المسؤولية المدنية لرجل الشرطة

م. م. علاء كريم يونس1

1 الجامعة الإسلامية في لبنان، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم القانون الخاص.

بريد الكتروني: alaakreem.iq@gmail.com

إشراف: أ. د. غالب فرحات

HNSJ, 2024, 5(7); https://doi.org/10.53796/hnsj57/25

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/07/2024م تاريخ القبول: 18/06/2024م

المستخلص

المسؤولية المدنية لرجل الشرطة تتعلق بالمسؤولية القانونية عن الأفعال التي يقوم بها في إطار عمله كضابط شرطة، تشمل هذه المسؤولية الحساب عن أي أضرار أو إصابات ناتجة عن الإهمال أو السلوك غير المناسب أثناء أداء مهامه، وان تحقيق هذه المسؤولية يضمن أن يلتزم الضباط بمعايير عالية من السلوك، ويحترموا حقوق الأفراد وسلامتهم في المجتمعات التي يخدمونها، وهذا يؤكد على أهمية التدريب الجيد، والالتزام بالإجراءات، والسلوك الأخلاقي لتقليل المخاطر والحفاظ على ثقة الجمهور، وتهدف الأطر القانونية التي تحكم المسؤولية المدنية إلى تحقيق توازن بين احتياجات إنفاذ القانون وحماية حقوق الأفراد، وتعزيز الشفافية والمساءلة في ممارسات الشرطة، كما وتتطلب الإدارة الفعالة للمسؤولية المدنية تدريب مستمر، وإشراف دوري، والالتزام بالمعايير القانونية المتبعة للحفاظ على العدالة والنزاهة في الشرطة.

الكلمات المفتاحية: المسؤولية المدنية – رجل الشرطة – السلوك الأخلاقي – الشفافية والمساءلة – السلامة العامة.

Research title

Civil liability of a policeman

Alaa Karim Younis1

1 The Islamic University of Lebanon, Faculty of Law and Political Science, Department of Private Law. Email: alaakreem.iq@gmail.com

Supervisor: Prof. Dr. Ghalib Farhat

HNSJ, 2024, 5(7); https://doi.org/10.53796/hnsj57/25

Published at 01/07/2024 Accepted at 18/06/2024

Abstract

The civil liability of a police officer relates to their legal responsibility for actions undertaken in their role as an officer. This liability encompasses being held accountable for any damages or injuries resulting from negligence or improper conduct while performing their duties. Ensuring this responsibility ensures officers adhere to high standards of behavior, respecting individuals’ rights and safety in the communities they serve. It emphasizes the importance of proper training, adherence to procedures, and ethical conduct to minimize risks and maintain public trust. Legal frameworks governing civil liability aim to balance law enforcement needs with protecting individuals’ rights, promoting transparency, and accountability in police practices. Effective management of civil liability necessitates ongoing training, regular supervision, and adherence to established legal standards to uphold justice and integrity in policing.

Key Words: Civil responsibility – policeman – ethical conduct – transparency and accountability – public safety

المقدمة

أولاً: بيان موضوع البحث:

تعني المسؤولية المدنية لرجل الشرطة الالتزام القانوني بالأفعال التي يقوم بها أثناء أداء مهامه الرسمية. يشمل ذلك مسؤوليته عن أي خطأ أو إهمال يمكن أن يؤدي إلى إلحاق أضرار بالأفراد أو بالممتلكات، من خلال تفعيل هذه المسؤولية، يتطلب من الضباط الالتزام بالسلوك الأخلاقي العالي، واحترام حقوق الأفراد وسلامتهم، وتهدف الأطر القانونية المنظمة للمسؤولية المدنية إلى تحقيق توازن بين حماية الجمهور وحقوق الفرد، وتعزيز الشفافية والمساءلة في أداء الشرطة، وبالتالي يتعين تعزيز الالتزام بالمعايير الأخلاقية والقانونية لإدارة فعالة للمسؤولية، وتعزيز الثقة بين الجمهور وأجهزة الأمن من خلال ممارسات الشرطة المنصفة والمتسقة مع القوانين.

ثانياً: مشكلة البحث:

مشكلة البحث تكمن في صعوبة ضم معقول للمواقف المتعددة التي يمكن أن يجد نفسه فيها ضابط الشرطة، ومحدودية الوقت في استعراض التفاصيل القانونية والسياق الاجتماعي المحيط بها في إطار دراسة واحدة.

ثالثاً: هدف البحث:

الهدف من البحث هو إجراء دراسة شاملة للمسؤولية القانونية التي تتحملها مؤسسة الشرطة عن أخطاء رجالها، مع التركيز على الآليات والمعايير القانونية التي تحدد سلطة رجل الشرطة في استخدام السلاح والإجراءات المتبعة في حالات الضرورة القصوى.

رابعاً: أهمية البحث:

تتمثل أهمية البحث في تسليط الضوء على القوانين والسياسات التي تحدد مسؤولية رجال الشرطة عن أفعالهم في خدمة الجمهور. يساهم البحث في فهم كيفية تطبيق القوانين في حماية حقوق المواطنين وضمان العدالة في ممارسات إنفاذ القانون، وبالتالي، يعزز الثقة العامة بالشرطة ويساهم في تحسين الممارسات والسياسات الأمنية في المجتمعات.

خامساً: منهجية البحث:

تتبع منهجية البحث أسلوب المنهج الوصفي التحليلي من خلال وصف دقيق للأطر القانونية المتعلقة بالمسؤولية المدنية لرجال الشرطة، وتحليلاً عميقاً لهذه الأطر القانونية وتأثيراتها على ممارسات إنفاذ القانون وعلاقتها بحقوق الأفراد والمجتمعات، مما يوفر فهم شامل وعميق للموضوع، وإثراء المعرفة القانونية والسياسية المتعلقة بالمسؤولية المدنية لرجال الشرطة.

سادساً: هيكلية البحث:

للإحاطة والتوسع بموضوع البحث ارتأينا تقسيم خطة البحث على مبحثين رئيسيين:

  • المبحث الأول: المسؤولية القانونية لمؤسسة ورجال الشرطة في التشريع والقضاء العراقي.
  • المبحث الثاني: سلطة رجل الشرطة في استخدام السلاح والتدابير القانونية المتبعة في حالات الضرورة القصوى.

المبحث الأول

المسؤولية القانونية لمؤسسة ورجال الشرطة في التشريع والقضاء العراقي

مسؤولية مرفق الشرطة عن أخطاء رجالها تقوم على أسس قانونية واضحة تحدد كيفية التعامل مع الأخطاء التي يرتكبها أفراد الشرطة أثناء أداء واجباتهم، حيث يتطلب ذلك اتخاذ إجراءات قانونية صارمة للتحقق من المخالفات وتطبيق العقوبات عند الضرورة، مما يسهم في تعزيز الشفافية وبناء الثقة بين الشرطة والمجتمعات التي تخدمها، وعليه سنقسم هذا المبحث على مطلبين وعلى النحو الاتي:

المطلب الأول

المسؤولية القانونية لمؤسسة الشرطة في التشريع والقضاء العراقي

في التشريع والقضاء العراقي، تنص المسؤولية القانونية لمؤسسة الشرطة على تحملها المسؤولية عن أفعال موظفيها، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، مع تطبيق إجراءات قانونية لتحقيق العدالة وتعزيز شفافية العمل الأمني، ولبيان الموضوع بشكل أوسع سنبين محورين رئيسيين:

أولاً: نظرية المسؤولية المباشرة للإدارة (مرفق الشرطة)

يذهب جانب من الفقه، بان القانون قد اعترف بالشخصية المعنوية عن طريق حيلة قانونية مصطنعة وافتراض قانوني محض، فافترض لها وجوداً قانونياً وان كان هذا الوجود ليس حقيقياً بل مجرد خلق من القانون، وافترض لها أيضاً إرادة خاصة لها، تلك هي إرادة الشخص الطبيعي الذي خول ممارسة النشاط الخاص بالشخص المعنوي([1]) بعكس الإنسان الذي تثبت له وحده الشخصية في نظر القانون إذ يتمتع وحده دون غيره بالإرادة والإدراك وهاتان الظاهرتان يمكن ملاحظتهما عند الفرد فقط ولا يمكن ملاحظتها عند الجماعات من الأشخاص أو المجموعات من الأموال والتي تشكل أشخاصا معنوية. فقد ذهب جانب من الفقه في مصر الى اعتبار مسؤولية الدولة أو الإدارة مسؤولية شخصية ومباشرة في أحوال معينة، وعن فعل الغير في أحوال اخرى، والمبدأ الذي استقر عليه الفقه والفقهاء في مصر هو جواز مساءلة الشخص المعنوي عن الأخطاء التي يرتكبها ممثلوه عند القيام بإدارة شؤونه، ولم يقع تردد في هذا المبدأ، فإذا كانت المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي يصعب التسليم بها لصعوبة تصور عقوبة جنائية تنزل بالشخص المعنوي الا فيما يتعلق بالغرامة والمصادرة والحل، فان المسؤولية المدنية يسهل التسليم بها، فانها تقع في مجال الشخص المعنوي، وهناك امثلة بهذا الصدد، كأن يقوم سائق قطار بدهس احد المارة فتكون مصلحة السكك الحديدية مسؤولة عن اهمال السائق، أو عامل بريد يضيع رسالة عهد اليه بتسليمها إلى صاحبها فتكون مصلحة البريد مسؤولة عن العامل، ولما كان الشخص المعنوي يختلف عن الشخص الطبيعي في انه لا يمكن ان ينسب له التمييز فإن كثير من الأحكام تجعل مسؤولية الشخص المعنوي عن أعمال ممثليه هي مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع([2])، علماً ان هناك احوال يصعب فيها الوصول إلى مسآءلة الشخص المعنوي عن هذا الطريق الغير مباشر، فقد يحدث ان الخطأ الذي يوجب المسؤولية يكون قراراً صادراً من احدى هيئات الشخصية المعنوية (مجلس إدارة الشركة أو جمعيتها العامة) فلا بد إذاً من نسبة الخطأ مباشرة إلى الشخص المعنوي ذاته كذلك قد يكون الخطأ بحيث لا تجوز نسبته إلا إلى الشخص المعنوي كما هو الحال إذا قوضيّت شركة لمنافسة تجارية غير شريفة أو لتقليد مزور ففي هذه الأحوال تكون مسؤولية الشخص المعنوي مسؤولية عن عمل لا مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع، ولابد حينئذ من الاقتصار على ركن التعدي في الخطأ دون ركن التمييز([3]).

في حين يذهب الدكتور سليمان الطماوي بعد أن بين (أن الإدارة أو الحكومة كشخص معنوي عام لا تتصرف إلا عن طريق موظفيها، إلا انهم وسيلتها في التعبير والتنفيذ، فان الفعل الضار الذي يصيب الافراد يكون صادراً منهم) ثم يقول مرة أخرى (أن هنالك حالات أخرى اقل تطبيقاِ في العمل لا نستطيع أن ننسب فيها الفعل الضار إلى موظف أو إلى موظفين بعينهم وإنما يكون الفعل الضار في حقيقته صادراً عن الإدارة مباشرة) وبالتالي فان أساس المسؤولية في هذه الحالة هي نص م/ 163 من القانون المدني المصري وهي خاصة بالمسؤولية المباشرة([4]). أما في فرنسا فيذهب جانب من الفقهاء إلى التمييز بين العضو والتابع حيث يكون العضو جزءاً مكملاً للشخص المعنوي بينما يكون التابع شخصاً ثالثاً يكلف من قبل الأعضاء لتنفيذ بعض الأعمال، لذا فإن الشخص المعنوي يمكن أن يكون مسؤولاً عن أفعال اعضائه ليس بصورة غير مباشرة كمسؤولية المتبوع عن أعمال التابع (م /1384) فرنسي وإنما تكون مسؤولية مباشرة استناداً إلى (م/ 1382) مدني فرنسي ذلك لان أفعال اعضائه انما هي افعاله الخاصة من وجهة نظر القانون وان (م/ 1384) الخاصة بالمسؤولية عن الغير لايمكن تطبيقها إلا حيث يتصرف عمال الشخص المعنوي باعتبارهم تابعين له وليسوا أعضاء فيها([5]).

وقد اقترب من هذه النظرية الاساتذة مازو وتنك حيث اعتبر أن جميع العاملين في الدولة هم أعضاء فيها، وبسبب اعتبارهم أعضاء فيها فلايمكن اعتبارهم تابعين بالوقت نفسه لذا فان العضو عندما يريد أن يتصرف بأسم ولحساب الشخص المعنوي، يكون الشخص المعنوي نفسه هو الذي اراد أو ارتكب الفعل الخاطئ وعليه يجب التعويض فيها كاي شخص طبيعي يسأل عن حركات يديه فالمضرور لا يمكن مقاضاة ما لايمكن مقاضاته كالقلب والذراع في حالة الضرر الحاصل بواسطة شخص طبيعي في الدولة (الإدارة) وحسب تصوير هذه النظرية تذوب جميع شخصيات العاملين بشخصيتها، فتصبح ارادتهم مماثلة لإرادة الدولة (الإدارة)، وان كل ما يرتكبونه عن أفعال تنسب إليها فتصبح افعاله الخاصة، وبهذا تكون مسؤوليتها عن تسببه تلك الأفعال من ضرر للغير مسؤولية شخصية ومباشرة([6]).

ويقترب من هذا الرأي الفقه المصري في التمييز بين التابع والعضو حيث تكون المسؤولية في الحالة الأولى عن فعل الغير، أما في الحالة الثانية فتكون المسؤولية شخصية، وبالتالي فإذا كانت مسؤولية الشخص المعنوي عن اخطاء تابعيه هي مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع، فان مسؤولية (العضو) لمجلس إدارة الشركة، أو جمعيتها العمومية هي مسؤولية مباشرة لان إرادة الشخص المعنوي من إرادة العضو، فلا يمكن الفصل بينهما ولذا يعتبر الخطأ الثاني بمثابة خطأ من الأول يبرر الرجوع عليه بالتعويض وفقاً م/ 163 الخاصة بالمسؤولية عن الأعمال الشخصية([7]). ويرى الفقه الإداري وجوب استقلال القواعد الخاصة بمسؤولية الدولة أو الإدارة عن تلك القواعد التي تخص المسؤولية المدنية في القانون المدني([8]).

وكانت نقطة البداية في هذا الخصوص الحكم الصادر من محكمة التنازع الفرنسية في 8/ فبراير/ 1873 في قضية (Blanco) الشهيرة، حيث صدمت عربة تابعة للإدارة (مصنع التبغ) طفلة صغيرة فاقام والد الطفلة الدعوى أمام القضاء العادي ضد الإدارة مطالباً اياها بالتعويض ولما دفعت الإدارة بعدم الاختصاص احيل الأمر إلى محكمة التنازع فقضت بأنه (مسؤولية الادارة عن الأضرار التي تسببها للافراد بفعل الأشخاص الذين تستخدمهم في المرافق العامة لا يمكن أن تحكمها المبادئ المقررة في القانون المدني لتنظيم الروابط بين الأفراد بعضهم ببعض، وان هذه المسؤولية ليست عامة ولا مطلقة بل لها قواعدها الخاصة التي تتغير تبعاً لحاجة المرفق ولضرورة التوفيق بين حقوق الإدارة والحقوق الخاصة، وطبقاً لذلك يكون القضاء الإداري وحده مختصاً)([9]). وبعد هذا الحكم لم ينعقد اجماع الفقه الفرنسي على قبوله بل أن جانباً منه أيّد ماجاء به هذا القرار من إنشاء قواعد مستقلة للمسؤولية الإدارية تختلف عن تلك المقررة في القانون المدني للمسؤولية المدنية، وعلى العكس فان جانباً آخر من عارض ذلك الحكم وناقش ما قدمه انصاره من مبررات لتأييده، ومن الحجج التي تمسك بها انصار حكم بلانكو ما يلي:

  1. يرى Laferriere بان المشرع عندما وضع المادة 1384 مدني فرنسي انما اراد بها تكملة المادة 1382 م. فرنسي والتي تتكلم عن مسؤولية الإنسان وهذا اللفظ أن جاز أن ينصرف إلى الأشخاص المعنوية الخاصة فلا يجوز صرفه إلى الأشخاص المعنوية العامة كالدولة (الإدارة) فقصد المشرع في أن مبدأ مسؤولية الإدارة، لم يكن قد تقرر وقت وضع ذلك النص، فلا يعقل أن يكون المشرع قد وضع قواعد تحكم مسؤولية الدولة (الإدارة) في وقت لم تكن فيه هذه المسؤولية معروفة.
  2. اختلاف طبيعة العلاقة بين الموظف والدولة (الإدارة) عن طبيعة العلاقة بين التابع والمتبوع حيث تكون العلاقة بين الافراد ذات طبيعة عقدية بينما يكون الموظف في مركز تنظيمي يحكم علاقته بالدولة.
  3. يذهب هوريو بان القواعد المدنية تحرم المضرور من حق رفع الدعوى على الدولة في حالة عجزه عن إثبات وقوع الخطأ من شخص معين تابع للسلطة العامة.
  4. أن استقلال القواعد الإدارية ضرورة يقتضيها مبدأ الفصل بين السلطات وكذلك لأجل منع القضاء العادي من النظر في دعاوي المسؤولية ضد السلطة العامة.
  5. أن قواعد مسؤولية المتبوع عن اخطاء تابعيه المقررة في القانون المدني لا تنطبق على الدولة (الإدارة) لأنها كشخص معنوي عام، تعمل بواسطة موظفيها ومنهم من يشغل مراكز رئيسة في الجهاز الإداري للدولة، ولا يمكن اعتبار مثل هؤلاء الرؤساء بمثابة تابعين للدولة لانهم في الواقع يمثلونها ويعملون بأسمها بحيث تختلط شخصيتهم بشخصية الدولة([10]).
  6. يضاف إلى ذلك فان حكم بلانكو أكد ذاتية القانون الإداري، وان هذه الذاتية (سوف تؤدي أكثر فأكثر إلى تقرير مسؤولية الإدارة في أحوال لا يسمح القانون المدني فيها بتعويض المضرر([11])).

ثانياً: نظرية المسؤولية غير المباشرة للإدارة (مرفق الشرطة):

يرى جانب من الفقه اعتبار مسؤولية الدولة أو الإدارة عن الاخطاء المرتكبة من قبل موظفيها مسؤولية ذات طبيعة غير مباشرة وهذا ما نصت عليه م/174 من القانون المدني المصري (يكون المتبوع مسؤولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً فيه في حالة تأدية الوظيفة أو بسببها).

ويرى الفقهاء في ذلك بان النص المذكور يكون صالحاً للتطبيق على مسؤولية الدولة (الإدارة)، شانها شان مسؤولية الفرد عن عمل غيره التابع له، وحيث انه لا فرق بين القواعد الخاصة لمسؤولية الأشخاص العامة من جهة، أو الأشخاص الخاصة من جهة أخرى، فقد يكون الشخص المعنوي المراد مساءلته هو الدولة ذاتها، أو شخص معنوي عام كمجلس من مجالس المديريات أو المجالس البلدية أو غيره من الأشخاص العامة، وبالتالي فان مسؤولية الشخص المعنوي تتحقق على النحو الذي تتحقق به مسؤولية الافراد أو الهيئآت الخاصة، وقواعد المسؤولية التقصيرية واحدة وتنطبق على الفريقين([12]) وبالتالي فان مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع هي ليست مسؤولية شخصية (ذاتية) بل هي مسؤولية عن فعل الغير، ولعلها هي المسؤولية الوحيدة عن الغير فيما قرره القانون من مسؤوليات مختلفة([13]). ومن هذا الرأي ذهبت د. سعاد الشرقاوي إذ تقول (ففي حالات المسؤولية عن عمال التنفيذ تكون المسؤولية مسؤولية غير مباشرة وعن فعل شخصي منفصل عن المسؤولية، ويمكن استخلاص هذا المعنى من القانون المدني من النصوص القانونية فهي تؤكد بأن الشخص لا يسأل فقط عن فعله الشخصي بل أيضا عن فعل من يسال عنهم واهم صورة من صور المسؤولية عن فعل الغير هي مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه، فهي الصورةالتي تثور في القانون الإداري كما تثور في القانون المدني بكثرة، ويلاحظ انه في القانون المدني يستوي أن يكون المتبوع شخصاً طبيعياً أو شخصاً معنوياً، فهذه المسالة لا تتوفر اطلاقاً على نظام المسؤولية أما مسؤولية الهيئآت العامة في القانون الإداري فهي لايمكن إلا أن تكون مسؤولية عن فعل الغير أي فعل العاملين التابعين للإدارة، ذلك أن الأشخاص العامة اشخاص معنوية مجردة لا تستطيع أن تتصرف لحساب نفسها وإنما يتصرف التابعون بأسمها وبالتالي فلا يختلف الحال إذا كنا أمام حالة من حالات المسؤولية عن فعل الممثلين للشخص الطبيعي أو الشخص المعنوي، ومن السهل التمييز وفصل شخص المُمَثَّل عن شخص المُمَثِل([14]).

مما تقدم يمكن القول بأنه لا يمكن اعتماد الحالة التي يكون فيها مرتكب الفعل الضار مجهولاً للقول بان الخطأ ينسب إلى الشخص المعنوي مباشرة لمجهولية المرتكب الفعلي له، وعندئذ يصار إلى المسؤولية المباشرة للشخص المعنوي، إلا انه في كل الاحوال لابد من أن يكون الخطأ مرتكبه هو احد موظفي الإدارة، وفي حالة عدم التمكن من معرفة هذا الموظف فان ذلك لا يعني تغيير المرتكب الفعلي للخطأ بحيث تكون الإدارة وليس الموظف. وهذا ما قضى به مجلس الدولة المصري بأنه (إذا كان من الثابت أن الضرر الذي أصاب قائم ترباس بوابة القناة قد وقع بسبب تصادم سيارة الجيش به ومن ثم تلتزم وزارة الحربية باداء التعويض عن هذا الضرر ويقوم التزامها على أساس مسؤوليتها بصفتها متبوعة عن الضرر الذي أحدثه تابعها بعمله غير المشروع حال تادية وظيفته (م/ 174 مدني مصري) ولايحول دون قيام هذه المسؤولية كَوّن هذا التابع غير معروف بذاته ومحدد بشخصه مادام هو اياً كان شخصه لم تنقض عنه صفته كتابع لإدارة الجيش المسؤولة عن التعويض على هذا الأساس)([15]).

وبالتالي فان القضاء المصري اعتبر مسؤولية الدولة أو الحكومة عن اخطاء موظفيها مسؤولية ذات طبيعة غير مباشرة أي أنها مسؤولية عن فعل الغير، أما بصدد الفقهاء في فرنسا والذين أيدوا المسؤولية المباشرة للدولة في القضية المشهورة، (Blanco) والتي اشرنا إليها سابقاً، والتي قضت بموجبها محكمة التنازع باستقلال قواعد المسؤولية في القانون العام عنها في القانون الخاص، وقدموا الحجج لدعمه وتأييده، فان انصار المسؤولية غير المباشرة للدولة (الإدارة) انتقدوا ذلك الحكم وردوا على كل الحجج التي قدمها انصاره لتأييده.

ففيما يتعلق بالحجة القائلة بعدم انطباق م/ 1384 ف من القانون المدني الفرنسي على مسؤولية الأشخاص المعنوية العامة والتي نصت (أن المرء يكون مسؤولاً ليس فقط عن الأضرار التي يسببها للغير بفعله الذاتي بل أيضاً عن تلك الأضرار التي تترتب على فعل الأشخاص الذين يجب أن يكون مسؤولاً عنهم أو بفعل الأشياء الموضوعة تحت حراسته) فعلى اعتبار أن المادة المذكورة تتعلق بمسؤولية الإنسان فيرد انصار المسؤولية غير المباشرة للدولة بان التضييق في تفسير L-homme وقصره على الأشخاص الطبيعية دون الأشخاص المعنوية يبدو غير مقبول ذلك لأنه لا يوجد في القانون رجال Hommes وإنما يوجد اشخاص Persons كما أن انصار المسؤولية المباشرة انفسهم يعترفون بجواز انصراف هذا اللفظ إلى الأشخاص المعنوية الخاصة وهي ليست اناساً، فلماذا إذا لا ينصرف إلى الأشخاص المعنوية العامة، وكذلك فان التقيّد بحرفية النص المذكور يؤدي إلى قصر تطبيقه على الرجال hommes دون النساء femmes وهذا لا يمكن التسليم به([16]).

أما فيما يتعلق عن الحجة الثانية القائلة باختلاف طبيعة العلاقة التي تربط الموظف بالدولة واعتبارها ليست تعاقدية، بينما تنشأ الروابط بين الافراد عن التعاقد بينهم، يقول انصار المسؤولية غير المباشر بأنه لا يهم مصدر أو نوع العلاقة التي تنشأ بين أي متبوع وتابعه، بل يكفي أن يكون للمتبوع سلطة فعلية في رقابة وتوجيه التابع لكي يكون الأول مسؤولاً عن الثاني([17]).

أما عن الحجة القائلة والتي تقضي بان القواعد المدنية تحرم المضرور من حق رفع الدعوى على الدولة في حالة عجزه عن إثبات وقوع الخطأ من شخص معين تابع للدولة يرد القائلون بوحدة قواعد المسؤولية في القانونيّن العام والخاص بأنه لا يشترط أن يثبت المضرور وقوع الخطأ من تابع معين بالذات، بل يكفي ثبوت الخطأ وان كان المخطئ غير معروف، فشروط مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعهِ متشابهة في القانونين الإداري والمدني، أما عن الحجة القائلة بوجوب المحافظة على استقلال الإدارة تطبيقاً لمبدأ الفصل بين السلطات يقول انصار وحدة قواعد المسؤولية أن الحكم بمسؤولية الدولة (الإدارة) هو إقرار وتسجيل لمديونيتها ولا فرق في أن يصدر هذا عن القضاء العادي أو القضاء الإداري لذا فان القضاء لا يتدخل في شؤون الإدارة حتى يمكن أن يقال بانتهاك مبدأ الفصل بين السلطات وإنما يقتصر عمله على إقرار مديونية الإدارة فقط، أما عن الحجة الأخيرة والتي مفادها بان قواعد المسؤولية المدنية الخاصة بمسؤولية المتبوع عن اخطاء تابعيه لا تنطبق على الرؤساء الإداريين نظراً لكونهم ليسوا تابعين للدولة بل انهم ممثلوها وتختلط شخصيتهم بشخصيتها ويرد المعارضون لذلك بقولهم أن المسؤولية طبقاً للمادة 1384 ف1 من القانون المدني الفرنسي لا يمكن أن تكون إلا مسؤولية عن الغير وان الشخص الإداري ليس شخصاً طبيعياً بل هو شخص معنوي يعمل من خلال اشخاصه الطبيعيين ولا يهم بعدئذ اختلاف هؤلاء الأشخاص في درجاتهم في السلم الوظيفي، وهكذا تكون القواعد الخاصة بمسؤولية المتبوع عن اخطاء تابعه والمقررة في القانون المدني صالحة للتطبيق على الدولة (الإدارة) بخصوص مسؤوليتها عن موظفيها([18]).

مما تقدم فان الرأي الراجح في الفقه الحديث يذهب إلا أن الدولة أو الإدارة لا تملك إدارة ذاتية تستطيع أن تتصرف بمقتضاها بل أن ذلك يتم بواسطة اشخاص طبيعيين هم مجموع الموظفين اللذين يقومون بتسيير أعمالها وهم ليسوا إلا تابعين لها مهما كانت اوصافهم ومراكزهم في السلم الوظيفي فلا صحة للتمييز بين البعض باعتبارهم أعضاء في الدولة، والبعض الآخر باعتبارهم تابعين لها، لعدم أهمية التمييز في نطاق مسؤولية الإدارة عن اعمال موظفيها فهم كتلة متجانسة في تبعيتهم للدولة فلا يصح أن تنسب بعض تصرفات اولئك الموظفين إلى الدولة لأجل اعتبار مسؤوليتها شخصية ومباشرة، بل أن مسؤوليتها عن اخطاء أي من الموظفين انما هي مسؤولية عن عمل الغير في جميع الاحوال حيث لابد وان يكون الخطأ الذي تقوم المسؤولية بسببه صادراً عن شخص طبيعي وهو احد الموظفين وان النظر إلى الأحكام القضائية يدلل على أن المسؤولية تكون واحدة في اصولها وفي الحلول التي تقدمها سواء كان ذلك في القانون العام أم في القانون الخاص([19]).

وأخيراً لا يسعنا إلا أن ننظم إلى النظرية القائلة بالمسؤولية غير المباشرة للإدارة، ذلك لأن مرفق الشرطة لا يستطيع أن يقوم بواجباته بصورة فعالة ودقيقة إلا من خلال القوة البشرية والتي تعتبر الذراع الطويل الذي تستخدمه في بسط الأمن والنظام في الدولة. وبالتالي لا يصح أن ننسب بعض التصرفات الخاطئة والصادرة من رجال الشرطة. إلى المرفق لأجل اعتبارها مسؤولية شخصية ومباشرة بل أن مسؤوليته عن اخطاء اي من رجاله انما هي مسؤولية عن فعل الغير (مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع).

المطلب الثاني

الطبيعة القانونية لمسؤولية رجل الشرطة في التشريع والقضاء العراقي

يمكن القول بان مسؤولية الدولة أو الحكومة في التشريع العراقي لا تثير أي صعوبة أو مشكلة ذلك لان الاختصاص القضائي في العراق واحد والمحاكم العادية هي صاحبة الولاية العامة للفصل في جميع المنازعات اياً كان نوعها([20]) ولدى الرجوع إلى التشريع في م/ 219 من القانون المدني التي نصت على انه(1- الحكومة والبلديات والمؤسسات الأخرى التي تقوم بخدمة عامة وكل شخص يستغل إحدى المؤسسات الصناعية أو التجارية مسؤولون عن الضرر الذي يحدثه مستخدموهم إذا كان الضرر ناشئاً عن تعدٍ وقع منهم أثناء قيامهم بخدماتهم. 2- ويستطيع المخدوم أن يتخلص من المسؤولية إذا أثبت انه بذل ما ينبغي من العناية لمنع وقوع الضرر أو أن الضرر كان لابد واقعاً حتى لو بذل هذه العناية).

فذهب جانب من الفقه الى ما جاءت به المادة عما إذا كانت الأمثلة الواردة في الفقرة (1) جاءت على سبيل الحصر أم على سبيل التمثيل فيلاحظ بأنها قررت أولاً مسؤولية اشخاص القانون العام عن أعمال تابعيهم بقولها (الحكومة والبلديات والمؤسسات الأخرى التي تقوم بخدمة عامة) وعبارة هذه الحالة من العموم بمكان ثم قررت ثانياً مسؤولية فريق معين من اشخاص القانون الخاص عن أعمال تابعيهم هو الذي حددته المادة الانفة الذكر بوصف معين (كل شخص يستغل إحدى المؤسسات الصناعية أو التجارية) فهل هذا يعني بأنه كل من لا ينطبق عليه وصف استغلال مؤسسة صناعية أو تجارية لا يخضع للنص المذكور وبالتالي لا يسأل عن أعمال تابعيه، كمن يستغل مؤسسة مدنية كعمارة مؤسسة للايجار أو جمعية أدبية أو علمية والظاهر أن حكمة النص واحدة في جميع الاحوال ألا وهي تمكين المصاب من الرجوع على شخص ملئ تربطه بمرتكب الفعل مظنة الخطأ في التوجيه والرقابة ثم يذهب بالقول من أن معنى الخدمة وعلاقة التبعية بين المستخدم والمخدوم معنى واسع في الفقه فهي ليست بعقد معين ولكنها رابطة قانونية كلية، وهي مركز قانوني يترتب على كل اتفاق يكلف بموجب شخص شخصاً آخر بالقيام بخدمة أو بمشروع ما أو بمهمة ما([21]).

بينما يذهب الدكتور محمود سعد الدين شريف بتعميم نص م/ 219 ف1 من القانون المدني العراقي حيث جعله شاملاً لكل متبوع إذ يذهب إلى القول بان المادة المذكورة (تقرر مسؤولية الحكومة عن أفعال موظفيها كما تقرر مسؤولية بعض اشخاص القانون العام كالبلديات والمؤسسات التي تقوم بخدمة عامة واشخاص القانون الخاص عن الضرر الذي يحدثه مستخدموها أيضاً)، وبالتالي فان الدكتور الشريف يريد تأكيد الشمول للمادة 219 من القانون المدني العراقي لاشخاص القانون الخاص عن طريق التوسع في التفسير حيث يقول (أن عبارة الفقرة الثانية من المادة 219 مدني عراقي هي من العموم بحيث تتسع لكل شخص تربطه بمرتكب الفعل غير المشروع علاقة التبعية، فالخادم والسائق والطاهي كلهم تابعون لمن يعملون لحسابهم)([22]).

أما الدكتور عادل الطائي فيذهب الى القول أن التوسع في تعميم نص المادة 219 من القانون المدني العراقي غير صحيح، بل أن من تشملهم المسؤولية بمقتضى النص المذكور لا يتعدى الأشخاص الذين عددَّهم ذلك النص، ثم يقول إذا كان الدكتور الشريف يرى أن نص المادة 219/ ف1 من القانون المدني العراقي يشمل (بعض) اشخاص القانون العام، فكيف يصح القول بان النص نفسه يشمل (عامة) اشخاص القانون الخاص، إذ أن النص العراقي لا يحتمل إدخال اشخاص القانون الخاص مالم يستغلوا إحدى المؤسسات الصناعية أو التجارية، أما بصدد كلمة (المخدوم) التي وردت في الفقرة الثانية من النص المذكور، فهي لا تفيد إمكان التوسع في تفسير الفقرة الأولى منه، بحيث يُصار إلى القول بان الفقرة الثانية هي من العموم الذي يمكن أن يتسع لكل شخص تربطه بمرتكب الفعل الضار علاقة تبعية، بل أن هذه الفقرة لا تنصرف إلا الى الأشخاص الذين عددتهم الفقرة التي سبقتها، فهي مكملة لها، وجاءت لبيان الطريقة التي يستطيع بها الأشخاص الذي عددتهم الفقرة الأولى فقط لدفع المسؤولية عنهم([23]). وقد بيّن الدكتور الحكيم بان القانون المدني العراقي اعتمد في الدرجة الأولى على الفقه الإسلامي كمصدر له، والقاعدة في هذا الفقه أن الإنسان لا يُسأل عن فعل غيره، لقوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى، وكل نفسٍ بما كسبت رهينة) ثم يقول، فلا يمكننا الحالة أن نتوسع في تفسير النص بحيث نجعله يشمل اشخاصاً لم يذكرهم صراحة([24]).

مما تقدم فنحن ننظم إلى جانب الرأي القائل بعدم إمكانية التوسع في نص م/ 219 من القانون المدني العراقي أما فيما يتعلق بالفقرة ثانياً من المادة المذكورة فهي أيضاً لا تفيد في امكان التوسع فيها بحيث يمكن القول بان الفقرة الثانية هي من العموم لتتسع كل شخص تربطه بمرتكب الفعل الضار علاقة تبعية بل هي لا تنصرف إلا إلى الأشخاص الذين ذكرتهم الفقرة واحد من المادة المذكورة، وهذه العلاقة تتحقق بثبوت السلطة الفعلية للمتبوع في توجيه التابع ورقابته وإصدار الاوامر إليه.

أما التشريع الفرنسي والمصري فقد تناول مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع، ولدى الرجوع إلى م/ 174 من القانون المدني المصري والتي نصت على انه:-

  1. ((يكون المتبوع مسؤولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع، متى كان واقعاً منه في حالة تادية وظيفته أو بسببها.
  2. وتقوم رابطة التبعية ولولم يكن المتبوع حراً في اختيار تابعه، متى كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه.))

أما القانون المدني الفرنسي فقد نصت م/ 1384 ف1 منه (أن المرء يكون مسؤولاً ليس فقط عن الأضرار التي يسببها للغير بفعله الذاتي، بل أيضاً عن تلك الأضرار التي تترتب على فعل الأشخاص الذي يجب أن يكون مسؤولاً عنهم، أو بفعل الأشياء الموضوعة تحت حراسته).

ولدى التأمل واستقراء النصين المذكورين نجد بأنه يكون مدعاة للشمول بحيث تتسع لكل شخص تربطه بمرتكب الفعل الضار علاقة تبعية، عندئذ تتحقق مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه. بعكس المشرع العراقي، حيث أن النص الذي وضعه المشرع لا يشمل الافراد الذين يستخدمون غيرهم في نشاطهم الخاص حتى وان كان ذلك النشاط صناعياً أو تجارياً مادام اولئك الافراد لم ينشؤوا مؤسسة صناعية أو تجارية ذات كيان مستقل ومتمتعة بشخصية معنوية خاصة، وعلى هذا فان الفقه العراقي قد اجمع على أن الفرد لا يسال عن الأفعال الخاطئة لسكرتيره أو سائقه أو خادمه أو طباخه بعكس ما هو عليه في مصر وفرنسا([25]). أما القضاء العراقي المتمثل بالمحاكم، فهي صاحبة الولاية للفصل في جميع المنازعات اياً كان نوعها، وبالتالي فانه يلزم بتطبيق نص م/ 219 من القانون المدني العراقي، والحكم بمقتضى هذا النص بأن المسؤولية كما وصفها المشرع باعتبارها مسؤولية غير مباشرة قوامها فعل الغير والتي أنظوت في الفرع الثاني من القانون المدني تحت عنوان (المسؤولية عن عمل الغير والمسؤولية عن الأشياء) وبالتالي فهي ليست مسؤولية مباشرة تقوم على أساس الفعل الشخصي عندئذ فليس هنالك أية أهمية للدرجة التي يشغلها العاملون في السلم الوظيفي، أي لا أهمية للتمييز بَيّن من هو عضو من الموظفين وبين ماهو مجرد تابع للإدارة، إلا إننا نجد بان القضاء العراقي لم يستقر في قرارته حول بيان طبيعة المسؤولية هل هي مسؤولية مباشرة أم مسؤولية غير مباشرة ولم يستقر أيضا على تطبيق م/ 219 من القانون المدني باعتبارها المادة الوحيدة التي تحكم المسؤولية فقد أعلن القضاء في مناسبات عديدة مسؤولية الحكومة على أساس المسؤولية غير المباشرة (المسؤولية عن فعل الغير) ويمكن من ذلك أن نستشهد من جانب القرارات القضائية والتي قضي بموجبها مسؤولية الحكومة على أساس المسؤولية المباشرة عن الفعل الشخصي، أي نسبة الخطأ إلى الشخص المعنوي لأجل قيام المسؤولية المدنية من دون الإشارة إلى م/ 219 من القانون المدني، والتي ايدت محكمة التمييز قضاء محكمة بداءة بغداد. والذي جاء فيه (تكون المتصرفية مسؤولة مسؤولية تقصيرية بمقتضى م/ 204 من القانون المدني عن الضرر الذي أصاب المدعيين، حيث جاء في قرار محكمة التمييز حول قرار محكمة البداءة بأنه، لدى التدقيق وجد أن المتصرفية ارتكبت خطأ في أعلانها المأجور بالمزايدة([26])).

وقضت محكمة التمييز أيضا بمسؤولية الحكومة عن مقتل احد ألافراد برصاص رجال الشرطة، وان لم يحدد الشرطي الذي أطلق الرصاصة القاتلة وجاء في قرارها (أن عدم تشخيص أفراد الشرطة الذين اوقعوا فعل القتل فلا يستلزم عدم مسؤولية المميز عليهما (وزيريّ الداخلية والمالية) بالإضافة الى وظيفتهما)([27]). إلا انه يمكن القول في الغالب يقيم القضاء المسؤولية على أساس المسؤولية غير المباشرة (المسؤولية عن فعل الغير) ونستشهد بذلك في قضية تتلخص وقائعها، تكهرب عمود للكهرباء نتيجة لحصول خلل في العازل، فاحتك به حمار فمات، اقام صاحب الحمار الدعوى على مصلحة الكهرباء مطالباً بالتعويض استناداً إلى م/ 219 من القانون المدني العراقي فردت المحكمة دعواه، ولعدم قناعة المدعي طلب تدقيقه تمييزاً ونقضه، إلا أن محكمة التمييز صدقت الحكم وقالت (أن الضرر الواقع وهو موت حماره لأحتكاكه بعمود الكهرباء نتيجة حدوث خلل في العازل لم يكن قد نشأ عن تعد وقع من احد موظفي الماء والكهرباء، كما وان الضرر كان لابد واقعاً حتى لو بذل مستخدموا الكهرباء ما ينبغي من العناية حيث لم يكن هذا الخلل ظاهراً قبل وقوع الحادث وكان على صاحب الحمار أن يعني بحماره بمنعه من التقرب والاحتكاك بعمود الكهرباء لذا يصبح الحكم المميز برد الدعوى موافقاً للقانون)([28]).

مما تقدم فاننا نرى أن الصواب في الحكم المتقدم. وما اوردته محكمة التمييز بأن حدوث الخلل في العازل الكهربائي الذي أدى إلى تسرب الكهرباء إلى العمود الحديدي يدل على وجود خطأ في ربط الاسلاك الكهربائية، أو تقصير في دقة وصيانة ذلك الربط، وهذا لا بد وان ارتكبه احد موظفي دائرة الكهرباء وان كان لا يعرف بذاته، وبالتالي لا يُعقل أن يطلب من المدعي (صاحب الحمار) أن يعنى بحماره من التقرب من الاعمدة الكهربائية، إذ ليس الاصل في تلك الاعمدة أنها مكهربة تحدث الموت ممن يلامسها، وبالتالي نرى بان التسبيب الذي اوردته المحكمة برد دعوى المدعي غير مقنع سيما وان القرار يتعلق بالمسؤولية عن الأشياء الخطرة وهذا ما بينته م/ 231 من القانون المدني العراقي والتي نصت (كل من كان تحت تصرفه الات ميكانيكية أو أشياء أخرى تتطلب عناية خاصة للوقاية من ضررها يكون مسؤولاً عما تحدثه من ضرر مالم يثبت انه اتخذ الحيطة الكافية لمنع وقوع هذا الضرر، هذا مع عدم الاخلال بما يرد في ذلك من أحكام خاصة).

ومن النص المتقدم نرى بأنه كان على المحكمة أن تأخذ ذلك بنظر الاعتبار أكثر من مسؤولية المتبوع. لذلك فاننا نرى بأن محكمة التمييز قد رجعت بقراراتها اللاحقة عما قررته في هذا الحكم المتقدم، إذ قضت (تُسأل وزارة الدفاع عن تعويض الضرر الذي أحدثه سائقها بسبب رعونته وطيشه وعدم مبالاته أثناء السياقة، ولو كان السائق قد حصل على شهادة اجتياز دورة السياقة وكانت السيارة المسلمة له صالحة للاستعمال 219 مدني عراقي)([29]).

وفي قضية أخرى قضت أيضاً (إذا كان السائق يقود سيارته بسرعة شديدة وعدم انتباه خلافاًِ للتعليمات المقررة فذلك يدلل على رعونته واستهتار بارواح الناس الأمر الذي يجعله غير اهل لقيادة السيارة ويجعل دائرتهُ الحكومية التي أستخدمته مسؤولة طبقاً للمادة 219 من القانون المدني العراقي عن تعويض الأضرار التي احدثها السائق المذكور ولا يمنع من ذلك حصول السائق على اجازة السياقة بعد اجتيازه دورة السياقة بنجاح وكون السيارة التي كان يستعملها صالحة للاستعمال)([30]).

المبحث الثاني

سلطة رجل الشرطة في استخدام السلاح والتدابير القانونية المتبعة في حالات الضرورة القصوى

سلطة رجل الشرطة في استخدام السلاح تعد موضوعاً حساساً يتطلب توخي الحذر والتدقيق القانوني العميق. في حالات الضرورة القصوى، يتم تنظيم استخدام السلاح بموجب قوانين وسياسات تهدف إلى حماية الحياة والممتلكات، مع مراعاة القيم الأخلاقية وحقوق الأفراد، وعليه سنقسم هذا المبحث على مطلبين وعلى النحو الاتي:

المطلب الاول

سلطة رجل الشرطة في أستعمال السلاح

أجاز المشرع لرجل الشرطة أستعمال السلاح في الحالات التي حددها قانون واجبات رجل الشرطة رقم 176 لسنة 1980، كما وأنهُ قيد تلك الحالات بقيود معينة فأن تجاوزها رجل الشرطة، عُد مخطئاً وتحققت مسؤوليتة الجنائية والمدنية، وبذلك فسوف نبحث عن حالات أستعمال السلاح وقيودهِ في فرعين، الأول نخصصهُ لحالات أستعمال السلاح والثاني نخصصهُ لقيود استعمال السلاح.

أولاً: حالات استعمال السلاح

سبق القول بأن المشرع أجاز لرجل الشرطة أستعمال السلاح في الحالات التي حددها قانون واجبات رجل الشرطة لمكافحة الجريمة وعلى سبيل الحصر، أجاز في بعضها حق استعمال السلاح بدون أذن من السلطات المختصة، وقيد البعض الأخر بحصول موافقتها وبالتالي سوف نعرض تلك الحالتين على التوالي:-

1- أستعمال السلاح بدون أذن من السلطات المختصة

أجازت م/3 من قانون واجبات رجل الشرطة بما يأتي:-

أولاً: يحق لرجل الشرطة أستعمال القوة دون السلاح الناري أو أستعمال السلاح الناري بالقدر اللازم بلا أمر من السلطات المختصة:-

  1. في حالة الدفاع الشرعي عن نفسهِ أو مالهِ أو نفس ِ الغير أو مالهِ.
  2. في حالة مطاردة مجرم أو متهم مسلح.

ثانياً: يجوز لرجل الشرطة أستعمال السلاح الناري أذا ما أريد بهِ دفع أحد الأمور الآتية ولو أدى ذلك الى القتل عمداً:-

  1. فعل يتخوف أن يحدث عنهُ الموت أو جراح بالغة أذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة.
  2. خطف أنسان.
  3. الحريق عمداً.
  4. القبض على مجرم أو متهم بجريمة معاقب عليها بالأعدام أوالسجن المؤبد إذا قاوم هذا المجرم أو المتهم عند القبض عليهِ أو حاول الهرب.
  5. احتلال أو تدمير المكان الذي تستقر فيهِ قوى الأمن الداخلي
  6. احتلال أو تدمير الأماكن أو المعدات او الممتلكات المسؤول عن الحفاظ عليها أو تعريض حياة الأشخاص في هذه الأماكن الى الخطر الجسيم.
  7. أرتكاب جريمة تخريب عمدي للمرافق الحيوية العامة.

مما تقدم من النص المذكور فأننا نرى بأنهُ لا حاجة لذكر الحالات في الفقرة 7,6,5 من م/3 ثانياً، لأنها تنطوي تحت حالة الدفاع الشرعي، ذلك لأنهُ في حالة الدفاع عن المكان الذي تستقر فيهِ القوات معناه الدفاع عن نفسها، بأنهُ حتى في حالة عدم وجود هذا النص، فأن مسؤولية رجل الشرطة لا تتحقق أن توفرت شروط الدفاع الشرعي، فهل بالإمكان أن يجيز المشرع حق الاستيلاء على المكان الذي تستقر فيه قوات الأمن فأذا كان الجواب بالإيجاب يعني ذلك سوف يؤدي الى سيادة الفوضى والاضطراب وهذا أمراً يأباه المشرع.

أما بالنسبة للفقرة السادسة، فأننا نرى بأنهُ أذا كان القانون قد أجاز لأي شخص حق الدفاع عن نفس الغير أو مالهِ، فأن رجل الشرطة أولى من غيرهِ بهذا الحق، إذ يمكن القول أن كان الأمر متروكاً لشهامة وشجاعة الشخص في الدفاع عن نفس الغير أو مالهِ، فأن دفاع رجل الشرطة يعد واجباً مفروضاً عليهِ. أما بالنسبة للفقرة السابعة فهي كذلك تنطوي تحت حالة الدفاع الشرعي ذلك لان الواجب الأساسي والرئيسي لرجل الشرطة هو المحافظة على الأرواح والأموال، وبالتالي فأننا لا نسجل مأخذاً على المشرع، أذ لربما لأهمية تلك الحالات وخصوصيتها أراد التأكيد عليها ثانية.

2- حالة أستعمال السلاح بأمر من السلطات المختصة

أجاز المشرع لبعض الأشخاص حق إصدار أمر الى رجال الشرطة بأستخدام السلاح، وبدونهِ لا يجوز لرجل الشرطة أستخدامهِ، وهؤلاء الأشخاص حددتهم م/4 من قانون واجبات رجل الشرطة الانفهَ الذكر وهم وزير الداخلية أو من يخولهُ، المحافظ، القائمقام ,القائد العسكري، وبالتالي فان تخويل المشرع لهؤلاء الأشخاص بحق إصدار الأمر باستخدام السلاح ليس مطلقاً بل قيدهُ بقيدين أولهما – أن تكون المنطقة المراد استعمال السلاح فيها من المناطق المعلنة فيها الحركات الفعلية، وثانياً، أن يكون هنالك اضطراب من شأنهُ تهديد النظام والأمن العام.

ونرى بأن مسألة تقدير استعمال السلاح في الحالتين المذكورتين متروكة للأشخاص المشار أليهما أعلاه، والمثال على ذلك حصول أضطرابات تؤدي الى زعزعة الأمن، فلكل من هؤلاء الحق في إصدار الأوامر الى رجال الشرطة باستخدام السلاح لتفريق تلك المظاهرات، أن لم تفد معهم الوسائل السلمية فعند ذلك يكون استعمال السلاح لازماً طبقاً لما أشترطهُ ألمشرع في الحالات التي حددها على سبيل الحصر. فأذا تجاوز رجل الشرطة تلك التي رسمها المشرع لهُ، تحققت مسؤوليتهِ المدنية الجنائية بأعتبارها اعتداء لا يحمية القانون.

ثانياً: قيود استعمال السلاح

ينبغي القول بأن حق استخدام السلاح من قبل رجل الشرطة لا يعني إباحة القتل فقد يطلق النار بقصد الحيلولة دون هروب المجرم، أو أختفائه دون أن تنصرف نيتهُ الى قتلهِ، ذلك لأن المشرع أشترط أن يكون استخدام السلاح بالقدر الضروري دون أن يجاوزه وبالتالي تتمخض مسؤوليتهُ الجنائية والمدنية، لذا فأن على رجل الشرطة أن يتخذ جميع الوسائل والسبل اللازمة لتحقيق هدفه وهو تأمين حضور المتهم الى سوح القضاء بغية إنزال العقاب أو تبرئتهِ من التهمة المنسوبة لهُ، أو استخدام السلاح الناري لغرض تفريق المظاهرات بالشكل الذي يؤمن توطيد الأمن على أن يكون أستخدام السلاح بالقدر الضروري، فلو هرب متهم مثلاً ممن أُوكِل لهُ حراستهُ فعليهِ أن يوجه لهُ أمراً بالأستسلام أو التحذير والتهديد، وأذا لم تجد هذهِ الوسائل نفعاً فلهُ حق أطلاق النار على أن لا يكون ذلك في موضع مميت، ألا في حالة أن يكون اتهامهِ بجريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد. مع ملاحظة في حالة حصول الوفاة أذا كانت نتيجة ظروف طارئة خارجة عن أرادة من أطلق النار على الرغم من اتخاذ الوسائل التي تحول دون الوصول الى هذهِ النتيجة فأنها لا تؤدي الى قيام مسؤوليتهِ الجنائية والمدنية، وهنالك قضية تتلخص وقائعها وكما قضت محكمة التمييز ((بأنهُ ظهرَ أن الخنجر كان بيد المجنى عليهِ، يمنع به الناس من التقرب اليهِ ولما أعياه التعب من المتابعة والأحجار المتساقطة عليهِ من المعقبين وقع مع الخنجر عند القناطر فتقرب اليهِ الشرطي (ع) فأخذ المتهم يهوي بخنجرهِ ذات اليمين وذات الشمال، فأصيب بذلك الشرطي (ع) بجرح مستعرض، فأطلق عليهِ المتهم وهو غير الشرطي (ع) طلقتين من مسدسهِ أرداه قتيلاً وهذهِ ثابتة بشهادة الشهود، وقد وجه حاكم الإحالة تهمة على هذه الظروف وفق م/46 ق.ع، مما يستنتج منهُ أن المجنى عليهِ كان قبل ذلك في حالة تدعو الى الاضطراب وتخُل بالأمن، الأمر الذي دعا رجال الشرطة الى متابعتهِ لألقاء القبض عليهِ حسب أحكام الأصول، إلا أن المتهم بعد أن سقط بيدهِ المجنى عليهِ وهو تعِب من الحجارة المتساقطة عليهِ، ومحاط بالجماهير، ورجال الشرطة من كل جانب كان بوسعهِ أن ينفذ أمر القبض من دون أن يقترف هذه الجريمة، وأحتياط بسيط كان يكفي للحصول على ما أَرادهُ من القبض على المجنى عليه لولا أن المتهم أخذ بهِ الطيش الى التسرع الذي أجراه فيتجاوز حدود وظيفتهُ، ولهذا فهو وأن كان ينفذ حكماً قانونيا بالقبض،ألا أن تخلصهُ من مسؤولية الجريمة يتوقف على إثبات مشروعية عملهِ وأتخاذ كل حذر وحيطة مناسبين لظروف الحادثة كما نصت عليهِ المادة 46 ق.ع، أما أنهُ قد أرتكب القتل، فلم يعد يتسنى لهُ إثبات ما أوجب عليه القانون إثباتهُ، وليس للمحكمة في مثل هذهِ الحالة من تلقاء نفسها، أن تستنبط لهُ دفعاً بعدم المسؤولية ولهذا كان قرارها مخالفاً لما نصت عليه م/46 المذكورة))([31]).

المطلب الثاني

طرائق دفع المسؤولية المنصوص عليها في قوانين عسكرية خاصة

كما بينا سابقاً بأن رجل الشرطة هو المسؤول الأول عن حفظ الآمن والنظام ونظراً لطبيعة مهام رجال الشرطة الصعبة والشاقة، فكثيراً ما يتعرضون الى أخطاء يرتكبونها وهم يمارسون واجباتهم الوظيفية المناطة بهم، حيث غالباً ما يكون الخطأ ناشئاً عن أداء وظيفتهم أو ما يتعلق بها، فأراد المشرع أن يضع لهم نصوصاً خاصة تبين أنواع الجرائم الموجبة لمسؤوليتهم، ولدى، الرجوع الى قانون أصول المحاكمات العسكرية رقم 44 لسنة 1941 وقانون التبليغات للعسكريين يتبين من هذين القانونين بأن المشرع قد ميز بين نوعين من الجرائم.

  1. الجرائم العادية التي لا علاقة لها بالوظيفة
  2. الجرائم الناشئة عن الوظيفة

فالنوع الأول: من الجرائم التي لا علاقة لها بالوظيفة يترتب على حدوثها مقاضاة رجل الشرطة أمام المحاكم المدنية، شأنهُ في ذلك شأن الأفراد العاديين([32]). ألا انهُ على الرغم من جواز المشرع محاكمة رجل الشرطة في الجرائم غير العسكرية أمام المحاكم المدنية، فقد قيد هذا الأمر بلزوم أتباع ما أشترطهُ قانون التبليغات العسكرية رقم 106 لسنة 1960، حيث ألزم في المادة الثانية منهُ بعدم جواز التكليف بالحضور، أو القاء القبض أو تبليغ رجل الشرطة من أية سلطة ألا بعد أستحصال موافقة وزير الداخلية او من يخولهُ، ويتضح من ذلك بأنهُ لا يجوز لقاضي التحقيق أو المحقق أو الشرطة أو المحاكم الأخرى إلقاء القبض أو أن تقوم تبلِيغ رجل الشرطة أو تكليفهُ بالحضورألا إذا وافقت السلطات التي خولها القانون المذكور، وبغير موافقة تلك السلطات تعتبر التبليغات غير قانونية، طبقاً للمادة 3 من قانون التبليغات القانونية للعسكريين، ولم يقف هذا النص عند حد أخذ موافقه وزير الداخلية أو من يخولهُ عند التبليغ أو القبض أو الإحالة، بل أجاز لوزير الداخلية تأجيل البت في الطلب، على أن يستند في ذلك الى أسباب معقولة يخبربها الادعاء العام، ولم يبيِّن المشرع ماهية الأسباب التي تعتبر معقولة بل تركها لسلطة الوزير التقديرية، ويعتبر القرار الصادر بهذا الشأن قطعياً.

أما النوع الثاني: فهي الجرائم الناشئة عن الوظيفة: أعتبر المشرع صدور قرار من الوزير بعدم الإجابة مانعاً من إجراءات التعقيبات القانونية قبل رجل الشرطة عن تلك الجريمة في المستقبل، كما أجاز المشرع عدم الإجابة إذا كانت الجريمة من نوع المخالفات أو الجنح غير المخلة بالشرف، ومن مفهوم المخالفة لهذا النص يبدو أنهُ لا يحق للوزير عدم الإجابة على الطلب الذي يتقدم بهِ الإدعاء العام لغرض أتخاذ الإجراءات القانونية، قبل رجل الشرطة، أذا كانت الجريمة المرتكبة من الجنايات وليس لها علاقة بالجرائم العسكرية المرتبطة بالوظيفة أو بسببها أو أذا كانت مخلة بالشرف. مما تقدم وبعد أن استعرضنا بصورة موجزة أنواع الجرائم والمرتكبة من قبل رجل الشرطة ومدى إسباغ المشرع حمايتهُ على النوع الثاني منها، لابد من أن نتساءل ونحن بصدد البحث عن موانع المسؤولية، ما المقصود بإيقاف التعقيبات القانونية([33]) الواردة في المادة الثانية من قانون التبليغات القانونية للعسكريين، وهل أن إيقافها يعني إعفاء رجل الشرطة من المسؤولية الجنائية والمدنية معاً أم من المسؤولية الجنائية فقط،لاشك أنهُ إذا وقعت جريمة معينة نشأت الدعوى العامة وأمكن عقاب الجاني، وبالتالي على الادعاء العام اتخاذ الإجراءات اللازمة بتحريك الدعوى العامة، وطلب التعقيبات، ونظراً الى أن حق العقاب خاص بالهيئة الاجتماعية فلا يجوز بذلك للمدعى العام أن يتنازل عن الدعوى العامة ولا عن أي جزء من إجراءاتها، ألا أن المشرع رأى ولأسباب تتعلق بالصالح العام أنهُ يجوز لوزير الداخلية أن يأمر بإيقاف التعقيبات القانونية بصورة مؤقتة أو نهائية قبل رجل الشرطة، وقد أوجب المشرع على مدير الدائرة القانونية في حالة وقف الإجراءات القانونية بصورة مؤقتة، أن يطلب من وزير الداخلية إصدار أمرهُ بأستئناف الإجراءات القانونية من النقطة التي وقفت عندها، أو تبديل الوقف المؤقت للإجراءات الى وقف نهائي. وقد قيد المشرع حق الوزير في إيقاف التعقيبات القانونية بالجرائم العادية غير المخلة بالشرف، ويكون لقرار الوزير بوقف الإجراءات القانونية نهائياً نفس الآثار التي تترتب على الحكم بالبراءة([34]). ألا أن الحكم بالبراءة لا يمنع المدعي بالحق المدني المطالبة بالأضرار الناشئة أمام المحاكم المدنية وهذا ما أشار أليهِ قانون أصول المحاكمات العسكرية رقم 44 لسنة 1941 حيث نصت م/119 ف5 على أنهُ ((لا يمنع وقف الإجراءات القانونية المتضرر من مراجعة المحكمة المدنية للمطالبة بالرد أو التعويض)) ونرى في هذا النص ما تقضي بهِ العدالة، حيث ما ذنب المضرور من أن يفقد حقهُ في المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابهُ من جراء خطأ رجل الشرطة.

أما بالنسبة لدفع المسؤولية بموجب قانون المرور رقم 86 لسنة 2004، فأن مديرية المرور العامة هي إحدى التشكيلات التابعة لوزارة الداخلية والمرتبطة بوكيل الوزارة مباشرة([35]). ولكي تستطيع القيام بواجباتها فأن ذلك يتطلب أن تكون لها سلطة قانونية تستطيع من خلالها فرض بعض العقوبات على الأشخاص الذين يقومون بخرق تلك القواعد المقررة بموجب القانون المذكور، لذلك فان المشرع حسناً فعل بمنح ضابط المرور سلطة قاضي جنح لغرض فرض الغرامات عن المخالفات التي تقع أمامهُ حيث نص القسم رقم (20) من قانون المرور النافذ على انه ((

  1. ليس من حق اي ضابط شرطة ومن ضمنهم ضابط شرطة المرور طلب او قبول النقود او الدفع لاي نوع من المخالفات المرورية، وتدفع جميع مبالغ الغرامات مباشرة الى ضابط الحسابات في مقر القاطع خلال (30) ثلاثين يوماً من تاريخ ارتكاب المخالفة.
  2. لضابط المرور كما تم تعريفه في القسم الاول (1) من الفقرة (15) خمسة عشر من هذا القانون سلطة قاضي جنح في فرض العقوبات على المخالفات التي تقع امامه والمنصوص عليها في الفقرة (27) في الملحق (أ) من هذا القانون اما بقية مخالفات القانون والتي تكون عقوبتها الحبس سوف يتم النظر فيها من قبل محكمة مختصة (وليس لجنة الإستئناف).
  3. في حالة عدم دفع الغرامة المفروضة خلال المدة المنصوص عليها في الفقرة (1) من هذا القسم يتم مضاعفة مبلغ الغرامة ولمرة واحدة ويتم تاشيرها على قيد المركبة في الحاسبة.
  4. للسائق المخالف حق الاعتراض على قرار الحكم بالمخالفة المفروضة لدى لجنة الاعتراض المشكلة في دائرة المرور المختصة بعد دفع مبلغ قدره (5000) خمسة الاف دينار عراقي (كرسوم) ولوزير الداخلية صلاحية اصدار التعليمات الخاصة بلجنة الاعتراض ويكون تعيين اعضاء لجنة الاعتراض من قبل وزير الداخلية او من يخوله قانوناً ويكون اعضاء لجنة الاعتراض كالاتي: ضابط من الشؤون الداخلية، ممثل المجلس الاستشاري، ممثل عن المجتمع. ويسقط حق المخالف في الاعتراض خلال مدة اسبوعين من تاريخ المخالفة وللجنة الاعتراض حق تعديل او الغاء او المصادقة على الغرامة المفروضة.
  5. يوضع قرار الحكم على الزجاجة الامامية للسيارة في حالة عدم وجود السائق ويبلغ السائق المخالف بقرار الحكم واستلامه نسخة منه عند وجوده وفي حالة امتناعه او تهربه عن التبليغ واستلام قرار الحكم يعتبر متبلغاً به.
  6. اذا ارتكب السائق احدى المخالفات المنصوص عليها في الفقرة (27) السابعة والعشرين من الملحق (أ) من هذا القانون حيث كان يقود سيارة تعود لدائرة رسمية او شبه رسمية ولم يدفع الغرامة خلال المدة المقررة تقوم دائرة المرور باشعار دائرته بدفع الغرامة المفروضة عليه ثم تقوم باستيفائها من راتبه ويرسل المبلغ الى مديرية المرور المختصة.
  7. اذا ارتكب السائق احدى المخالفات المنصوص عليها في الفقرة (27) السابع والعشرين من الملحق (أ) من هذا القانون حيث كان يقود سيارة تحمل لوحات ادخال كمركي مؤقت ولم يدفع الغرامة خلال المدة المقررة تقوم دائرة المرور باشعار دائرة الكمارك لغرض استيفائها منه ويرسل المبلغ الى مديرية المرور المختصة)).

ألا أنهُ قيَّد ذلك في بعض المخالفات والتي حددّها على سبيل الحصر([36]) كما منح المشرع ضابط المرور صلاحية سحب السيارة وحجزها عند وقوفها في الأماكن غير المخصصة للوقوف ولكن قد يترتب على إجراءات سحب السيارة وحجزها بعض الأضرار فقد تكون السيارة المحجوزة معدة للنقل أو الأجرة أو قد تكون معدة لأعمال خاصة، فأن حجزها قد يؤدي الى خسارة لمالكها، أو الى حدوث تلف أو عطب في بعض أجزائها. فتتيح لهم الفرصة بمقاضاة مديرية المرور العامة مطالبين إياها بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم جراء سحب سياراتهم أو حجزها، فهل تلتزم مديرية المرور العامة بالتعويض عن الأضرار الناشئة عن السحب أو الحجز؟ فأن ذلك يقتضي التمييز بين حالتين: –

الحالة الأولى: –

أن تكون الأضرار الناجمة عن سحب السيارة أو حجزها غير متعمدة من قبل رجل المرور، كأن تكون قضاءً وقدراً في هذه الحالة لا يسأل رجل المرور عن التعويض الذي ينجم عن خطئه غير المتعمد.

الحالة الثانية: –

أن تكون الأضرار الناجمة عن سحب أو حجز السيارة متعمد من قبل رجل المرور، عندئذ يسأل عنها ويلزم بالتعويض، وفي هذه الحالة فالمتضرر الخيار في أقامة الدعوى، فأن شاء أقامتها على مديرية المرور العامة أو على رجل المرور كلٌ على انفراد أو كلايهما معاً، على اعتبار أن مديرية المرور العامة هي المسؤولة عن أخطاء رجالها مسؤولية تبعية وهذا ما نصت عليه م/32 ف3 من قانون المرور الذي جاء مطابقاً لما جاء به قانون المرور الملغي رقم 48 لسنة 1971 في م/ 32 فقرة (2) بأنهُ ((شرطة المرور غير مسؤولة عن أية أضرار غير متعمدة تصيب السيارة أثناء سحبها أو حجزها)) ويتضح من النص المتقدم بأن المشرع العراقي قد أشار الى الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي وندعو المشرع العراقي الى إبراز نظرية الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي سيما في التشريعات العسكرية تحقيقاً للعدالة والمساواة.

الخاتمة

استناداً الى هذه الدراسة حول المسؤولية المدنية لرجل الشرطة، يمكن استخلاص عدة استنتاجات وتوصيات مهمة، وعلى النحو الاتي:

أولاً، تتطلب القوانين المعمول بها تقديم الشفافية والمساءلة في حالات الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها أفراد الشرطة.

ثانياً، يجب أن تتم إجراءات التحقيق والمحاكمة بناءً على الأدلة القانونية القوية لضمان العدالة وحماية حقوق الأفراد.

ثالثاً، من المهم تعزيز التدابير التأديبية والتدريب المستمر لأفراد الشرطة لتقليل حدوث الأخطاء وتعزيز الوعي بالمسؤولية القانونية. رابعاً، ينبغي تعزيز التعاون مع المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية لضمان متابعة الحالات والحفاظ على الشفافية.

وبالنظر إلى ذلك، يمكن أن تكون التوصيات كالتالي:

أولاً، ينبغي تحديد إطار قانوني دقيق ينظم إجراءات التحقيق والمحاكمة لضمان العدالة.

ثانياً، يجب تطوير برامج تدريبية متقدمة لتعزيز الوعي بالمسؤولية القانونية بين رجال الشرطة.

ثالثاً، ينبغي تعزيز الآليات التأديبية لتطبيق العقوبات بشكل فعال وموضوعي.

رابعاً، يجب تعزيز دور المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية في مراقبة ومتابعة حالات الإساءة والأخطاء.

خامساً: يجب تكثيف الجهود لتعزيز الثقة والتعاون بين الشرطة والمجتمعات التي تخدمها، من خلال تعزيز الشفافية والتواصل المستمر.

المصادر والمراجع

القرآن الكريم

الكتب:

حسن علي الذنون، اصول الالتزام، مطبعة المعارف، بغداد، 1970

د. انور سلطان، مصادر الالتزام في القانون الأردني، منشورات الجامعة الأردنية/ عمان، 1987م.

د. سعاد الشرقاوي، المسؤولية الإدارية، دار المعارف مصر 1972م.

د. سليمان محمد الطماوي، الوجيز في القضاء الإداري، القاهرة، 1972م.

د. صلاح الدين الناهي، مبادئ الالتزام، مطبعة سلمان الاعظمي، بغداد، 1968م.

د. ماجد راغب الحلو ود. محمد رفعت عبد الوهاب ضرورة استقلال واختصاص القضاء الإداري حتى بالنسبة لمسؤولية الدولة عن الأعمال المادية لموظفيها، القضاء الإداري (دار المطبوعات)، الجمعية (الإسكندرية)، 1994م.

د. محمد فؤاد مهنا، مسؤولية الإدارة في تشريعات البلاد العربية، 1950م.

عادل الطائي، المسؤولية المدنية للدولة عن أخطاء موظفيها، دار الثقافة والنشر، عمان 1999م.

عبد الامير العكيلي، أصول الاجراءات الجنائية في قانون أصول المحاكمات الجزائيـة، الجزء الاول، مطبعة المعارف، بغداد، 1975م.

عبد الرزاق السنهوري، مصادر الالتزام الوسيط، ج1، الطبعة الثانية، دار أحياء التراث العربي، بيروت، 1973م.

عبد المجيد الحكيم، مصادر الالتزام، شركة الطبع والنشر الاهلية، بغداد، 1969م.

مارسلون، بروس برينس، جي بريبان، أحكام المبادئ في القضاء الإداري الفرنسي، ترجمة احمد يسري، منشأة المعارف بالاسكندرية، 1991م.

مجلس الدولة الفرنسي، مجموعة سيري، 1873، القسم الثالث.

محمد فؤاد مهنا، مسؤولية الادارة في تشريعات البلاد العربية، القاهرة، 1972م.

الاحكام والأنظمة:

محكمة التمييز في 5/3/1957، أحكام القضاء العراقي، ج1 (1962).

محكمة التمييز في 5/10/1958 القضاء المدني العراقي ج1، 1962م.

مجلس الدولة المصري في 18/11/1964 مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع لمجلس الدولة في خمسة عشر عاماً، رقم 1587م.

القرارات

قرار محكمة التمييز في 6/6/1954 القضاء المدني العراقي ج1 سلمان بيان، 1962م.

قرار محكمة التمييز في 4/4/1984 المبادئ القانونية لقضاء محكمة التمييز، القسم المدني، 1988م.

قرار محكمة التمييز في 27/1/1982 المبادئ القانونية لقضاء محكمة التمييز، القسم المدني، 1988م.

قرار محكمة التمييز في القضية المرقمة 105.

القوانين:

قانون وزارة الداخلية رقم 183 لسنة 1980م.

قانون المرور النافذ رقم 86 لسنة 2004م.

قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم 106 لسنة 1989م.

قانون أصول المحاكمات العسكرية رقم 44 لسنة 1941م.

الهوامش:

  1. (1) د. عادل الطائي، المصدر السابق، ص 101.
  2. () د. انور سلطان، مصادر الالتزام في القانون الأردني، منشورات الجامعة الأردنية/ عمان، 1987، ص314.
  3. () قضت محكمة النقض بأنه وان كان لجهة الإدارة الحرية في إدارة المرافق العامة وحق تنظيمها والاشراف عليها إلا أن ذلك لا يمنع القضاء، على ما جرى به قضاء هذه المحكمة، من حق التدخل لتقرير مسؤولية الإدارة عن الضرر الذي يصيب الغير متى كان ذلك راجعاً إلى اهمالها أو تقصيرها في تنظيم شؤون المرفق العام أو الإشراف عليه وانتهت المحكمة إلى تقرير مسؤولية الإدارة عن حادث مقتل شرطي كان في حراسة احد البنوك بمدينة السويس، على يد بعض جنود الجيش البريطاني، وذلك تأسيساً على عدم اتخاذ الإدارة الاحتياطات اللازمة بحماية رجال البوليس إذ أن المقام يقتضي تعيين جنديين أو أكثر في منطقة الحراسة حتى كان يمكن تلافي موقع الحادث، عن د. عبد الرزاق الستهوري، المصدر السابق، ص 616.
  4. () د. سليمان محمد الطماوي، الوجيز في القضاء الإداري 1970، ص 710 ومابعدها.
  5. () د. عادل الطائي، المصدر السابق، ص 108.
  6. ()المصدر نفسه، ص 104.
  7. () عبد الرزاق السنهوري، المصدر السابق، ص 915.
  8. () د. محمد فؤاد مهنا، مسؤولية الإدارة في تشريعات البلاد العربية، 1950 ص 229، د، سليمان الطماوي، بدوره فانه لا ينكر استقلال (قواعد المسؤولية الادارية) فهو يرد على الحجج التي قدمها انصار استقلال قواعد تلك المسؤولية بأنها غير مقنعة، وليس فيها وعلى الخصوص ما يقطع باستيعاب واستبعاد القواعد المدنية في هذا المجال، الوجيز في القضاء الإداري 1970، المصدر السابق، ص 627.

    – بل أن المؤلف يعود وفي المرجع نفسه ص 710 ليثبت بان مسؤولية الإدارة لا تكون مباشرة إلا في الحالة التي لايمكن فيها نسبة الخطأ إلى موظف معين بذاته وهي كما يقول، اقل تطبيقاً في العمل فان ثمة أمور أحتفظ بها القضاء العادي وعلى الرغم من أنها تندرج في نطاق الاختصاص الإداري ويمكن رد ذلك إلى طائفتين طائفة ورد بها نص صريح، والطائفة الثانية يرجع اصلها الى سبب تاريخي يتصل بإنشاء القضاء الإداري في أول الأمر كامتياز للإدارة.

  9. () مجلس الدولة الفرنسي، مجموعة سيري، 1873، القسم الثالث، ص 153، مع تقرير المفوض (David) عن مارسلون، بروس برينس، جي بريبان، أحكام المبادئ في القضاء الإداري الفرنسي، ترجمة احمد يسري، منشأة المعارف بالاسكندرية، 1991، ص 19.
  10. () انظر عرض هذه الحجج عند د. محمد فؤاد مهنا، المصدر السابق، ص 228.
  11. () مارسولون، أحكام المبادئ في القضاء الإداري الفرنسي، المصدر السابق، ص 22، يؤيد كل من د. ماجد راغب الحلو ود. محمد رفعت عبد الوهاب ضرورة استقلال واختصاص القضاء الإداري حتى بالنسبة لمسؤولية الدولة عن الأعمال المادية لموظفيها، القضاء الإداري (دار المطبوعات)، الجمعية (الإسكندرية)، 1994، ص 219 ومابعدها.
  12. () د. عبد الرزاق السنهوري، المصدر السابق، فقرة 542 ص 915.
  13. () المصدر نفسه، فقرة 688 ص 1177.
  14. () د. سعاد الشرقاوي، المسؤولية الإدارية، دار المعارف مصر 1972 ص 110.
  15. () مجلس الدولة المصري في 18/11/1964 مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع لمجلس الدولة في خمسة عشر عاماً، أبو شادي، رقم 1587، ص 2587.
  16. () مازووتنك في معرض التهكم على القول بقصر تطبيق م/ 1384 على الإنسان يقولون (لماذا لا يقتصر تطبيق النص على جنس الذكور فقط) المطول في المسؤولية ج2 ص 963. عن الدكتور عادل الطائي، المصدر السابق ص 120.
  17. () Chapus، المصدر السابق، فقرة 215 ص 229 وما بعدها وفقرة 211 ص 231 ومابعدها.
  18. () Chapus، المصدر السابق، فقرة 196 ص 216 ومابعدها.
  19. () Chapus،المصدر السابق، ص 222.
  20. () انظر قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم 106 لسنة 1989 لينص على إنشاء محكمة القضاء الإداري ويحدد اختصاصاتها على النحو التالي وما نصت عليه م/ 7 منه (تختص محكمة القضاء الإداري بالنظر في صحة الاوامر والقرارات الإدارية التي تصدر عن الموظفين والهيئآت في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي، بعد نفاذ هذا القانون التي لم يعيّن مرجع الطعن فيها).
  21. () د. صلاح الدين الناهي، مبادئ الالتزام، مطبعة سلمان الاعظمي، بغداد، 1968 ص 201
  22. () المصدر نفسه، فقرة 442 ص 426.
  23. () د. عادل الطائي، المصدر السابق، ص 128.
  24. () د. عبد المجيد الحكيم، المصدر السابق، ص 576.
  25. () د. حسن ذنون، المصدر السابق، فقرة 307 ص 290.
  26. () محكمة التمييز في 5/3/1957، أحكام القضاء العراقي، ج1 (1962)، عبد العزيز السهيل، ص 299
  27. () محكمة التمييز في 5/10/1958 القضاء المدني العراقي ج1، 1962، سلمان بيات، ص 299.
  28. () قرار محكمة التمييز في 6/6/1954 القضاء المدني العراقي ج1 سلمان بيان، 1962 ص 296.
  29. () قرار محكمة التمييز في 4/4/1984 المبادئ القانونية لقضاء محكمة التمييز، القسم المدني، 1988، إبراهيم المشاهدي، ص 625.
  30. () قرار محكمة التمييز في 27/1/1982 المبادئ القانونية لقضاء محكمة التمييز، القسم المدني، 1988، إبراهيم المشاهدي، ص 626.
  31. (1) قرار محكمة التمييز في القضية المرقمة 105 / ج عن الأستاذ سلمان بيات، المصدر السابق، قانون العقوبات ج1 ص70
  32. (1) نصت م/19 من قانون أصول المحاكمات العسكرية رقم 44 لسنة 1941 المعدل على ما يلي:-

    أذا وقعت الجريمة المنصوص عليها في قانون العقوبات العسكري، أو قانون العقوبات البغدادي او القوانين العقابية الخاصة الاخرى من قبل عسكري ولم يترتب عليها حق شخصي للأفراد، فتجري محاكمتهُ في المحاكم العسكرية.

    أذا وقعت الجريمة المنصوص عليها في القوانين العقابية المرعية، عدا قانون العقوبات العسكري من قبل عسكري ضد عسكري أخر سواء أكانت متعلقة بالوظيفة أو بغيرها فالنظر فيها من اختصاص المحاكم العسكرية، ألا انهُ يجوز للمحاكم العسكرية أو السلطات العسكرية المختصة إيداعِها الى المحاكم العامة للبت فيها.

    تختص المحاكم العسكرية في نظر الجرائم في الحالتين الآتيتين

    أذا وقعت الجريمة في المناطق المعلنة فيها حالة الطوارئ.

    أذا وقعت الجريمة في المناطق التي تجري فيها الحركات الفعلية ولا توجد فيها محكمة مدنية آنيا.

    تختص المحكمة المدنية في نظر الجرائم في الحالتين الآتيتين.

    إذا كانت الجريمة مرتكبة من عسكري ضد مدني.

    عند قرار السلطة العسكرية إيداع القضية الى محكمة مدنية.

    إذا وقعت الجريمة من قبل مدني ضد عسكري فلا يحاكم المدني ألا في المحاكم المدنية.

  33. (1) المقصود بإيقاف التعقيبات القانونية، هو قرار يقصد بهِ منع الاستمرار بالدعوى الجزائية، د.عبد الأمير العكيلي، المصدر السابق ص189
  34. (2) نصت م/119 من قانون أصول المحاكمات العسكرية رقم 44 لسنة 1941 على انه ((

    1- عند تحقق المصلحة العامة لوزير الدفاع ان يأمر بوقف اجراءات التحقيق او المحاكمة بصورة نهائية او مؤقتة بحق اي عسكري قبل صدور الحكم، وعلى مجلس التحقيق او المحكمة تنفيذ هذا الأمر حالاً وإطلاق سراح العسكري ان كان موقوفاً.2- عند انتهاء المدة المعينة لوقف الاجراءات القانونية المؤقتة على مدير الدائرة القانونية ان يطلب من وزير الدفاع اصدار أمره باستئناف الإجراءات القانونية من النقطة التي وقف عندها او تبديل الوقف المؤقت للاجراءات الى وقف نهائي لها.

    3- لا توقف الاجراءات القانونية في القضايا المتعلقة بالجرائم المخلة بالشرف.

    4- يكون القرار الصادر بوقف الاجراءات القانونية نهائياً. نفس الاثار التي تترتب الحكم بالبراءة.

    5- لا يمنع وقف الاجراءات القانونية المتضرر من مراجعة المحكمة المدنية للمطالبة بالرد او بالتعويض.

  35. (1) نصت م/22 من قانون وزارة الداخلية رقم 183 لسنة 1980 بالقول ((مديرية المرور العامة ويرأسها مدير عام يرتبط بوكيل الوزارة مباشرة وتتولى تنظيم المرور وضبط حركة السير وتسجيل المركبات والقيام بالمهام الأمنية والإجراءات الفنية والإدارية والمالية والعدلية ضمن أختصاصها)).
  36. (1) أنظر الفقرات (26، 27، 28، 29، 30) من الملحق (أ) من قانون المرور النافذ رقم 86 لسنة 2004م.