسليم الابتدائي للنفق في 31/3/1982، والتسليم النهائي بعد انتهاء فترة الصيانة في 30/6/1983، وتم نقل تبعية النفق بمشتملاته من وزارة التعمير إلى هيئة السويس التي تبين لها وجود عيوب في جسم النفق تهدد سلامته نتيجة تأثير الأملاح التي ظهرت بداخله.
حيث أقامت هيئة قناة السويس دعوى أمام محكمة القضاء الإداري على الاتحاد المكون من شركة المقاولون العرب والشركة الانكليزية، بالاضافة للشركات التي قامت بأعمال التصميم والإشراف على إنشاء النفق، وذلك لإلزامهم بتحمل مسؤولية ضمان الأعمال المتعلقة بالنفق، ودفعت الشركة المدعى عليها بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر هذا النزاع لوجود شرط تحكيم متفق عليه في العقد، إلا أن المحكمة قضت برفض الدفع وباختصاصها بنظر الدعوى، وبطلان شرط التحكيم المتفق عليه في العقد، لأنه يسلب اختصاص محاكم مجلس الدولة المقرر بالمادة 10 من القانون رقم 47 لعام 1972.([27])
وفيما يتعلق بموقف القضاء العادي من التحكيم في العقود الإدارية الدولية، فالواضح أنه ذهب لإيجاد مخرج من الحظر الذي كرسه القضاء الإداري، فنجد أن القضاء العادي في فرنسا قد عمل على استبعاد تطبيق الحظر الوارد في المواد 83 و 1004 وذلك في قضية Ste Mytroon Steam Ship ضد إدارة النقل البحري التابع للحكومة الفرنسية([28])
وتتلخص وقائع هذه القضية بأن إدارة النقل البحري التابعة للحكومة الفرنسية قد أبرمت في فبراير سنة 1940 عقد السفينة GRECTASIS التابعة لشركة Ste Mytroon Steam Ship وذلك لمدة عام، حيث أدرج اتفاق التحكيم في هذا العقد، وعند حدوث خلاف بين الأطراف، قررت الشركة مالكة السفينة اللجوء إلى التحكيم، عندها امتنعت الحكومة الفرنسية عن تعيين محكم، وصدر بعد ذلك حكم التحكيم لصالح الشركة، حيث طعنت الحكومة الفرنسية أمام محكمة استئناف باريس على الحكم التحكيمي، واستندت إلى بطلان شرط التحكيم في العقود الإدارية، لكن موقف محكمة الاستئناف لم يجاري موقف مجلس الدولة الفرنسي في ذلك الحين، وذلك عندما قضت بأن الحظر الوارد في المواد 83 و 1004 لا ينطبق في هذه الحالة لأن الحظر يتعلق بالنظام العام الداخلي الذي يقتصر إعماله على العقود الداخلية، ولا ينطبق على اتفاقات التحكيم الدولية المتعلقة بمصالح التجارة الدولية.
وفي ذات الشأن ذهب القضاء العادي المصري، عندما سمح للأشخاص العامة باللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية، ومن تلك الأحكام، القرار الصادر عن محكمة استئناف القاهرة، بتاريخ 19/3/1997 في قضية الشركة الانكليزية ضد المجلس الأعلى للآثار ، وتتلخص وقائع هذه الدعوى بأن المجلس الأعلى للآثار أبرم عقداً مع شركة مقاولات انكليزية للقيام بعض الانشاءات، واتفق الطرفان على التحكيم عند الخلاف بينهما، وعندما ثار نزاع بينهما قررت الشركة الانكليزية اللجوء للتحكيم، وصدر حكم التحكيم لصالح الشركة، عندها قام مجلس الآثار بالطعن بالحكم أمام محكمة استئناف القاهرة استناداً لعدم جواز التحكيم في العقود الإدارية الدولية، لكن المحكمة انتهت إلا أن صحة اتفاق التحكيم، حيث عللت المحكمة قراراها بأن المادة 58 من قانون مجلس الدولة تعترف ضمناً بشرط التحكيم والصلح في العقود الادارية وأنه لا يجوز الاستناد لنص المادة 10 من مجلس الدولة للقول بغير ذلك لأن هذه المادة لم تقض بحظر شرط التحكيم في العقود الإدارية وإنما المقصود منها هو بيان الحد الفاصل بين الاختصاص المقرر لمحاكم مجلس الدولة ومحاكم القضاء العادي. ([29])
كما أن مجلس الدولة المصري، كان رافضاً لمسألة التحكيم في العقود الإدارية الدولية قبل صدور قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994، حيث جاء في قرار صادر عن المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 20/2/1990 بأنه:
“عدم إمكان لجوء أشخاص القانون العام إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية التي تبرمها، تأسيساً على أن مجلس الدولة يختص وحده دون غيره بالفصل في المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية وفقاً للقانون” ([30])
وفي لبنان قضى مجلس شورى الدولة اللبناني بعدم صحة التحكيم في قضايا الإدارات العامة؛ لأن التحكيم يفترض بحد ذاته تنازلاً مسبقا من الإدارة عن بعض حقوقها، أو التسليم مقدما للخصم بحقوق قد لا يكون لها نصيب من الصحة، وهذا يحظره القانون على الدوائر العامة.
ويتفق قاضي القضايا الإدارية في لبنان مع الآراء التي تصدرها هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل اللبنانية على عدم صحة اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
فمجلس شورى الدولة في لبنان، وقبل صدور قانون 2002 قد امتنع عن قبول التحكيم في العقود الإدارية، ومن أهم الأحكام في هذا الصدد قراره الصادر بشأن النزاع الذي نشأن مع شركتي الخليوي Cellis و Liban cell حيث اعتبر مجلس شورى الدولة في قراريه تاريخ 17/7/2001، بأن هذه العقود لها الطابع الإداري مما يجعل البنود التحكيمية الواردة فيها باطلة.
وفي العراق فإن الموقف القضائي يذهب إلى أن التحكيم في العقود الإدارية شأنه شأن القضاء الأجنبي يمس سيادة الدولة([31])، إلا ان محكمة التمييز لها رأي مؤيد لتوجه المشرع في الإقرار بإمكانية اللجوء إلى التحكيم لفض المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية ، إذ نظرت في العديد من الدعاوى المتعلقة بصحة التحكيم من عدمه بين الأشخاص العامة من ناحية وأشخاص القانون الخاص من ناحية أخرى ولم نجد أحكاماً تقضي بأبطال إجراء التحكيم بسبب ان إدراجه في مجال العقود الإدارية مخالفا للقانون.
قرار محكمة التمييز في 6/12/1972 رقم الاضبارة 463-467/مدنية اولى/1972 إذ كان طرفا المنازعة أمين العاصمة إضافة إلى وظيفته وشركة من أشخاص القانون الخاص والمنازعة ناشئة عند عقد إداري بينهما ، وكذلك قرار المحكمة نفسها في 5/11/1972 رقم الاضبارة 533و589/مدنية اولى/1972 . إذ كان طرفا المنازعة الشركة العربية للهندسة والاعمار وهي من أشخاص القانون الخاص والمصرف العقاري ، وكانت المنازعة بمناسبة عقد مبرم بينهما ، وكذلك حكمها في 13/9/1975 رقم الاضبارة 111/هيئة عامة اولى/1975 بين أحد المقاولين وبلدية الموصل، وكذلك قرارها 8/12/1970 رقم الاضبارة 103/استثنائية/1970 بين وزير المواصلات واحد أشخاص القانون الخاص([32])
المبحث الثاني
مدى مشروعية اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية الدولية
يعتبر التحكيم دولياً عندما يتعلق بمصالح التجارة الدولية المرتبطة بعملية حركة انتقال البضائع والخدمات عبر حدود أكثر من دولة، أي عندما يرتبط النزاع بأكثر من دولة واحدة([33])
وقد نص القانون النموذجي لليونسترال في الفقرة الثالثة من المادة الأولى منه على أن التحكيم يكون دولياً في إحدى الحالات التالية:
- إذا كان مقرا عمل طرفي اتفاق التحكيم وقت عقد ذلك الاتفاق واقعين في دولتين مختلفتين.
- إذا كان أحد الأماكن التالية واقعاً خارج الدولة التي يقع فيها مقر عمل الطرفين.
- إذا اتفق الطرفان صراحة على أن موضوع اتفاق التحكيم متعلق بأكثر من دولة واحدة.
وللتحكيم دور هام في حسم المنازعات التي تنشأ في مجال التجارة الدولية حيث امتد ليشمل أنواعاً من المنازعات لم يكن ليشملها من قبل ومن بينها العقود الإدارية تلك العقود التي تكون الدولة والأشخاص الاعتبارية أطرافا فيها والتي لم يكن يتصور أن تقبل الدولة ترك حسم منازعاتها للتحكيم، كما شمل التحكيم أيضا العقود الإدارية الدولية المبرمة بين الدولة والمتعاقد الأجنبي.
اولاً: موقف التشريعات من اللجوء إلى التحكيم بالعقود الإدارية الدولية
كما رأينا عند الحديث عن التحكيم في العقود الإدارية الداخلية، فإن التوجه التشريعي في فرنسا قد سار إلى جواز التحكيم في العقود الإدارية الدولية أسوةً بالعقود الداخلية، حيث سمح في قانون 1 اغسطس 2001 للمؤسسات العامة التعليمية والثقافية اللجوء إلى التحكيم بغرض تسوية المنازعات الناشئة عن تنفيذ العقود المبرمة مع المنظمات الأجنبية في إطار المهام الخاصة بها. ([34])
كما أن المشرع الفرنسي أكد على أن عقد الشركة يجب أن يتضمن بالضرورة شرط يتعلق بطرق تفادي وحل النزاعات والشروط التي يمكن من خلالها اللجوء إلى التحكيم، إذا اقتضت الضرورة ذلك مع تطبيق أحكام القانون الفرنسي، وذلك في المادة 11 من المرسوم رقم 559 لعام 2004، الصادر بتاريخ 17/1/2004 ([35])
ومن جانب آخر نجد أن المشرع العراقي قد ذهب بشكل صريح إلى اجازة التحكيم في عقود الاستثمار، حيث نصت المادة 27 من قانون الاستثمار الحالي رقم 13 لسنة 2006 المعدلة بموجب 14 من القانون رقم 50 لسنة 2015 (قانون التعديل الثاني لقانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006) على أنه :
“المنازعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون إلى القانون العراقي، وولاية القضاء العراقي، ويجوز الاتفاق مع المستثمر على اللجوء للتحكيم التجاري (الوطني والدولي) وفق اتفاق يبرم الطرفين، يحدد بموجبه إجراءات التحكيم وجهته والقانون واجب التطبيق”
في العراق ففيما يتعلق بعقودها الإدارية ذات الطابع الدولي نجدها تقر بإمكانية لجوء الوزارات والمؤسسات إلى التحكيم الدولي والاتفاق على ذلك بشرط أن تحصل تلك المؤسسات على موافقة مجلس التخطيط. ([36])
وإذا كان المشرع في المادة 250 من قانون المرافعات المعدل رقم 83 لسنة 1969 أجاز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين ، كما أجاز الاتفاق عليه في جميع المنازعات التي تنشأ من تنفيذ عقد معين ، ولما كانت الإجازة مطلقة ، والمطلق يجري على إطلاقه فإننا نعتقد بان المشرع اقر بإمكانية اللجوء إلى التحكيم بصورتيه في منازعات العقود الإداري
وفي هذا الصدد نص قانون الاستثمار الأجنبي العراقي لسنة 2006 على إمكانية اللجوء إلى التحكيم في حل المنازعات الناشئة عن تنفيذ العقود المبرمة استناداً للقانون المذكور، وقد بينت المادة 27 منه القواعد التي تحكم عملية التحكيم في هذا الشأن، وأشارت الفقرة 4 إلى إمكانية اللجوء إلى أي جهة معترف بها دولياً بخصوص عملية التحكيم، ومن نافة القول إن العقود المبرمة وفقاً لهذا القانون هي عقود إدارية دولية.
ثانياً: موقف الاتفاقيات والمعاهدات الدولية من التحكيم بالعقود الإدارية الدولية
عندما أصبح التحكيم التجاري ضرورة ملحة وشرطاً لازماً في عقود التجارة الدولية، كان لابد من تطوير قواعد التحكيم التجاري، ونتيجة لأهمية الموضوع وضعت لجنة القانون التجاري الدولي التابعة للأمم المتحدة قواعد خاصة بالتحكيم سميت بقواعد التحكيم النموذجي، يمكن للدول أن تتخذها مصدراً ودليلاً لتطوير قوانينها الخاصة بالتحكيم. ([37])
وعرفت هذه القواعد اسم قواعد اليونسترال، وهذه القواعد تفرض توازناً جيداً بين السماح بحرية الاختيار للأطراف وبين اعطائهم الإرشاد المناسب المتعلق باختيار المحكمين والقيام بالإجراءات([38])، وحتى تكون العقود التجارية جيدة يشترط بها اللجوء إلى التحكيم طبقاً لهذه القواعد، التي لا تعتبر وحيدة في هذا المجال، بل هي الإطار الحاكم ربما لمجموعة من الأعراف حول التحكيم التجاري الدولي، وهناك نظم وقواعد تنظيمية تحكيمية توثقت وتثبت عبر ممارسات واتفاقيات دولية واقليمية معروفة لتشكيل الإطار القانوني للنظام التحكيمي العالمي. ([39])
وقد بدأ محاولات وضع أسس متعارف عليها للتحكيم التجاري الدولي منذ أوائل القرن العشرين، عندما صاغت عصبة الأمم المتحدة البروتوكول المتعلق بشرط التحكيم في جنيف سنة 1923، وتبعته لاحقاً اتفاقية تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في جنيف سنة 1927([40])
ولضرورة تطوير التعاقد الدولي أوكلت لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة أهمية خاصة للتحكيم التجاري الدولي، حيث وضعت عام 1976 قواعد التحكيم المعروفة باسمها، كما أن اللجنة المذكورة أعدت قانوناً نموذجياً للتحكيم التجاري الدولي، وقد اعتمدته بصيغته النهائية في 21 حزيران 1985 بعد أن كانت قد بدأت بإعداده منذ عام 1981([41])
توصلنا الى مجموعة من النتائج والمقترحات على الشكل التالي:
النتائج:
- إن من أهم المشكلات التي كانت تكتنف إمكانية اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية هو مشكلة القانون الواجب التطبيق على اتفاقية التحكيم في العقود الإدارية الدولية منذ ظهور نظام التحكيم كطريق بديل لفض المنازعات ، حيث ظلت هذه المسألة لفترة طويلة بسبب حظر اتفاق التحكيم في العقود الإدارية في العديد من الدول في فترة سابقة كالعراق ولبنان ومصر.
- إن العقود الإدارية الدولية تجمع في طياتها شروطاً حديثة لم يسبق لها وجود في العقود الإدارية على غرار التحكيم وشرطي التشريعي وثبات العقد ، كما أنها تثير مشكلة القانون الواجب التطبيق على النزاع على خلاف العقود الوطنية وهو ما يتنافى مع الإطار العام للنظرية الموضوعية للعقد الإداري .
التوصيات:
- ضرورة تعزيز التحكيم المؤسسـي لما يمثله هذا التحكيم من ضمان مهم للإدارة عند قيام خلاف بينها وبين المتعاقد معها، وذلك في ظل ما تتمتع به هذه المؤسسات من درجة عالية من الخبرة والإلمام بتفاصيل العقد الإداري، وتراعي في ذات الوقت المصلحة العامة التي تتغياها الإدارة في هذه العقود، في حين قـد يكون المحكـم الحـر مسـتجداً ومنصـب الاهتمـام علـى أفكـار ومبـادئ العقد المدني، التي قد تؤثر على فكرة المصلحة العامة في هذا الشأن.
- يتعين على جهة الإدارة أن تحترم تعهداتها وأن تقوم بتنفيذ أحكام التحكيم الصادرة عن الهيئات التحكيمية طواعية و أن لا تحاول عرقلة تنفيذها و أن لا تتمسك بحصانتها القضائية أو حصانتها ضد التنفيذ لأن من شأن ذلك إفقاد الدولة مصداقيتها في تعاملاتها مع الشركات الأجنبية المستثمرة والذي سيشكل سببا مباشرا في عزوف الشركات الأجنبية الأخرى من التعاقد معها مما سيؤثر بشكل سلبي على اقتصاديات الدول.
المصادر والمراجع:
غالب محمصاني، التحكيم المطلق في ضوء الشريعة والقانون، معهد طرابلس الجامعي للدراسات الإسلامية، 2000، ص. 67
L’article 1004 du code procédures civile pour l’année 1806 : « On ne peut compromettre sur les dons et legs
d’aliments, logement et vêtement ; sur les séparations d’entre mari et femme, divorces, questions d’état, ni sur aucune des contestations qui serait sujettes à communication au ministère public ».
L’article 83 du code procédures civile du 1806 : « Celles qui concernent l’ordre public, l’état, le domaine, les
communes, les établissements publics »
L’article 2060 du code civil de la loi n°626-72 du 5/7/1972 : « On ne peut compromettre sur les questions d’état et de capacité des personnes sur celles relatives au divorce et à la séparation de corps ou sur les contestations intéressant les collectivités publiques et les établissements publics et plus généralement dans toutes les matières qui intéressent
l’ordre public ».
Ching-Lang Lin, L’arbitrage en matière de contentieux des contrats administratifs, Institut d’Etudes Politiques de Paris.2016. P.14
سليمان الطماوي، التحكيم في العقود الإدارية في النظرية والتطبيق، دار النهضة العربية، القاهرة، 2013، ص. 297
l’article 28 de la loi n°90-568 du 2 juillet1990 relatif à l’organisation du service public de la poste et des télécommunications : « La Poste et France Télécom dispose de la faculté de transiger et de conclure des conventions d’arbitrage ».
عصمت عبدالله الشيخ، التحكيم في العقود ذات الطابع الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000، ص. 186
آدم وهيب النداوي ، المرافعات المدنية ، جامعة بغداد ، كلية القانون ، 1988 ، ص 273 ـ289
كتاب لجنة المتابعة لشؤون النفط وتنفيذ الاتفاقيات المرقم 920 بتاريخ 9/12/1973 الذي اشار إليه د. فوزي محمد سامي ، التحكيم التجاري الدولي ، جامعة بغداد ، 1992 ، ص118 ، هامش 12.
محمد نعيم عمر و بسمة عامر نظمي، التحكيم في منازعات العقود الإدارية في العراق ومشروعيته في ضوء الشريعة الاسلامية، مجلة الرسالة، مجلد 3، عدد 4، 2019، ص. 29
جابر جاد ناصر، العقود الإدارية، ط.3، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002، ص. 234
() julien ANTOINE ,L’ARBITRAGE en droit administratif L.P.A :6Aout 2003 ne 156.p4
عكاشة عبد العال و مصطفى الجمال، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية، دون نشر، ط.1، الاسكندرية، 1998، ص. 137
أبو زيد رضوان، الأسس العامة للتحكيم التجاري الدولي، مرجع سابق، ص. 87
علي ابراهيم ابراهيم شعبان، مدى تأثر التحكيم في العقود الإدارية بمبدأ سيادة الدولة، حولية كلية الدراسات الاسلامية والعربية، مجلد 7، عدد 30، ص. 344
حسين محمود عطية، حل منازعات الاستثمار بطريق التحكيم، اطروحة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 2011، ص. 186
(E).LA FERRIRE, Traité de la juridiction administrative et des recours contentieux, 1896, p146 et s.
F . COLLAVET, Dans l’arbitrage dans les procès ou sont parties les personne publiques, R.D.P, 1906, p472.
C . REYMOND, Souveraineté de l’état et participation a l’arbitrage, Rev.Arb, 1985, p517 et s
(A).MEZGHANI, Souveraineté de l’état et participation a l’arbitrage, Rev.Arb, 1985, p568
SOPHIE LEMAIRE, Le contrat international de l’administration, L.G.D.j, 2005, p310.
– Y- Gaudet : traite de droit administratif. Tome1 droit editor L.G.D.G delta 2001. P. 21
جورجي شفيق ساري، التحكيم ومدى جواز اللجوء إليه لفض المنازعات في العقود الإدارية، دار النهضة العربية، 1999، ص. 193
محي الدين القيسي، العقود الإدارية خصائصها وإمكانية التحكيم فيها في ضوء القانون رقم 440 تاريخ 29/7/2002، مجلة العدل، عدد 1، 2007،
منشورة في مجلة p515 1958., Note l’huillier
حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 5429 لسنة 34 ق. جلسة 20/10/1991
منشورة في مجلة J.C.P 1957 . P.10078
محكم محكمة استئناف القاهرة في القضية رقم 64 لسنة 113 ق. جلسة 19/3/1997
الطعن رقم 3049 لسنة 32 .ق 40، جلسة 20/2/1990
قرار ديوان التدوين القانوني المرقم 123/78 بتاريخ 28/8/1978
محمد عبد المجيد اسماعيل، عقود الأشغال الدولية والتحكيم فيها، ط.1، منشورات الحلبي الحقوقوية، 2003، ص. 116 ص. 377
l’article 2 du décret n°2000-764 du 1 aout 2000 fixant les condition dans lesquelles les établissement publics
d’enseignement supérieur peuvent transiger et recourir à l’arbitrage : « Les établissements mentionnés à l’article 1er du présent décret sont autorisés à conclure des conventions d’arbitrage en vue du règlement de litiges nés de l’exécution de contrats passés avec des organismes étrangers dans le cadre de leurs missions
l’article 11 de l’ordonnance n°2004-559 du 17 juin 2004 : « Un contrat de partenariat comporte nécessairement des clauses relatives :……………………………Aux modalités de prévention et de règlement des litiges et aux conditions dans lesquelles il peut, le cas échéant, être fait recours à l’arbitrage, avec application de la loi française
كتاب وزارة التخطيط المرقم 6/2ب/12926 في 3/9/1984 ويجب التنويه إلى ان مجلس التخطيط قد الغي وتشكلت في وزارة التخطيط هيئة استشارية لمجلس الوزراء واصبحت اختصاصات مجلس التخطيط الملغي بيد مجلس الوزراء ، اشار إليه المصدر السابق ، ص118 ، هامش 13.
فوزي محمد سامي، شرح القانون التجاري ، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1997، ص. 11
سهيل حسين الفتلاوي، المنازعات الدولية، دراسة في قواعد تسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية واستخدام القوة العسكرية في ضوء أحكام القانون الدولي وتطبيقاتها العلمية، السلسلة القانونية، دار القادسية، بغداد، 1986، ص. 29
الخير قشي، المفاضلة بين الوسائل التحاكمية وغير التحاكمية لتسوية المنازعات الدولية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1999، ص. 11
اقبال الفلوجي، من أجل مصداقية التحكيم، المستقبل العربي، سنة 22، عدد 248، 1999، ص. 58
فوزي محمد سامي، شرح القانون التجاري ، مرجع سابق، ص. 18
الهوامش:
- )) غالب محمصاني، التحكيم المطلق في ضوء الشريعة والقانون، معهد طرابلس الجامعي للدراسات الإسلامية، 2000، ص. 67 ↑
- () L’article 1004 du code procédures civile pour l’année 1806 : « On ne peut compromettre sur les dons et legs
d’aliments, logement et vêtement ; sur les séparations d’entre mari et femme, divorces, questions d’état, ni sur aucune des contestations qui serait sujettes à communication au ministère public ». ↑
- () L’article 83 du code procédures civile du 1806 : « Celles qui concernent l’ordre public, l’état, le domaine, les
communes, les établissements publics » ↑
- () L’article 2060 du code civil de la loi n°626-72 du 5/7/1972 : « On ne peut compromettre sur les questions d’état et de capacité des personnes sur celles relatives au divorce et à la séparation de corps ou sur les contestations intéressant les collectivités publiques et les établissements publics et plus généralement dans toutes les matières qui intéressent
l’ordre public ». ↑
- () Ching-Lang Lin, L’arbitrage en matière de contentieux des contrats administratifs, Institut d’Etudes Politiques de Paris.2016. P.14 ↑
- )) سليمان الطماوي، التحكيم في العقود الإدارية في النظرية والتطبيق، دار النهضة العربية، القاهرة، 2013، ص. 297 ↑
- ) )l’article 28 de la loi n°90-568 du 2 juillet1990 relatif à l’organisation du service public de la poste et des télécommunications : « La Poste et France Télécom dispose de la faculté de transiger et de conclure des conventions d’arbitrage ». ↑
- )) عصمت عبدالله الشيخ، التحكيم في العقود ذات الطابع الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000، ص. 186 ↑
- )) آدم وهيب النداوي ، المرافعات المدنية ، جامعة بغداد ، كلية القانون ، 1988 ، ص 273 ـ289 ↑
- )) كتاب لجنة المتابعة لشؤون النفط وتنفيذ الاتفاقيات المرقم 920 بتاريخ 9/12/1973 الذي اشار إليه د. فوزي محمد سامي ، التحكيم التجاري الدولي ، جامعة بغداد ، 1992 ، ص118 ، هامش 12. ↑
- )) محمد نعيم عمر و بسمة عامر نظمي، التحكيم في منازعات العقود الإدارية في العراق ومشروعيته في ضوء الشريعة الاسلامية، مجلة الرسالة، مجلد 3، عدد 4، 2019، ص. 29 ↑
- )) جابر جاد ناصر، العقود الإدارية، ط.3، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002، ص. 234 ↑
- () julien ANTOINE ,L’ARBITRAGE en droit administratif L.P.A :6Aout 2003 ne 156.p4 ↑
- )) عكاشة عبد العال و مصطفى الجمال، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية، دون نشر، ط.1، الاسكندرية، 1998، ص. 137 ↑
- )) أبو زيد رضوان، الأسس العامة للتحكيم التجاري الدولي، مرجع سابق، ص. 87 ↑
- )) علي ابراهيم ابراهيم شعبان، مدى تأثر التحكيم في العقود الإدارية بمبدأ سيادة الدولة، حولية كلية الدراسات الاسلامية والعربية، مجلد 7، عدد 30، ص. 344 ↑
- )) حسين محمود عطية، حل منازعات الاستثمار بطريق التحكيم، اطروحة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 2011، ص. 186 ↑
- ) (E).LA FERRIRE, Traité de la juridiction administrative et des recours contentieux, 1896, p146 et s. ↑
- () F . COLLAVET, Dans l’arbitrage dans les procès ou sont parties les personne publiques, R.D.P, 1906, p472. ↑
- () C . REYMOND, Souveraineté de l’état et participation a l’arbitrage, Rev.Arb, 1985, p517 et s ↑
- () (A).MEZGHANI, Souveraineté de l’état et participation a l’arbitrage, Rev.Arb, 1985, p568 ↑
- () SOPHIE LEMAIRE, Le contrat international de l’administration, L.G.D.j, 2005, p310. ↑
- () – Y- Gaudet : traite de droit administratif. Tome1 droit editor L.G.D.G delta 2001. P. 21 ↑
- )) جورجي شفيق ساري، التحكيم ومدى جواز اللجوء إليه لفض المنازعات في العقود الإدارية، دار النهضة العربية، 1999، ص. 193 ↑
- )) محي الدين القيسي، العقود الإدارية خصائصها وإمكانية التحكيم فيها في ضوء القانون رقم 440 تاريخ 29/7/2002، مجلة العدل، عدد 1، 2007، ↑
- )) منشورة في مجلة p515 1958., Note l’huillier ↑
- )) انظر: حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 5429 لسنة 34 ق. جلسة 20/10/1991 ↑
- )) منشورة في مجلة J.C.P 1957 . P.10078 ↑
- )) انظر: محكم محكمة استئناف القاهرة في القضية رقم 64 لسنة 113 ق. جلسة 19/3/1997 ↑
- )) الطعن رقم 3049 لسنة 32 .ق 40، جلسة 20/2/1990 ↑
- )) قرار ديوان التدوين القانوني المرقم 123/78 بتاريخ 28/8/1978 ↑
- )) مشار إليها : عبدالرحمن العلام ، شرح قانون المرافعات المدنية رقم 33/لسنة1969 ، منشورات الدائرة القانونية ، بغداد ، 1990 ، ص406 وما بعدها . ↑
- )) محمد عبد المجيد اسماعيل، عقود الأشغال الدولية والتحكيم فيها، ط.1، منشورات الحلبي الحقوقوية، 2003، ص. 116 ص. 377 ↑
- () l’article 2 du décret n°2000-764 du 1 aout 2000 fixant les condition dans lesquelles les établissement publics
d’enseignement supérieur peuvent transiger et recourir à l’arbitrage : « Les établissements mentionnés à l’article 1er du présent décret sont autorisés à conclure des conventions d’arbitrage en vue du règlement de litiges nés de l’exécution de contrats passés avec des organismes étrangers dans le cadre de leurs missions ↑
- ) )l’article 11 de l’ordonnance n°2004-559 du 17 juin 2004 : « Un contrat de partenariat comporte nécessairement des clauses relatives :……………………………Aux modalités de prévention et de règlement des litiges et aux conditions dans lesquelles il peut, le cas échéant, être fait recours à l’arbitrage, avec application de la loi française ↑
- )) كتاب وزارة التخطيط المرقم 6/2ب/12926 في 3/9/1984 ويجب التنويه إلى ان مجلس التخطيط قد الغي وتشكلت في وزارة التخطيط هيئة استشارية لمجلس الوزراء واصبحت اختصاصات مجلس التخطيط الملغي بيد مجلس الوزراء ، اشار إليه المصدر السابق ، ص118 ، هامش 13. ↑
- )) فوزي محمد سامي، شرح القانون التجاري ، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1997، ص. 11 ↑
- )) سهيل حسين الفتلاوي، المنازعات الدولية، دراسة في قواعد تسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية واستخدام القوة العسكرية في ضوء أحكام القانون الدولي وتطبيقاتها العلمية، السلسلة القانونية، دار القادسية، بغداد، 1986، ص. 29 ↑
- )) الخير قشي، المفاضلة بين الوسائل التحاكمية وغير التحاكمية لتسوية المنازعات الدولية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1999، ص. 11 ↑
- )) اقبال الفلوجي، من أجل مصداقية التحكيم، المستقبل العربي، سنة 22، عدد 248، 1999، ص. 58 ↑
-
)) فوزي محمد سامي، شرح القانون التجاري ، مرجع سابق، ص. 18 ↑