نظرية الظروف الاستثنائية في التشريع والفقه والقضاء
تحسين جعفر يحيى الرستم1
1 الجامعة الإسلامية في لبنان، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم القانون العام.
اشراف الأستاذ الدكتور: خالد الخير
HNSJ, 2024, 5(7); https://doi.org/10.53796/hnsj57/32
تاريخ النشر: 01/07/2024م تاريخ القبول: 15/06/2024م
المستخلص
هدف هذا البحث الى دراسة المدى الذي تحظى به نظرية الظروف الاستثنائية التي تطبق على قرارات الإدارة في ظل ظروف استثنائية، ومدى خضوعها للرقابة القضائية، كونها تمثل الوسيلة الفعالة والضمان الحقيقي لصيانة الحريات العامة للأفراد، بما تُلزم الإدارة به من الخضوع لحكم القانون. اتبع البحث المنهج تحليلي. توصل البحث الى عدة نتائج أهمها أن من ابرز النظم الاستثنائية المعتمدة لمواجهة الظروف الاستثنائية التي تهدد الدولة وشعبها ، تتمثل في نظام الاحكام العرفية العسكرية التي تفرض في حالة الحرب ومناطقها، وانظمة الاستثناء الدستورية ، كما في مضمون المادة (16) من الدستور الفرنسي لعام 1958 ، على سبيل المثال لا الحصر، بالإضافة الى انظمة الاستثناء التشريعية ، كما في مضمون قوانين الطوارئ والسلامة الوطنية. خرجت الدراسة بعدة توصيات أهمها ضرورة ان يركن المشرع الدستوري العراقي الى اعتماد رقابة القضاء الإداري لأنها تدخل ضمن اختصاصه ، على وفق نص البند ( ثانيا) من المادة السابعة من قانون التعديل الثاني رقم 106 لسنة 1989 لقانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 .
الكلمات المفتاحية: نظرية الظروف الاستثنائية، التشريع، الفقه، القضاء
The theory of exceptional circumstances in legislation, jurisprudence and judiciary
Tahseen Jaafar Yahya Alrsteem1
1 The Islamic University of Lebanon, Faculty of Law and Political Science, Department of Public Law.
HNSJ, 2024, 5(7); https://doi.org/10.53796/hnsj57/32
Published at 01/07/2024 Accepted at 15/06/2024
Abstract
The aim of this research is to study the extent to which the theory of exceptional circumstances applies to administration decisions under exceptional circumstances, and the extent to which it is subject to judicial oversight, as it represents the effective means and real guarantee for preserving the public freedoms of individuals, by requiring the administration to submit to the rule of law. The research followed an analytical method. The research reached several results, the most important of which is that among the most prominent exceptional systems adopted to confront the exceptional circumstances that threaten the state and its people, are the military martial law system that is imposed in the event of war and its areas, and the constitutional systems of exception, as in the content of Article (16) of the French Constitution of 1958, For example, but not limited to, in addition to legislative exception systems, as in the content of emergency and national safety laws. The study came out with several recommendations, the most important of which is the need for the Iraqi constitutional legislator to rely on the oversight of the administrative judiciary because it falls within its jurisdiction, in accordance with the text of Clause (Second) of Article Seven of the Second Amendment Law No. 106 of 1989 to the State Shura Council Law No. 65 of 1979.
Key Words: The theory of exceptional circumstances, legislation, jurisprudence, judiciary
المقدمة:
تتجسد وظيفة الإدارة الأساسية في ظل الظروف العادية الحفاظ على النظام العام في الدولة إلى جانب تامين سير المرافق العامة بما تتمتع به من وسائل القانون العام وامتيازات السلطة العامة في حدود المبادئ والقواعد القانونية والضوابط التي تتضمنها التشريعات العادية التي تحكم نشاطها المتنوع في الظروف العادية والأوضاع المقررة سلفا وفي ظل احترام كامل لمبدأ المشروعية وخضوع أعمال الإدارة لرقابة القضاء الإداري، والأصل في القوانين والأنظمة أنها توضع في الدولة لكي تطبق على الأوقات والظروف العادية حيث تسير الأحوال في مجراها الطبيعي العادي وضمن رؤية وتصور واضع القاعدة القانونية المتناسبة، مع تلك الظروف وما على السلطة الإدارية سوى الالتزام بتلك القواعد النافذة.
إلا أن غالباً ما تواجه الدولة بأسرها أو أقليم معين فيها ظروف استثنائية طارئة غير متوقعة وغير محتسبه مسبقاً. كحالة وقوع حرب أو كوارث طبيعية أو أنتشار أو ظهور أوبئة تهدد الصحة العامة أو أزمات داخلية تهدد الأمن والنظام العام مما قد يظهر ذلك عجز أو قصور في القواعد القانونية العادية من مواجهة تلك الظروف الاستثنائية المستجدة وإيجاد الحلول السريعة والفعالة لها، لا بل قد تضيق هذه القواعد القانونية بالتطبيق العملي أو يضيق التطبيق بها بما لا يمكنها التقيد الدقيق بمبدأ المشروعية كما هو عليه الحالة في الظروف العادية الأمر الذي يؤدي إلى الخروج على هذا المبدأ ونسفه بمعناها التقليدي المطلق المعروف في الظروف العادية والعودة إلى نظام الدولة البوليسية، لذلك فقد أجيز للإدارة ومن قبيل حماية مصالـح الـدولة، أن تتحرر من القواعد العامة وتخرج في تصرفاتها بعيداً للحد الذي قد تتجاوز فيه القواعد القائمة بل ومخالفتها ضمناً أو صراحة، ولا تثريب عليها في ذلك من حيث المبدأ بالقدر اللازم لمواجهة الظروف الاستثنائية الحاسمة وبمعنى أخر أن يتسع مبدأ المشروعية ليشمل هذا الجانب الاستثنائي بما يمكن الإدارة من التصرف بقدر من الحرية والمرونة العالية ومنحها بعض السلطـات الخاصـة عـلى النحو الذي وأن كان يتعارض مع قواعد المشروعية العادية إلا أنه يظل مع ذلك أمراً قانونياً ومشروعاً وذلك في إطار مشروعية الأزمات أو المشروعية الاستثنائية، وتأصيلاً لذلك شيد الفكر القانوني نظرية عامة امتدت إلى جوانب القانون كافة لتكون أساساً قانونياً مبرراً لكل خروج على الحدود التي وضعتها القوانين الوضعية القائمة. وهي ما تمثلت بنظرية الظروف الاستثنائية. الأمر الذي يملي أمكان تحرر السلطة الإدارية من هذه القواعد بالمقدار الذي تواجه به الموقف الاستثنائي الخطير حتى لا يلفت الزمام من يدها ، حيث أن إن دولة القانون هي الدولة التي تلتزم بالقانون في كافة نشاطاتها عن طريق قواعد قانونية تتخذ منها ضابطاً في كافة تصرفاتها وقد أكدت التشريعات الحديثة هذا المبدأ ومن البديهي أن الجميع على علم أن القوانين تصاغ لمواجهة الظروف العادية فيكون عليها الالتزام بالقوانين في كل وقت، إلا أنه من المسلم به أن الدولة قد تعتريها من حين لآخر ظروف غير عادية كالزلازل والبراكين أو الفيضانات أو حالات الحرب وكل ما من شأنه أن يهدد أمن الأفراد وسلامتهم، فيعترض مبدأ المشروعية ظروف غير عادية وأزمات يصعب مواجهتها بالقوانين العادية، ولكي تكون الدولة مستعدة لمواجهة هذه الظروف اتجه الفقه والتشريع إلى منح الجهاز التنفيذي صلاحيات الخروج عن القوانين التي تسن في الأوقات العادية واتخاذ تدابير غير اعتيادية لمواجهة هذه الظروف وهذا ما تقرره حالة الظروف الاستثنائية .
أهمية البحث
إن أولوية تلك الدراسة في المدى الذي تحظى به نظرية الظروف الاستثنائية التي تطبق على قرارات الإدارة في ظل ظروف استثنائية، ومدى خضوعها للرقابة القضائية، كونها تمثل الوسيلة الفعالة والضمان الحقيقي لصيانة الحريات العامة للأفراد، بما تُلزم الإدارة به من الخضوع لحكم القانون.
فالسلطة الإدارية تمتلك عدة امتيازات تلجأ إليها عند مباشرتها لاختصاصاتها، وهذه الامتيازات تمثل وسائل استثنائية مغايرة لنطاق القانون الخاص، وتعود حكمة تقرير هذه الامتيازات إلى أن الإدارة تهدف دائماً في مباشرة نشاطها المنفعة العامة وتقديمها على المصالح الخاصة للأفراد أثناء التعارض.
إشكالية البحث:
أثناء تطبيق نظرية الظروف الطارئة؛ نقوم بالتضحية في الجزء من أجل الكل، أي نضحي حقوق وحريات فردية من اجل الحفاظ على استمرارية بقاء الدولة، فيتوجب أن يكون تطبيق نظرية الظروف الاستثنائية مستمر ببقاء الظرف الاستثنائي، عكس اغلب دول العالم الثالث، عندما تعلن حالة الطوارئ تكون سلطاتها المختصة غير ملزمة بمدة محددة لها وقد تستمر لعدة السنوات، وانطلاقاً من ذلك تثور إشكالية هذا البحث المتمثلة بعدة تساؤلات وهي:
- ما هي أسس نظرية الظروف الاستثنائية؟
- ما هي التطورات التي مرت بها هذه النظرية؟
- ما هي تطبيقات هذه النظرية في التشريعات الحديثة؟
منهجية البحث:
نتبع في هذا البحث المنهج تحليلي، والذي يقوم على استقراء القرارات الدستورية والقانونية المنظمة للظروف الاستثنائية، وكذلك دراسة محتوى الرقابة القضائية التطبيقي على القرارات الإدارية، دراسة تعتمد على تسجيل الوقائع وعلى الأسس التي نظمت واقعيا لممارسة أعمال الرقابة هذه، وكل هذا في محاولة للخروج بنتيجة لحدودها الواقعية والانتهاء إلى أفضل الطرق بتوفير أعلى قدر من المشروعية خلال الظروف الاستثنائية.
المطلب الأول
أساس نظرية الظروف الاستثنائية ومفهومها
تعددت الآراء وتنوعت حول المقصود بنظرية الظروف الاستثنائية وأثارت هذه النظرية الجدل في كثير من الأحيان واختلفت الآراء في تحديد ماهيتها والأسباب التي تدور حول نشأتها لذلك سنتعرف خلال دراستنا هذه إلى أساس نظرية الظروف الاستثنائية (فرع أول) ومفهوم هذه النظرية لغةً واصطلاحاً (فرع ثاني).
الفرع الأول
أساس نظرية الظروف الاستثنائي
اختلفت الآراء وتباينت بشأن أساس نظرية الظروف الطارئة وربما يرجع السبب إلى حداثة تطبيق هذه النظرية في التشريعات الوضعية المعاصرة واختلاطها بغيرها من النظريات، ويمكننا أن نقسم أسس هذه النظرية إلى أسس فلسفية وأخرى دستورية وسنتناولها تباعاً كالآتي:
- الأساس الفلسفي:
إن نظرية الظروف الطارئة تحتاج قانون يتلاءم معها وهي قائمة على عدة أفكار سنتحدث عنها بالتفصيل كالآتي:
أولاً: نظرية الضرورة: سنبدأ بهذه النظرية كونها تعتبر فكرة عامة في القانون، وهذه النظرية يمكن تعريفها بأنها: الوضع الحرج الذي تقع فيه الإدارة عند قيامها بأعمالها، وتسمح بالقيام بتصرفات تخالف ما ينص عليه القانون في الحالات العادية حسب ما تحتاجه هذه الضرورة من مخالفة[1].
وعليه يظهر اتجاهين في إسناد فكرة الضرورة كأساس لنظرية الظروف الاستثنائية وهما:
- الاتجاه الفرنسي: يعود الفضل إلى مجلس الدولة الفرنسي في تحديد الأسس الفلسفية للحالات الطارئة، وذلك بعد الحرب العالمية الأولى عندما قرر أن الضرورة التي تستمد من ظروف الحرب تسمح للسلطة الإدارية أن تخالف القانون الذي ينظم الظروف العادية في قراراتها وقد صدر بناءً على موقف مجلس الدولة الفرنسي قانون 31/7/ 1938م المختص بتنظيم الدفاع الوطني، ويجعل للحكومة سلطات واسعة تقيد ضمنياً أغلب الحريات العامة، وقد طبق مجلس الدولة الفرنسي نظريته أثناء الحرب العالمية الثانية ومن ثم أعاد صياغة نظرية عامة للظروف الطارئة أسسها على فكرة الضرورة وأكد من خلالها أن للسلطة التنفيذية الحق باتخاذ بعض التدابير غير الاعتيادية في هذه الظروف، وهذه التصرفات في ظل القانون الذي يحكم الظروف العادية تكون غير مشروعة متى ثبت أن اتخاذ هذه التدابير أمر لازم لحماية النظام العام وتحقيق الأمن العام[2].
ونلاحظ أن نظرية الظروف الطارئة ليس الهدف منها استبعاد مبدأ المشروعية بشكل مطلق وإنما هدفها التمييز بين المشروعية في الظروف العادية، والمشروعية في الظروف الطارئة، إذا فالسلطة التنفيذية ملزمة باحترام مبدأ المشروعية في حالة الظروف الغير اعتيادية ويتضح مما تقدم أن الأساس الفلسفي للظروف الاستثنائية يستند إلى حالة الضرورة وبموجب هذه الحالة يحدد القانون السلطات الخاصة التي يمنحها للسلطة التنفيذية وبقدرها يتم تحديد هذه السلطات الاستثنائية ونطاقها.
- الاتجاه الألماني: يقوم هذا الاتجاه على فكرة الضرورة القانونية، بزعامة الفقيه “هيجل” بحيث تتلخص فكرة هذا الاتجاه في أن:
الدولة هي أسمى الأشخاص القانونية، وبالتالي فهي تعتبر صاحبة السيادة، وبالتالي فهي عندما تضع القانون فإنها تقوم بوضعه على أساس أنه تعبير عن إرادتها الملزمة، وهي بالطبع تدرك واجبها المتمثل في ضرورة احترام الحريات والحفاظ عليها، وذلك لا يكون إلا بناء على تقيد ذاتي.
والفقه الألماني يقرر ذلك كونه لا ينظر للقانون على أنه غاية، بل ينظر له على أنه وسيلة لتحقيق غاية ألا وهي المصلحة العامة، ولكن في حالة تعرض الدولة إلى حرب أو كارثة طبيعية أو في حالة حدوث اضطراب أمني أو إخلال بالنظام العام، فإنها تبذل جهدها في حماية كيانها والدفاع عن نفسها بكل وسيلة أو إجراءات تراها ضرورية، فإن كل ما تتخذه الحكومة من إجراءات مخالفة لأحكام الدستور والقانون تعتبر مشروعة، وذلك عندما تكون الحكومة مضطرة إلى ذلك تحت طائلة الظروف الاستثنائية[3].
وبناءً على ذلك تعد الضرورة مصدراً للقانون الاستثنائي، والذي يحل محل القانون العادي، فالضرورة تعتبر أساساً للظروف الطارئة.
ومن النتائج المترتبة على المجتمع في هذا الاتجاه هو انتفاء صفة الشرعية على التصرفات التي تقوم بها الإدارة والتي هي مخالفة للقانون، ويترتب على ذلك حرمان الأفراد من أن يطالبوا تعويضاً عما قد يلحقهم من أضرار.
ثانياً: فكرة الاستعجال: هذه الفكرة نادى بها الأستاذ ” هوريو” ويرى بأن فكرة الأمر المستعجل هي أساس حالة الظروف الطارئة وهذه النظرية الأخيرة التي يدرسها ضمن نظرية سلطات الحرب.
إلا أننا نرى أن فكرة الاستعجال لا تصلح كأساس لنظرية قانونية لأنها على جانب كبير من الخطورة، كما أن الاستعجال هو طبيعة العمل التي تؤديه الإدارة لمواجهة الظروف الاستثنائية ولذلك لا يمكن أن تعتبر أساساً لهذه النظرية.
ثالثاً: فكرة المرافق العامة أو الواجبات العامة للسلطة الإدارية: من أنصار هذا الرأي أيضاً العميد هوريو ويرى أنه فيما يخص سبب مراسيم إيقاف وتعديل القوانين هو سير المرافق العامة في حالة الظروف الطارئة، وذلك لأن هذه الحالة تحول دون تنفيذ القوانين وبالتالي تؤدي إلى تعطيل سير المرافق العامة.
أما الأستاذ ” دي لو باردير” فإنه يرجه أساسها إلى نفس هذه الفكرة، وإن كان يعبر عنها بالواجبات العامة للسلطة الإدارية، ويذكر أنها ليست تطبيقاً لفكرة الضرورة[4].
إلا أن الواقع يوضح أن سير المرافق العامة هي من حيثياتها وبالتالي لا تصلح لكي تكون أساس لها، ذلك بالإضافة إلى أن هذه النظرية شاملة لكل موضوعات القانون الإداري وليست قاصرة على المرفق العام فحسب[5].
رابعاً: فكرة أعمال الحكومة: يرى الأستاذ باكلان أن مهمة الحكومة تتمثل في المحافظة على سلامة الوحدة القومية، ووظيفتها تتجلى في تحقيق الدفاع الوطني، وبما أن أعمال الحكومة هي أعمال سيادية، فإن الأفعال الصادرة عن تلك النظرية تعتبر أعمال حكومية أي أعمال سيادية.
ولكن نجد أن هذا الرأي محل نقد، وذلك لأنه مخالف لما نص عليه الفقه والقضاء، وهذا الرأي متمثل في خضوع حالة الظروف الاستثنائية لرقابة القضاء، في حين نجد أنها تخلت عنه فكرة أعمال الحكومة أو السيادة[6]، ويعتبر هذا الرأي رجعي في تبريره لأن الجميع متفق على التضييق من دائرة أعمال السيادة، في حين نرى أن هو يوسعها وذلك بإضافة هذه الأعمال إليها دون مبرر مقبول.
- الأسس الدستورية:
إذا كانت نظرية الضرورة لها أسس فلسفية لتوسيع سلطات الإدارة في الظروف الغير اعتيادية فذلك لا يكفي أن لم تسمح الشرعية الدستورية بهذا الأمر المستثنى وإن أساس هذا الاستثناء هو الموازنة بين مقتضيات حماية النظام العام وحماية الحقوق والحريات فإن هذه الموازنة نفسها هي أساس الشرعية الدستورية في الظروف العادية وهذا الأمر لا يختلف في الظروف الاستثنائية إلا في الانحياز لحماية النظام العام نظراً لما يتعرض له النظام العام من أخطار في مثل هذه الظروف، وهذا الخطر لا يهدد النظام في الظروف العادية كما يشكل له خطر في الظروف الطارئة ومن ثم فإن تحقيق هذه الموازنة يكون معياراً موحداً للشرعية الدستورية في كل الظروف العادية والطارئة ويكون الاختلاف في شكل هذه الموازنة تقديراً للظروف الغير اعتيادية التي تفرض تحديات معينة على المصلحة العامة[7].
ففي العراق نرى أن الدستور العراقي النافذ الذي تم الاستفتاء عليه في 15 تشرين الأول عام 2005 قد تحدث عن الظروف الطارئة في حالتي إعلان الحرب والطوارئ في معرض كلامه عن اختصاص السلطة التشريعية في المادة (58) منه حيث نصت الفقرة /9/ على:
ب- تُعلن حالة الطوارئ لمدة 30 يوماً قابلة للتمديد وبموافقة عليها كل مرة.
ج- يخول رئيس مجلس الوزراء الصلاحيات اللازمة التي تمكنه من إدارة شؤون البلاد خلال مدة إعلان الحرب وحالة الطوارئ، وتنظم هذه الصلاحيات بقانون بما لا يتعارض مع الدستور.
د- يعرض رئيس مجلس الوزراء على مجلس النواب الإجراءات المتخذة والنتائج خلال مدة إعلان الحرب وحالة الطوارئ خلال 15 يوم من تاريخ انتهائها[8].
أما في مصر فيمكن أن نجد أساساً لهذه النظرية في المادة(74)من الدستور المصري لعام 1971[9]، وكذلك المادة (148) من الدستور نفسه إذ تتناول حالة الطوارئ بكل ما تخوله من صلاحيات واسعة طبقاً لقانون الطوارئ[10].
كما أن الدستور الأمريكي قد أشار إلى حالة الظروف الطارئة في أكثر من مادة منه، كالفقرة الثانية من المادة (1/9) التي تنص على أنه: ” لن يوقف حق الحصول على الأمر القضائي بالتحقيق في قانونية سجن شخص معتقل إلا بقدر ما تتطلبه السلامة في حالات الثورة أو الغزو “[11]، ولم يخلُ الدستور السويسري الصادر عام 1998 الذي دخل حيز التنفيذ عام 2000 من النص على مثل هذه الحالة حيث جاء في المادة (185) منه ” يمكن للمجلس الاتحادي استناداً على هذه المادة أن يصدر أوامر ويتخذ قرارات لمواجهة أمور خارجة عن السيطرة حدثت أو قد تحدث مهددة النظام العام أو الأمن الداخلي أو الخارجي وتكون هذه الأوامر والقرارات ذات صلاحية زمنية محددة” ونظراً إلى أن غالبية النصوص الدستورية المتعلقة بحالة الظروف الطارئة قد خولت رئيس الدولة سلطة اتخاذ إجراءات معينة لمواجهة هذه الحالة ومن ثم فإن نطاق هذه السلطة ليس له مدة محددة مما يؤدي إلى إطلاق هذا النطاق في جميع المجالات دون تحديد لمجال معين[12].
وفي رأيينا لربما كان من الأجدر لو نصت هذه الدساتير على وجوب عرض الحالة الاستثنائية مباشرةً على السلطة التشريعية لتقرر استمرارها أو تقييدها أو فيما إذا كان لا بد من وضع قيود لها، ولهذه السلطة أن تقرر إنهاء هذه الحالة أو الحد منها في أي وقت.
وبعد أن تعرفنا على أساس هذه النظرية لا بد لنا الآن أن نتوسع في الحديث عن مفهومها لغةً ومفهومها في التشريع والفقه والقضاء.
الفرع الثاني
مفهوم نظرية الظروف الاستثنائية لغةً واصطلاحاً
مفهوم نظرية الظروف الاستثنائية في اللغة: الظروف الاستثنائية هي مركب إضافي يتكون من كلمتين هما: الظروف، الاستثنائية. والظروف لغةً جمع ظرف والظرف هو المبهم والمؤقت ويسمى المحدود، واتفق القوم على أن المبهم من الزمان ما لم يعتب له حد ولا نهاية كالحين، والمحدود منه ما اعتبر فيه ذلك كاليوم والشهر[13]، والظرف من الظرفية أي حلول الشيء في غيره حقيقة[14]، والظرف هو وعاء كل شيء[15].
والخليل يسميها ظروفاً، والكسائي يسميها المحال، والفراء يسميها الصفات والمعنى واحد.
وقالوا أنك لغضيض الطرف نقي الظرف يعني بالظرف وعاؤه[16]، واستثنائي: اسم منسوب إلى استثناء أي غير معتاد، شاذ، طارئ، والحالات الاستثنائية لا تؤخذ كمقياس للحكم العام لكونها حالة نادرة تخرج عن الإطار العام المتعارف عليه لشيء ما، فهي غير عادية[17].
ونرى أن هذا أهم ما ورد في كتب اللغة من تعريف كلمتي ظرف واستثنائي وعليه فإن الظروف الاستثنائية تعني الحالة التي تخرج عن الأصل العام أو الحكم العام.
أولاً: التعريف القانوني لنظرية الظروف الاستثنائية: لكي نتوسع أكثر في أخذ فكرة عن تعريف الظروف الطارئة وما يترتب عليها من نتائج يجب أن نتطلع على نص المادة (16) من الدستور الفرنسي الحالي:
فالظروف الاستثنائية حسب هذه المادة: ” هي الحالة التي تصبح فيها مؤسسات الجمهورية أو استقلال الوطن أو سلامة أراضيه أو تنفيذ تعهداته الدولية مهددة على نحو جسيم وحال وأدى ذلك إلى انقطاع السير المنتظم للسلطات الدستورية العامة[18].
وبحسب رأي الدكتور محمد سعيد المجذوب ينتج عن إعلان هذه الحالة أن تتوسع صلاحيات رئيس الجمهورية بحيث يكون من حقه اتخاذ جميع الإجراءات التي من الممكن أن تفرضها هذه الظروف في جميع مجالات الحياة الوطنية بما في ذلك مجال الحريات العامة بحيث ينتج عن ذلك أن تعلق الضمانات التي يوفرها تدخل السلطة التشريعية وبالتالي تتوسع سلطات الضبط الإداري بشكل غير محدود، وتباح الإجراءات التي تناقض القانون بحق الأفراد وبذلك تضيق صلاحيات القضاء العادي لمصلحة القضاء الاستثنائي[19].
ولكن لا بد لنا من ذكر أن عبارة الظروف الطارئة لم تستعمل في كل التشريعات إنما نصت بعض الدساتير والتشريعات على اتخاذ تدابير معينة في حالة الضرورة، فنجد أن تشريعات مصر عرّفت نظرية الظروف الطارئة بأسماء مختلفة القانون الخاص بإعلان الطوارئ والقانون الخاص بشأن بعض التدابير الخاصة بأمن الدولة[20].
أما في فرنسا لم تستخدم نظرية الظروف الطارئة وإنما تم التعريف عن حالات معينة خولت السلطة التنفيذية حق التشريع في سلطاتها كما أن فرنسا أصدرت قوانين من قانون الأحكام العرفية وهو القانون الصادر في 19 أكتوبر 1948 وكذلك قانون 11 تموز 1938 لإعداد الأزمة في حالة الحرب[21]، وكذلك الجزائر كغيرها من الدول أقرت في دساتيرها المتعاقبة على نظرية الظروف الاستثنائية، حيث عملت على منح رئيس الجمهورية سلطات استثنائية من أجل المحافظة على مؤسسات الجمهورية الدستورية وعلى أمن المواطنين[22]، وذلك انطلاقاً من دستور 1963 المتضمن كل من حالة الحرب والتدابير الاستثنائية وهو الذي يطبق حالياً في حالة الظروف الاستثنائية.
وقد تم ورود نظرية الظروف الطارئة في القانون المدني العراقي حيث تم تعريفها بأنها: ” مجموعة من القواعد والأحكام التي تعالج الآثار الضارة اللاحقة بأحد المتعاقدين نتيجة تغير الظروف التي تم بناء العقد في ظلها “[23].
حيث أن تنفيذ العقد يجب أن يكون طبقاً لما اشتمل عليه دون الإفراط في استعمال الحق عند التنفيذ وهو المبدأ المعروف بالعقد شريعة المتعاقدين وقد خرج القانون المدني العراقي عن هذه القاعدة مرتين الأولى في عقود الإذعان[24]، والثانية في نظرية الظروف الطارئة.
وفي لبنان نظم المرسوم الاشتراعي رقم 52 الصادر بتاريخ 5 آب 1967 الأحكام العرفية وحالة الطوارئ، عند تعرض الدولة للكوارث وحالة الحرب الخارجية أو الثورة المسلحة أو أعمال واضطرابات تهدد النظام والأمن العام إذ يترتب على ذلك انتقال صلاحيات الشرطة إلى السلطات العسكرية التي ستمنح صلاحية فورية للمحافظة على الأمن، وتصبح صلاحيتها متجاوزة لقواعد الشرعية القانونية العادية مثل تفتيش المنازل والمساكن ليلاً ونهاراً، وإبعاد الأشخاص المشبوهين من بعض المناطق، وفرض تسليم الأسلحة وذخائرها للسلطات المختصة، ومنع الاجتماعات المخلة بالأمن وفرض كافة التدابير اللازمة لفرض الرقابة على الصحف والمطبوعات والمنشورات المختلفة والبث الإذاعي والتلفازي[25]، وجاء في المادة الثانية من المرسوم الاشتراعي رقم 52 لعام 1967 تُعلن حالة الطوارئ أو المنطقة العسكرية بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء على أن يجتمع مجلس النواب للنظر في هذا التدبير في مهلة ثمانية أيام وإن لم يكن في دور الانعقاد، وتمنح حالة الطوارئ للسلطة العسكرية العليا الحق في إحالة الجرائم الواقعة على أمن الدولة وعلى الدستور وعلى الأمن والسلامة العامة أمام المحكمة العسكرية، وإن وقعت هذه الجرائم خارج الأقاليم المعلنة فيها حالة الطوارئ أو المنطقة العسكرية وجرائم اجتياز الحدود بقصد الأعمال العدوانية أو المخلة بالأمن[26].
ولقد اعتبر القضاء الإداري اللبناني أنه في حال حدوث ظروف استثنائية تتحرر السلطة الإدارية من موجب مراعاة أحكام القوانين والأنظمة، بما في ذلك الحريات العامة، شرط أن تكون تدابيرها محصورة بالظرف الذي أملاها وضمن مواجهته، لذا فقد اعتبر مجلس الشورى اللبناني إزاء قرار مصادرة مكاتب ودوائر الأمن العام (أن عنصر الظروف الاستثنائية غير متوفر) لذا قرر إلغاؤه لمخالفته الأصول المنصوص عليها حصراً في القانون[27].
إذاً نلاحظ في تشريعات الدول التي تكلمنا عنها والتي تضمنت النص على حالة الظروف الاستثنائية أنها اجتمعت كلها على وجوب احترام التشريع العادي في الدولة ولكنه حين يحدث أي ظرف استثنائي فإنها أقرت بجواز الخروج عن تطبيق هذا التشريع ومخالفته بما يتناسب مع الحفاظ على النظام العام والسلامة العامة للدولة ودون تجاوز حدود هذا الحالة الاستثنائية في مخالفة القوانين العادية فإذا ما حدث تجاوز للقوانين ومخالفة بحجة وجود ظروف استثنائية دون وجود تلك الظروف فعلاً فإن هذه القرارات تُلغى لمخالفتها الأصول المنصوص عليها في التشريع العادي.
ثانياً: مفهوم النظرية الطارئة في الفقه: النظرية الطارئة ما عرفها فقهاء القانون هي: عبارة عن بعض الحالات الواقعية التي يترتب عليها أثرين، يتمثل أولهما بوقف سلطة القواعد القانونية العادية بمواجهة الإدارة العامة، ويتمثل الثاني منهما في بدء خضوع قرارات الإدارة إلى مشروعية خاصة أو استثنائية يحدد القضاء الإداري فحواها ومضمونها[28].
ولقد عرفها الدكتور أحمد فتحي سرور بأنها: ” حالة من الواقع نظراً لطبيعتها الخاصة الغير اعتيادية فإنها توجب الإيقاف المؤقت لتطبيق قواعد القانون العادي، فالسمة الغير عادية أو الاستثنائية لهذه الحالة من الواقع لا تتوافق معها القواعد المطبقة في الظروف العادية، فالقواعد القانونية تشير إلى السلوك الإنساني الذي يمكن اتباعه بما يتفق مع هذا الواقع، وهو ما يتطلب وجود قواعد قانونية تنظم الظروف غير العادية التي لا تصلح أدوات القانون العادي للتجاوب معها، باعتبار القانون هو وليد المجتمع[29].
وقد عرفها بعض الفقهاء بأنها: الأمر الذي يتحقق إذا ما استدعت الضرورة أن تقوم السلطات الإدارية أن تخرج على حكم القانون أو حكم الدستور، وذلك عن طريق ممارسة بعض الإجراءات الخطيرة الماسة بالحريات العامة، وكانت القواعد القانونية المتبعة في ظل الظروف العادية عاجزة عن تمكين السلطة الإدارية عن مواجهة الظروف الطارئة[30]
إذاً نستنتج من هذه التعريفات الفقهية أن عند تعرض الدولة للظروف الطارئة فإن تطبيق القواعد القانونية المطبقة في الظروف العادية لا تتماشى معها إذ أنها بالأصل موضوعة لتنظيم الظروف العادية في الدولة ولذلك لا بد أن الأوضاع الغير عادية تتطلب وجود قواعد قانونية تنظمها حيث أنها تخرج عن المألوف وتمس بعض الحريات والحقوق للأفراد وتتجاوز سلطة القوانين العادية التي لا تتلاءم معها ولا تستطيع مواجهتها وتنظيمها.
نظرية الظروف الطارئة في الفقه الإسلامي: لم يعرف الفقهاء القدامى نظرية الظروف الطارئة في مدوناتهم وكتبهم وذلك لعدم اعتنائهم بالأحداث العامة بل كانوا يتناولون كل واقعة على حدة فيقومون بتشريع أحكام بما يناسبها وبما تتطلبه مقتضيات العدالة استنباطاً من النص أن ورد فيها أو دلالة الاجتهاد بالرأي من قواعد التشريع أو مفعول النصوص آخذين بعين الاعتبار ما يحيط بها من ظروف ملابسة في كل عصر[31].
أما في الفقه الحنفي فقد بحث الفقهاء مسألة العذر وهي كل ما لا يمكن معه استيفاء المعقود عليه إلا بضرر يلحق المتعاقد في نفسه أو ماله[32].
إذ لو لزم العقد حال تحقق العذر لوقع على صاحب العذر ضرر لم يلتزم بالعقد فكان الفسخ في الحقيقة امتناعاً عن ترتب الضرر[33].
فالعذر إذا هو عجز العاقد عن الوفي في موجب العقد إلا بتحمل ضرر زائد لم يستحق بالعقد[34]، ونلاحظ أن العذر لا يمكن تقييده بأي حال من الأحوال بمعنى أن أي حادثة تجري في الحياة العامة من المحتمل أن ترقى إلى مرتبة الظرف الاستثنائي أو العذر الذي يؤثر على الالتزام العقدي.
وعلى العكس من ذلك فإن نظرية الجوائح لا ترتب أثراً على الظرف أو الحادثة إذا كان من نتيجته أن يحتاج الثمر بما يزيد على القدر المألوف مما يلتقطه الطير أو تذروه الرياح أو يسقط بذاته في الحالات العادية وهذا ما أشار إليه ابن قدامة[35].
إذاً يمكننا تعريف الظروف الاستثنائية بأنها: حوادث عامة غير متوقعة ولا ممكنة الدفع تطرأ بعد إبرام العقد وقبل تنفيذه، فتجعل تنفيذ الالتزام مرهقاً للمدين وضاراً به”.
ولقد ورد ذكر هذه النظرية في القرآن والسنة النبوية الشريعة حيث ورد في الحديث الشريف ” لا ضرر ولا ضرار” وأيضاً أوجد الفقهاء المسلمون قواعد فقهية مثل ” الضرورات تبيح المحظورات” و” الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف” و” جلب المنافع أولى من درء المفاسد”.
نستنتج من كل ذلك أن نظرية الظروف الاستثنائية موجودة منذ زمن ولقد أقرها الفقهاء جميعاً سواء فقهاء القانون أم فقهاء المسلمون حيث نجد أساس لها في مدونات فقهاء القانون ونجدها في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة ونجد لها أصول في قواعد فقهاء المسلمون ولكن بالتأكيد يختلف تطبيقها في كل موضع على حدة وتختلف قواعدها في أسلوب مواجهة الظروف غير العادية من فقيه لآخر حسب المكان والظروف المحيطة بحدوث هذه الظروف الاستثنائية.
ثالثاً: نظرية الظروف الطارئة في القضاء: لم يبدأ الحديث عن ما المقصود بنظرية الظروف الطارئة كفكرة عامة في القانون العام إلا أثناء الحرب العالمية الأولى، والتي كانت السبب الأول في الكشف عن هذه النظرية حيث تظهر لحكم القضاء من خلال قرارات مجلس الدولة الفرنسي والذي تبنى هذه النظرية، نظرية سلطات الحرب والتي بمقتضاها يجوز للإدارة أن تتجاوز المهام المحددة قانوناً لضمان المصلحة العامة.
فمن أشهر أحكام مجلس الدولة الفرنسي حكم ” هريس” الذي قضى فيه المجلس برفض الطعن المقدم ضد قرار أصدرته الحكومة إبان الحرب العالمية الأولى فكما نص المجلس قراراه هذا على فكرة مقتضاها أنه في حالة حدوث أزمة أو حرب فإن مقتضيات المصالح العامة وحسن سير المرافق العامة تقتضي اتخاذ بعض الإجراءات الاستثنائية، إلا أنه بعد انتهاء الحرب وظهور أوضاع وظروف غير عادية وأزمات سواء كانت اقتصادية أو اضطرابات عامة أو كوارث طبيعية.. (تستوجب تدخل الإدارة لغياب أحكام قانونية تحمي التدخل الاستثنائي للإدارة في غير اختصاصها، كما قام مجلس الدولة الفرنسي بتشييد نظرية أهم هي نظرية الظروف الطارئة[36].
وإننا نلاحظ أن اتجاه مجلس الدولة في صياغته الأولى لهذه النظرية لم يركز السلطات بيد السلطة التنفيذية، أما مجلس الدولة المصري فقد استخدم عبارتي الضرورة والظروف الطارئة[37].
ويمكننا أن نستخلص تعريف القضاء للظروف الطارئة من خلال المحكمة الإدارية العليا في مصر إذ وصفتها أنها: ” الظروف التي تعطي السلطة الإدارية الحرية المطلقة وأما فيما يخص الحريات الفردية فإنها تقيدها، ومن ذلك في حال تهديد أمن البلد بعد وقوع حرب أو التهديد بخطر الحرب أو اضطرابات الأمن أو حدوث فيضان أو وباء أو كوارث، وفي مثل هذه الحالة تعلن الدولة الأحكام العرفية وهي نظام غير اعتيادي خطير يوقف الحريات الفردية ويعطل الامتيازات التي يقرها الدستور لها ويبرر نظرية الضرورة وتقتضي منح الحكومة سلطات واسعة لمواجهة الظروف الطارئة ابتغاء المحافظة على سلامة الدولة(956/ 965- 5 – 14/4/ 1962)[38].
إذاً نستشف من أحكام هذه المحاكم وتعريفاتها أن القضاء قد أقرّ بوجود نظرية الظروف الاستثنائية وأعطاها حيز من الاهتمام وهذا الشيء أمر لا بد منه ابتغاء الحفاظ على المصلحة العامة بالدرجة الأولى وضمان المحافظة على النظام العام إذ أن أي دولة معرضة لظروف استثنائية غير مألوفة تتطلب منها الخروج عن الالتزام بالقوانين العادية واتباع قواعد قانونية مناسبة لمجابهة كل الظروف الطارئة التي قد تواجه الدولة بشكل مفاجئ ولو كان على حساب ما هو مقرر للأفراد من حقوق وما لهم من حريات.
المطلب الثاني
التطور التاريخي لنظرية الظروف الاستثنائية
إن نظرية الظروف الاستثنائية ليست حديثة العهد وإنما هي فكرة موجودة منذ زمن بعيد ولكن تجدر بنا الإشارة إلى أن تطبيقها في العصر الحديث بلا شك يختلف عن تطبيقها في العصور القديمة إذ لم يكن هناك من النصوص ما هو كافي لدعمها وسندها كما هو الحال الآن ولذلك سنستعرض في دراستنا بدايات هذه النظرية في العصور القديمة (فرع أول) وتطبيقات نظرية الظروف الطارئة في العصور الحديثة (فرع ثاني).
الفرع الأول
تطور نظرية الظروف الطارئة تاريخياً في العصور القديمة
- نظرية الظروف الطارئة في القانون الفرعوني: عرف القانون الفرعوني نظرية الالتزام وخاصة أم مصادرها العقد وبالذات عقد البيع والإيجار والقرض وإذا تطرقنا للحديث عن نظرية الظروف الطارئة في هذا المقام فإننا لا نجد لها بناءً متكاملاً بل يكاد يخفت ضوؤها إلا بصيصاً منه في بعض التطبيقات المتناثرة فالمدين مثلاً لم يكن ليشفع لنكوله عن الوفاء بالتزامه هلاك محصوله لسبب خارج عن إرادته كالكوارث الطبيعية وقد ورد بوثيقة ذم المهن وصف لحياة الفلاح الذي يفني حياته في جمع محصوله وبعدها يهلك أثر حدث طبيعي أو يستولي عليه اللصوص في هذه الأثناء يأتي محصلو الضرائب وتكمن هنا الكارثة الكبرى ويضربون الفلاح وعائلته ويعذبونهم دون رحمة.
ولكن تظهر آثار لنظرية الظروف الاستثنائية في أماكن متفرقة من عقد الالتزام ففي عقد الإيجار عثر على مرسوم كان يجيز إنهاء العقد لوفاة المستأجر وهذا ليس معناه أن عقد الإيجار كان يستغرق حياة المستأجر بل على العكس كان من الممكن إنهاؤه حال حياته، كعقد الإيجار الذي ينعقد قبل إنشاء المؤسسة فإنه يعتبر مفسوخاً إذا كان نظام المؤسسات بقوم على رصد بعض الأموال لتقديم القرابين إلى الآلهة، ومعنى ذلك أن الشخص إذا خصص ماله لتقديم قرابين للآلهة فإن عقود الإيجار التي كان محلها هذا المال تفسخ، وذلك لأن المال في هذه الحالة يخرج عن دائرة التعامل[39].
ومع تطور الأمر في مصر بعد ذلك قدماً نحو التطبيق الاشتراكي ونظراً لأنها بلد زراعي فبدت النزعة الاشتراكية في الميدان الزراعي حيث كانت الدولة تقوم بتوزيع الأراضي وظهرت ومضات من بريق نظرية الظروف الاستثنائية وقد تمثلت في فسخ عقد الزراعة إذا أهمل المستفيد زراعة الأرض المخصصة له وتحال هذه الأرض إلى أسرة أخرى، وكما هو واضح أيضاً فإن بوار الأرض يعد ظرفاً استثنائياً في هذه الحالة بسبب ملوحة التربة فلا شك أن الشخص كان سيعوض عن هذه الأرض بغيرها وكذلك أيضاً إذا حدث ظرفاً استثنائياً تمثّل في فيضان نهر النيل وأدى إلى إغراق القطعة الممنوحة أو إذا لم يصلها الماء كانت الدولة تقوم بمنح الأسرة قطعة جديدة[40].
- في القانون الإغريقي: يمكننا القول أن نظرية الظروف الاستثنائية لم يعرف لها طريق ولا تطبيقات في نصوص القوانين الإغريقية والدليل على ذلك أن الوثائق ونصوص القوانين وما تضمنتها من عقود كانت تتضمن شروط تقتضي على الطرف الذي لا يقوم بتنفيذ التزامه بدفع غرامة لصالح خزينة الدولة أو يكون عرضة للإكراه البدني وقد عُثر مع إحدى الوثائق المكتشفة عام 263 ق.م والتي تحدد مسؤولية الضامنين عن طريق شرط جزائي يلزم المدين بدفع ضعف أو ثلاثة أضعاف الدين في حالة عدم الوفاء بالدين أو التأخير في سداده، وواضح من هذا النص أنه لا يوجد استثناء لأي أحد من تطبيق حكمها وذلك أن لزوم العقد كان يُطب بقسوة دون اعتداد بظروف المدين أو حتى الظروف التي حالت دو تنفيذ التزامه، والتي من الممكن أن تكون خارجة عن إرادته كالفيضانات والكوارث الطبيعية فمسؤولية المدين كانت غير محدودة، حتى لو رجع عدم تنفيذه إلى الظروف الاستثنائية أو قوة قاهرة[41].
- في القانون الروماني: من الواضح أنه لا يوجد اتفاق حول ما إذا عرف القانون الروماني نظرية الظروف الاستثنائية أم لا ومن المعروف للجميع أن جميع الشرائع لم تحظَ باهتمام الباحثين وعناية الدارسين كما تم الاهتمام بالشرائع الرومانية وقد ذهب فريق من هؤلاء الفقهاء إلى القول بأن القانون الروماني وخلال تاريخه الطويل لم يعرف فكرة الظروف الاستثنائية ولم نسمع لها صدى إلا في أقوال الفلاسفة مثل شيشرون وسبينك فمن أقوال شيشرون: ” عندما يتغير الزمن يتغير الواجب”، ومن أقوال سبينك ” أنا لا اعتبر خائناً لعهدي ولا يمكن اتهامي بعدم الوفاء إلا إذا بقيت الأمور على ما هي عليه وقت التزامي ثم لم أنفذه والتغير الذي يطرأ على أمر واحد يجعلني حراً في أن أناقش التزامي من جديد أو يخلصني من كلامي الذي أعطيته ويجب أن يبقى كل شيء على حالته التي كان عليها في الوقت الذي تعهدت فيه لكي أستطيع المحافظة على كلامي[42].
- نظرية الظروف الطارئة في القانون الكنسي: نتيجة لمحاربة أباطرة الرومان للدين المسيحي ظهر القانون الكنسي، حيث كانت الدولة الرومانية تحارب المسيحية وتتعقب كل مظاهرها فما كان من الكنيسة إلا أن نظمت نفسها حتى أنشأت نظاماً متكاملاً يغنيها هي وأتباعها عن الدولة، فقامت بتقسيم مناطق إدارية وعلى رأس كل منطقة تابع للكنيسة، ومن البديهي أن تقوم بسن التشريعات والتي عرفت بالقانون الكنسي، الذي تناول تنظيم العلاقات الاجتماعية وهذه التشريعات كانت مقتبسة من القانون الطبيعي وقواعد العدالة وبعض قواعد القانون الوضعي، حيث تعيد تهذيبها لتتماشى مع الأسس الفلسفية والخلقية التي قام عليها الدين المسيحي، حيث أصبح ديناً رسمياً واعترف أباطرة الرومان بالقانون الكنسي وباختصاص المحاكم الكنسية[43].
ويكاد يجمع الفقه أن القانون الكنسي قد عرف نظرية الظروف الاستثنائية وقام بتطبيقها في مناسبات عديدة ومما لا شك فيه ومن المنطقي معرفة القانون الكنسي لهذه النظرية، لأن الدين المسيحي قوامه العدالة ومبادئ الأخلاق والتسامح، ويمكن القول أن هذه النظرية قد نشأت في أحضان مبادئ الفلسفة والأخلاق وتأثر فقهاء القانون الكنسي مثل جرانيان وتوما الأكوين بالفلسفة الرومانية ولذا قال بعض الفقهاء أن نظرية الظروف الاستثنائية قد تكونت من الضمير الخلقي أكثر مما تكونت من الضمير القانوني.
- نظرية الظروف الطارئة في الشريعة الإسلامية: أن الجذور التاريخية لنظرية الظروف الطارئة أثارت الكثير من النقاشات الفكرية بين الكتّاب والفقهاء وقد أوعز بعض الفقهاء أصلها إلى الشريعة الإسلامية حيث تقوم هذه النظرية على أساس القاعدتين الأصوليتين “الضرورات تبيح المحظورات” و”الضرورة تقدر بقدرها”[44].
حيث رأى الدكتور عدنان عمرو أن هذه النظرية تستند إلى نظرية الضرورة، ويقول بأن الحكم التكليفي ينقسم إلى عزيمة ورخصة[45].
ويقصد بالرخصة الأحكام التي شرعها الله بناء على أعذار العباد ورعاية حاجاتهم كإباحة الفعل المحرم عند الضرورة والحاجة، ما أن قواعد قانون العقوبات تجري على أنه لا جناح على شخص خالف أحكامه لضرورة وقاية نفسه أو ماله من خطر جسيم على وشك الوقوع[46].
وقد أيده في رأيه مجموعة من الباحثين منم عبدالله مرسي سعد في رسالته للدكتوراه عندما خالف كل التوجهات التي ترى بأن النظرية من خلق مجلس الدولة في فرنسا ويقول: ” بأن التشريع الإسلامي عرف هذه النظرية وطبقها تطبيقاً تعجز عنه النصوص القائمة ثلاثة عشر قرناً قبل أن تظهر على ألسنة فقهاء فرنسا[47].
وتعرف الظروف الطارئة عند فقهاء الشريعة الإسلامية بالحالة التي يتعرض فيها إلى الخطر في دينه أو نفسه أو عقله أو عرضه أو ماله فيلجأ من أجل تخليص نفسه إلى مخالفة الدليل الشرعي الثابت كما أنها لا تقتصر على حالة الضرورة التي تصيب الأفراد بل تنطبق على حالة الضرورة التي تتعرض لها الدولة وتهدد كيانها أو مصالحها الأساسية، ولا بد من التوضيح أنه لا يوجد فرق بين أعمال حالة الضرورة في نطاق الدولة أو في نطاق الأفراد سوى في أن الضرورة إذا كانت في نطاق الأفراد قد تقتضي التخفيف والتيسير، إلا أنها بالنسبة للدولة الإسلامية قد تفرض اتخاذ إجراءات استثنائية كتقييد الحريات أو اتخاذ إجراءات رادعة أو تشديد العقوبات على غير ذلك مما تفرضه الضرورة على حفظ كيان الدولة الإسلامية ومصالحها الأساسية[48].
وكما قلنا سابقاً أن نظرية الظروف الطارئة تستند إلى قاعدة ” الضرورات تبيح المحظورات” ومعناها أن عند الضرورة تتاح الأفعال المحرمة كإباحة الفطر في رمضان أو أكل الميتة أو شرب الخمر عند الإكراه أو شيء من ذلك[49]، فمثلاً من كان معرضاً للموت من الجوع فله أن يأكل لحم الميتة أو من خشي على نفسه الهلاك من الظمأ فله أن يشرب الخمر وقد فسر الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام شروط قيام حالة الضرورة في حالة الجوع ” بأن يأتي الصبوح والغيوق ولا يجد ما يأكله ” ومعناه أن يأتي عليه الصباح والمساء ولا يجد ما يأكله[50].
فالتحريم هنا أتى من أجل حماية مقاصد الشريعة الخمس حفظ النفس والنسل والمال والعقل والدين[51]، لذلك لا تباح الأفعال المحرمة إلا للضرورة استناداً لقوله تعالى: ” فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم ” [52].
ولقد بينت هذه الآية أن الضرورة في الشريعة الإسلامية ليست فقط أسباب امتناع عقاب بل أيضاً تبيح الفعل فتجعله مشروعاً[53] لتحقيق مصلحة الجميع الضرورية.
ومن الأمثلة على تطبيقات نظرية الضرورة وقت الحرب منع إقامة حد شرب الخمر وقت الحرب حيث أجل سعد بن أبي وقاص قائد جيش المسلمين إقامة حد شرب الخمر على أبي محجن الثقفي خشية أن تأخذه العزة بالإثم فيلتحق بجيش الأعداء فيهلك، ولما رأى حسن بلائه في المعركة امتنع عن إقامة الحد عليه بتاتاً مع أن النهي ورد في إقامة حد السرقة في دار الحرب لا في حد شرب الخمر كما سبق وفعل الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام[54].
تعتبر هذه التطبيقات من أشهر الأقضية التي ظهرت فيها نظرية الظروف الطارئة والتي توقف فيها العمل بالأحكام الشرعية لضرورة دفع الضرر الناتج عن الظرف الغير عادي الذي واجهته الأمة الإسلامية في ذلك الزمان.
وأيضاً عرّفت الشريعة الإسلامية هذه النظرية بعدة تعريفات ” الحالة الملجأة ” لتقول الممنوع مشروعاً.
وعرفها أيضاً المذهب الحنفي بقوله خوف الضرر والهلاك على النفس أو بعض الأعضاء بترك الأكل، أما المذهب المالكي فعرفها بأنها الخوف من الهلاك علماً أو ظناً، فالضرورة أن يتعرض الإنسان لظروف إلى حد يعلم أو يضمن أنه إذا لم يتقول المحرم هلك أو قارب الهلاك.
ومن البديهي أن كل هذا كما قلنا مسبقاً مستند إلى قاعدة الضرورات تبيح المحظورات هذه القاعدة المستمدة أصولها من كتاب الله العزيز: ” فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم”[55].
فالمضطر أبيح له في حالة الضرورة أن ينال من المحرم بقدر ما يدفع به الضرورة غير باغ في أكله أو استعماله فوق حاجته[56].
ونرى من خلال ذلك كله أن الشريعة الإسلامية تضمنت صراحةً إباحة الخروج على أحكام الشريعة الإسلامية وهذا ما أطلق عليه فقهاء المسلمين مبدأ تغير الأحكام بتغير الظروف، فالحدود التي يتضمنها التشريع الإسلامي لم تقف حائلاً أمام الظروف الاستثنائية بل تمكنت من استيعاب الوضع لتتجنب ما قد يلحق الأمة من أضرار الأمر الذي دفع الخلفاء وأولياء الأمور بالبحث والتمحيص وصولاً إلى الأحكام التي تقررت بالنصوص التشريعية وقاموا بتغيير هذه الأحكام بتغير الظروف.
الفرع الثاني
تطبيق نظرية الظروف الطارئة في القوانين الحديثة
- نظرية الظروف الطارئة في قانون فرنسا الحديث: من الواضح أن نظرية الظروف الطارئة ليس مرحباً بها لدى الفقه الفرنسي الحديث حيث عادى غالبية الفقه هذه النظرية وقاموا بمحاربتها، ولم يقف الأمر على ذلك بل وصل الأمر إلى إنكار أي حق للمشرع في إدخال هذه النظرية ضمن نصوص القانون الوضعي وكانت حجتهم في ذلك أنها تتصادم مع مبدأ القوة الملزمة للعقد وتهدد استقرار المعاملات وإلى حد الآن لم يعتنق القانون المدني الفرنسي نظرية الظروف الطارئة.
وقد سلك قضاء فرنسا الإداري مسلكاً مغايراً حيث أنه اعتنق وطبق في أحكامه هذه النظرية وسلك هذا المبدأ لضمان حسن سير المرافق العامة بالدولة، ولتتمكن الدولة من تفادي الآثار السلبية لما يطرأ من ظروف استثنائية تحول دون قدرتها على تنفيذ ما ارتبطت به في الظروف العادية من تعاقدات، ونجد أنه بمجرد ما استقرت هذه النظرية في القضاء الإداري الفرنسي حتى أخذت بها العديد من التشريعات في الدول منها القانون المدني المصري والقانون الكويتي، ونجد تطبيقات هذه النظرية في المادة 146 تجاري حيث أنها بعد أن قررت في الفقرة الأولى منها المبدأ الأساسي العام والذي هو العقد شريعة المتعاقدين حتى تأتي الفقرة الثانية منها على أنه: ” إذا استجدت أمور غير اعتيادية لم يكن في الحسبان توقع حدوثها وترتب عليها أن إنفاذ الالزام العقدي بالنسبة للمدين صعب التنفيذ أن لم يكن مستحيلاً وحدث بسبب هذا خسائر كبيرة يجوز للقاضي تعقباً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى حد معقول ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك”[57].
- نظرية الظروف الاستثنائية في القانون الألماني الحديث: نلاحظ أن المشرع الألماني قد أخذ في تقنيناته الأولى بنظرية الظروف الطارئة إلا أنه في تشريعه الحديث الصادر سنة 1900 قد جاء خالِ منها إلا في تطبيقين محدودين أوردهما على استحياء في المادتين 610/ 621من القانون المدني الألماني.
غير أنه لم تخلُ محاولات الفقه من أثناء المشرع عن موقفه وحاول جاهداً أن يورد التطبيقين كمبدأ عام إلا أنه لم يفلح في ذلك فقد قطعت الأعمال التحضيرية للقانون المدني الألماني الطريق عليه وأكدت على وجوب قصر تطبيق عدم تغيير الظروف على هذين التطبيقين فقط معللة ذلك بأنه احترام للإرادة العقدية واستقرار المعاملات.
أما موقف المحاكم الألمانية من هذه النظرية:
في البداية نجد أن القضاء الألماني قد عارض الأخذ بها وتذرع بأن القانون الألماني لم يأخذ بهذا المبدأ الذي يعتبر شرط عدم تغير الظروف مُضر في كل عقد.
ولكن هذا الرأي لم يدم طويلاً والسبب هو قيام الحرب العالمية الأولى والخراب الاقتصادي الذي خلفته والذي على أثره حدث ارتفاع في أسعار المواد الأولية إلى مائة ضعف وهذا الشيء جعل القضاء يعيد النظر في موقفه اتجاه هذه النظرية كي يعالج بمقتضى أحكامها اختلال التوازن في الأداءات العقدية، حيث ظهرت تطبيقات القضاء الألماني الأولى لهذه النظرية من خلال فكرة الاستحالة وأنشأ فكرة الاستحالة الاقتصادية وبمقتضاها كان المدين يُعفى من جميع التزاماته إذا ترتب على الظرف الاستثنائي استحالة التنفيذ وتجاوز القضاء ذلك وطبق فكرة الاستحالة الاقتصادية على حالات لم تكن توجد فيها أي استحالة اقتصادية.
ونتج عن ذلك أنه أصبح يحق للمدين عند استحالة تنفيذ العقد أن يلجأ إلى القضاء ويطلب فسخ العقد ولكن المحاكم أدركت أن ترك سلطة فسخ العقد بيد المدين قد يضر بالتعامل لأن المدين يرغب في التجرد من التزامه ما أمكنه ذلك[58].
أما التطبيقات الحديثة لهذه النظرية في القانون المدني المصري فنرى أن هذا القانون ما هو إلا مجرد اقتباسات من القانون الفرنسي ولذلك رفض الاعتراف بهذه النظرية وتبعاً لذلك رفض القضاء أيضاً الاعتراف بنظرية الظروف الاستثنائية لأنهما كانا يتبنيان آراء الفقه والقضاء المدني الفرنسي اللذان بدورهما اعتمدا كما تحدثنا على ضرورة احترام مبدأ لزوم العقد وعدم المساس به حتى لو طرأت ظروف خطيرة أرهقت المدين.
وعلى الرغم من استقرار أحكام المحاكم بنوعيها والمختلطة آنذاك على رفض الأخذ بهذه النظرية إلا أن محكمة الاستئناف المصرية كان لها رأي آخر، حيث خالفت ذلك وأخذت بنظرية الظروف الطارئة في حكمها الشهير في قضية توريد الذرة لمصلحة الحدود الصادرة في 19 أبريل عام 1931.
ولكن للأسف هذا الحكم لم يكن مرحباً به من قبل محكمة النقض المصرية والتي قامت بإلغائه في 14 كانون الثاني 1932 واستندت في ذلك على أن القانون لم يعرف بهذه النظرية بشكل عام بل طبقها في حالات معينة وسيبقى زمامها بيد القانون وليس للقضاء أي حرية بالأخذ بها غير الحالات التي وردت في القانون[59].
أما في القانون العراقي الحديث: نرى أنه في العراق عندما تم صدور الدستور الأساسي العراقي والذي يُعد أول دستور في التاريخ العراقي في 21 آذار 1925أنه قد تضمنت نصوصه ما يخص نظرية الظروف الطارئة حيث جاء في المادة(120/2)[60]: ” عند حدوث أمر خطير أو تمرد أو ما يخل بالأمن والأمان في أية جهة من جهات العراق للملك بموافقة مجلس الوزراء أن يعلن حالة الطوارئ في أنحاء العراق جميعها أو أي مكان منها” ولكن تجدر بنا الإشارة هنا أن هذا الدستور كان مؤقتاً حيث جاء بعده الدستور الصادر 21 نيسان 1964 وجاء في المادة 48 منه ” لرئيس البلاد أن يعلن الأحكام العرفية وحالة الطوارئ بعد موافقة المجلس الوطني لقيادة الثورة ” وفي المادة 51 منه ” لرئيس الجمهورية في حالة خطر عام أو احتمال حدوثه بشكل يهدد سلامة البلاد وأمنها أن يصدر قرارات لها قوة القانون بقصد حماية كيان الجمهورية بعد موافقة المجلس الوطني لقيادة الثورة “[61].
وكذلك الدستور المؤقت الصادر 17 تموز عام 1968 في المادة (50/ط) في صلاحيات رئيس البلاد وسلطاته “أن يعلن حالة الطوارئ وينهيها في الأحوال المبينة في القانون”[62].
وفيما بعد صدر الدستور المؤقت لعام 1970والذي أصدره مجلس قيادة الثورة المنحل ونص في المادة (56/ب) ” أن يعلن حالة الطوارئ الكلية والجزئية وينهيها وفق القانون”[63]
كل ذلك كان في نصوص الدساتير المؤقتة للعراق حيث أن في رأيينا نرى أنها لم تأتِ واضحة وكافية للأخذ بهذه النظرية حيث اعتراها النقص والغموض في كثير من المواضع إلى أن تم السن عن دستور العراق الدائم الصادر في 28/12/2005، وقد نصت المادة (61/تاسعاً)[64] على الفقرات التالية:
- إعلان الموافقة على الحرب وحالة الطوارئ بأغلبية الثلثين بناءً على طلب مشترك من رئيس البلاد ورئيس مجلس الوزراء.
- يتم الإعلان عن حالة الطوارئ لمدة 30 يوماً قابلة لأن تتمدد وبموافقة عليها في كل مرة.
- يعطى لرئيس مجلس الوزراء الصلاحيات اللازمة التي تسمح له أن يدير شؤون البلاد في أثناء مدة إعلان الحرب وحالة الطوارئ ويتم تنظيم هذه الصلاحيات بتشريع لا يتعارض مع الدستور.
- يقوم رئيس مجلس الوزراء بعرض الإجراءات المتخذة على مجلس النواب والنتائج خلال مدة إعلان الحرب وحالة الطوارئ خلال مدة 15 يوم من انتهائها عليه عند مرور البلاد بظروف اغير اعتيادية والتي منها الحرب أو حالة استثنائية، ويجب أن يتوفر عدة شروط منها:
- أن يوافق مجلس النواب على طلب مشترك مقدم من رئيس البلاد ورئيس الوزراء.
- أن تكون الموافقة التي حصل عليها الطلب المقدم من رئيس البلاد ورئيس الوزراء بأغلبية الثلثين.
- أن تكون مدة الظروف الطارئة 30 يوماً، على أن تعرض الإجراءات المتخذة على مجلس النواب خلال 15 يوما من انتهاء الحالة.
إذاً نستشف من خلال هذه الدساتير أن القانون العراقي لم يخلُ من النص على نظرية الظروف الطارئة حتى لو جاءت بطريقة مبهمة ينقصها الكثير من التفسير إلا أنه حاول جاهداً الاعتراف بها من خلال دساتيره المؤقتة وبعدها وردت في دستوره الدائم وبشروط محددة على ألا تتعارض مع هذا الدستور هذا وأن أي بلد معرضة لحصول ظروف استثنائية على أراضيها ويجب أن تكون مستعدة مسبقاً للتصرف في هذه الحالات وهذا ما فعله القانون العراقي حين أقر بهذه النظرية.
الخاتمة
بعد أن اتممنا هذا البحث فإننا نختتمه بمجموعة من النتائج والتوصيات وفق الآتي:
النتائج:
- ان من ابرز النظم الاستثنائية المعتمدة لمواجهة الظروف الاستثنائية التي تهدد الدولة وشعبها ، تتمثل فيما يأتي :
أ-نظام الاحكام العرفية العسكرية التي تفرض في حالة الحرب ومناطقها .
ب-انظمة الاستثناء الدستورية ، كما في مضمون المادة (16) من الدستور الفرنسي لعام 1958 ، على سبيل المثال لا الحصر.
ج-انظمة الاستثناء التشريعية ، كما في مضمون قوانين الطوارئ والسلامة الوطنية.
- تتمثل أهم مسوغات فرض نظام حالة الطوارئ في ان يحدق بالدولة خطر جسيم نتيجة حرب او غزو او اضطرابات او تهديد الامن والنظام العام . وان تعجز السلطة العامة عن مواجهة هذا الخطر الجسيم بواسطة اختصاصاتها العادية.
- يختلف التنظيم القانوني لحالة الطوارئ من دولة الى اخرى كما تختلف اساليب تطبيقها ، ويبين تشريع حالة الطوارئ سبب اعلانها ويحدد مدة سريانه والمناطق التي تطبق فيها ، وخضوع سلطات الطوارئ للرقابة .
- تضمنت الاحكام الواردة في نص البند (تاسعاً) من المادة (61) من دستور العراق لعام 2005 ، شروط موضوعية وشكلية عديدة لابد من تحققها ، ومن ثم ليتم اللجوء بعد ذلك الى تطبيق أحد انظمة الاستثناء لمدة ثلاثين يوماً قابلة للتمديد ، بموافقةٍ مجلس النواب.
- ان المشرع الدستوري قد مال الى اعتماد الرقابة السياسية المتمثلة في رقابة مجلس النواب عندما أكد النص الدستوري على وجوب ان يعرض رئيس مجلس الوزراء على مجلس النواب بعد خمسة عشر يوماً من انتهاء حالة الطوارئ ، الاجراءات الاستثنائية المتخذة في اثناء مدة اعلان حالة الطوارئ وما حققته من نتائج ساعدت في مواجهة الظروف الاستثنائية ، للنظر فيها واتخاذ القرار المناسب بشأنها .
التوصيات:
- نقترح ان يركن المشرع الدستوري العراقي الى اعتماد رقابة القضاء الإداري لأنها تدخل ضمن اختصاصه ، على وفق نص البند ( ثانيا) من المادة السابعة من قانون التعديل الثاني رقم 106 لسنة 1989 لقانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 .
- ضرورة تعديل نص البند (تاسعاً) من المادة (61) من دستور العراق لعام 2005 ، بإضافة نص يخول فيه رئاسة مجلس النواب الموافقة على طلب تمديد حالة الطوارئ عند تمتع المجلس بعطله أو عند انتهاء دورته النيابية لحين انتخاب المجلس الجديد .
قائمة المراجع
- إبراهيم درويش – نظرية الظروف الاستثنائية – مجلة إدارة قضايا الحكومة – السنة 1210- العدد 4 – أكتوبر 1966
- إبراهيم درويش- نظرية الظروف الاستثنائية – مجلة إدارة قضايا الحكومة – السنة 1210- العدد 4 – أكتوبر 1966- ص131
- إبراهيم زكي أفنوخ – حالة الضرورة في قانو العقوبات – دار النهضة العربية – القاهرة – مصر- 1969م
- إبراهيم يامة – لوائح الضبط الإداري بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات العامة – أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام- كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة بوبكر بلقايد تلمسان – 2014/2015
- ابن عابدين – دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان – ج9-
- أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي – الموافقات في أصول الشريعة – المجلد الثاني – دار الفكر العربي
- -أبو الحسين الرازي – معجم مقاييس اللغة – الجزء 3 – دار الفكر – 1979م- ص474
- أحمد سمير أبو شادي – مجموعة القواعد القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا في عشر سنوات- 1955/ 1965- الدار القومية للطباعة والنشر -ج1
- أحمد فتحي سرور – الحماية الدستورية للحقوق والحريات – مرجع سابق- ص787/ 788
- أحمد فتحي سرور – القانون الجنائي الدستوري – دار الشروق – مصر- القاهرة- 2002 م- الطبعة الثانية – ص552
- أحمد مختار عبد الحميد- معجم اللغة العربية المعاصرة – الجزء 1 – عالم الكتاب – 2008م- الطبعة الأولى
- مورتمر ج.أدلر – الدستور الأمريكي أفكاره ومثله- ترجمة: صادق إبراهيم عودة – مركز الكتب الأردني 1989
- محمد سعيد المجذوب- الحريات العامة وحقوق الإنسان – ط1 – جروس برس- لبنان – طرابلس – 1986 – ص148/149
- خميس صالح ناصر عبدالله المنصوري – نظرية الظروف الاستثنائية وأثرها في التوازن الاقتصادي للعقد – رسالة ماجستير – جامعة الإمارات العربية المتحدة – كلية القانون – سنة 2017
- د. أحمد الصويعي شليبك- نظرية الظروف الطارئة – كلية الشريعة – جامعة الشارقة – منشور في مجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية – المجلد الثامن- العدد 2 لعام 2007
- د. أحمد فتحي سرور – الحماية الدستورية للحقوق والحريات – ط1 – دار الشروق – بيروت – لبنان – 1999
- -د. بكر القباني – الحريات والحقوق العامة في ظل حالة الطوارئ- أزمة حقوق الإنسان في الوطن العربي- مجموعة من الدراسات المختارة مقدمة إلى ندوات اتحاد المحامين العرب بين الفترة 1985/1989- مركز اتحاد المحامين العرب
- د. جورج سعد – القانون الإداري العام والمنازعات الإدارية – ط1 – منشورات الحلبي الحقوقية – بيروت – لبنان – 2006
- د. محمد أمين ميداني / د. نزيه كسيبي – حقوق الإنسان – مجموعة وثائق أوروبية – ط1 – دار البشير – عمان – 1992
- د. يوسف سعدالله خوري – القانون الإداري العام – الجزء الثاني – القضاء الإداري مسؤولية السلطة العامة – ط2 – بيروت- لبنان – 1998
- الدريني محمد فتحي – النظريات الفقهية – جامعة دمشق – ط2 – صدر 1990 – ص139/140
- رتيهارت بير أن دوزي- تكملة المعاجم العربية – ترجمة وتعليق محمد سليم النعيمي وجمال الخياط- الجزء 7 – وزارة الثقافة والإعلام للجمهورية العراقية – العراق – 1979/2000م- الطبعة الأولى –
- رجاح فتيحة وآخرون – الضمانات الدستورية للحقوق والحريات العامة في المواد الحنفية- مذكرة تخرج- كلية الحقوق
- الزيلعي عثمان الدين بن علي- تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق- دار الكتب العلمية – بيروت – ط1 – ج4 – ص404
- سناء جميل إبراهيم ثابت – أثر الظروف الطارئة على تنفيذ العقود الإدارية في فلسطين – مذكرة ماجستير في القانون العام – كلية الحقوق – جامعة الأزهر – غزة – فلسطين – 2010- ص33
- عاشور سليمان صالح شوايل- مسؤولية الإدارة عن أعمال وقرارات الضبط الإداري – ط1 – جامعة قاريونس – بنغازي – 1997
- عبد الجبار الطيب- السلطة المالية لولي الأمر على الأفراد في الظروف الاستثنائية- دراسة في الفقه الدستوري الإسلامي –مجلة العلوم الإنسانية – العدد 26 – جامعة محمد خيضر – بسكرة – جوان 2012م
- عبد الرحمن تفيدة – نظرية الظروف الاستثنائية في النظام القانوني الجزائري- 1990- ص10
- عبدالله مرسي سعد – القضاء الإداري ومبدأ سيادة القانون- دراسة مقارنة بالشرائع الوضعية – رسالة دكتوراه – جامعة الإسكندرية – مصر – 1972م
- عبدالله مرسي سعد – المرجع السابق
- عدنان عمرو – القضاء الإداري الفلسطيني ومبدأ المشروعية – نيسان – 2001 – ص58
- علي خطًار شطناوي- القضاء الإداري الأردني –مطبعة كنعان- عمان – الأردن – 1995م- الطبعة الأولى
- الكاساني علاء الدين مسعود الحنفي- بدائع الصنائع –دار إحياء التراث العربي- بيروت – 1998 – ج 4
- كاظم علي الجنابي – سلطات رئيس الدولة التشريعية في ظل الظروف الاستثنائية – دراسة مقارنة- رسالة ماجستير- كلية القانون – جامعة بغداد – 1995
- محمد بن أحمد الهروي – تهذيب اللغة – تحقيق محمد عوض مرهب-الجزء 14 – دار إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان – 2001 – الطبعة الأولى
- محمد بن علي التهانوي- كشاف اصطلاح الفنون والعلوم- مراجعية رفيق العجم- تحقيق علي دحروج نقل النص الفارسي إلى العربية- عبد الله الخالدي – الجزء 2 – مكتبة لبنان أن شرون – بيروت – لبنان- 1996م- الطبعة الأولى- ص1147
- محمد كاظم الطبطبائي- العروة الوثقى – ص405- أبو جعفر الطوسي – كتاب الخلاف- 3/488- الخوئي- منهاج الصالحين – جزء المعاملات- 2/82.
- محمد محي الدين ابراهيم سليم- نظرية الظروف الطارئة بين القانون المدني والفقه الإسلامي – دراسة مقارنة- دار المطبوعات الجامعية – الإسكندرية – سنة 2007
- محمود الشربيني – القضاء في الإسلام – الهيئة المصرية العامة للكتاب- 1999 – القاهرة – مصر
- محمود عبد العزيز الزغبي – الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي – تطبيقاتها – أحكامها – آثارها – دراسة مقارنة – مؤسسة الثقافة الجامعية – الإسكندرية 0- مصر – 1993
- المرسوم الاشتراعي اللبناني رقم 52 الصادر بتاريخ 5 آب 1967، وينظر: د. فوزت فرحات – القانون الإداري العام – الكتاب الأول – التنظيم الإداري والنشاط الإداري – مكتبة زين الحقوق والأدبية- بيروت – لبنان – 2004
- المستشار سمير عثمان يوسف – نظرية الظروف الطارئة واثرها في التوازن المالي للعقد الإداري – الطبعة الأولى – منشورات الحلبي الحقوقية – بيروت – لبنان
- نجاة التميمي – حالة الظروف الاستثنائية وتطبيقاتها في الدستور الجزائري – مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون – كلية الحقوق – جامعة الجزائر – 2003/2004
- نجاة تميمي- حالة الظروف الاستثنائية وتطبيقاته في دستور الجزائر – رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الحقوق – جامعة لجزائري- 2002/2003
- نجاة تميمي- حالة الظروف الاستثنائية وتطبيقاتها في الدستور الجزائري- رسالة ماجستير – مقدمة لكلية الحقوق – جامعة الجزائر – 2002/2003
- وينظر كذلك: د. يوسف سعد الله خوري – القانون الإداري العام – الجزء الأول – تنظيم إداري وعقود إدارية – ط2 – بيروت لبنان – 1998- ص277 /278، وينظر أيضاً: د. محي الدين القيسي – القانون الإداري العام – ط1 – منشورات الحلبي الحقوقية – بيروت – لبنان – 2007 – ص182/183
الهوامش:
- – د. أحمد فتحي سرور – الحماية الدستورية للحقوق والحريات – ط1 – دار الشروق – بيروت – لبنان – 1999- ص785 ↑
- – عاشور سليمان صالح شوايل- مسؤولية الإدارة عن أعمال وقرارات الضبط الإداري – ط1 – جامعة قاريونس – بنغازي – 1997 – ص265 ↑
- – عبد الرحمن تفيدة – نظرية الظروف الاستثنائية في النظام القانوني الجزائري- 1990- ص10 ↑
- – رجاح فتيحة وآخرون – الضمانات الدستورية للحقوق والحريات العامة في المواد الحنفية- مذكرة تخرج- كلية الحقوق – ص135 ↑
- – نجاة تميمي- حالة الظروف الاستثنائية وتطبيقاته في دستور الجزائر – رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الحقوق – جامعة لجزائري- 2002/2003- ص51/52 ↑
- – إبراهيم درويش- نظرية الظروف الاستثنائية – مجلة إدارة قضايا الحكومة – السنة 1210- العدد 4 – أكتوبر 1966- ص131 ↑
- – أحمد فتحي سرور – الحماية الدستورية للحقوق والحريات – مرجع سابق- ص787/ 788 ↑
- – انظر الدستور العراقي الجديد 2005 ↑
- – تنص المادة 74 من دستور 1971 لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري أن يتخذ الإجراءات السرية لمواجهة هذا الخطر ويوجه بياناً إلى الشعب ويجري الاستفتاء على ما اتخذه من إجراءات خلال ستين يوماً من اتخاذها. ↑
- – ومن الدساتير التي عالجت حالة الظروف الاستثنائية في موادها نجد المواد (134/135) من الدستور الأردني لعام 1952، والمادة (93) من الدستور الجزائري لعام 1996، والباب الثامن من الدستور السوداني لعام 1998، والمادة (113) من الدستور السوري لعام 1973، والمادة (121) من الدستور اليمني ↑
- – انظر مورتمر ج.أدلر – الدستور الأمريكي أفكاره ومثله- ترجمة: صادق إبراهيم عودة – مركز الكتب الأردني 1989- ص168 ↑
- – كاظم علي الجنابي – سلطات رئيس الدولة التشريعية في ظل الظروف الاستثنائية – دراسة مقارنة- رسالة ماجستير- كلية القانون – جامعة بغداد – 1995- ص54 ↑
- – محمد بن علي التهانوي- كشاف اصطلاح الفنون والعلوم- مراجعية رفيق العجم- تحقيق علي دحروج نقل النص الفارسي إلى العربية- عبد الله الخالدي – الجزء 2 – مكتبة لبنان أن شرون – بيروت – لبنان- 1996م- الطبعة الأولى- ص1147 ↑
- – رتيهارت بير أن دوزي- تكملة المعاجم العربية – ترجمة وتعليق محمد سليم النعيمي وجمال الخياط- الجزء 7 – وزارة الثقافة والإعلام للجمهورية العراقية – العراق – 1979/2000م- الطبعة الأولى – ص119 ↑
- -أبو الحسين الرازي – معجم مقاييس اللغة – الجزء 3 – دار الفكر – 1979م- ص474 ↑
- – محمد بن أحمد الهروي – تهذيب اللغة – تحقيق محمد عوض مرهب-الجزء 14 – دار إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان – 2001 – الطبعة الأولى – ص267 ↑
- – أحمد مختار عبد الحميد- معجم اللغة العربية المعاصرة – الجزء 1 – عالم الكتاب – 2008م- الطبعة الأولى – ص332 ↑
- – انظر دستور فرنسا لعام 1958. ↑
- – انظر: د. محمد سعيد المجذوب- الحريات العامة وحقوق الإنسان – ط1 – جروس برس- لبنان – طرابلس – 1986 – ص148/149 ↑
- – نجاة التميمي – حالة الظروف الاستثنائية وتطبيقاتها في الدستور الجزائري – مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون – كلية الحقوق – جامعة الجزائر – 2003/2004- ص8 ↑
- – إبراهيم درويش – نظرية الظروف الاستثنائية – مجلة إدارة قضايا الحكومة – السنة 1210- العدد 4 – أكتوبر 1966- ص107 ↑
- – إبراهيم يامة – لوائح الضبط الإداري بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات العامة – أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام- كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة بوبكر بلقايد تلمسان – 2014/2015- ص188 ↑
- – د. أحمد الصويعي شليبك- نظرية الظروف الطارئة – كلية الشريعة – جامعة الشارقة – منشور في مجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية – المجلد الثامن- العدد 2 لعام 2007 – ص30 ↑
- – انظر المادة 167 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 ↑
- – المرسوم الاشتراعي اللبناني رقم 52 الصادر بتاريخ 5 آب 1967، وينظر: د. فوزت فرحات – القانون الإداري العام – الكتاب الأول – التنظيم الإداري والنشاط الإداري – مكتبة زين الحقوق والأدبية- بيروت – لبنان – 2004 – ص169.
وينظر كذلك: د. يوسف سعد الله خوري – القانون الإداري العام – الجزء الأول – تنظيم إداري وعقود إدارية – ط2 – بيروت لبنان – 1998- ص277 /278، وينظر أيضاً: د. محي الدين القيسي – القانون الإداري العام – ط1 – منشورات الحلبي الحقوقية – بيروت – لبنان – 2007 – ص182/183 ↑
- – د. جورج سعد – القانون الإداري العام والمنازعات الإدارية – ط1 – منشورات الحلبي الحقوقية – بيروت – لبنان – 2006 – ص133 ↑
- – د. يوسف سعدالله خوري – القانون الإداري العام – الجزء الثاني – القضاء الإداري مسؤولية السلطة العامة – ط2 – بيروت- لبنان – 1998 – ص143/144- وينظر أيضاً قرار مجلس الشورى اللبناني في 13 آذار 1986 – تامر – م.ق.إ- العدد الثالث – 1987/1988- ص82 ↑
- – علي خطًار شطناوي- القضاء الإداري الأردني –مطبعة كنعان- عمان – الأردن – 1995م- الطبعة الأولى – ص116/119 ↑
- – أحمد فتحي سرور – القانون الجنائي الدستوري – دار الشروق – مصر- القاهرة- 2002 م- الطبعة الثانية – ص552 ↑
- -د. بكر القباني – الحريات والحقوق العامة في ظل حالة الطوارئ- أزمة حقوق الإنسان في الوطن العربي- مجموعة من الدراسات المختارة مقدمة إلى ندوات اتحاد المحامين العرب بين الفترة 1985/1989- مركز اتحاد المحامين العرب- ص104 ↑
- – الدريني محمد فتحي – النظريات الفقهية – جامعة دمشق – ط2 – صدر 1990 – ص139/140 ↑
- – ابن عابدين – دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان – ج9- ص110 ↑
- – الكاساني علاء الدين مسعود الحنفي- بدائع الصنائع –دار إحياء التراث العربي- بيروت – 1998 – ج 4 – ص77 ↑
- – الزيلعي عثمان الدين بن علي- تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق- دار الكتب العلمية – بيروت – ط1 – ج4 – ص404 ↑
- – ابن قدامة – المغني مع الشرح الكبير – ج4 – ص234 ↑
- – نجاة تميمي- حالة الظروف الاستثنائية وتطبيقاتها في الدستور الجزائري- رسالة ماجستير – مقدمة لكلية الحقوق – جامعة الجزائر – 2002/2003- ص9 ↑
- – نجاة تميمي – المرجع السابق- ص9 ↑
- – أحمد سمير أبو شادي – مجموعة القواعد القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا في عشر سنوات- 1955/ 1965- الدار القومية للطباعة والنشر -ج1 – ص27/28 ↑
- – محمد محي الدين ابراهيم سليم- نظرية الظروف الطارئة بين القانون المدني والفقه الإسلامي – دراسة مقارنة- دار المطبوعات الجامعية – الإسكندرية – سنة 2007 – ص21/ 22 ↑
- – محمد محي الدين إبراهيم سليم- المرجع السابق – نفس الصفحة ↑
- – محمد محي الدين إبراهيم سليم- نظرية الظروف الطارئة بين القانون المدني والفقه الإسلامي – دراسة مقارنة – مرجع سابق – ص22 ↑
- – سناء جميل إبراهيم ثابت – أثر الظروف الطارئة على تنفيذ العقود الإدارية في فلسطين – مذكرة ماجستير في القانون العام – كلية الحقوق – جامعة الأزهر – غزة – فلسطين – 2010- ص33 ↑
- – سناء جميل إبراهيم – المرجع السابق – ص35/36 ↑
- – محمود الشربيني – القضاء في الإسلام – الهيئة المصرية العامة للكتاب- 1999 – القاهرة – مصر – ص75 ↑
- – عبدالله مرسي سعد – القضاء الإداري ومبدأ سيادة القانون- دراسة مقارنة بالشرائع الوضعية – رسالة دكتوراه – جامعة الإسكندرية – مصر – 1972م- ص235/254 ↑
- – عدنان عمرو – القضاء الإداري الفلسطيني ومبدأ المشروعية – نيسان – 2001 – ص58 ↑
- – عبدالله مرسي سعد – المرجع السابق- ص233 ↑
- – عبد الجبار الطيب- السلطة المالية لولي الأمر على الأفراد في الظروف الاستثنائية- دراسة في الفقه الدستوري الإسلامي –مجلة العلوم الإنسانية – العدد 26 – جامعة محمد خيضر – بسكرة – جوان 2012م- ص62 ↑
- – عبدالله مرسي سعد – المرجع السابق – ص253 ↑
- – إبراهيم زكي أفنوخ – حالة الضرورة في قانو العقوبات – دار النهضة العربية – القاهرة – مصر- 1969م- ص15 ↑
- – أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي – الموافقات في أصول الشريعة – المجلد الثاني – دار الفكر العربي – ص10 ↑
- – سورة النحل الآية 115 ↑
- وهي الفاصل المميز بين الضرورة والإكراه، فالضرورة سب من أسباب الإباحة تجعل الفعل المحرم مباح وتسقط التكليف، أما الإكراه فلا يسقط التكليف لكن يخلي الفاعل من العقاب فقط ويظل الفعل إثماً في حد ذاته، انظر: إبراهيم زكي أخنوخ- حالة الضرورة في قانون العقوبات – مرجع سابق – ص15/17 ↑
- – عبدالله مرسي سعد- المرجع السابق – ص259 ↑
- – آية 3 سورة المائدة ↑
- – محمود عبد العزيز الزغبي – الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي – تطبيقاتها – أحكامها – آثارها – دراسة مقارنة – مؤسسة الثقافة الجامعية – الإسكندرية 0- مصر – 1993 – ص38 ↑
- – المستشار سمير عثمان يوسف – نظرية الظروف الطارئة واثرها في التوازن المالي للعقد الإداري – الطبعة الأولى – منشورات الحلبي الحقوقية – بيروت – لبنان – ص75 ↑
- – محمد محي الدين إبراهيم سليم – مرجع سابق- ص57 ↑
- – خميس صالح ناصر عبدالله المنصوري – نظرية الظروف الاستثنائية وأثرها في التوازن الاقتصادي للعقد – رسالة ماجستير – جامعة الإمارات العربية المتحدة – كلية القانون – سنة 2017 – ص34 ↑
- – انظر الدستور الأساسي العراقي لعام 1925 ↑
- – الدستور العراقي المؤقت لعام 1964 ↑
- – الدستور العراقي المؤقت لعام 1968 ↑
- – الدستور العراقي المؤقت لعام 1970 ↑
-
– انظر: الدستور العراقي الدائم 2005 ↑