تخييل التاريخ، محكيات النص في رواية ثورة المريدين لسعيد بنسعيد العلوي
HISTORICAL FICTION, TEXT NARRATIVES, IN A NOVEL “ THE REVOLUTION OF THE DISCIPLES” SAID BENSAID ALAOUI
أنس هاشيم1
1 مختبر السرديات، المغرب.
بريد الكتروني: anashachim88@gmail.com
DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj62/1
المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/62/1
الصفحات: 1 - 9
تاريخ الاستقبال: 2025-01-04 | تاريخ القبول: 2025-01-15 | تاريخ النشر: 2025-02-01
المستخلص: حاولنا من خلال هذا البحث الوقوف عند أهم تمظهرات التاريخ في الرواية المغربية وذلك من خلال إبراز علاقة التاريخ بالنص الروائي، فالتاريخ يشكل مادة أساس ينهل منها الكاتب، ويستعين بها في إنتاج الرواية التي تستحضر الماضي، وترتبط الرواية التاريخية بسرد الأمة والشعوب عبر العصور في محاولة إضفاء نوع من التخييل على التاريخ باعتباره مكون يرتكز على الموضوعية، ومن أجل تحقيق غاية هذا البحث؛ المتمثلة في رصد بنية التخييل التاريخي في الرواية عبر تحليل ووصف محكيات النص، اخترنا من رواية " ثورة المريدين" لسعيد بنسعيد العلوي الكاتب والمؤرخ المغربي أنموذجا ننطلق منه لكشف أهم تمثيلات وتمظهرات تلك العلاقة عن طريق إبراز التماهي القائم بين المادة التاريخية والمادة الروائية، فالرواية موضوع التحليل تكشف عن دور الإنسان في صناعة التاريخ من خلال توظيف شخصية المهدي بن تومرت في قالب تخييلي، وكشفت لنا الرواية عن ارتباط التاريخ بالنص من خلال محكيات ذات أبعاد بطولية وتاريخية وثورية، واختارنا آليات تحليلية ووصفية لإبراز دور الكتابة الروائية في كشف التاريخ وإزالة الغرابة عنه، ومن أهم النتائج المتوصل إليها: أن التاريخ مادة يستلهمها المبدع لاستحضار الماضي ونقده أو محاولة لتغييره، أن الرواية تستلهم التاريخ من خلال أحداثه وشخصياته البارزة، ثم كون التخييل التاريخي آلية جديده لبناء العالم والواقع وتفسيره من خلال رد الأحداث إلى أصولها.
الكلمات المفتاحية: الرواية، التخييل، التاريخ، محكي.
- تمهيد
تعد الرواية من أهم الأجناس الأدبية الحديثة، التي وفدت إلى عالمنا العربي في مطلع القرن التاسع عشر من أوروبا، وأثرت بشكل كبير على المبدعين العرب عامة، والمغاربة خاصة، وذلك لقدرتها التعبيرية على مجموعة من القضايا الاجتماعية والسياسية والتاريخية، فسعى أغلب الروائيين العرب لإنتاج أعمالهم الروائية تعبر عن الواقع العربي وما يشهده من أحداث ووقائع ترتبط ببنية الوعي والمجتمع، وقد ظهرت أنواع متعددة من الروايات، تختلف باختلاف المادة التي ينهل منها الروائي؛ ومنها الرواية البوليسية والواقعية ورواية الخيال العلمي…، ومن بين هذه الأنواع الرواية التاريخية، التي يعمد فيها المؤلف إلى استحضار المادة والمعرفة التاريخية، وبلورتها في بنية سردية تعبر عن حدث تاريخي أو أحداث تاريخية أو تسرد سيرة شخصية من الشخصيات التاريخية.
إن العلاقة التي تربط الرواية بالتاريخ علاقة وطيدة وقوية منذ نشأة الرواية كجنس أدبي، ذلك أن التاريخ يشكل مادة أساس ينهل منها الكاتب، ويستعين بها في إنتاج عدد من الروايات التاريخية التي تستحضر الماضي. ولعلى أهمية الرواية التاريخية ترجع في الأساس، إلى ارتباطها بماضي الأمة الإنسانية، وإعادة إحياء الماضي العربي والتاريخ الإسلامي وسير الأعلام الذين طبعوا مراحل تاريخ تطور العرب والمسلمين.
إن الرواية والتاريخ يشتركان في خاصية السرد؛ سرد الأحداث والوقائع في الرواية على لسان السارد بطريقة تخييلية، وفي التاريخ على لسان المؤرخ بكيفية واقعية. وإذا كانت الرواية تشترك مع التاريخ في هذه الخاصية، فإنها تختلف عنه في كون الرواية مجالها التخييل والتاريخ مجاله الواقع، إلا أن تداخل السرد الروائي بالوقائع التاريخية أنتج لنا السرد التاريخي، ومن تجلياته الرواية التاريخية، هذه الأخيرة التي لاقت رواج كبيرا في الآونة الأخيرة بالمغرب، ومن بين الروائيين الذين أنتجو نصوصا روائية تاريخية نذكر على سبيل المثال لا الحصر : حسن أوريد وعز الدين التازي وشعيب حليفي وعبد الله العروي وسعيد بنسعيد العلوي في رواية ثورة المريدين[1]، وهي المتن الذي سنشتغل عليه في هذا البحث.
وتكمن أهمية الموضوع في استجلاء تجليات التاريخ في الرواية التاريخية “ثورة المريدين نموذجا”، والإحاطة بالأبنية الدلالية للرواية ومحكيات سردية. هذا البحث عن المحكيات التاريخية في الرواية وأهم تمظراته يدفعنا للتساؤل عن قيمة التاريخ في الرواية ومسوغات حضوره.
- السرد والتاريخ
يشترك السرد والتاريخ في مجموعة من العلاقات، وليس لأحد أن ينكر أو يطمس هذه الحقيقة، فالتاريخ والسرد وجهان لعملة واحدة مفادها إعادة تصوير الزمن، وعلى حد قول الناقد عبد الله ابراهيم : ” فإن المشابهة المحتملة في الأفعال المروية، هي المشترك الوظيفي بين السرد والتاريخ، فيكون السرد شبه تاريخي مماثلا للتاريخ شبه سردي“[2]، ومعنى هذا أن الوظائف والأفعال التي تقوم بها القوى الفاعلة داخل النصوص، هي التي تتوسط العلاقة بين التاريخ والسرد، ولكن هذه العلاقة القائمة بين السرد والتاريخ تبقى أثناء محاولة وصف ماهية الأنواع الأدبية. فيلاحظ أنذاك وجود تعارض خطير بين التوثيق التاريخي والسرد الخيالي، فالأول يحمل وجها واحدا وهو التوثيق، وموضوعه التاريخ والوقائع الواقعية، والثاني فوجهه السرد وموضوعه الخيال، والقارئ عليه أن يكون على علم بهذه المسألة وأن يختار النصوص التي تشبع رغباته المعرفية والثقافية، فمن كان لديه هوس الخيال فإن الكتب والنصوص الإبداعية والتخييلية من رواية وقصة هي ضالته بكل تأكيد، ومن كان فكريا مشبعا بالروح الواقعية، فإن كتب التاريخ وسير الشخصيات هي ضالته.
- الرواية التاريخية
تعتبر الرواية التاريخية أحد أهم أنواع الرواية إلى جانب الرواية الواقعية والبوليسية وروايات الخيال العلمي، وقد تعددت تعريفات النقاد في القطرين العربي والغربي لها، إلا أن الإجماع كان حول فكرة أساس مفادها أن الرواية التاريخية تعتمد التاريخ مادة أساس، حيث يمكننا تمييز نوعين من التعريفات، يتمثل النوع الأول في المقاربة التقليدية للرواية التاريخية، التي تعتمد مسألة نقل الوقائع الماضية دون تحريف ولا تزييف، أما النوع الثاني فيتمثل في المقاربة الحداثية للتاريخ، حيث تستعمل الرواية التاريخ مادة خاما، لا لنقلها أو إعادة صياغتها، ولكن لتحقيق أهداف تخييلية لا تتحقق إلا بحضور عنصر التاريخ.
وارتبط ظهور الرواية التاريخية العربية خاصة بمجموعة من الظروف والدوافع، إذ اعتبر سمر روحي أن انتشارها مرتبط برد الفعل العربي على سياسة الاستعمار، حيث يقول: “وظهور الرواية التاريخية مرتبط برد الفعل العربي على سياسة التتريك، وحين بدأت المرحلة تتجه نحو الاستقلال شرعت الرواية التاريخية تجمد وترخى”[3]، بمعنى أن الحروب المتوالية على الدول العربية، كانت سببا ودافعا أساسيين في نشأة الرواية التاريخية العربية، سعى الروائي من خلالها نشر الوعي القومي والفكري والتاريخي لدى القارئ العربي.
إن الرواية التاريخية ليست حدثا وقع في الزمن الماضي وانتهى، بل هي رواية تستحضر ميلاد الأوضاع الجديدة، وتصور بدايةً ومساراً وقوة دافعة في مصير لم يتشكل بعد، وتقوم على استخلاص فرادة الشخصيات من الطابع التاريخي الخاص لعصرهم، ومن جهة نظر جورج لوكاش : “فإنها رواية تثير الحاضر، ويعيشها المعاصرون بوصفها تاريخهم سابق بالذات”[4]. فهي بالتالي “عمل فني يتخذ من التاريخ مادة له، ولكنها لا تنقل التاريخ بحرفيته، بقدر ما تصور رؤية الفنان له وتوظيفه لهذه الرؤية للتعبير عن تجربة من تجاربه، أو موقف من مجتمعه يتخذ من التاريخ ذريعة له”[5]. ويمكن أن نعرفها أيضا على أنها تسجيل تاريخي للمجتمع، بمعنى أنها انعكاس للمجتمع في بعده التاريخي.
- الرواية المغربية والتاريخ
ظهرت الرواية التاريخية في المغرب متأثرة بمثيلاتها في الشرق العربي، ومن نماذجها نذكر رواية غرناطة لعبد الهادي بوطالب(1960)، كنموذج للتوثيق التاريخي لسيرة لسان الدين بن الخطيب في صراعه الحاد مع السلطة والطامعين فيها. ولم تعاود الرواية التاريخية الظهور في الحقل الثقافي المغربي إلا في أواخر الستينيات من القرن العشرين مع ظهور التأثر المهزوم لأحمد عبد السلام البوعياشي، تلتها بعد عشر سنوات رواية المعركة الكبرى لمحمد أحمد اشماعو، وبما أن هاتين الروايتين لم تطورا أسلوب الكتابة التاريخية، كان لابد من انتظار صدور رواية مجنون الحكم لبنسالم حميش في التسعينات من القرن ذاته، ليتجاوز النسق الأدبي المغربي أسلوب الرواية التاريخية التقليدية، التي لم يكتب لأسسها أن تترسخ داخله، وذلك في سياق توظيف الروائيين المغاربة لآلية التدارك، التي مكنتهم من تحقيق تحول نوعي سريع الإيقاع في تفاعله مع تحققات الفن الروائي العالمي والعربي على السواء. حيث اتجهت الرواية المغربية، في أبرز نصوصها نحو الابتعاد الكلي عن المعيارية، وعن افتراض وجود ماهية مسبقة وقارة لجنس الرواية، وغدت شعرية الرواية وجماليتها تنبعان من تضافر مجموعة عناصر حسب فاتحة الطايب، نذكرها على التوالي :
- تذويب الحدود بين الأجناس الأدبية واللأدبية للإفادة من طاقات التعبير وإمكاناته.
- إعادة التوظيف الإيداعي للموروث السردي القديم.
- إعادة توظيف المكونات السير ذاتية في محاولة لإعادة اكتشاف الأنا.
وفي مقال له بعنوان التخييل التاريخي في الرواية المغربية أكد الدكتور الميلود عثماني “أن الروايات المغربية التي تجعل من التاريخ وسيلة لنسج خيوط الإبداع، عرفت تطورا على المستويين الكمي والكيفي، إذ أن عددها قد تجاوز العشر، وهذا يعكس اهتماما خاصا وعميقا بالمعرفة التاريخية لأن الذين خاضوا التجربة هم في معظمهم مفكرون ومؤرخون، أما على المستوى الكيفي فقد جعلت الرواية المغربية من المعرفة التاريخية والصنعة الروائية حقلان يتفاعلان ويحدثان وقائع نصية وجمالية وثقافية تثير الاهتمام، وقد أشار الناقد في هذا الطرح إلى مفهوم التخييل التاريخي الذي أحدث قطيعة ابيستمولوجية مع ما يمكن وسمه بسردية التاريخ، ومن ضمن الروايات التي شكلت تخييلا تاريخيا صريحا نذكر :” العلامة ووهذا الأندلسي لإبن سالم حميش”، “جارات أبي موسى وحناء شجيرة وقمر لأحمد توفيق”، “زمن الشاوية لشعيب حليفي”، “الموريسكي وربيع قرطبة لحسن أوريد”، “أنا المنسي لعز الدين التازي”،”المغاربة لعبد الكريم الجويطي”، “ثورة المريدين لسعيد بن سعيد العلوي”[6]. والرواية الأخيرة هي مناط التحليل باعتبارها تركز على التاريخ كعنصر أساسي لتشكيل عالمها النصي، وشكل المهدي بن تومرت شخصية رئيسية يسهم في بناء النص.
أما مفهوم التخيل التاريخي فمن المفاهيم التي اقترحها الناقد العراقي عبد الله إبراهيم، داعيا إلى استبدال مفهوم الرواية التاريخية بالتخيل التاريخي، وهذا الإستبدال على حد قوله : “سيعمل على تجاوز مشكلة الأنواع الأدبية المرتبطة بالكتابة السردية أن الآوان لكي يحل مصطلح التخيل التاريخي محل الرواية التاريخية، فهذا الإحلال سوف يدفع بالكتابة السردية التاريخية إلى تخطي مشكلة الأنواع الأدبية وحدودها ووظائفها، ثم إنه يفك ثنائية الرواية والتاريخ ويعيد دمجهما في هوية سردية جديدة”[7].
فالتخيل التاريخي شكل فجوة مفهومية بين الرواية والتاريخ، في محاولة لدمجهما في نسيج سردي جديد، وهذا المفهوم يقطع مجموعة من المسارات الكبرى التي تنقل الكتابة السردية من محطة إلى محطة أكثر انفتاحا، فالتخيل التاريخي استطاع أن يجمع بين ما ينتجه السرد وما ينتجه الواقع والتاريخ، وهكذا فإنه المادة التاريخية المشكلة بواسطة السرد، ولا يمكن اعتبار التخيل التاريخي ينقل أحداث الماضي وحقائقه بطريقة مباشرة، بل إنه يستعين لهذه الحقائق لكي تكون ركائز أساسية داخل عالمه المتخيل “فالتخيل التاريخي لا يحيل على حقائق الماضي، ولا يقررها ولا يروج لها إنما يستوحيها بوصفها ركائز مفسرة لأحداثه، وهو من نتاج العلاقة المتفاعلة بين السرد المعزز بالخيال والتاريخ المدعم بالوقائع لكنه تركيب ثالث مختلفا عنهما“[8]، وهذا القول يؤكد الأطروحة التي تسعى دائما لإقامة علاقة مشتركة بين السرد الخيالي والتاريخ الواقعي، وبهذا نكون إزاء ثنائية الواقع والتخيل، ثنائية في ظاهرها متناقضة وفي جوهرها متفاعلة، ولكن التخيل التاريخي يحل محل ثالث أنتجته الأزمات الثقافية التي لها صلة بالأمم والدعوات الدائمة لمبدأ التأصيل، والسرود نحو الماضي والامتداد في المستقبل “يتنزل التخيل التاريخي في منطقة التوهم الفاصلة /الواصلة بين التاريخي والخيال فينشأ في منطقة حرة ذابت مكوناتها بعض في بعض وكونت شكلا جديدا متنوع العناصر”[9]، فإذا كان السرد يقدم الخيال والتاريخ يقدم الواقع، فإن التخيل التاريخي يكون تشكيلا جديدا بعناصر متنوعة، ليسهم هذا التشكيل في نقل التخييلات التاريخية من سياقها الواقعي إلى سياق مجازي وإيحائي، لا يستطيع القارئ إدراك معناه إلا إذا شغل مخيلته الإبداعية وكانت له ثقافة موسوعية، حتى يستطيع فهم النص في أبعاده المختلفة وخاصة البعد التخييلي.
وبالعودة للنص الروائي مناط التحليل “ثورة المريدين” نلاحظ أن سعيد بن سعيد العلوي، باعتباره مؤرخا يعمل على المزج بين الطريقتين، وبذلك فإنه يوظف التاريخ في صور شتى وبكيفيات مختلفة، وعبر أطر بنائية وسردية ودلالية متعددة، ويمكن تمثيل ذلك على النحو التالي:
- توظيف التاريخ مستقلا عن المتن: ويظهر لنا ذلك خاصة في العبارات التقديمية قبل كل فصل من فصول الرواية، ومن أمثلة العبارات التقديمية :”فبلغني أنه استمر على عادته في السفينة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى أن ألقاه أهل السفينة في البحر، فأقام في البحر أكثر من نصف يوم، يجري في ماء السفينة لم يصبه شيء. فلما أراد ذلك من أمره أنزلوه إليه من أخذه من البحر وعظم في صدورهم”[10]. والملاحظ أن السارد، انطلاقا من هذه الأمثلة، يستشهد بشكل مباشر بالنصوص التاريخية داخل النص الروائي، لكنه يرد في شكل بنية مستقلة محصورة بين قوسين أو مكتوبة بخط غليظ، وهو ما يحقق للنص التاريخي مبدأ الحفاظ على بنيته وشكله.
- طريقة التماهي بين المادة التاريخية والمادة الروائية: وتتمظهر هذه الطريقة داخل مسار تطور الشخصية التاريخية المهدي بن تومرت، حيث يعمل الروائي على تحوير وتحويل وتعديل هذه المادة، ليحقق الإنسجام بين الوحدة الدلالية والسياق العام المؤطر حيث “تطرأ على الحقيقة التاريخية الداخلة في منطق الأدب من تغييرات في كنهها”[11]، وهو الأمر الذي يدفع القارئ المتلقي لطرح سؤال حول هوية المادة المنجزة داخل المسار الروائي، هل هي نص تاريخي أم أدبي؟
شكل نص ثورة المريدين لسعيد بن سعيد العلوي تخييلا تاريخيا صريحا جعل من شخصية بن تومرت محور اشتغال الأحداث باعتباره من الشخصيات التي خلفت مجموعة من الأصداء في التاريخ عامة، وهو ما يدفعنا للكشف عن سؤال أثار اهتمام الفكر الفلسفي بالأساس حول دور الإنسان في صناعة التاريخ، والإجابة ستكون بمثابة استعراض لبعض أطروحات الفلاسفة حول هذا الموضوع.
- المحكيات والبعد التاريخي
المقصود بالمحكي هي تلك المدارات الحكائية الأساسية، التي تنهض وتؤسس عالم المحكي في الرواية التاريخية ولعل أهم المضامين المحكية الأساسية في الرواية التاريخي يظهر من خلال الشخصية الرئيسة التي في الغالب تكون شخصية تاريخية واقعية المهدي بن تومرت نموذجا، وفي الغالب ما يتم التركيز على البعد السيري في النص الروائي، باعتباره مقوما أساسا من مقومات التي تحددها الرواية التاريخية “إذ تظهر الرواية التاريخية العصرية المهمة نزوعا واضحا إلى السيرة أو ترجمة الحياة الشخصية، والصلة المباشرة بين الجانبين في العديد من الحالات في أغلب الظن الطراز المعاصر من الأدب المحض التاريخي السيري“[12]، وإن توظيف سيرة المهدي بن تومرت في رواية ثورة المريدين تكشف عن ذيوع” الشكل السيري في الرواية التاريخية الحالية، مرده إلى حد ما أن أهم أنصاره يرغبون في أن يجابهوا الحاضر بشخصيات نموذجية كبيرة ذات مثل عليا إنسانية بوصفها أمثلة بوصفها رواد نضالات الحاضر الكبير الذي أعيدو إلى الحياة “[13]، ونجد بعض هذه التصورات تظهر جليا في رواية ثورة المريدين.
يقصد بالمحكي، في العمل الروائي، مجموع المضامين الحكائية التي تجسدها الشخصيات الرئيسة داخل المتن، والمضامين الحكائية هي المدارات الحكائية الأساسية التي تنهض عالم المحكي في رواية “ثورة المريدين” وتؤسسه، ونلاحظ وجود ثلاثة مضامين حكائية متضمنة في الرواية وهي: محكي البطولة، محكي التاريخ، محكي الثورة.
- المحكي العام للرواية
ينبني محكي رواية “ثورة المريدين” لسعيد بنسعيد العلوي على قصة عبد المولى السارد في الرواية الذي يرغب في كتابة رواية تاريخية حيث يصرح قائلا :” في روايتي أحتكم إلى التاريخ. نعم رواية، غير أني قررت، صممت، أقسمت، حرنت كالبغل أن تكون رواية من التاريخ الفعلي”[14] ، ويرصد ذكرياته صحبة زوجته الأمريكية التي أنجب معها ابنه نعمان، ومحبوبته السابقة بشرى، وغير ذلك من الأحداث التي طبعت ذاكرة السارد وهو يحاول كتابة الرواية، وقبل أن يكتب فَصْلاً منها يعود إلى إسبانيا حيث مقر مانولو وماريا، ليحمل لوحته الالكترونية ويشرع في تدوين المسار التاريخي للمهدي بنتومرت. وفي “بين المدينة”، المدينة الشاطئية الجميلة فى أقصى الجنوب الإسباني، انزوى عبد المولى اليمورى ليكتب رواية تاريخية بطلها المهدى بن تومرت الموحدي، اندلعت انتفاضات “الربيع العربي” حين بلغ اليمورى وقد كان يعيش فى الولايات المتحدة الأمريكية، محترفا كتابة السيناريو، مرحلة متقدمة جدا في كتابة روايته التى استعان فيها بعدد غير قليل من المراجع التاريخية التى تتصل بالمهدى وعصره وسيرته، وفى مقدمتها كتاب أخبار المهدى للبيذق[15]، أقدم وأشهر كتاب فى التأريخ لمؤسس دولة الموحدين. ومن خلال التليفزيون، كان يتابع الأحداث قبل أن يقرر الذهاب إلى مصر والنزول لميدان التحرير. هنا سيشرع المهدى بن تومرت فى الظهور، محرضًا، ثم في الاختفاء بعد ذلك.
ستزداد حيرة اليموري عندما سيكتشف أن هنالك مخطوطا ضائعا دَوَّنَ فيه البيذق سيرة المهدى الحقيقية، لا تلك التى ينسج فيها أبي بكر الصنهاجي بمؤسس الدولة الموحدية صورة”المعصوم.” تبدأ رحلة البحث عن المخطوط المفقود، في جوف أحداث الربيع العربي وفي الوقت ذاته كان اليمورى يحيا صراعا باطنيا تتقاذفه فيه الأحلام والرغبات، حلمه حول كتابة الرواية التاريخية وتحويلها إلى فيلم، ورغبته في معرفة سيرة الموحدي الفعلية.
وإذا كانت هذه هي الحكاية الأساس التي انبنى عليها السرد في الرواية، فإننا نجد مع ذلك مجموعة أحداث عمل السارد على إدراجها عن طريق استراتيجية التوالد السردي، ولعل من أبرزها ما يلي:
- علاقة عبد المولى السارد بماريا كابريرا التي تذكره بأخته كلثوم، فكلما سعى لنسيانها إلى ووجد أمامه ماريا، التي تتقاسم مع أخته حيويتها ولطفها ورقيها الاجتماعي. إن ما تقوم به ماريا فعل سام يتمثل في التضامن الاجتماعي بين البشر، بِغَضِّ النظر عن الجنس أو الدين أو العرق، فماريا كانت بمثابة اليد اليمنى للسارد عبد المولى، تحضر له ما طاب من الأكل وتغسل ثيابه في غربته في إسبانيا.
- يقف عبد المولى وقفة تأمل لماضيه، وما نتج عنه من أسى وحزن بعدما ترك محبوبته الشريفة بشرى، وبعدما ضاع منه ابنه نعمان من الزوجة الأمريكية، يتذكر عبد المولى ذكرياته بحسرة وتأسف وكأنه يسعى لإعادة إحياء الماضي.
- تتنازع السارد رغبات في التعبير عن الحلم الذي أصبح حقيقة؛ حلم يأخذ من التاريخ الفعلي؛ تاريخ أحد أهم الّأعلام الكونية “المهدي بن تومرت المنصور والناصر، وله من الأسماء حجة الله وسيف الله، وهو العربي، الكردي، الفارسي، التركي، الرومي، وهو في كل بلاد الله”[16]. يصرح السارد أنه يسعى لإعادة إحياء تاريخ المهدي بن تومرت التاريخ الحي الذي لا يصيبه الفناء، ويجعل السارد من الرجل فكرة أساسا وشخصية رئيسة يبحث في المصادر والمراجع التي كتبت عنها، يقرأ باللغات التي يتقنها، يأخذ عن أولئك الذين اهتموا بتاريخ الشخصية العالمة.
إن فكرة إبداع الرواية التاريخية التي تعبر عن هذه الشخصية وتنقل مختلف مشاهداتها ورحلاتها، جاءت لتغطي التنازع الوجداني الذي يسيطر على نفسية السارد، حيث يجد عبد المولى نفسه بين الغربة والحنين إلى مراكش، بين نعمان وبشرى، يسعى عبد المولى لإنجاز الحلم ونقله من السياق الخيالي إلى السياق المكتوب.
- يستحضر السارد مجموعة شخصيات تاريخية التي تؤثت فضاء الرواية، من نماذجها التي ورد الحديث عنها أبي حامد الغزالي والمعتمد بن عباد، جاعلا من المهدي بن تومرت مركز تدور حوله أحداث الفصول في علاقته بالفقيه القيم، حيث يدور بينهما حوار خارجي فيه من السخرية الشيء القليل ومن العلم الشيء الكثير، فالموضوع هنا يتمحور حول بحث الفقيه الزائر عن سر العالمين محاولا بذلك نسخه وتَبْيِيضَهُ، ويساعده في ذلك المضيف وثلة من الخدم الموجودين في حضرة السلطان وعلى رأسهم قزمان، إن مهمة البحث عن الكتاب الذي يحفظ بين دفتيه أسرار أمة معينة مهمة شاقة، ولا يمكن لأي أحد أن يعرف ما يخفيه أسرار العالمين من مضامين إن لم يحظى بثقة أبا القاسم.
- يستعمل السارد تقنية الرجوع إلى نقطة تفعيل التخييل، بمعنى أنه يعود الى بلا سابونونزا؛ المكان الذي يوجد فيه اليموري في إسبانيا، يتذكر ماضيه بأشكال مختلفة، يتنازع فيها الوجداني والواقعي، يتبادر إلى فكره حيثيات من حياته مع بشرى ونعمان وعلاقته معهما لينقلنا إلى فصل من الرواية محوره زيارة الفقيه السوسي المهدي بن تومرت لمنطقة بجاية صحبة مرافقيه وهم :
أبو بكر،يوسف، الحاج عبد الرحمان، هذه الشخصيات أسهمت في تنامي أحداث الرواية عن طريق الحوار الخارجي، الذي أنتج في مرحلة بحثهم عن الحل وهو الوصول إلى المراسي كي يجدوا القارب أو السفينة –الحلم- التي ستحملهم إلى المغرب. حل الفقيه السوسي بمسجد الريحانة قبيل المغرب. أحاط به مجموعة من طلاب العلم، حيث استرسل الفقيه في شرح الحقيقة الوحدانية ومعنى التنزيه والحق وحضي باهتمام ثلة من العلماء وعلى رأسهم القاضي سيدي عبد الرحمان ومولاي الشريف سيدي إبراهيم، والرجل الصالح المحدث مولاي يوسف، وابراهيم الزبدوي الشاعر. وما إن أحس الفقيه السوسي بالراحة حتى اندهش من الرسالة التي حملها القاضي من الأمير يحيى بن تميم مفادها أن الأمير بلغته شكوى رفعها إليه أمين المرسى من أتباع ومريدي الفقيه السوسي، وهو الأمر الذي عجل برحيله عن منطقة بجاية.
- يتخلص السارد من عباءته ويأخذ مكان الناقد ليميز الخيال الروائي، باعتباره أمرا ذاتيا ويخص الروائي، والمعطى التاريخي الموضوعي الذي موقعه خارج الذاتية. يستحضر السارد مجموعة من الشخصيات لها دور في تأسيس الثقافة الأندلسية على المستويين الأدبي والتاريخي.
- رحلة البحث عن المخطوط الضائع للبيذق وما يتضمنه من حقيقة فعلية للمهدي بن تومرت.
- عودة عبد المولى اليموري إلى بين المدينة بعدما زار مراكش وعاين عن قرب ما يشهده ميدان التحرير من أحداث.
- محكي البطولة
يشكل المدار الأساس في الرواية، حيث تمثل سيرة المهدي بن تومرت العالم الداعية، ولقب بالداعية لما تتميز به شخصيته من خصال جعلت منه رجلا فذاً، من أولئك الذين انفردوا من بين الناس ببنية ذاتية وحيدة النسج ومتميزة الأركان. وقد عبر ابن خلدون عن بعض تلك الخصال حينما قال “وانطلق هذا الإمام راجعا إلى المغرب بحرا متفجرا من العلم وشهابا واريا من الدين“[17]. ويمكن أن نضيف إلى هذا العالم المتفجر وهذا الدين الواري، خصلة في الفكر جعلت منه ذلك الناقد المتحرر والمجتهد في النظر وفهم الدين انطلاقا من نصوصه المُنَزَّلَة.
تضعنا الرواية أمام تاريخ المهدي بن تومرت العارف والفاهم، الرجل الذي كان يحج إليه من أراد الاستفادة من معرفته وعلمه وفكره، والحديث عن الرجل في الرواية راجع في الأساس لكونه هاجس رافق السارد، البطل الأول في الرواية، ذلك أن رواية ثورة المريدين تضعنا أمام نصين؛ نص عبد المولى اليموري، ونص المهدي بن تومرت. ومن خلال قراءتنا للرواية يتبدى لنا جليا تمظهرات محكي البطولة من خلال الشخصيتان معا على النحو التالي :
- بن تومرت الفاهم: لقد كان المهدي بن تومرت حاملا لملكة الفهم، وهو ما أكده البيذق بقوله : “كان رضي الله عنه كثير الفهم: يفهم الناس مسألة واحدة ويفهم هو عشرة”[18].
- بن تومرت وصوت السارد: عبد المولى السارد في الرواية اهتم بشخصية بن تومرت، وطموحه هو النقل الفعلي لتاريخ الرجل، والذي أسهم في تزويد عبد المولى بالمعلومات الكافية عنه هي المصادر التي كتبت عن المهدي، يقول السارد :“أجدني في حيرة شديدة من أمري، أو بالأحرى في حيرة من أمر المهدي. الصورة التي ترتسم في وجداني عن المهدي هي ثمرة استماع ومتابعة لما يذكره التراجمة والمؤرخون، ما يذكره البيذق على وجه الخصوص، ألزمت نفسي في رسم صورة المهدي، انطلاقا مما بلغني ومما قرأت، على نحو أكون فيه أقرب ما أكون من الصدق“[19]. يوضح هذا المقطع أن مدار الرواية منذ بدايتها إلى نهايتها هو رسم صورة قريبة من الصدق للمهدي، صورة للمهدي الفعلي التاريخي، لا المهدي الأسطوري.
وقد اتسمت مجمل مسارات محكي البطل بخصائص سردية، ودعائم تخييلية، تجمع وتؤلف بين تقابلين: الخصائص الفنية المتخيلة، والخصائص التاريخية الواقعية، ويمكن تقسيم محكي البطل إلى ثلاثة مسارات مركزية، وهي:
- البطل وذاته: تحكي عن ما يختلج في قرارة نفس عبد المولى، الذي كان يحمل مجموعة من الأحلام ويطمح وهو في بلاد الغربة أن يكتب رواية تاريخية عن شخصية المهدي بن تومرت.
- البطل والهاجس: الهاجس الذي كان يراود عبد المولى في الرواية، هو رسم صورة فعلية تاريخية واقعية عن المهدي بن تومرت بصفاته وخصاله، بعيدة عن كل مظاهر التخييل.
- البطل والغربة: تنطلق الرواية في الفصل الأول من مكان غير مألوف الغربة؛ غرابة المكان وغرابة التقاليد والأعراف، دفعت عبد المولى إلى أن يتذكر مجموعة من الذكريات الماضية: “كما تجيد تحضير طواجين الدجاج المغربي بالبصل والزيتون الأخضر، أو اللحم بالسفرجل(…) شيء ما في ماريا، بل أشياء في الواقع لا أتبينها، تذكرني بأختي أم كلثوم. أتنهد كلما ذكرتك يا أم كلثوم“[20].
وهكذا فإن محكي البطل مستمد من محكي الرواية العام، وهذا الأخير يقوم أساسا على تجارب وحياة شخصيات واقعية وحقيقية، فإن سعيد بنسعيد العلوي عندما يسرد سيرة المهدي على لسان السارد، فإنه يقدم لنا ملامح شخصية مرجعية لكي لا تبقى أسيرة التاريخ، بل تتحرر منه، وتندمج مع الحاضر، وتصطبغ بالراهن.
- محكي التاريخ
صحيح أننا تتبعنا المحكي الأساس في الرواية “محكي البطولة”، ولكن هذا لا يعني أنه المحكي الوحيد الذي يؤطر العمل الروائي، إذ المحكيات داخل المتن الروائي كثيرة ومتنوعة، ومن بينها “محكي التاريخ“، وقد أصبح التاريخ يشكل مادة أساس للروائيين بغية تشكيل عالمهم التخييلي، يتمظهر لنا التاريخ في الرواية في ثلاثة مظاهر وهي:
- الشخصية التاريخية: المهدي بن تومرت، ” إذا كان المهدي قد قضى على الأقل سنة واحدة، في إشبيلية وضواحيها فإن هناك احتمالا واحدا من بين ألف أو عشرة ألف احتمال أن يكون قد مر بهذه الجهة“[21]. يتضح من خلال هذا المقطع أن السارد يتتبع ملامح شخصية المهدي والأماكن التي قام بزيارتها وصفاته.
- الأماكن التاريخية: إشبيلية، الأندلس، بن المدينة، ميدان التحرير…، وهي أماكن واقعية أسهمت في بناء الحدث وتأطيره. ولعل توظيف هذه الأمكنة يرجع في الأساس إلى القيمة العلمية والفكرية لها.
- الرواية التاريخية: أفصح عبد المولى في مستهل الرواية أنه يرغب في كتابة رواية تاريخية تمزج بين ما هو تخييلي وما هو واقعي يقول السارد : ” غير أني أرفض، لا أزال أرفض، أن تكون صورة المهدي تركيبا من خيال أو تأليفا من أوجه أراها، ألمسها، أسمع صوتها. المهدي، صاحبي، في ذمة التاريخ“[22]. وبعدما حدد عبد المولى الموضوع عاد إلى مجموعة من المصادر التاريخية ككتاب أخبار المهدي بن تومرت، وأكد أنه يستطيع كتابة رواية تاريخية ” ثم قلت: أستطيع الآن أن أكتب رواية تاريخية، رواية المهدي بن تومرت“[23].
- محكي الثورة
الثورة في النص تجلية من تجليات التاريخ، وهي المدار الحكائي الأساسي الثالث، بعد محكي البطولة والتاريخ، إن ثورة المريدين ” ثورة بدأت في الأندلس في منطقة شلب من غرب الأندلس بقيادة زعيم المريدين فيها، أحمد بن قيس” وذلك في أواخر عام 538 هـ – 1143م وأوائل عام 539- 1144م، عندما تلقب بالمهدي وبدأ بجمع مريديه حوله، ثم انتقل من شلب إلى مدينة مرتلة لتنظيم صفوفه بمساعدة رجل يُقال له ابن القابلة، وحاول المرابطون القضاء عليه ولكنهم فشلوا أن يغنوا منه شيئًا حسب وصف ابن الخطيب، وفي الأعوام التالية استطاع ابن قسي السيطرة على أغلب مناطق غرب الأندلس”[24]
.وقد اعتبر السارد ثورة المريدين ثورة فاشلة يقول : “الشهير خصوصا بثورثه بالأحرى، بثورته الفاشلة في آخر عهد المرابطين وأول حكم الموحدين. نعم أتذكر الآن(…) ثورة المريدين”[25]. هكذا يتضح أن رواية ثورة المريدين تضمنت مجموعة محكيات مترابطة ومتماسكة، حققت خاصية الوحدة الدلالية في الرواية. ويمكن رصد العلاقة القائمة بين هذه المحكيات الرئيسة على النحو التالي:
الملاحظ أن محكي البطولة ومحكي الثورة محكيان موجهان لمحكي التاريخ، وهو ما يفسر طبيعة الرواية التاريخية، التي تجعل التاريخ بؤرة تدور حولها الأحداث والمحكيات.
- خاتمة
نخلص من خلال ما تقدم أن العلاقة بين الرواية والتاريخ قائمة على نوع من التقاطع، خاصة أن كلاهما يشتغلان على السرد باعتباره مكون رئيس في اشتغال المحكي، فالتاريخ مادة خام ينهل منها المؤلف أفكاره من أجل بناء الحدث وصياغة الأبنية الدلالية للرواية، وأظهر اشتغلنا على الرواية التاريخ قدرة النص على محاكاة التاريخ واستحضاره عن طريق الذاكرة التي تلعب دورا هاما في استحضار الماضي وتفسيره، إن رواية ثورة المريدين لسعيد بنسعيد العلوي طافحة بالأحداث التاريخية من بطولات وملاحم وثورات داخلية، دفعت المؤلف لاستحضار التاريخ وصياغته في قالب تخييلي.
قائمة المصادر والمراجع:
الميلود عثماني، التخييل التاريخي في الرواية المغربي (مقال)، الموقع ، http://elmawja.com ، تاريخ الإطلاع (2) 06/06/2018 .
عبد الله إبراهيم، التخيل التاريخي، السرد، الإمبراطورية، التجربة، الإستعمارية، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، لبنان، ط1، 2011م، ص9.
- أمال حسن شحادة، الرواية التاريخية بين الأدبين العربي والروسي في النصف الأول من القرن العشرين، رسالة ماجستير، إشراف ممدوح أبو الوي، جامعة البعث، دمشق، سوريا، 2009/2010م، ص 9/10.
- جورج لوكاش، الرواية التاريخية، ترجمة صالح جواد كاظم، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، سلسلة المشروع القومي للترجمة، مصر، ط1، 1978م،ص89.
- عبد الحميد القط، بناء الرواية في الأدب المصري الحديث، دار المعارف للطباعة والنشر، مصر، ط1، 2005 م، ص 33.
- عثماني الميلود، مقال التخييل التاريخي في الرواية المغربية، م س، تاريخ الإطلاع 06/11/2017.
- سعيد بنسعيد العلوي، راوية ثورة المريدين، البيضاء، المركز الثقافي العربي، المغرب، ط2، 2017م،ص 132 .
جورج لوكاش، الرواية التاريخية، ترجمة صالح جواد كاظم، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، سلسلة المشروع القومي للترجمة، مصر، ط1، 1978م،ص448.
سعيد بنسعيد العلوي، ثورة المريدين، م س، ص24.
أبي بكر بن علي الصنهاجي (البيذق)، أخبار المهدي بن تومرت وبداية دولة الموحدين، الرباط، دار المنصور للطباعة والوراقة، الرباط، 1971م.
عبد المجيد النجار، المهدي بن تومرت حياته وأراؤه وثورته الفكرية والاجتماعية بالمغرب، دار الغرب الاسلامي، رسالة الدكتوراه، جامعة الأزهر، ط الأولى، 1983، ص13، “مقتطف من كتاب العبر لابن خلدون”.
الرواية، ص113، مقتطف من كتاب أخبار المهدي بن تومرت لأبو بكر البيذق.
الموسوعة الحرة، منقول عن كتاب الحلة السراء لابن الأبار، الجزء الثاني، الصفحات 197، 198، تاريخ الإطلاع فاتح يناير 2018.
الهوامش:
-
الميلود عثماني، التخييل التاريخي في الرواية المغربي (مقال)، الموقع ، http://elmawja.com ، تاريخ الإطلاع (2) 06/06/2018 . ↑
-
عبد الله إبراهيم، التخيل التاريخي، السرد، الإمبراطورية، التجربة، الإستعمارية، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، لبنان، ط1، 2011م، ص9. ↑
-
أمال حسن شحادة، الرواية التاريخية بين الأدبين العربي والروسي في النصف الأول من القرن العشرين، رسالة ماجستير، إشراف ممدوح أبو الوي، جامعة البعث، دمشق، سوريا، 2009/2010م، ص 9/10. ↑
-
جورج لوكاش، الرواية التاريخية، ترجمة صالح جواد كاظم، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، سلسلة المشروع القومي للترجمة، مصر، ط1، 1978م،ص89. ↑
-
عبد الحميد القط، بناء الرواية في الأدب المصري الحديث، دار المعارف للطباعة والنشر، مصر، ط1، 2005 م، ص 33. ↑
-
عثماني الميلود، مقال التخييل التاريخي في الرواية المغربية، م س، تاريخ الإطلاع 06/11/2017. ↑
-
عبدالله إبراهيم،التخييل التاريخي، مرجع سابق،ص5. ↑
-
المرجع ذاته،ص5. ↑
-
المرجع ذاته، ص 6. ↑
-
سعيد بنسعيد العلوي، راوية ثورة المريدين، البيضاء، المركز الثقافي العربي، المغرب، ط2، 2017م،ص 132 . ↑
-
محمد بن محمد الخبو، تشكيل التاريخ في النص الروائي، مرجع سابق، ص 244. ↑
-
جورج لوكاش، الرواية التاريخية، ترجمة صالح جواد كاظم، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، سلسلة المشروع القومي للترجمة، مصر، ط1، 1978م،ص448. ↑
-
المرجع ذاته،ص 446. ↑
-
45سعيد بنسعيد العلوي، ثورة المريدين، م س، ص24. ↑
-
أبي بكر بن علي الصنهاجي (البيذق)، أخبار المهدي بن تومرت وبداية دولة الموحدين، الرباط، دار المنصور للطباعة والوراقة، الرباط، 1971م. ↑
-
16. الرواية، ص23 ↑
-
عبد المجيد النجار، المهدي بن تومرت حياته وأراؤه وثورته الفكرية والاجتماعية بالمغرب، دار الغرب الاسلامي، رسالة الدكتوراه، جامعة الأزهر، ط الأولى، 1983، ص13، “مقتطف من كتاب العبر لابن خلدون”. ↑
-
الرواية، ص113، مقتطف من كتاب أخبار المهدي بن تومرت لأبو بكر البيذق. ↑
-
الرواية، ص 254 . ↑
-
الرواية، ص9. ↑
-
الرواية، ص64. ↑
-
الرواية، ص24. ↑
-
ذاته، ص25. ↑
-
الموسوعة الحرة، منقول عن كتاب الحلة السراء لابن الأبار، الجزء الثاني، الصفحات 197، 198، تاريخ الإطلاع فاتح يناير 2018. ↑
-
الرواية، ص94. ↑