تحويل العقد الباطل الى صحيح في نطاق القانون المدني
CONVERTING A VOID CONTRACT INTO A VALID ONE WITHIN THE SCOPE OF CIVIL LAW
مصطفى سالم كاظم جبر1، أ. د. محمد علي عبده1
1 كلية الحقوق قسم القانون الخاص، الجامعة الإسلامية في لبنان. بريد الكتروني: hsh78602@gmail.com
2 استاذ مشارك في القانون الخاص الجامعة الإسلامية في لبنان.
DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj61/35
المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/61/35
الصفحات: 598 - 615
تاريخ الاستقبال: 2024-12-04 | تاريخ القبول: 2024-12-15 | تاريخ النشر: 2025-01-01
المستخلص: تلعب آلية تحول العقد ، دورا كبيرا في انقاذ العقود من البطلان بما يضمن المحافظة على استقرار العلاقات التعاقدية ، وضمان مصالح المتعاقدين ونظرا لأهمية التحول كوسيلة للمحافظة على استقرار المعاملات ، أصبحت نظام قانوني لا يمكن تجاهله في ظل سعي النظم القانونية الحديثة الدائم للتقليل من حالات البطلان والاستفادة من العقود بما يؤمن تحقيق غايات العقد الاقتصادية والاجتماعية . وفي هذا الاطار قامت أغلب القوانين العربية والغربية بتبني هذه النظرية سواء بالنص صراحة عليها كقاعدة عامة ، أو النص على بعض صور للتحول.
Abstract: The contract mechanism works, and thinks greatly about saving contracts from invalidity in a way that preserves the preservation of bilateral relations, with the knowledge of modern contracting parties and in view of the importance of emphasizing the preservation of the transaction agreement, it has become a legal system that cannot be ignored in light of the continuation of the permanent legal system to reduce cases of invalidity of work from agreements in a way that ensures the achievement of the goals of the economic and social contract. This framework organizes Arab laws and education by adopting these, whether by explicitly stating them as a general rule, or by stating some images of transformation.
Keywords: Transfer of parties, Will of the parties, Invalidity of parties, Conditions of transfer, Effects of transferring parties.
المقدمة
العقد هو توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني، سواء كان ذلك بإنشاء حق، نقله، تعديله، أو إنهائه. يتحدد مضمون العقد بالحقوق والالتزامات التي ينشئها، والتي تمثل الغاية الاقتصادية التي يسعى كل طرف إلى تحقيقها. عند انعقاد العقد صحيحًا، تترتب عليه جميع آثاره القانونية، ما دام نافذًا وغير موقوف. أما إذا كان العقد باطلاً لأي سبب، فلا يمكن الحديث عن ترتيب آثاره، ويُعاد الحال إلى ما كانت عليه قبل إبرامه. إلا أن هذا الإجراء، رغم بساطته النظرية، قد يكون معقدًا عمليًا، حيث قد يترتب على البطلان آثار خطيرة تلحق الضرر بالمتعاقدين والغير، بالإضافة إلى إشغال القضاء بمحاولة معالجة هذه الآثار. لتفادي هذه الآثار أو التقليل منها، يلجأ المشرعون إلى وسائل قانونية تهدف إلى الحفاظ على العقد من البطلان الذي يهدده ويعدمه من الوجود. من بين هذه الوسائل نظام “تحول العقد”، حيث يتحول العقد الباطل إلى عقد صحيح إذا توافرت شروط معينة، مثل إمكانية استخراج عناصر العقد الصحيح من العقد الباطل، وتوافق إرادة المتعاقدين على العقد الجديد لو علموا ببطلان العقد الأصلي. على سبيل المثال، في حالة بطلان عقد الشركة لعدم استيفاء الشروط القانونية، قد يتحول هذا العقد إلى نوع آخر من العقود إذا توافرت شروط التحول، مما يحافظ على استقرار المعاملات وحماية الحقوق المكتسبة. يُعد نظام تحول العقد وسيلة فعّالة لتجنب الآثار السلبية للبطلان، ويعكس حرص المشرع على استقرار المعاملات وحماية المراكز القانونية للأطراف والغير.
اهداف البحث
تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على نظرية تحويل العقد من خلال تناول النظام القانوني للتحول، وذلك ببيان مفهومه وشروط تطبيق هذه النظرية. سيتم ذلك عبر تحليل الأسس القانونية للتحول، ودراسة الضوابط والشروط الواجب توافرها لاعتماد هذه النظرية وفقاً للقوانين والأنظمة المعمول بها
اشكالية البحث
هذا البحث يهدف إلى دراسة الجوانب القانونية للتحول في القانون المدني العراقي من خلال محاولة الإجابة على الإشكالية التالية: ما هي الشروط القانونية لتحول العقد في القانون المدني العراقي؟ ما هو دور إرادة الأطراف فيه؟ وما هو نطاق تدخل القاضي في تطبيق هذه النظرية
اسباب اختيار موضوع البحث
لقد دفعتني عدة أسباب إلى اختيار هذا الموضوع، ومن أبرزها تزايد صور وحالات التحول على الصعيد العملي. فالواقع الاقتصادي والتجاري يشهد تطورًا متسارعًا يصاحبه تحديات قانونية كبيرة تتطلب معالجات دقيقة، لا سيما مع ازدياد حالات بطلان العقود. وتستدعي هذه الأوضاع ضرورة وضع حلول مناسبة تهدف إلى إنقاذ العقود من البطلان، وذلك من خلال تعزيز مبدأ حماية الظاهر وحماية الثقة المشروعة في المعاملات. إلى جانب الأهمية العملية لهذا الموضوع، تتجلى أهميته أيضًا على الصعيد النظري؛ إذ يعكس نظام تحول العقد نضجًا في الفكر القانوني من خلال البحث عن حلول تشريعية لمعالجة النواقص والثغرات القائمة. ويسهم هذا النظام في دعم المشرعين من أجل سد الفراغ التشريعي وتحقيق التكامل القانوني والقضائي، مستندًا إلى الآراء الفقهية المتعمقة في إطار القانون. وبهذا، يتبين أن أهمية نظام تحول العقد تتعزز من خلال دوره كحل منطقي للكثير من الإشكاليات التي تثور على الساحة القضائية، سواء من الناحية العملية أو النظرية.
المبحث الاول/ماهية تحويل العقد
إن الحديث عن نظام تحول العقد الباطل إلى عقد صحيح يستلزم منا في بداية الأمر الوقوف على ماهية هذا النظام كي نستطيع معرفة حقيقته وماهي الطبيعة القانونية له، وكيف يمكن أن يتحقق، وماهي الشروط اللازمة لأعماله، ثم أن هناك الكثير من الأنظمة القانونية التي قد تشتبه بهذا النظام الأمر الذي يثير علاقة جدلية بينه وبين هذه الأوضاع مما يتطلب معالجتها بشكل يزيل اللبس الذي قد يكتنف هذا النظام مما يؤدي إلى عدم فهمه بشكل دقيق، وبغية توضيح هذه المسائل المهمة فقد أرتاينا الى تقسيم هذه البحث الى مبحثين تناولنا في المبحث الاول معنى التحويل وتطرقنا في المبحث الثاني الى اثار تحويل العقد وحالاته
المطلب الاول/معنى التحويل
العقد، وهو أهم المصادر لإنشاء الالتزامات، لابد لقيامه وصحته من توافر ثلاثة أركان رئيسية تمثل مقوماته الأساسية وهي الرضا والمحل والسبب، وقد يضاف إليها في بعض الأحيان ركناً رابعاً هو ركن الشكل، فإذا توافرت هذه الأركان نشأ العقد صحيحاً ومرتباً لآثاره وأصبحت له قوة ملزمة، غير أنه في كثير من الأحوال قد يتخلف أحد هذه الأركان الأمر الذي يترتب عليه جزاءاً قاسياً جداً وهو بطلان هذا العقد، الأمر الذي يترتب عليه انعدام أثره بين المتعاقدين وكذلك الغير نتيجة لهذا البطلان، الأمر الذي يترتب عليه إعادة الطرفين إلى ما كان عليه الحال قبل التعاقد، وبالتالي يعد كل من المتعاقدين كانه لم يملك شيئاً قط مما كان يراد تمليكه إياه بالعقد الذي وقع باطلاً، فإذا تصرف أحدهما بالشيء محل التعاقد أعتبر تصرفه بمثابة تصرف في ملك الغير([1])، ومن ثم يكون هذا العاقد عاجزاً عن أن ينقل إلى المتصرف إليه الشيء المتصرف فيه كون أن فاقد الشيء لا يعطيه الا انه يحصل في بعض الاحيان ان العقد الذي يروم المتعاقدان الإرتباط به وعلى الرغم من بطلانه فأنه قد يتضمن في طياته عناصر واركان عقد آخر صحيح، لم يرده المتعاقدان من الأصل حيث لم يعلما ببطلان عقدهما الأصلي، كما لو قام الشخص ببيع شئ ما بثمن تافه ويفرغ هذا البيع في محرر رسمي، فالبيع باطل الإنعدام ركن الثمن وهو من الأركان الأساسية في عقد البيع، وبما أن الثمن التافه يعد في حكم الثمن المعدوم، لذا يعد البيع باطلاً، غير أنه من الممكن أن يتحول عقد البيع الباطل إلى عقد آخر صحيح هو عقد الهبة، بإعتبار أن الهبة هي تمليك دون مقابل، ومثال ذلك أيضاً أن يتقاسم الشركاء المال الشائع بينهم قسمة نهائية، ويتبين بعد ذلك أن أحدهم كان ناقص الأهلية، الأمر الذي يجعلها باطلة، غير أن هذه القسمة الباطلة ممكن أن تتحول إلى قسمة مهايأة ([2])، فيما لو كان ناقص الأهلية هذا توافرت لديه أهلية الادارة اللازمة لقسمة المهايأة، فتتحول القسمة النهائية الباطلة إلى قسمة مهايأة. وفي هذه الأمثلة المتقدمة نجد أن العقد وعلى الرغم من بطلانه لا يصار إلى الحكم بانعدامه وإنما يتم تحويله إلى عقد آخر توافرت أركانه في ذات العقد الباطل، وذلك وفقاً لما يعرف بنظام تحول العقد الباطل ([3])، فما هو المقصود بتحول العقد ؟ وماذا يعني بالتحديد ؟ ومن خلال مطالعة النصوص القانونية التي عالجت نظام تحول العقد الباطل إلى عقد صحيح ومنها المادة (140) من القانون المدني العراقي([4]) والتي نصت على إذا كان العقد باطلاً وتوافرت فيه أركان عقد آخر فإن العقد يكون صحيحاً باعتباره العقد الذي توافرت أركانه إذا تبين أن المتعاقدين كانت نيتهما تنصرف إلى إبرام هذا العقد). يتضح إن هذه النصوص لم تورد تعريفاً محدداً لنظام التحول يمكن من خلاله تحديد معنى التحول، وإنما جاءت قاصرة على تقرير حكم التحول دون تحديد معناه ، الأمر الذي دعا الفقه إلى التصدي لوضع تعاريف يمكن من خلالها تحديد معنى التحول بشكل أكثر وضوحاً وكل حسب فهمه لهذا النظام، ومن أجل معرفة موقف الفقه من هذا الموضوع فإنه لابد لنا من معرفة موقف الفقه العربي بهذا الخصوص ومن ثم معرفة موقف الفقه الفرنسي ليتجلى لنا كيفية عمل الفقه في معالجة هذه المسألة الهامة، الأمر الذي يوجب علينا توزيع هذا المطلب إلى فرعين نتناول في الأول منهما موقف الفقه العربي، أما الثاني يخصص لموقف الفقه في فرنسا وعلى النحو الآتي:
الفرع الاول/موقف الفقه العربي
أن الفقهاء العرب ذهبوا في اتجاهات عدة في تحديد هذا المعنى، فقد عرفه الدكتور السنهوري بأنه استبدال عقد جديد بعقد قديم دون إدخال أي عنصر جديد، حيث تبقى عناصر العقد القديمة كما هي، ولكن تُكيَّف تكييفًا قانونيًا مختلفًا عن التكييف الأول، مما يؤدي إلى استبدال العقد الجديد بالعقد القديم. ويُعد عدم إدخال أي عنصر جديد هو ما يميز التحول عن التصحيح.([5])من خلال هذا التعريف، يتضح أن السنهوري يركز على أن العقد الباطل يجب أن يتضمن عناصر العقد الجديد في حيثياته دون أي تغيير، وأن عدم إدخال عنصر جديد هو ما يميز التحول عن التصحيح. هذا التحديد الدقيق لمعنى التحول يُعد منطقياً من الناحية النظرية. ومع ذلك، هناك بعض الملاحظات على هذا التعريف تتمثل بالاتي
1 – أول الملاحظات التي ترد على هذا التعريف هي أن الدكتور السنهوري استخدم مصطلح استبدال عقد جديد بعقد قديم)، وهو ما يدفع إلى الشك بأن التصرف القانوني إنما كان يتضمن منذ البدء عقدين أحدهما باطل والآخر صحيح، ومتى تبين الطرفان أن عقدهما الأصلي وقع باطلاً استعاضا عنه بالعقد الآخر الذي تضمنه ذات التصرف وهو أمر غير مقبول.
2 – أما الملاحظة الثانية التي تؤخذ على هذا التعريف هي أن الدكتور السنهوري وعلى الرغم من محاولته في بيان معنى التحول بالشكل الذي يمنع حصول اللبس والخلط بينه وبين غيره من النظم القانونية القريبة منه، إلا أنه بذات الوقت نراه قد خلط بين تحول العقد وتكييفه، وهذا يبدو بوضوح من خلال العبارة التي أوردها إنما تكيف تكييفاً قانونياً غير التكييف الأول، في حين أن هناك فوارق عديدة تبرز بين النظامين بحيث تميز أحدهما عن الآخر، ومن أهمها أن التكييف يرتكز في الغالب على إرادة المتعاقدين الحقيقية فهو عادة ما يتم بعد لجوء القاضي إلى تفسير ما قصده العاقدان وهذا ما يبدو بوضوح في قرار محكمة النقض المصرية الذي جاء فيه العبرة في تكييف العقود هي بحقيقة الواقع والنية المشتركة التي اتجهت إليها إرادة المتعاقدين دون الاعتداد بالألفاظ التي صيغت في هذه العقود وبالتكييف الذي أسبغه الطرفان عليها . فإذا كانت نصوص العقد قد أبانت عن أنه قد أبرم بين رب العمل وعامل متفرغ لأداء خدمة هي معاونة رب العمل في إدارة أعماله المبينة بالعقد مما يقتضي بطريق اللزوم تبعية العامل لرب العمل وإشراف الأخير عليه وتوجيهه له في مهمته وذلك لقاء أجر معلوم([6])يقوم بالدرجة الأساس على الإرادة الافتراضية أو غير الواقعية حيث يعمد القاضي إلى إفتراض أن المتعاقدين كانا سيرتبطان بالعقد الجديد الصحيح لو أنهما تبينا من الأصل بطلان عقدهما الذي ارتبطا به ([7])كما وعرفه الدكتور عبد المنعم فرج الصدة بقوله إذا كان التصرف باطلاً وأشتمل على عناصر تصرف آخر فهذا التصرف يؤخذ به إذا أفترض أن المتعاقدين كانا يريدان هذا التصرف الآخر لو انهما علما ببطلان التصرف الأول([8]). ونرى بأن هذا التعريف وإن كان قد بين إلى حد ما آلية تحقق التحول إلا أنه لم يبين على نحو الدقة معنى التحول، فهو وكما ذكرنا قد بين الفكرة الأساسية للتحول، كما أنه لم يختلف كثيراً عن النصوص القانونية التي عالجت موضوع التحول، كما أنه لم يبين بأن العقد الباطل يجب أن يتضمن في حيثياته جميع عناصر العقد الصحيح الجديد من دون أي تغيير يطرأ عليها، ذلك أن العقد قد يتضمن عناصر العقد الصحيح بعد تغيير في عنصر أو أكثر من عناصره كما لو تم استبعاد أو استبدال أحد هذه العناصر فنكون امام نظام آخر هو التصحيح وليس التحول. كما عرفه الدكتور سليمان مرقس بقوله هو( تحول العقد الباطل الذي قصد الطرفان إبرامه إلى عقد من نوع آخر تكون عناصره متوافرة في تمامها في حطام ذلك العقد الباطل إذا ثبت أن نية الطرفين كانت تنصرف إلى هذا العقد الآخر لو علما وقت إبرام العقد الأول ببطلانه)([9]).ويبدو أن هذا التعريف وعلى الرغم من استعماله مصطلح (تحول) في إيضاح معنى التحول وهو أسلوب منتقد كما اسلفنا إلا أنه تميز ببيان أن العقد الجديد الصحيح يجب أن تتوافر جميع عناصره في ذات العقد الباطل من غير أي تغيير فيها، كما وأنه بين إلى حد ما الآلية التي يمكن أن يقع بها التحول وهو ما يعد ميزة إيجابية في التعريف .
الفرع الثاني/موقف الفقه الفرنسي
بعد أن تناولنا في الفرع الأول من هذا المطلب موقف الفقه العربي من مسألة وضع تعريف يبين المعنى الخاص بالتحول، فإن الأمر يتطلب ومن أجل معرفة موقف الفقه المقارن دراسة موقف الفقه في فرنسا ودوره في محاولة وضع تعريف خاص بنظام التحول . وفي فرنسا وعلى الرغم من عدم وجود نص قانوني خاص في القانون المدني الفرنسي يعالج نظام التحول، إلا ان هناك من الفقهاء الفرنسيين من حاول وضع تعريف للتحول يبين معناه بشكل واضح وفقاً لفهمه لهذا النظام أو وفقاً للوظيفة التي يؤديها التحول في إنقاذ العقود، لذا نجد أن الفقيه الفرنسي هنري كابيتان (Henri Capitant) عرفه بقوله : تحول العمل القانوني هو عبارة عن الانتقال من حالة إلى أخرى، وهو عملية قانونية لإيجاد تكافؤ وتوازن معين يسمح بإحلال نوعية معينة من الأعمال مكان الأخرى في تطبيق القانون والالتزامات( الموجبات)، أو هو بشكل أساسي الانتقال من مؤسسة الى مؤسسة اخرى([10])ويلاحظ بأن هذا التعريف قد انفرد عن باقي التعريفات بالإشارة إلى أهمية التوازن العقدي ودوره في استقرار المعاملات غير أنه يؤخذ عليه أنه لم يبين كيفية الانتقال من حالة البطلان إلى حالة الصحة، حيث لم يحدد آلية هذا الانتقال وبالتالي فقد جاء بتعابير عامة لا تشير في مضمونها إلى حقيقة المعنى المقصود بتحول العقد الباطل، ويبدو لنا أن السبب الأساسي في عدم الدقة إنما يرجع إلى عدم وجود نص قانوني خاص بالتحول في القانون الفرنسي
ومما تقدم يتبين لنا بوضوح معنى التحول باعتباره نظاماً قانونياً يمثل وسيلة فنية تهدف إلى تقليل حالات بطلان العقود وما يترتب عليها من آثار سلبية. عندما يُعتبر العقد باطلاً، فإنه يُلغى تمامًا، مما قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية للمتعاقدين. لذلك، يسعى الفقه القانوني إلى الاستفادة من العقود الباطلة بتحويلها إلى عقود صحيحة، بشرط توافر أركان العقد الصحيح في العقد الباطل، وأن يحقق العقد الجديد الهدف الاقتصادي للمتعاقدين أو جزءًا منه([11]).
المطلب الثاني/شروط التحويل
بعد ان تناولنا معنى التحويل في المطلب الاول من هذه المبحث أصبح من الضروري تناول الشروط اللازمة لتحقيق هذا النظام، حيث تُعد هذه الشروط الركائز الأساسية التي لا يمكن للنظام أن يقوم بدونها. وقد أشارت النصوص القانونية، مثل المادة (140) من القانون المدني العراقي، إلى هذه الشروط الجوهرية.
الفرع الاول/بطلان العقد الاصلي او قابليته للأبطال
توجب ابتداءً أن يكون العقد الأصلي باطلا أو قابلاً للإبطال وقضي بإبطاله، ذلك ان التصرف القابل للأبطال يكون قبل ابطاله مكتمل الصحة ولكن بإعلان إبطاله يفقد صحته هذه بأثر رجعي ويصبح كالتصرف الباطل ويجب أن يعامل مثله تماماً لذا فإن التحول يسري على مثل هذه التصرفات، إذ يكون التصرف الآخر الصحيح مستقر في داخل التصرف القابل للأبطال، اما قبل الابطال فإن التصرف يكون صحيحاً ولكنه مشوب بعيب لذا فإن التحول في مثل هذه الحالة يكون ممتنعاً لان التحول انما يرد على التصرفات الباطلة فقط لا على التصرفات الصحيحة وايضا فإن التحول في مثل هذه الحالات يكون في غير مصلحة الطرفين فإذا ما انتهت المدة ولم يتمسك صاحب المصلحة بحقه في الابطال يصبح التصرف كامل الصحة وبذلك ينغلق كل امكان للتحول كلية ([12]) فالعقد الصحيح لا يتحول إلى عقد آخر حتى لو كان المتعاقدان يؤثرانه على العقد الأول فالهبة الصحيحة التي تتضمن عناصر الوصية لا تتحول إلى وصية ولو تبين ان كلا من الواهب والموهوب كان يفضل الوصية على الهبة ([13]) ذلك ان العقد الصحيح تقوم صحته على الإرادة الحقيقية للطرفين فلا حاجة هنا للبحث عن التحول من خلال إرادة فرضية للطرفين ، إذ يجب دون شك ان تصح الإرادة الحقيقة التي يقرها القانون وان تنتج آثرها ([14]).ولا يخضع للتحول التصرف الذي لم يكتمل وجوده المادي وما لا يعد تصرفا قانونياً إذ في هذه الاحوال تقوم واقعة لا يعقد بها القانون أية آثار قانونية فهي غير قابلة للتحول، ذلك ان غاية التحول هي حماية المتعاقدين الذين لا يمكنهم تحقيق اغراضهم القانونية والاقتصادية بسبب جهلهم بالحقائق القانونية، أما اذا كان عمل المتعاقدين واقعاً خارج نطاق القانون فليس ثمة ما يبرر مساعدتهموعلى ذلك فإن التصرف الذي يتم على سبيل المزاح والتصرف الصوري والتصرفات الصادرة عن فاقد الأهلية أو الإرادة هي جميعها تصرفات غير قابلة للتحول ([15]). ويقتضي هذا الشرط أن ينصب البطلان على كل التصرف أو على شق منه لا يقبل الانفصال عن جملة التصرف، اما اذا كان الشق الباطل قابلاً للانفصال دون تغير صفة العقد فينبغي ان يطبق عليه النص الخاص بانتقاص العقد الباطل وليس تحوله لأن الأولى أن تبقى إرادة المتعاقدين الحقيقية بدلاً من أرادتهما المفترضة التي تعتمد عليها نظرية التحول ([16]).ولكن هل أن جميع حالات البطلان تكون قابلة للتحول ؟ أي حتى لو كان بطلان العقد راجعاً إلى عدم المشروعية ومخالفته للنظام العام والآداب؟ يرى جانب من الفقه ([17]) ، أن جميع حالات البطلان قابلة للتحول سواء أقام بسبب تخلف ركن في العقد أو عيب في الشخص أو مخالفة نص قانوني أو النظام العام والآداب، فسبب البطلان لا أهمية له ولا يعوق اجراء التحول. في حين يرى جانب آخر من الفقه ([18])، وهو الرأي الذي نرجحه عدم جواز تحول التصرف الباطل إلى تصرف آخر صحيح إذا كان سبب البطلان يرجع إلى عدم المشروعية أي اذا كان سبب البطلان يرجع إلى مخالفة التصرف لنص قانوني آمر أو مخالفته للنظام العام والآداب بشرط انصراف نية الطرفين الحقيقة إلى تلك المخالفة، ذلك ان هذه المخالفة تجعل الإرادة غير مشروعة وبالنتيجة فهي غير جديرة بحماية القانون فالتحول ليس إلا وسيلة لحماية الإرادة وليس وسيلة للتحايل على القانون، ولابد لنا من الإشارة في هذا الصدد إلى انه اذا كان الغرض الذي أراد المتعاقدان تحقيقه مشروعاً ولكن أخطئا الوسيلة إلى تحقيق هذا الغرض فليس هناك شك في جواز التحول لان الغرض ليس مخالفا للقانون ويمكن تحقيقه عن طريق آخر مشروع ([19]).
الفرع الثاني /توافق العقد الباطل وعناصر عقد اخر صحيح
القاعدة العامة (المادة 140 في القانون العراقي والمادة 144 في القانون المصري): تنص على أن “إذا كان العقد باطلاً وتوافرت فيه أركان عقد آخر، فإن العقد الباطل يتحول إلى عقد آخر صحيح بشرط توافر مقومات العقد الجديد”. معنى ذلك: أن العقد الباطل لا يهدر بالكلية، بل يُنظر فيما إذا كان يحتوي على مقومات لعقد آخر صحيح يختلف عن العقد الأصلي. جوهر الخلاف بين فقهاء القانون: يتمحور الخلاف حول مدى الاختلاف المطلوب بين العقد الباطل والعقد الجديد الذي يتحول إليه الاتجاه الأول: يشترط أن يكون العقد الجديد من نوع آخر يختلف عن العقد الباطل (مثلاً من بيع إلى هبة أو إيجار الاتجاه الثاني: يرى أن اختلاف مضمون العقد كافٍ لإعمال مبدأ التحول، حتى لو بقي العقد في ذات النوع، شريطة توافر الأركان القانونية للعقد الجديد. المنطق القانوني فكرة التحول تعتمد على مبدأ احترام إرادة الأطراف بقدر الإمكان، بحيث يتم تصحيح العقد الباطل إذا أمكن إضفاء صفة المشروعية عليه عن طريق تكييفه كعقد آخر. الاختلاف في المجال القانوني للعقدين: من غير الضروري أن يقع العقدان في مجالين مختلفين تماماً، طالما كان العقد الجديد يستند إلى مقومات قانونية صحيحة ويستوفي شروطه الموضوعية والشكلية([20])ا لأمر يعتمد على مدى اتساع مفهوم التحول: إذا أخذنا بمبدأ اختلاف النوع، فإن التحول يقتضي أن يكون العقد الجديد من نوع قانوني آخر.إذا أخذنا بمبدأ اختلاف المضمون فقط، يكفي أن تتغير بعض شروط العقد الأصلي الباطل ليتم تحويله إلى عقد جديد صحيح. الراجح في التطبيق العملي هو الأخذ بمبدأ اختلاف المضمون كونه أكثر مرونة، ويحقق غاية المشرّع في تفعيل العقود وصحة التعاملات قدر الإمكان.
الفرع الثالث/اتجاه ارادة المتعاقدين الافتراضية الى العقد الجديد
لا يتم التحول الا إذا قام الدليل على أن نية المتعاقدين كانت تنصرف إلى الارتباط بالعقد الجديد لو تبينا ما في العقد الأصلي من أسباب البطلان وليس معنى ذلك ان تكون الإرادة الحقيقية للمتعاقدين قد انصرفت إلى العقد الآخر، لأن هذه الإرادة قد انصرفت في حقيقة الأمر إلى العقد الأصلي الباطل([21]). وليس من المعقول ان تكون إرادة العقد الباطل حقيقية وإرادة العقد الأخر حقيقية أيضا بل معناه ان إرادة المتعاقدين المفترضة قد انصرفتا إلى العقد الصحيح لو علما ببطلان العقد الأصلي ([22]) وليس معنى ذلك أيضا ان تتطلب وجود إرادة احتياطية أي ان يكون الطرفان قد أراد العقد الأصلي الباطل أساساً وتوقعا احتمال بطلانه فأرادا العقد الآخر الصحيح على سبيل الاحتياط لان مثل هذه الإرادة الاحتياطية تكون إرادة حقيقية ([23]). وليس من المتصور ان توجد في كل عقد إرادتان إحداهما حقيقية توجه إلى التصرف الأصلي وأخرى احتياطية توجه إلى التصرف الآخر إذا ما تبين بطلان التصرف الأصلي وعلى فرض حدث ذلك فليس ثمة تحول وإنما تحقيق لإرادة قامت فعلا ([24]) . فنكون حينئذ إزاء تعديل للإرادة الأولى ([25]). ولأصبحت المسألة مجرد مسألة تفسير دون حاجة إلى النص الخاص بالتحول ([26]). نستخلص من ذلك إلى أنه لا توجد إرادة حقيقية بصدد التصرف الثاني وقت إبرام التصرف الأصلي وعلى هذا الوقت وحده يتوقف كل شيء فالأمر يدور حول إنشاء إرادة كانت تكون للطرفين في هذه اللحظة لوكانا يعلمان ببطلان تصرفهما الأصلي ([27])وبذلك فإن الإرادة التي تستقيم مع منطق التحول للتصرف الآخر هي الإرادة الافتراضية فهي معيار التحول وضابطه، ولكن السؤال هنا هو : كيف تستكشف هذه الإرادة الافتراضية؟ يقع عبء الكشف عن هذه الإرادة على قاضي التحول الذي يبحث عنها في وقت إبرام التصرف وان كانت لم تظهر إلى الوجود الا انها تمثل إرادة الطرفين في ذلك الوقت لو كانا يعلمان ببطلان تصرفهما الأصلي، وهناك من الضوابط ما يمكن ان يرتكز عليها القاضي في استخلاص هذه الإرادة تتمثل في الظروف التي صاحبت عملية التعاقد ([28]) وفيما إذا كان التصرف الجديد يحقق الغاية العملية التي يهدف إليها المتعاقدان من التصرف الأصلي فالعبرة هنا ليست بالوسيلة الفنية التي لجأ إليها الطرفان بل الغاية العملية التي يراد الوصول إليها ، فإذا كانت وسيلتهما الفنية قد جاءت باطلة غير قادرة على انتاج ما يرتب عليها القانون من آثار أمكن أن يقال أنهما أرادا الوسيلة الصحيحة مادام أنها تؤدي إلى الغاية المقصودة ([29]). وعلى هذا يتعين على القاضي أن يحول التصرف ويفرض هذا التحول على الطرفين إذا استوفيت عناصر التحول المطلوبة، فصحة التصرف الجديد تقع بقوة القانون ([30]) فالقاضي لا يبعث في التصرف الحياة وإنما يكشف عن هذه الحياة.
ولكن هل يكفي اتجاه نية الطرفين إلى العقد الصحيح لتحقيق التحول بعد ان تغيرت النظرة إلى دور الإرادة في ضوء التطورات الاجتماعية والاقتصادية وبعد ان اصبح المشرع يتجه نحو التوجيه العقدي واصبحت الإرادة مقيدة بقاعدة التوازن في التبادل في ظل نظام اقتصادي مخطط وأصبح بالإمكان تطويع العقد من حيث الشكل والمضمون لتحقيق الإرادة العامة الممثلة بمصلحة الجماعة ؟ لا شك في أن نظرية التحول بوضعها الحالي تعكس تكريسا لمبدأ سلطان الإرادة الذي تكون فيه الإرادة حرة من أن تتجه لإحداث أي أثر من الآثار من عدمه، وبذلك تكون العبرة في تطبيق النظرية بالغاية العملية للمتعاقدين لا بالإرادة القانونية، فتكون غاية التحول هي حماية المتعاقدين الذين لا يمكنهم تحقيق اغراضهم القانونية والاقتصادية بسبب جهلهم بالحقائق القانونية ([31])، ودون الاعتداد بالمضمون العقدي، صحيح ان هناك قيوداً يفرضها القانون للحد من سلطان الإرادة كالنظام العام والآداب إلا انها قيود ذوات طابع سلبي بمعنى أنها تقتصر على منع المتعاقدين من الاتفاق على ما يتعارض مع مصلحة المجتمع ([32]). وبناء عليه نقترح على المشرع العراقي تعديل نص المادة (١٤٠) مدني عراقي ليكون كالاتي: إذا وافق العقد الباطل أركان عقد آخر فإن هذا العقد يكون صحيحاً بوصفه العقد الذي توافرت أركانه، اذا تبين ان نية الطرفين كانت تنصرف إلى إبرام هذا العقد، بشرط عدم مخالفة العقد الآخر لأحكام القانون ولأهداف العقد الاجتماعية ([33]). هذا المقترح يتطلب إعطاء القاضي سلطة تقديرية في مجال تحول العقد بما يكفل تحقيق تلك الأهداف وعدم الاكتفاء بالمعنى الذي قصدت إليه الإرادة دون النظر إلى أي اعتبار آخر اجتماعي أو اقتصادي.
المبحث الثاني/اثار تحويل العقد وطبيعتة
بعد أن تناولنا في المبحث من هذه الأطروحة ماهية التحول ، وبعد أن تعرفنا على الشروط اللازمة لإعمال هذا النظام والتي تمثل ضوابط أساسية لا يمكن تجاوزها كونها تمثل الأركان الرئيسية لنظام التحول، بعد كل ذلك بات من الضروري ومن أجل تغطية الموضوع من جوانبه كافة أن نتناول في المبحث الثاني من هذه البحث أهم الآثار التي ترتب على تطبيق هذا النظام ثم بعد ذلك عرض بعض الصور والحالات الخاصة بالتحول وذلك من خلال معالجتها في تحول العقد الباطل إلى عقد صحيح وعلى النحو الآتي:
المطلب الاول / اثار البطلان
البطلان وهو الجزاء الذي يترتب على عدم استيفاء العقد أركانه، بأن تخلف أحد هذه الأركان أو أكثر، أو نتيجة لعدم استيفاء العقد أحد شروطه، وهذا الأمر قد يدفع إلى التساؤل هل أن البطلان بهذا المعنى يؤدي إلى انعدام كل أثار العقد ؟ أم انه من الممكن أن يترتب عليه بعض هذه الآثار؟ أن القول بالبطلان وان كان من حيث المبدأ يؤدي انعدام العقد وكأنه لم يكن منذ الأصل إلا أن الواقع العملي أن هنالك بعض الآثار التي تترتب على البطلان، والتي يمكن تقسيمها على ثلاثة أنواع فالنوع الأول من هذه الآثار هي تلك التي تترتب على تقدير البطلان على أن العقد الباطل معدوماً لا وجود له، سواء في ذلك كان العقد باطلاً من الأصل أو قابلاً للإبطال ومن ثم أبطل. أما النوع الآخر من الآثار تترتب على العقد الباطل فهي آثار أصلية من بين الآثار التي قصد إليها إطراف العقد من واقعة التعاقد، إلا أنها ترتبت بشكل استثنائي وعلى الرغم من وقوع العقد باطلاً، وذلك بموجب نص القانون بناء على بعض الإعتبارات الخاصة بحسن النية وضرورة استقرار التعامل ([34]) أما النوع الثالث من هذه الآثار فتترتب على العقد الباطل بوصفه واقعة مادية، وبالتالي فهي أثار عرضية ([35])، بمعنى إنها ترتبت على الواقعة المادية التي توافرت عرضاً بين طيات العقد الباطل من دون أن يقصد إليها المتعاقدان في الأصل، وتلك الآثار العرضية هي التي يعبر عنها الفقه بأنها تتم وفقاً لنظام تحول العقد الباطل إلى عقد صحيح ([36])،وعلى هذا الأساس وبغية التعرف على آثار البطلان سنوزع هذا المطلب على فرعين حيث نتناول في الأول الآثار التي تترتب على العقد الباطل بإعتباره معدوماً. أما الفرع الثاني فسنعالج آثار البطلان الأصلية وعلى النحو الآتي
الفرع الاول/الاثار التي تترتب على العقد الباطل بوصفة معدوما
المبدأ العام في البطلان هو أن العقد الباطل لا يمكن أن ينتج أي اثرحيث يعد العقد الباطل كأنه لم يكن أصلاً ([37])، ويعد هذا الأمر يسيراً وممكناً في حالة عدم تنفيذه من قبل أطراف العلاقة العقدية حيث لا يحق لأي منهم أن يطالب الطرف الآخر بتنفيذ الإلتزامات التي كانت مترتبة بذمته لو جاء هذا العقد صحيحاً، ولذا فإنه في حالة مطالبة أحد المتعاقدين للآخر بشيء من هذه الإلتزامات فإنه يحق لهذا الطرف الآخر أن يدفع تلك المطالبة ببطلان العقد، فمثلاً إذا كان العقد الباطل هو عقد بيع وطالب البائع المشتري بدفع الثمن كان للمشتري أن يدفع هذه المطالبة ببطلان البيع، والأمر نفسه يقال إذا طالب المشتري بتسليم المبيع حيث يحق للبائع دفع هذه المطالبة ببطلان العقد وبالتالي فهو غير ملزم تجاه المشتري، وبهذا المعنى جاء قرار محكمة النقض الفرنسية يقضي بعدم إمكانية دفع بدل الوساطة للوسيط في عملية تبني غير مشروعة غير أن الأمر لا يكون بهذه السهولة في كثير من الأحيان لا سيما عندما يقوم كلا المتعاقدين أو أحدهما بتنفيذ كل التزاماته أو جزء منها، ومن أجل معرفة أهم الآثار التي تترتب على العقد الباطل بوصفه معدوماً، فإنه لابد من معرفة كيفية إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل العقد في حال تنفيذ الإلتزام أو جزء منه، ومن ثم معرفة الإستثناءات التي ترد على هذا المبدأ، وهو ما سنعالجه في الفقرتين التاليين وعلى النحو الآتي:
اولا/الاثر الرجعي للبطلان (اعادة الحال الى ما كانت علية قبل التعاقد)
عالجت المادة (138) من القانون المدني العراقي هذه الموضوع وفي فقرتيها : الأولى والثانية التي جاء فيها : 1- العقد الباطل لا ينعقد ولا يفيد الحكم أصلا، 2- فإذا بطل العقد يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فاذا كان هذا مستحيلا جاز الحكم بتعويض معادل). وهي تقابل المادة (1/142) مدني مصري([38]) التي تنص على: في حالتي إبطال العقد وبطلانه يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، فإذا كان هذا مستحيلاً جاز الحكم بتعويض معادل)، وقد عالجت المادة (233) موجبات وعقود لبناني فكرة الأثر الرجعي للبطلان غير أنها لم تعالج الإجراءات الخاصة بإعادة الحال إلى ما كانت عليه أو ما يعرف بموجب الرد) حيث جاء الشق الثاني من المادة ينص على ولا يجوز لغير المحكمة ان تحكم بالإبطال ويكون حينئذ ذا مفعول رجعي على أن العقد يبقى قائماً ويستمر على إحداث مفاعيله العادية ما دام الإبطال لم يكن قضائياً.
ثانيا/الاستثناءات التي ترد على مبدا الاثر الرجعي في البطلان
اذا كان الأصل هو أن أثر البطلان يسري في حق الغير كذلك وبأثر رجعي، إلا أنه مع ذلك فإن هذا المبدأ زوال أثر العقد بالنسبة للغير قد ترد عليه بعض الإستثناءات التي تقيده، وعادة ما ترتبط هذه الإستثناءات بمبادئ حسن النية وحماية الظاهر([39]) أول الاستثناءات التي ترد على مبدأ إعادة الحال إلى ما كانت عليه طبقاً لفكرة الأثر الرجعي في البطلان هي قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية)، وعلى هذا الأساس فإن من يحوز منقولاً بموجب سبب صحيح وذلك بمقتضى تصرف قانوني من شأنه أن ينقل الحق إذا كان صادراً من مالك، وعلى هذا الأساس فإن الشخص الحائز يكسب الحق الذي تلقاه إذا كان حسن النية ولا يعلم بما يشوب سند التصرف من اسباب البطلان ([40])، وهذا ما أكدته المادة (1163) من القانون المدني العراقي التي تنص على: 1 – من حاز وهو حسن النية منقولاً أو سنداً لحامله مستنداً في حيازته إلى سبب صحيح فلا تسمع عليه دعوى الملك من أحد. 2 – والحيازة بذاتها قرينة على توافر حسن النية ووجود السبب الصحيح، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك)([41]). وعلى هذا الأساس فإن من يحوز المنقول بحسن نية معتقداً بصحة التصرف، الذي نقل الحق اليه على هذا المنقول، فلا يمكن بحال من الأحوال إنتزاع هذا الشيء من يده وعليه فلا يتأثر بفكرة الأثر الرجعي للبطلان ومن الحالات الأخرى هي حالة الخلف الخاص التي نص عليها القانون المدني الكويتي في الماده (189) ([42]) ومن الإستثناءات الأخرى التي ترد على مبدأ الأثر الرجعي في البطلان بالنسبة للغير، ما يتعلق بحالة عقد بيع العقار، وتبرز هذه الصورة بشكل خاص في القانون المدني المصري وقانون الموجبات والعقود اللبناني، ومقتضى هذا الاستثناء ان التصرف بالعقار اذا تم بموجب عقد باطل أو قابل للابطال وادى هذا التصرف إلى ان يكسب الغير وبحسن نية حقاً عينياً عقارياً على العقار الذي ورد عليه العقد الباطل وقبل ان يتم تسجيل دعوى البطلان أو التأشير بها في هامش تسجيل العقد الباطل، قبل ان يكسب هذا الغير حقه([43]).
الفرع الثاني/الاثار الاصلية للبطلان
يضاف إلى الآثار الثانوية أو الغير المباشرة التي تترتب على العقد الباطل على الرغم من بطلانه، وذلك بشكل إستثنائي، نوعاً آخراً من الآثار التي تترتب على العقد الباطل وتوصف بأنها آثار اصلية، كونها تترتب عليه([44])، كما لو كان هذا العقد عقداً صحيحاً على الرغم من البطلان الذي لحق به، الأمر الذي يعد خروجاً على القواعد العامة في البطلان، ولعل الذي يسوغ ترتيب العقد الباطل لهذا النوع من الآثار إنما هو مبدأ حماية الظاهر الذي يجب أن يسود في العلاقات العقدية ([45]) ، وكذلك مبدأ حسن النية في التعامل ولهذا السبب فأن هذا النوع من الآثار عادة ما ينصرف إلى الغير وذلك على وفق نصوص القانون الذي يرتب هذه الآثار التي تعد خروجا على قاعدة عدم نفاذ التصرف في حق الغير. ومن أجل بيان الآثار الأصلية التي تترتب على العقد الباطل وكأنه عقداً صحيحاً فلا بد من بيان الاثار التي تترتب على اساس حماية الظاهر والاثار التي تترتب على اساس مبدا حسن النية وذالك من خلال الفقرتين الاتيتين
اولا/الاثار التي تترتب على اساس حماية الظاهر
المادة (147) من القانون المدني العراقي تتعلق بالعقود الصورية، وتؤكد أن العقد الصوري يمكن أن يتمسك به دائنو المتعاقدين والخلف الخاص إذا كانوا حسني النية، وذلك إذا لم يكن العقد الصوري قد أضر بمصالحهم. ومع ذلك، لهم الحق في إثبات صورية العقد إذا كان من شأنه أن يلحق بهم ضررًا، وبالتالي يمكنهم التمسك بالصورية لإبطال العقد أو تعديل آثاره. إذن، المادة توازن بين حماية حقوق الأطراف المتعاقدة ومنع التلاعب بالحقوق عبر العقود الصورية، وفي نفس الوقت تمنح الأطراف المتضررة الفرصة لإثبات الصورية إذا لزم الأمر وهو نفس الحكم الذي جاءت به المادة (244) من القانون المدني المصري كما ويمكن أن نستشف هذا المعنى من المادة (155) من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبنانية، كما ونصت المادة (1321) من القانون المدني الفرنسي.
ثانيا/الاثار التي تترتب على اساس مبدا حسن النية
بعد أن تعرفنا في الفرع السابق من هذا المطلب على أهم الآثار الأصلية التي يمكن تترتب على العقد الباطل على الرغم من بطلانه وكأنه عقد صحيح، وذلك لظروف معينة قدر المشرع إنها جديرة بالحماية كونها تتعلق بمبدأ عام يسهم إلى حد بعيد في إستقرار التعامل الإقتصادي ألا وهو مبدأ حماية الظاهر، فإنه بذات الوقت قد رتب آثار العقد الاصلية على العقد الباطل بالرغم من واقعة البطلان هذه وكأنه عقد صحيح ولكن هذه المرة من أجل مبدأ هام آخر لا يقل من حيث الأهمية عن مبدأ حماية الظاهر، وهذا المبدأ هو مبدأ حسن النية في التعامل، حيث لابد لكل طرف في العقد أن يتعامل بحسن نية في تنفيذ التزامته ([46])، وعلى هذا الأساس قدر المشرع أن تنفيذ العقد بحسن نية يستوجب في بعض الأحيان ترتيب بعض الآثار على العقد الباطل وكأنه عقد صحيح. ولعل أبرز صورة تبدو في هذا المجال هي صورة الزواج الظني فالزواج كعقد لا بد لإنعقاده من توافر شروط معينة سواء أكانت هذه الشروط شروطاً موضوعية أم شكلية، وعلى هذا الأساس متى استجمع عقد الزواج هذه الشروط إنعقد صحيحاً مرتباً لآثاره سواء بين الزوجين أو إتجاه الأولاد الذين يولدون كثمرة لهذا الزواج الصحيح أما إذا تخلفت هذه الشروط أو بعضها ، فأن ذلك سيؤدي بالتأكيد إلى بطلان عقد الزواج هذا ، وعلى وفق القواعد العامة في البطلان؛ لا بد أن يزول عقد الزواج الباطل هذا بأثر رجعي، وعده كأنه لم يكن من الأصل، ومن ثم اعادة الزوجين إلى الحالة التي كانا عليها قبل ابرام عقد الزواج، غير أن القول بهذا الأمر يعني بالتأكيد الإضرار بالزوجين من جهة والأولاد الذين أنجبوهم نتيجة هذا الزواج الباطل من جهة أخرى، حيث سيفقدون النسب الشرعي لهم ، وهذه الآثار الخطيرة التي تضر بالأشخاص المذكورين أعلاه هي التي دفعت المشرعين إلى السعي من أجل إيجاد الحلول القانونية المناسبة لتفادي هذه الآثار الخطيرة وما قد يرافقها من سلبيات كثيرة، الأمر الذي أفرز إلى الوجود فكرة الزواج الظني الزواج الموهوم) التي على أساسها تعد الأوضاع التي يرتبها هذا الزواج الباطل في الماضي باقية، ومستمرة وكأنها نتجت عن عقد صحيح، ولا ينتج البطلان آثاره إلا للمستقبل ([47]).
المطلب الثاني /طبيعة اثر التحويل
تختلف التشريعات في تحديد طبيعة الآثار التي تترتب عند تحول العقد الباطل الى عقد صحيح، وذلك تبعا لاختلاف الأساس الذي يبنى عليه العقد الصحيح ففي ظل التشريع الأسلامي والمعروف بانتهاجه النزعة الموضوعية في بناء أحكامه الكلية والجزئية في دائرة المعاملات، نجده أقام أساس التحول على المعيار الموضوعي بدلا من المعيار الذاتي الذي أتجهت اليه غالبية التشريعات الوضعية، فالإرادة وكما هو معلوم، تنشئ العقد فقط، دون أحكامه وآثاره التي تكون من اختصاص وتقدير المشرع، ولا دخل لإرادة المتعاقدين في ترتيبها ، مما يعني أن الأحكام الشرعية التي تبينها العقود لا تترتب استنادا الى ما ورد في العقد من عبارات والفاظ تدل على إرادة المتعاقدين لها، وإنما على أساس أذن المشرع بترتيبها ([48])وبناء على ما تقدم فإن العقود الصحيحة والباطلة تنسب آثارها الى الشارع فقط مما يعني أن الأثر الذي يرتبه العقد الباطل من حيث تحوله الى عقد صحيح لا يرجع الى إرادة المتعاقدين، وإنما الى إذن الشارع وارادته له، ويمكن الاستدلال لبيان ذلك من خلال التطبيقات التي زخر بها الفقه الأسلامي والتي تدل بوضوح على تحقق التحول في كل حالة تتوافر فيها شروط إعماله عند بطلان العقد إذ نجد فيها تكوين عقد جديد مرتب لآثار متى ما كان متوافقا مع أحكام الشرع، ولا يمكن للمتعاقدين التخلص منها الا بالاتفاق معا على الأنحلال إن هذا الأتجاه في الفقه الإسلامي يبرز بوضوح مدى اختلافه مع ما اعتمدته التشريعات الوضعية ذات النزعة الذاتية في إقرار الأحكام والآثار التي تترتب على العقود صحيحة كانت أم باطلة ([49])، كما يظهر مدى تقاربه مع التشريعات ذات النهج الموضوعي، التي تخضع العقود في تكوينها وآثارها لمتطلبات خطط التنمية التي يقوم عليها الاقتصاد الوطني، فقد لاحظنا فيما سبق بالنسبة للتشريعات التي تقوم على الحرية وتقديس الإرادة وعدم أغفاله دورها في ترتيب الآثار مطلقا، إن أثر البطلان فيما يتعلق بالتحول يرجع تقديره الى قاضي الموضوع وفقا لإرادة الطرفين المفترضة أي أفتراض توجهها الى التحول ما لم يثبت خلاف ذلك، ففي التشريع الألماني ومن أقتفى أثره، كالتشريع المصري والتشريع العراقي ، أقام التحول على إرادة الطرفين المفترضة، كأساس لإعماله، وهذا يعني أن التحول في ظل هذه التشريعات لا يمكن أن يرتب أثره حتى وإن تحققت شروطه الموضوعية التي تكمن في العناصر الصحيحة المتوافرة في العقد الباطل مع ما لم تتحقق له الشروط الذاتية والتي يقصد بها انصراف إرادة المتعاقدين اليه الا أنه ذلك ينبغي ملاحظة أن الإرادة المطلوبة ليست بإرادة حقيقية ([50])، وإنما هي إرادة فرضية وذلك لأدراك أهمية التحول وما يعكسه من ضرورة عملية تحفظ العقود من الهدر والضياع في دائرة البطلان، الا أن ذلك لا يكون على حساب إرادة الطرفين متى ما أعلنا رفضهما للعقد الجديد الذي نشأ بالتحول.
إن ما تم بيانه، يخالف ما لمسناه في موقف التشريع الأسلامي الذي لا يتطلب سوى تحقق الشروط الموضوعية للتحول حتى يرتب أثره في إنشاء عقد جديد. ويبدو لنا أن البحث في إرادة المتعاقدين وفيما إذا كانت سترضى التحول أم لا، يجب أن يكون له دورفي تقرير أثره طالما كان في حدود النظام العام والآداب العامة، كما أنه أمر لا يصطدم مع غاية المصلحة العامة ذلك أن إنشاء عقد جديد وترتيب آثار جديدة، لم يكن بأمكان المتعاقدين توقعهما عند بطلان العقد الأصلي، لذا فإن ترتيب هذا الأثر أمر ينطوي على خطورة متى ما تم تجاوز هذه الإرادة واغفال دورها ، كما في قواعد العدالة ويتناقض مع مبدأ أن العقود في أساسها تبنى – كأصل عام – على الرضا ولذلك نجد أنه متى تم رفض العقد الجديد فإن ذلك يجب أن يحول دون ترتيب أثره في حق المتعاقدين وهذا هو الأقرب لطريق العدالة، وعليه فإننا لا نتفق مع القول في عدم اشتراط الإرادة مطلقا لأعمال التحول كأثر للبطلان، الا أن الإرادة التي يمكن تطلبها هي إرادة مفترضة يمكن معها للمتعاقدين الحيلولة دون ترتيب هذا الأثر متى ما أعلنا عن رفضهما للعقد الجديد. وإذا كان الأساس في ترتيب أثر التحول في ظل النظم التقليدية يرتكز على إرادة المتعاقدين فإن الأمر لا يبدو كذلك بالنسبة للنظم الحديثة التي تعتمد نهجا موضوعيا في بناء أحكامها حيث أن العقد أداة يؤدي فيها وظيفة إقتصادية واجتماعية تكمن في تدوال الأحوال والثروات، ونتيجة لذلك فإن أثر التحول سيتأثر بدرجة كبيرة بهذا المفهوم، ومن ثم فإنه لا يمكن قبول الآثار التي يرتبها التحول عند البطلان ما لم يتناسب مع خطة التنمية التي أقرها القانون، وترتيبها على ذلك، فإن العقد الباطل إذا كان لا يرتب الآثار التي قصدها المتعاقدان، الا أنه يمكن مع ذلك أن يرتب الآثار التي أقرها القانون، فهذه النظم الحديثة تسعى الى المحافظة على العقود وعدم أهدارها من خلال تغيير مضمونها بما يتفق مع خططها لتحقيق المصلحة العامة، سواء تم هذا التغيير والتعديل من وقت إبرام العقد أو من الوقت الذي تتغير فيها الظروف مما يستدعي بعد ذلك تعديل العقد وفقا للقانون ([51]) ومما تقدم، يتضح لنا مدى الإختلاف في اتجاهات التشريعات حول تحديد طبيعة الآثار التي يرتبها التحول عند بطلان العقد، كما أنه يمكننا ملاحظة مدى التقارب والتوافق بين موقف التشريع الأسلامي والنظم الحديثة من حيث اعتماد كل منهما البناء الموضوعي لأحكامهما دون الرجوع الى إرادة المتعاقدين في تكوين العقود وترتيب آثارها سواء أكانت صحيحة أم باطلة، في حين تشكل هذه الإرادة جزءا مهما لا يمكن إغفاله أو تجاوز أثره في النظم التقليدية. عند تحقق شروط إعمال التحول، رتب ذلك أنشاء عقد جديد، سرى أثره في حق جميع الأشخاص بوصفه عقدا صحيحا، كما أن هذا الاثر لا يسري في حق المتعاقدين فحسب، وإنما ليسري في حق الغير أيضا، وهذا الأثر يترتب بأثر رجعي من وقت إبرام العقد الباطل. ولبيان ذلك فإنه يقتضي تقسيم هذه الطلب الى فرعين وعلى النحو الآتي :-
الفرع الاول /الأثر الرجعي للتحول.
إن العقد الجديد الذي يكسب وجوده من العناصر الصحيحة المتوافرة في العقد الباطل يعد صحيحا بقوة القانون، وليس للإرادة التي اتجهت الى العقد الباطل أي تأثير في ذلك ويقع على القاضي في هذه الحال عبء التحقق من توافر شروط التحول ومدى كفايتها لبناء عقد جديد، ومتى ثبت له ذلك فإن واجبه القانوني يفرض عليه ترتيب أثر التحول فسلطة القاضي آزاء ذلك ليست سلطة منشئة للعقد الجديد وإنما هي سلطة مقيدة بنص القانون، الذي لا يمكنه معها إنشاء عقد جديد متى ما كانت عناصر تكوينه غير متوافرة في العقد الباطل، فإذا تطلب الأمر مثلا إدخال عناصر أضافية خارج نطاق العقد الباطل استحال عندها على القاضي أنشاء العقد، لأمتناع التحول أصلا، بفقدانه شروط إيقاعه ([52])وإذا كان الأمر يحتاج الى تدخل قضائي لأجراء التحول، فهو ليس الا للفصل في تحقق شروطه فقط، لأن أثره لا ينسب الى القضاء، فليس هناك ما يسمى بتحول قضائي. إذ أنه مقيد بنص القانون. ومن ثم فهو يكتسب صحته مباشرة من نص القانون وليس من الحكم الفضائي، وما حكم القضاء سوى حكم يقرر أن التحول قد تم، ولكل من المتعاقدين عندها التصرف وفقا للعقد الجديد وتنفيذ آثاره ولا يمكن لأحدهما التحلل من أحكامه لكون العقد الجديد أصبح نافذا بحكم القانون. ولكن متى يعد العقد الجديد نافذا ومرتبا لآثاره ؟ إن المبدأ الذي تقرره القواعد العامة في التحول ، يفرض انسحاب التحول بأثر رجعي الى تاريخ إبرام العقد الباطل، ذلك أن العقد الجديد يحمل تاريخ العقد الأصلي، فهو يحل محله بالتحول، لأكتسابه عناصر وجوده منه، ولهذا فإن التحول ينتج أثره بصفة عامة بأثر رجعي، ما لم تكن هناك صعوبات عملية تقف عائقا في سبيل أنسحاب هذا الأثر الى الوراء، كما هو الحال بالنسبة لعقود المدة، والتي يكون الزمن فيها عنصرا جوهريا، مما يستحيل معه رد الألتزامات الموفاة الى تاريخ إبرام العقد الباطل، مما يشكل أستثناء على هذا المبدأ ولا يمكن عندها تطبيق الأثر الرجعي ([53])
إن تطبيق مبدأ الأثر الرجعي للتحول، لم يكن الا لاعتبارات وجد فيها المشرع تحقق المصلحة العامة، وتخفيف الضرر الذي قد يلحقها نتيجة لبطلان العقود، ومن هنا فإن الضرورة العملية فرضت تطبيق هذا المبدأ ، لتحقيق ما ينشده المشرع بصورة عامة فإذا كان العقد باطلا أنتج أثره بألغاء كل ما رتبه بالنسبة لطرفيه وبالنسبة للغير، لكن عند أعمال التحول وبأثر رجعي أمكن تحقيق الحماية القانونية للحقوق والمصالح وعدم أهدارها وفقا لما يفرضه منطق البطلان.
الفرع الثاني/ تطبيق أثر التحول بالنسبة للأشخاص.
عند تحول العقد الباطل الى عقد صحيح فإنه – كما بينا سابقا – يسري بأثر رجعي وبنص القانون، وهذا يعني أنه سيمثل الرابطة العقدية التي ترتب أثرها بين أطرافها وهم المتعاقدان في العقد الباطل ، أي أن أثر التحول سيترتب في الدرجة الأولى بين المتعاقدين فهم من سيلزمان بالعقد الجديد الذي حل محل عقدهما الأصلي، وبناءا على ذلك فإن صحة العقد الصحيح ستسري في مواجهة المتعاقدين وخلفهما ودائنيهما، كما أنه يسري لينسحب في مواجهة الغير أيضا وفي مواجهة أي شخص ثالث قد يملك حقا يتأثر بصحة العقد أو بطلانه، أستنادا الى أن العقد الصحيح يعتبر حجة في مواجهة الكافة، كما هو العقد الباطل في حجية بطلانه ([54])
.ويقيم القانون قرينة على إتمام التحول عند بطلان العقد، وتضمن الأخير لعناصر عقد آخر ، فلا يلزم المتعاقدين بأثبات شروطه، فالقاضي يملك السلطة في إجرائه مباشرة عند تحقق مجاله، الا في الحالة التي يرجع فيها عدم قيام التحول فإنه في وبدون شك يلقي على عاتق من يريد التمسك بالتحول عبء إثبات مثل هذه الحالة تحقق شروطه.
وللقاضي القول الفصل في ذلك، وهذا يعني أن أثر التحول يترتب مباشرة بين أطراف العقد الباطل، وهم من يمثل أطراف العقد الجديد، بتدخل القاضي في ترتيبه ومن تلقاء نفسه، وإن كان ذلك يتم عن طريق مساعدة الطرفين([55]) . وهناك من الفقهاء الألمان من ينكر على القاضي سلطته في إتمام التحول من تلقاء نفسه، ذلك لأن هذا الإجراء وضع ليخدم حاجة المتعاقد بالدرجة الأولى، ولا يمكن إجباره على قبول ما لا يمكن إجباره على قبول ما لا يحقق له ذلك الا بإرادته هو([56]) .
وإذا كان التحول يرتب أثره فيما بين المتعاقدين، فمن الطبيعي القول إن هذا التحول لا يمكن أن يقع متى ما أعترضته أرادتهما، إذ أن إعمال الإرادة ضد هذه الإرادة سوف لا يحقق ما شرع له أصلا، وعليه فمن المنطق أن يكون للتحول إرادة وهذه لا يملكها الا أطراف العقد الباطل، فهم من يتأثر به وهم من سيلتزم بآثاره. وإذا كان العقد الجديد يلزم المتعاقدين وفقا للتحول، فهو إذن يسري في حق خلفهما ودائنيهما وفي حق كل شخص قد يتأثر بصحة العقد أو بطلانه كما في حالة بطلان بيع صادر من مريض مرض الموت وفيه محاباة للمشتري، فإن تصرفه يتحول الى وصية نافذة في حدوث الثلث، ومن ثم لا يستطيع الورثة أن يستندوا الى بطلان عقد البيع، فأثر الوصية نافذة في حقهم، كما هو نافذ في حق متعاقديه ([57]) ومما تقدم يتضح لنا أن التحول إذا ما تم وقع أثره بإنشاء عقد جديد يستند تاريخه الى تاريخ العقد الباطل تنفيذا لمبدأ الأثر الرجعي ويسري هذا الأثر في حق المتعاقدين كما يسري في حق الغير للحجية المطلقة التي يتمتع بها العقد الصحيح والذي حل محل العقد الباطل أستثناء.
الخاتمة
في ختام هذا البحث الموسوم بعنوان “تحويل العقد الباطل إلى عقد صحيح في نطاق القانون المدني”، توصلنا إلى جملة من النتائج المهمة التي تسلط الضوء على أهمية وفعالية نظرية تحول العقد في تحقيق الاستقرار في المعاملات القانونية والحد من الآثار السلبية للبطلان.
أبرز النتائج:
1. تعريف نظرية تحول العقد: تُعد نظرية تحول العقد وسيلة قانونية تهدف إلى إنقاذ العقد الباطل أو القابل للإبطال بتحويله إلى عقد آخر صحيح، متى توافرت في العقد الباطل أركان عقد آخر صحيح، وكانت نية المتعاقدين تنصرف إلى إبرام هذا العقد البديل.
2. شروط تطبيق نظرية التحول: لتطبيق نظرية التحول، يجب توافر شروط أساسية، منها: وجود عقد باطل أو قابل للإبطال، توافر أركان عقد آخر صحيح ضمن العقد الباطل، وانصراف نية المتعاقدين إلى إبرام العقد البديل لو علموا ببطلان العقد الأصلي.
3. الآثار المترتبة على التحول: يؤدي تحول العقد إلى اعتبار العقد الجديد صحيحًا بأثر رجعي من تاريخ إبرام العقد الباطل، مما يسهم في استقرار المعاملات وحماية المصالح المشروعة للأطراف والغير.
4. موقف التشريعات المختلفة: تناولت التشريعات المدنية العربية نظرية تحول العقد بنصوص صريحة، كما في القانون المدني العراقي في المادة 140، مما يعكس أهمية هذه النظرية في المنظومة القانونية. ختامًا، تُعد نظرية تحول العقد أداة قانونية فعّالة تسهم في تقليل الآثار السلبية لبطلان العقود، وتحقيق الاستقرار في المعاملات المدنية، مما يستوجب الاهتمام بتطبيقها وتطويرها في المنظومات القانونية.
قائمة المراجع
أ-القران الكريم
ب-كتب اللغة
1-ابو اسحاق ابراهيم بن على بن يوسف الفيروز آبادي الشيرازي، المهذب للشيرازي في فقه الامام الشافعي، ج۲، الفكر العربي، بيروت.
۲- ابو اسحاق ابراهيم بن على بن يوسف الفيروز آبادي الشيرازي، المهذب احمد کامل، استانبول، ۱۳۲۳ للشيرازي في فقه الامام الشافعي، ج۹، مصطفى البابي الحلبي، مصر.
4- ابو النجا شرف الدین موسى الحجاوي المقدسي، الاقناع في فقه الامام احمد بن حنبل، ج۲، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، بدون سنة طبع.
ج-كتب القانون
1. ابراهيم الدسوقي ابو اليل البيع بالتقسيط والبيوع الائتمانية الاخرى الطبعة الأولى مطبوعات جامعة الكويت 1984 .
2. أبراهيم الدسوقي، مجال وشروط الانقاص مجلة الحقوق الكويتية، السنة الأولى، العدد الثاني، ۱۹۸۷ .
3. أحمد إبراهيم الغول، الأثر الرجعي في الفقه الإسلامي والقانون المدني، دراسة مقارنة منشأة المعارف الاسكندرية، ۲۰۰۸
4. احمد شكري السباعي، نظرية بطلان العقود في القانون المدني المغربي والفقه الإسلامي و القانون المقارن ، منشورات عكاف، بدون سنة طبع .
5. أحمد محمد علي داود أحكام العقد في الفقه الإسلامي والقانون المدني، ج2، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع 2016
6. احمد مرزوق، في نظرية الصورية في التشريع المصري، مطبعة دار الأتيف ، ١٩٥٧.
7. أحمد هندي، قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، ٢٠٠٣.
8. احمد يسري تحول التصرف القانوني مطبعه الرسالة, القاهرة 1958.
9. اسماعيل علم الدين نظرية العقد مقارنة بين القوانين العربية والشريعة الإسلامية)، بدون طبعة ، دار النهضة العربية، بدون سنة طبع.
10. إسماعيل غانم في النظرية العامة للالتزام مصادر الالتزام، مطبعة عبد الله وهبة، مصر، .١٩٦٦
11. انور السلطان النظرية العامة للالتزام، ج 1، مصادر الالتزام، دار المعارف، القاهرة، 1965
12. أنور السلطان مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني ( دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ) ، الطبعة الثانية، المكتب القانوني 2002
13. أنور العمروسي ، البيوع الباطلة في القانون المدني، بدون طبعة دار محمود للنشر والتوزيع بدون سنة نشر.
14. أنور العمروسي أصول المرافعات ومذكرات الدفاع في الدعاوى والطعون، ج۳، دار الفكر الجامعي الاسكندرية، بدون سنة طبع.
15. انور سلطان، النظرية العامة للالتزام، ج ۱، مصادر الالتزام، دار المعارف، مصر ، ١٩٦٢.
16. انور سلطان جلال العدوي الموجز في العقود المسماة، ج ۱ . (البيع)، دار المعارف، الإسكندرية ، ١٩٦٣.
17 انور سلطان احكام الالتزام دار النهضة العربية بيروت 1974.
18. أنور طلبة انحلال العقد، بدون طبعة المكتب الجامعي الحديث بدون سنة طبع.
19. أنور طلبة في عقد البيع في ضوء قضاء النقض، بدون طبعة 1990.
20 انور طلبة الحيازة المكتب الجامعي الحديث الازاريطة الاسكندرية ٢٠٠٤.
21. انور يوسف حسين ركن الخطأ في المسؤولية المدنية للطبيب، الطبعة الأولى، دار الفكر القانوني، 2014.
22 بيرك فارس حسين الجبوري القاضي عواد حسين ياسين العبيدي، نظرية الشكل في العقود المدنية والالكترونية قانون التوقيع الالكتروني والمعاملات الالكترونية) (دراسة مقارنة)، الطبعة الأولى، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان ، 2014.
23 توفيق حسن فرج، عقد البيع والمقايضة، مؤسسة الثقافة الجامعية ۱۹۷۹.
24. توفيق حسن فرج، عقد الايجار، دراسة لإحكام قوانين الايجارات الدار الجامعية للطباعة والنشر، ١٩٨٤.
25 توفيق حسن فرج النظرية العامة للالتزام، ج 1 ، مصادر الالتزام الدار الجامعية الاسكندرية 1988.
26. جاك غستان المطول في القانون المدني (تكوين العقد، ترجمة منصور القاضي، الطبعة الأولى، المؤسسة الجامعية لدراسات والنشر والتوزيع، بيروت لبنان 2000
27 جلال علي العدوي أصول المعاملات المكتبة المصرية الحديثة للطباعة والنشر ، ١٩٦7
الهوامش:
-
أنظر بهذا المعنى قرار محكمة استئناف جبل لبنان الأولى ذي الرقم 59 بتاريخ 4/2/1966 والذي جاء فيه حيث ان المادة 196 موجبات وعقود نصت على ان الموجب الذي ليس له سبب أو له سبب غير صحيح بعد كأنه لم يكن ويؤدي إلى اعتبار العقد الذي يعود إليه غير موجود أيضاً وما دفع يمكن استرداده، وحيث يستنتج من هذه المادة ومن الاجتهاد المستمر المرتكز على مبادئ العدل والأنصاف أنه في العقود ذات الآجال الطويلة يقتضي المحافظة على الآثار والأوضاع التي خلفتها هذه العقود أبان حقبة تنفيذها، لأنه من غير الممكن صرف النظر عن حصول التنفيذ وعدم الاعتداد بالمفاعيل الواقعية التي أوجدها التنفيذ بالنسبة لوضع المتعاقدين وعلاقاتهم المتبادلة، لذا أقر الاجتهاد وجوب إعطاء الأبطال مفاعيل جزئية تؤمن الإبقاء على الأوضاع التي أوجدها العقد الباطل أثناء فترة تنفيذه وتلزم الفريق الذي استفاد من هذه الأوضاع أن يعوض الفريق الآخر بمقدار استفادته منه، عفيف شمس الدين المصنف في قضايا الموجبات والعقود والمسؤولية – تصنيف للاجتهادات الصادرة في قضايا الموجبات – العقود – المسؤولية بجميع أنواعها بيروت، 1992، ص 16، وبذات المعنى قرار محكمة استئناف بغداد – الرصافة ذي العدد 184/م/ 2005 في 2005/2/16 ، مجلة القضاء، مجلة حقوقية فصلية تصدرها نقابة المحامين في جمهورية العراق ع 1-4، ص 59، 2007، ص 313-314، لمزيد من الاطلاع بهذا الخصوص راجع د. سليمان مرقس أصول الالتزامات، ج1، مصادر الالتزامات مطابع دار النشر للجامعات المصرية القاهرة، 1965 ، ص 313، ف 329، د. فتحي عبد الرحيم عبد الله الوجيز في النظرية العامة للالتزامات الكتاب الأول، مصادر الالتزام ج 1، العقد والإرادة المنفردة، ط2، مكتبة الجلاء الجديدة بالمنصورة، 1995-1996 ص156ف 224. ↑
-
وقسمة المهايأة أو كما تسمى قسمة الانتفاع هي عقد يتفق فيه الفرقاء على اقتسام منافع الشيء المشترك مع الإبقاء على الملكية الشائعة، وهي أما زمانية وأما مكانية) لمزيد من الاطلاع راجع د. مروان كركبي و د. سامي منصور القانون المدني – الأموال والحقوق العينية العقارية الأصلية، ط3، المنشورات الحقوقية – صادر، 2002، ص 254 وما بعدها. ↑
-
والتحول لغة : هو تغيير حاصل لذات الشئ أو لكيفية هيئته أو للمكان أو للزمان أو الحكم أو هو تغيير الحال من حال إلى أخرى، وحالت القوس واستحالت بمعنى إنقلبت، وحال عليه العهد تحول أي إنقلب حال لونه من حال إلى حال، والتحول هو التنقل من موضع إلى موضع ومنه قوله تعالى في الآية (108) من سورة الكهف (خالدين فيها لا يبغون عنها حولا أي تحويلا، وكذلك قوله تعالى في الآية (43) من سورة فاطر ولن تجد لسنة الله تحويلا)، وقال الأزهري التحويل مصدر حقيقي من حولت، والمحيل الذي أنت أحوال وغيرته، لسان العرب للأمام العلامة أبي الفضل جمال الدين محمد بن مکرم بن منظور الأفريقي المصري، مج 15 ، دار صادر بيروت، ص 188 وما بعدها. ↑
-
القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المعدل. ↑
-
د. عبد الرزاق أحمد السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني، مج 1، نظرية الالتزام بوجه عام، مصادر الالتزام، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت – لبنان، ص 550، هامش 1 وبذات المعنى الدكتور زهير المارتيني الوجيز في نظرية الالتزام، جامعة حلب، مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية، ص 144، هامش 2. ↑
-
نقض مدني مصري رقم 289 لسنة 27 ق جلسة 13/12/1962، الموسوعة الذهبية للقواعد المدنية، الأصدار المدني، ج7، 1982 ، ص 743. ↑
-
وهذا يبدو واضحاً في قرار محكمة إستئناف بغداد – الرصافة الاتحادية – الهيئة التمييزية المدنية ذي العدد 1224/م/ 2005 في 2005/9/29 والذي جاء فيه إدعت المدعية لدى محكمة بداءة الكرادة. أنه بتاريخ 2002/12/13 باعث المدعى عليها الدار المرقمة 5201/1 الزعفرانية لها ببدل مقبوض قدره أربعة ملايين وستمائة الف دينار والباقي مليون وأربعمائة وخمسون ألف دينار تدفع عند التسجيل بأسمها واسم أولادها القاصرين محمد ودعاء أولاد موفق فخري بموجب التعهد الخطي وعقد البيع الموقع من قبل المدعى عليها وأنها مستعدة لتسديد باقي البدل الذي بذمتها والبالغ مليون وأربعمائة وخمسون ألف دينار، وحيث أنها شاغلة للدار منذ شرائها بتاريخ 2002/1/13 ولحد الآن وقد أجرت عليها التحسينات والترميمات وتبديل الزجاج والصبغ وتصليح السطح وحيث أن المدعي عليها ممتنعة عن الحضور إلى مديرية التسجيل العقاري لغرض إكمال معاملة تسجيل الدار بأسم أولادها القاصرين فقد سيرت لها الأنذار عدد 1621 سجل 456 في 2003/1/27 وتبليغها بورقة التبليغ إلا أنها لم تحضر وعليه تطلب دعوتها للمرافعة والحكم بالزامها بتمليكها الدار وأولادها القاصرين وتحميلها الرسوم. أصدرت المحكمة بتاريخ 2005/8/14 وعدد 2060/ب/ 2004 حكماً حضورياً قابلاً للتمييز يقضي بتسجيل العقار تسلسل 5201/1 مقاطعة الزعفرانية باسم المدعية فاتن عبد الرزاق حسن وأولادها القاصرين محمد ودعاء والأشعار إلى دائرة التسجيل العقاري في الرصافة الثانية بذلك وتحميل المدعى عليها المصاريف وأتعاب المحاماة، ولعدم قناعة المميزة بالقرار المذكور طلب وكيلها بعريضته المؤرخة 2005/9/4 نقضه.. لدى التدقيق والمداول وجد أن الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية قرر قبوله شكلاً ولدى عطف النظر على القرار المميز وجد أنه غير صحيح ومخالف للقانون وذلك لصدور قرار من محكمة بداءة الكرادة بعدد 918918/ب/2004 وتاريخ 2004/6/17 والمتضمن أن الأتفاق المبرم بين الطرفين والمثبت في ظهر مقاولة البيع الخارجي المؤرخة في 2002/11/13 بأن يتم سداد بقية الثمن خلال ثلاثين يوماً وبخلافه يتم إعتبار المدة من شهر آذار سنة 2002 وما بعدها فترة إستئجار ببدل شهري قدره خمسون الف دينار لذا فإن صفة المدعى عليها (المميزة) بعد إلغاء عقد البيع الخارجي المبرم بين الطرفين هو أنها مستأجرة وحيث أن صدور الحكم باعتبار المدعية مستأجرة للعقار يمتنع عليها إقامة دعوى التمليك وحيث أن المحكمة أغفلت ذلك مما يخل بصحة قرارها فقرر نقضه وإعادة الدعوى إلى محكمتها للسير فيها وفق ما تقدم…) مجلة القضاء ع 1-4 ، س 59 ، 2007، ص 377-313 ↑
-
د. عبد المنعم فرج الصدة، مصادر الالتزام شركة ومكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر 1960 ,ص311 -312 ↑
-
د. سليمان مرقس أصول الالتزامات، ج 1، في مصادر الإلتزام، مطابع دار النشر للجامعات. المصرية، القاهرة، 1960، ص 325، وبذات المعنى د. محسن عبد الحميد إبراهيم البيه. النظرية العامة للالتزامات مصادر الالتزام، ج1، المصادر الإرادية، مكتبة الجلاء الجديدة. المنصورة، بدون سنة طبع، ص 334. د. عبد الفتاح عبد الباقي دروس مصادر الالتزام مطبعة نهضة مصر الفجالة – القاهرة، بدون سنة طبع ص 277 – 278 ↑
-
أشار إليه:
N’1, Lipinski (Pascal), La conversion des actes juridiques, R.R.J, 2002-3, p1167, ↑
-
د. محسن عبد الحميد ابراهيم البيه ,مصادر الالتزام ,بدون سنة طبع, ص 333-334 ↑
-
د. احمد يسري، تحول التصرف القانوني ، بلا مكان طبع، ١٩٥٨، ص 122 ↑
-
د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط، ج ۱، ص ٤٩٩. ↑
-
د.احمد يسري .المرجع السابق,ص109 ↑
-
المرجع نفسة .ص107 ↑
-
د.سليمان مرقس ,نظرية العقد ,ص444 ↑
-
د.احمد يسري .المرجع السابق,ص109 ↑
-
عبد الرزاق السنهوري، نظرية العقد، ص ٦٣٥ ، هامش (۲) حيث تبنى رأي الفقيه الفرنسي (سالي) في إعلان الإرادة، الفقرة ۲۱ و ۲۲ ومن هذا الرأي أيضا، د. رأفت دسوقي، تحول العقد الباطل إلى تصرف صحيح، دار الكتب القانونية، بلا سنة طبع، ص ٨٠ , د. اياد عبد الجبار ملوكي، تحول العقد، المجلد السابع، العدد الأول، ۱۹۸۸، ص ۱۸۹ ↑
-
د. رأفت دسوقي، مرجع سابق، ص ٨٠ ↑
-
د.احمد يسري .المرجع السابق,ص139 ↑
-
د. رافت دسوقي، المرجع السابق، ص ٨٥. ↑
-
د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط، ج ۱، ص ۵۰۲ ، وينظر في المعنى نفسه، د. عبد الفتاح عبد الباقي مرجع سابق، ص ٥٠٢ ↑
-
د. رأفت دسوقي، المرجع السابق، ص ٨٥ ↑
-
د. عبد المنعم فرج الصدة، نظرية العقد، 1974، ص ٤٥٠ . وقد ذهبت محكمة النقض المصرية إلى تأسيس تحول العقد على نية الطرفين الاحتمالية في قرار لها في ۱۹۷۱/۱/۲۹ ، نقلا عن د. عبد الحميد الشواربي وآخرون، مرجع سابق، ص ٤٩٢ ↑
-
د. حلمي بهجت بدوي، آثار التصرفات الباطلة، العدد الثالث، 1933، ص ٤٠٩. ↑
-
د. شفيق شحاته، مرجع سابق، ص ۸۳ ↑
-
د. احمد يسري، مرجع سابق، ص ۱۸۲ ↑
-
د. رأفت دسوقي، المرجع السابق، ص 208 ↑
-
د. عبد المنعم فرج الصدة، نظرية العقد، مرجع سابق، ص ٤٥٠ . ↑
-
د. احمد يسري، مرجع سابق، ص ۱۸۲ ↑
-
د. احمد يسري، مرجع سابق، ص 107 ↑
-
د. صاحب عبد الفتلاوي، شرح القانون المدني الأردني، العقود المسماة ، ط٢، جامعة الإسراء ، ١٩٥٢ ، ص 69 ↑
-
د. صاحب عبد الفتلاوي، مرجع سابق ، ١٩٥٢ ، ص 72 ↑
-
د. عبد المجيد الحكيم و د. عبد الباقي البكري ود. محمد طه البشير الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي، ج 1، مصادر الالتزام، مطابع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، 1980 ↑
-
عبد الرزاق السنهوري، نظرية العقد، مرجع سابق , ص619 وما بعدها ↑
-
عبد المجيد الحكيم ,مصادر الالتزام ,ج1, 1977,مطبعة نديم ,ص244,ف455 ↑
-
قرار محكمة تمييز العراق يقول أن العقود الباطلة هي عقود معدومة وليس ثمة حاجة لإقامة الدعوى لبطلانها إذ لا جدوى من الحكم بالعدم على المعدوم) قرار رقم 950، ح/1954 في 1954/6/29 المبادئ القضائية، عبد الرحمن العلام,ص123 ↑
-
القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948 ↑
-
تميز مدني لبناني – غرفة أولى رقم 5 في 1965/1/12، النشرة القضائية، 1965،ص181 ↑
-
دغني حسون طه القانون المدني الكويتي بين نظرية الفقه الاسلامي في توقف العقود ونظرية الفقه الغربي في البطلان النسبي، مرجع سابق، ص 188-189، ف58، د. محمد علي عبده، نظرية السبب في القانون اللبناني، مرجع سابق، ص 114 ↑
-
وتقابل هذه المادة في القوانين محل الدراسة المقارنة المادة (1/976) مدني مصري، المادة (307) اصول المحاكمات المدنية اللبناني المادة (2279) من القانون المدني الفرنسي. ↑
-
وتنص المادة (189) على (1) – لا يحتج بأبطال العقد في مواجهة الخلف الخاص للمتعاقد الآخر اذا كان هذا الخلف قد تلقى حقه معاوضة وحسن نية 2 – ويعد الخلف الخاص حسن النية اذا كان عند التصرف له لا يعلم سبب ابطال عقد سلفه ولم يكن في مقدوره ان يعلم به، لو انه بذل من الحرص ما تستوجبه ظروف الحال من الشخص العادي). ↑
-
د. عبد المنعم فرج الصده، نظرية العقد في قوانين البلاد العربية، مرجع سابق، ص 430-431 ف260 ↑
-
عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق في الفقه الاسلامي، ج 4، نظرية السبب والبطلان، دار احياء التراث العربي، ١٩٥٣ – ١٩٥٤٠ ↑
-
ويقصد بالظاهر (الواقع المشاهد الذي لا يمكن انكاره الشبيه هيئة بالحقيقة الخفية التي يصعب اكتشافها، والذي تكون نتيجته نقضاً لوضع قانوني قائم، وهو ينشأ من ممارسة شخص لحق أو السلطان أو لولاية أو لحالة لا صفة له في شغلها قانوناً، فيزعم لنفسه امام الغير الذي يتعامل معه بأنه ذو صفه وينظر اليه الناس عموماً بأنه صاحب حق أو سلطة أو ولاية أو حالة لتشابه الامر عليهم حيث لا يمكن لاحد ان يستبين الزيف من الحق)، د. عبد الباسط جميعي، نظرية الاوضاع الظاهرة، رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق – جامعة القاهرة، 1955، ص 44. ↑
-
د. محمد عبد الظاهر حسين الدور المنشئ للقاضي في إطار الروابط العقدية دار النهضة العربية – القاهرة، 2005 ، ص 38 ↑
-
د. خديجة شريف، نظرية الظاهر، مرجع سابق، ص 283 وما بعدها. ↑
-
صاحب عبيد عبد الزهرة الفتلاوي، تحول العقد في ضوء متطلبات التحول الاشتراكي، اطروحة دكتوراه مقدمة الى مجلس كلية القانون، جامعة بغداد، .١٩٨٦ وأنظر : سعد محمد سعد، مبدأ سلطان الإرادة في الشريعة الإسلامية والقانون اليمني ، الطبعة الأولى ، ١٩٩٦ ، ص ٢٥. ↑
-
حلمي بهجت بدوي، اصول الالتزامات الكتاب الأول في نظرية العقد، مطبعة نوري، القاهرة، ١٩٤٣٠ ↑
-
حسين عامر ، القوة الملزمة للعقد، الطبعة الأولى، مصر، القاهرة، ١٩٤9 ↑
-
صاحب عبيد الفتلاوي، المصدر السابق، ص ۳۸۰. ↑
-
ينظر ، أحمد يسري، المصدر السابق، ص ۲۰۸ ، عبد الحكم فودة، المصدر ص ٦٥٢؛ وقد قضت محكمة النقض المصرية بهذا الصدد: فكرة تحويل العقد الباطل الى عقد صحيح تفترض قيام العقد الجديد بين نفس المتعاقدين، بصفاتهما التي اتصفا بها في العقد القديم. فليس في سلطة القاضي اجراء أي تغيير في هذه الصفات، لخروج ذلك عن نطاق العقد لما كان ذلك، فإن تحول العقد يكون ممتنعا، إذا كان يستلزم ذلك ادخال متعاقد جديد ليعقد العقد. وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، ولم يقض بتحول العقد الاصلي الصادر من المطعون عليه بصفته لغيره الى بيع جديد صدر منه بصفته الشخصية، فإنه لا يكون قد خالف القانون، او اخطأ في تطبيقه . قرار نقض مدني ۱۹۷۰/۱۱/۲٦ ، مجموعة محكمة ٢١-٣-١١٧٦-١٩٢ مشار اليه في محمد المنجي دعوى بطلان العقود، الطبعة الأولى منشأة المعارف بالإسكندرية ۱۹۹۸، ص ۵۰۰. ↑
-
عبد المجيد الحكيم، مصادر الالتزام، الطبعة الثانية ، شركة الطبع والنشر الاهلية، بغداد، ١٩٦٣، ص ٤٨ ؛ عبد الرزاق السنهوري، الوسيط المصدر السابق، ص ٥٤٧. ↑
-
احمد يسري، المصدر السابق، ص ۲۱۰ ، صاحب عبيد عبد الزهرة الفتلاوي، المصدر السابق ص ۳۷۲ ↑
-
ينظر :- احمد يسري، المصدر نفسه، ص ۲۱۰ ، صاحب عبيد عبد الزهرة الفتلاوي، المصدر
نفسه، ص ۳۷۲ ↑
-
احمد يسري , المصدر نفسة ,ص210 ↑
-
جميل الشرقاوي، نظرية بطلان التصرف القانوني في القانون المدني المصري، مطبعة جامعة القاهرة، ١٩٥٦٠ ↑