بلاغة الحال وأثرها في إيصال المعنى

د. الأمين الطيب الطاهر1

1 استاذ مشارك، جامعة وادي النيل، السودان.

HNSJ, 2024, 5(8); https://doi.org/10.53796/hnsj58/25

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/08/2024م تاريخ القبول: 15/07/2024م

المستخلص

تحدثت هذه الدراسة عن بلاغة الحال باعتبار أن الحال واحده من دلالات المعاني به يوصل صاحب الحال المعنى الذي يريده، مثله مثل باقي دلالات المعاني: اللفظ – الإشارة – الحساب – الكتابة والصمت، هذا في حده الأدني، وحده الأعلى يصل بالمعنى إلى قرارة النفوس ليسمى اصطلاحا بلاغة الحال، وعرفتها الدراسة بأنها:

توصيل المعنى للافهام بالحال بغير شك أو تأويل أو تعقيد.

وقد فصلت الدراسة في أربع مباحث للتعبير عن المراد بالحال وهي:

  1. المبحث الأول: أن يأتي الحال منفرداً.
  2. المبحث الثاني: أن يأتي الحال مع اللفظ.
  3. المبحث الثالث: أن يأتي الحال مع الإشارة.
  4. المبحث الرابع: أن يأتي الحال مع الفعل.

ثم فصلت الدراسة بلاغة الحال من خلال تعريفها وذكرت عدداً من الأمثلة من القرآن الكريم والحديث الشريف والشعر العربي، وتوصلت الدراسة لعدد من النتائج والتوصيات.

من أهم النتائج:

  1. أن بلاغة الحال تأتي منفردة احياناً لايصال المعنى.
  2. أن بلاغة الحال وردت كثيرا في القرآن الكريم.

من أهم التوصيــــــــات:

  1. على الباحثين الاهتمام بدراسة دلالات المعاني.
  2. دراسة التعبير بالحال.

Research title

Eloquence and its effect on conveying meaning

HNSJ, 2024, 5(8); https://doi.org/10.53796/hnsj58/25

Published at 01/08/2024 Accepted at 15/07/2024

Abstract

This study talks about the eloquence of the adverb, considering that the adverb of the semantic meaning, with which the adverb of the person communicates the meaning he wants, like the other of the semanitics of the meanings: word, sign, acounting, writing and silence. The study defines the eloquence of the adverb as: conveying the meaning to understand without doubt interpration or complexity.

The study is divded into four sections to express the adverb as follows:

    1. Section One: The adverb comes alone.
    2. Section Two: The adverb comes with the word.
    3. Section Three: The adverb comes with sign.
    4. Section Four: The adverb comes with verb.

The the study gave details for eloquence of the adverb according to its definition and mentioned examples from Holy Qur’an and Hadith and Arabic poetry, and the reached a number of results and recommendations.

The results:

  1. The eloquence of the adverb sometimes comes alone to convey the meaning.
  2. The eloquence of the adverb is mentioned frequently in the Holy Qur’an.

The recommendations:

  1. Researchers should pay attention to study the semantics of the meanings
  2. Study the expression with adverb.

مقدمة:

اللغة العربية أقدم اللغات الإنسانية وأعظمها، وتاج عظمتها أن تنزل بها القرآن الكريم كتاب الخالق لمخلوقاته، وتكفل القديم الباقي جلا وعلا بحفظ كتابه الحافظ للغة.

ومن أهم علوم اللغة العربية البلاغة التي من معانيها (كل ما تبلغ به المعنى قلب السامع فتمكنه في نفسه لتمكنه في نفسك مع صورة مقبولة ومعرض حسن).

ولتوصيل المعاني عدة دلالات منها: دلالة اللفظ أو الكلام ، ودلالة الإشارة، ودلالة الكتابة، ودلالة الحساب أو العقد ودلالة الصمت أو السكوت ودلالة النصبة أو الحال، فبهذه الدلالات يمكن الوصول إلى منتهى الإفهام ويبلغ المعنى إلى قرارة النفوس فتكون بلاغة هذه الدلالات. وتسمى اصطلاحاً بلاغة الكلام وبلاغة الإشارة, و بلاغة الحال التي هي موضوع دراستنا هذه.

مشكلة البحث:

تنبع مشكلة الدراسة من أن هناك بعض المعاني فهمت من دلالة الحال، ومنها ما ترتب عليه أحكام، وهذا يقتضي بالضرورة أن يكون فهم المراد صحيحاً لا لبس فيه.

فتقف هذه الدراسة على أن هل الحال يمكن أن يوصل المعنى ومراد صاحبه إلى قرارة النفوس وهل ورد هذا في مصادر اللغة العربية.

أهمية الدراسة:

تأتي أهمية الدراسة في أنها تتناول موضوعاً في غاية الأهمية (بلاغة الحال) إذ أنه يمثل أحد الدلالات التي يعبر بها الناس عما يريدون في مواقف لا تصلح لها بقية الدلالات، وإن صلحت فالأبلغ ايصال المعنى المراد بالحال.

منهج الدراسة:

تتبع هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي.

تساؤلات الدراسة:

  • ما هي بلاغة الحال؟
  • هل يعبر بالحال منفردا؟
  • كيف يعبر بالحال مع اللفظ؟
  • كيف يعبر بالحال مع الإشارة؟
  • كيف يعبر بالحال مع الفعل؟

أهداف الدراسة:

  • معرفة أن الحال أحد دلالات توصيل المعاني.
  • معرفة بلاغة الحال.
  • معرفة أن التعبير بالحال ينطبق عليه ما ينطبق على التعبير باللفظ.

الدراسات السابقة:

اجتهد الباحث في البحث عن دراسة سابقة عن بلاغة الحال – ووجد الباحث بعض الدراسات التي تناولت التعبير بالحال لكنها تناولته في إطار حصر الدلالات بدون تفصيل وهناك بعض الدراسات التي تناولته بصورة ما منها دراسة:

“بلاغة الحال في النظم القرآنى دراسة تحليلية 1421ه

لعويض بن حمود العطوي وهي دراسة دكتوراه مقدمة لجامعة الإمام محمد بن سعود – كلية اللغة العربية – قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي.

تحدث المؤلف في كتابه عن دلالة الحال، وذكر أنواع الحال: الحال المفردة، والحال الجملة، والحال شبه الجملة، وتحدث عن الحال والنظم، واسرار التقيد بالحال، والتصوير بالحال بطرق مختلفة ذكر منها التشبيه والمجاز والكنابة وغيرها.

وقد ذكر المؤلف في كتابه أمثلة كثيرة جداً عن دلالات الحال، وهو كتاب جدير بالاطلاع في مجال البلاغة والنقد.

أهم نتائج الدراسة:

توصلت الدراسة لعدد من النتائج منها:

  • إن الحال من دلالات توصيل المعاني.
  • إن بلاغة الحال إستخدمت كثيراً في القرآن الكريم والحديث الشريف وكلام العرب.
  • إن في بلاغة الحال احياناً تأتي الحال منفردة لايصال المعنى.
  • أحياناً يأتي مع الحال اللفظ أو الاشارة أو الفعل لايصال المعنى.
  • إن التعبير بالحال يؤخذ به في كل الأمور كما يؤخذ بالتعبير باللفظ.

من أهم التوصيات:

  1. على الباحثين الإهتمام بدراسة دلالات المعاني.
  2. دراسة التعبير بالحال في اللغة العربية عامة والقرآن الكريم خاصة.
  3. اجراء دراسات شرعية وفقهية مفصلة في الأحكام على التعابير بالدلالات غير اللفظية.
  4. دراسة العلاقة بين دلالات المعاني.

تعريف بلاغة الحال

بلاغة الحال لغة:

بلاغة: الحال تعني الكفاية والوصول والانتهاء وجاء في معجم العين:

بَلَغَ رَجُلُ بَلَغَ: بَليغُ، وَقَدْ بَلَغَ بَلَاغَةٌ وَبَلَغَ الشَّيْءُ يَبْلُغُ بُلُوغًا، فابلغته إِبْلَاَغًا، وَبَلَغَتْهُ تَبْلِيغَا الرِّسَالَةِ وَنَحوِهَا وَفِي كَذَا بَلَاغٍ وَتَبْلِيغِ أَيِّ كِفَايَةٍ، وَشَيْءَ بَالِغَ أَيِّ جِيدٍ، وَالْمُبَالَغَةَ أَنَّ تَبَلُّغَ مِنَ الْعَمَلِ جَهْدا) (الفـراهيدي ،1985، ج2 ، ص 42)

قال الشاعر الحارث بن حلزة الشكري:

فَهَدَاهُم بِالأسْوَدينِ وأمرُ اللهِ بَلْغُ يَشْقَي بهِ الأشْقياءُ

(الأنباري ،2019، ص 489)

بلغ معناه بالغ بالسعادة والشقاء، فمن كان سعيداً بلغته, ومَنْ كان شقياً بلغة. أما الحال فمعناه ما فيه الإنسان من خير أو شر أو حسن قال ابن سيده: الحال كينة الإنسان وما هو عليه من خير أو شر، يذكر ويؤنث والجمع أحوال. وهي الحالة أيضا وحالات الدهر صروفة.(ابن سيده ،1969، ج3 ، ص489) ويقول الفراهيدي: الحال: الوقت الذي اتت فيه . قال الشاعر:

سَخِيٌ بِنَفْسِي أنيِّ لا أرَى أحَداً يَمُوتُ هَزْلاً ولا يَبْقَى على حَالِ

(الفـراهيدي ،1985، ج3 ،ص 299)

والواحد حالة ، يقال هو بحالة سوء فمن ذكر الحال جمعه أحوالا ومن أنثها جمعها حالات (الأزهري ،2001،ج5 ، ص 158)

والحال يسمى النصبه وهي نوع من الكيفية أو ما عليه الانسان من وضع، والنصبه مصدر بمعنى النوع كالركبة والجلسه، يقول الجاحظ: (أما النصبة فهي الحال الناطقة بغير اللفظ والمشيرة بغير اليد، وهي كذلك تعني الوضع مثل القيام والقعود والاجتماع والاتكاء في الحيوان، ونحو ذلك وفي غيره من الاشياء (السكاكي،1978 ، ج1 ، ص158) ونفس هذا المعنى ذهب اليه ابن حزم في رسائله: (النصبة كيفية صحيحة لا شك فيها وهي نوع من انواع الكيفية إلا إنهم خصوا بهذا الاسم يعني النصبه هيئة المتمكن في المكان كقيامه فيه أو قعوده او بروكه او اضطجاعه وما اشبه ذلك. (ابن حزم،1983،ج4 ، ص 170)

البلاغة اصطلاحاً:

البلاغة تعني تخير اللفظ، في حسن الافهام (الجاحظ،1423ه ،ج1، ص114) ومن تعريفاتها قول اسحاق بن وهب ، البلاغة هي: أن تساوي فيها اللفظ والمعنى ، فلا يكون اللفظ أسبق إلى القلب من المعنى، ولا المعنى أسبق إلي القلب من اللفظ. (الجاحظ ،1423ه ،ج1، ص54)

ومن تعريفاتها قول العتابي: كل ما أفهمك حاجته فهو بليغ. (الجاحظ ،1423ه ، ج1 ص54)

ومن التعريفات الشاملة قول السيد أحمد الهاشمي: (هي تأدية المعنى الجليل واضحا بعبارة صحيحة فصيحة لها في النفس أثر خلاب مع ملاءمة كل كلام للموطن الذي يقال فيه والاشخاص الذين يخاطبون. (الهاشمي ،1999، ص28)

ويمكن أن نعرفها (ايصال المعنى كاملا بألفاظ فصيحة مساوية للمعنى مع مراعاة الحال والمقام.)

ولايصال المعاني القائمة في النفس والأفكار المتولده في الذهن للمتلقين عدة دلالات ، جاء في بدائع الفوائد:

(الكلام القائم في النفس والغائب عن الحواس في الافئدة يكشفه للمخاطبين خمسة أشياء اللفظ والخط والاشارة والعقد والنصب وهي لسان الحال وهي أصدق من المقال…)(ابن القيم ،1425ه ، ج1 ، ص93)، وهناك دلالة سادسة لم يذكرها وهي دلالة الصمت لتكتمل بها دلالات المعاني إلى ست دلالات وهي:

  1. دلالة اللفظ.
  2. دلالة الإشارة.
  3. دلالة الكتابة.
  4. دلالة الحساب.
  5. دلالة النصبة أو الحال.
  6. دلالة الصمت او السكوت .

كل هذه الدلالات على المعاني معنية بايصال مراد صاحب المعنى إلى المتلقي، وهذه الدلالة إما ألا يفهم مرادها المتلقي لوجود خطأ ما أو أن يفهمها المتلقي فهم يعرف مراد صاحبها فقط، أو أن يفهم المتلقي بهذه الدلالة مراد صاحبها ويصل الفهم إلى قرارة نفسه فتكون هذه الدلالة بليغة في ايصال المراد لأن البلاغة هي الوصول بالمعنى إلى قرارة النفوس، وبهذا جاءت بلاغة الكلام وبلاغة الإشارة و…… و……

وكذلك دلالة الحال كغيرها من دلالات المعاني تمر بهذه المراحل الثلاث، فمثلا ربما يفهم الحال خطأ أو يوصل الحال معلومة خاطئة للمتلقي، مثل حكاية الحال في قوله صلى الله عليه وسلم: (رب أشعث أغبر ذي طمرين تنبؤ عنه أعين الناس لو أقسم على الله لأبره.)(الأمير ،2011، ج6 ، ص 223)، حال هذا الرجل المتحدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مغبر الرأس متفرق الشعر، يظن الناس من دلالة حاله الظاهرة أنه انسان لا قيمة له وينظرون له باستحقار لكنهم أخطأوا في معرفة مراد الحال لأنه هو حقيقة (لو اقسم على الله لأبره) فهو في هذه المكانة ويقدره الله تعالى يبر قسمه فكيف بعباد الله.

ومن الدلالات التي يفهمها المتلقي من الحال ويعرف مرادها مثل: إذا لبس شخص عاكس ضوء يعلم من حاله أنه رجل مرور إذا يرتدي زي المرور المعروف وإلا فهو عامل ليلي يعمل في الظلام، وإذا رأيت رجلا رث الثياب ممزقها يتجول بلا هدى فتعلم من حاله أنه مجنون، وكذلك من رأيته يتصرف بغرابة ويتحدث لوحده أو مع ما لايتحدث إليه فتعرف من حاله أن مجنون ، ولذلك إذا رأيت مجنون ليلى كما حكي عن نفسه يتحدث إلى الغزلان بقوله:

فَعْينَاشِ عَيْنَاهَا وَجِيدُك جِيْدُهَا سِوى أنْ عَظْم السَّاقِ مِنْشِ رَقِيقُ

(البغدادي،1997،ج11 ،ص 464)

فلا دلالة من حال هذا الرجل الذي يتحدث إلى الغزلان من معنى إلا أنه مجنون.

وكذلك من دلالة الحال مايفهمه المتلقي فهما يصل بمراد صاحب الحال إلى قرارة نفس المتلقي ويتمكن المعنى في نفسه لتمكنه في صاحبه، وهذه هي بلاغة الحال التي هي موضوع درسنا، سنتناولها بشيء من التفصيل ويمكن أن نعرفها بقولنا :

بلاغة الحال هى:

توصيل المعنى المراد إلى الافهام بالحال بغير شك أو تأويل أو تعقيد.

قول التعريف (توصيل المعنى المراد) هذا دور دلالات المعاني التي ذكرناها سابقا وهي ست دلالات، دلالة الحال واحدة منها، ” المعني” المراد به كل ما هو في عقل ونفس المتكلم يريد ايصاله للآخرين فالشجاعة معنى يمكن أن يوصلها بالحال بأن تستبين مدلولات الشجاعة على حاله كما يمكن ايصالها بالألفاظ بقوله: (أنا شجاع ) وتوصيل المعنى للافهام حتى يكون بليغا لأن البلاغة هي أن تمكن بالحال المعنى في نفس المتلقي ويفهمه تماما كما يفهم ويتمكن الفهم في نفسه بالألفاظ، يقول ابو هلال العسكري: (البلاغة كل ما تبلغ به المعنى قلب السامع فتمكنه في نفسك مع صورة مقبولة ومعرض حسن.)(السكاكي،1987 ، ص19)

المبحث الأول:

قول التعريف: (بالحال) أي أن يكون المعنى والموصل للمعنى والبالغ به قرارة النفس هو (الحال) الحال منفرداً بدون مساعدة من أي دلالة أخرى من دلالات توصيل المعاني المعروفه ، وذلك مثل قوله تعالى مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)(البقرة : 44)

يقول لله تعالى لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم: نحن نرى تقلب وجهك أي تجولك بنظرك في السماء، يقول الطبري: يعني بذلك جل ثناؤه: قد نرى يا محمد تقلب وجهك في السماء.. ويعني بالتقلب، التحول والتصرف، ويعني بقوله في السماء نحو: السماء وقبلها..)(الطبري ،2001، ج2 ،ص656)

(تقلب وجهك) أي تقلب عينيك أو تقلب نظر عينيك، يقول الزمخشري، (تقلب وجهك وتصرف نظرك في جهة السماء)(الكشاف،1407،ج1 ،ص 303). وقال الماوردي (معناها تقلب عينيك في النظر إلى السماء.)(المراودي ،2012، ج ،ص 144)

وتقلب وجهه صلى الله عليه وسلم في السماء والنظر إليها وتجول النظر فيها كأنه ينظر شيئا ما يقول محمد رشيد بن علي رضا:

(فتقلب الوجه في السماء عبارة عن التوجه إلى الله تعالى انتظارا لما كانت تشعر به روح النبي صلى الله عليه وسلم وترجوه من نزول الوحي بتحويل القبلة، ولا تدل الآية على أنه كان يدعو بلسانه طالبا هذا التحويل، ولا تنفي ذلك، وقال بعض المحققين: من كمال أدبه صلى الله عليه وسلم أنه ينتظر ولم يسأل.)(على رضا ،1990، ج2 ،ص13) أي أن الآية تقول أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الله تعالى بحاله ولم يسأل باللفظ، يقول الشعراوي:

(الحق سبحانه وتعالى يعطينا صورة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يحب ويشتاق أن يتجه إلى الكعبة بدلا من بيت المقدس وكان عليه السلام قد اعتاد أن يأتيه الوحي من علو فكان صلى الله عليه وسلم يتجه ببصره إلى السماء مكان اتياء الوحي ، ولا يأتي ذلك إلا إذا كان قلبه معلقا بأن يأتيه الوحي بتغيير القبلة، فكان هذا أمر شغله بتقلب النظر في السماء هذا أبلغ من التعبير بحال أخرى، لأن تقلب النظر يعني تردده كثيرا على أشياء متشابهة، وهي الاتجاهات ، والقبلة اتجاه، والسؤال عنها بحال تقلب النظر في الاتجاهات. (الشعراوي ،1997، ج1 ،ص630)

أي كأنه صلى الله عليه وسلم ينظر إلى مكان مجيء الوحي دعاء ليأتي الوحي، وينظر اتجاه القبلة رجاء لأن يأتي الوحي بتغيير القبلة. جاء في ظلال القرآن:

(كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء متجها إلى ربه ، دون أن ينطق لسانه بشيء تأدبا وانتظاراً لتوجيهه بما يرضاه) (قطب ،2011، ج1، ص 126)

فبلاغة الحال هنا جاءت من أنه صلى الله عليه وسلم لم يسأل الله تعالى باللفظ تأدباً معه جل جلاله، ولحبه صلى الله عليه وسلم وتعلقه بالبيت الحرام، وحال تقلب نظره في السماء أبلغ من أي حال آخرى، لانها حال توصل مراد انتظاره لشيء ما وهو الوحي، والذي يريده كذلك فهو مشابه لما عنده لذلك يقلب نظره بينهما وهو اتجاه بيت المقدس واتجاه بيت الله الحرام، وهنا بلاغة الحال.

وكذلك من توصيل المراد بالحال منفرداً قوله تعالى في قارون:

(فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (القصص: 79)

هذه الآية الكريمة تتحدث وترسم مشهد خروج قارون على قومه يقول الماوردي: (خرج على قومه في زينته) فيه ثلاثة أقاويل: أحداهما: في حشمه قاله قتادة، الثاني: في تبعه في سبعين ألفاً عليهم المعصفرات وكان أول يوم رؤيت فيه المعصفرات قاله ابن زيد، قال أبو لبابه: أول من صبغ بالسواد قارون، الثالث: خرج في جوار بيض على بغال بيض بسروج من ذهب على قطف ارجوان، قاله السري) (المارودي ،2012، ج4 ، ص 269) فهذا الوصف هو حال خروج قارون يقول الزمخشري:

(“في زينته” قال الحسن: في الحمرة والصفرة، وقيل خرج على بغلة شهباء عليها الأرجوان وعليها سرج من ذهب، ومعه اربعة آلاف على زيه وقيل عليهم وعلى خيولهم الديباج)(الزمخشري ،1407ه، ج3، ص 432)

وخروج قارون على قومه بهذه الحال افتراء عليهم وظلم لهم بأن لا مثل له في الغنى جاء في محاسن التأويل: (فخرج أي قارون باغياً علي قومه في زينته أي مغتراً بالنظر فيها) (القاسمي ،1418ه، ص 538).

خروج قارون على قومه في زينته دلالة حال بليغة أوصل بها مدي ثراه والغني الذي وصل إليه، ودليل وصول معنى الغنى قول قومه: ” لذو حظ عظيم ” ودلالة وصول هذا المعنى إلى قرارة نفوسهم تمنيهم أن يؤتوا غنى مثل غناه وذلك في قوله – ما نقله القرآن الكريم عنهم- (يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ) وهنا كأن الترتيب عند قوم قارون قد اختل فكان الطبيعي أن يصل اليهم معنى الغنى من حاله الظاهرة فيقولوا (إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) وبعد ذلك يستقر المعنى في افهامهم عندما يتمعنوا وينظروا مليئا في حاله فيتمنوها بعد ذلك يقولوا بقولهم الذي جاء به القرآن (يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ) لكن منظر قارون وحالة لبسه وموكبه وحشمه وخدمه كان ابلغ اوصل المعنى مباشرة إلى قرارة نفوسهم فتمنوا حاله وعادوا بـ (لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) بأنهم لن يكونوا مثله لأنه حال غنى بالغ.

ومن توصيل المراد بدلالة الحال منفرداً، قول إمرئ القيس:

فَعَادي عَداءً بَيْنَ ثَورٍ ونَعْجَةِ دَرِاكاً ولَمْ يَنْضَح بِماءٍ فَيَغْسلِ

(ابن جرير ،2004، ص 62)

جاء في شرحه فوالي بين ثور ونعجة من بقر الوحش في طلق واحد ولم يعرق عرقاً مفرطاً يغسل جسده ، يريد أنه ادركهما وقتلهما في طلق واحد قبل أن يعرق عرقا مفرطا، أي ادركهما دون معاناة ومشقة، ومقاساة وشدة، نسب فعل الفارس إلى الفرس، لأنه حامله وموصله إلى مرامه، يقول صاد هذا الفرس ثورا ونعجة، في طلق واحد ودراكاً أي مداركة.(ابن حجر ،2004، ص 62)، أي أن هذا القرس صاد ثور ونعجة من بقر الوحش ولم يتعب يقول أبوبكر الأنباري: قوله عادي معناه وإلى بين اثنين في طلق، قتلهما ولم يعرق ادرك صيده قبل أن يعرق، وقوله فيغسل معناه لم يعرق فيصير كأنه قد غسل بالماء. (الأنباري ،2019، ج1 ،ص96)

المعنى الذي يريد امرؤ القيس ايصاله بحالة فرسه هذا وأنه اصطاد فريستيه من دون أن يعرق وهو يقف بدون عرق وبدون جهد وتعب وارهاق ظاهر عليه، فيريد أن يعبر بالحال عن أصالة فرسه وقوته وقدرته الفائقة على الصيد فهذه المعاني كلها عبر عنها بحال الفرس، ومن التعبير بحال الفرس كذلك قول امرئ القيس نفسه:

ف َبَاتَ عَلَيه سَرْجَه ولِجامِه وبَاتَ بِعْينيِ قَائِماً غَيْرَ مُرْسَل

(ابن حجر ،2004، ص 63)

(يقول: بات مسرجا ملجما قائما بين يدي غير مرسل إلى المرعى) (ابن حجر ،2004، ص 63)

جاء في شرح القصائد السبع الطوال: “قال: بات عليه سرجه ، لأنهم مسافرون لا ينزعونه عنه، قال كأنه أراد الغدو فكأنه معد لذلك. (الأنباري ،2019، ص99)

هذه المعاني التي ذكرها صاحب شرح القصائد، توصل إليها من حال الفرس الذي يقف بسرجه ولجامه فوصل هذا الحال معنى أن صاحبه على سفر بل وأنه في سفره على عجل.

ومن الدعوة لايصال المراد بالحال، دعوته صلى الله عليه وسلم للتعبير بالحال في قوله: “من اعطي خيرا فرئي عليه سمى حبيب الله متحدثا بنعمة الله ومن اعطي خيرا فلم ير عليه سمي بغيض الله معادياً لنعمة الله” (ابن أبي الدنيا ،1990، ج2، ص 545)

كلمة ” فرئي ” واضح يريد رؤية الحال وأنه يعبر بحاله عن شكره لله وإلا فهو لم يشكر بل ويحاسب ويوضع في مكانة بغيض الله، ولعل هنا يظهر أن ما يقع من ثواب وعقاب على كل ما ينطق من قول، كذلك يقع على الحال، ففي الأول دلالة اللفظ والثاني دلالة الحال.

المبحث الثاني:

يكون الموصل للمعني والبالغ به قرارة النفوس الحال مع القول، أى أن يساند احدهما الآخر، قال تعالي :

(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)(الضحى: 11) النعمة: نعمة الله ونعم الله: تعني كل ما اعطاه الله تعالى للعبد من خير، والنعمة: الخير والمنة والفضل، جاء في مختار الصحاح:

(النعمة: اليد والضيعه والمنة وما أنعم به عليك .. وفلان واسع النعمة أي واسع المال.) (الرازي ،1999، ج1 ،ص 314) وجاء في معجم متن اللغة: (النعمة: اليد البيضاء الصالحة: الخفض والدعة والمال) (رضا ،1960، ج5 ، ص 499).

وقد أمر الله تعالى بالحديث عن النعم في هذه الآية بعد أن ذكر مجموعة منها، أنعم بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي نعمة الوحي ونعمة العطاء حتى الرضى ونعمة الايواء ونعمة الهداية ونعمة الاغناء، وهذه النعم منها غير المادي ومنها المادي المحسوس وهي مختلفة ومتباينة ، فالحديث بها وعنها شكرها ايضا يكون بطرق متباينة، فالقرآن نعمة شكرها بابلاغه والاخبار عنه يقول الفراء: (فكان القرآن أعظم نعم الله عليه فكان يفرقه ويحدث به وبغيرة من نعمة….) (الفراء ،2016، ج3، ص 275)، وكذلك النبوة والرسالة نعمة جاء في تفسير ابن عطية: (وأمره الله تعالى بالتحدث بالنعمة فقال مجاهد والكسائي معناه بث القرآن وبلغ ما ارسلت به، وقال آخرون بل هو عموم في جميع النعم… وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “التحدث بالنعم شكر.”)

والنعم المطلوب الحديث عنها هي كل النعم قال: الشوكاني: (والظاهر النعمة على العموم من غير تخصيص بفرد من افرادها أو نوع من أنواعها) فالمراد كل النعم لأن الله تعالى ذكر بعضا منها.

يقول ابن كثير: وكما كنت عائلا فقيراً فاغناك الله فحدث بنعمة الله عليك كما جاء في الدعاء المأثور النبوي: (وأجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بها عليك قابليها، وأتمها علينا وقال ابن جرير (كان المسلمون يرون إن من شكر النعم أن يحدث بها) (ابن عمر ،1999، ج8، ص 427)

ومن شكر النعم الحديث بها وأن يظهر أثرها على العبد يقول السمرقندي: (يعني يشكر بما أنعم الله عليه، ويحدث به، فيظهر على نفسه أثر النعمة. (السمرغندي ،1993، ج3، ص 592)

هناك كثير من النعم يمكن أن ترى على الإنسان وتعرف بظاهر حاله، جاء في كتاب الهداية إلى بلوغ النهاية في تفسير قوله تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (إن الله يري اثر نعمته على عبده، وفي الحديث: (أن الله إذا أنعم على عبد نعمة أحب أن ترى عليه نعمته.) (أبو طالب ،2008، ص 437)

وإظهار النعمة على النفس هو تعبير بالحال عن نعم الله على العبد بإظهارها عليه، فلا يمكن أن تتحدث عن كثرة مال وخفض في العيش ودعة، وأنت رث الثياب ممزقها، قبيح المنظر نابئه.

فايصال المعنى هنا يحتاج إلى التعبير بالحال مع القول، ولابد أن يساند الحال القول، وهذه بلاغة الحال في اقرار المعنى في الافهام.

ومن ايصال المعنى للافهام بالحال والقول ما جاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان متكئا فجلس، فقال: “ألا وقول الزور” فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت.) (البخاري ،1422، ص 61)

هذا الحديث جزء من حديث ورد كثيرا في كتب الأحاديث وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يخبر أصحابه بأكبر الكبائر فذكر لهم الإشراك بالله وعقوق الوالدين وهاتين الكبيرتين وردتا مقترنات معا في القرآن الكريم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحدثهم وهو متكئ وكان قد حدد لهم ثلاث كبائر فذكر في اتكاءته اثنين وغير حاله فجلس ليقول الثالثة وبتغيير الحال هذه اوصل معنى قصده صلى الله عليه وسلم أن الكبيرة الثالثة مهمة يجب الانتباه لها فهذه الأهمية لم يقلها باللفظ وإنما اوصلها لاصحابه بالحال لذلك رواها كل رواة الحديث وباختلاف رواياتهم لم يسقطوا – وكان متكئا فجلس – فلهذه الجلسة او الحال معنى مهم في الحديث.

وهنا جاءت بلاغة الحال ومساندته للفظ في اقرار المعنى في الافهام ، بحال واضحة داله على المراد وكلام مختصر، وذلك من بلاغته صلى الله عليه وسلم، خاصة وإنه أوتي جوامع الكلم ، وحسن بلاغة التعبير بالحال.

المبحث الثالث:

وكذلك من ايصال المعنى إلى قرارة النفوس أن يأتي الحال مع الإشارة مثل: حال ومشية الصحابي الجليل أبو دجانة سماك بن خرشة يوم غزوة أحد التي قال له فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموضع)(عبد الملك ،2003، ج5، ص 106)

وقصته أنه: كانت له عصابة حمراء إذا اعتصب بها علم الناس أنه سيقاتل حتى الموت، فعصب رأسه بتلك العصابة، ثم تبختر بين الصفين) (المبارك ،1999، ج4، ص 124)، هذا كان يوم أحد والناس تستعد للقتال وكل فريق يريد أن يبرز قوته ليخيف ويرهب عدوه فكانت هذه المشية من أبي دجانة لايصال معنى القوة وانهم لا محالة منتصرون جاء في شرح صحيح البخاري: (لباسه فى الحرب من باب الإرهاب على العدو في قذف الرعب والخشية في قلوبهم ، وكذلك زحف في الاختيال في الحرب.) (ابن بطال ،2003، ج5 ، ص 106)

وكمال القصة أن أبا دجانة أخذ السيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم بحقه أي أن يقاتل به حتى ينحنى حمل السيف في يده وربط العصابة في رأسه ومشى هذه المشية بخيلاء، ولم تذكر الروايات أنه كان يتحدث عما يريد أن يفعل وأنه يريد أن يفتك بالأعداء ولكن حاله في اللبس والمشية تعبير بالحال بليغ عن قوتهم واستعدادهم للقتال وحمل السيف تعبير بالإشارة للاعداء بأن السيف والقتال هو الفيصل بيننا فالتعبير بالإشارة والحال هنا أبلغ من المقال.

ومن ايصال المعنى بالحال والإشارة قول الشاعر الحصين بن حمام المرئ: فما برحوا حتى رأى الله صبرهم وحتى اشرت بالأكف المصاحف (ابن الأصبع ،1993، ص 194)

هذا البيت قاله الشاعر كعب بن جبل في وقعة صفين (وهي الواقعة المشهورة في الحرب بين علي كرم الله وجهه و معاوية رضي الله عنه حيث اشتد القتال وكادت الحرب تقضي على جيش معاوية فأشار إليه عمرو بن العاص بأن يرفع جنوده المصاحف على أسنة الرماح تعبيراً بالحال عن دعوة جيش علي رضي الله عنه للاحتكام للقرآن الكريم وبالفعل قد فهم جيش علي رضي الله عنه أنها دعوة للاحتكام لكلام الله فوافقوا رغم أن سيدنا علي رضي الله عنه رفض في بداية الأمر قبول التحكيم لكن كدلالة حال فهم مقصودهم ورفضه لمعرفته بمعاوية رضي الله عنه وأصحاب معاوية بأنهم يبيتون خديعة في الأمر وقد صدق توقعه وبانت الخديعة بعد قبولهم الدعوة بتعبير الحال ورضاءهم بتحكيم كتاب الله.

واضح أن حال جيش معاوية كما شاهده أصحاب علي مال إلى التحكيم وعضد جيش معاوية دعوته بالحال بالإشارة وذلك برفع المصاحف على أسنة الرماح جاء في كتاب تاريخ القرآن الكريم (أن المصاحف التي رفعت على رؤوس الرماح في الحرب بين علي ومعاوية رضي الله عنهما سنة 37هـ البالغ عددها نحو ثلاثمائة مصحف طلبا للهدنة وحقنا للدماء، لم تكن مصاحفا كاملة وإنما هي أجزاء من القرآن الكريم مكتوب على نحو العسب والألواح والأكتاف…) (المكي ،1946، ص 76)

وبهذا وقصة التحكيم الشهيرة التي غيرت مجريات التاريخ كانت الدعوه لها ووصول مدلولها من جيش معاوية رضي الله عنه إلى جيش علي كرم الله وجهه باستخدام بلاغة الحال والإشارة وذلك لتعذر الحديث وأن الحرب والقتال وصل إلي قمته لذلك كانت الحال والإشارة أبلغ.

المبحث الرابع:

ومن طرق ايصال المعنى إلى قرارة النفوس أن يأتي الحال مع الفعل أو أن يساند أحدهما الآخر في ايصال المعنى، وذلك مثل قوله تعالى:(قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ)(التوبة: 29)

يقول الطبري: (حتى يعطوا الخراج عن رقابهم، الذي يبذلونه للمسلمين دفعا عنها….

وأما قوله (عن يد) فإنه يعني من يده إلى يد من يدفعه اليه، وأما قوله: وهم صاغرون، فإن معناه: وهم أذلاء مقهورون يقال للذليل الحقير: صاغرٍ، واختلف اهل التأويل في معنى الصغار الذي عناه الله تعالى في هذا الموضع، فقال بعضهم، أن يعطيها وهو قائم والآخذ جالس، وقال: أي تأخذها وأنت جالس وهو قائم… وقال آخرون: بأيديهم يمشون بها، وهم كارهون.) (الطبري ،2001، ج14 ، ص 199).

ويأتي الزمخشري بنفس المعنى قائلا: وهم صاغرون أي يؤخذ منهم على الصغار والذل، وهو أن يأتي بها بنفسه ماشيا غير راكب، ويسلمها وهو قائم والمسلم جالس. (الزمخشري ،1407، ج2 ، ص 263)

ويقول الشعراوي: (يعني أن يؤدوها عن انكسار لا عن علو، حتى إن من يعطي لا يظن أنه يعطي عن حلو، وتقول له: لا، إن اليد الآخذة هنا هي اليد العليا) (الشعراوي ،1997، ج8، ص 5031)

ففي هذه الآية الكريمة البينة بلاغة واعجازا أمر الله تعالى أن تؤخذ الجزية من أهل الكتاب، وأمر أن يعبروا بفعل العطاء عطاء الجزية مسنودا بحال أن يأتوا ماشين ويقفوا أمام من يستلم منهم الجزية، وهو جالس، عن ذل وانكسار، والتعبير بهذا الفعل والحال أبلغ من الكلام في هذا الموضع، ولك أن تتخيل المشهد أي صغار وأى ذل وأى انكسار يوصله فعل هؤلاء وحالهم.

ومن مجئ الحال مع الفعل في ايصال المعنى إلى قرارة النفوس حديث الاستسقاء الذي أخرجه البخاري في صحيحه يقول: (خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مصلى يستسقي واستقبل القبلة ، فصلى ركعتين وقلب رداءه) قال سفيان فأخبرني المسعودي عن ابي بكر قال: (جعل اليمين على الشمال) (البخاري ،1422ه، ج2 ، ص 31)

المسلمون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أصابتهم سنة وانقطع الغيث، (حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف، وينظر أحدهم إلى السماء فيرى الدخان من الجوع، فأتاه أبو سفيان فقال: يا محمد إنك تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا فأدعوا الله لهم…) (ابن باز ،2007، ج1 ، ص 302) فخرج رسولا الله صلى الله عليه وسلم يستسقي – يطلب الغيث من الله تعالى – والمسلمون معه، يقول عباد بن تميم عن عمه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم خرج يستسقي فحول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة يدعو ثم حول رداءه ثم صلى لنا ركعتين جهر فيها بالقراءة) (ابن عثمان ،2008، ج3 ، ص 123).

وهاتان الركعتان هما صلاة الاستسقاء (فصلى ركعتين أي كركعتي العيد فهما كما في التكبير في أول الأولى سبعا وفي أول الثانية خمسا..) (أبو يحي ،2005،ج3 ، ص 104)

وقلب الرداء هو تحويله بأن يكون وجه الرداء على الظهر وظهر الرداء في الأمام، واليمين على الشمال ، والشمال على اليمين يقول صاحب الكوثر الجاري: إنه جعل عطافه الايمن على عاتقه الأيسر، وعطافه الأيسر على عاتقه الأيمن، وللامام احمد: حول رداءه وقلب ظهرا لبطن. (أبو يحي ،2005، ج3 ،ص 104)

ما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم من جوع وجدب في الإنسان والحيوان والأرض وطلب الناس له جعله يطلب ويستغيث بالله تعالى لينزل الغيث فكان طلبه صلى الله عليه وسلم بصلاة الاستسقاء والصلاة فعل لأنه أداها عليه السلام ركعتين وقبل الصلاة أو بعدها حول رداءه وهذا دعاء بالحال، أي يسأل الله تعالى أن يحول حالهم من حال إلى حال كما حول رداءه ، فطلبهم ومرادهم عبروا عنه بالفعل والحال، وهنا كان ايصالهم لما يريدوا أبلغ والحاحهم في طلبهم بالحال أشد.

وقول تعريف بلاغة الحال هى (توصيل المعنى المراد للافهام بالحال بغير شك…) توصيل المعنى المراد للافهام بالحال هذا ما شرحناه واسهبنا فيه القول، لأنه صلب الموضوع وقول التعريف “..بغير شك..)

أي أن يدل الحال على المعنى المراد بغير شك مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنه ليس لنبي إذا ليس لامته أن يضعها حتى يقاتل.) (ابن حنبل ،2011،ج23 ، ص 100)

يقول ابن حجر في شرح الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاءه المشركون يوم احد كان رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقيم بالمدينة فيقاتلهم فيها فقال له ناس لم يكونوا شهدوا بدرا أخرج بنا يا رسول الله إليهم نقاتلهم بأحد ونرجوا أن نصيب من الفضيلة ما اصاب أهل بدر فما زالوا برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لبس لامته (ابن حنبل ،2001، ج23 ، ص 100)، فلما لبسها ندموا ، وقالوا يارسول الله اقم فالرأي الله اليهم فالرأي رأيك فقال ما ينبغي لنبي أن يضع لامته بعد أن لبسها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه….) (العسقلاني ،1379، ج11 ، ص 341)

والمراد من قول الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ما ينبغي لنبي عزم على القتال – بلبس لامته – أن يتراجع ويترك القتال، يقول ابن بطال: (ليس ينبغي له إذا عزم أن ينصرف لأنه نقض التوكل الذي شرط الله مع العزيمة، فلبسه لامته دال على العزيمة.) (ابن بطال ،2003، ج10 ، ص 399)

فالرسول صلى الله عليه وسلم عزم وأصر على القتال وذلك يظهر في حالة بلبس لامته، وقوله تصديقا لما يعرف من حاله ولعل تعبيره بالحال هنا تفي الشك تماما في عزيمته على القتال وعدم التراجع مهما كانت النتائج.

فبلاغة التعبير بالحال هنا جاءت لنفي الشك.

ومن بلاغة التعبير بالحال أن يأتي لقطع التأويل وذلك مثل قوله تعالى: (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا) (نوح: 7)

يقول نوح عليه السلام عن قومه أنه دعاهم إلى الله تعالى واجتهد في الدعاء فلم يستجيبوا ورفضوا دعوته، وجاء التعبير القرآني يحكي عن رفضهم على لسان نوح عليه السلام (….إني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا اصابعهم في آذانهم…( أي سدوا آذانهم لكي لا يسمعوا. يقول ابن كثير:

(أي سدوا آذانهم لئلا يسمعوا ما ادعوهم إليه، كما اخبر تعالى عن كفار قريش (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ…) (فصلت: 26)، وقوله تعالى: (وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ…) قال ابن جريح عن ابن عباس وتنكروا له لئلا يعرفهم.. وقال سعيد بن جبير والسُّدِّيُّ (غطوا رؤوسهم لئلا يسمعوا ما يقول.) (ابن كثير ،1419، ج8 ، ص 246) فهم سدوا آذانهم بأصابعهم حقيقة وكذلك قال الرازي: (المعنى انهم بلغوا في التقليد إلى حيث جعلوا أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا الحجة والبينة..)

وقوله (وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ) أي تغطوا بها إما لأجل أن لا يبصروا وجهه كأنهم لم يجوزوا أن يسمعوا كلامه، ولا أن يروا وجهه ، وأما لاجل المبالغة، في أنهم لا يسمعوا، فإنهم إذا جعلوا أصابعهم في آذانهم ثم استغشوا ثيابهم مع ذلك صار المانع من السماع أقوى.. (الرازي، 1420ه، ج3 ، ص 651)

وجعل الاصابع في الآذان هو تعبير عن حال رفضهم وكرههم لما يسمعون يقول ابن زمنين: (وجعلوا اصابعهم في آذانهم يتولون ويكرهون ذلك.. واستغشوا ثيباهم، غطوا رؤوسهم لكي لا يسمعوا دُعَائِي..) (ابن عيسى ،2002، ج5 ، ص 39)

والمعروف أن جعل الأصابع في الآذان لا يمنع السمع حقيقة، وما كان مرادهم أن لا يسمعوا وهو يتحدث فقط، لكن مرادهم أن يعلم نوح يقينا أنهم لا يقبلون دعوته، وقد فهم نوح عليه السلام ذلك بل ورأي تعبيرهم بحال وضع أصابعهم في آذانهم هذا تعبير بليغ بدليل أنه عليه السلام لم يفهم منه معنى رفض الدعوة فقط فهذا تعبير بالحال أبلغ والمعنى أعمق فقال نوح (وأصَرُوا…) بوضع الأصابع في الآذان وتأكد لنوح إصرارهم باستكبارهم الذي عبروا عنه باستغشاء الثياب لأن تغطية الوجه لا تمنع السمع وإنما دلالة كبرياء.

فعدم قبول الدعوة والإصرار على ذلك بل والكبرياء على صاحبها فهمه نوح عليه السلام – بدون تأويل – وتيقن تماما بحالهم من رفضهم الدعوة ، لذلك دعا عليهم ولو كان في تعبيرهم بحالهم تأويل بمعنى آخر لما دعا عليهم ولما استجاب الله الدعاء فأغرقهم عالم السر وأخفى.

وفي تعريف بلاغة الحال ورد (.. بغير شك أو تأويل أو تعقيد) من توصيل المعنى بغير تعقيد قول الشاعر:

سَأذْكُرها والشَّيْبُ شَامِلُ فَرْعِها كَعْهدِي بِه إذا كانَ وَهْو بَهِيمُ

هذا البيت للشاعر العالم البروفسور عبد الله الطيب من قصيدة ” المودة والرجال ” يتحدث فيها عن وفائه لمحبوبته وأن حبه لها سيظل كما هو حتى في حال كبرها كما هو في حال صغرها ، ولم يذكر الكبر كما لم يذكر الصغر لكنه عبر عنهما بالحال بقوله:

في الكبر :

والشيب شامل فرعها

وفي الصغر : وهو بهيم

ففي الأول تعبير واضح بالحال عن الكبر بل ويوصل المعنى للافهام بدون أي تعقيد، وكذلك في الثاني تعبير واضح بغير تعقيد عن الصغر، وأنه في الحالتين يحبها وهذا عهد منه لمحبوبته بالوفاء كما ذكر ذلك في نفس القصيدة بقوله:

فَمَا بُدِّلت مِنِّى الَعُهودُ ولَا رَعَى حَمَاي الذي لِلأصْدقِاء نَمُومَ

ومن أمثلة ايصال المعنى للافهام بالحال بدون تعقيد كذلك لبس السواد في المناسبات الحزينة عند بعض الشعوب، حيث نجد النساء يلبسن الثياب السوداء تعبيراً بحالهن عن الحزن وهو تعبير واضح لا تعقيد فيه، فمن يدخل في بيت به مناسبة ويجد النساء يلبسن سواداً فيعلم من حالهن بدون أن يخبروه بأن هؤلاء الناس يفقدون عزيزاً.

ومثله التعبير بالثياب البيضاء للعروس دلالة حال الفرح، وبعض الطقوس كذلك التي تكون في مناسبة الزواج هي دلالة بالحال على الفرح وهي دلالات واضحة لا تعقيد في دلالاتها على المراد.

خاتمة

هذه دراسة بلاغة الحال وأثرها في إيصال المعنى، وقد عرفتها الدراسة وفصلت التعريف واوردت عدد من الشواهد على التعبير بالحال وبلاغته في القرآن الكريم وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكلام العرب وخرجت الدراسه بعدد من النتائج والتوصيات.

*من أهم النتائج:

١/ إن الحال من دلالات توصيل المعاني.

٣/ إن بلاغة الحال استخدمت كثيرا في القرآن الكريم والحديث الشريف وكلام العرب.

٣/ إن في بلاغة الحال أحيانا تأتي الحال منفرده لإيصال المعنى.

٤/ أحيانا يأتي مع الحال اللفظ أو الإشارة أو الفعل لإيصال المعنى.

٥/ إن التعبير بالحال يؤخذ به في كل الأمور كما يؤخذ بالتعبير باللفظ.

* توصيات الدراسه:

١/ على الباحثين الإهتمام بدراسة دلالات المعاني.

٢/دراسة التعبير بالحال في اللغة العربية عامة والقرآن الكريم خاصة.

٣/ إجراء دراسات شرعية وفقهية مفصلة في الأحكام على التعابير بالدلالات غير اللفظية.

٤/ دراسة العلاقة بين دلالات المعاني .

المصادر والمراجع:

  1. ابن الأصمع، سعيد عبد الملك (1993)، الأصمعيات ط7، بيروت: دار المعارف.
  2. ابن القيم، ابن القيم الجوزية، (1425)، بدائع الفوائد،, بيروت: دار الكتاب العربي.
  3. ابن باز، عبد العزيز ابن باز، (2007)، الحلل الابريزية، ط1، السعودية: دار التدمرية للنشر والتوزيع.
  4. ابن بطال، أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك، (2003)، شرح صحيح البخاري, ط2، السعودية: مكتبة الرشيد.
  5. ابن حجر، امرؤ القيس بن حجر الكندي، (2004)، ديوان امرئ القيس، ط، بيروت: دار المعارف.
  6. ابن حزم، أبو محمد بن حزم الأندلسي، (1983)، رسائل ابن حزم، ط، لبنان: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
  7. ابن حنبل، أحمد بن حنبل، (2001)، مسند الإمام أحمد، ط، بيروت: مؤسسة الرسالة.
  8. ابن سيده، ابو الحسن علي بن اسماعيل، (1956)، المخصص، ط ، بيروت: دار احياء التراث العربي.
  9. ابن عيسى، محمد بن عبد الله، (2002)، تفسير القرآن العزيز، ط1، القاهرة: دار فاروق الحديثة.
  10. ابن كثير، ابو الفداء اسماعيل بن عمر الدمشقي، (1999)، تفسير القرآن العظيم، ط1، دار طيبة للنشر والتوزيع.
  11. أبو الدنيا ،عبد الله بن محمد بن عبيد، (1990) ، العيال، ط 1، السعودية الدمام.: دار ابن القيم.
  12. أبو طالب, مكي بن ابي طالب ،(2008)، الهداية الي بلوغ النهاية، ط1، بيروت: دار الكتب العلمية.
  13. الأزهري، محمد بن احمد، (2001)، تهذيب اللغة، ط1، بيروت: دار احياء التراث العربي.
  14. الأمير، محمد بن اسماعيل الأمير، (2011)، التنوير، ط1، الرياض: مكتبة دار السلام.
  15. الأنباري، أبوبكر الأنباري، (2019)، شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات، ط5، بيروت: دار المعارف.
  16. الأنصاري، زكريا بن محمد، (2005)، منحة الباري بشرح صحيح البخاري، ط1، السعودية: مكتبة الرشيد.
  17. البخاري، محمد بن اسماعيل ابو عبد الله، (1422) صحيح البخاري، ط1، بيروت: دار طوق النجاة.
  18. البغدادي، عبد القادر بن عمر (1997)، خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب ، ط2، القاهرة: مكتبة الخانجي.
  19. الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن حجر، (1423) البيان والتبيين، لبنان: دار ومكتبة الهلال.
  20. الرازي, أبو عبد الله محمد الرازي، (1420)، مفاتيح الغيث، بيروت: دار المعرفة.
  21. الرازي، زين العابدين محمد بن ابي بكر، (1999) مختار الصحاح، ط5، بيروت: المكتبة العصرية.
  22. رضا، احمد رضا، (1960)، معجم متن اللغة، بيروت: دار مكتبة الحياة.
  23. الزمخشري، ابو القاسم محمود، (1407)، الكشاف عن غوامض التنزيل، ط3، بيروت: دار الكتاب العربي.
  24. السكاكي، محمد بن احمد بن يوسف، (1987)، مفتاح العلوم، ط3، بيروت: دار الكتاب العربي.
  25. السمرقندي، نصر بن محمد، (2008)، بحر العلوم، بيروت: دار الكتب العلمية.
  26. الشعراوي، محمد متولي الشعراوي ،(1997)، تفسير الشعراوي، مصر: مطابع اخبار اليوم.
  27. الشوكاني، محمد بن علي، (1414ه)، فتح الرحمن، بيروت: دار طيبة للنشر والتوزيع.
  28. الطبري، محمد بن جرير ابو جعفر، (2001)، تفسير الطبري، دار هجر.
  29. عثمان، احمد بن اسماعيل بن عثمان، (2008) ،الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري، بيروت: دار احياء التراث العربي.
  30. العسقلاني، احمد بن علي بن حجر، (1337)، فتح الباري شرح صحيح البخاري، بيروت: دار المعرفة.
  31. على رضا، محمد بن رشيد، (1990)، تفسير المنار، ط2، مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
  32. الفراء، ابو زكريا يحيي بن زياد، (2016)، معاني القرآن: الفراء، مصر: الدار المصرية.
  33. الفراهيدي، الخليل بن احمد، (1980)، معجم العين, ط1, مكتبة الهلال.
  34. القاسمي, محمد جمال الدين القاسمي, (1418), محاسن التأويل, ط1, بيروت,دار الكتب العلمية.
  35. قطب, سيد قطب، (2011)، في ظلال القرآن، مصر: دار الشروق للنشر.
  36. الماوردي، ابو الحسن الماوردي (2012), تفسير الماوردي، بيروت: دار الكتب العلمية.
  37. المبارك، صفي الرحمن المبارك، (1999)، منة المنعم، ط1، السعودية: دار السلام للنشر والتوزيع.
  38. المكي، محمد طاهر الكردي المكي، ( 1946)، تاريخ القرآن الكريم، ط1، السعودية: دار التدرمرية للنشر والتوزيع.
  39. الهاشمين ، السيد بن أحمد بن ابراهيم بن مصطفي، (1999)، جواهر المعاني والبيان والبديع، ط1، لبنان: دار الكتب العلمية.