التربية الوالدية والكفايات الانفعالية لدى المراهق

الحسين باعدي1، الغالية البنوحي2، سناء المسعدي3

1 أستاذ باحث، فريق البحث في علم النفس، مختبر التكامل المعرفي في العلوم الإنسانية والاجتماعية، كلية الآداب والعلوم الانسانية بالمحمدية، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء(المغرب)

2 و3 طالبة باحثة في سلك الدكتوراه في علم النفس النمو للطفل والمراهق، مختبر التكامل المعرفي في العلوم الإنسانية والاجتماعية، كلية الآداب والعلوم الانسانية بالمحمدية، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء(المغرب)

HNSJ, 2024, 5(9); https://doi.org/10.53796/hnsj59/31

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/09/2024م تاريخ القبول: 15/08/2024م

طريقة التوثيق


المستخلص

تعد الأسرة الجماعة الأولى التي يستمد منها المراهق قيمه واتجاهاته و ميولاته وتصوراته …، ويعد الجو الأسري و نوع العلاقات و التفاعلات النفسية و الاجتماعية التي تسود بين أفرادها من العوامل الرئيسة في تطبيع سلوك المراهق وتوجيه حياته في المستقبل. فالأسرة هي المكون الرئيسي للقيم والاتجاهات و الانفعالات التي تساعد المراهق على التوافق في المجتمع (محرز، 2005). ويقصد بهذا ان للأسرة الدور الرئيس في تكوين شخصية المراهق من جميع النواحي: النفسية والذهنية والسلوكية والاجتماعية …، لذلك فإن المسؤولية الكبيرة في هذا الباب تقع على عاتق الوالدين بالدرجة الأولى، لما لهما من الأثر الكبير في العملية التربوية لحرصهما على تهيئة المراهق وتقديمه للمجتمع وفقط أنماط سلوكية مقصودة (نبهان،2010).

ومما لا شك فيه أن أساليب المعاملة الوالدية تؤثر تأثيرا بالغا على شخصية المراهقين، فالفرق كبير بين شخصية مراهق نشأ في ظل التدليل والعطف وشخصية مراهق آخر نشأ في مناخ من الصرامة والقسوة والتسلط، و قد أشارت كثير من الدراسات إلى أن النمو الانفعالي والاجتماعي خلال السنوات الأولى يتأثر إلى حد كبير بالجو الأسري العام، و كذلك بالعلاقات الاجتماعية داخل الأسرة و خارجها، كما يتأثر أيضا باتجاهات الوالدين نحو ابنهم، وكل ذلك يؤثر على جوانب شخصية المراهق، الذهنية والاجتماعية والانفعالية، وهو ما يتفق مع ما ذكره (جولمان،1995 ) بأن أسلوب الآباء في معاملة أبنائهم، سواء كان يتسم بالقسوة، أو بالتفهم ومتعاطف، أو بعدم الاكتراث، أو بمشاعر دافئة، يترتب على هذا الأسلوب أو ذاك في حياة الأبناء الانفعالية، نتائج عميقة باقية الأثر (طعبلي، ناصر، 2013).

ومن الأكيد أن دراسة الكفايات الانفعالية لدى المراهق(ة) تستدعي مراعاة التفاعل بين مختلف المتغيرات الذهنية والانفعالية والسلوكية والثقافية، والتي تساهم مجتمعة في تنمية الكفايات الانفعالية لدى المراهقين (ات). ومن أجل فهم وتحديد مفهوم الكفايات الانفعالية، سنحاول من خلال هذه الورقة العلمية دراسة علاقة التربية الوالدية بالكفايات الانفعالية لدى المراهق (ة)، من خلال الإجابة على الأسئلة التالية: ماهي الكفايات الانفعالية وما أبرز مكوناتها؟ ماهي أساليب التربية الوالدية التي تساهم في تنمية الكفايات الانفعالية؟

مقدمة:

تعد الأسرة الجماعة الأولى التي يستمد منها المراهق قيمه واتجاهاته و ميولاته وتصوراته …، ويعد الجو الأسري و نوع العلاقات و التفاعلات النفسية و الاجتماعية التي تسود بين أفرادها من العوامل الرئيسة في تطبيع سلوك المراهق وتوجيه حياته في المستقبل. فالأسرة هي المكون الرئيسي للقيم والاتجاهات و الانفعالات التي تساعد المراهق على التوافق في المجتمع (محرز، 2005). ويقصد بهذا ان للأسرة الدور الرئيس في تكوين شخصية المراهق من جميع النواحي: النفسية والذهنية والسلوكية والاجتماعية …، لذلك فإن المسؤولية الكبيرة في هذا الباب تقع على عاتق الوالدين بالدرجة الأولى، لما لهما من الأثر الكبير في العملية التربوية لحرصهما على تهيئة المراهق وتقديمه للمجتمع وفقط أنماط سلوكية مقصودة (نبهان،2010).

ومما لا شك فيه أن أساليب المعاملة الوالدية تؤثر تأثيرا بالغا على شخصية المراهقين، فالفرق كبير بين شخصية مراهق نشأ في ظل التدليل والعطف وشخصية مراهق آخر نشأ في مناخ من الصرامة والقسوة والتسلط، و قد أشارت كثير من الدراسات إلى أن النمو الانفعالي والاجتماعي خلال السنوات الأولى يتأثر إلى حد كبير بالجو الأسري العام، و كذلك بالعلاقات الاجتماعية داخل الأسرة و خارجها، كما يتأثر أيضا باتجاهات الوالدين نحو ابنهم، وكل ذلك يؤثر على جوانب شخصية المراهق، الذهنية والاجتماعية والانفعالية، وهو ما يتفق مع ما ذكره (جولمان،1995 ) بأن أسلوب الآباء في معاملة أبنائهم، سواء كان يتسم بالقسوة، أو بالتفهم ومتعاطف، أو بعدم الاكتراث، أو بمشاعر دافئة، يترتب على هذا الأسلوب أو ذاك في حياة الأبناء الانفعالية، نتائج عميقة باقية الأثر (طعبلي، ناصر، 2013).

ومن الأكيد أن دراسة الكفايات الانفعالية لدى المراهق(ة) تستدعي مراعاة التفاعل بين مختلف المتغيرات الذهنية والانفعالية والسلوكية والثقافية، والتي تساهم مجتمعة في تنمية الكفايات الانفعالية لدى المراهقين (ات). ومن أجل فهم وتحديد مفهوم الكفايات الانفعالية، سنحاول من خلال هذه الورقة العلمية دراسة علاقة التربية الوالدية بالكفايات الانفعالية لدى المراهق (ة)، من خلال الإجابة على الأسئلة التالية: ماهي الكفايات الانفعالية وما أبرز مكوناتها؟ ماهي أساليب التربية الوالدية التي تساهم في تنمية الكفايات الانفعالية؟

التربية الوالدية:

مفهوم التربية الوالدية:

تمثل التربية الوالدية الحجر الأساس في بناء شخصية الأطفال، والتي تكون مضطربة أو سوية، والتي يظهر أثرها بوضوح في مرحلة الرشد (Rabbile,1993)، ويقصد بذلك، أن التربية الوالدية تؤثر في البناء النفسي والاجتماعي للأطفال، ويظهر هذا الأثر حسب صنف وطبيعة العلاقات وأساليب التربية السائدة في البيت اتجاه الطفل، بحيث يكتسب من خلالها هذا الأخير اتجاهات وقيما ايجابية وميولا علميا تؤدي به إلى حسن التوافق النفسي والاجتماعي أو العكس، إلا أن هذه الأساليب قد تسهم في طمس شخصية الطفل وإشباعها بقيم سلبية تؤدي به إلى سوء التوافق النفسي والاجتماعي. والتربية الوالدية تعني أساسا وجود علاقة تربوية تجمع الطفل بوالديه عبر ممارسات محددة تتمظهر على شكل مجموعة أساليب أو معاملات يتبعها هؤلاء خلال المواقف المختلفة التي يواجهها الطفل إما داخل البيت أو خارجه(أحرشاو،2009، ص14)، بمعنى أنها تمثل العمليات التربوية والنفسية التي تتم بالتفاعل المتبادل بين الوالدين والابن سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

والتربية الوالدية إذن ككل تربية هي العديد من الأساليب التي يأخذها الآباء في اعتبارهم للعمل على تنمية السلوكيات الإيجابية لأبناهم، حيث يتحدد الأسلوب أو الأساليب في الإجراءات التي يتبعها الوالدان في تطبيع وتنشئة أبنائهما اجتماعي (مزوز، 2014،ص60)، بمعنى أنها ممارسة تربوية تحكمها مرجعية سيكولوجية تتحدد في النظرية التي يحملها الوالدان عن سيكولوجية الطفل، وهي النظرية التي تتمثل من جهة في مجمل الأفكار والتصورات التي يكونها الوالدان عن نمو الطفل وقدراته وكفاءاته وحاجياته ورغباته، ومن جهة أخرى في مختلف الأساليب والممارسات التي يعتمدانها في التعامل مع هذا الأخير (أحرشاو، 2009، ص14)

كما عرفت على أنها الاجراءات والأساليب التي يتبعها الوالدان أو تنشئة أبنائهما اجتماعيا، أي تحويلهما من مجرد كائنات بيولوجية إلى كائنات اجتماعية وما يعتنقاه من اتجاهات توجه سلوكهما في هذا الاتجاه (سهير، شحاتة، 2002، ص8).

نخلص إلى أن التربية الوالدية هي تلك الطرق التي يمارسها الوالدان مع أبنائهما، خلال عملية التنشئة والتربية، والتي تظهر خلال مواقف تفاعل الابن ووالديه، أي أنها تعبر عن أشكال التعامل المختلفة المتبعة من الوالدين مع أبنائهم، والتي تسعى إلى إعداد فرد قادر على تحقيق الاستقلال الذاتي والتكيف الاجتماعي والمساهمة في تقدم المجتمع وتحقيق السعادة الفردية والطمأنينة النفسية.

نجد أن هناك تباينا واختلافا في تحديد أنماط التربية الوالدية، فهناك أساليب ذات الاتجاه الأحادي (تسلط، الإهمال، تساهل، تذبذب، النبذ،…) وأساليب ثنائية القطب( أسلوب التقبل مقابل الرفض، وأسلوب السيطرة مقابل الرفض)، فيما يلي سنقدم تعريفا لأساليب التربية الوالدية وفقا لنموذج Baumrind (1966)، الذي حددها في ثلاث أساليب وهي الديمقراطية، اللامبالاة والصرامة.

2.1. النموذج النظري لبموراند (Baumrind, 1991):

انطلاقا من الأبحاث والدراسات التي قامت بها بموراند من خلال ملاحظة سلوكيات الآباء تجاه أبنائهم في مرحلة الطفولة المبكرة، ومن خلال المقابلات التي أجرتها مع الآباء حول طرق تربيتهم لأبنائهم، اقترحت نموذجا نظريا يعد من أهم النماذج المفسرة للتربية الوالدية.

حيث يقوم نموذج التصنيف لبموراند على بعدين أساسين هما بعد الاندماج وبعد المطالب؛ فنجد أن البعد الأول يتعلق بدرجة اندماج الوالدين، بمعنى أن الوالدين الذين يتمتعان بمستوى عال من الاندماج تكن لهما القدرة على الاهتمام بأبنائهم ومراعاة احتياجاتهم ومطالبهم بدقة، والعكس صحيح، فالوالدان اللذان يتمتعا بمستوى ضعيف من الاندماج لا تكون لهما القدرة على الاهتمام بأبنائهم، فتجدهم مهملين ومتجاهلين لهم ولاحتياجاتهم (Richardson and Gleeson, 2012).

أما بعد المطالب فيتعلق بدرجة المطالب من الأبناء، بمعنى أن الوالدين اللحوحين أي كثيرا الطلبات هما اللذين تكونا لديهما توقعات عالية جدا من أبنائهم وقد تفوق قدرات أبنائهم أحيانا ويكون هذا الصنف من الآباء حازما وكثير الضوابط والقواعد، وفي المقابل نجد أن الوالدين قليلا المتطلبات تكون لديهم توقعات معقولة لأبنائهم كما تجدهم لا يفرضون عليهم الكثير من القوانين والضوابط(Sangawi et al.,2015). ووفقا لهذين البعدين، اقترحت بموراند ثلاثة أساليب للتربية الوالدية وهي: الأسلوب الديمقراطي، أسلوب الصرامة أو التسلط وأسلوب اللامبالاة أو الإهمال.

الأسلوب الديمقراطي: ويعد من أفضل أساليب التربية الوالدية كونه يتميز بالمرونة، إضافة إلى تأكيده على الحزم، والتزام الأبناء بالقوانين والقواعد. إن معاملة المراهق بالأسلوب الديمقراطي من شأنه أن يؤثر تأثرا إيجابيا على شخصية الأبناء حيث يتطور لديهم توكيد وضبط الذات، والشعور بالرضا، وتقدير الذات المرتفع، والاعتماد على الذات، والتحصيل الدراسي المرتفع (2000 (Berk,.

أسلوب التسلط: يتميز هذا الأسلوب بتقييد الآباء لحرية أبنائهم، فهم يفرضون عليهم قيما من مثل احترام السلطة الوالدية، والخنوع لأوامرهم، ويلجؤون لأسلوب التهديد، والعقاب البدني دون تقديم أي تفسير للأبناء عن سبب العقاب، ووجوب الطاعة (2000 (Berk,.

أسلوب اللامبالاة: يقصد به انعدام الاهتمام بشؤون الطفل وحاجاته المادية والطبية والتعليمية وعدم التواجد النفسي معه في مشاكله بمعنى ان الوالدين قد يكونان حاضرين غائبين في حياة الطفل ولا يستجيبان له ولا يقدمان له العون عند الحاجة ولا يتفاعلان معه بشكل فعال (الفخراني،2010،ص23).

الكفايات الانفعالية:

1.2. مفهوم الكفايات الانفعالية:

لقد أدت الانتقادات التي عارضت الروابط المفترضة بين الذكاء الانفعالي والأداء الشخصي والمهني إلى التمييز بين الذكاء والكفايات الانفعالية، بحيث الأخيرة تشير إلى المهارات الشخصية والاجتماعية، وهي مؤشرات جيدة للأداء في العمل. وهكذا نجد (Goleman, 2002) قد ميز بين الذكاء الانفعالي والكفايات الانفعالية اذ اعتبر الكفاية الانفعالية قدرة مكتسبة ترتكز على الذكاء الانفعالي وينتج عنها أداء متميز في العمل.

ويعد مفهوم الكفايات الانفعالية أحد الجوانب الأساسية التي تحدد طبيعة العلاقات المتبادلة بين الأفراد لأنه يشمل مجموعة من الأبعاد تتعلق بالكيفية التي يتعامل بها الفرد مع انفعالاته وانفعالات الآخرين، وقد قدم Crauso, 2000, P. 268)&Mayer, Salovey ) تعريفا لمفهوم الكفايات الانفعالية، باعتبارها القدرة على معالجة المعلومات الانفعالية، واستخدام هذه المعلومات في إدراك واستيعاب وفهم وإدارة انفعالات الذات وانفعالات الأخر.

ويعرفها (Stettler and Katz,2014, P.165) على أنها مجموعة من القدرات الانفعالية والاجتماعية المتداخلة فيما بينها والتي تؤثر على قدرة على التكيف مع بيئته الاجتماعية بشكل فعال ونشط، وهذه القدرات هي تقدير الذات، إدراك انفعالات الذات وفهمها وانفعالات الأخر، بالإضافة إلى القدرة على تكوين علاقات اجتماعية صحية والاستمرار فيها، والقدرة على التعبير عن الانفعالات وإدارتها والسيطرة عليها.

من ناحية أخرى، تشير الكفايات الانفعالية إلى القدرة على إدارة الانفعالات والتعبير عنها بطريقة مقبولة اجتماعيا اعتمادا على السياق الاجتماعي والثقافي، كما أنها تتوافق مع حقيقة فهم الانفعالات التي يمر بها الفرد والتي قد يمر بها الآخرون. وتضم الكفايات الانفعالية، ثلاثة أبعاد: التعبير عن الانفعالات وتنظيمها وفهمها (Saarni, 1999).

نستنتج مما سبق بأن الكفايات الانفعالية تتجلى في قدرة الفرد على تحديد، فهم، التعبير، توظيف وإدارة انفعالاته الذاتية وانفعالات الاخرين، وهذا بأسلوب مقبول اجتماعيا وثقافيا، أي أنها تمكن الفرد من التكيف مع حالته المزاجية والحالة المزاجية للآخرين.

وإننا نتبنى في هذا البحث نموذج جولمان للكفايات الانفعالية لأنه حددها باعتبارها مجموعة من القدرات الانفعالية الذاتية والاجتماعية التي تمكن الفرد من فهم انفعالاته والسيطرة عليها وفهم انفعالات الاخرين وحسن التعامل معها، بالإضافة إلى قدرة الفرد على استثمار انفعالاته في الأداء الجيد وإقامة علاقات صحية مع المحيطين به (Goleman, 2002).

2.2. نموذج جولمان (Goleman, 2002):

قدم جولمان نموذجا للكفايات الانفعالية أكد من خلاله على أهمية توفر الفرد على مهارات أو قدرات انفعالية واجتماعية، الأمر الذي من شأنه أن يحقق للفرد النجاح الأكاديمي، الشخصي والمهني، وقد حدد الكفايات الانفعالية في 25 كفاية موزعة على خمس كفايات أساسية:

  1. الوعي بالذات: قدرة الفرد على تحديد انفعالاته وإدراك تأثيرها على ردود أفعاله واستجاباته للمواقف المختلفة، وتأثيرها على عملية اتخاذ القرار لديه، ويتضمن هذا البعد معرفة الفرد لجوانب القوة والضعف في شخصيته والتعرف على انفعالاته الذاتية، ويشكل الوعي بالذات أساس الثقة بالنفس، فعندما يكتشف الفرد أن لديه عددا من الانفعالات تسيطر على سلوكه وحدث دون وجود سبب واضح، حينها فقط يستطيع الابتعاد عن مصادرها ويكون قد قطع شوطا في فهم ذاته والوعي بها (حسين، حسين، 2006، ص.60).
  2. ضبط الذات: يشمل هذا البعد قدرة الفرد على التحكم في انفعالاته وضبطها، وقدرته على تغيير حالته المزاجية، وقدرته على تنظيم انفعالاته وتوليد أفكار جديدة، بالإضافة إلى قدرة الفرد على التكيف مع الأحداث(Goleman, 1995,P.117)
  3. الدافعية: تتجلى في قدرة الفرد على التحكم في انفعالاته وضبطها بما يتيح له أمكانية التفكير واختيار الاستجابة المناسبة، وأيضا تأجيل الأفراد للاشباع الفوري لحاجاتهم في سبيل تحقيق أهداف بعيدة المدى، أي توجيه الانفعالات في خدمة هدف ما (حسين، حسين، 2006، ص.60).
  4. التعاطف: يراد به قدرة الفرد على تحديد انفعالات الاخرين انطلاقا من أصواتهم وتعبيرات وجوههم، وفهمها والاستجابة لها (Goleman, 1995,P. 119).
  5. المهارات الاجتماعية: يقصد بها الطريقة التي يعبر بها الأفراد عن انفعالاتهم، ومدى نجاحهم وفشلهم في التعبير عن هذه الانفعالات، وتأثير الإيجابي والقوي في الأخرين عن طريق إدراك انفعالاتهم ومعرفة مدي يقود الأخرين ومتى يكون تابعا لهم(حسين، حسين، 2006، ص.61).

يرى (Goleman, 2001, P.60) أن الكفايات الانفعالية تظهر في جانبين أساسيين من شخصية الفرد هما: الكفاية الذاتية والكفاية الاجتماعية، وفي هذين الجانبين هناك عمليتين تحققانهما هما: التعرف والتنظيم.

3. اشكالية البحث:

تشكل العناية الوالدية بالجانب الانفعالي والوعي بأهميته في تربية المراهق حاجة هامة في تطوير كفاياته الانفعالية وقدراته الذهنية والاجتماعية والسلوكية، بما يمكنه من إدراك ذاته والقدرة على فهم انفعالاته وانفعالات الآخرين والتمييز بينها، وإدارة هذه الانفعالات بما يحقق له التكيف النفسي والاجتماعي.

ومن هنا فإن نمو الكفايات الانفعالية للمراهق أمرا أساسيا ومهما ضمن مجالات التربية الوالدية، خاصة أن الكفاية الانفعالية قابلة للنمو والتطور، إذ تم رعايتها بشكل يحقق نموها على نحو سليم، كما أكد على ذلك جولمان الذي اعتبر الذكاء الانفعالي قدرة نامية يمكن تعلمها وليس قدرة تابته، ويأتي تعلمه في السنوات الأولى من حياة الفرد من خلال تفاعل هذا الأخير مع من يقوم برعايته، والتي ترسخ بدورها أساسيات التربية الانفعالية في التكوين النفسي للطفل ((Randalph & Appleton, 2000.

ووفقًا Debra, Donnah, and Anthony, 2015) )، قد يولد الفرد بمستوى عالي من الكفايات الانفعالية. ومع ذلك، يمكن أن يؤثر إهمال الوالدين والإساءة العاطفية سلبا على هذه الكفايات؛ وقد تم تأكيد على أن المواقف الأبوية الصارمة تؤثر بشكل مباشر وسلبي على الاتزان الانفعالي للأطفال من خلال نتائج Chang)، Schwartz، Dodge، McBride-Chang، 2003) وKotaman, 2016))؛ كما أكد (Salovey & Sulter, 1998) أن الأطفال يظهرون انفعال الغضب فور إظهار الوالدين مظاهر انفعال الغضب، أو حين رؤيتهم لأفلام تظهر مشاهد النقاش الحاد بين البالغين، فتأثير الوالدين على الذكاء الانفعالي ناتج عن منع الأطفال من إظهار أي تعبير عن الغضب أو الخوف، ومعاملتهم بقسوة أو انتقادهم أو معاقبتهم حتى يتوقفوا عن إظهار الخوف أو الغضب.

إن أساليب التربية الوالدية التي تتسم بالليونة والاحترام والتقدير تلعب دورا رئيسيا في تنمية الذكاء الانفعالي، فكما أشارت البحوث التجريبية التي قام بها كل من (Alberto, 2010; Mahsa & Besharat, 2011; Laura & Kincso, 2011; Rosita & Antiniene, 2016; Amandip, 2017 ; Debbama & Bhattacharji, 2018; Nguyen et al.,2020).

مما سبق نستنتج أن للتربية الوالدية المعتمدة منذ السنوات الأولى من حياة الفرد، دور محوري في نمو كفاياته الانفعالية وتطورها عبر مختلف مراحله العمرية خاصة مرحلة المراهقة؛ لذا تتحدد اشكالية البحث في السؤال المركزي التالي: هل تنعكس التربية الوالدية على مستوى الكفايات الانفعالية لدى المراهق (ة)؟ ويتفرع عن هذا السؤال المركزي ثلاثة أسئلة فرعية:

  1. هل توجد فروق ذات دلالة احصائية في مستوى التربية الوالدية بأبعادها الفرعية للمراهق في علاقتها بمتغيرات السن ، الجنس والمستوى الدراسي؟
  2. هل توجد فروق ذات دلالة احصائية في ومستوى الكفايات الانفعالية بأبعادها الفرعية للمراهق في علاقتها بمتغيرات السن، الجنس والمستوى الدراسي؟
  3. هل توجد علاقة ذات دلالة احصائية بين والتربية الوالدية بأبعادها الفرعية ومستوى الكفايات الانفعالية بأبعادها الفرعية للمراهق(ة)؟

المفاهيم الإجرائية للبحث:

  • مفهوم التربية الوالدية: نقصد بها الطرق التي يتعامل بها الوالدان مع ابنهما المراهق قصد رعايته وتربيته كما يدركها المراهق. ونعبر عنها إجرائيا من خلال إجاباته على استبيان التربية الوالدية الذي أعدته الطالبتان الباحثتان والذي يميز بين ثلاثة أنماط للتربية وهي: أسلوب الصرامة، أسلوب اللامبالاة، أسلوب المرونة.
  • مفهوم الكفايات الانفعالية: يقصد بالكفايات الانفعالية، كل القدرات والمهارات الانفعالية التي يظهرها المراهق(ة) في المواقف الانفعالية، وهي: الوعي بالذات، وضبط الذات، والدافعية، والتعاطف، والكفايات الاجتماعية، وذلك كما يحددها مقياس الكفايات الانفعالية لمصطفى مظلوم(2011).
  • مفهوم المراهق المتمدرس: يقصد به التلميذ الذي يصنف ضمن مرحلة نمائية تتحدد في مرحلة المراهقة، ويتراوح عمره ما بين 12 و18 السنة. ويشمل هذا المفهوم التلاميذ(ات)، الذين يتابعون دراستهم في مستوى الثانوي التأهيلي للموسم الدراسي 2022/2023 بالثانوية التأهيلية ارغيوة بمديرية اسا الزاك.

فرضيات البحث:

بما أن البحث يركز على دراسة العلاقة بين التربية الوالدية ومستوى الكفايات الانفعالية لدى للمراهق (ة)، فالفرضية المركزية للبحث تتمثل في انعكاس أساليب التربية الوالدية على مستوى الكفايات الانفعالية لدى للمراهق (ة)، وينبثق عن هذه الفرضية ثلاث فرضيات فرعية، هما:

  1. توجد فروق ذات دلالة احصائية في مستوى التربية الوالدية بأبعادها الفرعية للمراهق في علاقتها بمتغيرات السن، الجنس والمستوى الدراسي.
  2. توجد فروق ذات دلالة احصائية في ومستوى الكفايات الانفعالية بأبعادها الفرعية للمراهق في علاقتها بمتغيرات السن، الجنس والمستوى الدراسي.
  3. توجد علاقة ذات دلالة احصائية بين والتربية الوالدية بأبعادها الفرعية ومستوى الكفايات الانفعالية بأبعادها الفرعية للمراهق(ة).

منهج البحث:

يستعمل البحث الراهن المنهج الوصفي لرصد أساليب التربية الوالدية وأثرها على الكفايات الانفعالية للمراهقين للمتمدرسين، وذلك بعد قياس كل من أساليب التربية الوالدية ومستوى الكفايات الانفعالية لدى المبحوثين المراهقين.

مجتمع البحث وعينته:

1.7. مجتمع البحث:

يتكون مجتمع الدراسة من مجموع التلاميذ الذين يتابعون تعليمهم بالمؤسسة الثانوية التأهيلية ارغيوة بإقليم اسا الزاك؛ والبالغ عددهم 244، منهم 106 إناث، و138 ذكور.

جدول رقم (1): يوضح توزيع مجتمع البحث حسب الجنس.

النوع الاجتماعي التكرار النسبة %
المراهقين 138 56,56%
المراهقات 106 43,44%
المجموع 244 100%

يتضح من خلال الجدول أعلاه أن مجتمع البحث يتكون من مجموع المراهقين البالغ عددهم(244)، وأن تلاميذ المراهقين يشكلون الفئة الأكبر لأفراد مجتمع البحث بنسبة(56, 56 %) ثم تليها تلميذات المراهقات بنسبة (43,44%).

2.7. عينة البحث:

لقد قمنا باختيار عينة البحث بطريقة عشوائية من المراهقين الذين يتابعون الثانوية التأهيلية ارغيوة، وقد بلغ عدد مفردات العينة الفعلية للدراسة 120مراهق (ة).

الجدول رقم (2): يوضح توزيع عينة البحث حسب متغير نوع الاجتماعي:

النوع الاجتماعي التكرار النسبة %
المراهقين 57 47,5%
المراهقات 63 52,5%
المجموع 120 100%

نلاحظ من خلال الجدول أعلاه أن عدد عينة البحث تحدد في 120مراهق ومراهقة، موزعون إلى 63 مراهقة بنسبة (52,5%)، وهي نسبة تفوق نسبة المراهقين التي بلغت (47,5 (%.

الجدول رقم (3): يوضح توزيع عينة البحث حسب متغير السن:

السن التكرار النسبة %
13السنة-14 السنة 60 50%
15 السنة- 16 السنة 40 33,33%
17 السنة -18 السنة 20 16,67%
المجموع 120 100%

نلاحظ من خلال الجدول أعلاه أن الفئة العمرية الممثلة لأفراد هي فئة 13السنة-14 السنة بنسبة (50%)، تليها نسبة الفئة العمرية 15 السنة- 16 السنة التي بلغت (33,33%) في حين جاءت نسبة الفئة العمرية 17 السنة -18 السنة في المرتبة الأخيرة حيت بلغت فقط (16,67%).

الجدول رقم (4): يوضح توزيع عينة البحث حسب متغير المستوى الدراسي:

المستوى الدراسي التكرار النسبة %
جذع مشترك 54 45%
اولى بكالوريا 48 40%
تانية بكالوريا 18 15%
المجموع 120 100%

نلاحظ من خلال الجدول أعلاه أن الفئة الغالبة الممثلة لعينة دراستنا هي التلاميذ من مستوى جذع مشترك حيث بلغت نسبتهم (45%)، تليها نسبة التلاميذ من مستوى أولى باكالوريا التي بلغت (40%) في حين جاءت نسبة التلاميذ ثانية بكالوريا في المرتبة الأخيرة حيت بلغت فقط (15%).

أدوات البحث:

استبيان التربية الوالدية: بعد الاطلاع على البحوث السابقة ذات الصلة بموضوع البحث، قام الباحثون بإعداد استبيان موجه للمراهق المتمدرس بغرض التعرف على أسلوب معاملة الوالدين لأبنائهما، ويتكون هذا الاستبيان من 30 فقرة تصف سلوكيات يقوم بها الوالدين خلال تعاملهما مع ابنهما، أو تلك التي يشعر الابن (المراهق المتمدرس) بوجودها من خلال طريقة معاملة والديه له.

ويقيس هذا الاستبيان ثلاث أنماط سائدة لمعاملة الوالدين لأبنائهم، وهي الأسلوب الديمقراطي، وأسلوب الصرامة، وأسلوب اللامبالاة. وقد تمثل كل أسلوب للمعاملة الوالدية بمجموعة من العبارات الوصفية التي تدل على أنه الأسلوب المتبع من طرف الوالدين في طريقة معاملتها لابنهما، وأمام كل عبارة على المفحوص أن يختار إحدى البدائل من أصل ثلاث بدائل( نعم، أحيانا، لا ) ليعبر عن مدى انطباق العبارة عليه، وقد رتبت عبارات الاستبيان بطريقة عشوائية بحيث ينتمي لكل أسلوب 10 فقرات تصفه، كما صيغت هذه العبارات لتعبر عن المعاملة الوالدية بشكل إيجابي و بشكل سلبي، وذلك لعدم تمكين المفحوص من معرفة الأسلوب المرغوب فيه.

مقياس الكفايات الانفعالية: (من اعداد مصطفى مظلوم2011) بكلية التربية بمصر العربية، ويتكون المقياس من37 عبارة، موزعة على خمسة ابعاد موزعة و هي: الوعى بالذات، وكفاية التنظيم الذات، وكفاية الدافعية ويتضمن كل بعد (7) عبارات، أما بعدا كفاية التعاطف، والمهارات الاجتماعية، فيتضمن كل بعد (8) عبارات.

وتتم الإجابة على كل عبارة من عبارات المقياس من خلال ثلاثة بدائل هي: (لا، أحيانا، كثيرا)، بحيث تعطى الدرجات 0، 1، 2 في حالة العبارات الموجبة، والعكس في حالة العبارات السالبة. وعلى هذا تكون الدرجة العليا (74) درجة، وتكون الدرجة الصغرى (صفر). وتدل الدرجة العليا على ارتفاع للكفايات الانفعالية، أما الدرجة المتوسطة (37) فتدل على انخفاضه، ويمكن استخراج درجات كل بعد على حدة.

وبخصوص عملية التطبيق وإجراءات البحث فقد قامتا الباحتتان بتطبيق مقياس الكفايات الانفعالية على عينة البحث ثم بعد ذلك تطبيق استبيان التربية الوالدية على نفس عينة البحث، تلتها مرحلة المعالجة ودراسة طبيعة العلاقة بين متغيري الكفايات الانفعالية والتربية الوالدية لدى المراهق(ة).

نتائج البحث:

1.9. نتائج الفرضية 1:

توجد فروق ذات دلالة احصائية في مستوى التربية الوالدية بأبعادها الفرعية للمراهق في علاقتها بمتغيرات السن، الجنس والمستوى الدراسي.

جدول رقم 5: اختبار التباين الأحادي ANOVA 1لدلالة الفروق بين متوسطات التربية الوالدية وأبعادها الفرعية حسب السن، الجنس والمستوى الدراسي.

المؤشرات الاحصائية المتوسط السن الجنس المستوى الدراسي
F الدلالة F الدلالة F الدلالة
الدرجة الكلية لأساليب التربية الوالدية 35.23 0.135 0.714 38.20 0.000 0.313 0.683
أسلوب الديمقراطية 11.32 0.142 0.707 11.33 0.000 0.533 0.733
أسلوب اللامبالاة 11.68 0.573 0.451 53.33 0.000 0.381 0.589
أسلوب الصرامة 12.23 0.014 0.905 31.10 0.000 0.101 0.326

بين الجدول (5)، أن قيمة F لتحليل التباين الأحادي للفروق بين متوسطات التربية الوالدية بأبعادها الفرعية (الديمقراطية، اللامبالاة، الصرامة) حسب الجنس ذات دلالة إحصائية عند المستوى (0,01) مما يعني أنه توجد فروق بين المراهقين في أساليب التربية الوالدية تعزى لعامل الجنس.

في حين أن قيمة F لتحليل التباين الأحادي للفروق بين متوسطات الدرجة التربية الوالدية بأبعادها الفرعية (الديمقراطية، اللامبالاة، الصرامة) حسب السن والمستوى الدراسي لم تسجل أي ذ دلالة إحصائية تذكر، مما يعني أنه لا توجد فروق بين المراهقين في أساليب التربية الوالدية تعزى لعاملي السن والمستوى الدراسي.

ونستنتج من خلال الجدول أنه لا توجد فروق في التربية الوالدية بأبعادها الفرعية (الديمقراطية، اللامبالاة، الصرامة) لدى أغلب المراهقين، حيث أن التربية الوالدية لا تتأثر بعاملي السن والمستوى الدراسي بينما تتأثر بعامل الجنس. ومنه يمكن القول بالصدق الجزئي للفرضية الفرعية الأولى.

يمكن تفسير هذه النتيجة بأن أساليب التربية الوالدية لا تختلف من فئة عمرية إلى أخرى بل تظل هي ذاتها، وهذا راجع إلى عدم معرفة الوالدين بأنماط التربية المناسبة لكل مرحلة عمرية وخاصة مرحلة المراهقة؛ كما يمكن ارجاع تأثر التربية الوالدية بعامل الجنس إلى طبيعة المجتمع المغربي الصحراوي الذي ينهج أسلوب التفرقة في التربية الوالدية بين الذكر والأنثى وعدم المساواة بينهما في المعاملة وتفضيل أحد الجنسين على الأخر نظرا لاختلاف طبيعتهما وأدوارهما.

2.9. نتائج الفرضية 2:

توجد فروق ذات دلالة احصائية في ومستوى الكفايات الانفعالية بأبعادها الفرعية للمراهق في علاقتها بمتغيرات السن والمستوى الدراسي.

جدول رقم6: اختبار التباين الأحادي ANOVA 1لدلالة الفروق بين متوسطات الكفايات الانفعالية وأبعادها الفرعية حسب السن، الجنس والمستوى الدراسي.

المؤشرات الاحصائية المتوسط السن الجنس المستوى الدراسي
F الدلالة F الدلالة F الدلالة
الدرجة الكلية للكفايات الانفعالية 40.48 18.231 0.000 0,15 0.903 18.231 0.000
الوعي بالذات 7.48 16.526 0.000 0,106 0.745 16.526 0.000
ضبط الذات 7.72 17.205 0.000 0,416 0.520 17.205 0.000
الدافعية 7.77 10.771 0.000 0,937 0.335 10.771 0.000
التعاطف 8.73 15.118 0.000 0,489 0.486 15.118 0.000
المهارات الاجتماعية 8.79 7.826 0.001 0,082 0.775 7.826 0.001

بين الجدول (6)، أن قيمة F لتحليل التباين الأحادي للفروق بين متوسطات الدرجة الكلية للكفايات الانفعالية بأبعادها الفرعية (الوعي بالذات، ضبط الذات، الدافعية، التعاطف، المهارات الاجتماعية) حسب السن والمستوى الدراسي ذات دلالة إحصائية عند المستوى (0,01) مما يعني أنه توجد فروق بين المراهقين في مستوى الكفايات الانفعالية تعزى لعاملي السن والمستوى الدراسي.

في حين أن قيمة F لتحليل التباين الأحادي للفروق بين متوسطات الدرجة الكلية للكفايات الانفعالية بأبعادها الفرعية (الوعي بالذات، ضبط الذات، الدافعية، التعاطف، المهارات الاجتماعية) حسب الجنس لم تسجل أي ذ دلالة إحصائية تذكر، مما يعني أنه لا توجد فروق بين المراهقين في مستوى الكفايات الانفعالية تعزى لعامل الجنس.

ونستنتج من خلال الجدول وجود فروق في مستوى الكفايات الانفعالية بأبعادها الفرعية (الوعي بالذات، ضبط الذات، الدافعية، التعاطف، المهارات الاجتماعية) لدى أغلب المراهقين، حيث تتأثر بعاملي السن والمستوى الدراسي بينما لا تتأثر بعامل الجنس. ومنه يمكن القول بالصدق الجزئي للفرضية الفرعية الثانية.

ويعزو الباحثون هذه النتيجة إلى كون النمو الانفعالي يرتبط ارتباطا وثيقا بتقدم المراهق في السن نظرا لاكتساب الخبرات والتجارب، على الرغم من تقارب السن والمستوى الدراسي لدى المبحوثين إلا أن لعامل الخبرة دور في نمو الكفايات الانفعالية.

نتائج الفرضية3:

توجد علاقة ذات دلالة احصائية بين التربية الوالدية ومستوى الكفايات الانفعالية بأبعادها الفرعية للمراهق(ة).

الجدول رقم7: معامل الارتباط بين التربية الوالدية ومستوى الكفايات الانفعالية بأبعادها الفرعية للمراهق (ة)

  معامل الارتباط مستوى الدلالة
الدرجة الكلية للكفايات الانفعالية والتربية الوالدية 0,832 0,01
الوعي بالذات و التربية الوالدية 0,676 0,01
ضبط الذات و التربية الوالدية 0,641 0,01
الدافعية و التربية الوالدية 0,607 0,01
التعاطف و التربية الوالدية 0,681 0,01
المهارات الاجتماعية و التربية الوالدية 0,749 0,01

يوضح الجدول (7)، أن هناك علاقة ترابطية طردية قوية بين أساليب التربية الوالدية ومستوى الكفايات الانفعالية بأبعادها الفرعية (الوعي بالذات، ضبط الذات، الدافعية، التعاطف، المهارات الاجتماعية).

هذه النتيجة تدل على وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين أساليب التربية الوالدية (الصرامة، الديمقراطية، اللامبالاة) ومستوى الكفايات الانفعالية بأبعادها الفرعية (الوعي بالذات، ضبط الذات، الدافعية، التعاطف، المهارات الاجتماعية) لدى المراهق(ة)، مما يعني صدق الفرضية الفرعية الثالثة.

واستنادا على النتيجة التي تم التوصل إليها، يمكننا أن نفسرها بأن أساليب التربية الوالدية التي يدركها المراهق(ة) في سلوك الوالدين (الأب – الأم) تلعب دورا كبيرا في النمو الانفعالي للمراهق(ة)، بمعنى أن أساليب التربية الوالدية لها تأثير على مستوى كفاياته الانفعالية، وهي عامل مهم من العوامل المسؤولة عن ارتفاع مستوى الكفايات الانفعالية أو انخفاضها عند المراهق.

خاتمة:

بناء على ما تقدم، يتضح أن نمو الكفايات الانفعالية وتطورها لدى المراهق(ة) رهين بطبيعة التربية الوالدية التي يتلقاها. بمعنى آخر، إن إدراك المراهق لأسلوب معاملة والديه له خلال عملية تنشئته تعتبر من العوامل المهمة والمؤثرة في نمو كفاياته الانفعالية وإن الطريقة التي يدرك بها تلك المعاملة هي التي تؤثر فعليا على نموه الانفعالي، وأن الكفايات الانفعالية هي الطريق التي توصل الفرد إلى حالة من التوازن والاستقرار. وتعد أساليب التربية الوالدية القائمة على الديمقراطية في المعاملة والتقبل والحب والمرونة….، من الأساليب التي يترتب على ممارستها نتائج إيجابية في تكوين شخصية متفوقة ومتوازنة، متمتعة بخصائص الصحة النفسية وقادرة على معالجة المطالب والضغوط البيئية، أي أنه كلما كانت الخبرات التي يحصل عليها الطفل من والديه سارة ومشجعة وإيجابية كانت أكثر إسهاما في نمو أبعاد شخصيته بما في ذلك كفاياته الانفعالية.

وعلى الرغم من أهمية النمو الانفعالي فإننا نجد أغلب الوالدين لا يدركون الأهمية البالغة للتربية الوالدية وأساليبها في نمو وتطور الكفايات الانفعالية لدى المراهق(ة)، لذلك يبقى مفهوم التربية الوالدية جديرة بالبحث والتحليل ويستدعي الاهتمام والتعمق نظرا لأهميته وتأثيره ودوره في تكوين شخصية المراهق(ة). لأنه يمكن للدراسات السيكولوجية حول مجال التربية الوالدية أو الأسرة بصفة عامة أن تساعد على تأهيل الوالدين في معرفة خصائص النمو الانفعالي لدى المراهق، وتوفير مناخ أسري قائم على المحبة والاحترام وتحمل المسؤولية الفردية والاستقلال الذاتي، ضمان الحرية في التفكير والاتخاذ القرار، كذلك اشباع حاجاته بطريقة معتدلة بلا افراط أو تفريط يؤثر على نمو الكفايات الانفعالية للمراهق.

المراجع:

  • حسين، سالمة عبد العظيم و حسين، طه عبد العظيم. (2006). الذكاء الوجداني للقيادة التربوية. الإسكندرية: دار وفاء لدنيا الطباعة والنشر.
  • سهير كامل أحمد، شحاتة سليمان أحمد. (2002). تنشئة الطفل وحاجاته بين النظرية والتطبيق، مركز الاسكندرية للكتاب والطباعة والنشر والتوزيع، الاسكندرية.
  • الغالي، أحرشاو. (2009). الطفل بين الأسرة والمدرسة، منشورات علوم التربية19، الطبعة الأولى.
  • الفخراني ابراهيم. (2010). العنف كرد فعل لإساءة معاملة النشء، مجلة العلوم النفسية والاجتماعية، العدد 27-28.
  • محرز، نجاح رمضان. (2005). أساليب المعاملة الوالدية وعلاقتها بتوافق الطفل الاجتماعي والتشخيصي في رياض الأطفال، مجلة جامعة دمشق للعلوم التربوية. 21(1).
  • محمد الطاهر طعبلي، كوثر بن ناصر. (2013). الذكاء الوجداني وعلاقته بأساليب المعاملة الوالدية المدركة، المجلة العربية للعلوم النفسية، العدد 40-39، صيف وخريف.
  • مزوز بركو. (2014). أطفال الشوارع، القيم وأساليب التربية، دار جوانا، القاهرة.
  • نبهان، يحي محمد. (2010). الأساليب التربوية الخاطئة وأثرها في تنشئة الطفل، دار اليازوري العلمية، عمان.
  • Alberto, A. (2010). Parenting Styles & children’s Emotional intelligence: What Do We Know? The Family Journal, 19, (1) 56-62.
  • Amandip. (2017). Emotional Intelligence in Relation To Perceived Parenting Style of Early Adolescents. The International Journal of India Psychology. (9). 2349-3429.
  • Baumrind, D. 1991. The Influence of Parenting Style on Adolescent Competence And Substance Use. Journal of Early Adolescence. 11. (1) 56-95. https://doi.org/10.1177/0272431691111004.
  • Berk, L. (2000). Child Development. (5th edition). Boston: Allyn and Bacon.
  • Chang, L., Schwartz, D., Dodge, K. A., & McBride-Chang, C. (2003). Harsh parenting in relation to children emotion regulation and aggression. Journal of Family Psychology, 17, 598–606.
  • Debbarna, R., & Bhattacharji, A. (2018). Impact of caring and overprotecting Parenting style on Emotional Intelligence & Adjustment of schul student. Journal of Psychosocial Research, 13(1), 91-100.
  • Debra, A. D., Donnah, L. A., & Anthony, D. G. M. (2015). Reliability of the emotion-related parenting styles scale across gender and parent status groups. Early Education and Development, 26, 1234–1250.
  • Elisa, Maurice J. and Tobias, Steven E. (2000). Raising Emotional Intelligence in Teenagers: Parenting with Love, Laughter and Limits. ERIC, Document Reproduction Service.
  • Goleman, D. (1995): Emotional intelligence: why it can Matter More Than IQ , New York: Bantam Books.
  • Goleman, D. (2001): An EI-based theory of performance. In C
  • Goleman, D., 2002. Primal leadership. Harvard Business School Press, Boston
  • Laura, E., & Kinsco, S. (2011). Emotional Intelligence & Parenting Styles. Procedia-Social & Behavioral Sciences. (33). 478-482.
  • Mahsa, S., & Besharat, M. (2011). The Relation of Perceived Parenting with Emotional Intelligence. Procedia-Social & Behavioral Sciences. (30). 231-235
  • Mayer, J., Salovey, P., & Caruso, A. (2000). Models of Emotional Intelligence. Handbook of Intelligence, Cambridge University Press.
  • Nguyen, Q.A.N., Tran, T.D., Tran, T.A., Nguyen, T.A., & Fisher, J. (2020). Perceived Parenting styles & Emotional Intelligence Among Adolescents in Vietnam. The Family Journal.
  • Rabbile, M.A. (1993). The rights of infants. Columbia University Press, New york.
  • Randalph, G. & Applenton, w. (2000). Emotional Intelligence help children work with feelings ( Anger-Emotions parenting) A health Associqtion 11 C.net.
  • Richardson, R. C., & Gleeson, J. P. (2012). Family functioning, parenting style, and child behavior in kin foster care. Families in Society, 93(2), 111-122
  • Rosita, L., & Antiniene, D. (2016). High Emotional Intelligence: Family Psychosocial Factors. Procardia-Social & Behavioral Sciences. 217. 609-617.
  • Saami, C. (1999). The development of emotional competence. New York, NY: Guilford Press.
  • Sanchez, T., Femandez, P., Montanez, J., & Latorre, J. (2008). Does emotional intelligence depend on gender? The Socialization of Emotional of Research in Educational Psychology, 6(2), 455–474.
  • Sangawi, Sadiq, Adams, John & Reissland, Nadja (2015). The Effects of Parenting Styles on Behavioral Problems in Primary School Children: A Cross-Cultural Review. Asian Social Science 11(22): 171-186.
  • Stettler, N., & Katz, L. F. (2014). Changes in parents’ meta-emotion philosophy from preschool to early adolescence. Parenting: Science and Practice, 14(3-4), pp162-174.