ردودُ ابن هشام الأنصاريّ (761هـ) النّحويّة على البصريين في كتابه شرح اللَّمحة البدريّة في علم العربيّة (دراسة نحويّة)

The grammatical responses of Ibn Hisham al-Ansari (671 AH) to the Basrans in his book Sharh al-Lamaha al-Badriyya in the science of Arabic ((a grammatical study))

م.م. مُثنّى كاصد ثجيل عبيد1

1 المُديريّة العامة للتربية في محافظة البصرة، العراق.

بريد الكتروني: muthanarooneym@gmail.com

DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj62/19

المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/62/19

الصفحات: 237 - 254

تاريخ الاستقبال: 2025-01-04 | تاريخ القبول: 2025-01-15 | تاريخ النشر: 2025-02-01

Download PDF

المستخلص: هذا بحثٌ عنوانه ( ردود ابن هشام الأنصاريّ على البصريين في كتابه شرح اللمحة البدريّة في علم العربية (دراسة نحويّة)) ، اقتصرت فيه على دراسة ردوده على علماء مدرسة البصرة ؛ لكثرة ما وجدت من ردود على النحويين وخصوصًا على أبي حيّان الأندلسي (745ه ) صاحب اللّمحة البدريّة ، وجمهور الكوفيين . وقد قسّمتُ البحث على مبحثين ، الأوّل تحدّثتُ في القسم الأوّل بشيءٍ من الاختصار عن ابن هشام الأنصاريّ وكتابه شرح اللّمحة البدريّة في علم العربيّة ، والقسم الثاني في تعريف مصطلح الردود لغة واصطلاحًا ، ونشأة الردود وأسبابها . والمبحث الثاني جمعتُ فيه ردودَه على نحوي البصرة التي بلغت ستة ردودٍ رتبّتها حسب ترتيبها في كتابه ، ثمَّ درستها بطريقةٍ موضوعيّةٍ منصفةٍ ، وازنتُ فيها بين رأيهِ ورأي البصريين والآراء الأُخرى في المسألة نفسها وذلك بعرض الحجج النّقليّة والعقليّة كالمسموع عن الفُصحاء ، والقياس والتعّليل ، وما يتّصل بذلك من أمورٍ تُعين على التّرجيح كالمعنى وموافقته له . واتبعتُ ذلك بخاتمةٍ ضمَّنتُها خلاصةَ البحث ، يليها هوامش البحث ومصادرهُ .

الكلمات المفتاحية: الرّدود ، ابن هشام ، البصريين ، شرح اللّمحة .

Abstract: This is a research entitled (Replies of Ibn Hisham Al-Ansari to the Basrans in his book Sharh Al-Lamaha Al-Badriyya fi Ilm Al-Arabiya), in which it was limited to studying his responses to the scholars of the Basra School; Due to the large number of responses I found to the grammarians, especially to Abi Hayyan Al-Andalusi (745 AH), the author of Al-Lamaha Al-Badriyah , and the fans of the Kufans. I divided the research into two sections, the first in which I talked in the first section with some brevity on Ibn Hisham Al-Ansari and his book Sharh al-Lamaha al-Badriyya in the science of Arabic, and the second section in defining the term refutations linguistically and idiomatically, and the origin and causes of refutations, and its pronunciation in refutation. In the second section, I collected his responses to Basra grammar, which amounted to sex responses, arranged according to their order in his book, and then studied them in an objective and fair way, and balanced between his opinion and the opinion of the Basrans and other opinions on the same issue by presenting the textual and mental arguments such as what is heard about the eloquent, analogy and reasoning, and what is related to that. Among the things that help in weighting, such as the meaning and its agreement with it.

Keywords: Responses, Ibn Hisham, Al-Basran, Sharh Al-Lahma.

المقدّمة

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين والحمد حقّه كما يستحقّه حمدًا كثيرًا دائمًا وصلاته وسلامه على خاتم الأنبياء والمُرسلين أبي القاسم محمد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .

أمّا بعدُ …..

إنَّ الخلافَ النّحويَّ ظهر مبكرًا مع نشأة النحو العربي ، ولا سيما عند استخلاص الظّاهر النحوية وتقعيدها ، فقد طوّر ذلك الخلاف بين نحوي المدرستين ، فضلًا عن علماء المدرسة الواحدة ، ولعل السبب في ذلك يعود إلى طريقة جمع اللغة والأخذ من الإعراب ، فالبصريون أخذوا اللغة من بوادي نجد والحجاز ، والكوفيون أخذوا اللغة من عموم القبائل العربية .

فالبصريون يفسرون الظواهر اللغوية في القرآن الكريم بأفصح لغات العرب وهم يعدّون الذي لا يأتي على القياس ممّا يُسمع أو يحفظ لا يُقاس عليه ، في حين أنَّ الكوفيين يسمعون اللغة أكثر مما يقيسون . وأيضًا هناك تفاوت في القدرة على الاستنباط بين علماء المدرستين ، كل هذا أدّى إلى ظهور الخلافات النحوية وتطورها في الدرس النّحوي .

وقد ضمَّ كتاب شرح اللمحة البدرية كثير من الخلافات النحوية بين علماء المدرستين ، أو علماء المدرسة الواحدة . وهذه الخلافات تدلُّ على أنَّ النّظرة إلى المسائل النحوية لم تكن نظرة سطحية ، بل كانت نظرة تدلُّ على الدقة والفهم والدليل والحجّة الواضحة .

وفي هذا البحث ناقشتُ ستَ مسائل رد فيها ابن هشام الأنصاري على علماء مدرسة البصرة ، بعد أنْ أورد آراء البصريين وحججهم مقابل آراء الكوفيين وحججهم في كل مسألة ، ثُم ّالتفتيش عن هذه الآراء في كُتب الفريقين ولا سيما المصادر الأولى لهاتين المدرستين ، وترجيح ما هو راجح من آرائهم متوخي الموضوعية والإنصاف في معرفة حقيقة تلك المسألة .

المبحث الأوّل .

أوّلًا: ابن هشام الأنصاريّ وكتابه شرح اللُّمحة البدريّة في علم العربيّة .

اسمهُ ونسبهُ :

هو عبد الله بن يُوسف بن هشام الأنصاريّ (1) ، لقّب بجمال الدّين ، وقد أجمعتْ على ذلك كُتب التّراجمِ (2) إلّا أنّهُ عُرِف واشتهر بالكُنية الأخيرة بابن هشام (3) .

وقد ذكر بعضُ المُترجمين في سلسلةِ نسبهِ أنّهُ الأنصاريّ ، الخزرجيّ ، المصريّ ، الحنبليّ (4) . فالأنصاريّ نسبةً إلى قومهِ الأنصار ، والخزرجيّ نسبةً إلى قبيلةِ الخزرج من الأنصار ، والمصريّ نسبةً إلى مصر ، التي ولد فيها ، وعاش بها ، وفيها مات ودُفن ، أمّا الحنبليّ فالمذهب الذي كان عليهِ .

وتذكر بعضُ المصادر في نسبتهِ الشّافعيّ ثُمَّ الحنبليّ ؛ لأنّهُ تمذهب بالمذهب الشّافعيّ ثمَّ تحنبل ، واستقرَّ على المذهب الحنبليّ (5) .

مولدهُ ونشأتهُ :

ولِد ابنُ هشام في عام ثمانٍ وسبعمائة من الهجرة ، المُوافق سنة تسع وثلاثمائة من الميلاد ، أي في بداية القرن الثامن الهجري (6) .

نشأ ابن هشام نشأةً علميّةً منذ نعومة أظافره ، ساعدهُ على ذلك المناخ العلميّ الذي نشأ فيه ، فقد مضى معظم حياته في القاهرة التي كانتْ في القرن السّابع الهجريّ مركز الرّيادة العلميّة ، فزخرت القاهرةُ بالعلماء والأدباء ، وأصبحتْ منارَ العلمِ ومركزًا يقصدونها من كل مكان ، فطفق ابنُ هشام يرتشفُ العلمَ على أيدِ ثلةٍ من أشهر علماء عصرهِ في شتّى العلومِ من نحو ، وصرفٍ ، وفقهٍ ، وقراءةٍ ، وتفسيرٍ ، ولغةٍ ، وأدبٍ حتّى أتقنها . ساعدهُ على ذلك ما فُطِر عليه من شمائل وشيم ، فقد عُرِف بالتّواضعِ ، والشّفقةِ ، ورقّةِ القلبِ . كان عظيمًا في نفسهِ ، غير متكسّبٍ بعلمهِ يتمتّع بذكاءٍ حادٍ ، وذاكرةٍ قويةٍ ، وغيرها من الصّفات التي جعلتهُ مُتميّزًا في شتّى العلومِ (7) .

شيوخهُ وتلاميذهُ :

تلقّى علومَ العربيّةِ على أيدي علماء بارزين ، منهم : تاج الدّين الفاكهانيّ ( ت 731ه ) الذي قرأ عليه ( شرح الإشارة ) في النّحو (8) ، وبدر الدّين بن جماعة ( ت 733 ه ) الذي أخذ عنه العربيّة (9) ، وابن المرحِّل شهاب الدّين عبد اللّطيف ( ت 746 ه ) (10) ، وأبي حيّان الأندلسيّ ( ت 745 ه ) (11) ، وتاج الدّين التبريزيّ ( ت 746 ه ) (12) ، وشمس الدّين بن السّراج ( ت 746 ه ) (13) . ومن تلاميذه البارزين : نور الدّين البالسيّ ( ت 767 ه ) (14) ، وجمال الدّين النويريّ ( ت 786 ه ) (15) ، وجمال الدّين اللّخميّ ( ت 791 ه ) (16) ، وابن الفرات المالكيّ ( ت 794 ه ) (17) ، و محب الدّين بن هشام ولده ( ت 799 ه ) (18) ، وابن إسحاق الدّجويّ ( ت 803 ه ) (19) ، وغيرهم.

مؤلفاتهُ :

خلّف لنا ابن هشام آثارًا ومؤلفات وصلت إلى حوالي خمسين كتابًا ، وهي بين متنٍ وشرحٍ وكتابٍ ورسالةٍ . قال الشّيخ الأزهريّ : (( لهُ من المصنّفات : المُغني ، والتّوضيح ، وعمدة الطّالب في تحقيق تصريف ابن الحاجب في مجلدين ، وشرح التّسهيل ، … والشّذوذ والقطر وشرحهما ، وشرح لمحة أبي حيّان ، وشرح بانت سُعاد ، والجامع الصّغير ، وغير ذلك )) (20) .

كما ألّف ابن هشام رسائل نحويّة متنوعة في غاية الإفادة ، منها : أنتَ أعلم ومالك ، وإنَّ رحمة الله قريبٌ من المحسنين ، وإنَّما ، وتوجيه النّصب في قولهم : ( فضلًا ، ولغةً ، واصطلاحًا ، وخلافًا ، وأيضًا ، وهلّم جرًّا ) ، وشروط التّنازع ، وغير ذلك (21) .

وفاته :

توفي ابن هشام في الخامس من ذي القعدة من عام واحد وستين وسبعمائة من الهجرة في القاهرة ، ودٌفن في مقبرة الصّوفيّة بمصر (22) .

كتابه شرح اللمحة البدريّة في علم العربيّة .

هو كتابٌ نحوي يشرحُ فيه كتاب أبي حيّان الأندلسيّ ( اللّمحة البدريّة في علم العربيّة ) ، وقد بيّن الغرض من شرحه بقوله : (( هذه نكتٌ حررتُها على اللّمحة البدريّة في علم العربيّة مكملة من أبوابها من نقصٍ ، ومسيلة أذيالها ما قلّص ، ومستهوية لواضعها من أولي الألباب دعاء يُستجاب ، وثناء يستطاب والله المسئول منه حسن التّوفيق ، وأنْ يسلكَ بنا إلى الخيرات أسهل طريق بمنّه وكرمه )) (23) .

سار ابن هشام في شرحه على تبويب أبي حيّان الأندلسيّ ، فبدأ بالمقدّمة وفيها حديث موجز عن الإعراب ، وألقابه ، وأنواع المعربات وأحكام إعرابها ، ثمَّ تأتي الأبوابُ السّبعة مرتبة حسب الترتيب الآتي : ” باب النكرة والمعرفة ، وباب المرفوعات ، وباب المنصوبات ، وباب المجرورات ، وباب التوابع ، وباب الفعل وأنواعه ووجوه إعراب وبنائه ، وباب ما لا ينصرف ” .

وفي خاتمة الكتاب فصول مقتضبة عن :

أ ـــــ تأنيث الفعل ومواضع ذلك .

ب ـــــ البناء : حدّه وأنواع المبنيات .

ج ـــــ الوقف .

ويعدُّ هذا الكتاب مصدرًا للوقوف على نقد ابن هشام لأبي حيّان ، ومخالفته لهُ ، فلا تكاد ترى صفحةً من صفحاته إلّا وفيها اعتراض عليه ، وقد تنوعت تلك الاعتراضات ، فمنها اعتراضات على منهج أبي حيّان وأسلوبه ، ومنها على آرائه وحدوده ، وغيرها .

ثانيًا : الرّدود النّحويّة .

الرَّد في اللُّغة .

هو من (( صرف الشّيء ورجعهُ )) (24) . قال الخليل : (( الرّدُّ مصدر رددتُ الشّيء ، وردود الدّراهم واحدها ردَّ ، وهو ما زُيّف فرُدَّ على ناقدهِ بعدما أخذه منه ، والرَّدُّ ما صار عمادًا للشيءِ الذي تدفعه وتردَّهُ )) (25) . وقال ابن فارس : (( الرَّاء والدَّال أصلُ مُنقاس ، وهو رجع الشّيءِ )) (26) . والرَّدُ مصدر رددتُ الشّيء ، وردَّ يُردُّ ردًّا ومردًّا وتردادًا ، صرفه (27) . والاسم منه ( الرَّدَّةُ ) ، ومنهُ الرَّدَّة عن الإسلام أي الرجوع منه (28) .

يتَّضح مما سبق إنَّ الرَّدَّ هو إرجاع الشَّيءِ ، وصرفه أي تحويله من صفةٍ إلى صفةٍ أخرى ، وهو أيضًا عدم قبول الشّيءِ وتخطئتهِ .

الرَّد في الاصطلاح .

حدّهُ الشَّريف الجرجانيّ بقوله : (( صرف ما فضل عن فرض ذوي الفروض ولا مستحقَّ لهُ من العصبات إليهم بقدر حقوقهم )) (29) . وفي هذا الحد نوعٌ من الغموض ، فهو عندما يقول صرف ما فضّل عن ذوي القروض ، كأنَّهُ يقصد بذلك ما يخصُّ بعض الأمور العقائديّة . إلَّا أنّهُ يبدو قريبًا بعض الشّيء من المعنى اللُّغوي : (( صرف الشّيءِ ورجعه )) (30) .

ويمكن القول إنَّ الرَّد في الدَّرس النّحوي : هو مخالفة نحوي لنحوي آخر ، أو معارضته وردَّهُ عن الجهة التي ذهب إليها إلى جهةٍ أُخرى على حسب وجهة نظر النّحوي المُعارض .

نشأة الرِّدود النّحويّة وأسبابُها .

إنَّ ظاهرة الرّدود النّحويّة لم تكنْ جديدةً ، بل ظهرتْ ملامحُها منذ بداية حركة التّأليف في النّحو العربي ، ونشأتْ بسبب اختلاف قواعد العلماء في جمع اللُّغة ، وتقعيد أنظمتها وبذلك اختلفتْ وجهات نظرهم إلى المسألة الواحدة ، ومن أهم أسباب ظهور الرُّدود في النّحو العربيّ :

1ـــــ اختلاف العلماء في وجهات نظهرهم إلى أصول الصّناعة ، وذلك أنْ يقدّموا السّماع على القياس أو بالعكس ، وما الاختلاف الحاصل بين مدرستي البصرة والكوفة إلّا نتاج هذا الاختلاف (31) .

2ـــــ تعدد اللّهجات العربيّة واختلافها وتفاوتها بالفصاحة ؛ لأنَّ من القبائل خالط غير العرب فتأثّر بلغاتهم (32) .

3ـــــ التّنافس الشديد بين النّحويين كان عاملًا من عوامل ظهور هذا الفن ، فأخذ كل منافس التّنقيب عن حججه ؛ اظهارًا لقدرته العلميّة .

4ـــــ التّعصب للرأي ، ويرجع إلى التّلذذ بالانتصار على الخصم ، وإنْ كان هذا التّعصبُ على خطأ ، ومنهُ ما دار بين سيبويه والكسائيّ (ت 189 ه) في المسألة الزنبوريّة (33) .

المبحث الثاني .

المسالة الأولى : علامة نصب جمع المؤنث السّالم .

ذهب الأخفش ( ت 215 ه ) إلى أنَّ كسرة جمع المؤنث السّالم هي كسرة بناء لا إعراب ، قال ابن جنّي ( ت 392 ه ) ناقِلًا مذهبه : (( ألا ترى أنَّ أبا الحسن وأبا العبّاس ومن قال بقولهما ذهبا إلى أنَّ كسرة التّأنيث في موضع النّصب أنَّما هي علامة بناء لا حركة إعراب )) (34) . وقد ردَّ ابن هشام ما ذهب إليه الأخفش بقوله : (( وهذا لا وجه له ، فما جُمع بألف وتاء مزيدتين ينصب بالكسرة نحو : رأيتُ الهنداتِ )) (35) .

اختلف النّحويون في علامة نصب جمع المؤنث السالم ، ولهم فيه مذاهب :

1ـــــ ذهب جمهور البصريين (36) إلى أنَّ جمع المؤنث السّالم يُنصب ويجر بالكسرة ، كقولك : رأيتُ مسلماتٍ ، ومررتُ بمسلماتٍ ، وإنَّما كان ذلك لأنَّ منصوب جمع المُذكر السّالم محمول على مجروره ، فكذلك جمع المؤنث السّالم ، قال سيبويه : (( وقد جعلوا تاء الجمع في الجر والنّصب مكسورة ؛ وذلك لأنَّهم جعلوا التّاء هي حرف الإعراب كالواو والياء )) (37) .

2ـــــ ذهب الكوفيون (38) إلى جواز نصبه بالفتحة مطلقًا سواء كان صحيحًا ، أم معتلًّا رُدَّت إليه اللّام ، أم لم تُرد ، قال الفرّاء : (( وكذلك قولهم : الثّبات ، واللُّغات ربما أعربوا التّاء منها بالنّصب ، والخفض ، وهي تاء جماع )) (39) .

واستدلُّوا على صحّة مذهبهم بدليلين :

أ ـــــ وقوعه في الشّعر ، كقول الشّاعر [ من الطويل ]

فَلَمَّا جَلَاهَا بالأيّامِ تَحَيَّرَتْ ثُبَاتًا عَليْهَا دُلُّها واكْتِئَابِهَا . (40)

ب ـــــ وقوعه في النّثر، ومنه حكاية الكِسائيّ عن العرب : (( سمعتُ لغاتَهم )) ، وقول العرب : استأصلَ اللهُ عرقاتَهم (41).

وقد ردَّ البصريون ما احتجَّ به الكوفيون ، قال ابن جنّي في قول العرب : استأصلَ اللهُ عِرقاتَهم : (( والمحفوظ في هذا قول أبي عمرو لأبي خيرة ، وقد قال : استأصلَ اللهُ عِرقاتَهم ـــــ بنصب التّاء ـــــ هيهات أبا خيرة لانَ جلدك ! ثمَّ رواها أبو عمرو فيما بعد )) (42) .

أمَّا قول الشّاعر وقول العرب : سمعتُ لغاتَهم ، فقد قال ابن يعيش : (( وحكوا أيضًا ( سمعتُ لغاتَهم ) ولا حجةَ لهم في ذلك ؛ لاجتمال أنْ يكونَ لغات وثبات واحدًا ، ، فأصل ثبة : ثبوة ، وأصل لغة : لغوة ، مثل : نقرة وثغرة ، وإنْ كان استعمالها بحذف اللّام إلّا انَّهم تموها كقولهم : حلاة وحلى ، ومهاة ومهى )) (43) .

3ـــــ ذهب هشام الضّرير (ت 209 ه) إلى جواز نصبه بالفتحة إذا كان معتلًّا لم تُرد إليه اللّام المحذوفة ، نحو لُغات ، وثبات ، في جمع لغة ، وثبة ، وبالكسرة إذا كان مفردًا صحيحًا ، قال أبو حيّان ناقلًا ما ذهب إليه : (( وقال هشام : حكى الكسائيّ : سمعتُ لغاتَهم ، قال : وهذا في النّاقص ، ولا يجوز من هذا شيءُ عند البصريين ؛ لأنَّه لا فرقَ بين النّاقص والتَّام )) (44) . ومن ذهب هذا المذهب ابن مالك ( ت 672 ه ) (45) ، وابن عقيل ( ت 769 ه ) (46) ، والأزهري ( ت 905 ه ) (47) .

واحتجُّوا لمذهب بأمرين (48) ، الأوّل : مُشابهتهُ المفرد ؛ لأنَّه لم يجرِ مجرى الجموع في ردِّ الشّيءِ إلى أصلهِ ، فأشبه في ذلك ( قُضاة ) في أنَّهُ جمعٌ في آخره تاءٌ ، ولم تُرد إليه لامه المحذوفة . والثّاني : أنَّ النّصب فيه بالفتح كما هو أصله ، إنَّما كان جبرًا من حذف لامه .

وبعد عرض هذه الآراء وحججهم يمكن القول بأنَّ مذهب البصريين هو الأرجح لدي ؛ لأنَّهُ لو أُعرِب جمع المؤنث السّالم بثلاث حركات وهو فرع كان أوسع من الأصل .

المسألة الثّانية : إعراب المُثنّى وجمع المُذكّر السّالم .

ذهب قطرب ( ت 206 ه ) إلى أنَّ الألف والواو والياء في المثنى والجمع هي الإعراب نفسه ، قال ابن الأنباري ( ت 577 ه ) : (( ذهب الكوفيون إلى أنَّ الألف والواو والياء في التّثنية والجمع بمنزلة الفتحة والضّمّة والكسرة في أنَّها إعراب ، وإليه ذهب قُطرُب بن المُستنير )) (49) . وهو مذهب الكوفيين (50) . وقد ردَّ ابن هشام ما ذهب إليه قُطرب بقوله : (( ويردَّهُ أنَّ الإعراب إذا قدِّر سقوطه لم يخل بالكلمة ، وهذه الحروف إذا سقطت اختلّت الكلمة ؛ ولأنَّها دالة على التّثنية أو الجمع فلا تدلُّ على الإعراب ، لأنَّ دلالة الحرف في وقتٍ واحدٍ على معنيين غير معهود )) (51) .

وهناك مذاهبٌ أخرى في إعرابهما ، منها :

1ـــــ ذهب جمهور البصريين (52) إلى أنَّ الألف والواو والياء في المثنّى وجمع المذكّر السّالم حروف إعراب وليستْ إعراب ، قال سيبويه : (( واعلم أنّك إذا ثنّيت الواحد لحقتهُ زيادتان الأولى منهما حرف المد واللّين ، وهو حرف الإعراب غير متحرّك ولا منون )) (53) .

واستدلّوا على مذهبهم بما يأتي :

أ ـــــ إنّه اسم معرب ، ولكل معرب حرف إعراب كبقية الأسماء ، فالإعراب غير المُعرب والمعرب هو الذي يقوم به الإعراب ومحل الشيء غير ذلك الشيءِ (54) .

ب ـــــ إنَّ الألف والواو والياء جاءت للدلالة على التّثنية والجمع فصارت من تمام الكلمة كالتّاء في ( نائمة ) والألف في ( عبلى ) ، وكما أنّ الألف والتّاء حرفا إعراب فكذلك هذه (55) .

ج ـــــ إنَّ الألف والنّون يحذفان عند التّرخيم ؛ لأنَّ حكم التّرخيم أنْ يُحذف حرف الإعراب منه ، وإذا ثبُت أنَّها حروف إعراب فالإعراب فيها مقدّر (56) .

2ـــــ ذهب الأخفش إلى أنَّ حرفي التّثنية والجمع ليسا بإعراب ، ولكنّهما دليل إعراب مقدّر قبل دخول ألف التّثنية وواو الجمع ويائهما ، إذ قال : (( وجعلتَ الياء للنصبِ والجرِّ ، نحو : العالمينَ والمتّقينَ ، فنصبهما وجرّهما سواء ، كما جعلت نصب الاثنين وجرّهما سواء ، ولكنّ كسر ما قبل ياء الجميع ، وفتح ما قبل ياء الاثنين ، ليفرّق ما بين الاثنين والجميع ، وجعل الرّفع بالواو ليكون علامة للرفع ، وجعل رفع الاثنين بالألف )) (57) . وتابعه في هذا الرأي : المبرّد ( ت 286 ه ) (58) . ونُسب هذا الرأي للمازني ( ت 154 ه ) (59) .

وحجّتهم في ذلك : إنَّ حروف التّثنية والجمع إمّا أنْ تكونَ إعرابًا ، وإمّا حروف إعراب ، وإمّا دوال على الإعراب ، فلو كانت إعرابًا لما سببتْ إشكالًا في معنى الكلمة بإسقاطها ، ولو كانتْ حروف إعراب لما كانتْ دوال على الإعراب ، كالدّال من سعيدٍ في قولنا : ( وصل سعيدٌ ) من غير حركة ، فدلَّ ذلك على أنَّها دوال على الإعراب ، فلو قلت : (( رجُلان )) عُلم أنّه رفع (60) .

وقد ردَّ ابن مالك حجتهم من ثلاثة أوجه : (( أحدهما : أنَّ الحروف المتجددة للتثنية والجمع مكملة للاسم ، إذ هي مزيدة في آخره لمعنى لا يُفهم ، كألف التّأنيث وتائه وياء النّسب ، فكما لم يكن ما قبل هذه محلًّا للإعراب ، كذلك لا يكون ما قبل الأحرف الثّلاثة محلًّا لهُ ، إذ الإعراب لا يكون إلّا آخرًا ، الثّاني : أنَّ الإعراب لو كان مقدّرًا قبلها لم يحتج إلى تغييرها ، كما لم يحتج إلى تغيير بعد الإعراب المقدّر قبل ياء المتكلّم ، وفي ألف مقصوره ، والثّالث : أنَّ الإعراب إنّما جيء بهِ للدلالة على ما يحدث بالعامل ، والحروف المذكورة محصلة لذلك فلا عدولَ عنها )) (61) .

3ـــــ ذهب الجرميّ ( ت 255 ه ) إلى أنَّ الألف والواو والياء حروف الإعراب ، وأنَّ انقلابها هو الإعراب ، قال المبرّد ناقلًا مذهبه : (( وكان الجرميّ يزعم أنّ الألف حرف الإعراب ، كما قال سيبويه ، وكان يزعم أنَّ انقلابها هو الإعراب )) (62) .

وقد رُدَّ رأي الجرميّ من أوجهٍ :

أ ــــــ إنَّ الانقلاب لو كان إعرابًا لم يكن في المُثنّى والمجموع رفع ؛ لأنّه لا انقلابَ معها (63) .

ب ـــــ إنَّ القول بذلك يستلزم مخالفة النّظائر ؛ إذ ليس في المعربات غير المُثنّى والمجموع على حده ما ترك العلامة له العلامة ، وما أفضى إلى مخالفة النظائر دون ضرورة فمتروك (64) .

ج ـــــ إنَّ هذا يدلُّ على أنَّ الجرميّ يعدُّ الإعراب عاملًا معنويًا ، وهو خلاف مذهبه في إعراب المفرد (65) .

4ـــــ وحُكي عن أبي إسحاق الزّجّاج ( ت 310 ه ) أنَّ التّثنية والجمع مبنيان ؛ لأنَّ هذه الحروف أُضيفت على بناء المفرد ، قال ابن الأنباريّ :(( وحُكي عن أبي إسحاق الزَّجّاج أنَّ التّثنية والجمع مبنيان وهو خلاف الإجماع )) (66)

وبعد عرض هذه الآراء يمكن القول بأنّ رأي قطرب والكوفيين هو الصحيح ؛ لأنَّها ذات حركات طويلة وليست من الصّوامت ، لذلك سوّغ لها أنْ تكون حركة إعراب ، فتكون الألف للرفع في المُثنّى والواو في جمع المذكّر السّالم والياء حركة لنصبهما وجرَّهما .

المسألة الثّالثة : أداة التّعريف ( أل ) .

ذهب الخليل ( ت 174 ه ) إلى أنَّ ( أل ) كلُّها هي أداة التّعريف ، وأنّ الهمزة فيها للقطع وأصلية ، فهي عندهُ بمنزلة الحرف الواحد وقد وصلت لكثرة الاستعمال ، قال سيبويه ( ت 180 ه ) : (( وزعم الخليل أنّ الألف واللّام اللّتين يعرِّفون بهما حرف واحد كقد ، وأنْ ليستْ واحدة منهما منفصلة من الأخرى كانفصال ألف الاستفهام في قوله : أُريدُ ، ولكنّ الألف كألف أيْمُ اللهِ ، وهي موصولة كما أنَّ ألف أيْمِ موصولة )) (67) . وقد ردَّ ابن هشام مذهب الخليل ، وقال : (( والصّحيح أنَّ حرف التّعريف هو اللّام فقط ، والهمزة همزة وصل ثبتتْ بالابتداء ، وتُحذف في الدُّرج على قياس همزات الوصل ، فلا ينبغي العدول عن هذا إلّا بدليل )) (68) .

اختلف النّحويون في ( أل ) التّعريف هل هي أداة التّعريف بأكملها أو أنَّ ( أل ) دون الهمزة هي أداة التّعريف ، ثم اختلف القائلون بأنَّ ( أل ) هي أداة التّعريف بنوع همزتها هل هي همزة أصلية أم زائدة ؟ وهل هي قطع أم وصل وانقسموا على مذاهب :

1ـــــ ذهب سيبويه إلى أنَّ ( أل ) كلُّها هي أداة التّعريف ، وأنَّ همزتها أصلية ، إذ قال : (( وتكون موصولة في الحرف الذي تُعرَّفُ بهِ الأسماء ، والحرف الذي تُعرّف به الأسماء هو الحرف الذي في قولك : القومُ والرّجلُ والنّاسُ ، وإنَّما هي حرف بمنزلة قد وسوف ….. ألا ترى أنَّ الرّجل إذا نَسِي فتذكّر ولم يرد أنْ يقطع يقول : ألِي ، كما يقول : قَدِي )) (69) . وقال في موضع آخر : (( وأل تعرِّف الاسم في قولك : القومُ ، والرّجلُ )) (70) . وما يُلاحظ على قولي سيبويه أنّ مذهبه هو نفس مذهب الخليل . ووافقه : ابن جنّي (71) ، وابن كيسان ( ت 299 ه ) (72) ، وابن مالك (73) ، والمراديّ ( ت 749 ه ) (74) .

واستدلُّوا على صحة مذهبهم بما يأتي :

أ ـــــ أنَّهم قد أثبتوا هذه الهمزة ، بحيث تحذف همزات الوصل البتة ، وذلك نحو قوله تعالى : ﴿ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ﴾ (75) ، وقوله : ﴿ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ ﴾ (76) ، ونحو قولهم في القسم ( أفألله ) (77) .

ب ـــــ أنَّه يُوقف عليها عند التّذكير ، فيقول الرّجل : إلى ، ثمَّ يتذكّر ما فيه الألف واللّام كالكتاب (78) .

ج ـــــ أنَّ اللّام لا تنفصل عن الهمزة ، ولا تنفصل الهمزة عنها كالقاف من ( قد ) مع الدّال منها ، وبقطعها في الابتداء نحو قولك مبتدئًا في الدّرج لكثرة الاستعمال (79) .

2ـــــ ذهب المبرِّد إلى أنَّ ( أل ) هي أداة التّعريف ، وأنَّ همزتها همزة وصل زيّدت على ( اللّام ) ، إذ قال : (( ومن ألفات الوصل الألف التي تلحق اللّام للتعريف ، وإنَّما زيدت على اللّام ؛ لأنَّ اللّام منفصلة ممّا بعدها ، فجعلت معها اسمًا واحدًا بمنزلة ( قد ) )) (80) .

3ـــــ وذهب ابن السّرّاج ( ت 316 ه ) إلى أنَّ اللّام وحدها هي أداة التعريف ، إذ قال : (( واعلم : أنَّ الحرف لا يخلو من ثمانية مواضع أمّا أنْ يدخل على الاسم وحده مثل : الرّجل والغلام ، فاللّام أحدث معنى التّعريف ، وقد كان رجل وغلام نكرتين )) (81) . واختار هذا المذهب الزّمخشري ( ت 538 ه ) (82) ، وابن يعيش ( ت 643 ه ) (83) ، وابن الحاجب ( ت 646 ه ) (84) ، وابن عصفور ( ت 669 ه ) (85) ، والرّضي ( ت 686 ه ) (86) .

واستدلَّ أصحاب هذا المذهب على صحة مذهبهم وفساد مذهب الخليل وسيبويه بما يأتي :

أـــــ إنَّ حرف التّعريف تخالف التّنوين ؛ لأنَّ التّنوين دليل على التّنكير ، كما أنَّ هذا الحرف دليل التّعريف ، فكما أنَّ التّنوين في آخر الاسم عبارة عن حرف واحد ، فكذلك يكون حرف التّعريف في أوله (87) .

ب ـــــ إنَّ اللّام توجد في أماكن كثيرة وحدها تدلُّ على هذه المعاني ، نحو لام المُلك ، ولام القسم ، ولام الاستحقاق ، ولم توجد ألف الوصل تدلُّ على معنًى في كلام العرب ، وكذلك لم توجد في شيء تكون فيه من أصل الكلمة (88).

ويمكن القول إنَّ مذهب ابن السّرّاج ومن تبعه هو الرّاجع لدي ؛ لأنَّ الهمزة تسقط في الدرج ولا يبقى سوى اللّام ، وهي أيضًا ليست من أصل الكلمة ، وقد سمّيت وصلًا ؛ لأنَّها تُساعد اللسان إلى النّطف بالسّاكن .

المسألة الرَّابعة : مجيء الحال معرفة .

ذهب يونس بن حبيب ( ت 182 ه ) إلى جواز تعريف الحال مطلقًا بلا تأويل ، قال السيوطي ( ت 911 ه ) ناقلًا ما ذهب إليه : (( وجوّز يونس والبغداديون تعريفها نحو : جاءَ زيدٌ الرّاكبَ ، قياسًا على الخبر وعلى ما سُمع من ذلك )) (89) . ونسب هذا الرأي للبغداديين (90) . وقد ردَّ ابن هشام ما ذهب إليه يونس بن حبيب ، بقوله : (( وهذا مردودٌ من وجهين ، أحدهما : أنَّه قاس على الشَّاذ ، وإنَّما يُقاس على الأعمِّ الأغلب ، والثّاني : أنَّهم إنَّما عرّفوا هذه الألفاظ ؛ لأنَّ الحال في الحقيقة أسماء كانت عاملة فيها ثُمَّ حُذفت وأُقيمت هي مقامها ، والأصل : أرسلها معتركةً العِراك )) (91) .

وقد اعتمد يونس في قوله على السّماع ، فقد جاءت الحال معرفة بالألف واللّام ، ومن ذلك قول بعض العرب : مررتُ بهم الجمّاءَ الغفيرَ ، وقول الشّاعر [ من الطّويل ] :

فأرسَلَهَا العِرَاكَ وَلم يذُدْهَا وَلم يُشفِقْ عَلى بَعضِ الدِّجَالِ . (92)

وكذلك اعتماده على القياس ، فقد قاس الحال معرفة على مجيء الخبر معرفة (93) .

في حين ذهب جمهور النّحويين (94) إلى أنَّ الحال لا تأتي معرفةً ، وما ورد منها معرّفًا في اللفظ فهو منكرًا معنًى ، قال سيبويه : (( لا يجوز للمعرفة أنْ تكون حالًا كما تكون النّكرة ، فتلتبس بالنّكرة . ولو جاز ذلك لقلت : هذا أخوك عبدَ الله ، إذا كان عبد اسمه الذي يُعرف به . وهذا كلام خبيث يوضع في غير موضعه )) (95) .

يرى الباحث أنَّ الرّاجع في هذه المسألة هو مذهب جمهور النّحويين ؛ لأنَّ وقوع الحال معرفة لا يؤدّي المعنى الذي نريده من استخدامها نكرة ، وأنَّ قياس جواز مجيء الحال معرفة على مجيء الخبر معرفة مردود بأنَّ مجيء الخبر معرفة مطّرد ، في حين لا يطّرد مجيء الحال معرفة .

المسألة الخامسة : عطف البيان معرفة .

ذهب جمهور البصريين (96) إلى أنَّ عطف البيان يجب أنْ يأتي معرفةً تابعًا لمعرفةٍ ، قال السّيوطيّ ناقلًا مذهبهم : (( ومنع البصرية جريانه على النّكرة ، قالوا : لا يجري إلَّا في المعارف كذا نقلهُ عنهم الشّلوبين )) (97).

وقد ردَّ ابن هشام ما ذهب إليه البصريون ، بقوله : (( وليس قول من منع ذلك بشيءٍ ؛ لأنَّ النّكرة تقبل التّخصيص بالجامد ، كما تقبل المعرفة التّوضيح بهِ )) (98) .

وقد احتجَّ جمهور البصريين بأنَّ الغرض في عطف البيان إيضاح الاسم المتبوع وتبينه ، والنكرة لا يصحُّ أنْ يُبيّنَ بها غيرها ؛ لأنَّها مجهولة المعنى ، ولا يُبيّن مجهول بمجهول (99) .

في حين ذهب جمهور الكوفيين (100) إلى جواز أنْ يكون عطف البيان نكرة تابعًا لنكرة ، قال السّيوطيّ : (( وذهب الكوفيون والفارسيّ والزّمخشريّ إلى جواز تنكيرهما )) (101) . ووافقهم : الفارسي ( ت 377 ه ) (102) ، وابن جنّي (103) ، والزّمخشريّ (104) ، وابن عصفور (105) ، وابن مالك (106) ، وابن النّاظم ( ت 686 ه ) (107) .

وقد احتجَّ الكوفيون بالسّماع ، ومنه قوله تعالى : ﴿ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا ﴾ (108) ، فجاءت ( طعامُ مساكين) وهو نكرة عطف بيان لنكرة وهي ( كفّارة ) (109) . أمَّا القياس : فإنَّ الحاجة لعطف البيان في النّكرة أكثر منها في المعرفة ؛ لأنَّ النّكرة يلزمها الإبهام بحق الأصل ، فهي أكثر حاجة إلى ما يُبينها من المعرفة ، فتخصيص المعرفة بالبيان خلاف مقتضى القياس (110) ، وأيضًا العطف كالنّعت ، وليس بينهما إلّا الجمود والاشتقاق ، والنّعت في النّعت سائغ اتّفاقًا ، فكذلك ينبغي في العطف (111) .

والذي يراه الباحثُ أنّ مذهب الكوفيين ومن وافقهم هو الصحيح ؛ لأنَّ عطف البيان يكونُ أعرف من المعطوف عليه ، ومع ذلك يجوز تنكيره مع متبوعه ، فقد أورد القائلون أدلّةً سماعيّة من القرآن تُثبتُ صحّة مذهبهم ، كما أنَّ النّكرة تخصص متبوعها ، والتّخصيص نوعُ من البيان والإيضاح .

المسألة السّادِسة : نوع ( ما ) التّعجبيّة .

ذهب الأخفش في أحد أقواله إلى أنَّ ( ما ) التّعجبيّة موصولة وما بعدها صلة لها لا محل لها من الإعراب ، والخبر محذوف وجوبًا ، قال ابن السّرّاج ناقلًا مذهبه : (( وقال الأخفش إذا قلت : ما أحسنَ زيدًا ، فــ ( ما ) في موضع الذي ، وأحسنَ زيدًا صلتها ، والخبر محذوف )) (112) . وقد ردَّ ابن هشام ما ذهب إليه الأخفش ، بقوله : (( وفيهِ بعدٌ ؛ لأنَّهُ حذف الخبر وجوبًا مع عدم ما يسد مسدَّهُ )) (113) .

وقد اختلف النّحويون في نوع ( ما ) التّعجبيّة ، وانقسموا على مذاهب :

1ـــــ ذهب جمهور البصريين (114) ، والأخفش في أحد أقوله (115) ، إلى أنَّ ( ما ) نكرة تامّة بمعنى شيء في محل رفع مبتدأ ، والجملة الفعليّة بعدها في محل رفع خبر لــ ( ما ) ، قال سيبويه : (( هذا باب ما يعمل عمل الفعل ، ولم يجرَ مجرى الفعل ، ولم يتمكّن تمكّنه ، وذلك قولك : ما أحسنَ عبدَ اللهِ ، زعم الخليل أنّه بمنزلة قولك : شيءُ أحسن عبد الله ، ودخله معنى التّعجّب ؛ وهذا تمثيل ولم يُتكلّم بهِ )) (116) . ووافقهم ثعلب من الكوفيين (117)

والذي دعاهم إلى القول بأنَّ ( ما ) نكرة تامّة هو الإبهام الذي يقتضيه مبنى التّعجّب ، قال ابن السّرّاج : (( و ( ما ) هنا اسم تام غير مفصول فكأنّك قلت : شيء حسن زيدًا ، ولم تصف أنّ الذي حسّنه شيء بعينه ؛ فلذلك لزمها أنْ تكونَ مبهمة غير مخصوصة ، كما قالوا : شيءٌ جاءك أي : ما جاءك إلّا شيءٌ ، وكذلك : شر أهر ذا ناب ، أي : ما أهرّهُ إلّا شر )) (118) .

2ـــــ ذهب الفرّاء ( ت 215 ه ) إلى أنَّ ( ما ) استفهاميّة فيها معنى التّعجّب ؛ لأنّه قد يُستفاد معنى التّعجّب من الاستفهام ، إذ قال عند حديثه عن قوله تعالى : ﴿ قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ﴾ (119) : (( يكون تعجّبًا ، ويكون : ما الذي أكفره ؟ . وهذا الوجه الآخر جاء التفسير ، ثمَّ أعجبهُ ، فقال : (( من أي شيءٍ خلقه )) )) (120) . وهذا المذهب اختاره ابن درستويه ( ت 347 ه ) (121) ، ونُسب إلى الكوفيين (122) .

وحجّتهم في ذلك ما يأتي :

أ ـــــ جواز مجيء الاستفهام للدلالة على التّعجّب ، نحو قوله تعالى : ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ﴾ (123) ، و : أتدري من هو ، و : لله درَّه أي رجل كان (124) .

ب ـــــ إنَّ استعمال ( ما ) بمعنى شيء مبتدأ لم يثبت ، واستعمال ( ما ) الاستفهاميّة كثير (125) .

ومن الرّدود على هذا المذهب : أنَّ التعجّب خبر ، فلا يصحُّ أنْ تكون ( ما ) استفهاميّة (126) . وأيضًا إنَّ الاستفهام إنشاء ، والتّعجّب إنشاء ، ولم يُثبت النّقل من إنشاء إلى إنشاء ، قال الرّضي : (( قيل مذهبه ضعيف ، من حيث إنّه نقله من معنى الاستفهام إلى معنى التّعجّب ، فالنّقل من إنشاء إلى إنّشاء لم يثبت ْ )) (127) .

3ـــــ ذهب الأخفش في قول ثالث أنَّ ( ما ) التّعجبيّة نكرة موصوفة مبتدأ والفعل بعدها صفتها والخبر محذوف وجوبًا ، قال أبو حيّان ناقِلًا أقواله الثّلاثة : (( وعن الأخفش في ( ما ) ثلاثة أقوال ، أحدها : كقول جمهور البصريين ، والثّاني : أنّ ( ما ) موصولة …….. والثّالث : أنَّ ( ما ) نكرة موصوفة ، الفعل صفتها ، والخبر محذوف واجب الحذف ، التّقدير : شيءٌ أحسن زيدًا عظيمًا )) (128) .

والحقيقة أنّ تقدير الخبر المحذوف لا فائدة فيه ، والخبر محطُّ الفائدة ، قال ابن يعيش : (( ومنها أنّهم يقدِّرون المحذوف بشيء ، والخبر ينبغي أنْ يكون فيه زيادة فائدة ، وهذا لا فائدة منه ، لأنّه معلوم أنّ الحُسْن ونحوه إنَّما يكون بشيء أوجبه )) (129) .

والرّاجح لدي قول البصريين ومن وافقهم من النّحويين في أنّ ( ما ) التّعجبيّة نكرة تامّة بمعنى شيء في محل رفع مبتدأ ، والجملة الفعليّة بعدها في محل رفع خبر ؛ لأنَّ قصد المتعجّب الإخبار بأنّ المتعجّب منه ذو مزيّة ادراكها جلي ، وسبب الاختصاص بها خفي ، فاستحقّت الجملة المعبّر بها أنْ تبدأ بنكرة غير مختصّة ليحصل بذلك إيهام متلوة بإفهام . وكذلك أنّ استعمال ( ما ) نكرة تامة مبتدأ ثابت في غير مسألة التّعجّب ، فيمكن قياسها عليه ، وأيضّا خلوّه من الحاجة لتقدير الخبر .

الخاتمة .

الحمدُ للهِ أوّلًا وأخيرًا وصلّى اللهُ على نبينا مُحمّدٍ وعلى اله وسلّم تسليمًا كثيرا ، ففي نهاية هذا البحث خرجتُ ببعضِ النّتائج منها :

1ـــــ أسلوب ابن هشام الأنصاريّ في شرحه امتاز بالسّلاسة والسّهولة ، بعيدًا عن التّعقيد اللّفظيّ .

2ـــــ كان ابن هشام عفيف اللِّسان في ردِّهِ على نحوي البصرة عادلًا في نقده لهم ، فهو ينتقدهم ويردُّ عليهم دون انتقاص من منزلتهم العلمية .

3ـــــ أظهرت الدِّراسة أنّ ردود ابن هشام على البصريين كانت نابعة من فكر نحوي .

4ـــــ أظهرت الدِّراسة أنّ ابن هشام اتّخذ أنماطًا مختلفة في أثناء الرّدِ ، فبعض الردود كانت طويلة ، وكان البعض الآخر وجيزًا مختصرًا .

5ـــــ أكثر ردوده ذكر فيها أكثر من رأي ، ثمَّ يُناقش هذه الآراء ، ويرد على ما يراه غير مُناسب .

الهوامش .

  1. ينظر : معجم المؤلفين : 6/163 ، الدرر الكامنة: 2/415 ، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون : 5/465 .
  2. ينظر : الدرر الكامنة: 2/415 ، وشذرات الذهب في أخبار من ذهب : 6/191 .
  3. ينظر : الضوء اللامع لأهل القرن التاسع : 11/274 .
  4. ينظر : الدرر الكامنة : 2/416 ، وشذرات الذهب في أخبار من ذهب : 6/191 .
  5. ينظر : بغية الوعاة : 2/68 ، والبدر الطالع : 1/401 .
  6. ينظر : بغية الوعاة : 2/68-69 ، ومفتاح السعادة : 1/184-185 .
  7. ينظر : الدرر الكامنة : 2/309 .
  8. ينظر : الدرر الكامنة : 2/309 ، شذرات الذهب : 6/97 .
  9. ينظر : شذرات الذهب : 6/97 .
  10. ينظر : الدرر الكامنة : 2/310 .
  11. ينظر : البدر الطالع : 1/402 .
  12. ينظر : بغية الوعاة : 2/72 ، الوافي بالوفيات : 2/145 .
  13. ينظر : الدرر الكامنة : 2/310 ، شذرات الذهب : 6/98 .
  14. ينظر : بغية الوعاة : 2/72 .
  15. ينظر : شذرات الذهب : 6/98 .
  16. ينظر : الدرر الكامنة : 2/310 .
  17. ينظر : المصدر نفسه : 2/311 .
  18. ينظر : بغية الوعاة : 2/73 .
  19. ينظر : الضوء اللامع : 11/276 ، شذرات الذهب : 6/98 .
  20. ينظر : شرح التصريح على التوضيح : 1/5 .
  21. ينظر : ابن هشام الأنصاريّ آثاره ومذهبه النحوي : 189-191 .
  22. ينظر : بغية الوعاة : 2/69 ، الدرر الكامنة : 2/308 .
  23. شرح اللمحة البدرية في علم العربية : 1-2 .
  24. ينظر : لسان العرب : 5/184 ( مادة : ردد ) ، والمعجم الوسيط : 1/377 .
  25. ينظر : العين : 8/7 ،
  26. مقاييس اللغة : 400 ( مادة : مردَّ ) .
  27. ينظر : تهذيب اللغة : 14/63 ( مادة : ردَّ ) .
  28. ينظر : لسان العرب : 5/184-185 ( مادة ردَّ ) .
  29. التعريفات : 110 .
  30. لسان العرب : 5/184 ( مادة : ردَّ ) .
  31. ينظر : المؤاخذات النحوية حتى نهاية المائة الرابعة الهجرية : 12 .
  32. ينظر : الاعتراض النحوي عند ابن مالك : 27 .
  33. ينظر : ما فات الإنصاف من مسائل الخلاف : 17 .
  34. سر صناعة الإعراب : 428 .
  35. شرح اللمحة البدريّة في علم العربية : 1/282 .
  36. ينظر : شرح المفصل ( لابن يعيش ) : 5/8 ، وشرح الرضي على الكافية : 3/293 ، وهمع الهوامع : 1/67.
  37. الكتاب : 1/18 .
  38. ينظر : النكت الحسان : 36 ، وارتشاف الضرب : 1/419 ، والموفي في النحو الكوفي : 11 .
  39. معاني القرآن ( الفرّاء ) : 1/93 .
  40. البيت للشاعر أبي ذؤيب الهذلي ، ينظر : ديوان الهذليين : 1/79 .
  41. ينظر : التذييل والتكميل : 1/151-152 .
  42. الخصائص : 3/304 .
  43. شرح المفصل ( لابن يعيش ) : 5/8 .
  44. التذييل والتكميل : 1/152 .
  45. ينظر : شرح التسهيل ( لابن مالك ) : 1/88 .
  46. ينظر : المساعد على تسهيل الفوائد : 1/56 .
  47. ينظر : شرح التصريح على التوضيح : 1/82 .
  48. ينظر : حاشية الصبّان : 1/38 .
  49. الإنصاف في مسائل الخلاف : 1/33 .
  50. ينظر : اللباب في علل البناء والإعراب : 1/103 ، ائتلاف النصرة : 29 .
  51. شرح اللمحة البدرية في علم العربية : 1/315 .
  52. ينظر : الإنصاف في مسائل الخلاف : 1/33 ، أسرار العربية : 64 ، همع الهوامع : 1/177 .
  53. الكتاب : 1/17 .
  54. ينظر : التبين على مذاهب النحويين : 104 .
  55. ينظر : الإنصاف في مسائل الخلاف : 1/35-36 .
  56. ينظر : التبين على مذاهب النحويين : 105-106 .
  57. معاني القرآن ( للأخفش ) : 1/13-14 .
  58. ينظر : المقتضب : 2/154 .
  59. ينظر : الإيضاح في علل النحو : 130 ، الإنصاف في مسائل الخلاف : 1/33 .
  60. ينظر : الإنصاف في مسائل الخلاف : 1/35 .
  61. شرح التسهيل ( لابن مالك ) : 1/75 .
  62. المقتضب : 2/151 .
  63. ينظر : التبين على مذاهب النحويين : 107 .
  64. ينظر : شرح التسهيل ( لابن مالك ) : 1/74 .
  65. ينظر : المقتضب : 2/155 .
  66. ينظر : الإنصاف في مسائل الخلاف : 1/33 .
  67. الكتاب : 3/324 .
  68. شرح اللمحة البدرية في علم العربية : 1/349 .
  69. ينظر : الكتاب : 4/147 .
  70. المصدر نفسه : 4/226 .
  71. ينظر : الخصائص : 1/291 .
  72. ينظر : همع الهوامع : 1/271 .
  73. ينظر : شرح التسهيل ( لابن مالك ) : 1/254 .
  74. ينظر : توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك : 1/257 .
  75. سورة يونس : آية (59) .
  76. سورة الأنعام : آية (143) .
  77. ينظر : سر صناعة الإعراب : 1/344 .
  78. ينظر : شرح الرضي على الكافية : 2/131 .
  79. ينظر شرح التسهيل ( لابن مالك ) : 1/253 .
  80. المقتضب : 2/92 .
  81. الأصول في النحو : 1/42 .
  82. ينظر : شرح المفصل ( لابن يعيش ) : 9/17 .
  83. ينظر : المصدر نفسه : 9/18 .
  84. ينظر : شرح المقدمة الكافية في علم الإعراب : 1/230 .
  85. ينظر : المقرّب : 433 .
  86. ينظر : شرح الرضي على الكافية : 2/130-131 .
  87. ينظر : شرح المفصل ( لابن يعيش ) : 9/18 .
  88. ينظر اللامات ( للزجاجي ) : 421 .
  89. ينظر : همع الهوامع : 4/18 .
  90. ينظر : منهج السالك إلى ألفية ابن مالك : 2/8 ، وهمع الهوامع : 4/18 .
  91. شرح اللمحة البدرية في علم العربية : 2/177 .
  92. البيت لبيد بن ربيعة العامري . ينظر : خزانة الأدب : 1/524 .
  93. ينظر : همع الهوامع : 2/19 .
  94. ينظر : شرح المفصل ( لابن يعيش ) : 2/62 ، وارتشاف الضرب : 1/337 ، ومنهج السالك إلى ألفية ابن مالك : 1/244 .
  95. الكتاب : 2/114 .
  96. ينظر : البحر المحيط : 9/166 ، والمساعد على تسهيل الفوائد : 2/423 ، شرح التصريح على التوضيح : 2/148 .
  97. همع الهوامع : 5/191 .
  98. شرح اللمحة البدرية في علم العربية : 2/306 .
  99. ينظر : همع الهوامع : 5/191 .
  100. ينظر : توضيح المقاصد والمسالك : 1/223 ، وشرح التصريح على التوضيح : 2/148 .
  101. ينظر همع الهوامع : 5/191 .
  102. ينظر : منهج السالك إلى ألفية ابن مالك : 2/357 .
  103. ينظر : المصدر نفسه : 2/357 .
  104. ينظر : الكشاف : 1/387 .
  105. ينظر : شرح جمل الزجاجي ( لابن عصفور ) : 1/268 .
  106. ينظر : شرح التسهيل ( لابن مالك ) : 3/326 .
  107. ينظر : شرح ألفية ابن مالك ( لابن الناظم ) : 366 .
  108. المائدة : الآية (95) .
  109. ينظر : شرح التصريح على التوضيح : 3/539 .
  110. ينظر : شرح التسهيل ( لابن مالك ) : 3/326 .
  111. ينظر : شرح المفصل ( لابن يعيش ) : 2/271-272 .
  112. الأصول في النحو : 1/100 .
  113. شرح اللمحة البدرية في علم العربية : 2/334 .
  114. ينظر : المقتضب : 4/173 ، وشرح جمل الزجاجي ( لابن عصفور ) : 1/583 ، وشرح التسهيل ( لابن مالك ) : 3/31 .
  115. ينظر : معاني القرآن ( للأخفش ) : 1/192 .
  116. الكتاب : 1/72 .
  117. ينظر : الإنصاف في مسائل الخلاف : 1/147 .
  118. الأصول في النحو : 1/99 .
  119. عبس : الآية ( 20 ) .
  120. معاني القرآن ( للفرّاء ) : 3/273 .
  121. ينظر : شرح المفصل ( لابن يعيش ) : 4/421 .
  122. ينظر : شرح التسهيل ( لابن مالك ) : 3/32 ، وارتشاف الضرب : 4/2065 .
  123. الانفطار : الآية (17 ) .
  124. ينظر : شرح الرضي على الكافية : 4/233-234 .
  125. ينظر : شرح المقدمة الكافية في علم الإعراب : 3/928 .
  126. ينظر : شرح المفصل ( لابن يعيش ) : 4/421 .
  127. ينظر : شرح الرضي على الكافية : 4/234 .
  128. ينظر : ارتشاف الضرب : 4/2065 .
  129. شرح المفصل ( لابن يعيش ) : 4/421 .

المصادر والمراجع .

القرآن الكريم .

  • ائتلاف النّصرة في اختلاف نحاة الكوفة والبصرة : عبد اللّطيف بن أبي بكر الشّرجيّ الزّبيديّ (ت802ه) ، تحقيق : د. طارق الجنابيّ ، عالم الكتب ، بيروت ، الطّبعة الأولى ، (1407ه ـــــ 1987م) .
  • ارتشاف الضرب من لسان العرب : أبو حيّان الأندلسيّ (ت745ه) ، تحقيق : د. رجب عثمان ، و د. رمضان عبد التّوّاب ، مكتبة الخانجيّ ، القاهرة ـــــ مصر ، الطّبعة الأولى ، (1418ه ـــــ 1998م) .
  • أسرار العربية : أبو الربكات عبد الرّحمن بن محمّد بن أبي إسحاق الأنباريّ (ت577ه) ، تحقيق : محمّد بهجة العطّار ، وعاصم بهجة العطّار ، دار البشائر للطباعة والنّشر والتوزيع ، دمشق ، الطّبعة الثّانية ، (1425ه ـــــ 2004م) .
  • الأصول في النحو : أبو بكر محمّد بن سهل السّرّاج (ت316ه) ، تحقيق : د. عبد الحسين الفتليّ ، مؤسسة الرّسالة ، بيروت ، الطّبعة الثّالثة ، (1408ه ـــــ 1988م) .
  • الاعتراض النّحويّ عند ابن مالك واجتهاداته : د. ناصر محمّد عبد أل قميشان ، دار الكتب الوطنية ، أبو ظبي ، الطّبعة الأولى ، (2009م) .
  • الإنصاف في مسائل الخلاف بين النّحويين البصريين والكوفيين : كمال الدّين أبو البركات الأنباريّ (ت577ه) ، تحقيق : محمّد محيي الدّين عبد الحميد ، مطبعة السّعادة ، القاهرة ــــــ مصر ، الطّبعة الرّابعة ، (1380ه ـــــ 1961م) .
  • الإيضاح في علل النحو : أبو القاسم بن إسحاق الزّجّاج (ت340ه) ، تحقيق : د. مازن المّبارك ، دار النّفائس ، بيروت ـــــ لبنان ، الطّبعة السّادية ، (1416ه ـــــ 1996م).
  • البحر المحيط في التفسير : أبو حيّان الأندلسيّ (ت745ه) ، درساة وتحقيق وتعليق : عادل أحمد عبد الموجود والشّيخ على محمّد عوض و آخرون ، دار الكتب العلميّة ، بيروت ـــــ لبنان ، الطّبعة الأولى ، (1422ه ـــــ 2001م) .
  • البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السّابع : محمد بن علي الشّوكاني (ت1250ه) ، مطبعة السّعادة ، مصر ، (1348ه) .
  • بغية الوعاة : عبد الرّحمن جلال الدّين السّيوطي (ت911ه) ، تحقيق : محمّد أبي الفضل إبراهيم ، مطبعة عيسى البابي الحلبيّ ، مصر ، (1964م) .
  • التبيين على مذاهب النّحويين البصريين والكوفيين : أبو البقاء العكبريّ (ت616ه) ، تحقيق : د. عبد الرّحمن العثيمين ، دار الغرب الإسلاميّ ، بيروت ـــــ لبنان ، الطّبعة الأولى ، (1406ه ــــــ 1986م) .
  • التذييل والتّكميل شرح كتاب التّسهيل : أبو حيّان الأندلسي (ت745ه) ، تحقيق : د. حسن هنداوي ، دار القلم ، دمشق ( من الجزء الأوّل إلى الجزء الخامس ) وبقية الأجزاء دار كنوز إشبيليا ، الطّبعة الأولى ، (1419ه ـــــ 1998م) .
  • التّعريفات : العلّامة علي بن محمد السّيّد الشّريف الجرجانيّ (ت816ه) ، تحقيق : جماعة من العلماء ، دار الكتب العلميّة ، بيروت ـــــ لبنان ، الطّبعة الأولى ، (د.ت) ز
  • توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك : ابن أم قاسم المرادي (ت749ه) ، تحقيق : د. عبد الرّحمن سليمان ، دار الفكر العربيّ ، القاهرة ، الطّبعة الأولى ، (1428ه ـــــ 2008م) .
  • حاشية الصّبّان على شرح الأشموني على ألفية ابن مالك : أبو العرفان محمّد بن علي الصّبّان (ت1206ه) ، تحقيق : محمود بن الجميل ، مكتبة الصّفا ، القاهرة ، الطّبعة الأولى ، (2002م) .
  • خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب : عبد القادر البغدادي (ت1093ه) ، تحقيق : د. عبد السّلام محمّد هارون ، مكتبة الخانجي ، القاهرة ، الطّبعة الأولى ، (1406ه ـــــ 1986م) .
  • الخصائص : أبو الفتح عثمان بن جنّي (ت392ه) ، تحقيق : د. محمّد علي النّجّار ، المكتبة الوقفيّة ، القاهرة ، الطّبعة الأولى ، (2015م) .
  • الدّرر الكامنة في أعيان المئة الثّامنة : أحمد بن علي بن محمّد بن حجر العسقلانيّ (ت852ه) ، تحقيق : محمّد سيّد جاد الحق ، دار الكتب الحديثة ، مصر ، (د.ت) .
  • ديوان الهذليين : الدّار القوميّة للطباعة والنّشر ، القاهرة ، (1385ه ـــــ 1965م).
  • سر صناعة الإعراب : أبو الفتح عثمان بن جنّي (ت392ه) ، دراسة وتحقيق : د. حسن هنداويّ ، دار القلم ، دمشق ، الطّبعة الثّانية ، (1413ه ـــــ 1994م) .
  • شذرات الذّهب في أخبار من ذهب : ابن عماد الحنبليّ (ت1089ه) ، دار الفكر للطباعة والنّشر والتوزيع ، (د.ت) .
  • شرح ابن النّاظم على ألفية ابن مالك : بدر الدّين محمّد بن جمال الدّين بن محمّد بن مالك (ت686ه) ، تحقيق : محمّد باسل عيون السّود ، دار الكتب العلميّة ، بيروت ـــــ لبنان ، الطّبعة الأولى ، (1420ه ـــــ 2000م) .
  • شرح التّسهيل : جمال الدّين محمّد بن عبد الله الطّائي الأندلسيّ (ت672ه) ، تحقيق : عبد القادر عطا وطارق فتحي السّيّد ، دار الكتب العلميّة ، بيروت ـــــ لبنان ، الطّبعة الأولى ، (2001م) .
  • شرح التصريح على التّوضيح : الشّيخ خالد الأزهريّ (ت905ه) ، تحقيق : باسل عيون السّود ، دار الكتب العلميّة ، بيروت ـــــ لبنان ، الطّبعة الأولى ، (1421ه ـــــ 2000م) .
  • شرح جمل الزّجاجيّ : أبو الحسن علي بن مؤمن بن عصفور الأشبيليّ (ت669ه) ، قدّم له ووضع هوامشه وفهارسه : فوّاز الشّعار ، إشراف : د. إميل بديع يعقوب ، دار الكتب العلميّة ، بيروت ـــــ لبنان ، الطّبعة الأولى ، (1419ه ـــــ 1998م) .
  • شرح كافية ابن الحاجب : رضي الدّين الاستراباذيّ (ت686ه) ، قدّم له ووضع حواشيه وفهارسه : د.إميل بديع يعقوب ، دار الكتب العلميّة ، بيروت ـــــ لبنان ، الطّبعة الأولى ، (1998م) .
  • شرح اللّمحة البدريّة في علم العربيّة : ابن هشام الأنصاريّ (ت761ه) ، تحقيق : د. هادي نهر ، دار الياوزيّ العلميّة للنشر والتّوزيع ، عمّان ـــــ الأردن ، (ب.ط) .
  • شرح المفصّل : موفق الدّين بن يعيش (643ه) ، تحقيق : د. إميل بديع يعقوب ، دار الكتب العلميّة ، بيروت ـــــ لبنان ، الطّبعة الأولى ، (1422ه ـــــ 2001م) .
  • شرح المقدّمة الكافية في علم الإعراب : جمال الدّين أبو عمرو عثمان بن الحاجب (ت646ه) ، تحقيق : جمال عبد العاطي مخيمر أحمد ، مكتبة نزار مصطفى الباز ، مكّة المكرّمة ، الطّبعة الأولى ، (1414ه ـــــ 1997م) .
  • الضّوء اللّامع لأهل القرن التّاسع : شمس الدّين محمّد بن عبد الرّحمن السّخاوي (902ه) ، منشورات دار مكتبة الحياة ، بيروت ، (د.ت) .
  • كتاب العين : الخليل بن أحمد الفراهيديّ (ت170ه) ، تحقيق : د. مهدي المخزوميّ و د. إبراهيم السّامرائيّ ، دار الكتب العلميّة ، بيروت ـــــ لبنان ، الطّبعة الأولى ، (1424ه ـــــ 2003م) .
  • كتاب اللّامات : أبو القاسم عبد الرّحمن بن إسحاق الزّجاجيّ (ت337ه) ، تحقيق : مازن المُبارك ، دار الفكر ، دمشق ـــــ سوريا ، الطّبعة الثّانية ، (1405ه ـــــ 1985م) .
  • كتاب سيبويه : أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر (ت180ه) ، تحقيق : د. عبد السّلام محمّد هارون ، مكتبة الخانجيّ ، القاهرة ـــــ مصر ، الطّبعة الثّالثة ، (1408ه ـــــ 1988م) .
  • الكشّاف : أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزّمخشري (ت538ه) ، اُعتني به وخرّج أحاديثه وعلّق عليه : خليل مأمون شيخا ، دار المعرفة ، بيروت ـــــ لبنان ، الطّبعة الثّالثة ، (1430ه ـــــ 2009م) .
  • كشف الظّنون عن أسامي الكتب والفنون : حاجي خليفة (ت1067ه) ، إستانبول ، (1941م) .
  • اللّباب في علل البناء والإعراب : أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبريّ (ت616ه) ، تحقيق : د. عبد الإله النّبهان ، دار الفكر ، دمشق ، الطّبعة الأولى ، (1416ه ـــــ 1995م) .
  • لسان العرب : جمال الدّين بن منظور الأنصاري (ت711ه) ، اعتني بتصحيحه : أمين محمّد عبد الوهاب ومحمّد الصّادق العبيديّ ، دار إحياء التّراث العربي ، بيروت ـــــ لبنان ، الطّبعة الثّالثة ، (1419ه ـــــ 1999م)
  • ما فات الإنصاف من مسائل الخلاف : د. فتحي بيومي حمودة ، مطبعة شركة المروّة لصناعة مواد التّعبئة والتّغليف ، الرّياض ، (ب.ط) ، (ب.ت) .
  • المُساعد على تسهيل الفوائد : بهاء الدّين بن عقيل (ت769ه) ، تحقيق : د. محمّد كامل بركات ، مكتبة دار الفكر، دمشق ، الطّبعة الأولى ، (1400ه ـــــ 1980م) .
  • معاني القرآن : أبو الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش الأوسط (ت215ه) ، تحقيق : د. هدى محمود قراعة ، مكتبة الخانجي ، القاهرة ، الطّبعة الأولى ، (1411ه ــــــ 1990م) .
  • معاني القرآن : أبو زكريا الفرّاء (ت207ه) ، تحقيق : أحمد يوسف نجاتي و محمّد علي النّجّار ، عالم الكتب ، بيروت ، الطّبعة الأولى ، (1983م) .
  • معجم المؤلفين : عمر رضا كحالة ، مؤسسة الرّسالة ، دمشق ، (1376ه ـــــ 1957م) .
  • المعجم الوسيط : إبراهيم أنيس وآخرون ، مكتبة الشّروق الدّوليّة ، الطبعة الأولى ، (1425ه ـــــ 2004م ) .
  • مفتاح السّعادة وتحقيق طريق السّعادة : أبو العبّاس بن العريق (ت536ه) ، دراسة وتحقيق : د. عصمت عبد اللّطيف دندش ، دار الغرب الإسلاميّ ، بيروت ـــــ لبنان ، الطّبعة الأولى ، (1993م) .
  • مقاييس اللّغة : أبو الحسن أحمد بن فارس (ت395ه) ، تحقيق وضبط : عبد السّلام محمّد هارون ، دار الفكر ، دمشق ، الطّبعة الأولى ، (1399ه ـــــ 1979م) .
  • المقتضب : أبو العبّاس محمّد بن يزيد المبرّد (ت285ه) ، تحقيق : محمّد عبد الخالق عضيمة ، عالم الكتب ، بيروت ـــــ لبنان ، الطّبعة الرّابعة ، (1431ه ـــــ 2010م) .
  • المقرّب : علي بن مؤمن المعروف باين عصفور (ت669ه) ، تحقيق : أحمد عبد السّتّار الجواريّ و عبد الله الجواريّ ، مكتبة العاني ، بغداد ، الطّبعة الأولى ، (1432ه ـــــ 1971م) .
  • منهج السّالك في الكلام إلى ألفية ابن مالك : أبو الحسن نور الدّين علي بن محمّد الأشموني (ت900ه) ، تحقيق : محمّد محيي الدّين عبد الحميد ، دار الكتاب العربي ، بيروت ـــــ لبنان ، (1375ه ـــــ 1955م ) .
  • المؤاخذات النّحويّة حتى نهاية المائة الرّابعة الهجريّة : زهير عبد المحسن سلطان ، مكتبة جامعة قارينوس ، ليبيا ، الطّبعة الأولى ، (1994) .
  • الموفي في النحو الكوفي : صدر الدّين الكنغراويّ (ت1050ه) ، قدّم له الشّيخ محمّد بهجت البيطار ، مطبعة الترقّي ، دمشق ، (ب.د) ، (1370ه ـــــ 1950م) .
  • النّكت الحسان في شرح غاية الإحسان : أبو حيّان الأندلسيّ (ت745ه) ، تحقيق : د. عبد الحسين الفتليّ ، مؤسسة الرّسالة ، بيروت ـــــ لبنان ، الطّبعة الأولى ، (1405ه ـــــ 1984م) .
  • ابن هشام الأنصاري آثاره ومذهبه النّحوي : د. علي فودة نيل ، عمادة شؤون المكتبات ، جامعة الملك سعود ، الرّياض ، الطّبعة الأولى ، (1406ه ـــــ 1985م) .
  • همع الهوامع في شرح جمع الجوامع : جلال الدّين السّيوطيّ (ت911ه) ، تحقيق : أحمد شمس الدّين ، دار الكتب العلميّة ، بيروت ــــ لبنان ، الطّبعة الأولى ، (1418ه ـــــ 1998م) .
  • الوافي بالوفيّات : صلاح الدّين خليل بن أبيك الصّفدي (ت764ه) ، تحقيق : أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى ، دار إحياء التّراث العربي ، الطّبعة الأولى ، (2000م) .