المسؤولية القانونية عن انكار القرض العام
د. جورج سعد1، محمد عباس فاضل العامري2
1 الجامعة الإسلامية في لبنان/ كلية الحقوق والعلوم السياسية / قسم القانون العام
HNSJ, 2024, 5(9); https://doi.org/10.53796/hnsj59/34
تاريخ النشر: 01/09/2024م تاريخ القبول: 15/08/2024م
طريقة التوثيق
المستخلص
بالنظر لما تشكله القروض من أهمية كبيرة في الحياة الاقتصادية للدول, فالقرض اداة مالية بيد الدولة تلجأ اليها لتحقيق اهداف اقتصادية معينة. فلم يعد القرض العام وسيلة استثنائية تلجا اليه الدولة في الاوقات الحرجة فقط كالحروب والكوارث الطبيعية. فقد ازداد اقبال الدولة على استخدام القرض العام بوصفه أحد الايرادات المهمة التي تسد حاجة الدولة من الانفاق في الوقت الذي لا تغطيه الايرادات الاخرى.
فالقروض العامة من الامور الحساسة في مالية أي دولة. ويجب ان تجد لها مبرراً واضحاً لعقدها؛ ذلك لأثارها المتعددة والمهمة, اذ انها تعد في بداية الأمر وسيلة للحصول على موارد مالية للدولة, ولكن يستتبع الحصول عليها الزاماً برد القرض وفقاً للشروط المحددة في عقد القرض مع الفوائد المترتبة عليه. لذا فأن الوضع المالي والاقتصادي للدولة هو الذي يوجد ويخلق فرصة لعقد القرض العام. ومن ثم تثار اشكاليات حول امكانية رد القرض وفوائده وفق المواعيد المتفق عليها فالقروض بأنواعها الداخلية والخارجية, القصيرة المدة والطويلة اضافة لما تتسم به من سهولة وسرعة التحصيل وبالمبلغ الذي تطلبه الدولة الا انه لا يخلو الأمر من سلبيات.
فالقروض العامة تواجه العديد من الاشكاليات العملية والتي تؤدي في بعض الاحيان الى انهيار النظام المالي للدولة, او انخفاض قيمة عملتها النقدية, أو حتى انهيار الثقة الدولية في المجتمع الدولي في الدولة المقترضة, ولا نبالغ ان قلنا انها في بعض الاحيان تؤدي الى حدوث نزاعات دولية بين الدولة المقرضة والمقترضة. وابرز هذهِ الاشكاليات التي تواجه القرض العام هو انكار القرض العام من قبل الدولة المقترضة وما يؤدي اليه ذلك من مشاكل جمة. لذا ارتأينا اختيار هذهِ الاشكالية بالذات لبحثها ومعرفة ابعادها واثارها على الدولة.
Legal liability for denial of a public loan Research
Dr. George Saad1, Mohammad Abbas Fadhil Al-Ameri1
1 Islamic University of Lebanon / Faculty of Law and Political Sciences Department of Private Law.
HNSJ, 2024, 5(9); https://doi.org/10.53796/hnsj59/34
Published at 01/09/2024 Accepted at 15/08/2024
Abstract
Given the great importance of loans in the economic life of countries, the loan is a financial tool in the hands of the state that it resorts to to achieve certain economic goals. Public loans are no longer an exceptional means that the state resorts to only in critical times, such as wars and natural disasters. The state’s interest in using the public loan has increased as it is one of the important revenues that fills the state’s need for spending at a time when other revenues do not cover it.
Public loans are a sensitive matter in any country’s finances. It must find a clear justification for its contract. This is due to its multiple and important effects, as it is initially considered a means of obtaining financial resources for the state, but obtaining them entails an obligation to return the loan according to the conditions specified in the loan contract along with the interest resulting from it. Therefore, it is the financial and economic situation of the state that creates an opportunity to contract a public loan.
Then, problems arise about the possibility of returning the loan and its interest according to the agreed upon dates
Loans of all types, internal and external, short-term and long-term, in addition to their ease and speed of collection and the amount requested by the state, are not without drawbacks.
Public loans face many practical problems, which sometimes lead to the collapse of the state’s financial system, the decline in the value of its monetary currency, or even the collapse of international confidence in the international community in the borrowing country. It is not an exaggeration to say that it sometimes leads to the occurrence of international disputes between Lending and borrowing countries.
The most prominent of these problems facing the public loan is the denial of the public loan by the borrowing country and the many problems this leads to. Therefore, we decided to choose this particular problem to discuss it and find out its dimensions and effects on the state.
المبحث الأول
التعريف بالقرض العام
للتعرف على القرض العام وبيان مفهومه وانواعه وتكييفه القانوني سنقسم هذا المبحث الى مطالب ثلاث. نبين في المطلب الأول مفهوم القرض العام, والمطلب الثاني نبين انواع القرض العام, وفي المطلب الثالث نبين التكييف القانوني للقرض العام.
المطلب الأول
مفهوم القرض العام
مفهوم القرض لغتاً هو: مـا تعطيه مـن مـال. ويقال اسـتقرض منـه بمعنـى طلـب منـه القـرض واقترض منه أخذ منه القرض.(1)
أما المفهوم الاصطلاحي للقرض : فبالرغم من تضارب الشروح حول المفاهيم الاقتصادية للقروض إلا أن الجميع يتفق في كونها من التصرفات القانونية التي تقوم على الثقة المتبادلة بين طرفي القرض.
فالقرض مبلغ من المال تحصل عليه الدولة من خلال اللجوء إلى الغير( أفراد- مصارف- مؤسسات ) وتتعهد برده مع الفوائد المترتبة عليه خلال مدته المحددة. أو هو كل الاموال التي تقترضها الدولة أو أحد هيئاتها العامة من الافراد أو الهيئات الخاصة و العامة سواء المحلية أو الاجنبية على أن تلتزم برد هذه الاموال في مواعيدها المحددة. أو هو عقد تبرمه الدولة أو إحدى هيئاتها العامة مع الجمهور أو مع دولة أخرى تتعهد بموجبه على سداد أصل القرض وفوائده عند حلول موعد السداد وذلك طبقاً لإذن يصدر من السلطة المختصة. أو هو مبلغ من المال تحصل عليه الدولة أو احدى هيئاتها العامة من الغير بموجب عقد يستند الى اذن مسبق من السلطة التشريـــعية وتتعهــــد الدولة برده مع الــــفوائد المترتبة عليه وفق الآجـــــال المحددة. (2)
وبذلك نستنتج ان القرض العام يقوم على عنصرين هما :
الأول: ويتمثل في عنصر الثقة فالدائن له ثقة في أن المدين سوف يقوم بالتسديد في الموعد المحدد، وبصفة عامة فهو قادر على الوفاء بكل الالتزامات التي تعهد بها.
الثاني: ويتمثل في ضرورة وجود فجوة زمنية ما بين منح الأموال وما بين استرجاعها وليس قرضا إن لم تكن هذه الفجوة الموجودة.(3)
ومن هذهِ التعاريف نستنتج خصائص القرض العام, فهو مبلغ من المال وهذا قد يكون نقداً أو عيناً الا ان الصفة النقدية هي الغالبة في العصر الحديث. يدفع من أحد شخاص القانون العام أو الخاص الطبعيين أو المعنويين سواء كانوا يتمتعون بجنسية الدولة أو بجنسية دولة أجنبية وقد تلجأ الدولة احياناً الى الاقتراض من دولة أجنبية. كما انه يدفع الى الدولة باعتباره نوعاً من الايرادات التي ترفد الخزينة العامة بالموارد للازمة لعمليات الانفاق. كما انه يتم بموجب عقد. كما انه يصدر بقانون فهو يصدر استناداً الى اذن مسبق من السلطة التشريعية ويتضمن موافقة ممثلي الشعب على استدانة مبلغ من المال يغذي خزينة الدولة. كما انه لا يدفع بصفة نهائية وانما تلتزم الدولة برد أصل المبلغ مع الفوائد في مدة غالباً محددة مسبقاً ووفق ما تم الاتفاق عليه في عقد القرض.
وبذلك يقترب القرض العام من مصادر الايرادات الاخرى في الصفة النقدية الا انه يختلف عنها في جوانب أخرى, فهو يختلف عن الضرائب في الصفة غي النهائية بالدفع والتزام الدولة برده مع الفوائد على عكس كل من الضرائب والرسوم. فضلاً عن انه الايراد الوحيد الذي يقيد في باب الايرادات والنفقات معاً ولكن في أوقات مختلفة فهو من جانب ايراد للدولة في وقت اقتراضه ومن جانب أخر التزام بمديونية على الدولة في وقت سداده.
المطلب الثاني
أنواع القروض العامة
يختلف تقسيم القروض العامة باختلاف المعيار الذي تستند إليه فهي تقسم الى :
- من ناحية مصدر القرض المكاني تقسم الى القروض الداخلية والقروض الخارجية .
- من ناحية حرية الاكتتاب فيها تقسم الى القروض الاختيارية والقروض الإجبارية .
- من ناحية توقيت القرض تقسم الى القروض المؤبدة والقروض المؤقتة .
وهذا ما سنوضحه في ثلاث فروع وبإيجاز.
الفرع الأول
تقسيم القروض العامة تبعا لمصدر القرض المكاني
ان التمييز بين القرض الداخلي والقرض الخارجي إنما يتم على أساس مصدر القرض فإذا كن مصدره داخلياً عد القرض داخلياً وإذا كان مصدره خارجياً عد القرض خارجي.
ويقصد بالقروض الداخلية: هـي القـروض التـي تحصـل علیهـا الدولـة مـن الأشـخاص الطبیعیـین أو المعنـویین المقیمـین فـي إقليمها بصرف النظر عن جنسياتهم سواء أكانوا مواطنين أم أجانب.
أي ان الدولة تستدين من الافراد المقيمين داخل اقليمها وهذا يتطلب ان تتوافر مدخرات وطنية تزيد عن حاجة الاسواق المحلية للاستثمارات الخاصة بحيث تكون كافية لتغطية أغراض الاقراض الداخلي.
ويستلزم في عقد القرض الداخلي عدة شروط منها:
- ضرورة توجيه هذهِ القروض لتمويل السياسة الانمائية للدولة.
- ضرورة التحقق من توفر الادخار ورغبة المواطنين للاكتتاب في هذهِ القروض.
- ضرورة توفر الاستقرار السياسي والاستقرار النقدي لكي يطمئن الافراد من التخوف من التضخم ويخلق الثقة في سلامة توظيف الاموال المقترضة.(4)
أما القروض الخارجية : فهـي القـروض التـي تستدينها الدولـة مـن أشـخاص خارج اقليمها. أو هي المبالغ التي تحصل عليها الدولة من مؤسسات أو منظمات مالية أجنبية أو من حكومات ودول لها القدرة في منح الدولة المقترضة مبالغ مالية مقابل التزام الدولة المقترضة بسداد قيمة القرض وفوائده ضمن المدة المحددة.
الفرع الثاني
تقسيم القروض العامة تبعا لحرية الاكتتاب فيها
ان الأصل في القرض أن يكون اختيارياً، لذا يعد عنصر الاختيار الفارق الأساسي بين القرض والضريبة. ومع ذلك فقد تلجأ الدولة في حالات معينة إلى القروض الإجبارية .
فالقروض الاختيارية: هي التي تعلن الدولة عن مقدارها وشروط الاكتتاب بها وموعد سدادها ثم تترك للجمهور حرية الإقراض من عدمه. أي هو مبلغ من المال تستدينه الدولة من المقرضين طوعـا لا كرهـا . بمعنـى أن الدولة في هذا النوع من القروض لا تلزم المقرضين على الاكتتاب فـي سـنداتها بـل تتـرك لهـم الحریـة في الاقراض من عدمه.
أما القـــروض الإجبـــارية: فهي تلك القروض التي تستعمل فيها الدولة سلطتها في إجبار الجمهور على إقراضها. فهـــو اســـتثناء مـــن الأصـــل؛ لأن الدولـــة تحصـــل علیـــه رغمـــا عـــن إرادة المقرضين الذين يلزمون بتقديم مبلغ القرض على أن تتعهد الدولة برده إليهم مع فوائده.
وقد يتحقق الإجبار في القرض بصورة مباشرة ، حينما تُلزم الدولة مواطنيها بالاكتتاب بقروضها على أساس وعد منها برد تلك القروض. وقد يتحقق الإجبار بشكل غير مباشر حينما تعمل الدولة على فرض رقابة شديدة على الائتمان الخاص، بقصد تقيده وتوجيه المدخرات الفائضة إلى القروض العامة. وتكون هذه الوسيلة ناجحة عندما تكون غالبية هيئات الإقراض تابعة إلى الدولة ( صناديق التوفير، البنوك المؤممة ،صناديق التأمينات الاجتماعية) وفي هذه الحالة لا نكون بصدد إلزام قانوني مباشر يجبر الأفراد والهيئات على الاكتتاب ، وإنما تقبل تلك الأطراف على الإقراض لعدم وجود قرض آخر لاستغلال مدخراتهم.
وتلجأ الدولة الى هذا النوع من القروض اما رغبة منها في امتصاص القوة الشرائية في أوقات التضخم, أو في حالة ضعف ثقة الاقراد في الدولة, أو في حالة الكوارث الطبيعية والحروب,
وجدير بالذكر أن القروض الاختيارية یمكن أن تكون قروضا داخلية وقروضـا خارجية, أمـا القروض الإجبارية فـلا تكـون إلا قروضـا داخلية؛ لأن سـلطة الدولـة فـي إرغـام المقرضين علـى الإقـراض تسري على إقليمها فحسب.(5)
الفرع الثالث
تقسيم القروض بحسب توقيت السداد
تقسم القروض بحسب تاريخ التزام الدولة بسدادها الى :
1- قروض طويلة الأجل
2- قروض متوسطة الأجل
3- القروض قصيرة الأجل
فالقروض قصيرة الأجل : هي القروض التي لا تتجاوز موعد سدادها عن السنة الواحدة وقد تلجأ إليها الدولة عندما يكون هناك ضرورة للإنفاق قبل تحصيل الإيرادات وتسدد الديون بعد تحصيل الإيرادات وتسمى في العراق بأذونات الخزينة, حيث تصدرها الدولة للحصول على أموال عاجلة لتغطية العجز المؤقت في الموازنة العامة
أما القروض متوسطة الأجل : فهي التي يتراوح موعد سدادها بين السنة الى الخمس سنوات
أما القروض طويلة الأجل : هي التي يتجاوز موعد سدادها الخمس سنوات.
والدولة عادة ما تلجأ إلى النوعين الأخيرين من القروض العامة وذلك إما دعماً للمجهود الحربي أو للإسهام في تمويل للتنمية الاقتصادية .
كذلك يوجد نوع أخر من القروض وهي القروض المؤبدة: وهي القروض التي لا تلتزم فيها الدولة بموعد محدد لسداد القرض وانما تلتزم بدفع الفائدة عنها مادامت قائمة, ولا يخفى لما لهذهِ القروض من نتائج خطيرة؛ حيث تؤدي الى تحمل الدولة مبالغ فائدة كبيرة فضلاً عن تراكم ديون الدولة مما قد يؤدي الى انهيار نظامها المالي.(6)
المطلب الثالث
التكييف القانوني للقرض العام
إن القرض العام وبخاصة القرض الاختياري هو عقد بين طرفين هما الأفراد والمؤسسات المالية من جهة والدولة من جهة أخرى. يتعهد الطرف الأول
بتقديم مبلغ من المال وتتعهد الدولة برده مع الفوائد المترتبة عليه. في السابق كانت القروض العامة تعقد باسم الأمير أو الملك الذي يقدم الضمانة لتسديد القرض كأن يكون رهن أراضي أو غير ذلك، لكن بعد التوسع والتعقيد في الإجراءات الإدارية وبعد التوسع في المالية العامة حصلت عدة تغيرات في القروض العامة تتمثل بما يأتي:
1 – إن القرض العام بات يعقد باسم الدولة وليس باسم رئيسها ملكاً كان أم رئيس جمهورية.
2 – لم تعد الدولة تقدم أية ضمانة إذ أن ضمانتها تتمثل بما تملكه من موارد مختلفة.
3 – باتت القروض العامة تكون على شكل سندات يجري تداولها بين الأفراد والمؤسسات المالية.
على الرغم من تعدد وجهات النظر حول القرض العام إلا أن الرأي المرجح هو أنه عقد من عقود القانون العام ومن ثم فإنه خاضع لجميع الأحكام التي تسري على هذا النوع من العقود فهو ملزم لطرفيه المقرض أو الدائن من جهة والمقترض أو المدين ممثلاً بالدولة من جهة أخرى. فقد أشارت معظم الدساتير في دول العالم الى أن القرض العام يصدر بقانون وبالتالي فإنه من مسؤولية السلطة التشريعية التي تحدد طبيعة هذا القرض والشروط المترتبة عليه. لكن
بعد التوسع والتعقيد في المالية العامة أصبحت الكثير من الإجراءات تترك للسلطة التنفيذية ومن ذلك على سبيل المثال كيفية الحصول على القرض العام وإجراء التغيرات في أسعار الفائدة وغيرها من القضايا الفنية المتعلقة بالقرض على أن يكون ذلك متطابقاً مع القانون.
إن السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو لماذا لم يترك موضوع القرض العام كلياً الى السلطة التنفيذية؟
وللإجابة على هذه السؤال هناك عاملان هما :
العامل الأول: إن السلطة التشريعية هي التي تقوم بإصدار القوانين المتعلقة بكل الإيرادات بما في ذلك إصدار القانون الضريبي، فلو ترك أمر القرض العام كلياً الى السلطة التنفيذية لأمكنها في أي وقت ترفض فيه السلطة التشريعية إصدار قانون ضريبي معين أن تلجأ الى إصدار قرض عام تعويضا عن الضريبة، وعليه لم يترك أمر القرض العام للسلطة التنفيذية وإنما بات الأمر من اختصاص السلطة التشريعية.
العامل الثاني: عندما يقوم البرلمان بمناقشة القرض العام فإن هذا يمكن ممثلي الشعب والرأي العام من الاطلاع على حيثيات هذا القرض وتفاصيله المختلفة، وهذا يمكن أعضاء البرلمان من ممارسة الرقابة على هذا القرض فيما بعد, ويعطي في الوقت نفسه ثقة للأفراد بهذا القرض.(7)
المطلب الرابع
طرق تسديد القرض العام
قبل أن يتم التعاقد بشأن القرض يتّفق كلّ من المدين والدائن على الأسلوب الذي سيتم من خلاله تسديد القرض بمعيار الدفع المؤجل, ويهتم الشخص الذي حصل على القرض بسعر الفائدة والقيمة المالية للقرض والفترة الواجب على المقترض السداد فيها أي فترة القرض. ويقصد بالسداد: إطفاء القرض العام أي انتهاء العبء المالي المترتب على الدولة إزاء المقرضين والذي يتمثل بالفائدة وأصل المبلغ المقترض ويتم انقضاء القرض بطريقتين فقد يتم السداد على دفعة واحد وفي موعد محدد وقد يتم على مراحل.(8)
وهذا ما سنوضحه في مطلبين.
الفرع الأول
وفاء القرض العام
ويقصد به : التخلص من الدين العام الناتج عن القرض كلياً. أي ان تقوم الدولة بتسديد القرض بصورة كاملة وعلى شكل دفعة واحدة وهذا ما يحصل عادة بالنسبة للقروض قصيرة الأجل حيث تتخلص الدولة من العبء كلياً.
أما القروض متوسطة الأجل وطويلة الأجل فعادة ما تقوم الدولة بالوفاء الجزئي لها وهذا ما
يسمى باستهلاك القرض العام والذي سنبينه لاحقاً
والسؤال الذي يطرح هنا هو: هل يمكن للدولة ان تسدد القرض العام بالنسبة للقروض المؤقتة قبل أوان التسديد؟
الجواب: هناك وجهتا نظر للإجابة على هذا السؤال
فهناك من يرى إمكانية ذلك طالما أن الموضوع يعود بالفائدة على الأفراد الذين سيحصلون على الأقساط زائداً الفوائد بصورة مبكرة. وهناك من يرى أن القرض العام هو عقد بين الدولة والمقرضين وبالتالي لا يجوز للدولة أن تسدد قبل أوان التسديد إلا إذا نص عقد القرض على ما يسمح بذلك.(9)
وحسب قانون تحصيل الدين الحكومي العراقي رقم 94 لسنة 2004 الذي نص في القسم الثالث منه في الفقرة الثالثة على امكانية السداد قبل تاريخ الاستحقاق حيث نص على: : يقوم الوزير بدفع رأس المال والفوائد في العطاء القانوني عند الاستحقاق أو في وقت سابق وحسب تقديره وبموجب شروط سندات الدين الحكومي”.
لذا نرى بأن المشرع العراقي في هذا القانون لم يمانع في سداد الديون الحكومية قبل تاريخ استحقاقها وترك ذلك لتقدير وسلطة وزير المالية وطبقاً لشروط سند الدين.
الفرع الثاني
استهلاك القرض العام
ويقصد بالاستهلاك القرض العام: قيام الدولة تدريجياً بالتخلص من عبء القرض الأصلي وفوائده، وذلك بسداد قيمته لحاملي سنداته. ففي القروض متوسطة وطويلة الأجل، ترد الدولة قيمتها لأصحابها لدى حلول الأجل، أما في القروض المؤيدة فلا تبدأ الدولة في استهلاكها إلا في الوقت الذي تراه مناسباً.(10)
ومن البديهي، أن الدولة تستخدم في استهلاك القرض العام أساليب معينة منها :
أولاً: الاستهلاك السنوي للقرض العام: ويتمثل هذا الأسلوب بقيام الدولة باختيار مــــــجموعة من السندات وإطفائها من خلال تسديد مبلغ السند مع الفوائد المترتبة عليه. وهذه الطريقة غــــــير محبذة من قبل المقرضين وبخاصة من ذوي الدخل العالي الذين يودون البقاء دائنين وبأكبر ما يمكن من السندات الى الدولة وهذا ما يمنحهم فائدة مرتفعة, أو أن يحصلوا بشكل كامل على مبلغ القرض مع الفوائد وبالتالي التوجه نحو وجه آخر من أوجه الاستثمار.
ثانياً: الاستهلاك بالقرعة: في هذه الطريقة تقوم الدولة ممثلة ببعض الأجهزة الحكومية بإجــــــراء قرعة لاختيار مجموعة من السندات التي يتم إطفاؤها حينما يحين أجل التسديد. وهذه الطريقة تحمل عيوب الطريقة السابقة نفسها.
ثالثاً: استهلاك القرض العام من خلال قيام الدولة بشراء السندات من البورصة : في هــــــــــــذه الطريقة تدخل الدولة كمشتريه للسندات من سوق الأوراق المالية وذلك في حـــــــــالة انخفاض أسعار السندات مقارنة بسعر التكافؤ (القسط + الفائدة) الذي تسدد الدولة فيما بـــــــــــــعد على أساسه. بمعنى ان الدولة في هذه الطريقة تستفيد من الفارق من خلال شراء الســــــــند بسعـره المنخفض السائد في البورصة مقارنة بسعر التكافؤ الذي تسدد عادة بموجبــه، لكن عـــــــــــلى الدولة الانتباه هنا؛ لان قيامها بتوليد طلب مرتفع على السندات يؤدي الى ارتفاع في أسعارها ومن ثم عدم إمكانية ديمومة شراءها لهذه السندات.
وتسعى الدولة عموماً الى التخلص من عبء ديونها العامة من القروض كلما أمكنها ذلك من خلال تخصيص الموارد اللازمة لسدادها، ويمكن للدولة الاستعانة بالطرق التالية:
1 – عندما يكون هناك فائض في الموازنة العامة أي تكون الإيرادات العامة أعلى من النفقات.
2 – يمكن للدولة أن تلجأ الى الجباية الضريبية لتسديد القرض العام، وهنا تتجسد المقولة التي
تشير الى أن القرض العام هو ضريبة مؤجلة.
3 – تقوم الدولة في بعض الأحيان بالإصدار النقدي الجديد لاستثمار ذلك في تســــــديد القروض العامة لكن على الدولة الحذر من عمليات الاصدار النقدي الجديد؛ لان هذا الإصدار الجديد له سلبياته فقد يؤدي الى حدوث اث
المبحث الثاني
انكار القرض العام
قد تلجأ الدولة لإنهاء القرض العام عن طريق إنكاره. فما المقصود بالإنكار؟ وما هي اسباب انكار الدولة لقروضها؟ وما هي اثار هذا الانكار؟ وهل يشابه الانكار عملية تثبيت القرض العام أو التنازل عنه؟
هذا ما سنوضحه في اربعة مطالب.
المطلب الأول
مفهوم انكار القرض العام
الانكار لغتاً: مصدر أَنْكَرَ مِنْ صِفاتِهِ الذَّميمَةِ إِنْكارُ الجَميلِ : لا يَعْتَرِفُ بِما قُدِّمَ إلَيْهِ مِنْ مَعْروفٍ وَخَيْرٍ. إِنْكارِ الحَقيقَةِ : جُحودها ، عَدَم الاعْتِرافِ بِها ، نَفْيها وهو خلاف الإقرار أصرّ المتّهمُ على إنكار ما نُسب إليه.(12)
الانكار اصطلاحاً : يعني إنكار القرض العام إعلان الدولة امتناعها عن سداد القرض وفوائده. وقد يكون الانكار بصورة علنية كأنكار مصر لديونها عام 1876 واسبانيا عام 1820 , أو ان يتم الانكار بصورة مستترة ويحدث عندما تلجأ الدولة الى تخفيض قيمة عملتها الوطنية عن طريق التوسع في الاصدار النقدي وما يرتبه من انهيار قيمة العملة وتضائل عبء القروض العامة وذلك مثال ما حدث في المانيا عام 1924 حيث أصدرت الحكومة عملة جديدة تحل محل عملتها القديمة التي فقدت قيمتها.(13)
وهو أسلوب ينافي العدالة ويضعف ثقة الأفراد في الدولة، وقد يعرض الدولة إذا كان القرض خارجياً لخطر التدخل السياسي والاقتصادي والعسكري الخارجي، وغالباً ما تلجأ إليه الدولة، لظروف اضطرارية كإجراء إصلاح اجتماعي هام، وأيا كان الأمر فهو إجراء شاذ، وتلجأ إليه بعض الدول في حالات خاصة، وبكثير من الحذر. كما انه يتصور في حالة القروض الداخلية وكذلك القروض الخارجة, كما انه يتصور حدوثه في القروض المؤبدة والمؤقتة.
وازداد انتشار هذهِ الظاهرة في القرن التاسع عشر؛ نتيجة لكثرة الحروب والثورات, وان الدولة كانت تقترض بشروط شديدة من حيث ارتفاع اسعار الفائدة واقساط السداد.(14)
المطلب الثاني
ذاتية انكار القرض العام
قد تتشابه عملية انكار القرض مع غيرها من صور انقضاء القرض العام من ناحية عدم دفع الدولة لقيمة القرض في الوقت المحدد, الا انها تختلف عنها من ناحية الاثار القانونية والمشروعية كالتنازل عن القرض العام, وتثبيت القرض العام, وتبديل القرض العام.
وهذا ما سنوضحه في فرعين.
الفرع الأول
تمييز الانكار عن التنازل عن القرض العام
يقصد بالتنازل عن القرض العام: ان يتنازل الدائنون بما لهم من ديونهم على الدولة وذلك لإظهار مساندتهم للدولة وغالباً ما يتحقق هذا التنازل في حال تعرض الدولة لازمات كبرى كالحروب أو كوارث طبيعية او انهيار النظام المالي نتيجة تغير نظام الـــــــــــحكم من النظام الاشتراكي الى النظام الرأسمالي. ففي هذهِ الحالة يقوم الدائنون المتمكنون مادياً بالتنازل عما لهم في ذمة الدولة.(15)
ومن الامثلة التاريخية عن التنازل عن القرض العام ما قام به المواطنون الايطاليون بتسليم سنداتهم لحكومة موسوليني عام 1928 والذي قام بحرقها بمناسبة الذكرى السادسة لتأسيس الحكم الفاشي في ايطاليا.
وكذلك قد يتوصل الطرف المدين من خلال المفاوضات الى اطفاء جزء من مديونيته عن طريق التنازل عنها أو عن جزء منها من قبل الطرف المقرض وبالأخص في حالة ما يسمى بالديون الكريهة.
وقد توصل العراق بعد عام 2004 عن طريق المفاوضات الى اطفاء جزء من ديونه التي رتبها عليه النظام السابق بموجب اتفاقية نادي باريس حيث توصل العراق إلى اتفاق على تخفيض ديون الدول الدائنة من أعضاء النادي بنسبة ۸۰ % من مجموع المديونية البالغة ۳۹٫۹ مليار دولار وفق ضوابط وإجراءات مشروطة يجب على العراق تطبيقها ومنها:
- إعادة النظر بأسعار المشتقات النفطية لموازنة الأسعار مع ميزان الأسعار في دول الجوار.
- رفع الدعم عن البطاقة التموينية واستبدالها بتعويض نقدي .
- التوجه نحو خصخصة شركات القطاع العام .
- فتح مجالات للاستثمار الأجنبي .(16)
وبذلك يلاحظ الفرق بين كل من الانكار والتنازل على الرغم من اتفاق الاثنين في عدم دفع مبلغ القرض وتصور حدوثهما في أي نوع من أنواع القروض, الا انهما يــفترقان من عــــــدة وجوه منها :
- قبول الطرف الدائن: في حالة التنازل نلاحظ ان الدائن هو الذي يعلن رغبته وبإرادته في التنازل عن قيمة القرض للدولة لأسباب يقدرها هو.
أما في الانكار: فأن الدولة (المدين) هي التي تعلن وبإرادتها عزمها عن عدم السداد لأسباب شعورها بعدم العدالة في القرض أو في حالة حدوث تغيرات سياسية أو ثورات وانقلابات أو لأسباب أخرى كما سنرى لاحقاً.
- انطفاء القرض العام: في حالة التنازل ينتهي القرض العام وتتخلص الدولة من عبء القرض بصورة نهائية.
أما في حـــالة الانكار فـأن المسألة تثير العديد من الاشكاليات التي تضع الدولة أما م المسؤولية القانونية وتبقى مدينة بمبلغ القرض ولا ينتهي ويرتب عليها فوائد متراكمة.
الفرع الثاني
تميز الانكار عن تثبيت القرض العام
ويقصد به: قيام الدولة بتحويل القرض من قرض قصير الأجل لدى حلول ميعاد استحقاقه إلى قرض متوسط أو طويل الأجل، وذلك بأن تلجأ الدولة إلى إصدار قرض جديد بسعر فائدة أعلى، وترخص لأفراد حاملي سندات القرض القديم بالاكتتاب في هذا القرض الجديد بقيمة سنداتهم وإذا ما رغب هؤلاء الأفراد في رد قيمة سنداتهم فترد إليهم من حصيلة القرض الجديد.
وبذلك فأن عملية تثبيت القرض هي اختيارية غالباً ويقبل عليها المكتتبين كونها تمنحهم اسعار فائدة أعلى فضلاً عن المزايا الاخرى التي تعرضها الدولة لجذب المكتتبين الى تثبيت سنداتهم.
ولكن في بعض الاحيان يكون التثبيت اجبارياً, حيث تجبر الدولة المكتتبين على الاكتتاب بالسندات الجديدة بدلاً من السندات القديمة التي حل أجلها, وفي ذلك اخلالاً بشروط العقد الذي عقد بين الطرفين لذا يجب ان لا تلجأ اليه الدولة؛ لأنه يؤثر على مقدار الثقة المالية والائتمانية بالدولة.(17)
وبذلك يلاحظ الفرق بين تثبيت القرض العام وانكاره, حيث ان تثبيت القرض العام يتضمن اعتراف الدولة بقيمة القرض وبحق صاحب الحق وتعلن عزمها عن رده الى المكتتبين ولكن بتعديل في مدد السداد المتفق عليها مقابل تقديمها العديد من الامتيازات والضمانات لهم.
بعكس الانكار الذي يتضمن عدم اعتراف الدولة بحقهم وانكار قيمة القرض بأكملها عليهم دون أي تعويض أو ضمانات تمنح لهم مقابل ذلك.
الفرع الثالث
تميز الانكار عن تبديل القرض العام
ويقصد بتبديل القرض العام : قيام الدولة بتغيير سندات قرض قديمة بسندات جديدة تحمل نفس القيمة الاسمية ولكن بأسعار فائدة أقل من الأسعار الأصلية بمعنى انقضاء الدين القديم ونشأة دين جديد بسعر فائدة أقل.
وهو ايضاً قد يكون إجبارياً: حيث تفرض الدولة على حاملي سندات القرض القديم هذا الإجراء بالاكتتاب في القرض الجديد، وفي هذا إضعاف للثقة المالية بالدولة.
وقد يكون هذا الإجراء اختيارياً: حين يكون للأفراد الخيار بين الاكتتاب في القرض الجديد، ولا يقبل الأفراد على هذا الإجراء، إلا إذا عوضتهم الدولة عن انخفاض سعر الفائدة بمجموعة من المزايا.
وبوجه عام فأن هناك شرطين لنجاح عملية تبديل الدين.
1- هو أن تكون عملية التبديل ذاته بمناسبة الانخفاض العام لأسعار الفائدة في السوق .
2- اختيار الدولة للوقت المناسب عندما تجرى عملية التبديل فكلما كانت ظروف النشاط الاقتصادي العام بالدولة مؤاتيه أدى ذلك إلى ارتفاع قيمة السندات الحقيقية مما يجعل عملية التبديل وخفض سعر الفائدة ميسوراً.(18)
وبذلك تمتاز عملية تبديل القرض عن انكاره في انها تتضمن عزم الدولة عن رد مبلغ القرض الى الدائنين ولكن بتعديل في سعر الفائدة مع اعطائها قدر من الحرية للدائنين من الموافقة على عملية التبديل من عدمه غالباً.
كما ان عملية التبديل تصاحبها منح مزايا للمكتتبين بسندات القرض تشجعهم على تبديل القرض بعكس عملية الانكار التي لا يقابلها أي مزايا لهم وتضرب ارادتهم عرض الحائط.
المطلب الثالث
أسباب انكار القرض العام والامتناع عن تسديده
قلنا ان الدولة في بعض الاحيان قد تعلن عن انقضاء القرض العام الذي عليها وتعلن عزمها على عدم السداد وعدم تنفيذ التزاماتها المحددة في عقد القرض. ولكن ما هي الاسباب التي تدفع الدولة لمثل هكذا اجراء؟؟
في الحقيقة هناك جملة أسباب تدفع الدولة الى انكار قروضها سواء الداخلية منها أو الخارجية وهذا ما سنوضحه في هذا المطلب وبعدة نقاط.
أولاً:– عدم قدرة الدولة مالياً على الوفاء بالتزاماتها تجاه الدائنين وهو ما يطلق عليه في بعض الاحيان افلاس الدولة؛ وذلك يحدث غالباً عند خروج الدولة من ازمات اقتصادية صعبة أو من توازنات سياسية واقتصادية مدمرة, كما فعلت كل من البرازيل والأرجنتين تجاه مقرضيها. وان مثل هكذا تصرف يسئ الى الدولة وسمعتها المالية ويعدم ثقة المجتمع الداخلي والدولي باقتصادها.(19)
لذلك يجب ان تراعى الدولة عند اصدار القروض مدى استيعاب الاقتصاد القومي لها ومدى قدرتها على سداد القروض العامة حتى لا تلجأ الى انكار قروضها ومن ثم فقد الثقة بها سواء من قبل الافراد أو المجتمع الدولي.
ثانياً:- تلجأ الدولة الى انكار الدين العام حينما تكون قد تعرضت لغبن وظلم عن عقد القرض العام. كأن تكون قد فرضت عليها شروط مجحفة.
حيث ان شعار ( لا توجد وجبة مجانية) أضحى شعار يسيطر على العلاقات الاقتصادية الدولية في مختلف المجالات ومنها تدفق رؤوس الاموال سواء في صورة استثمارات أو معونات أو قروض, ففي الغالب يفرض الطرف الأقوى (المقدم لهذهِ الاموال) شروط على الطرف الاضعف ( المتلقي لهذهِ الأموال) سواء من حيث أسعار الفائدة أو اجال السداد وطريقة السداد. فقد انتهى زمن تساهل الدول في إعطاء القروض بعدما تجرأت دول أمريكا اللاتينية على انكار ديونها الخارجية وتوقفها عن السداد عام 1982 بسبب تفاقم الاختلالات الاقتصادية التي عرفت باسم ازمة المديونية العالمية وشجع ذلك العديد من الدولة النامية على انكار قروضها فكانت هذهِ الحادثة بداية لإعادة النظر في شروط الاستدانة الخارجية.(20)
وهذا ما نلاحظه في العراق في القروض الاخيرة التي قدمها البنك الدولي فمن ضمن هذهِ الشروط هو أن يكون هناك مصالحة وطنية وتسويات سياسية؛ و ذلك بسبب الخشية عـــلى الأموال من أن تتعرض إلى السرقات والاختلاسات أو أن تبتعد عن الأهداف أو أن تعالج قضايا تخص أطرافا معينة دون الأطراف الأخرى، وهو قليلا ما يحدث أن يقوم صندوق النقد الدولي بالبحث في قراراته عن الجنبة السياسية، لكن نلاحظ ذلك في العراق والصومال والدول التي تعاني الصراعات الداخلية خشية على هذه الأموال، خصوصا وأن هذه الأموال مرتفعة جدا ولابد من وضع الضمانات التي بها يمكن أن تسترجع الأموال”. وهناك من يرى ان هذهِ الشروط تعد تدخلاً في الشؤون الداخلية والسياسية للدولة
لذا فقد تشعر الدولة المقترضة في بعض الاحيان بالظلم والاجحاف فيما أملي عليها من شروط فتلجأ الى انكارها والتوقف عن سدادها.
ثالثاً:- كما انها قد يكون لها اهداف اجتماعية خاصة اذا كان المقرضين من أغنياء القوم وهذا ما يحدث في القروض الداخلية حيث ترغب الدولة في تقليص السيولة النقدية لدى هذهِ الطبقة وتقليل الفوارق الطبقية بين الافراد فتنكر الدولة قروضهم وتعلن رغبتها بعدم سداد ما تبقى عليها من القرض لهم أو بعدم دفع فوائد هذهِ القروض .
رابعاً:- تغير النظام السياسي في الدولة, أو حصول تغيرات سياسية كبرى ناتجة عن قيام ثورة اشتراكية أو انقلاب كما حدث في الاتحاد السوفيتي (سابقاً) بعد ثورة 1917 حيث رفض الاتحاد دفع الديون التي عقدت في زمن القياصرة. (21)
المطلب الرابع
اثار انكار القرض العام
ان انكار الديون العامة ينجم عنه مشاكل ومخاطر تهدد كيان الدولة وأمنها السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وتظهر هذهِ المخاطر على الصعيدين الداخلي والخارجي. وهذا ما سنوضحه في فرعين.
الفرع الأول
الاثار على الصعيد الداخلي
يلاحظ البعض انه لا يوجد أي اجراء قانوني أو عقابي تجاه امتناع الدولة عن الوفاء بالقروض العامة الداخلية حيث تتمتع الدولية بسلطة عامة ومطلقة في هذا المجال بالنظر لما تتمتع بهِ من سيادة على اقليمها ومواطنيها. وكل ما يؤدي اليه الانكار هو قيام حالة من عدم الثقة بين الافراد والدولة وما ينجم عنه من عدم امكان الدولة مستقبلاً من الحصول على ما ترغب بهِ من قروض بسبب تخوف الافراد من الاكتتاب بها مع الدولة بسبب انعدام الثقة المالية بها مما يجعل الدولة أمام حلول أخرى لا تخلو من المخاطر وهي الاصدار النقدي الجديد, أو الضرائب, أو الاقتراض الخارجي.(22)
الا اننا نرى عكس ذلك حيث ان انكار الدولة لقروضها الداخلية أو الخارجية هو اجراء لا يتفق مع العدالة ولا يتفق مع العناصر التي تقوم عليها الدولة القانونية والتي من اهمها المشروعية أي خضوع الجميع من الحكام والمحكومين للقانون.
ومن خلال مراجعة القوانين نلاحظ بأن المقرض يمكنه مقاضاة الدولة أمام المحاكم والمطالبة بحقه القانوني, الا ان بعض الاجراءات لا يمكن تطبيقها على الدولة حيث لا تستقيم مع سلطة الدولة وطبيعة شخصيتها المعنوية.
فمن المتفق عليه من خلال بيان التكييف القانوني للقرض العام توصلنا الى انه عقد من عقود القانون العام ويترتب على هذهِ الطبيعة وجوب احترام الدولة لشروط القرض العام وعدم المساس بها الا بموافقة المقرضين أو بما لا يتعارض مع مصالحهم فلا يمكنها ان تغير في شروط القرض بإرادتها المنفردة على نحو يضر بمصالح المكتتبين .(23) ويسمى في القانون الاداري بعقد القرض العام الذي عرفه الفقه الاداري بأنه: عقد يقرض بمقتضاه أحد الاشخاص الخاصة أو العامة مبلغاً ممن المال الى الدولة او الى شخص من أشخاص القانون العام مقابل تعهدها أو تعهده بدفع فائدة سنوية محددة ويرد القرض في نهاية الأجل المحدد. لذا فأن على الدولة ان تحافظ على التوازن المالي للعقد وان كان بإمكانها بمقتضى ما تملكه من سلطة عامة في اجراء تعديلات على العقد أو حتى انهاءه بإرادتها المنفردة الا ان ذلك لا يعني الاضرار بالطرف الاخر المتعاقد معها .
ففي حالة اخلال الدولة بالتزاماتها يعرضها الى المسؤولية العقدية ويستطيع ان يطالب بالتعويض بدعوى اخلال الادارة بتنفيذ التزاماتها التعاقدية أمام محكمة القضاء الاداري كونها المختصة بالنظر في صحة الأوامر والقرارات التي تتخذها الدولة حيال المواطنين.(24)
فضلاً عن ذلك ان سندات القرض تعد سندات تنفيذية قابلة للتنفيذ فوراً؛ وذلك لكونها من السندات المتضمنة اقراراً بدين على حسب ما نصت عليه المادة (14/ب) من قانون التنفيذ العراقي رقم 40 لسنة 1980. الا انه لا يستطيع الحجز على أموال الدولة لاقتضاء حقه منها أو التنفيذ عليها كونها من الاموال التي لا يجوز الحجز عليها وذلك ما نصت عليه الــــــــــــــمادة (62/ أولاً) من ذات القانون أعلاه.
وبذلك نلاحظ ان حرية الدولة في انهاء القرض بالإنكار لا يعفيها من القرض ولا المسؤولية القانونية مهما كانت الاسباب التي تدفع الدولة الى الانكار.
الفرع الثاني
الاثار على الصعيد الدولي
ان الاخطار التي تنجم عن انكار القروض الخارجية أعظم مما هي عليه في انكار القروض الداخلية؛ وذلك بسبب العنصر الدولي الذي تضمنه العقد, حيث ان المشكلة سوف لا تقتصر على حدود الدولة وانما يمتد الى دولة أو دول أخرى تمثل الطرف الدائن في العقد.
حيث ان انكار الدولة لقروضها الخارجية من شأنه ان يعرض مصداقيتها الدولية للتشكيك.
كما قد يؤدي ذلك الى لجوء الدولة للمقاطعة الاقتصادية والامتناع مستقبلاً عن تقديم القروض لها.
كما انه يشكل حافراً لاتخاذ بعض الاجراءات العسكرية والسياسية والاقتصادية ضدها.
كما انه يؤدي الى التدخل في شؤونها الداخلية وربما يتفاقم الأمر الى حدوث نزاعات عسكرية.
لذلك قلما تلجأ الدول لمثل هكذا اجراء وغالباً ما تعترف بديونها وتبدي استعدادها للتسديد وان كانت هذهِ الديون قد نشأت عن حكومات سابقة.(25)
ونلاحظ ان الدول والمؤسسات الدولية التي تقدم القروض غالباً ما تشترط لنفسها في عقد القرض ضمانات معينة لضمان استرجاع القروض والفوائد وفق المواعيد المتفق عليها لا سيما في الدول التي تعاني من ازمات وصراعات داخلية تدعو الى التخوف على مستقبل القرض فيها.
وهذا ما لاحظناه في القروض التي قدمها البنك الدولي مؤخراً للعراق حيث يمكنه لضمان استرجاع الأموال في حالة انكارها طلب المساعدة من الأمم المتحدة وحتى فرض عقوبات من خلال مجلس الأمن، وكذلك يمكن اقتطاعها من عائدات النفط، ولهذا يشترط صندوق النقد الدولي في أن يكون توزيع الأموال عادلا وفق تسويات ومصالحات بحيث يضمن الأرضية المناسبة في استرجاع الأموال”.(26)
وما يلاحظ في حالة انكار القروض الخارجية انها غالباً ما تتم التسوية بين الدورة المقترضة والمقرضة بالصلح عن طريق تقديم التنازلات من كلا الجانبين بدلاً من الدخول في صراعات قد تكلف اضعاف مبلغ القرض أو ضياع الحق بالكامل لا سيما اذا كان بين الدولتين نقاط ارتباط اقتصادية أو سياسية أو دينية أو تاريخية…الخ.
الخاتمة
أولاً: النتائج
- بينا ان الطبيعة القانونية للإيرادات العامة استقرت على اعتباره عقد وانه اقرب الى العقود الادارية؛ ذلك لان احد طرفيه هو الدولة وهي الشخص المعنوي العام الذي يتولى ادارة المرافق العامة في الدولة وتمتاز عن الطرف الاخر الدائن بما تملكه من سلطات وامتيازات السلطة العامة.
- كما بينا ان الدولة في بعض الاحيان قد تنكر قروضها الداخلية أو الخارجية عندما تعجز عن وفاء هذهِ القروض, أو عندما تكون هناك ازمات سياسية أو اقتصادية أو كوارث طبيعية, أو تشعر بالغبن بالقرض من خلال الشروط المفروضة عليها. وبينا ان هذا الانكار لا يعفي الدولة من ديونها.
- يرتب الانكار المسؤولية القانونية على الدولة ولا يؤدي الى انقضاء القرض حيث تبقى الدولة مسؤولة عن ديونها وتتعرض احياناً للمسؤولية الدولية واثارت الرأي العام ضدها والمقاطعة الاقتصادية , فضلاً عن ترتيب الفوائد التأخيرية عليها, وقد تتعرض للمقاضاة من قبل مواطنيها أمام المحاكم الوطنية.
- ذكرنا ان الدولة في بعض الاحيان قد تلجأ الى اتخاذ اجراءات تؤجل فيها تسديد القرض ولا يعني هذا انكارها وانما تعدل في بعض شروط العقد جبراً أو رضاءً مع الطرف الدائن, كأن تعدل مدد السداد أو سعر الفائدة, الا انها في كل الاحوال تبقى معترفة بالتزامها وعزمها على السداد.
ثانياً: الاقتراحات
۱ . بالنظر لخطورة الاثار التي تترتب على القروض الخارجية وعدم قدرة الدولة على اجراء أي تعديل عليها الا بموافقة الدولة الاخرى بعكس حريتها المعقولة في حدود القروض الداخلية لذا يكون وضع الدولة المالي أأمن في حالة الاقتصار على الاقتراض الداخلي وتشجيع الافراد على اقراض الدولة عبر منحهم المزايا والضمانات لا سيما في القروض القصيرة والمتوسطة الأجل.
۲ . العمل على توثيق الصلات والتعاون في المجالات المالية بين العراق والمؤسسات المالية الدولية لا سيما صندوق النقد الدولي, والدول ايضاً لبعث الشعور بالأمان والاطمئنان بالوضع الأمني والاقتصادي العراقي لدفع الدول والمؤسسات التي تقدم القروض للعراق لا سيما في هذهِ الفترة الحرجة الى التقليل من شدة الشروط المفروضة والضمانات التي تطلبها لضمان استيفاء ديونها. وهذا ما لاحظناه في القرض الأخير الذي قدمه صندوق النقد الدولي للعراق حيث فرض شروط تعجيزية منها ما يتعلق بالسياسة المالية في الدولة كتوقف التعينات وتقليل الدعم للبطاقة التموينية, ومنها ما يتعلق بالامور الداخلية والسياسية للدولة كأجراء المصالحة الوطنية.
لذا لو تم استرجاع ثقة المجتمع الدولي بوضع العراق الاقتصادي والسياسي سوف يكون التعامل المالي مع المجتمع الدولي أسهل.
- ان أهم ما نود الاشارة اليه هو ان انكار الدولة لقروضها لا سيما الداخلية منها لا يؤدي فقط الى زعزعة الثقة بها وعدم اقبال الافراد على اقراضها مجدداً وهذا ما قالت به اغلب الشروحات حيث رتبت على الدولة مسؤولية أدبية دون المسؤولية القانونية. ولكن وضحنا الى ان الانكار يرتب مسؤولية قانونية كونها أخلت بالتزام عقدي وان كانت لها سلطة في تعديل هذا الالتزام بعض الشيء الا ان ذلك لا يعني اعفائها نهائياً من المسؤولية القانونية. وبما انه عقد القرض هو عقد ذا طبية ادارية لذا فأنه يمكن اثارت مسؤولية الدولة عن اخلالها بالتزامها العقدي امام محكمة القضاء الاداري مع مراعاة وضع الدولة في بعض الاجراءات التي لا يمكن ان تطبق على الدولة.
- في حالة احساس الدولة بالظلم والاجحاف في شروط القرض أو سعر الفائدة المفروضة عليها حيث يعد هذا السبب هو العامل الرئيسي في اتجاه الدولة لإنكار قروضها, ان تلجأ الى الوسائل القانونية والمفاوضات لإعادة جدولة هذهِ الديون لمعالجة ذلك الاجحاف دون اللجوء الى الانكار؛ لان ذلك حتماً سيزيد الوضع المالي للدولة سوء, حيث يؤدي الى ترتيب الفوائد التأخيرية عليها فضلاً عن أصل القرض وفائدته, ومن ناحية أخرى يثير الرأي العام ضدها وموقف المؤسسات المالية مثل صندوق النقد الدولي مما يحرمها من مساندة الدول لها كونها قد أخلت بالتزاماتها وبالثقة الدولية بها.
الهوامش
1. محمد بن أبي بكر بن عبد القادر, مختار الصحاح, ط1, دار الكتاب العربي, بيروت, , ص 530, 1967.
2. د. طاهر الجنابي, علم المالية العامة والتشريع المالي, المكتبة القانونية , بغداد, بلا سنة طبع, ص 68. د. رائد ناجي أحمد, علم المالية العامة والتشريع المالي في العراق, المكتبة القانونية, بغداد, ص 51, 2012.
3. د. حامد عباس محمد, القروض العامة, محاضرات القيت على طلبة قسم القانون/المرحلة الثانية في كلية القانون/ جامعة بابل, في 23/11/2011.
4. م.م عذراء كاظم حنون, الاساس القانوني لعقد القرض العام, بحث منشور في مجلة جامعة واسط/كلية القانون, العدد 22, سنة 2016, ص 271 وما بعدها.
5. د. حيدر وهاب عبود, دراسة في الطبيعة القانونية للقروض العامة, بحث منشور في مجلة كلية القانون/الجامعة المستنصرية.
6. د. طاهر الجنابي, مرجع سابق, ص 74 وما بعدها.
7. د. كمال عبد حامد زياره, المالية العامة والتشريع المالي, محاضرات القيت على طلبة المرحلة الثانية, كلية القانون/جامعة أهل البيت, ص 31, للعام الدراسي 2018,2017. د. رائد ناجي أحمد, مرجع سابق, ص 57 وما بعدها. د. بان صلاح عبد القادر, اصدار القرض العام, بحث منشور في مجلة كلية القانون/جامعة بغداد, العدد 17, سنة 2016, ص 148.
8. د. كمال عبد حامد زيارة, مرجع سابق, ص 34.
9. د. طاهر الجنابي, مرجع سابق, ص 86. د. كمال عبد حامد زيارة, مرجع سابق, ص 35.
10. د. حامد عباس محمد, انقضاء القرض العام, محاضرات القيت على طلبة المرحلة الثانية في كلية القانون/ جامعة بابل, في 8/12/2011.
11. م.م عذراء كاظم حنون, مرجع سابق, ص 278 وما بعدها, د. رائد ناجي أحمد, مرجع سابق, ص 65 وما بعدها.
12. معجم المعاني الجامع, منشور على الموقع الالكتروني http://www.almaany.com
13. م.م عذراء كاظم حنون, مرجع سابق, 280.
14. د. رائد ناجي أحمد, مرجع سابق, ص 66.
15. د. مريم عثمان. د. لطفي بو سحلة, النظام القانوني لعقد القرض العــــــــــام(دراسة مقارنة), ط1, مركز الدراسات العربية, ص 11, 2016.
16. د. نور شدهان عداي, تحليل مسارات الدين العام للمدة 2010 – 2014, وزارة المالية/الدائرة القانونية, ص 13, 2016.
17. د. رائد ناجي أحمد, مرجع سابق, ص 67 وما بعدها.
18. د. سعيد علي العبيدي, اقتصاديات المالية العامة, ط1, دار دجلة للنشر, بغداد, ص 171, 2011.
19. المرجع السابق نفسه, ص 172.
20. م.م عذراء كاظم حنون, مرجع سابق, ص 280.
21. د. مريم عثمان. د. لطفي بو سحلة, مرجع سابق, ص 273 وما بعدها.
22. د. رائد ناجي أحمد, مرجع سابق, ص 66.
23. المرجع السابق نفسه, ص 58 وما بعدها.
24. د. غازي فيصل مهدي. د. عدنان عاجل عبيد, القضاء الاداري, ط2, المكتبة الوطنية/بغداد, ص 137, 2013. د. علي محمد بدير. د. عصام عبد الوهاب البرزنجي. د. مهدي ياسين السلامي, مبادئ واحكام القانون الاداري, مكتبة السنهوري/بغداد, ص 492, 2012.
25. د. مريم عثمان. د. لطفي بو سحلة, مرجع سابق, ص 274.
26. منتدى العالم العربي, https://arabic.sputniknews.com.
المراجع
أولاً: المعاجم
- د. محمد بن أبي بكر بن عبد القادر, مختار الصحاح, ط1, دار الكتاب العربي, بيروت, 1967.
- معجم المعاني الجامع, منشور على الموقع الالكتروني http://www.almaany.com
ثانياً: الكتب
- د. سعيد علي العبيدي, اقتصاديات المالية العامة, ط1, دار دجلة للنشر, بغداد, 2011.
- د. رائد ناجي أحمد, علم المالية العامة والتشريع المالي في العراق, المكتبة القانونية, بغداد, ص 51, 2012.
- د. مريم عثمان. د. لطفي بو سحلة, النظام القانوني لعقد القرض العــــــــــام(دراسة مقارنة), ط1, مركز الدراسات العربية, 2016.
- د. غازي فيصل مهدي. د. عدنان عاجل عبيد, القضاء الاداري, ط2, المكتبة الوطنية/بغداد, 2013.
- د. علي محمد بدير. د. عصام عبد الوهاب البرزنجي. د. مهدي ياسين السلامي, مبادئ واحكام القانون الاداري, مكتبة السنهوري/بغداد, 2012.
- د. طاهر الجنابي, علم المالية العامة والتشريع المالي, المكتبة القانونية , بغداد, بلا سنة طبع.
ثالثاً: البحوث والمقالات
- د. حيدر وهاب عبود, دراسة في الطبيعة القانونية للقروض العامة, بحث منشور في مجلة كلية القانون/الجامعة المستنصرية.
- د. بان صلاح عبد القادر, اصدار القرض العام, بحث منشور في مجلة كلية القانون/جامعة بغداد, العدد 17, سنة 2016.
- م.م عذراء كاظم حنون, الاساس القانوني لعقد القرض العام, بحث منشور في مجلة جامعة واسط/كلية القانون, العدد 22, سنة 2016.
- د. نور شدهان عداي, تحليل مسارات الدين العام للمدة 2010 – 2014, وزارة المالية/الدائرة القانونية, 2016.
- د. كمال عبد حامد زياره, المالية العامة والتشريع المالي, محاضرات القيت على طلبة المرحلة الثانية, كلية القانون/جامعة أهل البيت, للعام الدراسي 2018,2017.
- د. حامد عباس محمد, القروض العامة, محاضرات القيت على طلبة قسم القانون/المرحلة الثانية في كلية القانون/ جامعة بابل, في 23/11/2011.
- د. حامد عباس محمد, انقضاء القرض العام, محاضرات القيت على طلبة المرحلة الثانية في كلية القانون/ جامعة بابل, في 8/12/2011.
رابعاً: المنتديات
- منتدى العالم العربي, https://arabic.sputniknews.com
خامساً: القوانين
- قانون تحصيل الديون الحكومية العراقي رقم 94 لسنة 2004.
- قانون التنفيذ العراقي رقم 40 لسنة 1980.