الخصائص الاسلوبية والسمات الأدبية لقصيدة (من ليس بالباكي) لأبي إسحق الألبيري - دراسة أسلوبية

Stylistic characteristics and literary features of the poem (Who is not a weeper) by Abu Ishaq Al-Albiri - a stylistic study

د. فيصل زيدان مزيد السلمي1

1 جامعة الملك عبد العزيز، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، المملكة العربية السعودية.

DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj61/2

المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/61/2

الصفحات: 16 - 36

تاريخ الاستقبال: 2024-12-04 | تاريخ القبول: 2024-12-15 | تاريخ النشر: 2025-01-01

Download PDF

المستخلص: تُعد الأسلوبية منهج لغوي ونقدي حديث، واتجاه جديد لقراءة النص بما يحمله من سمات وظواهر صرفية وصوتية وتركيبية ودلالية، وأهم سمات هذا المنهج هي بيان العلائق اللغوية في النص وربطها بشخصية الأديب الذي يتشكل النص في قالب من أحاسيسه وفكره، ويستخدم معجمه الشعري وتراكيبه الدالة في النص الأدبي . وتسعى هذه الدراسة لبيان الخصائص الأسلوبية والسمات الأدبية لقصيدة ( من ليس بالباكي ) للشاعرالأندلسي أبي إسحق الإلبيري، وهي قصيدة تحدث فيها الشاعر عن تطهير النفس من الآثام ولو بدمعة صادقة أو مستجلبة ، ثم تحدث عن الدنيا الخادعة في حوار متخيل بينه وبينها . كما سفه الشاعر رأي الدنيا وسلوكها وفعلها بمحبيها ، وختم بإعلاء شأن الزهد والصلاة على حضرة النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم - . وقد جاء البحث في مقدمة ، وتمهيد ، وثلاثة مباحث، ثم الخاتمة، والتي ذكرت فيها أهم النتائج التي جاء من أهمها : استخدام الشاعر لأسلوب التقديم والتأخير ، وهو من أكثر مباحث التركيب تحقيقا للانزياح , وذلك لكثرة اعتماد المبدعين عليه لغرض خلف دلالات جديدة وإثارة المتلقي .

الكلمات المفتاحية: من ليس بالباكي، أبو إسحق الألبيري، دراسة أسلوبية.

Abstract: Stylistics is a modern linguistic and critical approach, and a new direction for reading the text with its morphological, phonetic, syntactic and semantic features and phenomena. The most important features of this approach are the clarification of the linguistic relationships in the text and linking them to the personality of the writer, who shapes the text in the form of his feelings and thoughts, and uses his poetic dictionary and its significant structures in the text. Literary. This study seeks to explain the stylistic characteristics and literary features of the poem (He Who Is Not Weeping) by the Andalusian poet Abu Ishaq al-Ilbiri. It is a poem in which the poet talks about cleansing the soul from sins, even with a sincere or forced tear, and then he talks about the deceptive world in an imaginary dialogue between him and her. The poet also ridiculed the opinion of the world, its behavior, and its actions towards those who love it, and he concluded by exalting the importance of asceticism and prayers upon the presence of the Noble Prophet - may God bless him and grant him peace. The research included an introduction, a preface, three sections, and then a conclusion, in which I mentioned the most important results, the most important of which were: the poet’s use of the method of introduction and delay, which is one of the most important topics in composition that achieves shift, due to the large reliance of creators on it for the purpose of creating new connotations and exciting the recipient.

Keywords: Stylistic characteristics, literary features, Who is not a weeper.

مقدمة

الحمد لله رافع الدّرجات لمن انخفض لجلاله وفاتح البركات لمن انتصب لشكر أفضاله، والصلاة والسلام على من مدّت عليه الفصاحة رواقها، وشدّت به البلاغة نطاقها، المبعوث بالآيات الباهرة والحُجج المنزّل عليه قرآن عربيّ غير ذي عوج، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين ، وبعد :

فهذه دراسة أسلوبية لقصيدة ( من ليس بالباكي ) للشاعر الأندلسي أبي إسحق الإلبيري([1]) ، وهي قصيدة تحدث فيها الشاعر عن تطهير النفس من الآثام ولو بدمعة صادقة أو مستجلبة ، ثم تحدث عن الدنيا الخادعة في حوار متخيل بينه وبينها . كما سفه الشاعر رأي الدنيا وسلوكها وفعلها بمحبيها ، وختم بإعلاء شأن الزهد والصلاة على حضرة النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – .

والأسلوبية منهج لغوي ونقدي حديث، واتجاه جديد لقراءة النص بما يحمله من سمات وظواهر صرفية وصوتية وتركيبية ودلالية، وهي تجتهد كي تجعل الأسلوبية مستقلة، وأهم سمات هذا المنهج هي بيان العلائق اللغوية في النص والظواهر التي تعطيه بصمته الخاصة، وربطها بشخصية الأديب الذي يتشكل النص في قالب من أحاسيسه وفكره ، ويستخدم معجمه الشعري وتراكيبه الدالة في النص الأدبي .

وقد جاء البحث في مقدمة ، وتمهيد ، وثلاثة مباحث ، فالتمهيد وهو مدخل إلى الأسلوبية ، ثم المبحث الأول : وهو المستوى الدلالي ، والمبحث الثاني : المستوى التركيبي، والمبحث الثالث : المستوى الصوتي . ثم الخاتمة ، والله ولي التوفيق .

التمهيد : أولا : مدخل إلى الأسلوبية :

تعريف الأسلوب :

أ- لغة :

اختلفت التعريفات اللغوية للأسلوب باختلاف المعاجم حيث إنّ الأسلوب ينحدر لغة من مادة (س ل ب) حيث يعرّفه ابن منظر الإفريقي :قائل ” الأسلوب الطريق والوجه والمذهب ، يقال أنتم في أسلوب سوء ويجمع أساليب، والأسلوب الطريق والوجه والمذهب تأخذ فيه، والأسلوب بالضم الفنُّ يقال: أخذ فلان لأساليب من القول أي أفانين منه، وإن أنفه لفي أسلوب إذا كان متكبرا.”([2]) إذن فالأسلوب من هذه النّاحية اللّغوية يُقصد به الطّريق والمأخذ الّذي ينتهجه ويسلكه كلّ شخص، ووردَ في الـمُعجم الوسيط أيضا العبارة نفسها بأنّ الأسلوب هُو :”الطريق ويقال سلكت أسلوبا فلان في كذا طريقته، مذهب هو طريقة الكاتب في كتاباته ويقال أخذنا في أساليب من القول أي في فنون متنوعة([3])

فدلالة الأسلوب اللّغوية وفق هذه التعريفات تدلّ على: المنهج والمسلك، والطريق الّتي يسير عليها الإنسان في كلامه ويتبعها في طريقة حديثه .

ب–اصطلاحا:

عرف الأسلوب اصطلاحا مفاهيم عديدة ناجمة عن اختلاف تصورات المنظرين له، فمن تعريفات النقاد العرب القدامى نذكر ما يلي:

يقول ابن قتيبة : ” إنما يعرف فضل القرآن من كثر نظمه، واتسع علمه وفهم مذاهب العرب وافتنانه بالأساليب وما خص الله به لغتها دون جميع اللغات … فالخطيب من العرب إذا ارتجل كلاما في نكاح أو تحضيض أو أصلح أو ما أشبه ذلك لم يأت به من واد واحد ،بل يفتن فيختصر تارة إرادة التخفيف ويطيل تارة إرادة الإفهام ، ويكرر تارة إرادة التوكيد ، ويخفي بعض معانيه حتى يغمض على أكثر السامعين ويكشف بعضها حتى يفهم بعضها الأعجميين ويشير إلى الشيء ، ويكنى عن الشيء وتكون غايته بالكلام على حسب الحال ، وقدر الحفل وكثرة الحشد وجلالة المقام”.([4])

وانطلاقا من رؤية ابن قتيبة ، يتوضّحُ لنا بأنّ مفهوم الأسلوب في معهود العرب من وجهة نظره هُوَ طريقة إلقاء الكلام سواء كان نثرا أو شعرا ، وهذا ما تبناه الخطابي الذي تحدث عن نوع من الموازنة بين المعارضة والمقابلة حيث قال : ” وهو أن يجري أحد الشاعرين بأسلوب من أساليب الكلام وواد من أوديته ويقول أحدهما أبلغ في وصف ما كان من دؤاد الأيادي، والنابغة والجعدي في صفة الخير ، وشعر الأعشى والأخطل في نعت الخمر”([5]).

ومن هُنا يمكننا القول إن كل موضوع يطرحه الأديب يستلزم أسلوبا خاصا به وهذا ما ينجم عنه اختلاف الأساليب وتعددها فهو يربط بين الأسلوب والطريقة الفنية في الأداء باعتبار هذا الربط خير وسيلة لإدراك الإعجاز القرآني.

أمّا الباقلاني نجده يستخدمُ مصطلح (النّظم) بدلا من الأسلوب، حيث يرى أنّه طريقة من طرائق التعبير، ونوع من أنواع التأليف ، إذ يقول:” أما الكلام الذي بيّناه من إعجاز الواقع من النظم والتأليف والوضع فقد ذكرنا من هذا الوجه وجوها منها : أن قلنا: إنه النظم الخارج عن جميع وجوه النظم المعتاد في كلامه وميادين لأساليب خطابهم “([6])، والرّؤية نفسها ذهب إليها عبد القاهر الجرجاني انطلاقا من فكرة النّظم في تصوّره للأسلوب إذ اشترط معيار تناسق الدّلالة وتلاقي المعاني حيث يقول: “ليس الغرض بنظم الكلم إن توالت ألفاظها في النطق، بل إن تناسقت دلالاتها وتلاقت معانيها على الوجه الذي يقتضيه العقل”،([7]) فتصوّر الباقلاني والجرجاني يصبّ في المنحى نفسه حول مفهوم الأسلوب بوصفه طريقة في تأليف الكلام ، مقترنا بقواعد تجعل منها بِنْيَة مُتماسكة تتضح فيها المعاني وينجلي فيها المقصود من القول.

كما نجدُ أيضا أنّ الجاحظ: (159 هـ ـ 225 هـ): قد اهتم بالنص الشعري على صعيد الأسلوب وفي ضوء طرحه لتصوره له ، حيث تحدث عن النظم بمعنى حسن اختيار اللفظة المفردة اختيار موسيقيا يقوم على سلامة جرسها، واختيار معجم يقوم على ألفتها واختيار تصوير إيحائي يقوم على الظلال التي يمكن أن يتركها استعمال الكلمة في النفس، وكذلك حسن التناسق بين الكلمات المتجاورة تآلفا وتناسقا ([8])، وبناء على رؤية الجاحظ يتأكّد لنا أنّه يسير على تصوّر سابقيه واتفاقه معهم كَوْنُ الأسلوب مرتبط بنظرية النظم شريطة أن يكون تأليف الكلمات تأليفا محكما ، ويستلزم سلامة الألفاظ من حيث مخارجها وتناسقها.

أمّا ابن خلدون فيرى أنّ الأسلوب هُو ” عبارة عن المنوال الذي ينسج فيه التراكيب أو القالب الذي يفرغ فيه ولا يرجع إلى الكلام باعتبار إفادته أصل المعنى الذي هو وظيفة الإعراب (أي النحو) ولا باعتبار إفادته كمال المعنى من خواص التراكيب الذي هو وظيفة العروض ، إنما يرجع إلى صورة ذهنية للتراكيب منتظمة كليا باعتبار انطباقها على تركيب خاص، وتلك الصورة التي ينتزعها الذهن من أعيان التراكيب وأشخاصها ويعيدها في الخيال كالقالب والمنوال، ثم ينتقي التراكيب الصحيحة عند العرب باعتبار الإعراب والبيان فيرصّها فيه رصًّا….([9])“، فالأسلوب عند ابن خلدون هو القالب الذي تنصهر فيه المستويات النحوية والصوتية والدلالية، يستجمعه منوال محدّد بوصفه إطارا لجميع القيم اللغوية والفنية ، الّتي تؤدّي وظيفتها اللّسانية في مقام تواصليّ معيّن .

أ-عند المحدثين:

من المحدثين الذين اجتهدوا في تعريف الأسلوب عندنا أحمد الشايب الذي عرّف الأسلوب بقوله : ” فن من الكلام يكون قصصا أو حوار أو تشبيه أو مجازا أو كناية أو تقريرا أو حكما أو أمثالا([10]).

والأسلوب: طريقة الكتابة أو طريقة الإنشاء أو طريقة اختيار الألفاظ وتأليفه للتعبير بها عن المعاني قصد الإيضاح والتحليل والتأثير([11])“.

والأسلوب حسب نظرة عبد القادر عبد الجليل هو “: باعتباره منبرا لغويا فإنه رؤية الفكر ورؤية المتلقي له، إذا حمل خاصية التعدد وهو ينهض على مرتكزات بيانية ثلاثة: التفكير، التصوير والتعبير ([12]).”

من خلال هذه التعريفات يمكن القول أن الأسلوب هو السبيل أو المذهب أو الطريق الذي يسلكه الكاتب من أجل أن يقدم عملا فنيا تقبله الأذواق السامي

وحاول أمين الخولي تعريف الأسلوب انطلاقا من البلاغة ولذا نجده يطرح: ألوان من التخلية والتحلية بالنسبة لبلاغتنا لتأخذ طابعا عصريا” ([13])، فقد حاول أمين الخولي التجديد في ميدان البحث البلاغي رابطا بين المستويات الفكرية التي يتمتع بها كل من المتلقي والمبدع.

ب- عند الغرب :

اعتنى الغربيون بمفهوم الأسلوب، فكانت لهم وجهات نظر مختلفة حول مفهومه نذكر:

بوفون ( : (BUFFON

عالم في الطبيعيات وأديب في الوقت نفسه (1707-1788 (اهتم كثير بقيمة اللغة التي تكتب لها الآثار بعامة ،واعتبر أن اللغة في صياغتها ونظام الأفكار التي تحملها إنما تكشف عن شخصية صاحبها ، حيث يعرف الأسلوب بقوله : “الشخص هو الأسلوب أو الأسلوب هو الشخص”([14])

والأسلوب عند بوفون مرتبط بالمتكلم، فقد ساوى بين الإنسان والأسلوب نتيجة أن الأسلوب يعبر عن مجموعة التفاعلات الشخصية المولاة الأدبية والاستعدادات اللغوية.. وهذا ما يبرر اختلاف الأسلوب من شخص إلى آخر.

أما بيار جيرو فعرفه بأنه: “المظهر الذي ينجم عن اختيار وسائل التعبير يظهر من تعريف والتي بدورها تحددها مقاصد المتكلم أو الكاتب وطبيعته”([15])

بيار جيرو يرى أن المخاطب أثناء بثه للخطاب يقوم باختيار وسائل التعبير وذلك انطلاقا من بيئته الاجتماعية وحالته النفسية والأهداف المراد الوصول إليها، من خلال ما سبق يمكن القول أن الأسلوب هو العلم الذي أفادت منه المناهج النقدية الأخرى وبخاصة المناهج التي تسعى إلى التعامل مع النقد الأدبي.

2/ الأسلوبية :

لطالما كان الحديث عن الأسلوبية أمرا عويصا وبالغ الاهمية ، لما أحدثه ظهورها في ساحة النقدية وسط الدارسين والنقاد، كما أن تحديد مفهومها صعب المنال ، فكل ناقد يعرفها حسب وجهة نظره وينظر إليها من زاوية اهتمامه.

فنجد عبد السلام المسدي يرى بأنها: ” مصطلح يتكون من جذرين هما أسلوب ولاحقة فالأسلوب ذو مدلول أنساني ذاتي نسبي، واللاحقة تختص بالبعد العلماني والعقلي وبالتالي موضوعي وبذلك تعرف الأسلوبية بداهة بالبحث عن الأسس الموضوعي لإرساء علم الأسلوب ” ([16])“.

وبهذا المعنى يرى المسدي أن مصطلح الأسلوبية نظرية علمية نقدية مطابقة لعلم الأسلوب، هذا يعني أن الأسلوبية علم يدرس الخطاب الأدبي لكشف القيم الجمالية فيه، والبحث في طرافة الإبداع وتميز النصوص مستعين بآلية اللغة والبلاغة والنقد .

يرى المسدي: ” إن الأسلوبية صلة اللسانيات بالأدب ونقده ، تنتقل من دراسة الجملة لغة ّإلى دراسة اللغة نصا ، فخطابا فأجناس ” .([17])

أي أن الأسلوبية مرتبطة باللسانيات ومنها تنتقل من دراسة الجملة إلى دراسة النصوص الخطابات والأجناس ويصفها بأنها:

” البحث عن الأسس الموضوعية لإرساء علم الأسلوب ثم يقول وهي تعنى بدراسة الخصائص إلى وظيفية التأثيرية والجمالية” ([18]) .

فالأسلوبية حسب رأيه هي البحث عن القيمة التأثيرية للعناصر، اللغوية، ومدى ارتباط هذه العناصر بعضها ببعض لتشكل النظام اللغوي المعبر.

وقد نشأت الأسلوبية ترعرعت على أنقاض البلاغة، على الرغم من كونها جزءا لا يتجزأ من اللسانيات ، وإلى هذا الرأي يشير عبد المالك مرتاض :

” الأسلوبية بالرغم من أنها من اللسانيات لا يمكن لأي كان أن ينكر قيامها على أنقاض البلاغة بفروعها الثلاث المعنى ، البيان والبديع”.([19])

فالأسلوبية بالرغم من كونها منهجا موضوعيا وعلما إلا أنها تعتمد على البعد الفني لإبراز قيمتها الجمالية والفنية و هي تطبيق عملي تقوم على التحليل لكشف القيم الجمالية معتمدة في ذلك على اللغة النقد والبلاغة .

اما عند الغرب فقد قدم الباحثون الغرب تعاريف عديدة للأسلوبية ومن أبرز ممثليها:

أ- شارل بالي:(BALLY CHARLES : ” الساني سويسري ، (1865 ،1947) وهو يعتبر المؤسس للقواعد الأسلوبية في العصر الحديث والذي يرى أنها: “العلم الذي يدرس وقائع التعبير اللغوي من ناحية محتواها العاطفي أو التعبير عن واقع الحساسية الشعورية من خلال اللغة غير هذه الحساسة “([20])

يرى بالي أن الأسلوبية هي علم يقوم على دراسة الواقع اللغوي أي ربط الدراسة الأسلوبية بالواقع الاجتماعي الذي لا يتم التعبير عنه إلا بواسطة اللغة، هذا بالنسبة لمفهوم بالي للأسلوبية.

أي إن الأسلوبية عنده تندرج ضمن علم اللسانيات ومن ثمة نجد أن النصوص تخضع للمستويات الأربعة : صوتية صرفية ، تركيبية دلالية ، في حين يعرفها أولمان وهو إنجليزي ولد في 1914 اهتم بعلم الدلالات : ” وهي من أكثر اللسانيات صرامة على ما يعتري غائيات هذا العلم الوليد ومناهجه ومصطلحاته من تردد ولنا أن نتنبأ بما سيكون للبحوث الأسلوبية من فضل على النقد الأدبي واللسانيات ([21]) ” .

وخلاصة القول إن الأسلوبية علم حديث يطمح لوضع الأسس المتينة لدراسة الأسلوب ، فهي تبحث في الوسائل اللغوية التي تكسب الخطاب العادي أو الأدبي خصائصه التعبيرية وذلك عند دراسة عناصره وأدواته الفنية .

ثانيا : قصيدة (من ليس بالباكي ) ([22]) :

يقول الإلبيري :

من ليس بالباكي ولا المتباكي

لقبيح ما يأتي فليس بزاك

نادت بي الدنيا فقلت لها اقصري

ما عد في الأكياس من لباك

ولا صفا عند الإله ولا دنا

منه امرؤ صافاك أو داناك

مازلت خادعتي ببرق خلب

ولو اهتديت لما انخدعت لذاك

قالت أغرك من جناحك طوله

وكأن به قد قص في أشراكي

تالله ما في الأرض موضع راحة

إلا وقد نصبت عليه شباكي

طر كيف شئت فأنت فيها واقع

عان بها لا يرتجى لفكاك

من كان يصع قرنه في معرك

فعلَّى صرعته بغير عراك

ما أعرف العضب الصقيل ولا القنا

ولقد بطشت بذي السلاح الشاكي

كم ضيغم عفرته بعرينه

ولكم فتكت بأفتك الفتاك

فأجبتها متعجبا من غدرها

أجزيت بالبغضاء كل من يهواك

لأجلت يني في بنيك فكلهم

أسراك أو جرحاك أو صرعاك

لو قارضوكي على صنيعك فيهم

قطعوا مدى أعمارهم بقلاك

طمست عقولهم ونور قلوبهم

فتهافتوا حرصا على حلواك

فكأنهم مثل الذباب تساقطت

في الأري حتى استؤصلوا بهلاك

لا كنت من أم لنا أكالة

بعد الولادة ما أقل حياك

ولقد عهدنا الأم تلطف بابنها

عطفا عليه وأنت ما أقساك

ما فوق ظهرك قاطن أو ظاعن

إلا سيهشم في ثفال رحاك

أنت السراب وأنت داء كامن

بين الضلوع فما أعز دواك

يعصى الإله إذا أطعت وطاعتي

لله ربي أن أشق عصاك

فرض علينا برنا أماتنا

وعقوقهن محرم إلاك

ما إن يدوم الفقر فيك ولا الغنى

سيان فقرك عندنا وغناك

أين الجبابرة الألي ورياشهم

قد باشروا بعد الحرير ثراك

ولطالما ردوا بأردية البها

فتعوضوا منها رداء رداك

كانت وجوههم كأقمار الدجى

فغدت مسجاة بثوب دجاك

وعنت لقيوم السموات العلا

رب الجميع وقاهر الأملاك

وجلال ربي لو تصح عزائمي

لزهدت فيك ولابتغيت سواك

وأخذت زادي منك من عمل التقى

وشددت إيماني بنقض عراك

وحططت رحلي تحت ألوية الهدى

ولما رآني الله تحت لواك

مهلا عليك فسوف يلحقك الفنا

فتري بلا أرض ولا أفلاك

ويعيدنا رب أمات جميعنا

ليكون يرضي غير من أرضاك

والله ما المحبوب عند مليكه

إلا لبيب لم يزل يشناك

هجر الغواني واصلا لعقائل

يضحكن حبا للولي الباكي

إني أرقت لهن لا لحمائم

تبكي الهديل على غضون أراك

لا عيش يصفو للملوك وإنما

تصفو وتحمد عيشة النساك

ومن الإله على النبي صلاته

عدد النجوم وعدة الأملاك

المبحث الأول : المستوى الدلالي :

اللغة هي ” أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم ” ([23]) ، وللغة ارتباط وثيق بالشعر فهي تعد واحدة من أهم العناصر الأساسية التي يعتمد عليها الشاعر في بناء القصيدة الشعرية وتركيبها ، وهي جوهر عملية الإبداع الشعري ، وعنصر مهم من عناصر بناء العمل الأدبي ، وهي أداة الأدب التي تحقق له سماته ، إذ تتفاعل مع مختلف العناصر التي تدخل في صميم النسيج الفني ، واللغة الشعرية كائن حيِّ في عمق الشاعر ووجدانه يعبر بهاومن خلالها عما يدور بخلده ، فتكشف لنا عن أحاسيسه ومشاعره ، التي لا يمكن لنا أن نعرفها إلا من خلال اللغة وتراكيبها ؛ لذلك يقول بعض النقاد : ” أن الشعر يعيش في لغته ، ولا يمكن فصله بأي حال عن ألفاظه الأصلية التي كتب بها ” ([24]) ، فاللغة أداة الشاعر في التعبير حيث يقال ” إذا كان العمل الأدبي بعامة يتوقف على الدقة والصياغة فإن أولى مميزات الشعر هي استثماره خصائص اللغة بوصفها مادة بنائه ” ([25]) .

كما تعد اللغة من أهم الركائز التي تشكل القصيدة الشعرية وكلما تمكن الشاعر من لغته وتعمقت صلته بها ، استطاع أن يتعرف أسرارها ، وأن يفجر طاقاتها ، ومن هنا ” فإن اللغة ليست ألفاظاً لها دلالة ثابتة جامدة ، ولكنها لغة انفعال مرنة ، بل أميز ما فيها هو هذه المرونة التي تجعلها متجددة دائماً بتجدد الانفعالات ” ([26]) .

واللغة الشعرية تختلف من شاعر لآخر ، حتى ولو اجتمعا في عصر واحد ، وتشابهت منابع ثقافتهما ، ودوافع إبداعهما ، حتى أن لغة الشاعر نفسه تختلف من قصيدة إلى أخرى ومن غرض إلى آخر باختلاف طبيعة التجربة التي يخوضها ، ومن خلال هذه الصورة اللفظية للعمل الأدبي نستطيع الحكم عليه وتحليله ، لأننا ” لا نستطيع أن نسمى القصيدة قصيدة قبل أن تكون في صيغتها اللغوية وإلا فهي مجموعة من الأفكار والأحاسيس العائمة ، وبعد أن تكون لها أبعاد لغوية ، ويمكن قراءتها تصبح قابلة للحكم والتحليل ” ([27]) ، ومن خلال هذه الصورة أيضاً يمكن مطالعة تجربة أي شاعر ، والتفاعل معها وجدانياً ، ونقدياً ؛ إذ ” لا يتعلق النقد بالتجربة الشعورية في العمل الأدبي
إلا حين تأخذ صورتها اللفظية ؛ لأن الوصول إليها من قبل ظهورها
في هذه الصورة محال ، ولأن الحكم عليها لا يتأتى إلا باستعراض الصورة اللفظية التي وردت فيها ، وبيان ما تنقله هذه الصورة إلينا من حقائق ، ومشاعر ، ومن هنا قيمة التعبير في العمل الأدبي ” ([28]) .

وأول ملمح دلالي في القصيدة موضوع الدراسة : تطهير النفس من الآثام ولو بدمعة صادقة أو مستجلبة ثم منخيل حوار مع الدنيا ، ويتجلى ذلك من خلال قول الشاعر ([29]) :

من ليس بالباكي ولا المتباكي

لقبيح ما يأتي فليس بزاك

نادت بي الدنيا فقلت لها اقصري

ما عد في الأكياس من لباك

ولا صفا عند الإله ولا دنا

منه امرؤ صافاك أو داناك

مازلت خادعتي ببرق خلب

ولو اهتديت لما انخدعت لذاك

قالت أغرك من جناحك طوله

وكأن به قد قص في أشراكي

تالله ما في الأرض موضع راحة

إلا وقد نصبت عليه شباكي

يقرر الشاعر في البيت الأول أن من لم يبك على أفعاله القبيحة ليس بصالح ، وبين الباكي والمتباكي جناس ، والجناس يرسخ في ذهن المتلقي صورة البكاء صدقا أو افتعالا . ثم دخل الشاعر في حوار متخيل مع الدنيا التي نادت عليه ، ونداؤها له كناية عن الانغماس في ملذات الدنيا والابتعاد عن طريق الهدى والصلاح . ثم أجابها الشاعر معترضا عليها أنه ليس من العقل : السير وراء متاع الدنيا ، كما أن المرء ليس له منزلة عند ربه إن كان من طلاب الدنيا ، ثم أجابته أنه إن كان مغرورا بطول الأمل ؛ فلابد أنه سيقع في شراك الدنيا وأفخاخها .

ثم واصل الشاعر حواره مع الدنيا قائلا ([30]) :

فأجبتها متعجبا من غدرها

أجزيت بالبغضاء كل من يهواك

لأجلت عيني في بنيك فكلهم

أسراك أو جرحاك أو صرعاك

لو قارضوك على صنيعك فيهم

قطعوا مدى أعمارهم بقلاك

طمست عقولهم ونور قلوبهم

فتهافتوا حرصا على حلواك

فكأنهم مثل الذباب تساقطت

في الأري حتى استؤصلوا بهلاك

لا كنت من أم لنا أكالة

بعد الولادة ما أقل حياك

ولقد عهدنا الأم تلطف بابنها

عطفا عليه وأنت ما أقساك

ما فوق ظهرك قاطن أو ظاعن

إلا سيهشم في ثفال رحاك

ثم أجابها الشاعر بأنها تكره محبيها وتبغضهم ، وبين الهوى والكراهية طباق وتضاد يبرز المعنى ويؤكد على العلاقة بين الدنيا وطلابها ، والعلاقة رسمها الشاعر في هيئة ساخرة تقوم على كراهية الدنيا لمحبيها . ثم صور الشاعر حرص أبناء الدنيا عليها في هيئة ذباب يسقط في العسل ، والدنيا قاسية على أبنائها ، وتعركهم كالرحى في سفالها وحجرها السفلي ، وهذه الصورة ترسخ في ذهن المتلقي قضاء الدنيا على طلابها ، فهم يشبهون ما تطحنه الرحى من حبوب .

وفي الأبيات السابقة حضور لدلالة اللون الأسود غير المباشر (طمست عقولهم ونور قلوبهم ) والأبيض غير المباشر ( تساقطت في الأري ) . فالأبيض من أحبّ الألوان إلى قلوب الناس , وأكثرها قربا من نفوسهم وانسجاما مع طباعهم . فكانوا يرون فيه أبهى الألون وأنقاها . واللون الأسود له دلالات مأساوية تحتلها معاني الحزن والهمّ والغمّ , ولا غرابة في ذلك , وقد نعت به العرب كثيرا من الموصوفات التي أبغضوها وكرهوا رؤيتها , فالأكباد سوداء , ووجه الخائف أسود , والغربان سود , والظلام والليل كذلك . والسواد والبياض بينهما تضاد يرسخ في ذهن المتلقي الحذر من غدر الدنيا والاغترار بها .

ثم واصل الشاعر حواره مع الدنيا قائلا ([31]) :

أين الجبابرة الألي ورياشهم

قد باشروا بعد الحرير ثراك

ولطالما ردوا بأردية البها

فتعوضوا منها رداء رداك

كانت وجوههم كأقمار الدجى

فغدت مسجاة بثوب دجاك

وعنت لقيوم السموات العلا

رب الجميع وقاهر الأملاك

وجلال ربي لو تصح عزائمي

لزهدت فيك ولابتغيت سواك

وأخذت زادي منك من عمل التقى

وشددت إيماني بنقض عراك

وحططت رحلي تحت ألوية الهدى

ولما رآني الله تحت لواك

فالشاعر يتساءل عن الملوك وحياتهم المترفة الناعمة ، أين ذهبت ؟ وبعد أن كانوا ينامون على الحرير ؛ صاروا في التراب . كما أن الوجوه المنيرة التي كانت كأقمار الدجى ، صارت سوداء مظلمة بعد أن تجرعت من كأس الموت . ثم يقسم الشاعر أن نيته لو كانت خالصة وصادقة في الطاعة ، ما أحب الدنيا ؛ بل زهد فيها ، وما رآه الله – تعالى – تحت لواء الدنيا قط .

ثم ختم الشاعر حديثه بالزهد في الدنيا ؛ فقال ([32]) :

والله ما المحبوب عند مليكه

إلا لبيب لم يزل يشناك

هجر الغواني واصلا لعقائل

يضحكن حبا للولي الباكي

إني أرقت لهن لا لحمائم

تبكي الهديل على غضون أراك

لا عيش يصفو للملوك وإنما

تصفو وتحمد عيشة النساك

فالمعاني المذكورة في القصيدة معاني صوفية ، والتصوف هو ” نزوع فطري في الإنسان نحو التسامي والكمال والمعرفة عن طريق الكشف الروحي أو العلم اليقيني الناشئين عن الإلهام الإلهي والنظر العقلي والرياضة النفسية وبعض الدلائل الحسية . وطريقه المسلكي هو حجب النفس الموجبة للنقص بالمجاهدة بغية الكمال ” ([33]) .

ويقوم الخطاب الصوفي على أربعة أركان رئيسة هي ” المعرفة اللدنية ، والزهد ، والولاية ، والمحبة ” ([34]) ، ومن أجل الوصول إلى المعرفة اللدنية يجب على المريد أن يروض نفسه الجامحة ، وأن يقتل غرورها ؛ كي يمكن له أن يكتشف بعد المجاهدة الطويلة القوى الكامنة فيه ([35]) .

أي أن الباحث عن بلوغ هذا المقام الرفيع إن لم يقهر نفسه المريضة ويروض جموحها ؛ فإنه لن يتمكن من بلوغ درجة الصفاء الروحي التي تبلغه تلك المنزلة التي يهبها الله لمن يشاء من عباده ؛ إما إلهاما لا وحيا لأن الوحي للأنبياء والمرسلين ، أو قذفا في القلب .

والمعرفة اللدنية مصطلح صوفي يدل على ” نور يقذفه الله في الصدر ، وهو مفتاح أكثر المعارف ، وهذه المعرفة هي العلم اليقيني الذي ينكشف فيه المعلوم انكشافا لا يبقى معه ريب ، ولا يفارقه إمكان الغلط والوهم ، وهو نتيجة العلم والعمل ، وهو طريق الصوفية ” ([36]) .

ولا يصل الصوفي إلى المعرفة إلا بعد رحلة طويلة من المجاهدة والترقي ؛ حيث يفطم نفسه عن المألوفات والشهوات ، ويحملها على خلاف هواها في عموم أوقاته ، فإذا انهمكت في الشهوات ألجمها بلجام التقوى والخوف من الله تعالى ، وإذا وقفت عند القيام بالطاعة سيقت بسياط الخوف ، ومخالفة الهوى ، ومنعت من حظوظها([37]) .

والأبيات الأخيرة من القصيدة تعبر عن غاية الوصول إلى المعرفة ، حيث انتهى الشاعر إلى القول بأن كراهية الدنيا سبب من أسباب الوصول ، كما أن العيش لا يصفو للإنسان إلا بالزهد في متاع الحياة الدنيا .

المبحث الثاني : المستوى التركيبي :

وهو ليس ناتجا عن تركيبات الكلم ,بل قد تكون عناصره أشياء أخرى ,وهذه العناصر (الوحدات التركيبية) تنحصر في العامل والمعمول الأول والمعمول الثاني والمخصص فقسمه التركيب في هذا المستوى تخص هذه الأربعة لا غير وهي تخضع لقوانين معينة ,ثم لا بد من التمييز بين الوحدة التركيبة وبين محتواها فالعامل قد يحتوي على كلمة أو لفظة أو على تركيب ,وقد يكون خانة خالية (الابتداء في اللغة العربية مثلا) وكذا هو الأمر بالنسبة إلى جميع العناصر الثلاثة الباقية. وكل هذا يخضع لقوانين معينة وسبب الفرق بين العنصر ومحتواه راجع الى ظاهرة التكرار أو الاطالة وهذا من أسرار قسمة التركيب في النحو .ولابد من الاعتداد بذلك حتى نضمن نجاح العمليات العلاجية في بناء قاعدة المعطيات الافرادية وغيرها وهذا كله يخص اللفظ في حد ذاته أما المعاني فلها ميدان آخر غير هذا ولا توازي بينه وبين ميدان اللفظ إلا في أعلى مستوى من التجريد ([38]) .

ومن مكونات المستوى التركيبي : التقديم والتأخير ، ويعد مبحث التقديم والتأخير من أكثر مباحث التركيب تحقيقا للانزياح , وهو يعد ” من أهم مباحث الأسلوبية في الكشف عن العملية الإبداعية في النصوص , وذلك لكثرة اعتماد المبدعين عليه لغرض خلف دلالات جديدة وإثارة المتلقي “.([39]) .

ذلك أن ” الجدة والغرابة التي يحققها الانزياح هي مبدا جمالي له أبعاد سيكولوجية هامة” ([40]) .

والبناء التركيبي يهدف الى الكشف عن الملامح الأسلوبية وراء هذه الخلخلة من خلال الكشف عن أثره الدلالي وقيمة الأسلوبية والتي تتم عن نضج الإبداع لدى الشاعر وسعة تجربته , فيقدم ما حقه التأخير ويؤخر ما حققه التقديم ليضفي جمالا ورو نقا على أشعاره.

ومن التقديم في القصيدة قول الشاعر ([41]) :

ومن الإله على النبي صلاته

عدد النجوم وعدة الأملاك

فاستخدام شبه الجملة ( ومن الإله ) ، وهذا يترتب عليه إثراء في الدلالة ؛ فأي تغيير في النظام التركيبي للجملة يترتب عليه تغيير في الدلالة ، وانتقالها من مستوى إلى مستوى آخر ([42]) . فشبه الجملة في البيت المذكور أفاد تعظيم الصلاة على سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – ، كما أن الصلاة لا يحصيها إنسان فهي عدد النجوم والأملاك .

الجملة المنفية : البنية التركيبية لهذه التحولات تتجسد في تشكيل صياغي مميز ، له أثره الفاعل في إحداث تغييرات دلالية ناتجة عن احتضان هذه البنية لثنائية ( النفي والاثبات ) التي تمارس حساسياتها على البنية الخبرية في اتجاهين ، إذ تفرض حضورها على الجملة سلبا او ايجابا ، مما يخضع لوعي المنتج وقصديته ، فثنائية (النفى والاثبات) إذن رهينة ذلك التعامل اللغوي المتعلق بمجموعة التصورات والمفهومات التي تنقل اشارات المرسل ورموزه ، ذلك أن الكشف التحليلي لبنية الخبر الثنائية تسمح برصد كيفية اتصال الابداع الشعري بذات معينة ينغلق عليها دون ان يتجاوزها الى سواها ، بل إن الانغلاق يصل أحياناً الى درجة المواضعة “الذي يرتبط بالبنى وكيفية اختيارها من ناحية ، ثم كيفية توظيفها داخل السياق من ناحية أخرى”([43])

وقد افضى التأمل والاستقراء للقصيدة إلى رصد الملامح الاسلوبية لهذه التحولات ضمن البناء التركيبي مع ضرورة الاعتماد على الجانب الاحصائي ، ولاسيما أن ” للإحصاء القدرة على التمييز بين السمات أو الخصائص اللغوية التي تعد خواصا أسلوبية”([44]) فادراك البعد الكمي خطوة مهمة في طريق الرصد والتحليل ، بغية الانتقال الى عملية الكشف عن الناتج الدلالي المتولد من تراكم المثيرات الاسلوبية ، ومن هذا المنطلق فان قصص القعيد انجاز لغوي قابل للاختبار لما فيه من طاقات شعرية خصبة ، كانت منطقة النفي فيها من اخصب المناطق صلاحية لإجراءات التحليل الاسلوبي المعروفة .

بيد أن التعامل مع أدوات النفي ضمن الخلايا اللغوية يقتضي معاينة السياقات النصية، بهدف ابراز التلاقح التركيبي – الدلالي ،وما تفرزه بنية النفي في إطارها السياقي من مؤشرات تعمل على خلق المؤثر الأسلوبي .

ومن أسلوب النفي قول الشاعر ([45]) :

من ليس بالباكي ولا المتباكي

لقبيح ما يأتي فليس بزاك

نادت بي الدنيا فقلت لها اقصري

ما عد في الأكياس من لباك

ولا صفا عند الإله ولا دنا

منه امرؤ صافاك أو داناك

لقد تم تحويل البنية (النفي) إلى نقطة اتصال ، وتتنامى القدرة على التواصل بين الذات والآخر في ( ولا صفا عند الإله ) التي ترمز الى تلك الذات واستعدادها لتقبل الصفاء، تنشأ نقطة تحول دلالية أخرى بين الظرفين ( ما صفا ) و (ما عد) في حال النفي ، إذ تنهض لتحقيق ناتجين دلاليين على صعيد واحد ، إثبات الزهد في الدنيا ، ونفي أي سعادة خارج الزهد في الدنيا ومتاعها .

المبحث الثاني : المستوى الصوتي :

إن المستوى الصوتي من أهم مستويات التحليل الأسلوبي ، لذا يهتم به الباحثون على مستوى التحليل أو إيقاع الكلمة عن معناها ،وللإيقاع جانبان : خارجي يدعى الموسيقى الخارجية وداخلي يدعى الموسيقى الداخلية .

والوزن والقافية هما ركنا الموسيقا الخارجية ، وهما من أهم ما يميز الشعر عن النثر فيقول قدامه بن جعفر في حد الشعر ” قول موزون مقفى يدل على معنى ” ([46]) ، وعدهما ابن رشيق أعظم أركان الشعر فيقول ” الوزن أعظم أركان حد الشعر ، وأولاها به خصوصية ، وهو مشتمل على القافية وجالب لها ضرورة “ ([47]) .

ويقول العقاد ” الفن الكامل هو الشعر الذى توافرت له شروط الوزن والقافية وتقسيمات البحور ، والأعاريض التي تعرف بأوزانها وأسمائها ” ([48]) .

كما تُعد الأوزان من أهم دعائم الشعر التي لا يمكن الاستغناء عنها ، وهي من أهم العوامل التي تجعل ” العلاقة بين الموسيقي والشعر علاقة عضوية ، فالشعر في صياغته الفنية يتكون من عدة تفعيلات تمثل وحدات موسيقية تكسب القصيدة نغمًا مؤثرًا ، وحين تفقد القصيدة سحر هذا النغم ينقطع ذلك الخيط الفني الدقيق الذى يشد المتلقي إلى سماع الشعر ، فالشعر نغم ، وإنشاد ” ([49]) .

وقصيدة الإلبيري على وزن بحر الكامل ، وهو ” أكثر بحور الشعر جلجلة وحركات ، وفيه لون خاص من الموسيقي يجعله ـ إن أريد به الجد ـ فخمًا جليلاً مع عنصر ترنمي ظاهر ، ويجعله إن أريد به إلى الغزل ، حلواً مع صلصلة كصلصلة الأجراس ، ونوع من الأبهة ” ([50]) ، كما أن من عجيب خصائص هذا البحر، أنه من أصلح البحور لإبراز العواطف البسيطة غير المعقدة ، ويقول إبراهيم أنيس عن وزن الكامل ، وشيوعه في الشعر الحديث : ” البحر الكامل ـ في عصرنا الحديث ـ قد أصبح معبود الشعراء ، وهو البحر الذى يستمتع به جمهور السامعين ، و محبي الشعر ، فيطرقه الآن كل الناظمين ” ([51]) ، وهو مؤلف من ستة أجزاء ( مُتَفَاعِلُنْ ) مكررة ثلاث مرات في كل شطرة ، وسمى هذا البحر كاملاً لتكامل الحركات فيه ، وهي ثلاثون حركة . كما أن الكامل بحر واسع في تفعيلاته له رنة موسيقية عذبة تزينها الألفاظ الفخمة ، كما يتيح للشاعر التعبير عن مكنون نفسه .

وأما القافية فهي ” تلك الأصوات التي تتكرر في نهاية الأبيات ، وسميت قافية لكونها في آخر البيت من قولك : قفوت فلاناً إذا تبعته ” ([52]) ، و” القافية شريكة الوزن في الاختصاص بالشعر ، ولا يسمى شعراً حتى يكون له وزن وقافية ” ([53]) ، والقافية هي تلك ” الحروف التي تبدأ بمتحرك قبل أول ساكنين في آخر البيت الشعري ” ([54]) .

وحروف القافية ستة منها حرف الروي وهو ” حرف من حروف القافية ملتزم في كل أبيات القصيدة تبنى عليه وتنسب إليه فيقال قصيدة همزية أو دالية أو لامية ” ([55]) ، ومن هنا لا يكون الشعر مقفى إلا بتكرار صوت الروي في أواخر الأبيات .

وقصيدة الإلبيري قافيتها حرف الكاف ، يقول الشاعر([56]) :

والله ما المحبوب عند مليكه

إلا لبيب لم يزل يشناك

هجر الغواني واصلا لعقائل

يضحكن حبا للولي الباكي

إني أرقت لهن لا لحمائم

تبكي الهديل على غضون أراك

لا عيش يصفو للملوك وإنما

تصفو وتحمد عيشة النساك

الموسيقا الداخلية :

ليست الموسيقا الخارجية ـ التي تتكون من الوزن والقافية ـ كل شيء في موسيقا الشعر ، فهناك الموسيقا الداخلية أيضاً ، وهي لا تقل أهمية عن الموسيقا الخارجية ، ويقول شوقي ضيف عنها ” ووراء هذه الموسيقي الظاهرة موسيقى خفية ، تنبع من اختيار الشاعر لكلماته ، وما بينها من تلاؤم في الحروف ، والحركات ، وكأن للشاعر أذناً داخلية وراء أذنه الظاهرة تسمع كل شكله ، وكل حرف وحركة بوضوح تام ، وبهذه الموسيقي الداخلية يتفاضل الشعراء ” ([57](.

والموسيقا الداخلية تبدأ ” بالحرف كوحدة صوتية ، مروراً باللفظة المفردة حتى تصل إلى الشطر أو البيت الذى يقع في إطار القصيدة ككل ، وفي فلك موسيقاها الخارجية من وزن وقافية ” ([58]) ، ” فالانسجام الصوتي الداخلي الذى ينبع من التوافق الموسيقي بين الكلمات ودلالتها حيناً ، أو بين الكلمات بعضها والبعض حيناً آخر ، يساهم بوضوح في البناء الكلى لموسيقى الشعر ” ([59](.

ومن الموسيقا الداخلية : الجناس ، وهو ” أن يتشابه اللفظان في النطق ويختلفا في المعنى ” ([60]) ، ويلجأ إليه الشعراء لخلق نوع من الانسجام بين الألفاظ ، من خلال التناغم الموسيقي والتماثل في الصورة اللفظية ، وللجناس دور بارز في توضيح المعنى وتقويته ، والتأثير في الآخرين ، وإكساب النص نغمة مؤثرة ، كما أن التجاوب الموسيقي الصادر عن تماثل الكلمات تماثلاً كاملاً أو ناقصاً ، تطرب له الأذن ، و تهتز له أوتار القلوب ، فتتجاوب في تعاطف مع أصداء أبنيتها ، وهذا يؤكد بجلاء أهمية الجناس في خلق الموسيقا الداخلية في النص الأدبي .

والجناس نوعان : تام وغير تام ، والتام هو ” أن تتفق الكلمتان في لفظهما ، ووزنهما ، وحركاتهما ولا يختلفان إلا من جهة المعنى ” ([61]).

وغير التام وهو ” ما اختلف فيه اللفظان في نوع الحروف ، أو عددها أو هيئتها ، أو ترتيبها “([62]).

ومن الجناس الناقص قول الشاعر ([63]) :

من ليس بالباكي ولا المتباكي

لقبيح ما يأتي فليس بزاك

يقرر الشاعر في البيت الأول أن من لم يبك على أفعاله القبيحة ليس بصالح ، وبين الباكي والمتباكي جناس ، والجناس يرسخ في ذهن المتلقي صورة البكاء صدقا أو افتعالا .

ومن الجناس الناقص : قول الشاعر ([64]) :

كانت وجوههم كأقمار الدجى

فغدت مسجاة بثوب دجاك

فالدجى ودجاك جناس ناقص ، والشاعر استعان بالجناس كوسيلة فنية جميلة أجاد فيها غاية الإجادة ، وحقق بذلك انطباعاً موسيقياً داخلياً في الأبيات الشعرية جعلـت المتلقي يتذوق حلاوة هذه الألفاظ .

التكرار :

ويُعد التكرار رافداً من روافد الموسيقا الداخلية في الألفاظ ، والعبارات التكرار هو ” تناوب الألفاظ وإعادتها في سياق التعبير ، بحيث تـشكل نغمـاً موسيقياً يتقصده الناظم في شعره أو نثره ” ([65]).

وقد لجأ الشاعر إلى هذا الأسلوب حرصاً منـه على إعطاء قصيدته قيمة صوتية عالية ، ونغماً موسيقياً يتلذذ به السامع ، وللتكرار مواضع يحسن فيها ، ومواضع يقبح فيها ” فأكثر ما يقع التكرار في الألفاظ دون المعاني ، وهو في المعاني دون الألفاظ أقل ، فإذا تكرر اللفظ والمعنى جميعـا فـذلك الخذلان بعينه ” ([66]).

والتكرار عند الشاعر من مصادر الإيقاع الموسيقي ، المتمثلة في صور متعددة منها : تكرار الحروف في كل بيت شعري من خلال ما يحدثه من إيقاع موسيقي جذاب يسمى بجرس الحروف مثل قول الشاعر([67]) :

والله ما المحبوب عند مليكه

إلا لبيب لم يزل يشناك

هجر الغواني واصلا لعقائل

يضحكن حبا للولي الباكي

إني أرقت لهن لا لحمائم

تبكي الهديل على غضون أراك

لا عيش يصفو للملوك وإنما

تصفو وتحمد عيشة النساك

فالشاعر كرر حرف الكاف ست مرات ، وحرف الهاء أربع مرات ، وتكرار هذه الحروف أحدث رنيناً موسيقياً داخلياً ، وتناغماً في حركة الإيقاع الداخلي مما أفاد في توزيع الموسيقا علـى هذين البيتين وترابط الألفاظ فيما بينهما .

والصورة الأخرى للتكرار عند الشاعر هي تكرار اللفظ ، و لهذا التكرار أغراض كثيرة ؛ منها إبراز المعنى وتأكيده ، وهو ما ذكره الدكتور يحيى بن معطى عن ظاهرة التكرار حيث يقول : ” هي أن يكون تكرار اللفظ أو المعنى في البيت أو العبارة لإحراز فائدة التأكيد والترسيخ ” [68]

ومن تكرار الكلمة : قول الشاعر([69]) :

كم ضيغم عفرته بعرينه

ولكم فتكت بأفتك الفتاك

فالشاعر كرر كلمات ( فتكت بأفتك الفتاك ) ، والتكرار في أخر البيت ساعد
في تنويع الموسيقا في البيت الشعري ، كما أدى هذا التكرار دوره الإيقاعي مشتركاً مع حروف القافية .

الخاتمة :

أولا : الأسلوبية منهج لغوي ونقدي حديث، واتجاه جديد لقراءة النص بما يحمله من سمات وظواهر صرفية وصوتية وتركيبية ودلالية، وهي تجتهد كي تجعل الأسلوبية مستقلة، وأهم سمات هذا المنهج هي بيان العلائق اللغوية في النص والظواهر التي تعطيه بصمته الخاصة، وربطها بشخصية الأديب الذي يتشكل النص في قالب من أحاسيسه وفكره ، ويستخدم معجمه الشعري وتراكيبه الدالة في النص الأدبي .

ثانيا : أبو إسحق الإلبيري : هو إبراهيم بن مسعود بن مسعد التجيبي ، وجذور عشيرته من اليمن ، وسكنوا كورة إلبيرة ، ويعرف بالإلبيري ، وفي غرناطة تلقى العلوم واشتهر في علوم الفقه والقراءات القرآنية ، وكانت غرناطة في حياة أبي إسحق عامرة بالعلماء والشعراء ، ومن شيوخه : اببن زمنين الأندلسي المالكي صاحب مختصر المدونة ومنتخب الأحكام ، ومن معاصريه : ابن حزم ، وابن شهيد ، وابن زيدون . وكانت له مكانة علمية وأدبية عند أهل الأدب والنقاد ، وله شعر كثير في الزهد .

ثالثا : في القصيدة موضوع البحث تحدث فيها الشاعر عن تطهير النفس من الآثام ولو بدمعة صادقة أو مستجلبة ، ثم تحدث عن الدنيا الخادعة في حوار متخيل بينه وبينها . كما سفه الشاعر رأي الدنيا وسلوكها وفعلها بمحبيها ، وختم بإعلاء شأن الزهد والصلاة على حضرة النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – .

رابعا : استخدم الشاعر أسلوب التقديم والتأخير ، ويعد مبحث التقديم والتأخير من أكثر مباحث التركيب تحقيقا للانزياح , وهو يعد من أهم مباحث الأسلوبية في الكشف عن العملية الإبداعية في النصوص , وذلك لكثرة اعتماد المبدعين عليه لغرض خلف دلالات جديدة وإثارة المتلقي . والبناء التركيبي يهدف الى الكشف عن الملامح الأسلوبية وراء هذه الخلخلة من خلال الكشف عن أثره الدلالي وقيمة الأسلوبية والتي تتم عن نضج الإبداع لدى الشاعر وسعة تجربته , فيقدم ما حقه التأخير ويؤخر ما حققه التقديم ليضفي جمالا ورو نقا على أشعاره.

خامسا : قصيدة الإلبيري على وزن بحر الكامل ، وهو أكثر بحور الشعر جلجلة وحركات ، وفيه لون خاص من الموسيقي يجعله ـ إن أريد به الجد ـ فخمًا جليلاً مع عنصر ترنمي ظاهر ، ويجعله إن أريد به إلى الغزل ، حلواً مع صلصلة كصلصلة الأجراس ، ونوع من الأبهة ، كما أن من عجيب خصائص هذا البحر، أنه من أصلح البحور لإبراز العواطف البسيطة غير المعقدة .

سادسا : من الموسيقا الداخلية التي استخدمها الشاعر : الجناس ، وهو أن يتشابه اللفظان في النطق ويختلفا في المعنى ، ويلجأ إليه الشعراء لخلق نوع من الانسجام بين الألفاظ ، من خلال التناغم الموسيقي والتماثل في الصورة اللفظية ، وللجناس دور بارز في توضيح المعنى وتقويته ، والتأثير في الآخرين ، وإكساب النص نغمة مؤثرة ، كما أن التجاوب الموسيقي الصادر عن تماثل الكلمات تماثلاً كاملاً أو ناقصاً ، تطرب له الأذن ، و تهتز له أوتار القلوب ، فتتجاوب في تعاطف مع أصداء أبنيتها ، وهذا يؤكد بجلاء أهمية الجناس في خلق الموسيقا الداخلية في النص الأدبي .

فالشاعر كرر كلمات ( فتكت بأفتك الفتاك ) ، والتكرار في أخر البيت ساعد
في تنويع الموسيقا في البيت الشعري ، كما أدى هذا التكرار دوره الإيقاعي مشتركاً مع حروف القافية .

المصادر والمراجع :

المصادر

  • ديوان أبي إسحق الإلبيري ، تحقيق محمد رضوان الداية، دار الفكر دمشق ط١، 1991م .

المراجع

  • إبراهيم مصطفى وآخرون ، المعجم الوسيط ، دار العودة ، تركيا، (د، ط ،) 1989 .
  • ابن خلدون ، المقدمة ،تح، علي عبد الواحد وافي، دار العودة، بيروت- لبنان، (د،ط ، ) 1962 .
  • ابن قتيبة ، تأويل مشكل القرآن، تح أحمد الصقر، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة ، مصر، ط 2 ، 1973 .
  • ابن منظور: لسان العرب، دار صادر للطباعة والنشـــر والتوزيع بيروت، لبنان ، من دون تاريخ .
  • أحمد الشايب، الأسلوب: مكتبة النهضة العصرية، ط 6 ، 1996م .
  • إليزابيث دور ، الشعر كيف نفهمه ونتذوقه ، ترجمه : محمد إبراهيم الشوش ، منشورات مكتبة ميمنة ، بيروت ، لبنان ، الطبعة الأولى ، 1961م
  • جاسم محمد الصميدعي.شعر الحوارج.دراسة أسلوبية ، دار دجلة ،عمان ،2010 .
  • حسن ناظم ، البنى الأسلوبية ، دراسة في أنشودة المطر للسیاب ، المركز الثقافي العربي ، بيروت ، لبنان ، ط1 ، 2002 .
  • الخطابي بيان إعجاز القرآن ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن: ، تح محمد خلف دار المعارف المصرية .
  • الدر النضيد في شرح القصيد ، لمحمد بن سالم بن واصل الحموي ، دار المعارف ,مصر ,1985 , .
  • دراسة في نصوص العصر الجاهلي تحليل وتذوق ، السيد أحمد عمارة ، مكتبة المتنبي ، القاهرة ، من دون تاريخ .
  • زهير غازي زاهد ، لغة الشعر عند المعرى ، دراسة لغوية فنية في سقط الزند ، عالم الكتب للطباعة والنشر ، مكتبة النهضة العربية ، بيروت ، لبنان ، الطبعة الأولى ، 1407هـ ، 1986م .
  • سيد قطب ، النقد الأدبي أصوله ومناهـجه ، دار الشروق ، القاهـرة ، الطبعة الثامنة ، 2003 م .
  • شافية ابن الحاجب ، محمد الحسن السنزابادي ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1982م .
  • عبد الرحمان الحاج صالح بحوث ودراسات في اللسانيات العربية ج1موفم لنشر الجزائر 2007 .
  • عبد السلام المسدي ، الأسلوب والأسلوبية: الدار العربية للكتاب، تونس، ط ، 1 1982.
  • عبد القادر عبد الجليل، الأسلوبية وثلاثية الدوائر البلاغية، دار الصفاء للنشر والتوزيع، عمان – الأردن، ط ، 1 .
  • عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، تح: محمد شاكر، مكتبة الخارجي، القاهـــرة، مصر، د. ط .(د. ت) .
  • عبد المالك مرتاض . لتحليل السيميائي في الخطاب الشعري: ، دار الكتاب العربي، الجزائر، (د،ط ، ) 2001 .
  • عدنان بن ذريل، النص والأسلوبية بين النظرية والتطبيق (دراسة)، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، سوريا، (د. ط) ..
  • العمدة في محاسن الشعر ، ابن رشيق القيرواني ، دار المعارف ,مصر ,1981 .
  • عيسى راشد : ديوان ( حتى لو ) ، دار فضاءات ، عمان ، المملكة الأردنية الهاشمية ، ط1 ، 2012م.
  • عباس محمود العقاد ، اللغة الشاعرة ، ، دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع ، 1995م
  • عز الدين إسماعيل ، الأسس الجمالية في النقد العربي عرض وتفسير ومقارنة ، دار الفكر العربي للطبع والنشر ، الطبعة الثالثة سنة 1974م
  • مسعود بودوخة. الاسلوبية وخصائص اللغة الشعرية ، دار المسيرة للنشر والتوزيع، و الطباعة، عمان. الأردن، ط 1 ،2007
  • محمد غنيمي هلال ، النقد الأدبي الحديث ، ، دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع ، الطبعة السادسة ، 2005
  • محمد غنيمي هلال ، الأدب المقارن ، ، دار العودة ، بيروت ، ، 1983م .
  • مولود زايد الطبيب ، العولمة والتماسك المجتمعي في الوطن العربي ، المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر ، بنغازي ، ليبيا ، ط1 ، 2005م .
  • موسيقى الشعر العربي بين الثبات و التطور ، صابر عبد الدايم ، مكتبة الخانجى للطباعة والنشر والتوزيع ، القاهرة ، الطبعة الثالثة ، 1413هـ ، 1993م
  • نقد الشعر ، لقدامة بن جعفر ، تحقيق : الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي ، دار المعارف ,مصر ,1981 .
  • يوسف أبو العدوس، الأسلوبية الرؤية والتطبيق، دار المسيرة للنشر والتوزيع، والطباعة، عمان. الأردن .
  • الأعلام ، الزركلي ، دار العلم للملايين ، بيروت ، لبنان ، ط1 ، 1992م .
  • موسوعة شعراء الأندلس ، عبد الحكيم الوائلي ، دار أسامة للنشر والتوزيع ، عمان ، الأردن ، من دون تاريخ .
  • المدخل إلى التصوف الإسلامي ، محمود أبو الفيض المنوفي، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة ، 1970م .
  • الصوفية والسياسة في مصر ، عمار علي حسن ، سلسلة كتاب المحروسة ، مركز المحروسة للبحوث والتدريب والنشر ، القاهرة ، ط 1 ، 1997م . ب
  • هجة الحكايا على خطى نجيب محفوظ ، عمار علي حسن ، كتاب الهلال ، عدد 739 ، يوليو 2012م .
  • نظرية الاتصال عند الصوفية في ضوء الإسلام ، سارة بنت عبد المحسن آل سعود ، دار المنارة للنشر والتوزيع ، جدة ، السعودية ، ط 1 ، 1991م .
  • رجاء عيد ، البلاغة بين التقنية والتطور ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، من دون تاريخ .

الهوامش:

  1. () أبو إسحق الإلبيري : هو إبراهيم بن مسعود بن مسعد التجيبي ، وجذور عشيرته من اليمن ، وسكنوا كورة إلبيرة ، ويعرف بالإلبيري ، وفي غرناطة تلقى العلوم واشتهر في علوم الفقه والقراءات القرآنية ، وكانت غرناطة في حياة أبي إسحق عامرة بالعلماء والشعراء ، ومن شيوخه : اببن زمنين الأندلسي المالكي صاحب مختصر المدونة ومنتخب الأحكام ، ومن معاصريه : ابن حزم ، وابن شهيد ، وابن زيدون . وكانت له مكانة علمية وأدبية عند أهل الأدب والنقاد ، وله شعر كثير في الزهد ، ويمثل الزهد الجزء الأكبر من شعر الإلبيري ، توفي سنة 460ه / 1067م . ينظر : الأعلام ، الزركلي ، دار العلم للملايين ، بيروت ، لبنان ، ط1 ، 1992م ، ص 73 وما بعدها . وموسوعة شعراء الأندلس ، عبد الحكيم الوائلي ، دار أسامة للنشر والتوزيع ، عمان ، الأردن ، ص 21 وما بعدها .

  2. () ابن منظور: لسان العرب، دار صادر للطباعة والنشـــر والتوزيع بيروت، لبنان، مج 7،،،مادة ( س ل ب)، مج7 ،ص 549،550.

  3. () إبراهيم مصطفى وآخرون ، المعجم الوسيط ، دار العودة، تركيا، (د، ط ،) 1989 ، ص 441.

  4. () ابن قتيبة ، تأويل مشكل القرآن، تح أحمد الصقر، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة مصر، ط 2 ، 1973 ،ص 12 .

  5. () الخطابي بيان إعجاز القرآن ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن: ، تح محمد خلف دار المعارف المصرية، ط 2، ص65 .

  6. () المرجع نفسه،ص66.

  7. () عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، تح: محمد شاكر، مكتبة الخارجي، القاهـــرة، مصر، د. ط .(د. ت)، ص 440.

  8. () يوسف أبو العدوس، الأسلوبية الرؤية والتطبيق، دار المسيرة للنشر والتوزيع، والطباعة، عمان. الأردن، ط 1 2007 .ص 11.

  9. () ابن خلدون ، المقدمة ،تح، علي عبد الواحد وافي، دار العودة، بيروت- لبنان، (د،ط ، ) 1962 ،ص 474.

  10. () أحمد الشايب، الأسلوب: مكتبة النهضة العصرية، ط 6 ، 1996 ،ص 40 .

  11. () المرجع نفسه ، ص 40.

  12. () عبد القادر عبد الجليل، الأسلوبية وثلاثية الدوائر البلاغية، دار الصفاء للنشر والتوزيع، عمان – الأردن، ط ، 1 ، 2002 ص182 .

  13. () يوسف أبو العدوس، الأسلوبية الرؤية والتطبيق.ص26.

  14. () المرجع السابق ، ص 26.

  15. () عدنان بن ذريل، النص والأسلوبية بين النظرية والتطبيق (دراسة)، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، سوريا، (د. ط)، 2000 ،ص 48. ;

  16. () عبد السلام المسدي ، الأسلوب والأسلوبية: الدار العربية للكتاب، تونس، ط ، 1 1982، ،ص 34.

  17. ()عبد السلام المسدي ، الأسلوب والأسلوبية: ص 34.

  18. () المرجع سابق ،ص 34،35.

  19. () عبد المالك مرتاض : لتحليل السيميائي في الخطاب الشعري، دار الكتاب العربي، الجزائر ، 2001م ،ص 11.

  20. () حسن ناظم ، البنى الأسلوبية ، دراسة في أنشودة المطر للسیاب ، المركز الثقافي العربي ، بيروت ، لبنان ، ط1 ، 2002 ص 31.

  21. () المرجع نفسه، ص9.

  22. () ديوان الإلبيري ، تحقيق : محمد رضوان الداية ، دار الفكر ، دمشق ، سوريا ، ط1 ، 1991م ، ص 40 – 43 .

  23. () لسان العرب ، لابن منظور الأفريقى ، الجزء الخامس عشر ، ص 251 .

  24. () الشعر كيف نفهمه ونتذوقه ، إليزابيث دور ، ترجمه : محمد إبراهيم الشوش ، منشورات مكتبة ميمنة ، بيروت ، لبنان ، الطبعة الأولى ، 1961م ، ص 335 .

  25. () النقد الأدبي الحديث ، للدكتور / محمد غنيمي هلال ، دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع ،
    الطبعة السادسة ، 2005 م ، ص 386 .

  26. () الأسس الجمالية في النقد العربي عرض وتفسير ومقارنة ، للدكتور / عز الدين إسماعيل ،
    دار الفكر العربي للطبع والنشر ، الطبعة الثالثة سنة 1974م ، ص 342 .

  27. () لغة الشعر عند المعرى ، دراسة لغوية فنية في سقط الزند ، للدكتور / زهير غازي زاهد ، عالم الكتب للطباعة والنشر ، مكتبة النهضة العربية ، بيروت ، لبنان ، الطبعة الأولى ، 1407هـ ، 1986م ، ص 19 .

  28. () النقد الأدبي أصوله ومناهـجه ، للشيخ / سيد قطب ، دار الشروق ، القاهـرة ، ط8 ،
    1424هـ ، 2003 م ، ص 39 ، 40 .

  29. () ديوان الإلبيري ، ص 41 .

  30. () ديوان الإلبيري ، ص 41 .

  31. () ديوان الإلبيري ، ص 43 – 44 .

  32. () ديوان الإلبيري ، ص 44 .

  33. )) المدخل إلى التصوف الإسلامي ، للسيد / محمود أبو الفيض المنوفي، ص 9 ، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة ، 1970م .

  34. )) الصوفية والسياسة في مصر ، عمار علي حسن ، ص 245 ، سلسلة كتاب المحروسة ، مركز المحروسة للبحوث والتدريب والنشر ، القاهرة ، ط 1 ، 1997م .

  35. () ينظر : بهجة الحكايا على خطى نجيب محفوظ ، عمار علي حسن ، ص 66 ، كتاب الهلال ، عدد 739 ، يوليو 2012م .

  36. )) نظرية الاتصال عند الصوفية في ضوء الإسلام ، سارة بنت عبد المحسن آل سعود ، ص 187 ، دار المنارة للنشر والتوزيع ، جدة ، السعودية ، ط 1 ، 1991م .

  37. () ينظر : نظرية الاتصال عند الصوفية في ضوء الإسلام ، ص 119 ، 120 .

  38. () دكتور عبد الرحمان الحاج صالح بحوث ودراسات في اللسانيات العربية ج1موفم لنشر الجزائر 2007 ص106-107 .

  39. () جاسم محمد الصميدعي.شعر الحوارج.دراسة أسلوبية ص72.

  40. () مسعود بودوخة. الاسلوبية وخصائص اللغة الشعرية .ص40.

  41. () ديوان الإلبيري ، ص 44 .

  42. () رجاء عيد ، البلاغة بين التقنية والتطور ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، من دون تاريخ ، ص 331 .

  43. () قراءات اسلوبية في الشعر الحديث :182-183 .

  44. () الاسلوب (دراسة لغوية احصائية) ، د. سعد مصلوح :37 .

  45. () ديوان الإلبيري ، ص 40 .

  46. () نقد الشعر ، لقدامة بن جعفر ، تحقيق : الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي ، ص 64 . دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ،

  47. () العمدة في محاسن الشعر ، ابن رشيق القيرواني ، الجزء الأول ، ص 134 . الجزء الأول ، تحقيق محمد محى الدين عبد الحميد ، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة ، بيروت ، لبنان ، الطبعة الخامسة ، 1981 م ،

  48. () اللغة الشاعرة ، عباس محمود العقاد ، دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع ، 1995م ، ص 22 .

  49. () موسيقى الشعر العربي بين الثبات و التطور ، للدكتور / صابر عبد الدايم ، مكتبة الخانجى للطباعة والنشر والتوزيع ، القاهرة ، الطبعة الثالثة ، 1413هـ ، 1993م ، ص 16 .

  50. () المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها ، عبد الله الطيب المجذوب ، الجزء الأول ، ص302 .

  51. () موسيقى الشعر ، للدكتور / إبراهيم أنيس ، ص 206 ، مكتبة الأنجلو المصرية للطباعة والنشر والتوزيع ، مطبعة لجنة البيان العربي ، الطبعة الثانية ، 1372ه‍ ، 1953 م .

  52. () موسيقى الشعر العربي ـ دراسة فنية وعروضية ، للدكتور / حسنى عبد الجليل يوسف ، الجزء الأول ، مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1989م ، ص 139 .

  53. () العمدة في محاسن الشعر ، ابن رشيق القيرواني ، ص 151 .

  54. () أهدى سبيل إلى علمي الخليل ، للدكتور / محمود مصطفى ، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى ، 1423هـ ، 2002م ، ص 90 .

  55. () المفصل في العروض والقافية وفنون الشعر ، عدنان حقى ، مؤسسة الإيمان ، ودار الرشيد ، بيروت ، لبنان ، الطبعة الأولى ، 1407 هـ ، 1987م ، ص 150 .

  56. () ديوان الإلبيري ، ص 44 .

  57. () في النقد الأدبي ، للدكتور / شوقي ضيف ، ص 97 .

  58. () الصورة الفنية في شعر ابن دراج القسطلي الأندلسي ، أشرف على حسن دعدور ، مكتبة نهضة الشرق للطباعة والنشر والتوزيع ، القاهرة ، 1994م ، ص 203 .

  59. () قضايا الشعر في النقد العربي ، للدكتور / إبراهيم عبد الرحمن محمد ، دار العودة ، بيروت ، لبنان ، الطبعة الثانية ، 1981م ، ص 36 .

  60. () البلاغة العربية ، لعبد الرحمن بن حسن حَبَنَّكَة الميداني الدمشقي ، الجزء الثاني ، ص 485 .

  61. () فنون بلاغية البيان والبديع ، للدكتور / أحمد مطلوب ، ص 224 .

  62. () دراسات منهجية في علم البديع ، للدكتور / الشحات محمد أبو ستيت ، دار خفاجي للطباعة والنشر ، القليوبية ، القاهرة ، الطبعة الأولى ، 1414هـ ، 1994م ، ص 203 .

  63. () ديوان الإلبيري ، ص 41 .

  64. () ديوان الإلبيري ، ص 43 – 44 .

  65. () جرس الألفاظ ودلالتها في البحث البلاغي والنقدي عند العرب ، للدكتور / ماهر مهدى هلال ، دار الرشيد للطباعة والنشر والتوزيع ، بغداد ، ١٩٨٠م ، ص ٢٣٩ .

  66. () العمدة في محاسن الشعر ، ابن رشيق القيرواني ، ص 73 .

  67. () ديوان الإلبيري ، ص 44 .

  68. (1) البديع في علم البديع ، للدكتور / يحيى بن معطى ، تحقيق : الدكتور/ محمد مصطفى أبو شوارب ، مراجعة : الدكتور/ مصطفى الصاوي ، دار الوفاء للنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى ، 2003م ، ص189 .

  69. () ديوان الإلبيري ، ص 41 .