الفساد الإداري كأحد معوقات التنمية المستدامة وسبل التخلص منه في القانون العراقي

عدنان محمد أذويب الدليمي1

1 كلية القانون، قسم القانون العام، الجامعة الإسلامية في لبنان.

اشراف: د عصام مبارك

HNSJ, 2024, 5(8); https://doi.org/10.53796/hnsj58/33

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/08/2024م تاريخ القبول: 15/07/2024م

المستخلص

تضع كل دولة خطة للتنمية المستدامة، ولأجل الحفاظ عليها يجب إزالة كل العوائق التي قد يؤدي لإحباطها، ويعتبر الفساد الإداري من أبرز الأسباب التي تقف في طريق التنمية المستدامة، الأمر الذي يتطلب التصدي له، عبر وضع نصوص جزائية تعاقب على أفعال الفساد بشكل كاف لردع الفاسدين، ولا يتم ذلك إلا بإنشاء جهات مختصة لأجل اكتشاف وملاحقة الفاسدين. وهو ما سنعالجه في هذا البحث إذ سنتطرق لأفعال الفساد وأسبابه وآثاره الضارة، ومن ثم نبين التدابير التي وضعها المشرع العراقي لأجل التصدي لظاهرة الفساد.

الكلمات المفتاحية: الفساد الإداري: أسبابه وآثاره، جرائم الفساد، هيئات مكافحة الفساد

مقدمة:

تعتبر التنمية المستدامة من أهم الأهداف التي تسعى اليها كل دولة، إذ تعد التنمية مقياس لتقدم الشعوب وتطورها والارتقاء بالإنسان ورفع مستواه من خلال بذل الجهد للحصول على الدخل المناسب لكل فرد بشكل يؤهله للعيش حياة كريمة، ولذلك لا يجب أن يكون هناك أي عائق يعيق عملية التنمية. وتعرف التنمية المستدامة بأنها الاستخدام المثالي وبشكل منصف للموارد الطبيعية بحيث تعيش الأجيال الحالية من دون إلحاق الضرر بالأجيال القادمة([1]). ولذلك يجب أن تكون تلك العملية بعيدة عن أية خلل أو معوق في تحقيقها.

يعتبر الفساد من أكبر معوقات التنمية المستدامة، فمن الطبيعي أن تتأثر عملية التنمية بممارسات الفساد، إذ أن آثاره الضارة على كل من المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي تؤدي لعدم وجود عدالة في توزيع الدخل وتؤدي لتدني مستوى الخدمة وكذلك تؤدي لحرمان فئة كبيرة من المجتمع من أبسط حقوقها وخدماتها، وبالتالي فشل عملية التنمية المستدامة.

إن تطور الفكر وتغير الأوضاع الدولية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة أدت لزيادة الاهتمام بموضوع مكافحة الفساد وتحديد أثاره السلبية على التنمية المستدامة، حيث أصبح موضوع مكافحة الفساد محور اهتمام الباحثين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولذلك أصبحت مكافحة الفساد من أكثر القضايا التي يتم طرحها للنقاش على مستوى البحث العلمي في الوسط الأكاديمي، فمن المعلوم بأن الفساد وبكافة أنواعه يؤدي لإلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني للدولة، وينعكس سلباً على التنمية المستدامة فيتسبب في تراجع مستوى التنمية نتيجة الاستغلال لمفاصل السلطة والمناصب الوظيفية لأجل تسخير الموارد المتاحة للخدمة الشخصية وهو ما يؤدي لنتيجة فحواها فقدان تطبيق القانون بشكل فعلي، وبالتالي انتشار وتنامي جريمة الفساد وتهديد الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي للدولة، الأمر الذي يحتاج لمواجهة ومكافحة ظاهرة الفساد لأجل التقليل من آثارها السلبية على التنمية المستدامة.

ويقصد بالفساد إساءة استخدام السلطة لتحقيق مكاسب شخصية، ويعتبر ظاهرة خطيرة لما لها من أضرار بالغة على الاقتصاد الوطني ولا تسلم أية دولة من تلك الظاهرة وإن اختلفت في درجة جسامتها، ويؤثر الفساد على المجتمع في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية، مما يؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي وزيادة البطالة وسوء توزيع الدخل وتراجع العدالة الاجتماعية وزيادة الجريمة وتفكك المجتمع وهي جميعها أثار مدمرة للتنمية المستدامة. ولذلك كان من الضروري أن نتطرق لظاهرة الفساد الضار بالتنمية المستدامة لأجل معرفة وفهم الأسباب المؤدية للفساد وأثاره الضارة على التنمية المستدامة وذلك من خلال البحث في أشكاله وأسبابه وآثاره عموماً والبحث في آليات ووسائل مكافحته في دولة العراق.

أولاً- إشكالية البحث: لا يمكن التنصل من القول بأن مكافحة الفساد مهمة صعبة نظراً لتعدد أسبابها، ولكنها ضرورية لأجل ابعاد عملية التنمية المستدامة وتحقيق العدالة الاجتماعية عن الوقوع في الفشل، إذ تتطلب هذه المهمة جهوداً مستمرة وفعالة، ومن هنا تبرز الإشكالية الآتية: ما هي الجهود والآليات التي اتخذها المشرع العراقي على عاتقه لأجل الحفاظ على التنمية المستدامة من ظاهرة الفساد الإداري؟

ثانياً- هدف البحث: يتطلع هذا البحث لتحقيق عدة أهداف منها، بيان أنواع وممارسات الفساد، وتوضيح الأسباب الكامنة وراء انتشار الفساد إضافة لتوضيح الآثار الضارة للفساد التي تلحق الضرر بالمجتمع على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتي تنعكس سلباً على عملية التنمية المستدامة. كما يهدف هذا البحث لتوضيح الآليات والأساليب التي وضعها المشرع العراقي لمكافحة الفساد.

ثالثاً- أهمية البحث: تكمن أهمية هذا البحث من ناحية أن مكافحة الفساد تشكل تحد من التحديات التي تواجه العديد من البلدان والتي يجب التصدي لها لأجل الحفاظ على التنمية المستدامة التي ترتبط بعلاقة مع النمو الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ولذلك فإن أي معوق أو خطر يهدد ذلك النمو سينعكس مباشرة على التنمية المستدامة من جهة وسيؤدي لإلحاق أضرار جسيمة باقتصاد الدولة وبواقعها الاجتماعي وبأوضاعها السياسية، من جهة أخرى.

رابعاً- منهج البحث: اتبعنا في دراسة هذا البحث على المنهج الوصفي لوصف ظاهرة الفساد في أشكالها وأسبابها وآثارها الضارة، إضافة لاتباع المنهج التحليلي لتحليل النصوص القانونية العراقية المتعلقة بمكافحة الفساد.

خامساً- خطة البحث: لقد قمنا بتقسيم هذا البحث الى مطلبين، إذ قمنا في المطلب الأول بدراسة أشكال وأسباب الفساد وآثاره الضارة وذلك من خلال الفرعين التاليين، الفرع الأول: أشكال الفساد وأسبابه. الفرع الثاني: آثار الفساد الضارة بالتنمية المستدامة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. أما المطلب الثاني فقمنا فيه بدراسة الاتفاقية العربية والموقف العراقي الخاص بمكافحة الفساد وذلك من خلال الفرعين التاليين، الفرع الأول الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد. الفرع الثاني: جرائم الفساد في القانون العراقي والهيئات المختصة بمواجهته.

المطلب الأول

أشكال وأسباب الفساد وآثاره الضارة

تتعــدد أشكال وأسباب الفســاد ولا يمكــن حصــرها بشــكل كامــل ودقيـق، إذ أن الفساد يختلـف بـاختلاف الجهـة التـي تمارسـه أو المصـلحة التـي يسـعى لتحقيقهـا، فقد يمارسه جماعـة أو مؤسسـة خاصـة أو مؤسسـة رسـمية أو أهليـة، وقـد يهـدف فرد لتحقيـق منفعـة ماديـة أو مكسـب سياسـي أو مكسـب اجتمـاعي([2]). الأمر الذي يعني بوجود نتائج ضارة للفساد على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهو ما يقف عائقاً أمام عملية التنمية المستدامة. وعليه سنقوم بدراسة ذلك من خلال تقسيم هذا المطلب الى الفرعين التاليين، أشكال الفساد وأسبابه. الفرع الثاني: آثار الفساد الضارة بالتنمية المستدامة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

الفرع الأول

أشكال الفساد وأسبابه

يتخذ الفساد الإداري عدة أشكال مختلفة، وكذلك تتنوع الأسباب التي توفر له بيئة ملائمة للانتشار، إذ أن الفساد موجود لكن البيئة التي توفرها الأسباب المؤدية له تنعكس على مستوى حجمه وانتشاره.

أولاً- أشكال الفساد:

1 الرشـوة: هـي القيام بدفع أو تقديم شـيء ذي قيمـة سواء كانت نقديـة أو غيـر نقديـة فـي مناسبة إجراء معاملـة غير قانونية، وبالتالي إن الرشـوة تقـدم لأجل تجـاوز اللـوائح أو مخالفة القـوانين، كما أن المال الذي يقدمه الفـرد للحصـول علـى حـق مـن حقوقـه مضـطراً يعد من قبيل الرشوة ويعتبر فساداً إدارياً. كما تعـرف الرشـوة بأنهـا اتفـاق بـين شـخص وموظـف علـى تقديم مال مقابـل قيام الموظف بعمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنها. وبالتالي الرشـوة تشكل اتجار الموظف في أعمـال وظيفتـه أو اسـتغلالها علـى نحـو معـين أو انتهـاز مـا يتصـل بها من سلطة أو عمل للاستفادة بغير حق عن طريق الاتفـاق بـين الموظـف وصـاحب المصلحة([3]).

2-المحسوبية: تتجسد المحسوبية في قيام الموظف باستغلال السلطة أو النفوذ لأجل محابـاة فــرد أو جهـــة معينــة أو التحيز لها علـــى نحـــو يخالف القــوانين والتشـــريعات الناظمة أو على نحو يؤدي للإخلال بمبدأ المساواة. ومثالها توفير فرص عمل وظـيفية ضمن الدولة أو إشغال المناصـب بأشخاص غيـر مؤهلين لها، مما يخلق شعور بالظلم لدى افراد المجتمع وشعور بالقهر الاجتماعي([4]). وبالتالي تعد المحسوبية عملاً مخالفاً للقانون الناظم للتوظيف العمومي([5]).

3- الوســـاطة: تعـرف الوساطة بأنهـا أداة أو وسـيلة يسـتخدمها الفـرد أو الأفـراد لأجل الوصـول إلـى شـخص يملــك ســلطة القــرار، وذلك لأجل تحقيــق مصــلحة لشــخص أو أكثــر خــارج القنــوات واللــوائح التنظيميــة الرســمية.

4-تهريب الأموال: يعد تهريب الأموال شكل من أشكال الفساد إذ يقوم المسؤولين بتهريب الأموال العامة التي استولوا عليها بشكل غير قانوني وبدون وجه حق ومن ثم تهريبها للخارج([6]).

5-عدم الالتزام بالنزاهة والشفافية في العطاءات الحكومية: ويجري ذلك من خلال منح العطاءات الحكومية إلى شركات ترتبط ببعض المسؤولين الكبار أو بأحد أقربائهم، وبذلك يتم هدر المال العام بسبب رصد مبالغ تتجاوز القيمة الحقيقية للعمل المراد تنفيذه.

6- الاعتداء على المال العام: وذلك من خلال الحصول على إعفاءات ضريبية وجمركية أو الإعفاء من التراخيص بطرق غير قانونية لصالح أشخاص أو شركات، أو أخذ الأموال العامة تحت مسميات الإعانات والمساعدات المباشرة بدون وجه حق([7]).

7- اختلاس الأموال العامة: وهو أحد أشكال الفساد الإداري الشائعة ويقصد به الحصول على أموال الدولة، أو التصرف بھا من دون وجه حق تحت مسميات مختلفة([8]).

8- الابتزاز: ويعد من أكثر أشكال الفساد الإداري انتشاراً ويسلكه الموظف لأجل الحصول الرشوة أو الأموال من طالب الخدمة كمقابل للعمل الذي سيقوم به الموظف.

9- التزوير: وهو أحد أشكال الفساد الإداري ويقوم به الموظف لغرض الحصول على المال مستغلاً بذلك موقعه الوظيفي، فيعمل على التزوير لأجل تقديم الخدمة بشكل غير قانوني، وينتشر هذا النوع من الفساد في دوائر الضريبة([9]).

10التحيز في اتخاذ القرارات: وهو اتخاذ القرارات بناءً على المصالح الشخصية أو الحزبية وليس بناءً على المصلحة العامة مما يؤدي إلى ظلم بعض الأفراد أو الجماعات.

11- التستر على الفساد: وهو عدم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الفاسدين والإبلاغ عنهم مما يؤدي إلى انتشار الفساد واستمراره.

ثانياً: الأسباب المؤدية لوجود الفساد الإداري:

1- الأسباب السياسية: تعد الأسباب السياسية من أخطر الأسباب التي تؤدي لانتشار الفساد، إذ تعود هذه الأسباب إلى عوامل تتعلق بالولاء للسلطة والتي تقود إلى تحقيق مصالح فئة معينة أو أقلية معينة من دون الاكتراث لمقتضيات المصلحة العامة، فغالباً ما يتم التأثير على القرارات الإدارية لأسباب تتعلق بالانتماءات السياسية، وبالتالي تتحقق مصالح فئات معينة على حساب المصالح العامة، ويعزى ذلك الى نظام سياسي غير فعال ولا يستند لمبدأ الفصل بين السلطات أي غياب دولة المؤسسات السياسية والقانونية والدستورية([10]).

ويؤدي الفساد السياسي لضعف الديمقراطية وحرية المشاركة في الدولة، الأمر الذي يترافق معه تفشي ظاهرة الفساد الإداري والمالي، كما أن تغيير الأنظمة السياسية لعوامل عديدة وعدم الاستقرار السياسي من أكثر الأسباب التي تهيئ لتفشي الفساد الإداري([11]).

ونظراً لأن الولاء السياسي من أسباب الفساد، فإن ذلك يشجع على أعمال النهب الواسع للأموال والممتلكات العامة وتحويل الممتلكات العامة إلى مصالح خاصة ورفع قيمة الخدمات التي يفترض أن تقدمها الحكومة لأسباب سياسية، وارتفاع مرتبات أعضاء القوى السياسية المسيطرين على مواقع المسؤولية، نظراً لعدم وجود رقابة على مرتكبي تلك الأفعال أو لحمايتهم من المسؤولين السياسيين.

كذلك فقد يكون الفساد السياسي من خلال اصدار السلطة السياسية لتشريعات معينة تهدف لخدمة شرائح معينة، أو لخدمة أشخاص معينين، أو لتسهيل أمورهم، كما قد تلغى هذه التشريعات بعد تحقق أهداف تلك الفئات.

ينعكس أثر الأسباب السياسية على السلطة القضائية، إذ يؤدي لضعفها وتقويض عدالتها، فتعتبر السلطة القضائية من أهم أركان الديمقراطية ومن أهم الأجهزة بالنسبة للمجتمع كونها جهاز العدالة الضامن للمساءلة ولمحاسبة القانونية وحامي حقوق الأفراد([12]).

لكن من الملاحظ بأن السلطة القضائية وخصوصاً في الدول النامية تعمل تحت إشراف السلطة السياسية والتنفيذية، ويعتبر القضاة من الموظفين العموميين في الدولة ويخضعون لسلطة وزير العدل، الذي يشغل منصباً تنفيذياً في مجلس الوزراء، وذلك يوفر الجو للنفوذ الموالي للحكومة بالتغلغل في سير العمل القضائي، وبالتالي تنخفض قدرة السلطة القضائية لبسط المساءلة القضائية على أشخاص السلطة التنفيذية وينفتح المجال أمام ممارسات الفساد. وتعد قلة الوعي السياسي وعدم المعرفة بالآليات والنظم الإدارية من الأسباب السياسية التي تؤدي لانتشار الفساد، وهي من أخطر وأهم الأسباب المؤدية لانتشار الفساد والرشوة، مما يمكن العناصر الفاسدة من الهيمنة على الممتلكات العامة والتمتع بالسلطات التي تمكنهم من استغلال وظائفهم في خدمة مصالحهم الخاصة.

وينتشر الفساد السياسي في الدول خلال ممارسة الأعمال الانتخابية واستقطاب المؤيدين وجمع التبرعات ومحاولات كسب أصوات الناخبين بوسائل تتلائم مع كل شريحة، وهكذا ينتقل الأشخاص الفاسدين الى تولي مناصب في السلطة التشريعية، وهنا تظهر المحاصصة والتوافق في التصويت على مشاريع القوانين التي تخدم وسائل وأساليب عقد صفقاتهم وتبادل منافعهم الشخصية([13]).

وتعد العوامل السياسية من أبرز الأسباب الرئيسية لتفشي ظاهرة الفساد الإداري في العراق لكونها تشكل عوامل محفزة للفساد فعدم الاستقرار السياسي أو تبدل النظام السياسي في العراق بعد سقوط النظام العراقي وظهور حكومات مرتبطة بمجلس الحكم، ثم ظهور حكومات تصريف أعمال وثم حكومة لإعداد الدستور بفترات محدودة لا تستطيع خلالها وضع خطط وبرامج طموحة، كان من أبرز الأسباب السياسية لانتشار الفساد.

2- الأسباب الاقتصادية: تعد العوامل الاقتصادية من أهم الأسباب الرئيسية في تفشي ظاهرة الفساد الإداري، ومن هذه الأسباب نذكر:

أ- النقص في الدخل الشهري للأفراد إلى مستويات متدنية لا تكفي لاستمرار المعيشة، ويعود ذلك الى عدم اهتمام الحكومة بالتشريعات الخاصة بهيكلية الأجور والرواتب وعدم تحقيق العدالة في توزيع الناتج القومي الإجمالي وعدم العمل على تحقيق التوازن بين مستلزمات المعيشة ومستويات الأجور([14]).

إن ذلك السبب يؤدي لزيادة ودفع الأفراد نحو تحقيق مدخولات إضافية من خلال سلوك الطرق غير المشروعة، إذ قد يكون الفرد مضطراً لاتباع تلك السلوكيات لأجل زيادة مدخولاته وبالتالي الوقوع أو الانخراط في الفساد لتغطية تكاليف المعيشة، فضلاً عن التضخم وارتفاع الأسعار التي تعد من أبرز الأسباب الاقتصادية التي تنعكس على تدني مستوى الدخل الفردي وزيادة الأعباء المعاشية للفرد([15]).

ب- ارتفاع مستويات التضخم النقدي الناجمة عن الفشل في وضع سياسة نقدية أو إتباع سياسات مالية خاطئة.

ج- هدر المال العام على قطاعات غير مهمة، أو عدم التوازن في ميزان المدفوعات، وهذه من الأسباب التي ينعكس أثرها على القدرة المعيشية للفرد والتي تؤدي بدورها لخلق أرضية مناسبة لموظفي القطاع العام للوقوع في الفساد.

د- غياب الفعالية الاقتصادية في الدولة، ذلك لأن أغلب العمليات الاقتصادية تكون عبارة عن عقد صفقات تجارية مشبوهة أو ناتجة عن عمليات سمسرة يحتل الفساد فيها حيزاً واسعاً، الأمر الذي يؤثر في هذه العمليات بشكل سلبي. وبالتالي فشل عملية الإنتاج، وهو ما سينعكس بصورة أو بأخرى على مستوى وبنية الاقتصاد الوطني([16]).

ه- الجهل والتخلف والبطالة، وضعف المشاركة السياسية، وهي أسباب تؤدي لتفشي ظاهرة الفساد، إذ أن قلة الوعي الحضاري ملازمة لأشكال الفساد([17]).

و- استغلال ضخامة حجم بعض المشاريع الحكومية وخاصة تلك التي تتطلب نفقات ومصاريف كبيرة، الأمر الذي يغري الموظفين الطامعين بجني أرباح طائلة من وراء تنفيذها.

ز- عدم وجود نظام قانوني وضريبي عادل وفاعل إضافة إلى عدم وجود حكومة قادرة على تطبيق القوانين يؤثر على قيام مؤسسات الدولة بالمهام الموكلة إليها بشكل فاعل، وهو ما يدفع المتعاملين إلى اللجوء إلى أساليب غير قانونية لرشوة المسؤولين الحكوميين لإنجاز أعمالهم.

وبالتالي إن تردي الأوضاع الاقتصادية وقلة الرواتب والأجور التي لا تؤمن مستوى معيشي مقبول، فضلاً عن تأثير التضخم باستنزاف جزء منها، وهدر الموارد العامة لأسباب الفشل في التخطيط الاقتصادي، وانتشار الفقر في جانب كبير من المجتمع، عوامل تدفع الأشخاص الفاسدين الى البحث عن زيادة دخولهم عبر الفساد([18]).

وهناك رأي يقول بأن احتكار الدولة للأنشطة الاقتصادية يعمل على زيادة حجم الفساد في مؤسسات القطاع العام، وكذلك إن الأداء الإداري يضعف وينكمش ليصبح دون المستوى المطلوب الأمر الذي يؤدي لانتشار الفساد وبالتالي الحاق الضرر بالمصلحة العامة

3- الأسباب الاجتماعية: تتعدد الأسباب الاجتماعية التي تتحكم في انتشار الفساد وأهمها:

أ- القيم الاجتماعية الأخلاقية والدينية: إن تأثير القيم الاجتماعية والأخلاقية والدينية في المجتمع ومدى تمسك الإفراد بها وتأثرهم بها ومدى القدرة على نقلها إلى داخل المنظمة الإدارية التي يعملون فيها، تعد من أبرز الأسباب التي يتأثر بها الفساد ضعفاً وقوة، إذ أن وجود الأطر الأخلاقية التي تحكم سلوكيات الأفراد في المجتمع تعد بمثابة موانع ضد الانحراف نحو أطر سلوكية ضعيفة وهشة ممثلة بالفساد الإداري، وهذا من شأنه أن يمنع انتشار الفساد في دوائر الدولة([19]). وقد أشارت بعض الدراسات إلى مدى تأثير الدين على الفساد الإداري، فالمجتمعات التي يكون فيها تأثير المد الديني قوي يؤدي الى ضعف انتشار الفساد على خلاف المجتمعات الأخرى التي لا تلتزم بالمبادئ الدينية إذ ينتشر الفساد فيها بسهولة([20]).

ب- الشفافية الإدارية: تعتبر الشفافية الإدارية سبباً اجتماعياً يتأثر به الفساد، ففي المجتمعات غير الديمقراطية المعروفة بكونها بيئات مغلقة تسيطر عليها الحكومات وتتحكم في وسائل الإعلام وتخضعها لرقابتها بحيث لا يُسمح بنشر أية معلومات لا تتلائم مع سياسة الحكومة أو لا تخدم مصالحها، ويعود ذلك لغياب الشفافية الإدارية، وبالتالي فإن ذلك سيسهل على بعض المسؤولين ممارسة التلاعب بالقوانين التي تسهل عليهم أخذ الرشاوى وعقد الصفقات المشبوهة.

ج- أسباب تربوية وسلوكية: ويقصد بها عدم الاهتمام بتربية الأطفال على القيم والأخلاق الدينية مما يؤدي إلى سلوكيات فاسدة يرتكبونها في مستقبلهم، كما أن نمط العلاقات والأعراف بين أفراد المجتمع له تأثير كبير على انتشار الفساد فكلما كانت الروابط الاجتماعية قوية بين أفراد الطائفة الواحدة، كلما ازداد انتشار الفساد، إذ يتجه الأفراد المسؤولين الى تفضيل الأقارب والأصدقاء وإعطائهم الوظائف المهمة التي يحققون من خلالها المكاسب الخاصة غير المشروعة([21]).

د- أسباب شخصية: قد يكون الفساد ناجماً عن أسباب فردية تتعلق بالموظف، كالطبيعة الشخصية للفرد والقيم الأخلاقية التي يحملها الشخص، التي اكتسبها من مجتمعه، ومدى تأثره بالعادات والتقاليد التي يحملها هذا المجتمع، إذ أن الطمع والجشع من الأسباب الفردية البحتة التي يتأثر بها الفساد، وغالباً ما يكتسبها الفرد من البيئة التي يعيش فيها التي تدفع الفرد لارتكاب انحرافات فاسدة، كما أثبتت بعض الدراسات بوجود صلة بين جرائم الفساد وبعض الخصائص الشخصية في مرتكبيها مثل الجنس والعمر والمستوى الدراسي والبيئة التي يعيش فيها([22]).

ه- اختيار الموظف واستخدامه خارج الضوابط التي تؤهله لمسؤوليته وكفاءته بالمقارنة مع العمل المسند إليه ودخول عنصر المحاباة من أجل قرابة أو مصلحة مشتركة ونحو ذلك من الأسباب الخفية.

و- الانتماء العشائري والقبلي والطائفي والعرقي: إن تلك العوامل المنتشرة في المجتمعات العربية تجعل أغلب موظفي القطاع العام يعملون وفقاً لما يقتضيه انحدارهم وانتسابهم المجتمعي أو العشائري أو الطائفي، وذلك على حساب الخدمة والمنفعة العامة، وهذا يعد تجسيداً حياً للانحراف نحو الفساد. وفي ظل هذه العوامل بتعرض القائمون على كشف جرائم الفساد أو المخبرين لضغط المسألة العشائرية من قبل عشيرة الموظف الفاسد أو من طائفته، ومن الأمثلة على هذه العوامل:

– شيوع ظاهرة الوساطة وتمرس أصحاب النفوذ الاجتماعي في استغلال علاقاتهم الشخصية غير الرسمية لإنجاز بعض الإعمال التي تتعارض مع القوانين([23]).

– توظيف الانتماءات العرقية والطائفية والعلاقات الأسرية في التعامل الرسمي من خلال الضغط على القيادات لتحقيق مكاسب ومزايا بغير وجه حق، والمثال على ذلك التعيين ومنح الوكالات والتراخيص…الخ([24]).

– تحول السلوكيات التي تدخل ضمن مسمى الفساد لسلوك عادي يمارسه الموظف العادي ويتقبله الراشي والمرتشي، فالراشي يدفع لإنهاء أعماله بسرعة أما المرتشي فيعتقد بأن الرشوة حق طبيعي له.

– التمسك الخاطئ من قبل المواطنين والإداريين ببعض الأمثلة الشعبية التي تظهر للعامة بأنها مبادئ وقيم ملزمة للسلوك مع أنها تتناقض تماماً مع القيم الدينية وتتسبب في التستر على المخالفين والتغاضي عن انحرافاتهم ومخالفاتهم وتتساهل مع حالات التزوير التي تحول الإدارات والمصالح الحكومية إلى مستنقعات للفساد، ومن الأمثلة العامة على لك اتباع قاعدة قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق([25]).

الفرع الثاني

آثار الفساد الضارة بالتنمية المستدامة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي

تختلف الآثار الناجمة عن الفساد والتي تعيق عملية التنمية المستدامة، والذي تنعكس آثاره على عدة مستويات في المجتمع، منها:

أولاً- آثار الفساد على المستوى الاجتماعي: إن الممارسات الفاسدة في المؤسسات الحكومية يتعكس أثرها بشكل سلبي على المجتمع، فإذا كانت البيئة الاجتماعية مناخاً خصباً لممارسات إدارية غير مشروعة وغير قانونية، فإن هذه الممارسات ستؤدي لتعميق الفجوة بين بيئة اجتماعية صالحة وبيئة اجتماعية غير صالحة تنتشر فيها مظاهر الفساد. ويمكن اجمال آثار الفساد على المجتمع وفقاً لما يلي:

1- انتشار روح اليأس بين أفراد المجتمع، وهروب الكفاءات العلمية والفنية بمختلف مستوياتها وأنواعها، نظراً لانتشار آليات المحاباة والمحسوبية في المجتمع مما يخلق تشوهات كبيرة في المجتمع([26]).

2- ضعف القيم الاجتماعية الرادعة في المجتمع، وخاصة بعدما أن يصبح الفساد سلوكاً مقبولاً، يمارس كأحد مسلمات التعامل في المؤسسات الحكومية، ولذلك فإن إضعاف الوظيفة الاجتماعية للقيم يؤثر سلباً على كفاءة المؤسسة الحكومية ويؤدي لضعف ضمير الإفراد، وهذا ما يسهم في تفشي ظاهرة الرشوة وانتشار السلوك المرضي في المجتمع.

3- التشجيع على الكسب غير المشروع أخلاقياً وقانونياً وظهور حالة من ضعف الشعور بالمسؤولية لدى الموظفين وانتشار اللامبالاة وعدم الالتزام بحماية المال العام أو للاهتمام بالمصلحة العامة([27]).

4- فقدان المواطن لثقته بنزاهة الحكومة وبجميع المؤسسات الحكومية، وزيادة معدلات الفقر وتوسيع الفجوة بين طبقات المجتمع نتيجة إعادة توزيع الدخل بشكل غير مشروع بشكل يؤدي لحدوث تحولات سلبية سريعة وفجائية في المجتمع.

5- إن انتشار الفساد يعبر عن غياب الأخلاقية في العمل المهني، إذ إن العلاقة بين أخلاقيات المهنة والفساد علاقة عكسية، وتفسخ النسيج الاجتماعي وظهور فرق شاسع بين طبقات المجتمع الأمر الذي يضعف التكافل الاجتماعي والتعاون بين أفراد المجتمع الأمر الذي يؤدي لإضعاف القيم الاجتماعية المرتبطة بثقافة تدعو إلى الممارسات النزيهة والشفافية والعدالة وإبدالها بقيم فاسدة تدعو إلى عكس ذلك([28]).

6- زعزعة القيم الأخلاقية القائمة على الصدق والأمانة والعدل والمساواة وانتشار الجهل في المجتمع، وتصديق الادعاءات والمعلومات الفارغة والكاذبة.

ويترتب على الفساد أيضاً آثار سيكولوجية مدمرة للمجتمع، إذ أن تفشي الفساد يؤدي لضعف الشعور بالمواطنة، حيث تهتّز ثقة الناس بالدولة ومؤسساتها، وينقسم المجتمع بذلك إلى أقوياء وضعفاء بينها مسافات اجتماعية شاسعة، نظراً لأن الفساد يؤدي لزيادة سلطة الأثرياء، ويغذي حبها للاحتكار واللامبالاة تجاه المصلحة العامة ويشعها على الغش والتزوير والوساطة والمحسوبية والابتزاز والاختلاس وتهريب الأموال وغسلها([29]). وذلك ما يقود في النهاية إلى حدوث إرباك عام في حركة المجتمع، ويصيبها بالشلل العام، وفقدان المعايير المحددة للعمل الاجتماعي، التي تعطي معنى للدور الاجتماعي للفرد، وبذلك يصبح الفرد غير قادر على تحديد دوره في المجتمع([30]). إن هذا المناخ الاجتماعي الناجم عن الفساد من شأنه أن يحول المجتمع الى مجتمع امتيازات، والامتياز هو نقيض الحق والقانون، ولذلك يغدو المنطق الاجتماعي منطق خرق القانون، وتكون الحصيلة الاجتماعية للفساد نتيجة هذه الآثار السابقة كلها ظاهرة تنعكس على العدالة الاجتماعية، لأن الفساد سيعرقل دور الدولة في إعادة توزيع الدخل، وبذلك يؤثر الفساد في العدالة التوزيعية، وهو ما يؤدي إلى تراجع الرفاهية، وانخفاض مستويات المعيشة.

ثانياً- آثار الفساد على المستوى الاقتصادي: تتجسد آثار الفساد من الناحية الاقتصادية على مستوى تراجع الإيرادات الحكومية، وعلى مستوى النمو الاقتصادي، فعلى مستوى تراجع الإيرادات الحكومية، يمكن ملاحظة بأن الحكومات تفقد موارد هائلة نتيجة الفساد، بشكل ينجم عنه انخفاض في إيرادات الدولة المستحقة من أنشطة الإنتاج والدخل والواردات، حيث أن المسؤولين عن هذه الأنشطة وارتباطهم بقضايا الفساد يؤدي لتلك النتائج، واللافت للنظر بأن تراجع الإيرادات الحكومية الناجم عن الفساد الإداري له آثار غير مباشرة على الأداء الاقتصادي، فانخفاض الإيرادات يسهم في تقليل الإنفاق على التنمية، وبالتالي إعاقة خطط التنمية أو إخفاقها، الأمر الذي ينتج عنه تراجع مستوى النمو الاقتصادي([31]). الذي ينعكس على الدولة بحيث تلجأ لزيادة عرض النقود لأجل تغطية نفقاتها بشكل ينجم عنه ارتفاع عام في الأسعار وتضخم في العملة النقدية، إضافة لتفاقم الدين العام المحلي. كما تزداد المشكلة سوءاً عند لجوء الحكومة إلى الاقتراض من الخارج لأجل تمويل التنمية، وهو ما يرتب عبء على الدولة لخدمة الدين الخارجي عبر استقطاع نسبة من حصيلة صادرات الدولة من النقد الأجنبي، وتعميق التبعية الاقتصادية والسياسية بفقدان الاستقلالية في القرار([32]). أما على مستوى النمو الاقتصادي، فيلاحظ أن الفساد يؤدي لضعف النمو الاقتصادي، ويؤدي لخفض حوافز الاستثمار سواء بالنسبة للمستثمرين المحليين أو الأجانب، كما أنه يؤدي لزيادة في تكاليف الاقتصاد الوطني، لأن الرشاوى والتكاليف غير المنظورة للصفقات التي يبرمها المستثمر في دولة ما تضاف إلى سعر التكلفة الكلية للمشروع، ويتحملها الاقتصاد الوطني في النهاية. كما أن الفساد يدخل الى تنفيذ المشاريع ذاتها عن طريق التلاعب بمواصفات المشروع([33]). ويعد الفساد معوق من معوقات التنمية الاقتصادية، ويؤدي لتردي اقتصادي إضافة إلى أنه يؤثر على العدالة في توزيع السلع والخدمات بين أفراد المجتمع ويخلق تفاوت اقتصادي ومعيشي بين أفراد المجتمع، الأمر الذي يؤثر على المنظومة الأخلاقية والقيمية، حيث تتفشى الظواهر السلبية في المجتمع كالسرقة والسطو المسلح وغيرها من الجرائم، كما أن الفساد يؤدي لتشويه دور الحكومة وعملها على تصحيح الأوضاع الناتجة عن التحولات الاقتصادية للسوق، وتنفيذ برامج الخصخصة([34]). ما ينتج عنهما ارتفاع في الأسعار وتدهور في سعر العملة الوطنية، فبدلاً من توجيه الدعم لمستحقيه كالإعفاءات الضريبية على الصناعات المحلية التي يحتاجها البلد، نجدها تتجه نحو الصناعات الاستهلاكية ذات الإنتاج الضخم والعائد السريع إلى الاستيراد على حساب الصناعة المحلية([35]).

وبعد ذكر ما سبق لا بد لنا من ذكر الآثار السلبية الأخرى للفساد على المستوى الاقتصادي، منها:

1- يؤثر الفساد سلباً على أساليب المنافسة العادلة والنزيهة، وبالتالي ينعكس أثره على الأسواق وعلى تخصيص الموارد وعدالة التوزيع للدخل بطرق غير سليمة وغير عادلة، ويؤدي الفساد لتغيير هيكلة الإنفاق الحكومي، إذ يؤدي لتخفيف الإنفاق على الخدمات الأساسية، كالصحة والتعليم، في حين يزداد الإنفاق على المجالات التي يمكن فيها تحقيق رشاوى وعمولات كبيرة كالإنفاق على التسليح وعقود المشاريع العامة والصفقات([36]).

2- يؤدي الفساد الإداري لضعف النمو الاقتصادي، حيث أن تأثير الفساد يؤثر بشكل سلبي على مناخ الاستثمار ويؤدي لهروب الاستثمارات الداخلية ورأس المال الوطني، وإحجام الشركات الاجنبية عن الاستثمار في البلدان التي ينتشر فيها الفساد الإداري، ويؤدي الفساد الى التقليل من حجم الإيرادات التي تحصل عليها الدولة من خلال مؤسساتها المختلفة كالجهاز الضريبي والجمركي([37]).

3- يؤثر الفساد على روح المبادرة والابتكار، ويضعف الجهود لإقامة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم، التي تعتبر ضرورية جداً في تفعيل الاقتصاد والقضاء على البطالة والتكامل مع المنظمات الكبيرة الحجم لغرض التطوير الاقتصادي، ويؤدي الفساد لزيادة حالات الفقر وانتشار سوء العدالة في توزيع الدخل، وبالتالي التقليل من حوافز فئات كثيرة من المواطنين([38]).

4- يؤدي الفساد لردود أفعال سلبية لدى الدول المانحة بسبب حالات الفساد الموجودة التي تبدد تلك المساعدات.

إن الفساد يعمل على تشويه عناصر النفقات الحكومية، حيث أن المسؤولين عن ابرام الصفقات الحكومية والاقتصاد الوطني يعملون على تركيز الإنفاق الحكومي على المشاريع التي يسهل لهم فيها الحصول على مكاسب شخصية. وبالتالي تنعكس آثار الفساد على الاستثمار الاقتصادي، إذ تنخفض معدلات الاستثمار، فقد أشارت الكثير من الدراسـات النظريـة والتطبيقيـة إلـى أن الفساد الإداري له تأثيرات سلبية على النمو الاقتصادي، ويؤدي لخفض معـدلات الاستثمار، فالمستثمر يبتعد عن البيئـة التـي ينتشر فيها الفسـاد لأنـه المسؤولين الفاسدين سيجبرونه على ـدفع رشـاوى ماديـة أو عينيـة التـي تعد بالنسبة للمستثمر بمثابة ضرائب تؤدي لزيادة تكاليف تنفيذه للأعمال الاستثمارية مـا يـؤدي لابتعادهم أو تقليل استثماراتهم فـي مثل تلك البيئـة([39]). وبالتالي يؤدي الفساد الى فشل الخطط الحكومية فـي جـذب الاسـتثمارات الخارجيـة، وهـروب رؤوس الأمـوال المحليـة، حيث أن الفسـاد يتعـارض مـع وجـود بيئـة تنافسـية حـرة التـي تشـكل شـرطاً لجذب الاستثمارات المحلية والخارجية على حد سـواء، وهـو مـا يـؤدي إلـى ضعف عام في توفير فرص العمل ويوسع ظاهرة البطالة والفقر. كما يؤدي الفساد الى هـدر المـوارد بسـبب تـداخل المصـالح الشخصـية بالمشـاريع التنمويـة العامـة، والكلفة المادية الكبيرة للفسـاد علـى الخزينـة العامـة كنتيجـة لهـدر الإيـرادات العامة، الأمر الذي ينعكس سلباً على الموازنة العامة في الدولة، إذ يتفاقم عجز الموازنـة العامـة نظراً لأن الفسـاد يؤدي لـتقليـل الإيـرادات العامـة ويزيـد مـن النفقــات العامــة، وذلــك مــن خــلال محاولــة الحصــول علــى إعفـاءات ضـريبية غيـر مشـروعة أو التهــرب الضــريبي، كمـا يؤدي لزيادة تكلفـة بنـاء وتشـغيل المشـروعات على الموازنة العامة للدولة، حيث لا تستطيع الحكومة القيام بممارسـة السياسـات الماليـة السـليمة. وتـزداد حـدة مشـكلة العجـز إذا مـا تـم تمويلـه بواسـطة الجهــاز المصــرفي إذ يولـد معــه تضــخماً يعيق النمو الاقتصادي([40]). كما أن الفساد يؤدي لضـعف كفـاءة المرافـق العامـة ونوعيتهـا، كونه يعمـل علـى تقليـل نوعيـة المرافـق العامة ومدى فعاليتها، أي أنه يقلل من نوعيـة وكفـاءة الخـدمات العامـة التي تقدمها المرافق العامة([41]).

كما ينعكس أثر الفساد على الأسواق إذ يؤدي لتشويهها وسوء تخصيص الموارد، ويحدث ذلك من خلال تخفيض قدرة الحكومــة علــى فــرض الرقابــة ونظــم التفتــيش لتصــحيح فشــل الســوق، ممــا يفقــد الحكومــة ســيطرتها الرقابيــة علــى البنــوك والتجــارة الداخليــة والمستشــفيات والنقــل والأســواق الماليــة ممــا يشــوه الوظيفــة الأساســية للحكومــة فــي تنفيــذ العقــود([42]). وكذلك يؤدي الفساد لزيـادة الفقـر وسـوء في توزيـع الـدخل إذ يحـدث ذلـك مـن خـلال اسـتغلال أصـحاب النفـوذ لمـواقعهم المميـزة فـي المجتمـع بالتعاون مع النظـام السياسـي، ممـا يتـيح لهـم احتكار الجانـب الأكبـر مـن المنـافع الاقتصـادية التـي يقـدمها النظـام السياسي، فضـلاً عن تراكم الأصول بصورة مستمرة مما يؤدي إلى توسيع الفجوة بين هذه الفئة المحكترة وبقية أفراد المجتمع، وهذا الأثر يرتبط بعلاقة مع النمو الاقتصادي إذ أن تراجـع مسـتويات المعيشـة سيـؤدي لانخفـاض في معـدلات النمـو الاقتصـادي ومـن ثم يساعد على تراجع المستويات المعيشية. كما يؤدي الفسـاد إلـى زيـادة في كلفـة الخـدمات الحكوميـة مثـل التعلـيم والسـكن وغيرهـا من الخدمات الأساسية، مما يقلل من حجم هـذه الخـدمات ونوعيتهـا، ويـنعكس سلبا ًعلى الفئات الأكثر حاجة لها الأمر الذي يؤدي لعجز الفئة الكبيرة من الناس على الحصول على تلك الخدمات([43]).

ثالثاً- الآثار السياسية: تنعكس آثار الفساد على المستوى السياسي وتتعلق بمدى شرعية نظام الحكم، واتخاذ القرار بشكل عقلاني، ومبادئ الديمقراطية، وانكشاف النظام امام القوة الخارجية:

1- أثر الفساد الاداري على شرعية نظام الحكم في الدولة: يقصد بمفهوم شرعية نظام الحكم: قبول الموظفين لمؤسسات الحكم بشكل طوعي ويقصد بالمؤسسات السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، إضافه لحق الحكام في ممارسة الحكم عليهم، وتعتمد هذه الشرعية على مصادر تتمثل في التقاليد أو الالتزام بحكم القانون وانتشار الوعي لدى المواطنين بأن السلطة الحاكمة تعمل لتحقيق مصالحهم([44]). ولا يؤثر الفساد الإداري في شرعية الحكم فيما إذا كان انتشاره يقتصر على فئة الموظفين الصغار، اذ سيبرئ المواطنون حكامهم من الفساد باعتبارهم غير متورطين في الفساد، أو لا يعلمون عنه بشكل كافي، أو قد لا يعرف المواطنون حدود هذا الفساد، إذ أن النظم التي ينتشر فيها الفساد تعمل على الحد من حرية التعبير والنشر فتسيطر الحكومة على وسائل الاعلام الا أن إخفاء الحقيقة المتعلقة بانتشار الفساد لا يمكن أن تبقى مكتومة لزمن طويل لأن السيطرة على وسائل الاعلام الفضائية لم تعد كفيلة بإخفاء الفساد طالما أن الممارسات الفاسدة لا يمكن أن تبقى سرية فسرعان ما تنتشر حالات الفساد فيتساءل المواطن عن مدى توافقها مع مصادر شرعية نظام الحكم.

ومن جهة أخرى سيؤدي الفساد الاداري الى انعدام المصداقية بالدولة وأجهزتها وضعف الثقة بها من قبل المتعاملين معها كما أن اتساع دائرة الفساد تؤدي الى اضعاف النظام السياسي في الدولة.

2- الفساد وأثره على الاستقرار السياسي: إن انتشار الفساد في مجتمع ما سيؤدي الى الاضرار بالاستقرار السياسي وانعكاسه على مستوى الدخل وانتشار الصراع داخل أجهزة الحكم وفساد الادارة وتسلطها وتردي الأوضاع العامة في الدولة. وإن الوضع السياسي له أثره الخطير على المجتمع، فإن عدم الاستقرار السياسي سيؤدي الى تعاقب الحكومات وتبدلها، وبالتالي عرقلة السياسات التنظيمية الادارية وفتح الباب أمام تجارب ادارية فاشلة فتتحول الادارة الى حقل للتجارب والتسيير الاداري العشوائي، بمعنى آخر يؤدي الفساد الاداري الى جعل كل مجموعة داخل الدولة ذات كيان منعزل عن غيره فيكون لكل جماعة معاييرها الخاصة التي تتناقض مع القوانين المطبقة داخل الدولة. إذا تصبح هذه الجماعات عبارة عن مصالح شخصية فتعطي الأولوية لمصالحها الخاصة واهمال المصالح العامة، كما يؤدي انتشار الفساد الاداري الى تنامي العنف من قبل الجماعات التي تشعر بالحرمان داخل المجتمع وانتشار جماعات متطرفة في فكرها الذي يتجسد في سلوكيات مدمرة([45]). إن الفساد الاداري أيضاً يؤدي الى وجود بيئة النفاق السياسي كنتيجة لشراء الولاءات السياسية ويسيء الى سمعة النظام السياسي وعلاقاته الخارجية خصوصا مع الدول التي من الممكن أن تقدم الدعم المادي بشكل يجعل هذه الدول تضع شروطاً تمس بسياده الدولة([46]).

3- أثر الفساد على عقلانية صنع القرار: إن الأثر الخطير للفساد يتمثل في فشل صناعة القرار التي من شأنها التأثير في الدولة نظراً لتركيز السلطات في قمة جهاز الدولة، وغياب حكم القانون. وفي هذه الاحوال يتم اتخاذ أشد القرارات السياسية خطراً من دون مشورة أو من دون الاستفادة من التجارب ومراكز الأبحاث التي يمكن أن تقدم معلومات عن الواقع الذي تواجهه الدولة في مجال محدد وبالتالي إمكانية صناعة قرارات سليمة([47]).

4- أثر الفساد على الديمقراطية: تتأثر الديمقراطية بالفساد إذ أن نجاحها يرتبط بعدم وجوده، وهو أمر ينعكس على ولاء الأفراد وثقتهم في الحكومة كما يؤثر الفساد بشكل سلبي في مبادئ حقوق الانسان، إذ يعجز الفقير عن دفع الرشاوى، وبالتالي عجزه عن الحصول على الخدمات التي يحتكرها الموظف الامر الذي يؤدي لانعدام العدالة.

5- الانكشاف أمام القوة الخارجية: يؤدي الفساد الى كشف الدولة أمام القوى الخارجية من حكومات وشركات دولية حيث أن فقدان الشرعية وعدم الاستقرار السياسي والتخبط في صناعة قرارات عشوائية سيؤدي الى ضعف موقف الدولة أمام المجتمع الخارجي، الأمر الذي يؤدي بها الى عدم قدرتها على مساومة الشركات الدولية، كما يؤدي الى فتح الباب أمام تمرير هذه الشركات لعقود غير متوازنة مع كبار المسؤولين في الدولة، إما لعدم وجود خيرات أخرى أمامهم أو بسبب طمعهم بالرشاوى، كما أن هذه الاوضاع تؤدي لحرمان الدولة من التأييد في المحافل الدولية، إذ ليس من مصلحة أي دولة أخرى أن تبني وتوطد علاقات تعاونية مع الدولة التي لا يوجد فيها استقرار في نظام الحكم، طالما أن حكامها لا يثبتون على قرارات معينة، وبالتالي يكون الحل البديل أمام الدول الخارجية إما الدخول في علاقات مع قوى المعارضة في الدولة غير المستقرة سياسياً والتحالف معها ومساندتها كي تصل الى الحكم أو أن تتجنب إقامة علاقات وطيدة معها([48]).

المطلب الثاني

الاتفاقية العربية والموقف العراقي الخاص بمكافحة الفساد

سعت الدول العربية الى وضع اتفاقية خاصة بمكافحة الفساد لأجل القضاء عليه في الوطن العربي، إذ قامت منظمة الدول العربية بإبرام اتفاقية لمكافحة الفساد. وانسجاماً مع هذه الاتفاقية التي دعت الدول الأطراف الى إنشاء هيئات مختصة في مكافحة الفساد قام المشرع العراقي بإنشاء هيئة مختصة لمكافحة الفساد مانحاً لها الاستقلالية في عملها([49]). فضلاً عما تبناه مشرعه الجزائي من نصوص جزائية تعاقب على أفعال الفساد وبشكل يتكامل مع ما جاء في الاتفاقية من ممارسات الفساد الجديدة. وعليه سنقوم بتقسيم هذا المطلب الى الفرعين التاليين، الفرع الأول: الاتفاقية العربية الخاصة بمكافحة الفساد. الفرع الثاني: جرائم الفساد في القانون العراقي والهيئات المختصة بمواجهته.

الفرع الأول

الاتفاقیة العربیة الخاصة بمکافحة الفساد

قامت الجامعة العربیة في عام 2010 بعقد اتفاقیة خاصة بمکافحة الفساد، وتعد هذه الاتفاقیة تطوراً من جانب الجامعة العربیة نحو مکافحة الفساد واستکمالاً لما تضمنته اتفاقیة الأمم المتحدة عام 2003. وقد أشارت الدیباجة إلى أن مكافحة الفساد أمر لا يتعلق فقط بالسلطات الرسمیة في الدولة، بل إن مكافحة الفساد من واجب کافة مؤسسات المجتمع المدني والأفراد التي يجب عليها تأدية دورها في مواجهة الفساد، نظراً لأن مکافحة الفساد قد أصبحت ضرورية وتقع على عاتق جمیع الدول العربیة إذ لا بدّ من العمل على تفعیل الجهود لأجل التصدي للفساد ومن الضروري وجود تعاون دولي على مكافحة الفساد وخصوصاً فیما یتعلق بتسلیم المجرمین وتقدیم المساعدة القانونیة المتبادلة واسترداد الممتلکات والأموال المتحصلة من الفساد. وتعتبر الاتفاقیة العربیة لمکافحة الفساد من أهم الاتفاقیات على الصعید الإقلیمي، إذ وضعت الاتفاقیة مجموعة من الأهداف، منها:

1- العمل على تعزیز التدابیر اللازمة للوقایة من الفساد والتدابير اللازمة لمکافحة الفساد وکشفه بکل أشکاله وملاحقة مرتکبیه.

2- العمل على تعزیز التعاون بين الدول العربية في مجال مكافحة الفساد.

3- تتطلع الاتفاقیة إلى تعزیز النزاهة والشفافیة والمساءلة وسیادة القانون.

4- العمل على تشجیع الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني نحو المشارکة في عملية منع ومکافحة الفساد([50]).

وقد عرفت الاتفاقية العربية الموظف العمومي بأنه: ” أي شخص یشغل وظیفة عمومیة أو من یعتبر في حکم الموظف العمومي وفقاً لقانون الدولة الطرف فی المجالات التنفیذیة أو التشریعیة أو القضائیة أو الإداریة”([51]). وقد أوضحت الاتفاقية بضرورة الالتزام احترام سيادة الدول الأطراف إذ أن التزام الدول الأطراف بموجب هذه الاتفاقية يجب أن يتم على نحو يتلائم مع مبادئ المساواة بين الدول في السيادة والسلامة الإقليمية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول([52]). كما أشارت الاتفاقیة الى أنه لا يجوز لدولة عضو في الاتفاقية أن تمارس ولایتها القضائیة على إقلیم دولة أخرى طرف في الاتفاقية استناداً لدواعي مکافحة الفساد أو ملاحقة المجرمین، ولذلك فإن مهمة مكافحة الجريمة وملاحقة المجرم المتعلقة بأداء الوظائف القضائیة تكون من اختصاص سلطات تلك الدولة حصراً، ويكون ذلك وفقاً لقانونها الداخلي إذ أن وصف أفعال الفساد المجرمة في الاتفاقیة یكون خاضعاً لقانون الدولة الطرف. ومن ذلك يُفهم بأن کل دولة تعتمد على نظامها القانوني لتجریم الأفعال المجرمة الواردة في الاتفاقية عندما ترتکب بعمد أو بغیر عمد: “الرشوة فی الوظائف العمومیة وفی القطاع الخاص والعام، وإساءة استغلال الوظائف العمومیة، والمتاجرة بالنفوذ، والإثراء غیر المشروع، وإعاقة سیر العدالة وغیرها من الجرائم المشار إلیها فی الاتفاقیة([53]).

أشارت الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد الى مسؤولية الشخص المعنوي عن جرائم الفساد، إذ من الممکن وقوع جریمة الفساد من شخص اعتباري أو معنوي، وذلك عبر قيام کل دولة طرف فی الاتفاقیة باتخاذ ما یلزم من الإجراءات والتدابیر بما یتفق مع نظامها القانوني لأجل تقرير المسؤولیة الجزائیة أو المدنیة أو الإداریة للشخص الاعتباري عن جرائم الفساد التي يرتكبها، الواردة ضمن الجرائم المنصوص علیها فی الاتفاقیة على أن لا تؤدي تلك المسائلة الى عدم معاقبة الشخص الطبیعي عن جريمة الفساد التي يرتكبها بمناسبة عمله لدى الشخص الاعتباري .كما نصت الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد على حق التعویض عن الأضرار، فقد نصت الاتفاقیة بأنه على کل دولة طرف أن تمنح حق التعويض للمتضرر وأن تكرسه في قانونها الداخلي، حيث نصت الاتفاقية على ما يلي: “تنص كل دولة طرف في قانونها الداخلي على أن يكون للمتضرر من جراء فعل من أفعال الفساد المشمولة بهذه الاتفاقية الحق في رفع دعوى للحصول على تعويض عن تلك الأضرار”([54]).

أما بخصوص تجريم الفساد، فقد وضعت الاتفاقية مجموعة من الأفعال التي تعتبر جرائم فساد يجب المعاقبة عليها، لكن يجب مراعاة وصف أفعال الفساد المجرمة وفقاً لهذه الاتفاقية بما يخضع لقانون الدولة الطرف، وفيما يلي الأفعال التي تعتبر جرائم فساد، وسنقسمها الى ثلاثة طوائف:

1- جرائم الرشوة وهي: الرشوة في الوظائف العمومية. والرشوة في شركات القطاع العام والشركات المساهمة والجمعيات والمؤسسات المعتبرة قانونا ذات نفع عام. والرشوة في القطاع الخاص. رشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية فيما يتعلق بتصريف الأعمال التجارية الدولية داخل الدولة الطرف.

2- جرائم تجاوز السلطة وهي: المتاجرة بالنفوذ. إساءة استغلال الوظائف العمومية. الإثراء غير المشروع.

3- جرائم غسل الأموال والإخفاء وهي: غسل العائدات الإجرامية. إخفاء العائدات الإجرامية المتحصلة من الأفعال الواردة في هذه المادة.

4- جرائم إعاقة سير العدالة.

5- جرائم الإخلاس وهي: اختلاس الممتلكات العامة والاستيلاء عليها بغير حق. اختلاس ممتلكات الشركات المساهمة والجمعيات الخاصة ذات النفع العام والقطاع الخاص.

6- جرائم الشروع والاشتراك الجرمي وهي: المشاركة أو الشروع في الجرائم الواردة في هذه المادة([55]).

ولابد من الإشارة إلى أن الجرائم المنصوص علیها فی هذه الاتفاقیة تخضع للولایة القضائیة للدولة الطرف وفي أي من الأحوال التالیة المشار الیها ضمن الفقرة الأولى من المادة ذاتها([56]).

ويجب على کل دولة طرف بموجب المادة ([57]). إتخاذ التدابیر اللازمة لإخضاع الأفعال المجرمة بموجب هذه الاتفاقیة لولایتها القضائیة وذلك عندما یکون الفاعل موجود فی إقلیمها، ولا أن تقوم بتسلیمه. كما وضعت الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد مبادئ لملاحقة جرائم الفساد ومحاكمة ومعاقبة مرتكبيها، إذ يجب على كل دولة أن تتخذ التدابير اللازمة في أنظمتها القانونية بشكل يكفل لسلطات التحقيق والمحاكمة إمكانية الاطلاع والحصول على البيانات والمعلومات المتعلقة بحسابات مصرفية وذلك عندما يكون اكتشاف الحقيقة يتطلب ذلك في أية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذه الاتفاقية، وأن تقوم كل دولة طرف بضمان حضور المتهم المخلى سبيله أو غير الموقوف إجراءات التحقيق والمحاكمة مع مراعاة حقوقه في الدفاع([58]).

ويتوجب على الدول الأطراف وضع جزاءات للجرائم المنصوص عليها في الاتفاقية بما يتناسب مع خطورة الجريمة، وتتمثل الجزاءات بالعقوبة الأصلية والعقوبة التبعية والعقوبة التكميلية، كما يجب تحديد مدة التقادم طويلة لأجل تقادم الجرائم المنصوص عليها في الاتفاقية([59]). وكذلك وضعت الاتفاقية تدابير للوقاية من الفساد فأوجبت على كل دولة اتخاذ سياسات فعالة للوقاية من الفساد ومكافحته، من شأنها تعزيز مشاركة المجتمع وتجسيد مبادئ سيادة القانون. كما أوجبت الاتفاقية على الدول إجراء تقييم بشكل دائم لتشريعاتها وتدابيرها الإدارية كي تبقى متلائمة مع مكافحة الفساد([60]). كما أوجبت الاتفاقية ضرورة قيام الدول الأطراف بإنشاء هيئات تتولى مهمة مكافحة الفساد وأن يتم منح الهيئات الاستقلالية اللازمة كي ننمكن من القيام بوظائفها بشكل فعال وأن يتم تمكين الهيئات من كافة الوسائل والموارد المادية وتوفير الموظفين المتخصصين وتدريبهم على أداء وظائفهم([61]).

الفرع الثاني

جرائم الفساد في القانون العراقي والهيئات المختصة بمواجهته

اتخذ المشرع العراقي على عاتقه قبل عقد الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد واجبه في التصدي لجرائم الفساد نظراً لآثارها السلبية على المجتمع، فقام بإدراج العديد من النصوص الجزائية التي تعاقب على أفعال وممارسات الفساد، وفي زمن لاحق قام بتشكيل هيئات حكومية مخصصة لمواجهة الفساد إضافة لإصدار تشريعات جديدة تعاقب على أفعال الفساد المنصوص عليها في الاتفاقية.

أولاً- موقف المشرع الجزائي العراقي من جرائم الفساد:

واجه المشرع العراقي الفساد في قانون عقوباته، إذ قام بتخصيص العديد من النصوص الجزائية لمكافحة أفعال الفساد الإداري، وذلك ضمن الباب السادس من القسم الخاص، إذ أدرج نصوص جرائم الفساد تحت عنوان الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة، وبالتالي اعتبر جرائم الفساد الاداري جرائم مخلة بواجبات الوظيفة، حيث عالج في هذه الجرائم ممارسات الفساد سواء الرشوة أو الاختلاس أو الاهمال الوظيفي أو التعسف في استعمال السلطة أو تجاوز الموظفين لحدود وظائفهم أو الاضرار بالأموال العامة وكذلك الفساد في عقود المقاولات.

وذلك يعتبر متلائماً مع ما جاء في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، إذ كان المشرع العراقي يجرم أفعال الفساد كالرشوة واختلاس الأموال العامة والإتجار بالنفوذ وإساءة استغلال السلطة، وذلك يعتبر تطبيقاً للمواد 15،17،18،19، الواردة في الاتفاقية، وهو ما سنوضحه.

عاقب المشرع العراقي كل موظف يطلب أو يقبل منفعة أو عطية أو وعد بشيء بدافع القيام بعمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنها أو الإخلال بواجبات وظيفته بالسجن مدة لا تزيد عن 10 سنوات، أما إذا كان القبول أو الطلب بعد أداء العمل أو الامتناع عنه أو الاخلال بواجبات الوظيفة بقصد المكافأة فتكون العقوبة ـالحبس والغرامة على أن لا تتجاوز مدة الحبس سبع سنوات ([62]). كما عاقب المشرع كل موظف يطلب لنفسه منفعة أو وعد بشيء من أجل أداء عمل أو امتناع عن عمل لا يدخل في اختصاصات عمله الوظيفي، ولكنه يزعم بذلك العمل أو يعتقد بشكل خاطئ بأن ذلك العمل يدخل في اختصاصه الوظيفي وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد عن سبع سنوات أو الحبس والغرامة([63]). كما عاقب المشرع الجزائي العراقي الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي فكل من يعطي أو يقدم أو يعرض على موظف شيئاً يعتبر راشياً ويعاقب بعقوبة جريمة الرشوة([64]). وقد أعفى المشرع الجزائي الراشي أو الوسيط من عقوبة جريمة الرشوة فيما إذا قام بإخبار السلطات القضائية أو الادارية بالجريمة أو اعترف بها قبل وصول الدعوى الى المحكمة، أما في حال قيامه بالإبلاغ أو الاعتراف بعد نظر المحكمة للدعوة وقبل انتهاء المحاكمة فلا يستفيد الراشي أو الوسيط إلا من عذر مخفف([65]).

كما جرم المشرع العراقي الاختلاس فعاقب كل موظف يختلس مالاً أو ورقة مثبتة لحق أو غير ذلك مما وجد في حيازته بحكم ممارسته للوظيفة فيعاقب بالسجن، كما يعاقب بالسجن الموظف الذي يستغل وظيفته لأجل الاستيلاء على مال أو متاع أو ورقة مثبتة لحق مملوك للدولة أو لإحدى جهاتها العامة وتكون العقوبة السجن لمدة لا تزيد عن عشر سنوات([66]). كذلك يعاقب الموظف بالسجن عندما يتسبب قصداً بالإضرار بمصلحة الجهة العامة التي يعمل بها وذلك فيما إذا كان التسبب بدافع الحصول على منفعة لنفسه أو لغيره([67]).

وكذلك عاقب المشرع العراقي كل موظف ينتفع بشكل مباشر أو عبر الوساطة من المقاولات أو التعهدات أو الأشغال التي يتولى إعدادها أو احالتها أو تنفيذها أو الإشراف عليها، كما يعاقب بذات العقوبة فيما إذا حصل على عمولة لنفسه أو لغيره من جراء تلك العقود([68]). كما عالج المشرع الجزائي العراقي تجاوز الموظفين لحدود وظائفهم، فعاقب كل موظف يقوم بالقبض على شخص أو حبسه في غير الأحوال المنصوص عليها في القانون، وذلك بالسجن لمدة لا تزيد عن سبع سنوات. أما إذا كان الموظف مرتدياً للزي الرسمي أو مدعياً لصفة رسمية كاذبة أو أبرز أمراً مزوراً مرتكباً لتلك الجريمة فيعاقب بالسجن لمدة لا تزيد عن عشر سنوت([69]).

كذلك يعاقب الموظف المعهود اليه بحراسة أو إدارة السجن أو غيرها من الأماكن المخصصة لتنفيذ العقوبات أو التدابير الاحترازية عندما يمتنع عن تنفيذ أمر لإطلاق سراح المسجون أو إبقائه في الحبس الى ما بعد الأجل المحدد لتوقيفه أو حبسه([70]). وكذلك يعاقب الموظف الذي يتعمد الدخول الى منزل أحد الأشخاص من دون رضا صاحب المنزل في غير الحالات التي يجيزها القانون أو عندما يقوم بتفتيش شخص أو منزل دون رضا صاحبه في غير الاحوال المنصوص عليها في القانون أو من دون مراعاة الإجراءات القانونية المقررة لذلك التفتيش وتكون العقوبة الحبس والغرامة أو بإحدى العقوبتين([71]). وأيضاً جرم المشرع العراقي الاخلال والاهمال بالواجبات الوظيفية، فيعاقب كل موظف يمتنع بغير حق عن أداء عمل من أعمال وظيفته أو يخل بأعمال وظيفته بشكل مقصود لأسباب التوصية أو الوساطة أو لأي سبب آخر غير مشروع، كما يعاقب كل موظف يرتكب مخالفة لواجبات وظيفته بشكل مقصود أو يمتنع عن أدائها بقصد الإضرار بمصلحة أحد الأفراد أو لغاية منفعة شخص على حساب المصلحة العامة([72]). كما عاقب المشرع العراقي الموظف الذي يمس بسلامة المناقصات أو المزايدات المتعلقة بالحكومة([73]). وعاقب الموظف الذي يتسبب في الحاق الضرر بالمال العام بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وذلك في حال تسببه بذلك الضرر نتيجة اهمال أو خطأ جسيم، وقد اشترط المشرع أن يكون الضرر اللاحق بالمال العام ضرراً جسيماً كي يعاقب الموظف على خطأه غير المقصود بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات([74]).

ويرى الباحث بأن تلك الاحكام القانونية الجزائية الواردة في قانون العقوبات العراقي أحكاماً كفيلة لمكافحة الفساد إذ يعاقب المشرع على الرشوة واختلاس الأموال أو المتاجرة بالنفوذ أو الانتفاع، ولذلك فإن أي صورة من فعل من أفعال الفساد يتم ارتكابه يعتبر جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات.

لم يكتف المشرع الجزائي العراقي بفرض العقاب على أفعال الفساد، إذ اتجه لملاحقة الأموال المكتسبة ن وراء الفساد، ومعاقباً على تحويل مصدرها غير المشروع الى مصدر مشروع، فإن تبيض الأموال الناتجة عن الفساد تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، وذلك يعتبر انسجاماً مع الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد والاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، إذ أشارت الاتفاقية الدولية في مادتها 23 إلى اعتبار غسل الأموال صورة من صور الفساد، وهو ما كرسه المشرع العراقي في قانونه الداخلي إذ عاقب على عمليات غسل الأموال بموجب قانون مكافحة غسل الأموال لعام 2004 تطبيقاً لما جاء في الاتفاقية. وكذلك عاقب على الإثراء غير المشروع الذي نصت عليه المادة 20 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وذلك في القانون رقم 15 لعام 1958 قانون الكسب غير المشروع.

ولم تقتصر سياسة المشرع العراقي على مكافحة الفساد في قانون عقوباته، إذ عالج المشرع العراقي جرائم الفساد في قانون انضباط موظفي الدولة رقم 14 لعام 1991 المعدل، وكذلك قام بتعديل قانون مكافحة غسل الأموال لعام 2004 ليصبح قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الارهاب رقم 39 لعام 2015، فعاقب فيه على تبيض الأموال الناتجة عن الفساد كجريمة من جرائم غسل الأموال بالسجن لمدة لا تتجاوز خمسة عشر سنة وبغرامة لا تقل عن قيمة المال محل الجريمة ولا تزيد على خمسة أضعاف ، كما شجع التعاون على مكافحة جرائم الفساد وتحصيل الأموال الناتجة عنه في قانون مكافأة المخبرين رقم 33 لعام 2008 إذ نص في مادته رقم 1 على: “يهدف هذا القانون إلى تشجيع من يقدم إخباراً يؤدي الى استعادة الأصول و الأموال المملوكة للدولة والقطاع العام أو الكشف عن جريمة السرقة أو الاختلاس أو تزوير المحررات الرسمية أو عن حالات الفساد الاداري وسوء التصرف من خلال مكافاة المخبر”.

إن وضع تلك النصوص الجزائية لا يكفي إذ لا بدّ من وجود آليات لتفعيلها وتطبيقها على كل شخص فاسد وهو ما يحتاج لوجود جهات تتولى مهمة البحث عن جرائم الفساد وملاحقتها، الأمر الذي تطلب من المشرع العراقي تشكيل جهات خاصة بمكافحة الفساد.

ثانياً- الجهات العراقية المختصة:

إن المشرع العراقي عمل على تشكيل أكثر من جهاز لمكافحة الفساد الحكومي، منها هيئة النزاهة العراقية، وديوان الرقابة المالية ومكاتب المفتشين العامون، وهي هيئات تتولى مهمة مكافحة الفساد عموماً.

1- هيئة النزاهة: أنشأ المشرع العراقي هيئة النزاهة بموجب الأمر 55 لعام 2004 لتتولى مهمه التحقيق في حالات الفساد الإداري. وفي عام 2011 صدر القانون رقم 30 القانون الناظم لهيئة النزاهة العراقية، وذلك كي تعمل الهيئة على المساهمة في منع الفساد ومكافحته واعتماد الشفافية في ادارة شؤون الحكم العراقي على جميع المستويات. كما تعتبر الهيئة جهاز مستقل ومسؤول عن تنفيذ وتطبيق القوانين([75]). وتتولى الهيئة القيام بمنع الفساد ومكافحته عن طريق قيامهما بالمهام التالية:

أ- التحقيق في قضايا الفساد بواسطة محققـين ووفقاً لأحكام القانون، على أن يجري ذلك التحقيق تحت رقابة تحـت قاضي التحقيق المختص وفقاً لقانون أصول المحاكمات الجزائية.

ب- العمل على متابعة قضايا الفساد عـن طريق ممثل قانوني عن الهيئة بوكالة رسمية تصدر عن رئيسها وذلك عندما لا يقوم محققو الهيئة بـالتحقيق فيهـا.

ج- تنمية الثقافة في كل من القطاع العام والقطاع الخـاص وتنمية الشعور بالنزاهـة الشخصية ولزوم احترام أخلاقيات الخدمة العامة واعتماد الشفافية والخضوع للمساءلة والاستجواب، عبر البرامج العامة للتوعية والتثقيف.

د- العمل على إعداد مشاريع القوانين التي تسهم في منع ومكافحة الفساد ورفعها للسلطة التشريعية المختصة عن طريق رئيس الجمهورية أو مجلس الوزراء أو عن طريق اللجنة البرلمانية المختصة بموضوع التشريع المقترح.

ه- العمل على تعزيز ثقة الشعب العراقي بالحكومة وذلك من خلال الـزام كل المسـؤولين في الحكومة العراقية بكشف ذممهم المالية، وما لديهم من اسـتثمارات وموجودات وهبات أو منافع كبيرة داخل العراق وخارجه من الممكن أن تؤدي لـتضـارب مع المصـلحة العامة أو تتضارب مع إصـدار تعليمات تنظيمية لها قوة القانون.

و- العمل على إصدار التنظيمات اللازمة للسلوك التي تتضمن القواعد والمعايير السلوكي الأخلاقي لأجل كفالة أداء واجبات الوظيفة العامة بشكل صحيح وسليم.

ز- القيام بكافة الأعمال التي تؤدي لمكافحة الفساد أو الوقاية منه شريطة:

– أن تكون ممارسة ذلك العمل ضرورية وتؤدي لمكافحة الفساد أو الوقاية منه.

– أن يكون أداء العمل فعال ومناسب لتحقيق أهداف الهيئة([76]).

وقد نصت المادة 10 على الدوائر التي يتكون مركز الهيئة منها، إذ يوجد عدة دوائر:

“1- دائرة التحقيقات وتتولى القيام بواجبات التحري والتحقيـق فـي قضـايا الفساد وفقاً لأحكام هذا القانون وقانون أصول المحاكمات الجزائية”.

“2- الدائرة القانونية وتتولى تمثيل الهيئة امام المحاكم والهيئات واللجان القضائية بوكالة تصدر عـن رئيس الهيئة. وتنظيم العقود التي تبرمها الهيئة. ومتابعة القضايا والدعاوى التي تكون الهيئة طرفاً فيها بضـمنها قضـايا الفساد التي لا يحقق فيها أحد محققي الهيئة. وإعداد مشروعات القوانين وفقاً لأحكام البند رابعاً من المادة 3 مـن هذا القانون([77]). وابداء الرأي في جميع المسائل التي يعرضها عليها رئيس الهيئة أو أحـد نائبيه”.

“3- دائرة الوقاية وتتولى القيام بالواجبات اللازمة لملاحقة تقديم تقارير الكشف عن الذمم المالية، ومراقبة سلامة وصحة المعلومات المقدمة فيها، وتدقيق تضخم اموال المكلفين بتقديمها بما لا يتناسب مع مواردهم، وإعداد لائحة السلوك”.

“4- دائرة التعليم والعلاقات العامة وتتولى أداء ما هو ضروري ومناسب لتنمية ثقافة النزاهة والاستقامة والشـفافية والخضـوع للمساءلة واشاعة التعامل المنصف، واحترام القانون عبر اعـداد منـاهج تعليمية لتعزيز السلوك الاخلاقي في مجال الخدمة العامة وذلك بالتعاون مع المؤسسات التعليمية، ومن خلال إجراء الدراسات والنـدوات والحمـلات الاعلاميـة والمـؤتمرات وبرامج التدريب أو أي نشاط آخر يصب في تحقيق هدف إشاعة ثقافـة النزاهـة ونبذ ومحاربة الفساد”.

“5- دائرة العلاقات مع المنظمات غير الحكومية وتقوم بما يلزم لأجل تعزيز ثقافة السلوك الأخلاقي في القطاعين العام والخاص وذلك بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية عن طريق برامج التدريب والاتصال بالجمهور عبر وسائل الاعلام وغيرها”.

“6- الدائرة الادارية والمالية وتكون مسؤولية عن الأمور الإدارية والتنظيمية للهيئة ووظفيها ومواردها البشرية”.

“7- دائرة الاسترداد وتتوكل مسؤولية جمع المعلومات ومتابعة المتهمين المطلوبين للهيئة من خارج العراق واسترداد أموال الفساد المهربة للخارج بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنيـة وتضم مديريتين أحدهما لاسترداد الأموال والثانية لاسترداد المتهمين”.

“8- دائرة البحوث والدراسات وتقوم بإعداد الدراسات والبحوث حول الفسـاد وقياسه وآثاره وأسبابه وطرق منعه ومكافحته”.

“9- الاكاديمية العراقية لمكافحة الفساد وتهدف الى التدريب وضمان توفير تعليم مستمر لكوادر الجهات الرقابيـة ونشـر ثقافة النزاهة والشفافية والمساءلة والخضـوع للمحاسـبة واعـداد البحـوث والدراسات وتنظم تشكيلاتها ومهامهـا وأهـدافها ووسـائلها وطـرق إدارتهـا والشهادات التي تمنحها واجور المحاضرات فيها بنظام يصدره مجلـس الـوزراء باقتراح من رئيس الهيئة”([78]).

وقد نص قانون الهيئة على لزوم قيام الهيئة بتأدية مهامها في مكافحة الفساد بالتعاون مع ديوان الرقابة المالية ومكاتب المفتشين العامين([79]).

ثانياً- ديوان الرقابة المالية: أنشأ المشرع العراقي ديوان الرقابة المالية أنشأت بموجب الأمر 77 لسنة 2004 وفي عام 2001 صدر القانون رقم 31 لينظم عمل الديوان، وكي يتولى مهمة مكافحة الفساد المالي، إذ نصت المادة 2 منه على المخالفات التي يتولى ضبطها فنصت على ما يلي:

ويتولى الديوان الرقابة على: “المال العام أينما وجد وتدقيقه”. والرقابة على: “أعمال الجهات الخاضعة لرقابته وتدقيقه في جميع أرجاء العراق بموجب أحكام هذا القانون والقوانين النافذة”([80]). وقد حدد المشرع العراقي المخالفات المالية في قانون ديوان الرقابة المالية وهي:

1- مخالفة القوانين أو الأنظمة أو التعليمات.

2- ارتكاب الإهمال أو التقصير الذي يتسبب بضياع أو إهدار الأموال العامة أو الإضرار بالاقتصاد الوطني.

3- الامتناع عن تقديم السجلات أو الوثائق أو البيانات التي يجب مسكها كي تمكن ممارسة أعمال الرقابة والتدقيق أو عدم تسليمها للديوان أو الجهات التي يخولها.

4- الامتناع أو التأخير في الرد على التقارير والمراسلات الصادرة عن الديوان واعتراضاته وملاحظاته خلال المدة المحددة([81]).

وقد نصت المادة 4 على الأهداف التي يجب أن يسعى الديوان الى تحقيقها، وهي فيما يلي:

1- العمل على صيانة المال العام من أية هدر أو تبذير أو سوء في التصرف والعمل على ضمان كفاءة استخدامه.

2- العمل على تطوير كفاءة عمل الجهات الخاضعة للرقابة.

3- المساهمة في استقلال الاقتصاد ودعم نموه واستقراره.

4- العمل على نشر الأنظمة المحاسبية المستندة الى المعايير المحلية والدولية والعمل على تحسين القواعد والمعايير القابلة للتطبيق على الادارة والمحاسبة بشكل مستمر.

5- العمل على تطوير مهنة المحاسبة والتدقيق والنظم المحاسبية والعمل على رفع الأداء المحاسبي والرقابي على الجهات الخاضعة للرقابة([82]).

وقد حدد المشرع العراقي عدد من المهام التي يجب على الديوان تأديتها وهي فيما يلي:

“1- رقابة وتدقيق حسابات ونشاطات الجهات الخاضعة للرقابة والتحقق من سلامة التصرف في الأموال العامة وفعالية تطبيق القوانين والأنظمة والتعليمات على أن يشمل ذلك: فحص وتدقيق معاملات الانفاق العام للتأكد من سلامتها وعدم تجاوزها الاعتمادات المقررة لها في الموازنة واستخدام الأموال العامة في الأغراض المخصصة لها وعدم حصول هدر أو تبذير أو سوء تصرف فيها وتقويم مردوداتها. وفحص وتدقيق معاملات تخمين وتحقق جباية الموارد العامة للتأكد من ملائمة الإجراءات المعتمدة وسلامة تطبيقها. وإبداء الرأي في القوائم والبيانات المالية والتقارير المتعلقة بنتائج الأعمال والأوضاع المالية للجهات الخاضعة للرقابة وبيان ما إذا كانت منظمة وفق المتطلبات القانونية والمعايير المحاسبية المعتمدة وتعكس حقيقة المركز المالي ونتيجة النشاط والتدفقات النقدية”.

“2- رقابة تقويم الأداء للجهات الخاضعة لرقابة الديوان”.

“3- تقديم العون الفني في المجالات المحاسبية والرقابية والإدارية وما يتعلق بها من أمور تنظيمية وفنية”.

“4- تقويم الخطط والسياسات المالية والاقتصادية الكلية المقررة لتحقيق الأهداف المرسومة للدولة والالتزام بها”.

“5- إجراء التدقيق في الأمور يطلب مجلس النواب اجراء التدقيق”([83]).

ثالثاً- المفتشون العامون: أنشأ المشرع العراقي مكاتب مفتشين عامين بموجب الأمر 57 لسنة 2004 في الوزارات كافة ليتولوا مهمة المراجعة والتدقيق لأجل رفع مستويات المسؤولية والنزاهة في العمل الإداري، إضافة لتولي مهمة الإشراف على الوزارات ومنع حالات التبذير وإساءة استخدام السلطة، والتعاون مع هيئة النزاهة من خلال التقارير حول حالات الفساد في الوزارات المختلفة.

وعند عندم وجود مكتب للمفتش العام ضمن الجهة الإدارية أو عند تخلفه عن أداء مهمته يتولى مهمته ديوان الرقابة المالية فقد أوجب المشرع العراقي على ديوان الرقابة المالية إجراء التحقيق الإداري في المخالفة المالية المكتشفة منه مباشرة في الجهات التي لا يوجد فيها مكتب للمفتش العام أو إذا تخلف مكتب المفتش العام عن اكمال التحقيق فيها خلال مدة 90 يوم من تاريخ إشعاره من الديوان([84]).

الخاتمة:

تطرقنا في هذا البحث لأفعال الفساد الإداري وأسبابه، فوجدنا بأن الفساد الإداري يتجسد في العديد من الأفعال الضارة وله العديد امن الأسباب التي أدت لتفشيه في الوسط الإداري العراقي، كما تطرقنا في هذا البحث إلى آثار الفساد على كافة المستويات فوجدنا بأن آثار الفساد تلحق ضرراً جسيماً بالمجتمع على كافة الصعد سواء السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تنعكس سلباً على عملية التنمية المستدامة وتؤدي لتشويهها. ومن ثم تطرقنا للاتفاقية العربية لمكافحة الفساد وعالجنا موقف المشرع العراقي من جرائم الفساد إضافة لدراسة القانون الناظم لهيئات مكافحة الفساد في العراق.

أولاً- النتائج:

1 يعتبر الفساد سبب يعوق نهوض الدولة إذ أن انتشار الفساد بشتى أشكاله يؤدي بالدولة ولو كانت دولة غنية الى التخلف والانهيار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وهو ما يؤدي للتأكيد بأن الفساد الإداري أحد أبرز معوقات التنمية المستدامة في العراق، فانتشار الرشوة والسلوكيات الأخرى للفساد في العراق أدت لإنتاج حلقة مفرغة للتنمية.

2- تتعدد الآثار السلبية للفساد في نواح عدة بالنسبة للمجتمع، إذ يؤدي لتراجع النمو الاقتصادي ويعرقل الاستثمار والنشاط الاقتصادي، الأمر الذي يؤدي لخفض معدل النمو الاقتصادي وزيادة البطالة، كما يتسبب الفساد في تحويل الموارد المالية والأموال العامة إلى حسابات الأشخاص الفاسدين، مما يؤدي لزيادة البطالة وانخفاض مستوى المعيشة فضلاً عن سوء توزيع الدخل وهي جميعا آثار تؤدي لإعاقة التنمية المستدامة وإفشال خططها.

3- أدرك المشرع العراقي أهمية مكافحة الفساد لأجل تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، ولذلك تم بذل الجهد في مجال مكافحة الفساد عبر اصدار تشريعات تكافح الفساد كالتشريع الخاص بغسل الأموال إضافة لإنشائه هيئات خاصة لمكافحة الفساد، كجهات مستقلة تتولى مهمة مكافحة الفساد.

4- إن الدقة في ملاحقة جرائم الفساد عبر الهيئات المختصة التي أنشأها المشرع العراقي وإحالة الفاسدين الى القضاء لنيل عقابهم وتعاون السلطة القضائية وتطبيق العدالة بحق الفاسدين يسهم في الحفاظ على عملية التنمية المستدامة، لكن ذلك يتطلب انتزاع الفاسدين ومكافحة أفعال الفساد في دوائر الدولة بشكل جذري كي تمكن المحافظة على سلامة واستمرار عملية التنمية المستدامة.

ثانياً- التوصيات:

1- يتوجب تفعيل دور البرلمان العراقي والسلطة القضائية والإعلامية وكافة مؤسسات المجتمع المدني في مجال مكافحة الفساد، وتطبيق القوانين المعنية بمكافحة الفساد، والعمل على القضاء على البيروقراطية وممارسات الفساد المنتشرة في مؤسسات الدولة الإدارية لأجل حماية عملية التنمية المستدامة وحماية المجتمع العراقي من الفساد.

2- نقترح ضرورة تفعيل دور المؤسسات التعليمية العراقية في مواجهة الفساد ونتائجه الخطرة على المجتمع، فمن الضروري نشر العلم في المؤسسات التعليمة حول ظاهرة الفساد كي يكتسب الفرد ثقافة ومعرفة حول خطورة الفساد وأثره الضار على التنمية المستدامة.

3- نشر الوعي لدى المواطنين والموظفين العراقيين بأخطار الفساد على التنمية المستدامة ومخاطره على المجتمع العراقي ككل، ونشر الوعي حول المشاكل التي يسببها الفساد في الدولة وبالأضرار التي يسببها باقتصاد الدولة وبأموالها العامة.

4- ضرورة مواكبة المشرع العراقي لكافة الأحكام القانونية التي وضعتها اتفاقية الدول العربية لمكافحة الفساد وخاصةً ما جاءت به من أحكام قانونية تنظم أشكال التعاون لمكافحة الفساد، إذ يجب تكريس مضمون تلك القواعد في القوانين الوطنية العراقية.

5- ضرورة التعاون بين الجهات العراقية المختصة بملاحقة الفساد والسلطات القضائية، ومحاكمة الفاسدين دون أية مماطلة كي يكون هناك رادع للموظفين العمومين لأجل الابتعاد عن ممارسة الفساد في أجهزة الدولة العراقية.

المراجع:

أولاً- الكتب:

1- ابراهيم حامد، جرائم الاعتداء على الوظيفة والمال العام، المكتبة القانونية، القاهرة، 2000.

2- أنطوان مسرة، دور مؤسسات المجتمع المدني في مكافحة الفساد، المستقبل العربي، العدد 31، 2004.

3- جميعان ميخائيل، الانحراف الإداري أسبابه وطرق علاجه، القاهرة، 1975.

4- جورج العبد، العوامـل والآثـار فـي النمـو الاقتصـادي والتنميـة فـي نـدوة الفسـاد والحكـم الصـالح فـي الـبلاد العربيـة، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2004.

5- حنان سالم، ثقافة الفساد في مصر دراسة مقارنة للدول النامية، الطبعة الأولى، دار مصر المحروسة، القاهرة، 2003.

6- زياد بن علي، الآثار الاقتصادية والاجتماعية للفساد، مجلة أخبار النفط والصناعة، العدد 418، السنة 36، 2005.

7- طاهر العلبي وصالح العامري، المسؤولية الاجتماعية وأخلاقيات العمل، دار وائل للطباعة وانشر والتوزيع، الأردن، 2019، ص 284.

8- عثمان محمد غنيم، ماجدة أبو زنط، التنمية المستدامة فلسفتها وأساليب تخطيطها وأدوات قياسها، دار الصفاء للنشر والتوزيع، الأردن، 2007.

9- عماد الشيخ داود، الفساد والإصلاح، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2003.

10- عبد الله أحمد المصراتي، الفساد الإداري نحو نظرية في علم اجتماع الجريمة والانحراف الاجتماعي دراسة ميدانية، المكتب العربي الحديث، الإسكندرية، 2011.

11-عبد العظيم حمدي، غسيل الأموال في مصر والعالم، الدار الجامعية، الإسكندرية، 2007.

12- عمر سليمان عباس حامد، الإفساد الإداري والمالي كظاهرة وأساليب علاجه، الندوة التي أقامتها جامعة الدول العربية حول تفشي ظاهرة الفساد الإداري ووسائل مكافحتها، بيروت، 2001.

13- فليحة عبد الحسين كاظم، مكافحة الفساد الإداري، معهد التدريب النفطي، بغداد، 2011.

14- كمال دسوقي، سيكولوجية الإدارة العامة وأخلاقيات الخدمة المدنية، مكتبة الإشعاع الفنية، الإسكندرية، 2000.

15- منتصر النوايسة، جريمة الرشوة في قانون العقوبات، دراسة مقارنة، دار الحامد للنشر والتوزيع، الأردن، 2012.

16- محمود محمد معابرة، الفساد الإداري وعلاجه في الشريعة الإسلامية، دراسة مقارنة بالقانون الإداري، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2011.

17- مصطفى كامل السيد، العوامل والآثار السياسية في الفساد والحكم الصالح في البلاد العربية، تحرير إسماعيل الشطي، الطبعة الثانية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2006.

18- هشام الجمل، الفساد الاقتصادي وأثره على التنمية في الدول النامية وآليات مكافحته من منظور الاقتصاد الإسلامي والوضعي، كلية الشريعة والقانون بطنطا، جامعة الأزهر، مصر، 2014.

19- هاشم الشمري، ايثار الفتلي، الفساد الإداري والمالي وآثاره الاقتصادية والاجتماعية، جـــــــامعــــة تـيسمسيـــــــلت، الجزائر، 2019.

ثانياً – الرسائل والأطاريح:

1- خروفي بلال، الحوكمة المحلية ودورها في مكافحة الفساد في المجالس المحلية، دراسة حالة الجزائر، رسالة ماجستير، جامعة قاصدي مرباح، الجزائر، 2012.

2- عنترة بن مرزوق، الرقابة الإدارية ودورها في مكافحة الفساد الإداري في الإدارة الجزائرية، رسالة ماجستير، كلية العلوم السياسية والإعلام، جامعة الجزائر، الجزائر، 2008.

3- هدفي العيد، الإصلاح السياسي لمكافحة الفساد الإداري في الجزائر، رسالة دكتوراه، جامعة الجزائر 3، الجزائر، 2013.

ثالثاً – الأبحاث والمجلات العلمية:

1- باولو ماورو، تأثير الفساد على النمو والاستثمار والإنفاق الحكومي، تحليل مقارن فيما بين الدول، بحث منشور ضمن كتاب الفسـاد والاقتصـاد العالمي لمحرره كيمبرلي آن إليوت، ترجمة مجمد جمال إمام، الهيئة المصـرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة، مهرجان القراءة للجميع، القاهرة، مصـر، 2008.

2- روبرت كايتجاد، التعاون الدولي لمكافحة الفساد، مجلة التمويل والتنمية، صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، 1998.

3- عادل عبد العزيز السن، مكافحة أعمال الرشوة، ورقة عمل مقدمـة في ندوة “المال العام ومكافحة الفساد الإداري والمالي”، المنعقدة في تونس في الفترة من 14- 18 مايو 2007م، منشور في مؤتمر الفسـاد الإداري والمالي في الوطن العربي، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، القاهرة، مصـر.

4- عبد االله بن حاسن الجابري، الفساد الاقتصادي أنواعه أسـبابه آثاره وعلاجه – من بحوث المؤتمر العالمي الثالث للاقتصاد الإسلامي، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية.

5- دلال صادق أحمد وصواص شاهين، الدور الرقابي لهيئة النزاهة في رصد حالات الفساد الإداري والمالي، مجلة التقني، المجلد التاسع والعشرون، العدد الأول، الجامعة التقنية الوسطى، العراق، 2016.

6- دانيال كوفمان وآخرون، الفساد والتنمية، مجلة التمويل والتنمية، صادرة عن صندوق النقد الدولي، عدد مارس، 1998.

7- المرسي السيد حجازي، التكاليف الاجتماعيـة للفسـاد، مجلـة المسـتقبل العربـي، العـدد 266، مركـز دراسـات الوحـدة العربية، بيروت، لبنان، 2001.

8- نواف سالم كنعان، الرقابة الإدارية والمالية على الأجهزة الإدارية، مجلة الشارقة، سلسلة العلوم الشرعية والإنسانية، 2005.

9- كمال أمين الوصال، الفساد، دراسة في الأسباب والآثار الاقتصادية، مجلة التجارة والتمويل، عدد 2، كلية التجارة، جامعة طنطا، مصر، 2008.

رابعاً- الاتفاقيات والتقارير الدولية والقوانين:

1- الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام 2010.

2- تقرير منظمة الشفافية العالمية الصادر بتاريخ 2005.

3- قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.

4- قانون هيئة النزاهة العراقية رقم 30 لعام 2011.

5- قانون ديوان الرقابة المالية رقم 31 لعام 2011.

خامساً- المواقع الإلكترونية:

1الاعتداء على الأموال العامة، متوفر على الرابط الالكتروني التالي، https://al-ghidangroup.com/ تاريخ الزيارة 4/9/2023.

2- بحث عن التزوير تعريفها وانواعها وأركانها و سبب تجريمها، متوفر على الراب الالكتروني التالي، https://www.law-house.net تاريخ الزيارة، 4/9/2023.

3- عبد الرحمن تيشوري، الفساد والسلطة وأثر ذلك على التنمية، مجلة منتدى الحوار المتمدن الالكترونية، العدد 375، 2005، بحث منشور على الرابط الموقع الالكتروني التالي، www.rezgar.com. تاريخ الزيارة، 5/11/2023.

الهوامش

  1. () عثمان محمد غنيم، ماجدة أبو زنط، التنمية المستدامة فلسفتها وأساليب تخطيطها وأدوات قياسها، دار الصفاء للنشر والتوزيع، الأردن، 2007، ص 20.
  2. () محمود محمد معابرة، الفساد الإداري وعلاجه في الشريعة الإسلامية، دراسة مقارنة بالقانون الإداري، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2011، ص 189.
  3. () ابراهيم حامد، جرائم الاعتداء على الوظيفة والمال العام، المكتبة القانونية، القاهرة، 2000، ص 183.
  4. () عمر سليمان عباس حامد، الإفساد الإداري والمالي كظاهرة وأساليب علاجه، الندوة التي أقامتها جامعة الدول العربية حول تفشي ظاهرة الفساد الإداري ووسائل مكافحتها، بيروت، 2001.
  5. () نواف سالم كنعان، الرقابة الإدارية والمالية على الأجهزة الإدارية، مجلة الشارقة، سلسلة العلوم الشرعية والإنسانية، 2005، ص 112.
  6. () فليحة عبد الحسين كاظم، مكافحة الفساد الإداري، معهد التدريب النفطي، بغداد، 2011، ص 12.
  7. () انظر المادة 340 من قانون العقوبات العراقي لعام 1969.
  8. () الاعتداء على الأموال العامة، متوفر على الرابط الالكتروني التالي، https://al-ghidangroup.com/ تاريخ الزيارة 4/9/2023.
  9. () بحث عن التزوير تعريفها وانواعها و اركانها و سبب تجريمها، متوفر على الراب الالكتروني التالي، https://www.law-house.net تاريخ الزيارة، 4/9/2023.
  10. () جميعان ميخائيل، الإنحراف الإداري أسبابه وطرق علاجه، القاهرة، 1975، ص 82.
  11. () یاسر خالد بركات الوائلي الفساد الإداري، مفھومه مظاھره وأسبابه، نشرة شھریة ثقافیة عامة، العدد 80، 2008.
  12. () منظمة الشفافية الدولية، نظام النزاهة في مواجهة الفساد، المركز اللبناني للدراسات، بيروت، ص 34.
  13. () كمال دسوقي، سيكولوجية الإدارة العامة وأخلاقيات الخدمة المدنية، مكتبة الإشعاع الفنية، الإسكندرية، 2000، ص 49.
  14. () أنطوان مسرة، دور مؤسسات المجتمع المدني في مكافحة الفساد، المستقبل العربي، العدد 31، 2004، ص 126.
  15. () هشام الجمل، الفساد الاقتصادي وأثره على التنمية في الدول النامية وآليات مكافحته من منظور الاقتصاد الإسلامي والوضعي، كلية الشريعة والقانون بطنطا، جامعة الأزهر، مصر، 2014، ص 544.
  16. () خروفي بلال، الحوكمة المحلية ودورها في مكافحة الفساد في المجالس المحلية، دراسة حالة الجزائر، رسالة ماجستير، جامعة قاصدي مرباح، الجزائر، 2012، ص 91.
  17. () عنترة بن مرزوق، الرقابة الإدارية ودورها في مكافحة الفساد الإداري في الإدارة الجزائرية، رسالة ماجستير، كلية العلوم السياسية والإعلام، جامعة الجزائر، الجزائر، 2008، ص 65.
  18. () عبد الله أحمد المصراتي، الفساد الإداري نحو نظرية في علم اجتماع الجريمة والانحراف الاجتماعي دراسة ميدانية، المكتب العربي الحديث، الإسكندرية، 2011، ص 94.
  19. () منتصر النوايسة، جريمة الرشوة في قانون العقوبات، دراسة مقارنة، دار الحامد للنشر والتوزيع، الأردن، 2012، ص 138.
  20. () هشام الجمل، الفساد الاقتصادي وأثره على التنمية في الدول النامية وآليات مكافحته من منظور الاقتصاد الإسلامي والوضعي، المرجع السابق، ص 545.
  21. () هدفي العيد، الإصلاح السياسي لمكافحة الفساد الإداري في الجزائر، رسالة دكتوراه، جامعة الجزائر 3، الجزائر، 2013، ص 156.
  22. () طاهر العلبي وصالح العامري، المسؤولية الاجتماعية وأخلاقيات العمل، دار وائل للطباعة وانشر والتوزيع، الأردن، 2019، ص 284.
  23. () هشام الجمل، الفساد الاقتصادي وأثره على التنمية في الدول النامية وآليات مكافحته من منظور الاقتصاد الإسلامي والوضعي، المرجع السابق، 547.
  24. () عادل عبد العزيز السن، مكافحة أعمال الرشوة، ورقة عمل مقدمـة في ندوة “المال العام ومكافحة الفساد الإداري والمالي”، المنعقدة في تونس في الفترة من 14- 18 مايو 2007م، منشور في مؤتمر الفسـاد الإداري والمالي في الوطن العربي، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، القاهرة، مصـر، ص 118.
  25. () هشام الجمل، الفساد الاقتصادي وأثره على التنمية في الدول النامية وآليات مكافحته من منظور الاقتصاد الإسلامي والوضعي، المرجع السابق، 547.
  26. () تقرير منظمة الشفافية العالمية الصادر بتاريخ 2005.
  27. () عماد الشيخ داود، الفساد والإصلاح، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2003، ص 150.
  28. () عبد العظيم حمدي، غسيل الأموال في مصر والعالم، الدار الجامعية، الإسكندرية، 2007، ص 176.
  29. () زياد بن علي، الآثار الاقتصادية والاجتماعية للفساد، مجلة أخبار النفط والصناعة، العدد 418، السنة 36، 2005، ص 25.
  30. () روبرت كايتجاد، التعاون الدولي لمكافحة الفساد، مجلة التمويل والتنمية، صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، 1998، ص 2.
  31. () هشام الجمل، الفساد الاقتصادي وأثره على التنمية في الدول النامية وآليات مكافحته من منظور الاقتصاد الإسلامي والوضعي، المرجع السابق، ص 544.
  32. () خروفي بلال، الحوكمة المحلية ودورها في مكافحة الفساد في المجالس المحلية، المرجع السابق، ص 22.
  33. () كمال أمين الوصال، الفساد، دراسة في الأسباب والآثار الاقتصادية، مجلة التجارة والتمويل، عدد 2، كلية التجارة، جامعة طنطا، مصر، 2008، ص 194.
  34. () هشام الجمل، الفساد الاقتصادي وأثره على التنمية في الدول النامية وآليات مكافحته من منظور الاقتصاد الإسلامي والوضعي، المرجع السابق، ص 545.
  35. () عبد االله بن حاسن الجابري، الفساد الاقتصادي أنواعه أسـبابه آثاره وعلاجه – من بحوث المؤتمر العالمي الثالث للاقتصاد الإسلامي، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية ، ص 15.
  36. () هشام الجمل، الفساد الاقتصادي وأثره على التنمية في الدول النامية وآليات مكافحته من منظور الاقتصاد الإسلامي والوضعي، المرجع السابق، ص 572.
  37. () دانيال كوفمان وآخرون، الفساد والتنمية، مجلة التمويل والتنمية، صادرة عن صندوق النقد الدولي، عدد مارس، 1998، ص 7.
  38. () عبد الرحمن تيشوري، الفساد والسلطة وأثر ذلك على التنمية، مجلة منتدى الحوار المتمدن الالكترونية، العدد 375، 2005، بحث منشور على الرابط الموقع الالكتروني التالي، www.rezgar.com. تاريخ الزيارة، 5/11/2023.
  39. () باولو ماورو، تأثير الفساد على النمو والاستثمار والإنفاق الحكومي، تحليل مقارن فيما بين الدول، بحث منشور ضمن كتاب الفسـاد والاقتصـاد العالمي لمحرره كيمبرلي آن إليوت، ترجمة مجمد جمال إمام، الهيئة المصـرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة، مهرجان القراءة للجميع، القاهرة، مصـر، 2008، 132.
  40. () المرسي السيد حجازي، التكاليف الاجتماعيـة للفسـاد، مجلـة المسـتقبل العربـي، العـدد 266، مركـز دراسـات الوحـدة العربية، بيروت، لبنان، 2001، ص 27.
  41. () المرسي السيد حجازي، التكاليف الاجتماعيـة للفسـاد، المرجع السابق، ص 27.
  42. () هاشم الشمري، ايثار الفتلي، الفساد الإداري والمالي وآثاره الاقتصادية والاجتماعية، جـــــــامعــــة تـيسمسيـــــــلت، الجزائر، 2019، ص 1093.
  43. () جورج العبد، العوامـل والآثـار فـي النمـو الاقتصـادي والتنميـة فـي نـدوة الفسـاد والحكـم الصـالح فـي الـبلاد العربيـة، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2004، ص 225.
  44. () مصطفى كامل السيد، العوامل والآثار السياسية في الفساد والحكم الصالح في البلاد العربية، تحرير إسماعيل الشطي، الطبعة الثانية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2006، ص 285.
  45. () هدفي العيد، الإصلاح السياسي لمكافحة الفساد الإداري في الجزائر، المرجع السابق، ص 156.
  46. () محمود محمد معابرة، الفساد الإداري وعلاجه في الشريعة الإسلامية، دراسة مقارنة بالقانون الإداري، المرجع السابق، ص 120.
  47. () حنان سالم، ثقافة الفساد في مصر دراسة مقارنة للدول النامية، الطبعة الأولى، دار مصر المحروسة، القاهرة، 2003، ص 139.
  48. () مصطفى كامل السيد، العوامل والآثار السياسية في الفساد والحكم الصالح في البلاد العربية، المرجع السابق، ص 289.
  49. () أنظر المادة 10/ 11 من الاتفاقیة العربیة لمکافحة الفساد لعام 2010.
  50. () أنظر المادة 2 من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام 2010.
  51. () أنظر المادة 2/1 من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام 2010.
  52. () أنظر المادة 3/1 من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام 2010.
  53. () أنظر المادة 3/2 من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام 2010.
  54. () أنظر المادة 8 من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام 2010.
  55. () أنظر المادة 4 من الاتفاقیة العربیة لمکافحة الفساد لعام 2010.
  56. () نصت على ذلك المادة 9 من الاتفاقية العرابية لمكافحة الفساد محددة ما يلي:

    ‌أ- ارتكب الجرم أو أي فعل من أفعال ركنه المادي في إقليم الدولة الطرف المعنية.

    ‌ب- ارتكب الجرم على متن سفينة ترفع على الدولة الطرف أو طائرة مسجلة بمقتضى قوانينها وقت ارتكاب الجرم.

    ‌ج- ارتكب الجرم ضد مصلحة الدولة الطرف أو أحد مواطنيها أو أحد المقيمين فيها.

    ‌د- ارتكب الجرم أحد مواطني الدولة الطرف أو أحد المقيمين فيها إقامة اعتيادية أو شخص عديم الجنسية يوجد مكان إقامته المعتاد في إقليمها.

    ‌ه- كان الجرم أحد الأفعال المجرمة بموجب المادة (الرابعة/ح) من هذه الاتفاقية ويرتكب خارج إقليمها بهدف ارتكاب فعل مجرم داخل إقليمها.

    ‌و- كان المتهم مواطنا موجودا في إقليم الدولة الطرف ولا تقوم بتسليمه.

  57. () أنظر المادة 9/2 من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام 2010.
  58. () أنظر المادة 6/ 2،1 من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام 2010.
  59. () أنظر المادة 6/ 6،5،4 من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام 2010.
  60. () أنظر المادة 10/ 3،1 من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام 2010.
  61. () أنظر المادة 10/ 11 من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام 2010.
  62. () أنظر المادة 307 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.
  63. () أنظر المادة 308 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.
  64. () أنظر المادة 310 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.
  65. () أنظر المادة 311 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.
  66. () أنظر المادة 315 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.
  67. () أنظر المادة 318 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.
  68. () أنظر المادة 319 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.
  69. () أنظر المادة 322 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.
  70. () أنظر المادة 324 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.
  71. () أنظر المادة 326 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.
  72. () أنظر المادة 330، 331 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.
  73. () أنظر المادة 336 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.
  74. () أنظر المادة 341 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.
  75. () دلال صادق أحمد وصواص شاهين، الدور الرقابي لهيئة النزاهة في رصد حالات الفساد الإداري والمالي، مجلة التقني، المجلد التاسع والعشرون، العدد الأول، الجامعة التقنية الوسطى، العراق، 2016، ص 224.
  76. () أنظر المادة 3 من قانون هيئة النزاهة العراقية رقم 30 لعام 2011.
  77. () أنظر المادة 3/4 من قانون هيئة النزاهة العراقية رقم 30 لعام 2011، التي نصت على ما يلي: “رابعاً- إعداد مشروعات قوانين فيما يساهم في منع الفساد أو مكافحته ورفعها الى السلطة التشريعية المختصة عن طريق رئيس الجمهورية او مجلس الوزراء أو عن طريق اللجنة البرلمانية المختصة بموضوع التشريع المقترح”.
  78. () أنظر المادة 10 من قانون هيئة النزاهة العراقية رقم 30 لعام 2011.
  79. () أنظر المادة 21 من قانون هيئة النزاهة العراقية رقم 30 لعام 2011.
  80. () أنظر المادة 3 من قانون ديوان الرقابة المالية رقم 31 لعام 2011.
  81. () أنظر المادة 2 من قانون ديوان الرقابة المالية رقم 31 لعام 2011.
  82. () أنظر المادة 4 من قانون ديوان الرقابة المالية رقم 31 لعام 2011.
  83. () أنظر المادة 6 من قانون ديوان الرقابة المالية رقم 31 لعام 2011.
  84. () أنظر المادة 28 فقرة 5 من قانون ديوان الرقابة المالية رقم 31 لعام 2011.