نَتَائِجُ اِمتِحَانَاتِ النّجاعَةِ والنّمَاءِ “الميتساف” وَعَلاقَتُهَا بِأَبعَادِ قِيَاسِ الإِبدَاعِ الكَامِنِ “إيبوك” لَدَى طَلَبَةِ المَرحَلَةِ الإِعدَادِيَّةِ

وسيم عبد الرّحمن خلف1

1 باحث، فلسطين.

بريد الكتروني: Waseem_khalaf@hotmail.com

HNSJ, 2024, 5(7); https://doi.org/10.53796/hnsj57/16

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/07/2024م تاريخ القبول: 18/06/2024م

المستخلص

هَدَفَتِ الدّراسَةُ إلى تحليل بطارية (EPOC) وفقًا لنتائجِ امتحانِ النّجاعَةِ والنّماءِ “الميتساف” للّغةِ العَربيَّةِ لِطَلبَةِ الصّفّ الثّامنِ مِن المَرحَلَةِ الإعداديّةِ، وكانَتْ متغيّراتُ البَحثِ هِي: (التّفكير المتشّعب اللّفظيّ لبدايَةِ القِصصِ، التّفكير اللّفظيّ التّكامليّ لنهاياتِ القِصصِ، بدايات القِصصِ، شخصيّات القِصصِ، والجنس)، والّتي تمّ تحليلُهَا وفقًا لأجزاءِ “الميتساف” (فهم المقروء، المعرفة اللّغوية، التّعبير الكِتابيّ، المعدل). واتّبع الباحثُ المنهَجَ الكّمّيّ الارتباطيّ في هذا البَحثِ، وتكوّنَتْ عيّنةُ البحثِ من 32 طالبًا وطالبَةً من طَلَبَةِ مرحلَةِ الصّفّ الثّامن فِي مدارسِ المُجتَمَعِ العَرَبِيّ في إِسرائيل. وتَمَّ اِسْتخدَامُ تقريرِ نَتَائِجِ اِختِبَارِ النّجاعَةِ والنّماءِ “ميتساف” للطّلّاب، ومِقيَاس الإبداعِ الكَامِنِ “إيبوك” الّتِي اِقتَرَحَهَا كُلّ من: لوبارت بيزنسون وباربو (Barbot, Besancon and Lubart, 2011؛ تعريب يامين، 2012) والّذِي يُعنى بِقيَاسِ عَمَلِيَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ مِن عَمليّاتِ التّفكير، هُمَا: التّفكيرُ التّباعديُّ الاسْتكشَافِيُّ/ التّشعّبيّ والتّفكيرُ التّقارِبِيُّ التّكامُلِيُّ كَأَدوَاتٍ للدِّرَاسَةِ. وَتَوصّلَتْ الدّراسَةُ إِلى أَنّه يوجدُ فروقٌ في الدّلالةِ الإِحصائيّةِ للتّفكيرِ المُتشعّبِ اللّفظيّ فِي نهاياتِ القِصصِ فَقَد كَانَتْ أَقلّ فِي حالةِ التّفكيرِ المتشعّبِ نسبَةً للمعرفَةِ والتّعبيرِ الكِتَابيّ. ويوجدُ فروقٌ فِي الدّلالةِ الإِحصائيّةِ للتّفكيرِ التّكامليّ اللّفظيّ نسبَةً إِلى أقسامِ المِيتساف فَقَدْ كانَتْ أقلّ من مُستوى الدّلالةِ في حالةِ التّفكيرِ التّكامليّ في عناوينِ القصصِ نسبةً للمعدّلِ، وفَهمِ المَقروءِ، والمَعرفَةِ اللّغويّةِ فِي “المِيتساف”. إضافَةً إِلَى أنّه يوجدُ فروقٌ فِي الدّلالةِ الإحصائيّةِ لبدايَاتِ القِصصِ نسبةً إلى أَقسامِ “الميتساف” فَقَدْ كَانَتْ أقلّ مُستوى للدّلالةِ في حالَةِ بداياتِ القصص نسبةً للمعدّلِ، وفهمِ المقروءِ في “الميتساف” وهذا يدلّ؛ فضلًا عَنْ أنّه يوجدُ فروقٌ في الدّلالةِ الإِحصائيَّةِ لِمُتغيّرِ الجِنس إِلى أقسامِ “الميتساف”، فَقَدْ كانَ مستَوَى الدّلالَةِ فِي جميعِ أَقسَامِ “الميتساف” أقلّ مِنْ مُستَوَى الدّلالَةِ الإِحصائيَّةِ. وَأَوصَتْ الدّراسَةُ بتعزيزِ أَسالِيبِ التّدريسِ المُدعّمَةِ لأَساليبِ الإِبدَاعِ الكَامِنِ، وخاصَّةً لِفِئَةِ المَرحَلَةِ الإِعدَادِيَّةِ إِذْ تُعَدّ المَرحَلَةُ الفَاصِلَةُ بَينَ مرحَلَةِ التّنشئِةِ، وَمرحَلَةِ الاعْتِمَادِ عَلَى النّفسِ، فَضلًا عَن تَقييمِ مُستَوَى الطّلّابِ فِي جَميعِ أَجزَاءِ “الميتساف” للمَوادّ اللّغويّةِ لإِثرائِهَا، وتَحسِينِهَا لَدَى الطّلبَةِ، إِضافَةً إلَى النّظرِ فِي تنسيقِ دَورَاتٍ لُغويَّةٍ يتمّ من خلالِهَا تَنميَةُ القُدُرَاتِ اللُّغويَّةِ لَدَى الطّلَبَةِ وتَقومُ على تعزيزِ أساليبِ التّدريسِ اللّغويّةِ لَدَى المُعلّمينَ والمُعلِّمَاتِ.

Research title

The Relationship between the Results of the Success and Development (METSAV) Exams and the Dimensions of Measuring Hidden Creativity (EPOC) among Middle School Students

Waseem Abdul Rahman Khalaf1

1 Researcher, Palestine. Email: Waseem_khalaf@hotmail.com

HNSJ, 2024, 5(7); https://doi.org/10.53796/hnsj57/16

Published at 01/07/2024 Accepted at 18/06/2024

Abstract

The study aimed to analyze the Battery of Tests for Cognitive Abilities (EPOC) according to the results of the “METSÄV” proficiency and development test for the Arabic language for eighth-grade students in the preparatory stage. The research variables included verbal divergent thinking at the beginning of stories, integrated verbal thinking at the end of stories, story beginnings, story characters, and gender. These variables were analyzed according to the METSÄV components (reading comprehension, language knowledge, writing expression, and overall score).

The researcher employed a quantitative correlational approach, with a sample of 32 male and female eighth-grade students from Arab community schools in Israel. The METSÄV test results and the “IBOOK” latent creativity scale proposed by Barbot, Besancon, and Lubart (2011; Arabic version by Yamin, 2012) were used. This scale measures two different types of thinking processes: exploratory/divergent thinking and convergent/integrative thinking.

The study found statistically significant differences in the verbal divergent thinking at the end of stories, indicating lower levels in terms of knowledge and written expression. Additionally, there were significant differences in integrated verbal thinking concerning METSÄV sections, with lower significance levels in the integrated thinking regarding story titles concerning the average score, reading comprehension, and language knowledge in METSÄV. Moreover, there were significant differences in the significance level for story beginnings concerning METSÄV sections, indicating lower significance levels for the average score and reading comprehension in METSÄV. Finally, there were significant differences in the significance level for the gender variable in all METSÄV sections.

The study recommends enhancing teaching methods that support latent creativity, especially for preparatory stage students, as this stage is crucial in the transition from formative to self-reliance stages. Additionally, it suggests assessing students’ proficiency in all METSÄV components for language subjects to enrich and improve them, along with considering linguistic courses that focus on developing students’ language abilities and enhancing teaching methods for language instructors.

المقدمة

منذ العام الدراسي 2006/2007، في كل سنة تعد وزارة التّربية والتّعليم امتحانات قطريّة، يتم من خلالها إجراء امتحانات للصفوف الثّاني والخامس والثّامن، في أربعة مواضيع رئيسية هي: اللّغة الأم (العبريّة أو العربيّة)، واللّغة الإنجليزيّة، والرّياضيات، والعلوم والتّكنولوجيا. وهذه الامتحانات تسمى بامتحانات “مقاييس النّجاعة والنّماء المدرسيّ” بما يعرف باسم – “ميتساف”، أصبح ذلك إجراءً معتاداً بعد ظهور نتائج إسرائيل المتدّنية في الامتحانات الدّولية إذ من بين إحدى وأربعين دولة صناعيّة شاركت فيها، حيث كان ترتيب إسرائيل في المرتبة الثلاثين في فهم المقروء، والإحدى والثلاثين في الرّياضيّات والثالث والثلاثين في العلوم (أبو عصبة، 2006).

هذه الامتحانات هدفها هو وضع تصور حقيقيّ عن نقاط القوّة والضّعف في المؤسّسة التّعليميّة، وإعطاء المدراء والطواقم التّنفيذية في المؤسسة معلومات موضوعيّة موثوقة؛ ليتم اعتمادها في عمل خطط مستقبليّة لتطوير المستوى التّعليميّ وتحسين بيئة المدرسية، بالإضافة الى تقليل الفجوات بين شرائح المجتمع الاسرائيليّ المختلفة. هذه الامتحانات لها نوعان: داخليّة وخارجية، أما الداخلية؛ فيتم فحص إجابات التّلاميذ فيها من قبل طاقم المدرسة، والخارجية؛ يتم إعدادها كلّ أربع سنوات مرّة، حيث يعدّ الامتحان ويفحص مستوى التلاميذ طاقم معين من قبل وزارة التّربية والتّعليم (راما السّلطة القطريّة للقياس والتّقويم في التّربية، 2016).

ومن هنا يرغب الباحث في معرفة العلاقة بين نتائج امتحانات “الميتساف” وأبعاد إيبوك (EPOC) لدى طلاب المرحلة الإعداديّة.

قبل الحديث عن الإبداع الكامن علينا أوّلًا أن نتعرف إلى مصطلح القدرة الكامنة، هناك قدرة كامنة على الإبداع عند جميع الأفراد، ولكن لا تظهر آثار هذه القدرة لا تتحقق عند كلّ الأفراد لأسباب مختلفة، قد تكون بسبب قلة الخبرة أو عدم التدرب على المواهب الإبداعية. ويؤثر العامل الوراثي على هذه القدرة، بمعنى أنها صفة بيولوجية موروثة، والسلوكيات الإبداعية الظاهرة والتي هي عبارة عن نتاج الطبع والتطبع، وهي مزيج من العوامل البيولوجية والخبرة معًا، فالقدرة الإبداعية الكامنة تحددها العوامل الوراثية الطبع، بينما التطبع تحدده الخبرة، كما يتميز الأفراد بمراحل تطور رئيسية مرتبطة بالسلوك الإبداعي، إضافة إلى أن العملية التطورية تتأثر بعوامل عديدة من أهمّها العائلة (رنكو، 2011).

كل فرد من الأفراد على حدّ سواء لديه قدرة على الابتكار والإبداع، وتحقيق هذه القدرة متعلق بالمناخ الاجتماعي الذي يعيشه كلّ فرد من هؤلاء الأفراد، فإذا خلا المجتمع من الضغوط وعاش بحرية فإن ذلك يسمح بنمو وتطور الطاقات الإبداعية. ويمكن تعريف القدرة الإبداعية بأنها: استعداد طبيعي كامن عند جميع الأفراد (حجي، 2016).

أما (EPoC) فهي أداة تم تطويرها لتقييم الإبداع الكامن عند الأطفال والمراهقين، وهذه الأداة في الواقع عبارة عن تجميع وتحسين لعدد من أدوات القياس السابقة التقليدية، هذه الأداة تصور الإبداع على أنّه متعدد الأوجه، ويشتمل على عدد كبير من المكونات للإبداع، وتشير المبادئ الأساسية الموجهة لتطوير (EPoC) إلى أنّه بالإمكان للعديد من العمليات الدقيقة التي تشارك في الإبداع الكامن أن توضع في مجموعتين أساسيتين هما العمليات التباعدية-الاستكشافية، والعمليات التقاربية-التكاملية؛ أضف إلى ذلك أنه من المهم أخذ مجال التعبير الإبداعي بعين الاعتبار. ولهذا السبب يقوم (EPoC) بقياس المجموعتين التباعدية-الاستكشافية والتقاربية-التكاملية معًا مستندًا في ذلك إلى النهج المتعدد المتغيرات، بينما كانت أدوات القياس السابقة بالعادة تقوم بقياس مكون واحد في مجالات تعبير مختلفة، وكانت عبارة عن نهج عامّة تميل إلى تعميم النتائج المشاهدة إلى أي مجال للتعبير الإبداعي (Barbot, Besancon and Lubart, 2011).

من خلال عمل الباحث معلّمًا للّغة العربيّة خلال السّنوات السّابقة التي مرّ بها من خلال مرحلتين، المرحلة الأولى كانت عندما عمل في مدرسة ابتدائية فقد لاحظ خلال هذه الفترة عزوف التّلاميذ عن التفكير الإبداعي، وعند إجراء امتحانات النّجاعة والنّماء للصّف الخامس في اللّغة العربيّة كانت نتائج التّلاميذ متدنية. وفي المرحلة الثّانية عندما انتقل إلى التّدريس في المدرسة الإعداديّة، خلال هذه الفترة كان واضحًا فتور الطّلاب في قدرتهم على الابتكار والإبداع والتفكير النّاقد، معظم الطلاب في المدرسة ليسوا على اطلاع على النقد والإبداع، ولذلك لم تكن نّتائج امتحانات النّجاعة والنّماء مرضية، لذلك ارتأى الباحث من وراء هذا البحث أن يفحص العلاقة بين طرائق التفكير الكامن (إيبوك) ونتائج امتحانات النّجاعة والنّماء في اللّغة العربيّة.

وتكمن أهمّية هذا البحث من أهمّيّة الموضوع والتي تتمثل في:

أولا: الأهمية النظرية: ما سيسهم به البحث من معلومات جديدة إلى المعرفة الإنسانية والاجتماعية حول الموضوع، إذ لم يتم عمل الكثير من البحوث عليه في المجتمع العربيّ في إسرائيل، ولم يفحص أثر بطاريات إيبوك على نتائج امتحانات النّجاعة والنّماء في اللّغة العربيّة.

ثانيا: الأهمية العملية: تتمثل في أن نتائج هذا البحث سيتم تقديمها إلى المسؤولين في التّربية في المدارس والمؤسّسات للاستفادة منها في تخطيط برامج التفكير الكامن في موضوع اللّغة العربيّة، إذا تم إيجاد علاقة إيجابيّة بين طرائق التفكير الكامن ونتائج امتحان النّجاعة والنّماء في موضوع اللّغة العربيّة. وأيضًا تقديم اقتراحات إلى المسؤولين في جهاز التّربية بتكثيف حصص الابتكار والإبداع والتفكير؛ وتطوير هذه المهارة عند طلاب المدارس، وتحفيزهم على التفكير الكامن والنقد والإبداع، وهذا بدوره يساهم في تحسين نتائج امتحانات النّجاعة والنّماء في اللّغة العربيّة وتطويرها.

إن التفكير الإبداعي والتحصيل الدراسي هو أحد من المحكّات المستخدمة للكشف عن المبدعين بهدف الدلالة على التفوق العقلي، فقد قدم (جيلفورد، 1950) تصورًا نظريًّا عن الإبداع في نظريته عن التكوين العقلي والتي أشار فيها إلى أن هناك قدرات يمكن تمييزها بين الذكاء والقدرة على التفكير الإبداعي. وقد اهتمت الكثير من الدراسات بمحاولة الكشف عن العلاقة التي تربط التفكير الإبداعي بالتحصيل، من تلك الدراسات: دراسة جيتزلز وجاكسون (1968Getzels & Jackson,) حيث هدفت هذه الدراسة إلى معرفة العلاقة بين قدرات التفكير الإبداعي والذكاء وتحديد تأثير قدرات التفكير الإبداعي والذكاء في التحصيل الدراسي، وتوصلت الدراسة إلى أنه لا يوجد فروق دالة إحصائياً بين الطلبة أصحاب التفكير الإبداعي المرتفع والطلبة أصحاب الذكاء المرتفع في التحصيل الدراسي، كما خلصت النتائج إلى أن هناك علاقة ضعيفة بين التفكير الإبداعي كما يقاس من قبل اختبارات الإبداع وبين التحصيل الدراسي (رزوقي ولطيف، 2018). أما دراسة كاب (1991Cabe,) والتي هدفت إلى تحديد تأثير كل من الذكاء والإبداع على التحصيل الدراسي، واستعملت اختبار تورانس الصورة (الشكلية واللفظية) بهدف قياس الطلاقة والمرونة والأصالة والمقدرة على إعطاء التفاصيل، واختبارًا آخر بهدف قياس الذكاء واختبار التحصيل الدراسي بعد تقنينه، وخلص الباحث في دراسته إلى أن هناك علاقة قوية بين الذكاء والقدرات الإبداعية (الطلاقة، والمرونة، والأصالة، والتفاصيل)، كما بينت النتائج إلى عدم وجود ترابط قوي بين قدرات الإبداع (الطلاقة، المرونة، الأصالة) والتحصيل الدراسي (رزوقي ولطيف، 2018).

ولعدم وجود دراسات اختصت في جوانب التفكير الإبداعي وفقًا للغة، فقد قامت هذه الدراسة على البحث في هذه الجوانب وفقًا للغة العربية بحيث تم دراسة المتغيرات على الشكل التالي: العلاقة بين (التفكير المتشعب اللفظي لبداية القصص، والتفكير اللفظي التكاملي لنهايات القصص، وبدايات القصص، وشخصيات القصص) مع أجزاء الميتساف (فهم المقروء، معرفة لغوية، تعبير كتابي، معدل). بينما تم دراسة العلاقة بين متغير الجنس (ذكر، أنثى) ومعدل الميتساف.

الخلفية النظرية

إن الأنظمة التعليمية بجميع مكوناتها بحاجة للتقويم المستمر، ليتم تحسينها وتطويرها بما يحقق الأهداف التعليمية، ولذلك تعد الاختبارات الدولية من أهم الأدوات التقويمية للأنظمة التعليمية والتربوية وأكثرها شيوعًا في دول العالم، والسبب هو أن هذه المنظمات المشرفة على الاختبارات تمتلك خبرة وكفاءة في مجال التعليم وتقويمه، ومن هذه المنظمات: منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) والمنظمة الدولية لتقويم التحصيل التربوي(IEA)، كما أن هذه الاختبارات هي مؤشر على مستوى تحصيل الطلاب في المواد الدراسية الأساسية والمهارات التعليمية. بالإضافة إلى أن الاختبارات الدولية توفر فرصة لمقارنة التحصيل الدراسي للطلاب بين أنظمة تربوية مختلفة في خلفياتها الثقافية والاقتصادية والاجتماعية وهذا بدوره يؤدي إلى الوصول لوسائل ترقى بالتعليم لمستويات أفضل (בלר, 2011).

الامتحانات الدولية وأهدافها

تم إجراء العشرات من الامتحانات الدوليّة ذات النطاق الواسع منذ عام 1960، ويتمّ التخطيط لامتحانات أخرى في الوقت القريب، وكانت إسرائيل من بين أكثر من 70 دولة مشاركة في العديد من هذه الامتحانات (בלר، 2011). إذ شاركت في امتحانات TIMSS (Trends in International Mathematics and Science Study)، والتي تعد من أقدم الامتحانات الدولية في الرياضيّات والعلوم، وقد أعدت إسرائيل في الستينيات أول امتحان وكان للصفوف الرابع، والثامن، والثاني عشر. أما امتحانات الــPIRLS (Progress in International Reading Literacy Study) فهي امتحانات تخص فهم المقروء للصّف الرابع، تم إجرائها في إسرائيل في السنوات 2000، 2006، 2011، إضافة إلى امتحانات PISA (Programme for International Student Assessment) وهي امتحانات في الرياضيات وفهم المقروء والعلوم، حيث يتم إجراء هذه الامتحانات في إسرائيل في كلّ مرّة يُعلن فيها عن الامتحان.

إنّ امتحانات الـــ TIMSS & PIRLS)) جاءت بمبادرة من الرابطة الدوليّة للتعليم (IEA) والتي تمثلت أهدافها في: فحص تأثير المناهج التعليميّة على مواضيع الامتحان، ومراقبة جودة التعليم، والتعرف إلى المدارس الفعّالة وتطوير نظام التعليم، وتنمية سيرورة التعليم. أمّا امتحانات الـ PISA جاءت بمبادرة من الـ (OECD) وهدفها اكساب الطلاب مهارات المختلفة، والمقارنة بين استراتيجيات التدريس المختلفة وذلك بهدف تطوير النتائج المستقبليّة (من تقرير الـ OECD، 2018).

إنّ نتائج امتحان البيزا 2019 بيّن الفجوة الطلاب العرب واليهود في التّنور القرائي حيث بيّنت النتائج أقل ّ من معدل الـــ (OECD) (راما السّلطة القطريّة للقياس والتّقويم في التّربية، 2019).

امتحان النجاعة والنماء

نشأة امتحانات النجاعة والنماء

بعد أن حققت إسرائيل نتائج سيئة في الامتحانات الدولية، والتي شارك فيها إحدى وأربعون دولة صناعية، وجاء ترتيب اسرائيل بين هذه الدول في الثلاثينات، في فهم المقروء الرّياضيّات والعلوم، صارت وزارة التّربية والتّعليم تقوم بإجراء امتحانات قطريّة سنويًّا، وذلك منذ أكثر من عشرة أعوام، ويتم من خلالها امتحان طلاب الصفوف الثّاني والخامس والثّامن، في مجالات اللّغة الأم (العبريّة أو العربيّة)، واللّغة الإنجليزيّة، والرّياضيات، والعلوم والتّكنولوجيا، وتسمى هذه الامتحانات بامتحانات “مقاييس النّجاعة والنّماء المدرسيّ” (“ميتساف”) (أبو عصبة، 2006).

أهداف امتحانات النجاعة والنماء

هذه الامتحانات هدفها هو وضع تصور حقيقيّ عن نقاط القوّة والضّعف في المؤسّسة التّعليميّة، وإعطاء المدراء والطواقم التّنفيذية في المؤسسة معلومات موضوعيّة موثوقة؛ ليتم اعتمادها في عمل خطط مستقبليّة لتطوير المستوى التّعليميّ وتحسين بيئة المدرسية، بالإضافة إلى تقليل الفجوات بين شرائح المجتمع الاسرائيليّ المختلفة. هذه الامتحانات لها نوعين: داخليّة وخارجية، أما الداخلية، فيتم فحص إجابات التّلاميذ فيها من قبل طاقم المدرسة، والخارجية، يتم اعداها كل أربع سنوات مرّة، حيث يعد الامتحانات ويفحص مستوى التلاميذ طاقم معين من قبل وزارة التّربية والتّعليم (راما السّلطة القطريّة للقياس والتّقويم في التّربية، 2018).

مبنى امتحانات النجاعة والنماء في اللّغة العربيّة

يقوم امتحان اللّغة العربيّة بفحص مستوى الطلاب في ثلاث مجالات هي: فهم المقروء والمعرفة اللّغويّة والتعبير الكتابيّ، يحتوي هذا الامتحان على صيغتين، ويتم امتحان الطالب في صيغة واحدة فقط، وتتألف كلّ صيغة من أربعة فصول: الفصول الأول والثّاني والثالث تحتوي نصّ من الأنواع الثلاثة (1. سردي/قصصي 2. معلوماتي/ إخباري 3. إقناعي )كان قد تعلّمه الطالب خلال السنة الدراسيّة، يتبعه مجموعة من الأسئلة (5- 6 أسئلة) التي تعالج جميع أنواع ومستويات الفهم وهي: فهم المعنى الصريح، وفهم المعنى الخفي والاستنتاج، وتفسير وتطبيق للأفكار والمعلومات، وتقييم المضمون ووظيفة المركبات اللّغويّة والنّصيّة. أمّا بالنسبة لأنواع الأسئلة هناك نوعان: أسئلة مفتوحة، وهذا النوع قد يجاب عليه بكلمة، أو جملة أو قد يتجاوز ذلك، وأسئلة مغلقة: أي من نوع اختيار من متعدد، حيث يقوم الطالب بتحديد الإجابة الصحيحة من بين مجموعة إجابات معطاة. أمّا الفصل الرابع فهو لفحص التعبير الكتابيّ، ويتضمن مهمّة واحدة في التعبير بحسب الأنواع الأدبيّة والوظيفيّة التي درسها الطلاب خلال الفصل الدراسي، كما يقوم المشرفون بتقييم التعبير الكتابيّ استنادًا إلى ثلاثة معايير وهي: المضمون، المبنى، اللّغة (راما السّلطة القطريّة للقياس والتّقويم في التّربية، 2018).

سيرورة تقييم امتحانات النجاعة والنماء

سيرورة التقييم في فهم المقروء:

كما ذكرنا سابقًا هناك أبعاد ومستويات مختلفة للفهم يعالجها امتحان النجاعة والنماء وسنذكرها هنا بالتفصيل لفهم كيفية التقييم: أولا: فهم المعنى الصريح في النصّ ونسبته 20% والذي يعالج فهم كلمة، تعبير أو جملة من خلال سياق النص، واستخراج معلومات صريحة من النصّ. ثانيًا: فهم المعنى الخفي / استنتاج ونسبته 30% وهو يعالج فهم علاقات صريحة من خلال الفقرة، معرفة الضمير العائد وكلمات الربط، واستخراج نتائج من خلال الفقرة، وفهم علاقات غير صريحة ضمن الفقرة. ثالثًا: تفسير، ودمج وتطبيق الأفكار والمعلومات ونسبته 30% والذي يعالج استخلاص معلومات من النصّ بأكمله، وتحديد الفكرة المركزيّة للنصّ، وفهم علاقات منطقيّة بين أجزاء النصّ: سبب ونتيجة، مقارنة، تسلسل، مشكلة وحلّ، تحديد قصد الكاتب. وأخيرًا: تقييم المضمون ووظيفة المركبات اللغوية والنصيّة ونسبته 20% وهو يعالج التفريق بين الحقائق والمواقف، والتفريق بين الواقع والخيال في النصّ، والربط بين النص والمعرفة السابقة في نفس الموضوع مع ذكر السبب، ونقد وتقييم الأبعاد المتنوعة في النص: الأفكار، القيم، الشخصيات مع ذكر السبب، تنبّؤ/ فرض فرضيات في أعقاب النصّ، وتحديد نوع النصّ مع ذكر السبب، وتحديد هدف كتابة النصّ، وفهم العبرة الشخصية من النصّ، واستخراج وسائل بلاغية: تشخيص، تشبيه…الخ (راما السّلطة القطريّة للقياس والتّقويم في التّربية، 2018).

سيرورة التقييم في التعبير الكتابي:

هناك عدة معايير لتقييم التعبير الكتابي وهي مقسمة إلى أجزاء من حيث المضمون والمبنى واللغة. فأما المضمون والذي يمثل ما نسبته 50% من التقييم فيتم تقييمه من حيث: التزام الطالب بموضوع الكتابة وهدفها. ومن حيث تحسين المضمون ويقصد بها احتواء النص على: تفصيل، مبنى مركّب، ذكر عدد من وجهات النظر، غنًى فكريّ… إلخ. ومن حيث مقدار الوعي بالمتلقّي ويقصد بها احتواء المضمون على المعلومات المطلوبة للمتلقّي لفهم غاية الكاتب. وأما بالنسبة للمبنى والذي يمثل ما نسبته 20% من التقييم فيتم تقييمه من حيث: أولا: مناسبة المبنى والأسلوب اللغوي للنوع الكتابي والمهمة. وثانيًا: كون المبنى منطقيًّا أي ترابط وتماسك وتسلسل الجمل والأفكار والأقسام المختلفة من النص وثالثًا: العرض أي شكل الصحة من حيث تنظيم الكتابة وترتيبها، مثلا: الفصل بين الكلمات، بين الفقرات، وبين العنوان والنص. وأما اللغة والتي تشكل ما نسبته 30% من التقييم فيتم تقييمها من حيث: الثروة لغويّة ويقصد بها الغنى في اللغة والدقّة المعنى. والمبنى النحوي السليم والذي يعني استعمال الحروف والكلمات بشكل صحيح، والربط والملاءمة النحويّة من حيث قواعد الجنس، العدد… إلخ. أيضًا استعمال علامات الترقيم بشكل صحيح (النقطة، علامة الاستفهام في نهاية جملة، النقطتين قبل التفصيل، والمزدوجين لعرض اقتباس …إلخ). وأخيراً الإملاء الصحيح أي كون المستويات اللغوية مناسبة للمهمة، وعدم الخلط بينها (راما السّلطة القطريّة للقياس والتّقويم في التّربية، 2018).

امتحانات النجاعة والنماء ومستوى التحصيل

معدّل الطلاب في الصّف الخامس المتقدمين لامتحان النّجاعة والنّماء الذي أجري في عام 2013 في اللّغة العربيّة في منطقة الشّمال هو 72.1، وهذه النّتيجة تشير إلى أن مستوى الطلاب في الامتحان متوسّط وذلك بحسب دائرة الإحصاء المركزيّة (שנתון סטטיסטי לישראל, 2016). بناء على هذه النّتيجة سيقوم البحث بفحص نتائج الطلاب في امتحانات النجاعة والنماء “الميتساف” وعلاقتها بأبعاد قياس الإبداع الكامن “إيبوك” لدى طلبة المرحلة الإعداديّة.

امتحانات النجاعة والنماء والقراءة الحرة

هناك ما نسبته 79.9% من المجتمع العربيّ في إسرائيل والذين تبلغ أعمارهم فوق العشر سنوات لم يقوموا بقراءة أيّ كتاب في آخر شهر قبل إجراء المسح بحسب مسح “ركاز” (2014) بنك المعلومات، بينما هناك ما نسبته 20.3% من المجتمع قاموا بقراءة كتاب واحد على الأقل، أما الفئة التي قامت بقراءة كتاب واحد فقط نسبتها حوالي 12.7%.

بالنظر إلى هذه النتيجة نلاحظ أن أكثر من نصف المجتمع العربيّ في إسرائيل لا يقومون بقراءة أي كتب كنوع من المطالعة والثّقافة، وهذا يدل على تدنٍ في مستوى القراءة الحرّة في المجتمع العربيّ في إسرائيل، وعزوف المجتمع عن القراءة وإهمالها.

دراسة أبو عصبة وريان وأبو نصرة (2013) سلطت الضّوء على طبيعة القراءة الحرّة لدى النّساء المتزوّجات في المجتمع العربي في إسرائيل، والوسائل والأساليب المستعملة في القراءة. وهذه الدراسة اعتمدت على البحث الكّمي عن طريق توزيع استبانة على 90 امرأة عربيّة متزوّجة في منطقة المركز في إسرائيل. وقد أشارت نتائج البحث إلى أن النّساء العربيّات في إسرائيل يقمن بالقراءة في الغالب في المواضيع الأسريّة مثل تربية الأطفال، والشّؤون الزّوجيّة، والمطبخ والطّهي أكثر من القراءة في المواضيع الدّينيّة.و أظهرت الدراسة أن النّساء المتعلّمات الصّغيرات في السّن يقمن بالقراءة في المواضيع العلميّة والاجتماعيّة ويقمن باستخدام الانترنت باستمرار كوسيلة رئيسية للقراءة، بينما تقوم النّساء الأكبر سنًّا والأقلّ تعليمًا بقراءة كتب متعلقة بالفنّ، والصّحّة، والجمال، والمواضيع الدّينيّة والأسريّة، ويستخدمن الصّحف والمجلات كوسائل رئيسية للقراءة. كما أشارت الدراسة إلى وجود علاقة بين القراءة الحرّة ونتائج امتحانات النّجاعة والنّماء في اللّغة العربيّة في المدارس العربيّة في منطقة الشمال في إسرائيل.

لذلك لابد من دراسة خواص وميزات المجتمع العربيّ في إسرائيل من أجل فهم وتفسير هذه النتائج، ومعرفة أسباب تدنّي مستوى القراءة الحرّة، والربط بينها وبين واقع المجتمع العربيّ في إسرائيل والسّياق الاجتماعيّ الثّقافي، وإيجاد علاقتها بتّدني مستوى امتحانات النجاعة والنماء.

نسبة المجتمع العربيّ في إسرائيل تبلغ نحو 20.7% من إجمالي السّكّان في الدّولة بحسب دائرة الإحصاء المركزيّة (שנתון סטטיסטי לישראל, 2016)، ويتميز السّكان العرب في إسرائيل بالزيادة الطبيعيّة المرتفعة وبجيل شاب، ومعظم سكّان المجتمع العربيّ في إسرائيل يعيشون في القرى والباقي يعيشون في مدن عربيّة ومدن مختلطة (غانم ومصطفى، 2009).

بالنظر إلى الجانب الاقتصاديّ نجد أن العرب في إسرائيل يشكلون الشّريحة الكبرى التي تعاني الفقر على مستوى الوحدات السّكنيّة والأفراد والأولاد، فنسبة الفقر في المجتمع العربيّ في إسرائيل تصل نحو 56%، وهذه سياسة متعمّدة من الحكومة الإسرائيليّة للإبقاء على الفقر في المجتمع العربيّ وعدم رفع مستوى المعيشة في أوساطهم (أبو طه ويحيى، 2007).

أما بالنسبة للتعّليم في المجتمع العربيّ؛ هناك تمييز كبير في هذا المجال في إسرائيل، يتمثّل في قلة تخصيص الموارد وعدم تطوير مناهج تعليمية مناسبة لاحتياجات أبناء المجتمع العربيّ في إسرائيل الاجتماعيّة والثّقافيّة، أيضًا يوجد تمييز واضح بين المجتمع اليهوديّ والمجتمع العربيّ في حصّة الطّلاب العرب من سلّة الخدمات التّربويّة والتّعليميّة والسّلة الثّقافيّة، فحصة العرب قليلة ولا تكفي لتلبية احتياجات الطلاب، خاصة وأن الطّلاب العرب بالغالب يعانون من الفقر الاجتماعيّ والاقتصاديّ (أبو طه ويحيى، 2007).

تميّز المجتمع العربيّ في اسرائيل بعد إقامة الدولة بحد أدنى من التّطوّر وكانت القيم والمفاهيم التّقليديّة هي السائدة في المجتمع، أما الجوانب الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثّقافيّة فامتازت بمفاهيم المجتمع التّقليديّ الذي كان قد بدأ بالسير للحداثة، وكان المستوى تعليميّ متدنيًّا جدًا. وقد مرّ على المجتمع العربي في اسرائيل عمليات تحديث وتطور بسبب تأثير الاتّصال والتواصل بالسّكان اليهود في اسرائيل، وبسبب تأثير تيّارات الحداثة المستوردة من أوروبا الغربيّة والولايات المتّحدة، هذه التأثيرات انعكست إيجابيًّا على أوضاع السّكن والخدمات الطّبيّة، وعلى تنمية الحكم المحلّي وإنشاء الأطر السّياسيّة والاجتماعيّة، وعلى الزيادة المتواصلة في مستوى التّعليم لدى الأقلية العربيّة في إسرائيل وذلك يتضمن زيادة عدد الأكاديميين (غانم ومصطفى، 2009).

تدل هذه الخصائص على أن الأقلية العربيّة في إسرائيل تمر بمرحلة انتقاليّة متغيرة، يمكننا من خلالها أن نفسر سبب تدنّي مستوى القراءة الحرّة لدى المجتمع العربيّ بعدم وجود منصّة للقرّاء، وعدم وجود بيئة داعمة مشجعة على القراءة الحرّة، وذلك يعود إلى نقص الموارد والاحتياجات الاجتماعيّة والثّقافيّة لأبناء هذا المجتمع مما يؤدي إلى تدني مستوى التحصيل في امتحانات النجاعة والنماء.

امتحانات النجاعة والنماء ومهارات التفكير من الدرجة العليا

في كل امتحان من امتحانات النجاعة والنّماء، وفي القسم الأخير من كلّ نصّ، يوجد جزء يعرف بجانب التقويم للنصّ ويشتمل على أسئلة ومهارات تفكير عليا تتعلّق بالميزات التالية: عرض تخمينات أي فرضيات بالاستناد إلى النص المكتوب، والمقارنة والمقابلة لمعلومات النصّ، وتشكيل ادعاءات ورسائل أساسية، وفهم وسائل بلاغيّة مثل: التشخيص، التأنيس، التشبيه، التكرار، تطبيق الأفكار التي تعلّمها الطالب من النصّ، معلومات، شخصيات، قيم، أسلوب، لغة، التفريق بين الواقع والرأي (راما السّلطة القطريّة للقياس والتّقويم في التّربية، 2018).

قياس الإبداع الكامن “إيبوك”

الموهبة، الإبداع والتفوق

توجد تعريفات كثيرة ترتبط بالإبداع والموهبة والتفوّق، وعديد منها يُطلق نفس المعنى على الموهبة والتفوّق (الزعبي، 2009).

وتعريفها التقليدي عبارة عن تعريف سيكومتري إجرائي مستند إلى استعمال محك الذكاء المرتفع – وذلك حسبما تم قياسه من قبل اختبارات الذكاء الفردية – بهدف التعرف على الأطفال الموهوبين والمتفوقين. وأول من وضع معايير هذا الاتجاه هو تـيرمان (Terman) في دراسته المعروفة التي اعتبر فيها أن نسبة الذكاء البالغة 140 عبارة عن حد فاصل Cut-Off Point للموهبة والتفوق والعبقرية، وقد وافقه العديد من الباحثين والمربين في دراساتهم وبرامجهم باختلاف في نقطة القطع الموضوعة لتمثيل الحد الفاصل بين الموهوب وغير الموهوب Sternberg, 1997)).

   إنّ هذا التعريف لمفهوم الموهبة واجه نقدًا شديدًا؛ وذلك لاعتماده على نسبة الذكاء وحدها فقط كمعيار، فوفقًا إلى التقدم المعرفي في مجالات البناء العقلي والتفكير الإبداعي أصبح واضحًا أن هذا الاتجاه في تعريف الموهبة والتفوق في الغالب يقوم بتحديد مكونات القدرة العقلية نحو معيار واحد فقط وبشكل مفرط، وهذا قد يؤدي إلى أخطاء كثيرة بحق العديد من الأطفال الموهوبين والمتفوقين بالفعل، حيث خلصت الكثير من الدراسات والبحوث (مثل دراسات تـيرمان وهولينجويرث) إلى إظهار الأطفال الموهوبين والمتفوقين لأنماط من السلوك أو الخصائص المميزة، من أبرزها: زيادة الفضول وحب الاستطلاع، وتنوع الميول وعمقها، والتعلم والاستيعاب بسرعة، والاستقلالية، وحب المخاطرة، والقيادية، والمبادرة والمثابرة (Chien, 2010).

إن هذه السمات يمكن استخدامها لوضع تعريف للموهبة والتفوق، ولتمييز ومعرفة الأطفال الموهوبين والمتفوقين، وقد تم تصميم مقاييس وأدوات لذلك يمكن استعمالها من قبل الأشخاص الذين يعرفون الطفل معرفة جيدة ولهم به صلة مباشرة، ليكون تقديرهم موضوعيًّا وصادقًا لدرجة وجود السمة لديه. ولذلك فإن المعلم هو أكثر الأشخاص معرفة بالأطفال وأقدر الناس على تقييم خصائصهم السلوكية وتحديدها، وذلك لصلته المباشرة بهم في مراحل الدراسة. ومن التعريفات الموضوعة على هذا الأساس: الطفل الموهوب والمتفوق يتميز بنمو لغوي يتخطى المعدل العام، كما يتميز يالمثابرة في المهمات العقلية الصعبة، بالإضافة إلى القدرة على التعميم ورؤية العلاقات، والفضول الزائد وتنوع كبير في الميول. لذلك فإن هذه المقاييس التي تتعلق بالسمات السلوكية ملائمة للتعرف على الطلبة الموهوبين والمتفوقين في مختلف المجالات، بمساعدة الاختبارات العقلية المقننة ودرجات التحصيل المدرسي، ولكن هذه المقاييس تستوجب الحذر لافتقارها لمعايير التقنين التي تتميز بها اختبارات الذكاء أو اختبارات الاستعداد المقننة (Chien, 2010).

يوجد تعريفات ترتبط بحاجات المجتمع وقيمه مع عدم وجود اعتبار لحاجات الفرد نفسه، ولأن حاجات المجتمع وقيمه السائدة تتغير من بلد لبلد ومن عصر لعصر، فإن التعريفات هذه أيضًا لا تعد ثابتة وتتغير بمحددات الزمان والمكان، وقد تم تقدير نسبة الأطفال الموهوبين في الولايات المتحدة الأميركية عام 1976 بنحو 8% من المجتمع المدرسي، وذلك يعني أن نسبة الذكاء عند هؤلاء الأطفال لا تقل عن 120-125. أما أبرز الأمثلة على التعريفات التربوية المركبة هو تعريف مكتب التربية الأميركي الذي اشتمل على العناصر التالية: أولا الكشف عن الأطفال الموهوبين والمتفوقين يتم عن طريق أشخاص مختصين ومؤهلين مهنيًّا. ثانيًا البرنامج المدرسي العادي لا يقوم بتلبية احتياجات الأطفال الموهوبين ويحتاجون برنامجًا تربويًّا مختلفًا بالمنهاج والأسلوب. ثالثًا الدليل على التحصيل المرتفع للطفل الموهوب والمتفوق أو الاستعداد لذلك يتم تقديمه من الطفل نفسه، في المجالات التالية كلها أو بعضها: القدرة العقلية العامة؛ الاستعداد الأكاديمي الخاص؛ التفكير الإبداعي أو المنتج؛ القدرة القيادية؛ الفنون البصرية أو الأدائية؛ القدرة النفسحركية؛ هذا التعريف تم تطويره عام 1981 ليصبح كما يلي: يعطي الأطفال الموهوبون والمتفوقون دليلاً على قدرتهم على الأداء الرفيع في المجالات العقلية والإبداعية والفنـية والقيادية والأكاديمية الخاصة، وهم بحاجة إلى خدمات وأنشطة لا يتم تقديمها في المدرسة في العادة يهدف تطوير استعدادات هؤلاء الأطفال تطويرًا كاملاً (Chien 2010).

الموهبة والتفوق تتشكل من تفاعل مجموعات ثلاثة من الخصائص الإنسانية، وهي: قدرات فوق المعدل، ومستوى التزام مرتفع بالمهمة (الدافعية) ومستوى قدرات إبداعية مرتفع، ويمتلك الأطفال الموهوبون والمتفوقون القدرة على تنمية هذه المجموعة من الخصائص واستعمالها في مجالات الأداء المختلفة، وإن الأطفال الذين يظهرون تفاعلاً أو أولئك الذين لديهم القدرة على تنمية تفاعل بين المجموعات الثلاث يحتاجون الى خدمات وفرص تربويـة متنوعة لا تتوفر في العادة في البرامج التعليمية. إن هذا التعريف يلاقي قبولاً في مجال تعليم الموهوبين والمتفوقين في الولايات المتحدة الأميركية وخارجها بسبب تشكيله لجزء مكمل لبرنامج رينـزولي، والذي أجريت عليه دراسات كثيرة حتى صار من البرامج المعروفة بالاكتمال والتفصيل، وقد مثل رينـزولي مفهومه الثلاثي للموهبة أو التفوق بحلقات متداخلة (Lubart, Besancon and Barbot, 2012).

غالبية الباحثين يقومون باستخدام كلمتي موهبة Giftedness وتفوق Talent ليستدلوا بها على نفس المعنى، ومن المهم لمتابعة البحث في هذا الموضوع أن نعرض محاولة الباحث الكندي فرانسوا جانييه الفريدة، التي جاءت لتقديم نموذج نظري مدروس للتفرقة بين الموهبة والتفوق وقد قدم نموذجه أول مـرة عام 1985، وخلص الباحث بعد دراسته لموضوع إلى وجود شواهد ووقائع تبرر نموذجه المطروح للتمييز بين المفهومين.

تطور مفهوم الإبداع تاريخيًا – تحولات فكرية

بالرجوع إلى تاريخ التطور الاجتماعي فإنّ الإنسان في البداية بدأ بامتلاك رغبة لاكتساب بعض الأصول، وتطورت ميوله في المناقشة لرغبته في امتلاك المزيد، والحصول على الأشياء التي تسهل حياته، وحين قويت تلك الرغبة تطورت إلى الشعور بالحاجة، والمعرفة في الماضي كانت مخصوصة لفئة قليلة من البشر فقط، ومع التطور التاريخي تزايد اهتمام البشر بالمعرفة للوصول إلى العصر الحالي المعروف بعصر المعرفة – والذي يتشارك فيه كل الأفراد المعلومات على نطاق متسع – وأن الإبداع مستقبلًا سينجم عن اكتشافات فردية وجماعية بمعدل تزايد مرتفع، حيث بينت الدراسات أن الإبداع قائم بشكل رئيسي على كل من المعرفة، والإبداع يتم تطويره من خلال عمليات منظمة ومخطط له،ا بالإضافة إلى أنه منظومة يمكن التنبؤ بها وليس عملية عشوائية مجهولة النتائج (Mourgues, Barbot, Tan and Grigorenko, 2014).

يوجد ثلاثة مراحل أساسية توضح التطور الكبير الحاصل لمفهوم الإبداع في العصور الماضية وهي:

المرحلة الأولى: تبدأ هذه المرحلة منذ عصور نقلت إلينا آثارها المكتوبة أو المنقولة قديمًا من العصر الإغريقي مرورًا بالعصر الروماني، ثم العصر الجاهلي والإسلامي، إلى عصر النهضة الأوربية وبداية القرن العشرين. ومن أبرز خصائص المعرفة الإنسانية التي ترتبط بمفهوم الإبداع في هذه المرحلة: المزج بين مفاهيم الإبداع والعبقرية والذكاء والموهبة والنبوغ المبكر، وكان يعتقد بأن الإبداع والعبقرية يسببهما قوى خارجية خارقة ليس للإنسان سيطرة عليها، والتركيز على أثر الوراثة والفطرة في نقل الإبداع أو العبقرية عبر سلالات معينة من الآباء إلى الأبناء والأحفاد، وأن استعمال كلمتي”مبدع” و”عبقري” كان مقتصرًا على وصف فئة قليلة لأشخاص يقومون بأعمال خارقة للعادة (الحسيني، 2016).

المرحلة الثانية: تبدأ هذه المرحلة مع نهاية القرن التاسع عشر عند ظهور الحديث عن تأثير العوامل الاجتماعية والبيئية على السلوك الإنساني، وقد زاد الخلاف شيئًا فشيئًا واتسع النقاش في النصف الأول من القرن العشرين بين مؤيدي البيئة ومؤيدي الوراثة من حيث أثرها في تشكيل السلوك والقدرات العقلية المختلفة. ومن أبرز السمات المميزة لهذه المرحلة: ظهور نظريات سيكولوجية كثيرة لمحاولة تفسير الظاهرة الإبداعية كنظرية التحليل النفسي، والخلط بين مفاهيم الإبداع والعبقرية والذكاء، وتطور التفريق بين مفاهيم الإبداع والموهبة، وتراجع الأفكار التي تربط بين الإبداع والغيبيات والخوارق، وتراجع النقاش حول تأثير الوراثة والبيئة في الإبداع، والتيقن بأهمية العوامل الوراثية والبيئة، وزيادة الاهتمام بالإبداع في المجالات العلمية الحياتية والطبيعية المختلفة، وتحسين بعض أدوات قياس الإبداع وبرامج تعليم الإبداع بالأخص في مجالات الأعمال الصناعية والتجارية (الحسيني، 2016).

المرحلة الثالثة: تبدأ هذه المرحلة من منتصف القرن العشرين وتمتد حتى عصرنا الحالي وفيها توجه النظر للإبداع على أنه توليفة تتمازج فيها مجموعة من العمليات العقلية والمعرفية وأنماط التفكير والشخصية والدافعية والبيئة، وبالتزامن مع الانفجار المعرفي الضخم الذي تشهده البشرية بسبب التطور الهائل في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، تطورت البحوث والدراسات التجريبية على مفهوم الإبداع، كما تطورت العلوم النفسية العصبية، وازدادت المعرفة بتكوين الدماغ ووظائفه العقلية والذكاء الاصطناعي والقياس النفسي وغيرها. وتميزت هذه المرحلة بالميزات التالية: التفريق بين مفهومي الذكاء والإبداع، والتفريق بينهما وبين مفهوم الموهبة، ونشوء نظريات جديدة في الإبداع مثل نظرية القياس النفسي للإبداع والنظريات المعرفية في الإبداع، وتحسين العديد من الأدوات والمقاييس الاختيارية لقياس الإبداع، وتحسين العديد من البرامج التربوية والتدريب لتعليم الإبداع، والاعتقاد بأن الإبداع عبارة عن مقدرة متواجدة لدى الجميع كالذكاء، وأنه يتوزع بحسب منحنى التوزيع السوي للقدرات العقلية، وزيادة مجالات العمل الإنساني المعترف بالإنجازات الإبداعية فيها (الحسيني، 2016).

بصورة عامة فإن الإنسان هو العنصر الرئيسي في عملية الإبداع سواء تحقق الإبداع بمشاركة أفراد مبدعين أو عن طريق جماعات مبدعة متوزعة في أنحاء العالم، أي أن الإبداع مستقبلاً قد ينتج عن اكتشافات جماعية أو فردية بمعدل متزايد بسرعة. ويعد القرن الثامن عشر قرن النهضة للإبداع ففيه حدثت العديد من الاكتشافات والإبداعات (Piske, Stoltz & Machado, 2014).

قياس الإبداع الكامن EPoC

التفكير التشعبي الاستكشافي Divergent Thinking

إن مصطلح التفكير المتشعب هو أحد المصطلحات التربوية الحديثة والتي طور فكرتها العالم جيلفورد (Guilford) ، وقد اختلف العلماء في تعريفه فمثلاً: في الرياضيات على أنه: “مجموعة الإجراءات والعمليات العقلية والتي عن طريقها يقوم الطالب بعملية استقبال واستيعاب وتنظيم المعرفة الرياضية، وربطها في البنية المعرفية له، والدمج بينها وبين الخبرات والمعارف الرياضية السابقة، واستخدامها في حل مشكلة جديدة”، ويُعرف أيضًا بأنه ” نمط من أنماط التفكير القائمة على حدوث اتصالات بين الخلايا العصبية في المخ والذي يؤدي إلى انطلاق التفكير في اتجاهات متعددة مما يزيد من مهارات الأفراد في الاستجابات الإبداعية”. ويعرفه الباحث بأنه نمط من أنماط التفكير، تحدث فيه عمليات غير مرئية في الخلايا العصبية للمخ، ويمكن الاستدلال على هذه العمليات عن طريق مرونة التفكير والاستجابات الإبداعية في المواقف المختلفة، ووجود الحلول المبتكرة للمشاكل، أو من خلال التنبؤ بالأحداث المستقبلية، ويعتبر هذا النوع من التفكير أساسًا لعملية الابداع والابتكار (المنصوري، 2017).

ومصطلح التفكير المتشعب يختلف عن مصطلح التفكير التباعدي حيث أن التفكير المتشعب هو حدوث اتصالات بين الخلايا العصبية ويقوم بتحفيز الإبداع، أما التفكير التباعدي فتسهم أساليبه في تنمية التفكير المتشعب، فأساليب التفكير التباعدية المتميزة بالطلاقة والمرونة تدل على التفكير المتشعب، وعلى مستوى الإبداع لدى الأفراد (المنصوري، 2017).

وهناك علاقة تربط بين التفكير المتشعب والإبداع حيث إنه من الممكن أن ننمي الإبداع في المدرسة من خلال استعمال نشاطات مفتوحة النهاية، واستعمال الأمثلة المتباعدة (المتشعبة) والتحفيزية (عيسى، 2017).

يمكن تلخيص أهم خصائص التفكير المتشعب بما يلي: أولاً أن الفرد المتميز بهذا النوع من التفكير لديه القدرة على توليد أكثر من إجابة للقضايا التي تواجهه، وأيضًا لديه القدرة على ابتكار الحلول للقضايا المختلفة، بالإضافة إلى تميزه بحب الاستكشاف والطلاقة والمرونة. ثانيًا ممارسة هذا التفكير تتطلب عدد من المهارات مثل: التركيب والتأليف وإدراك علاقات جديدة وادخال التطويرات والتحسينات وأخيرًا ميل الفرد للإبداع (المنصوري، 2017).

التفكير التقاربي التكاملي Convergent Thinking

ابتكر جيلفورد Guilford هذا المصطلح في عام 1950 وأراد به ذلك النوع من التفكير الذي يشتمل على البحث عن أفضل الحلول من بين مجموعة من الاحتمالات، وقد تعددت تعريفاته ونورد منها: “إعطاء الإجابة الصحيحة الوحيدة للمشكلة” وهو مجموعة المهارات الني تُعنى بفهم المعاني والمصطلحات والرموز والأشكال والعلاقات المتضمنة بينها، على أن يقاس هذا الفهم باختبارات متعددة الإجابة يختار المتعلم الاجابة الصحيحة من بينها” كما عرفه ميكر بأنه “حالة البحث عن أفضل الحلول المقترحة لحل المشكلة من خلال نقد الأفكار واختيار الأفضل” (المنصوري، 2017).

يتميز هذا النمط من التفكير بعدة خصائص أهمها: أولاً يقوم الفرد الذي يمتلك هذا النوع من التفكير باستخراج استنتاجات منطقية من المعلومات المعطاة، كما أن الحل قد يتولد بطريقة الخيار من متعدد أو بطريقة الاستدلال المنطقي. ثانيًا يعتمد الفرد في التوصل للإجابة على ما يمتلكه من معلومات سابقة. ثالثًا ينطوي تحت هذا النوع من التفكير عدة أنماط مثل التفكير الاستدلالي، الاستقرائي، الاستقصائي، والناقد. رابعًا هو مهارة قابلة للتعلم وتبنى على مجموعة من العمليات النفسية مثل الادراك والاحساس والتحصيل، والعمليات العقلية مثل التذكر والتمييز والمقارنة، وغيرها (المنصوري، 2017).

وتتمثل أهمّيّة هذا النّمط من التّفكير بأنّه أولًا يساعد على حل كثير من المشكلات، وبه يتمكن الإنسان من التحكم في امور كثيرة لصالحه. وثانيًا يسهم في الكشف عن قدرة الفرد في الاستفادة من الخبرات المعرفية السابقة، وهو استثمار للمعلومات الحسية والأفكار المخزنة في الذاكرة لإصدار أحكام والحصول على حلول (عيسى، 2017).

والفرق بين التفكير التقاربي والتباعدي هو أنّ التّفكير التّقاربيّ يقوم بطلبِ إجابَةٍ واحدةٍ صحيحةٍ من المتعلم للقضية المطروحة، بينما التفكير المتباعد فيشير إلى تعدّدِ استجابات الفرد في اتّجاهات مختلفةٍ، وهو ما يميّز الأفراد المبدعين عن غيرهم (رزوقي ولطيف، 2018).

مستوى التّفكير الإبداعيّ والتّحصيل العلميّ

من أهمّ المخرجات القائمة على أساسها المؤسّسات التّعليميّة، هو التّحصيل الدّراسيّ والّذي يتمّ عن طريقه التّأكد من تحقق أهداف العملية التعليمية، وتعد الاختبارات التحصيلية على اختلاف أنواعها وأشكالها الوسيلة الرئيسية المستخدمة لقياس تحقيق الطلبة للأهداف التي أُعِدَّت سابقًا في المناهج الدراسية المختلفة، وبما أن الاختبار التحصيلي هو الوسيلة المستخدمة في قياس مستوى التعلم فيمكن اعتباره جزءًا من عملية التعلم المستمرة (رزوقي ولطيف، 2018).

إن التفكير الإبداعي والتحصيل الدراسي أحد المحكّات المستخدمة للكشف عن المبدعين بهدف الدلالة على التفوق العقلي، فقد قدم (جيلفورد، 1950) تصورًا نظريًّا عن الإبداع في نظريته عن التكوين العقلي والتي أشار فيها إلى أن هناك قدرات يمكن تمييزها بين الذكاء والقدرة على التفكير الإبداعي.

وقد اهتم عدد كبير من الدراسات بمحاولة الكشف عن العلاقة التي تربط التفكير الإبداعي بالتحصيل، من تلك الدراسات:

دراسة جيتزلز وجاكسون (1968Getzels & Jackson,)

هذه الدراسة هدفها هو معرفة العلاقة بين قدرات التفكير الإبداعي والذكاء وتحديد تأثير قدرات التفكير الإبداعي والذكاء في التحصيل الدراسي، وقد تكونت عينة الدراسة من (449) من طلبة المدارس الثانوية في مدينة شيكاغو تم تقسيمها إلى مجموعتين: الأولى تضمنت أعلى 20% من الطلبة من اصحاب الذكاء المرتفع، والثانية تضمنت أعلى 20% من الطلبة أصحاب التفكير الإبداعي، وتم استبعاد الطلبة المتفوقين في القدرات الإبداعية والذكاء معاً، وتم استخدام اختبار يقيس الإبداع وآخر يقيس الذكاء، وتم التوصل إلى أنه لا يوجد فروق دالة إحصائياً بين الطلبة أصحاب التفكير الإبداعي المرتفع والطلبة أصحاب الذكاء المرتفع في التحصيل الدراسي، كما خلصت النتائج إلى أن هناك علاقة ضعيفة بين التفكير الإبداعي كما يقاس من قبل اختبارات الإبداع وبين التحصيل الدراسي (رزوقي ولطيف، 2018).

دراسة كاب (1991Cabe,)

هذه الدراسة هدفها تحديد تأثير كل من الذكاء والإبداع على التحصيل الدراسي، وتكونت عينة الدراسة من (210) طالب من الطلاب المتراوحة أعمارهم بين (12-16) سنة، واستعملت الدراسة اختبار تورانس الصورة (الشكلية واللفظية) بهدف قياس الطلاقة والمرونة والأصالة والمقدرة على إعطاء التفاصيل، واختبارًا آخر بهدف قياس الذكاء واختبار التحصيل الدراسي بعد تقنينه، وخلص الباحث في دراسته إلى أن هناك علاقة قوية بين الذكاء والقدرات الإبداعية (الطلاقة، والمرونة، والأصالة، والتفاصيل)، كما بينت النتائج إلى عدم وجود ترابط قوي بين قدرات الإبداع (الطلاقة، المرونة، الأصالة) والتحصيل الدراسي (رزوقي ولطيف، 2018).

امتحانات النجاعة والنماء ومستوى الإبداع

إن وجود امتحانات استقلاليّة ونظاميّة من قبل وزارة المعارف يعد أمرًا كافيًا لتشكيل ضغط على المعلّمين والطلاب من وجهة نظر بعض النقاد، بغض النظر عن كون هذا الضغط مخفيًّا أو معلنًا، وهذا يفرض على المعلّم تعليم طلّابه نهجًا مركّزًة بهدف حلّ الأسئلة من دون اللجوء إلى طرق التفكير والإبداع، هذا بدوره يُضعف من التعليم المعمّق كطرق التفكير العليا (ישראל מירית, 2013).

بالإضافة إلى أنه وفي السنوات الأخيرة، أظهر كثير من المعلّمين أنّ أساس كل شيء هو السيرورة التعليميّة لجهوزيّة امتحان النجاعة والنماء، وهذا يهدف بدوره إلى إنهاء المقرّر الدّراسي قبل موعد الامتحان، ممّا تسبب في عدم امتلاك الطلاب للعديد من مهارات التفكير والإبداع (זוזובסקי، 2009).

هناك توقعات بأن تظهر المزيد من النتائج السلبيّة وذلك لرغبة المعلمين في إنجاز العمل بأيّ ثمن كان، ومن الآثار السلبيّة المتعلقة بتكريس مهارات لحلّ امتحانات النجاعة والنّماء والتي تقف حائلاً بينها وبين التفكير الإبداعي ما يلي: قيام الطلاب بحفظ المواد بدل فهمها وعمل الكثير من الاختبارات القبليّة لإعداد الطلاب للامتحان، قيام بعض المعلّمين بإعطاء الطلاب ساعات إضافيّة بهدف إنهاء المقرّر قبل الامتحان، قيام بعض المعلمين بمساعدة الطلاب أثناء الامتحان، أو استبعاد بعض الطلاب ذوي التحصيل الدراسيّ الضعيف، أيضًا استبعاد الطلاب الذين لديهم صعوبات تعليميّة وقت الامتحان بهدف زيادة مستوى المعدل العام للمدرسة (זוזובסקי، 2009).

ولذلك يرى بعض النقاد أنّ نتائج امتحان “الميتساف” لا تظهر الواقع الميداني الحقيقيّ، وأنّ بعض النتائج الظاهرة غير نزيهة، بالإضافة إلى كون التلاميذ يقدمون على الامتحان بدون دافعيّة وذلك لأنها لا تحسب لهم على ضمن شهاداتهم في نهاية الفصل الدراسيّ (זסלבסקי، 2013).

نشرت وزارة المعارف في يونيو 2014 بيانًا تم المطالبة فيه بتغيير جذري في طبيعة الامتحان، وأشارت إلى أنّ المنافسة بين المدارس والضغط على المعلمين للنّجاح أدى إلى تقليل نزاهة الامتحان، وتقليل مهارات التعليم. وفي كانون الأول 2018 تم رفض بعض نتائج امتحان قدّم للصّف الخامس من قبل وزارة المعارف بسبب تدنّي المستوى الفكري، النقدي والإبداعيّ في أسئلة الامتحان (راما السّلطة القطريّة للقياس والتّقويم في التّربية، 2018).

من هنا نجد أنه من الضروري وجود معايير محلية وعالمية لقياس مستوى أداء الطلاب في المدارس مثل امتحانات النجاعة والنماء “الميتساف” كم أنه من المهم أيضًا الحفاظ على نزاهة وموضوعية التقييم في مثل هذه الاختبارات لضمان إعطاء نتائج صحيحة يمكن الاستناد عليها في عمليات التنمية والتطوير المطلوبة، أيضًا لا يجب الاقتصار على الاختبارات هذه فقط في تحديد مستوى ذكاء الطالب، كما أنه لا يجب اعتماد نمط واحد من أنماط التفكير على أنه معيار الذكاء، ومن هنا جاءت فكرة “إيبوك” ومقيس الإبداع الكامن والذي يقيس مستوى إبداع الطلاب من ناحية نمط التفكير التشعبي والتفكير التقاربي. والدراسة هذه جاءت لدراسة العلاقة ما بين مستوى طلاب المرحلة الإعدادية في امتحانات النجاعة والنماء “الميتساف” ومستوى الإبداع الكامن لديهم واعتمادها على مجموعة من المتغيرات.

مُشكِلَةُ البَحثِ، وأَسئِلَتُهُ

تَتَمَثَّلُ مُشكِلَةُ الدّرَاسَةِ (البحث) فِي دِرَاسَةِ العَلاقَةِ بينَ نَتائِجِ امتِحَانَاتِ النَّجَاعَةِ والنّماءِ “الميتساف” وأَبعَادِ قِيَاسِ الإِبدَاعِ الكَامِنِ “ايبوك” لَدَى طَلَبَةِ المَرحَلَةِ الإِعدَادِيَّةِ. كما تهدفُ إلى فحصِ نَتَائِج امتِحَانَاتِ النّجاعَةِ والنّمَاءِ “الميتساف”، وَعَلاقَتِهَا بِأَبعَادِ قِيَاسِ الإِبدَاعِ الكَامِنِ “إيبوك” لَدَى طَلَبَةِ المَرحَلَةِ الإِعدَادِيَّةِ.

أَسئِلَةُ البَحثِ:

مَا العَلَاقَةُ بَينَ امتِحَانَاتِ النّجَاعَةِ والنّمَاءِ “ميتساف”، وَبَينَ مُستَوَى الإِبدَاعِ الكَامِنِ عِندَ طُلّابِ المَرحَلَةِ الإِعدَادِيَّةِ؟

وَيَتَفَرَّعُ مِن السّؤالِ الرّئيسيّ، الأسئلةُ الفَرعِيَّةُ التَّالِيَةُ:

مَا مُستَوَى الإِبدَاعِ الكَامِنِ لَدَى طلّابِ المَرحَلَةِ الإِعدَادِيَّةِ؟

مَا عَلَاقَةُ التّفكِيرِ المُتشَعِّبِ اللّفْظِيّ فِي نِهَايَاتِ القِصصِ بِمُعدَّلاتِ “الميتساف” لَدَى طلَّابِ المَرحَلَةِ الإِعدَادِيَّةِ؟

مَا عَلاقَةُ التَّفكِيرِ التّكامِليِّ اللّفظِيّ فِي عُنوَانِ القِصّةِ بِمُعدّلاتِ “الميتساف” لَدَى طلَّابِ المَرحَلَةِ الإِعدَادِيَّةِ؟

مَا عَلاقَةُ التّعرّفِ عَلى شَخصِيَّاتِ القِصّةِ بِمُعدّلِ “الميتساف” الكّلّيّ لَدَى طُلّابِ المَرحَلَةِ الإِعدَادِيَّةِ؟

مَا عَلَاقَةُ الجِنسِ بِالمُعدّلِ العَام لاخْتِبَارِ “الميتساف” لَدَى طلّابِ المَرحَلَةِ الإِعدَادِيَّةِ؟

فَرَضِيّاتُ البَحثِ:

يوجدُ فُرُوقٌ فِي الدّلالَةِ الإِحصَائِيَّةِ للتَّفكِيرِ المُتشعِّبِ اللَّفظِيِّ فِي نِهَايَاتِ القِصصِ.

يوجدُ فُرُوقٌ فِي الدّلالَةِ الإِحصَائِيَّةِ للتَّفكِيرِ التّكاملِيّ اللّفظِيِّ نِسبَةً إِلَى أَقسَامِ “الميتساف”.

يوجدُ فُرُوقٌ فِي الدّلالَةِ الإِحصَائِيَّةِ لبدايات القصص نِسبَةً إِلَى أَقسَامِ “الميتساف”.

يوجدُ فُرُوقٌ فِي الدّلالَةِ الإِحصَائِيَّةِ لشخصيات القصّة نِسبَةً إِلَى أَقسَامِ “الميتساف”.

يوجدُ فُرُوقٌ فِي الدّلالَةِ الإِحصَائِيَّةِ لمُتغيّرِ الجِنسِ، إِلَى أَقسَامِ “المِيتساف”.

مَنهَجِيَّةُ البَحثِ

يتناولُ هذا الفَصلُ وصفًا شاملًا لأهمِّ الإجراءاتِ الّتي قامَ بها البَاحثُ من أَجلِ تحقِيقِ أَهدَافِ الدِّرَاسَةِ، وتمثّلَتْ هذِهِ الخُطُواتُ بتوضِيحِ نَوعِ البَحثِ، ومُتغيّراتِهِ، ومُجتَمَع البَحثِ، وعيّنة البَحثِ، وأَدوَات البَحثِ المُستخدَمَةِ، بالإِضَافَةِ إِلَى إِجراءَاتِ وَسيرُورَةِ البَحثِ والمُعالَجَاتِ الإِحصائيَّةِ الّتِي تَمَّ اِسْتِخدَامُهَا.

نوعُ البَحثِ

استخدَمَ البَاحِثُ مَنهجَ البَحثِ الكّمّيّ الارتباطِيّ فِي البحثِ. وهذَا النّوعُ مِنَ الأَبحَاثِ يَقومُ بِفَحصِ العَلاقَةِ بَينَ مُتغيّريْنِ مُتَزامِنَيْنِ، والّتِي لَهَا المَبنَى نَفسه (مُستقلّ، وتابع)؛ بِحَيثُ يَتِمُّ فحصُ العلاقَةِ، وَقُوّتهَا أَيضًا بَينَ المُتغيّريْنِ. ويُحاوِلُ البَاحِثُ فِي هذِهِ الدّراسَةِ تَحديدَ العلاقَةِ بينَ اِمتحانَاتِ النّجاعة والنّماء “ميتساف” وبينَ مُستوى الإبداعِ الكَامِنِ عندَ طلّابِ المَرحلَةِ الإعداديّةِ، لِذَلك على البَاحِثِ القِيَامُ بِجَمْعِ مَعلُومَاتٍ كَمّيّةٍ لِلإجابَةِ عَن تساؤلاتِ البحثِ، وتحديدِ العلاقَةِ بَينَ المُتغيّريْنِ.

عيّنةُ البَحثِ

تكوّنَتْ عيّنةُ البَحثِ مِن (32) طالبًا، وطالِبَةً من طلبةِ الصّفّ الثّامِنِ فِي المرحلَةِ الإعداديَّةِ لإِحدَى المَدارِسِ فِي المُجتَمَعِ العَربِيّ فِي إسرائيل، وَقَدْ تَمّ اِختيارُهَا بالطّريقَةِ المُيسّرَةِ. وكَانَتْ نَتائجُ نِسَبِ وَتكرَارَاتِ الذّكُورِ إِلَى الإِناثِ كالتّالِي:

جدول 1: نسب تكرارات الذكور إلى الإناث

الجنس التكرارات النسبة المئوية %
أنثى 18 56.3
ذكر 14 43.8
المجموع 32 100

ويظهر من الجدول (1) أن ما نسبته (56.3%) والذي يشكل 18 من 32 من عينة الدراسة كانوا إناثًا، وأن ما نسبته (43.8%) أي 14 من 32 من عينة الدراسة كانوا ذكورًا. مما يبين أن فئة الإناث في عينة هذا البحث غلبة نسبة الذكور.

أَدَوَاتُ البَحْثِ

من أجل تحقيق أهداف البحث والإجابة عن تساؤلاته ارتأى الباحث ضرورة تقسيم الدراسة إلى ثلاثة أقسام:

أولا: تقرير نتائج اختبار النجاعة والنماء “ميتساف” للطلاب: حيث يتم الاستعانة بتقارير نتائج اختبار النجاعة والنماء “الميتساف” لهذه الصفوف في اللغة العربية بالتعاون مع مدير المدرسة التي تم إجراء الدراسة عليها.

ثانيًا: تمّ استخدام أداة “إيبوك” أَلَا وهي مقياس الإبداع الكامن “إيبوك” التي اقترحها كل من “لوبارت بيزنسون وباربو” كأداة للدراسة (Lubart & Besancon, 2011 ;Barbot,تعريب يامين، 2012)، إذ أن هذه الأداة تعنى بقياس عمليتين مختلفتين من عمليات التفكير، ألا وهما التفكير التباعدي الاستكشافي/التشعبي والتفكير التقاربي التكاملي.

ثالثا: ولبطارية “إيبوك” نموذجان متكافئان أ و ب وتم في هذا الاختبار استخدام نموذج أ والذي يتكون من اختبار تمهيدي، وثمانية اختبارت فرعية تفحص المجالين اللفظي والرسمي /الجرافيك، ويعنى النموذج بأربعة أنواع من التفكير هي: التفكير التباعدي الاستكشافي التصويري/ الرسمي، والتفكير التباعدي الاستكشافي اللغوي، والتفكير التقاربي التكاملي التصويري /الرسمي، والتفكير التقاربي التكاملي اللغوي .بحيث أن لكل نمط من أنماط التفكير الأربعة له اختباران فرعيان.

مدة الاختبار 90 دقيقة مقسمة إلى جلستين بحيث تكون كل جلسة في أسبوع، لا تزيد مدّة الجلسة عن 45 دقيقة وكل مهمة لها فترة محددة.

الجلسة الأولى تتكون من 4 اختبارات تتعلق بالتفكير التباعدي الاستكشافي التصويري/ الرسمي (مثير مجرد – (DG-abs مدته 10 دقائق، يتم فيه استخدام شكل مجرد لإنتاج أكبر عدد من الرسومات، أيضًا اختبار التفكير التباعدي الاستكشافي اللغوي (توليد نهايات قصة- DV-end) مدته 10 دقائق، حيث يقوم الطالب بإكمال قصة لبداية محددة، واختبار التفكير التقاربي التصويري/الرسمي (مثيرات مجردة IG-abs) مدته 15 دقيقة، والمطلوب تكوين رسم واحد باستخدام مجموعة من الاشكال المجردة، وأخيرًا اختبار التفكير التقاربي التكاملي اللغوي (تأليف قصة بناء على عنوان) ومدته 10 دقائق، والمطلوب تأليف قصة باستخدام عنوان معطى للطالب في الاختبار.

أما الجلسة الثانية تعقد في الأسبوع التالي وتشتمل على 4 اختبارات، أولاً اختبار التفكير التباعدي التشعبي التصويري/الرسمي (مثير جسم DG-con) مدته 10 دقائق، والمطلوب من الطالب أن يقوم باستخدام شكل مجسم لإنتاج أكبر عدد من الرسومات، وثانيًا اختبار التفكير التباعدي التشعبي اللغوي (توليد بدايات قصة DV-beg) ومدته 10 دقائق، والمطلوب فيه من الطالب أن يؤلف بداية قصة نهايتها معطاة له في الاختبار، وثالثًا اختبار التفكير التقاربي التكاملي التصويري/الرسمي (مثيرات مجسمة IG-con) ومدته 15 دقيقة، والمطلوب فيه من الطالب تكوين رسم واحد باستخدام عدة أشكال مجسمة، وأخيرًا اختبار التفكير التقاربي التكاملي اللغوي (تأليف قصة بناء على شخصيات مقترحة IV-tit) ومدته 10 دقائق، والمطلوب فيه أن يقوم الطالب بتأليف قصة بناء على شخصيات معطاة له في الاختبار.

سيرورة البحث

قام الباحث أولاً بالحصول على موافقة شفويّة من مدير المدرسة حول قيام الباحث بإجراء الفحص على الطلاب، وبعد الحصول على الموافقة تم إعداد محاضرة مخصصة لمربي صفوف المرحلة الإعدادية لتعريفهم حول إجراءات البحث ومتطلباته، كما تم الحصول على الموافقة من أولياء أمور الطلبة من خلال عملية شرح مفصلة للعملية البحثية ومدى أهميتها، وانتهى الباحث بإقامة حصة لطلبة الصف الثامن ضمّن من خلالها شرحًا للفكرة العامة للبحث وتقسيم الجلسات وشرح طبيعة اختبارات نموذج أ لبطارية إيبوك.

في المرحلة الثانية يتم الإعداد لإجراء نموذج أ لبطارية إيبوك حيث يقوم الباحث بإجرائها مع الطلاب، كما يتم أخذ تقارير نتائج امتحان النجاعة والنماء “الميتساف”، أما بالنسبة لقياس الإبداع الكامن فقد تم جمع البيانات من الطلاب بشكل فردي أعقاب كل جلسة يتم إدخال البيانات الفردية لكل طالب في ملف خاص به.

بالنسبة لتصحيح مقياس الإبداع الكامن فقد تم على ثلاث مراحل؛ أ. تحويل العلامات الخام إلى علامات معيارية، ب. تجميع العلامات المعيارية بناء على مؤشر “إيبوك” من أجل الحصول على مؤشرات أولية، ج. استخدام هذه المؤشرات الأولية لبناء ملف الإبداع الخاص بالطالب والتي تشير إلى كفاءة أداءه في الاختبارات المختلفة لقياس المهارات الإبداعية بأبعادها الأربعة.

لحساب العمليات المعيارية تم استعمال مقاييس ومعايير محددة لمقارنة أداء الطلاب باستخدام قياس متماثل لمختلف الاختبارات الجزئية وفي هذه الحالة عملية المعايرة تقوم فقط بفحص أداء الطالب في اختبارات التفكير التباعدي الاستكشافي، أما بالنسبة لاختبارات التفكير التقاربي التكاملي فقد تم استعمال سلم علامات لمعالجتها وبما أن عملية المعايرة تستخدم سبع توزيعات إحصائية فذلك يؤدي إلى الحفاظ على النطاق التقليدي المستخدم في اختبارات “إيبوك” بأبعادها الأربعة. ومن ناحية أخرى فقد تم استخدام المؤشرات المعيارية لتحديد ملامح ملف الطالب الإبداعي، كما أن النسب التي تم الحصول عليها تساعد في بناء ملف الطالب كما تساعد في تحديد وتشخيص كفاءة أداء الطالب في الاختبارات.

فحص مصداقية الأداة

يتمّ فحص المصداقية من خلال معامل ألفا كرونباخ وهو عبارة عن مقياس الاتساق الداخلي، والذي يمثل مدى ارتباط مجموعة من العناصر ارتباطاً وثيقاً. ومن خلاله يتم قياس الموثوقية لنطاق المجالات في الأداة، ولا تعني القيمة “العالية” لـ alpha أن المقياس أحادي البعد، بالإضافة إلى أنه لا يعني أن قياس الاتساق الداخلي جيد، بل يتم تقديم دليل على أن المقياس المعني أحادي البعد، من الناحية الفنية فإن ألفا Cronbach ليست اختبارًا إحصائيًا – إنما هو يمثل معامل موثوقية (أو تناسق).

وفي هذا البحث كانت نتائج قياس الموثوقية لمعامل الاتساق الداخلي ألفا كرونباخ كالتالي:

جدول 2: ملخص إنجاز البحث

الحالات العدد النسبة المئوية %
المؤكدة 32 100
المستبعدة 0.0 0
المجموع الكلي 32 100

جدول 3: مصداقية الأداة

ألفا كرونباخ عدد العناصر (N)
0.904 8

معامل ألفا للعناصر جميعها هو 0.904، مما يشير إلى أن العناصر لديها الاتساق الداخلي مرتفع نسبيًّا (ملاحظة: إن معامل المصداقية البالغ .07 أو أعلى يعتبر “مقبولاً” في معظم الأبحاث).

النتائج

يتناول هذا الفصل نتائج البحث التي تم التوصل إليها وفقاً لفرضيات الدراسة، والتي سيتم النظر فيها كالتالي:

قياس الإبداع الكامن

في هذا البحث تم قياس الإبداع الكامن لطلبة الصف الثامن بناء على ثمانية محاور رئيسة، وهذه المحاور هي: التفكير المتشعب اللفظي في نهايات القصص، التفكير التكاملي اللفظي في عنوان القصص، بدايات القصص، شخصيات القصة، ميتساف-فهم المقروء، ميتساف-معرفة لغوية، ميتساف-تعبير كتابي، ومعدل الميتساف، وسيتم مناقشة النتائج كالتالي:

التفكير المتشعب اللفظي في نهايات القصص

جدول 4: النسب المئوية والتكرارات لنتائج التفكير المتشعب اللفظي في نهايات القصص

مستويات التفكير المتشعب التكرار النسبة المئوية % التصنيف
0 1 3.1 ضعيف للغاية
1 2 6.3 ضعيف جدا
2 4 12.5 ضعيف
3 9 28.1 نهاية مبدأية
4 3 9.4 نهاية تجمع بين عدة عناصر
5 5 15.6 نهاية أصيلة إلى حد ما
6 3 9.4 نهاية أصيلة بشكل واضح
7 1 3.1 نهاية مميزة
8 4 12.5 نهاية أصيلة وفريدة
المجموع 32 100.0

يظهر الجدول (4) أن أعلى نسبة لعدد تكرارات الطلبة تبعًا لنتيجة الطلبة في الصف الثامن للمرحلة الإعدادية في المجتمع العربي في إسرائيل في مستويات التفكير المتشعب في نهايات القصص عند المستوى (3)، وهو مستوى نهاية قصة مبدأية، حيث كانت عدد الطلبة (9) والذي شكل نسبة (28.1)، بينما كانت أقل نسبة للمستوى (7) و(0) حيث يشكل المستوى (7) نهاية مميزة، بينما (0) ضعيف للغاية، وكانت النسبة للمستويين (3.1) والتي كان عدد الطلبة لكل منها (1) من عينة البحث. وهذه النتائج تدل على أن النسبة الأكبر من عينة البحث امتلكت المستوى القريب من المتوسط في التفكير المتشعب في نهايات القصص.

التفكير التكاملي اللفظي في عنوان القصص

جدول 5: النسب المئوية والتكرارات لنتائج التفكير التكاملي اللفظي في عنوان القصص

مستويات التفكير التكاملي العدد النسبة المئوية % التصنيف
0 6 18.8 عنوان ضعيف جداً
1 13 40.6 عنوان مقبول
2 6 18.8 عنوان جيد
3 5 15.6 عنوان جيد جداً
4 2 6.3 عنوان ممتاز
المجموع 32 100.0

يظهر الجدول (4) أن أعلى نسبة وفقًا لعدد تكرارات الطلبة تبعًا لنتيجة للطلبة الصف الثامن للمرحلة الإعدادية في المجتمع العربي في إسرائيل في مستويات التفكير التكاملي اللفظي في عنوان القصص عند المستوى (1)، وهو مستوى عنوان قصة مقبول حيث كانت عدد الطلبة (13) والذي شكل نسبة (40.6) بينما كانت أقل نسبة للمستوى (4) والذي يشكل عنوان ممتاز، وكانت النسبة للمستوى (6.3) واكان عدد الطلبة لهذه النسبة (2) من عينة البحث. وهذه النتائج تدل على أن النسبة الأكبر من عينة البحث امتلكت المستوى الأقل من المتوسط في التفكير التكاملي لعنوان القصص.

بدايات القصص

جدول 6: النسب المئوية والتكرارات لنتائج بدايات القصص

مستويات بدايات القصص التكرار النسبة المئوية % التصنيف
0 6 18.8 بداية ضعيف للغاية
1 10 31.3 بداية مقبولة
2 3 9.4 بداية جيدة
3 3 9.4 بداية جيدة جداً
4 5 15.6 بداية ممتازة
5 5 15.6 بداية مميزة
المجموع 32 100.0

يظهر الجدول (6) أن أعلى نسبة وفقًا لعدد تكرارات الطلبة تبعًا لنتيجة للطلبة الصف الثامن للمرحلة الإعدادية في المجتمع العربي في إسرائيل في بدايات القصص عند المستوى (1)، وهو مستوى بداية قصة مقبولة حيث كانت عدد الطلبة (10) والذي شكل نسبة (31.3) بينما كانت أقل نسبة للمستويين (2) و (3) حيث يشكل المستوى (2) بداية جيدة، بينما (3) يشكل مستوى بداية قصة جيدة جداً، وكانت النسبة للمستويين (9.4) والتي كان عدد الطلبة لكل منها (3) من عينة البحث. وهذه النتائج تدل على أن النسبة الأكبر من عينة البحث امتلكت المستوى الأقل من المتوسط في بدايات القصص.

شخصيات القصة

جدول 7: النسب المئوية والتكرارات لنتائج شخصيات القصة

مستويات شخصيات القصة التكرار النسبة المئوية % التصنيف
0 1 3.1 ضعيف للغاية
1 3 9.4 مقبولة
2 2 6.3 جيدة
3 7 21.9 جيدة جداً
4 7 21.9 ممتازة
5 6 18.8 مميزة
6 6 18.8 شخصيات مبدعة
المجموع 32 100.0

يظهر الجدول (7) أن أعلى نسبة وفقًا لعدد تكرارات الطلبة تبعًا لنتيجة للطلبة الصف الثامن للمرحلة الإعدادية في المجتمع العربي في إسرائيل في شخصيات عند المستويين (3) و (4)، حيث يشكل المستوى (3) شخصيات قصة جيدة جداً، بينما (4) يشكل مستوى شخصيات قصة ممتازة، وكانت النسبة للمستويين (21.9) والتي كان عدد الطلبة لكل منها (7) من عينة البحث. بينما كانت أقل نسبة للمستوى (0) والذي يشكل مستوى شخصيات قصة ضعيفة لغاية. وهذه النتائج تدل على أن النسبة الأكبر من عينة البحث امتلكت المستوى المتوسط في شخصيات القصة.

مناقشة الفرضيات

تفكير متشعب لفظي في نهاية القصص نسبة إلى معدل الميتساف

جدول 8: نتائج التفكير المتشعب اللفظي في نهايات القصص نسبة إلى الميتساف باستخدام اختبار (ت)

المستويات المتوسط الحسابي الإنحراف المعياري قيمة (t) درجات الحرية الدلالة
تفكير متشعب 4.0938 2.19029 -2.388 31 .023
فهم مقروء 5.0938 1.30407
تفكير متشعب 4.0938 2.19029 5.313 31 0.00
معرفة لغوية 2.5000 .67202
تفكير متشعب 4.0938 2.19029 3.911 31 0.00
تعبير كتابي 3.063 .9136
تفكير متشعب 4.0938 2.19029 .122 31 .904
معدل 4.0625 1.13415

يظهر الجدول (8) أن أعلى متوسط حسابي للتفكير المتشعب اللفظي نسبة إلى أقسام الميتساف كان في فهم المقروء، حيث كان المتوسط الحسابي للتفكير المتشعب اللفظي في نهايات القصص (4.0938) وفهم المقروء (5.0938)، بينما كان أقل متوسط حسابي في التفكير المتشعب اللفظي في نهايات القصص نسبة إلى أقسام الميتساف في المعرفة اللغوية حيث كان المتوسط الحسابي للتفكير المتشعب في نهايات القصص (4.0938)، أما المعرفة اللغوية (2.5000)، وفي الدلالة الإحصائية فقد كانت أقل في حالة التفكير المتشعب نسبة للمعرفة والتعبير الكتابي، أما في القسمين الآخرين التعبير الكتابي والمعدل فلا توجد فروق ذات دلالة إحصائية، وبذلك يتم قبول الفرضية بشكل جزئي.

تفكير تكاملي لفظي في عنوان القصص نسبة إلى معدل الميتساف

جدول 9: نتائج التفكير التكاملي اللفظي في عنوان القصص نسبة إلى معدل الميتساف

المستويات المتوسط الحسابي الانحراف المعياري قيمة (t) درجات الحرية الدلالة
تفكير تكاملي 2.5000 1.16398 -8.928 31 .000
فهم مقروء 5.0938 1.30407
تفكير تكاملي 2.5000 1.16398 .000 31 1.000
معرفة لغوية 2.5000 .67202
تفكير تكاملي 2.5000 1.16398 -3.788 31 .001
تعبير كتابي 3.063 .9136
تفكير تكاملي 2.5000 1.16398 -9.004 31 .000
معدل 4.0625 1.13415

يظهر الجدول (9) أن أعلى متوسط حسابي للتفكير التكاملي اللفظي نسبة إلى أقسام الميتساف كان في فهم المقروء، حيث كان المتوسط الحسابي للتفكير التكاملي اللفظي في عنوان القصص (2.500) وفهم المقروء (5.0938)، بينما كان أقل متوسط حسابي في التفكير التكاملي اللفظي في عناوين القصص نسبة إلى أقسام الميتساف في المعرفة اللغوية حيث كان المتوسط الحسابي للتفكير التكاملي في عناوين القصص (2.5000) أما المعرفة اللغوية (2.5000). وفي الدلالة الإحصائية فقد كانت أقل من مستوى الدلالة في حالة التفكير التكاملي في عناوين القصص نسبة للمعدل وفهم المقروء والمعرفة اللغوية في الميتساف، وهذا يدل على أن معدلات الطلبة ارتفعت في هذه الثلاثة أقسام، أما في القسم الآخير التعبير الكتابي فلا توجد فروق ذات دلالة إحصائية، وبذلك يتم قبول الفرضية.

بدايات القصص نسبة إلى معدل الميتساف الكلي

جدول 10: نتائج بدايات القصص نسبة إلى الميتساف

المستويات المتوسط الحسابي الإنحراف المعياري قيمة (t) درجات الحرية الدلالة
بدايات القصص 3.1875 1.80389 -5.098 31 .000
فهم مقروء 5.0938 1.30407
بدايات القصص 3.1875 1.80389 2.688 31 .011
معرفة لغوية 2.5000 .67202
بدايات القصص 3.1875 1.80389 .549 31 .587
تعبير كتابي 3.063 .9136
بدايات القصص 3.1875 1.80389 -4.086 31 .000
معدل 4.0625 1.13415

يظهر الجدول (10) أن أعلى متوسط حسابي لبدايات القصص نسبة إلى أقسام الميتساف كان في فهم المقروء، حيث كان المتوسط الحسابي لبدايات القصص (3.1875) وفهم المقروء (5.0938)، بينما كان أقل متوسط حسابي في بدايات القصص نسبة إلى أقسام الميتساف في المعرفة اللغوية حيث كان المتوسط الحسابي لبدايات القصص (3.1875) أما المعرفة اللغوية (2.5000). أما في الدلالة الإحصائية فقد كانت أقل مستوى للدلالة في حالة بدايات القصص نسبة للمعدل وفهم المقروء في الميتساف، وهذا يدل على أن معدلات الطلبة ارتفعت في هذين القسمين، أما في القسمين الآخرين المعرفة اللغوية والتعبير الكتابي فلا توجد فروق ذات دلالة إحصائية، وبذلك يتم قبول الفرضية بشكل جزئي.

شخصيات القصة نسبة إلى معدل الميتساف الكلي

جدول 11: نتائج شخصيات القصة نسبة إلى “الميتساف”

المستويات المتوسط الحسابي الانحراف المعياري قيمة (t) درجات الحرية الدلالة
شخصيات القصة 3.8125 1.67404 -3.677 31 .001
فهم مقروء 5.0938 1.30407
شخصيات القصة 3.8125 1.67404 5.796 31 .000
معرفة لغوية 2.5000 .67202
شخصيات القصة 3.8125 1.67404 4.051 31 .000
تعبير كتابي 3.063 .9136
شخصيات القصة 3.8125 1.67404 -1.438 31 .161
معدل 4.0625 1.13415

يظهر الجدول (11) أن أعلى متوسط حسابي لشخصيات القصة نسبة إلى أقسام الميتساف كان في فهم المقروء، حيث كان المتوسط الحسابي لشخصيات القصة (3.8125) وفهم المقروء (5.0938)، بينما كان أقل متوسط حسابي في شخصيات القصة نسبة إلى أقسام الميتساف في المعرفة اللغوية حيث كان المتوسط الحسابي لشخصيات القصة (3.8125) أما المعرفة اللغوية (2.5000). أما في الدلالة الإحصائية فقد كانت أقل مستوى للدلالة في حالة بدايات القصص نسبة لفهم المقروء والمعرفة اللغوية والتعبير الكتابي في الميتساف وهذا يدل على أن معدلات الطلبة ارتفعت في هذه الثلاثة أقسام، أما في القسم الأخير المعدل فلا توجد فروق ذات دلالة إحصائية، وبذلك يتم قبول الفرضية بشكل جزئي.

الجنس نسبة إلى معدل “الميتساف” الكلي

جدول 12: نتائج الجنس نسبة إلى “الميتساف”

المستويات المتوسط الحسابي الانحراف المعياري قيمة (t) درجات الحرية الدلالة
الجنس 1.44 .504 -10.718 31 .000
فهم المقروء 4.0625 1.13415
الجنس 1.44 .504 -13.458 31 .000
معرفة لغوية 5.0938 1.30407
الجنس 1.44 .504 -6.123 31 .000
تعبير كتابي 2.5000 .67202
الجنس 1.44 .504 -7.760 31 .000
معدل 3.0625 .91361

يظهر الجدول (12) أن أعلى متوسط حسابي لمتغير الجنس إلى أقسام “الميتساف” كان في المعرفة اللغوية، حيث كان المتوسط الحسابي للجنس (1.44) والمعرفة اللغوية (5.0938)، بينما كان أقل متوسط حسابي في الجنس نسبة إلى أقسام “الميتساف” في التعبير الكتابي حيث كان المتوسط الحسابي لمتغير الجنس (1.44) أما للتعبير الكتابي (2.5000). وفي الدلالة الإحصائية فقد كان مستوى الدلالة في جميع أقسام “الميتساف” أقل من مستوى الدلالة الإحصائية وهذا يدل على أن معدلات الطلبة ارتفعت في هذه الثلاثة أقسام، وبذلك يتم قبول الفرضية الصفرية وبذلك توجد فروقات دالة إحصائيا تبعاً لمتغير الجنس وعلاقته بأقسام “الميتساف”.

تحليل النتائج والتوصيات

قام هذا البحث على تحليل (EPoC) وهي أداة تم تطويرها لتقييم الإبداع الكامن عند الأطفال والمراهقين، وهذه الأداة في الواقع عبارة عن تجميع وتحسين لعدد من أدوات القياس السابقة التقليدية، هذه الأداة تصوّر الإبداع على أنّه متعدد الأوجه، ويشتمل على عدد كبير من المكونات للإبداع. واتبع الباحث المنهج الكمي الارتباطي في هذا البحث، وتكونت عينة البحث من 32 طالباً وطالبة من طلبة مرحلة الصف الثامن في مدارس المجتمع العربي في إسرائيل. وتم استخدام تقرير نتائج اختبار النجاعة والنماء “ميتساف” للطلاب، ومقياس الإبداع الكامن “إيبوك” التي اقترحها كل من: لوبارت بيزنسون وباربو (Lubart, Besancon & Barbot, 2011 تعريب يامين, 2012) والذي يعني بقياس عمليتين مختلفتين من عمليات التفكير هما التفكير التباعدي الاستكشافي/التشعبي والتفكير التقاربي/التكاملي كأدوات للدراسة، ولبطارية “إيبوك” نموذجان متكافئان أ و ب وتم في هذا الاختبار استخدام نموذج أ، والذي يتكون من اختبار تمهيدي وثمانية اختبارات فرعية تفحص المجالين اللفظي والرسمي/الجرافيك، ويعنى النموذج بأربعة أنواع من التفكير: هي التفكير التباعدي الاستكشافي التصويري/ الرسمي، والتفكير التباعدي الاستكشافي اللغوي، والتفكير التقاربي التكاملي التصويري/الرسمي، والتفكير التقاربي التكاملي اللغوي. بحيث كل نمط من أنماط التفكير الأربعة له اختباران فرعيان.

وأظهرت النتائج وفقًا لأسئلة الدراسة المتمثلة بالفرضيات أنه:

يوجد فروق في الدلالة الإحصائية للتفكير المتشعب اللفظي في نهايات القصص، فقد كانت أقل في حالة التفكير المتشعب نسبة للمعرفة والتعبير الكتابي، أما في القسمين الآخرين التعبير الكتابي والمعدل فلا توجد فروق ذات دلالة إحصائية.

يوجد فروق في الدلالة الإحصائية للتفكير التكاملي اللفظي نسبة إلى أقسام “الميتساف”، فقد كانت أقل من مستوى الدلالة في حالة التفكير التكاملي في عناوين القصص نسبة للمعدل وفهم المقروء والمعرفة اللغوية في “الميتساف”، وهذا يدل على أن معدلات الطلبة ارتفعت في هذه الثلاثة أقسام، أما في القسم الأخير التعبير الكتابي فلا توجد فروق ذات دلالة إحصائية.

يوجد فروق في الدلالة الإحصائية لبدايات القصص نسبة إلى أقسام “الميتساف” فقد كانت أقل مستوى للدلالة في حالة بدايات القصص نسبة للمعدل وفهم المقروء في “الميتساف”، وهذا يدل على أن معدلات الطلبة ارتفعت في هذين القسمين، أما في القسمين الآخرين المعرفة اللغوية والتعبير الكتابي فلا توجد فروق ذات دلالة إحصائية، وبذلك يتم قبول الفرضية بشكل جزئي.

يوجد فروق في الدلالة الإحصائية لشخصيات القصة نسبة إلى أقسام “الميتساف”، فقد كانت أقل مستوى للدلالة في حالة بدايات القصص نسبة لفهم المقروء والمعرفة اللغوية والتعبير الكتابي في “الميتساف”، وهذا يدل على أن معدلات الطلبة ارتفعت في هذه الثلاثة أقسام، أما في القسم الأخير المعدل فلا توجد فروق ذات دلالة إحصائية.

يوجد فروق الدلالة الإحصائية لمتغير الجنس إلى أقسام “الميتساف” فقد كان مستوى الدلالة في جميع أقسام “الميتساف” أقل من مستوى الدلالة الإحصائية وهذا يدل على أن معدلات الطلبة ارتفعت في هذه الثلاثة أقسام، وبذلك يتم قبول الفرضية الصفرية، وبذلك توجد فروقات دالة إحصائيا تبعاً لمتغير الجنس وعلاقته بأقسام “الميتساف”.

وقد تطابقت هذه النتائج مع بعض الدراسات التي توصلت لما يقاربها نحو نتائج التفكير الإبداعي ونتائجه على الطلبة، ومن هذه الدراسات (1968Getzels & Jackson,) (1991Cabe,) و(זוזובסקי، 2009)، إذ توصلت هذه الدراسات إلى أن الأولى تضمنت أعلى 20% من الطلبة من أصحاب الذكاء المرتفع، والثانية تضمنت أعلى 20% من الطلبة أصحاب التفكير الإبداعي، وتم استبعاد الطلبة المتفوقين في القدرات الإبداعية والذكاء معاً، وتم استخدام اختبار يقيس الإبداع وآخر يقيس الذكاء، وتم التوصل إلى أنه لا يوجد فروق دالة إحصائياً بين الطلبة أصحاب التفكير الإبداعي المرتفع والطلبة أصحاب الذكاء المرتفع في التحصيل الدراسي، كما خلصت النتائج إلى أن هناك علاقة ضعيفة بين التفكير الإبداعي، كما يقاس من قبل اختبارات الإبداع وبين التحصيل الدراسي. وخلصت الدراسة الثانية إلى أن هناك علاقة قوية بين الذكاء والقدرات الإبداعية (الطلاقة، والمرونة، والأصالة، والتفاصيل)، كما بينت النتائج إلى أنه ليس هناك ترابط قوي بين قدرات الإبداع (الطلاقة، المرونة، الأصالة) والتحصيل الدراسي، بالإضافة إلى أنه الدراسة الأخيرة، وأظهرت أنّ أساس كل شيء هو السيرورة التعليميّة لجهوزيّة امتحان النجاعة والنماء من وجهة نظر المعلمين، وهذا يهدف بدوره إلى إنهاء المقرّر الدّراسي قبل موعد الامتحان، ممّا تسبب في عدم امتلاك الطلاب للعديد من مهارات التفكير والإبداع.

وبناء على النتائج السابقة يوصي الباحث بالتالي:

تعزيز أساليب التدريس المدعمة لأساليب الإبداع الكامن، وخاصة لفئة المرحلة الإعدادية إذ تعد المرحلة الفاصلة بين مرحلة التنشئة ومرحلة الاعتماد على النفس.

تقييم مستوى الطلاب في جميع أجزاء “الميتساف” للمواد اللغوية لإثرائها وتحسينها لدى الطلبة.

إضافة إلى النظر في تنسيق دورات لغوية يتم من خلالها تنمية القدرات اللغوية لدى الطلبة، وتقوم على تعزيز أساليب التدريس اللغوية لدى المعلمين والمعلمات.

أنه من الضروري وجود معايير محلية وعالمية لقياس مستوى أداء الطلاب في المدارس مثل امتحانات النجاعة والنماء “الميتساف”، كما أنه من المهم الحفاظ على نزاهة وموضوعية التقييم في مثل هذه الاختبارات؛ لضمان إعطاء نتائج صحيحة يمكن الاستناد عليها في عمليات التنمية والتطوير المطلوبة.

أيضا لا يجب الاقتصار على الاختبارات هذه فقط في تحديد مستوى ذكاء الطالب، كما أنه لا يجب اعتماد نمط واحد من أنماط التفكير على أنه معيار الذكاء.

المراجع

المراجع العربيّة

أبو طه، م.، حاج يحيى، ق. (2007) دراسات وبحوث في المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل، مركز دراسات الأدب العربيّ –بيت بيرل، كفر قرع، دار الهدى، ط1.

أبو عصبة، خ. (2006) جهاز التّعليم في إسرائيل، رام الله، مدار.

أبو عصبة، خ.، غرّة، ن.، أبو نصرة، م. (2013) القراءة عند النّساء العربيّات في إسرائيل، مجلّة جامعة، ع1، م17، ص1-28.

حجي، أ (2016) .الإبداع :أصوله وتنميته. مجلة الطفولة والتنمية-مصر.

الحسيني،ع (2016) . لمفهوم الشامل للإبداع. المكتبة الإلكترونية.

راما السلطة القطريّة للقياس والتّقييم في التّربية، (20، تشرين ثاني، 2018)، امتحان مقاييس النّجاعة والنّماء في المدرسة، استرجع في 24، كانون ثاني، 2018.

رزوقي، ر. ولطيف، ا. (2018). سلسلة التفكير وانماطه (-1-). دار الكتب العلمية، بيروت: لبنان

رنكو، م. (2011) الابداع نظرياته وموضوعاته البحث، والتطوّر، والممارسة (ش.ف.علاونة، مترجم). ط.1.الرياض: العبيكان.

الزعبي، أ. (2009) علم النفّس التربويّ مداخل نظرية وتطبيقات تربوية عملية. مكتبة الرّشد، الرياض.

عيسى، و. (2017) أثر استخدام استراتيجيات التفكير المتشعب في تنمية مهارات الفهم القرائي لدى تلميذات الصف الرابع الأساسي، الجامعة الإسلامية، غزة: فلسطين.

غانم، أ.، مصطفى، م. (2009) الفلسطينيّون في إسرائيل، رام الله، مدار.

مسح “ركاز” بنك المعلومات عن الأقليّة العربيّة في إسرائيل (2014) الفلسطينيون في إسرائيل، المسح الاجتماعي الاقتصادي الرابع، تشرين أوّل/أكتوبر 2005، ص 209.

المنصوري، م. (2017) فاعلية استراتيجيات التفكير المتشعب في تنمية التحصيل بمادة الرياضيات للصف التاسع في دولة الكويت. العلوم التربوية ع (3) ج(3)، ص 283-311.

المراجع العبريّة:

הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה, (2018) שנתון סטטיסטי לישראל, מס’67, פרק2, ע”מ 14.

הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה, (2018) שנתון סטטיסטי לישראל, מס’67, פרק8, ע”מ 312.

הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה, (2018) הרשויות המקומיות בישראל 2014, מס’ 1642, ירושלים, עמ’ 644, 962.

בלר, מ’ (2011) השתתפות ישראל במחקרים הבינלאומיים, מה בוחנים, מתי בוחנים ולמה זה כדאי? אוחזר ב-1 באוגוסט 2011

זוזובסקי, ר’ (2009) המסגרת הקוריקולרית של מחקרי ההישגים הבין-לאומיים מטעמו של ארגון ה-IEA והשפעותיה. בתוך י’ קשתי (עורך), הערכה, חינוך יהודי ותולדות החינוך אסופה לזכרו של פרופסור אריה לוי, (עמ’ 173 -196 .(אוניברסיטת תל אביב: הוצאת רמות.

זסלבסקי, א’ (2013) מה מרויחין ומה מפסידין מההשתתפות במחקרים הבינלאומיים? אוחזר ב- 20 במרס 2013.

المراجع الإنجليزية

Besançon, M., Lubart, T. I. & Barbot, B. (2011). Creative Giftedness and Educational Opportunities . Educational and Child Psychology 30 (2), 79–88.

Sternberg, R. J., & Lubart, T. I. (1997). Defying the crowd: Cultivating creativity in a culture of conformity. New York: Free Press.

Barbot, B., Tan, M., & Grigorenko, E. L. (2014). The Genetics of Creativity: The Generative and Receptive Sides of The Creativity Equation. Neuroscience of Creativity, 71-93.

Minner,S ( 1990).Teacher Evaluations of Case Descriptions of LD Gifted Children.

Chien, C. (2010). Creativity in Early Childhood Education: Teachers’ Perceptions in Three Chinese Societies. Thinking Skills and Creativity 5 (2), 49–60.

Lubart, T., Besancon, M., & Barbot, B. (2012). Evaluation of Potential Creativity. France: Hogrefe.

Mourgues, C., Barbot, B., Tan, M., & Grigorenko, E. L. (2014). The Interaction Between Culture and the Development of Creativity. In The Oxford Handbook of Human Development and Culture: An Interdisciplinary Perspective, edited by L. Arnett Jensen.

Piske, F. H. R., Stoltz, T., & Machado, J. (2014). Creative Education for Gifted Children. Creative Education, 5, 347-352.