منهج ابن هشام الأنصاري في الدرس الصرفي

د. عبدالمنعم امحمد عبدالقادر علي1

1 قسم اللغة العربية ، كلية الدراسات الإسلامية سبها ، الجامعة الإسمرية الإسلامية ليبيا.

بريد الكتروني: a.abudlqader@asmarya.edu.ly

HNSJ, 2024, 5(8); https://doi.org/10.53796/hnsj58/14

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/08/2024م تاريخ القبول: 22/07/2024م

المستخلص

تتلمذ ابن هشام على شيوخ تبحروا في علوم مختلفة، مما أتاح له أن يحصل على ثقافة تمثل مزيجاً من شتى المعارف والفنون، فبرع في النحو واللغة والتفسير والحديث والفقه، آخذاً من كل علم بطرف، لكن تفوقه في النحو كان ظاهراً، فهو نحوي عصره بلا منازع، إذ انتهت إليه مشيخة النحو في عهده فكان خاتمة المجتهدين ولهذا سمي بشيخ النحاة.

وذكر ابن حجر العسقلاني في ترجمته لابن هشام: أن ابن خلدون قال له: ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له ابن هشام أنحى من سيبويه.

حتى إذا وصلنا على ابن هاشم الأنصاري وجدناه عالماً لا يقل شهرة عن سابقيه وإن كان المعروف عنه أنه نحويّ بارز أكثر مما هو صرفيّ، ولكن الحقيقة خلاف ذلك، فهو في الصّرف لا يقل شأناً عما هو عليه في النحو، ولقد اتسم منهجه بالتحليل والتدقيق، ومراجعة آراءه إذا تطلب الأمر ذلك، ومما اتسم به منهجه، العدول عن رأيه إذا جانبه الصواب، وكذلك التكرار للمسائل في كتبه، عدم ذكره للمصادر في بعض كتبه، إحالة القارئ إلى كتبه الأخرى، عنايته بالمباحث اللغوية في كتبه المتأخرة.

الكلمات المفتاحية: ابن هشام، منهجه، الصرف.

Research title

Ibn Hisham Al-Ansari’s approach to the morphological lesson

Dr. ABDELMNAM IMHIMMED ABDELGADIR ALI1

1 Department of Arabic Language, Faculty of Islamic Studies, Sebha, Al-Asmaria Islamic University, Libya.

email: a.abudlqader@asmarya.edu.ly

HNSJ, 2024, 5(8); https://doi.org/10.53796/hnsj58/14

Published at 01/08/2024 Accepted at 22/07/2024

Abstract

Ibn Hisham studied with sheikhs who were versed in different sciences, which allowed him to obtain a culture that represented a mixture of various knowledge and arts. He excelled in grammar, language, interpretation, hadith, and jurisprudence, taking from each knowledge at a time, but his superiority in grammar was apparent, as he was an undisputed grammarian of his time. As the sheikh of grammar came to him during his reign, he was the last of the diligent scholars, and for this reason he was called the sheikh of grammarians.

Ibn Hajar al-Asqalani mentioned in his translation of Ibn Hisham: Ibn Khaldun said to him: While we are in Morocco, we still hear that an Arabic scholar, called Ibn Hisham, appeared in Egypt, Anha from Sibawayh.

Even if we came upon Ibn Hashim Al-Ansari, we found him to be a scholar no less famous than his predecessors, even though he was known to be a prominent grammarian more than he was a morphologist, but the truth is otherwise. In morphology, he is no less important than he is in grammar, and his approach was characterized by analysis, scrutiny, and review. His opinions if necessary, and what characterized his approach was the reversal of his opinion if it was not correct, as well as the repetition of issues in his books, his failure to mention sources in some of his books, referring the reader to his other books, and his attention to linguistic investigations in his later books.

Key Words: Ibn Hisham, his approach, morphology.

المقدمة

اتسع مفهوم التصريف ليشمل مسائل وقواعد كثيرة ، فظهر مصطلح الصّرف ليشمل هذه القواعد والمسائل ، فتزامن ظهور هذا المصطلح مع بدايات استقلال التصريف عن النحو، فكأنما أرادوا بظهور مصطلح الصّرف أن يبينوا أنه علم مستقل عن النحو؛ ولهذا قيل : إن التصريف هو المعنى العملي ، والصّرف هو المعنى العلمي، فاستغنوا عن التصريف بالصّرف ؛ لأنه على بناء فَعْل، فهو أسهل في النطق من بناء تفعيل، كما أن كلمة الصّرف موافقة للنحو في بنيتها، وبالتالي يتحقق لهم ما ذهبوا إليه من أن الصّرف قسيم للنحو لا قسم منه ، ومعادل له فأرادوا معادلته للنحو حتى في الوزن . كما أن كلمة الصّرف أسهل في النطق من كلمة التصريف ومن ثم يساعد ذلك على شيوع هذا المصطلح.

إذاً، فالتصريف هو التغيير الذي يحدث في الكلمات واشتقاقها، أما الصّرف فهو الأصول والقواعد التي تعرف بها هذه التغييرات.

و قد كان علم الصّرف من العلوم العربية التي حظيت باهتمام العلماء قديماً وحديثاً ، فدرسوها حتى تم نضجها وآتت أكلها على أيدي كبار العلماء ، و بعد تتبعنا للمباحث الصرفية في كتب ابن هشام يمكن أن نتبين أنّ منهجه الصّرفيّ قد اتسم بالتطور والنضج مع تقدم العمر به، ودليل ذلك ما في كتبه التي ألّفها في أواخر حياته، إذ حوت هذه الكتب من العلم الغزير والفكر الثاقب ما يؤيد أن هذا الرجل كان يسير بخطى واسعة نحو امتلاك زمام إمامة العربية في عصره بدون منازع، ومنها كتابة ـ مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ـ الذي لم يسبقه إليه أحد في طريقة تأليفه وفي منهجه، كذلك شرح قصيدة بانت سعاد الذي حوى من المباحث اللغوية ما لم يحوه كتاب آخر من كتبه، ولا يقل شأناً عنه كتاب تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد الذي لم يمهله القدر أن يكلمه ، ولو لم يكن لابن هشام سوى هذه الكتب لكفاه ذلك؛ إذ أنها حوت كثيرا من المباحث الصرفية التي كان لأبن هشام فيها منهج صرفيّ يمكن أن نجمل أهم خصائصه :

1- التوسع في المسألة من كتاب لآخر :

من السمات البارزة في منهجه الصّرفيّ أن تناوله المسائل الصّرفية يتضح فيه التطور من كتاب إلى كتاب آخر؛ فهو كلما تقادم به الزمن كان تناوله للمسائل أكثر تفصيلاً وأكثر إحاطة بدقائقها مما كان في السابق، ومثال ذلك أنه ذكر في كتابه أوضح المسالك : إن الفروق بين اسم الفاعل والصفة المشبهة خمسة إذ يقول: وتختص هذه الصفة عن اسم الفاعل بخمسة أمور([1])، أما في كتابه المغني فقد عدها أحد عشر فرقاً بقوله : ما افترق فيه اسم الفاعل والصفة المشبهة وذلك أحد عشر أمراً([2]).

ومنه أيضاً أنه عدّ علامات الفعل اللازم في كتابه أوضح المسالك أثنتا عشرة علامة ، فقال :الفعل ثلاثة أنواع : أحدها ما لا يوصف بتعدٍّ ولا لزوم، وهو كان وأخواتها، الثاني : المتعدي، الثالث : اللازم، وله اثنتا عشرة علامة([3])، أما في المغني فقد عدّها عشرين علامة بقوله :الأمور التي لا يكون الفعل معها إلا قاصراً وهي عشرون([4]).

2- العدول عن رأيه:

ومن سمات منهجه الصّرفيّ العدول عن رأيه إذا تبين له خلاف ذلك. فكثيراً ما نلاحظه يتبنى آراء في كتبه المتأخرة تختلف عما قال به في كتبه التي ألفها قبل ذلك مما يدل على أن الرجل كان دائم المراجعة لنفسه ولآرائه التي أقرها في يوم ما ، ثم تبين له خلاف ذلك ومثال ذلك قوله في اشتقاق اسم الفاعل من الفعل كاد : واستعمل اسم الفاعل لثلاثة، وهي كاد، قاله الناظم وأنشد عليه([5]) :

وإنني، يَقيناً لَرَهْنٌ بالذي أنا كائِدُ

والصواب أن الذي في البيت الأول كابد – بالباء الموحدة – من المكابدة والعمل، وهو اسم غير جار على الفعل، وبهذا جزم يعقوب في شرح ديوان كثـيِّر([6])، وهذا الذي قاله عدل عنه في كتابه تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد، إذ قال: وقوله: كائد، أنشده الناظم بالهمزة المبدلة عن عين كاد، كما تقول : قام فهو قائم، وإنما أنشده يعقوب بن اسحق السكيت في شرح ديوان كُثيـِّر، بالباء الموحدة، وقال : الكابد ، العامل ، أي : إنني لرهن بعملي. قلت : وهو من المكابدة، أي الاجتهاد في العمل، وليس بجارٍ على الفعل. قال ابن سيده: كابده مكابدةً وكِباداً : قاساه ، والاسم كابد كالكاهل والغارب . انتهى.

ومما يشهد لقول يعقوب أنه لم يأتِ بعد أسم الفاعل بما يكون خبراً له، وكأن الناظم ارتاب بعد ذلك في البيت، ولهذا لم يذكر في التسهيل مجيئ كائد، ولا في الخلاصة، بل غيّر فيها قوله في الكافية : وكاد واحفظ كائداً وموشكاً ، إلى قوله : وكاد لا غير وزادوا موشكاً،([7]). وبعد فالظاهر ما أنشده الناظم، وكنت أقمت مدة على مخالفته، وذكرت ذلك في توضيح الخلاصة، ثم اتضح لي أن الحق معه([8])

ومن أمثلته أيضاً ما ذهب إليه في شرح اللمحة البدرية من أن أقسام الفعل ثلاثة فقال : ينقسم الفعل باعتبارات مختلفة إلى أقسام متعددة فينقسم بحسب أمثلته إلى ثلاثة: ماضٍ ، وأمرٍ ، ومضارع . وهذا هو الصحيح. وزعم الكوفيون أنه نوعان،ماضٍ ومضارع، خاصة وأن الأمر مضارع دخلت عليه لام الأمر فجزمته، ثم حذفت وتبعتها حروف المضارعة ،([9]). إلا أن أبن هشام عدل عن رأيه هذا في كتابه المغني فذهب مذهب الكوفيين بقوله : وزعم الكوفيون وأبو الحسن أن لام الطلب حذفت حذفاً مستمراً في نحو : قُمْ ، واقْعُدْ ، وأنّ الأصل لِتَقُم ولِتَقُعُد، فحذفت اللام للتخفيف، وتبعها حرف المضارعة، وبقولهم أقول ؛ لأن الأمر معنى حقه أن يؤدى بالحرف([10]).

3- الإحالة على كتبه الأخرى :

ومن هذه السمات أيضاً الإحالة على كتبه الأخرى، وهذا ما نلمسه في شرحه .

للشاهد الذي أورده ابن الناظم([11]) ، وهو ([12]) :

أرْجُو وآمَلُ أنْ تَدنُو مَوَدتُها وما إخالُ لَدينا مِنْكَ تَنْوِيلُ

فقال : إن البيت لكعب بن زهيرـ رضي الله عنه ـ من لاميته المشهورة التي صدرها:

بانَتْ سُعادُ فَقَلبِي اليومَ مَتبُول

وفيه شواهد، أحدها : أن يقال : أمل ، بالتخفيف ، يَأمُلُ، كقَتَلَ : يقْـتُلُ، وقد وهم بعض المتأخرين فزعم أنه إنما يقال : أمّل بالتشديد. وقد ذكرتُ حكاية ظريفة في ذلك في شرح القصيدة المذكورة ([13]). يريد بذلك قوله في شرح قصيدة بانت سعاد: وقوله:

والعَفْوُ عِنْدَ رِسُولِ اللهِ مَأمُولُ

دليل على أنه كما يقال : أمّلته بالتشديد فهو مُؤَمّلَ، كذلك يقال : أملته بالتخفيف فهو مأمول. وقد سُئل في مدينة السلام عن مسائل من جملتها هذه فكتب أبو نزار الملقب بملك النحاة أنه لا يجوز أن يقال : مأمول إلا أن يسمعهُ الثقة أمل بالتخفيف وكتب الإمام أبو منصور الجواليقي أنه لا ريب في جواز ذلك وأن الأئمة ردوه كالخليل وغيره ثم أنشد بيت كعب:

والعَفْوُ عِنْدَ رِسُولِ اللهِ مَأمُولُ([14]).

وكذلك أحال في كتابه تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد([15]) على كتابه أوضح المسالك([16]).

كما أحال في كتابه شرح اللمحة البدرية في علم اللغة العربية([17]) على كتابه شرح التسهيل وهو من كتبه المفقودة . وغيرها من المواضع التي أحال فيها على كتبه الأخرى.

4- التكرار:

يعد التكرار سمة من سمات المنهج الصّرفيّ عند ابن هشام، فالقارئ لكتبه بإمعان يجد أن هناك كثيراً من النصوص المكررة فيها، فهو يعيد القول في أكثر من كتاب، ولعل مرد ذلك هو أن كتب ابن هشام تدور في فلك واحد وهو تبسيط القواعد النحوية والصرفية للمتعلمين، فما يتناوله في شرح شذور الذهب من قواعد صرفية لا يختلف كثيراً من حيث المضمون عما يتناوله في أوضح المسالك فقال في باب أفعال المقاربة : وهذه الأفعال ملازمة لصيغة الماضي، إلا أربعة، استُعمل لها المضارع وهي كاد نحو : يَكادُ زَيْتُهَا يُضِيئُ،([18]) و أوشك كقوله([19]) :
يَـوشِكُ مَـنْ فَـرَّ مِـنْ مَنِيـَّـتِهِ

وهو أكثر استعمالاً من ماضيها، و طَفِقَ، حكى الأخفش([20]) طَفِقَ : يَطْفِقُ كضَرَبَ : يَضْرِبُ و طَفِقَ : يَطْفَقُ كعَلِمَ : يَعْلَمُ ، و جَعَلَ، حكى الكسائي : إنّ البعيرَ لَيَهْرَمُ حتى يَجْعَلَ إذا شَرِبَ الماء مَجَّه،([21]) ونرى أن هذا النص قد تكرر بتمامه مع بعض الإضافات في كتاب تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد([22]) .

ومن النصوص المكررة قوله :جمع التكسير وهو : ما تغيرت فيه صيغة الواحد، إما بزيادة كصِنْو وصِنْوان، أو بنقص كتُخْمَة وتُخَم، أو بتبديل شكل كأَسَد وأُسْد أو بزيادة وتبديل شكل كرجال، أو بنقص وتبديل شكل كرُسُل، أو بهن كغِلْمَان،([23]) والنص مكرر في كتاب شرح اللمحة البدرية([24])

وأيضاً من النصوص المكررة ما قاله في قوله تعالى : ﴿فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ﴾ ([25]) أن في الآية ايجاز ومجاز، وتقديرهما : فجعلنا زرعها في استئصاله كالزرع المحصود … وأقيم فعيل مقام مفعول؛ لأنه أبلغ منه، ولهذا لا يقال لمن جرح في أنملته جريح ويقال له : مجروح،([26]) والنص مكرر في كتاب شرح قصيدة بانت سعاد.([27])

5- عدم الاهتمام بذكر المصادر في المختصرات من كتبه:

مما يمكن ملاحظته في منهج ابن هشام الصّرفيّ أنه لا يذكر مصادره الصّرفية في الكتب التي ألفها في بداية حياته العلمية كقطر الندى، وشذور الذهب، ثم في شرحيهما شرح قطر الندى وشرح شذور الذهب. فضلاً عن الكتب الأخرى، كنزهة الطرف في علم الصرف. ولعل مرد ذلك أن هذه الكتب ألفت للناشئة، فكان همها وضع القواعد للمبتدئين ولم يكن همها عرض آراء العلماء وكتبهم، أو لأن هذه الآراء أصبحت شائعة إلى الحد الذي يغني عن ذكر أصحابها أو من ثبتها، فعلى سبيل التمثيل نجد أن ابن هشام في كتابه نزهة الطرف لم يذكر أي كتاب من الكتب التي نقل عنها، أما من الأعلام فذكر أربعة منهم فقط ، هم : الفراء([28])، والمازني([29])، وأبو علي الفارسي([30])، إذ ذكر كل منهم مرة واحدة، والأخفش الذي ذكره مرتين([31])، وهؤلاء هم فقط الذين ذكرهم في كتابه هذا.

على حين نجد في جانب آخر كثرة ذكره لآراء العلماء في كتبه المتأخرة، ففي نص واحد من كتاب أوضح المسالك صرّح بأسماء ستة علماء صراحة فضلاً عمن ذكرهم من غير أن يصرح بهم ، إذ قال في بناء الفعل للمجهول : إذا اعتلت عين الماضي وهو ثلاثي كقال، وباع ، أو عين افتعل أو انفعل كاختار وانقاد، فلك كسر ما قبلها باخلاص أو اشمام الضم، فتقلب ياء فيهما، ولك اخلاص الضم، فتقلب واواً، قال([32]) :

ليتَ، وهل يَنْفَعُ شيئاً لَيْتُ؟ لَيْتَ شَباباً بُوْعَ فَاشتريتُ

وقال([33]) :

* حُوْكَتْ على نِيْرَيْنِ إذْ تُحَاكُ *

وهي قليلة، وتعزى لفقعس ودبير، وادّعى ابن عذرة امتناعها في افتعل وانفعل والأول قول ابن عصفور([34])، والأبَّدِي وابن مالك([35])، وادعى ابن مالك امتناع ما ألبس من كسر كخِفْتُ وبِعْتُ، أو ضم كعُقْتُ، وأصل المسألة: خافني زيدٌ و باعني لعمرو، و عاقني عن كذا، ثم بنيتهن للمفعول، فلو قلت: خِفْتُ وبِعْتُ – بالكسر – وعُقْتُ – بالضم – لَـتُـوُهِّـمَ أنهن فعل وفاعل وانعكس المعنى، فتعين أن لا يجوز فيهن إلا الاشمام، أو الضم في الأولين والكسر في الثالث، وأن يمتنع الوجه المُلْبِس، وجعلته المغاربة مرجوحاً، لا ممنوعاً ولم يلتفت سيبويه للإلباس؛ لحصوله في نحو : مختار وتُضارّ .

وأوجب الجمهور ضم فاء الثلاثي المضعف نحو: شُدّ ومُدّ ، والحق قول بعض الكوفيين : إنّ الكسر جائز، وهي لغة بني ضَبَّة وبعض تميم، وقرأ علقمة رِدَّتْ إلينا،([36]) و ولو رِدُّوا([37]) بالكسر، وجَوَّزَ ابن مالك الاشمام أيضاً، وقال المهاباذي : من أَشَمَّ في قِيلَ، و بِيعَ، أَشَمَّ هنا.([38])

6- عنايته بالمباحث اللغوية في كتبه المتأخرة :

اهتم ابن هشام الأنصاري في كتبه المتأخرة، شرح قصيدة بانت سعاد، وتخليص الشواهد، بعرض المباحث اللغوية، وبيان معاني المفردات ؛ ولعل مرد ذلك أن موضوعها هو شرح الأبيات الشعرية. فكتاب شرح قصيدة بانت سعاد وهو شرح لقصيدة كعب بن زهير الشهيرة، وكتابه الآخر تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد هو شرح لشواهد ابن الناظم. وهو في شروحه هذه لا يقتصر على الأبيات التي يريد شرحها، بل يتعدى ذلك إلى الأبيات التي يستشهد بها في شرحه وبذلك تكون كتبه مصدراً لمعرفة آراء العلماء من أئمة اللغة. ومن ذلك قوله في كلا وكلتا : إنهما مفردان لفظاً مثنيان معنى فيعود الضمير عليهما مفرداً ومثنى وقد اجتمعا في قول الفرزدق([39]) :

ما بالُ لومكُما وجئتَ تجتلها([40])
كلاهما حين جَدَّ الجَريُ بينهما
حتى اقتحمت بها اسْكُفَّةَ البابِ
قد اقْـلَعَا وكِلا أنفيهما رابي

يقال : عتله إذا حمله حملاً عنيفاً: ابن دريد : إذا جذبه جذباً عنيفاً، أبن سِيده : جذبه([41]) جذباً عنيفاً فحمله، صاحب العين : إذا أخذ بتلبيبه فجرّه وذهب به إلى بليةٍ: ومنه }خذوه فاعتلوه {([42]) ويقال : أقتحم المنزل، إذا هجمه، والأسْـكُفَّة، بضم الهمزة وتشديد الفاء : العتبة السفلى وهي عند ثعلب من استكفَّ، أي : اجتمع ، وهو فاسد؛ لأن سين استكف زائدة، ووزنه أسْتَفْعَلَ ،وأُسْكُفَّة أُفْعُلَّة لا أُسْـفُـعْـلَـة ؛ لأنه بناء مفقود … والاقلاع عن الشيء ، الكف عنه .. وراب اسم فاعل من ربا يربو، واصله رابوٌ، فقلبت الواو باء؛ لتطرفها بعد الكسرة، كغازٍ وداعٍ، ورُبُوّ الأنف ارتفاعه وذلك يحصل عند التعب من الجري ونحوه، ويقال : ربا الفرس إذا انتفخ من عدْو أو فَزَعٍ. والشاهد في قوله: اقلعا، بالتثنية، وقوله: رابٍ، بالانفراد .([43])

7- بيان سبب التأليف :

مما يلاحظ على منهج ابن هشام الصّرفيّ أنه كان يفتتح أغلب كتبه إن لم يكن جميعها ببيان سبب التأليف والغرض الذي كان يبتغيه من تأليفها.

ونستطيع أن نقسم مصنفاته هذه بحسب الغرض من تأليفها على مجاميع، فمنها ما يتعلق بشرح الشواهد والأبيات الشعرية، وبعضها يتعلق بشرح مؤلفات الآخرين، والآخر كان شرحاً لمتون كان قد وضعها سلفاً، فضلاً عن مجموعة الرسائل القصيرة التي ألفها في بعض أسفاره. ولو ذكرنا سبب تأليف كل منها لكان ذلك مدعاة للإطالة، فارتأينا أن نأخذ من كل مجموعة من مؤلفاته التي تشترك في طبيعة تأليفها كتاباً واحداً نذكر ما قاله ابن هشام في سبب تأليفه كي نرسم صورة واضحة عن صفة من صفات منهجه الصّرفيّ ألا وهي ذكر سبب التأليف في مصنفاته.

فقد ذكر في كتابه تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد – وهو أحد كتبه التي اختصت بشرح الشواهد والأبيات الشعرية – سبب تأليفه قائلاً : فقد شكا إلي جماعة من الطلاب الراغبين في تحقيق علم الإعراب، ما يجدونه من نكد الشواهد الشعرية المستشهد بها في شرح الخلاصة الألفية، وأنهم لم يجدوا من يحسن إيرادها، فأنشأت لهم هذا المختصر المسمى تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد، محتوياً على تفسير لفظها، وتحرير ضبطها، وبيان محل الشاهد منها، ثم أنني رأيت أن من إتمام الفائدة وإكمال العائدة، ألا اقتصر على شرح شواهد الشرح، ولا على مسائل تلك الشواهد فأردفتها بشواهد كثيرة لم يشتمل عليها ووشحتها بمسائل عديدة لم يتضمن التصريح بها، ولا الإشارة إليها.([44])

وعند شرحه لمؤلفات الآخرين لم يهمل ذكره لسبب التأليف، فقال في سبب تأليف كتابه أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، الذي شرح فيه منظومة ابن مالك المسماة بالخلاصة الألفية في علم العربية ، نظم الإمام العلامة جمال الدين أبي عبد الله محمد بن مالك الطائي – رحمه الله – كتاب صَغُر حجماً وغَزُر علماً غير أنه لإفراط الإيجاز، قد كاد يعد من جملة الألغاز، وقد أسعفت طالبيه بمختصر يدانيه وتوضيح يسايره ويباريه، أحُل به ألفاظه وأوضح معانيه، وربما أشير فيه إلى خلاف أو نقد أو تعليل، ولم آل جهداً في توضيحه وتهذيبه وربما خالفته في تفصيله وترتيبه.([45])

وفي شرحه للمتون التي ألفها سلفاً بين سبب تأليفه لها، إذ قال في وضعه لكتاب مغني اللبيب، ومما حثني على وضعه أنني لما أنشأت في معناه المقدمة الصغرى المسماة الإعراب عن قواعد الإعراب، حَسُن وقعها عند أولي الألباب، وسار نفعها في جماعة الطلاب مع أن الذي أودعته فيها بالنسبة إلى ما ادخرته عنها، كقطرة من قطرات بحر، وها أنا بائح بما اسررته، واضع فرائده على طرف الثُمام؛ لينالها الطلاب بأدنى إلمام، ولما تم هذا التصنيف على الوجه الذي قصدته وتيسر فيه من لطائف المعارف ما أردته واعتمدته سميته مغني اللبيب عن كتب الأعاريب.([46])

وبين في رسالته إقامة الدليل أن سبب تأليفه لها أن جماعة سألته عن عبارة دون شذوذ، في قول ابن مالك : ولا يستبقى دون شذوذ في هذا الجمع مع أربعة أصول زائد إلا أن يكون حرف لين رابعاً،([47]) قال : فكتبت لهم ما معناه، إن لذلك ثلاثة أمثلة، أحدها : قول بعضهم عناكبيت، والثاني : قراءة جماعة من السلف }متكئين فيها على رفارف خضر وعباقري حسان{([48]).

8- منهجه في اختيار آراءه :

يقوم هذا المنهج على أساس انتخاب الراجح من آراء المدارس النحوية، وهذا المنهج نشأ في بغداد بعد أن رحل إليها العلماء من البصرة والكوفة وأخذوا يدرسون العربية فيها، فنشأ جيل جديد من النحاة يحمل آراء مدرستيهما ويعنى بالتعمق في مصنفات أصحابهما.([49])

وهذا الأمر هو الذي دفع الباحثين إلى القول بوجود مدرسة بغدادية تقوم على أساس الاختيار من آراء البصريين والكوفيين([50]).

ونستطيع القول : إن ابن هشام الأنصاريّ قد سلك مسلك البغداديين في اختيار ما يراه حقاً سواء أكان ذلك من البصريين أم من الكوفيين، فهو لم يكن في صف مدرسة معينة، وإنما كانت له شخصيته المستقلة التي تعتمد على الاختيار المبني على الفهم والاستيعاب،([51]) البعيد عن كل عصبية، والتي تلتمس الدليل أنّى وجد، يساعده على هذا كله ثقافته الواسعة التي تمكنه من سبر أغوار المسائل الصرفية ودقائقها.

وإذا أخذ ابن هشام الأنصاريّ برأي البصريين في مسألة ما فهذا لا يعني أنه بصري المذهب، أو أنه لا يأخذ بآراء الكوفيين أو البغداديين أو الأندلسيين وإنما هو يتبع الحق بغض النظر عن كونه بصرياً أو كوفياً أو بغدادياً ، وقد سمى منهجه هذا طريقة المحققين، والتي يقول عنها :وهذه الطريقة طريقة المحققين وهي أحسن الطريقتين.([52])

ويمكننا الاستدلال على ما قلناه،أنه تابع البصريين في مسائل عدة، من ذلك ما ذهبوا إليه من أن الفعل مشتق من المصدر، فقال: الفعل مشتق من المصدر في قول البصريين، وهو الصحيح فقام مشتق من القيام الذي هو الفعل الحقيقي،([53]) وكذلك تابع البصريين في تعليقه على بيت كعب بن زهير:

مِنْ كُلِّ نَضَّاخَةِ الذفرى إذا عَرِقَتْ عُرْضَـتُها طامِسُ الأعلامِ مجهُولُ

في أن ما جاء من الصفات على وزن فاعِل، قد يراد به النسب فقال : طامس اسم فاعل من طَمَسَ الطريق – بفتح الميم ورفع الطريق – يَطْمُسُ ويَطْمِسُ طَمْسَاً وطُمُوْسَاً إذا درس وانمحت أعلامه، فإن قلتَ : أما يجوز أنْ يكون طامس فاعلاً بمعنى مفعول كما قيل في ماء دافق وسر كاتم، وعيشة راضية قلت : لا ، لوجهين؛ أحدهما : إن الصحيح أن فاعلاً لا يأتي بمعنى مفعول، وأما ما أوردت فمؤول عند البصريين، فقد تأولوه على النسبة إلى المصادر التي هي الدفق والكتم والرضا، كما أن اللابن والتامر والدارع والنابل نسبة إلى اللبن والتمر والدرع والنبل.([54])

وموافقته للبصريين وإن كانت هي الغالبة على آرائه إلا أنه لم يكن مغلول اليدين بسلاسل البصريين، بل كان خصب التفكير، حر الرأي، يأخذ ما يراه حسناً، مما جعله يرفض بعض آرائهم، فهم عنده ليسوا أئمة النحو الذين لا يأتي آراءهم باطل،([55]) إذ يقول فيهم عند ردِّه على أبي حيان الذي تابع ابن عصفور في إحدى المسائل : وهو لا يكاد يخالفه ظناً منه أنه لا يخرج عن مذهب البصريين، وأن الحق منحصر في مذهبهم وكلا الأمرين غير صحيح،([56]) وكلامه هذا يعني أنه يفتح الأبواب أمام آراء بعض الكوفيين والبغداديين وكذلك الأندلسيين حين يراها جديرة بالإتباع .

ومما تابع فيه الكوفيين جواز كسر الحرف الأول من الفعل المضعف عند بنائه للمجهول، فقال : والحق قول بعض الكوفيين إن الكسر جائز وهي لغة بني ضَبَّة وبعض تميم.([57])

وعلى نحو ما كان يختار ابن هشام لنفسه من المدرستين البصرية والكوفية كان يختار لنفسه أيضاً من المدرسة البغدادية، مما اختاره من آراء أبي علي الفارسي، جواز كسر فُعُول إذا كان معتل العين بالياء ،فقال : وفَعْل يجمع على فُعُول إن صحت عينه كَفَلْس وفَرْخ أو اعتلت بالياء كبَـيْت وشَيْخ وضَيْف ، ويجوز كسر أوله ليخف ويقرب من الياء وقرى به في السبعة في نحو بيوت وعيون وغيوب وذكر الزجاج أن أكثر النحويين لا يعرفونه وأنه عند البصريين رديء جداً؛ لأنه ليس في العربية فِعُول بالكسر واستدل الفارسي على جوازه بأنه يجوز في تحقير عَيْن وبَيْت، ونحوهما كسر الأول وممن حكى ذلك سيبويه مع إن فِعيلاً بالكسر ليس من أبنية التحقير.([58])

أما موقفه من المدرسة الأندلسية وعلمائها؛ كابن عصفور، وابن مالك، وأبي حيان، إذ كان هؤلاء الثلاثة من أكثر العلماء الذين تعرض لآرائهم في كتبه فيتجلى في موافقته لان مالك في كثير من المسائل منها مجيء فَقُر ثلاثياً بضم القاف وكسرها مخالفاً بذلك سيبويه وأكثر النحاة الذين ذكروا أنه لم يسمع للعرب فقر وإنما سُمِعَ افتقر فقال : وقول ابن الشجري أنه لم يسمع فَقُر اعتمد فيه على كلام سيبويه والأكثرين، وذكر ابن مالك أن جماعة من أئمة اللغة نقلوا مجيء فَقُر، و فَقِر بالضم والكسر وأن قولهم في التعجب ما أفقره مبني على ذلك وليس بشاذ.([59])

ولم يمنع وقوف ابن هشام مع المدارس السابقة من مخالفتها أحياناً، وما دام الأمر كذلك فمخالفته هذه تدل على أنه ينتخب لنفسه ما يراه متفقاً وما يؤمن به، فمن ذلك إن سيبويه يذهب إلى جواز مجيء اسم المفعول من كان، فيقال : مكون فيه([60])، وابن هشام لا يرى هذا الرأي ، إذ أنه يذهب إلى عدم جواز اشتقاق اسم المفعول من الأفعال الناقصة قال :وجميعها لا يبنى منه اسم مفعول، وَرَدّ على قول سيبويه هذا بما قاله أبو علي الفارسي حين سأله ابن جني عن هذه المسألة قائلاً : ما كل داء يعالجه الطبيب.([61])

وعلى نحو مخالفته للبصريين خالف الكوفيين أيضاً، من ذلك ما ذكره في أوزان الاسم الرباعي المجرد إذ قال :وزاد الأخفش والكوفيون مضموم الأول مفتوح الثالث كجُخْدَب والمختار أنه فرع من مضمومها، ولم يسمع في شيء إلا وسمع فيه الضم كجُخْدَب، وطُحْلَب.([62])

والأمر الملفت للنظر إن أكثر موافقة ابن هشام للكوفيين كانت في كتابيه، شرح قصيدة بانت سعاد، ومغني اللبيب، وهما من كتبه المتأخرة التي ألفها في أواخر حياته.

كذلك يُقال الشيء نفسه عن موقفه من المدرسة البغدادية؛ إذ خالفهم في تذكير العدد وتأنيثه مع الجمع ، فمذهب البغداديين إنه يجوز مراعاة حال المفرد وحال الجمع مع العدد فيجوز أن تقول : ثلاث حمّامات، و ثلاثة حمّامات، على حين يرى ابن هشام أن التذكير والتأنيث في العدد، يعتبران مع الجمع بحال مفرده فلذلك تقول : ثلاثة اصطبلات، و ثلاثة حمّامات، بالتاء فيهما اعتباراً بالإصطبل والحمّام فإنهما مذكران ولا تقول : ثلاث، بتركها اعتباراً بالجمع، خلافاً للبغداديين.([63])

وشبيه بذلك موقفه من المدرسة الأندلسية فقد خالف ابن مالك في أن فَعِيل مطلقاً يستوي فيه المذكر والمؤنث في قوله تعالى : }إنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيْبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ{([64])، ذكر ابن هشام أن من أجوبة العلماء في الحكمة من تذكير قريب، مع أنه صفة مخبر بها عن المؤنث وهو الرحمة، أن ابن مالك ذهب إلى أن فَعِيلاً، مطلقاً يشترك فيه المذكر والمؤنث، ثم علق ابن هشام على ذلك بقوله : وهذا القول من أفسد ما قيل؛ لأنه خلاف الواقع في كلام العرب، يقولون : امرأة ظريفة، وامرأة عليمة ورحيمة، ولايجوز التذكير في شيء من ذلك.([65])

بعد هذا يمكننا القول : إن ابن هشام، كان مستقل الشخصية حر التفكير ، انتهت إليه إمامة العربية في عصره، فما كان يبديه من نزعة اتجاه رأي إحدى المدارس في مسألة صرفية معينة، لم يكن وليد إتّباع مقصود لتلك المدرسة، وإنما نشأ عن التقاء مبدئه في الاختيار بمذهبها في توجيه المسائل والاحتجاج؛ ولذلك كان يعرض عن المذهب الذي لا يقوم على الدليل الراجح، ويختار من المذاهب ما يلائم منهجه ومنطقه، وإذا كان الأمر كذلك فمن الطبيعي أن يكون ابن هشام لا يتجه إلا للحق فهو المدرسة التي يُنتمى إليها ويستظل برايتها.

الخاتمتة

الحمد لله على توفيقه وهدايتهِ إلى إنجاز هذا البحث حتى وصل إلى خاتمتهِ التي سأضمنها أهم ما توصل إليه وهو الآتي:

  1. لم يكن ابن هشام الأنصاري نحوياً بارزاً فقط ، وإنما وجدناه في الصرف لا يقل شأناً عما هو عليه في النحو . ودليل ذلك ما ألفه من كتب في علم الصرف ، وما تناوله من مسائل صرفية في كتبه الأخرى .
  2. كان مصادره في المادة الصرفية متنوعة تمثلت بما أخذه من الأعلام والكتب، إذا أفاد من سابقيه الذين وضعوا قواعد العربية وأصولها فاستقى منهم حتى استوى عالماً قيل في حقه إنه خاتمة المجتهدين .
  3. لابن هشام الأنصاري طرائق عدة في عرض المادة الصرفية تنوعت بين الاحتمال ، والاستدلال ، والاستنتاج ، والتماس الأسباب ، والإيجاز ، والتقسيم ، وغيرها .
  4. اهتم بالقياس مقتفياً أثر المتقدمين لا سيما ابن جني ، وكان القياس عنده يتمثل بقياس العلة ، وقياس الشبه ، وقياس الطرد . كذلك اهتم بالتعليم الذي هو ركن من أركان القياس فجاءت مؤلفاته زاخرة بالعلل الصرفية .
  5. اتسم منهجه الصرفي بخصائص عدة منها : التوسع في شرح المسألة من كتاب لآخر ، والعدول عن رأيه إذا تبين له أن الصواب غير ذلك ، مما يؤكد لنا أنه كان دائم المراجعة لآرائه . كذلك تكرار النصوص في كتبه المختلفة ، ثم أهم ما يميز منهجه ، هو إتباعه طريقة المحققين في الأخذ بآراء الآخرين ، فهو لم يكن في صف مدرسة معينة ، بل كان يأخذ من كل المدارس بطريقة تعتمد الاختيار المبني على الفهم والاستيعاب بعيداً عن التعصب .
  6. تأثر ابن هشام بسابقيه ، وهذا التأثر اتخذ أشكالاً عدة منها : تبني آرائهم أو نقل أقوالهم أو شرح مؤلفاتهم ، كذلك أثر في من جاء بعده فكانوا بين متابع لرأيه أو ناقل له أو شارح لمؤلفاته .
  7. أخذ المتأخرون عن ابن هشام عليه بعض المآخذ ، بعضها صائب وبعضها لم يكن كذلك ، وقد دفعنا عنه بعض هذه المآخذ التي تبين لنا أن الحق كان معه فيها .

كما اخذ البحث على ابن هشام بعض الأمور أهمها : اضطرابه في مذهبه ، وتخطئته العلماء وهماً ، ونسبة الآراء دون تثبت ، وهذا كله لا يحط من قدره ، فسبحان الذي لا يخطئ والكمال لله وحده.

المصادر والمراجع

  1. أعيان العصر وأعوان النصر ، صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (المتوفى: 764هـ) تحقيق علي أبو زيد، نبيل أبو عشمة، محمد موعد، محمود سالم محمد دار الفكر المعاصر، بيروت – لبنان، دار الفكر، دمشق – سوريا ط : الأولى، 1418 هـ – 1998 م .
  2. طبقات الشافية الكبرى؛ السبكي (عبد الوهاب تاج الدين، ت771هـ)، ط1،مط: الحسينية، القاهرة، 1325هـ .
  3. الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة؛ العسقلاني (شهاب الدين أحمد بن حجر ت852هـ)، تح: محمد سيد جاد الحقّ، ط2، دار الكتب الحديثة، القاهرة 1385هـ- 1966م .
  4. حاشية مُحمّد الأمير على مغني الّلبيب لابن هشام الأنصاريّ، بهامش مغني الّلبيب، مُحمّد الأمير، ط2، المطبعة الأزهريّة، مصر، (1347هـ، 1928م) .
  5. المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد ، ابن مفلح ( برهان الدين ابراهيم بن محمد ) تح: عبد الرحمن سليمان ، دار الخانجي للطباعة والنشر ( د. ت ) .
  6. نزهة الطرف في علم الصرف ، ابن هشام الأنصاري ، تحقيق ودراسة : د. أحمد عبد المجيد هريدي ، ط1 ، مكتبة الزهراء ، القاهرة ، 1410هـ – 1990م.
  7. ابن هشام الأنصاري وأثره في النحو العربي: د. يوسف عبد الرحمن الضبع،ط1، دار الحديث، القاهرة، 1418هـ- 1998م.
  8. كشف الظنون عن اسامي الكتب والفنون ، حاجي خليفة ( مصطفى بن عبد الله ت 1067هـ ) دار الفكر 1982م .
  9. أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك؛ ابن هشام الأنصاريّ (جمال الدين عبد الله بن يوسف بن أحمد، ت761هـ)، تح: مُحمّد محيي الدين عبد الحميد، ط5، دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان، 1966م.
  10. مغني الّلبيب عن كُتُب الأعاريب، ابن هشام الأنصاريّ ، تح: مازن مبارك ومحمد علي حمد الله ، ط5 ، مؤسسة الصادق للطباعة والنشر ، (د.ت) .
  11. ديوان كثير عزة ، تح: إحسان عباس، ط1 ، دار الثقافة ، بيروت ، 1971م .
  12. شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، ابن عقيل (بهآء الدين عبد الله بن عقيل الهمدانيّ، ت 769هـ)، تح: مُحمّد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر، مط: السعادة، مصر، 1384هـ- 1964م .
  13. تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد؛ ابن هشام الأنصاري، تحقيق وتعليق: د. عباس مصطفى الصالحي، ط1، المكتبة العربية، بيروت، 1406هـ- 1986.
  14. شرح الّلمحة البدريّة في علم الّلغة العربيّة، ابن هشام الأنصاريّ، دراسة وتحقيق:د. هادي نهر، الجامعة المستنصرية ، بغداد، 1397هـ- 1977م.
  15. الجامع الصغير في علم النحو؛ ابن هشام الأنصاري، تحقيق وتعليق: محمد شريف سعيد الزيبق، ط1، مط: الملاح، دمشق، 1388هـ- 1968م.
  16. شرح شذور الذَّهب في معرفة كلام العرب، ابن هشام الأنصاريّ، تح: بركات يوسف هبود، ط2، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، 1419هـ- 1998م .
  17. شرح ألفية ابن مالك، ابن النّاظم (بدر الدين مُحمّد بن مُحمّد بن مالك المعروف بابن المصنف، ت 686هـ)، ط1، دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان،1424هـ- 2003م .
  18. ديوان كعب بن زهير، تح: علي فاعور ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1987.
  19. شرح قصيدة بانت سعاد؛ ابن هشام الأنصاري،مط: العامرة، مصر،1290هـ.
  20. ديوان أمية بن أبي الصلت ، جمعه بشير يموت ، ط1 ، بيروت 1934م .
  21. معاني القرآن؛ الأخفش (أبو الحسن سعيد بن مسعدة، ت215هـ)، تح: د. فائز فارس، ط3، الكويت، 1403هـ- 1981م.
  22. نزهة الطرف في علم الصرف ، ابن هشام الأنصاري ، تحقيق ودراسة : د. أحمد عبد المجيد هريدي ، ط1 ، مكتبة الزهراء ، القاهرة ، 1410هـ – 1990م .
  23. ديوان العجاج (رواية الأصمعي) ، تح : د. عزة حسن ، دار الشرق ، بيروت، 1971م.
  24. معجم شواهد العربية ، عبد السلام محمد هارون ، مطبعة الخانجي ، مصر 1392هـ – 1972م .
  25. الممتع في التصريف ، ابن عصفور ، تح: د. فخر الدين قباوة ، ط5 ، الدار العربية للكتاب ، 1403هـ – 1983م .
  26. شرح المكوديّ على ألفية ابن مالك؛ المكودي (عبد الرحمن بن علي بن صالح،ت801هـ)، منشورات الرضي قم ، (د. ت).
  27. مختصر في شواذ القراءات من كتاب البديع، ابن خالويه؛ عني بنشره: ج. برجشتراسر، دار الهجرة، (د.ت).
  28. ديوان الفرزدق (أبو فراس همّام بن غالب، ت 114هـ)، دار صادر للطباعة والنّشر، دار بيروت للطباعة والنّشر، 1385هـ – 1966م .
  29. النوادر في اللغة ، أبو زيد الأنصاري ( سعيد بن أوس بن ثابت ت 215هـ ) صححه وعلق عليه سعيد الخوري الشرتوني ، ط2 ، دار الكتاب العربي ، بيروت لبنان ، 1387هـ – 1967م.
  30. معاني القرآن، الفرّاء : ج1 ، تح : أحمد يوسف نجاتي و محمد علي النجار ، ط1 ، مطبعة دار الكتب المصرية ، القاهرة ، 1955م.
  31. المدارس النّحويّة، د. شوقي ضيف، ط3، دار المعارف ، مصر، 1976م .
  32. مدرسة الكوفة ومنهجها في دراسة الّلغة والنّحو، د. مهدي المخزوميّ، ط3 دار الرائد العربي ، بيروت ، لبنان ، 1406هـ – 1986م ) .
  33. أبو حيان النحوي: د. خديجة الحديثي، ط1، مكتبة النهضة ، بغداد، 1385هـ- 1966م .
  34. الاقتراح في علم أصول النحو، السيوطي، ضبطه وصححه: د. أحمد سليم الحمصي، ود. محمد أحمد قاسم، ط1، جروس برس، 1988م .
  35. الكتاب ، عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، أبو بشر، الملقب سيبويه (المتوفى: 180هـ)نحقيق : عبد السلام محمد هارون ، مكتبة الخانجي، القاهرة ،ط: الثالثة، 1408 هـ – 1988 م .
  36. مسألة الحكمة في تذكير قريب في قوله تعالى: ((إن رحمة الله قريب من المحسنين))؛ ابن هشام الأنصاري، تح: د. عبد الفتاح الحموز، ط1، دار عمان ــ الأردن، 1405هـ- 1984م : 54 – 55 .

الهوامش:

  1. () أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك؛ ابن هشام الأنصاريّ، تح: مُحمّد محيي الدين عبد الحميد، ط5، دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان، 1966م.: 3/247.
  2. () مغني الّلبيب عن كُتُب الأعاريب، ابن هشام الأنصاريّ ، تح: مازن مبارك ومحمد علي حمد الله ، ط5 ، مؤسسة الصادق للطباعة والنشر ، (د.ت): 2/598.
  3. () أوضح المسالك : 2/175 – 177.
  4. () مغني الّلبيب عن كُتُب الأعاريب، ابن هشام الأنصاريّ: 2/674.
  5. () البيت لكثير عزة، ديوان كثير عزة ، تح: إحسان عباس، ط1 ، دار الثقافة ، بيروت ، 1971م : 320 ، وصدره : أموت أسىً يوم الرّجام وإنني .
  6. () أوضح المسالك : 1/318 – 322.
  7. () شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، ابن عقيل (بهآء الدين عبد الله بن عقيل الهمدانيّ، ت 769هـ)، تح: مُحمّد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر، مط: السعادة، مصر، 1384هـ- 1964م : 1/337.
  8. () تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد؛ ابن هشام الأنصاري، تحقيق وتعليق: د. عباس مصطفى الصالحي، ط1، المكتبة العربية، بيروت، 1406هـ- 1986: 340 – 341.
  9. () شرح الّلمحة البدريّة في علم الّلغة العربيّة، ابن هشام الأنصاريّ، دراسة وتحقيق:د. هادي نهر، الجامعة المستنصرية ، بغداد، 1397هـ- 1977م.: 2/258-259، أوضح المسالك: 1/27-28، الجامع الصغير في علم النحو؛ ابن هشام الأنصاري، تحقيق وتعليق: محمد شريف سعيد الزيبق، ط1، مط: الملاح، دمشق، 1388هـ- 1968م:1، شرح شذور الذَّهب في معرفة كلام العرب، ابن هشام الأنصاريّ، تح: بركات يوسف هبود، ط2، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، 1419هـ- 1998م: 36.
  10. () مغني اللبيب : 1/300، وعدول ابن هشام عن آرائه لم يقتصر على الجانب الصّرفيّ وإنما شمل الجانب النحوي أيضاً .
  11. () شرح ألفية ابن مالك، ابن النّاظم (بدر الدين مُحمّد بن مُحمّد بن مالك المعروف بابن المصنف، ت 686هـ)، ط1، دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان،1424هـ- 2003م : 77.
  12. () البيت من البسيط، نسب إلى كعب بن زهير ، ديوان كعب بن زهير، تح: علي فاعور ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1987 : 46 .
  13. () تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد : 451 – 452.
  14. () شرح قصيدة بانت سعاد؛ ابن هشام الأنصاري: العامرة، مصر،1290هـ.: 50.
  15. () تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد : 341.
  16. () أوضح المسالك : 1/318-322.
  17. () شرح اللمحة البدرية : 2/231.
  18. () النور : 24/35.
  19. () البيت لأمية بن أبي الصلت: ديوان أمية بن أبي الصلت ، جمعه بشير يموت ، ط1 ، بيروت 1934م : 42.
  20. () معاني القرآن؛ الأخفش (أبو الحسن سعيد بن مسعدة، ت215هـ)، تح: د. فائز فارس، ط3، الكويت، 1403هـ- 1981م: 2/296.
  21. () أوضح المسالك : 1/318.
  22. () تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد : 335 – 336.
  23. () أوضح المسالك : 4/307.
  24. () شرح اللمحة البدرية : 1/281.
  25. () يونس : 10/24.
  26. () شرح شذور الذهب : 144.
  27. () شرح قصيدة بانت سعاد : 18.
  28. () نزهة الطرف في علم الصرف ، ابن هشام الأنصاري ، تحقيق ودراسة : د. أحمد عبد المجيد هريدي ، ط1 ، مكتبة الزهراء ، القاهرة ، 1410هـ – 1990م: 171.
  29. () نفسه : 171.
  30. () نفسه : 180.
  31. () نفسه : 171 ، 172.
  32. () البيت لرؤبة بن العجاج، ديوان العجاج (رواية الأصمعي) ، تح : د. عزة حسن ، دار الشرق ، بيروت، 1971م: 171.
  33. () الشعر منسوب في معجم شواهد العربية ، عبد السلام محمد هارون ، مطبعة الخانجي ، مصر 1392هـ – 1972م: 2/514 لرؤبة وليس في ديوانه.
  34. () الممتع في التصريف ، ابن عصفور ، تح: د. فخر الدين قباوة ، ط5 ، الدار العربية للكتاب ، 1403هـ – 1983م : 2/ 451.
  35. () شرح ابن الناظم : 90 ؛ شرح ابن عقيل: 1/502 – 503 ؛ شرح المكوديّ على ألفية ابن مالك؛ المكودي (عبد الرحمن بن علي بن صالح،ت801هـ)، منشورات الرضي قم ، (د. ت): 56.
  36. () يوسف : 12/65، وهي قراءة علقمة بن قيس ، مختصر في شواذ القراءات من كتاب البديع، ابن خالويه؛ عني بنشره: ج. برجشتراسر، دار الهجرة، (د.ت).: 64.
  37. () الأنعام : 6/28.
  38. () أوضح المسالك : 2/155-158، شرح اللمحة البدرية : 349-350 .
  39. () ديوان الفرزدق (أبو فراس همّام بن غالب، ت 114هـ)، دار صادر للطباعة والنّشر، دار بيروت للطباعة والنّشر، 1385هـ – 1966م : 33.
  40. () الصواب ( تعتلها )، ديوان الفرزدق : 33، النوادر في اللغة ، أبو زيد الأنصاري ( سعيد بن أوس بن ثابت ت 215هـ ) صححه وعلق عليه سعيد الخوري الشرتوني ، ط2 ، دار الكتاب العربي ، بيروت لبنان ، 1387هـ – 1967م : 162.
  41. () الصواب : ( جذبه )
  42. () الدخان : 44/47.
  43. () تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد : 65-67.
  44. () نفسه : 39-40.
  45. () أوضح المسالك : 1/10.
  46. () مغني اللبيب : 1/12-16.
  47. () شرح التسهيل : 267.
  48. () الرحمن : 55/75. وهي قراءة زهير القرقبي، معاني القرآن، الفرّاء : ج1 ، تح : أحمد يوسف نجاتي و محمد علي النجار ، ط1 ، مطبعة دار الكتب المصرية ، القاهرة ، 1955م: 3/118.
  49. () المدارس النّحويّة، د. شوقي ضيف، ط3، دار المعارف ، مصر، 1976م : 245.
  50. () مدرسة الكوفة ومنهجها في دراسة الّلغة والنّحو، د. مهدي المخزوميّ، ط3 دار الرائد العربي ، بيروت ، لبنان ، 1406هـ – 1986م ) :70-71،المدارس النحوية : شوقي ضيف: 245–248، أبو حيان النحوي: د. خديجة الحديثي، ط1، مكتبة النهضة ، بغداد، 1385هـ- 1966م :304–306.
  51. () شرح اللمحة البدرية : 1/276.
  52. () الاقتراح في علم أصول النحو، السيوطي، ضبطه وصححه: د. أحمد سليم الحمصي، ود. محمد أحمد قاسم، ط1، جروس برس، 1988م : 132.
  53. () شرح اللمحة البدرية : 1/216.
  54. () شرح قصيدة بانت سعاد : 62.
  55. () شرح اللمحة البدرية : 1/177. مقدمة المحقق.
  56. () شرح اللمحة البدرية : 2/215.
  57. () أوضح المسالك : 2/158.
  58. () شرح قصيدة بانت سعاد : 63.
  59. () شرح قصيدة بانت سعاد: 51.
  60. () الكتاب ، عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، أبو بشر، الملقب سيبويه (المتوفى: 180هـ)نحقيق : عبد السلام محمد هارون ، مكتبة الخانجي، القاهرة ،ط: الثالثة، 1408 هـ – 1988 م: 1/21 .
  61. () شرح اللمحة البدرية : 2/8 .
  62. () أوضح المسالك : 4/361.
  63. () أوضح المسالك : 4/250.
  64. () الأعراف : 7/56.
  65. () مسألة الحكمة في تذكير قريب في قوله تعالى: ((إن رحمة الله قريب من المحسنين))؛ ابن هشام الأنصاري، تح: د. عبد الفتاح الحموز، ط1، دار عمان،الأردن، 1405هـ- 1984م : 54 – 55 .