الجملة الخبرية في سورة هود

The declarative sentence in Surat Hud

د. صالح محمد فليجة1، د. كاسر الصادق أحمد2

1 محاضر ورئيس قسم اللغة والإعلام العربي بجامعة (مندو) بكلية الآداب والفنون والعلوم الإنسانية.

2 محاضر ونائب عميد بكلية الآداب بجامعة الملك فيصل بجمهورية تشاد.

DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj62/28

المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/62/28

الصفحات: 369 - 380

تاريخ الاستقبال: 2025-01-04 | تاريخ القبول: 2025-01-15 | تاريخ النشر: 2025-02-01

Download PDF

المستخلص: يعد الخبر في سورتي هود ويوسف الأداة الأساسية لقصص الأنبياء عليهم السلام، ولو تتبعنا كل الآيات الخبرية لضاق بنا المقام، ولكن سنقوم بعرض نماذج لكل من الأخبار التي استخدمت في حقائقها والأخبار التي استعملت في غير معناه الحقيقي لأسرار بلاغية تفهم من السياق، وسورة هود مليئة بالشواهد لكل من الأخبار الحقيقية أو المجازية. والجملة الخبرية التي تناولتها هنا هي من الجانب البلاغي؛ لأن هناك جانب نحوي للجملة، والباحث هما تناولها من منظور بلاغي.

الكلمات المفتاحية: الجملة الخبرية، سورة هود.

Abstract: The news in Surat Hud and Yusuf is the main tool for the stories of the prophets, peace be upon them, and if we follow all the news verses, we will be narrowed in the place, but we will present models for each of the news that was used in its facts and the news that was used in its true meaning for rhetorical secrets understood from the context, and Surat Hud is full of evidence for both real or metaphorical news. The declarative sentence that I dealt with here is from the rhetorical side, because there is a grammatical aspect to the sentence, and the researcher is dealing with it from a rhetorical perspective.

Keywords: declarative sentence, Surat Hud.

المقدمة:

الحمد الله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الوفاء.

فإن من أشرف ما يشتغل به الباحث مدارسة كتاب الله تعالى والبحث فيه والكشف عن أسراره المكنونة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وإن أولى ما تبذل فيه القرائح، البحث عن أسرار التنزيل والكشف عن حقائق التأويل في الذكر الحكيم والحبل المتين.

والدراسة في رحاب القرآن الكريم من أشرف العلوم فهي نور وضياء يهتدي بها المؤمن وبها تعرف المعاني وتوضح الحجج، إذ أنه الكتاب الذي لا ينفد درره ولا تنتهي عجائبه، وللقرآن الكريم أثر في نشأة البحث البلاغي وتطوره عبر عصوره المختلفة، إذ دفع إعجازه العلماء إلى التأمل في نظمه العجيب وبيانه البديع وبلاغته التي سحرت العقول والألباب، ولا يخفى على الباحثين فإن من أسرار التراكيب ما يحددها السياق والمقام ولا تتضح الدلالة المقصودة إلا داخل السياق، ولقد بذل علماء العربية عناية خاصة باللغة العربية ميتغين بذلك وجه الله تعالى ونشر لغتهم، وسكبوا في ذلك الغالي والنفيس.

أما البلاغة فهي أقل حظاً في بداية أمرها حيث لم تفرد لها كتب مخصصة وتظهر أحيانًا بين ثنايا التوجيهات النحوية، إلا أنها تطورت مع تطور المعرفة والعلم، ونعلم أن الزمخشري من بين من برعوا في البلاغة، وأن ألوانها وأساليبها كانت بارزة في كتابه الكشاف، كما أنه ممن تلمس الأوجه البلاغية المترتبة على. التغاير وتنوع القراءات القرآنية، وأن له جهوداً عظيمة في توضيح معاني القرآن.

جهود هذا الإمام في توضيح معاني القرآن الكريم من خلال أساليب البلاغة العربية، وفي الختام أسأل الله العلى القدير أن يتقبل منا هذا العمل المتواضع إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أسباب اختيار الموضوع

من خلال قراءتي لكتب العربية والبلاغة استرعى انتباهي قضية الإعجاز في القرآن الكريم، وعندما أمعن النظر في قضية الإعجاز أجد نفسي تائهاً في ثناياه، لذا قررت – مستعينا بالله تعالى أن أطرق هذا الباب حيث إنه وثيق الصلة بعلوم اللغة العربية، ولهذا وقع اختياري لما هو آت:

1 – الكشف عن الصور البلاغية وآثارها في توضيح معاني من خلال تفسير الكشاف.

2- التعرف على الأساليب البلاغية وأثرها في إعجاز القرآن.

3- التعرف على مذهب الاعتزال وبيان أنه أتي بغرائب وتخيلات تعارضت مع المفهوم العام لدى المفسرون.

أهداف البحث

أهداف البحث كثيرة ولكن يمكن إيجازها فيما يأتي:

  1. دراسة الأساليب البلاغية في القرآن الكريم كما فسرها الزمخشري في كتابه الكشاف وذلك من خلال سورتي هود ويوسف.
  2. بيان أهمية تنوع الوجوه البلاغية والدلالية في سورتي هود ويوسف من خلال كتابه الكشاف.
  3. التعرف على الجهود البلاغية وأثرها في توضيح المعاني القرآنية لدى الزمخشري في كتابه الكشاف.
  4. البحث عن الأساليب البلاغية التي تدل عليها معاني الآيات القرآنية وبيان روعة التنوع في الأداء الفني الجمالي.

أسئلة البحث

  1. ما الأساليب البلاغية التي تناولها الزمخشري في سورتي هود ويوسف ؟
  2. ما أثر الأساليب البلاغية التي تناولها الزمخشري في كتابه الكشاف في سورتي هود ويوسف ؟ .
  3. إلى أي مدى نجح الزمخشرى في بيان معاني القرآن الكريم من خلال الأساليب البلاغية التي أوردها في تفسيره للآيات القرآنية؟
  4. كيف استطاع الزمخشري بيان الإعجاز القرآني من خلال الأساليب البلاغية؟

فروض البحث

الفرض الأول: تناول الزمخشري عدداً وافراً من الأساليب البلاغية في سورتي هود ويوسف.

الفرض الثاني: كان للأساليب البلاغية التي تناولها الزمخشري في كتابه الكشاف أثر عظيم في بيان توضيح معاني القرآن الكريم.

الفرض الثالث:

نجح الزمخشري في بيان الإعجاز القرآني من خلال أساليب العرب البلاغية.

الفرض الرابع: استطاع الزمخشري بفهمه العميق للأساليب البلاغية أن يقرب كثيراً من معاني القرآن إلى الإفهام.

مشكلة البحث

تتمثل مشكلة هذا البحث في طرح هذا السؤال الرئيس الذي تتفرع منه أسئلة فرعية أخرى.

المبحث الأول

الأخبار الواردة على سبيل الحقيقة

من الأخبار الواردة على سبيل الحقيقة قوله تعالى: ﴿فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا نَرَنكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا تَرَنكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْي وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلِ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَذِبِينَ (28) ([1]) .

قال الزمخشري: “وإنما استرذلوا المؤمنين لفقرهم وتأخرهم في الأسباب الدنيوية لأنهم كانوا جهالاً لا يعرفون من الحياة الدنيا إلا ظاهرها ([2])، وهذا النوع من الأخبار التي استخدمت في حقائقها يكثر مجيئها في حال بيان المشركين المعاندين لدعوة.

نبي الله هود عليه السلام.

حيث أن الأشراف الذين جحدوا وكفروا بنبوة نوح عليه السلام قالوا له ما نراك ينوح إلا بشرا مثلنا على وجه الاستهزاء، وأنهم غير مصدقين بأن الله يرسل لهم بشراً مثلهم، كما ذكر ذلك الطبري حيث قال: ” يعنون بذلك أنه آدمي مثلهم في الخلق والصورة والجنس، ([3]).

ومن الأخبار الواردة أيضاً على حقيقتها قوله تعالى: ﴿قَالَ سَاوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ وَمَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ) ([4])

قال ابن كثير: ﴿قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِم) لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ) فقال : أي: اليس شيء يعصم من أمر الله اليوم فإنه يوم حق يقع فيه العذاب وقوله في إلا من رحم ) في موضع استثناء من الأول ([5]) يتساءل الزمخشري عند مروره بهذه الآية، فيقول :

فإن قلت: الموج ما يرتفع فوق الماء عند اضطرابه وزخيره وكان الماء قد التقى وطبق ما بين السماء والأرض، وكانت الفلك تجري في جوف الماء كما تسبح السمكة، فما معنى جريها في الموج؟ قلت: كان ذلك قبل التطبيق، وقبل أن يغمر الطوفان الجبال، ألا ترى إلى قول ابنه قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رحم) ([6]) وقوله عليه السلام لابنه مراد به التنبيه على الخطأ وأن الاستواء على الجبل لا ينجي صاحبه من الغرق، فنوح عليه السلام يتمنى أن يكون ابنه من المؤمنين حيث دعاه للركوب معه في السفينة، إلا أنه كان من العاقين المعاندين للدعوة، لذلك لم تنفعه دعوة أبيه له.

الأخبار الواردة على سبيل المجاز والفائدة

عرف البلاغيون الخبر بأنه: “إعلام المخاطب بفائدة الخبر، أو لازم الفائدة،

وقد تتعدد تبعاً لمجالات المعاني المبثوثة مما يند عن الحصر والاستقصاء ([7]).

وقد تخرج هذه الأخبار عن معناها الحقيقي إلى معانٍ مجازية تستفاد من سياق الكلام.

ومن ذلك قوله تعالى:( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَنَعْكُم مَّتَعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلِ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) ([8])

قال الزمخشري في تفسيره لهذه الآية الكريمة: أي أمركم بالتوبة والاستغفار ([9])، ويجوز أن يكون الكلام مبتدأ منقطعا عما قبله على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، إغراء منه على اختصاص الله بالعبادة، ويدل عليه قوله تعالى : أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهُ إِنَّنِي لَكُرُ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ) ([10]) ، كأنه قال: ترك عبادة غير الله إنني لكم منه نذير، والضمير في (منه) الله جل وعلا، أي: إنني لكم نذير وبشير من جهته، أو هي صلة لنذير، أي أنذركم منه ومن عذابه إن كفرتم، وأبشركم بثوابه إن آمنتم والمعنى: استغفروه من الشرك ثم ارجعوا إليه بالطاعة، أو استغفروا، والاستغفار أي نيني على ان الا – فالون لها توبة، ثم أخلصوا التوبة واستقيموا اليها ([11]). شروطها سننا تربه فالمعنى المراد من هذه الآية (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ، أمر بالاستغفار، ثم فعل الأمر توبوا إليه في المستأنف يُمَتِّعْكُم مَّتَعًا حَسَنًا) والمتاع الحسن، هو الرزق والسعة.

فالأمر بالاستغفار والتوبة ليس المراد به وجه الحقيقة، وإنما المراد منه النصح والإرشاد، كما قال البغوى ” وذلك أن الله عز وجل حبس عنهم القطر ثلاث سنين وأعقم أرحام نسائهم فلم يلدن، فقال لهم هود عليه السلام على سبيل النصح والإرشاد ” إن آمنتم أرسل الله عليكم المطر فتزدادون مالاً ويعيد أرحام الأمهات إلى ما كانت فيلدن، وتزدادون قوة بالأموال والأولاد.([12]).

فجملة (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُز ) مؤكدة ب (أن)، واسمية الجملة والضمير في توبوا إليه ، موحي بأن نصح نوح عليه السلام لهم ثابت مستمر مع الجملة الفعلية، وقوله: (وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمِ كَبير ) موحية بإشفاقه المتجدد المستمر عليهم، وتقديم الجار والمجرور (عليكم) يدل على مدى حرصه عليه السلام لدخولهم في دعوته.

ومما ورد الخبر فيه للنصح والإرشاد قوله تعالى: ( وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِيَ إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِبَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)([13]) أي: بمعنى (ولا تنفعكم “نصيحتي) كما قال البغوي([14]) فقد جمعت الآية بين التهديد في قوله: (وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِى) وبين نصحهم وإرشادهم في قوله : (إِنْ أَرَدتُ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ ) ([15]) ، ولعل في هذا التهديد وما صاحبه من نصح وإرشاد ما يدل على حرصه لقومه. قال الزمخشري: “فإن قلت: ماوجه ترادف هذين الشرطين؟ قلت: قوله: (إن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ) جزاؤه ما دل عليه قوله: وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي، وهذا الدال في حكم ما دل عليه، فوصل بشرط كما وصل الجزاء بالشرط في قولك: (إن أحسنت إلي أحسنت إليك إن أمكنني)، فإن قلت: فما معنى قوله: (إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ). قلت: إذ عرف الله من الكافر الإصرار فخلاه وشأنه ولم يلجئه، سمى ذلك إغواء وإضلالاً، كما أنه لو عرف منه أنه يتوب ويرعوي فلطف به، سمى ذلك إرشاداً وهداية ([16]).

وقد يخرج الخبر عن معناه الحقيقي ويدل على التعليل، قال تعالى: حكاية عن نوح عليه السلام حين طُلب منه أن يطرد الفئة المؤمنة، أبي ذلك بأسلوب قصري، واصفا لهم حال هؤلاء المطرودين بأنهم ملاقوا ربهم وأن قومه جاهلون بهذا اللقاء البرزخي، يقول الله تبارك وتعالى على لسان نوح – عليه السلام –( وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّهُم مُّلَاقُواْ رَبِّهِمْ ) ([17]) ففي قوله : (وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ ءَامَنُوا ) نفي قوي لما يطلبونه منه مع إيحائه القوي المتمسك بهذه الفئة، وجاءت جملة (إِنَّهُم مُّلَقُوا رَتبِهمْ ) تعليلاً لما سبق موحية بالتوكيد ب “إن” واسمية الجملة حسمًا.

للموقف وقطعا لأملهم، وفي إيثار الجملة الإسمية دليل على عزم نوح عليه السلامالثابت من أتباعه في الدعوة مهما كان وزنهم في المجتمع.

قال الزمخشري: فإن قلت: ما معنى إنهم ملاقوا ربهم؟

قلت: معناه: أنهم يلاقون الله فيعاقبهم من طردهم، أو يلاقونه فيجازيهم على ما في قلوبهم من إيمان صحيح ثابت، كما ظهر لي منهم، وما أعرف غيره منهم، أو على خلال ذلك مما تعرفونهم من بناء إيمانهم على بادئ الرأي من غير نظر وتفكر، وما على أن أشق عن قلوبهم وأتعرف سر ذلك منهم حتى أطردهم إن كان الأمر كما تزعمون أو هم مصدقون بلقاء ربهم موقنون به عالمون أنهم ملاقوه لامحالة ([18]).

ومن مجيئ الخبر للامتنان والبشرى، والتهديد والانذار، قوله تعالى:

(قِيلَ يَنُوحُ اهْبِطُ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَةٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَرٍ مِمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنْمَتَعُهُمْ ثُمَّ يَمَتُهُم مِنَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) ([19]) أي: إنزل من السفينة بأمن وسلامة منا ([20]) فالخبر الأول في قوله تعالى: ( قِيلَ يَنُوحُ أهبط ) متضمن الإمتنان والبشري، والخبر الثاني في قوله تعالى 🙁 وَأُمَمٌ سَنُمَتِعُهُمْ ) متضمن التهديد والإنذار.

قال الزمخشري: “يحتمل أن تكون (من) للبيان فيراد بالأمم الذين كانوا معه في السفينة، لأنهم كانوا جماعات ([21])، ولم يكن للزمخشري كثير تعليل في هذه الآية .

وقد يرد الخبر تصحيحاً للخطأ الذي تصوره نوح عليه السلام من حال ابنه حيث قال تعالى: ﴿قَالَ يَنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلُ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْتَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ. عِلْمٌ إِلَى أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) ([22]) فقوله : ” لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ، ردا للخطأ في قول نوح – عليه السلام – ، ( إن ابني من أهلي ([23])، وقوله: ( فَلَا تَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) إنه زجر من الله لعبده نوح عليه السلام أن لا يعود لمثل هذا.

قال الزمخشري: أن الضمير في نداء نوح عليه السلام أي أن نداءك هذا عمل غير صالح، وليس بذلك، فإن قلت: فيلا قيل: إنه عمل فاسد؟ قلت: لما نفاه عن أهله ، نفى عنه صفتهم بكلمة النفي التي يستبقي معها لفظ المنفي، وأذن بذلك أنه إنما أنجي من أنجي من أهله لصلاحهم، لا لأنهم أهلك وأقاربك، وأن هذا لما انتفى عنه الصلاح لم تنفعه أبوتك ([24]).

ففي وصفه بكونه عملاً غير صالح، بناءً على كثرة إقدام ابن نوح – عليه السلام – على الأعمال الباطلة، ولهذا حكم عليه بأن في نفسه عمل غير مقبول يؤهله، ويجعله مع المؤمنين الناجين من الغرق.

ومن مجيئء الخبر للاستدراك قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ أَمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) ([25])، فالأمر في الآية الكريمة، يحتمل أمر التكوين بالطوفان، ويحتمل الشأن وهو حادث الغرق، وإضافته إلى اسم الجلالة لتهويله بأنه فوق ما

يعرفون، قال الزمخشري: ففي هذه الآية خبر أريد به الاستدراك، ودفع ما يتوهم ثبوته من أن المؤمنين مع نوح عليه السلام كثر ([26])، ففور التنور مجازاً لظهور العذاب وشدة الهول كما جاء في الخبر (حمي الوطيس) مجازاً عن شدة الحرب، وليس بين الجملتين كثير فرق في المعنى، وأنه صلى الله عليه وسلم، قال: ” الآن حمي الوطيس ([27]) هذه الكلمة عندما اشتدت المعركة، فشبه نشوب المعركة وقوة ما تفعله، فيمن يشارك فيها بالحجارة الحامية الملتهبة التي لا يسلم من يلمسها.

ويجيئ الخبر أيضاً دلالة على الدعاء وتفويض الأمر على مراد الله تعالى: قال جل في علاه: ( وَنَادَى نُوحٌ رَبِّ إِنَّا بَنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكُمُ الْحَكِمِينَ ) ([28])، وابن نوح عليه السلام المنادى في هذه الآية هو ابن رابع في أبنائه من زوج ثانية لنوح عليه السلام كان اسمها واعلة كما ذكر ابن عاشور في التحرير والتنوير ([29]).

فجملة( إنا بني مِنْ أَهْلِي ) تفيد الدعاء بنجاته، أما جملتي (وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكُمُ الْحَكِمِينَ ) لا تفيدان فائدة الخبر ولا لازمهما وإنما تضمننا معنى التوسل إلى الله – سبحانه وتعالى لأنه أحكم الحاكمين القادر على قلب الأمور وهداية من أراد أن يهديه، قال الزمخشري: حتى هي التي يبتدأ بعدها الكلام، ودخلت على الجملة من الشرط والجزاء فإن قلت: وقعت غاية لماذا ؟

قلت: لقوله : ( ويصنع الفلك ) أي: وكان يصنعها إلى أن جاء وقت الموعد، فإن قلت: فإذا اتصلت 🙁 حتى ) (بيصنع)، فما تصنع بما بينهما من الكلام؟

قلت: هو حال من يصنع كأنه قال : يصنعها والحال أنه كلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، فإن قلت : فما جواب ) كلما (؟ قلت: أنت بين أمرين: إما أن تجعل (سخروا) جواباً (وقال) استئنافاً على سؤال سائل، أو تجعل (سخروا) بدلاً من ( من ) أوصفة ل (ملأ ) ، (وقال) جواباً، وأهلك) عطف على اثنين، وكذلك (وما آمن معه ) ، يعني: وأحمل أهلك ومن المؤمنين من غيرهم ، واستثني من أهله من سبق عليه القول أنه من أهل النار ([30])، وما سبق القول بذلك إلا للعلم بأنه يختار الكفر ، لا لتقديره عليه ([31]).

فنبي الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، كان يعلم أن ابنه ليس من أهليه، وأنه من هؤلاء الذي استهزؤوا به، حينما كان يصنع الفلك، إلا أن رحمة الآباء التي جعلها الله في قلوبهم، جعلته يدعو ربه، ويقول: إن ابني من أهلي، وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحكمين، إلا أن المولى جل في علاه، الذي يعلم السر وأخفى ) يجازي كل واحد من عباده حسب عمله، وأن الكافرين سيصلون نار جهنم لا محالة، ولذلك رد على نبيه بأن ابنه ليس من أهله، وأن أهله وأولاده هم المؤمنين الذين آمنوا معه، وأخبر نبيه صلى الله عليه وسلم أن أبوة النسب هي أبوة دنيوية، وأن الأبوة الحقيقية التي تنجي صاحبها من الغرق هي أبوة الإيمان.

ومن خروج الخبر عن الفائدة ولازمها إلى الاستهزاء والسخرية ما جاء على لسان قوم نبي الله شعيب عليه السلام، حكاية عنهم قَالَ تَعَالَى: ﴿ قَالُوا يَشْعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَتَرَنكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمَتَكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزِ) ([32])

قال الزمخشري: “كانوا يفقهونه، ولكنهم لم يقبلوه، وقالوا ذلك على وجه الاستهانة به ([33])، فالمعنى: أنك تقول مالا نصدق به، وهذا مقدمة لإدانته واستحقاقه الذم والعقاب عندهم في قولهم، قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَكَ) ، ولذلك عطفوا عليه، قَالَ تَعَالَى: وَإِنَّا لَنَرَكَ فِينَا ضَعِيفًا ) غير ذي قوة ولا منعة.

وقد وقع الخبر على نبي الله شعيب عليه السلام، مؤكدًا بثلاث تأكيدات، الأولى عند قوله وإنا لنراك، والثاني والجملة الإسمية ” في قوله ( يا شعيب ما نفقه) ولام الابتداء في وإنا لنراك فينا ضعيفا ) مبالغة في سخريتهم له، وما وصفهم له بالرشد والحكمة إلا تهكما واستهزاء.

قال الزمخشري: ” كان شعيب عليه السلام كثير الصلوات، وكان قومه إذا رأوه يصلي تضاحكوا وتغامزوا ، فقصدوا ( بقولهم أَصَلَاتُكَ) تَأْمُرُكَ السخرية والهذاء، والصلاة وإن جاز أن تكون آمرة على طريق المجاز، كما كانت ناهية في

قوله تعالى : أتلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّاوَةُ إِنَّ الصَّلَوٰةَ تَنْهَى عَن الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) ([34]) وأن يقال إن الصلاة تأمر بالجميل والمعروف، كما يقال (تدعو إليه) وتبعث عليه، إلا أنهم ساقوا الكلام مساق الطنز ([35])، وجعلوا الصلوة آمرة على سبيل التهكم بصلاته ، وأرادوا أن الذي تأمر به من ترك عبادة الأوثان باطل لا وجه لصحته، وأن مثله لا يدعوك إليه داعي عقل، ولا يعمرك به آمر فطنه، فلم يبق إلا أن يأمرك به أمر هذيان ووسوسة شيطان، وهي صلوتك التي تداوم عليها في ليلك ونهارك ([36]).

وقد يأتي الخبر لوصف أحوال يوم القيمة من مبشرين، فلهم الجنة خلدين فيها، ومنذرين معرضين فلهم النار والعياذ بالله قال تعالى: ﴿ يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) ([37]) حيث جاء التوكيد ب (أما) المتضمنة تأكيدين، تفيد

التأكيد مع التفصيل المحدد الذي يستقصي أجزاء الموضوع كله.

قال الزمخشري: فإن قلت: فاعل يأتي ما هو ؟ قلت: الله عز وجل كقوله: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَيْكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ) ([38]) ويجوز أن يكون الفاعل ضمير اليوم كقوله تعالى: ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ)

أَوْ يَأْتِي أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) ([39])

فإن قلت: بما انتصب الظرف ؟ قلت : إما أن ينتصب ب لا تكلم ، وإما بإضمار ( أذكر ) وإما بالانتهاء المحذوف في قوله : ( إلا لأجل معدود ) أي: ينتهي الأجل يوم يأتي، فإن قلت: فإذا جعلت الفاعل ضمير اليوم، فقد جعلت اليوم وقتاً لإتيان اليوم وحددت الشيء بنفسه ؟ قلت : المراد بإتيان اليوم: هوله وشدائده لا تكلم ) أي: لا تتكلم وهو نظير قوله: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَيْكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ) ([40]) ، فإن قلت: كيف يوفق بين هذا وبين قوله تعالى: يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا ) ([41]) وقوله : هَذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُم فَيَعْتَذِرُونَ ) ([42]) قلت : ذلك يوم طويل له مواقف ومواطن، ففي بعضها يجادلون عن أنفسهم، وفي بعضها يكفون عن الكلام فلا يؤذن لهم، وفي بعضها يؤذن لهم فيتكلمون وفي بعضها يختم على أفواههم وتتكلم أيديهم وتشهد أرجلهم (فمنهم) الضمير لأهل الموقف لم يذكروا، لأن ذلك معلوم، ومذكور في قوله تعالى: لَا تَكَلَّمُ نَفْسُ ، وقد مر ذكر الناس في قوله : ذَلِكَ يَوْمٌ نَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ) ([43]) والشقي الذي وجبت له النار لإساءته، والسعيد الذي وجبت له الجنة لإحسانه ([44]).

وقد خرج الخبر عن الفائدة ولازمها إلى الوعيد وسوء المصير السيئ الذي لحق بفرعون وقومه حيث قال تعالي : (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ) ([45]) قال الزمخشري: هلا قيل: يقدم قومه فيوردهم، ولم جيئ بالماضي؟ قلت : لأن الماضي يدل على أمر موجود مقطوع به، فكأنه قيل : يقدمهم فيوردهم النار لامحالة، ( والورد المورود ) الذي وردوه شبه بالفارس الذي يتقدم الوارد إلى الماء، وشبه أتباعه بالواردة ثم قيل: بئس الورد الذي يردونه النار، لأن الورد إنما يراد لتسكين العطش وتبريد الأكباد، والنار ضده ([46]). هم

ففي الآية الكريمة دلالات على أن : قوم فرعون يقدم الكفرة . الكفرة الذين كانوا معه وأنه يتقدمهم فيتبعونه كما اتبعوه في الدنيا، فيمضي بهم إلى النار حتى يوردهم ويصليهم سعيرها.

ومن مجيئ الخبر للتحذير والتقرير قوله تعالى: (فَلَعَلَّكَ بَارِكْ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَابِقٌ بِهِ، صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَثِرُ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكُ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ وَكِيل ) ([47]) ، حيث جيئ بالتقرير مؤكداً بالقصر، في قوله: ( إنما أنت نذير ) وتقديم الجار والمجرور في قوله : ( إليك ) تنبيها على الاهتمام بأمره، والمراد من الأول التحذير، ومن الثاني التقرير القطعى، قال الزمخشري فإن قلت أنه ضيق عارض غير ثابت ([48]) ، في النهي الغرض منه تسلية النبي صلى الله عليه وسلم واطمئنانه، ولذا يأتى قول الحق – سبحانه وتعالى – مبيناً أى لا يضيق صدرك يا رسول الله من هؤلاء المتعنتين الذين يريدون أن يخرجوك من مقامك، وكلمة (ضائق) اسم فاعل ويعني أن الموصوف به لن يظل محتفظاً بهذه الصفة لتكون لازمة له.

لابد يكم عدل عن ضيق إلى ضائق؟ قلت: ليدل على رز في الاستفهام المعرض في سعي البحران الله وقد يخرخ الخبر من أصله ليفيد أربع تأكيدات قال تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَيْتَهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ([49])

قال الزمخشري: علام عطف؟ قلت على نجينا، لأن تقديره ونجيناهم من خزي يومئذ، كما قال وَنَجَيْنَهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٌ ، وكانت النتيجة من خزي يومئذ، أي : من ذله ومهانته وفضيحته، ولا خزي أعظم من خزي من كان هلاكه غضب الله و انتقامه ([50]).

فاستعمال الماضي في قوله : ولما جاء أمرنا .. يفيد بقرب المجيء، لأن الإنجاء قبل حلول العذاب كما قال ابن عاشور ([51]) ففي الآية تهديد شديد مؤكداً ب أن ” واسمية الجملة، والقصر المفاد من ضمير الفصل، وتعريف الطرفين “، فهو المهيمن الذي يلقي في القلوب هيبة وجلالاً بقوته وإراته، فالخبر المحذوف بعد (لولا) يقدر بما يدل معنى الكرامة، بقرينة قولهم وما أنت علينا بعزيز ..

ومن خروج الخبر على الفائدة ولازمها قوله تعالى على لسان ملائكته: قَالُوا يَنلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعِ مِنَ الَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا أَمْرَأَنَكَ إِنَّهُ مُصِيبَهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ) ([52]).

قال الزمخشري: “فإن قلت: ما وجه قراءات من قرأ : ” إِلَّا امْرَأَتَكَ ” بالنصب؟

قلت: استثناها من قوله ( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ ) والدليل عليه قراءة ” فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك “، حيث بدأت الملائكة الخطاب للوط – عليه السلام – بالتعريف بأنفسهم لتعجيل الطمأنينة إلى نفسه بطمأنة نبي الله لوط عليه السلام أولا: فاستعمال فعل الماضي لتقريب زمن الماضي من الحال نحو قوله تعالى: يايها الذين امنوا اذا قمتم إلى الصلوة أو استعمال فعل الماضي في معنى الاستقبال تنبيهاً على تحقق وقوعه.

الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمه تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خير العباد، سيدنا ونبينا وقرة أعيننا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

فقد سعى العلماء إلى كشف الأسرار اللغوية للأسلوب القرآني، وتوضيح عناصر الإعجاز في نظمه البديع، وكثر التأليف حول مفهوم الإعجاز القرآني، وقامت حوله الآراء حتى جاء عبد القاهر الجرجاني بنظرية النظم، حيث جعل المزية في العمل الأدبي ترجع إلى نظمه، كما أن الإعجاز في القرآن الكريم يرجع إلى نظمه البديع، واستفاد عبد القاهر الجرجاني ممن سبقه من علماء العربية، أمثال سيبويه، ويونس والجاحظ، والقاضي عبد الجبار، وكثيراً ما كان يلهج بفكرة مطابقة الكلام المقتضى الحال.

ثم جاء بعد هؤلاء الإمام، جار الله أبو القاسم الزمخشري، وهو عالم بالعربية متغلغل في كوامن أسرارها، تبحر في كل فنون اللغة العربية، ثم اعتكف على البلاغة، وألف فيها كتابه المشهور ب (الكشاف)، ولم يترك شاردة ولا واردة إلا ذكرها في كتابه الكشاف، ولذلك كانت دراسة الباحث نقطة في كتابه العظيم.

حيث خرجت هذه الدراسة بنتائج وتوصيات يمكن ذكرها فيما يأتي:

نتائج الدراسة

1- أثبتت الدراسة سبق الإمام الزمخشري في توضيح معاني القرآن الكريم، من خلال الأساليب البلاغية التي تعرض لها في كتابه الكشاف.

2- أوضحت الدراسة الجهود الكبيرة للإمام الزمخشري، في مجال الدرس البلاغي حيث أتى بمعاني ذات رونق وجمال

3-أوضحت الدراسة أن جهود الزمخشري في علم البلاغة قيمة ، وعظيمة، وجديرة بالتقصي والدراسة، إذ أنها فتحت المجال واسعاً أمام الباحثين المعاصرين.

4- أثبتت الدراسة أن هناك كنوز ودرر تتعلق بالدرس البلاغي المرتبط بالقرآن الكريم، وبحاجة إلى باحثين لدراستها.

5- أوضحت الدراسة أن الأساليب البلاغية في سياق الآيات القرآنية، لها قيمة كبيرة، في توضيح معاني القرآن الكريم، وإبراز خبايا المعاني الكامنة ورائها، ولها قدرة كبيرة على تحفيز الأذهان، وحثها على التفكر.

أهم التوصيات

1- يوصي الباحث المؤسسات التعليمية والأكاديمية، أن تشجع الباحثين وتحفزهم على دراسة كتب التراث، ولا سيما ، كتاب الكشاف للإمام الزمخشري.

2 – يوصي الباحث الكليات الجامعية، ذات الصلة بالدراسة القرآنية والعربية، أن يكون لديها مشاريع مشتركة، لدراسة كتاب الكشاف، وذلك من أجل إبراز جماليات البلاغة، وأثرها في توضيح معاني القرآن الكريم

3- يوصي الباحث الدارسين والمهتمين من طلاب العلم، مواصلة الدراسات في كتاب الكشاف، وتحليل أساليبه البلاغية، تحليلاً يبرز إعجاز القرآن الكريم.

وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يكون هذا العمل من الأعمال المقبولة عنده، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

فهرس المصادر والمراجع

القرآن الكريم.

1-ابراهيم الخولي، التعريض في القرآن الكريم ، (دن) (ط1) 1405 هجرية 1985م.

2. ابن الجوزي، النشر في القراءات العشرة لابن الجزري، صححه على الضبا، دار

الفكر بيروت، (دط) (د. ت).

3.ابن الجوزي زاد المسير في علم التفسير المكتب بيروت (ط3) (1404هـ 1998م).

4. ابن القيم الجوزي الفوائد المشوق في علوم القرآن وعلم البيان، – بيروت – لبناندار الكتب العلمية، لبنان (د . ت).

5. ابن جرير الطبري، جامع البيان من تأويل آي القرآن ، دار الفكر – بيروت

(دط)، (1405هـ 1982م ).

6. ابن خالويه الحجة في القراءت السبعة ، تحقيق: عبد العالي سالم مكرم، مؤسسة

الرسالة – بيروت – (طه) ( 1990م)

7. ابن خلدون، المقدمة لابن خلدون، تحقيق: عز الدين التنوخي، – دمشق

مطبوعات إحياء التراث القديم، (ط1) (1961).

8. أبو تمام ديوان أبو تمام بشرح الخطيب التبريزي، تحقيق محمد عبده، دار

المعارف – القاهرة – ( ط2) ( د.ت) .

9. أبو القاسم محمد بن عبد الغفور احكام صنعة الكلام، للكلاعي، تحقيق: محمد رضوان الداية – بيروت – دار الثقافة – لبنان – (ط1)، (1966م).

10. أبو يعقوب يوسف بن أبي بكر السكاكي، مفتاح العلوم – بيروت – دار الكتب العلمية، (دط) (د .ت).

11. أحمد العمري، المباحث البلاغية في ضوء قضية الإعجاز القرآني، مكتبة الخانجي، – القاهرة – (د.ط)، (1410هـ 1990م).

12. أحمد بن يوسف المعروف بالسمين الحلبي، الدرر المصون في علوم الكتاب، ، تحقيق: أحمد المكنون، ومحمد الخرائط، (ط) (و)، دمشق دار العلم (1406هـ 1986)

13. أحمد مصطفى المراغي علوم البلاغة (ط2) دار الكتب العلمية (1406هـ 1986م).

14. أحمد مطلوب، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها، مطلعة المجمع العلمي العراقي، (د.ط)، (1403 ه 1983م).

15. أحمد هاشمي، جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع، ، دار إحياء التراث العلمي، بیروت (ط2) (د.ت) .

16. الأعشى، شرح ديوان الأعشى، تحقيق: حنا نصر الحتي، دار الكتاب العربي- بيروت – (ط1)، 1412هـ 1992م).

17. إمرؤ القيس، ديوان إمرؤ القيس، بشرح أبي سعيد السكرى، تحقيق: محمد الشوابكة وأنور أبو سويلم دار عمار – عمان – (ط1) (1419 هـ 1989م ).

18. الترمذي، صحيح الترميذى شرح أبوبكر بن عربي الصاوى – مصر (ط1) (1335هـ). القاهرة.

الهوامش:

  1. – سورة هود، الآية 26.

  2. – للزمخشري الكشاف، ج 3 ص 193.

  3. – محمد بن جرير بن يزيد الطبري، جامع البيان. في تفسير القرآن، دار الكتب العلمية – بيروت خير منها النسبية ج11 ص 521.

  4. – سورة هود، الآية 24- 43

  5. – عماد الدين أبو الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير، تفسير القرآن العظيم، دار الكتب العلمية، – بيروت لبنان – ج 7 ص 441.

  6. -الكشاف للزمخشري ج 3، ص 201.

  7. – سعد الدين التفتازاني المطول ، تحقيق: عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلمية – بيروت ط 3(1434)

  8. — سورة هود، الآية 2 .

  9. -المخشري ، الكشاف، ج3، ص 182.

  10. – سورة هود، الآية 2

  11. – الزمخشري الكشاف، ج 3 ص 179.

  12. – محي السنة الحسين بن سعود البغوي معالم النزيل ، تحقيق: محم عبد الله النمر، دار السنة للنشر والتوزيع، ج 4 ص 160.

  13. – سورة هود، الآية 33.

  14. -البغوي، تفسير البغوي، ج 4، ص 172.

  15. – سورة هود، الآية 33.

  16. -الزمخشري، الكشاف، ج 3، ص 196.

  17. — سورة هود، الآية 29.

  18. – الزمخشري الكشاف ، ج 3 ص 205 .

  19. – سورة هود الآية 37 .

  20. – البغوي، تفسير البغوي ج 4، ص 159.

  21. – المصدر السابق، ج 3، 205.

  22. – سورة هود، الآية 67 .

  23. سورة هود الآية 45 .

  24. الزمخشري، الكشاف، ج 3 ، 203

  25. – سورة هود الآية 39 .

  26. – المصدر السابق، ج 3، ص 198.

  27. – رواه الإمام أحمد : ج 4 ، ص 280 – 281 ، ( 289،304).

  28. – محمد بن الطاهر بن عاشور، تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد، من تفسير القرآن المجيد، مؤسسة التاريخ . . بيروت لبنان . ج 12، ص 75.

  29. – سورة هود، الآية 45 .

  30. – الزمخشري الكشاف، ج 3، ص 199.

  31. — (قوله يختار الكفر لا لتقديره عليه ( هذا على مذهب المعتزلة من عدم سبق القضاء والقدر على الشر وعدم إرادته ، ولكن مذهب أهل السنة أن كل ممكن مسبوق بالقضاء والقدر والإرادة ولوشرا.

  32. – سورة هود، الآية 91.

  33. – الزمخشري الكشاف، ج 3، ص 230.

  34. – سورة الروم، الآية 45 .

  35. — قوله : مساق الطنز ، في الصحاح : الطنز السخرية . وطنز يطنز فهو طناز ، وأظنه مولدا أو معربا.

  36. – الزمخشري، الكشاف، ج 3، ص 225 .

  37. – سورة يوسف، الآية 104

  38. – سورة البقرة ، الآية 21

  39. – سورة النحل، الآية 32

  40. – سورة النبأ، الآية 26.

  41. – سورة النحل، الآية 111.

  42. سورة المرسلات، الآية 35-36.

  43. سورة هود، الآية، 103

  44. – الزمخشري الكشاف، ج 3، ص 234 وما بعدها.

  45. – سورة هود الآية، 98

  46. – الزمخشري الكشاف، ج 3ص 233

  47. — سورة هود الآية 11.

  48. — المصدر السابق، ج 3 ص 136.

  49. سورة هود الآية 58 .

  50. – الزمخشري الكشاف، ج 3، ص 20

  51. – ابن عاشور، التحرير والتنوير ج 12، ص 103.

  52. — سورة هود، الآية 80 .