الضمانات الاتفاقية لحماية أطراف عقد الامتياز التجاري (عقد الفرانشايز)

ايهاب علي حسين الصالحي1

1 كلية القانون، قسم القانون الخاص، الجامعة الإسلامية في لبنان.

اشراف الأستاذة الدكتورة/ اودين سلوم

HNSJ, 2024, 5(8); https://doi.org/10.53796/hnsj58/32

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/08/2024م تاريخ القبول: 15/07/2024م

المستخلص

هدف هذا البحث الى دراسة الضمانات الاتفاقية لحماية أطراف عقد الامتياز التجاري (عقد الفرانشايز) وقد تناول البحث بعض الجوانب القانونية لحماية أطراف عقد الامتياز التجاري (الفرانشايز) في ظل التطورات التكنولوجية والفنية وما يصاحبها من انتهاكات واعتداءات على اسرار محل العقد. تناولنا في الدراسة حماية أطراف العقد في مرحلة تنفيذ العقد من خلال بيان الضمانات الاتفاقية لكلا الطرفين، ومن خلال فهمنا لطبيعة مؤسسة الفرانشايز.

الكلمات المفتاحية: الضمانات الاتفاقية، عقد الامتياز التجاري (عقد الفرانشايز)

المقدمة

في خضم الثورة الصناعية والتجارية والصحوة المعلوماتية في المجالات المختلفة ازدادت المعاملات وخاصة العلاقات التعاقدية فظهرت أنواع جديدة من العقود التجارية تجمع في طيّاتها عدّة مزايا اقتصادية وتجارية ومن بينها عقد الامتياز التجاري (الفرانشايز)، وهو من العقود الجديدة في الوسط القانوني.

أنتشر عقد الفرانشايز في أغلبية الدول، لا سيّما في الدول العربية، نظرا للمنافع الجمّة التي يؤديها وللانعكاسات الإيجابية على أسواقها المحلية وتبادلاتها التجارية الدولية.

ومن الجدير بالذكر إنّ عقد الفرانشايز لا يقتصر على التجارة الدولية فقط، بل يطبّق ضمن التجارة الداخلية أيضا على الرغم من نشوء هذا العقد في النطاق الدولي.

إنّ عقد الفرانشايز هو تقنية عقدية حديثة موضوعها توزيع السلع والخدمات أو تصنيع المواد والمنتوجات، بمقتضاها يعطي صاحب الماركة التجارية أو المانح أو المورد (الفرانشايزر) الفريق الآخر الممنوح له أو الموزع (الفرانشايزي) حق إمتياز حصري في استعمال اسمه التجاري وماركته التجارية، وأحيانا براءات الاختراع التي بحوزته، ومهارته التقنية، ويقوم بالأشراف والمؤازرة التجارية والتقنية، بغية توزيع منتوجاته وخدماته أو تصنيعها، ومن ثم تسويقها وبيعها ضمن النطاق الجغرافي المحدد طيلة مدة عقد التوزيع أو التصنيع، كلّ ذلك لقاء بدّل خلو مسبق وعمولات دورية يسدّدها الموزع للمورّد(1).

ومن أجل توفير بيئة آمنة لأطراف عقد الامتياز التجاري (الفرانشايز) والتي سوف تؤدي إلى تطور نشاطهم التجاري وتكون دافعا إلى تشجيع الاستثمار، لا بدّ من توفر الضمانات الاتفاقية لحماية أطراف العقد فلا يمكن الاعتماد على الضمانات القانونية فقط، ومن أجل ذلك سنقوم بتقسيم البحث إلى مطلبين نتناول في المطلب الاول الضمانات الاتفاقية السابقة للتعاقد في فرعين يخصص الفرع الاول لبيان أنواع الضمانات اثناء المفاوضات أما الفرع الثاني فيكرس لمضمون الضمانات، أما المطلب الثاني فسوف نتناول فيه الضمانات القانونية أثناء تنفيذ العقد

في فرعين يخصص الفرع الاول لالتزامات الفرانشايزر تجاه الفرانشايزي أما الفرع الثاني فيكرس للإلتزامات المتبادلة بين طرفي عقد الفرانشايز.

المطلب الاول

الضمانات الاتفاقية السابقة للتعاقد

يحدث أثناء التفاوض أن يزود أحد المفاوضين الآخر بمعلومات متعلقة بمحل عقد الفرانشايز تختص بأسرار تجارية وصناعية، وذلك لطبيعة عقد الفرانشايز التي تفرض الافصاح عن هذه الأسرار أو المعلومات محل العقد، هنا لابدّ أن يقدم الفرانشايزي ضمانات، للحد من تفشي الأسرار التجارية لمحل التفاوض المزعوم، يطلق عليها أنواع الضمانات اثناء المفاوضات (الفرع الأول)، ومضمون الضمانات (الفرع ثاني) وكما يلي:

الفرع الاول

أنواع الضمانات اثناء المفاوضات

تتميز مرحلة المفاوضات في عقد الفرانشايز عن مرحلة التفاوض في العقود العادية بعنصر السرّية، كما يقتضي على الفرانشايزر الكشف عن السرّية محل التفاوض وتزويد الفرانشايزي بالمعلومات الكافية حول موضوع المفاوضة لأجل اقناع المتفاوض بالتعاقد. وقد تفشل المفاوضات لأي سبب من الأسباب بعدما تكون أسرار محل العقد قد انكشفت للمتفاوض أو لمن أستعان بهم كالخبراء أو المختصين. هنا لا بدّ من وجود ضمانات، ومن هذه الضمانات:

الفقرة الأولى: ضمان التعهد الادبي

هو عبارة عن إقرار كتابي يوقعه المتفاوض أثناء التفاوض مع مالك التكنولوجيا(2). ويطلق عليه أحياناً باتفاق الشرف. يكون هذا الاتفاق قائم بناءً على علاقة الثقة بين أطراف التفاوض، ويكتفي الفرانشايزي فيه على مجرد التعهد للطرف الآخر بحفظ سرّية المعلومات التي يحصل عليها. إنّ هذا التعهد الناشئ هو الثقة المتبادلة بين الطرفين، وقد يكون مصدر هذه الثقة سمعة الطرف المفاوض أو تعامل سابق للتفاوض، لا شك إنّ لهذا التعهد الادبي فاعلية محدودة، إذ غالبا ما يكون الإلتزام المترتب على أحد الأطراف ذا طابع اخلاقي مجرد من الجزاء القانوني، وبالتالي فإنّ الفرانشايزر سيكون تحت رحمة وضمير الفرانشايزي.

الفقرة الثانية: ضمان التعهد الكتابي المسبق

التعهد الكتابي هو إلتزام بإرادة منفردة كونه يصدر عن طرف واحد وهو متلقي التكنولوجيا، ويتعهد من خلاله لمالك التكنولوجيا بالحفاظ على الأسرار التجارية والصناعية والتي قام بالاطلاع عليها عن طريق المفاوضات. والتعهد بالسرّية يقع على المعلومات التي يمكن أن تكون موضوع التعاقد مثل المعارف الفنية والتقنية والمعلومات التكنولوجية وطريقة التصنيع والتوزيع وكافة المسائل السرّية المتعلقة بعقد نقل التكنولوجيا المحتمل الإبرام(3).

يقدم طالب حق الإمتياز (المستورد) تعهداً مسبقاً يلتزم بالمحافظة على سرّية المعلومات التي ستصل اليه أثناء المفاوضات، وألا يفشيها، أو يستخدمها، أو يسهل استخدامها من قبل الاخرين(4).

فالقانون جعل في حال قام المتلقي (الفرانشايزي) بالإخلال بهذا التعهد فتقع عليه المسؤولية العقدية والمساءلة القانونية التي ينتج عنها التعويض عن جميع الأضرار التي أصابت المانح (الفرانشايزر) وما لحقه من خسارة(5).

الفقرة الثالثة: ضمان تقديم كفالة مالية

في بعض الأحيان لا يكتفي مالك التكنولوجيا أو حائزها بالتعهد الكتابي، وإنّما يذهب إلى وضع شرط على المتلقي الإلتزام به للدخول في مفاوضات مع المالك، وهو أن يقوم هذا الاخر بإيداع مبلغ معين من المال لحساب المالك من أجل ضمان إلتزامه بالحفاظ على سرّية المعلومات محل العقد التي اطلع عليها أثناء المفاوضات. وقد يطلب المالك من المتلقي إيداع شيك أو خطاب ضمان، عملاً بما يراه المالك مناسباً له. وتكون هذه الوسيلة معتمدة من قبل مالك المعلومات أو حائزها عندما يتعامل مع المتلقي لأول مرة، فيحدد المالك مثل هذه الضمانات، حرصاً على حماية مصالحه المتمثلة بعدم تسرّب المعلومات محل العقد بدون مقابل. إنّ مصير هذا المبلغ امّا أن يتم خصمه كمقابل للأسرار التجارية عند إبرام العقد، أو يتم مصادرته من قبل المالك عند قيام المتلقي بالإخلال بإلتزامه بالحفاظ على السرّية(6).

إنّ مبلغ الكفالة لا يعد مقابلاً لاطلاع المتلقي على المعلومات السرّية أثناء فترة التفاوض، وإنّما يعتبر ضماناً ووسيلة ضغط على المتلقي لتنفيذ إلتزامه بالحفاظ على سرّية المعلومات والمعارف التي اطلع عليها. فإذا قام المتلقي بالإخلال بالتزامه أو أحد اتباعه ولم يتم بعد ذلك إبرام العقد استحق هذا المبلغ للمالك تعويضاً له عن الضرر الذي لحقه جرّاء إخلال المتلقي بالتزامه بالحفاظ على السرّية.

برأينا إنّ الالتزام بالتعهد الكتابي يعد من أفضل وسائل الحماية للحفاظ على سرّية المعلومات والبيانات والمعارف الفنية والتكنولوجية وأكثرها فاعليه، لأن الفرانشايزي يلزم نفسه بإرادته بهذا الإلتزام بعدم إفشاء أي من المعلومات ذات الطابع السري التي اطلع عليها جراء المفاوضات إضافةً إلى عدم استخدامه لهذه المعلومات والبيانات لحسابه الخاص.

الفرع الثاني

مضمون الضمانات

الفقرة الأولى: الإلتزام بعدم نقل المعلومات للغير

بمقتضى هذا الالتزام، يلتزم المرشح للتعاقد بصفته الشخصية إضافة الى كل الأفراد الذين يستعين بهم أثناء المفاوضات بعدم كشف أي من المعلومات المتعلقة بموضوع العقد في هذه المرحلة. ومنعاً من أن يقوم المرشح للتعاقد بالزعم بمعرفته المسبقة بالمعلومات المنقولة إليه في معرض التفاوض، يحتاط الفرانشايزر عادة بأن يوضح في مضمون التعهد وبصورة خطية الطبيعة السرّية للمعلومات المنقولة وملكيته الحصرية لها.

وبذلك يضمن الفرانشايزر عدم نشر هذه المعلومات وعدم تذرع المرشح للتعاقد بمعرفته المسبقة بها، وفي حال أدى التفاوض الى إبرام العقد، يبقى هذا الالتزام قائماً على عاتق الفرانشايزي كأثر من آثار عقد الفرانشايز نفسه. ويكون إلتزاماً تعاقدياً يجب احترام مقتضياته تحت طائلة إثارة مسؤوليته عند الإخلال بهذا الإلتزام(7).

أمّا إذا لم تؤد المفاوضات الى إبرام العقد، يبقى هذا الالتزام قائما طالما بقيت المعلومات تتصف بالطبيعة السرّية، وطالما لم تتحول الى معلومات عامة متاحة للجميع.

الفقرة الثانية: الإلتزام بعدم استغلال المعلومات

لا يكفي لحماية المعلومات السرّية أن يتعهد المرشح للتعاقد بعدم نقل المعلومات للغير، بل لا بدّ من الحؤول بينه وبين أي وسيلة لاستغلال هذه المعلومات لمصلحته الشخصية، وهذا المنع مرهون بعدم تذرع المرشح للتعاقد بمعرفته المسبقة بهذه المعلومات.

أمّا بالنسبة للمدة التي يبقى هذا الالتزام قائما خلالها، فهي تتحدد أمّا بانتهاء المفاوضات إيجاباً بتوقيع عقد الفرانشايز وعندها يتم استثمار هذه المعلومات وفقاً لآلية العقد، وأمّا بزوال عنصر السرّية عن هذه المعلومات.

ممّا تقدم يتبين مدى تكامل هذين الالتزامين المكونين للالتزام الاساسي المتمثل بالتكتم لمصلحة الفرانشايزر مالك المعرفة الفنية العملية والتقنيات والمعلومات المرتبطة بها.

ويترتب على عدم إلتزام الفرانشايزي بالسرّية وفقاً لما تقدم مساءلة مدنية وجزائية تنظمها القوانين المختلفة المتعلقة بالفرانشايز والتي تحيل عادة للأحكام العامّة.

الفقرة الثالثة: التزام الإعلام في الفترة السابقة للتعاقد

يمثل هذا الإلتزام أحد مظاهر حسن النّية في تنفيذ العقود، لذا يتعين على المورّد إلتزام الافصاح والكشف عن الاخطار والعراقيل التي تحول دون انتفاع المستورد بالتكنولوجيا، وكذلك أحكام القانون المحلي التي تعوق انتقال التكنولوجيا. ويتعين على المورّد الكشف عن تلك الامور في خلال المفاوضات أو على الاقل إبّان التعاقد حتى يكون المستورد على بينة من أمره فيمضي أمّا على إبرام العقد أو إلغاء الصفقة برمتها(8)، ويقصد بالقانون المحلي، قانون البلد الذي تم منه تصدير التكنولوجيا(9).

وسيتم دراسة هذا الإلتزام طبقاً لما ورد في القانون الفرنسي حيث جاء في المادة (1-1112) من القانون المدني على كل طرف في مرحلة المفاوضات ابلاغ الطرف الآخر عن كل معلومة أساسية يمكن أن تؤثر على رضا الطرف الآخر وقراره في إبرام العقد أو عدم إبرامه ويجب في فرنسا إثبات إنّ المعلومات قدمت الى الفرانشايزي قبل 20 يوم من إبرام العقد على الأقل(10)، كما يجب إعلام الفرانشايزي عن الوضع العام والمحلي لسوق المنتجات أو الخدمات موضوع عقد الفرانشايز والمحلّات الأخرى التابعة للفرانشايزر في المنطقة الجغرافية. ولم يشترط القانون الإعلام عن بيان الدخل المتوقع إلّا إنّه في حال اعلام الفريق الاخر عن هذا البيان فيجب أن تكون المعلومات جديّة ودقيقة وإذا تبين إنّها غير واقعية وإلّا تحمل الفرانشايزر مسؤولية(11). يلزم المورد (المانح) بإعطاء المستورد (الممنوح) في الفترة التي تسبق إبرام العقد، وثيقة تضم معلومات عن المشروع موضوع عقد الفرانشايز، تتعلق بالقيمة التجارية للاسم والعلامة التجارية وتضم أيضا معلومات حول عنوان المانح وقيمة رأسمال شركته وخبرته ومراحل تطوره الرئيسية ونشاطه التجاري، بالإضافة إلى عرض شبكة الفرانشايز ومضمون العقد ومنطقة النشاط المعطاة والإلتزامات الملقاة على الممنوح، والنفقات والاستثمارات الواجب تحقيقها وأماكن الدفع المصرفية والقيد في السجل التجاري.

ويفضل تقديم هذه المعلومات في مستند واحد مكتوب، تلافياً لأيّة مخاطر تنتج عن الإخلال بهذا الإلتزام من خلال التمادي في إعطاء معلومات متفرقة وفي أوقات متباعدة.

والهدف من هذا الإلتزام هو حماية حقوق الفرانشايزي، نظراً لعدم خبرته في هذا المجال. وكذلك إقناع الفرانشايزي بالتعاقد مع الفرانشايزر بغية إستثمار نشاط معين.

المطلب الثاني

الضمانات القانونية أثناء تنفيذ العقد

الفرع الأول

التزامات الفرانشايزر تجاه الفرانشايزي

يقع على عاتق الفرانشايزر في عقد الفرانشايز جملة من الإلتزامات، وقبل تناول هذه الإلتزامات لابدّ من تحديد طبيعتها إتجاه الفرانشايزي. إنّ تحديد طبيعة إلتزام الفرانشايزر يتحدد بالنظر إلى محل الإلتزام، فالمانح ملزم من لحظة إبرام العقد بنقل المعرفة الفنية، والعناصر المرتبطة بها كمحل للعقد، ويترتب على ذلك إنّه إلتزام ذا طابع عيني.

وبالتالي لا يكون المانح ملتزماً بمجرد بذل العناية لتحقيق هذا الإلتزام، بل إنّ إلتزامه هو إلتزام بتحقيق نتيجة، وهذا الإلتزام لا يتوقف عند الإلتزام العام بتحقيقها، وإنّما بما تقتضي به التطبيقات الخاصة المستمدة من طبيعة هذا العقد(12).

وهذا الإلتزام وإنّ كان يقع قبل إبرام العقد، وأثناء تنفيذه، فإنّه يمتد كذلك إلى الممنوح بعد انتهاء العقد من خلال إلتزامه بعدم المنافسة.

وعليه فإنّ التزامات والتزامات الفرانشايزر في عقد الفرانشايز هي:

الفقرة الاولى:التزام تقديم المساعدة التقنية والفنية

ينشأ الإلتزام بتقديم المساعدة الفنية والتقنية كإلتزام رئيسي وجوهري يترتب على الفرانشايزر، طالما إنّ محل عقد الفرانشايز هو المعرفة الفنية ونقلها.

تُعرف المساعدة بأنّها: “تقديم الخدمات اللازمة لوضع المعرفة الفنية المنقولة موضع التنفيذ”(13). فهي نقل لاختصاصات القدرة التقنية، تحت شكل تدريب على وضع المعارف التقنية المنقولة قيد العمل وتتفرع وسائل تقديم المساعدة التقنية بحسب نوع النشاط وحجم شبكة الفرانشايز وطبيعة المعرفة الفنية محل التعاقد.

تتمثل هذه الوسائل في دورات تدريبية للممنوح وموظفيه وحلقات دراسية وملتقيات بصورة منتظمة، وباتصالات شخصية، وبتحديث كتيبات التعليمات والتمارين. إنّ المساندة التقنية يجب النص عليها، وتحديد مداها بصورة واضحة، وذلك بأن تقدم خلال تاريخ معين ومحدد، والإشارة الى نوعية المساندة التقنية المزمع تقديمها(14).

يمتاز التزام تقديم المساعدة التقنية بأنّه التزام مستمر، يبدأ عند توقيع العقد ويستمر طالما نص العقد قائماً، فالمساعدة تبقى ضرورية طيلة مدة العقد(15).

فيما يتعلق بالنطاق الزمني للإلتزام بتقديم المساعدة التقنية، تقسّم مراحل تقديم المساعدة التقنية إلى ثلاث مراحل هي:

– المرحلة السابقة على بدء النشاط: وتتمثل بدراسة السوق، واختيار أنسب الأماكن لمشروع الممنوح، كذلك تدريب الموظفين والعاملين لدى الممنوح.

– لحظة بدء النشاط: إذ يقوم المانح بالإشراف على عناصر دعائية للممنوح، وتنظيم كل ما يرتبط بلحظة بدء النشاط، كذلك قد يتطلب الأمر ضرورة تواجد المانح وقت الافتتاح، فيكون المانح حاضراً لإرشاد الممنوح بنصائحه.

– المرحلة التالية على بدء النشاط وحتى انتهاء العقد: كتوفير تدريب دائم في دورات سنوية أو حسب الطلب. وفيما يتعلق بنفقات التسليم، فالأصل إنّها تقع على المورّد طبقاً للقواعد العامة لأنّه مدين بالإلتزام، ولكن يجوز الاتفاق على غير ذلك. وتتضمن النفقات جميع الرسوم والمصاريف اللازمة لوضع التكنولوجيا تحت تصرف المستورد، أي تمكينه من الاستفادة من التكنولوجيا من دون أي موانع أو عوائق(16).

كما يجب أن تحدد في العقد شروط تقديم المساعدة الفنية من حيث نوع التدريب، وموضوعه، ومكانه، ومدّته، واللغة التي تستعمل فيه، وعدد المدربين ومؤهلاتهم، ونفقات إقامتهم، وانتقالاتهم، وأجورهم، والتأمين عليها، وعدد العاملين الذين يتلقون التدريب والشروط المطلوبة فيهم، ولا سيّما من حيث الثقافة الفنية، وكثيراً ما يكتفي العقد بالإشارة الى إلتزام المساعدة الفنية، ثم ينظمه بعقد منفصل(17).

كما إنّ الإلتزام بنقل المساعدة الفنية في عقد الفرانشايز يعد من قبيل الإلتزامات التي تفرضها طبيعة العقد دون الحاجة للنص عليها بشكل صريح ضمن بنود العقد، وعلى هذا فإنّ خلو العقد من النص الصريح عليه أو استبعاده بنص العقد لا يؤدّي إلى التحلل منه أو عدم الإلتزام به(18).

الفقرة الثانية: التزام نقل عناصر الملكية الفكرية والمعرفة الفنية

يلتزم المانح بنقل عناصر ملكيته الفكرية التي تمّيز السلعة أو الخدمة محل عقد الفرانشايز، وتتعلق تلك العناصر بالاسم التجاري والشِّعار والعلامة التجارية، الرسوم الصناعية ونماذجها. ويمكن أن يكون المانح مالكاً لهذه العناصر أو يملك حق استخدامها.

إنّ مضمون إلتزام المانح بنقل عناصر المعرفة الفنية يتمثل بالطرق اللازمة لنقل هذه العناصر إلى المتلقي.

إنّ عناصر المعرفة الفنية التي يلزم المانح بنقلها تتكون من أشياء ماديّة وأخرى غير ماديّة فإنّه يتعين التفرقة بينهما من أجل تحديد كيفية تنفيذ مضمون هذا الإلتزام.

فالأشياء الماديّة تخضع في هذا المجال لأحكام التسليم الواردة في عقد البيع كالمكائن والمعدات والآلات والعينات ولوازم المصنع. وتخضع أحكام تسليم هذه الأشياء لإتفاق الطرفين من حيث زمان ومكان ونفقات التسليم ومطابقته لما نص عليه العقد(19). وإذا ترك للطرفين تنظيمها فإنّها تخضع للقواعد العامة في وضع الحلول اللازمة لها(20).

وبالتزام أحكام المادة التاسعة من عقد الفرانشايز النموذجي لغرفة التجارة الدولية فإنّ إلتزامات الفرانشايزر تجاه الفرانشايزي تتمثل بنقل المعرفة العملية المتضمنة للمعلومات التقنية الخطية وللمعطيات المحاسبية والمالية، إضافة الى كتيب التعليمات وكل ما له علاقة بنظام الفرانشايز وبكيفية تسييره.

وقد حددت محكمة التمييز اللبنانية غرفتها التاسعة:” إنّ جوهر الفرانشايز وما يميزه عن غيره من العقود هو إلتزام الفرانشايزر بنقل المعرفة الفنية وما تتضمنه من طرق وأسلوب عمل ووسائل تحضير وطرق تقديم لها طبيعة تقنية، تجارية، إدارية، أو سواها وهي تكرار لنجاح تجربة الفرانشايزر عن طريق السماح لطرف آخر باستثمار تلك المعارف الفنية واستغلالها. وإنّ فقدان العقد لهذا العنصر الأساسي يؤدي إلى إبطال العقد لفقدان السبب.

يتضح لنا مما تقدم إنّ نقل المعرفة الفنية هو بطبيعته التزام مستمر ما بقي عقد الفرانشايز قائماً. ذلك إنّ الفرانشايزر بهدف حماية نظامه وإبقائه متفوقا في وجه المنافسين.

الفقرة الثالثة: التزام التوريد

يتضمن تنفيذ التزام التوريد عنصرين أساسيين يتعلق أحدهما بالتزام الضمان (أولا) ويتعلق ثانيهما بالتزام التسليم (ثانيا).

1- التزام الضمان

إذا كان عقد الإمتياز وسيلة لنقل المعرفة الفنية فإن الغاية من ذلك بالنسبة للمتلقي تحقيق نتائج معينة من خلال عملية النقل. بيد أن تحقيق هذه الغاية يستلزم خلق الأدوات القانونية اللازمة بيد المتلقي لمواجهة الحالات التي لا يتحقق فيها الغرض من التعاقد. وهذه الوسائل هي الضمانات التي تلقي على كاهل المانح إلتزاما بضرورة ضمان حيازة هادئة ونافعة لعناصر المعرفة الفنية والعلامة التجارية وتتمثل بضمان التعرض والاستحقاق وضمان العيوب الخفية(21).

ووفقا لهذا الالتزام يلتزم الفرانشايزر بالامتناع عن القيام بأي عمل من شأنه أن يؤدي إلى حرمان المرخص له من الانتفاع بمحل العقد سواء كليا أو جزئيا، وسواء كان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر، ويستوي في ذلك أن يكون التعرض الصادر من الفرانشايزر تعرضا ماديا أو معنويا.

كما يلتزم الفرانشايزر بدفع التعرض القانوني الصادر من الغير الذي يستند فيه إلى حق يدعيه على محل العقد، وفي حال فشله في دفع ذلك التعرض بأن تقرر للغير حقا على محل عقد الفرانشايز حال دون انتفاع المرخص له، أضحى الفرانشايزر ملزما بتعويض المرخص له عن ذلك، فيما يسمى بضمان الاستحقاق، وينشأ ذلك التعويض كبديل عن عجز صاحب الفرانشايز عن تنفيذ إلتزامه تنفيذا عينيا، أما إذا كان التعرض ماديا فلا يضمن صاحب الفرانشايز هذا النوع من التعرض، فالقاعدة ان يكون سبب التعرض منسوبا على صاحب الفرانشايز(22).

ويضمن صاحب الفرانشايز عيوب المنتجات أو السلع التي يتم صناعتها أو تسويقها في إطار الفرانشايز، ويلتزم بتسليم المعرفة الفنية محل عقد الفرانشايز بكامل عناصرها خالية من أي عيوب تجعلها غير صالحة للغرض المخصصة له.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يتعداه لضمان هذه العيوب تجاه المستهلك الأخير تأسيسا على إنتقال التزام ضمان العيوب الخفية مع السلعة عندما تكون موضوع بيع متتابع، لذلك فإن المستهلك النهائي يمكنه مقاضاة الفرانشايزي الذي يعود في تحصيل حقه بالنهاية على الفرانشايزر تنفيذا لالتزام الضمان الواقع على هذا الأخير. كما إنّ المستهلك النهائي يمكنه مقاضاة الفرانشايزر مباشرة أو الطرفين معا بوصفهما مسؤولان بالتضامن تجاهه عن ضمان العيوب الخفية للمنتج(23).

إنّ الأساس القانوني لالتزام الضمان في هذا النوع من العقود هو الطبيعة الخاصة لهذا العقد والهدف المرجو منه يولدان إلتزام الضمان للطرف المستورد للمعرفة الفنية حتى من دون النص عليه في العقد، فهو التزام مفترض يمكن ألّا يكون منصوصا عليه صراحة(24).

حيث يسّري على هذا النوع من العقود ما يسّري على عقد البيع في الإلتزام بضمان التعرض والاستحقاق(25).

2- التزام التسليم

يعد هذا الالتزام من الالتزامات الجوهرية في العقد يتعلق عليه تمكين الفرانشايزي من القيام بدوره في إطار نظام الفرانشايز، ويلزم الفرانشايزر بتسليم شريكه في العقد السلع موضوع العقد وفقا للآلية المتفق عليها وفي المواعيد والمهل المنصوص عليها إتفاقا.

ويقصد بالتسليم نقل المعلومات والبيانات كافة التي تتكون منها المعرفة الفنية إلى المستورد، وتسليمه جميع الأشياء المادية الملحقة بالتكنولوجيا كالأجهزة، والآلات، والمعدات(26).

ويقصد بالنقل هنا هو نقل (التمكن التكنولوجي)، أي تمكين الطرف المستورد من التكنولوجيا المنقولة إليه، ونقل القدرة على الإحاطة بالمعارف والمعلومات الفنية التي تولدت عنها المعرفة الفنية(27).

أمّا عن موقف المشرع اللبناني، فقد عالج مسألة انتقال الأسرار التجارية وفقا للقواعد العامة، فقد أشار إلى محل الإلتزام وإلى شرط قابلية التعامل فيه، إذ نصت المادة (192) من قانون الالتزامات والعقود اللبناني على أنّه: “باطل كل عقد يوجب أمرا لا يبيحه القانون، ولا ينطبق على الآداب والشيء الذي لا يعد مالا بين الناس لا يجوز أن يكون موضوعا للالتزام”.

فقد حرم المشرع اللبناني التعامل بالأشياء المخالفة للنظام العام، وجعلها غير جديرة بالانتقال. فكل تحريم يخرج هذه الأسرار من دائرة التعامل سوف يجعلها غير جديرة بالحماية أما العكس فهو صحيح فإن لم تخرج تلك الأسرار عن دائرة التعامل من باب أولى تكون قابلة للانتقال، وبالتالي تعد أسرارا تجارية مشروعة وهذا الشرط يجعلها جديرة بالحماية القانونية.

كما أشار لذلك المشرع العراقي بالتزام نص المادة (16/1) من القانون المدني العراقي والتي نصت على إنّه: “كل شيء لا يخرج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصح أن يكون محلا للحقوق المالية”.

الفقرة الرابعة: التزام التموين

يقصد بالتموين إلتزام الفرانشايزر بتوريد السلع سواء بشكل كلي أو جزئي أو تحت شكل مواد أولية إلى الفرانشايزي ليقوم ببيعها أو ليستخدمها في إنتاج السلعة النهائية أو في تقديم الخدمة في إطار الفرانشايز. والتزام التموين هو التزام رئيسي في إطار الفرانشايز التوزيعي إذ يتعلق الأمر بقيام الفرانشايزي بتوزيع منتوجات أو سلع الفرانشايزر في إطار نظام الفرانشايز. إنّ التزام التموين يرتبط ببند حصرية التموين الذي يمكن أن تتضمنه عقود الفرانشايز.

تتلخص مشروعية بنود حصرية التموين بمعادلة بسيطة وحازمة، إنّ بند حصرية التموين لا يكون مشروعا إلا إذا كان ضروريا لحماية هوية وسمعة شبكة الفرانشايز وسمعتها ووحدة صورتها تجاه الغير. مما يعني إنّ بند الحصرية يجب ان يكون ضروريا لتحقيق أهداف عقد الفرانشايز بما يتضمنه من تكرار لتجربة الفرانشايزر الناجحة(28).

الفرع الثاني

الإلتزامات المتبادلة بين طرفي عقد الفرانشايز

تفرض طبيعة عقد الفرانشايز على عاتق طرفي العقد بعض الإلتزامات المشتركة، وتتمثل تلك الإلتزامات بشرط الحصرية الإقليمية والمكانية، والإلتزام بتبادل التحسينات الفنية والتقنية.

الفقرة الأولى: الإلتزام بشرط الحصرية الإقليمية والمكانية

يعد شرط الحصرية من الشروط الأساسية التي يتسم بها عقد الفرانشايز، ويقصد به في مجال عقد الفرانشايز أن يكون للمرخص (الفرانشايزر) الحق في إحتكار النشاط محل العقد في إقليم معين. ويمنع صاحب الفرانشايز من تخويل نفسه أو الغير الحق في ممارسة ذات النشاط المرخص به في ذات الاقليم وفي نفس مدة سريان عقد المرخص له، كما ويلتزم بعدم توريد أي مستلزمات إنتاج للغير في ذات الاقليم المحدد فيه نشاط المرخص له.

وكذلك شرط الحصرية من شأنه إلزام المرخص له (الفرانشايزي) بعدم الحصول على مستلزمات الإنتاج اللازمة لنشاطه إلّا من خلال صاحب الفرانشايز(29).

ومن خلال التعريف أعلاه يظهر لنا نوعان من شروط الحصرية: إقليمية ومكانية وسنبينها كالآتي: الحصرية الاقليمية: وتعني إنّ المرخص له يكون له الحق في الاستئثار بالنشاط المتفق عليه في عقد الفرانشايز في نطاق جغرافي معين، بحيث يكون هو الفرانشايزي الوحيد المرخص له في هذه النطاق. يلتزم صاحب الفرانشايز بعدم العمل في ذات النشاط المحدد بنفسه في ذات المنطقة المحددة بالعقد وإلّا يقوم بأي عمل قانوني من شأنه تخويل الغير الحق في ممارسة ذات النشاط الذي يقوم به المرخص له في ذات المنطقة المحددة له مادام العقد ساريا.

هناك شبه إجماع على ضرورة قيام شرط الحصرية الاقليمية في عقد الإمتياز(30).

كما ويقع إلتزاما تبادليا على طرفي العقد فيما يتعلق بشراء مستلزمات الانتاج وتوريدها، حيث يتعهد المرخص له بعدم التزود بمستلزمات الانتاج من السلع والخدمات إلا عن طريق صاحب الفرانشايز، كما يتوسع إلتزام صاحب الفرانشايز ليشمل عدم إمداد أي سلع وخدمات في منطقة المرخص له والمحددة بالعقد إلّا للأخير، وهذا ما يسمى بشرط حصرية الإمداد، وهو شرط يغلب عليه الطابع الاتفاقي حيث يلزم النص عليه في العقد(31).

بما إنّ المانح يقف على رأس شبكة الإمتياز وهو الجهة المنوط بها حماية مصالح أعضاء الشبكة فعليه أن يمنع كل اعتداء يقع من أي عضو آخر، وهذا الشرط موجود في كل عقود الإمتياز، مما يجعل في يد المانح وسيلة قانونية قوية لقمع كل تجاوز. فيلقي بالمسؤولية على المتلقي بسبب ممارسة نشاطه خارج المجال الاقليمي المحدد له بالعقد ويعد انتهاكا له(32).

للحصرية المكانية أهمية في إطار عقد الفرانشايز تتمثل في كونها تحقق للفرانشايزي إيجابيات منها حماية استثماراته من منافسة باقي الفرانشايزي. إنّ أغلب عقود الفرانشايز تتضمن نصا يتعلق بالحصرية المكانية حيث يلتزم الفرانشايزي بعدم التعاقد مع فرانشايزي آخر ضمن نفس النطاق الجغرافي. وعندما يتضمن عقد الفرانشايز بندا يتعلق بالحصرية المكانية، هنا يجب تحديد نطاقها بشكل واضح وصريح ليس فقط في إطار عقد الفرانشايز، بل في المستندات التي يسلمها للفرانشايزي في إطار تنفيذه لالتزام الاعلام المسبق قبل التعاقد كي يتمكن الفرانشايزي من تقدير مصلحته من التعاقد أو من عدم التعاقد(33).

وسندا لأحكام عقد الفرانشايز النموذجي لغرفة التجارة الدولية ” يتعهد الفرانشايزر خلال مدة العقد بعدم السماح لأي كان ضمن نطاق الحصرية المكانية الممنوحة للفرانشايزي بتسويق منتجات موضوع الفرانشايز بأي وسيلة كانت كما يتعهد بعدم توريد هذه المنتجات لأي كان ضمن نطاق الحصرية المكانية.

الفقرة الثانية: الإلتزام بتبادل التحسينات وتطوير شبكة الفرانشايز

لما كان محل عقد الفرانشايز يتمثل بالمعرفة الفنية والتقنية، فإنّ هذه الأخيرة تتطور وتتغير للأفضل بسبب ما يضفيه عليها الفرانشايزر والفرانشايزي من تحسينات من أجل المحافظة على المركز التنافسي القوي لشبكة الإمتياز في مواجهة الشبكات الاخرى.

ومن أجل حماية الفرانشايزي يترتب بذمة الفرانشايزر نقل التحسينات التي أدخلها الى محيط المعرفة الفنية محل التعاقد إلى الفرانشايزي. وطالما إنّ طبيعة عقد الفرانشايز والمعرفة الفنية والتقنية كأحد محوري محل العقد يجعل من هذا الإلتزام إرادي محض، ذلك إنّ من خصائص المعرفة الفنية هو جديتها وأصالتها بحيث تمثل إثراءا تقنيا على المعارف الموجودة وإذا كانت هذه المعرفة مهددة بظهور معارف جديدة تجعل المركز التنافسي لشبكة الإمتياز مهددا مما يهدد الشبكة بأسرها فإنّ ذلك يجعل المانح تحت وطأة ظرف يلح عليه أن يبقى في سباق مع الآخرين لإجراء التحسينات في المضمون التقني للمعرفة الفنية بحيث تبقى شبكة الإمتياز في مركزها التنافسي القوي(34).

وقد يدخل الفرانشايزي التحسينات على المعرفة الفنية والتقنية المنقولة إليه، وينقلها الى الفرانشايزر، لذلك وجب على الفرانشايزر الحفاظ على سرية هذه التحسينات.

فعندما يتضمن العقد شرطا يقتضي بتبادل التحسينات التي يدخلها كل من الطرفين على التكنولوجيا محل العقد، هنا يكون الطرف المستورد في مركز يجعله صاحب المصلحة الأولى في المحافظة على التكنولوجيا والتحسينات، فاذا جاءت هذه التحسينات على موضوع التعاقد من جانب الطرف المستورد، كان هو صاحب المصلحة في المحافظة على أسرارها(35).

يهدف هذا الالتزام أساسا إلى ضمان حيوية الشبكة وإنّ هذا الأمر يتحقق على ثلاثة محاور(36). أولهما تطوير الشبكة وتوسيعها، وثانيهما تحديثها المستمر، وثالثهما حماية صورة الشبكة.

  1. لجهة التطوير: يهتم الفرانشايزر بتطوير جوهر المعرفة الفنية التي تكون قابلة للتطوير. كما يسعى الفرانشايزر إلى توسيع الشبكة من خلال زيادة عدد الفرانشايزي المنضمين إليها، مما يؤدي إلى زيادة شهرتها وانتشارها مما يعود بالنفع على كافة أعضائها.
  2. لجهة التحديث: حتى يحافظ الفرانشايزر على حماية نجاح الشبكة وضمان بقاء القدرة التنافسية للشبكة، لابدّ من التحديث والبحث المستمرين والابتكار من أجل إنقاذ نظام الفرانشايز من الانهيار.
  3. لجهة صيانة الشبكة: تتم الصيانة من خلال إجراء الدعاية اللازمة وتنظيم الحملات الاعلانية المستمرة والمتنوعة والملاءمة لطبيعة الشبكة. كما تتمثل من خلال التحري عن كل خلل يصيب الشبكة مهما كان مصدره.

إنّ ربط الإلتزام بنقل التحسينات اللاحقة على انتقال المعرفة الفنية إلى المتلقي هو معيار موضوعي. ترتبط التحسينات بمضمون محل العقد دون أن يشترط أن تتوفر فيه الشروط المطلوبة في المعرفة الفنية إلا ما تعلق منها بشرط السرّية، لأن هذا الشرط ينسحب على مضمون التحسينات محل الإلتزام ما دامت هذه التحسينات مرتبطة بالمعرفة الفنية(37).

ونستنتج ممّا تقدم إنّ الفرانشايزر يقوم بحماية شبكته والعمل على تحسينها وتطويرها، وإنّ أي تلكؤ في هذا الإطار سيمنح منافسيه مواقع متصدرة عليه تؤدي إلى خسارته وإلحاق الضرر بأعضاء شبكة الامتياز كافة، ويمكن بالتالي أن يرتب مسؤولية الفرانشايزر تجاههم.

أمّا الفرانشايزي ونتيجة تبادل التحسينات وتطوير الشبكة بشكل مستمر سيجعل شبكة الإمتياز التي يملكها في مركز تنافسي قوي وسينعكس ذلك على تحقيق الأرباح واستمرارية النجاح.

الخاتمة

تناولنا من خلال الدراسة السابقة بعض الجوانب القانونية لحماية أطراف عقد الامتياز التجاري (الفرانشايز) في ظل التطورات التكنولوجية والفنية وما يصاحبها من انتهاكات واعتداءات على اسرار محل العقد. تناولنا في الدراسة حماية أطراف العقد في مرحلة تنفيذ العقد من خلال بيان الضمانات الاتفاقية لكلا الطرفين، ومن خلال فهمنا لطبيعة مؤسسة الفرانشايز.

الهوامش

1- ادمون شماس، تقنية عقد الفرانشايز مقارنة مع عقد التمثيل التجاري: آفاق وحلول، مجلة العدل، عدد3 و4، 1998، ص199.

2- محمود كيلان، الموسوعة التجارية والمصرفية، المجلد الأول، عقود التجارة الدولية في مجال نقل التكنولوجيا، ط1 دار الثقافة، مصر، 2008، ص147.

3- علاء حسين علي، مبدأ حسن النية في تكوين العقود، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة النهرين، 2002، ص12.

4- محمود الكيلاني، مرجع سابق، ص146.

5- محمود الكيلاني، المرجع نفسه، ص13.

6- طالب حسن موسى، الموجز في قانون التجارة الدولية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2001، ص26.

7- هاني صلاح الدين سرّي، المفاوضات في العقود التجارية الدولية، القاهرة، 1982، ص32.

8- جلال وفاء محمدين، الإطار القانوني لنقل التكنولوجيا: في ظل الجهود الدولية وأحكام نقل التكنولوجيا في قانون التجارة الجديد، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2004، ص54.

9- إبراهيم المنجى، عقد نقل التكنولوجيا، منشأة المعارف للنشر، الإسكندرية، 2002، ص177.

10. Cass.com.10 Janvier 2018 n 15-25287.

11. CA, Pario, 24 Oct 2018, No.16-10932 & Cass.com.13 Sep.2017 No.15-19740.

12- محمد محسن إبراهيم النجار، عقد الإمتياز التجاري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2007، ص216.

13- محمود الكيلاني، مرجع سابق، ص164.

14- نعيم مغبب، الفرانشايز، دراسة في القانون المقارن، ط1، لبنان، 2009، ص100.

15- لبنى عمر مسقاوي، عقد الفرانشايز، دراسة على ضوء الفقه والاجتهاد والعقد النموذجي المعتمد في غرفة التجارة الدولية، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، 2012، ص128.

16- السيد مصطفى أحمد أبو الخير، عقود نقل التكنولوجيا، إيتراك للنشر والتوزيع، القاهرة، 2007، ص446.

17- مرتضى جمعة عاشور، عقد الاستثمار التكنولوجي، دراسة مقارنة، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2010، ص283.

18- محمد محسن ابراهيم النجار، مرجع سابق، ص223.

19- درع حماد احمد، عقد الإمتياز، مكتبة السنهوري، بغداد، 2011، ص116.

20- أنظر المواد (541، 542، 536) من القانون المدني العراقي.

21- درع حماد احمد، مرجع سابق، ص126.

22- محمد محمد سادات مرزوق، الجوانب القانونية لعقد الفرانشايز، مجلة البحوث القانونية الاقتصادية، العدد 54، أكتوبر 2013، دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع، ص616/617.

23- لبنى عمر مسقاوي، مرجع سابق، ص151.

24- سميحة القيلوبي، الوسيط في شرح قانون التجارة المصري، ج2، ط5، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007، ص93.

25- نص المادة (429) من قانون الالتزامات والعقود اللبناني التي تنص على أنه:” وإن لم يشترط وقت البيع شيء مختص بالضمان، فالبائع ملزم بأن يضمن للمشتري ما يصيبه من استحقاق الغير للمبيع كله او لقسم منه، ومن الاعباء المدعى بها على المبيع التي لم يصرح بها عند المبيع.

26- يوسف عبد الهادي الأكيابي، النظام القانوني لعقد نقل التكنولوجيا ودورها في تكريس التبعية التكنولوجيا على المستوى الدولي، اطروحة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، القاهرة، 2002، ص174.

27- حسام محمد عيسى، نقل التكنولوجيا دراسة في الآليات القانونية للتبعية الدولية، دار المستقبل العربي، القاهرة،1987، ص300.

28- لبنى عمر مسقاوي، مرجع سابق، ص144.

29- محمد محمد سادات مرزوق، مرجع سابق، ص636.

30- محمد محسن إبراهيم النجار، مرجع سابق، ص54.

31- محمد محمد سادات مرزوق، مرجع سابق، ص639.

32- درع حماد عبد، مرجع سابق، ص156.

33- لبنى عمر مسقاوي، مرجع سابق، ص140.

34- درع حماد عبد، مرجع سابق، ص162.

35- محسن شفيق، عقد نقل التكنولوجيا، نقل التكنولوجيا من الناحية القانونية، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي، 1984، ص80.

36- لبنى عمر مسقاوي، مرجع سابق، ص152.

37- درع حماد عبد، مرجع سابق، ص162 وص163.

المصادر

1- محمود كيلان، الموسوعة التجارية والمصرفية، المجلد الأول، عقود التجارة الدولية في مجال نقل التكنولوجيا، ط1 دار الثقافة، مصر، 2008.

2- علاء حسين علي، مبدأ حسن النية في تكوين العقود، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة النهرين، 2002.

3- طالب حسن موسى، الموجز في قانون التجارة الدولية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2001.

4- هاني صلاح الدين سرّي، المفاوضات في العقود التجارية الدولية، مصر- القاهرة، 1982.

5- جلال وفاء محمدين، الإطار القانوني لنقل التكنولوجيا: في ظل الجهود الدولية وأحكام نقل التكنولوجيا في قانون التجارة الجديد، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2004.

6- إبراهيم المنجى، عقد نقل التكنولوجيا، منشأة المعارف للنشر، مصر – الإسكندرية، 2002.

7- محمد محسن إبراهيم النجار، عقد الإمتياز التجاري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2007.

8- نعيم مغبب، الفرانشايز، دراسة في القانون المقارن، ط1، لبنان، 2009.

9- لبنى عمر مسقاوي، عقد الفرانشايز، دراسة على ضوء الفقه والاجتهاد والعقد النموذجي المعتمد في غرفة التجارة الدولية، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، 2012.

10- السيد مصطفى أحمد أبو الخير، عقود نقل التكنولوجيا، إيتراك للنشر والتوزيع، القاهرة، 2007.

11- مرتضى جمعة عاشور، عقد الاستثمار التكنولوجي، دراسة مقارنة، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2010.

12- درع حماد احمد، عقد الإمتياز، مكتبة السنهوري، بغداد، 2011.

13- محسن شفيق، عقد نقل التكنولوجيا، نقل التكنولوجيا من الناحية القانونية، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي، 1984.

14- محمد محمد سادات مرزوق، الجوانب القانونية لعقد الفرانشايز، مجلة البحوث القانونية الاقتصادية، العدد 54، أكتوبر 2013، دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع.

15- سميحة القيلوبي، الوسيط في شرح قانون التجارة المصري، ج2، ط5، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007.

16- يوسف عبد الهادي الأكيابي، النظام القانوني لعقد نقل التكنولوجيا ودورها في تكريس التبعية التكنولوجيا على المستوى الدولي، اطروحة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، القاهرة، 2002.

17- حسام محمد عيسى، نقل التكنولوجيا دراسة في الآليات القانونية للتبعية الدولية، دار المستقبل العربي، القاهرة، 1987.