هجرات القبائل العربية إلى مملكة كانم في الفترة مملكة كانم الإسلامي

أدم إبراهيم كورتو1

1 طالب دكتوراه في علم اللغة، كلية اللغات والآداب والفنون والاعلام ـ جامعة أنجمينا ـ تشاد، ورئيس قسم اللغة العربية بالمركز الوطني للمناهج ـ تشاد

بريد الكتروني: adamibrahimkourtouk@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(8); https://doi.org/10.53796/hnsj58/16

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/08/2024م تاريخ القبول: 22/07/2024م

المستخلص

إن العرب بصفة عامة قد خرجوا من الجزيرة العربية وانتشروا إلى جميع أرجاء العالم شرقًا وغربًا ويمينًا وشمالاً؛ فوصلوا إلى المغرب والأندلس بجزرها وبلاد السودان الأوسط، الهجرة لأسباب مختلفة وكثيرة وأهمها هي الأسباب الاقتصادية والأمنية، وقد تكون أسباب عقائدية دينية ومن هذا المنطلق شهدت بلاد افريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى هجرات العديد من الأعراق والأجناس البشرية والقبائل العربية إلي اقليم السودان الافريقي جنوب الصحراء الكبرى واستقرت القبائل العربية المهاجرة في أنهار مملكة كانم وعبر هذه الورقة البحثية التي تعرضت لموضوع الهجرات العربية إلى مملكة كانم

الكلمات المفتاحية: كانم، الهجرة، العربية، مملكة الهحرات

Research title

Migrations of Arab tribes to the Kingdom of Kanem during the period of the Islamic Kingdom of Kanem

Adam Ibrahim kourtou1

1 PhD student in linguistics, Faculty of Languages, Literature, Arts and Media – University of N’Djamena – Chad, Head of the Arabic Language Department at the National Curriculum Center – Chad

E Mail: adamibrahimkourtouk@gmail.com

HNSJ, 2024, 5(8); https://doi.org/10.53796/hnsj58/16

Published at 01/08/2024 Accepted at 22/07/2024

Abstract

The Arabs in general left the Arabian Peninsula and spread to all parts of the world, east and west, right and left. They arrived in Morocco, Andalusia, with its islands, and the countries of central Sudan, migrating for many different reasons, the most important of which are economic and security reasons, and may be religious ideological reasons. From this standpoint, the countries of Africa located south of the Sahara witnessed the migration of many races, human races, and Arab tribes to the sub-Saharan African region of Sudan, and they settled. The Arab tribes migrating in the rivers of the Kingdom of Kanem, and through this research paper that dealt with the topic of Arab migrations to the Kingdom of Kanem.

Key Words: The Arab migration was the Kingdom of the Hara

مقدمة:

إن كلمة كانم هي مفهوم جغرافي شائع الاستخدام من قبل المؤرخين بأنه أقوى نظام حكم في وسط السودان الأوسط، وواحد من أكبر وأطول دول ما قبل الاستعمار من إفريقيا جنوب الصحراء. تقع على بحيرة تشاد ، وتقع على مفترق طرق ذات أهمية تاريخية وثقافية واقتصادية فريدة لأفريقيا في العصور الوسطى وما بعد القرون الوسطى. تتمتع المنطقة بموقع جيد استراتيجيًا على الطرف الجنوبي للطريق الأوسط العابر للصحراء ، وهي بالفعل معروفة بدورها المبكر في التجارة التي يقودها العرب والتي ربطت شمال إفريقيا الإسلامية ببلاد السودان،

إن الهجرات العربية إلى مملكة كانم لها أثر كبير في نشر الثقافة العربية الإسلامية، وسنعرض ذاك الترابط والتآخي الوثيق بين سكان المنطقة العربية وكانم،، الذي تُوِّج بدخول الإسلام واعتناق الكانميين

مشكلة الدراسة:

إن موضوع الهجرات العربية إلى كانم وأثرها في نشر الثقافة العربية الإسلامية التي تتناول عن تأثير اللغة العربية على لغة كانمبو وعلى ثقافاتهم ومعاملاتهم اليومية بعد استقرار العرب في كانم،

والعلاقات بين العرب والكانميين قديمة جدًّا؛ فقد كانت الصلة بين سكان شبه الجزيرة العربية وكانم، وبحكم التنقل والهجرات المتبادلة على مرّ العصور، وبشكل خاص تلك التي قام بها العرب بهدف التجارة وكسب العيش أو الاستطلاع الجغرافي للأماكن المجاورة لهم، وتلك الهجرات التي أُجبروا عليها لأسباب طبيعية تتعلق بظروف الحياة القاسية الطاردة لسكان شبه الجزيرة العربية أو لأسباب سياسية نتيجة للصراعات السياسية والفتن والثورات الداخلية التي شهدتها بلادهم.

تساؤلات الدراسة:

حتى يتحقق الغرض العلمي لهذا الجهد، فإنه لابد من طرح هذه التساؤلات وعن طريق طرح مشكلة البحث من خلال التساؤلات الآتية :

1/ متى بدأت الهجرات العربية إلى منطقة بحيرة تشاد؟

2/ ما السبب الدي أدى استقرتر العرب في المنطقة؟

منهج البحث:

لقد تتبع الباحث في هذه الدراسة إلى المنهج التاريخي يعتمد على تاريخ دخول العرب إلى المنطقة وذلك من خلال دراسة تلك الدراسة التاريخية لكي يصل الباحث إلى أسباب الهجرة وأسباب استقرارهم.

أهمية الموضوع: 

إن منطقة بحيرة تشاد مركز مهم لالتقاء طرق القوافل المارة عبر إفريقيا، وهو ما جعلها مركز حياة ونشاط، فضلاً عن كونها منطقة خصبة اجتذبت إليها كثيراً من العناصر القوية، بالإضافة إلى ذلك  طبيعة المنطقة من حيث خلوِّها من العوائق الطبيعية التي تحول دون  تسيير القوافل منها وإليها، وقد ساعد على استقرار كثير من المجموعات البشرية اشتغالها بالزراعة، بجانب المجموعات التي استمرت على حرفتها الأولى، وهي المرعى لما رأيت أهمية المنطقة اخترت الموضوع

حدود البحث:

الحدود المكانية التي يتحدث فيها هذه اللغة بعض أجزاء من تشاد والنيجر والنيجيريا والكمرون. وإن القبائل العربية قد بدأت تدخل في مملكة كانم بطرقات عدة. وليس من السهل، أن نعرف على وجه التحديد متى بدأ ذلك الاتصال التجاري بين البلاد العربية؛ لعدم وجود المراجع الأصلية التي كتبت عن ذلك ولكن أن قيام دولة كانم في القرن السادس الميلادي.

تهدف الدراسة

تهدف هذه الدراسة إلى دور الكانميين في نشر اللغة العربية والثقافة العربية الإسلامية في مملكة كانم. وجهود الكانميين بعد اختلاطهم مع العرب حتى صارت اللغة العربية لغة الإدارة والتخاطب والتواصل لأغلب الشعوب كانم.

 فرضيات الدراسة:

– للهجرات العربية أثر كبير في نشر الثقافة العربية الإسلامية في كانم.

– اللغة العربية في كانم كانت لغة الإدارة ، ولغة التخاطب.

المبحث الأول:

من أهم العوامل اسهمت في ظهور الكيانات السياسية الاجتماعية في هذا الجزء من السودان الافريقي الواقع جنوب الصحراء الكبرى، وفي الذي عرف باسم تشاد لاحقا، هو ذلك الحوض المائي الذي يعد من اهم لبحيرات الافريقية العذبة والغنية بالثروة السمكية، والتي ويغذي نهر شاري الذي ينبع من جبال أوبنغى في افريقيا الوسطى ويساعد النهر العميق الذي ينحدر من مرتفعات أدماوا بالكمرون وبحيرة تشاد انت محط انظار الرحالة، ومقصد أصحاب المواشي وغاية الصادين وملجأ للهاربين من الصراعات التي كانت تحترم الأسباب عديدة في تلك الفترة من عمر افريقيا.

والأسباب عديدة شهدت منطقة بحيرة تشاد قيام مملكة عرفت بمملكة كانم، وكانت من اوائل الكيانات السياسية المنطقة والقوية التي عرفتها بلاد تشاد.

وقد كان شعب مملكة كانم يتألف من القبائل المحلية السكان الأصليين، مثل قبائل الكانوري، والفولاني، وقبائل القرعان، وقبائل البلالا، وغيرهم من القبائل المحلية، غير أن مجريات الأمور في الحياة الانسانية تقتضي امتزاج الأمم والأجناس المختلفة – جغرافي وأن يكون موطناً متعدد الأعراق والأجناس والقبائل ومن أبرز القبائل التي عرفتها مملكة كانم في منذ فترات قديمة ضاربة في التاريخ القبائل العربية.

هجرات القبائل العربية إلى مملكة كانم

تؤكد العديد من الخلفيات التاريخية (1) (د. عبد الله مصطفى، مختارات من الأدب التشادي باللغة العربية، لجنة الكتّاب التشاديين، أنجمينا 2009، ص 9.) التي تربط شعب السودان الغربي والعالم العربية بروابط قديمة، فالعلاقات بين افريقيا والعالم العربي أو الأسيوي بصفة عامة علاقة ضاربة في جذور التاريخ، فكانت الشعوب الأسيوية تنتقل من أجل التجارة عبر هاتين القارتين، وإضافة إلي عامل التجارة بين العالم العربي، وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، فرَضَ عامل الهجرات إلي أفريقيا آثاره الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وذلك بالهجرات التي شهدتها افريقيا عامة ومنطقة بحيرة تشاد خاصة للقبائل العربية.

حيث ترجع بعض المصادر التاريخية نشاطات هجرة القبائل العربية إلى ما قبل ظهور الاسلام وخاصة هجرة بني هلال وبن سليم، حيث دردر لهجرة بن هلال وبن سليم أثر كبير في المجال البشري، نظر للعدد الهائل من النازحين لأن عددهم كان يقدر بأربعمائة ألف نسمة نزحوا من صعيد مصر يحد ابعادهم عنها، سنة 442 من الهجرة، فنزل الهلاليون بتونس ووصل جزء منهم إلى حدود الجزائر سنة 460 هـ ولا شك ان عدد كبير منهم في تغلغل إلى اقليم جنوب الصحراء الكبرى، واستقر في منطقة بحيرة تشاد.

ويبدو أن هناك دفعات عديدة من الهجرات العربية إلى المنطقة وتصنف بالهجرات الجماعية. وهي الهجرات التي أخذت طابعاً جماعياً، وتكون مشاهدة ومعروفة وتشمل عدداً كبيراً من النازحين، الذين يستقرون في منطقة واحدة وفي هذا الشأن جات تشاد قد شهدت هجرات كبيرة منذ ظهور الاسلام، وتضم هذه الهجرات عدد كبير من القبائل العربية التي توالت في الوصول اليها عبر التاريخ، وكان معظم النازلين من البدو الذين يحترفون الرعي، وتتمركز هذه القبائل العربية في المنطقة الساحلية، أي الواقعة من بين خط العرض 12 ـ 15 درجة شمال خط الاستواء.

فالعلاقة بين الشعوب العربية والافريقية كانت قائمة منذ القدم، وقد أرجعه بعد المؤرخين إلي فترة الجاهلية أي قبل ظهور الاسلام، فقد رأيت القبائل العربية على النزوح من بلادها الأصلية لسبب من الأسباب فتزل في بلد ليس هو موطنها الأصلي، وتستقر فيه ثم تحتك بالشعوب المحلية فيعتبرها ما يعتبر بها من المؤثرات المحلية فتفتقد جزءاً كبيراً من هويتها، وهذا ما حصل للشعوب العربية التي نزلت ي القارة الأفريقية وغيرها (2) (المرجع السابق، ص 9.) من الأماكن ومن أهم العوامل التي أسهمت في هجرة القبائل العربية إلي منطقة بحيرة تشاد ما يلي: –

  1. إن إقليم بحيرة تشاد الذي يقع على أطراف الصحراء الكبرى الفاصلة بين شمال افريقيا وجنوب، كان يعد اقليماً مفتوحاً اي سهل التنقل فيه، لأنه منبسط لا ومهتد بين المرتفعات الجبيلية التي تحيط به.

مما يساعد على التنقل فيه بدون خشية مشقة الوعورة او الوديان العميقة المنحدرات او الغابات او المجاري المائية التي تعوق المسافر فيه وهذا ما ساعد على سهولة التنقل فيه وإلى اقليم البحيرة.

  1. أن العمود الفقري للثروة الاقتصادية للقبائل العربية عامة، يتمثل في الثروة الحيوانية وخاصة الأبل ويلي ذلك التجارة عبر الصحراء، وهذا ما أدى إلي ظهور علاقات تجارية بين أفريقيا والعالم العربي منذ أمدٍ بعيد حينما كانت القوافل العربية تقدم إلي المنطقة من الشمال وكانت القوافل تجلب إلي المنطقة البضائع الأوسطية للبلاد المجاورة للبحر الأبيض المتوسط وتعود هذه القوافل محملة بالذهب والرقيق وبيض النعام والريش والجلود والفول السوداني والعنبر(3) (التأثير العربية الاسلامي في السودان الغربي امطير سعد عين دار الرواد 1999م، ص 145.)، وهذا الاتصال التجاري قد اسهم في نزوح بعض الأفراد واستقرارهم في منطقة بحيرة تشاد. وان كان ذلك بصورة فردية.

وقد ساعدت العوامل السياسة والاجتماعية الي نزوح الجماعات العربية إلى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء وتحديداً إلى منطقة بحيرة تشاد التي شهدت نزول العديد من القبائل العربية ببطونها المختلفة إلى المنطقة إبان فترة بعيدة بل الاسلام ذلك لأن المنطقة الواقعة بين هذين الخطين صالحة لتربية الأبل وكذلك الأبقار كما يمكن أن تتكيف مع الأغنام بمختلف أنواعها مما يعكس أن تربية المواشي والرعي هي من اختصاص هذه القبائل العربية.

ومن أهم القبائل العربية التي هاجرت واستقر بها المقام في اقليم بحيرة تشاد منذ القديم هي كثيرة ومتداخلة ومنها: – السلامات، والمحاميد، والحمياد والزيود والمسيرية البيض والسود، والاسلة، والكلبيون، والراشد، والخزام، وبنو هلبة، وولاد بدر، وولاد مالك، وولاد غانم، وولاد سليمان (4) (مختارات من الأدب التشادي باللغة العربية، مرجع سابق، ص 11.)، وغيرهم العديد من القبائل العربية التي نزحت عبر الهجرات واستقرت في بلاد تشاد.

وقد ذمر الشيخ إبراهيم صالح بن يونس في كتلبه الاسلام وحياة العرب في إمبراطورية كانم برنو (أن العرب دخلوا في بلاد كانم في الفترة الواقعة ما بين القرنين الرابع عشر والخامس عشر ولم يجيء القرن السادس عشر حتى أصبح العرب اقوياء في تلك المنطقة يتصرفون بكل حرية، كما كان بعض زعمائهم يقومون بدور الوسيط بين القبائل الزنجية المتنازحة على السلطة في تلك البلاد. (5) (إبراهيم صالح بن يونس، الاسلام وحياة العرب في إمبراطورية كانم برنو، مطبعة البابي الحلي، القاهرة ـ مصر 1976م، ص 19.)

وانطلاقاً من هذا الرأي، فان الجامعات العربية في هذا الاقليم لا يستهان بها عدداً وعادة ما تكون القوة معتمدة على الكثرة من ناحية وعلى القوة الاقتصادية الأمر الذي جعل من الجماعات النازحة إلى منطقة بحيرة تشاد في مملكة كانم تتمتع بالنفوذ والقوة والمكانة الاجتماعية الرفيعة.

ويرجع اتصال العرب بكانم الي القرن التاسع الميلادي، وذلك قبل دخول اهالي كانم الي الاسلام بنحو قرنين وقد ذكر بعض المؤرخين الأوروبيين في كتاب تاريخ أفريقيا لأن اتصال العرب والاسلام من ناحية مع شعب الصحراء الكبرى والسودان من ناحية أخرى، لا يحتاج إلي دلائل كثيرة، وعليه فإن العرب قد اتصلوا في القرن التاسع بـ (غانا) و(كانم) وبعد قرنين دخل ملوك (كانم) في الاسلام، وذلك بسبب اتصالهم بمصر (6) (تاريخ أفريقية، ترجمة: د. عقيلة محمد رمضان، ص 21، تأليف رولاند او ليفز وجون قبيح.)، وعلى ذلك فان الاسلام الذي انتشر في مملكة كانم كان بسبب التأثير السياسي في علاقة هذه للمملكة مع مصر بينما ذكر العديد من المصادر أن الاسلام انتشر في كانم الدعاة الذين مع القوافل التجارية الي منطقة بحيرة تشاد كتشاد حيث مملكة كانم، إضافة الي الحجاج والجماعات العربية التي استقرت في المنطقة.

وقد أورد البكري في كتابه (المغرب في ذكر بلاد افريقية والمغرب قائلا) ويزعمون ان هناك جماعة من بني أمية صاروا اليها اي إلى كانم عند محنتهم بالعباسيين وهم على زي العرب وأحوالها. (7) (إبراهيم صالح، مرجع سابق، ص 62.)

ويلاحظ أن الصراعات السياسية التي نشبت بين العشائر والبطون العربية بسبب السلطة والخلافة في الجزيرة العربية وفي الحلاف قد اسهمت بصورة غير مباشرة وبصورة مباشرة أحياناً على تلك الهجرات الكبيرة التي قام بها العرب حيث عبروا الصحراء الكبرى من الشمال حتى وصلوا الي اقليم كانم، وقد ساعدهم على الهجرة، تلك الطرق الممهدة التي كانت تسلكها القوافل التجارية العابرة للصحراء وكانت طرقاً عديدة تصل كلها الي عاصمة كانم (انجميى) او قصرغمو، وقد أسهم الاستقرار والامان الذي يحدونه على استيطانهم لهذه البلاد والتأثير الدين فيها والامتزاج بأهلها من السكان الأصليين). (8) (د. أحمد سمي جدو إمبراطورية رابح الإسلامية، جامعة الخرطوم السودان، 2006، ص 44.)

فالطرق التي كانت تربط شمال القارة الأفريقية بدولها الإسلامية جنوب القارة عبر الصحراء الكبرى كانت طرق كثيرة ومنها ما يصل إلى إقليم كانم والمناطق التشادية مثل: –

  • طرابلس إلي كان بحيرة تشاد مروراً بفران وكوار.
  • من فورينه (cyrenica) إلى وداي عن طريق الكفرة.
  • يتفرع من وداي إلى كانم. (9) (عبد الحميد عبد الله: ضواء على الشعر العربي في غربي افريقيا ـ السنغال ونيجريا ـ مكتبة وهبة القاهرة، ط1، 2001، ص 15.)

وهذه الطرق التي تنطلق من طرابلس وتتجه نحو كان هي نفسها المرتبطة بمصر او القاهرة، طرابلس ثم تنحدر نحو اقاليم جنوب الصحراء، وإذا كانت هذه الطرق المسلوكة تحمل البضائع من والي كانم لابد انها جلبت معها العديد من الأفراد والجماعات في تلك الهجرات الممتدة والمستمرة للقبائل العربية التي حطت في مملكة كانم قديماً، واستقرت على الاقاليم الواقعة على ضفاف البحيرة ثم الى داخل الشادي مثل مناطق البطحاء والجدعة وام حجر وحتى بلاد وادي حيث تنتشر القبائل العربية بصورة ملحوظة.

وقد اسهمت الهجرات العربية نحو افريقيا جنوب الصحراء الكبرى وفيه منطقة البحيرة تحديداً حيث تقدمت قبائل بني سليم وبني هلال جنوب الصحراء سعياً إلي خلق بيئة مناسبة أشبه بمواطنهم الذي هاجروا منه وحطت هذه القبائل المهاجرة في تلك المناطق التي تجمع بين مناخ البيئة الصحراوية ومناخ البيئة الساحلية التي تلعب المجاري المائية فيها دوراً كثيراً في تأمين الاكل والماء للماشية التي تعتمد والقبائل الرعوية عليها اعتماداً كلياًّ واختلفت هذه القبائل بغيرها من القبائل المحلية والقبائل البربرية والزنجية مما أدى إلي تغيرات أساسي في توزيع السكان وتجمعهم في مناطق صالحة للإقامة وللسكن مثل هذه الواحات المتناثرة في الصحراء التشادية او على ضفاف الانهار وبحيرة تشاد واسهم هذه الاستقرار الذي عرفته القبائل العربية على نشر الإسلام في المناطق التي نزحت اليها تلك القبائل. (10) (جوزيف كيزاريو: تاريخ أفريقيا السوداء، سلسلة دراسات أفريقيا، ترجمة الشيخ حسين، ط1، دار الجماهيرية للنشر والتوزيع، 2001، ص 139.)

المبحث الثاني:

دور القبائل المهاجرة في الحياة السياسية والاجتماعية:

بالنظر الى مجريات الأمور والأحداث في الحياة السياسية والاجتماعية في كانم قديماً فمن الناحية الاجتماعية حيث امتزجت القبائل العربية مع سكان المحليين عبر الزواج المعاصرة وان كانت القبائل العربية عرفت بالمحافظة ولا سيما تلك القبائل التي استوطنت في بقاء معروفة اشهرت بها، مثل الجدع والبطحاء وغيرها.

أما تلك القبائل العربية او أفراد منها والتي اجت على ضفاف الانهار والمجاري المائية والبحيرة تشاد فقد امتزجت بصورة كبيرة وواسعة مع السكان المحليين مثل قبائل الكتوكو والكانوري والباقرمي وقت تنتج عن ذلك من الناس بحمل الملامح العربية والأفريقية وبلسان عربي، أما من الناحية السياسية فقد اشترك العرب بصورة مباشرة في الصراع الذي دار بين سلاطين كانم وقبيلة البلالا وكان العرب من بني خزام وغيرهم من القبائل العربية الاخرى يساعدون البلالا في حربهم ضد سكان كانم وسلاطينها. (11) (دـ عبد الفتاح مقلد الغنيمي: الاسلام وحضارته في وسط أفريقيا، سلطنة البولالا، مكتبة مدلولى، ط1، 1996، القاهرة، ص 43.)

وهذا الموقف الذي قام به عرب في مساعدتهم لجماعة البلالا بمجهول السبب والدوافع المحرك وقد يكون ان البلالا وعرب خزام لهم صلات قربي عرقية وجنسية أم يرجع السبب لأن البلالا منحوا تسهيلات للعرب في الإقامة حول بحيرة تشاد ام توجد اسباب أخرى وعلى كلٍ فإن العرب قد تمكنوا من القيام بأدوار سياسية أكثر اثرت في مجريات الأمور في مملكة كانم قديماً ومع الدعم القوي الذي قدمته القبائل العربية وفي مقدماتها بن خزام حيث أدت تلك المساعدة العربية إلي تقوية البلالا بقيادة عبد الجليل، وتمكنوا من قتل أربعة من مايات كانم وهؤلاء المايات الماي داوود تكالي بن ابراهيم عام 1376 ـ 1386م، وعثمان بن داوود عام 1386م ومنافسه عثمان ابن ادريس عام 1386م ثم ابو بكر بن داود. (12) (دـ عبد الفتاح مقلد، سلطنة البولالا، مرجع سابق، ص 43.)

وهذا انجح البلالا في حروبهم ضد مايات كانم بفضل المساعدة التي قدمتها لهم عرب خزام والعرب الذين قدموا من الشمال والشرق وعرب خزام فرع من القبائل القحطانية في جنوب شبه الجزيرة العربية وقد انتقلت أعداد كبيرة منهم إلى مصر حيث استقرت في شرق الدلتا ثم بدأت خزام وكذلك جنيهة تتجه نحو بلاد السودان منذ عام 1200م ومن ثم كانت مساعدتهم للبلالا في القرن الرابع عشر الميلادي بعد ان وطنوا ونفوذهم في تلك المنطقة. (13) (عبد الفتاح مقلد: سلطنة البولالا، مرجع سابق، ص 43.)

ويذكر الشيخ ابراهيم صالح في كتابه ( أن العرب دخلوا بلاد كانم في الفترة الواقعة ما بين القرنين الرابع عشر والخامس عشر ولم يحن القرن السادس عشر حتى أصبح العرب أقوياء في تلك المنطقة) كما يقول أيضاً: (وفي الأوائل القرن السادس عشر زحفت بعض الأقليات من ( البقارة) و (الأبالة) الي ما يعرف بـ (بورنو)، ولكن أغلب القبائل العربية لا تزال باقية بحيث المنطقة المعروفة ببلالا ( كانم). (14) (الشيخ إبراهيم صالح، الاسلام وحياة العرب في إمبراطورية كانم برنو، مرجع سابق، ص 72.)

وعلى ذلك فإن القبائل العربية لابد ان يكون هنا كثيرة العدد بحيث تمكنت من التأثير عبر الأدوار التي قامت بها التحالفات العسكرية وكذلك قامت بأدوار سياسية اسهمت في تيسير الأمور في بعض الأقاليم وذلك بتفويض بين السلاطين المحليين والزعماء التقليديين بين هذه المناطق.

كما اسهمت هذه القبائل في إنعاش الحياة الاقتصادية والمشاركة فيها ليس من خلال القوافل التجارية التي تجلب البضائع والسلع من البلاد العربية فحسب ولكن من خلال النشاطات التجارية التي كانت تقوم بها القبائل العربية التي وقعت عن طريق الهجرة واستقرت في اقليم منطقة بحيرة تشاد إبان فترة مملكة كانم العريقة، وانطلاقا من الثروة الهائلة من المواشي والابل التي كانت تمتلكها القبائل العربية والتي كانت تزود بها الاسواق من ناحية وترفع بها الزكاة والإتاوات اللازمة للملك إضافة الى تزويد الأسواق المحلية بمنتجات المواشي من ألبان واللحوم والدهون وجلود وغيرها، أدى ذلك الي انعاش الحياة الاقتصادية ووفرت الغذاء ورواج في السوق فرضته عوامل التبادل بين العرب وقبائلها المختلفة والسكان الأصليين للبلاد الذين يحترفون والصيد والحرف اليدوية التي كانت القبائل المهاجرة بحاجه اليها من أجل الحياة، وبذلك فان القبائل العربية التي انتشرت في كانم عبر الهجرات الممتدة من القرن الرابع عشر وبين الخامس عشر وان كانت بعض المصادر تُرجع بداية هذه الهجرات الي ما قبل ظهور الاسلام، وانتشرت في أنحاء مملكة كانم ولعبت أدواراً مختلفة في الأصعدة اثرت في الحياة عامة لمملكة كانم، وان كانت فيها مواقف سلبية قامت بها هذه الجماعة المهاجرة من القبائل العربية اسهمت في زعزعة الأمن في بعض أجزاء المملكة غير ان الادوار الإيجابية هي الغالبة والمؤثرة لهذه القبائل العربية المهاجرة الي مملكة كانم. (15) (دـ عبد الرحمن زكى: الإسلام في غرب أفريقيا، القاهرة، ط1، 1988، ص 43.)

الخاتمة:

ان ظاهرة الهجرة الإنسانية ظاهرة عامة عرفتها البشرية منذ القدم حيث تهاجر الجماعات من موطنها الأصلي الى مناطق أخرى من هذه البسيطة.

وعادة ما تكون الهجرة لأسباب مختلفة وكثيرة وأهمها هي الأسباب الاقتصادية والأمنية، وقد تكون أسباب عقائدية دينية ومن هذا المنطلق شهدت بلاد افريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى هجرات العديد من الأعراق والأجناس البشرية والقبائل العربية إلي اقليم السودان الافريقي جنوب الصحراء الكبرى واستقرت القبائل العربية المهاجرة في أنهار مملكة كانم وعبر هذه الورقة البحثية التي تعرضت لموضوع الهجرات العربية إلي كانم قد سعى الباحث الي صياغة في مبحثين هما: –

  • الهجرات العربية إلى كانم أثر الهجرات العربية في كانم.
  • أثر الهجرات العربية في كانم.

واستخلص من صياغ هذا الموضوع النتائج التي توصلت اليها الدراسة ومن أهمها:

أولاً: النتائج

  1. إن مملكة كانم من أقدم الممالك في أفريقيا بصفة عامة على الاطلاق.
  2. الكانمبو، من أهم القبائل التي قطنت منطقة كانم وقامت بدور هام ملموس في تاريخ تشاد وأن أصلهم عربي انطلقوا من الجزيرة العربية ومن اليمن على وجه التحديد نحو الغرب وصلوا هذه المنطقة.
  3. لاتصال بين العرب والكانميين قديمة جدا بدأ قبل الإسلام
  4. دخول الإسلام إلى كانم يرجع إلى عام 666م 46هـ.

ثانياً: التوصيات

  1. أن الهجرات العربية إلى إقليم جنوب الصحراء الكبرى في مناطق السودان الافريقي ظاهرة تاريخية مؤكدة.
  2. ان الهجرات القبائل العربية الى منطقة كانم رجعتها بعض المصادر التاريخية الى ما قبل ظهور الإسلام.
  3. إن الجماعات العربية المهاجرة نزحت الي مملكة كانم واستقرت فيها.
  4. إن انتشار الدين الاسلامي الحنيف بدل على وصول القبائل العربية الى هذه البلاد.
  5. التواصل باللغوى العربي في تشاد التي يتحدث سائر بها العربية، يعكس دلالة الكثافة العددية من ناحية والاستقرار المزمن من ناحية أخرى للقبائل العربية.
  6. إن وجود أكثر من مائة قبيلة عربيه تشادية يدل على كثافة الهجرة إليها في تلك الفترة.
  7. لعبت القبائل العربية المهاجرة الي تشاد أدواراً كثيرة اقتصادية واجتماعيه وثقافية وعلمية.
  8. أثرت الهجرات العربية إلى تشاد في الكيانات السياسية التي عرفتها البلاد.
  9. كثرة المؤثرات التي خلفتها هذه القبائل التي هاجرت إلى تشاد إبان فترة كانم منذ هذه الفترة اسهمت في اكتساب البلاد هوية عربية وثقافة إسلامية.

المراجع والمصادر

1/(د. عبد الله مصطفى، مختارات من الأدب التشادي باللغة العربية، لجنة الكتّاب التشاديين، أنجمينا 2009، ص 9.)

2/(التأثير العربية الاسلامي في السودان الغربي امطير سعد عين دار الرواد 1999م، ص 145.)،

3/ (إبراهيم صالح بن يونس، الاسلام وحياة العرب في إمبراطورية كانم برنو، مطبعة البابي الحلي، القاهرة ـ مصر 1976م، ص 19.)

4/ (تاريخ أفريقية، ترجمة: د. عقيلة محمد رمضان، ص 21،

5/ (د. أحمد سمي جدو إمبراطورية رابح الإسلامية، جامعة الخرطوم السودان، 2006، ص 44.)

6/ عبد الحميد عبد الله: ضواء على الشعر العربي في غربي افريقيا ـ السنغال ونيجريا ـ مكتبة وهبة القاهرة، ط1، 2001، ص 15.)

7/ جوزيف كيزاريو: تاريخ أفريقيا السوداء، سلسلة دراسات أفريقيا، ترجمة الشيخ حسين، ط1، دار الجماهيرية للنشر والتوزيع، 2001، ص 139.)

8/ (دـ عبد الفتاح مقلد الغنيمي: الاسلام وحضارته في وسط أفريقيا، سلطنة البولالا، مكتبة مدلولى، ط1، 1996، القاهرة، ص 43.)

9/ (دـ عبد الرحمن زكى: الإسلام في غرب أفريقيا، القاهرة، ط1، 1988، ص 43.)