احكام تعيين المفتشين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية

provisions for the appointment of inspectors in the International Atomic Energy Agency

دعاء رحمن حاتم الجليحاوي،1 أ.د. طوني عطا الله2

1 باحثة دكتوراه، الجامعة الإسلامية في لبنان. lawyerduaa55@gmail.com

2 الجامعة الإسلامية في لبنان. بريد الكتروني: Tony.g.atallah@gmail.com

DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj62/26

المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/62/26

الصفحات: 342 - 353

تاريخ الاستقبال: 2025-01-04 | تاريخ القبول: 2025-01-15 | تاريخ النشر: 2025-02-01

Download PDF

المستخلص: يعد نظام الرقابة الذي تديره الوكالة الدولية للطاقة الذرية من اهم انظمة الرقابة في القانون الدولي والذي يساهم في الحفاظ على الامن والسلم الدوليين من خلال منع الدول من استخدام الطاقة في الاغراض العسكرية مما يسهم بشكل كبير في انتشار صناعة الاسلحة النووية نظرا لما تسببه هذه الاسلحة من كمية الدمار الهائل فكان انشاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضرورة ملحة حتمتها الظروف الدولية التي مر بها العالم في نهاية النصف الأول من القرن العشرين وتعتبر رقابة التفتيش التي تمارسها الوكالة من خلال فرق تفتيش فنية ومدربة بشكل جيد من اهم الوسائل الرقابية التي تمارسها لغرض مراقبة الدول في مدى التزامها بتطبيق ضماناتها التي نص عليها النظام الاساسي ووثائق الضمانات التي اصدرها مجلس المحافظين في الوكالة واستنادا الى نظامها الاساسي ان تقوم بأرسال مفتشين حول العالم لمنع الدول من صناعة اسلحة نووية وهي واحدة من أهم الوظائف التي تساهم في تعزيز الأمن والسلم الدوليين وفي الوقت نفسه ، تعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية مركزًا عالميًا لتبادل العلوم والتكنولوجيا النووية للأغراض السلمية ومع ذلك ، فإن نشر المواد والمعرفة النووية حول العالم يحمل مخاطر كبيرة تتمثل في مساعدة الدول وتزويدها بتكنلوجيا نووية مما قد يحمل مخاطر ظهور دول جديدة تمتلك أسلحة نووية لذلك فان الوكالة تقوم بتعيين مفتشين مختصين لتحقيق رقابة تفتيش فاعلة وقوية والتي من شأنها ان تحد من انتشار الاسلحة النووية وضمان الاستخدام السلمي للطاقة النووية .

الكلمات المفتاحية: المفتشين، احكام التعيين، الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

Abstract: The control system administered by the International Atomic Energy Agency is one of the most important control systems in international law, which contributes to maintaining international peace and security by preventing countries from using energy for military purposes, which contributes greatly to the spread of the nuclear weapons industry due to the amount caused by these weapons. The massive destruction, which the international community remembers through the great shock it was exposed to after the United States of America bombed Japan with two nuclear bombs in Hiroshima and Nagasaki, so the use of atomic energy had to be subject to international control, so the establishment of the International Atomic Energy Agency was an urgent necessity dictated by the international conditions that the world went through At the end of the first half of the twentieth century, the inspection control practiced by the International Atomic Energy Agency through technical and well-trained inspection teams is considered one of the most important control methods that it exercises for the purpose of monitoring countries in their commitment to applying their guarantees stipulated in the Statute and the guarantee documents issued by the Board of Governors in The Agency is also carrying out its activities in cooperation with other international organizations in preventing the proliferation of nuclear weapons as stipulated in international agreements as well as resolutions of the Security Council and the General Assembly of the United Nations, and based on its statute to send inspectors around the world to prevent countries from manufacturing nuclear weapons and it is one of the The most important functions that contribute to the promotion of international peace and security At the same time, the International Atomic Energy Agency is a global center for the exchange of nuclear science and technology for peaceful purposes. However, the dissemination of nuclear materials and knowledge around the world carries great risks represented in helping countries and providing them with nuclear technology, which may carry risks The emergence of new countries that possess nuclear weapons. Therefore, the Agency appoints specialized inspectors to achieve effective and strong inspection control, which would limit the spread of nuclear weapons and ensure the peaceful use of nuclear energy.

Keywords: Inspectors, appointment provisions, International Atomic Energy Agency.

المبحث الأول

شروط تعيين المفتشين

سنقسم هذا المبحث الى مطلبين نخصص المطلب الاول لدراسة شروط تعيين المفتشين والمطلب الثاني لدراسة الطبيعة القانونية لعلاقة المفتشين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية .

المطلب الاول

اجراءات تعيين المفتشين

تنفيذا لأحكام النظام الأساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي نص على قيام الوكالة بتعيين مفتشين ([1]) لغرض القيام بعمليات تفتيش ورقابة على البرامج النووية للدول تعينهم الوكالة بالتشاور بينها وبين تلك الدولة او الدول المعنية للتأكد من ضمان استخدامها للطاقة النووية في الاغراض السلمية ولم يبين النظام الاساسي احكام تعيين المفتشين بشكل تفصيلي بل احال ذلك الى قرار يصدر من مجلس المحافظين حيث تقوم الوكالة بتعيين المفتشين من خلال وثيقة المفتشين التي اصدرها مجلس المحافظين في عام 1960 ([2])

ونص النظام الاساسي للوكالة انها تتمتع باختصاصين الاول هو تشجيع البحث العلمي ونشر الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية والثاني هو الرقابة على منع الاستخدام العسكري للطاقة النووية وتعد الوكالة مركزا عالميا للتنسيق في مجال الطاقة النووية وتقوم بممارسة الاختصاص الاول من خلال اتفاقيات المساعدة التي تعقدها مع الدول اما اختصاص المراقبة فتقوم به من خلال المفتشون والتي تعينهم وفقا لأحكام وثيقة المفتشين التي تضمنت طريقة تعيينهم والية عملهم والتي تمكنهم من اداء اعمالهم وايضا تضمنت ما يترتب على الدولة من واجبات تجاههم وما يترتب لها من حقوق ونصت الوثيقة على ان الامتيازات والحصانات التي يتمتع بها المفتشون تحال الى اتفاقية امتيازات وحصانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لعام 1959 . ([3])

وينقسم المفتشون الذين تعينهم الوكالة بحسب طبيعة عملهم الى ثلاثة انواع النوع الاول يسمى مفتشي الضمانات وهو المفتشين الذين يقومون بالتفتيش عن الاسلحة النووية والتأكد من ضمان عدم استخدام الطاقة النووية في خدمة غرض عسكري , والنوع الثاني هو مفتشي الصحة والسلامة وهؤلاء يقومون بالتفتيش حول مدى التزام الدول بقواعد الصحة والسلامة في محطات الطاقة النووية والنوع الثالث المراقبون حول التفجيرات النووية السلمية التي تقوم بها الدول وهؤلاء ايضا يدخلون ضمن انواع المفتشين حيث يقومون بالرقابة الدولية على اجراء التجارب النووية للأغراض السلمية والتي نصت على الية تعيينهم وثيقة الارشادات حول رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على التجارب النووية السلمية الصادرة عام 1972 ولكن الوثيقة قد اطلقت عليهم تسمية المراقبين وذلك نظرا للطبيعة الخاصة لعملهم. ([4])

وتكونت وثيقة المفتشين من ثلاثة عشر مادة وقدمت الدول عدة مقترحات في جلسة مجلس المحافظين حول اقرار الوثيقة حيث قدم الاقتراح الاول والذي يقضي بأن يعمل المسؤولون العاديون في الوكالة فقط كمفتشين دون تعيين مفتشين لمهام مؤقته , والاقتراح الثاني نص على ان يختار المدير العام للوكالة موظفي المفتشين ويوافق عليهم مجلس المحافظين, وتم النص ايضا على أن يتم اختيار موظفي التفتيش على أساس التمثيل الجغرافي الواسع للدول الأعضاء في الوكالة وتشمل ممثلي البلدان المتلقية للمساعدة من الوكالة والدول التي تقدم المساعدة للوكالة في شكل خاص مواد قابلة للانشطار ومواد مصدرية أو معدات نووية بناءً على طلب الدولة التي يتم إجراء التفتيش فيها ، أو من أي دولة أتاحت للوكالة مواد قابلة للانشطار او مواد مصدريه أو معدات خاصة فيتم اختيار مفتش أو مفتشون يحملون جنسيتها ويتم تضمينهم في فريق معين من المفتشين وأُبديت آراء أخرى بشأن تطبيق مبدأ التوزيع الجغرافي العادل توزيعها على موظفي المفتشين وتم الاتفاق على ان مصطلح “التعيين” كما هو مستخدم في هذا الملحق يعني ان تقوم الوكالة بتعيين مفتشين لمهمة أو مهام معينة ومحددة بصفة تعيين دائم كمفتش في الوكالة .([5])

وسنبحث في شروط واجراءات تعيين المفتشين بحسب ما نصت عليه احكام النظام الاساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية واحكام وثيقة المفتشين وكما يلي ..

وقد نصت وثيقة المفتشين على ان يقوم المدير العام للوكالة بتعيين مفتشي الوكالة للقيام بمهام التفتيش على ان يتم تعيينهم وفقا للشروط التالية …

1ــــ يجب أن يتم اختيار المفتشين على أساس التمثيل الجغرافي الواسع للدول الأعضاء في الوكالة وتشمل مراعاة ممثلي البلدان المتلقية للمساعدة والدول الموردة للوكالة مع المساعدة في شكل خاص مواد قابلة للانشطار ومواد مصدرية أو معدات نووية بناءً على طلب الدولة التي يتم إجراء التفتيش فيها ، أو من أي دولة أتاحت للوكالة مواد قابلة للانشطار ومواد مصدرية أو معدات نووية خاصة ، مفتش أو عدة مفتشون ويتم تضمينها في فريق معين من المفتشين.

2ـــــ عندما يقوم المدير العام تعيين مفتش للوكالة في دولة ما , يجب على المدير العام إبلاغ الدولة كتابة بالاسم والجنسية ودرجة المفتش المقترح تعيينه من قبل الوكالة .

3ـــ يجب على المدير العام أن يحيل شهادة خطية من ذات الصلة يبين فيها المؤهلات الفنية المطلوبة في المفتش والدخول في مثل هذه المشاورات الأخرى التي قد تطلبها الدولة.

4ــــ يجب على الدولة إبلاغ المدير العام ، في غضون 30 يومًا من استلام مثل هذا الاقتراح بالتعيين ما إذا كانت تقبل تعيين ذلك المفتش إذا كان الأمر بالموافقة ، فإن المفتش يجوز تعيينه كأحد مفتشي الوكالة في تلك الدولة ويقوم المدير العام بأخطار الدولة المعنية بهذا التعيين .

5ــــ اذا كانت الدولة ، تعترض على تعيين مفتش للوكالة ولها ان تعترض على اقتراح تعيين المفتش او تعترض في أي وقت بعد التعيين فإنه يجب إبلاغ المدير العام للوكالة باعتراضها. في هذه الفعالية ، وعلى المدير العام ان يقترح على الدولة تسمية أو اقتراح تعيينات بديلة او قد يحيل المدير العام إلى مجلس الإدارة ، لاتخاذ الإجراء المناسب ، في حالة الرفض المتكرر لـلدولة قبول تعيين مفتش الوكالة إذا رأى ان هذا الرفض من قبل الدولة قد يسبب إعاقة عمليات التفتيش المنصوص عليها في المشروع الذي يخضع للتفتيش أو اتفاقية الضمانات الثنائية . ([6])

6ـــ لم تشترط وثيقة المفتشين شرطا لسن معين يجب توافره فيمن يتم تعيينه كمفتش , ولكن يشترط برنامج التوظيف في الوكالة ايضا فيمن يعين مفتشا ان يكون قد اكمل سن الخامسة والعشرين عاما وحاصل على شهادة جامعية اولية في الاقل في مجال تخصصه في الفيزياء والكيمياء والهندسة ويُحبذ أن تكون لديهم خلفية في الفيزياء النووية أو مجال ذي صلة ([7]).

وجاء البرتوكول النموذجي الاضافي لعام 1998 في المادة الحادية عشر منه على اتباع نفس الالية في تسمية مفتشي الوكالة حيث جاء فيه ان المدير العام للوكالة يستطيع الاستعانة باي موظف من موظفي الوكالة بعد اخذ موافقة مجلس المحافظين للعمل كمفتش للضمانات ويقوم بأخطار الدولة بذلك , وتستطيع الدولة ان ترفض تسمية هذا الموظف مفتشا في غضون ثلاثة شهور من تسلمها للأخطار بالتعيين , ونلاحظ بان مدة اعتراض الدولة على تسمية المفتشين تختلف بين وثيقة المفتشين الصادرة عام 1960 والتي حددتها بمدة ثلاثون يوما فقط , بينما مدة الاعتراض التي اعطيت للدولة في البرتوكول النموذجي الاضافي هي ثلاثة شهور ([8])

ويرى الباحث انه كان من الافضل ان يتم الابقاء على مدة ثلاثون يوما التي نصت عليها وثيقة المفتشين للاعتراض حيث ان هذا التعارض بين وثيقة المفتشين والبروتوكول النموذجي يؤدي الى ارتباك في تسمية المفتشين وبالتالي التأثير على عمليات الرقابة .

ولكن السؤال الذي يثار في هذا الصدد هل يوجد معيار محدد يمكن ان تستند اليه الدولة في رفض تعيين مفتش تم اختياره من قبل الوكالة , للإجابة نقول ان الدولة غير ملزمة بمعيار محدد فان امر رفض تعيين مفتش او رفض دخول مفتش الى اراضيها هو امر خاص بها وبالتالي فهي غير ملزمة ببيان اسباب الرفض ولكن الالتزام القانوني الذي يترتب عليها هو الوكالة بهذا الاعتراض وعند ذلك يتم اختيار مفتش بدلا من المفتش الذي تم رفضة من قبل الدولة .

ولكن ما هو الحل في حالة تكرار الاعتراض على تعيين المفتشين من قبل الدولة ؟ جاءت وثيقة المفتشين ببيان الاجراء المتخذ في هذه الحالة وهو ان يقوم المدير العام للوكالة بعرض الامر على مجلس المحافظين لاتخاذ القرار المناسب فيما اذا اعتبر ان قيام الدولة بالاعتراض المتكرر قد يسبب اعاقة التفتيش ولكن وثيقة المفتشين لا تشير الى الخطوات التي على المجلس اتخاذها في حالة قيام المدير العام برفع تقرير الى المجلس يبين فيه الا ان الدولة تقوم بتكرار الرفض مما سبب اعاقة عمليات التفتيش ولا يستطيع المجلس اجبار الدولة على القبول بمفتشين رغم ارادتها فلها اتخاذ الجزاءات الاخرى التي نص عليها النظام الاساسي ([9]) .

المطلب الثاني

الطبيعة القانونية لعلاقة المفتشين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية

لكي تقوم المنظمة الدولية بمهامها فأنها تحتاج الى كوادر بشرية وهو جهاز الموظفين الذي يعتبر الجهاز التنفيذي في المنظمة الدولية , ونصت المادة السابعة من النظام الاساسي للوكالة على تشكيل جهاز الموظفين الذي يرأسه مدير عام يعينه مجلس المحافظين لمدة اربع سنوات بموافقة المؤتمر العام للوكالة ويكون المدير العام هو الموظف الاداري الاعلى في الوكالة ويتولى المدير العام تعيين الموظفين ويشرف على اداء اعمالهم والذين يكونون مسؤولين امامه ويخضع المدير العام لسلطة مجلس المحافظين ([10]) .

وبين النظام الاساسي الى ان ملاك الموظفين في الوكالة يشمل فئات عدة وهي الموظفين المؤهلين العلميين والتقنيين والموظفين ذوي المؤهلات الاخرى الذين تقوم الوكالة بتعيينهم عندما تدعو الحاجة اليهم لتحقيق اهداف الوكالة , واشار الى ان يتم تعيين الموظفين على اساس تمتعهم بأعلى مستويات الكفاءة العلمية والاختصاص الفني والنزاهة ويتم اختيار الموظفين على اساس التوزيع الجغرافي العادل ([11]) بين الدول الاعضاء في الوكالة . ([12])

ويقسم الموظفين في الوكالة الى نوعين موظفين الفئات الفنية والموظفين في الفئات العليا والذي يعرفون بأنهم جميع الموظفين الذين تم تعيينهم وفقا لإجراءات التوظيف العادية من خلال الاعتمادات المتوفرة في الميزانية العادية للوكالة والحاصلين على عقود محددة لمدة عام واحد على الأقل ويقوم المدير العام للوكالة بأرسال تقرير مفصل الى مجلس المحافظين يتضمن معلومات تتعلق بعدد الموظفين الثابتين بحسب المرتبة والجنسية ويتضمن هذا التقرير كذلك معلومات عن الخبراء الاستشاريين العاملين بموجب اتفاقات الخدمات الخاصة والذين يمولون من الميزانية العادية ولا يشمل هذا التقرير موظفي فئة الخدمات العامة . ([13])

نلاحظ بان المادة السابعة من النظام الاساسي وكذلك وثائق الضمانات لم تشير الى ان يكون المفتشون موظفين في الوكالة ولم يقوم النظام الاساسي بالإشارة اليهم بانهم ضمن جهاز الموظفين بالرغم من اشارة الفقرة (ز ) في المادة السابعة من النظام الاساسي الى ان عبارة الموظفين تشمل الحراس ايضا ([14]) .

بينما خلت المادة السابعة من ذكر فئة المفتشين , وفي اعتقادي ان هذا خطأ تشريعي ونقصا في المادة السابعة حيث كان يجب الاشارة اليهم وبيان طبيعتهم القانونية في وثيقة النظام الاساسي وفي الواقع فانه من الصعب جدا على الوكالة من دون وجود الرابطة الوظيفية ان تضمن للدولة التي تقوم فيها عمليات التفتيش ان المفتشين سوف يلتزمون بأوامر الوكالة وتعليماتها ويلتزمون الحدود المقررة في اداء واجباتهم لذلك وتداركا لهذا النقص فقد نصت وثيقة المفتشين على ان يقوم المدير العام للوكالة بتعيين مفتشي الوكالة بصفة موظفين مؤقتين لأداء وظائف التفتيش ([15])

وقد جاء البرتوكول النموذجي الاضافي لعام 1998 للتأكيد على الصفة الوظيفية للمفتشين حيث نص على انه بإمكان المدير العام الاستعانة باي موظف في الوكالة للعمل كمفتش للضمانات في اي دولة تخضع لرقابة التفتيش .([16])

المبحث الثاني

تدريب المفتشين وحصاناتهم وامتيازاتهم

سنبحث هذا الموضوع في مطلبين نخصص المطلب الاول لدراسة تدريب المفتشين والمطلب الثاني لدراسة حصانات وامتيازات المفتشين .

المطلب الاول

تدريب المفتشين

بسبب خطورة العمل الذي يقومون به ولكي يقوم المفتشين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمهامهم على اكمل وجه فانهم يخضعون لبرنامج تدريب صارم في الوكالة , فمن بين نحو 250 طلباً يتم تلقيها سنوياً من قبل الوكالة يتم تعيين ما بين 15 إلى 25 مفتشاً ويتم تدريب واختبار المفتشين الجُدد في دورات تدريب تستمر الواحدة منها لمدة خمسة أو ستة أشهر قبل إرسالهم إلى في عمليات التفتيش على المرافق النووية وفي العادة يُشرف على تدريبهم مفتشون أكثر خبرة وبعدها يصبح المفتشون الجُدد جاهزين أخيراً للعمل بمفردهم وفي السنة الأولى يكون هناك موجه خاص لكل مفتش جديد وتوظف الوكالة نحو 385 مفتشاً معيناً من نحو 80 بلداً ([17]) .

ويتم تقسيم البرنامج التدريبي إلى فترتين واحدة كل عام وهي تدريب أولي ويتم بواسطة مفتشين من ذوي الخبرة بمتابعة التدريب وتنقسم السنة الأولى من التدريب إلى فصلين دراسيين وهما دورات أساسية ودورات متقدمة لتبدأ خلال فترة ستة أشهر تقريبًا ويتم إعطاء جزء من الدورة التمهيدية الجزء الأول يستمر ثمانية أسابيع مع المفتشين بدوام كامل والتي تشمل تعريف المفتش على اقسام المفاعلات النووية وتشغليها والمعدات الاساسية فيها والجزء الثاني يتم خلال نفس المدة يتم فيه الدخول في تفاصيل اكثر دقه ويتم بعد ذلك تقسيم المفتشين في شكل عدد قليل للقيام بعمليات تفتيش متكاملة تماما والتي تخص أنشطة قسم ادارة الضمانات و في غضون أربعة أشهر وبعد الانتهاء من الجزء الأول من الدورة التمهيدية ، يتم تقديم دورتين أساسيتين بعد الانتهاء من الدورات التمهيدية ، يقوم المفتش بعد ذلك بمنحه الفرصة لحضور دورتين متقدمتين وبالتالي ترقية مهاراته حتى يتأهل كـمفتش ذو خبرة ويتم بعد اكتمال الدورة التمهيدية تقسيم البرنامج التدريبي للمفتشين على نوعين حيث يتم النوع الاول بوضع برنامج تدريبي للمفتشين المختصين بالتفتيش عن مدى التزام الدول بتطبيق معايير الصحة والسلامة في محطات الطاقة النووية ويطلق عليهم تسمية مفتشي السلامة المهنية وبعد ان يتم تدريبهم واعدادهم يتم توزيعهم في اقسام ادارة السلامة والامان النووي والنوع الثاني من التدريب يتم بشكل مختلف عن النوع الاول حيث يتم تدريب مفتشين مختصين بعملية التفتيش عن مدى التزام الدول بعدم تحويل استخدام الطاقة النووية من الاغراض السلمية الى الاغراض العسكرية ([18]) .

ويخضع كل قسم منهم الى دورات مستمرة من التدريب على امور متخصصه بأشراف وتدريب مفتشين سابقين ذوي خبرة عالية حيث يتم تنظيم برنامج تدريبي متكامل ومتقدم للمفتشين الجدد والمفتشين ذوي الخبرة لغرض الوصول إلى مهارة كافية للقيام بعمليات التفتيش داخل محطات الطاقة النووية وبطبيعة الحال فان الخبرة الميدانية لها دور كبير في تطوير مهارات المفتشين وخصوصا فيما يتعلق بمفتشي الضمانات حيث مع زيادة عدد الدول التي اصبحت تستخدم المفاعلات النووية وان عمليات التفتيش تستمر بالزيادة بسبب زيادة في عدد الدول التي اصبحت تمتلك برنامج للطاقة النووية لذلك فان هذه الزيادة في وتيرة عمليات التفتيش تصب في زيادة الخبرة الميدانية للمفتشين وفي تطوير مهارات التفتيش من خلال اخذ العينات وفحص المفاعلات المخصصة لعمليات التخصيب والماء الثقيل والمواد النووية والتأكد من عدم وجود عمليات تحويل مخفية للاستخدام في اغراض عسكرية و باكتشاف التناقضات بين التقارير المقدمة للوكالة من قبل الدولة وبين ما موجود فعليا لديها من مواد نووية او وقود نووي وكذلك ضرورة معرفة كيفية استخلاص المعلومات من خلال طرح الأسئلة الصحيحة على المختصين اثناء القيام بعمليات التفتيش والتي تفيد المفتش في الحصول على المعلومة المهمة التي يحتاجها. ([19])

ويتطلب برنامج التدريب ايضا خلال الاستمرار في إعطاء بعض التعليمات الإضافية حول المرافق الأكثر تعقيدًا لرفع مهارات المفتشين إلى مستوى يسمح لهم بشكل فعال بتنفيذ وقيادة عمليات التفتيش من جميع الأنواع ، والاستمرار في تلقي بعض الدورات المتقدمة حتى يصلون الى مستوى المفتش المتمرس وهو الشخص الذي أجرى عددًا كبيرا من عمليات التفتيش وأكمل بنجاح جميع التدريبات الأساسية ويقول ( هيلاريو مونيارادزي) الذي عمل مفتشاً ميدانياً لمدة ثمانية أعوام ( ان مفتشو الضمانات بحاجة إلى القدرة على التكيف وحُسن تقدير الأمور وهم بحاجة إلى التعلُّم بسرعة والاهتمام بالتفاصيل وهم بحاجة أيضاً إلى السرية في العمل فمعظم الأعمال التي يقومون بها والعينات التي يجمعونها سرية للغاية )

ويتم تدريب المفتشين على اتقان اللغة الانكليزية كتابة ولفضا ويتم تدريبهم على كيفية اجراء المحاسبة النووية على المواد النووية واجهزة قياس الاشعاعات لفحص اجراءات الصحة والسلامة واجهزة فحص المرافق النووية فيما يتعلق بتطبيق معايير الامن النووي والقيام بالتحقق وهو البحث على عن أي علامه تتدلُّ على سوء الاستخدام في مفاعلات الطاقة النووية ([20])

وتقول ( تيريز رينيس ) وهي مفتشة تتمتع بالخبرة الكبيرة وتدير جزءاً من الدورات التدريبية نقوم بتدريب المفتشين الجدد على كيفية التحقق من المواد النووية المعلن عنها في المرافق النووية وبالإضافة إلى قياس المواد النووية واستعراض سجلات حصرها ومراجعة الحسابات، فإننا نبحث على الدوام عن علامات أو إشارات توحي بوجود مواد أو أنشطة نووية ربما لم يعلن عنها من قبل الدولة التي تجري فيها عمليات التفتيش وبالتالي ثمة مجموعة كاملة من الأدوات والاجهزة التي يتعين على المفتشين تعلم استخدامها، كما أن عليهم أن يفهموا النظام القانوني للضمانات عموماً وما يتمتعون فيه من سلطات وما عليهم من واجبات وبيان دعائم الأنشطة التي نضطلع بها وأضافت أن على المفتشين أن يتعلموا كيفية استخدام شتى أنواع المعدات الميدانية وكيفية تسجيل نتائج عمليات التفتيش التي يقومون بها غداة عودتهم إلى مقر الوكالة وكيفية كتابة التقارير النهائية التي تقدم الى المدير العام للوكالة بعد الانتهاء من التفتيش الميداني .

وأردفت قائلة لا يمكن أن نعلم المفتشين الجدد كل شيء، وإنما بإمكاننا أن نسلحهم بالأدوات وبالمهارات التي يحتاجون إليها حتى يباشروا العمل في الميدان وينفذوا أنشطتهم هناك على اكمل صورة بما يحقق اهداف نظام الضمانات للوكالة الدولية للطاقة الذرية . ([21])

وتقوم الوكالة ايضا بأجراء تدريب للعاملين في الطاقة النووية في الدول التي لديها برنامجا نوويا من اجل تطوير الموارد البشرية لديها للعمل في مجال الطاقة النووية المخصصة للأغراض السلمية فقط حيث قامت الوكالة في عام 2011 بأجراء عدة دورات تدريبيه للعاملين حيث اجرت دورة تدريبية في فرنسا بالتعاون مع الهيئة الفرنسية للطاقة البديلة والطاقة الذرية وفي الولايات المتحدة الامريكية ([22]) .

المطلب الثاني

امتيازات وحصانات المفتشين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية

يرجع تاريخ منح الحصانات والامتيازات في القانون الدولي في بداياتها الى منحها الى ممثلي الدول سواء في بعثاتها الدائمة او بعثاتها الخاصة ففي العهود الاولى في العلاقات الدولية كانت الدول تعطي للسفراء حرمة وحصانة وامتيازات وكانت تستمد وجودها من عدة اعتبارات منها اعتبارات دينية فكان ممثل البابا في الدول المسيحية يحظى بحصانة مطلقة , ومع تطور العلاقات الدولية اصبحت هذه الحصانات تعطى على اساس ان ممثلي البعثات يمثلون سيادة دولهم حتى استقر موضوع الحصانة التي يتمتع بها اعضاء البعثات الدبلوماسية في العرف الدولي وبعد تدوين الاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية فيينا للبعثات الدبلوماسية لعام 1967 واتفاقية البعثات الخاصة لعام 1969 اصبحت هذه الحصانات والامتيازات التي يتمتع بها اعضاء البعثات قواعد قانونية دولية امرة ومخالفتها يؤدي الى تحمل الدولة المسؤولية الدولية ([23])

وبعد ظهور المنظمات الدولية ومنحها شخصية قانونية مستقلة عن الدول الاعضاء فقد منحت مجموعة من الحصانات والامتيازات اللازمة لأداء وظائفها المناطة بها وتتمثل تلك الحصانات والامتيازات بصفه أساسية في عدم خضوع المنظمة للتشريعات الوطنية للدول وخاصة تشريعات دولة المقر وذلك لضمان عدم المساس بسلامة وظائفها والإخلال في اداء عملها بصورة حرة وتنشأ حصانات وامتيازات المنظمات الدولية بناء على اتفاق دولي على عكس حصانات وامتيازات المبعوثين الدبلوماسيين التي تقررت بموجب العرف الدولي منذ زمن طويل ([24]) .

وقد يتمثل الاتفاق في منح المنظمة الدولية للحصانات والامتيازات في صورة نصوص خاصة يتضمنها الميثاق المنشئ للمنظمة الدولية مثال ذلك المادة 105/1 من ميثاق الأمم المتحدة التي تقرر ( تتمتع الهيئة في أرض كل عضو من أعضائها بالمزايا والإعفاءات التي يتطلبها تحقيق مقاصدها ) ([25]) وقد يكون في صورة معاهدة توقعها كل الدول الأعضاء في المنظمة الدولية مثال ذلك اتفاقية حصانات وامتيازات للوكالة الدولية للطاقة الذرية لعام 1959 .

وتشتمل الحصانات والامتيازات الخاصة بالمنظمات الدولية على ثلاثة أنواع …

النوع الاول . حصانات ومزايا مقررة لصالح المنظمة بشخصيتها القانونية .

النوع الثاني . حصانات ومزايا مقررة لممثلي الدول الأعضاء في المنظمة .

النوع الثالث . حصانات ومزايا مقررة لموظفي المنظمة .

ومن المستقر عليه ايضا أن موظفي المنظمة الدولية الذين يعملون داخل المنظمة الدولية بناءا على رابطة تعاقدية يتمتعون حصانات وامتيازات لضمان حسن اداءهم لوظائفهم . ([26])

ونص النظام الاساسي على يتمتع مندوبو الدول الاعضاء ونوابهم ومستشاروهم والمحافظون المعينون في مجلس المحافظين ونوابهم ومستشاريهم والمدير العام للوكالة وموظفوها بما يحتاجون اليه لممارسة وظائفهم باستقلال في اطار الوكالة من الامتيازات والحصانات . ([27])

ونص النظام الاساسي على ان تقوم الوكالة بعقد اتفاق خاص بينها وبين الدول الاعضاء يتضمن تحديد الاهلية القانونية والامتيازات والحصانات التي تتمتع بها وتطبيقا لذلك فقد تم ابرام اتفاقية امتيازات وحصانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لعام 1959 .

ونصت الاتفاقية على تمتع الوكالة بالشخصية القانونية الكاملة والتي تشمل اهلية التعاقد والتملك والتقاضي وكذلك تمتع مقر الوكالة واموالها بالحصانة القضائية . ([28])

ونصت الاتفاقية على تمتع موظفو الوكالة بالحصانات والامتيازات التي تضمنتها الاتفاقية ويتمتع المفتشين بالحصانات والامتيازات الممنوحة لموظفي الوكالة بشكل عام , وايضا فقد افردت الاتفاقية لهم احكاما خاصة من الامتيازات والحصانات التي يتمتعون بها وذلك لخطورة الاعمال التي يقومون بها من خلال قيامهم بعمليات التفتيش والرقابة حول مدى التزام الدولة بتطبيق نظام الضمانات الذي وضعته الوكالة حيث نصت الفقرة ( ب) من المادة السادسة من الاتفاقية على ما يلي ” يتمتع موظفو الوكالة عند ممارستهم مهام التفتيش بموجب المادة الثانية عشر من النظام الاساسي للوكالة بكافة الحصانات والامتيازات المنصوص عليها بموجب المادة السابعة من هذه الاتفاقية ” ([29])

ويتمتع المفتشون بموجب اتفاقية حصانات وامتيازات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالحصانات والامتيازات التالية …

1ــــــ الحصانة القضائية . والتي تشمل حصانتهم ضد الدعاوي القانونية فيما يتعلق بما يدلون به من اقوال او كتاباتهم وجميع ما يقومون به من افعال اثناء اداء واجباتهم بصورة رسمية .

2ـــــ يتمتع موظفو الوكالة بالإعفاءات من الضرائب على المرتبات والاجور المدفوعة لهم من الوكالة بذات الاعفاءات الضريبية التي يتمتع بها موظفو منظمة الأمم المتحدة .

3ــــ لا يخضع موظفو الوكالة وأزواجهم وافراد عائلاتهم للقيود المتعلقة بالهجرة وتسجيل الاجانب .

4ـــــ يمنح موظفو الوكالة نفس الامتيازات المتعلقة بالتسهيلات المتبادلة الممنوحة للموظفين ذوي الرتب المقابلة لهم في البعثات الدبلوماسية .

5ـــــ يتمتع موظفو الوكالة عند حدوث ازمة دولية هم وأزواجهم وأفراد عائلاتهم الذين في عهدتهم بذات تسهيلات الإجلاء والعودة للوطن التي يتمتع بها أعضاء البعثات الدبلوماسية .

6ــــ يتمتع موظفو الوكالة بالإعفاءات الجمركية بالنسبة لأثاثهم وممتلكاتهم الشخصية التي يستوردونها عند وصولهم الى مقار اعمالهم في الدولة المعنية .

7ـــــ يعفى موظفو الوكالة من أية واجبات متعلقة بالخدمة الوطنية غير أن هذا الإعفاء يكون بالنسبة للدول الذين هم من رعاياها، محصورا بموظفي الوكالة الذين تكون أسماؤهم بحكم وظائفهم، قد تم ادراجها في لائحة يضعها مدير عام الوكالة وتوافق عليها الدولة الذين هم من رعاياها. في حال دعوة موظفين آخرين من الوكالة للخدمة الوطنية تمنح الدولة المعنية بناء على طلب الوكالة وقف تنفيذ الاستدعاء الذي يكون لازما لتجنب الانقطاع عن خدمة أساسية ([30])

وقد اعطت الاتفاقية امتيازات اخرى خاصة لموظفي الوكالة الذين يمارسون رقابة التفتيش حيث نصت على تمتع موظفي الوكالة الذين يقومون بمهام المفتشين لتطبيق احكام المادة الثانية عشر من النظام الاساسي للوكالة , او قيامهم بمهام دراسة المشاريع التي تقوم بها الوكالة او تحت اشرافها وفقا لأحكام المادة الحادية عشر من النظام الاساسي بحصانات وامتيازات اضافية اثناء رحيلهم ذهابا وايابا الى اي دولة لأداء وظائفهم , وتشمل هذه الحصانات الخبراء والمستشارين الذين تستعين بهم الوكالة بصفة مؤقته للقيام بعمليات التفتيش وتشمل هذه الحصانات والامتيازات الاضافية ما يلي …

1ــــــ حصانتهم من التوقيف والاعتقال او حجز أمتعتهم الشخصية .

2ـــــ حصانتهم من أية ملاحقة قانونية في ما يخص الأفعال التي يقومون بها أثناء ممارستهم وظائفهم الرسمية بما في ذلك أقوالهم وكتاباتهم وتستمر هذه تلك الحصانة حتى بعد انتهاء وظائفهم لدى لجان التفتيش في الوكالة .

3ـــــ حرمة جميع الأوراق والمستندات والوثائق التي توجد لديهم .

4ــــ الحق في استعمال الرموز والشفرات وتلقي المستندات أو المراسلات بإرساليات أو حقائب مختومة في مراسلاتهم مع الوكالة .

5ــــ يتمتعون بنفس التسهيلات في ما يتعلق بقيود النقد أو القطع الممنوحة لممثلي الحكومات الأجنبية في بعثات رسمية مؤقتة ([31])

6ـــ يتمتعون بنفس الحصانات والتسهيلات في ما يتعلق بأمتعتهم الشخصية الممنوحة لأعضاء البعثات الدبلوماسية في رتب مماثلة ([32]) .

بالإضافة الى ما نصت عليه اتفاقية امتيازات وحصانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لعام 1959 من امتيازات وحصانات يتمتع بها الوكالة بصفها القانونية المعنوية او موظفيها او المفتشين المعينين من قبلها فهناك اتفاقيات اخرى قد منحت امتيازات وحصانات اضافية للوكالة ولموظفيها ونذكر منها ما ورد في المادة التاسعة عشر من اتفاقية تنظيم العلاقة بين الامم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية والتي جاء فيها ” يحق لموظفي الوكالة وفقا للترتيبات الادارية التي تبرم بين الامين العام للأمم المتحدة والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية استخدام جواز مرور الامم المتحدة باعتباره وثيقة سفر سارية المفعول اذا اعترفت الدول الاطراف في اتفاقية امتيازات الامم المتحدة وحصاناتها بهذا الاستخدام . ([33])

ونصت اتفاقية المقر المعقودة بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وحكومة النمسا على تمتع مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية وممتلكاتها بالحصانة القضائية من أي شكل من أشكال الإجراءات القانونية إلا بقدر ما تكون الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد تنازلت صراحةً عن حصانتها في أي حالة معينة . إنه كذلك . مفهومة أنه لا يجوز أن يمتد أي تنازل عن الحصانة إلى أي إجراء من إجراءات التنفيذ . وايضا نصت الاتفاقية على منح موظفي الوكالة الامتيازات والحصانات التي تمنحها حكومة النمسا للبعثات الدبلوماسية . ([34])

ومما سبق يتبين لنا بأن الوكالة وموظفيها يتمتعون بحصانات وامتيازات وقد نصت الاتفاقيات الدولية السابق ذكرها ان هذه الحصانات والامتيازات قد منحت لصالح الوكالة فقط وليس للمصلحة الشخصية للموظفين او المفتشين ويثور السؤال هنا ماهي الاثار المترتبة على المفتشين في حالة اساءة استعمال الحصانات والامتيازات الممنوحة لهم ؟ للإجابة على هذا السؤال نرجع الى الاساس الفلسفي لفكرة اساءة استعمال الامتياز او الحصانة التي منحها القانون للشخص فهي تعيد الى الذهن فكرة اساءة استعمال الحق والتي تثور بصددها كثير من التفسيرات والمشاكل فمن الصعوبة تحديد متى يقوم الشخص بإساءة استعمال الحق الممنوح له وفق القانون وبالتالي من الصعوبة تحديد ما اذا كانت هناك اساءة في استعمال الحصانات والامتيازات الدولية , ويمكننا القول بشكل عام ان اساءة استعمال الحصانة او الامتياز تتحقق عندما يقوم الشخص بتصرفات تتعارض من الغرض الذي منحت من آجلة الحصانات والامتيازات ([35])

واذا نضرنا الى الاتفاقيات الدولية التي منحت امتيازات وحصانات لموظفي الوكالة نجد انها

مقررة لصالح الوكالة فقط وليس للمصلحة الشخصية للموظفين او المفتشين او الخبراء ([36]) ويحق للمدير العام للوكالة رفع الحصانة عن اي شخص من موظفي الامانة العامة في الوكالة بالتشاور مع مجلس المحافظين ولمجلس المحافظين رفع الحصانة عن المدير العام للوكالة كونه يخضع في عملة لأشراف ومتابعة مجلس المحافظين . ([37])

وتجدر الاشارة الى ان اللجنة الخاصة بأعداد وثيقة المفتشين لم تتمكن من الاتفاق على ان تتضمن وثيقة المفتشين نصا يغطي حالة اساءة المفتشين لاستخدام الحصانات والامتيازات فكان الرأي الاول في اللجنة هو ان يتم الاكتفاء بأحكام اتفاقية امتيازات وحصانات الوكالة واقترح ان يتم بالإضافة لذلك ادماج الاحكام الخاصة بحماية المفتشين وحصاناتهم وامتيازاتهم في اتفاقيات الضمانات الثنائية التي تعقدها الدول مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية . ([38])

ويقوم المفتشين بعد الانتهاء من اعمالهم بأعداد تقارير وتقديمها الى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي يقوم بدوره بتقديمها الى مجلس المحافظين في الوكالة ([39])

الخـاتمــــة

في نهاية البحث توصلنا الى مجموعة من النتائج والتوصيات …

اولا- النتائــــــــــــج .

1- انشأت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عام 1957 وكان انشاءها ضرورة يفرضها الواقع الدولي فلابد من وجود منظمة دولية متخصصة في تنظيم استخدام الطاقة الذرية ومن الضرورة انشاء نظام رقابي دولي لمنع تحويل استخدام الطاقة الذرية الى الاستخدام العسكري .

2- تعتبر رقابة التفتيش والتحقق احدى اهم السلطات التي تتمتع بها الوكالة وتمتلك الحق في اجراء التفتيش من خلال ما تملكه من اساس وتنظيم قانوني متكامل يخولها في اجراء التفتيش وهو ما نصت عليه احكام النظام الاساسي للوكالة وجميع الاتفاقيات الدولية الخاصة بتنظيم استخدام الطاقة النووية وايضا ما تضمنته الاتفاقيات الاقليمية الخاصة بأنشاء مناطق خالية من الاسلحة النووية وتمتلك حاليا(178) اتفاقية تطبيق ضمانات شاملة مع دول العالم .

3- قامت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإصدار وثيقة المفتشين ووثائق الضمانات الاولى والثانية والبرتوكول الاضافي النموذجي لتطبيق الضمانات وتهدف هذه الوثائق الى تنظيم اجراءات رقابة التفتيش من خلال تعيين المفتشين واليات عملهم وكتابة التقارير وواجباتهم الاخرى اثناء اجراء عمليات التفتيش وجعلت هذه الوثائق عملهم يرتبط مباشرة بالمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي يقوم بدوره بأعلام مجلس المحافظين بنتائج عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة.

ثانيا- التوصيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات .

1ــــ تعديل احكام النظام الاساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية وذلك بان يكون النص على منع اي دولة من بناء محطة طاقة نووية دون اخذ موافقة مسبقة من الوكالة واعتبار قيام الدولة بانشاء محطات نووية دون اخذ موافقة الوكالة يعد مخالفة قانونية يرتب مسؤوليتها حتى وان اعلنت فيما بعد قبولها بقيام الوكالة بالتفتيش والتحقق حول قدرة هذه المفاعلات على التخصيب.

2- تعديل احكام المادة 13 من وثيقة الضمانات الثانية والتي نصت على التزامات الوكالة الدولية للطاقة الذرية اثناء قيامها بعمليات التفتيش وهي حماية المعلومات والاسرار الاقتصادية والصناعية للدولة حيث منعت الوثيقة على مفتشي الوكالة الافصاح عن هذه المعلومات بينما استثنت المدير العام وبعض الموظفين الذين يأذن لهم المدير العام بالإفصاح عنها لضرورات رسمية ولذلك اقترح الغاء هذا الاستثناء لما يسببه من ضرر للدولة التي تجري فيها رقابة التفتيش فالدول حريصة على حماية اسرارها الصناعية والاقتصادية والعسكرية .

3- تعديل نص المادة (1) من الجزء الثاني من وثيقة المفتشين وذلك بعدم قيام الوكالة بتعيين مفتشين في حالة قيامها بالتفتيش القسري وفقا لقرارات مجلس الامن ممن يحملون جنسية دولة لديها نزاع مسلح او نزاع سياسي او اقتصادي مع الدولة التي تجري فيها عمليات التفتيش تلافيا للانحياز الذي قد يقوم به المفتشون ضد هذه الدولة وهذا ما حصل في عمليات التفتيش في العراق حيث اعترض العراق مرارا على وجود مفتشين يحملون الجنسية الامريكية في فرق التفتيش التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية .

المصادر

  1. اولاالكتب .

    1ــــــ عبد السلام جعفر, قانون العلاقات الدولية, ط 1, دار الكتاب الجامعي , القاهرة , مصر , لسنة 1982 .

    2ــــ د. هادي نعيم المالكي , المنظمات الدولية , ط1 , دار السنهوري للكتب القانونية , بغداد , 2025 .

    3ــــ د. محمود ماهر محمد ماهر , نظام الضمانات الدولية للاستخدامات السلمية للطاقة النووية , ط 1 , دار النهضة العربية , القاهرة , لسنة 1980 .

    4- ماجد ابراهيم علي, قانون العلاقات الدولية , ط1 , شركة مطابع الطوبجي, القاهرة ,2002.

    5- د . فلاح شهاب احمد , دور المنظمات الدولية في الحد من انتشار اسلحة الدمار الشامل , ط1 , دار الجامعة الجديدة , الاسكندرية , مصر 2011.

    ثانياالبحوث .

    1ــــ ادم موتلور , التحقق من البحوث تنفيذ الضمانات في مفاعلات البحوث النووية , بحث منشور في مجلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لسنة 2019 .

    2- ساشا إينريكيز, يوم في حياة مفتش , بحث منشور في مجلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لعام 2016 .

    3- لويز بوترتون , تدريب مفتشو الضمانات , بحث منشور في مجلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لعام 2010

    4- ملاوي ابراهيم , حصانة الموظفين الدوليين , بحث منشور في مجلة المفكر , كلية الحقوق والعلوم السياسية , جامعة محمد خيضر بسكرة , الجزائر , لسنة 2010 .

  2. ثالثاالاتفاقيات والوثائق الدولية .

    1ـــ ميثاق الامم المتحدة لعام 1945 .

    2ـــ النظام الاساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية لعام 1956 .

    3- اتفاقية حصانات وامتيازات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لعام 1959 .

    4- وثيقة المفتشين لعام 1961 .

    5- وثيقة الضمانات الاولى لعام 1961 .

    6- وثيقة الضمانات الثانية لعام 1965 .

    7- النظام الداخلي لمجلس المحافظين لعام 1957 .

    7- البرتوكول النموذجي الاضافي بين الدول والوكالة الدولية للطاقة الذرية لتطبيق الضمانات لعام 1998 .

    رابعاالمصادر الاجنبية .

    (1)- Elizabeth Roerlich. The Inspectors for Peace, A Study in the History of the International Atomic Energy Agency, Johns Hopkins University Press, United States of America, for the year 2010, page number 43

    (2)- the inspectors’ document issued by the Board of Governors of the International Atomic Energy Agency for the year 1960

    (3)- the Inspectors’ Document issued by the Board of Governors of the International Atomic Energy Agency

    (4)-the Inspectors Document issued by the Board of Governors of the International Atomic Energy Agency

    (5)- Pontus, J., Bates, J. and Dixon, Training of New Agency Inspectors, Bulletin of the International Atomic Energy Agency’s Safeguards Department, Issue 4, Volume 23, for the year 1981, page

    (6) -Klik , The field experience of safeguards inspectors, an article published in the International Atomic Energy Agency Bulletin, Safeguards Department, Issue 4, Volume 23, for the year 1981. . Page number 3 Available at the following link

    (7)- the annual report of the International Atomic Energy Agency , for the year 2011

    (8)- the Convention Regulating the Relationship between the United Nations and the International Atomic Energy Agency for the year 1957 .

    (9)- the Headquarters Agreement between the Government of Austria and the International Atomic Energy Agency for the year 1957

    (10)- Stephen Gorov, On-Site Inspection Focus on IAEA Safeguards Online Research on Case Western Reserve University, USA, Ohio State