التعويض عن الضرر المرتد

Compensation for Resultant Damage

أ. د. عباس زبون عبيد العبودي1، موسى مكي عبدالله الخزاعي2

1 استاذ مشارك في القانون الخاص، الجامعة الاسلامية فرع خلدة، لبنان.

2 طالب دكتوره، الجامعة الإسلامية في لبنان. بريد الكتروني: hsh78602@gmail.com

DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj62/2

المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/62/2

الصفحات: 10 - 34

تاريخ الاستقبال: 2025-01-04 | تاريخ القبول: 2025-01-15 | تاريخ النشر: 2025-02-01

Download PDF

المستخلص: من المعتاد أن يكون الضرر الذي أصاب المتضرر الأصلي مصدر أضرار أخرى وهوما يعرف بالضرر بالارتداد أو منعكس، ويرتد هذا النوع من الضرر على من له علاقة بالتضرر المباشر، سواء كان من ذوي قرباه أو ممن تربطهم به علاقات مالية محضي، ومن ثم يكون هذا الضرر ملزما للتعويض من طرف المسؤول، فيجب معرفة كيفية التعويض اللازم لجبر هذا الضرر والأشخاص الذين لهم الحق في التعويض يعد الضرر ركنا اساسيا في المسؤولية وان هذا الضرر اذا تحقق يوجب المسؤولية وهي التعويض والضرر المرتد يعد نتيجة طبيعية للضرر الاصلي وبدوره ينقسم الى نوعين ضرر مادي مرتد ومعنوي مرتد يصيب من يرتبطون بالمتضرر الاصلي وان المسؤولية تتحقق اذا توافرت اركانها المتمثلة بالخطأ والضرر والعلاقة السببية وبالتالي عند حصول هذا الضرر يوجب تعويض من الحقهم هذا الضرر نتيجة لحصول الخطأ من محدث الضرر.

الكلمات المفتاحية: تعويض – مسؤولية مدنية – ضرر مرتد.

Abstract: It is common for the damage that befell the original victim to be the source of other damages, which is known as rebound or reflected damage. This type of damage is reflected back to those who are related to the direct damage, whether they are relatives or those who have purely financial relationships with them. Therefore, this damage is obligatory for compensation by the responsible party. It is necessary to know how to compensate the necessary to redress this damage and the persons who have the right to compensation. Damage is a fundamental element of responsibility, and if this damage occurs, it requires responsibility, which is compensation. Rebound damage is a natural result of the original damage, and in turn it is divided into two types: material, rebound damage and moral, rebound damage that affects those related to the original victim. Responsibility is realized if its elements are available, which are error, damage, and causal relationship. Therefore, when this damage occurs, it requires compensation for those who have suffered this damage as a result of the error of the one who caused the damage.

Keywords: Compensation - Civil Liability - Resultant Damage.

المقدمة

ان المسؤولية سواء كانت مسؤولية عقدية او مسؤولية تقصيرية سواء اقامت على ركن الخطأ او على ركن الضرر، فأن الضرر يعد ركناً رئيسياً من هذه المسؤولية فلا توجد مسؤولية بدون ضرر والغاية من اقامة المسؤولية تعويض الضرر الذي تسبب به المسؤول عن الفعل غير المشروع لهذا الضرر، الا ان اثار الفعل الضار قد لا تقتصر على المتضرر المباشر الذي وقع عليه الفعل في بعض الاحيان بل تتعداه الى غيره ممن يرتبطون به برابطة معينة فتصيبهم بأضرار قد تكون احيان كثيرة مساوية لضرر الذي اصاب المتضرر المباشر ان لم نقل انها قد تفوقها في احيان اخرى. لذلك هذا الضرر الذي ارتد قد يصيب اشخاص كثيرين فهي تقتضي معالجة دقيقة وواضحة، وهذا ما يعرف بالضرر المرتد او المنعكس او الممتد ومهما اختلفت التسميات فأنها تصب في رافد واحد وهو تضرر اشخاص اخرين نتيجة للضرر الذي اصاب المتضرر المباشر. ان موضوع الضرر المرتد من الموضوعات الشديدة الاهمية لما تعالجه من مشاكل نظرا لطبيعته الخاصة والمتأتية من ارتكازه على ضررا اخر وهو الضرر الاصلي. وكما للضرر الاصلي نوعان ضررا مادي وضررا ادبي فان الضرر المرتد هو الاخر له صورتين وهو الضرر المرتد المادي وضرر مرتد معنوي. ان الضرر المرتد وعلى الرغم من انه ضرر يرتكز على ضرر اخر وهو الضرر الاصلي الا انه مستقل عنه تماما ، بحيث ان الاستقلالية هذه تجعل من الاشخاص المرتبطون بالمتضرر المباشر مستقلين بالمطالبة بالتعويض عنه او عدم المطالبة بالتعويض فالضرر الذي يصيب الشخص دون ان يؤدي الى انقاص نفقة المعالين لا يستطيعون ان يطالبوا بتعويض عن ضررا مرتد بغلاف المتضرر المباشر يحق له ان يطالب بتعويض الاضرار التي اصابته، كما ان مقدار التعويضات تختلف بين المتضرر المباشر والمتضرر بالارتداد. فقهاً ان التعويض عن الضرر المرتد هو من المسائل المهمة لما لها من اهمية وقضاء، فالضرر هو عماد المسؤولية وعلى اساس تحققه تتحقق المسؤولية ويقدر التعويض.

مشكلة البحث

ان الضرر المرتد يدور مع الضرر الاصلي وجودا و عدما وهو نتيجة للضرر الاصلي وله ذات الاهمية للضرر الاصلي لذلك تظهر اشكالية البحث حول الضرر المرتد هل انه مستقل عن الضرر الاصلي ام انه يتقيد بأحكامه كذلك كيفية التعويض عن هذا الضرر وماهي العوامل المؤثرة في تقدير التعويض عنه.

اهمية البحث

ان الضرر المرتد يقف على بعد مسافة واحدة من الضرر الاصلي، لذلك تظهر اهميته في تحديد ماهية الضرر المرتد وكيفية تقدير التعويض لغيره والعوامل المؤثرة فيه.

منهجية البحث

سنعتمد في هذا البحث اسلوب المنهج الوصفي الذي يقوم على وصف موضوع الضرر المرتد وتقدير التعويض عنه والعوامل المؤثرة في تقدير التعويض عنه.

هيكلية البحث

لقد تناولنا هذا الموضوع في مبحثين حيث خصصنا المبحث الاول للمفهوم القانوني للضرر المرتد ويضم مطلبين المطلب الأول تعريف الضرر المرتد وشروط تحققه و المطلب الثاني انواع الضرر المرتد اما المبحث الثاني فسنتناول التعويض عن اضرر المرتد في مطلبين ايضا و سنخصص المطلب الاول مفهوم التعويض وانواعه وطرقه واما المطلب الثاني سنتكلم عن سلطة المحكمة في تقدير التعويض المادي و الادبي للضرر المرتد .

المبحث الأول: المفهوم القانوني للضرر المرتد

يُعد الفعل الضار من مصادر الالتزام واكثرها تطبيقاً في الحياة العملية ولا تزال دراسته مستفيضة ومعمقة، وهو من المصادر غير الارادية للالتزام التي تنشأ عن حادث يرتب عليه القانون اثراً، وهو ما يسمى بالفقه القانوني بالمسؤولية التقصيرية او المسؤولية عن العمل غير المشروع، وان مدار المسؤولية هو الضرر الذي يلحق المتضرر المباشر ومن يتضررون مباشرة بسبب ذلك الضرر الذي اصاب المتضرر الاصلي وهو من اركان المسؤولية المدنية، واساس قيامها ولا محل لقيامها بدونه سواء أكانت عقدية ام تقصيرية([1]) وتفسير ما سبق، هو ان الضرر الاصلي الذي اصاب المضرور الاصلي قد يرتد الى اشخاص آخرين فينعكس عليهم متخذاً ضرراً تبعياً يأخذ احدى الصورتين او كلاهما وهو الضرر المرتد المادي والمعنوي الادبي)، ولابد من وجود ارتباط مادي او معنوي بين المضرور المباشر وهؤلاء المتضررين بالارتداد يعكس الضرر الاصلي عليهم، والضرر المرتد قد يثير في الاذهان مسألة تتعلق بمدى توفر الشروط المطلوبة في الضرر كأصل عام، ومنها ان يكون شخصياً ومباشراً، لذلك فان هناك من يرى بأنه ضرر شخصي بالتبعية يتحقق في حالة عدم انحصاره بشخص معين وانما يمتد ليشمل غيره ([2])

وسنتناول في هذا المبحث المطالب الآتية:

المطلب الأول: تعريف الضرر المرتد وشروط تحققه.

المطلب الثاني: انواع الضرر المرتد.

المطلب الأول: تعريف الضرر المرتد وشروطه

يعتبر الضرر المرتد شخصياً لمن ارتد عليه، فلا ضير ان يكون المتضرر قد تلقاه مباشرة من مصدره، او انه تلقاه مرتداً عن مضرور اخر، فالضرر المرتد هو الضرر الذي اصاب شخصاً نتيجة ضرر اصاب شخصاً اخر، ومن اجل ان يتجلى مفهوم الضرر المرتد للقارئ وتعم الفائدة من البحث سنتناول هذا المطلب من خلال فرعين:

الفرع الأول: تعريف الضرر المرتد.

الفرع الثاني: شروط تحقق الضرر المرتد.

الفرع الأول: تعريف الضرر المرتد

من اجل الوقوف على اهم التعاريف التي تميّز الضرر عن غيره، لابد من الاحاطة بالتعرف عليه لغة واصطلاحاً ومن ثم من الناحية القانونية.

تعريف الضرر لغة المضرة خلاف المنفعة، وهو ضد النفع، ويقال ضره يضره ضراً وضر به اذا اصابه الضرر، وقيل ان الضرر هو النقصان الذي يدخل في الشيء، أو ما يدخل من نقص على الاعيان ([3]).

تعريف الضرر اصطلاحا : هو كل ايذاء يلحق الشخص سواء أكان في ماله ام جسده ام عرضه ام عاطفته، ويقال ايضاً ان الضرر هو الاذى الذي يلحق بالشخص في ماله او بدنه او شرفه او سمعته ([4]) ويشمل بذلك كل انواع الضرر المادية منها والمعنوية التي تستوجب الضمان.

تعريف الضرر من الناحية القانونية : أورد احد اساتذة القانون المدني تعريفاً للضرر بانه: (( الاذى الذي يصيب الشخص جراء المساس بحق من حقوقه او بمصلحة مشروعة له، سواء أكان هذا الحق ام تلك المصلحة متعلقة بسلامة جسمه ام عاطفته ام ماله ام اعتباره ام غير ذلك)) ([5])

وفي القانون المدني العراقي لا تقوم المسؤولية المدنية على ركن الخطأ فقط، بل لابد من تحقق الضرر، فهو الاساس في مسؤولية المتسبب الذي احدث الفعل الضار سواء على الشخص ام على الغير ام على الاشياء، وتبرز اهمية ذلك لدى المشرع من حيث صياغة النصوص التشريعية بكل دقة واهتمام في الالفاظ، اذ خصص المواد من (۱٨٦ – (۲۳۲) في نطاق المسؤولية التقصيرية.

ويتضح من خلال ما تقدم، أن الضرر المرتد هو ضرر يقع على غير من يقع عليه الفعل الضار مباشرة، فمن يطلق عياراً نارياً على شخص فيصيبه اصابة قاتلة، فان ذلك لاشك ان يرتد على ذوي القربي للمجنى عليه، مما يسبب لهم اضراراً مادية تتمثل في مصاريف الدفن والنفقات الأخرى، وكذلك اضرار معنوية تتمثل في الم المصاب والحزن وآلام الفقدان والحرمان من الاعالة، فلاشك انهم يستطيعون المطالبة بجبر الضرر المرتد الذي اصابهم نتيجة ذلك ([6]) ، وفي قرار لمحكمة التمييز الاتحادية قضت فيه بانه (( لدى عطف النظر على الحكم المميز تبين بانه لما استند اليه من اسباب موافق للأصول واحكام القانون، اذ تأيد من التحقيقات التي اجرتها محكمة البداءة، ومن بعدها محكمة الاستئناف تثبت مسؤولية دائرة المدعى عليه ( المميز) عن حادث الصعق الكهربائي الذي ادى الى وفاة ابنة المدعية المميز عليها بسبب اهمال الدائرة في صيانة واصلاح الشبكة الكهربائية على وفق ما تنص عليه المادة ( ۲۳۱) من القانون المدني، وبذلك تلتزم بدفع التعويض للمدعية عن الضرر الذي اصابها نتيجة وفاة ابنتها، وان المحكمة استعانت بخمسة خبراء وجاء تقريرهم مسبباً ومعللاً ولا مغالاة فيه ويصح اتخاذه )سببا للحكم……))([7])

وبهذا فان الضرر المرتد هو ضرر مباشر يترتب على الفعل الضار ولكن يصيب شخصاً آخر غير الذي وقع عليه ذلك الفعل، وهو يعطى من اصابه حقاً مستقلاً بالمطالبة بالتعويض، ومهما اختلفت التعاريف بالضرر المرتد الا انها تصب في رافد واحد، وهو تضرر اشخاص آخرين نتيجة لتضرر الضحية، ويستحق المتضرر بالارتداد التعويض عن الضرر المادي والضرر الادبي، وان الاخير لا يشمل فقط حالات الموت او الاصابات المميتة بل حتى غير المميتة كالاعتداء الذي يسبب عاهة مستديمة او تشوهات خلقية، أي ان حق التعويض عنه في الاصابة المميتة لا يعتبر ميراثاً يتلقاه المتضرر بالارتداد، بل هو حق شخصي فلا يعطى نسبة نصيبه من الميراث بل بمقدار الضرر الذي وقع عليه ولكن ليس كل ما يلحق الغير من اذى مادي او معنوي يعتبر ضرراً مرتداً موجباً للتعويض، بل لابد من تحديد شروط تحقق الضرر المرتد حتى يمكن المطالبة بالتعويض عنه ([8])

الفرع الثاني: شروط تحقق الضرر

سبق ان بينا في مفهوم الضرر المرتد في هذا المبحث بان له طبيعة خاصة متأتية من اساسها الفقهي والقانوني من ارتكازها على الضرر الاصلي الذي اصاب شخصاً مباشراً تربطه بالمتضرر بالارتداد رابطة قانونية شخصية من جهة، ومن جهة اخرى رابطة شرعية سماوية، وهذه الطبيعة تستوجب توفر الشروط الآتية في موضوع الضرر المرتد

اولاً : الشروط العامة للضرر المرتد

من خلال ما ابدع به فقهاء القانون والقضاء وشرعوا في صياغته، وتم توثيقه من خلال الكتب والاحكام القضائية والمجلات القانونية، ظهر لنا من خلاله افق واسع له بداية وليس له نهاية، فأثمرت لنا المعرفة بان هناك ضرر يصيب حقاً يحميه القانون، وهذا الحق الذي يحميه القانون ويعطي صاحبه حق اللجوء الى القضاء للمطالبة بالتعويض عما اصابه من ضرر جراء الاعتداء عليه، ويكون الحق متعلقاً بالكيان المادي للإنسان او بذمته المالية فيصيبها، فالتعدي على حياة الانسان وسلامة جسده بإصابته بجروح او بغيره يعتبر اعتداء على حق يحميه القانون، فاذا ادى الى فقدان حياته او عجزه الكلي او الجزئي عن الكسب تحمل الفاعل مسؤولية جبر الضرر الذي اصاب المضرور بالطريقة التي عينها القانون ([9]).وبشكل عام يمكن القول ان كل اخلال بحق مالي ثابت عينياً كان او شخصياً، يُعد ضرراً مادياً يستوجب التعويض، ومثاله حالة الاخلال بحق من تجب له النفقة على اخر بحرمانه منها بسبب مقتل من تجب عليه النفقة ([10]) ، وقد يكون الضرر بمصلحة مالية، وللتفريق بين الحق والمصلحة المالية، نضرب المثال الآتي: اذا قتل شخص في حادثة كان لمن يعيلهم الرجوع على المسؤول بالتعويض على اساس الاخلال بحق لهم ان كانوا ممن تجب على المجنى عليه نفقتهم قانوناً، اما اذا لم يكونوا كذلك ولم تجب نفقتهم عليه قانوناً اصبح الاخلال بمصلحة مالية، على ان ليس كل مصلحة مالية موجبة للتعويض بل يشترط فيها ان تكون مشروعة وغير مخالفة للقانون والنظام العام والآداب، فالمصلحة غير المشروعة لا يعتد بها ولا يعتبر الضرر الناجم عن الاخلال بها مستوجباً للتعويض، ونضرب مثالاً في سياق الكلام ان حرمان من كنت تعاشر المصاب معاشرة غير مشروعة وحرمت من اعالته لها لا يعد اخلالاً بمصلحة مشروعة لمخالفتها النظام العام والآداب، ومن ثم لا يعد ضرراً موجباً للتعويض ولا تملك حق المطالبة بالتعويض عما فقدته من اعالة ذلك المصاب([11])

فالقانون المدني العراقي شأنه شأن سائر القوانين الاخرى اشترط ان يتحقق الضرر حتى تنشأ المسؤولية التقصيرية، ومن خلال ما تقدم، يجب ان يكون الضرر متحققاً، والضرر المتحقق هو الذي يقع فعلاً او سيقع مستقبلاً ولكنه لا محالة واقع، وبهذا السياق قضت محكمة التمييز الاتحادية بقرارها : (( لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه لا يزال غير صحيح، اذ كلفت الخبراء القضائيين السبعة بتقديم ملحق لتقريرهم اتباعاً لقرار النقض الصادر من هذه المحكمة بالعدد ٦٢/ هيأة موسعة مدنية اولى / ٢٠١٤ ، لتقدير التعويض الذي يستحقه المدعي المميز عليه، وقدم الخبراء ملحق التقرير اكدوا فيه ما ورد في تقريرهم السابق، وان المحكمة اخذت به دون ان تلاحظ ان التقرير المذكور جاء خلافاً لما ورد في قرار النقض، بان المدعي يستحق التعويض عن الاضرار الحقيقية وليست المحتملة )) ([12])، ويختلف بذلك عن الضرر المحتمل الذي لا يصلح للتعويض اذ لا يثبت على وجه اليقين والتأكيد، ومثال ذلك اذا ضرب شخص امرأة حاملاً على بطنها ضرباً يحتمل معه الاجهاض، فلا يجوز لها ان تطالب بالتعويض عن الاجهاض ما دام الجنين في بطنها، فاذا اجهضت فقد تحقق الضرر ووجب التعويض ([13])كما لا يمكن لمؤسسة خيرية ان تطالب بالتعويض عن الضرر الذي اصابها بسبب حرمانها من هبات رجل محسن كان يتبرع لها باستمرار وفي سياق ذلك قضت محكمة التمييز الاتحادية بخصوص ان يكون الضرر متحققاً وليس احتمالياً بقرارها الذي جاء فيه: (( لدى عطف النظر على الحكم المميز تبين انه غير صحيح لمخالفته احكام القانون، حيث ان المحكمة أصدرته قبل استكمال تحقيقاتها في الدعوى، لان المميز عليهم المدعين وبعد ان صرفوا النظر عن المطالبة باجر المثل وللفترة من ٢٠١٤/١/١ ولغاية ٢٠١٤/٤/١١ طلبوا حصر الدعوى بالتعويض وفقاً لقانون وزارة الكهرباء رقم ٥٣ لسنة ۲۰۱۷ ، وحيث ان المادة (۱۲) منه أعطت الحق بممارسة جملة حقوق وفقا لأحكامه ولقاء تعويض عادل عند احداث الضرر ولمرة واحدة فقط وبالتالي يتعين على المدعين اثبات الضرر المتحقق سيما وان الكشوفات التي أجرتها المحكمة انابة لم يثبت فيها كون الأرض مزروعة أو فيها مصادر مياه وانما عبارة عن ارض متروكة، ووفقاً لما تقدم فان التعويض يكون جبراً للضرر وانه يدور وجوداً وعدماً مع تحققه فان لم يثبت الضرر فلا مجال للتعويض عليه ان كان المميز عليهم قد حرموا من زراعة الأرض نتيجة انشاء الأبراج، فيتم الاحتساب لقاعدة الأبراج دون غيرها، وما لحقهم من ضرر جراء عدم الانتفاع منها وكتعويض مرة واحدة …..))

نستخلص مما تقدم بان الشروط العامة للضرر المرتد يمكن ان نجملها بالنقاط الآتية:

(1) الاضرار بحق يحميه القانون.

(۲) الاخلال بمصلحة مالية مشروعة.

ان يكون الضرر متحققاً.

ثانياً: تحقق الشروط الخاصة للضرر المرتد

تسمى الشروط الخاصة للضرر المرتد عند مجموعة من فقهاء القانون بالأضرار الأدبية وبما ان الضرر يشترط به ان يكون ثابتاً على وجه اليقين والتأكد، سواء أكان الضرر عبارة عن خسارة لحقت بالمضرور او ما فاته من كسب فكلاهما صورتان لضرر الحالة، ومن امثلته الضرر المالي الذي يقع فعلاً بسبب التشهير بتاجر بقصد الإساءة بسمعته وصرف الزبائن عنه، وهناك نوع آخر وهو الضرر المستقبلي الذي لم يقع في الحال ولكن وقوعه في المستقبل امر محقق لابد منه ([14]) ، فمن يصاب بفايروس الايدز على سبيل المثال فانه سيموت لا محالة لان الطب لم يتوصل الى علاجه حتى الآن، ويمكن تقدير الضرر المستقبلي فوراً وقد لا يمكن ذلك، فاذا امكن اثباته ممن لحق به الضرر فور وقوعه حكم القاضي بتعويض كامل عنه، اما في حالة عدم تقديره بشكل دقيق في وقته فيكون القاضي بالخيار بين الحكم بتعويض مؤقت على ان يحفظ للمتضرر حقه في التعويض النهائي بعد استقرار الضرر نهائياً وهذا ما نصت عليه المادة (۲۰۸) من القانون المدني العراقي: (( اذا لم يتيسر للمحكمة ان تحدد مقدار التعويض تحديداً كافياً فلها ان تحتفظ للمتضرر بالحق في ان يطالب خلال مدة معقولة بإعادة النظر في التقدير)). وهناك نوع اخر من شروط الضرر المرتد وهو الضرر المحتمل وما يسمى بالضرر غير المؤكد ولا يوجد شيء ينفي او يؤكد وقوعه في المستقبل وغاية الامر انه يحتمل وقوعه مثلما يحتمل عدم ([15])من تنفيذ القرار المذكور وحيث تأييد للمحكمة ان مجلس الطعن قد خلص بقراره المرقم ۳۰ / طعن / ۲۰۱۱ الى ان القناة المذكورة لم ترتكب ما يستوجب معاقبتها بأغلاق مكاتبها وتقرر السماح لها بالعمل بموجب القرار المذكور وحيث تبين مما تقدم ان اغلاق مكاتب قناة البغدادية قد تم خلافا لاحكام القانون، فان للمدعي الحق بمطالبة المدعى عليهما بالتعويض عن الاضرار التي اصابته نتيجة ذلك، ولذا كان يتطلب من المحكمة الاستعانة بخبراء من ذوي الاختصاص لمعرفة اذا كان ترك الأجهزة للفترة من ۲۰۱۰/۱۱/۱ ولغاية ۲۰۱۱/۸/۲۱ بدون ادامة تتضرر من عدمه، وفي حالة تضررها تقدير تلك الاضرار وكذلك تقدير التعويض الذي يستحقه المدعي نتيجة توقف مكاتبه كافة للفترة المشار اليها وحيث لم تراع المحكمة ما تقدم مما اخل بصحة حكمها المميز عليه قرر )))…نقضه كما يشترط في تحقق الضرر أن يكون مباشراً عن الفعل الضار ، اذ يرتبط به ارتباط السبب بالمسبب، وعلى ذلك نصت المادة ( ١٨٦) من القانون المدني: (( اذا اتلف احد مال غيره او انقص قيمته مباشرة أو تسبباً يكون ضامناً، اذا كان في احداثه هذا الضرر قد تعمد او تعدى ))، وعلى ذلك لا يعتبر الضرر غير المباشر موجباً للتعويض، وعلة ذلك انقطاع الرابطة السببية بين الفعل والضرر([16])

نخلص مما تقدم، أن الضرر المرتد بشكل خاص والضرر بشكل عام فيه شروط أساسية يستوجب تحقيقها من اجل قيام المسؤولية التقصيرية وحق المطالبة بالتعويض وان الشروط بشقيها العامة والخاصة هي شروط متلازمة مع الضرر، اذ لا يمكن تصوّر تحقق الضرر دون تحقق شروطه

ومن خلال ما تقدم يتضح لنا ان الشروط الخاصة للضرر المرتد تتمثل في النقاط الآتية:

(1) تحقق الضرر في الحال او في المستقبل.

(۲) الضرر المحتمل عند وقوعه وتحققه.

(۳) ضرر تفويت الفرصة.

(٤) ان يكون الضرر شخصياً.

5- ان يكون الضرر مباشراً.

المطلب الثاني: أنواع الضرر المرتد

عندما تعرض اساتذة القانون في كتب الفقه والقانون للحديث عن الضرر، تناولوا الضرر كركن اساس للمسؤولية التقصيرية بحيث لا مسؤولية بدون ضرر ولا ضرر بدون المساس بحق او بمصلحة مشروعة، بمعنى أن تنعدم المسؤولية بانعدام الضرر، والضرر المرتد شأنه في ذلك شأن الضرر بصورة عامة، فقد يكون مادياً او ادبياً، ومن اجل الاحاطة بأنواع الضرر، سنتناول هذا المطلب من خلال

الفرعيين الآتيين:

الفرع الأول: الضرر المادي المرتد.

الفرع الثاني: الضرر الادبي المرتد.

الفرع الأول: الضرر المادي المرتد

من خلال بحثنا في مفهوم الضرر بصورة عامة والضرر المرتد بصورة خاصة، قد توضح لنا بان الضرر هو الاذى الذي يحدث انتقاصاً في نفس الشخص او ماله، لاجرم ان الضرر المرتد هو الاذى الذي يلحق بشخص نتيجة للضرر الذي لحق بشخص آخر، فالضرر المادي الذي يلحق الشخص قد يترتب عليه ضرراً مادياً لشخص اخر ، فمثلاً العاهة المستديمة التي يحدثها الفعل الضار برب الاسرة تعد ضرراً مادياً ( جسمانياً ) ويترتب عليه ضرراً مادياً اخر يلحق الاسرة متمثلاً في حرمانهم من الحق في النفقة التي كان يقوم بها المصاب الذي اصابه الضرر في سلامة جسده ([17]) ، اما الضرر المرتد المادي الذي يصيب الذمة المالية فيسبب لصاحبه خسارة مالية ([18])

ان مسألة تعويض الضرر المرتد مسألة مختلف عليها فقهاً وقضاء، وبالأخص عندما تكون الرابطة بين المتضرر المباشر والمتضرر بالارتداد رابطة مالية بحتة، الا اننا وعلى الرغم من ذلك لا يمكن ان نتجاهل الاضرار المرتدة التي ترتب ضرراً مادياً في جميع الاحوال، لان الاضرار المادية لا تقتصر فقط على اتلاف سيارة المتضرر او غصب ارضه الزراعية، بل ان تلك الاضرار لها آثارها المرتدة ومن ذلك التعويض الذي يطالب به العامل الذي حرم من مورد رزقه نتيجة للفعل الضار الذي وقع على المعمل أو الورشة التي يعمل بها ([19]). ان الضرر المادي المرتد الذي لا يتعلق بالأقارب كالأزواج والابناء والوالدين هو ضرر قابل للتعويض من حيث المبدأ، على الرغم من ان قلة الحالات التي عرضت على القضاء بهذا الشأن، لأنه سيوسع من دائرة المطالبين بالتعويض عن الضرر المرتد ويخرج عن المألوف في الفقه الاسلامي والتشريعات الوضعية القانونية، اذ تصبح المطالبات امام القضاء لا عد لها ولا حصر، مما يخرج الضرر المرتد عن الطريق المألوف، وفي سياق ذلك كما لو طالب مدير الشركة بالتعويض عن الاضرار التي لحقت به جراء اصابة احد عماله او مهندسيه الذين لهم دور بارز في ادارة الشركة، فهو امر مردود لعدم توفر الشروط الواجب تحققها عند المطالبة بالتعويض، فالقضاء يلعب دوراً رئيساً في الحد من المطالبات غير المبررة التي تتعلق بالحالة المعروضة اعلاه، اضافة الى ان المدعي ملزم بتقديم الدليل واثبات تحقق الضرر المرتد، الا اننا لا يمكننا ان ننكر وجود ضرر مرتد على اشخاص لا تربطهم بالمتضرر سوى العلاقة المالية ([20]) ، سوف نشير الى ذلك في المبحث الثالث عند التعرض لموضوع المستحقين للتعويض من الاشخاص، وفي هذا السياق قضت محكمة التمييز الاتحادية بقرار لها، اذ جاء فيه: ( لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه صحيح وموافق للقانون من حيث النتيجة، لان المدعي قد طلب الحكم بالزام المدعى عليه بتعويض مبلغ قدره اربعون مليون دينار، وذلك عن الضرر الذي لحق به عن قيام المدعى عليه ببناء دار سكن على جزء من الشارع العام امام داره، وادى الى غلق واجهة : داره المشيدة على القطعة المرقمة ٢/٢٦م ١٤ الحفيرة، ولان الثابت من اوراق الدعوى ومستنداتها بان المدعى عليه قام بتشييد دار على العقار المرقم ۳۰ م ۵۹ دور باب الخان والمسجل باسم البلدية وجنسه طريق خاص وهذا للفعل الضار على العقار العائد للبلدية وهو التجاوز أي الغصب نجم عن ضرر مباشر لمالك العقار وهو البلدية وضرراً مباشرا اخر يسمى بالضرر المرتد والذي اصاب المدعي نتيجة حجب داره عن الطريق الخاص و ما يترتب على ذلك من احقية المدعي بالمطالبة برفع التجاوز الواقع من المدعى عليه على عقار الغير طالما ان البلدية لم تحرك ساكناً، وتطلب من المدعى عليه رفع تجاوزه ولان الاصل في التعويض عن الفعل الضار هو التعويض العيني ولا يُصار الى البدل أي التعويض النقدي، الا اذا تعذر الاصل، ولان المدعي لم يطلب رفع التجاوز بل طلب التعويض عن نقصان قيمة عقاره نتيجة قيام المدعى عليه بغلق واجهته بالبناء على ارض الغير، وبهذا تكون دعوى المدعي مقامة قبل أوانها وواجبة ))) الرد فالأضرار المادية التي يمكن تعويضها تتخذ صوراً عديدة ومتنوعة، فقد يكون الضرر عبارة عن اتلاف الاموال او غصبها، أو قد يكون الضرر مجرد نقص قيمة الشيء الاقتصادية، دون ان يصيبه تلف مادي، كما لو تسبب تمدد اسلاك الضغط العالي للكهرباء في ارض الغير الى نقص قيمة الارض وذلك لعدم الرغبة بشرائها، والضرر لا يتوقف عند هذه الصور فيمكن ان يكون بصورة الخسارة المالية الناجمة عن فعل التعدي، والضرر المادي الموجب للتعويض يتمثل في عنصرين نصت عليهما المادة (۱/۲۰۷) من القانون المدني العراقي: (( تقدر المحكمة التعويض في جميع الاحوال بقدر ما لحق المتضرر من ضرر وما فاته من كسب بشرط ان يكون هذا نتيجة طبيعية للعمل غير المشروع، وفي هذا السياق قضت محكمة التمييز الاتحادية بقرار لها([21])لدى عطف النظر على الحكم المميز تبين انه غير صحيح لمخالفته احكام القانون وذلك لان الحكم الصادر من محكمة بداءة الديوانية بالعدد ٢١٦٥ / ب / ٢٠١٢ القاضي بمنع معارضة المدعى عليه المميز عليه اضافة لوظيفته للمدعية في مزاولة مهنة الصيدلة في المحل المرقم ۹۷/۲۸۲ محلة السراي، اكتسب الدرجة القطعية واصبح حجة بما فصل فيه بما يتضمن وقوع تعدي من المدعى عليه، وهو عمل غير مشروع اصاب المدعية بضرر مما يستوجب تعويضها عنه بقدر ما لحقها من ضرر وما فاتها من كسب بشرط ان يكون هذا نتيجة طبيعية للعمل غير المشروع، فكان متعين الاستعانة بخبراء مختصين لغرض تقدير التعويض جبراً للضرر دون مغالاة وبلا اجحاف …. ))([22]). ولكل ما تقدم نستخلص ان للضرر المادي صورتين

الصورة الأولى الاضرار الناشئة عن الاعتداء على مال كالغصب والاتلاف وانقاص قيمة المال او منفعته وهو يصيب الاشخاص الطبيعية والمعنوية.

الصورة الثانية: الاعتداء على الكيان المادي للشخص ومنه العجز الدائم او المؤقت وتكاليف العلاج أو فقد المضرور للنفقة التي كان يحصل عليها ممن كان يقوم بإعالته.

الفرع الثاني: الضرر الادبي المرتد

لا جدل في ان الضرر هو المساس بقيمة غير مادية تقع على المتضرر منه، أي انه يمس القيم المعنوية للشخص كالشرف والكرامة والالم النفسي والشعوري والاعتبارات الادبية، فهو الاذى الذي يلحق بالشخص المتضرر بسبب الفعل الضار كالسب والقذف والقتل والجروح التي تصيب الشخص ذاته او شخص اخر يرتبط به رابطة معينة او تشوهات بالجسم من الناحية الجمالية او العضوية، فبذلك يتحقق الضرر الادبي الموجب للتعويض ([23]).ومن خلال هذه المقدمة يمكننا تعريف الضرر الادبي بانه (( الاذى الذي يمس شعور الشخص او عاطفته )) ([24]) ، وهو عكس الضرر المادي، اذ ان الاخير يمس مصلحة مالية اما الضرر الادبي فانه يمس مصلحة غير مالية، وبصفة عامة هو كل ما يؤذي شعور الشخص او عاطفته فيسبب له الماً وحزناً.

ان التعويض عن الضرر الادبي هو محل خلاف لدى الفقهاء والقضاء الى يومنا هذا، على الرغم من ان المنادين بأحقيته منذ القدم، فظهر في القانون العراقي الذي شرعه اورنمو فنصت عليه المادة (۲۲) منه، بإعطاء الحق للسيدة في دعك فم أمتها بالملح اذا ما تطاولت هذه الأمة واسمعت سيدتها كلاما لا يليق بمكانتها، وقد أختير الملح بالذات للاعتقاد السائد أنذاك بانه مؤلم ومطهر للفم بنفس الوقت لأنها تفوهت بالكلمات النابية، وهذا يعتبر من قبيل العقوبة والتعويض في الوقت ذاته ([25])، كما جاء جواز التعويض عن الضرر الأدبي في القانون الروماني والفرنسي، اذ كانوا يقصرون التعويض عن المسؤولية التقصيرية فقط، كما اخذت اغلب القوانين في الوقت الحاضر بمبدأ التعويض عن الضرر الادبي في نطاق المسؤولية التقصيرية، الا ان هناك معارضين حالوا ابعاد التعويض بحجج كثيرة، ومنها ان التعويض عن الضرر الادبي لا يجبر الضرر لأنه ضرر غير مادي وان المال ليس له اثر في هذا من جهة، ومن جهة أخرى فمنهم من يقول بعدم قدرة القاضي على تقدير التعويض عنه، وعلى الرغم من تلك الحجج الا انها لم تصمد في وجه المنادين بحق المطالبة بالتعويض عن الضرر الادبي ([26])، اذ نجد ان القضاء يسعى دائماً الى جبر الضرر الادبي وخصوصاً في الاضرار الجسمانية، اذ قضت محكمة التمييز الاتحادية في هذا السياق بقرارها : (( لدى عطف النظر على الحكم المميز تبين انه غير صحيح لمخالفته الأحكام القانون، ذلك لان المحكمة اتخذت من تقرير الخبراء الخمسة سبباً لحكمها رغم عدم صلاحيته لذلك، حيث جاء التقرير المذكور مبالغاً فيه من جهة تقدير التعويض المعنوي ومصاريف التجهيز والتكفين كما انه اتخذ من نسبة تقصير المميز / اضافة لوظيفته الواردة في تقرير الخبراء الثلاثة اساساً في احتسابه رغم اعتراض وكيل المميز وطلبه الاستعانة بخمسة خبراء فنيين لتحديد نسبة التقصير فكان يتعيّن الاستجابة لطلبه، وانتخاب خمسة خبراء مختصين لإعادة اجراء الكشف وبيان نسبة تقصير دائرة المميز ومن بعدها الاستعانة بخبراء لتقدير التعويض لذا تقرر نقضه……)) ([27]) .

والضرر الادبي كالضرر المادي يجب تحقق شروطه من ان يكون محققاً وشخصياً ومباشراً حتى يمكن التعويض عنه، وهناك نوعان من الضرر الادبي الأول يتصل بضرر مادي كما هو الحال في الاعتداء بإصابة شخص في جسده ادى الى تشويه مصحوب بنقص في القدرة على العمل، كفقد المضرور لإحدى عينيه، اما الثاني فهو ضرر ادبي مجرد من أي ضرر مادي كالألم الذي اصاب الوالدين في عاطفتهما بسبب وفاة طفلهما وهو ضرر مرتد، وقد اخذ المشرع العراقي بهذا النوع من الضرر في المادة ( ٢/٢٠٥ ) من القانون المدني اذ جاء فيها: (( يجوز ان يقضى بالتعويض للأزواج والأقربين من الاسرة مما يصيبهم من ضرر ادبي بسبب موت المصاب، وفي هذا السياق قضت محكمة التمييز بقرارها : (( لدى عطف النظر على الحكم المميز الذي انصب على التعويض، فتجد المحكمة ان التعويض عن الضرر المادي والادبي المقدر لزوجة المجنى عليه اولاده القاصرين جاء مناسباً ولا مغالاة فيه وكذلك المبلغ المقدر لدفنه، اما المبلغ لوالدي المجنى عليه كتعويض ادبي فوجد بانه مغالی به، لذا قررتخفيضه وجعله خمسة وعشرون الفاً بدلاً من خمسون الف دينار ورد بقية الاعتراضات)) ([28]). ان المادة (٢/٢٠٥) مدني لم تشر الى حق المطالبة بالتعويض عن الضرر الادبي الى غير الازواج والاقارب في التعويض، فقد يعاني الصديق الحميم من آلام نفسية اشد من تلك التي يعانيها القريب بسبب موت المصاب، وان النص لم يحدد من هم الاقربون من الاسرة مما يمكن القول ان كل من تربطه بالمتوفى صلة قربى في نطاق الاسرة مثل الابن والاب والشقيق يعتبر صاحب حق في المطالبة في التعويض مما يصيبه من الم نفسي بسبب فقده ([29]). فالضرر الادبي المرتد امر يتعلق بداخل النفس البشرية أكثر مما يتعلق بظاهرها، كما ليس من السهل فصل الاضرار المادية عن الاضرار الأدبية في معظم الأحيان، فالجروح والتلف الذي يصيب الجسم والالم الذي ينتج عن ذلك، وما قد يعقبه من تشويه في الوجه او في الأعضاء او الجسم بوجه عام كل ذلك يكون ضرراً مادياً وادبياً اذا نتج عنه انفاق المال في العلاج او نقص في القدرة على الكسب المادي، ويكون ضرراً ادبياً اذا لم ينتج عنه ذلك([30]).

وعليه يتبين لنا من خلال البحث، ان للضرر المرتد ثلاثة أنواع هي ضرر مادي يصيب الذمة المالية، وضرر ادبي يصيب العاطفة والشعور، وضرر جسماني يصيب جسد الانسان ذاته، وان التشابك والترابط بينهما قائم ولا يتصور ضرراً يقتصر على جانب من الجوانب الثلاثة دون الآخر الا ما ندر، وفي قرار لمحكمة التمييز الاتحادية يظهر فيه تلازم الضرر المادي بالضرر الادبي تلازماً لا يقبل التجزئة، اذ قضت بانه )) لدى عطف النظر على الحكم المميز، فقد وجد بانه غير صحيح ومخالف للقانون، ذلك أن محكمة البداءة استندت في حكمها المميز على تقرير الخبراء الثلاثة المقدم اليها في ۲۰۱۱/۱۱/۲۱ لتقدير مقدار التعويض الذي تستحقه المدعية المميز عليها بالاستناد الى الحكم الصادر من محكمة جنح الهندية بتاريخ ۲۰۱۱/۷/۷ في الدعوى المرقمة ٢٦٦/ ج / ۲۰۱۱ والذي لم يكن صحيحاً وغير مشتمل على أسبابه ولا يصح اتخاذه سبباً للحكم، اذ ان الخبراء قدروا مبلغ التعويض المادي دون ملاحظة الضرر المادي في الأفعال الضارة بالنفس يشمل مصاريف العلاج والدواء وما فات المصاب من كسب بسبب نقصان او فقدان قدرته على العمل، كما ان الضرر الادبي يشمل الآلام الجسمية التي يحسها المصاب، والآلام النفسية التي يعانيها نتيجة التشوه الذي احدثته الإصابة، والآلام التي يكابدها بسبب حرمانه من مباهج الحياة وشعور المصاب بالنقص اثر الإصابة وكذلك الظروف الاجتماعية في المنطقة، ولما كان تقرير الخبراء جاء خالياً من ذلك مما اخل بصحة الحكم المميز وقرر نقضه.))([31]).

ونلاحظ من خلال قرار محكمة التمييز الذي جاء موضحاً للضرر المادي والضرر الادبي الذي تجلت الصورة من خلاله للباحث وللقارئ من مفهوم الضررين وهو بمثابة تعريف فقهي مستمد من الخبرة القضائية التي تبعث روح الطمأنينة في نفوس المتضررين، وهذا هو التطبيق السليم للنصوص التشريعية التي أراد المشرع من ورائها هذه النتائج الأساسية في تحقيق العدل والانصاف. وهناك محددات قانونية للتعويض عن الضرر الادبي رسمها المشرع المدني، أولها جواز انتقال الحق الى الغير، والثانية من حيث الأشخاص الذين لهم ذلك الحق في المطالبة باي سبب من الأسباب كالميراث او الوصية او العقد، وان العقد هو استثناء من الأصل، اذ يكون باتفاق المتضرر مع محدث الفعل الضار او المسؤول عنه اتفاقاً يتحدد بمقتضاه مقدار التعويض الذي يستحقه المتضرر، فمن شأن هذا الاتفاق ان ينقل الحق من شخصية المتعاقد الأصلي الى حق مالي يجري في شأنه احكام انتقال الحقوق المالية، ويظهر هذا النوع في اتفاقات التأمين من المسؤولية وهو الاتفاق الذي يعقده شخص مع شركة التأمين لتغطية مسؤوليته عما يحدثه بالغير من اضرار، ويترتب عليه التزام الشركة بان تدفع للمؤمن له قيمة التعويض الذي تقرر في ذمته للمصاب ([32]) ، ونخلص في نهاية المطاف ببحثنا عن الضرر الادبي بان نسقمه الى ثلاثة مجموعات:

المجموعة الأولى: الضرر المرتد الادبي والذي يمس ما يسمى بالجانب الاجتماعي للذمة الأدبية كالاعتداء على شرف الشخص أو سمعته او اعتباره الاجتماعي والثقافي والعائلي، وهو دائماً مرتبط بالضرر المادي.

اما المجموعة الثانية: الضرر الادبي الذي يمس ما يسمى الجانب العاطفي للذمة الأدبية، كالآلام والحزن وصعوبة العيش والخوف من المجهول بسبب موت انسان عزيز عليه.

اما المجموعة الثالثة فهي نوع من الاضرار الأدبية ولا يمكن ذكرها على سبيل الحصر، كالاعتداء على المعتقدات الدينية والآلام الناشئة عن التشويه الخلقي في جسد الانسان وما ينتج عنها من اضرار جمالية والحرمان من مباهج الحياة والالام الأدبية والضرر الناشئ عن تقصير حياة المصاب او حرمانه من مزاولة بعض المهن وخصوصاً اذا وقع عليه الضرر وهو في عمر الصبا ([33]).

وعليه، فان الضرر المرتد لا يخرج من ثلاثة أنواع، اما ضرر مادي يصيب الذمة المالية للمتضرر بالارتداد، او ضرر ادبي يقع على العاطفة والشعور ، او ضرر جسماني يصيب جسم الانسان فيؤثر عليه بالارتداد من اضرار.

المبحث الثاني: التعويض عن الضرر المرتد

يعد تعويض الضرر المرتد من مشكلات العصر، وقد دأب فقهاء القانون والقضاء على اعمال جهدهم من اجل رسم طريق واضح للتعويض، وقد تجسد ذلك من خلال الكتب الفقهية والتشريعات القانونية والاحكام القضائية، لان التعويض لا يوجد فيه معيار محدد لتقديره لاختلاف انواعه وجسامته ومواضيعه، لذا فهو محل اجتهاد لدى السلطة القضائية معتمدين في تقديره لأهل الخبرة في المجالات الفنية في العلوم الحياتية كافة، اذ ان الاساس الذي يقوم عليه مبدأ التعويض عن الضرر المرتد هو ما يفرضه الواقع من متغيرات ومعطيات.

وقد ذهبت النظم القانونية في بناء احكام الالتزام بالتعويض على اتجاهين

الأول يربط تعويض الضرر بسلوك محدث الضرر وحالته النفسية والذهنية، والآخر يربط التعويض بالضرر ذاته وما يمثله من تعد على حق الغير، فالتعويض اذن ما هو الا جزاء يقع على عاتق مرتكب ذلك الفعل الضار، والغاية الاساسية منه هو جبر الضرر الذي اصاب المتضرر، سواء كان المتضرر المباشر او المتضرر بالارتداد.

الآتي: وبما ان للتعويض جوانب مختلفة لابد من توضيحها، فسنتناول في هذا المبحث بنوع من التفصيل

المطلب الأول: تعريف التعويض وبيان انواعه وطرقه

المطلب الثاني: طرق التعويض وسلطة المحكمة في تقديره مادياً ومعنوياً

المطلب الأول: تعريف التعويض وانواعه وطرقه

ولبيان وتوضيح هذه الموضوع لابد من تقسيمة الى فرعين:

الفرع الأول: تعريف التعويض وطرقه

التعويض لغة من العوض، وهو البدل، نقول: عُضتُ فلاناً، واعضته، وعوضته، بمعنى اعطيته بدل ما ذهب منه، واعتاض فلان من فلان بمعنى اخذ منه العوض، واعتاض فلان اذا جاء طالباً للعوض والصلة، فالتعويض هو اخذ العوض والبدل، ويأتي بمعنى الخلف للشخص أي ما ذهب منه ([34]).

اما التعويض اصطلاحاً فهو الالتزام بتعويض الغير عما لحقه من تلف او ضياع المنافع أو عن الضرر الجزئي أو الكلي الحادث بالنفس الانسانية ([35]) ، اذ ان الغاية الحقيقة من التعويض هي جبر الضرر واوردت كتب الفقه الاسلامي لفظ التعويض ولكن بمصطلح الضمان، وهناك فرق بين التعويض والضمان، اذ ان الضمان هو مطلق الالتزام في التعويض سواء أ احدث فعل ضرراً أو كان متوقع الحدوث، اما التعويض فلا يجب الا اذا حدث الضرر فعلاً، وبذلك يكون التعويض نتيجة للضمان ([36])، ويتضح من خلال ما تقدم بان التعويض من اكثر الالفاظ اتصالاً بالمسؤولية المدنية سواء أكانت عقدية او تقصيرية، فهو ثمرة لأي ضرر مرتد او غير مرتد، مادياً كان او ادبياً، ويعرف الباحث منير قزمان التعويض بانه (( تعويض الضرر ما فات الدائن من خسارة وما لحقه من ضرر ))، والمتضرر وفقاً للتعريف اعلاه، هو الطرف الدائن الذي يستطيع مطالبة المدين بالتعويض عن الأضرار التي اصابته وبناءً على ذلك فان التعويض في هذه الحالة لا يمنح الا لمن يطالب به من المتضررين وليس بالإمكان للآخرين مشاركته بما حصل عليه من تعويض حتى وان كانوا من الورثة، لان هذا التعويض يبقى شخصياً للمتضرر بالارتداد ([37]).

ويحق للمتضرر بالارتداد المطالبة بتعويض الاضرار المرتدة التي اصابته وبنفس الوقت بتعويضه عن الاضرار التي اصابت المورث نفسه سواء أكانت الاضرار مادية او ادبية، وفي هذا السياق قضت محكمة التمييز الاتحادية بقرارها، اذ جاء فيه: (( لدى عطف النظر على الحكم المميز تبين بانه مخالف للأصول واحكام القانون وذلك لان المحكمة حسمت الدعوى من دون ان تفصل في دفوع وكيل المميز الواردة في العريضة الاستئنافية، اذا كان المقتضى بها اجراء الكشف على موقع الحادث والاستعانة لهذا الغرض بخبراء فنيين من المختصين بهندسة الكهرباء لبيان فيما اذا كان المميز مقصراً في حادث وفاة مورث المميز عليهم من عدمه ونسبة التقصير ان وجدت، وهل هناك اشتراك في الخطأ المنسوب الى دائرة المميز سواء من المتوفى او دائرته يؤثر على مقدار التعويض المادي من دون ان تلاحظ ان تقرير الخبير المنفرد الذي اعتمدته في حكمها تضمن بالقسم الأول منه، ان التعويض المادي المقصود به في هذه الدعوى يتمثل بالحاق الضرر الجسدي بالمجنى عليه وان المحكمة لم تبين في حكمها ما هو السند القانوني لاستحقاق الورثة للتعويض عن الضرر الجسدي الذي اصاب مورثهم مع انه توفى بتاريخ الحادث نتيجة الصعقة الكهربائية، واذا كان التعويض المادي الوارد في الحكم عن الحرمان من الاعالة فانه يتعين في هذه الحالة التحقق عما اذا كان الورثة يتقاضون راتباً تقاعدياً بسبب وفاة مورثهم من عدمه وتأثير ذلك على استحقاقهم للتعويض عن الحرمان بالإعالة وتكليفهم ببيان ماهية الضرر المادي الذي اصابهم ويطالبون بالتعويض عنه واثباته بالطرق القانونية …. ))([38]) ، الا ان المشرع في القانون المدني لم يجوز للورثة المطالبة بالتعويض الادبي الذي اصاب المتضرر المباشر الا اذا تحدد ذلك التعويض بموجب اتفاق بين المتضرر المباشر ومن اوقع الفعل الضار او بحكم قضائي وهذا ما تضمنته المادة (٣/٢٠٥) منه والتي نصت على: (( ولا ينتقل التعويض عن الضرر الادبي الى الغير الا اذا تحددت قيمته بمقتضى اتفاق او حكم نهائي، ولكن متى ما تم ذلك، فان من حق المتضرر بالارتداد المطالبة بالتعويض الادبي الذي اصاب المتضرر الاصلي كالتعويض المادي له امام القضاء، ويبرز لنا من خلال البحث أن هنالك طرقين للمطالبة بالتعويض هما:

اولاً : الطريق القانوني: يتم هذا التعويض عن طريق رفع الدعوى القضائية للمطالبة بالتعويض منه امام السلطة القضائية المختصة ([39]) ، وتكون محكمة البداءة هي المختصة بدعاوي التعويض عن الفعل الضار والعمل غير المشروع من الناحية المدنية استناداً لنص المادة (۲۹) من قانون المرافعات العراقي رقم ٨٣ لسنة ١٩٦٩ المعدل والتي نصت على: (( تسري ولاية المحاكم المدنية على جميع الاشخاص الطبيعية والمعنوية بما في ذلك الحكومة وتختص بالفصل في كافة المنازعات الا ما استثني بنص خاص))، وبذلك تكون الدعوى المقامة في اطار المطالبة بالتعويض عن المسؤولية التقصيرية والضرر المترد امام السلطة القضائية المتمثلة ابتداءً بمحكمة البداءة ومن ثم الهيأة الاستئنافية وتخضع بالطعن الرقابة محكمة التمييز الاتحادية، وفي قرار لمحكمة التمييز يبين فيه المراحل التي تسير فيها الدعوى عندبدأ اقامتها وانتهاء بسلطتها الرقابية، اذ جاء فيه : (( لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه صحيح لموافقته لأحكام القانون، وذلك لان المدعى عليه المستأنف / المميّز استخدم المركبة التي تعرضت للسرقة بدون تخويل او تكليف رسمي وحسب اقراره المثبت في جلسة المرافعة يوم ۲۰۱۳/۲/۳ امام محكمة استئناف بغداد / الكرخ الاتحادية وبذلك يكون مسؤولاً عن تعويض قيمتها، وحيث ان المحكمة استعانت في تقدير النتيجة على خبير قضائي يصلح تقديره سبباً للحكم لأنه جاء معتدلاً ومناسباً استناداً للمادة ( ١٤٠ / أولاً) من قانون الاثبات، وان المحكمة قضت بتأييد الحكم البدائي المستأنف فيكون حكمها صحيحاً قرر تصديقه … )([40]).

الا ان هنالك اجراء واجب الاتباع عند تقدير التعويض من قبل السلطة القضائية وهو الاستعانة بخبراء فنيين ومختصين في تقدير الضرر، ومن ثم يرجع البت في ذلك الى القاضي بموجب السلطة التقديرية التي خوله المشرع اياها، وهذا ما نص عليه في قانون الاثبات العراقي المرقم ۱۰۷ لسنة ۱۹۷۹ المعدل حسب نص المادة (۱۳۳) منه والتي نصت على: (( اذا اقتضى موضوع الدعوى الاستعانة برأي الخبراء، كلفت المحكمة الطرفين بالاتفاق على خبير او اكثر ……. وعند عدم اتفاق الطرفين على خبير معين، تتولى المحكمة تعيين الخبير )) ونص المادة ( ١٤٠ / ثانياً) التي نصت على: (( رأي الخبير لا يقيد المحكمة وعليها اذا قضت بخلاف رأيه ان تضمن حكمها الاسباب التي اوجبت عدم الأخذ برأي الخبير كلاً او بعضاً )) ، اضافة الى ما تقدم اعلاه توجد لجان مشكلة بموجب قوانين خاصة كذلك لها سلطة تقديرية في التعويض عن الضرر المرتد بشكل خاص والضرر بشكل عام ومنها على سبيل الذكر قانون تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والاخطاء العسكرية والعمليات الارهابية رقم ۲۰ لعام ۲۰۰۹.

ثانياً : الطريق الاتفاقي: يتم بالاتفاق بين المحدث للضرر والمتضرر المباشر أو المرتد على تعويض الضرر بما فيه رضا الطرفين، ويحقق المقصود من جبر الضرر، وارضاء المجنى عليه او المتضرر بالارتداد دون اقامة الدعاوى لدى السلطة القضائية ([41]) ، ويتم هذا الاتفاق في الخطأ غير المتعمد الذي يقع قضاء وقدراً، اذ تكون النفوس مطمئنة للقدر، وان الضرر لم يكن فاعله متعمداً على فعله، ويأخذ بنظر الاعتبار المعايير الاجتماعية كافة، ورأي اهل الخبرة من الاشخاص المعروفين بعلميتهم ونزاهتهم، وهم من اصحاب الرأي والمشورة.

كما جاء ذكر الاتفاق على التحكيم في الشروط العامة للمقاولات والاعمال المدنية والهندسية في نص المادة (٦٧) منه، ناهيك عن الاتفاق في التأمين على الحياة وما شابه ذلك فهي تعتبر حالة صحية في المجتمع تدل على وعي وثقافة عالية.

الفرع الثاني: انواع التعويض

رسم المشرع العراقي في نص المادة (۲۰۹) من القانون المدني انواع التعويض ومنح تحديد أي نوع يستحق المتضرر الى سلطة المحكمة حيث جاء في نصها : (( ١ – تعين المحكمة طريقة التعويض تبعاً للظروف. ۲ – يقدر التعويض بالنقد على انه يجوز للمحكمة تبعاً للظروف وبناءً على طلب المتضرر ان تأمر بإعادة الحالة الى ما كانت عليه او ان تحكم بأداء امر معين او برد المثل في المثليات وذلك على سبيل التعويض )).

ومما لاشك فيه ان القضاء بما له من خبرة وما يتمتع به من سلطة، يعتبر الجهة القادرة على تعيين طريقة التعويض المناسبة لجبر الضرر الحاصل أكثر من غيرها ([42]) ، ومن خلال ما جاء في نص المادة (۲۰۹) يمكن لنا ان نستخلص ثلاثة انواع من التعويض هي:

اولاً : التعويض العيني: ومعناه ازالة الضرر عيناً، أي اعادة المتضرر الى الحالة التي كان عليها قبل وقوع الفعل الضار، وهو يختلف عن التنفيذ العيني الذي يلزم المدين بان ينفذ ما التزم به عيناً.

والتعويض العيني هو حصول المتضرر على عوض يماثل حقه الذي انتهك منه، فهناك افعال ضارة يقوم بها الشخص ويعتبر فعله اخلالاً بالتزام قانوني يوجب عدم الاضرار بالغير، الا ان الملتزم خرق ذلك فهنا نكون امام تعويض عيني، لذلك فان الحكم بإعادة الحال الى ما كان عليه عن طريق ازالة عين المخالفة هو تعويض للمتضرر وليس تنفيذاً لالتزام([43]).

ومن امثلة ذلك قرارات المصادرة للعقار تحت اسباب سياسية أو عرقية أو دينية نجد ان التعويض العيني واضح من الجانب التطبيقي، وفي قرار لمحكمة التمييز الاتحادية قضت فيه: (( لدى عطف النظر على الحكم المطعون به تبين بانه صحيح في ما انتهى اليه من رد الدعوى وفق القرار (۱۰۳) لسنة ۱۹۹۷، قرارات التعويض العيني الصادرة من لجان الاستملاك والتقدير والتعويض في مديريات زراعة كل من محافظات بغداد وديالى وواسط للسنوات ۱۹۹۲ – ۱۹۹۳، واستثنت المادة (۳/ ثانياً) من قانون هيأة دعاوى الملكية رقم ١٣ لسنة ۲۰۱۰ العقارات المستولى عليها وفقاً لقانون الاصلاح الزراعي وقضايا التعويض العيني…)) ([44])

وعلى العموم فان التعويض العيني له معوقات من ابرزها الضرر المرتد الذي لا يمكن ان يعوض عيناً، خاصة في حالة الوفاة وفوات المنفعة من مرور الوقت على اتلاف المثليات او القيميات وتعويضها عيناً، فعند ذلك لا يمكن أن نتصور ان محدث الضرر يستطيع ان يعوض من يتضرر بالارتداد عينياً، كما يعوّض المتضرر المباشر تعويضاً عينياً.

ثانياً : التعويض النقدي: يكون التعويض النقدي هو الاغلب الاعم في معظم حالات تحقق المسؤولية التقصيرية لجبر الضرر سواء المباشر او المرتد، وخصوصاً عندما يتعذر الحكم بغيره، وهي صفة عامة في التعويض مما دفعت بالمشرعين بالنص عليه كقاعدة عامة عن المسؤولية التقصيرية، فالمشرع العراقي في القانون المدني اشار الى التعويض النقدي صراحة في نص المادة (۲۰۹ / ثانياً) اذ جاء فيها: ) ويقدر التعويض بالنقد… ( كذلك نصت اغلب التشريعات العربية في تعويض المسؤولية التقصيرية وما ينشأ عنها من ضرر بأن يكون تعويضها بالنقد كأصل والاستثناء بغير النقد، ويتجلى لنا ذلك بوضوح من خلال النصوص التشريعية الى اشارت الى ذلك ومنها على سبيل الذكر ما نصت عليه المادة (٢٦٩) من القانون المدني الاردني: (( يقدر الضمان بالنقد على انه يجوز للمحكمة تبعاً للظروف وبناءً على طلب المضرور ان تأمر بإعادة الحالة ….)، كما نصت المادة (۱۷۱) مدني مصري على: (( ويقدر التعويض بالنقد على انه يجوز للقاضي تبعاً للظروف وبناءً على طلب المضرور ان يأمر …..))، وقانون الموجبات والعقود اللبناني نص في المادة (١٣٦) منه : (( يكون التعويض في الاصل من النقود، يخصص كبدل عطل وضرر غير انه يحق للقاضي في ان يلبسه شكلاً يكون اكثر موافقة لمصلحة المتضرر، فيجعله حينئذ عينياً ويمكن ان يكون على الخصوص بطريقة النشر في الجرائد)).

ولا غرابة في ان اغلب التشريعات تنص على التعويض النقدي لما له من مميزات يجعله وسيلة قلما يختلف عليها في تعويض الاضرار المادية والادبية ([45]) ، ويمكن ان يكون التعويض النقدي على احدى الصور التي رسمها المشرع المدني في نص المادة (۲/۲۰۹)، اذ يمكن ان يكون اقساطاً او ايراداً مرتباً او دفعة واحدة، فان تقدير ذلك يعود لسلطة المحكمة التي بينتها في المطلب الثاني من هذا البحث، وقد رفدنا القضاء العراقي والعربي بالعديد من القرارات القضائية التي تؤكد على اهمية ان يكون التعويض بالنقد، حيث قضت محكمة التمييز على ارساء هذا المفهوم في قراراتها منذ اكثر من خمسة عقود، وتقدير التعويض بالنقد يكون وفق اسس وقواعد قانونية وليست مطلقة، فهناك محددات في تقدير التعويض بالنقد، ففي حالة الاصابة المميتة يجب التحقق من نسبة المقصرية لكلا الطرفين، محدث الفعل الضار والمضرور المجنى عليه، لان ذلك يدخل في تقدير التعويض كلاً حسب مقصريته، وفي هذا السياق قضت محكمة التمييز في قرارها : (( لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه غير صحيح ومخالف للقانون، ذلك لان المحكمة اتخذت من تقرير الخبراء الخمسة سبباً لحكمها رغم عدم صلاحيته، لذلك جاء التقرير المذكور مبالغاً فيه من جهة تقدير التعويض المعنوي ومصاريف التجهيز والتكفين، كما انه اتخذ من نسبة تقصير المميز اضافة لوظيفته الواردة في تقرير الخبراء الثلاثة اساساً في احتسابه رغم اعتراض وكيل المميز وطلبه بالاستعانة بخمسة خبراء فنيين لتحديد نسبة التقصير فكان يتعين الاستجابة لطلبه و انتخاب خبراء مختصين لإعادة اجراء الكشف وبيان نسبة تقصير دائرة المميز ومن بعدها الاستعانة بخبراء لتقدير مبلغ التعويض لذا قرر نقضه …)) ([46]).

اما في حالة الاساءة الى سمعة الشخص والتشهير به والسب والقذف الذي يعتبر عمل غير مشروع يوجب التعويض النقدي، فقد قضت محكمة التمييز الاتحادية في قرارها : (( لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد بانه غير صحيح ومخالف للقانون، لان تقرير الخبراء الذي اعتمدته المحكمة واتخذته سبباً للحكم لم يأخذ بنظر الاعتبار الظروف الاجتماعية والاقتصادية اضافة الى ذلك بان الخبراء لم يطلعوا على اضبارة الدعوى التي حصل الطلاق بسبب الاساءة الى سمعتها من قبل المدعى عليه المميز، فكان على المحكمة وصولا الى الحقيقة، جلب اضبارة الدعوى من محكمة الاحوال الشخصية وتمكين الخبراء من الاطلاع عليها وتقديم محلق بتقريرهم الذي يتضمن التعويض عن الضرر المادي والادبي ….. )) ([47]).

ثالثاً: التعويض غير النقدي ( الادبي): وهو نوع من التعويض يمثل من جانب المتضرر عوضاً يجبر الضرر ومن جانب محدث الضرر عقوبة، ويأخذ هذا النوع من التعويض اطاراً ضيقاً لا يمكن التوسع به، لأنه يخص حالات معينة لا يبقى فيها مجال للتعويض النقدي او العيني غير التعويض الادبي، وذهب مجموعة من فقهاء القانون الى اعتبار الفسخ في العقود ما هو الا وسيلة للتعويض غير النقدي ([48])، والواقع هذا الرأي لا ينسجم مع ما ورد في المادة (۱۷۷) من القانون المدني اذ اعتبرت الفسخ هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزامه ليس تعويضاً، انما هو ارجاع المتعاقدين الى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، غيران التعويض غير النقدي يبرز في مجالات جرائم النشر التي تسبب ضرراً ادبياً سواء للمتضرر المباشر او المتضرر بالارتداد عن طريق نشر الحكم في احدى الصحف المحلية او المجلات او عن طريق وسائل الاعلام، وبهذا الخصوص قضت محكمة التمييز الاتحادية في احدى قراراتها الى: (( لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه صحيح لموافقته احكام القانون ذلك لان مناط الحكم بالتعويض عن الضرر الادبي هو التعدي على الغير في حريته او في عرضه او في سمعته أو في مركزه الاجتماعي او في اعتباره المالي طبقا لما اشارت اليه المادة (١/٢٠٥) من القانون المدني، ولما كان الخبراء الثلاث ومن بعدهم الخبراء الخمس وهم من اساتذة كلية الاعلام في جامعة بغداد قد خلصوا في تقريرهم الى المقالات المنشورة تعبر عن وجهة نظر خالية من قصد الاساءة او سوء النية.))([49]).

سبق وان بيننا بان التعويض غير النقدي قد اشار اليه المشرع العراقي بشكل صريح وواضح من خلال الفقرة الثانية من المادة (۲۰۹) حيث نصت ….. بناءً على طلب المتضرر ان تأمر المحكمة بإعادة الحال الى ما كانت عليه او ان تحكم بأداء امر معين …)) ويتضح من النص بان هذا التعويض لا يتم الا بناءً على طلب من المتضرر (الدائن) وليس للمحكمة ان تحكم به من تلقاء نفسها.

لم يقتصر هذا الأمر على الجانب المدني من التعويض غير النقدي انما اشار له المشرع الجزائي كذلك في المادة (۲۷۷) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم ۲۳ / لسنة ١٩٧١ المعدل، اذ منح الحق لورثة المتوفي المحكوم او المتهم بجريمة يعاقب عليها القانون بان لهم الحق في طلب اعادة المحاكمة بعد وفاة مورثهم امام ذات المحكمة الجزائية التي حكمت بإدانته من اجل الحصول على حكم جديد يثبت براءة المتوفي مما اتهم به من اجل اعادة كرامته ومكانته الاجتماعية التي فقدها بالحكم السابق قبل وفاته واظهار الصورة الحسنة عنه للمجتمع، وهذا يعتبر صورة من صور التعويض غير النقدي، واذا رجعنا الى الحقيقة المادية نجد ان التعويض النقدي، هو الطريقة الاكثر اهمية لتعويض الضرر المرتد، لأنه لا توجد طريقة تزيل الضرر المرتد افضل من التعويض النقدي، بل هو الحل الوحيد لجبر الضرر في معظم الحالات اذا لم تكن في جميعها ([50])

المطلب الثاني: سلطة المحكمة في تقدير التعويض المادي والادبي للضرر المرتد

تتمتع المحكمة بسلطة واسعة في تقدير التعويض اللازم لجبر الضرر، فهي تستخلص وقوع الخطأ وتحقق الضرر وقيام الرابطة السببية بينهما، وقد نص المشرع في القانون المدني وبقية القوانين على سلطة المحكمة الواسعة في اثبات الادلة وتقدير التعويض على الصعيدين المادي والادبي، لأجل محو آثار الفعل الضار من خلال تعويض المتضرر، وتبحث المحكمة في تحقق عناصر الضرر التي هي الحجر الاساس في قيام المسؤولية التقصيرية، (( فالفعل الضار الذي يستوجب التعويض يجب ان يكون محققاً لا احتمالياً، وان يكون ناشئاً مباشرة عن الفعل الضار سواء أكان خسارة لحقت بالمصاب او كسباً ضاع عليه، ويعتبر توفر هذه الشروط في الضرر مسألة قانونية يتوقف عليها جواز الحكم بتعويضه من عدمه، ويخضع القاضي في تقدير هذه الشروط لرقابة محكمة النقض )([51]).

وهذا ما نهج عليه القضاء العراقي في تسبيب الاحكام وذكر عناصر الضرر بشكل واضح وصريح عند الحكم بالتعويض، والتحقق من ادلة الاثبات لكل عنصر منها، والمحكمة تملك السلطة في اختيار الطريقة الأفضل لمعالجة الحالة المعروضة امامها، فعلى القاضي ان يبحث دائماً عن طريقة التعويض التي تجبر المتضرر سواء المباشر او بالارتداد، وبعد تحقق قناعة القاضي بالطريقة الاقرب الى تحقيق العدالة، لاسيما وان المحكمة تستعين باهل الخبرة والفن في تقدير نسبة الاضرار التي تخرج عن سلطة المحكمة للوصول الى التقدير ، (( والعلة من ذلك ان الغاية من التعويض هو جبر الضرر وتحقيق الاخير يستلزم ان يكون متناسباً معه ([52]) ، تطبيقا للقاعدة الفقهية (لا ضرر ولا ضرار) وسوف نتناول في هذا المطلب من خلال الفرعين الآتيين

الفرع الأول: سلطة المحكمة في تقدير التعويض المادي المرتد.

الفرع الثاني: سلطة المحكمة في تقدير التعويض الادبي المرتد.

الفرع الأول: سلطة المحكمة في تقدير التعويض المادي المرتد

سبق وان بينا فيما مضى من البحث بان الضرر المرتد هو نوعان ضرر مادي، وضرر ادبي وبذلك يكون لكل ضرر منهما تعويض خاص به، فالضرر المادي يستحق تعويضاً مادياً يشمل الاشخاص الطبيعية والمعنوية وهم في ذلك سواسية عند التعويض، فكلاً له ذمة مالية مستقلة، وكل ضرر يصيب الشخص الطبيعي أو المعنوي يستوجب التعويض، ولم يشكل هذا الامر خلافا عليه، اذ يتفق اغلب فقهاء القانون والقضاء باحقية التعويض عن الضرر المادي، بخلاف الضرر الادبي الذي هو مدار بحثنا في الفرع الثاني من هذا المطلب، وقد نص على التعويض المادي في القانون المدني العراقي، في المادة ( ۲۰۳) على ما يأتي: (( في حالة القتل وفي حالة الوفاة بسبب الجرح او أي فعل ضار اخر يكون من احدث الضرر مسؤولاً عن تعويض الاشخاص الذي كان يعيلهم المصاب وحرموا من الاعالة بسبب القتل أو الوفاة )).

فالنص التشريعي السابق يضعنا امام امرين اساسيين في صلب هذا البحث الأول: هو تمييز القتل العمد عن الوفاة بسبب الخطأ غير المتعمد والثاني هو ان اساس التعويض هو الضرر الذي اصاب الاشخاص الموجب للتعويض وهم المتضررون بالارتداد، ناهيك عن الضرر المباشر الواقع على الضحية، ولو تمعنا النظر في لفظ الاشخاص الذي جاء مطلقاً غير محدد للرابطة النسبية مثلاً، وهذا يشير الى تأثر المشرع بالفقه الغربي تارة، والفقه الاسلامي تارة اخرى غير ان القضاء العراقي انتهج طريقاً وسطاً في من يستحق التعويض من الاشخاص، ففي بعض الحالات يكون التعويض المادي المرتد حصراً بالزوجة والاولاد او ينحصر بالوالدين دون الاخوة والاخوات، وفي حالات قد يحصل على التعويض الاجداد والجدات ([53])، وهناك اختلاف واسع في هذا المجال بين المستحقين للتعويض في البلاد العربية، وفي هذا السياق قضت محكمة التمييز الاتحادية بقرارها عن الضرر المرتد اذ جاء فيه: (( لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه صحيح ومطابق للقانون وجاء اتباعاً لقرار النقض الصادر من هذه المحكمة بالعدد ۱۷۵۹ / الهيأة الاستئنافية / ۲۰۱۷ ، ذلك ان المطالبة انصبت على الزام المدعي عليه المميز بالتعويض المادي والادبي عن الضرر الذي لحق المدعي جراء وفاة ولده (ع) أش) صعقاً بالتيار الكهربائي بتاريخ ۲٤ / ۲۰۱۲/۱۱ بواسطة سلك مقطوع عائد الى دائرة المدعى عليه، وحيث ان المحكمة استعانت بسبعة خبراء قدموا تقريرهم المؤرخ في ۲۰۱۷/۸/۱ والذي جاء معللاً ومسبباً مما يصح اتخاذه سبباً للحكم (م ١٤٠) من قانون الاثبات ) وعليه قرر تصديقه )) ([54]).

اما التعويض المادي المرتد عن الضرر الي يصيب الاموال من تلف تام او جزئي او فوات منفعة فهو يوجب التعويض سواء للشخص الطبيعي او المعنوي، وهو ما بيناه سابقاً في بحثنا من خلال مفهوم التعويض، وقد اشارت المادة ( ۲/۲۰۷) من القانون المدني الى ذلك اذ نصت على (( ويدخل في تقدير التعويض الحرمان من منافع الاعيان ويجوز ان يشتمل الضمان على الاجر))، وفي هذا السياق قضت محكمة التمييز الاتحادية بقرار لها بانه (( لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه صحيح وموافق للقانون وذلك ان المدعي / مدير عام شركة خطوط الانابيب النفطية اضافة لوظيفته طلب الزام المدعى عليه (ج) ص (ل) بقيمة الاضرار التي سببها بأنبوب المنتجات النفطية وانبعاجه وتأكل الانبوب وثقبه و هدر كمية من المنتوج، وحيث تبين للمحكمة انه سبق لمحكمة الجنح في الحلة بقرارها ١٤٢٤ / ج/ ۲٠١٥ في ۲۰۱۵/۸/۳۰ قد حكمت على المدعى عليه بغرامة مالية نتيجة ما سببه من ضرر بالأنبوب المذكور، واكتسابه الدرجة القطعية ولثبوت الضرر فان المحكمة استعانت بخبراء قضائيين لتقدير التعويض عن الضرر المذكور، ولما كان تقرير الخبراء السبعة جاء معللاً ومسبباً ويصح اتخاذه سبباً للحكم (م ١٤٠) اثبات) لذا قرر تصديقه ..)) ([55]) ، كما ان التعويض عن الضرر المرتد قد يسبق بحكم جزائي يحوز حجية الأمر المقضي فيه في حالة الاتلاف للأموال التي يعاقب عليها قانون العقوبات وبذلك يكون المتضرر لديه حجية الحكم البات الذي يغنيه عن أي دليل، وهذا ما اشار له المشرع في المادة (١٠٦) من قانون الاثبات، اذ نصت على لا يجوز قبول دليل ينقض حجية الاحكام الباتة)، ونجد تطبيقها في قرار محكمة التمييز الاتحادية الذي قضت فيه بانه (( لدى عطف النظر على الحكم المميز تبين بانه مخالف لأحكام القانون وذلك لان الثابت من وقائع الدعوى وادلتها الثبوتية بان المدعى عليه المميز عليه تسبب بهدم سياج عقار المدعي (المميز) والفاصل بين عقاريهما، وقد صدر حكم من محكمة جنح الاعظمية بإدانة المدعى عليه وفق احكام المادة (٤٧٧) عقوبات) لثبوت قيامه بهدم السياج والحكم عليه بالعقوبة المقررة قانوناً وقد اكتسب الحكم الجزائي درجة البتات بتصديقه تمييزاً، وبذلك اصبح حجة فيما يتعلق بثبوت قيام المدعى عليه بهدم السياج على وفق ما تنص عليه المادة (١٠٦) اثبات) واذ ان المدعي كان مالكاً للعقار وقت وقوع فعل الهدم، لذا فانه يستحق التعويض عن الضرر المادي الذي اصابه جراء ذلك على وفق ما تنص عليه المواد (۲۰۷، ۲۰۴ ، ۱۸۶) من القانون المدني، اذا المحكمة لم تراع وجهة النظر القانونية المتقدمة مما يقتضي نقضه…..))([56]) ، وبهذا يتضح لنا بان التعويض ناتج عن تحقق المسؤولية التقصيرية وقيام الضرر ، (( حيث يستطيع المتضرر وهو الطرف الدائن مطالبة المدين (محدث الضرر بالتعويض عن الاضرار التي اصابته بصورة ودية، أو عن طريق رفع الدعوى القضائية)) ([57]).

من كل ما تقدم نستنتج بان سلطة المحكمة في تقدير التعويض سواء بالمسؤولية العقدية او التقصيرية تقوم على عنصرين هما ما فات من كسب وما لحق من خسارة ([58]) ، وهي سلطة تقديرية وغير ملزمة بالاستعانة بخبرة الخبير ، اذ لم يرد في القانون المدني او قانون الاثبات نص يلزم المحكمة بتعيين خبير لتقدير التعويض، وانما ترك الأمر لسلطة القاضي، وان رقابة محكمة التمييز الاتحادية الموقرة على تقدير التعويض اتجاه سليم ويتناسب مع مبادئ العدالة.

ويمكن تقسيم التعويض المادي الى قسمين: الأول: التعويض عن الضرر الذي يصيب الانسان في جسده وينقسم الى الاصابة المميتة التي تستحق التعويض المادي والادبي ومصاريف التجهيز والتكفين واي مصاريف اخرى تترتب على ذلك، اما الاصابة غير المميتة فيكون التعويض عنها مبني على اساس جسامة الضرر المتمثلة بمصاريف العلاج وما سببه الفعل الضار من عجز دائم او مؤقت ([59]) ، كما ان هذا العجز قد يترتب عليه آثار فردية تخص المتضرر المباشر او آثار جماعية متعددة، وهنا تبرز السلطة التقديرية للمحكمة في تقدير التعويض بما تراه يجبر الضرر، اما القسم الثاني من التعويض المادي فهو الذي يصيب الاموال من اتلاف كلي او جزئي ويؤخذ بنظر الاعتبار عند تقدير التعويض هل كان محدث الضرر متعمداً او غير متعمد، ومباشراً أو متسبباً في ذلك وبهذا فان سلطة المحكمة في تقدير التعويض تكون ايسر واقرب لجبر الضرر من الضرر الجسماني في القسم الأول منه بجواز الحكم به الى الازواج والاقربين من الاسرة عما يصيبهم من ضرر ادبي بسبب موت المصاب مما كان على المحكمة الحكم به لذا قرر نقضه )) ([60]).

ويمكن الجمع بين طريقتين من التعويض في ان واحد، ولكن باختلاف (المدين) ونجد في تطبيق هذه الحالة في نص المشرع المدني العراقي في المادة ( ۹۹۸) على انه: (( في التأمين على الحياة لا يكون للمؤمن الذي دفع مبلغ التأمين حق في الحلول محل المؤمن له او المستفيد في حقوقه قبل من تسبب في الحادث المؤمن منه او قبل المسؤول عن هذا الحادث، وبذلك لا يمكن القول بان المتضرر المرتد لا يستطيع مطالبة محدث الضرر عن المطالبة بالتعويض، انما له الحق في التعويضين لان التعويض الأول الذي حصل عليه من شركة التأمين كان بمقتضى عقد التأمين، اما المبلغ الذي حصل عليه من محدث الضرر فيكون على اساس الفعل الضار ([61]) ، اما اذا كان مبلغ التأمين ضد الحريق، فقد اوضحت المادة ( ۱۰۰۱) من القانون المدني العراقي على انه : (( يحل المؤمن قانوناً محل المستفيد بما يدفعه من تعويض…..)) ، وبذلك فلا يستحق المتضرر تعويضاً مرتين في هذه الحالة، فأما ان يطالب شركة التأمين بمبلغ التعويض وللأخير الرجوع على محدث الضرر بما دفعته او ان يطالب محدث الضرر فيسقط حقه في الأولى.

ثانياً : سلطة المحكمة في تقدير التعويض الادبي المرتد للشخص المعنوي اثار موضوع الشخص المعنوي خلافاً واسعاً بين فقهاء القانون والقضاء في مدى احقية الشخص المعنوي بحق المطالبة والتعويض الادبي عما يصيبه من ضرر جراء الاساءة لسمعته من خلال بث الاخبار الكاذبة والاساءة الى مركزه الاقتصادي واعتباره المالي، فقد احدث هذا الخلاف اتجاهين

الاتجاه الأول: هو ما اتجه اليه فقهاء القانون من خلال استدلالهم بالنصوص التشريعية ومنها الفقرة الثانية من المادة (٤٨) من القانون المدني العراقي، والتي تنص على (( ويتمتع الشخص المعنوي بجميع الحقوق الا ما كان ملازماً لصفة الشخص الطبيعي وذلك في الحدود التي يقررها القانون ))، فالنص صريح في ان القاعدة العامة هي مساواة الشخص الطبيعي بالشخص المعنوي في جميع الحقوق والاستثناء هو عدم تمتع الشخص المعنوي بالحقوق الملازمة لصفة الشخص الطبيعي فيما يقرره القانون وحيث ان الضرر الادبي لا يقع على صورة واحدة، وانما تتعدد صوره بتعدد الحق الذي تم الاعتداء عليه، ويقول الاستاذ حسين عامر في مؤلفه : (( وليس يقتصر دفاع الشخص المعنوي عما يصيبه من ضرر مادي وحده، او عما يسيء الى المصالح العامة التي يمثلها، بل ان له ذمة معنوية، ما يمكن معه ان تصاب بضرر ادبي، وانما فيما يتصل بالسمعة وما اليها، وفيما عدا ما يتعلق بالعاطفة كالتعويض الذي تطلبه مصلحة البريد لإصلاح ما وقع من ضرر ادبي باتهام احد فروعها بالسرقة بغير وجه حق، وعلى هذا النحو للنقابات المهنية والشركات والجمعيات التي تتمتع بشخصية معنوية ان تطالب بتعويض عما يمس اعتبارها بذاتيتها من ضرر ادبي ))([62]) .هذا من جهة، ومن جهة اخرى ان المادة (۱/۲۰۵) من القانون المدني العراقي اشارت بنصها (( يتناول حق التعويض الضرر الادبي، فكل تعد على الغير في حرمته أو في عرضه أو في سمعته او في شرفه او مركزه الاجتماعي او في اعتباره المالي يجعل المتعدي مسؤولاً عن التعويض ))، فقد اشار النص الى الحقوق منها ما يتعلق بالشخص الطبيعي ومنها ما يتعلق بالشخص الطبيعي والمعنوي على حد سواء، كالحق في السمعة او في المركز المالي والاعتباري، ومن المسلمات به ان للشخص المعنوي الحق في المحافظة على سمعته ومركزه المالي من الاعتداء عليه، وفي حالة وقوع الضرر فلا خلاف على تعويضه في الفقه والقضاء المقارن لأنه يختلط هذا النوع من الضرر دائماً بالضرر المادي

الاتجاه الثاني : وهو ما سار عليه قضاء محكمة التمييز بعدم اعطاء الحق للشخص المعنوي بالمطالبة بالتعويض عن الضرر الادبي المرتد، اذ قضت في قرار لها : (( لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد بان المدعي / اضافة لوظيفته قد اقام الدعوى على المدعى عليهم لمطالبتهم بنشر تكذيب للمقال الذي نشرته جريدة العالم بتاريخ ٧/٢٦/ ۲۰۱۰ بالعدد ۱۵۸ ، تحت عنوان تقرير هندسي تجاوزات وهدر يهدد منشآت المدينة الرياضية في البصرة بالانهيار وتحميلهم مبلغ مليار دينار عن اساءة السمعة وتعويضاً ادبياً عما لحقه من نشر هذه الافتراءات بالتكافل والتضامن، ولما كانت المادة (٢/٤٨) من القانون المدني نصت على انه يتمتع الشخص المعنوي بجميع الحقوق الا ما كان منها ملازماً لصفة الشخص الطبيعي وذلك في الحدود التي يقررها القانون، وان المادة (١/٢٠٥) من القانون المذكور قضت بانه يتناول حق تعويض الضرر الادبي كذلك فكل تعد على الغير في حريته او في عرضه او في شرفه او في سمعته او في مركزه الاجتماعي او في اعتباره المالي يجعل المتعدي مسؤولاً عن التعويض، وعليه فان المطالبة بالتعويض عن الضرر الادبي يكون من حق الاشخاص الطبيعية وليس الاشخاص المعنوية )) ([63]). كما ان هناك العديد من القرارات التي تؤكد استقرار محكمة التمييز على مبدأ عدم اعطاء الحق للشخص المعنوي من المطالبة بالتعويض عن الضرر الادبي حتى وان كانت الجهة المطالبة به جهة

حكومية، كذلك لا يجوز لها، وفي قرار المحكمة التمييز ايد ذلك بقولها : (( ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه صحيح وموافق للقانون ذلك ان المميز أقام دعواه بصفته الوظيفية وحيث ان شرف الدولة واعتبارها تحميه الدعوى الجزائية وبالتالي تكون المطالبة بالتعويض المعنوي لا سند له…. )) ([64]) .

نخلص الى ان التعويض الادبي المرتد ما هو الا جبر الضرر الذي اصاب الشعور والالم الذي ظل كامناً في النفس سواء على المتضرر المباشر او المتضرر بالارتداد النفسية الكامنة في داخل المتضرر من جهة، والعقوبة التي فرضها القانون على محدث الضرر من جهة اخرى، وقد اخذت بذلك جميع التشريعات الدولي

الخاتمة

بعد هذا الجهد المتواضع في موضوع البحث عن قيام المسؤولية التقصيرية في نطاق الضرر المرتد، وبيان موقف الفقه الاسلامي والفقه الغربي والقانون المدني العراقي وبعض القوانين العربية، فقد استخلصنا الى ان الضرر المرتد هو ضرر متحقق ناتج عن المساس بمصلحة شخصية أو مالية مشروعة، وتبين انه نوعان وهما الضرر المادي الذي ينقسم بدوره بحسب تقسيم الفقهاء القانونيين والقضاء الى ضرر مادي يمس حياة الانسان كالوفاة او القتل او الاصابة غير المميتة، وآخر يمس المال وسببه اما الغصب او الاتلاف، اما الضرر الادبي فهو اما ناتج عن المساس بسلامة الجسم او المساس بالشرف والكرامة والمشاعر والمركز الاجتماعي والمالي، أو أي ضرر مجرد ناتج عن المساس بالعاطفة والشعور.

وقد تردد الفقه في التعويض عن الضرر الادبي، اما الفقه الاسلامي فلم يتعرض الى هذا الموضوع نهائياً، ولم يذكر الفقهاء الاسلاميين مصطلح الضرر الادبي او التعويض عنه انما عرف لديهم مصطلح الضمان، ولكن بسبب تطور الحياة في جميع المجالات العلمية والصناعية والاقتصادية، فقد واكب الفقه والقضاء هذا التطور الى ان اصبحت من الثوابت لدى جميع القانونيين ان محدث الضرر مسؤول عن جبره واصلاحه بما فيه ترضية للمضرور.

ان التعويض عن الضرر المرتد يختلف باختلاف نوع الضرر، فالتعويض عن الاضرار المادية لا تعتريها صعوبة في تقدير التعويض، ولكن الأمر يختلف في تقدير التعويض عن الضرر الادبي، ذلك لقيامه على اعتبارات ادبية تجعل طريقة التعويض فيه تختلف من شخص لآخر.

ولعل الفقه قد ميّز بين صور الاضرار الادبية، فاقتران الضرر الادبي بضرر مادي يؤثر في تقدير الضرر الادبي، لوجود قيمة مادية ولكن الصعوبة تكمن في لو كان الضرر الادبي مجرداً كالذي يصيب الوالدين عند وفاة طفلهما بسبب حادث مرور، فالضرر الادبي الذي يصيب الوالدين قائم على فقدانهم من كان يمكن ان يستظلا بظله في شيخوختهما، وبذلك يكون ضررهما مستقبلي متحقق، وهناك شق مادي يتعلق بالحاجة المادية عند عجزهما وتقدم العمر بهما، وشق ادبي هو ان يشاهدا ثمرة حياتهما يرعاهما ويشملهما بمشاعر المحبة والتقدير ، وقد تأكد هذا المفهوم من خلال موقف القانون والقضاء العراقي في اهمية التعويض عن الضرر الادبي المرتد، اذ استقر مبدأ التعويض عنه على الرغم من خلو القانون المدني العراقي من النص عليه في اطار المسؤوليتين العقدية والتقصيرية.

النتائج والمقترحات

اولاً : النتائج :-

نخلص بعرض أهم النتائج التي انتهيت اليها في هذا البحث والتي يمكن ايجازها بالآتي:

ان الضرر هو الركن الاساس في المسؤولية المدنية سواء كانت مسؤولية (عقدية) عندما يكون الضرر الذي لحق بالمتضرر ناشئاً عن الاخلال بالتزام عقدي، او مسؤولية تقصيرية عندما ينشأ الضرر عن فعل غير مشروع، حتى وان اشترك مع ركني الخطأ والسببية واصبح التعويض عن الضرر المرتد متفقاً عليه على الرغم من الاعتراض الفقهي لفترة طويلة على قبول فكرة التعويض عنه.

– قسم الضرر العام من حيث طبيعة الحق الذي انتهك بالفعل الضار بغض النظر عن نتيجة ذلك الفعل الى ضرر مادي وهو الاذى الذي يصيب الشخص من جراء المساس بحق من حقوقه او بمصلحة مشروعة له، سواء أكان ذلك الحق او تلك المصلحة متعلقاً بسلامة جسمه او بماله وضرر ادبي اذا اصاب شعوره وشرفه و عاطفته ونفسه ومكانته الاجتماعية أو العائلية او المهنية محدثاً لديه الالم النفسي أو الشعور بالانتقاص من قدرته، وضرر جسمي اذا اصاب جسمه، ولا يتأثر هذا الوصف في الترتيبات التي تؤثر على كل نوع منه.

بما ان الضرر اهم ركن في المسؤولية المدنية، تعاقدية كانت او تقصيرية، ومعه تدور المسؤولية وجوداً أو عدماً، وشدة وضعفاً، فلا مسؤولية حيث لا ضرر، وعبء اثبات الضرر يقع على عاتق الدائن لأنه هو الذي يدعيه، والقاعدة ( ان البينة على من ادعي )، ولا يكفي مجرد اخلال المدين تنفيذ التزامه للقول بوقوع الضرر، فقد لا يترتب على ذلك أي ضرر للدائن الا ان الخلاف عند فقهاء القانون والقضاء يحدث في التعويض نسبة لنوع الضرر وعلاقته بالأسباب والمسببات عند وقوع الخطأ.

وجدنا في موضوع التعويض عن الضرر، أن الضرر الحالي والمستقبلي المحقق يعوض اما الضرر الاحتمالي لا يعوض، الا اذا وقع فعلاً ، اما ضياع الفرصة يتفق عليه القضاء والفقه بالتعويض، وان الضرر المباشر يعوض وغير المباشر لا يعوض، والضرر الشخصي والمرتد يعوضان اذا كانا قد وقعا وتحققا فعلاً، واصابا حقاً او مصلحة مالية مشروعة للمتضرر ولم يعوضا سابقاً، اما الضرر الادبي فهناك اختلاف في التعويض عنه بين فقهاء القانون، فمنهم من ينادي بالتعويض ومنهم من يرفض التعويض.

ثانياً : المقترحات :-

۱ – نقترح شمول كل شخص تربطه بالمتضرر المباشر رابطة القرابة المباشرة او رابطة الحواشي في حالة المطالبة بالتعويض المادي والادبي ويُؤخذ بنظر الاعتبار هنا الاقرب فالأقرب على ان يُراعى ابراز المتضرر بالارتداد ما يؤيد قرابته من المتضرر المباشر بسند قانوني معتبر عند المطالبة بالتعويض، وعند عدم وجود القرابة المباشرة ينتقل حق المطالبة الى الحواشي كلاً بحسب ترتيبه النسبي من المتضرر المباشر لكي نكون امام تطبيق سليم للمادة (٢٠٥) من القانون المدني العراقي التي لم تحدد درجة القرابة للمستحقين والتي جاءت بصورة مطلقة، في حين ان القضاء العراقي قد شمل الاقارب حتى الدرجة الرابعة بالتعويض عن هذا الضرر.

شمول اقارب المصاب بالتعويض المعنوي في الاصابة غير المميتة في حال مطالبتهم بالتعويض عن الضرر المرتد لأنهم يصابون بالآلام النفسية خاصة إذا تعرض المصاب الى العجز الكلي، في حين ان المشرع العراقي حصر التعويض عن الضرر المعنوي بشخص المصاب فقط.

شمول الشخص المعنوي بحق المطالبة بالتعويض عن الضرر المرتد الادبي وذلك لأنه يتمتع باستقلالية الذمة المالية والكيان الاعتباري والشخصية القانونية التي تتضرر في بعض الحالات التي يشترك بها مع الشخص الطبيعي كالاعتبار المالي والسمعة الاقتصادية او العلمية او المهنية التي قد تتأثر بسبب الاشاعات والاخبار الكاذبة ولا يوجد مانع قانوني من شمول الشخص المعنوي في حق المطالبة بالتعويض عن الضرر الادبي، وهو ما ينسجم مع المادة (١/٢٠٥) من القانون المدني العراقي.

2- نقترح تعديل نص المادة (۲۰۳) من القانون المدني والتي اشترطت في التعويض عن القتل او الوفاة بسبب الفعل الضاران يبنى على الحرمان من الاعالة بسبب قتل المعيل، أي ان القانون اشترط وجود اعالة فعلية انقطعت نتيجة الوفاة، وهنا يحرم الآباء من حق المطالبة بالتعويض المادي والادبي عند وفاة ابنائهم الصغار الذي يؤمل منهم عند الكبر رعاية آبائهم، وبذلك يكون التعديل كما يأتي: (( في حالة الوفاة نتيجة فعل ضار سواءً أكان هذا الفعل أرتكب عمداً او خطأ، فيكون من احدث الضرر مسؤولاً عن تعويض الاشخاص الذين تضرروا مادياً اوادبياً أو كلاهما معاً بسبب الوفاة)).

المصادر

أ-القرآن الكريم.

ب- المعاجم

1-ابن سيدة المحكم والمحيط الاعظم، تح: عبد الحميد الهنداوي، دار الكتب العلمية، ج ۲، ط1، بیروت، ۲۰۰۰.

2-ابن منظور، (د.ت) لسان العرب، ج ۷ ج ه ، دار صادر، القاهرة، ۱۹۸۸

ج- كتب القانون

۱- د. ابراهيم السيد احمد المسؤولية المدنية، التعويض في المسؤوليتين التقصيرية والعقدية، دار الكتب القانونية، القاهرة، ٢٠٠٦.

۲- د. احمد حشمت أبو ستيت، مصادر الالتزام، دار الفكر العربي، مصر، ١٩٦٣.

3- د. أمجد محمد منصور، النظرية العامة للالتزام، ط ، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، ۲۰۱۵

4- د. جلال علي العدوي أصول الالتزامات، مصادر الالتزام، منشاة المعارف، الإسكندرية، ۱۹۹۷.

ه- د. حسام الدين الاهوائي النظرية العامة للالتزام، دار الفكر العربي، القاهرة، ١٩٩٥.

٦- د. حسن علي الذنون الوجيز في النظرية العامة للالتزام، ج ۱، دار وائل للنشر، عمان، ۲۰۰۲

7-د. حسين عامر، المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية، ط 1 ، مطبعة مصر، ١٩٥٦.

8- د. سعدون العامري، تعويض الضرر في المسؤولية التقصيرية، مركز البحوث القانونية، ۱۹۸۱.

۹- د. سليمان مرقس، تعليقات على الاحكام في المسؤولية المدنية مجلة القانون والاقتصاد، العدد الأول والثاني، س ۱۹ ، مطبعة جامعة فؤاد الأول، ١٩٤٩.

۱۰ – د. سليمان مرقص موجز أصول الالتزامات، مطبعة لجنة البيان العربي، القاهرة، ١٩٦١.

۱۱- د. صلاح الدين الناهي الوجيز في النظرية العامة للالتزام، مطبعة القاني، بغداد، ١٩٥٠.

۱۲ – د. عاطف النقيب النظرية العامة للمسؤولية التقصيرية الناشئة عن الفعل الشخصي، منشورات عويدات، بيروت، ط۱، ۱۹۸۳

۱۳ – د. عبد الباقي البكري، د. محمد طه البشير، الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي ج ۱، مصادر الالتزام، جامعة بغداد، ۱۹۸۰

١٤ – د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، ج ۱، نظرية الالتزام بوجه عام، مصادر الالتزام، دار النهضة العربية.

١٥ – د. عبد المجيد الحكيم الموجز في شرح القانون المدني العراقي، ج ۱، ط ، شركة الطبع الاصلي بغداد، ١٩٦٣.

١٦ – د. عبد المجيد الحكيم، الموجز في شرح القانون المدني، ج ٦ ، مصادر الالتزام، بغداد، ١٩٦٩.

۱۷ – د. عزيز كاظم جبر الضرر المرتد وتعويضه في المسؤولية التقصيرية، دراسة مقارنة مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، ۱۹۹۸

۱۸ – د. عمر ممدوح مصطفى القانون الروماني، دار المعارف القاهرة، ١٩٦٢.

۱۹ – د. فخري عبد الرزاق الحديثي، شرح قانون العقوبات القسم العام، مطبعة الزمان، ۱۹۹۲

۲۰ – د. فوزي رشيد القوانين في العراق القديم، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، ۱۹۸۸

۲۱ – د. محمد احمد سراج، ضمان العدول في الفقه الاسلامي دراسة فقهية مقارنة بالمسؤولية التقصيرية المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، ۱۹۹۳

۲۲ – د. محمد احمد عابدين، التعويض بين الضرر الادبي والمادي، منشأة المعارف، الإسكندرية، ١٩٩٥.

۲۳ – د. محمد بن المدني بوساق، التعويض عن الضرر في الفقه الاسلامي، دار اشبيليا، الرياض، ۱۹۹۹

٢٤ – د. محمد حسين منصور النظرية العامة للالتزام، ج ۱، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، ۲۰۰۵.

٢٥ – د. موسى ابو ملوح شرح مشروع القانون المدني الفلسطيني، ط ۱، ۲۰۰۲

٢٦ – د. وهبة الزحيلي الضمان في الفقه الاسلامي، دار الفكر المعاصر، بيروت، ۲۰۰۳

۲۷ – محمد سعيد الراوي، شرح مجلة الاحكام العدلية، ١٩٦٧.

د- البحوث والمجلات القانونية

۱ – داغر ياسين وائل التعويض عن الضرر في المسؤولية التقصيرية، بحث مقدم الى المعهد القضائي ۱۹۹۷

٢ – مجلة التشريع والقضاء، العدد الأول والرابع، ۲۰۱۳

3- مجلة التشريع والقضاء، العدد الأول، ۲۰۱۸

4- مجلة حمورابي، العدد الثاني، ۲۰۱۹.

و- القوانين

1-القانون المدني العراقي رقم ٤٠ لسنة ١٩٥١.

2- قانون المرافعات المدنية رقم ٨٣ لسنة ١٩٦٩.

3-قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم ۲۳ لسنة ۱۹۷۱

4- قانون الاثبات رقم ۱۰۷ لسنة ۱۹۷۹

الهوامش:

  1. ) د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، ج ۱، نظرية الالتزام بوجه عام، مصادر الالتزام، بغداد ١٩٦٣ ، ص ٥٥٦ ، فقرة ٤٤٢.

  2. ) د. موسى ابو ملوح شرح مشروع القانون المدني الفلسطيني، ط ۱، ۲۰۰۲ ص ۲۵۲

  3. ) ابن منظور، (د.ت) لسان العرب، ج ۵، طبعة دار المعارف، القاهرة مادة ( ضرر)، ص ٥٤٣.

  4. )د. محمد احمد سراج ضمان العدول دراسة فقهية مقارنة بالمسؤولية التقصيرية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت ، ۱۹۹۳ ، ص ۱۵۵ ، وينظر أيضا وهبة الزحيلي، نظرية الضمان، دار الفكر المعاصر، بیروت، ۲۰۰۳، ص ۲۳.

  5. ) د. محمد احمد عابدين، التعويض بين الضرر الادبي والمادي، منشأة المعارف، الإسكندرية، ١٩٩٥ ، ص ٥٥.

  6. ) د. عزيز كاظم جبر ، المرجع السابق، ص ۲۰.

  7. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية ذي العدد ٢٤ / الهيأة الاستئنافية منقول / ۲۰۱۹ ، في ۲۰۱۹/۱/۸. غیر منشور

  8. ) د. سليمان مرقس، المرجع السابق، ص ۲۸۷

  9. ) د. صلاح الدين الناهي الوجيز في النظرية العامة للالتزام، مطبعة القاني، بغداد، ١٩٥٠ ، ص ٢٢٣.

  10. ) د. عاطف النقيب النظرية العامة للمسؤولية التقصيرية الناشئة عن الفعل الشخصي، منشورات عويدات، بيروت، ط1، ۱۹۸۳ ، ص ٣٥١.

  11. ) د. جلال علي العدوي أصول الالتزامات، مصادر الالتزام، منشاة المعارف، الإسكندرية، ۱۹۹۷ ، ص ٤٢٩.

  12. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية ذي العدد ١٢٤ / الهيأة الموسعة المدنية / ۲۰۱٥ في ٢٠١٥/٤/٧. غير منشور ) د. عبد المجيد الحكيم ، ج ٦ ، المرجع السابق، ص ٥٢٨.

  13. ) د. حسن علي الذنون الوجيز في النظرية العامة للالتزام، ج ۱، دار وائل للنشر، عمان ، ۲۰۰۲، ص ۲۶۸

  14. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد ۲۰۹٦ / هيأة استئنافية عقار / ۲۰۱۸ في ۲۰۱۸/۵/۲۳ ، ( غير منشور). ) احمد حشمت ابو ستيت، مصادر الالتزام، دار الفكر العربي، مصر، ١٩٦٣ ، ص ٤٣٦ .

  15. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية المرقم ٢٢٤١ / الهيأة الاستئنافية منقول / ۲۰۱۳ في ۲۰۱۳/۹/۲۳ غير منشور

  16. ) د. حسن علي الذنون المرجع السابق، ص ٢٦٩.

  17. ) د. عبد الرزاق السنهوري، المرجع السابق، ص ١١٩٦.

  18. ) د. سليمان مرقس، المرجع السابق، ص ۱۳۷.

  19. ) د. عزيز كاظم جبر، المرجع السابق، ص ٤٢.

  20. ) د. عزيز كاظم جبر، المرجع نفسه، ص ٤٣.

  21. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد ٥٨٧٤ / الهيأة الاستئنافية عقار / ۲۰۱۹ في ۲۰۱۹/۱۲/۸. غیر منشور

  22. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد ٨٥٨/ الهيأة الاستئنافية منقول / ۲۰۱۳ في ۲۰۱۳/۱/۱۰ ، مجلة التشريع والقضاء، العدد الرابع ۲۰۱۳، ص ۲۰۵

  23. ) د. سعدون العامري، المرجع السابق، ص ۱۱۱-۱۱۲.

  24. ) د. عزيز كاظم جبر، المرجع السابق، ص ٤٦.

  25. ) د. فوزي رشيد القوانين في العراق القديم، هيأة كتابة التاريخ، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، ١٩٨٨، ص ٤١-٤٧ .

  26. ) د. سعدون العامري، المرجع نفسه، ص ۷۱-۷۳.

  27. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد ٣٨٦٠ / الهيأة الاستئنافية / ۲۰۱۷ في ٢٠١٧/٦/١٦. غير منشور.

  28. ) قرار محكمة التمييز العدد ۱۹٣/م ۱۹۹۸/۳ في ١٩٩٨/٤/٢٥ غير منشور

  29. ) د. سعدون العامري، المرجع السابق، ص ۱۱۰

  30. ) د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط المرجع السابق، ص ٨٦٤.

  31. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد ۹۸ / الهيأة المدنية منقول / ۲۰۱۲ في ۲۰۱۲/۲/٦. غير منشور

  32. ) د. سليمان مرقس، المرجع السابق، ص ٤٢٩.

  33. ) د. سعدون العامري، المرجع السابق، ص ١١٥.

  34. ) ابن سيدة، المحكم والمحيط الاعظم، تح: عبد الحميد الهنداوي، دار الكتب العلمية، ج ۲، ط ۱ ، بيروت، ۲۰۰۰، ص۳۹۱.

  35. ) د. وهبة الزحيلي، المرجع السابق، ص ١٥.

  36. ) د. محمد بن المدني بوساق، التعويض عن الضرر في الفقه الاسلامي، دار اشبيليا، الرياض، ١٩٩٩، ص ١٥٥

  37. ) د. عزيز كاظم جبر، المرجع السابق، ص ١٤٨.

  38. ) قرار محكمة التميز الاتحادية بالعدد ۹۹۹ / الهيأة الاستئنافية منقول / ۲۰۱۸ في ٢٠١٨/٤/٤. غير منشور.

  39. ) د. ابراهيم السيد احمد المسؤولية المدنية، التعويض في المسؤوليتين التقصيرية والعقدية، دار الكتب القانونية القاهرة 2006 ص 432

  40. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد ٩٦٧ / الهيأة الاستئنافية منقول / ۲۰۱۳ في ۲۰۱۳/۴/۱۵ ، مجلة التشريع والقضاء،العدد الرابع، ۲۰۱۳، ۱۸۰

  41. ) د. سليمان مرقس، المرجع السابق، ص ٥٦٩.

  42. ) د. عزيز كاظم جبر، المرجع السابق، ص ١٥٢.

  43. ) د. عزيز كاظم جبر، المرجع نفسه، ص ١٥٤

  44. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد ٤۲۳۸ / الهيأة المدنية عقار / ۲۰۱۲ في ۲۰۱۲/۱۰/۱۷. غير منشور.

  45. ) د. عزيز كاظم جبر، المرجع السابق، ص ١٥٨

  46. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد ٣٨٦٠ / الهيأة الاستئنافية / ۲۰۱۷ في ٢٠١٧/٦/۱۹ . غير منشور.

  47. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد ۷۱ / الهيأة المدنية منقول / ۲۰۱۲ في ۲۰۱۲/۱/۲۳. غير منشور.

  48. ) د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط المرجع السابق، ص ٩٦٧.

  49. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد ٢٠٦٤ / الهيأة الاستئنافية منقول / ۲۰۱۱ في ۲۰۱۱/۱۲/۲۸ غیر منشور.

  50. ) د. عزيز كاظم جبر، المرجع السابق، ص ١٥٨.

  51. ) د. سليمان مرقس تعليقات على الاحكام في المسؤولية المدنية، مجلة القانون والاقتصاد، العدد الأول والثاني، س ۱۹ مطبعة جامعة فؤاد الأول، ١٩٤٩ ، ص ٢٢٥

  52. ) د. عزيز كاظم جبر، المرجع السابق، ص ۱۷۲.

  53. ) د. عزيز كاظم جبر، المرجع السابق، ص ٦٥.

  54. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد ۹۰۵ / الهيأة الاستئنافية منقول / ۲۰۱۷ في ۲۰۱۷/۹/۲٦ غیر منشور

  55. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد ۸۱۱/۸۱۰ / الهيأة الاستئنافية منقول / ۲۰۱۷ في ۲۰۱۷/۹/۱۱ غیر منشور

  56. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد ٨٦٩/ الهيأة الاستئنافية منقول / ۲۰۱۷ في ۲۰۱۷/۹/۱۷ غیر منشور.

  57. ) د. عزيز كاظم جبر، المرجع السابق، ص ١٤٧.

  58. ) د. عبد الرزاق السنهوري، المرجع السابق، ص۳۹۲.

  59. ) د. سعدون العامري، المرجع السابق، ص ١٠٥.

  60. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد ٣٨٤١ / الهيأة الاستئنافية / ۲۰۱۷ في ٢٠١٧/٦/۱۹. غير منشور.

  61. ) د. عبد المجيد الحكيم ، ج ۱، المرجع السابق، ص ٤٧٩.

  62. ) د. حسين عامر، المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية، ط 1 ، مطبعة مصر ، ١٩٥٦ ، ص ٤١٠ ، فقرة ٤٢٥

  63. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد ١٦٥٠ / الهيأة الاستئنافية / ۲۰۱۲ في ۲۰۱۲/۱۲/۲۱ ، مجلة التشريع والقضاء، العدد الأول ۲۰۱۸، ص ۲۹۳

  64. ) قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد ۱۰٦٣ / الهيأة الاستئنافية منقول / ۲۰۱۳ في ٢٠١٣/٥/٢. غير منشور.