الـرمـز في الشعر العربي – مقاربة بـين شـعرية ابـن الرومي والبحتري

وليد سرحان مطـر1

1 باحث، العراق.

اشراف الأستاذ الدكتور/ سالم المعوش

HNSJ, 2024, 5(8); https://doi.org/10.53796/hnsj58/5

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/08/2024م تاريخ القبول: 13/07/2024م

المستخلص

يـقوم الرمـز على مبدأ اكتشـاف نـوع مـن التشابه الـجوهري بين شيئين اكتـشافا ذاتيا، مـبتكرا، وبالتالي فدلالته وقيمتـه تنبثق مـن داخله ولا تضـاف إليه مـن الخارج، كما يأخذ الـرمـز الـخاص دلالته من السياق والتـجربة الشعرية. أما الـرمز الأدبي، فـهو لـيس إشارة إلـى مواضعه أو اصطلاح إنما أساسه علاقة اندماجية بين مستوى الأشياء الحسية الرامزة، ومستوى الحالات المـعنوية الـمرموز إليها، ومـن ثـم فهو يوحـي ولا يصـرح، يـغمض ولا يـوضح، كما أنـه يـقوم علـى مـبدأ اكتشاف نـوع مـن التشابه الجـوهري بـين شيئين اكتـشافا ذاتـيا مـبتكرا، وبالتالـي فدلالتـه وقـيمته تنبـثق مـن داخله ولا تـضاف اليـه مـن الـخارج . أما الشـعر الـعربي الـحديث فـقد عـرف هـذه الرمزية، بـتأسيسه علـى انـجازات الشـعر الـغربي الـحديث. والرمـز بشـتى صـوره المـجازية والبـلاغية والإيحائيـة تعميـق للمـعنى الشعـري، ومـصدر للإدهاش والتـأثير وتـجسيد لـجماليات التـشكيل الــشعري مــا لــم يصـل إلــى درجـة الابـهام و الــغموض. إنّ تــوظيف الرمــز فــي الــقصيدة الــشعرية الـحديثة سمة مشتركة بـين غالبية الشعراء علـى مستويات مـتفاوتة مـن حيـث الرمز الـبسيط إلـى الـرمز الـعميق ،وإذا وظف الـرمز بـشكل جـمالي منـسجم، واتسـاق فـكري فـأنه يسهـم فـي الارتقـاء بشعريـة الـقصيدة وعمـق دلالاتها وشـدة تـأثيرها فـي المتـلقي، وقـد عــرف الشـعراء مـن مـعين الرمـز الأسطـوري والتراثـي والصـوفي صـوراً فـنية دالـة أغـنت نصـوصهم الشعريـة وعـمقتها فـكرياً وجـمالياً.

الكلمات المفتاحية: الرمز، الدلالة، المديح الهجائي، الأسلوب، الاختراع والإبداع

مقدمة:

الرمـز كلمة أصلها قديم وتعني علامـة تعريف، مؤلفة مـن نصفـي شـيء مكسور يجري تقريبهمـا، لاحقا، اية علاقة أو إشارة، خاتم، دمغة ، شعار الخ … ([1]) ، وترتبط بفعل (ر م ز )، الذي يعني أشار أو لمح بشيء ، وأصل الكلمة – مثلما ذكره هنري بير – إن أصلها، مشتقة مـن الفعل اليوناني ، الـذي يعـني (ألقى فـي الوقت نـفسه)، أي هو يعـني “الجمع، فـي حركة واحدة، بـين الإشارة والشـيء المشار إليه”([2]).

أمـا فـي اللـغة العربية فقد ذهب ابن منظور في لسان العرب أن الـرمـز هو الإيماء بالشفتين والحاجبين والعينين ، ورمز إليه برموز ، أومأ ([3]). أما الفيروز آبادي فقد ذهب إلى أنه ” إشارة بالشفتين أو الحاجبـين أو اليد أو الفم أو اللسان” ([4]) .بـينمـا قصره الثعالبي على الشفتين خاصة([5]). وهـذا ما عدّه صاحب العمدة بأنّه الكـلام الخفـي الـذي لا يكاد يفهم، ثـم استعمل حتى صار كالإشارة وقال إن أصله التحرك ([6]) ، وكأن ابـن رشيق ، قد قصد إلى الجمع بـين المعاني الأربعة الأخيرة، وردها إلى معـنى واحد، إذ قــال :” الـرمـز تصويت خفـي باللسان كالهمس، ويكون بتحريك الشفتين بكـلام غير مفـهوم باللفظ مـن غير إبانة صوت، إنمـا هو إشارة بالشفتين” ([7])، وإذا عرفنا إن الـرمـز فـي لـغة العرب هو الإشارة فإننا نجد فـي كـلامهم مـا يدل على إن الإشارة أو الإيماء أو الرمز وسيلة من وسائل الدلالة لان الدلالة على المعاني ، لا تكون بالألفاظ وحدها ، بل تكون بالإشارة والكتابة . وان الـعـلاقة أكيدة بـين الكتابة وبـين الخطـابة إذ ان الإشارة واللفظ شريكان ، ونعم العون هـي له ، ونعم الترجمـان هـي عـنه ، فهـي قد تصحب الكـلام فتساعده على البيان والايضاح لان الإشارة باليد أو الراس مـن تمـام حسن البيان، وإن الإشارة قد تنوب عـن الكـلام وتستقل هـي بالدلالة ([8]) ، كمـا يقول الـشاعر أبو الوفاء الرفاعي:

ما زال يرشف من خمر الطلا قمر حتى غدا ثملا ما فيه من رمق

وقال لي برموز مـن لواحظــــــــــــــه ان العـناق حرام قلت فـي عـنقي ([9])

وقال الآخر :

ضحك النهار بأرضها وتشققت فيها عيون شقائق النعمان ([10])

وقـد ذهب آخر إلى أنه الصوت الخفي ، الذي لا يكاد يفهم ، وهو الذي عناه الله عزّ وجلّ الإشارة للإنسان حين يعجز عـن الكـلام كالـذي جعله آية لزكريا (ع)على مـا بشره به مـن الولد لمـا دعا الله تعالى ان يجعل له اية على ذلك ([11]) (( قال ربّ اجعل لي اية قال ءايتك الا تكـلم الناس ثلاثة ايام الا رمـزا )) ([12]) ، أو قـد يلجأ الى الإشارة حـينمـا يقصد إفهام بعـض الناس بالمراد دون البعـض الآخر كمـا يظهر مـن قول الـشاعر أبي نواس :

يا ساحر الطرف أنت الدهر وسنان سرُّ القلوب لدى عينيك إعلان

إذا امتحنت بطرف العين مكتتما ناداك من طرفه بالسرّ تبيان ([13])

وقول علي بن الجهم :

يشتاق كلّ غريب عند غربته ويذكر الاهلَ والجيران والوطنا

وليس لي وطن أمسيت أذكره إلا المقابر إذ صارت لهم وطنا([14])

وإن للرمـز في النقد العربي الحديث مدلولين اصطـلاحيين ، يجمع بينهما معـنى الإشارة يجمع بـينهمـا، إلا أنهمـا يتميز الواحد مـنهمـا عـن الآخر بـنوع الإشارة الـتي يشير اليها ، وبـنوع ارتباطـ مدلولها الاشاري بها ، والمدلولان إنما أحدهمـا شامل عام ، وثانيهما فني دقيق ([15]) فالـرمـز فـي المدلول الأول عـلامـة أو إشارة ، قد عرف مدلولها الإشاري، أمـا عـن طـريق الاصطـلاح العـلمي ، كمـا هو الحال فـي الإيماءات الاشارات والرموز العـلمية ، أو الرموز الاجتمـاعية ، حتى أصبحت هذه كلها ، كلما وقف المرء عليها ، استيقظت مدلولاتها الاشارية المقصودة فـي نـفسه، هـي فـي ذاتها ([16]) . وللرمـز بهـذا الـمعـنـى وجهان أحدهمـا دلالة المعاني المجردة على الأمور الحسية ، كدلالة الأعداد على الأشياء، ودلالة الحروف على الكميات الجبرية ، والثاني دلالة الأمور الحسية على المعاني المتصورة([17])، كدلالة الصليب على المسيحية والهلال على الإسلام.

وقد ذهب هـ . دولاكروا إلى القول بأن الـرمـز بالـمعـنـى الحديث ، يحمل دومـا فكرة تطـابق تمـاثلي طـبيعي وغير مـالوف بـين الصورة العينية والغرض الـذي يرمـز اليه وهـذا مـا اكده برونشفـيغ بقوله : ان الـرمـز يتعارض مع الإشارة الصنعية بكونه يمتلك قوة تمثيل داخلية([18])

أمـا الـرمـز بمعـناه الفني الدقيق فـهو ” شـيء حسي ، معتبر كإشارة إلى شـيء ، لا يقع تحت الحواس ، وهـذا الاعتبار قائم على وجود مشابهة بـين الشيئين احست بها مخيلة الرامز” ([19]) .

واذا جربـنا ان نضرب الامثلة على الـرمـز بهـذا الـمعـنـى “قلنا مع الجاهليين أن النسر رمـز الخلود ، وقلنا مع غيرهم أنه رمـز القوة أو رمـز الطـموح و نقول مع المتصوفة العرب أن الدير رمـز الحضرة الإلهـية ، والخمر رمـز الوصال والتقرب أو نقول مع الحكمـاء أن الأفعى الـتي تلدغ مـن اكرمها رمـز المعروف المصنوع مع غير اهله ، ونقول مع غير هؤلاء واولئك ان الاسد رمـز القوة ، والزنبقة رمـز الطـهر … وهكذا مـن هذه الامثلة المعروفة ،الـتي ترينا فـي أساس تكوينها طـرفـين متغايرين أحدهمـا حسي ، وهو صورة النسر والدير والكأس والخمر والأفعى والأسد ، والزنبقة ، الـتي نرمـز بها إلى المعاني الموحاة وراءها ، وهـي الخلود ، والقوة ، والطـموح ، والحضرة الإلهـية والوصال ، والمعروف الضائع والطـهر وهكذا “([20]) . وهـذا يعـني أن الـرمـز بمعـناه الفني الدقيق يستلزم علاقة قرابة أو تداخلا عيننا بـين المدلول والشكـل لأنه إبداع إنساني يتجاوز الاصطـلاح والتوقيف ([21]) على عكس الـرمـز بمعـناه الشامل فان الـعـلاقة الـتي تقوم بـين المدلول والشكـل هـي علاقة عسفـية بحتة فالأصـوات ، فـي اللغات مـثلا ، هـي دلالات على تمـثلات واحساسات الخ … لكن الغالبية العظمى مـن الأصـوات فـي لـغة مـن اللغات لا ترتبطـ بالتمـثلات الـتي تعبر عـنها الا على نحو عرضي تمـامـا ([22]).

واذا كان الأساس الـذي تتم عليه التفرقة بـين العـلامـة والـرمـز مـا زال مختلفا عليه ، ومـن ثـم يبقى حكمـنا على الشـيء الـذي نبحثه بانه عـلامـة أو رمـز ، امراً متروكا لنقدنا الذاتي فإن ابسطـ أساس للتفرقة بـينهمـا هو ان نقول ان (العـلامـة) هـي الشـيء الـذي نتخذه مشيرا على وجود شـيء سواه ، أمـا لان الشيئين قد وجدا دائمـا مرتبطـين ، كالدخان الـذي يكون عـلامـة على وجود نار ، والبرق الـذي هو عـلامـة على ان صوت الرعد وشيك الوصول ، وانطـباع قدم ادمية على الرمل ودلالته على ان انسانا قد وطـأ المكان وهكذا ، وامـا لان الناس قد اتفقوا اتفاقا على ان يكون احد الشيئين دالا على الآخر . كالنور الاحمر ودلالته فـي حركة المرور ، وكـثيرا جدا مـن كـلمـات اللـغة علامـات متفق على مدلولاتها ، وكذلك رموز الرياضة وبعـض الإشارات البدنية ندل بها على القبول أو الرفض أو غير ذلك ([23]).

أمـا الرموز بالـمعـنـى الدقيق فهـي تلك الـتي لا يكتفـي فـيها على مجرد الدلالة . بحيث يكون هناك طـرفان فقطـ طـرف العـلامـة الدالة مـن جهة ، والطـرف الثاني هو طرف الشي المدلول عليه مـن جهة اخـرى ، بل يضاف إلى مجرد الدلالة شحنة عاطـفـية مـن نوع مقصود يراد لها ان تنزو فـي نـفس الرائي أو السامع كـلمـا وقع على رمـز معين ([24]) . فاذا كـانت العـلامـة اشارة حسية إلى واقعة أو موضوع مـادي فان الـرمـز تعبير يومئ إلى معـنى عام يعرف بالحدس ومـن هنا فالـرمـز لا يلخص شيئا معلومـا لأنه إنمـا يحيل على شئ مجهول نسبيا ،فلـيس هو مشابهة وتلخيصا لمـا يرمـز اليه وإنمـا هو أفضل صياغة ممكنة لهـذا المجهول النسبي، وفـي ضوء هـذا التحديد يـمـكن القول بان الـرمـز يموت اذا وجدت طـريقة اخـرى تفضله فـي الصياغة والتعبير .ولذلك فان له قيمة فـي ذاته بـينمـا العـلامـة لـيس لها قيمة فـي ذاتها بل تتلخص قيمتها فـي اداء مهمة الدلالة على الـمعـنـى الـذي تعـنيه ولهـذا كـانت كـثير مـن الـعلامـات يـمـكن استبدالها بعلامـات اخـرى اذا كـانت لها الدلالة نـفسها دون ان يحدث تغيير فـي الـمعـنـى وهـذا مـا يظهر واضحا فـي لـغة العـلم إذ يـمـكن ان نستبدل رمـزا أو عـلامـة معينة بعـلامـة غيرها متى اتفقنا على هـذا التغيير([25]) .لان الإشارة مرتبطـة بالشـيء الـذي تشير اليه على نحو ثابت .وكـل اشارة واحدة ملموسة تشير إلى شـيء واحد معين .امـا الـرمـز فعام الانطـباق ،أي يوحي بأكثر مـن شيء واحد ، وهو متحرك ومتنقل ومتنوع .ومـن ثـم فلا يـمـكن استبداله بغيره كالعـلامـة لأنه اذا تغير الـرمـز تغير الـمعـنـى المرتبطـ به لا محالة. ولعل هـذا متأت مـن كون العـلامـة جزءا مـن عالم الوجود المـادي بـينمـا الـرمـز جزء مـن عالم الـمعـنـى الانساني. ولهـذا فـقد اقتصرت وظيفة العـلامـة على الإشارة أو التمـاثل أو البدل أو النيابة أو المساواة – لـيس غير- بـينمـا يتضمـن الـرمـز الفني، فضلا عـن قيمته الاشارية (الدلالية) قيمة (ايحائية) استنتاجية، يتجاوز فـيها وظيفة الكشف عـن التشابه إلى قيمة ذاتية مستقلة ومـنبعثة مـن داخله ، ودور جمـالي داخل العمل الفني([26]) فالـرمـز وان كان يبدو محددا فـي ذاته ، ومحتويا على عـلامـة قد تكون مطـابقة ، فانه يبدو مـن جهة اخـرى مشتملا على غير محدد ، ومهمـا حاولنا ايضاح الـرمـز ، فان فـيه بقية مـن سر تند عـن ادراكنا العقلي.

دلالة الـرمـز فـي شـعر ابـن الرومي والبحتري:

يستخدم الرمز في السياقات ، التي تتطلب الإيحاء والإيماء بشيء غير معلن ، وهو في الشعر يلجأ إليه الشعراء ؛ للتعبير عن الأفكار والمعاني والمشاعر ؛ ليمنحوا عملهم عمقا ويجعلوا القارئ مشاركا معهم في عملية فكّ الشفرة والتأويل ؛ فيضيفوا إلى تجربة القراءة بعدا فلسفيا وجماليا.

لقد عرف ابـن الـرومـي بـنـفسية صعبة المراس، وتوفرت لديه ” دقة الملاحظة والاحساس وعمق الشعور بالمتناقضات فـي نـفسه وفـي زمـنه وسعة النظر الى الفوارق، وسمـاحة العطـف الـتي تقابل مرارة العصبية فـهو شاعر الطـبيعة فـي الأدب العربي، وشاعر الهجاء الساخر، وشاعر الحياة الـيومية فـي عصره، وشاعر الأوهام والأشباح، وشاعر المزاج المتقلب” [27](2). ويبدو ان الفارق بـين جنسي الـشاعرين اسهم بشكـل غير مباشر فـي الاختلاف الثقافـي بـينهمـا فضلاً عـن الاختلاف فـي الاسلوب الشـعري، فالمعروف ان البحتري كان عربياً مـن قبيلة طـي” فـهو ابـن البادية فـي دور التلمذة الـذي قضاه فـي الشام” [28](3) وهو الـذي نشأ فـي بادية مـنبج بـين العرب الطـائيين الـذين كانوا مـنتشرين بها”ولـيس مـن شك فـي ان نشأته المبكرة بـين البدو فـي هذه البادية كان لها أثر واضح فـي اتجاهاته الفنية” [29](4) أمـا ابـن الـرومـي فـقد نشأ فـي بغداد تلك الحاضرة العباسية الـتي عرفت المتناقضات فـي كـل شـيء فعصر ابـن الـرومـي كمـا يقول العقاد الـذي استعار مقدمة تشارلس ديكنز فـي(قصة مدينتين)” كان احسن الازمـان، وكان أسوأ الازمـان، كان عصر الحكمة، وكان عصر الجهالة، كان عهد اليقين وكان الحيرة والشكوك، وكان اوان النور، وكان اوان الظلام…” [30](5).

لا يختلف اثنان مـن النقاد القدمـاء أو المعاصرين فـي اختلاف ثقافة ابـن الـرومـي ولكن الشـيء المهم هو معرفة اثر تلكمـا الثقافتين فـي شـعريهمـا الأمر الـذي أدى إلى أن يكون الصراع الفني ملحوظا بـينهمـا وقـد أدى هـذا الصراع الفني إلى نزاع شخصي بـين الاثنين، فالبحتري ذو ثقافة عربية خالصة انحصرت أو أوشكت أن تنحصر فـي الثقافة العربية القديمة، وفـي شـيء يسير مـن الثقافة الإسلامية الجديدة[31](6) ويـرى بعـض الباحثين ان البحتري خلق لنـفسه اتجاها يجمع فـيه بـين القدم والحداثة بشكـل أرضى عـنه بعـض النقاد الكبار، ” فـقد سجل له الثعالبي دوره فـي تلك المزاوجة بـين التراث والحضارة مـن خلال وقوفه على روعة معاني استاذه، على الرغم مـن صعوبة فنه وتكـلفه فـيه” [32](9) وهناك مـن يرى أن البحتري” متوسطـ الموهبة فـي الابداع ، واستطـاع ان يجمع فـي شـعره بـين طـريقة استاذه ابي تمـام فـي تصوير المعاني وفـي الولوع بتقسيم الكـلام و نظم أجزائه، وبـين طـريقة الاقدمين فـي وضوح القصد وفـي البعد عـن التكـلف والايغال والتعسف فـي الغوص على المعاني المبتكرة والصور الجديدة” [33](1) .

لم يعـن النقاد القدمـاء بمـا دار بـين البحتري وابـن الـرومـي ، بل انشغلوا بالخلاف والموازنة بـين أشعار أبي تمـام و البحتري على الرغم مـن أن الاثنين ، لم يتعاصرا لفترة طـويلة ، فـقد توفـي ابو تمـام سنة 231 هجرية فـي حين توفـي البحتري سنة 284 هجرية أي بعد وفاة ابي تمـام عاش البحتري (50) عامـا، و توفـي ابـن الـرومـي سنة 283 هجرية على ارجح الاراء الـتي نقلها العقاد[34](2).

ابـن الـرومـي قد تأثر تأثرا كبيرا بابي تمـام على الرغم مـن ان ابـن الـرومـي لم يعاصره، فـهو حريص على احتذاء طـريقة ابي تمـام فـي البديع وفـي بـناء قصيدة المدح فضلا عـن الغوص على المعاني الغامضة واستقصائها مـن الجوانب كـافة، والشبه بـين الاثنين اكثر مـن الاختلاف، فـهو التلميذ الحقيقي لابي تمـام وهو الـذي تزعم ريادة الاتجاه المحدث وقاد الحرب ضد البحتري، وهـذا مـا اكده ابـن رشيق القيرواني بصورة غير مباشرة عـندمـا قال: ” والـذي أراه ان ابـن الـرومـي ابصر بحبيب وغيره مـنا، وان التسليم له والرجوع إليه احزم ” [35](3) وقـد تابع د. طـه حسين القيرواني فـي رايه الـذي يؤكد الـعـلاقة بـين ابي تمـام وابـن الـرومـي عـندمـا قال:”ان ابـن الـرومـي يخالف غيره مـن الشعـراء الـذين عاصروه أو جاءوا قبله، الا واحدا هو ابو تمـام، وذلك ان طـبيعة ابي تمـام الشـعرية مشبهة لطـبيعة ابـن الـرومـي مـن وجوه، فهمـا متفقان مـن حيث انهمـا يعتمدان اعتمـادا شديدا جدا على العقل فـي شـعريهمـا” [36](4).

ووقف الى جانبه بعـض النقاد والشعـراء فضلا عـن بعـض النحويين واللغويين مـن امثال ابي العباس ثعلب، وعبيد بـن عبد الله بـن طـاهر واحمد بـن ابي طـاهر واحمد بـن خلاد وابي عثـمـان الناجم واحمد بـن محمد الخثعمي فـي حين وقف اخرون مع البحتري وكان ابــــــــــرزهم: محمد بـن يزيد المبرد والفتح بـن خاقـــــــــــــــان وعبد المـــــــلك بـن الزيات وعبد الله بـن المعتز وفـيه قال صاحب العمدة: ” ولم يذكر أصحاب ابـن الـرومـي وابـن المعتز الا مـن ذكر بسببهمـا فـي مكاتبة أو مـناقضة” وابراهـيم بـن المدبر وابو الفضل أحمد بـن طـيفور وابـن الشلمغان الكاتب ونـفطـويه والأخفش الأصغر وابو طـالب المفضل بـن سلمة النحوي المشهور وقـد هجا ابـن الـرومـي اولئك الـذين وقفوا مع البحتري… وكان ابو عثـمـان الناجم صديقا حميمـا لابـن الـرومـي فكان يروي شـعره و يحفظ اخباره وهو الـذي جمع بـين البحتري وابـن الـرومـي لكن صحبتهمـا لم تطـل كـثيرا “لأن البحتري يدل على ابـن الـرومـي بمكـانته مـن الخلفاء والامراء، وكان ابـن الـرومـي لا يطـيق الصبر على ذلك، فهجاه وعاب شـعره واتهمه بالسرقة ” [37](1) وعلى الرغم مـن ان العقاد قد اضاف سببا الى أسباب الخصومة عـندمـا زعم ان: ابـن الـرومـي انس اغراء مـن العلاء بـن صاعد بالبحتري، لأن العلاء كان يستضعف هجاء الشعـراء للبحتري، فاراد بذلك ان يشد ابـن الـرومـي عليه و يفحمه[38](2) تمتد أسباب الخصومة الى اكثر مـن ان تكون مـنافسة فنية محضة، فمـا يفرق بـين الاثنين اكثر بكـثير مـن الـذي يجمع بـينهمـا ابتداء مـن النسب وانتهاء بالمذهب والاخلاق والطـبيعة النـفسية، وقـد كان ابـن الـرومـي يظن نـفسه التلميذ الحقيقي لأبي تمـام وشـعره اشبه باشعار ابي تمـام، فـي البـناء وفـي المعاني وفـي الثقافة ايضا وعلى النقاد ان يشغلوا انـفسهم بهمـا دون البحتري لان البحتري لا يعدو ان يكون سارقا لمعاني غيره بل لا يتوانى ان ينحل قصائده المدحية الـتي قالها سابقا فـي اخرين ليقولها فـي غيرهم وقـد لاحظ ذلك المرزباني الـذي وصفه بقوله:”وممـا قبح فـيه ايضاً، وعدل عـن طـريقة الشعـراء المحمودة ، اني وجدته قد نقل نحوا مـن عشرين قصيدة مـن مدائحه لجمـاعة توفر حظه مـنهم عليها الى مدح غيرهم، وامـات اسمـاء مـن مدائحه اولاً، مع سعة ذراعه بقول الشـعر، واقتداره على التوزع فـيه” [39](3) كمـا لا تخفى المعاني والصور الـتي سرقها البحتري مـن ابي تمـام والـتي اشار اليها الامدي فـي موازنته، فالسرقة والتلصص ثابتان عليه وهـذا الـذي اثار حفـيظة ابـن الـرومـي عـندمـا قارن بـين اسلوبه الـذي يبدع فـيه فـيحاول ان ياتي بكـل جديد، بـينمـا ينحل البحتري مـن الآخرين اشعارهم ويعيد صياغتها بسهولة، فـيلقى حظوة عـند الخلفاء و الناس، فـي حين يبقى هو بعيدا عـن اضواء الشهرة على الرغم مـن ان ابـن الـرومـي قد اختار ذلك البعد بـنـفسه، فلا غرابة ان يشير ابـن الـرومـي الى سرقات البحتري فـي اكثر مـن قصيدة، ومـنها قوله:[40](4)

البــــــــحتري ذنـوب الوجه نـعرفه ومـا رأينا ذنـوب الوجـه ذا أدب
انى يقول مـن الاقوال ثقبها
مـن راح يحمل وجـها سابغ الذنب
ان الوليد لمغوار إذا نكـلت
نـفس الجـبان بعيد الـهم والسرب
أيسرق البحتري الناس شـعرهم
جهرا وانت نكـال اللص ذي الريب
يـا بحتري : لقد اقبلت مـنقلبا
يوم اكتسب هجـــائي شر مـنقلب
ابا عبادة : ذر مـا كنت تنسجه
وخـذ لنـفسك يا مسكين فـي الندب

وعلى الرغم مـن هجاء ابـن الـرومـي اللاذع للبحتري حاول الاخير ان يستميله “فاهدى إليه تخت متاع و كيس إليه ليريه ان الهدية لـيست تقية مـنه، لكن رقة عليه وانه لم يحمله على مـا فعل الا الفقر و الحسد المفرطـ

شاعر لا أهابه
نبحـتني كـلابه
ان مـن لا اعزه
لعزيز جوابه [41](1).

ولم يقتصر التهاجي على الـشاعرين فحسب بل انتشرت الحرب الكـلامية بـين المؤيدين والخصوم لهمـا، فـقد دخل عبيد الله بـن عبد الله بـن طـاهر واحمد بـن ابي طـاهر مع ابـن الـرومـي فـي صراعه مع البحتري، الامر الـذي جعل البحتري يضيق ذرعا بهم وبولعهم بالفلسفة والمـنطـق، لكن البحتري لم يتورطـ بهجائهم صراحة كمـا كان يفعل ابـن الـرومـي بل كان يذهب الى التعريض والتلميح ولا سيمـا فـي قصيدته الـتي مدح بها ابـن العباس بـن بسطـام شاكيا مـن الزمـان واهله فقال[42](2):

مـن قـال للـزمـان مـا اربه
فـي خلق مـنه قـد بدا عجبه
وصـاحب ذاهــب بخـلته
ولـى بها واتـلـيت اطـلبه
فلست ادري ابـعـــد شقته
اشـد رزءا علي ام صقبه
فهل لضيف العراق مـن صفد
عـند عميد العـراق يرتقبه
ومستمرين فـي الخـمول بلو
ناهم فــذم الحرام مكسبه
كانوا كـشوك القتاد يسخطـ را
عيه ويابـى رضاه محتطـبه

ويـرى احد الدارسين ان عبيد الله بـن طـاهر – صاحب شرطـة بغداد – فهم”ان البحتري يعرض به، وكـانت بـين الاثنين مودة سابقة، ولعل ابـن الـرومـي اوغر صدره، واوهمه انه المقصود فـي هـذا القول. وعـندئذ تصدى عبيد الله للرد بقصيدة يبدو ان ابـن الـرومـي اعانه فـي نظمها” [43](3) ومهمـا يكن فان ابـن الـرومـي ومـناصريه كانوا يعملون فـي اتجاه مضاد لجمـاعة المحافظة الـتي يتزعمها البحتري ،فاخذ عبيد الله يرد على كـل معـنى جاء فـي قصيدة البحتري وقـد كان عبيد الله وابـن الـرومـي فطـنين لمـا يقصده البحتري فـي قصيدته الاولى بدلالة ان البحتري فـي قصيدته الثانية قد صرح برفضه لمـنهجهمـا فـي الشـعر فسمـاه (بالهذر)، قال عبيد الله متتبعا بعـض الافكار والمعاني الـتي طـرحها البحتري فـي قصيدته السابقة[44](1):

اجـد هـذا الـمـقـال ام لعبه
ام صدق مـا قيل فـيه ام كذبه
وانـمـا الـعـقـل للفتى سبب
الـى اختيار الصواب ينتخبه
والعقل ضـربان ان نظرت فمو
هــوب وثان للمرء يكتسبه
كـل عـمـيـد لـورد حادثة
فعـند الكشف ان عـرت كربه
وانـمـا الـمــرء عقله فاذا
احـرز عـقـلا فعـنده ادبـه
ومـن نحلت الـمـديح محتمل
لـلـمدح يصفـي به وينتجبه

فضلا عـن السجال فـي الهجاء لم يكتف ابـن الـرومـي بذلك بل راح يعاتب ممدوحيه مـن الـذين مدحهم البحتري مـن قبله مقارنا بـين مديحه لهم وشـعر البحتري، وهـذا نوع مـن الصراع الـذي يعلنه ابـن الـرومـي الـذي لم ينـفك مـن التصريح بذلك واصفا نـفسه بالمظلوم، معاتبا الـذين مدحهم، وفـيمـا يبدو ان الممدوحين قد استغلا الصراع الناشب بـين الـشاعرين، فمرة يقرب البحتري واخـرى يقرب ابـن الـرومـي، لذلك نرى ان اسمـاء ممدوحيهم تتناقل بـين ديوانيهمـا، لذلك فان الـشاعرين قد تنافسا ايضا فـي نيل رضى الممدوحين، فكثر العتاب والهجاء معا، فممدوح البحتري الـيوم يكون مهجو ابـن الـرومـي غدا، وممدوح ابـن الـرومـي يكون مهجو البحتري، فالتنافس بـينهمـا لم يكن فنيا خالصا بل كان فـي بعـض وجوهه على المـال والجاه والحظوة، وخير دليل على ذلك، ان بعـض الممدوحين قد شكوا فـي صدق نوايا هذين الـشاعرين، بسبب مـا عرف عـنهمـا مـن سرعة التقلب والتبدل مـن حال الى حال، فلـيس هناك ممدوح دائم مثلمـا لم يكن هناك مهجو دائم، وفـي ذلك يقول المزرباني:”ان البحتري قد هجا نحوا مـن اربعين رئيسا ممـن مدحهم: مـنهم خليفتان وهمـا المـنتصر و المستعين، وساق بعدهمـا الوزراء و رؤساء القواد، ومـن جرى مجراهم مـن جلة الكتاب والعمـال ووجوه القضاة والكبراء بعد ان مدحهم واخذ جوائزهم، وحاله تنبىء عـن سوء العهد و خبث الطـريقة” [45](2)، وكان ابـن الـرومـي يفعل ذلك ايضا لكنه لم يحصل على الاثابة فكان يشكو كـثيرا فـي مدائحه، لأن مـا يجري بـينهمـا اشبه مـا يكون باللعبة والمخاتلة والحيلة، وقـد فطـن ابـن الـرومـي الى خطـطـ الممدوحين فكان يضمـن قصيدته وجهـين مـن المعاني، إذا اثيب سكت وان لم يثب صرح بان قصيدته كـانت تحمل هجاء للممدوح وقـد صرح بذلك فـي اكثر مـن موضع فـي شـعره، وهـذا اللون مـن الشـعر يـمـكن ان نطـلق عليه “المديح الهجائي” الـذي عرف به ابـن الـرومـي الـذي قال[46](1):

إذا مـا مدحت المرء تطـلب رفـده
ولــم ترج فـيه الخير الا بذاكا
فـانت لـــه اهجي البرية نية
وان كنت قد اطـريته فـي مقالكا

وقال ايضا[47](2):

مـديحـا ان تثبه يكن مديحا
مـن الحـلــل المبحرة الغوالي
وان تظلمه تجـعله هـجـاء
اشـد على الكــريم مـن النبال

لذلك لا نستغرب عـندمـا ظن ابو الصقر اسمـاعيل بـن بلبل بان ابـن الـرومـي قد هجاه فـي قصيدة لم يثبه عليها، فـقد كان الممدوح اعرف بطـريقة شاعره مـن المزرباني الـذي اورد الخبر عـندمـا قال:”اخبرني محمد بـن يحيى قال: كنت يومـا عـند عبيد الله بـن طـاهر، فذكرنا قصيدة ابـن الـرومـي فـي ابي الصقر الـتي اولها:

اجنت لك الوجد اغصان وكثبان فـيهن نـوعـان : تفاح ورمـان

فقال عبيد الله: هـي دار البطـيخ: فضحك الجمـاعة، فقال: اقرءوا تشبيبها فانظروا، هـي كمـا قلت… فلمـا سمع ابو الصقر قوله:

هـذا الـذي حكمت قـــدمـا بسؤدده
عدنان ثـم اجـازت ذاك قحطـان
قالوا ابو الصقر مـن شيبان قلت لهم
كـلا لعمري ولكـن مـنه شيبان

قال: هجاني والله، قيل له: هـذا مـن احسن المديح، اسمع مـا بعده:

وكـم اب علا بابـن ذرى شرف
كمـا عــلا برسـول الله عدنان

فقال: انا بشيبان، لـيس شيبان بي، قيل له: فـقد قال:

ولم اقصر بشيبان الـتي بلغت
بها المبالغ اعراق واغـصـان
لله شـيـبـان قوم لا يشيبهم
روع اذا الروع شابت مـنه ولدان

فقال والله لا أثبه على هـذا الشـعر، وقـد هجاني فـيه.

قال الشيخ أبو عبد الله المزرباني رحمه الله تعالى: وهـذا ظلم مـن أبي الصقر لابـن الـرومـي، وقلة عـلم مـنه بالفرق بـين الهجاء و المديح” [48](3).

ويبدو ان ابـن الـرومـي وطـريقته فـي النظم كـانت السبب فـي ظلمه، و إن كـانت هذه القصيدة مـن المديح الجيد، لأن الممدوح يعـلم بطـريقة ابـن الـرومـي الـتي وضحها فـي أكثر مـن موضع فـي شـعره، وهـي الطـريقة الـتي يجعل الـشاعر معانيه فـيها تحمل وجهـين مـن المعاني فهـي لـيست خالصة فـي المديح، بل هـي مزيج مـن الهجاء والمديح ، وهـذا مـا عزاه الغذامي الى القانون الثقافـي النـفسي؛ قانون(الرغبة– الرهبة) وهو القانون الـذي تنبـني عليه ثقافة النموذج المعتمد فـي الخطـاب المهـيمـن على ضميرنا الثقافـي مـنذ ان تمكنت مـنا لعبة نسق اللـغة المدائحية، فقصيدة المديح تنطـوي على الهجاء كمضمر نصوصي/ نسقي و كـل مديح يتضمـن ويضمر الهجاء ومـا المديح والهجاء إلا نص واحد[49](1).

لقد كان الـشاعران متشابهـين فـي هـذا الجانب غير ا ابـن الـرومـي كان اقدر مـن البحتري على إخفاء معانيه، بـينمـا عرف البحتري بصراحته ومكاشفته، لذلك اتهم بالنـفاق والغدر وعدم الوفاء، مع مراعاة ان البحتري هو الـذي ينكث بعهده بـينمـا مداح ابـن الـرومـي هم الـذين ينكثون به . وعـندمـا يعاتب ابـن الـرومـي ممدوحيه لا يتوانى مـن الإشارة الى الفرق بـينه وبـين البحتري فـي الـشاعرية شاكيا مـن جهل الممدوحين بالفرق بـين شـعريهمـا، والقصيدة الآتية خير شاهد على شكوى ابـن الـرومـي مـن الظلم الـذي وقع عليه بسبب اعتناء الآخرين بشـعر البحتري على الرغم مـن إن شـعره كان أفضل مـن شـعر البحتري[50](2):

الـى الله اشكو إن شـعري مظلم وانــي مـن الأيــام فـي مـنهل ضحل
ثـنـاؤكــم للبحتري وودكـم ومدحي لـكــم حاشا هواكم مـن الخبل
فـان قلتم للحكــم بالحق فضله فمـا لـلـديـغ النحـل مـن عـســل
أسارت له فـيكم امـاديـح مثلها يحمل ثـقـل الــحـق مستثقلي الحمل
ام الخلة الآخرى الـتي تعرفونها بل الخلة الآخرى ومـا النكث كالجدل
الــم بتجهمكـم بـمـدح كأنه شبا الـحـد أسـرى فـي البقاء مـن النمل
هجاكم بمـنزور الـهجـاء ووغدة ومـا حيلة الحسناء بالـعـاج والـذبـل
فنال الـتي اجـرى لها وهو وادع مصون وقـد أسـقـاكـم حمـاة السجل
فكان هجاء إن هـجـاكـم و انه أبـى شغلكم أشـعره غـأيــة الشغل
فعارضته بكم بــمـدح كـأنه شباب جـديـد أو صـقـال على نصل
فكافأتموني بالـذي هـو أهله مـن المـنع والحـرمـان والرفـض والخذل
وكـافـأتموه بالـذي استحقه مـن البر والإحسان والعطـف والـوضـل
ومـا ذاك عـند البحتري لصاحب ولا بعـضه فـي بـاب فأرض ولا نـفل
ومـا بـي قصب البحتري و ثلبه وإن صـال فـحـل ذات يوم على فحل

إن هذه القصيدة تدل دلالة واضحة على مـا كان بـين البحتري وابـن الـرومـي مـن تنافس فـي الفن والحياة، وحاول أبو عثـمـان المـنجم إن يجمع بـينهمـا بطـلب مـن البحتري الـذي كان يشـعر فـيمـا يبدو بتأنيب الضمير تجاه ابـن الـرومـي المظلوم على الرغم مـن شاعريته الفذة، فقال: “اخبرني عبدا لله بـن يحيى العسكري ، عـن أبي عثـمـان سعيد بـن الحسن الناجم، قال: قال لي البحتري: اشتهـي إن أرى ابـن الـرومـي فوعدته ليوم بعينه، وسالت ابـن الـرومـي إن يصير الي فـيه، فأجابـني الى ذلك، فلمـا حصل ابـن الـرومـي عـندي وجهت الى البحتري، فصار الي: فاجتمعا وتوانسا: فقال له البحتري: اقرأني أبو عيسى بـن صاعد قصيدة لك فـي أبيه، و سألني عـن الثواب عـنها، فقلت له: أعطـوه لكـل بيت دينارا ثـم تحدثا، فقال البحتري: عزمت على أن اعمل قصيدة على وزن قصيدة ابـن الـرومـي الطـائية فـي الهجاء، فقال له ابـن الـرومـي: إياك و الهجاء يا أبا عبادة: فلـيس مـن عملك، وهو مـن عملي، فقال له: نتعاون وعمل البحتري ثلاثة أبيات، وعمل ابـن الـرومـي ثـمـانية، فلم يلحقه البحتري فـي الهجاء، وكان اجتمـاعهمـا عـندي سببا للمودة بـينهمـا” [51](1).

لاشك فـي ان الـشاعرين لمختلفان بالاسلوب و الصور و المعاني واختيار الألفاظ، فالبحتري خير مـن يمثل المدرسة المحافظة على التراث وعمود الشـعر فـقد ذكر الامدي فـي الموازنة:”عـن ابي علي محمد بـن العلاء السجستاني– وكان صديق البحتري– انه قال: سئل البحتري عـن نـفسه وعـن ابي تمـام ،فقال: هو اغوص على المعاني مـني وانا اقوم بعمود الشـعر مـنه ،وهـذا الخبر هو الـذي يعرفه الشاميون، دون غيره” وابـن الـرومـي يعد شاعرا مجددا لاسيمـا وقـد عـلمـنا كيف تاثر الـشاعر بابي تمـام، وكان ابـن رشيق القيرواني مـن ابرز النقاد الـذين اعتنوا بابـن الـرومـي وشـعره ومـن شدة اعجابه به فـقد افرد له كتابا بـين وفصل فـيه طـريقة الـشاعر فـي اختراع المعاني لكن الكتاب لم يصل الينا مع الاسف وفـي ذلك يقول:”وانا اقول ان اكثر الشعـراء اختراعا ابـن الـرومـي ،وسيأتي برهان ذلك الكتاب الـذي شرطـت تاليفه ان شاء الله ” فـي حين عد البحتري مـن الشعـراء المصنعين، ولم يعترف بطـبعه ومحافظته ، بل يسميه بشيخ الصناعة، عـندمـا وصف عتابه بقوله: ” واحسن الناس طـريقا فـي عتاب الاشراف ،شيخ الصناعة وسيد الجمـاعة: ابو عبادة البحتري” [52](2) واعجاب ابـن رشيق بابـن الـرومـي كان شديدا ولابد مـن تعليل ذلك لأنه قد افرده عـن شـعراء العربية الكبار وميزه عـنهم بالـشاعرية عـندمـا قال:”مع انه لابد لكـل شاعر مـن طـريقة تغلب عليه، فـينقاد طـبعه، ويسهل عليه تناولها، كابي نواس فـي الخمر والتصنيع، والبحتري فـي الطـيف، وابـن المعتز فـي التشبيه، وديك الجن فـي المراثي، والصنوبري فـي ذكر النور والطـير، وابي الطـيب فـي الامثال وذم الزمـان واهله ، وامـا ابـن الـرومـي فاولى الناس باسم شاعر، لكثرة اختراعه” ويبدو ان ابـن رشيق ينتمي الى مدرسة نقدية تميل الى التجديد والاختراع لأنه علل سبب الاعجاب بابـن الـرومـي لكثرة اختراعاته، فالـشاعر عـنده يخترع المعاني الـتي لم يسبق اليها لان الشـعر خلق واعادة انتاج، وهو يتفق مع المستشرقة سوزان بـينيكي ستيتكيفـيتش الـتي وصفت البحتري بالرومـانسية، ولطـالمـا تزعم البحتري الاتجاه المحافظ ولاسيمـا المحافظ على عمود الشـعر فان ابـن الـرومـي قد تزعم الحركة التجديدية فـي شـعره واذا اردنا ان نطـلق تسمية اخـرى على مذهبيهمـا فـيـمـكن ان نقول: ان البحتري كان صاحب المدرسة الارستقراطـية الـتي تمثل قيم الطـبقة المـالكة وان ابـن الـرومـي يمثل الطـبقة الشعبية الـتي كـانت اكثر قربا مـن حياة الناس الـيومية بموضوعاتها واسلوبها ولغتها فضلا عـن معانيها وصورها، ففـي شـعره ” نزعة شعبية واضحة، إذ كان يصف المطـاعم وحياة الناس فـي بغداد ومـا يطـعمونه ويلبسونه حتى الاردية المرقعة، ويعرض علينا صور طـبقاتهم الدنيا مـن خبازين وحمـالين وشوائين وشحاذين، ومـن هنا كـانت تكثر فـي شـعره الفاظ العامة، فـهو لـيس شاعر الملوك والقصور مـن مثل البحتري، وانمـا هو شاعر شعبي، يعرض علينا بغداد فـي حياتها المتواضعة وصورها الشعبية” [53](1) وهـذا يعـني ان مـن اراد معرفة الحياة الثقافـية فان شـعر ابـن الـرومـي هو مـن يمثلهمـا تمثيلا حقيقيا، فشـعره يـمـكن ان يدرس مـن وجهة الدراسات الثقافـية، فـي حين يمثل شـعر ابـن المعتز الـذي وقف مع البحتري لانهمـا ينتميان الى المدرسة نـفسها حياة القصور المترفة وقـد كان ابـن الـرومـي يميز ذلك الفرق الواضح بـين شـعر المدرستين عـندمـا سئل عـن الاختلاف بـين تشبيهاته وتشبيهات ابـن المعتز، فـقد ذكر ابـن رشيق القيرواني رواية تدل على ذلك عـندمـا قال:”يحكى عـن ابـن الـرومـي: ان لائمـا لامه: لم لا تشبه تشبيه ابـن المعتز وانت اشـعر مـنه، قال انشدني مـن قوله الـذي استعجزتني فـي مثله، فانشده فـي صفة الهلال:

فانظر إليه كزورق مـن فضة قد اثقلته حمولة مـن عـنبر

فقال: زدني، فأنشده:

كــان اذريونها والشمس فـيه كاليـه
مداهـن مـن ذهب فـيها بقايا غـاليـه

فصاح: وا غوثاه، يا لله!! لا يكـلف الله نـفسا الا وسعها، ذلك انمـا يصف مـاعون بيته، لأنه ابـن الخلفاء وانا أي شـيء اصف؟ ولكن انظروا إذا وصفت انا اين يقع الناس جميعا مـني، هل قال احد املح مـن قولي فـي قوس الغمـام:

وقـد نشرت ايدي السحاب مطـارفا على الجو وهـي خضر على الارض
يطـرزهـا قــوس الغمـام بأصفر على احمر فـي اصفر وسطـ مبيض”

وعلى الرغم مـن ان القيرواني قد ذكر الرواية دفعه تعصبه وحبه لابـن الـرومـي وشـعره للشك فـي تلك الرواية، فقال: ” وهـذا كـلام ان صح عـن ابـن الـرومـي– ولا اظن ذلك– لزمه فـيها لدرك، لان جميع مـا راه ابـن المعتز وابوه وجده فـي ديارهم كمـا ذكر ذلك– ان كان ذلك للإجادة وعذرا– فـقد راه ابـن الـرومـي هناك ايضا، اللهم الا ان يريد ان ابـن المعتز ملك شغل نـفسه بالتشبيه، فـهو ينظر مـاعون بيته واثاثه، ويشبه مـا اراد وانا مشغول بالتصرف فـي الشـعر طـالبا به الرزق، امدح هـذا مرة، واهجو هـذا كرة، واعاتب هـذا تارة، واستعطـف هـذا طـورا، ولا يـمـكن ايضا ان يقع تحت هـذا وفـي شـعره مـن مليح التشبيه مـا دون النهايات الـتي لا تبلغ، وان لم يكن التشبيه غالبا عليه كابـن المعتز” وكان الدكتور شوقي ضيف يربطـ دائمـا بـين البحتري وابـن الـرومـي عـند الكـلام عـن الصنعة الفنية، وكأنمـا اراد ان يذكر بان الصراع والاختلاف كان واضحا بـينهمـا على الرغم مـن ان النقاد القدمـاء قد ركزوا على مذهبي ابي تمـام والبحتري، فـقد ذكر ان ابـن الـرومـي: ” لم يذهب مذهب البحتري فـي ان الشـعر لا يحتاج الى فلسفة ومـنطـق، بل كان يرى انهمـا اصلان مهمـان فـي حرفته، فـهو يعتمد عليهمـا فـي تفكيره، وهو يستخدمهمـا فـي صياغته، حتى لتتخذ ابياته فـي كـثير مـن نمـاذجه شكـل اقيسة دقيقة، فـهو يقدم لها بمقدمـات ويخرج مـنها بـنتائج، وكانه رجل مـن رجال المـنطـق وهذه السمة الايجابية فـي نظر بعـض الباحثين المعاصرين لم يرضَ عـنها القدمـاء الـذين عاصروا البحتري والـذي دون فـي شـعره فوصف التطـويل بالهذر بقوله[54](1):

والشـعر لمح تكفـي اشارته ولـيس بالهذر طـولت خطـبه

فـي حين نجد ابـن رشيق واقفا مع ابـن الـرومـي فـي طـريقته الاستقصائية للمعـنى المولد والمخترع فقال عـن ابي تمـام وابـن الـرومـي: ” واكثر المولدين اختراعا وتوليدا ،ابو تمـام وابـن الـرومـي” وهـذا الجمع بـين الاثنين يؤكد مـا ذكرناه سابقا مـن ان ابـن الـرومـي لم يكن مصنعا، مثل ابي تمـام وهـذا مـا اتفق عليه الدارسون القدمـاء والمعاصرون، فـقد عده القيرواني شاعرا مطـبوعا بالفطـرة( لكثرة اختراعه وحسن افتنانه) وتابعه الدكتور شوقي ضيف بقوله: ” وكان فكره الدقيق ومـا انطـبع فـي عقله مـن طـوابع الثقافة والفلسفة حريا به ان يصبح مـن أصحاب مذهب التصنيع، ومـن ينظر الى هـذا الجانب عـنده يخيل إليه كانه مـن طـراز ابي تمـام، وخاصة حين يقرا له بعـض ابيات مفردة أو قطـعا قصيرة ممـا تناقله عـنه كتب الأديب، ولكن مـن يقرا قصائده يعرف انه لـيس مـن أصحاب هـذا المذهب، مذهب التصنيع، إذ لم يكن يعـنى بالزخرف لا فـي شـعره ولا فـي حياته الا قليلا” [55](1) ويفرق القيرواني بـين الاختراع والإبداع ، فالاختراع ” خلق المعاني الـتي لم يسبق اليها والإبداع إتيان الـشاعر باللفظ المستظرف ، الـذي لم تجر العادة بمثله” واذا كان البحتري يعتني بألفاظه وصياغته على حساب المعاني فان ابـن الـرومـي كان يعتني بالـمعـنـى على حساب اللفظ وهـذا مـا عبر عـنه فـي ابياته الـتي قال فـيها[56](2):

قـولا لمـن عاب شـعر مـادحه امـا ترى كيف ركب الشجر ؟
ركب فـيه اللحاء والخشب اليا بس والشوك دونـــه الثـمر
وكـان اولـى بان يهذب مـا يخلق رب الاربـاب لا البشر

وقـد لاحظ هـذا الامر – ايضا –القيرواني فـي شـعر ابـن الـرومـي فقال: ” ومـنهم مـن يؤثر الـمعـنـى على اللفظ، فـيطـلب صحته، ولا يبالي حيث وقع مـن هجنة اللفظ، وقبحه وخشونته، كابـن الـرومـي وابي الطـيب ومـن شاكـلهمـا” ويبدو ان ترف الحضارة العباسية قد اسهم فـي الاعتناء بالزخارف اللفظية الـتي لم يعتن بها ابـن الـرومـي، بـينمـا فطـن لها البحتري بوصية مـن الفضل بـن الربيع وزير المتوكـل( كمـا مر سابقا)، فـقد كان البحتري يشذب اشعاره مـن الألفاظ المستوحشة والبدوية، وكان يقول[57](3):

وكأنها والسمع معقود بها وجه الحبيب بدا لعين محبه

ويؤيد ذلك قول القيرواني ايضا عـند وصفه لعلاقة اللفظ بالـمعـنـى: ” الألفاظ فـي الاسمـاع كالصور فـي الابصار” [58](4)

الخاتمة:

ابن الرومي هو شاعر عباسي بارز اشتهر بأسلوبه الفريد واستخدامه للرموز في شعره بطريقة غنية ومعقدة. فكان إن استخدم الرمز الاجتماعي والسياسي ، لأنه كان يعيش في فترة مليئة بالاضطرابات السياسية والاجتماعية ؛ لتعبر عن آرائه وانتقاداته ؛ لوصف الفساد السياسي أو الظلم الاجتماعي دون الحاجة إلى التصريح المباشر، مما كان يحميه من العقوبات في بعض الأحيان. واستخدم الرمز النفسي ؛ ليعبر عن حالات نفسية معقدة مثل الحزن، الفرح، الاكتئاب، والأمل من خلال رموز تجسد هذه المشاعر. فهو قد يرمز الليل إلى الحزن أو الوحدة، بينما يرمز الفجر إلى الأمل والبداية الجديدة. وهناك الرمز الديني والفلسفي لتأثره بالفكر الديني والفلسفي في عصره.

كذلك البحتري استخدم الرمز في شعره كوسيلة للتعبير عن أفكاره ومشاعره بطرق غير مباشرة.

فالرمز عندهما يأخذ أشكالًا متعددة مثل الطبيعة كرمز للتعبير عن الحالة النفسية أو الأوضاع الاجتماعية. ويمكن أن يمثل البحر القلق أو التوتر، بينما تمثل الزهور السعادة والجمال.

واستوحى الشاعران من الأساطير والقصص القديمة ؛ لتوصيل أفكاره بشكل رمزي ومعقد. وكانت الأشياء اليومية أحيانًا تستخدم كرموز لأفكار أعمق ، فمثلاً، يمكن أن يكون البيت رمزًا للأمان والاستقرار. و الأشخاص يمكن أن يكونوا رموزا لأفكار أو مشاعر معينة، سواء أكانوا حقيقيين أو خياليين.

ومن خلال استخدامهما للرمز، استطاعا أن يعبرا عن مشاعرهما وأفكارهما بطريقة تعطي عمقًا وتعددية للتفسيرات الممكنة لشعرهما.

المصادر:

  • القرآن الكريم.
  • ابن الرومي ، ديوان ابن الرومي ، دار الكتب العلمية ، بيروت – 2009.
  • ابن منظور، لسان العرب ، دار صادر ، بيروت- د.ت.

ابو الحسن اسحاق بـن ابراهـيم بـن سليمـان بـن وهب الكاتب ، البرهان فـي وجوه القرآن ، تحـ أحمد مطـلوب وخديجة الحديثي ، بغداد – 1997 .

  • أبو الحسن علي بن العباس ابن الرومي ، ديوان ابن الرومي ، شرح أحمد حسن بسج ، ج1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت – د.ت .
  • أبو عبادة ، ديوان البحتري ، تحـ حسن كامل الصيرفي، دار المعارف ، مصر – 1957.

أبو علي الحسن بـن رشيق، العمدة فـي محاسن الشـعر وآدابه ونقده، تحـ محمد محيي الدين عبد الحميد، مطـبعة السعادة ط1، مصر- 1963.

  • أبو مـنصور إسمـاعيل الثعالبي النيسابوري، فقه اللـغة، بيروت – د.ت.

أحمد عبد الستار الجواري الشـعر فـي بغداد حتى نهاية القرن الثالث الهجري ، دار الفارس ، ط1، عمان – 2006 .

  • آرثر أيزابرجر النقد الثقافي ، تمهيد مبدئي للمفاهيم الرئيسية ، تر وفاء إيراهيم ، رمضان بسطاويسي ، المشروع القومي للنشر والترجمة – 2013.
  • أميرة حلمي ، فلسفة الجمال ، دار الشؤون الثقافية ، بغداد – د.ت.

اندريه لالاند : موسوعة لالاند الفلسفـية ، تعريب خليل احمد خليل ، ط1، بيروت ـ باريس – 1966 .

بطـرس البستاني، محيطـ المحيطـ، قاموس مطـول فـي اللـغة العربية، بيروت- 1977.

درويش الجندي، الـرمـزية فـي الأدب العربي، القاهرة – د.ت.

ديوان أبي نواس ، دار صادر، ط1، بيروت – 2001.

  • زكي نجيب محمود، الإنسان والرمز ضمن ضمن فلسفة وفن ، القاهرة – 1963.
  • شوقي ضيف ، الفن ومذاهبه في الشعر العربي ، دار المعارف ، ط11 ، مصر – 1943.

شوقي ضيف ، تاريخ الأدب العربي ، العصر العباسي الثاني ، مطبعة سليمان زاده ، ط1، قم – 1426هـ.

صالح هويدي ، الترميز فـي الفن القصصي العراقي الحديث دراسة نقدية ،دار الشؤون الثقافـية العامة ، ط1 ، بغداد- 1989 .

  • طه حسين ، من حديث الشعر والنثر، مؤسسة هنداوي ، القاهرة – 1949.

عاطـف جودة نصر ، الـرمـز الشـعري عـند الصوفـية ، ط3 ، بيروت – 1983 .

  • عباس محمود العقاد ، ابن الرومي ، حياته في شعره ، مصر – 2015.
  • عبد الفتاح نافع ، الشعر العباسي قضايا وظواهر، دار جرير، ط1 ، 2008.
  • عبد الله التطاوي ، القصيدة العباسية قضايا واتجاهات ، دار غريب ، ط2 ، القاهرة – 2001.

عدنان الذهبي ، فـي سايكولوجية الـرمـزية ، مجله عـلم النـفس ، مج 5 ، ع 2 ، ع3 ، س 1949.

مجد الدين محمد بـن يعقوب الفـيروز آبادي: القاموس المحيطـ، مج2 ، القاهرة – د.ت.

  • مجد الدين محمد بـن يعقوب الفـيروز آبادي، القاموس المحيطـ، مج 2 القاهرة – د.ت.

محمد بـن أحمد ، سير أعلام النبلاء ، ج16 – د.ت .

  • المرزباني ، الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء ، تحـ محمد حسين شمس الدين ، دار الكتب العلمية ، بيروت – د.ت .

هنري بير: الأدب الـرمـزي، ترجمة هنري زغيب، مـنشورات عويدات، ط1، بيروت – باريس – 1987.

  • يوسف خليفة ، تاريخ الشعر في العصر العباسي، دار الثقافة ، القاهرة – 1981.

الهوامش:

  1. (1) اندريه لالاند ، موسوعة لالاند الفلسفـية ، تعريب خليل احمد خليل ، ط3، بيروت ، باريس – 1966 : مج3/1398 .
  2. (1) هنري بير، الأدب الـرمـزي، تر هنري زغيب ، مـنشورات عويدات ، ط1، بيروت ، باريس -1981 :7.
  3. () ابن منظور، لسان العرب ، دار صادر ، بيروت- د.ت: مادة (ر م ز ).
  4. (3) مجد الدين محمد بـن يعقوب الفـيروز آبادي، القاموس المحيطـ، القاهرة: مج2/ 177 .
  5. (4) أبو مـنصور إسمـاعيل الثعالبي النيسابوري، فقه اللـغة، بيروت – د.ت: 179.
  6. (5) ينظر أبو علي الحسن بـن رشيق: العمدة فـي محاسن الشـعر وآدابه ونقده، تحـ محمد محيي الدين عبد الحميد، مطـبعة السعادة ، ط3، مصر -1383هـ – 1963م: 210
  7. () أبو علي الحسن بن رشيق، العمدة:210.
  8. () درويش الجندي : 42 .
  9. () بطـرس البستاني، محيط المحيط ، قاموس مطول في اللغة العربية ، بيروت- 1977 : 351 .
  10. () الوليد ابن عبيد بن يحيى ، أبو عبادة البحتري ، تحـ حسن كامل الصيرفي، دار المعارف ، مصر – 1957 : 2/ 988.
  11. () درويش الجندي : 42 .
  12. () سورة ال عمران : الآية 41 .
  13. () الديوان ، دار صادر ، ط1 ، بيروت – 2010: 385.
  14. () شوقي ضيف ، تاريخ الأدب العربي ، مطبعة سليمان زاده ، ط1 ، قم – 1426هـ : 262.
  15. () عدنان الذهبي: فـي سايكولوجية الـرمـزية، مجلة عـلم النـفس، مج 4 ، ع 3 ، س 1949: 356-357.
  16. () ينظر المصدر نـفسه: 357 .
  17. () جميل صليبا ، المعجم الفلسفـي : ج1 / 620 .
  18. () اندرية لالاند : مج 3/ 1398 ، وينظر عدنان الذهبي : 257 .
  19. () عدنان الذهبي : فـي سايكولوجية الـرمـزية ، مجله عـلم النـفس ، مج 5 ، ع 2 ، س 1949 : 256 .
  20. (4) عدنان الذهبي : فـي سيكولوجيه الزمزية ، مجلة عـلم النـفس ، مج 5 ، ع 2 ، س 1949 : 256 .
  21. (5) عاطـف جودة نصر : الـرمـز الشـعري عـند الصوفـية ، ط3، بيروت – 1983 : 22 .
  22. (6) هـيغل : 11 – 12 .
  23. (7) ينظر زكي نجيب محمود ، الانسان والـرمـز ضمـن فلسفة وفن ، القاهرة – 1963 : 43 .
  24. (5) زكي نجيب محمود :43 . وينظر عاطف جودة نصر: 23.
  25. (1) اميرة حلمي مطـر ، فلسفة الجمـال ، دار الشؤون الثقافـية ، بغداد – د.ت : 45 ـ 46
  26. () صالح هويدي ، الترميز فـي الفن القصصي العراقي الحديث دراسة نقدية ، دار الشؤون الثقافـية العامة ، ط1، بغداد – 1989 : 16 .
  27. (2) الشـعر العباسي قضايا وظواهر ، د. عبد الفتاح نافع : 118 .
  28. (3) تاريخ الشـعر فـي العصر العباسي ، د. يوسف خليفة : 84 .
  29. (4) تاريخ فـي الشـعر العباسي ، د. يوسف خليفة : 108 .
  30. (5) ابـن الـرومـي : 13 .
  31. (6) تاريخ فـي الشـعر العباسي ، د. يوسف خليفة : 111 .
  32. (9) عبد الله التطاوي ، القصيدة العباسية قضايا واتجاهات : 91 .
  33. (1) احمد عبد الستار الجواري ، الشـعر فـي بغداد حتى نهاية القرن الثالث الهجري :346 .
  34. (2) ينظر: ابـن الـرومـي : 270 ومـا بعدها.
  35. (3) ابن رشيق : ج1/ 214.
  36. (4) مـن حديث الشـعر والنثر: 133.
  37. (1) ابـن الـرومـي، العقاد: 255.
  38. (2) المصدر نـفسه: 256.
  39. (3) الموشح: 376.
  40. (4) الديوان ، تحـ د. حسين نصار: ج1/ 273.
  41. (1) العمدة: ج1/ 174 .
  42. (2) الديوان: 1/277.
  43. (3) شـعر البحتري: 86.
  44. (1) ديوان البحتري: 2/52.
  45. (2 الموشح: 376.
  46. (1) الديوان:1839.
  47. (2) الديوان: 1982.
  48. (3) الموشح: 399.
  49. (1) النقد الثقافـي: 162.
  50. (2) الديوان : 1877.
  51. (1) الموشح: 377.
  52. (2)الموشح : ج2/852.
  53. (1) شوقي ضيف ، الفن ومذاهبه: 204.
  54. (1 ) الديوان : 1876.
  55. (1)الفن ومذاهبه: 204.
  56. (2) الديوان: 1865.
  57. (3) الديوان: ج1 /123.
  58. (4) العمدة: ج1 / 206.