الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط

إسماعيل إسماعيل عدوان1

1 طالب دكتوراه في العلاقات الدولية والدولية والدبلوماسية/ الجامعة الإسلامية/ لبنان

بريد الكتروني: ismaeladwan1991@gmail.com

اشراف الأستاذ الدكتور/ موسى محمد ابراهيم

HNSJ, 2024, 5(7); https://doi.org/10.53796/hnsj57/35

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/07/2024م تاريخ القبول: 15/06/2024م

المستخلص

هدف هذا البحث الى تحليل مكونات الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. وتحديد التحديات الرئيسية التي تواجه الولايات المتحدة في تنفيذ استراتيجيتها في المنطقة. بالإضافة الى معرفة ما هو دافع الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط. اتبع البحث المنهج الوصفي والتحليلي. توصل البحث الى عدة نتائج أهمها أن الأهداف الرئيسية لهذه الاستراتيجية: تأمين مصادر الطاقة، حماية أمن إسرائيل، مكافحة الإرهاب، منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، ودعم الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة التي ركزت علية الولايات المتحدة الامريكية والذي يعد الدافع الأول التي سعت وتسعى الية الولايات المتحدة الامريكية وهو الجانب الاقتصادي فضلاً عن الجوانب الأخرى ، شهدت هذه الاستراتيجية تحولات كبيرة، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث ركزت الولايات المتحدة الامريكية على مكافحة الإرهاب الدولي

الكلمات المفتاحية: الاستراتيجية الأمريكية، الشرق الأوسط

المقدمة

إن استراتيجية الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط قد تغيرت على مر السنين بناءً على التحديات والفرص الجديدة، ومن المهم أن نلاحظ أن السياسة الخارجية لأي دولة تتأثر بعوامل عديدة بما في ذلك السياق السياسي والاقتصادي والأمني في الوقت الحالي.

وتحت إدارة الرئيس السابق للولايات المتحدة، دونالد ترامب، تركزت السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط على عدة نقاط، منها الشراكات الإقليمية حيث تركزت الإدارة السابقة على بناء الشراكات مع دول الخليج العربي وإسرائيل ودول أخرى لمواجهة التهديدات المشتركة في المنطقة، مثل إيران والتنظيمات الإرهابية.

والانسحاب الجزئي من النزاعات حيث شهدت سياسة الإدارة السابقة تقليصاً للمشاركة العسكرية الأمريكية في بعض النزاعات في المنطقة، مع التركيز على تقليل التورط العسكري، والتحالف مع الدول المعتدلة حيث سعت الولايات المتحدة إلى تعزيز العلاقات مع الدول المعتدلة في المنطقة لتعزيز الاستقرار ومكافحة التطرف، كما شهدت إدارة ترامب جهوداً للتوسط في تحقيق التسوية السلمية في بعض النزاعات الإقليمية، مثل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ومع تغيير الإدارة الرئاسية إلى إدارة جديدة، قد تشهد استراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة تغييرات جديدة بناءً على الأولويات الجديدة والتحديات الناشئة.

مشكلة البحث:

تكمن مشكلة البحث في التعرف على كيفية تأثير أهمية الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط على العلاقات الدولية والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، يمكن صياغة مشكلة البحث على النحو التالي:

ما هي الاستراتيجية استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية في منطقة الشرق الأوسط وما هي التحديات والفرص التي تواجهها في تحقيق أهدافها؟

أهداف البحث:

1. تحليل مكونات الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.

2. تحديد التحديات الرئيسية التي تواجه الولايات المتحدة في تنفيذ استراتيجيتها في المنطقة.

3. ما هو دافع الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط.

أهمية البحث:

تنبع أهمية هذا البحث من تأثير الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط على الاستقرار الإقليمي والعلاقات الدولية. فهم الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة يساعد في تحديد العوامل المؤثرة في السياسة الدولية ويسهم في تطوير سياسات أكثر فعالية لتحقيق السلام والاستقرار.

منهجية البحث:

سيتم الاعتماد على المنهج الوصفي والتحليلي في هذا البحث، حيث سيتم جمع الكثير من البيانات من المصادر الأولية والثانوية مثل الكتب، والمقالات الأكاديمية، من اجل تحليل البيانات باستخدام أدوات التحليل السياسي والاقتصادي لتقديم فهم شامل وعام للاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.

وبناءً على ذلك سوف نقوم بتقسيم المطلب إلى فرعين، سوف نتحدث في الفرع الأول عن الأهمية السياسية والاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط في الاستراتيجية الأمريكية، أما الفرع الثاني سوف نتحدث عن الأهمية العسكرية لمنطقة الشرق الأوسط في الاستراتيجية الأمريكية.

الفرع الأول

الأهمية السياسية والاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط في الاستراتيجية الامريكية

تعتبر منطقة الشرق الأوسط بأكملها مهمة جدا في حسابات العديد من دول العالم، وفي طليعة هذه الدول، كانت الولايات المتحدة موجودة دائما، لأن هذه المنطقة هي واحدة من أكثر المناطق تركيزا للمصالح الأمريكية، وهي مركز مهم لا يمكن إهداره أبدا، وفي الواقع كانت الولايات المتحدة موجودة دائما، للشرق الأوسط عوامل مؤثرة في الاستراتيجية الامريكية سيتم تناولها في هذا الفرع من خلال الأهمية السياسية لمنطقة الشرق الأوسط في الاستراتيجية الأمريكية (أولاً)، أما الأهمية الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط في الاستراتيجية الأمريكية(ثانياً).

أولاً_ الأهمية السياسية لمنطقة الشرق الأوسط في الاستراتيجية الأمريكية

إن أهم ما يميز المصالح السياسية بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط هو الهدف الأمريكي القائم على ضرورة دعم حلفائه في منطقة الشرق الأوسط، على سبيل المثال فالإستراتيجية الأمريكية ترمي إلى ضمان التفوق العسكري “الإسرائيلي” النوعي على كل جيرانها العرب، ولعل الهدف الأهم هو ما تؤكده باستمرار وتنفذه كل الإدارات الأمريكية السابقة، وفي إطار هذه الالتزامات الثابتة تجاه “إسرائيل” اشتركت الإدارات الأمريكية المختلفة وعلى مستويات مختلفة في العمل على أن تقدم نفسها وسيطاً في محاولات من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للصراع العربي –الإسرائيلي، بصورة متوازية مع الدعم العسكري بصورة شاملة لإسرائيل([1]).

إن “إسرائيل” مثلت العقبة التي تقف بوجه الاتحاد السوفييتي، من اجل تمدد سيطرته التامة على منطقة الشرق الأوسط، على اعتبار أنها الحليف الأمريكي الأقوى في منطقة الشرق الأوسط لكي يمكن تقف بوجه هذا التمدد، وفق ذلك أصبح من الأهداف المهمة لدى الولايات الأمريكية ومن الأهداف الأساسية في المنطقة العربية من أجل دعم التفوق الإستراتيجي لـ”إسرائيل، وعنصر مهم من عناصر الردع للقوى الإقليمية التي تكون معادية للولايات المتحدة الامريكية ([2]).

سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى ربط منطقة الشرق الأوسط بعديد من الأحلاف والدفاع المشترك وسلسة من التكتلات، وكان أولها (البيان الثلاثي) الذي أصدرته كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا في عام1950 وربطت فيه ارسال السلاح الى دول المنطقة بالموافقة على السير على وفق سياستها الاستعمارية، والابتعاد قدر الإمكان عن الاتحاد السوفيتي، ولكن بعض الدول المعنية رفضت هذا الشرط.

عملت الولايات المتحدة الامريكية كذلك على إنشاء قيادة شرق أوسطية وأطلقت عليها ” منظمة الدفاع عن الشرق الأوسط”، في عام1950، ولكن الدول العربية كانت رافضة لفكرة هذا المشروع مما أدى الى فشله، ثم سعت الولايات المتحدة من اجل إقامة حلف بغداد[3]* وذلك في عام 1955 الذي كان مؤلفا من تركيا والعراق وبريطانيا ثم انظمت إليهم كل من إيران وباكستان ثم سقط حلف بغداد أيضا نتيجة معادة العرب للغرب ومعارضة الاتحاد السوفيتي لهذا الحلف ([4]).

إن الانسحاب البريطاني من منطقة الشرق الأوسط عام،1971 لا بد من أن يترك فراغاً في أهم المناطقِ الحَيويِة في المنطقةِ لصَالحِ الولاياتِ المتَحدةِ الأمريكية بسببِ الخصَائصِ التي تَتصفُ بها تلك المنطقةِ لذا كانَ لا بدَ لها أن تَتخذ موقفاً ذا أهمِية حاسِماً منه، فالحربُ الفيتناميةِ التي كَبدت الولايات المتحدة الامريكية بسبها خسائر كبيرة أثرت على الاستراتيجية الأميركية في حل مسألة ملء الفراغ الذي سيتركه الانسحاب من تلك المنطقة، لأن الولايات المتحدة الأمريكية من جانب لا ترغب في الوقوع بمأزق آخر ينهكها من جميع النواحي، و من جانب أخر لا تريد وصول الاتحاد السوفيتي الى تلك المنطقة، و بالتالي استقر الرأي على عدم الحلول بديلاً مباشرا ً لبريطانيا([5])

وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي مايك مانسفيلد: “أنا آسف لأن البريطانيين يشعرون أنهم مجبرون على اتخاذ هذه الخطوة، وهي سحب القوات البريطانية، قائلين إن ذلك سيتطلب منا ملء هذه الفجوة، وأنا لا أفعل ذلك”. أعرف كيف سنمضي قدماً، وهذا العمل لأنني لا أعتقد أن المملكة المتحدة لديها القوة البشرية أو الموارد الكافية. “لكن كان من المحتم أن تعمل على عدم خلق فراغ”، لأن الاتحاد السوفييتي كان يحاول ملئه.

حاول وزير الخارجية الأمريكي جون فوستر دالاس إقناع الحكومة البريطانية بالإبقاء على قواتها في المنطقة العربية مقابل وعد من الولايات المتحدة بمساعدتها في حل الأزمة المالية، حيث اعتقدت بريطانيا أن سحب قواتها في مثل هذه الظروف سيؤدي بالتأكيد إلى حل الأزمة المالية. اتركوها وشأنها في الساحة، في حين أن الأمر كان يتطلب دعماً وجهداً هائلين لمواجهة هذا التهديد الشيوعي الذي بدأ نفوذه ينمو في المحيط الهندي والخليج العربي ([6]).

لقد وجدنا أنه بعد أن سحبت الولايات المتحدة قواتها من شرق قناة السويس، لم تحاول بشكل مباشر أن تحل بريطانيا محلها. وكان السبب هو أن العديد من المبادئ المتجسدة في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى حاولت تخفيف حساسية الموقف. ثم تطور الرأي العام الأمريكي إلى عقدة. وأدى ذلك إلى معارضة فكرة التدخل الناشئة عن حرب فيتنام وإلى إضعاف الموقف العسكري الشعبي المؤيد للولايات المتحدة الأمريكية. فالحرب، لأنها تسببت في خسائر فادحة في الأموال والأرواح، فشلت في تحقيق ولو هدف واحد من أهدافها. دعماً للولايات المتحدة الأمريكية، كانت معارضة الحرب عالية وتنتقد استراتيجية الرئيس جونسون للسيطرة على إدارة شؤون الحرب ([7]).

ثانياً_ الأهمية الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط في الاستراتيجية الأمريكية.

يشكل الخليج العربي أهمية اقتصادية و استراتيجية للدول الكبرى، وفي طريقهم إلى شبه القارة الهندية، مرت القوات البرتغالية، والقوات البريطانية، و غيرها بالخليج، كنقطة انطلاق إلى المحيط الهندي، و سيطرت بريطانيا على جميع أراضيه، و لم تقرر الجلاء عنها إلا بعد أن تغير شكل النظام الدولي فيها والمصالح الدولية، وبهذه الطريقة انسحبت من الخليج عام 1971 وقبل انسحابها كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتواجد بصورة غير مباشرة وذلك عن طريق شركات استخراج النفط، أو عن طريق إيران كركيزة استراتيجية لها، قد رسخت مكانتها في المنطقة العربية، وبخاصة مع المملكة العربية السعودية، التي لا تزال تعتمد على الولايات المتحدة في دعم نظامها السياسي و استقرارها الداخلي و سلامتها الإقليمية([8]).

سيظل النفط الوقود الرئيسي في العالم في القرن الحادي والعشرين بسبب أهميته الاقتصادية والتكنولوجية، ومرونة التجارة، والآفاق الواسعة لتحسين وتطوير التكنولوجيا بطريقة متوافقة. متطلبات البيئات القديمة والحديثة، وتوقعات اعتمادها… تحصل جميع دول العالم على المواد الهيدروكربونية من أعضاء أوبك في الشرق الأوسط.

وبالمقارنة فإن أي انتعاش اقتصادي في العالم سيكون مهدداً إذا شحّت عائدات النفط أو إنتاجه، ذلك ما قالته إدارة معلومات الطاقة الأمريكية عندما سئلت، أوبك، أبريل 2002، وتحتاج إلى زيادة إنتاج النفط الخام بمقدار مليون برميل يوميا في النصف الثاني من العام، وحذرت من أن عدم الاستجابة من شأنه أن يعيق الانتعاش المتوقع لاقتصاد الولايات المتحدة والعالم.

الاعتماد على الواردات لتلبية جميع احتياجاتها من الطاقة البترولية وتنفيذ السياسات المعتمدة في قطاع النفط خلال عهد جورج دبليو بوش في أعقاب احتجاز العرب والمسلمين في واشنطن في 11 سبتمبر 2011، شجع المتشددون في الحكومة الأمريكية وأواصل القول: شركة النفط العربية نيويورك وواشنطن يجب أن تكونا مسؤولين عن تمويل ما يسمى بالأعمال الإرهابية أو انتصار الشعب الفلسطيني والشعب الفلسطيني. تمويل العمليات الاستشهادية والقتال، وهي أسلحة يمكن استخدامها في المقاطعة والصراع العربي الإسرائيلي. ([9]).

وهكذا، هدفت الولايات المتحدة إلى ضمان استمرار تدفق النفط إلى الحلفاء من الدول الأخرى، إليهم من الشرق الأوسط، دون الوقوع في قبضة الاتحاد السوفيتي، وكذلك الغاز الطبيعي هو أحد أهم مصادر الطاقة في العالم، وفي عام 1883 بلغ احتياطي الغاز الطبيعي في الشرق الأوسط حوالي 22 تريليون متر مكعب للإنتاج، وفي عام 1983 في العام بلغ إنتاجه حوالي 38.5 مليون طن، أي ما يعادل النفط، 2.8٪ من الإنتاج العالمي ([10]).

اهتمت الولايات المتحدة بنفط الدول العربية جراء تخوف الولايات المتحدة الامريكية من استغلال دول أوربا المنافسة للنفط العربي، هذا من الممكن أن يجعلها قوة عالمية تشارك الولايات المتحدة، كما أن لقطاع النفط والسلاح أهمية بالنسبة للاقتصاد الأمريكي والذي يعتبر من أهم أعمدة اقتصاده، تراعي إدارة الولايات المتحدة الامريكية، هذا الجانب عند صياغة سياستها وإستراتيجيتها المستقبلية، وتعد الشرق الاوسط من أهم مراكز الإنتاج النفطي في العالم، حيث يصل احتياطي نفط الخليج العربي إلى %65 من الاحتياطي العالمي، وإنتاج يصل إلى،%56 كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تركز في اعتمادها على النفط العربي، إذ تستورد منه حوالي %40 من ما تستورده([11]).

وعليه يمكن القول أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى جاهدة من أجل الحفاظ على مصالحها في المنطقة العربية، فمن الناحية الاقتصادية تدرك أن منابع نفط الخليج العربي لها أهمية كبرى في تحريك الاقتصاد الأمريكي، ومن الناحية الأمنية فالهدف هو الحفاظ على أمن ووجود الكيان الصهيوني ووجده في المنطقة العربية وأما من الناحية السياسية فالملف النووي الإيراني يشكل الحلقة الأبرز في المنطقة، وهو ما يمكن أن يهدد مصالحها في المنطقة و مع جميع الدول التي تسير في فلكها، وهي تحاول منع انتشاره و تطويع النظام الإيراني ([12]).

وقـد ازدادت الأهمـية الإستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط بالنسبة للولايات المـتحدة الأمريكية مـع نهاية الثمانينات من القرن الماضي أو في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، ولاسيما في منطقة الخليج الغنية بالنفط، إذ قدم ” لكولكس فان” وهو أحد خبراء الاستراتيجية الأمريكية تجـاه منطقة الشرق الأوسط مذكرة إلى الرئيس بوش جاء فيها ما يلي: (إن النظام الدولي الجديد وما تتجه إليه الدول الاوربية بالعمل على تحقيقه يؤدي الى تكوين وحدة اقتصادية شاملة، هذا يجعلنا نفكر في مفهوم جديد للاستراتيجية الأمريكية ضمن منطقة الشرق الأوسط، فنحن أمام نظام دولي متغير تلعب فيه القوة الاقتصادية دوراً مهماً([13]).

فضلاً عما تقدم ما تقدم فإن إسرائيل أصبحت من دول المنطقة التي تحظى باهتمام خـاص مـن الولايات المتحدة وذلك لأسباب عديدة من أهمها موقعها الجغرافي الذي يجعلهـا قاعـدة انطـلاق للقيام بالعمليات العسكرية في الاتجاهات كافة، فضلاً عن قـدرتها العـسكرية إلـى جانـب تفوقها في مجال البحث والتطوير والاستخبارات والاعتماد عليها كقوة ردع في المنطقة ([14]).

ومـن خـلال تصريحات المسؤولين الأمريكيين نجد المكانة المميزة للشرق الأوسـط تكمن وفق اعتقاد ريتشارد هاس عضو مجلس الأمن القومي الأمريكي، في عهد الرئيس بوش الأب، بأن هذا الجزء من العالم فيه مصالح دائمة تواجهه تهديدات دائمة كذلك، لـذلك فهنالك دور رئيس للولايات المتحدة الامريكية، يجب أن تلعبه، لقد وضعت هذه المنطقة معضلات كبيرة أمام السياسة الخارجية الأمريكية، منذ نصف قرن، ولنا في المنطقة مصالح شديدة الأهمية لاسيما فيما يتعلق بالنفط ([15]).

وأوضح أن لمنطقة الشرق الأوسط أهمية ومكانة أساسية على مستوى العالم أجمع، لأنه يحتوي على العديد من المضايق والأخاديد (كمضيق جبل طارق- ومضيق باب المندب، وقناة السويس)، كذلك لما يحتويه من طاقة تجعلها أكثر المناطق حساسية وأهمية بالنسبة لاقتصاديات الدول المتقدمة- إن النفط هو المحور الأساسي الذي تتسارع اليه جميع دول العالم ولأنه يمسك بزمام الاستقرار في المنطقة سواء تعلق ذلك به كعامل مؤثر في القوى المحلية أو حتى القوة الخارجية، الخ…. كذلك طرق التجارة والجغرافية والتضاريس والإيديولوجيا كلها عوامل تسهم في الأهمية الجيوستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط، كذلك تتمثل أهمية الشرق الوسط في القضايا الإقليمية والدولية، إذ يعد الإقليم الأكثر توترا في العالم بحكم الأحداث التي تقع فيه بين مدة وأخرى.

ومن الملاحظ أن السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط كانت ترمي إجمالاً إلى حفظ التوازن الاستراتيجي بين القطبين في هذه المنطقة، نظام توازن القوي يمثل العنصر الأساسي في النظرية الواقعية، لأنه بالنسبة لها البديل عن الفوضى، التي تسيطر على المجتمع الدولي الخالي من حكومة عالمية تتولى السيطرة، ولكن ذلك التوازن يجب أن يكون في وضع لصالح الولايات المتحدة وقادر على إعاقة أي ميلان لصالح الاتحاد السوفيتي سابقاً.

لهذا عملت الولايات المتحدة على تحقيق تلك الأهداف من خلال دعم التواجد العسكري الأمريكي والغربي في المنطقة مع الابقاء على ذلك بشكل مستمر في تركيا والخليج العربي والقرن الأفريقي والبحر المتوسط، عن طريق الشرق الأوسط يمكن الاقتراب من الحدود المتاخمة للاتحاد السوفيتي سابقاً، باختيار نقاط محدودة تكون مراكز هجوم تفرض عليه موقف الدفاع وكذلك الدفاع بالأسطول السادس الأمريكي في منطقة المتوسط كي تصبح نقطة دفاع وحماية متقدمة ضده وفي الوقت نفسه ورقة ضغط على الحكومات المضادة للسياسة الأمريكية ([16]).

يرى الواقعيون من أمثال بريجنسكي أنه يجب على السياسة الخارجية الأمريكية التعامل مع نموذج العالم بعد الحرب الباردة بواقعية لأن الأحادية الأمريكية تجد نفسها حالياً أمام تحدي العولمة بعد أن مدت وسائل الاتصالات المتطورة شعوب الدول النامية بمعلومات وثقافة جديدة، فولد هذا النشاط طاقة أسهمت في تصاعد موجة ما يسمى بالإرهاب، ومعنى هذا أن العولمة واليقظة السياسية أخذتا تحلان محل الشيوعية بالنسبة للشعوب الفقيرة التي تعاني من انعدام العدالة الاجتماعية في العالم([17])، فالسياسة الخارجية الأمريكية تسعى لبناء نظام سياسي اقتصادي عالمي تحصل منه على ميزة التفرد بالقيادة العالمية والعمل بداخل تكتل عالمي تستغله عند الحاجة.

الفرع الثاني

الأهمية العسكرية لمنطقة الشرق الأوسط في الاستراتيجية الأمريكية

تعتبر استراتيجية القوة سواء كانت القوة الصلبة أو الناعمة هي المحور الرئيسي لاستراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، لذلك سنتطرق في هذا الفرع عن استراتيجية القوة الصلبة في التركيز العسكري أولاً، واستراتيجية القوة الناعمة الذكية في التركيز السياسي ثانياً.

أولاً: استراتيجية القوة الصلبة في التركيز العسكري:

تقدم الاستراتيجية الإمبريالية الجديدة على أن أمريكا هي زعيمة الكون، ودولة تصحيحية تسعى إلى استغلال مزاياها المباشرة لردع أقرانها أو منافسيها في نظام العالم متعدد الأقطاب، وتحاول إدارة الشؤون الدولية بالقوة الغاشمة، وتدعي أنها تتعامل مع الدول الفاشلة التي تجمع انتشار التقنيات العسكرية، وأنها تقف في طريق أعمال الاستخبارات المعادية، والدول المارقة المتمثلة في زيادة أشكال الإرهاب وتطوير أسلحة نووية “([18])”.

في حين أن هدف أمريكا هو تحديد مستقبلها كقوة عالمية وحيدة في سيطرتها ونفوذها وتأثيرها، من خلال إعادة نشر قواتها عن طريق تكثيف شبكة من القواعد والمرافق، وتطوير القدرات التقليدية المعززة تقنياً وأهمها، أنظمة الدرع الصاروخي التي تتميز بالدقة، وتدمير القدرات المضادة داخل الهيكل التنظيمي المعادي، وكذلك التميز في المناورة من خلال استخدام أنظمة المعلومات لصالح القيادة والسيطرة، واستهداف مراكز الجاذبية في المنطقة، وتشكيل نظام معلومات يعطي صورة واضحة لأي عملية والقدرة على تعديلها بسرعة.

بالإضافة إلى تأمين الحماية لأي تأثير محتمل في الفضاء أو الأرض من خلال توظيف التقدم التكنولوجي، وتحديث وسائل الاتصال والقيادة والسيطرة والاستخبارات، والاعتماد على نظام معقد ومستمر من التحالفات والائتلافات، ناهيك عن إزالة القوى الكبرى من ساحة المنافسة الأوروبية الآسيوية وتعزيز الهيمنة على الناتو، والمشاركة في إدارة الأزمات خارج منطقة الأطلسي، وتعزيز الأنظمة الأمنية من خلال إعادة تشكيل التوازنات والتحالفات الإقليمية، وتشديد السيطرة على مصادر الطاقة والأسلحة النووية، وحماية الأمن الإسرائيلي.

إن جوهر الأسلوب الأمريكي في الحروب المستقبلية، هو زيادة القدرات الخدماتية والتعاون مع حلقة صنع القرار على أساس القيادة والسيطرة، والمعلومات الاستخباراتية والإشراف والمسح الشامل، وقد أثبتت هذه الحلقة السرعة القصوى وخفة الحركة “([19])”.

كما شكلت أميركا قوات تضم قوة أخف وأكثر إهلاكاً، تنحصر مهمتها في تنفيذ المواجهة والتعويق وبذلك تم إعلان الحرب على أفغانستان عام 2001، وغزو العراق عام 2003، وأشار وزير الدفاع “دونالد رامسفيلد” قائلاً، “إن المرحلة الأولية هي عن طريق الحرب، وما هو قادم بآليات أخرى“، كما صرح السفير الأميركي في منظمة الأمم المتحدة الجون بولتون إلى مسؤول إسرائيلي قائلاً، إنَّ أميركا بعد أن تنتهي من العراق، سوف تتولى شأن إيران وسورية، وكوريا الشمالية، لكن محور المقاومة استطاع إسقاط مشروع الشرق الأوسط، بعد أن هزم حزب الله الجيش الإسرائيلي عام 2006.

وبناءً عليه ركز الرئيس باراك أوباما على الانسحاب من العراق وإعادة هيكلة القوات من خلال خطة البنتاغون المسماة “الرؤية المتحدة” في 2010، التي يقوم على استخدام القوات التقليدية الأصغر حجماً، وتوجيه الاستثمارات الدفاعية المستقبلية نحو الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، ومكافحة الإرهاب، والأسلحة النووية، مع استمرار استراتيجيات الردع والاحتواء، وإجراء عمليات نوعية، وزيادة الانتشار“([20])”.

بالإضافة إلى إعادة تعريف طبيعة التهديدات للأمن القومي، وكذلك الإبقاء على الدور القيادي العالمي، والتدخل لدعم الحلفاء، وشن حروب محدودة أو كبيرة، ومنع القوى المتنافسة من تطوير قدراتها، وتوقع الحروب في شكلين: الأولى الحروب ضد الإرهاب، والثانية حروب القيادة الحتمية بين القطب الواحد، والأقطاب الصاعدة في ترتيب سلم القوة في نظام العالم متعدد الأقطاب.

لقد حاولت الولايات المتحدة الاستفادة مما يسمى بثورات الربيع العربي عام 2010، فطرحت الاستراتيجية الصهيونية الأمريكية لإسقاط النظام السوري في شباط 2011، واستنزاف محور المقاومة، من خلال دعم الجماعات الصهيونية الوهابية في العراق وسوريا، بهدف تغيير ميزان القوى، كما تدخلت قوات العمليات الخاصة الأمريكية، وقوات الناتو في سوريا، ودفعت أيضاً مجلس الأمن الدولي إلى إقامة منطقة حظر طيران فوق ليبيا، بقيادة الناتو في مارس 2011، ثم الإطاحة بالنظام الليبي بالقوة.

إلا إن محور المقاومة حقق انتصارات ميدانية من خلال الدفاع الصامد والمراوغ والهجوم المضاد، مع النظر إلى التحرك الإسرائيلي وإعطائه العناية اللازمة، كما تمكنت المقاومة في سورية من الصمود أولاً، ثم الانتقال إلى موقع الهجوم، وامتلاك زمام المبادرة وإطلاق استراتيجية الحرب الشاملة على الإرهاب في الجبهات المتعددة“([21])”.

وبالتالي نلاحظ أن أمريكا تختار في الغالب مسار القوة العسكرية الكافية لردع أي دولة تحاول تحدي تفوقها على المدى الطويل، بحيث تظل مكانة القوة الأمريكية أبدية، لأنها تؤكد التناقض بين القدرة الهائلة والقيود المانعة، وبين الآليات الدفاعية والهجومية غير المحددة، لكنها تواجه تحديات تشمل الوضع الأمني المتدهور في الشرق الأوسط، وتنامي قوة محور المقاومة، وتراجع الحلفاء والأصدقاء.

ثانياً: استراتيجية القوة الناعمة الذكية في التركيز السياسي:

اتخذت الاستراتيجية الأمريكية الهموم الإنسانية كأدوات للسيطرة المستدامة، ومن أهم هذه الاهتمامات، الجريمة المنظمة وتقلص الموارد، وزيادة السكان، تدهور البيئة، وانتشار الأوبئة، وانتشار الفساد، وزيادة الهجرة، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، والحرية، وهي استراتيجية تتطلب درجة من عدم اليقين وديناميكية عالية، وأشار زبيغنيو بريجنسكي إلى أن “أي قوة عظمى لا يمكن أن تظل مسيطرة ما لم تظهر رسالة كفاءتها من خلال مسألة الثقة في الحق الذاتي، وأن أمريكا لا تسعى لفرض نفوذها أو سلطتها إلا تحت غطاء تحقيق هدفين، ضمان السلام والديمقراطية، كما أن القوة العالمية لأمريكا ليست هي نفسها السلطة لأمريكية العالمية، فالسلطة لها تفوق على القوة، بهدف ممارسة هيمنة كبيرة، وقد تم تطبيق هذه الاستراتيجية على الشرق الأوسط من خلال استراتيجية الاحتواء المزدوج في عام 1993“([22])”.

كما عملت الولايات المتحدة على إنشاء أنظمة سياسية مخلصة لها تفضل جاذبية أفكارها وأنظمتها الاقتصادية التي يندمج دورها وأهداف السوق الحر، وسياسات الشركات الكبرى، لقد ضاعفت الميزة المعلوماتية والتفوق التكنولوجي والقدرة الدبلوماسية تحقيق الأهداف الأمريكية المنشودة في الشؤون الدولية من خلال الجذب والإقناع، بدلاً من الإكراه “([23])”.

وقد حفرت اعتداءات تفجير برجي التجارة العالمية عام 2001، على التقسيم الناعم الذكي للعالم عبر محورين هما دول الشر ودول الخير، وعلى تشكيل مجموعة عمل في الكونغرس بعنوان العثور على صوت لأميركا “استراتيجية لإعادة تنشيط الدبلوماسية الأميركية”، وقد أكد رئيس المجموعة “بيتر بيترسون قائلاً إن العداء لأميركا يهدّد أمننا القومي، ويشل فاعلية دبلوماسيتنا، ودعا إلى استراتيجية متنقلة أكثر سلاسة وذكاءً في ضوء الاستراتيجيات العشر للسيطرة على العالم وهي: الإلهاء، وخلق المشاكل، وتأخير التدرج، ومخاطبة الناس كمجموعة صغيرة، وتحفيز العاطفة بدلاً من التفكير، وإبقاء الناس في حالة من الجهل والغباء، تشجيع الناس على قبول الرداءة، والتعويض عن التمرد بالشعور بالذنب، ومعرفة الأفراد أكثر مما يعرفون أنفسهم، وأكد وليام كريستول قائلاً: “إنَّ على أميركا ألا تكون شرطي العالم فقط، بل يجب أن تكون منارته وهاديته”، وعليها الاعتماد على ما يطلق عليه “ريتشارد هاس” مبدأ الإذابة في البوتقة الذي يرمي إلى إذابة الدول والمنظمات في ترتيبات مؤهلة لإبقاء العالم منساقاً مع المصالح والقيم الأميركية“([24])”.

ونظراً لاستحالة التصعيد العسكري ضد القوات المعارضة، بدأت أمريكا في استخدام استراتيجية الحرب غير المعلنة من خلال حروب الفتنة والفوضى الداخلية والعقوبات والمناطق الأمنة، سعياً للتقسيم الجغرافي والتركيز على محاصرة حزب الله ومحاولة تفتيت سوريا، الأمر الذي يؤدي إلى عزل إيران وقطع أسلحتها الإقليمية وإسقاطها، كذلك محاولة إدخال محور المقاومة في دائرة السياسات المساعدة على تحقيق تسوية الصراع العربي الإسرائيلي، وإحداث الفوضى بالطرق الناعمة والذكية في العالم العربي وتحويله إلى العديد من الكيانات المتشتتة والدول الفاشلة، وقد صرح رئيس وكالة المخابرات الأميركية “جيمس وولي” عام 2006، قائلاً: “سوف نضع لهم إسلاماً يناسبنا، ثم نجعلهم يقومون بالثورات، فيتم انقسامهم على بعضهم لنعرات تعصبية، ومن بعدها قادمون للزحف وسوف ننتصر“([25])”.

في عام 2010، اقترح الرئيس باراك أوباما استراتيجية القوة الناعمة من خلال اتباع سياسات تحاول إحداث ثورة في الوضع في أي لحظة وأهمها: استعادة الاحتواء والقوة الذكية، وخلق توازنات إقليمية للضعف بين المكونات العرقية والطائفية المعقدة، وإعطاء فرصة للمتشددين في سياسات التوازن الطائفي، استخدمت الولايات المتحدة القوة بشكل أكثر حصافة، وأقل مباشرة، من خلال الدبلوماسية الحذرة والصبر والتجديد الاقتصادي([26]).

واستغلت أميركا ما يسمى ثورات الربيع العربي عام 2010، عن طريق وسائل الإقناع الأيديولوجية، والتطورات التكنولوجية في تونس ومصر، وليبيا، كما تعاملت بازدواجية مع الدول الحليقة مثل: السعودية والبحرين، ودعمت العدوان السعودي على اليمن واعتبرت الديمقراطية أداة لإثارة الحروب وإرساء بؤرة فوضوية يمتد فيها الصراع ويتشعب، وتشغل الأطراف العربية والإسلامية بالصراعات من أجل تفكيك النظام الثقافي، كما اقترحت الاستراتيجية الصهيونية الأمريكية لإسقاط محور المقاومة من خلال الجماعات الصهيونية – الوهابية في سوريا والعراق، فقد أكدت “كونداليزا رايس” وزيرة خارجية أمريكا السابقة قائلة: “عملنا طوال السنين السابقة على كسب عمالة الحكام، أما الآن نعمل على كسب عمالة الشعوب، وإدارة الشعوب عبر إعطائها ما تريد، وتسيّرها نريد، وإيهامها بأنها تذهب في الاتجاه الصحيح”“([27])”.

لكن بعد إنجازات محور المقاومة، دعا الرئيس باراك أوباما” إلى تسريع الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة لتجريد المنطقة من الإمكانات الاقتصادية، بالإضافة إلى الرئيس دونالد ترامب” في إشارة إلى الانتقال من الإطاحة بالأنظمة والاستثمار في التعاون لمكافحة الإرهاب، لكنه سرعان ما جدد العقوبات على إيران، وسعى إلى إقامة مناطق آمنة في سوريا واليمن، وأثناء زيارته للرياض عام 2017، عقدت القمة العربية الإسلامية الأمريكية، “من أجل تشكيل تحالف دولي ضد محور المقاومة([28]). وبالتالي نجد أن أميركا تتجه أحياناً إلى تكتيك القوة الناعمة – الذكية، وإلى طرق جاذبية بدلاً من الإفراط بالقوة والإرغام المكلف مادياً، عن طريق إغراء القيم المثالية، وتوظيف الصراعات والأزمات.

الخاتمة:

الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط تشكلت على مدار عقود من الزمن، وكانت ترتكز الى مجموعة من الأهداف والمصالح الوطنية على المستوى الدولي من بين الأهداف الرئيسية لهذه الاستراتيجية: تأمين مصادر الطاقة، حماية أمن إسرائيل، مكافحة الإرهاب، منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، ودعم الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة التي ركزت علية الولايات المتحدة الامريكية والذي يعد الدافع الأول التي سعت وتسعى الية الولايات المتحدة الامريكية وهو الجانب الاقتصادي فضلاً عن الجوانب الأخرى ، شهدت هذه الاستراتيجية تحولات كبيرة، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث ركزت الولايات المتحدة الامريكية على مكافحة الإرهاب الدولي ، مما أدى إلى تدخلات عسكرية واسعة النطاق في منطقة أفغانستان والعراق بالإضافة إلى ذلك، عملت الولايات المتحدة على بناء تحالفات إقليمية ودولية لمواجهة تلك التهديدات ، وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية مع دول المنطقة، ومع ذلك، تواجه الاستراتيجية الأمريكية تحديات عديدة، منها تنامي النفوذ الإيراني في المنطقة ، وظهور تنظيمات إرهابية جديدة مثل تنظيم داعش، والتوترات الداخلية في العديد من مناطق الشرق الأوسط ورغم الجهود المبذولة، فإن الاستقرار الدائم في المنطقة لا يزال بعيد المنال، مما يتطلب مراجعة مستمرة وتعديلات على النهج المتبع.

في الختام، يمكن القول إن الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط تمثل توازنًا معقدًا بين الأهداف الأمنية والسياسية فضلاً عن الأهداف الاقتصادية، وتعكس طبيعة التحديات المتعددة التي تواجهها الولايات المتحدة في هذه المنطقة الحيوية.

المصادر

  1. احمد يونس زويد الجشعمي، “الاستراتيجية الامريكية تجاه منطقة الخليج العربي1971 1980″،(جامعة بابل: مركز بابل للدراسات الإنسانية)، مجلد 6،العدد3.
  2. إسماعيل صبري مقلد، الإستراتيجية والسياسية الدولية.
  3. أمين حطيط، “الانتخابات الأمريكية على وقع التأثر في الشرق الأوسط”، جريدة الثورة، العدد 16225، دمشق، 2016.
  4. بكـري محمـود،” جـريمة أمـريكا في حرب الخليج الأسرار الكاملة: التجهيزات الفنية العربية”ط2، (القاهرة: 1991).
  5. بن حكيم يوسف “السياسة الخارجية الامريكية في الشرق الأوسط وتأثيرها على صانع القرار العربي2008 2015″، أطروحة دكتوراه في القانون العام، (الجزائر: جامعة محمد بوضياف بالمسيلة،2014) ص40.
  6. تشومسكي، تعوم، “طموحات إمبريالية”، ترجمة عمر الأيوبي، دار الكتاب العربي، بيروت، 2006.
  7. جودي، رستم، “الشرق الأوسط وإيران”، دار الشروق، مصر، 2022.
  8. حافظ برجاس،” الصراع الدولي على النفط العربي”، ط1، (لبنان: بيسان للنشر والتوزيع والاعلان،2000).
  9. دلول، محسن، “أمريكا الإمبراطورية المضطربة هل يصلح أوباما ما أفسده بوش”، دار الفارابي، بيروت، 2009.
  10. سـعودي، هالـة،”الوطن العربي والولايات المتحدة: الفرص والقيود في كتاب الوطن العربي والولايات المتحدة”،(معهد البحوث والدراسات العربية: القاهرة ،1996).
  11. عبد الحي يحيى زلوم، “إمبراطورية الشر الجديدة”، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2003.
  12. فهمي، محمد سعيد الدين، “مبادرة الدفاع المشترك والأمن الجماعي”، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2010.
  13. لبنى خميس مهدي الربيعي، الاستراتيجية الامريكية في منطقة الشرق الأوسط بعد 11ايلول2001″، أطروحة دكتوراه في القانون العام، (العراق: جامعة بغداد،2012).
  14. لوران، إريك، “عالم بوش السري الديانة والمعتقدات الأعمال والشبكات الخفية”، ترجمة سوزان قازان، دار الجليل، بيروت، 2004.
  15. محمد عمر الفاروق عبد السلام، “الاستراتيجية الامريكية في منطقة الشرق الأوسط بعد احداث11سبتمبر 2001″، العدد10، (ليبيا: جامعة الزاوية، مجلة الاعلام والفنون،2022).
  16. محمد عمر الفاروق عبد السلام، “الاستراتيجية الامريكية في منطقة الشرق الأوسط بعد احداث11سبتمبر 2001.
  17. مرقس، سمير، “الإمبراطورية الأميركية وثلاثية الثروة-الدين- القوة”، مكتبة الشروق الأهلية، القاهرة، 2003.
  18. ممدوح محمود مصطفى، الصراع الأمريكي السوفيتي في الشرق الأوسط، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1995.
  19. النبوي، سيف، قوال، شامل، “الغرق الأميركي في مستنقع الشرق الأوسط الكبير”، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2008.
  20. هاني قبيسي، السياسة الخارجية الأمريكية بين مدرستين: المحافظة الجديدة والواقعية، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2008.
  21. يوسف بن شوصه، زكريا بن شوصه، “النفط كمحدد للسياسة الخارجية الامريكية في منطقة الشرق الأوسط “، أطروحة دكتوراه في القانون العام، حالة العراق من 1990 2003″، (الجزائر: كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية:2019).
  22. Stevner, Miclael (1991) Navigating The Gulf, Foreign Policy No (18) pp 39 – 45

الهوامش:

  1. () محمد عمر الفاروق عبد السلام، “الاستراتيجية الامريكية في منطقة الشرق الأوسط بعد احداث11سبتمبر 2001″، العدد10، (ليبيا: جامعة الزاوية، مجلة الاعلام والفنون،2022)، ص48.
  2. () محمد عمر الفاروق عبد السلام، “الاستراتيجية الامريكية في منطقة الشرق الأوسط بعد احداث11سبتمبر 2001، ص49.
  3. * حلف بغداد: هو أحد الأحلاف التي شهدتها حقبة الحرب الباردة، وتم إنشاؤه عام 1955 للوقوف بوجه المد الشيوعي في الشرق الأوسط، وهذا الحلف يضم كل من العراق وإيران وباكستان وتركيا وبريطانيا، انسحب العراق من الحلف إبان إعلان ثورة 14 تموز .1958 ينظر إلى: إسماعيل صبري مقلد، الإستراتيجية والسياسية الدولية.
  4. () حافظ برجاس،” الصراع الدولي على النفط العربي”، ط1، (لبنان: بيسان للنشر والتوزيع والاعلان،2000)، ص221، 222.
  5. () لبنى خميس مهدي الربيعي، الاستراتيجية الامريكية في منطقة الشرق الأوسط بعد 11ايلول2001″، أطروحة دكتوراه في القانون العام، (العراق: جامعة بغداد،2012)، ص،18.
  6. () احمد يونس زويد الجشعمي، “الاستراتيجية الامريكية تجاه منطقة الخليج العربي1971 1980″،(جامعة بابل: مركز بابل للدراسات الإنسانية)، مجلد 6،العدد3،ص100.
  7. () احمد يونس زويد الجشعمي، “الاستراتيجية الامريكية تجاه منطقة الخليج العربي1971 1980، مصدر نفسه، ص101.
  8. () بن حكيم يوسف “السياسة الخارجية الامريكية في الشرق الأوسط وتأثيرها على صانع القرار العربي2008 2015″، أطروحة دكتوراه في القانون العام، (الجزائر: جامعة محمد بوضياف بالمسيلة،2014)، ص38.
  9. () بن حكيم يوسف “السياسة الخارجية الامريكية في الشرق الأوسط وتأثيرها على صانع القرار العربي2008 2015″، أطروحة دكتوراه في القانون العام، (الجزائر: جامعة محمد بوضياف بالمسيلة،2014)، مرجع سابق، ص40.
  10. () يوسف بن شوصه، زكريا بن شوصه، “النفط كمحدد للسياسة الخارجية الامريكية في منطقة الشرق الأوسط “، أطروحة دكتوراه في القانون العام، حالة العراق من 1990 2003″، (الجزائر: كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية:2019)، ص29.
  11. () بن حكيم يوسف “السياسة الخارجية الامريكية في الشرق الأوسط وتأثيرها على صانع القرار العربي2008 2015″، أطروحة دكتوراه في القانون العام، (الجزائر: جامعة محمد بوضياف بالمسيلة،2014)، مصد سبق ذكره، ص31.
  12. () بن حكيم يوسف، مرجع سابق، ص43.
  13. () بكـري محمـود،” جـريمة أمـريكا في حرب الخليج الأسرار الكاملة: التجهيزات الفنية العربية”ط2، (القاهرة: 1991) ص،115.
  14. () سـعودي، هالـة،”الوطن العربي والولايات المتحدة: الفرص والقيود في كتاب الوطن العربي والولايات المتحدة”،(معهد البحوث والدراسات العربية: القاهرة ،1996)، ص ،253.
  15. () Stevner, Miclael (1991) Navigating The Gulf, Foreign Policy No (18) pp 39 – 45.
  16. () ممدوح محمود مصطفى، الصراع الأمريكي السوفيتي في الشرق الأوسط، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1995، ص 78.
  17. () هاني قبيسي، السياسة الخارجية الأمريكية بين مدرستين: المحافظة الجديدة والواقعية، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2008، ص 106.
  18. () فهمي، محمد سعيد الدين، “مبادرة الدفاع المشترك والأمن الجماعي”، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2010، ص189.
  19. () عبد الحي يحيى زلوم، “إمبراطورية الشر الجديدة”، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2003، ص 54، 55.
  20. () لوران، إريك، “عالم بوش السري الديانة والمعتقدات الأعمال والشبكات الخفية”، ترجمة سوزان قازان، دار الجليل، بيروت، 2004، ص 145.
  21. () أمين حطيط، “الانتخابات الأمريكية على وقع التأثر في الشرق الأوسط”، جريدة الثورة، العدد 16225، دمشق، 2016.
  22. () دلول، محسن، “أمريكا الإمبراطورية المضطربة هل يصلح أوباما ما أفسده بوش”، دار الفارابي، بيروت، 2009، ص123.
  23. () مرقس، سمير، “الإمبراطورية الأميركية وثلاثية الثروة-الدين- القوة”، مكتبة الشروق الأهلية، القاهرة، 2003، ص 65 -66.
  24. () تشومسكي، تعوم، “طموحات إمبريالية”، ترجمة عمر الأيوبي، دار الكتاب العربي، بيروت، 2006، ص 9-41.
  25. () النبوي، سيف، قوال، شامل، “الغرق الأميركي في مستنقع الشرق الأوسط الكبير”، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2008، ص 198.
  26. () محمد سعيد الدين فهمي، “مبادرة الدفاع المشترك والأمن الجماعي”، مرجع سابق، ص 192.
  27. () البرصان، سليمان، “دبلوماسية الولايات المتحدة الناعمة وقوتها المدنية الجديدة”، مرجع سابق، ص 215.
  28. () جودي، رستم، “الشرق الأوسط وإيران”، دار الشروق، مصر، 2022، ص77.